پایه چهارم-الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

اللمعه الدمشقیه للشهید السعید محمد بن جمال الدین مکی العاملی (الشهید الاول) قدس سره 786 - 734 الجزء الاول الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه للشهید السعید زین الدین الجبعی العاملی (الشهید الثانی) قدس سره 911 - 965

خطبه الکتاب

خطبه الکتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی شَرَحَ صُدُورَنَا بِلُمْعَهٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، کافِیهٍ فِی بَیانِ الْخِطَابِ، وَ نَوَّرَ قُلُوبَنَا مِنْ لَوَامِعِ دُرُوسِ الْأَحْکامِ بِمَا فِیهِ تَذْکرَهٌ وَ ذِکرَی لِأُولِی الْأَلْبَابِ، وَ کرَّمَنَا بِقَبُولِ مُنْتَهَی نِهَایهِ الْإِرْشَادِ، وَ غَایهِ الْمُرَادِ، فِی الْمَعَاشِ وَ الْمَآبِ، وَ الصَّلَاهُ عَلَی مَنْ أُرْسِلَ لِتَحْرِیرِ قَوَاعِدِ الدِّینِ، وَ تَهْذِیبِ مَدَارِک الصَّوَابِ مُحَمَّدٍ الْکامِلِ فِی مَقَامِ الْفَخَارِ، الْجَامِعِ مِنْ سَرَائِرِ الِاسْتِبْصَارِ لِلْعَجَبِ الْعُجَابِ، و علی آلِهِ الْأَئِمَّهِ النُّجَبَاءِ، وَ أَصْحَابِهِ الْأَجِلَّهِ الْأَتْقِیاءِ خَیرِ آلٍ وَ أَصْحَابٍ، وَ نَسْأَلُک اللَّهُمَّ أَنْ تُنَوِّرَ قُلُوبَنَا بِأَنْوَارِ هِدَایتِک، وَ تَلْحَظَ وُجُودَنَا بِعَینِ عِنَایتِک، إنَّک أَنْتَ الْوَهَّابُ وَ بَعْدُ: فَهَذِهِ تَعْلِیقَهٌ لَطِیفَهٌ، وَ فَوَائِدُ خَفِیفَهٌ أَضَفْتُهَا إلَی الْمُخْتَصَرِ الشَّرِیفِ، وَ الْمُؤَلَّفِ الْمُنِیفِ، الْمُشْتَمِلِ عَلَی أُمَّهَاتِ الْمُطَالَبِ الشَّرْعِیهِ، الْمَوْسُومِ ب " اللُّمْعَهِ الدِّمَشْقِیهِ " مِنْ مُصَنَّفَاتِ شَیخِنَا وَ إِمَامِنَا الْمُحَقِّقِ الْبَدَلِ التَّحْرِیرِ الْمُدَقِّقِ الْجَامِعِ بَینَ مُنَقِّبَهِ الْعِلْمِ وَ السَّعَادَهِ، وَ مَرْتَبَهِ الْعَمَلِ وَ الشَّهَادَهِ الْإِمَامِ السَّعِیدِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الشَّهِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ مَکی أَعْلَی اللَّهُ دَرَجَتَهُ کمَا شَرَّفَ خَاتِمَتَهُ.

جَعَلْتُهَا جَارِیهً لَهُ مَجْرَی الشَّرْحِ الْفَاتِحِ لِمُغْلَقِهِ، وَ الْمُقَیدِ لِمُطْلَقِهِ، وَ الْمُتَمِّمِ لِفَوَائِدِهِ، وَ الْمُهَذِّبِ لِقَوَاعِدِهِ، ینْتَفِعُ بِهِ الْمُبْتَدِی، وَ یسْتَمِدُّ مِنْهُ الْمُتَوَسِّطُ وَ الْمُنْتَهِی، تَقَرَّبْت بِوَضْعِهِ إلَی رَبِّ الْأَرْبَابِ، وَ أَجَبْت بِهِ مُلْتَمِسَ بَعْضِ فُضَلَاءِ الْأَصْحَابِ أَیدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَی بِمَعُونَتِهِ، وَ وَفَّقَهُمْ لِطَاعَتِهِ، اقْتَصَرْت فِیهِ عَلَی بَحْثِ الْفَوَائِدِ، وَ جَعَلَتْهُمَا ککتَابٍ وَاحِدٍ، وَ سَمَّیتُهُ:

" الرَّوْضَهُ الْبَهِیهُ فِی شَرْحِ اللُّمْعَهِ الدِّمَشْقِیهِ " سَائِلًا مِنْ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ أَنْ یکتُبَهُ فِی صَحَائِفِ الْحَسَنَاتِ، و أن یجْعَلَهُ وَسِیلَهً إلَی رَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَ یقْرِنَهُ بِرِضَاهُ، وَ یجْعَلَهُ خَالِصًا مِنْ شَوْبِ سِوَاهُ، فَهُوَ حَسْبِی وَ نِعْمَ الْوَکیلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَدَّسَ اللَّهُ لَطِیفَهُ وَ أَجْزَلَ تَشْرِیفَهُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَهِ، وَ الظَّرْفُ مُسْتَقِرٌّ حَالٌ مِنْ ضَمِیرِ اُبْتُدِئَ الْکتَابُ کمَا فِی " دَخَلْت عَلَیهِ بِثِیابِ السَّفَرِ "، أَوْ لِلِاسْتِعَانَهِ وَ الظَّرْفُ لَغْوٌ کمَا فِی " کتَبْت بِالْقَلَمِ "، وَ الْأَوَّلُ أَدْخَلُ فِی التَّعْظِیمِ، وَ الثَّانِی لِتَمَامِ الِانْقِطَاعِ؛ لِإِشْعَارِهِ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَا یتِمُّ بِدُونِ اسْمِهِ تَعَالَی.

وَ إِضَافَتُهُ إلَی اللَّهِ تَعَالَی دُونَ بَاقِی أَسْمَائِهِ؛ لِأَنَّهَا مَعَانٍ وَ صِفَاتٍ، و فی التَّبَرُّک بِالِاسْمِ أَوْ الِاسْتِعَانَهِ بِهِ کمَالُ التَّعْظِیمِ لِلْمُسَمَّی، فَلَا یدُلُّ عَلَی اتِّحَادِهِمَا، بَلْ دَلَّتْ الْإِضَافَهُ عَلَی تَغَایرِهِمَا.

و " الرَّحْمَنِ " " وَ الرَّحِیمِ " اسْمَانِ بُنِیا لِلْمُبَالَغَهِ مِنْ رَحِمَ، کالْغَضْبَانِ مِنْ " غَضِبَ " وَ الْعَلِیمِ مِنْ " عَلِمَ "، وَ الْأَوَّلُ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّ زِیادَهَ اللَّفْظِ تَدُلُّ عَلَی زِیادَهِ الْمَعْنَی، وَ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَی، لَا لِأَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْغَالِبَهِ؛ لِأَنَّهُ یقْتَضِی جِوَازَ اسْتِعْمَالِهِ فِی غَیرِهِ تَعَالَی بِحَسَبِ الْوَضَعِ و لیس کذَلِک، بَلْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ الْحَقِیقِی، الْبَالِغُ فِی الرَّحْمَهِ غَایتُهَا.

وَ تَعْقِیبُهُ بِالرَّحِیمِ مِنْ قَبِیلِ التَّتْمِیمِ، فَإِنَّهُ لَمَّا دَلَّ عَلَی جَلَائِلِ النِّعَمِ وَ أُصُولِهَا ذَکرَ الرَّحِیمَ؛ لِیتَنَاوَلَ مَا خَرَجَ مِنْهَا.

(اللَّهَ أَحْمَدُ) جَمَعَ بَینَ التَّسْمِیعَهِ وَ التَّحْمِیدِ فِی الِابْتِدَاءِ جَرْیا عَلَی قَضِیهِ الْأَمْرِ فِی کلِّ أَمْرٍ ذِی بَالٍ، فَإِنَّ الِابْتِدَاءَ یعْتَبَرُ فِی الْعُرْفِ مُمْتَدًّا مِنْ حَینِ الْأَخْذِ فِی التَّصْنِیفِ إلَی الشُّرُوعِ فِی الْمَقْصُودِ، فَیقَارِنُهُ التَّسْمِیهُ وَ التَّحْمِیدُ وَ نَحْوُهُمَا، وَ لِهَذَا یقَدَّرُ الْفِعْلُ الْمَحْذُوفُ فِی أَوَائِلِ التَّصَانِیفِ

" اُبْتُدِئَ " سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ الظَّرْفُ مُسْتَقِرًّا أَمْ لَغْوًا؛ لِأَنَّ فِیهِ امْتِثَالًا لِلْحَدِیثِ لَفْظًا وَ مَعْنًی، وَ فِی تَقْدِیرِ غَیرِهِ مَعْنًی فَقَطْ.

وَ قَدَّمَ التَّسْمِیهَ؛ اقْتِفَاءً لِمَا نَطَقَ بِهِ الْکتَابُ، وَ اتَّفَقَ عَلَیهِ أُولُو الْأَلْبَابِ وَ ابْتَدَأَ فِی اللَّفْظِ بِاسْمِ اللَّهِ؛ لِمُنَاسَبَهِ مَرْتَبَتِهِ فِی الْوُجُودِ الْعَینِی؛ لِأَنَّهُ الْأَوَّلُ فِیهِ، فَنَاسَبَ کوْنَ اللَّفْظِی وَ نَحْوِهِ کذَلِک، وَ قَدَّمَ مَا هُوَ الْأَهَمُّ و أن کانَ حَقُّهُ التَّأْخِیرَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْمُولِیهِ، لِلتَّنْبِیهِ عَلَی إفَادَهِ الْحَصْرِ عَلَی طَرِیقَهِ { إیاک نَعْبُدُ }، وَ نُسِبَ الْحَمْدُ إلَیهِ تَعَالَی بِاعْتِبَارِ لَفْظَهِ " اللَّهِ " لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ الْمُقَدَّسَهِ، بِخِلَافِ بَاقِی أَسْمَائِهِ تَعَالَی؛ لِأَنَّهَا صِفَاتٌ کمَا مَرَّ، وَ لِهَذَا یحْمَلُ عَلَیهِ، وَ لَا یحْمَلُ عَلَی شَیءٍ مِنْهَا.

وَ نِسْبَهُ الْحَمْدِ إلَی الذَّاتِ بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ، تُشْعِرُ بِعِلِّیتِهِ، وَ جَعَلَ جُمْلَهَ الْحَمْدِ فِعْلِیهً لِتَجَدُّدِهِ حَالًا فَحَالًا بِحَسَبِ تَجَدُّدِ الْمَحْمُودِ عَلَیهِ، و هی خَبَرِیهٌ لَفْظًا، إنْشَائِیهٌ مَعْنًی لِلثَّنَاءِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی بِصِفَاتِ کمَالِهِ، وَ نُعُوتِ جَلَالِهِ، و ما ذُکرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ.

وَ لَمَّا کانَ الْمَحْمُودُ مُخْتَارًا مُسْتَحِقًّا لِلْحَمْدِ عَلَی الْإِطْلَاقِ أَخْطَرَ الْحَمْدُ عَلَی الْمَدْحِ وَ الشُّکرِ (اسْتِتْمَامًا لِنَعْتِهِ) نُصِبَ عَلَی الْمَفْعُولِ لَهُ، تَنْبِیهًا عَلَی کوْنِهِ مِنْ غَایاتِ الْحَمْدِ، وَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الشُّکرُ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُهُ وَ أَظْهَرُ أَفْرَادِهِ، و هو نَاظِرٌ إلَی قَوْله تَعَالَی { لَئِنْ شَکرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکمْ } لِأَنَّ الِاسْتِتْمَامَ طَلَبُ التَّمَامِ، و هو مُسْتَلْزِمٌ الزِّیادَهَ، و ذلک بَاعِثٌ عَلَی رَجَاءِ الْمَزِیدِ، و هذه اللَّفْظَهُ مَأْخُوذَهٌ مِنْ کلَامِ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ فِی بَعْضِ خُطَبِهِ.

و " النِّعْمَهُ " هِی الْمَنْفَعَهُ الْوَاصِلَهُ إلَی الْغَیرِ عَلَی جِهَهِ الْإِحْسَانِ إلَیهِ، و هی مُوجِبَهٌ لِلشُّکرِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمَزِیدِ، وَ وَحَّدَهَا لِلتَّنْبِیهِ عَلَی أَنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَی أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُسْتَتَمَّ عَلَی عَبْدٍ، فَإِنَّ

فَیضَهُ غَیرُ مُتَنَاهٍ کمًّا وَ لَا کیفًا، وَ فِیهَا یتَصَوَّرُ طَلَبُ تَمَامِ النِّعْمَهِ الَّتِی تَصِلُ إلَی الْقَوَابِلِ بِحَسَبِ اسْتِعْدَادِهِمْ.

(وَالْحَمْدُ فَضْلُهُ) أَشَارَ إلَی الْعَجْزِ عَنْ الْقِیامِ بِحَقِّ النِّعْمَهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ إذَا کانَ مِنْ جُمْلَهِ فَضْلِهِ فَیسْتَحِقُّ عَلَیهِ حَمْدًا وَ شُکرًا فَلَا ینْقَضِی مَا یسْتَحِقُّهُ مِنْ الْمَحَامِدِ؛ لِعَدَمِ تَنَاهِی نِعَمِهِ.

وَ اللَّامُ فِی " الْحَمْدِ " یجُوزُ کوْنُهُ لِلْعَهْدِ الذِّکرِی و هو الْمَحْمُودُ بِهِ أَوَّلًا، وَ لِلذِّهْنِی الصَّادِرِ عَنْهُ، أَوْ عَنْ جَمِیعِ الْحَامِدِینَ، وَ لِلِاسْتِغْرَاقِ لِانْتِهَائِهِ مُطْلَقًا إلَیهِ بِوَاسِطَهٍ أَوْ بِدُونِهَا فَتُکوِّنُ کلَّ قَطْرَهٍ مِنْ قَطَرَاتِ بِحَارِ فَضْلِهِ، وَ لَمْحَهً مِنْ لَمَحَاتِ جُودِهِ، وَ الْجِنْسُ و هو رَاجِعٌ إلَی السَّابِقِ بِاعْتِبَارٍ.

(وَإِیاهُ أَشْکرُ) عَلَی سَبِیلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّرْکیبِ الْمُفِیدِ لِانْحِصَارِ الشُّکرِ فِیهِ، لِرُجُوعِ النِّعَمِ کلِّهَا إلَیهِ، و أن قِیلَ لِلْعَبْدِ فِعْلٌ اخْتِیارِی؛ لِأَنَّ آلَاتَهُ وَ أَسْبَابَهُ الَّتِی یقْتَدِرُ بِهَا عَلَی الْفِعْلِ لَا بُدَّ أَنْ ینْتَهِی إلَیهِ، فَهُوَ الْحَقِیقُ بِجَمِیعِ أَفْرَادِ الشُّکرِ، وَ أَرْدَفَ الْحَمْدَ بِالشُّکرِ مَعَ أَنَّهُ لَامِحٌ لَهُ أَوَّلًا لِلتَّنْبِیهِ عَلَیهِ بِالْخُصُوصِیهِ، وَ لَمْحُ تَمَامِ الْآیهِ (اسْتِسْلَامًا) أَی: انْقِیادًا (لِعِزَّتِهِ) و هی غَایهٌ أُخْرَی لِلشُّکرِ کمَا مَرَّ، فَإِنَّ الْعَبْدَ یسْتَعِدُّ بِکمَالِ الشُّکرِ لِمَعْرِفَهِ الْمَشْکورِ، و هی مُسْتَلْزِمَهٌ لِلِانْقِیادِ لِعِزَّتِهِ، وَ الْخُضُوعِ لِعَظَمَتِهِ، و هو نَاظِرٌ إلَی قَوْله تَعَالَی { وَ لَئِنْ کفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِی لَشَدِیدٌ }، وَ لِمَا تَشْتَمِلُ عَلَیهِ الْآیهُ مِنْ التَّخْوِیفِ الْمَانِعِ مِنْ مُقَابَلَهِ نِعْمَهِ اللَّهِ بِالْکفْرَانِ، فَقَدْ جَمَعَ صَدْرَهَا وَ عَجُزَهَا بَینَ رُتْبَتَی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ، وَ قَدَّمَ الرَّجَاءَ لِأَنَّهُ سَوْطُ النَّفْسِ النَّاطِقَهِ الْمُحَرِّک لَهَا نَحْوَ الطِّمَاحِ، وَ الْخَوْفُ زِمَامُهَا الْعَاطِفُ بِهَا عَنْ الْجِمَاحِ (وَالشُّکرُ طُولُهُ) أَی مِنْ جُمْلَهِ فَضْلِهِ الْوَاسِعِ، و منه السَّابِغِ، فَإِنَّ کلَّ مَا نَتَعَاطَاهُ مِنْ أَفَعَالِنَا مُسْتَنِدٌ إلَی جَوَارِحِنَا وَ

قُدْرَتِنَا وَ إِرَادَتِنَا، وَ سَائِرِ أَسْبَابِ حَرَکاتِنَا، و هی بِأَسْرِهَا مُسْتَنِدَهٌ إلَی جُودِهِ، وَ مُسْتَفَادَهٌ مِنْ نِعَمِهِ، وَ کذَلِک مَا یصْدُرُ عَنَّا مِنْ الشُّکرِ، وَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ نِعْمَهٌ مِنْهُ، فَکیفَ تُقَابَلُ نِعْمَتُهُ بِنِعْمَهٍ، و قد رُوِی أَنَّ هَذَا الْخَاطِرَ خَطَرَ لِدَاوُدَ عَلَیهِ السَّلَامُ، وَ کذَا لِمُوسَی عَلَیهِ السَّلَامُ فَقَالَ: " یا رَبِّ کیفَ أَشْکرُک وَ أَنَا لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أَشْکرَک إلَّا بِنِعْمَهٍ ثَانِیهٍ مِنْ نِعَمِک، " وَ فِی رِوَایهٍ أُخْرَی " وَ شُکرِی لَک نِعْمَهٌ أُخْرَی تُوجِبُ عَلَی الشُّکرَ لَک "، فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إلَیهِ " وَ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَقَدْ شَکرْتَنِی " وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ " إذَا عَرَفْتَ أَنَّ النِّعَمَ مِنِّی فَقَدْ رَضِیت بِذَلِک مِنْک شُکرًا ".

(حَمْدًا وَ شُکرًا کثِیرًا کمَا هُوَ أَهْلُهُ)، یمْکنُ کوْنُ الْکافِ فِی هَذَا التَّرْکیبِ زَائِدَهً مِثْلُهَا فِی { لَیسَ کمِثْلِهِ شَیءٌ } لِأَنَّ الْغَرَضَ حَمْدُهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، لَا بِحَمْدٍ یشَابِهُ الْحَمْدَ الَّذِی هُوَ أَهْلُهُ، و ما مَوْصُولَهٌ و " و هو أَهْلُهُ " صِلَتُهَا وَ عَائِدُهَا، وَ التَّقْدِیرُ: الْحَمْدُ وَ الشُّکرُ الَّذِی هُوَ أَهْلُهُ مَعَ مُنَافَرَهِ تَنْکیرِهِمَا لِجَعْلِ الْمَوْصُولِ صِفَهً لَهُمَا، أَوْ نَکرَهً مَوْصُوفَهً بَدَلًا مِنْ " حَمْدًا وَ شُکرًا " لِئَلَّا یلْزَمَ التَّکرَارُ و قد تُجْعَلُ مَا أَیضًا زَائِدَهً، وَ التَّقْدِیرُ: حَمْدًا وَ شُکرًا هُوَ أَهْلُهُ.

وَ یمْکنُ کوْنُ الْکافِ حَرْفَ تَشْبِیهٍ، اعْتِبَارًا بِأَنَّ الْحَمْدَ الَّذِی هُوَ أَهْلُهُ لَا یقْدِرُ عَلَیهِ هَذَا الْحَامِدُ وَ لَا غَیرُهُ، بَلْ لَا یقْدِرُ عَلَیهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَی، کمَا أَشَارَ إلَیهِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ بِقَوْلِهِ: { لَا أُحْصِی ثَنَاءً عَلَیک أَنْتَ کمَا أَثْنَیتَ عَلَی نَفْسِک }، و فی التَّشْبِیهِ حِینَئِذٍ سُؤَالٌ أَنْ یلْحِقَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِذَلِک الْفَرْدِ الْکامِلِ مِنْ

الْحَمْدِ، تَفَضُّلًا مِنْهُ تَعَالَی، مَثَلُهُ فِی قَوْلِهِمْ " حَمْدًا وَ شُکرًا مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ حَمْدًا یفْوَقُ حَمْدَ الْحَامِدِینَ " وَ نَحْوَ ذَلِک.

وَ اخْتَارَ الْحَمْدَ بِهَذِهِ الْکلِمَهِ لِمَا رُوِی عَنْ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ { مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ کمَا هُوَ أَهْلُهُ " شَغَلَ کتَابَ السَّمَاءِ، فَیقُولُونَ: اللَّهُمَّ إنَّا لَا نَعْلَمُ الْغَیبَ، فَیقُولُ تَعَالَی: اُکتُبُوهَا کمَا قَالَهَا عَبْدِی و علی ثَوَابُهَا }.

(وَأَسْأَلُهُ تُسَهِّلُ مَا) أَی الشَّیءَ، و هو الْعِلْمُ الَّذِی (یلْزَمُ حَمْلُهُ وَ تَعْلِیمُ مَا لَا یسَعُ) أَی لَا یجُوزُ (جَهْلُهُ) و هو الْعِلْمُ الشَّرْعِی الْوَاجِبُ.

(وَأَسْتَعِینُهُ عَلَی الْقِیامِ جَمِیعًا بِمَا یبْقِی أَجْرَهُ) عَلَی الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ ثَوَابَهُ فِی الْجَنَّهِ { أُکلُهَا دَائِمٌ وَ ظِلُّهَا }، (وَیحْسُنُ فِی الْمَلَأِ الْأَعْلَی ذِکرُهُ).

أَصْلُ الْمَلَأِ: الْأَشْرَافُ وَ الرُّؤَسَاءُ الَّذِینَ یرْجِعُ إلَی قَوْلِهِمْ، و منه قَوْله تَعَالَی: { أَلَمْ تَرَ إلَی الْمَلَأِ مِنْ بَنِی إسْرَائِیلَ }، وَ قِیلَ لَهُمْ ذَلِک لِأَنَّهُمْ مَلَأٌ بِالرَّأْی وَ الْغِنَا، أَوْ أَنَّهُمْ یمْلَئُونَ الْعَینَ وَ الْقَلْبَ، وَ الْمُرَادُ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَی الْمَلَائِکهُ، (وَتُرْجَی مَثُوبَتُهُ وَ ذُخْرُهُ)، وَ فِی کلِّ ذَلِک إشَارَهٌ إلَی التَّرْغِیبِ فِیمَا هُوَ بِصَدَدِهِ مِنْ تَصْنِیفِ الْعِلْمِ الشَّرْعِی وَ تَحْقِیقِهِ وَ بَذْلِ الْجَهْدِ فِی تَعْلِیمِهِ.

(وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) تَصْرِیحٌ بِمَا قَدْ دَلَّ عَلَیهِ الْحَمْدُ السَّابِقُ، بِالِالْتِزَامِ مِنْ التَّوْحِیدِ، وَ خَصَّ هَذِهِ الْکلِمَهَ؛ لِأَنَّهَا أَعْلَی کلِمَهٍ، وَ أَشْرَفَ لَفْظَهٍ نُطِقَ بِهَا فِی التَّوْحِیدِ، مُنْطَبِقَهً عَلَی جَمِیعِ مَرَاتِبِهِ و " لَا " فِیهَا هِی النَّافِیهُ لِلْجِنْسِ و " إلَهَ " اسْمُهَا، قِیلَ: وَ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِیرُهُ " مَوْجُودٌ "، وَ یضَعَّفُ بِأَنَّهُ لَا ینْفِی إمْکانَ إلَهٍ مَعْبُودٍ بِالْحَقِّ غَیرَهُ تَعَالَی؛ لِأَنَّ الْإِمْکانَ أَعَمُّ مِنْ الْوُجُودِ، وَ قِیلَ: " مُمْکنٌ " و فیه

أَنَّهُ لَا یقْتَضِی وُجُودَهُ بِالْفِعْلِ وَ قِیلَ " مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَهِ " و فیه أَنَّهُ لَا یدُلُّ عَلَی نَفْی التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا.

وَ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إلَی عَدَمِ الِاحْتِیاجِ إلَی الْخَبَرِ و أنّ " إلَّا اللَّهُ " مُبْتَدَأٌ وَ خَبَرُهُ " لَا إلَهَ "، إذْ کانَ الْأَصْلُ " اللَّهُ إلَهٌ "، فَلَمَّا أُرِیدَ الْحَصْرُ زِیدَ " لَا وَ إِلَّا " وَ مَعْنَاهُ " اللَّهُ إلَهٌ، وَ مَعْبُودٌ بِالْحَقِّ لَا غَیرُهُ " أَوْ أَنَّهَا نُقِلَتْ شَرْعًا إلَی نَفْی الْإِمْکانِ وَ الْوُجُودِ عَنْ إلَهٍ سِوَی اللَّهِ، مَعَ الدَّلَالَهِ عَلَی وُجُودِهِ تَعَالَی و أن لَمْ تَدُلَّ عَلَیهِ لُغَهً.

(وَحْدَهُ لَا شَرِیک لَهُ) تَأْکیدٌ لِمَا قَدْ اُسْتُفِیدَ مِنْ التَّوْحِیدِ الْخَالِصِ، حَسُنَ ذِکرُهُ فِی هَذَا الْمَقَامِ لِمَزِیدِ الِاهْتِمَامِ.

(وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا نَبِی أَرْسَلَهُ) قَرَنَ الشَّهَادَهَ بِالرِّسَالَهِ بِشَهَادَهِ التَّوْحِیدِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَهِ الْبَابِ لَهَا، و قد شَرَّفَ اللَّهُ نَبِینَا صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ بِکوْنِهِ لَا یذْکرُ إلَّا وَ یذْکرُ مَعَهُ، وَ ذَکرَ الشَّهَادَتَینِ فِی الْخُطْبَهِ لِمَا رُوِی عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ: { مِنْ أَنَّ کلَّ خُطْبَهٍ لَیسَ فِیهَا تَشَهُّدٌ فَهِی کالْیدِ الْجَذْمَاءِ }.

وَ " مُحَمَّدٌ "، عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ، وَ سُمِّی بِهِ نَبِینَا صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ إلْهَامًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَی؛ وَ تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ یکثُرُ حَمْدُ الْخَلْقِ لَهُ لِکثْرَهِ خِصَالِهِ الْحَمِیدَهِ.

وَ قَدْ قِیلَ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - و قد سَمَّاهُ فِی یوْمِ سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِیهِ قَبْلَهَا -: لِمَ سَمَّیت ابْنَک مُحَمَّدًا و لیس مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِک وَ لَا قَوْمِک؟ فَقَالَ: " رَجَوْتُ أَنْ یحْمَدَ فِی السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ " و قد حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَ " النَّبِیءُ " بِالْهَمْزِ مِنْ النَّبَأِ و هو الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ النَّبِی مُخْبِرٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَی،

وَ بِلَا هَمْزٍ و هو الْأَکثَرُ إمَّا تَخْفِیفًا مِنْ الْمَهْمُوزِ بِقَلْبِ هَمْزَتِهِ یاءً، أَوْ أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ النَّبْوَهِ بِفَتْحِ النُّونِ وَ سُکونِ الْبَاءِ أَی الرِّفْعَهِ؛ لِأَنَّ النَّبِی مَرْفُوعُ الرُّتْبَهِ عَلَی غَیرِهِ مِنْ الْخَلْقِ، وَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " أَرْسَلَهُ " عَلَی جَمْعِهِ بَینَ النُّبُوَّهِ وَ الرِّسَالَهِ وَ الْأَوَّلُ أَعَمُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْسَانٌ أُوحِی إلَیهِ بِشَرْعٍ و أن لَمْ یؤْمَرْ بِتَبْلِیغِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِذَلِک فَرَسُولٌ أَیضًا، أَوْ أُمِرَ بِتَبْلِیغِهِ و أن لَمْ یکنْ لَهُ کتَابٌ أَوْ نُسَخٌ لِبَعْضِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ کیوشَعَ عَلَیهِ السَّلَامُ، فَإِنْ کانَ لَهُ ذَلِک فَرَسُولٌ أَیضًا.

وَ قِیلَ هُمَا بِمَعْنًی وَاحِدٍ، و هو مَعْنَی الرَّسُولِ عَلَی الْأَوَّلِ (عَلَی الْعَالَمِینَ) جَمْعُ " الْعَالَمِ "، و هو اسْمٌ لِمَا یعْلَمُ بِهِ کالْخَاتَمِ، وَ الْقَالَبِ غَلَبَ فِیمَا یعْلَمُ بِهِ الصَّانِعُ، و هو کلُّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَ الْأَعْرَاضِ، فَإِنَّهَا لِإِمْکانِهَا وَ افْتِقَارِهَا إلَی مُؤَثِّرٍ وَاجِبٍ لِذَاتِهِ تَدُلُّ عَلَی وُجُودِهِ، وَ جَمَعَهُ لِیشْمَلَ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَهِ، وَ غُلِّبَ الْعُقَلَاءُ مِنْهُمْ، فَجَمَعَهُ بِالْیاءِ وَ النُّونِ کسَائِرِ أَوْصَافِهِمْ.

وَ قِیلَ: اسْمٌ وُضِعَ لِذَوِی الْعِلْمِ مِنْ الْمَلَائِکهِ وَ الثَّقَلَینِ، وَ تَنَاوُلُهُ لِغَیرِهِمْ عَلَی سَبِیلِ الِاسْتِتْبَاعِ، وَ قِیلَ: الْمُرَادُ بِهِ النَّاسُ هَاهُنَا، فَإِنَّ کلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ " عَالَمٌ أَصْغَرُ "، مِنْ حَیثُ إنَّهُ یشْتَمِلُ عَلَی نَظَائِرَ مَا فِی " الْعَالَمِ الْأَکبَرِ "، مِنْ الْجَوَاهِرِ وَ الْأَعْرَاضِ الَّتِی یعْلَمُ بِهَا الصَّانِعُ، کمَا یعْلَمُ بِمَا أَبْدَعَهُ فِی الْعَالَمِ الْأَکبَرِ (اصْطَفَاهُ) أَی اخْتَارَهُ (وَفَضَّلَهُ) عَلَیهِمْ أَجْمَعِینَ.

(صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ) مِنْ الصَّلَاهِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِی قَوْله تَعَالَی: { صَلُّوا عَلَیهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیمًا } وَ أَصْلُهَا الدُّعَاءُ، لَکنَّهَا مِنْهُ تَعَالَی مَجَازٌ فِی الرَّحْمَهِ.

وَ غَایهُ السُّؤَالِ بِهَا عَائِدٌ إلَی الْمُصَلِّی؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ أَعْطَی نَبِیهُ

صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مِنْ الْمَنْزِلَهِ وَ الزُّلْفَی لَدَیهِ مَا لَا تُؤَثِّرُ فِیهِ صَلَاهُ مُصَلٍّ، کمَا نَطَقَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ " وَ صَرَّحَ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْأَخْیارُ، و کان ینْبَغِی اتِّبَاعُهَا بِالسَّلَامِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ، و إنّما تَرَکهُ لِلتَّنْبِیهِ عَلَی عَدَمِ تَحَتُّمِ إرَادَتِهِ مِنْ الْآیهِ، لِجَوَازِ کوْنِ الْمُرَادِ بِهِ الِانْقِیادَ، بِخِلَافِ الصَّلَاهِ.

(وَعَلَی آلِهِ) وَ هُمْ عِنْدَنَا " عِلِّی وَ فَاطِمَهُ وَ الْحَسَنَانِ "، وَ یطْلَقُ تَغْلِیبًا عَلَی بَاقِی الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ، وَ نَبَّهَ عَلَی اخْتِصَاصِهِمْ عَلَیهِمْ السَّلَامُ بِهَذَا الِاسْمِ بِقَوْلِهِ: (الَّذِینَ حَفِظُوا مَا حَمَلَهُ) - بِالتَّخْفِیفِ - مِنْ أَحْکامِ الدِّینِ، (وَعَقَلُوا عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مَا عَنْ جِبْرِیلَ عَقَلَهُ)، وَ لَا یتَوَهَّمُ مُسَاوَاتُهُمْ لَهُ بِذَلِک فِی الْفَضِیلَهِ؛ لِاخْتِصَاصِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ عَنْهُمْ بِمَزَایا أُخَرَ تَصِیرُ بِهَا نِسْبَتُهُمْ إلَیهِ کنِسْبَهِ غَیرِهِمْ عَلَیهِمْ السَّلَامُ مِنْ الرَّعِیهِ إلَیهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَیهِمْ السَّلَامُ فِی وَقْتِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مِنْ جُمْلَهِ رَعِیتِهِ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَی مَا أَوْجَبَ فَضِیلَتَهُمْ، وَ تَخْصِیصَهُمْ بِالذِّکرِ بَعْدَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ بِقَوْلِهِ (حَتَّی قَرَنَ) الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِیرِ الْمُسْتَکنِ إلَی النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَ (بَینَهُمْ و بین مُحْکمِ الْکتَابِ) فِی قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ: { إنِّی تَارِک فِیکمْ مَا إنْ تَمَسَّکتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: کتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیتِی } - الْحَدِیثَ، وَ یمْکنُ عَوْدُهُ إلَی اللَّهِ تَعَالَی؛ لِأَنَّ إخْبَارَ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ بِذَلِک مُسْتَنِدٌ إلَی الْوَحْی الْإِلَهِی؛ لِأَنَّهُ { مَا ینْطِقُ عَنْ الْهَوَی إنْ هُوَ إلَّا وَحْی یوحَی } و هو الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَجَعَلَهُمْ قُدْوَهً لِأُولِی الْأَلْبَابِ) فَإِنَّ الْجَاعِلَ ذَلِک هُوَ اللَّهُ تَعَالَی، مَعَ جَوَازِ أَنْ یرَادَ بِهِ النَّبِی

صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ أَیضًا و " الْأَلْبَابِ " الْعُقُولُ، وَ خَصَّ ذَوِیهِمْ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْعِبَرِ، الْمُقْتَفُونَ لِسَدِیدِ الْأَثَرِ (صَلَاهً دَائِمَهً بِدَوَامِ الْأَحْقَابِ) جَمْعُ " حُقُبٍ " بِضَمِّ الْحَاءِ وَ الْقَافِ، و هو الدَّهْرُ، و منه قَوْله تَعَالَی: { أَوْ أَمْضِی حُقُبًا } أَی دَائِمَهً بِدَوَامِ الدُّهُورِ.

وَ أَمَّا " الْحُقْبُ " بِضَمِّ الْحَاءِ وَ سُکونِ الْقَافِ - و هو ثَمَانُونَ سَنَهً - فَجَمْعُهُ " حِقَابٌ " بِالْکسْرِ، مِثْلُ قُفٍّ وَ قِفَافٍ نَصَّ عَلَیهِ الْجَوْهَرِی.

(أَمَّا بَعْدُ) الْحَمْدُ وَ الصَّلَاهُ و " أَمَّا " کلِمَهٌ فِیهَا مَعْنَی الشَّرْطِ، وَ لِهَذَا کانَتْ الْفَاءُ لَازِمَهً فِی جَوَابِهَا، وَ التَّقْدِیرُ " مَهْمَا یکنْ مِنْ شَیءٍ بَعْدَ الْحَمْدِ وَ الصَّلَاهِ فَهُوَ کذَا " فَوَقَعَتْ کلِمَهُ " أَمَّا " مَوْقِعَ اسْمٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ، وَ فِعْلٍ هُوَ الشَّرْطُ، وَ تَضَمَّنَتْ مَعْنَاهُمَا فَلَزِمَهَا لُصُوقُ الِاسْمِ اللَّازِمِ لِلْمُبْتَدَأِ لِلْأَوَّلِ إبْقَاءً لَهُ بِحَسَبِ الْإِمْکانِ، وَ لَزِمَهَا الْفَاءُ لِلثَّانِی و " بَعْدُ " ظَرْفُ زَمَانٍ، وَ کثِیرًا مَا یحْذَفُ مِنْهُ الْمُضَافُ إلَیهِ وَ ینْوَی مَعْنَاهُ، مَبْنِی عَلَی الضَّمِّ.

(فَهَذِهِ) إشَارَهٌ إلَی الْعِبَارَاتِ الذِّهْنِیهِ الَّتِی یرِیدُ کتَابَتَهَا، إنْ کانَ وَضَعَ الْخُطْبَهَ قَبْلَ التَّصْنِیفِ، أَوْ کتَبَهَا إنْ کانَ بَعْدَهُ، نَزَّلَهَا مَنْزِلَهَ الشَّخْصِ الْمُشَاهَدِ الْمَحْسُوسِ، فَأَشَارَ إلَیهِ بِ " هَذِهِ " الْمَوْضُوعِ لِلْمُشَارِ إلَیهِ الْمَحْسُوسِ (اللُّمْعَهُ) بِضَمِّ اللَّامِ، و هی لُغَهٌ: بِالْبُقْعَهِ مِنْ الْأَرْضِ ذَاتِ الْکلَإِ إذَا یبِسَتْ وَ صَارَ لَهَا بَیاضٌ، وَ أَصْلُهُ مِنْ " اللَّمَعَانِ " و هو الْإِضَاءَهُ وَ الْبَرِیقُ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَهَ مِنْ الْأَرْضِ ذَاتِ الْکلَإِ الْمَذْکورِ کأَنَّهَا تُضِیءُ دُونَ سَائِرِ الْبِقَاعِ، وَ عُدِّی ذَلِک إلَی مَحَاسِنِ الْکلَامِ وَ بَلِیغِهِ؛ لِاسْتِنَارَهِ الْأَذْهَانِ بِهِ، وَ لِتَمَیزِهِ عَنْ سَائِرِ الْکلَامِ، فَکأَنَّهُ فِی نَفْسِهِ ذُو ضِیاءٍ وَ نُورٍ (الدِّمَشْقِیهُ) بِکسْرِ

الدَّالِ وَ فَتْحِ الْمِیمِ، نَسَبَهَا إلَی " دِمَشْقَ " الْمَدِینَهِ الْمَعْرُوفَهِ؛ لِأَنَّهُ صَنَّفَهَا بِهَا فِی بَعْضِ أَوْقَاتِ إقَامَتِهِ بِهَا (فِی فِقْهِ الْإِمَامِیهِ) الِاثْنَی عَشْرِیهَ أَیدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَی (إجَابَهً) مَنْصُوبٌ عَلَی الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، وَ الْعَامِلُ مَحْذُوفٌ، أَی صَنَّفْتُهَا إجَابَهً (لِالْتِمَاسِ) و هو طَلَبُ الْمُسَاوِی مِنْ مِثْلِهِ و لو بِالِادِّعَاءِ، کمَا فِی أَبْوَابِ الْخَطَّاطِ (بَعْضِ الدَّیانِینَ) أَی الْمُطِیعِینَ لِلَّهِ فِی أَمْرِهِ وَ نَهْیهِ.

وَ هَذَا الْبَعْضُ هُوَ شَمْسُ الدِّینِ مُحَمَّدٌ الْآوِی مِنْ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ عَلِی بْنِ مُؤَیدٍ مَلِک خُرَاسَانَ و ما وَلَاهَا فِی ذَلِک الْوَقْتِ، إلَی أَنْ اسْتَوْلَی عَلَی بِلَادِهِ " تَیمُورْلَنْک " فَصَارَ مَعَهُ قَسْرًا إلَی أَنْ تُوُفِّی فِی حُدُودِ سَنَهِ خَمْسٍ وَ تِسْعِینَ وَ سَبْعِمِائَهٍ بَعْدَ أَنْ اُسْتُشْهِدَ الْمُصَنِّفُ قَدَّسَ رُوحَهُ بِتِسْعِ سِنِینَ، و کان بَینَهُ و بین الْمُصَنِّفِ قَدَّسَ سِرَّهُ مَوَدَّهٌ وَ مُکاتَبَهٌ عَلَی الْبُعْدِ إلَی الْعِرَاقِ، ثُمَّ إلَی الشَّامِ، وَ طَلَبَ مِنْهُ أَخِیرًا التَّوَجُّهَ إلَی بِلَادِهِ فِی مُکاتَبَهٍ شَرِیفَهٍ أَکثَرَ فِیهَا مِنْ التَّلَطُّفِ وَ التَّعْظِیمِ وَ الْحَثِّ لِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَی ذَلِک، فَأَبَی وَ اعْتَذَرَ إلَیهِ، وَ صَنَّفَ لَهُ هَذَا الْکتَابَ بِدِمَشْقَ فِی سَبْعَهِ أَیامٍ لَا غَیرُ، عَلَی مَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَلَدُهُ الْمَبْرُورُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدٌ، وَ أَخَذَ شَمْسُ الدِّینِ الْآوِی نُسْخَهَ الْأَصْلِ، و لم یتَمَکنْ أَحَدٌ مِنْ نَسْخِهَا مِنْهُ لِضَنَّتِهِ بِهَا، و إنّما نَسَخَهَا بَعْضُ الطَّلَبَهِ و هی فِی یدِ الرَّسُولِ تَعْظِیمًا لَهَا، وَ سَافَرَ بِهَا قَبْلَ الْمُقَابَلَهِ فَوَقَعَ فِیهَا بِسَبَبِ ذَلِک خَلَلٌ، ثُمَّ أَصْلَحَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِک بِمَا ینَاسِبُ الْمَقَامَ، وَ رُبَّمَا کانَ مُغَایرًا لِلْأَصْلِ بِحَسَبِ اللَّفْظِ، و ذلک فِی سَنَهِ اثْنَینِ وَ ثَمَانِینَ وَ سَبْعِمِائَهٍ.

وَ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مَجْلِسَهُ بِدِمَشْقَ ذَلِک الْوَقْتَ مَا کانَ یخْلُو غَالِبًا مِنْ عُلَمَاءِ

الْجُمْهُورِ لِخُلْطَتِهِ بِهِمْ وَ صُحْبَتِهِ لَهُمْ، قَالَ " فَلَمَّا شَرَعْتُ فِی تَصْنِیفِ هَذَا الْکتَابِ کنْتُ أَخَافُ أَنْ یدْخُلَ عَلَیهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَیرَاهُ، فَمَا دَخَلَ عَلَی أَحَدٌ مُنْذُ شَرَعْتُ فِی تَصْنِیفِهِ إلَی أَنْ فَرَغْتُ مِنْهُ، و کان ذَلِک مِنْ خَفِی الْأَلْطَافِ " و هو مِنْ جُمْلَهِ کرَامَاتِهِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ نَوَّرَ ضَرِیحَهُ.

(وَحَسْبُنَا اللَّهُ)، أَی مُحَسِّبُنَا وَ کافِینَا.

(وَنِعْمَ الْمُعِینُ) عَطْفٌ لَهُ عَلَی جُمْلَهِ " حَسْبُنَا اللَّهُ " بِتَقْدِیرِ الْمَعْطُوفَهِ خَبَرِیهً، بِتَقْدِیرِ الْمُبْتَدَإِ مَعَ مَا یوجِبُهُ، أَی " مَقُولٌ فِی حَقِّهِ ذَلِک " أَوْ بِتَقْدِیرِ الْمَعْطُوفِ عَلَیهَا إنْشَائِیهً، أَوْ عَلَی خَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَیهَا خَاصَّهً فَتَقَعُ الْجُمْلَهُ الْإِنْشَائِیهُ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ، فَیکونُ عَطْفَ مُفْرَدٍ مُتَعَلِّقُهُ جُمْلَهٌ إنْشَائِیهٌ، أَوْ یقَالُ: إنَّ الْجُمْلَهَ الَّتِی لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ لَا حَرَجَ فِی عَطْفِهَا کذَلِک، أَوْ تُجْعَلُ الْوَاوُ مُعْتَرِضَهً لَا عَاطِفَهً، مَعَ أَنَّ جَمَاعَهً مِنْ النُّحَاهِ أَجَازُوا عَطْفَ الْإِنْشَائِیهِ عَلَی الْخَبَرِیهِ وَ بِالْعَکسِ، وَ اسْتَشْهَدُوا عَلَیهِ بِآیاتٍ قُرْآنِیهٍ، وَ شَوَاهِدَ شِعْرِیهٍ.

(وَهِی مَبْنِیهٌ) أَی مُرَتَّبَهٌ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ التَّرْتِیبِ (عَلَی کتُبٍ) بِضَمِّ التَّاءِ وَ سُکونِهَا جَمْعُ کتَابٍ، و هو فِعَالٌ مِنْ " الْکتْبِ " بِالْفَتْحِ و هو الْجَمْعُ، سُمِّی بِهِ الْمَکتُوبُ الْمَخْصُوصُ لِجَمْعِهِ الْمَسَائِلَ الْمُتَکثِّرَهَ، وَ الْکتَابُ أَیضًا مَصْدَرٌ مَزِیدٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُجَرَّدِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِی حُرُوفِهِ الْأَصْلِیهِ وَ مَعْنَاهُ.

1 - کتاب الطهاره

التمهید

اشاره

کتَابُ الطَّهَارَهِ

(الطَّهَارَهُ) مَصْدَرُ " طَهُرَ " بِضَمِّ الْعَینِ وَ فَتْحِهَا، وَ الِاسْمُ الطُّهْرُ بِالضَّمِّ (وَهِی لُغَهً النَّظَافَه) وَ النَّزَاهَهُ مِنْ الْأَدْنَاسِ (وَشَرْعًا) - بِنَاءً عَلَی ثُبُوتِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِیهِ - (اسْتِعْمَالُ طَهُورٍ مَشْرُوطٌ بِالنِّیهِ) فَالِاسْتِعْمَالُ بِمَنْزِلَهِ الْجِنْسِ، وَ الطَّهُورُ مُبَالَغَهٌ فِی الطَّاهِرِ، وَ الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا، الطَّاهِرُ فِی نَفْسِهِ الْمُطَهِّرُ لِغَیرِهِ " جُعِلَ بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ مُتَعَدِّیا و أن کانَ بِحَسَبِ الْوَضْعِ اللُّغَوِی لَازِمًا،

کالْأَکولِ.

وَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ: @" مَشْرُوطٌ بِالنِّیهِ " إزَالَهُ النَّجَاسَهِ عَنْ الثَّوْبِ وَ الْبَدَنِ و غیرهِمَا، فَإِنَّ النِّیهَ لَیسَتْ شَرْطًا فِی تَحَقُّقِهِ، و أن اُشْتُرِطَتْ فِی کمَالِهِ، وَ فِی تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَی فِعْلِهِ، وَ بَقِیتْ الطَّهَارَاتُ الثَّلَاثُ مُنْدَرِجَهً فِی التَّعْرِیفِ، وَاجِبَهً وَ مَنْدُوبَهً، وَ مُبِیحَهً و غیر مُبِیحَهٍ، إنْ أُرِیدَ بِالطَّهُورِ مُطْلَقُ الْمَاءِ وَ الْأَرْضِ کمَا هُوَ الظَّاهِرُ.

وَ حِینَئِذٍ فَفِیهِ اخْتِیارُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُبِیحِ لِلصَّلَاهِ و هو خِلَافُ اصْطِلَاحِ الْأَکثَرِینَ وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ هَذَا الْکتَابِ، أَوْ ینْتَقَضُ فِی طَرْدِهِ بِالْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ، وَ الْوُضُوءِ غَیرِ الرَّافِعِ مِنْهُ، وَ التَّیمُّمِ بَدَلًا مِنْهُمَا إنْ قِیلَ بِهِ، وَ ینْتَقَضُ فِی طَرْدِهِ أَیضًا بِأَبْعَاضِ کلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَهِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلطَّهُورِ مَشْرُوطٌ بِالنِّیهِ مَعَ أَنَّهُ لَا یسَمَّی طَهَارَهً، و بما لَوْ نَذَرَ تَطْهِیرَ الثَّوْبِ وَ نَحْوِهِ مِنْ النَّجَاسَهِ نَاوِیا، فَإِنَّ النَّذْرَ مُنْعَقِدٌ لِرُجْحَانِهِ، وَ مَعَ ذَلِک فَهُوَ مِنْ أَجْوَدِ التَّعْرِیفَاتِ، لِکثْرَهِ مَا یرِدُ عَلَیهَا مِنْ النُّقُوضِ فِی هَذَا الْبَابِ (وَالطَّهُورُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ (هُوَ الْمَاءُ وَ التُّرَابُ).

(قَالَ اللَّهُ تَعَالَی): { وَ أَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } و هو دَلِیلُ طَهُورِیهِ الْمَاءِ.

وَ الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ هُنَا جِهَهُ الْعُلُوِّ، (وَقَالَ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ {: جُعِلَتْ لِی الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَ طَهُورًا }) و هو دَلِیلُ طَهُورِیهِ التُّرَابِ، و کان الْأَوْلَی إبْدَالُهُ بِلَفْظِ " الْأَرْضِ " کمَا یقْتَضِیهِ الْخَبَرُ، خُصُوصًا عَلَی مَذْهَبِهِ مِنْ جَوَازِ التَّیمُّمِ به غیر التُّرَابِ مِنْ أَصْنَافِ الْأَرْضِ.

فَالْمَاءُ بِقَوْلِ مُطْلَقٍ (مُطَهِّرٌ مِنْ الْحَدَثِ)، و هو الْأَثَرُ الْحَاصِلُ لِلْمُکلَّفِ وَ شَبَهِهِ عِنْدَ عُرُوضِ أَحَدِ أَسْبَابِ الْوُضُوءِ، وَ الْغُسْلُ، الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاهِ، الْمُتَوَقِّفِ رَفْعُهُ عَلَی النِّیهِ، (وَالْخُبْثُ) و هو النَّجَسُ - بِفَتْحِ الْجِیمِ -

مَصْدَرُ قَوْلِک " نَجِسَ الشَّیءُ " بِالْکسْرِ ینْجُسُ فَهُوَ نَجِسٌ بِالْکسْرِ (وَینْجُسُ) الْمَاءُ مُطْلَقًا (بِالتَّغَیرِ بِالنَّجَاسَهِ) فِی أَحَدِ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَهِ: - اللَّوْنِ، وَ الطَّعْمِ، وَ الرِّیحِ - دُونَ غَیرِهَا مِنْ الْأَوْصَافِ وَ احْتَرَزَ بِتَغَیرِهِ بِالنَّجَاسَهِ عَمَّا لَوْ تَغَیرَ بِالْمُتَنَجِّسِ خَاصَّهً، فَإِنَّهُ لَا ینْجُسُ بِذَلِک، کمَا لَوْ تَغَیرَ طَعْمُهُ بِالدِّبْسِ الْمُتَنَجِّسِ مِنْ غَیرِ أَنْ تُؤَثِّرَ نَجَاسَتُهُ فِیهِ.

وَ الْمُعْتَبَرُ مِنْ التَّغَیرِ الْحِسِّی لَا التَّقْدِیرِی عَلَی الْأَقْوَی (وَیطْهُرُ بِزَوَالِهِ) أَی زَوَالِ التَّغَیرِ و لو بِنَفْسِهِ أَوْ بِعِلَاجٍ (إنْ کانَ) الْمَاءُ (جَارِیا) و هو النَّابِعُ مِنْ الْأَرْضِ مُطْلَقًا غَیرَ الْبِئْرِ عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ فِیهِ دَوَامَ نَبْعِهِ، وَ جَعَلَهُ الْعَلَّامَهُ وَ جَمَاعَهٌ کغَیرِهِ، فِی انْفِعَالٍ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاهِ مَعَ قِلَّتِهِ، وَ الدَّلِیلُ النَّقْلِی یعَضِّدُهُ، وَ عَدَمُ طُهْرِهِ بِزَوَالِ التَّغَیرِ مُطْلَقًا، بَلْ بِمَا نَبَّهَ عَلَیهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ لَاقَی کرًّا).

وَ الْمُرَادُ أَنَّ غَیرَ الْجَارِی لَا بُدَّ فِی طُهْرِهِ مَعَ زَوَالِ التَّغَیرِ مِنْ مُلَاقَاتِهِ کرًّا طَاهِرًا بَعْدَ زَوَالِ التَّغَیرِ، أَوْ مَعَهُ، و أن کانَ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ قَدْ یتَنَاوَلُ مَا لَیسَ بِمُرَادٍ و هو طُهْرُهُ مَعَ زَوَالِ التَّغَیرِ، وَ مُلَاقَاتِهِ الْکرَّ کیفَ اتَّفَقَ، وَ کذَا الْجَارِی عَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ.

وَ لَوْ تَغَیرَ بَعْضُ الْمَاءِ و کان الْبَاقِی کرًّا طَهُرَ الْمُتَغَیرُ بِزَوَالِهِ أَیضًا کالْجَارِی عِنْدَهُ، وَ یمْکنُ دُخُولُهُ فِی قَوْلِهِ " لَاقَی کرًّا " لِصِدْقِ مُلَاقَاتِهِ لِلْبَاقِی وَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " لَاقَی کرًّا " عَلَی أَنَّهُ لَا یشْتَرِطُ فِی طُهْرِهِ بِهِ و ُقُوعُهُ عَلَیهِ دُفْعَهً کمَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَینَ الْمُتَأَخِّرِینَ، بَلْ تَکفِی مُلَاقَاتُهُ لَهُ مُطْلَقًا، لِصَیرُورَتِهِمَا بِالْمُلَاقَاهِ مَاءً وَاحِدًا، وَ لِأَنَّ الدَّفْعَهَ لَا یتَحَقَّقُ لَهَا مَعْنًی، لِتَعَذُّرِ الْحَقِیقِیهِ، وَ عَدَمِ الدَّلِیلِ عَلَی الْعُرْفِیهِ، وَ کذَا لَا یعْتَبَرُ مُمَازَجَتُهُ لَهُ، بَلْ یکفِی مُطْلَقُ الْمُلَاقَاهِ لِأَنَّ

مُمَازَجَهَ جَمِیعِ الْأَجْزَاءِ لَا تَتَّفِقُ، وَ اعْتِبَارُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ تَحَکمٌ، وَ الِاتِّحَادُ مَعَ الْمُلَاقَاهِ حَاصِلٌ.

وَ یشْمَلُ إطْلَاقَ الْمُلَاقَاهِ مَا لَوْ تَسَاوَی سَطْحَاهُمَا وَ اخْتَلَفَ، مَعَ عُلُوِّ الْمُطَهَّرِ عَلَی النَّجَسِ وَ عَدَمِهِ، وَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا یرَی الِاجْتِزَاءَ بِالْإِطْلَاقِ فِی بَاقِی کتُبِهِ، بَلْ یعْتَبِرُ الدَّفْعَهَ، وَ الْمُمَازَجَهَ، وَ عُلُوَّ الْمُطَهِّرِ، أَوْ مُسَاوَاتُهُ، وَ اعْتِبَارُ الْأَخِیرِ ظَاهِرٌ دُونَ الْأَوَّلَینِ إلَّا مَعَ عَدَمِ صِدْقِ الْوَحْدَهِ عُرْفًا.

(وَالْکرُّ)

(وَالْکرُّ)

الْمُعْتَبَرُ فِی الطَّهَارَهِ وَ عَدَمِ الِانْفِعَالِ بِالْمُلَاقَاهِ هُوَ: (أَلْفٌ وَ مِائَتَا رِطْلٍ) بِکسْرِ الرَّاءِ عَلَی الْأَفْصَحِ، وَ فَتْحِهَا عَلَی قِلَّهٍ (بِالْعِرَاقِی)، وَ قَدْرُهُ مِائَهٌ وَ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا عَلَی الْمَشْهُورِ فِیهِمَا، وَ بِالْمِسَاحَهِ مَا بَلَغَ مُکسِّرُهُ اثْنَینِ وَ أَرْبَعِینَ شِبْرًا وَ سَبْعَهَ أَثْمَانِ شِبْرٍ مُسْتَوِ الْحَلْقَهِ عَلَی الْمَشْهُورِ، وَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، و فی الاکتِفَاءِ بِسَبْعَهٍ وَ عِشْرِینَ قَوْلٌ قَوِی. (وَینْجُسُ) الْمَاءُ (الْقَلِیلُ) و هو مَا دُونَ الْکرِّ، (وَالْبِئْرُ) و هو مَجْمَعُ مَاءٍ نَابِعٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا یتَعَدَّاهَا غَالِبًا، وَ لَا یخْرُجُ عَنْ مُسَمَّاهَا عُرْفًا (بِالْمُلَاقَاهِ) عَلَی الْمَشْهُورِ فِیهِمَا، بَلْ کادَ یکونُ إجْمَاعًا، (وَیطْهُرُ الْقَلِیلُ بِمَا ذُکرَ) و هو مُلَاقَاتُهُ الْکرَّ عَلَی الْوَجْهِ السَّابِقِ.

وَ کذَا یطْهُرُ بِمُلَاقَاهِ الْجَارِی مُسَاوِیا لَهُ أَوْ عَالِیا عَلَیهِ، و أن لَمْ یکنْ کرًّا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ و من یقُولُ بِمَقَالَتِهِ فِیهِ، وَ بِوُقُوعِ الْغَیثِ عَلَیهِ إجْمَاعًا.

البئر

البئر

(وَ) یطْهُرُ (الْبِئْرُ) بِمُطَهِّرٍ غَیرِهِ مُطْلَقًا، (وَبِنَزْحِ جَمِیعِهِ لِلْبَعِیرِ) و هو مِنْ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَهِ الْإِنْسَانِ یشْمَلُ الذَّکرَ وَ الْأُنْثَی، الصَّغِیرَ وَ الْکبِیرَ.

وَ الْمُرَادُ مِنْ نَجَاسَتِهِ الْمُسْتَنِدَهِ إلَی مَوْتِهِ، (وَ) کذَا (الثَّوْرُ) قِیلَ: هُوَ ذَکرُ الْبَقَرِ، وَ الْأَوْلَی اعْتِبَارُ إطْلَاقِ اسْمِهِ عُرْفًا مَعَ ذَلِک، (وَالْخَمْرُ) قَلِیلُهُ وَ کثِیرُهُ، (وَالْمُسْکرُ الْمَائِعُ) بِالْأَصَالَهِ، (وَدَمُ الْحَدَثِ) و هو الدِّمَاءُ الثَّلَاثَهُ عَلَی الْمَشْهُورِ (وَالْفُقَاعُ) بِضَمِّ الْفَاءِ، وَ أَلْحَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی عَصِیرَ الْعِنَبِ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ بِالْغَلَیانِ قَبْلَ ذَهَابِ ثُلُثَیهِ، و هو بَعِیدٌ.

وَ لَمْ یذْکرْ هُنَا الْمَنِی مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَهٌ، وَ الْمَشْهُورُ فِیهِ ذَلِک، وَ بِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِی الْمُخْتَصَرَینِ، وَ نَسَبَهُ فِی الذِّکرَی إلَی الْمَشْهُورِ، مُعْتَرِفًا فِیهِ بِعَدَمِ النَّصِّ.

وَ لَعَلَّهُ السَّبَبُ فِی تَرْکهِ هُنَا، لَکنَّ دَمَ الْحَدَثِ کذَلِک، فَلَا وَجْهَ لِإِفْرَادِهِ، وَ إِیجَابِ الْجَمِیعِ لِمَا لَا نَصَّ فِیهِ یشْمَلُهُمَا.

وَ

الظَّاهِرُ هُنَا حَصْرُ الْمَنْصُوصِ بِالْخُصُوصِ.

(وَنَزْحُ کرٍّ لِلدَّابَّهِ) و هی الْفَرَسُ، (وَالْحِمَارِ وَ الْبَقَرَهِ)، وَ زَادَ فِی کتُبِهِ الثَّلَاثَهِ الْبَغْلَ، وَ الْمُرَادُ مِنْ نَجَاسَتِهَا الْمُسْتَنِدَهِ إلَی مَوْتِهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَ الْمَنْصُوصُ مِنْهَا مَعَ ضَعْفِ طَرِیقِهِ " الْحِمَارِ وَ الْبَغْلِ "، وَ غَایتُهُ أَنْ یجْبَرَ ضَعْفُهُ به عمل الْأَصْحَابِ، فَیبْقَی إلْحَاقُ الدَّابَّهِ وَ الْبَقَرَهِ بِمَا لَا نَصَّ فِیهِ أَوْلَی.

(وَنَزْحُ سَبْعِینَ دَلْوًا مُعْتَادَهً) عَلَی تِلْک الْبِئْرِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَالْأَغْلَبُ (لِلْإِنْسَانِ) أَی لِنَجَاسَتِهِ الْمُسْتَنِدَهِ إلَی مَوْتِهِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِک الذَّکرُ وَ الْأُنْثَی وَ الصَّغِیرُ وَ الْکبِیرُ، وَ الْمُسْلِمُ وَ الْکافِرُ، إنْ لَمْ نُوجِبْ الْجَمِیعَ لِمَا لَا نَصَّ فِیهِ، وَ إِلَّا اخْتَصَّ بِالْمُسْلِمِ (وَخَمْسِینَ) دَلْوًا (لِلدَّمِ الْکثِیرِ) فِی نَفْسِهِ عَادَهً کدَمِ الشَّاهِ الْمَذْبُوحَهِ، غَیرَ الدِّمَاءِ الثَّلَاثَهِ لِمَا تَقَدَّمَ.

وَ فِی إلْحَاقِ دَمِ نَجَسِ الْعَینِ بِهَا وَجْهُ مُخْرَجٌ، (وَالْعَذِرَهُ الرَّطْبَهُ) و هی فَضْلَهُ الْإِنْسَانِ، وَ الْمَرْوِی اعْتِبَارُ ذَوَبَانِهَا، و هو تَفْرِیقُ أَجْزَائِهَا، وَ شُیوعِهَا فِی الْمَاءِ، أَمَّا الرُّطُوبَهُ فَلَا نَصَّ عَلَی اعْتِبَارِهَا، لَکنْ ذَکرَهَا الشَّیخُ وَ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَ جَمَاعَهٌ، وَ اکتَفَی فِی الدُّرُوسِ بِکلٍّ مِنْهُمَا، وَ کذَلِک تَعَینُ الْخَمْسِینَ، وَ الْمَرْوِی أَرْبَعُونَ، أَوْ خَمْسُونَ، و هو یقْتَضِی التَّخْییرَ.

وَ إِنْ کانَ اعْتِبَارُ الْأَکثَرِ أَحْوَطَ، أَوْ أَفْضَلَ (وَأَرْبَعِینَ) دَلْوًا (لِلثَّعْلَبِ وَ الْأَرْنَبِ وَ الشَّاهِ وَ الْخِنْزِیرِ وَ الْکلْبِ وَ الْهِرِّ وَ شِبْهُ ذَلِک) وَ الْمُرَادُ مِنْ نَجَاسَتِهِ الْمُسْتَنِدَهُ إلَی مَوْتِهِ کمَا مَرَّ، وَ الْمُسْتَنَدُ ضَعِیفٌ، وَ الشُّهْرَهُ جَابِرَهٌ عَلَی مَا زَعَمُوا (وَ) کذَا فِی (بَوْلِ الرَّجُلِ) سَنَدًا وَ شُهْرَهً.

وَ إِطْلَاقُ الرَّجُلِ یشْمَلُ الْمُسْلِمَ وَ الْکافِرَ، وَ تَخْرُجُ الْمَرْأَهُ وَ الْخُنْثَی، فَیلْحَقُ بَوْلُهُمَا بِمَا لَا نَصَّ فِیهِ، وَ کذَا بَوْلُ الصَّبِیهِ، أَمَّا الصَّبِی فَسَیأْتِی.

وَ لَوْ قِیلَ فِیمَا لَا نَصَّ فِیهِ بِنَزْحِ ثَلَاثِینَ أَوْ

أَرْبَعِینَ وَجَبَ فِی بَوْلِ الْخُنْثَی أَکثَرُ الْأَمْرَینِ مِنْهُ و من بَوْلِ الرَّجُلِ، مَعَ احْتِمَالِ الِاجْتِزَاءِ بِالْأَقَلِّ، لِلْأَصْلِ.

(وَ) نَزْحِ (ثَلَاثِینَ) دَلْوًا (لِمَاءِ الْمَطَرِ الْمُخَالِطِ لِلْبَوْلِ وَ الْعَذِرَهِ وَ خُرْءِ الْکلْبِ) فِی الْمَشْهُورِ، وَ الْمُسْتَنَدُ رِوَایهٌ مَجْهُولَهُ الرَّاوِی.

وَ إِیجَابُ خَمْسِینَ لَلْعَذِرَهِ، وَ أَرْبَعِینَ لِبَعْضِ الْأَبْوَالِ، وَ الْجَمِیعُ لِلْبَعْضِ کالْأَخِیرِ مُنْفَرِدًا لَا ینَافِی وُجُوبَ ثَلَاثِینَ لَهُ مُجْتَمِعًا مُخَالِطًا لِلْمَاءِ، لِأَنَّ مَبْنَی حُکمِ الْبِئْرِ عَلَی جَمْعِ الْمُخْتَلِفِ، وَ تَفْرِیقِ الْمُتَّفِقِ فَجَازَ إضْعَافُ مَاءِ الْمَطَرِ لِحُکمِهِ و أن لَمْ تَذْهَبْ أَعْیانُ هَذِهِ الْأَشْیاءِ.

وَ لَوْ خَالَطَ أَحَدُهَا کفَتْ الثَّلَاثُونَ إنْ لَمْ یکنْ لَهُ مُقَدَّرٌ، أَوْ کانَ و هو أَکثَرُ، أَوْ مُسَاوٍ و لو کانَ أَقَلَّ اُقْتُصِرَ عَلَیهِ.

وَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ حُکمَ بَعْضِهَا کالْکلِّ، و غیرهُ بِأَنَّ الْحُکمَ مُعَلَّقٌ بِالْجَمِیعِ، فَیجِبُ لِغَیرِهِ مُقَدَّرُهُ، أَوْ الْجَمِیعُ، وَ التَّفْصِیلُ أَجْوَدُ، (وَنَزْحُ عَشْرِ) دِلَاءٍ (لِیابِسِ الْعَذِرَهِ) و هو غَیرُ ذَائِبِهَا، أَوْ رَطَبِهَا أَوْ هُمَا عَلَی الْأَقْوَالِ، (وَقَلِیلُ الدَّمِ) کدَمِ الدَّجَاجَهِ الْمَذْبُوحَهِ فِی الْمَشْهُورِ وَ الْمَرْوِی دِلَاءٌ یسِیرَهٌ.

وَ فُسِّرَتْ بِالْعَشْرِ لِأَنَّهُ أَکثَرُ عَدَدٍ یضَافُ إلَی هَذَا الْجَمْعِ، أَوْ لِأَنَّهُ أَقَلُّ جَمْعِ الْکثْرَهِ، وَ فِیهِمَا نَظَرٌ.

(وَ) نَزْحُ (سَبْعِ) دِلَاءٍ (لِلطَّیرِ) و هو الْحَمَامَهُ فَمَا فَوْقَهَا، أَی لِنَجَاسَهِ مَوْتِهِ (وَالْفَأْرَهُ مَعَ انْتِفَاخِهَا) فِی الْمَشْهُورِ وَ الْمَرْوِی، و أن ضَعُفَ اعْتِبَارُ تَفَسُّخِهَا.

(وَبَوْلُ الصَّبِی) و هو الذَّکرُ الَّذِی زَادَ سِنُّهُ عَنْ حَوْلَینِ و لم یبْلُغْ الْحُلُمَ، وَ فِی حُکمِهِ الرَّضِیعُ الَّذِی یغْلِبُ أَکلُهُ عَلَی رَضَاعِهِ، أَوْ یسَاوِیهِ (وَغُسْلُ الْجُنُبِ) الْخَالِی بَدَنُهُ مِنْ نَجَاسَهٍ عَینِیهٍ.

وَ مُقْتَضَی النَّصِّ نَجَاسَهُ الْمَاءِ بِذَلِک لَا سَلْبَ الطَّهُورِیهِ، و علی هَذَا فَإِنْ اغْتَسَلَ مُرْتَمِسًا طَهُرَ بَدَنُهُ مِنْ الْحَدَثِ، وَ نَجِسَ بِالْخُبْثِ.

وَ إِنْ اغْتَسَلَ مُرَتَّبًا فَفِی نَجَاسَهِ الْمَاءِ بَعْدَ غَسْلِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مَعَ اتِّصَالِهِ بِهِ، أَوْ وُصُولِ

الْمَاءِ إلَیهِ، أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَی إکمَالِ الْغُسْلِ وَ جْهَانِ وَ لَا یلْحَقُ بِالْجُنُبِ غَیرُهُ مِمَّنْ یجِبُ عَلَیهِ الْغُسْلُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مَعَ احْتِمَالِهِ، (وَخُرُوجُ الْکلْبِ) مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ (حَیا)، وَ لَا یلْحَقُ بِهِ الْخِنْزِیرُ بَلْ بِمَا لَا نَصَّ فِیهِ.

(وَنَزْحُ خَمْسٍ لِذَرْقِ الدَّجَاجِ) مُثَلَّثُ الدَّالِ فِی الْمَشْهُورِ، وَ لَا نَصَّ عَلَیهِ ظَاهِرًا، فَیجِبُ تَقْییدُهُ بِالْجَلَّالِ کمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ لِیکونَ نَجِسًا.

وَ یحْتَمِلُ حِینَئِذٍ وُجُوبُ نَزْحِ الْجَمِیعِ إلْحَاقًا لَهُ بِمَا لَا نَصَّ فِیهِ إنْ لَمْ یثْبُتْ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ، وَ عَشْرٍ إدْخَالًا لَهُ فِی الْعَذِرَهِ، وَ الْخَمْسُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَی عَدَمِ الزَّائِدِ إنْ تَمَّ.

وَ فِی الدُّرُوسِ صَرَّحَ بِإِرَادَهِ الْعُمُومِ کمَا هُنَا، وَ جَعَلَ التَّخْصِیصَ بِالْجَلَّالِ قَوْلًا.

(وَثَلَاثِ) دِلَاءٍ (لِلْفَأْرَهِ) مَعَ عَدَمِ الْوَصْفِ (وَالْحَیهِ) عَلَی الْمَشْهُورِ وَ الْأَخْذُ فِیهَا ضَعِیفٌ، وَ عُلِّلَ بِأَنَّ لَهَا نَفْسًا فَتَکونُ مِیتَتُهَا نَجِسَهً.

وَ فِیهِ مَعَ الشَّک فِی ذَلِک عَدَمُ اسْتِلْزَامِهِ لِلْمُدَّعِی (وَ) أَلْحَقَ بِهَا (الْوَزَغَهَ) بِالتَّحْرِیک وَ لَا شَاهِدَ لَهُ کمَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْبَیانِ، وَ قَطَعَ بِالْحُکمِ فِیهِ کمَا هُنَا (وَ) أَلْحَقَ بِهَا (الْعَقْرَبَ).

وَ رُبَّمَا قِیلَ بِالِاسْتِحْبَابِ لِعَدَمِ النَّجَاسَهِ، وَ لَعَلَّهُ لِدَفْعِ وَ هْمِ السُّمِّ (وَدَلْوٍ لِعُصْفُورٍ) بِضَمِّ عَینِهِ و هو مَا دُونَ الْحَمَامَهِ سَوَاءٌ کانَ مَأْکولَ اللَّحْمِ أَمْ لَا.

وَ أَلْحَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الثَّلَاثَهِ بَوْلَ الرَّضِیع قَبْلَ اغْتِذَائِهِ بِالطَّعَامِ فِی الْحَوْلَینِ، وَ قَیدَهُ فِی الْبَیانِ بِابْنِ الْمُسْلِمِ و إنّما تَرَکهُ هُنَا لِعَدَمِ النَّصِّ مَعَ أَنَّهُ فِی الشُّهْرَهِ کغَیرِهِ مِمَّا سَبَقَ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ أَکثَرَ مُسْتَنِدِ هَذِهِ الْمُقَدَّرَاتِ ضَعِیفٌ لَکنَّ الْعَمَلَ بِهِ مَشْهُورٌ بَلْ لَا قَائِلَ بِغَیرِهِ عَلَی تَقْدِیرِ الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَهِ، فَإِنَّ اللَّازِمَ مِنْ إطْرَاحِهِ کوْنُهُ مِمَّا لَا نَصَّ فِیهِ. (وَیجِبُ التَّرَاوُحُ بِأَرْبَعَهِ) رِجَالٍ کلُّ اثْنَینِ مِنْهُمَا یرِیحَانِ الْآخَرَینِ (یوْمًا) کامِلًا مِنْ أَوَّلِ

النَّهَارِ إلَی اللَّیلِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِک الطَّوِیلُ وَ الْقَصِیرُ (عِنْدَ) تَعَذُّرِ نَزْحِ الْجَمِیعِ بِسَبَبِ (الْغَزَارَهِ) الْمَانِعَهِ مِنْ نَزْحِهِ.

(وَوُجُوبُ نَزْحِ الْجَمِیعِ) لِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَهِ، وَ لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ اللَّیلِ مُتَقَدِّمًا وَ مُتَأَخِّرًا مِنْ بَابِ الْمُقَدَّمَهِ، وَ تَهْیئَهِ الْأَسْبَابِ قَبْلَ ذَلِک وَ لَا یجْزِی مِقْدَارُ الْیوْمِ مِنْ اللَّیلِ، وَ الْمُلَفَّقُ مِنْهُمَا، وَ یجْزِی مَا زَادَ عَنْ الْأَرْبَعَهِ دُونَ مَا نَقَصَ و أن نَهَضَ بِعَمَلِهَا، وَ یجُوزُ لَهُمْ الصَّلَاهُ جَمَاعَهً لَا جَمِیعًا بِدُونِهَا وَ لَا الْأَکلُ کذَلِک، وَ نَبَّهَ بِإِلْحَاقِ التَّاءِ لِلْأَرْبَعَهِ عَلَی عَدَمِ إجْزَاءِ غَیرِ الذُّکورِ و لکن لَمْ یدُلَّ عَلَی اعْتِبَارِ الرِّجَالِ، و قد صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْکتَابِ بِاعْتِبَارِهِ و هو حَسَنٌ، عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْقَوْمِ فِی النَّصِّ خِلَافًا لِلْمُحَقِّقِ حَیثُ اجْتَزَأَ بِالنِّسَاءِ وَ الصِّبْیان.

(وَلَوْ تَغَیرَ مَاءُ الْبِئْرِ بِوُقُوعِ) نَجَاسَهٍ لَهَا مُقَدَّرٌ (جُمِعَ بَینَ الْمُقَدَّرِ وَ زَوَالِ التَّغَیرِ) بِمَعْنَی وُجُوبِ أَکثَرِ الْأَمْرَینِ، جَمْعًا بَینَ النُّصُوصِ وَ زَوَالِ التَّغَیرِ الْمُعْتَبَرِ فِی طَهَارَهِ مَا لَا ینْفَعِلُ کثِیرُهُ فَهُنَا أَوْلَی، و لو لَمْ یکنْ لَهَا مُقَدَّرٌ فَفِی الِاکتِفَاءِ بِمُزِیلِ التَّغَیرِ، أَوْ وُجُوبِ نَزْحِ الْجَمِیعِ، وَ التَّرَاوُحِ مَعَ تَعَذُّرِهِ قَوْلَانِ: أَجْوَدُهُمَا الثَّانِی، و لو أَوْجَبْنَا فِیهِ ثَلَاثِینَ أَوْ أَرْبَعِینَ اُعْتُبِرَ أَکثَرُ الْأَمْرَینِ فِیهِ أَیضًا.

(مسائل)

(مسائل)

(مَسَائِلُ الْأُولَی):

(الْمَاءُ الْمُضَافُ مَا) أَی: الشَّیءُ الَّذِی (لَا یصْدُقُ عَلَیهِ اسْمُ الْمَاءِ بِإِطْلَاقِهِ) مَعَ صِدْقِهِ عَلَیهِ مَعَ الْقَیدِ کالْمُعْتَصَرِ مِنْ الْأَجْسَامِ، وَ الْمُمْتَزَجِ بِهَا مَزْجًا یسْلُبُهُ الْإِطْلَاقَ کالْإِمْرَاقِ، دُونَ الْمُمْتَزِجِ عَلَی وَجْهٍ لَا یسْلُبُهُ الِاسْمَ، و أن تَغَیرَ لَوْنُهُ کالْمُمْتَزَجِ بِالتُّرَابِ، أَوْ طَعْمُهُ کالْمُمْتَزَجِ بِالْمِلْحِ، و أن أُضِیفَ إلَیهِمَا.

(وَهُوَ) أَی الْمَاءُ الْمُضَافُ (طَاهِرٌ) فِی ذَاتِهِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ (غَیرُ مُطَهِّرٍ) لِغَیرِهِ (مُطْلَقًا) مِنْ حَدَثٍ، وَ لَا خَبَثٍ اخْتِیارًا وَ اضْطِرَارًا (عَلَی) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ)، وَ

مُقَابِلُهُ قَوْلُ الصَّدُوقِ بِجَوَازِ الْوُضُوءِ وَ غُسْلِ الْجَنَابَهِ بِمَاءِ الْوَرْدِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ مَرْدُودَهٍ، و قول الْمُرْتَضَی بِرَفْعِهِ - مُطْلَقًا - الْخَبَثَ.

(وَینْجُسُ) الْمُضَافُ و أن کثُرَ بِالِاتِّصَالِ (بِالنَّجَسِ) إجْمَاعًا، (وَطُهْرُهُ إذَا صَارَ) مَاءً (مُطْلَقًا) مَعَ اتِّصَالِهِ بِالْکثِیرِ الْمُطْلَقِ لَا مُطْلَقًا (عَلَی) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ)، وَ مُقَابِلُهُ طُهْرُهُ بِأَغْلَبِیهِ الْکثِیرِ الْمُطْلَقِ عَلَیهِ وَ زَوَالِ أَوْصَافِهِ، وَ طُهْرُهُ بِمُطْلَقِ الِاتِّصَالِ بِهِ و أن بَقِی الِاسْمُ.

وَ یدْفَعُهُمَا مَعَ أَصَالَهِ بَقَاءِ النَّجَاسَهِ أَنَّ الْمُطَهِّرَ لِغَیرِ الْمَاءِ شَرْطُهُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَی کلِّ جُزْءٍ مِنْ النَّجَسِ، و ما دَامَ مُضَافًا لَا یتَصَوَّرُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَی جَمِیعِ أَجْزَائِهِ النَّجِسَهِ، وَ إِلَّا لَمَا بَقِی کذَلِک، وَ سَیأْتِی لَهُ تَحْقِیقٌ آخَرُ فِی بَابِ الْأَطْعِمَهِ. (وَالسُّؤْرُ) و هو الْمَاءُ الْقَلِیلُ الَّذِی بَاشَرَهُ جِسْمُ حَیوَانٍ (تَابِعٌ لِلْحَیوَانِ الَّذِی بَاشَرَهُ) فِی الطَّهَارَهِ وَ النَّجَاسَهِ وَ الْکرَاهَهِ، (وَیکرَهُ سُؤْرُ الْجَلَّالِ) و هو الْمُغْتَذِی بِعَذِرَهِ الْإِنْسَانِ مَحْضًا إلَی أَنْ ینْبُتَ عَلَیهَا لَحْمُهُ، وَ اشْتَدَّ عَظْمُهُ، أَوْ سُمِّی فِی الْعُرْفِ جَلَّالًا قَبْلَ أَنْ یسْتَبْرَأَ بِمَا یزِیلُ الْجَلَلَ.

(وَآکلُ الْجِیفِ مَعَ الْخُلُوِّ) أَی خُلُوِّ مَوْضِعِ الْمُلَاقَاهِ لِلْمَاءِ (عَنْ النَّجَاسَهِ) وَ سُؤْرُ (الْحَائِضِ الْمُتَّهَمَهِ) بِعَدَمِ التَّنَزُّهِ عَنْ النَّجَاسَهِ، وَ أَلْحَقَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ کلَّ مُتَّهَمٍ بِهَا و هو حَسَنٌ، (وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَ الْحِمَارِ) وَ هُمَا دَاخِلَانِ فِی تَبَعِیتِهِ لِلْحَیوَانِ فِی الْکرَاهِیهِ، و إنّما خَصَّهُمَا لِتَأَکدِ الْکرَاهَهِ فِیهِمَا، (وَسُؤْرُ الْفَأْرَهِ وَ الْحَیهِ)، و کلّ مَا لَا یؤْکلُ لَحْمُهُ إلَّا الْهِرَّ، (وَوَلَدِ الزِّنَا) قَبْلَ بُلُوغِهِ، أَوْ بَعْدَهُ مَعَ إظْهَارِهِ لِلْإِسْلَامِ.

(الثَّانِیهُ):

- (یسْتَحَبُّ، التَّبَاعُدُ بَینَ الْبِئْرِ وَ الْبَالُوعَهِ) الَّتِی یرْمَی فِیهَا مَاءُ النَّزْحِ (بِخَمْسِ أَذْرُعٍ فِی) الْأَرْضِ (الصُّلْبَهِ) بِضَمِّ الصَّادِ وَ سُکونِ اللَّامِ، (أَوْ تَحْتِیهِ) قَرَارِ (الْبَالُوعَهِ) عَنْ قَرَارِ الْبِئْرِ، (وَإِلَّا یکنْ) کذَلِک بِأَنْ کانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَهً

وَ الْبَالُوعَهُ مُسَاوِیهً لِلْبِئْرِ قَرَارًا، أَوْ مُرْتَفِعَهً عَنْهُ (فَسَبْعُ) أَذْرُعٍ.

وَ صُوَرُ الْمَسْأَلَهِ عَلَی هَذَا التَّقْدِیرِ سِتٌّ یسْتَحَبُّ التَّبَاعُدُ فِی أَرْبَعٍ مِنْهَا بِخَمْسٍ، و هی الصُّلْبَهُ مُطْلَقًا وَ الرَّخْوَهِ مَعَ تَحْتِیهِ الْبَالُوعَهِ، وَ بِسَبْعٍ فِی صُورَتَینِ وَ هُمَا مُسَاوَاتُهُمَا، وَ ارْتِفَاعُ الْبَالُوعَهِ فِی الْأَرْضِ الرَّخْوَهِ، وَ فِی حُکمِ الْفَوْقِیهِ الْمَحْسُوسَهِ الْفَوْقِیهُ بِالْجِهَهِ بِأَنْ یکونَ الْبِئْرُ فِی جِهَهِ الشَّمَالِ، فَیکفِی الْخَمْسُ مَعَ رَخَاوَهِ الْأَرْضِ و أن اسْتَوَی الْقَرَارَانِ، لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ " مَجَارِی الْعُیونِ مَعَ مَهَبِّ الشَّمَالِ ".

(وَلَا ینْجُسُ) الْبِئْرُ (بِهَا) أَی بِالْبَالُوعَهِ و أن (تَقَارَبَتَا إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِالِاتِّصَالِ) أَی اتِّصَالِ مَا بِهَا مِنْ النَّجَسِ بِمَاءِ الْبِئْرِ، لِأَصَالَهِ الطَّهَارَهِ وَ عَدَمِ الِاتِّصَالِ.

(الثَّالِثَهُ):

- (النَّجَاسَهُ) أَی جِنْسُهَا (عَشْرَهٌ: الْبَوْلُ، وَ الْغَائِطُ مِنْ غَیرِ الْمَأْکولِ) لَحْمُهُ بِالْأَصْلِ، أَوْ الْعَارِضِ (ذِی النَّفْسِ) أَی الدَّمِ الْقَوِی الَّذِی یخْرُجُ مِنْ الْعِرْقِ عِنْدَ قَطْعِهِ، (وَالدَّمُ وَ الْمَنِی مِنْ ذِی النَّفْسِ) آدَمِیا کانَ أَمْ غَیرَهُ، بَرِّیا أَمْ بَحْرِیا، (وَإِنْ أُکلَ لَحْمُهُ، وَ الْمَیتَهُ مِنْهُ) أَی مِنْ ذِی النَّفْسِ و أن أُکلَ، (وَالْکلْبُ وَ الْخِنْزِیرُ) الْبَرِّیانِ، وَ أَجْزَاؤُهُمَا و أن لَمْ تَحِلَّهَا الْحَیاهُ، و ما تَوَلَّدَ مِنْهُمَا و أن بَاینَهُمَا فِی الِاسْمِ.

أَمَّا الْمُتَوَلَّدُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ یتْبَعُ فِی الْحُکمِ الِاسْمَ و لو لِغَیرِهِمَا، فَإِنْ انْتَفَی الْمُمَاثِلُ فَالْأَقْوَی طَهَارَتُهُ و أن حَرُمَ لَحْمُهُ، لِلْأَصْلِ فِیهِمَا (وَالْکافِرُ) أَصْلِیا، وَ مُرْتَدًّا و أن انْتَحَلَ الْإِسْلَامَ مَعَ جَحْدِهِ لِبَعْضِ ضَرُورِیاتِهِ.

وَ ضَابِطُهُ: مَنْ أَنْکرَ الْإِلَهِیهَ، أَوْ الرِّسَالَهَ، أَوْ بَعْضَ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ مِنْ الدِّینِ ضَرُورَهً.

(وَالْمُسْکرُ) الْمَائِعُ بِالْأَصَالَهِ، (وَالْفُقَّاعُ) بِضَمِّ الْفَاءِ، وَ الْأَصْلُ فِیهِ أَنْ یتَّخَذَ مِنْ مَاءِ الشَّعِیرِ، لَکنْ لَمَّا وَرَدَ الْحُکمُ فِیهِ مُعَلَّقًا عَلَی التَّسْمِیهِ ثَبَتَ لِمَا أَطْلَقَ عَلَیهِ اسْمُهُ مَعَ حُصُولِ خَاصِّیتِهِ، أَوْ اشْتِبَاهِ حَالِهِ

و لم یذْکرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ النَّجَاسَاتِ الْعَصِیرَ الْعِنَبِی إذَا غَلَا وَ اشْتَدَّ و لم یذْهَبْ ثُلُثَاهُ، لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَی دَلِیلٍ یقْتَضِی نَجَاسَتَهُ کمَا اعْتَرَفَ بِهِ فِی الذِّکرَی وَ الْبَیانِ لَکنْ سَیأْتِی أَنَّ ذَهَابَ ثُلُثَیهِ مُطَهِّرٌ، و هو یدُلُّ عَلَی حُکمِهِ بِتَنَجُّسِهِ فَلَا عُذْرَ فِی تَرْکهِ.

وَ کوْنُهُ فِی حُکمِ الْمُسْکرِ کمَا ذَکرَهُ فِی بَعْضِ کتُبِهِ لَا یقْتَضِی دُخُولَهُ فِیهِ حَیثُ أُطْلِقَ، و أن دَخَلَ فِی حُکمِهِ حَیثُ یذْکرُ (وَهَذِهِ) النَّجَاسَاتُ الْعَشْرُ (یجِبُ إزَالَتُهَا) لِأَجْلِ الصَّلَاهِ (عَنْ الثَّوْبِ وَ الْبَدَنِ)، وَ مَسْجِدِ الْجَبْهَهِ، وَ عَنْ الْأَوَانِی لِاسْتِعْمَالِهَا فِیمَا یتَوَقَّفُ عَلَی طَهَارَتِهَا، وَ عَنْ الْمَسَاجِدِ، وَ الضَّرَائِحِ الْمُقَدَّسَهِ، وَ الْمَصَاحِفِ الْمُشَرَّفَهِ (وَعُفِی) فِی الثَّوْبِ وَ الْبَدَنِ (عَنْ دَمِ الْجُرْحِ وَ الْقُرْحِ مَعَ السَّیلَانِ) دَائِمًا أَوْ فِی وَقْتٍ لَا یسَعُ زَمَنُ فَوَاتِهِ الصَّلَاهَ.

أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ وَقْتًا یسَعُهَا فَقَدْ اسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ " رَحِمَهُ اللَّهُ " فِی الذِّکرَی وُجُوبَ الْإِزَالَهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ، وَ اَلَّذِی یسْتَفَادُ مِنْ الْأَخْبَارِ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا حَتَّی یبْرَأَ، و هو قَوِی.

(وَعَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِی) سَعَهً، وَ قُدِّرَ بِسَعَهِ أَخْمُصْ الرَّاحَهِ، بِعَقْدِ الْإِبْهَامِ الْعُلْیا، وَ بِعَقْدِ السَّبَّابَهِ وَ لَا مُنَافَاهَ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الِاخْتِلَافِ یتَّفِقُ فِی الدَّرَاهِمِ بِضَرْبِ وَاحِدٍ، و إنّما یغْتَفَرُ هَذَا الْمِقْدَارُ (مِنْ) الدَّمِ (غَیرِ) الدِّمَاءِ (الثَّلَاثَهِ).

وَ أَلْحَقَ بِهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ دَمَ نَجَسِ الْعَینِ لِتَضَاعُفِ النَّجَاسَهِ، وَ لَا نَصَّ فِیهِ.

وَ قَضِیهُ الْأَصْلِ تَقْتَضِی دُخُولَهُ فِی الْعُمُومِ وَ الْعَفْوُ عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ مَعَ اجْتِمَاعِهِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ، وَ مَعَ تَفَرُّقِهِ أَقْوَالٌ: أَجْوَدُهَا إلْحَاقُهُ بِالْمُجْتَمَعِ، وَ یکفِی فِی الزَّائِدِ عَنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ إزَالَهُ الزَّائِدِ خَاصَّهً. وَ الثَّوْبُ وَ الْبَدَنُ یضَمُّ بَعْضُهُمَا إلَی بَعْضٍ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ و لو أَصَابَ الدَّمَ وَجْهَی الثَّوْبِ فَإِنْ تَفَشَّی مِنْ جَانِبٍ إلَی آخَرَ

فَوَاحِدٌ وَ إِلَّا فَاثْنَانِ.

وَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی فِی الْوَحْدَهِ مَعَ التَّفَشِّی رِقَّهَ الثَّوْبِ، وَ إِلَّا تَعَدَّدَ، و لو أَصَابَهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ، فَفِی بَقَاءِ الْعَفْوِ عَنْهُ وَ عَدَمِهِ قَوْلَانِ لِلْمُصَنِّفِ فِی الذِّکرَی وَ الْبَیانِ، أَجْوَدُهُمَا الْأَوَّلُ نَعَمْ یعْتَبَرُ التَّقْدِیرُ بِهِمَا.

وَ بَقِی مِمَّا یعْفَی عَنْ نَجَاسَتِهِ شَیئَانِ: أَحَدُهُمَا ثَوْبُ الْمُرَبِّیهِ لِلْوَلَدِ، وَ الثَّانِی مَا لَا یتِمُّ صَلَاهُ الرَّجُلِ فِیهِ وَحْدَهُ لِکوْنِهِ لَا یسْتُرُ عَوْرَتَیهِ، وَ سَیأْتِی حُکمُ الْأَوَّلِ فِی لِبَاسِ الْمُصَلِّی، و أمّا الثَّانِی فَلَمْ یذْکرْهُ لِأَنَّهُ لَا یتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الْمُصَلِّی، وَ لَا ثَوْبِهِ الَّذِی هُوَ شَرْطٌ فِی الصَّلَاهِ مَعَ مُرَاعَاهِ الِاخْتِصَارِ.

(وَیغْسِلُ الثَّوْبَ مَرَّتَینِ بَینَهُمَا عَصْرٌ) و هو کبْسُ الثَّوْبِ بِالْمُعْتَادِ لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ الْمَغْسُولِ بِهِ، وَ کذَا یعْتَبَرُ الْعَصْرُ بَعْدَهُمَا، وَ لَا وَجْهَ لِتَرْکهِ وَ التَّثْنِیهُ مَنْصُوصَهٌ فِی الْبَوْلِ.

وَ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ غَیرَهُ عَلَیهِ، مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَهِ، لِأَنَّ غَیرَهُ أَشَدُّ نَجَاسَهً، و هو مَمْنُوعٌ، بَلْ هِی إمَّا مُسَاوِیهٌ أَوْ أَضْعَفُ حُکمًا، و من ثَمَّ عُفِی عَنْ قَلِیلِ الدَّمِ دُونَهُ، فَالِاکتِفَاءُ بِالْمَرَّهِ فِی غَیرِ الْبَوْلِ أَقْوَی عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ، و هو اخْتِیارُ الْمُصَنِّفِ فِی الْبَیانِ جَزْمًا، و فی الذِّکرَی وَ الدُّرُوسِ بِضَرْبٍ مِنْ التَّرَدُّدِ.

وَ یسْتَثْنَی مِنْ ذَلِک بَوْلُ الرَّضِیعِ فَلَا یجِبُ عَصْرُهُ، وَ لَا تَعَدُّدُ غَسْلِهِ وَ هُمَا ثَابِتَانِ فِی غَیرِهِ، (إلَّا فِی الْکثِیرِ وَ الْجَارِی) بِنَاءً عَلَی عَدَمِ اعْتِبَارِ کثْرَتِهِ فَیسْقُطَانِ فِیهِمَا، وَ یکتَفِی بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِیهِمَا مَعَ إصَابَهِ الْمَاءِ لِمَحَلِّ النَّجَاسَهِ، وَ زَوَالِ عَینِهَا.

(وَیصَبُّ عَلَی الْبَدَنِ مَرَّتَینِ فِی غَیرِهِمَا) بِنَاءً عَلَی اعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَ کذَا مَا أَشْبَهَ الْبَدَنَ مِمَّا تَنْفَصِلُ الْغُسَالَهُ عَنْهُ بِسُهُولَهٍ کالْحَجَرِ وَ الْخَشَبِ. (وَ) کذَا (الْإِنَاءُ)، وَ یزِیدُ أَنَّهُ یکفِی صَبُّ الْمَاءِ فِیهِ بِحَیثُ یصِیبُ النَّجِسَ وَ إِفْرَاغُهُ مِنْهُ و لو

بِآلَهٍ لَا تَعُودُ إلَیهِ ثَانِیا إلَّا طَاهِرَهً سَوَاءٌ فِی الْمُثْبَتِ و غیرهِ، و ما یشُقُّ قَلْعُهُ و غیرهُ.

(فَإِنْ وَلَغَ فِیهِ) أَی فِی الْإِنَاءِ (کلْبٌ) بِأَنْ شَرِبَ مِمَّا فِیهِ بِلِسَانِهِ (قُدِّمَ عَلَیهِمَا) أَی عَلَی الْغَسْلَتَینِ بِالْمَاءِ (مَسْحُهُ بِالتُّرَابِ) الطَّاهِرِ دُونَ غَیرِهِ مِمَّا أَشْبَهَهُ، و أن تَعَذَّرَ أَوْ خِیفَ فَسَادُ الْمَحَلِّ وَ أُلْحِقَ بِالْوُلُوغِ لَطْعُهُ الْإِنَاءَ دُونَ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ بِسَائِرِ أَعْضَائِهِ.

وَ لَوْ تَکرَّرَ الْوُلُوغُ تَدَاخَلَ کغَیرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ الْمُجْتَمَعَهِ و فی الأَثْنَاءِ یسْتَأْنَفُ و لو غَسَلَهُ فِی الْکثِیرِ کفَتْ الْمَرَّهُ بَعْدَ التَّعْفِیرِ (وَیسْتَحَبُّ السَّبْعُ) بِالْمَاءِ (فِیهِ) فِی الْوُلُوغِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا.

(وَکذَا) یسْتَحَبُّ، السَّبْعُ (فِی الْفَأْرَهِ وَ الْخِنْزِیرِ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ الَّتِی لَمْ تَنْهَضْ حُجَّهً عَلَی الْوُجُوبِ، وَ مُقْتَضَی إطْلَاقِ الْعِبَارَهِ الِاجْتِزَاءُ فِیهِمَا بِالْمَرَّتَینِ کغَیرِهِمَا.

وَ الْأَقْوَی فِی وُلُوغِ الْخِنْزِیرِ وُجُوبُ السَّبْعِ بِالْمَاءِ لِصِحَّهِ رِوَایتِهِ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی بَاقِی کتُبِهِ.

(وَ) یسْتَحَبُّ الثَّلَاثُ (فِی الْبَاقِی) مِنْ النَّجَاسَاتِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ.

(وَالْغُسَالَهُ)

وَ هِی الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْمَحَلِّ الْمَغْسُولِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِالْعَصْرِ (کالْمَحَلِّ قَبْلَهَا) أَی قَبْلَ خُرُوجِ تِلْک الْغُسَالَهِ، فَإِنْ کانَتْ مِنْ الْغَسْلَهِ الْأُولَی وَجَبَ غَسْلُ مَا أَصَابَتْهُ تَمَامَ الْعَدَدِ، أَوْ مِنْ الثَّانِیهِ فَتَنْقُصُ وَاحِدَهً، و هکذا و هذا یتِمُّ فِیمَا یغْسَلُ مَرَّتَینِ لَا لِخُصُوصِ النَّجَاسَهِ.

أَمَّا الْمَخْصُوصُ کالْوُلُوغِ فَلَا، لِأَنَّ الْغُسَالَهَ لَا تُسَمَّی وُلُوغًا، و من ثَمَّ لَوْ وَقَعَ لُعَابُهُ فِی الْإِنَاءِ بِغَیرِهِ لَمْ یوجِبْ حُکمَهُ، و ما ذَکرَهُ الْمُصَنِّفُ أَجْوَدُ الْأَقْوَالِ فِی الْمَسْأَلَهِ.

وَ قِیلَ: إنَّ الْغُسَالَهَ کالْمَحَلِّ قَبْلَ الْغَسْلِ مُطْلَقًا، وَ قِیلَ بَعْدَهُ فَتَکونُ طَاهِرَهً مُطْلَقًا، وَ قِیلَ: بَعْدَهَا.

وَ یسْتَثْنَی مِنْ ذَلِک مَاءُ الِاسْتِنْجَاءِ فَغُسَالَتُهُ طَاهِرَهٌ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَتَغَیرْ بِالنَّجَاسَهِ أَوْ تُصَبْ بِنَجَاسَهٍ خَارِجَهٍ عَنْ حَقِیقَهِ الْحَدَثِ الْمُسْتَنْجَی مِنْهُ، أَوْ مَحَلُّهُ.

(الرَّابِعَهُ)

: (الْمُطَهِّرَاتُ عَشْرَهٌ: الْمَاءُ)

و هو مُطَهِّرٌ (مُطْلَقًا) مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ الَّتِی تَقْبَلُ التَّطْهِیرَ، (وَالْأَرْضُ) تُطَهِّرُ (بَاطِنَ النَّعْلِ) و هو أَسْفَلُهُ الْمُلَاصِقُ لِلْأَرْضِ، (وَأَسْفَلَ الْقَدَمِ) مَعَ زَوَالِ عَینِ النَّجَاسَهِ عَنْهُمَا بِهَا بِمَشْی وَ دَلْک و غیرهِمَا.

وَ الْحَجَرُ وَ الرَّمَلُ مِنْ أَصْنَافِ الْأَرْضِ، و لو لَمْ یکنْ لِلنَّجَاسَهِ جِرْمٌ وَ لَا رُطُوبَهٌ کفَی مُسَمَّی الْإِمْسَاسِ وَ لَا فَرْقَ فِی الْأَرْضِ بَینَ الْجَافَّهِ وَ الرُّطُوبَهِ، مَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ اسْمِ الْأَرْضِ.

وَ هَلْ یشْتَرَطُ طَهَارَتُهَا؟ وَ جْهَانِ وَ إِطْلَاقُ النَّصِّ وَ الْفَتْوَی یقْتَضِی عَدَمَهُ.

وَ الْمُرَادُ بِالنَّعْلِ مَا یجْعَلُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ لِلْمَشْی، وِقَایهً مِنْ الْأَرْضِ وَ نَحْوِهَا، و لو مِنْ خَشَبٍ وَ خَشَبَهِ الْأَقْطَعِ کالنَّعْلِ.

(وَالتُّرَابِ فِی الْوُلُوغِ) فَإِنَّهُ جُزْءُ عِلَّهٍ لِلتَّطْهِیرِ، فَهُوَ مُطَهِّرٌ فِی الْجُمْلَهِ (وَالْجِسْمُ الطَّاهِرُ) غَیرُ اللَّزِجِ، وَ لَا الصَّقِیلِ فِی (غَیرِ الْمُتَعَدِّی مِنْ الْغَائِطِ.

وَ الشَّمْسُ مَا جَفَّفَتْهُ) بِإِشْرَاقِهَا عَلَیهِ وَ زَالَتْ عَینُ النَّجَاسَهِ عَنْهُ مِنْ (الْحُصُرِ وَ الْبَوَارِی) مِنْ الْمَنْقُولِ، (وَمَا لَا ینْقَلُ) عَادَهً مُطْلَقًا، مِنْ الْأَرْضِ وَ أَجْزَائِهَا، وَ النَّبَاتِ وَ الْأَخْشَابِ، وَ الْأَبْوَابِ الْمُثَبَّتَهِ، وَ الْأَوْتَادِ الدَّاخِلَهِ، وَ الْأَشْجَارِ، وَ الْفَوَاکهِ الْبَاقِیهِ عَلَیهَا و أن حَانَ أَوَانُ قِطَافِهَا، وَ لَا یکفِی تَجْفِیفُ الْحَرَارَهِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّی شَمْسًا، وَ لَا الْهَوَاءِ الْمُنْفَرِدِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی.

نَعَمْ لَا یضُرُّ، انْضِمَامُهُ إلَیهَا، وَ یکفِی فِی طُهْرِ الْبَاطِنِ الْإِشْرَاقُ عَلَی الظَّاهِرِ مَعَ جَفَافِ الْجَمِیعِ، بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُتَلَاصِقِ إذَا أَشْرَقَتْ عَلَی بَعْضِهِ.

(وَالنَّارُ مَا أَحَالَتْهُ رَمَادًا أَوْ دُخَانًا) لَا خَزَفًا وَ آجُرًّا فِی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْبَیانِ، و فیه قَوَّی قَوْلَ الشَّیخِ بِالطَّهَارَهِ فِیهِمَا.

(وَنَقْصُ الْبِئْرِ) بِنَزْحِ الْمُقَدَّرِ مِنْهُ، وَ کمَا یطْهُرُ الْبِئْرُ بِذَلِک فَکذَا حَافَّاتُهُ، وَ آلَاتُ النَّزْحِ، وَ الْمُبَاشِرُ و ما یصْحَبُهُ حَالَتُهُ (وَذَهَابُ ثُلُثَی الْعَصِیرِ) مُطَهِّرٌ الثُّلُثَ الْآخَرَ عَلَی الْقَوْلِ

بِنَجَاسَتِهِ وَ الْآلَاتِ وَ الْمَزَاوِلِ.

(وَالِاسْتِحَالَهُ) کالْمَیتَهِ وَ الْعَذِرَهِ تَصِیرُ تُرَابًا وَدُودًا، وَ النُّطْفَهُ وَ الْعَلَقَهُ تَصِیرُ حَیوَانًا، غَیرَ الثَّلَاثَهِ وَ الْمَاءُ النَّجِسُ بَوْلًا لِحَیوَانٍ مَأْکولٍ وَ لَبَنًا وَ نَحْوَ ذَلِک (وَانْقِلَابُ الْخَمْرِ خَلًّا) وَ کذَا الْعَصِیرُ بَعْدَ غَلَیانِهِ وَ اشْتِدَادِهِ.

(وَالْإِسْلَامُ) مُطَهِّرٌ لِبَدَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ نَجَاسَهِ الْکفْرِ و ما یتَّصِلُ بِهِ مِنْ شَعْرٍ وَ نَحْوِهِ، لَا لِغَیرِهِ کثِیابِهِ (وَتَطْهُرُ الْعَینُ وَ الْأَنْفُ وَ الْفَمُ بَاطِنُهَا و کلّ بَاطِنٍ) کالْأُذُنِ وَ الْفَرْجِ (بِزَوَالِ الْعَینِ)، وَ لَا یطْهُرُ بِذَلِک مَا فِیهِ مِنْ الْأَجْسَامِ الْخَارِجَهِ عَنْهُ، کالطَّعَامِ وَ الْکحْلِ.

أَمَّا الرُّطُوبَهُ الْحَادِثَهُ فِیهِ کالرِّیقِ وَ الدَّمْعِ فَبِحُکمِهِ وَ طُهْرُ مَا یتَخَلَّفُ فِی الْفَمِ مِنْ بَقَایا الطَّعَامِ وَ نَحْوِهِ بِالْمَضْمَضَهِ مَرَّتَینِ عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعَدَدِ، وَ مَرَّهً فِی غَیرِ نَجَاسَهِ الْبَوْلِ عَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ.

الفصل الأول فی الوضوء

الفصل الأول فی الوضوء:

الوضوء

(ثُمَّ الطَّهَارَهُ) عَلَی مَا عُلِمَ مِنْ تَعْرِیفِهَا (اسْمٌ لِلْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ وَ التَّیمُّمِ) الرَّافِعِ لِلْحَدَثِ أَوْ الْمُبِیحِ لِلصَّلَاهِ عَلَی الْمَشْهُورِ، أَوْ مُطْلَقًا عَلَی ظَاهِرِ التَّقْسِیمِ (فَهُنَا فُصُولٌ ثَلَاثَهٌ): (الْأُولَی - فِی) (الْوُضُوءِ) بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ فَإِنَّ مَصْدَرَهُ التَّوَضُّؤُ، عَلَی وَزْنِ التَّعَلُّمِ و أمّا الْوَضُوءُ بِالْفَتْحِ، فَهُوَ الْمَاءُ الَّذِی یتَوَضَّأُ بِهِ.

وَ أَصْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَهِ، و هی النَّظَافَهُ وَ النَّضَارَهُ مِنْ ظُلْمَهِ الذُّنُوبِ (وَمُوجِبُهُ) (الْبَوْلُ وَ الْغَائِطُ وَ الرِّیحُ) مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ، أَوْ مِنْ غَیرِهِ مَعَ انْسِدَادِهِ.

وَ إِطْلَاقُ الْمُوجِبِ عَلَی هَذِهِ الْأَسْبَابِ بِاعْتِبَارِ إیجَابِهَا الْوُضُوءَ عِنْدَ التَّکلِیفِ بِمَا هُوَ شَرْطٌ فِیهِ، کمَا یطْلَقُ عَلَیهَا النَّاقِضُ بِاعْتِبَارِ عُرُوضِهَا لِلْمُتَطَهِّرِ، وَ السَّبَبُ أَعَمُّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا کمَا أَنَّ بَینَهُمَا عُمُومًا مِنْ وَجْهٍ، فَکانَ التَّعْبِیرُ بِالسَّبَبِ أَوْلَی.

(وَالنَّوْمُ الْغَالِبُ) غَلَبَهً مُسْتَهْلِکهً (عَلَی السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ)، بَلْ عَلَی مُطْلَقِ الْإِحْسَاسِ، و لکن الْغَلَبَهَ عَلَی السَّمْعِ تَقْتَضِی الْغَلَبَهَ عَلَی سَائِرِهَا

فَلِذَا خَصَّهُ أَمَّا الْبَصَرُ فَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ کثِیرٍ مِنْهَا، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِیصِهِ.

(وَمُزِیلُ الْعَقْلِ) مِنْ جُنُونٍ، وَ سُکرٍ، وَ إِغْمَاءٍ (وَالِاسْتِحَاضَهُ) عَلَی وَجْهٍ یأْتِی تَفْصِیلُهُ. (وَوَاجِبُهُ) أَی وَاجِبُ الْوُضُوءِ (النِّیهُ) و هی الْقَصْدُ إلَی فِعْلِهِ (مُقَارِنَهً لِغُسْلِ الْوَجْهِ) الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، و هو أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَعْلَاهُ، لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا یسَمَّی غُسْلًا شَرْعًا، وَ لِأَنَّ الْمُقَارَنَهَ تُعْتَبَرُ لِأَوَّلِ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَ الِابْتِدَاءِ به غیر الْأَعْلَی لَا یعَدُّ فِعْلًا (مُشْتَمِلَهً) عَلَی قَصْدِ (الْوُجُوبِ) إنْ کانَ وَاجِبًا بِأَنْ کانَ فِی وَقْتِ عِبَادَهٍ وَاجِبَهٍ مَشْرُوطَهٍ بِهِ، وَ إِلَّا نَوَی النَّدْبَ، و لم یذْکرْهُ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْغَرَضِ.

(وَالتَّقَرُّبِ) بِهِ إلَی اللَّهِ تَعَالَی، بِأَنْ یقْصِدَ فِعْلَهُ لِلَّهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ أَوْ مُوَافَقَهً لِطَاعَتِهِ، أَوْ طَلَبًا لِلرِّفْعَهِ عِنْدَهُ بِوَاسِطَتِهِ، تَشْبِیهًا بِالْقُرْبِ الْمَکانِی، أَوْ مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِک، فَإِنَّهُ تَعَالَی غَایهُ کلِّ مَقْصِدٍ.

(وَالِاسْتِبَاحَهُ) مُطْلَقًا، أَوْ الرَّفْعُ حَیثُ یمْکنُ، وَ الْمُرَادُ رَفْعُ حُکمِ الْحَدَثِ، وَ إِلَّا فَالْحَدَثُ إذَا وَقَعَ لَا یرْتَفِعُ وَ لَا شُبْهَهَ فِی إجْزَاءِ النِّیهِ الْمُشْتَمِلَهِ عَلَی جَمِیعِ ذَلِک و أن کانَ فِی وُجُوبِ مَا عَدَا الْقُرْبَهِ نَظَرٌ، لِعَدَمِ نُهُوضِ دَلِیلٍ عَلَیهِ.

أَمَّا الْقُرْبَهُ فَلَا شُبْهَهَ فِی اعْتِبَارِهَا فِی کلِّ عِبَادَهٍ، وَ کذَا تَمْییزُ الْعِبَادَهِ عَنْ غَیرِهَا حَیثُ یکونُ الْفِعْلُ مُشْتَرَکا، إلَّا أَنَّهُ لَا اشْتَرَاک فِی الْوُضُوءِ حَتَّی فِی الْوُجُوبِ وَ النَّدْبِ، لِأَنَّهُ فِی وَقْتِ الْعِبَادَهِ الْوَاجِبَهِ الْمَشْرُوطَهِ بِهِ لَا یکونُ إلَّا وَاجِبًا، وَ بِدُونِهِ ینْتَفِی (وَجَرْی الْمَاءِ) بِأَنْ ینْتَقِلَ کلُّ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ عَنْ مَحَلِّهِ، إلَی غَیرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُعَینٍ (عَلَی مَا دَارَتْ عَلَیهِ الْإِبْهَامُ) بِکسْرِ الْهَمْزَهِ (وَالْوُسْطَی) مِنْ الْوَجْهِ (عَرْضًا و ما بَینَ الْقِصَاصِ) - مُثَلَّثُ الْقَافِ - و هو مُنْتَهَی مَنْبَتِ شَعْرِ الرَّأْسِ (إلَی آخِرِ الذَّقَنِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَهِ وَ الْقَافِ الْمَفْتُوحَهِ مِنْهُ

(طُولًا) مُرَاعِیا فِی ذَلِک مُسْتَوَی الْخِلْقَهِ فِی الْوَجْهِ وَ الْیدَینِ.

وَ یدْخُلُ فِی الْحَدِّ مَوَاضِعُ التَّحْذِیفِ، و هی مَا بَینَ مُنْتَهَی الْعِذَارِ وَ النَّزَعَهِ الْمُتَّصِلَهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَ الْعِذَارُ وَ الْعَارِضُ، لَا النَّزَعَتَانِ بِالتَّحْرِیک، وَ هُمَا الْبَیاضَانِ الْمُکتَنِفَانِ لِلنَّاصِیهِ (وَتَخْلِیلُ خَفِیفِ الشَّعْرِ) و هو مَا تُرَی الْبَشَرَهُ مِنْ خِلَالِهِ فِی مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ، دُونَ الْکثِیفِ و هو خِلَافُهُ، وَ الْمُرَادُ بِتَخْلِیلِهِ إدْخَالُ الْمَاءِ خِلَالَهُ لِغَسْلِ الْبَشَرَهِ الْمَسْتُورَهِ بِهِ، أَمَّا الظَّاهِرَهُ خِلَالَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا.

کمَا یجِبُ غَسْلُ جُزْءٍ آخَرَ مِمَّا جَاوَرَهَا مِنْ الْمَسْتُورَهِ مِنْ بَابِ الْمُقَدَّمَهِ.

وَ الْأَقْوَی عَدَمُ وُجُوبِ تَخْلِیلِ الشَّعْرِ مُطْلَقًا وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الذِّکرَی وَ الدُّرُوسِ وَ لِلْمُعَظَّمِ، وَ یسْتَوِی فِی ذَلِک شَعْرُ اللِّحْیهِ وَ الشَّارِبِ، وَ الْخَدِّ وَ الْعِذَارِ وَ الْحَاجِبِ، وَ الْعَنْفَقَهِ وَ الْهُدُبِ.

(ثُمَّ) غَسْلُ الْیدِ (الْیمْنَی مِنْ الْمِرْفَقِ) بِکسْرِ الْمِیمِ وَ فَتْحِ الْفَاءِ أَوْ بِالْعَکسِ و هو مَجْمَعُ عَظْمَاتِ الذِّرَاعِ وَ الْعَضُدِ، لَا نَفْسَ الْمَفْصِلِ (إلَی أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ) غَسْلُ (الْیسْرَی کذَلِک)، وَ غَسْلُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَیهِ الْخُدُود مِنْ لَحْمٍ زَائِدٍ، وَ شَعْرٍ وَ یدٍ وَ إِصْبَعٍ، دُونَ مَا خَرَجَ و أن کانَ یدًا، إلَّا أَنْ تُشْتَبَهَ الْأَصْلِیهُ فَتُغْسَلَانِ مَعًا مِنْ بَابِ الْمُقَدِّمَهِ.

(ثُمَّ مَسْحُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ)، أَوْ شَعْرِهِ الَّذِی لَا یخْرُجُ بِمَدِّهِ عَنْ حَدِّهِ، وَ اکتَفَی الْمُصَنِّفُ بِالرَّأْسِ تَغْلِیبًا لِاسْمِهِ عَلَی مَا نَبَتَ عَلَیهِ (بِمُسَمَّاهُ) أَی مُسَمَّی الْمَسْحِ، و لو بِجُزْءٍ مِنْ إصْبَعٍ، مَمَرًّا لَهُ عَلَی الْمَمْسُوحِ لِیتَحَقَّقَ اسْمُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ، وَ لَا حَدَّ لِأَکثَرِهِ نَعَمْ یکرَهُ الِاسْتِیعَابُ، إلَّا أَنْ یعْتَقِدَ شَرْعِیتَهُ فَیحْرُمُ، و أن کانَ الْفَضْلُ فِی مِقْدَارِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ.

(ثُمَّ مَسَحَ) بَشَرَهِ ظَهْرِ الرِّجْلِ (الْیمْنَی) مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَی الْکعْبَینِ وَ هُمَا قُبَّتَا الْقَدَمَینِ عَلَی الْأَصَحِّ وَ قِیلَ إلَی أَصْلِ

السَّاقِ، و هو مُخْتَارُهُ فِی الْأَلْفِیهِ.

(ثُمَّ) مَسَحَ ظَهْرَ (الْیسْرَی) کذَلِک (بِمُسَمَّاهُ) فِی جَانِبِ الْعَرْضِ (بِبَقِیهِ الْبَلَلِ) الْکائِنِ عَلَی أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْ مَائِهِ (فِیهِمَا) أَی فِی الْمَسْحَینِ، وَ فُهِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ الْمَسْحَ أَنَّهُ لَا تَرْتِیبَ فِیهِمَا فِی نَفْسِ الْعُضْوِ فَیجُوزُ النَّکسُ فِیهِ دُونَ الْغُسْلِ، لِلدَّلَالَهِ عَلَیهِ بِ " مِنْ " وَ " إلَی "، و هو کذَلِک فِیهِمَا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ.

وَ فِی الدُّرُوسِ رَجَّحَ مَنْعَ النَّکسِ فِی الرَّأْسِ دُونَ الرِّجْلَینِ و فی البَیانِ عَکسٌ، و مثله فِی الْأَلْفِیهِ (مُرَتَّبًا) بَینَ أَعْضَاءِ الْغُسْلِ وَ الْمَسْحِ: بِأَنْ یبْتَدِئَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ، ثُمَّ بِالْیدِ الْیمْنَی، ثُمَّ الْیسْرَی، ثُمَّ بِمَسْحِ الرَّأْسِ، ثُمَّ الرِّجْلُ الْیمْنَی، ثُمَّ الْیسْرَی، فَلَوْ عَکسَ أَعَادَ عَلَی مَا یحْصُلُ مَعَهُ التَّرْتِیبُ مَعَ بَقَاءِ الْمُوَالَاهِ.

وَ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْکتَابِ التَّرْتِیبَ بَینَ الرِّجْلَینِ (مُوَالِیا) فِی فِعْلِهِ (بِحَیثُ لَا یجِفُّ السَّابِقُ) مِنْ الْأَعْضَاءِ عَلَی الْعُضْوِ الَّذِی هُوَ فِیهِ مُطْلَقًا، عَلَی أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ، وَ الْمُعْتَبَرُ فِی الْجَفَافِ الْحِسِّی لَا التَّقْدِیرِی، وَ لَا فَرْقَ فِیهِ بَینَ الْعَامِدِ وَ النَّاسِی وَ الْجَاهِلِ.

سننه

(وَسُنَنُهُ السِّوَاک) و هو دَلْک الْأَسْنَانِ بِعُودٍ، وَ خِرْقَهٍ، وَ إِصْبَعٍ، وَ نَحْوِهَا، وَ أَفْضَلُهُ الْغُصْنُ الْأَخْضَرُ، وَ أَکمَلُهُ الْأَرَاک، وَ مَحَلُّهُ قَبْلَ غُسْلِ الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَ النَّدْبُ کالْمَضْمَضَهِ، و لو أَخَّرَهُ عَنْهُ أَجْزَأَ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ السِّوَاک سُنَّهٌ مُطْلَقًا، وَ لَکنَّهُ یتَأَکدُ فِی مَوَاضِعَ مِنْهَا: الْوُضُوءُ وَ الصَّلَاهُ، وَ قِرَاءَهُ الْقُرْآنِ، وَ اصْفِرَارُ الْأَسْنَانِ و غیرهُ.

(وَالتَّسْمِیهُ) وَ صُورَتُهَا: " بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاَللَّهِ "، وَ یسْتَحَبُّ إتْبَاعُهَا بِقَوْلِهِ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی مِنْ التَّوَّابِینَ وَ اجْعَلْنِی مِنْ الْمُتَطَهِّرِینَ " و لو اقْتَصَرَ عَلَی " بِسْمِ اللَّهِ " أَجْزَأَ، و لو نَسِیهَا ابْتِدَاءً تَدَارَکهَا حَیثُ ذَکرَ، قَبْلَ الْفَرَاغِ کالْأَکلِ، وَ کذَا لَوْ تَرَکهَا عَمْدًا.

(وَغَسْلُ

الْیدَینِ) مِنْ الزَّنْدَینِ (مَرَّتَینِ) مِنْ حَدَثِ النَّوْمِ وَ الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ، لَا مِنْ مُطْلَقِ الْحَدَثِ کالرِّیحِ عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَ قِیلَ مِنْ الْأَوَّلَینِ مَرَّهً، وَ بِهِ قَطَعَ فِی الذِّکرَی، وَ قِیلَ مَرَّهً فِی الْجَمِیعِ، وَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی النَّفْلِیهِ، وَ نُسِبَ التَّفْصِیلُ إلَی الْمَشْهُورِ و هو الْأَقْوَی.

وَ لَوْ اجْتَمَعَتْ الْأَسْبَابُ تَدَاخَلَتْ إنْ سَاوَتْ، وَ إِلَّا دَخَلَ الْأَقَلُّ تَحْتَ الْأَکثَرِ.

وَلْیکنْ الْغُسْلُ (قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ) الَّذِی یمْکنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ، لِدَفْعِ النَّجَاسَهِ الْوَهْمِیهِ، أَوْ تَعَبُّدًا.

وَ لَا یعْتَبَرُ کوْنُ الْمَاءِ قَلِیلًا لِإِطْلَاقِ النَّصِّ، خِلَافًا لِلْعَلَّامَهِ حَیثُ اعْتَبَرَهُ.

(وَالْمَضْمَضَهُ) و هی إدْخَالُ الْمَاءِ الْفَمَ، وَ إِدَارَتُهُ فِیهِ (وَالِاسْتِنْشَاقُ) و هو جَذْبُهُ إلَی دَاخِلِ الْأَنْفِ (وَتَثْلِیثُهُمَا) بِأَنْ یفْعَلَ کلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا، و لو بِغُرْفَهٍ وَاحِدَهٍ، وَ بِثَلَاثٍ أَفْضَلُ، وَ کذَا یسْتَحَبُّ تَقْدِیمُ الْمَضْمَضَهِ أَجْمَعُ عَلَی الِاسْتِنْشَاقِ، وَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ لَا یقْتَضِیهِ (وَتَثْنِیهُ الْغَسَلَاتِ) الثَّلَاثِ بَعْدَ تَمَامِ الْغَسْلَهِ الْأُولَی فِی الْمَشْهُورِ، وَ أَنْکرَهَا الصَّدُوقُ.

(وَالدُّعَاءُ عِنْدَ کلِّ فِعْلٍ) مِنْ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَهِ وَ الْمُسْتَحَبَّهِ الْمُتَقَدِّمَهِ بِالْمَأْثُورِ.

(وَبَدْأَهُ الرَّجُلِ) فِی غُسْلِ الْیدَینِ (بِالظَّهْرِ وَ فِی) الْغَسْلَهِ (الثَّانِیهِ بِالْبَطْنِ، عَکسُ الْمَرْأَهِ).

فَإِنَّ السُّنَّهَ لَهَا الْبَدْأَهُ بِالْبَطْنِ، وَ الْخَتْمُ بِالظَّهْرِ - کذَا ذَکرَهُ الشَّیخُ وَ تَبِعَهُ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَ جَمَاعَهٌ، وَ الْمَوْجُودُ فِی النُّصُوصِ بَدْأَهُ الرَّجُلِ بِظَهْرِ الذِّرَاعِ، وَ الْمَرْأَهُ بِبَاطِنِهِ، مِنْ غَیرِ فَرْقٍ فِیهِمَا بَینَ الْغَسْلَتَینِ وَ عَلَیهِ الْأَکثَرُ، (وَیتَخَیرُ الْخُنْثَی) بَینَ الْبَدْأَهِ بِالظَّهْرِ وَ الْبَطْنِ عَلَی الْمَشْهُورِ و بین الْوَظِیفَتَینِ عَلَی الذُّکورِ.

(وَالشَّاک فِیهِ)

أَی فِی الْوُضُوءِ (فِی أَثْنَائِهِ یسْتَأْنِفُ) وَ الْمُرَادُ بِالشَّک فِیهِ نَفْسُهُ فِی الْأَثْنَاءِ الشَّک فِی نِیتِهِ، لِأَنَّهُ إذَا شَک فِیهَا فَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَ مَعَ ذَلِک لَا یعْتَدُّ بِمَا وَقَعَ مِنْ الْأَفْعَالِ بِدُونِهَا، و بهذا صَدَقَ الشَّک فِیهِ فِی أَثْنَائِهِ، و أمّا الشَّک فِی أَنَّهُ هَلْ تَوَضَّأَ

أَوْ هَلْ شَرَعَ فِیهِ أَمْ لَا؟ فَلَا یتَصَوَّرُ تَحَقُّقُهُ فِی الْأَثْنَاءِ.

وَ قَدْ ذَکرَ الْمُصَنِّفُ فِی مُخْتَصَرَیهِ الشَّک فِی النِّیهِ فِی أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ و أنّه یسْتَأْنِفُ، و لم یعَبِّرْ بِالشَّک فِی الْوُضُوءِ إلَّا هُنَا.

(وَ) الشَّاک فِیهِ بِالْمَعْنَی الْمَذْکورِ (بَعْدَهُ) أَی بَعْدَ الْفَرَاغِ (لَا یلْتَفَتُ) کمَا لَوْ شَک فِی غَیرِهَا مِنْ الْأَفْعَالِ (وَ) الشَّاک (فِی الْبَعْضِ یأْتِی بِهِ) أَی بِذَلِک الْبَعْضِ الْمَشْکوک فِیهِ إذَا وَقَعَ الشَّک (عَلَی حَالِهِ) أَی حَالِ الْوُضُوءِ، بِحَیثُ لَمْ یکنْ فَرَغَ مِنْهُ، و أن کانَ قَدْ تَجَاوَزَ ذَلِک الْبَعْضَ (إلَّا مَعَ الْجَفَافِ) لِلْأَعْضَاءِ السَّابِقَهِ عَلَیهِ (فَیعِیدُ) لِفَوَاتِ الْمُوَالَاهِ.

(وَلَوْ شَک) فِی بَعْضِهِ (بَعْدَ انْتِقَالِهِ) عَنْهُ وَ فَرَاغِهِ مِنْهُ (لَا یلْتَفَتُ) وَ الْحُکمُ مَنْصُوصٌ مُتَّفَقٌ عَلَیهِ. (وَالشَّاک فِی الطَّهَارَهِ) مَعَ تَیقُّنِ الْحَدَثِ (مُحْدِثٌ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الطَّهَارَهِ، (وَالشَّاک فِی الْحَدَثِ) مَعَ تَیقُّنِ الطَّهَارَهِ (مُتَطَهِّرٌ) أَخْذًا بِالْمُتَیقِّنِ، (وَالشَّاک فِیهِمَا) أَی فِی الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا مَعَ تَیقُّنِ وُقُوعِهِمَا (مُحْدِثٌ) لِتَکافُؤِ الِاحْتِمَالَینِ، إنْ لَمْ یسْتَفِدْ مِنْ الِاتِّحَادِ وَ التَّعَاقُبِ حُکمًا آخَرَ هَذَا هُوَ الْأَقْوَی وَ الْمَشْهُورُ.

وَ لَا فَرْقَ بَینَ أَنْ یعْلَمَ قَبْلَهُمَا بِالطَّهَارَهِ، أَوْ بِالْحَدَثِ، أَوْ یشُک.

وَ رُبَّمَا قِیلَ بِأَنَّهُ یأْخُذُ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ ضِدَّ مَا عَلِمَهُ، لِأَنَّهُ إنْ کانَ مُتَطَهِّرًا فَقَدْ عَلِمَ نَقْضَ تِلْک الْحَالَهِ وَشَک فِی ارْتِفَاعِ النَّاقِضِ، لِجَوَازِ تَعَاقُبِ الطَّهَارَتَینِ، و أن کانَ مُحْدِثًا فَقَدْ عَلِمَ انْتِقَالَهُ عَنْهُ بِالطَّهَارَهِ وَشَک فِی انْتِقَاضِهَا بِالْحَدَثِ، لِجَوَازِ تَعَاقُبِ الْأَحْدَاثِ، وَ یشْکلُ بِأَنَّ الْمُتَیقَّنَ حِینَئِذٍ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ السَّابِقِ، أَمَّا اللَّاحِقُ الْمُتَیقَّنُ وُقُوعُهُ فَلَا، وَ جَوَازُ تَعَاقُبِهِ لِمِثْلِهِ مُتَکافِئٌ، لِتَأَخُّرِهِ عَنْ الطَّهَارَهِ، وَ لَا مُرَجَّحَ.

نَعَمْ لَوْ کانَ الْمُتَحَقَّقُ طَهَارَهً رَافِعَهً، وَ قُلْنَا بِأَنَّ الْمُجَدِّدَ لَا یرْفَعُ، أَوْ قَطَعَ بِعَدَمِهِ تَوَجَّهَ الْحُکمُ بِالطَّهَارَهِ فِی الْأَوَّلِ، کمَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ تَعَاقُبِ الْحَدَثَینِ بِحَسَبِ

عَادَتِهِ، أَوْ فِی هَذِهِ الصُّورَهِ تَحَقَّقَ الْحُکمُ بِالْحَدَثِ فِی الثَّانِی، إلَّا أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَوْضِعِ النِّزَاعِ، بَلْ لَیسَ مِنْ حَقِیقَهِ الشَّک فِی شَیءٍ إلَّا بِحَسَبِ ابْتِدَائِهِ، و بهذا یظْهَرُ ضَعْفُ الْقَوْلِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالَهِ السَّابِقَهِ بَلْ بُطْلَانُهُ.

(مَسَائِلُ):

(یجِبُ عَلَی الْمُتَخَلِّی سَتْرُ الْعَوْرَهِ) قُبُلًا وَ دُبُرًا عَنْ نَاظِرٍ مُحْتَرَمٍ، (وَتَرْک اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَهِ) بِمَقَادِیمِ بَدَنِهِ، (وَدُبُرِهَا) کذَلِک فِی الْبِنَاءِ و غیرهِ، (وَغَسْلِ الْبَوْلِ بِالْمَاءِ) مَرَّتَینِ کمَا مَرَّ، (وَ) کذَا یجِبُ غَسْلُ (الْغَائِطِ) بِالْمَاءِ (مَعَ التَّعَدِّی) لِلْمَخْرَجِ، بِأَنْ تَجَاوَزَ حَوَاشِیهِ و أن لَمْ یبْلُغْ الْأَلْیهَ، (وَإِلَّا) أَی و أن لَمْ یتَعَدَّ الْغَائِطُ الْمَخْرَجَ (فَثَلَاثَهُ أَحْجَارٍ) طَاهِرَهٍ جَافَّهٍ قَالِعَهٍ لِلنَّجَاسَهِ (أَبْکارٍ) لَمْ یسْتَنْجَ بِهَا بِحَیثُ تَنَجَّسَتْ بِهِ، (أَوْ بَعْدَ طَهَارَتِهَا) إنْ لَمْ تَکنْ أَبْکارًا وَ تَنَجَّسَتْ.

وَ لَوْ لَمْ تَنْجُسْ - کالْمُکمِّلَهِ لِلْعَدَدِ بَعْدَ نَقَاءِ الْمَحَلِّ - کفَتْ مِنْ غَیرِ اعْتِبَارِ الطُّهْرِ (فَصَاعِدًا) عَنْ الثَّلَاثَهِ إنْ لَمْ ینَقَّ الْمَحَلُّ بِهَا (أَوْ شِبْهِهَا) مِنْ ثَلَاثِ خِرَقٍ، أَوْ خَزَفَاتٍ، أَوْ أَعْوَادٍ وَ نَحْوِ ذَلِک مِنْ الْأَجْسَامِ الْقَالِعَهِ لِلنَّجَاسَهِ غَیرِ الْمُحْتَرَمَهِ.

وَ یعْتَبَرُ الْعَدَدُ فِی ظَاهِرِ النَّصِّ، و هو الَّذِی یقْتَضِیهِ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ، فَلَا یجْزِی ذُو الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ.

وَ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْکتَابِ بِإِجْزَائِهِ، وَ یمْکنُ إدْخَالُهُ عَلَی مَذْهَبِهِ فِی شِبْهِهَا.

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ مُجْزٍ مُطْلَقًا، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَحْجَارِ عَلَی تَقْدِیرِ إجْزَائِهَا، و لیس فِی عِبَارَتِهِ هُنَا مَا یدُلُّ عَلَی إجْزَاءِ الْمَاءِ فِی غَیرِ الْمُتَعَدِّی نَعَمْ یمْکنُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا الْمَاءُ مُطْلَقًا، وَ لَعَلَّهُ اجْتَزَأَ بِهِ.

(وَیسْتَحَبُّ التَّبَاعُدُ) عَنْ النَّاسِ بِحَیثُ لَا یرَی تَأَسِّیا بِالنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ یرَ قَطُّ عَلَی بَوْلٍ وَ لَا غَائِطٍ.

(وَالْجَمْعُ بَینَ الْمُطَهِّرَینِ) الْمَاءِ وَ الْأَحْجَارِ مُقَدَّمًا لِلْأَحْجَارِ فِی الْمُتَعَدِّی و غیرهِ مُبَالَغَهً فِی التَّنْزِیهِ، وَ

لِإِزَالَهِ الْعَینِ وَ الْأَثَرِ عَلَی تَقْدِیرِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ، وَ یظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُطَهِّرِ اسْتِحْبَابُ عَدَدٍ مِنْ الْأَحْجَارِ مُطَهِّرٌ، وَ یمْکنُ تَأَدِّیهِ بِدُونِهِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ (وَتَرْک اسْتِقْبَالِ) جِرْمِ (النَّیرَینِ) الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ بِالْفَرْجِ، أَمَّا جِهَتُهُمَا فَلَا بَأْسَ، وَ تَرْک اسْتِقْبَالِ (الرِّیحِ) وَ اسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، و من ثَمَّ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ، و أن قَیدَ فِی غَیرِهِ بِالْبَوْلِ.

(وَتَغْطِیهُ الرَّأْسِ) إنْ کانَ مَکشُوفًا، حَذَرًا مِنْ وُصُولِ الرَّائِحَهِ الْخَبِیثَهِ إلَی دِمَاغِهِ، وَ رُوِی التَّقَنُّعُ مَعَهَا.

(وَالدُّخُولُ) بِالرِّجْلِ (الْیسْرَی) إنْ کانَ بِبِنَاءٍ، وَ إِلَّا جَعَلَهَا آخِرَ مَا یقَدِّمُهُ (وَالْخُرُوجُ) بِالرِّجْلِ (الْیمْنَی) کمَا وَ صَفْنَاهُ عَکسُ الْمَسْجِدِ.

(وَالدُّعَاءُ فِی أَحْوَالِهِ) الَّتِی وَرَدَ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ فِیهَا، و هی عِنْدَ الدُّخُولِ، وَ عِنْدَ الْفِعْلِ، وَ رُؤْیهِ الْمَاءِ، وَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَ عِنْدَ مَسْحِ بَطْنِهِ إذَا قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَ عِنْدَ الْخُرُوجِ بِالْمَأْثُورِ.

(وَالِاعْتِمَادِ عَلَی) الرِّجْلِ (الْیسْرَی)، وَ فَتْحِ الْیمْنَی.

(وَالِاسْتِبْرَاءُ) و هو طَلَبُ بَرَاءَهِ الْمَحَلِّ مِنْ الْبَوْلِ بِالِاجْتِهَادِ الَّذِی هُوَ مَسْحُ مَا بَینَ الْمَقْعَدَهِ وَ أَصْلُ الْقَضِیبِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَتْرُهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ عَصْرُ الْحَشَفَهِ ثَلَاثًا.

(وَالتَّنَحْنُحُ ثَلَاثًا) حَالَهَ الِاسْتِبْرَاءِ، نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی إلَی سَلَّارَ، لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَی مَأْخَذِهِ.

(وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْیسَارِ) لِأَنَّهَا مَوْضُوعَهٌ لِلْأَدْنَی، کمَا أَنَّ الْیمِینَ لِلْأَعْلَی کالْأَکلِ وَ الْوُضُوءِ.

(وَیکرَهُ بِالْیمِینِ) مَعَ الِاخْتِیارِ، لِأَنَّهُ مِنْ الْجَفَاءِ.

(وَیکرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا) حَذَرًا مِنْ تَخْبِیلِ الشَّیطَانِ (وَمَطْمَحًا بِهِ) فِی الْهَوَاءِ لِلنَّهْی عَنْهُ، (وَفِی الْمَاءِ) جَارِیا وَ رَاکدًا لِلتَّعْلِیلِ فِی أَخْبَارِ النَّهْی بِأَنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا فَلَا تُؤْذِهِمْ بِذَلِک.

(وَالْحَدَثُ فِی الشَّارِعِ) و هو الطَّرِیقُ الْمَسْلُوک.

(وَالْمَشْرَعُ) و هو طَرِیقُ الْمَاءِ لِلْوَارِدَهِ (وَالْفِنَاءُ) بِکسْرِ الْفَاءِ، و هو مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِ الدَّارِ، و هو حَرِیمُهَا خَارِجَ الْمَمْلُوک مِنْهَا (وَالْمَلْعَنُ) و هو مَجْمَعُ النَّاسِ، أَوْ مَنْزِلُهُمْ، أَوْ قَارِعَهُ الطَّرِیقِ، أَوْ أَبْوَابُ الدُّورِ (وَتَحْتَ) الشَّجَرَهِ (الْمُثْمِرَهِ) و

هی مَا مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَکونَ مُثْمِرَهً و أن لَمْ تَکنْ کذَلِک بِالْفِعْلِ، وَ مَحَلُّ الْکرَاهَهِ مَا یمْکنُ أَنْ تَبْلُغَهُ الثِّمَارُ عَادَهً و أن لَمْ یکنْ تَحْتَهَا.

(وَفَیءُ النُّزَّالِ) و هو مَوْضِعُ الظِّلِّ الْمُعَدُّ لِنُزُولِهِمْ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ کالْمَحَلِّ الَّذِی یرْجِعُونَ إلَیهِ وَ ینْزِلُونَ بِهِ مِنْ فَاءَ یفِیءُ إذَا رَجَعَ (وَالْجِحَرَهُ) بِکسْرِ الْجِیمِ فَفَتْحِ الْحَاءِ وَ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَینِ جَمْعُ " جُحْرٍ " بِالضَّمِّ فَالسُّکونِ، و هی بُیوتُ الْحُشَارِ.

(وَالسِّوَاک حَالَتُهُ)، رُوِی أَنَّهُ یورِثُ الْبَخَرَ.

(وَالْکلَامُ إلَّا بِذَکرِ اللَّهِ تَعَالَی).

(وَالْأَکلُ وَ الشُّرْبُ) لِمَا فِیهِ مِنْ الْمَهَانَهِ، وَ لِلْخَبَرِ (وَیجُوزُ حِکایهُ الْأَذَانِ) إذَا سَمِعَهُ، وَ لَا سَنَدَ لَهُ ظَاهِرًا عَلَی الْمَشْهُورِ، وَ ذِکرُ اللَّهِ لَا یشْمَلُهُ أَجْمَعَ، لِخُرُوجِ الْحَیعَلَاتِ مِنْهُ، و من ثَمَّ حَکاهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی بِقَوْلِهِ وَ قِیلَ.

(وَقِرَاءَهُ آیهِ الْکرْسِی)، وَ کذَا مُطْلَقُ حَمْدِ اللَّهِ وَ شُکرِهِ وَ ذِکرِهِ، لِأَنَّهُ حَسَنٌ عَلَی کلِّ حَالٍ.

(وَلِلضَّرُورَهِ) کالتَّکلُّمِ لِحَاجَهٍ یخَافُ فَوْتَهَا لَوْ أَخَّرَهُ إلَی أَنْ یفْرَغَ.

وَ یسْتَثْنَی أَیضًا الصَّلَاهُ عَلَی النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم عِنْدَ سَمَاعِ ذِکرِهِ، وَ الْحَمْدَلَهُ عِنْدَ الْعُطَاسِ مِنْهُ و من غَیرِهِ، و هو مِنْ الذِّکرِ وَ رُبَّمَا قِیلَ بِاسْتِحْبَابِ التَّشْمِیتِ مِنْهُ أَیضًا وَ لَا یخْفَی وُجُوبُ رَدِّ السَّلَامِ و أن کرِهَ السَّلَامُ عَلَیهِ، وَ فِی کرَاهَهِ رَدِّهِ مَعَ تَأْدِی الْوَاجِبِ بِرَدِّ غَیرِهِ وَ جْهَانِ. وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ فِی حِکایهِ الْأَذَانِ و ما فِی مَعْنَاهُ مَعْنَاهُ الْأَعَمُّ، لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا یسْتَوِی ظَرْفَاهُ، وَ الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الِاسْتِحْبَابُ، لِأَنَّهُ عِبَادَهٌ لَا تَقَعُ إلَّا رَاجِحَهً و أن وَقَعَتْ مَکرُوهَهً، فَکیفَ إذَا انْتَفَتْ الْکرَاهَهُ

الفصل الثانی فی الغسل

اشاره

(وَمُوجِبُهُ) سِتَّهٌ (الْجَنَابَهُ) بِفَتْحِ الْجِیمِ (وَالْحَیضُ وَ الِاسْتِحَاضَهُ مَعَ غَمْسِ الْقُطْنَهِ)، سَوَاءٌ سَالَ عَنْهَا أَمْ لَا، لِأَنَّهُ مُوجِبٌ حِینَئِذٍ

فِی الْجُمْلَهِ (وَالنِّفَاسُ، وَ مَسُّ الْمَیتِ النَّجِسِ) فِی حَالِ کوْنِهِ (آدَمِیا) فَخَرَجَ الشَّهِیدُ وَ الْمَعْصُومُ، و من تَمَّ غُسْلُهُ الصَّحِیحُ و أن کانَ مُتَقَدِّمًا عَلَی الْمَوْتِ، کمَنْ قَدَّمَهُ لِیقْتَلَ فَقُتِلَ بِالسَّبَبِ الَّذِی اغْتَسَلَ لَهُ، وَ خَرَجَ بِالْآدَمِی غَیرُهُ مِنْ الْمَیتَاتِ الْحَیوَانِیهِ فَإِنَّهَا و أن کانَتْ نَجِسَهً إلَّا أَنَّ مَسَّهَا لَا یوجِبُ غُسْلًا، بَلْ هِی کغَیرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ، وَ قِیلَ: یجِبُ غَسْلُ مَا مَسَّهَا و أن لَمْ یکنْ بِرُطُوبَهٍ (وَالْمَوْتُ) الْمَعْهُودُ شَرْعًا و هو مَوْتُ الْمُسْلِمِ و من بِحُکمِهِ غَیرَ الشَّهِیدِ.

الجنابه

(وَمُوجِبُ الْجَنَابَهِ) شَیئَانِ: أَحَدُهُمَا (الْإِنْزَالُ) لِلْمَنِی یقَظَهً وَ نَوْمًا (وَ) الثَّانِی (غَیبُوبَهُ الْحَشَفَهِ) و ما فِی حُکمِهَا کقَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا (قُبُلًا أَوْ دُبُرًا) مِنْ آدَمِی و غیرهِ، حَیا وَ مَیتًا، فَاعِلًا وَ قَابِلًا، (أَنْزَلَ) الْمَاءَ (أَوْ لَا). وَ مَتَی حَصَلَتْ الْجَنَابَهُ لِمُکلَّفٍ بِأَحَدِ الْأَمْرَینِ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأَحْکامُ الْمَذْکورَهُ (فَیحْرُمُ عَلَیهِ قِرَاءَهُ الْعَزَائِمِ) الْأَرْبَعِ وَ أَبْعَاضِهَا حَتَّی الْبَسْمَلَهِ.

وَ بَعْضِهَا إذَا قَصَدَهَا لِأَحَدِهَا.

(وَاللُّبْثُ فِی الْمَسَاجِدِ) مُطْلَقًا، (وَالْجَوَازُ فِی الْمَسْجِدَینِ) الْأَعْظَمَینِ بِمَکهَ وَ الْمَدِینَهِ، (وَوَضْعُ شَیءٍ فِیهَا) أَی فِی الْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا، و أن لَمْ یسْتَلْزِمْ الْوَضْعُ اللُّبْثَ بَلْ لَوْ طَرَحَهُ مِنْ خَارِجٍ، وَ یجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهَا.

(وَمَسُّ خَطِّ الْمُصْحَفِ) و هو کلِمَاتُهُ وَ حُرُوفُهُ الْمُفْرَدَهُ، و ما قَامَ مَقَامَهَا کالشَّدَّهِ وَ الْهَمْزَهِ، بِجُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ تُحِلُّهُ الْحَیاهُ.

(أَوْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَی) مُطْلَقًا، (أَوْ اسْمِ النَّبِی، أَوْ أَحَدِ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ) الْمَقْصُودِ بِالْکتَابَهِ، و لو عَلَی دِرْهَمٍ أَوْ دِینَارٍ فِی الْمَشْهُورِ. وَ یکرَهُ لَهُ الْأَکلُ وَ الشُّرْبُ حَتَّی یتَمَضْمَضَ وَ یسْتَنْشِقَ)، أَوْ یتَوَضَّأَ، فَإِنْ أَکلَ قَبْلَ ذَلِک خِیفَ عَلَیهِ الْبَرَصُ، وَ رُوِی أَنَّهُ یورِثُ الْفَقْرَ، وَ یتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَکلِ وَ الشُّرْبِ مَعَ التَّرَاخِی عَادَهً، لَا مَعَ الِاتِّصَالِ.

(وَالنَّوْمُ إلَّا بَعْدَ

الْوُضُوءِ)، وَ غَایتُهُ هُنَا إیقَاعُ النَّوْمِ عَلَی الْوَجْهِ الْکامِلِ، و هو غَیرُ مُبِیحٍ، إمَّا لِأَنَّ غَایتَهُ الْحَدَثُ أَوْ لِأَنَّ الْمُبِیحَ لِلْجُنُبِ هُوَ الْغُسْلُ خَاصَّهً.

(وَالْخِضَابُ) بِحِنَّاءٍ و غیرهِ.

وَ کذَا یکرَهُ لَهُ أَنْ یجْنِبَ و هو مُخْتَضِبٌ.

(وَقِرَاءَهُ مَا زَادَ عَلَی سَبْعِ آیاتٍ) فِی جَمِیعِ أَوْقَاتِ جَنَابَتِهِ و هل یصْدُقُ الْعَدَدُ بِالْآیهِ الْمُکرَّرَهِ سَبْعًا؟ وَجْهَانِ، (وَالْجَوَازُ فِی الْمَسَاجِدِ) غَیرِ الْمَسْجِدَینِ، بِأَنْ یکونَ لِلْمَسْجِدِ بَابَانِ فَیدْخُلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ یخْرُجُ مِنْ الْآخَرِ، وَ فِی صِدْقِهِ بِالْوَاحِدَهِ مِنْ غَیرِ مُکثٍ وَجْهٌ.

نَعَمْ لَیسَ لَهُ التَّرَدُّدُ فِی جَوَانِبِهِ بِحَیثُ یخْرُجُ عَنْ الْمُجْتَازِ. (وَوَاجِبُهُ النِّیهُ) و هی الْقَصْدُ إلَی فِعْلِهِ مُتَقَرِّبًا وَ فِی اعْتِبَارِ الْوُجُوبِ وَ الِاسْتِبَاحَهِ، أَوْ الرَّفْعِ مَا مَرَّ.

(مُقَارِنَهً) لِجُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ و منه الرَّقَبَهُ إنْ کانَ مُرَتَّبًا، وَ لِجُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ إنْ کانَ مُرْتَمِسًا، بِحَیثُ یتْبَعُهُ الْبَاقِی به غیر مُهْلَهٍ.

(وَغَسْلُ الرَّأْسِ وَ الرَّقَبَهِ) أَوَّلًا وَ لَا تَرْتِیبَ بَینَهُمَا، لِأَنَّهُمَا فِیهِ عُضْوٌ وَاحِدٌ، وَ لَا تَرْتِیبَ فِی نَفْسِ أَعْضَاءِ الْغُسْلِ، بَلْ بَینَهَا کأَعْضَاءِ مَسْحِ الْوُضُوءِ، بِخِلَافِ أَعْضَاءِ غُسْلِهِ فَإِنَّهُ فِیهَا وَ بَینَهَا (ثُمَّ) غَسْلُ الْجَانِبِ (الْأَیمَنِ ثُمَّ الْأَیسَرِ) کمَا وَصَفْنَاهُ، وَ الْعَوْرَهُ تَابِعَهٌ لِلْجَانِبَینِ، وَ یجِبُ إدْخَالُ جُزْءٍ مِنْ حُدُودِ کلِّ عُضْوٍ مِنْ بَابِ الْمُقَدَّمَهِ کالْوُضُوءِ.

(وَتَخْلِیلُ مَانِعِ وُصُولِ الْمَاءِ) إلَی الْبَشَرَهِ، بِأَنْ یدْخِلَ الْمَاءَ خِلَالَهُ إلَی الْبَشَرَهِ عَلَی وَجْهِ الْغُسْلِ. (وَیسْتَحَبُّ الِاسْتِبْرَاءُ) لِلْمُنْزِلِ لَا لِمُطْلَقِ الْجُنُبِ بِالْبَوْلِ، لِیزِیلَ أَثَرَ الْمَنِی الْخَارِجِ، ثُمَّ بِالِاجْتِهَادِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَ فِی اسْتِحْبَابِهِ بِهِ لِلْمَرْأَهِ قَوْلٌ، فَتَسْتَبْرِئُ عَرَضًا، أَمَّا بِالْبَوْلِ فَلَا، لِاخْتِلَافِ الْمَخْرَجَینِ.

(وَالْمَضْمَضَهُ وَ الِاسْتِنْشَاقُ) کمَا مَرَّ (بَعْدَ غَسْلِ الْیدَینِ ثَلَاثًا) مِنْ الزَّنْدَینِ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی وَ قِیلَ مِنْ الْمِرْفَقَینِ، وَ اخْتَارَهُ فِی النَّفْلِیهِ وَ أَطْلَقَ فِی غَیرِهِمَا کمَا هُنَا، وَ کلَاهُمَا

مُؤَدٍّ لِلسُّنَّهِ و أن کانَ الثَّانِی أَوْلَی.

(وَالْمُوَالَاهُ) بَینَ الْأَعْضَاءِ، بِحَیثُ کلَّمَا فَرَغَ مِنْ عُضْوٍ شَرَعَ فِی الْآخَرِ، وَ فِی غَسْلِ نَفْسِ الْعُضْوِ لِمَا فِیهِ مِنْ الْمُسَارَعَهِ إلَی الْخَیرِ، وَ التَّحَفُّظِ مِنْ طَرَیانِ الْمُفْسِدِ وَ لَا تَجِبُ فِی الْمَشْهُورِ إلَّا لِعَارِضٍ، کضِیقِ وَقْتِ الْعِبَادَهِ الْمَشْرُوطَهِ بِهِ، وَ خَوْفِ فَجْأَهِ الْحَدَثِ لِلْمُسْتَحَاضَهِ، وَ نَحْوِهَا.

وَ قَدْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ رَاجِحٌ.

(وَنَقْضُ الْمَرْأَهِ الضَّفَائِرَ) جَمْعُ ضَفِیرَهٍ، و هی الْعَقِیصَهُ الْمَجْدُولَهُ مِنْ الشَّعْرِ، وَ خَصَّ الْمَرْأَهَ لِأَنَّهَا مَوْرِدُ النَّصِّ، وَ إِلَّا فَالرَّجُلُ کذَلِک، لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْبَشَرَهِ دُونَ الشَّعْرِ، و إنّما اُسْتُحِبَّ النَّقْضُ لِلِاسْتِظْهَارِ، وَ النَّصِّ.

(وَتَثْلِیثُ الْغُسْلِ) لِکلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ الثَّلَاثَهِ، بِأَنْ یغْسِلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (وَفِعْلُهُ) أَی الْغُسْلِ بِجَمِیعِ سُنَنِهِ، الَّذِی مِنْ جُمْلَتِهِ تَثْلِیثُهُ (بِصَاعٍ) لَا أَزْیدَ.

وَ قَدْ رُوِی عَنْ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: { الْوُضُوءُ بِمُدٍّ، وَ الْغُسْلُ بِصَاعٍ، وَ سَیأْتِی أَقْوَامٌ بَعْدِی یسْتَقِلُّونَ ذَلِک فَأُولَئِک عَلَی خِلَافِ سُنَّتِی، وَ الثَّابِتُ عَلَی سُنَّتِی مَعِی فِی حَظِیرَهِ الْقُدْسِ }. (وَلَوْ وَجَدَ) الْمُجْنِبُ بِالْإِنْزَالِ (بَلَلًا) مُشْتَبَهًا (بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) بِالْبَوْلِ أَوْ الِاجْتِهَادِ مَعَ تَعَذُّرِهِ (لَمْ یلْتَفِتْ، وَبِدُونِهِ) أَی بِدُونِ الِاسْتِبْرَاءِ بِأَحَدِ الْأَمْرَینِ (یغْتَسِلُ).

وَ لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْبَوْلِ مِنْ دُونِ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَهُ وَجَبَ الْوُضُوءُ خَاصَّهً، أَمَّا الِاجْتِهَادُ بِدُونِ الْبَوْلِ مَعَ إمْکانِهِ فَلَا حُکمَ لَهُ. (وَالصَّلَاهُ السَّابِقَهُ) عَلَی خُرُوجِ الْبَلَلِ الْمَذْکورِ (صَحِیحَهٌ)، لِارْتِفَاعِ حُکمِ السَّابِقِ، وَ الْخَارِجُ حَدَثٌ جَدِیدٌ و أن کانَ قَدْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّهِ إلَی مَحَلٍّ آخَرَ.

وَ فِی حُکمِهِ مَا لَوْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَأَمْسَک عَلَیهِ فَصَلَّی ثُمَّ أَطْلَقَهُ. (وَیسْقُطُ التَّرْتِیبُ) بَینَ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَهِ (بِالِارْتِمَاسِ) و هو غَسْلُ الْبَدَنِ أَجْمَعَ دُفْعَهً وَاحِدَهً عُرْفِیهً، وَ کذَا مَا أَشْبَهَهُ کالْوُقُوفِ تَحْتَ الْمَجَارِی [الْمَجْرَی] وَ الْمَطَرِ الْغَزِیرَینِ لِأَنَّ الْبَدَنَ یصِیرُ بِهِ

عُضْوًا وَاحِدًا. (وَیعَادُ) غُسْلُ الْجَنَابَهِ (بِالْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ (فِی أَثْنَائِهِ عَلَی الْأَقْوَی) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَ جَمَاعَهٍ، وَ قِیلَ لَا أَثَرَ لَهُ مُطْلَقًا، وَ فِی ثَالِثٍ یوجِبُ الْوُضُوءَ خَاصَّهً، و هو الْأَقْرَبُ.

وَ قَدْ حَقَّقْنَا الْقَوْلَ فِی ذَلِک بِرِسَالَهٍ مُفْرَدَهٍ. أَمَّا غَیرُ غُسْلِ الْجَنَابَهِ مِنْ الْأَغْسَالِ فَیکفِی إتْمَامُهُ مَعَ الْوُضُوءِ قَطْعًا، وَ رُبَّمَا خَرَّجَ بَعْضُهُمْ بُطْلَانَهُ کالْجَنَابَهِ، و هو ضَعِیفٌ جِدًّا.

الحیض

(وَأَمَّا الْحَیضُ - فَهُوَ مَا) أَی الدَّمُ الَّذِی (تَرَاهُ الْمَرْأَهُ بَعْدَ) إکمَالِهَا (تِسْعَ) سِنِینَ هِلَالِیهٍ، (وَقَبْلَ) إکمَالِ (سِتِّینَ) سَنَهً (إنْ کانَتْ الْمَرْأَهُ قُرَیشِیهً) و هی الْمُنْتَسِبَهُ بِالْأَبِ إلَی النَّضْرِ بْنِ کنَانَهَ و هی أَعَمُّ مِنْ الْهَاشِمِیهِ، فَمَنْ عُلِمَ انْتِسَابُهَا إلَی قُرَیشٍ بِالْأَبِ لَزِمَهَا حُکمُهَا، وَ إِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ کوْنِهَا مِنْهَا، (أَوْ نَبَطِیهً) مَنْسُوبَهً إلَی النَّبَطِ، وَ هُمْ عَلَی مَا ذَکرَهُ الْجَوْهَرِی - قَوْمٌ ینْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَینَ الْعِرَاقَینِ، وَ الْحُکمُ فِیهَا مَشْهُورٌ، وَ مُسْتَنَدُهُ غَیرُ مَعْلُومٍ، وَ اعْتَرَفَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ وُقُوفِهِ فِیهَا عَلَی نَصٍّ، وَ الْأَصْلُ یقْتَضِی کوْنَهَا کغَیرِهَا، (وَإِلَّا) یکنْ کذَلِک (فَالْخَمْسُونَ) سَنَهً مُطْلَقًا غَایهُ إمْکانِ حَیضِهَا.

(وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَهُ أَیامٍ مُتَوَالِیهٍ) فَلَا یکفِی کوْنُهَا فِی جُمْلَهِ عَشْرَهٍ عَلَی الْأَصَحِّ.

(وَأَکثَرُهُ عَشْرَهُ) أَیامٍ، فَمَا زَادَ عَنْهَا لَیسَ بِحَیضٍ إجْمَاعًا (وَهُوَ أَسْوَدُ، أَوْ أَحْمَرُ حَارٌّ لَهُ دَفْعٌ) وَ قُوَّهٌ عِنْدَ خُرُوجِهِ (غَالِبًا) قُیدَ بِالْغَالِبِ لِینْدَرِجَ فِیهِ مَا أَمْکنَ کوْنُهُ حَیضًا، فَإِنَّهُ یحْکمُ بِهِ و أن لَمْ یکنْ کذَلِک کمَا نَبَّهَ عَلَیهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَتَی أَمْکنَ کوْنُهُ) أَی الدَّمِ (حَیضًا) بِحَسَبِ حَالِ الْمَرْأَهِ بِأَنْ تَکونَ بَالِغَهً غَیرَ یائِسَهٍ، وَ مُدَّتُهُ بِأَنْ لَا ینْقُصَ عَنْ ثَلَاثَهٍ وَ لَا یزِیدَ عَنْ عَشْرَهٍ، وَ دَوَامُهُ کتَوَالِی الثَّلَاثَهِ، وَ وَصْفُهُ کالْقَوِی مَعَ التَّمْییزِ، وَ مَحَلُّهُ کالْجَانِبِ إنْ اعْتَبَرْنَاهُ، وَ نَحْوُ ذَلِک (حُکمَ بِهِ).

وَ إِنَّمَا یعْتَبَرُ الْإِمْکانُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ

فِیمَا یتَوَقَّفُ عَلَیهِ کأَیامِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ الدَّمَ فِیهَا یمْکنُ کوْنُهُ حَیضًا، إلَّا أَنَّ الْحُکمَ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَی عَدَمِ عُبُورِ الْعَشَرَهِ، و مثله الْقَوْلُ فِی أَوَّلِ رُؤْیتِهِ مَعَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ الثَّلَاثَهِ. (وَلَوْ تَجَاوَزَ) الدَّمُ (الْعَشَرَهَ فَذَاتُ الْعَادَهِ الْحَاصِلَهِ بِاسْتِوَاءِ) الدَّمِ (مَرَّتَینِ) أَخْذًا وَ انْقِطَاعًا، سَوَاءٌ أَکانَ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ رَأَتْ فِی أَوَّلِ شَهْرَینِ سَبْعَهً مَثَلًا، أَمْ فِی وَقْتَینِ کأَنْ رَأَتْ السَّبْعَهَ فِی أَوَّلِ شَهْرٍ وَ آخِرِهِ، فَإِنَّ السَّبْعَهَ تَصِیرُ عَادَهً وَقْتِیهً وَ عَدَدِیهً فِی الْأَوَّلِ، وَ عَدَدِیهً فِی الثَّانِی، فَإِذَا تَجَاوَزَ عَشْرَهً (تَأْخُذُهَا) أَی: الْعَادَهَ فَتَجْعَلُهَا حَیضًا.

وَ الْفَرْقُ بَینَ الْعَادَتَینِ الِاتِّفَاقُ عَلَی تَحَیضِ الْأُولَی بِرُؤْیهِ الدَّمِ، وَ الْخِلَافُ فِی الثَّانِیهِ فَقِیلَ: إنَّهَا فِیهِ کالْمُضْطَرِبَهِ لَا تَتَحَیضُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَهٍ وَ الْأَقْوَی أَنَّهَا کالْأُولَی.

وَ لَوْ اعْتَادَتْ وَقْتًا خَاصًّا - بِأَنْ رَأَتْ فِی أَوَّلِ شَهْرٍ سَبْعَهً، وَ فِی أَوَّلِ آخَرَ ثَمَانِیهً، فَهِی مُضْطَرِبَهُ الْعَدَدِ لَا تَرْجِعُ إلَیهِ عِنْدَ التَّجَاوُزِ، و أن أَفَادَ الْوَقْتُ تَحَیضَهَا بِرُؤْیتِهِ فِیهِ بَعْدَ ذَلِک کالْأُولَی و أن لَمْ نُجِزْ ذَلِک لِلْمُضْطَرِبَهِ.

(وَذَاتُ التَّمْییزِ) و هی الَّتِی تَرَی الدَّمَ نَوْعَینِ أَوْ أَنْوَاعًا (تَأْخُذُهُ) بِأَنْ تَجْعَلَ الْقَوِی حَیضًا، وَ الضَّعِیفَ اسْتِحَاضَهً (بِشَرْطِ عَدَمِ تَجَاوُزِ حَدَّیهِ) قِلَّهً وَ کثْرَهً، وَ عَدَمِ قُصُورِ الضَّعِیفِ، و ما یضَافُ إلَیهِ مِنْ أَیامِ النَّقَاءِ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَ تُعْتَبَرُ الْقُوَّهُ بِثَلَاثَهٍ: " اللَّوْنِ " فَالْأَسْوَدُ قَوِی الْأَحْمَرِ، و هو قَوِی الْأَشْقَرِ، و هو قَوِی الْأَصْفَرِ، و هو قَوِی الْأَکدَرِ.

وَ " الرَّائِحَهِ " فَذُو الرَّائِحَهِ الْکرِیهَهِ قَوِی مَا لَا رَائِحَهَ لَهُ، و ما لَهُ رَائِحَهٌ أَضْعَفُ وَ " الْقَوَامِ " فَالثَّخِینُ قَوِی الرَّقِیقِ، وَ ذُو الثَّلَاثِ قَوِی ذِی الِاثْنَینِ، و هو قَوِی ذِی الْوَاحِدِ، و هو قَوِی الْعَادِمِ.

وَ لَوْ اسْتَوَی الْعَدَدُ و

أن کانَ مُخْتَلِفًا فَلَا تَمْییزَ (وَ) حُکمُ (الرُّجُوعِ)، إلَی التَّمْییزِ ثَابِتٌ (فِی الْمُبْتَدَأَهِ) بِکسْرِ الدَّالِ وَ فَتْحِهَا، و هی مَنْ لَمْ یسْتَقِرَّ لَهَا عَادَهٌ، إمَّا لِابْتِدَائِهَا، أَوْ بَعْدَهُ مَعَ اخْتِلَافِهِ عَدَدًا وَ وَقْتًا. (وَالْمُضْطَرِبَهُ) و هی مَنْ نَسِیتْ عَادَتَهَا وَقْتًا، أَوْ عَدَدًا، أَوْ مَعًا.

وَ رُبَّمَا أُطْلِقَتْ عَلَی ذَلِک و علی مَنْ تَکرَّرَ لَهَا الدَّمُ مَعَ عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْعَادَهِ وَ تَخْتَصُّ الْمُبْتَدَأَهُ عَلَی هَذَا بِمَنْ رَأَتْهُ أَوَّلَ مَرَّهٍ، وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَ تَظْهَرُ فَائِدَهُ الِاخْتِلَافِ فِی رُجُوعِ ذَاتِ الْقِسْمِ الثَّانِی مِنْ الْمُبْتَدَأَهِ إلَی عَادَهِ أَهْلِهَا وَ عَدَمِهِ. (وَمَعَ فَقْدِهِ) أَی فَقْدِ التَّمْییزِ بِأَنْ اتَّحَدَ الدَّمُ الْمُتَجَاوِزُ لَوْنًا وَ صِفَهً، أَوْ اخْتَلَفَ و لم تَحْصُلْ شُرُوطُهُ (تَأْخُذُ الْمُبْتَدَأَهُ عَادَهَ أَهْلِهَا) وَ أَقَارِبِهَا مِنْ الطَّرَفَینِ، أَوْ أَحَدِهِمَا کالْأُخْتِ وَ الْعَمَّهِ وَ الْخَالَهِ وَ بَنَاتِهِنَّ، (فَإِنْ اخْتَلَفْنَ) فِی الْعَادَهِ و أن غَلَبَ بَعْضُهُنَّ (فَأَقْرَانُهَا) وَ هُنَّ مَنْ قَارَبَهَا فِی السِّنِّ عَادَهً.

وَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ فِی کتُبِهِ الثَّلَاثَهِ فِیهِنَّ و فی الأَهْلِ اتِّحَادَ الْبَلَدِ لِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَهِ بِاخْتِلَافِهِ، وَ اعْتَبَرَ فِی الذِّکرَی أَیضًا الرُّجُوعَ إلَی الْأَکثَرِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ و هو أَجْوَدُ، و إنّما اُعْتُبِرَ فِی الْأَقْرَانِ الْفِقْدَانُ دُونَ الْأَهْلِ لِإِمْکانِهِ فِیهِنَّ دُونَهُنَّ، إذْ لَا أَقَلَّ مِنْ الْأُمِّ لَکنْ قَدْ یتَّفِقُ الْفِقْدَانُ بِمَوْتِهِنَّ وَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِعَادَتِهِنَّ، فَلِذَا عَبَّرَ فِی غَیرِهِ بِالْفِقْدَانِ، وَ الِاخْتِلَافُ فِیهِمَا.

(فَإِنْ فَقَدْنَ) الْأَقْرَانَ، (أَوْ اخْتَلَفْنَ فَکالْمُضْطَرِبَهِ فِی) الرُّجُوعِ إلَی الرِّوَایاتِ، و هی (أَخْذُ عَشْرَهِ) أَیامٍ (مِنْ شَهْرٍ، وَ ثَلَاثَهٍ مِنْ آخَرَ) مُخَیرَهً فِی الِابْتِدَاءِ بِمَا شَاءَتْ مِنْهُمَا، (أَوْ سَبْعَهٍ سَبْعَهٍ) مِنْ کلِّ شَهْرٍ، أَوْ سِتَّهٍ سِتَّهٍ مُخَیرَهً فِی ذَلِک، و أن کانَ الْأَفْضَلُ لَهَا اخْتِیارُ مَا یوَافِقُ مِزَاجَهَا مِنْهَا، فَتَأْخُذُ ذَاتُ الْمِزَاجِ الْحَارِّ السَّبْعَهَ، وَ الْبَارِدِ السِّتَّهَ، وَ الْمُتَوَسِّطِ

الثَّلَاثَهَ وَ الْعَشَرَهَ، وَ تُتَخَیرُ فِی وَضْعِ مَا اخْتَارَتْهُ حَیثُ شَاءَتْ مِنْ أَیامِ الدَّمِ، و أن کانَ الْأَوْلَی الْأَوَّلَ، وَ لَا اعْتِرَاضَ لِلزَّوْجِ فِی ذَلِک.

هَذَا فِی الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَتَأْخُذُ مَا یوَافِقُهُ وَقْتًا.

وَ هَذَا إذَا نَسِیتْ الْمُضْطَرِبَهُ الْوَقْتَ وَ الْعَدَدَ مَعًا، أَمَّا لَوْ نَسِیتْ أَحَدَهُمَا خَاصَّهً، فَإِنْ کانَ الْوَقْتَ؛ أَخَذَتْ الْعَدَدَ کالرِّوَایاتِ، أَوْ الْعَدَدَ جَعَلَتْ مَا تَیقَّنَ مِنْ الْوَقْتِ حَیضًا أَوَّلًا، أَوْآخِرًا، أَوْ مَا بَینَهُمَا وَ أَکمَلَتْهُ بِإِحْدَی الرِّوَایاتِ عَلَی وَجْهٍ یطَابِقُ، فَإِنْ ذَکرَتْ أَوَّلَهُ أَکمَلَتْهُ ثَلَاثَهً مُتَیقِّنَهً وَ أَکمَلَتْهُ بِعَدَدٍ مَرْوِی، أَوْ آخِرَهُ تَحَیضَتْ بِیوْمَینِ قَبْلَهُ مُتَیقِّنَهً وَ قَبْلَهُمَا تَمَامُ الرِّوَایهِ، أَوْ وَسَطُهُ الْمَحْفُوفُ بِمُتَسَاوِیینِ، و أنّه یوْمٌ حَفَّتْهُ بِیوْمَینِ وَ اخْتَارَتْ رِوَایهَ السَّبْعَهِ لِتُطَابِقَ الْوَسَطَ، أَوْ یوْمَانِ حَفَّتْهُمَا بِمِثْلِهِمَا، فَتَیقَّنَتْ أَرْبَعَهً وَ اخْتَارَتْ رِوَایهَ السِّتَّهِ فَتَجْعَلُ قَبْلَ الْمُتَیقَّنِ یوْمًا وَ بَعْدَهُ یوْمًا، أَوْ الْوَسَطُ بِمَعْنَی الْأَثْنَاءِ مُطْلَقًا حَفَّتْهُ بِیوْمَینِ مُتَیقِّنَهً، وَ أَکمَلَتْهُ بِإِحْدَی الرِّوَایاتِ مُتَقَدِّمَهً أَوْ مُتَأَخِّرَهً أَوْ بِالتَّفْرِیقِ.

وَ لَا فَرْقَ هُنَا بَینَ تَیقُّنِ یوْمٍ وَ أَزْیدَ، و لو ذَکرَتْ عَدَدًا فِی الْجُمْلَهِ فَهُوَ الْمُتَیقَّنُ خَاصَّهً، وَ أَکمَلَتْهُ بِإِحْدَی الرِّوَایاتِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بِالتَّفْرِیقِ، وَ لَا احْتِیاطَ لَهَا بِالْجَمْعِ بَینَ التَّکلِیفَاتِ عِنْدَنَا، و أن جَازَ فِعْلُهُ. (وَیحْرُمُ عَلَیهَا) أَی عَلَی الْحَائِضِ مُطْلَقًا (الصَّلَاهُ) وَاجِبَهً وَ مَنْدُوبَهً.

(وَالصَّوْمُ وَ تَقْضِیهِ) دُونَهَا، وَ الْفَارِقُ النَّصُّ، لَا مَشَقَّتُهَا بِتَکرُّرِهَا وَ لَا غَیرُ ذَلِک.

(وَالطَّوَافُ) الْوَاجِبُ وَ الْمَنْدُوبُ و أن لَمْ یشْتَرَطْ فِیهِ الطَّهَارَهُ لِتَحْرِیمِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا عَلَیهَا (وَمَسُّ) کتَابَهِ (الْقُرْآنِ) وَ فِی مَعْنَاهُ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَی، وَ أَسْمَاءُ الْأَنْبِیاءِ وَ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ کمَا تَقَدَّمَ (وَیکرَهُ حَمْلُهُ) و لو بِالْعِلَاقَهِ (وَلَمْسُ هَامِشِهِ) و بین سُطُورِهِ (کالْجُنُبِ). (وَیحْرُمُ) عَلَیهَا (اللُّبْثُ فِی الْمَسَاجِدِ) غَیرِ الْحَرَمَینِ، وَ فِیهِمَا

یحْرُمُ الدُّخُولُ مُطْلَقًا کمَا مَرَّ، وَ کذَا یحْرُمُ عَلَیهَا وَ ضْعُ شَیءٍ فِیهَا کالْجُنُبِ، (وَقِرَاءَهُ الْعَزَائِمِ) وَ أَبْعَاضِهَا (وَطَلَاقُهَا) مَعَ حُضُورِ الزَّوْجِ أَوْ حُکمِهِ وَ دُخُولُهُ بِهَا وَ کوْنُهَا حَایلًا، وَ إِلَّا صَحَّ و إنّما أَطْلَقَ لِتَحْرِیمِهِ فِی الْجُمْلَهِ، وَ مَحَلُّ التَّفْصِیلِ بَابُ الطَّلَاقِ، و أن اُعْتِیدَ هُنَا إجْمَالًا (وَوَطْؤُهَا قُبُلًا عَامِدًا عَالِمًا فَتَجِبُ الْکفَّارَهُ) لَوْ فَعَلَ (احْتِیاطًا) لَا وُجُوبًا عَلَی الْأَقْوَی، وَ لَا کفَّارَهَ عَلَیهَا مُطْلَقًا، وَ الْکفَّارَهُ (بِدِینَارٍ) أَی مِثْقَالِ ذَهَبٍ خَالِصٍ مَضْرُوبٍ (فِی الثُّلُثِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ نِصْفُهُ فِی الثُّلُثِ الثَّانِی، ثُمَّ رُبُعُهُ فِی الثُّلُثِ الْأَخِیرِ) وَ یخْتَلِفُ ذَلِک بِاخْتِلَافِ الْعَادَهِ و ما فِی حُکمِهَا مِنْ التَّمَیزِ وَ الرِّوَایاتِ، فَالْأَوَّلَانِ أَوَّلٌ لِذَاتِ السِّتَّهِ، وَ الْوَسَطَانِ وَسَطٌ وَ الْأَخِیرَانِ آخِرُ، و هکذا وَ مَصْرِفُهَا مُسْتَحِقُّ الْکفَّارَهِ، وَ لَا یعْتَبَرُ فِیهِ التَّعَدُّدُ. (وَیکرَهُ لَهَا قِرَاءَهُ بَاقِی الْقُرْآنِ) غَیرِ الْعَزَائِمِ مِنْ غَیرِ اسْتِثْنَاءٍ لِلسَّبْعِ (وَکذَا) یکرَهُ لَهُ (الِاسْتِمْتَاعُ به غیر الْقُبُلِ) مِمَّا بَینَ السُّرَّهِ وَ الرُّکبَهِ، وَ یکرَهُ لَهَا إعَانَتُهُ عَلَیهِ إلَّا أَنْ یطْلُبَهُ فَتَنْتَفِی الْکرَاهَهُ عَنْهَا لِوُجُوبِ الْإِجَابَهِ.

وَ یظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ کرَاهَهُ الِاسْتِمْتَاعِ به غیر الْقُبُلِ مُطْلَقًا، وَ الْمَعْرُوفُ مَا ذَکرْنَاهُ. (وَیسْتَحَبُّ) لَهَا (الْجُلُوسُ فِی مُصَلَّاهَا) إنْ کانَ لَهَا مَحَلٌّ مُعَدٌّ لَهَا وَ إِلَّا فَحَیثُ شَاءَتْ (بَعْدَ الْوُضُوءِ) الْمَنْوِی بِهِ التَّقَرُّبُ دُونَ الِاسْتِبَاحَهِ (وَتَذْکرُ اللَّهَ تَعَالَی بِقَدْرِ الصَّلَاهِ) لِبَقَاءِ التَّمْرِینِ عَلَی الْعِبَادَهِ، فَإِنَّ الْخَیرَ عَادَهٌ (وَیکرَهُ لَهَا الْخِضَابُ) بِالْحِنَّاءِ و غیرهِ کالْجُنُبِ، (وَتَتْرُک ذَاتُ الْعَادَهِ) الْمُسْتَقِرَّهِ وَقْتًا وَ عَدَدًا أَوْ وَقْتًا خَاصًّا (الْعِبَادَهَ) الْمَشْرُوطَهَ بِالطَّهَارَهِ (بِرُؤْیهِ الدَّمِ).

أَمَّا ذَاتُ الْعَادَهِ الْعَدَدِیهِ خَاصَّهً، فَهِی کالْمُضْطَرِبَهِ فِی ذَلِک کمَا سَلَف (وَغَیرِهَا) مِنْ الْمُبْتَدَأَهِ وَ الْمُضْطَرِبَهِ (بَعْدَ ثَلَاثَهِ) أَیامٍ احْتِیاطًا، وَ الْأَقْوَی جَوَازُ تَرْکهِمَا بِرُؤْیتِهِ أَیضًا خُصُوصًا إذَا ظَنَّتَا

حَیضًا، و هو اخْتِیارُهُ فِی الذِّکرَی، وَ اقْتَصَرَ فِی الْکتَابَینِ عَلَی الْجَوَازِ مَعَ ظَنِّهِ خَاصَّهً. (وَیکرَهُ وَ طْؤُهَا) قُبُلًا (بَعْدَ الِانْقِطَاعِ قَبْلَ الْغُسْلِ عَلَی الْأَظْهَرِ) خِلَافًا لِلصَّدُوقِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَیثُ حَرَّمَهُ، وَ مُسْتَنَدُ الْقَوْلَینِ الْأَخْبَارُ الْمُخْتَلِفَهُ ظَاهِرًا، وَ الْحَمْلُ عَلَی الْکرَاهَهِ طَرِیقُ الْجَمْعِ، وَ الْآیهُ ظَاهِرَهٌ فِی التَّحْرِیمِ قَابِلَهٌ لِلتَّأْوِیلِ.

(وَتَقْضِی کلَّ صَلَاهٍ تَمَکنَتْ مَنْ فِعْلِهَا قَبْلَهُ) بِأَنْ مَضَی مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مِقْدَارُ فِعْلِهَا وَ فِعْلِ مَا یعْتَبَرُ فِیهَا مِمَّا لَیسَ بِحَاصِلٍ لَهَا طَاهِرَهً، (أَوْ فِعْلُ رَکعَهٍ مَعَ الطَّهَارَهِ) و غیرهَا مِنْ الشَّرَائِطِ الْمَفْقُودَهِ (بَعْدَهُ).

الاستحاضه

(وَأَمَّا الِاسْتِحَاضَهُ - فَهِی مَا) أَی الدَّمُ الْخَارِجُ مَنْ الرَّحِمِ الَّذِی (زَادَ عَلَی الْعَشَرَهِ) مُطْلَقًا (أَوْ الْعَادَهِ مُسْتَمِرًّا) إلَی أَنْ یتَجَاوَزَ الْعَشَرَهَ، فَیکونَ تَجَاوُزُهَا کاشِفًا عَنْ کوْنِ السَّابِقِ عَلَیهَا بَعْدَ الْعَادَهِ اسْتِحَاضَهً (أَوْ بَعْدَ الْیأْسِ) بِبُلُوغِ الْخَمْسِینَ أَوْ السِّتِّینَ عَلَی التَّفْصِیلِ (أَوْ بَعْدَ النِّفَاسِ) کالْمَوْجُودِ بَعْدَ الْعَشَرَهِ أَوْ فِیهَا بَعْدَ أَیامِ الْعَادَهِ مَعَ تَجَاوُزِ الْعَشَرَهِ، إذَا لَمْ یتَخَلَّلْهُ نَقَاءُ أَقَلِّ الطُّهْرِ أَوْ یصَادِفْ أَیامَ الْعَادَهِ فِی الْحَیضِ، بَعْدَ مُضِی عَشْرَهٍ فَصَاعِدًا مِنْ أَیامِ النِّفَاسِ، أَوْ یحْصُلُ فِیهِ تَمْییزٌ بِشَرَائِطِهِ.

(وَدَمُهَا) أَی الِاسْتِحَاضَهِ (أَصْفَرُ بَارِدٌ رَقِیقٌ فَاتِرٌ) أَی یخْرُجُ بِتَثَاقُلٍ وَ فُتُورٍ لَا بِدَفْعٍ (غَالِبًا)، وَ مُقَابِلُ الْغَالِبِ مَا تَجِدُهُ فِی الْوَقْتِ الْمَذْکورِ فَإِنَّهُ یحْکمُ بِکوْنِهِ اسْتِحَاضَهً، و أن کانَ بِصِفَهِ دَمِ الْحَیضِ لِعَدَمِ إمْکانِهِ. ثُمَّ الِاسْتِحَاضَهُ تَنْقَسِمُ إلَی قَلِیلَهٍ وَ کثِیرَهٍ وَ مُتَوَسِّطَهٍ: لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ لَا تَغْمِسَ الْقُطْنَهَ أَجْمَعَ ظَاهِرًا وَ بَاطِنًا، أَوْ تَغْمِسَهَا کذَلِک وَ لَا تَسِیلَ عَنْهَا بِنَفْسِهِ إلَی غَیرِهَا، أَوْ تَسِیلَ عَنْهَا إلَی الْخِرْقَهِ، (فَإِنْ لَمْ تَغْمِسْ الْقُطْنَهَ تَتَوَضَّأُ لِکلِّ صَلَاهٍ مَعَ تَغْییرِهَا) الْقُطْنَهَ لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ هَذَا الدَّمِ مُطْلَقًا وَ غُسْلِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْفَرْجِ عِنْدَ

الْجُلُوسِ عَلَی الْقَدَمَینِ، و إنّما تَرَکهُ لِأَنَّهُ إزَالَهُ خَبَثٍ قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَلَفَ (وَمَا یغْمِسُهَا به غیر سَیلٍ تَزِیدُ) عَلَی مَا ذُکرَ فِی الْحَالَهِ الْأُولَی (الْغُسْلَ لِلصُّبْحِ) إنْ کانَ الْغَمْسُ قَبْلَهَا، و لو کانَتْ صَائِمَهً قَدَّمَتْهُ عَلَی الْفَجْرِ، وَ اجْتَزَأَتْ بِهِ لِلصَّلَاهِ، و لو تَأَخَّرَ الْغَمْسُ عَنْ الصَّلَاهِ فَکالْأَوَّلِ (وَمَا یسِیلُ) یجِبُ لَهُ جَمِیعُ مَا وَجَبَ فِی الْحَالَتَینِ وَ تَزِیدُ عَلَیهِمَا (أَنَّهَا تَغْتَسِلُ أَیضًا لِلظُّهْرَینِ) تَجْمَعُ بَینَهُمَا (ثُمَّ الْعِشَاءَینِ) کذَلِک (وَتَغْییرُ الْخِرْقَهِ فِیهِمَا) أَی فِی الْحَالَتَینِ الْوُسْطَی وَ الْأَخِیرَهِ، لِأَنَّ الْغَمْسَ یوجِبُ رُطُوبَهَ مَا لَاصَقَ الْخِرْقَهَ مِنْ الْقُطْنَهِ، و أن لَمْ یسِلْ إلَیهَا فَتَنْجَسُ، وَ مَعَ السَّیلَانِ وَاضِحٌ، وَ فِی حُکمِ تَغْییرِهَا تَطْهِیرُهَا.

وَ إِنَّمَا یجِبُ الْغُسْلُ فِی هَذِهِ الْأَحْوَالِ، مَعَ وُجُودِ الدَّمِ الْمُوجِبِ لَهُ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاهِ، و أن کانَ فِی غَیرِ وَقْتِهَا، إذَا لَمْ تَکنْ قَدْ اغْتَسَلَتْ لَهُ بَعْدَهُ کمَا یدُلُّ عَلَیهِ خَبَرُ الصِّحَافِ وَ رُبَّمَا قِیلَ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الصَّلَاهِ وَ لَا شَاهِدَ لَهُ.

النفاس

(وَأَمَّا النِّفَاسُ) - بِکسْرِ النُّونِ (فَدَمُ الْوِلَادَهِ مَعَهَا) بِأَنْ یقَارِنَ خُرُوجَ جُزْءٍ و أن کانَ مُنْفَصِلًا، مِمَّا یعَدُّ آدَمِیا أَوْ مَبْدَأَ نُشُوءِ آدَمِی، و أن کانَ مُضْغَهً مَعَ الْیقِینِ.

أَمَّا الْعَلَقَهُ - و هی الْقِطْعَهُ مِنْ الدَّمِ الْغَلِیظِ - فَإِنْ فُرِضَ الْعِلْمُ بِکوْنِهَا مَبْدَأَ نُشُوءِ إنْسَانٍ، کانَ دَمُهَا نِفَاسًا إلَّا أَنَّهُ بَعِیدٌ (أَوْ بَعْدَهَا) بِأَنْ یخْرُجَ الدَّمُ بَعْدَ خُرُوجِهِ أَجْمَعُ.

وَ لَوْ تَعَدَّدَ الْجُزْءُ مُنْفَصِلًا أَوْ الْوَلَدُ، فَلِکلٍّ نِفَاسٌ و أن اتَّصَلَا، وَ یتَدَاخَلُ مِنْهُ مَا اتَّفَقَا فِیهِ.

وَ احْتُرِزَ بِالْقَیدَینِ عَمَّا یخْرُجُ قَبْلَ الْوِلَادَهِ فَلَا یکونُ نِفَاسًا، بَلْ اسْتِحَاضَهً إلَّا مَعَ إمْکانِ کوْنِهِ حَیضًا.

(وَأَقَلُّهُ مُسَمَّاهُ) و هو وُجُودُهُ فِی لَحْظَهٍ، فَیجِبُ الْغُسْلُ بِانْقِطَاعِهِ بَعْدَهَا، و لو لَمْ تَرَ دَمًا فَلَا نِفَاسَ عِنْدَنَا (وَأَکثَرُهُ

قَدْرُ الْعَادَهِ فِی الْحَیضِ) لِلْمُعْتَادَهِ عَلَی تَقْدِیرِ تَجَاوُزِ الْعَشَرَهِ، وَ إِلَّا فَالْجَمِیعُ نِفَاسٌ، و أن تَجَاوَزَهَا کالْحَیضِ (فَإِنْ لَمْ تَکنْ) لَهَا عَادَهٌ (فَالْعَشْرَهُ) أَکثَرُهُ (عَلَی الْمَشْهُورِ).

وَ إِنَّمَا یحْکمُ بِهِ نِفَاسًا فِی أَیامِ الْعَادَهِ، وَ فِی مَجْمُوعِ الْعَشَرَهِ مَعَ وُجُودِهِ فِیهِمَا أَوْ فِی طَرَفَیهِمَا.

أَمَّا لَوْ رَأَتْهُ فِی أَحَدِ الطَّرَفَینِ خَاصَّهً، أَوْ فِیهِ و فی الوَسَطِ فَلَا نِفَاسَ لَهَا فِی الْخَالِی عَنْهُ مُتَقَدِّمًا وَ مُتَأَخِّرًا، بَلْ فِی وَقْتِ الدَّمِ أَوْ الدَّمَینِ فَصَاعِدًا و ما بَینَهُمَا، فَلَوْ رَأَتْ أَوَّلَهُ لَحْظَهً وَ آخِرَ السَّبْعَهِ لِمُعْتَادَتِهَا فَالْجَمِیعُ نِفَاسٌ، و لو رَأَتْهُ آخِرَهَا خَاصَّهً فَهُوَ النِّفَاسُ، و مثله رُؤْیهُ الْمُبْتَدَأَهِ وَ الْمُضْطَرِبَهِ فِی الْعَشَرَهِ، بَلْ الْمُعْتَادَهُ عَلَی تَقْدِیرِ انْقِطَاعِهِ عَلَیهَا، و لو تَجَاوَزَ فَمَا وُجِدَ مِنْهُ فِی الْعَادَهِ، و ما قَبْلَهُ إلَی زَمَانِ الرُّؤْیهِ نِفَاسٌ خَاصَّهً.

کمَا لَوْ رَأَتْ رَابِعَ الْوِلَادَهِ مَثَلًا وَ سَابِعَهَا لِمُعْتَادَتِهَا وَ اسْتَمَرَّ إلَی أَنْ تَجَاوَزَ الْعَشَرَهَ، فَنِفَاسُهَا الْأَرْبَعَهُ الْأَخِیرَهُ مِنْ السَّبْعَهِ خَاصَّهً، و لو رَأَتْهُ فِی السَّابِعِ خَاصَّهً فَتَجَاوَزَهَا فَهُوَ النِّفَاسُ خَاصَّهً، و لو رَأَتْهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَ السَّابِعَ وَ تَجَاوَزَ الْعَشَرَهَ - سَوَاءٌ کانَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَمْ لَا - فَالْعَادَهُ خَاصَّهً نِفَاسٌ، و لو رَأَتْهُ أَوَّلًا وَ بَعْدَ الْعَادَهِ وَ تَجَاوَزَ، فَالْأَوَّلُ خَاصَّهً نِفَاسٌ، و علی هَذَا الْقِیاسُ.

(وَحُکمُهَا کالْحَائِضِ) فِی الْأَحْکامِ الْوَاجِبَهِ وَ الْمَنْدُوبَهِ وَ الْمُحَرَّمَهِ وَ الْمَکرُوهَهِ، وَ تُفَارِقُهَا فِی الْأَقَلِّ وَ الْأَکثَرِ.

وَ الدَّلَالَهِ عَلَی الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْحَائِضِ لِسَبْقِ دَلَالَهِ النِّفَاسِ بِالْحَمْلِ وَ انْقِضَاءِ الْعِدَّهِ بِالْحَیضِ دُونَ النِّفَاسِ غَالِبًا، وَ رُجُوعِ الْحَائِضِ إلَی عَادَتِهَا وَ عَادَهِ نِسَائِهَا، وَ الرِّوَایاتُ وَ التَّمْییزُ دُونَهَا، وَ یخْتَصُّ النِّفَاسُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ أَقَلِّ الطُّهْرِ بَینَ النِّفَاسَینِ کالتَّوْأَمَینِ، بِخِلَافِ الْحَیضَتَینِ.

(وَیجِبُ الْوُضُوءُ مَعَ غُسْلِهِنَّ) مُتَقَدِّمًا عَلَیهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا (وَیسْتَحَبُّ قَبْلَهُ) وَ

تُتَخَیرُ فِیهِ بَینَ نِیهِ الِاسْتِبَاحَهِ وَ الرَّفْعِ مُطْلَقًا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ.

مس المیت

(وَأَمَّا غُسْلُ الْمَسِّ) لِلْمَیتِ الْآدَمِی النَّجِسِ (فَبَعْدَ الْبَرْدِ وَ قَبْلَ التَّطْهِیرِ) بِتَمَامِ الْغُسْلِ، فَلَا غُسْلَ بِمَسِّهِ قَبْلَ الْبَرْدِ وَ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَ فِی وُجُوبِ غَسْلِ الْعُضْوِ اللَّامِسِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا ذَلِک خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ وَ کذَا لَا غُسْلَ بِمَسِّهِ بَعْدَ الْغُسْلِ، وَ فِی وُجُوبِهِ بِمَسِّ عُضْوٍ کمُلَ غُسْلُهُ قَوْلَانِ: اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَهُ.

وَ فِی حُکمِ الْمَیتِ جُزْؤُهُ الْمُشْتَمِلُ عَلَی عَظْمٍ وَ الْمُبَانُ مِنْهُ مِنْ حَی وَ الْعَظْمُ الْمُجَرَّدُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، اسْتِنَادًا إلَی دَوَرَانِ الْغُسْلِ مَعَهُ وُجُودًا وَ عَدَمًا، و هو ضَعِیفٌ (وَیجِبُ فِیهِ) أَی فِی غُسْلِ الْمَسِّ (الْوُضُوءُ) قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، کغَیرِهِ مِنْ أَغْسَالِ الْحَی غَیرِ الْجَنَابَهِ.

وَ " فِی " فِی قَوْلِهِ: " فِیهِ " لِلْمُصَاحَبَهِ کقَوْلِهِ تَعَالَی: { اُدْخُلُوا فِی أُمَمٍ } وَ { فَخَرَجَ عَلَی قَوْمِهِ فِی زِینَتِهِ } إنْ عَادَ ضَمِیرُهُ إلَی الْغُسْلِ، و أن عَادَ إلَی الْمَسِّ فَسَبَبِیهٌ.

القول فی أحکام الأموات

القول فی أحکام الأموات:

الاحتضار

الْقَوْلُ فِی أَحْکامِ الْأَمْوَاتِ - و هی خَمْسَهٌ) الْأَوَّلُ - (الِاحْتِضَارُ) و هو السَّوْقُ، أَعَانَنَا اللَّهُ عَلَیهِ، وَ ثَبَّتَنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ لَدَیهِ سُمِّی بِهِ لِحُضُورِ الْمَوْتِ أَوْ الْمَلَائِکهِ الْمُوَکلَهِ بِهِ، أَوْ إخْوَانِهِ وَ أَهْلِهِ عِنْدَهُ.

(وَیجِبُ) کفَایهً (تَوْجِیهُهُ) أَی الْمُحْتَضَرُ الْمَدْلُولِ عَلَیهِ بِالْمَصْدَرِ (إلَی الْقِبْلَهِ) فِی الْمَشْهُورِ بِأَنْ یجْعَلَ عَلَی ظَهْرِهِ، وَ یجْعَلَ بَاطِنُ قَدَمَیهِ إلَیهَا (بِحَیثُ لَوْ جَلَسَ اسْتَقْبَلَ) وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِک بَینَ الصَّغِیرِ وَ الْکبِیرِ، وَ لَا یخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِوَلِیهِ، بَلْ بِمَنْ عَلِمَ بِاحْتِضَارِهِ و أن تُؤُکدَ فِیهِ و فی الحَاضِرِینَ.

(وَیسْتَحَبُّ نَقْلُهُ إلَی مُصَلَّاهُ) و هو مَا کانَ أَعَدَّهُ لِلصَّلَاهِ فِیهِ أَوْ عَلَیهِ، إنْ تَعَسَّرَ عَلَیهِ الْمَوْتُ وَ اشْتَدَّ بِهِ النَّزْعُ کمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَ

قَیدَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِهِ (وَتَلْقِینُهُ الشَّهَادَتَینِ وَ الْإِقْرَارَ بِالْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ) وَ الْمُرَادُ بِالتَّلْقِینِ التَّفْهِیمُ، یقَالُ، " غُلَامٌ لَقِنٌ " أَی سَرِیعُ الْفَهْمِ فَیعْتَبَرُ إفْهَامُهُ ذَلِک، وَ ینْبَغِی لِلْمَرِیضِ مُتَابَعَتُهُ بِاللِّسَانِ وَ الْقَلْبِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اللِّسَانُ اقْتَصَرَ عَلَی الْقَلْبِ.

(وَکلِمَاتِ الْفَرَجِ) وَ هِی ، " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِیمُ الْکرِیمُ " إلَی قَوْلِهِ " وَ سَلَامٌ عَلَی الْمُرْسَلِینَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ".

وَ ینْبَغِی أَنْ یجْعَلَ خَاتِمَهَ تَلْقِینِهِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ "، فَمَنْ کانَ آخِرُ کلَامِهِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " دَخَلَ الْجَنَّهَ (وَقِرَاءَهُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ) قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَ بَعْدَهُ لِلْبَرَکهِ، وَ الِاسْتِدْفَاعِ خُصُوصًا یس وَ الصَّافَّاتِ قَبْلَهُ لِتَعْجِیلِ رَاحَتِهِ.

(وَالْمِصْبَاحُ إنْ مَاتَ لَیلًا) فِی الْمَشْهُورِ، وَ لَا شَاهِدَ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَ رُوِی ضَعِیفًا دَوَامُ الْإِسْرَاجِ.

(وَلْتُغْمَضْ عَینَاهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ مُعَجَّلًا، لِئَلَّا یقْبُحَ مَنْظَرُهُ.) وَ یطَبَّقُ فُوهُ) کذَلِک، وَ کذَا یسْتَحَبُّ شَدُّ لَحْییهِ بِعِصَابَهٍ لِئَلَّا یسْتَرْخِی (وَتُمَدُّ، یدَاهُ إلَی جَنْبَیهِ) وَ سَاقَاهُ إنْ کانَتَا مُنْقَبِضَتَینِ، لِیکونَ أَطَوْعَ لِلْغُسْلِ وَ أَسْهَلَ لِلدَّرْجِ فِی الْکفَنِ.

(وَیغَطَّی بِثَوْبٍ) لِلتَّأَسِّی، وَ لِمَا فِیهِ مِنْ السَّتْرِ وَ الصِّیانَهِ.

(وَیعَجَّلُ تَجْهِیزُهُ) فَإِنَّهُ مِنْ إکرَامِهِ (إلَّا مَعَ الِاشْتِبَاهِ) فَلَا یجُوزُ التَّعْجِیلُ فَضْلًا عَنْ رُجْحَانِهِ (فَیصْبَرُ عَلَیهِ ثَلَاثَهَ أَیامٍ) إلَّا أَنْ یعْلَمَ قَبْلَهَا لِتَغَیرٍ و غیرهِ مِنْ أَمَارَاتِ الْمَوْتِ، کانْخِسَافِ صُدْغَیهِ وَ مَیلِ أَنْفِهِ، وَ امْتِدَادِ جِلْدَهِ وَجْهِهِ، وَ انْخِلَاعِ کفِّهِ مِنْ ذِرَاعِهِ، وَ اسْتِرْخَاءِ قَدَمَیهِ، وَ تَقَلُّصِ أُنْثَییهِ إلَی فَوْقٍ مَعَ تَدَلِّی الْجِلْدَهِ.

(وَیکرَهُ حُضُورُ الْجُنُبِ وَ الْحَائِضِ عِنْدَهُ) لِتَأَذِّی الْمَلَائِکهِ بِهِمَا، وَ غَایهُ الْکرَاهَهِ تَحَقُّقُ الْمَوْتِ، وَ انْصِرَافُ الْمَلَائِکهِ (وَطَرْحُ حَدِیدٍ عَلَی بَطْنِهِ) فِی الْمَشْهُورِ، وَ لَا شَاهِدَ لَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَ لَا کرَاهَهَ فِی وَضْعِ غَیرِهِ لِلْأَصْلِ، وَ قِیلَ

یکرَهُ أَیضًا.

الغسل

(الثَّانِی - الْغُسْلُ) (وَیجِبُ تَغْسِیلُ کلِّ) مَیتٍ (مُسْلِمٍ أَوْ بِحُکمِهِ) کالطِّفْلِ وَ الْمَجْنُونِ الْمُتَوَلِّدَینِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَ لَقِیطِ دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ دَارِ الْکفْرِ وَ فِیهَا مُسْلِمٌ یمْکنْ تَوَلُّدُهُ مِنْهُ، وَ الْمَسْبِی بِیدِ الْمُسْلِمِ عَلَی الْقَوْلِ بِتَبَعِیتِهِ فِی الْإِسْلَامِ، کمَا هُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ و أن کانَ الْمَسْبِی وَلَدَ زِنًا و فی المُتَخَلِّقِ مِنْ مَاءِ الزَّانِی الْمُسْلِمِ نَظَرٌ مِنْ انْتِفَاءِ التَّبَعِیهِ شَرْعًا، و من تَوَلُّدِهِ مِنْهُ حَقِیقَهً وَ کوْنِهِ وَلَدًا لُغَهً فَیتْبَعُهُ فِی الْإِسْلَامِ کمَا یحْرُمُ نِکاحُهُ.

وَ یسْتَثْنَی مِنْ الْمُسْلِمِ مَنْ حُکمَ بِکفْرِهِ مِنْ الْفِرَقِ کالْخَارِجِی وَ النَّاصِبِی وَ الْمُجَسِّمِ، و إنّما تَرَک اسْتِثْنَاءَهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ حَقِیقَهً و أن أُطْلِقَ عَلَیهِ ظَاهِرًا.

وَ یدْخُلُ فِی حُکمِ الْمُسْلِمِ الطِّفْلُ (وَلَوْ سِقْطًا إذَا کانَ لَهُ أَرْبَعَهُ أَشْهُرٍ) و لو کانَ دُونَهَا لُفَّ فِی خِرْقَهٍ وَ دُفِنَ به غیر غُسْلٍ (بِالسِّدْرِ) أَی بِمَاءٍ مُصَاحِبٍ لِشَیءٍ مِنْ السِّدْرِ وَ أَقَلُّهُ مَا یطْلَقُ عَلَیهِ اسْمُهُ، وَ أَکثَرُهُ أَنْ لَا یخْرُجَ بِهِ الْمَاءُ عَنْ الْإِطْلَاقِ، فِی الْغَسْلَهِ الْأُولَی (ثُمَّ) بِمَاءٍ مُصَاحِبٍ لِشَیءٍ مِنْ (الْکافُورِ) کذَلِک (ثُمَّ) یغَسَّلُ ثَالِثًا بِالْمَاءِ (الْقَرَاحِ) و هو الْمُطْلَقُ الْخَالِصُ مِنْ الْخَلِیطِ، بِمَعْنَی کوْنِهِ غَیرَ مُعْتَبَرٍ فِیهِ لَا أَنَّ سَلْبَهُ عَنْهُ مُعْتَبَرٌ و إنّما الْمُعْتَبَرُ کوْنُهُ مَاءً مُطْلَقًا.

وَ کلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَغْسَالِ (کالْجَنَابَهِ) یبْدَأُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَ رَقَبَتِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِمَیامِنِهِ، ثُمَّ مَیاسِرِهِ، أَوْ یغْمِسُهُ فِی الْمَاءِ دُفْعَهً وَاحِدَهً عُرْفِیهً، (مُقْتَرِنًا) فِی أَوَّلِهِ (بِالنِّیهِ) وَ ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ - و هو الَّذِی صَرَّحَ بِهِ فِی غَیرِهِ - الِاکتِفَاءُ بِنِیهٍ وَاحِدَهٍ لِلْأَغْسَالِ الثَّلَاثَهِ، وَ الْأَجْوَدُ التَّعَدُّدُ بِتَعَدُّدِهَا ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ الْغَاسِلُ تَوَلَّی هُوَ النِّیهَ، وَ لَا تُجْزِی مِنْ غَیرِهِ، و أن تَعَدَّدَ وَ اشْتَرَکوا فِی الصَّبِّ نَوَوْا جَمِیعًا، و

لو کانَ الْبَعْضُ یصُبُّ وَ الْآخَرُ یقَلِّبُ نَوَی الصَّابُّ لِأَنَّهُ الْغَاسِلُ حَقِیقَهً، وَ اسْتُحِبَّ مِنْ الْآخَرِ.

وَ اکتَفَی الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی بِهَا مِنْهُ أَیضًا.

وَ لَوْ تَرَتَّبُوا بِأَنْ غَسَّلَ کلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْضًا - اُعْتُبِرَتْ مِنْ کلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ ابْتِدَاءِ فِعْلِهِ.

(وَالْأَوْلَی بِمِیرَاثِهِ أَوْلَی بِأَحْکامِهِ)، بِمَعْنَی أَنَّ الْوَارِثَ أَوْلَی مِمَّنْ لَیسَ بِوَارِثٍ و أن کانَ قَرِیبًا، ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ اخْتَصَّ، و أن تَعَدَّدَ فَالذَّکرُ أَوْلَی مِنْ الْأُنْثَی، وَ الْمُکلَّفُ مِنْ غَیرِهِ، وَ الْأَبُ مِنْ الْوَلَدِ وَ الْجَدِّ.

(وَالزَّوْجُ أَوْلَی) بِزَوْجَتِهِ (مُطْلَقًا) فِی جَمِیعِ أَحْکامِ الْمَیتِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ الدَّائِمِ وَ الْمُنْقَطِعِ (وَیجِبُ الْمُسَاوَاهُ) بَینَ الْغَاسِلِ وَ الْمَیتِ (فِی الرُّجُولِیهِ وَ الْأُنُوثِیهِ) فَإِذَا کانَ الْوَلِی مُخَالِفًا لِلْمَیتِ أَذِنَ لِلْمُمَاثِلِ لَا أَنَّ وِلَایتَهُ تَسْقُطُ، إذْ لَا مُنَافَاهَ بَینَ الْأَوْلَوِیهِ وَ عَدَمِ الْمُبَاشَرَهِ.

وَ قَیدَ بِالرُّجُولِیهِ لِئَلَّا یخْرُجَ تَغْسِیلُ کلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَهِ ابْنَ ثَلَاثِ سِنِینَ وَ بِنْتَه، لِانْتِفَاءِ وَصْفِ الرُّجُولِیهِ فِی الْمُغَسَّلِ الصَّغِیرِ، وَ مَعَ ذَلِک لَا یخْلُو مِنْ الْقُصُورِ کمَا لَا یخْفَی.

وَ إِنَّمَا یعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَهُ (فِی غَیرِ الزَّوْجَینِ) فَیجُوزُ لِکلٍّ مِنْهُمَا تَغْسِیلُ صَاحِبِهِ اخْتِیارًا، فَالزَّوْجُ بِالْوِلَایهِ، وَ الزَّوْجَهُ مَعَهَا أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِی وَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ وَرَاءِ الثِّیابِ و أن جَازَ النَّظَرُ وَ یغْتَفَرُ الْعَصْرُ هُنَا فِی الثَّوْبِ کمَا یغْتَفَرُ فِی الْخِرْقَهِ السَّاتِرَهِ لِلْعَوْرَهِ مُطْلَقًا، إجْرَاءً لَهُمَا مَجْرَی مَا لَا یمْکنُ عَصْرُهُ.

وَ لَا فَرْقَ فِی الزَّوْجَهِ بَینَ الْحُرَّهِ وَ الْأَمَهِ، وَ الْمَدْخُولِ بِهَا و غیرهَا، وَ الْمُطَلَّقَهُ رَجْعِیهً زَوْجَهٌ، بِخِلَافِ الْبَائِنِ.

وَ لَا یقْدَحُ انْقِضَاءُ الْعِدَّهِ فِی جَوَازِ التَّغْسِیلِ عِنْدَنَا، بَلْ لَوْ تَزَوَّجَتْ جَازَ لَهَا تَغْسِیلُهُ و أن بَعُدَ الْفَرْضُ، وَ کذَا یجُوزُ لِلرَّجُلِ تَغْسِیلُ مَمْلُوکتِهِ غَیرِ الْمُزَوَّجَهِ و أن کانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، دُونَ الْمُکاتَبَهِ و أن کانَتْ مَشْرُوطَهً،

دُونَ الْعَکسِ لِزَوَالِ مِلْکهِ عَنْهَا، نَعَمْ لَوْ کانَتْ أُمَّ وَلَدٍ غَیرَ مَنْکوحَهٍ لِغَیرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ جَازَ.

(وَمَعَ التَّعَذُّرِ) لِلْمُسَاوِی فِی الذُّکورَهِ وَ الْأُنُوثَهِ (فَالْمَحْرَمُ) و هو مَنْ یحْرُمُ نِکاحُهُ مُؤَبَّدًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَهٍ، یغَسِّلُ مَحْرَمَهُ الَّذِی یزِیدُ سِنُّهُ عَنْ ثَلَاثِ سِنِینَ (مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمَحْرَمُ وَ الْمُمَاثِلُ (فَالْکافِرُ) یغَسِّلُ الْمُسْلِمَ وَ الْکافِرَهُ تُغَسِّلُ الْمُسْلِمَهَ (بِتَعْلِیمِ الْمُسْلِمِ) عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَ الْمُرَادُ هُنَا صُورَهُ الْغُسْلِ وَ لَا یعْتَبَرُ فِیهِ النِّیهُ، وَ یمْکنُ اعْتِبَارُ نِیهِ الْکافِرِ کمَا یعْتَبَرُ نِیتُهُ فِی الْعِتْقِ وَ نَفَاهُ الْمُحَقِّقُ فِی الْمُعْتَبَرِ لِضَعْفِ الْمُسْتَنَدِ وَ کوْنِهِ لَیسَ بِغُسْلٍ حَقِیقِی لِعَدَمِ النِّیهِ، وَ عُذْرُهُ وَاضِحٌ.

(وَیجُوزُ تَغْسِیلُ الرَّجُلِ ابْنَهَ ثَلَاثِ سِنِینَ مُجَرَّدَهً وَ کذَا الْمَرْأَهُ) یجُوزُ لَهَا تَغْسِیلُ ابْنِ ثَلَاثٍ مُجَرَّدًا و أن وُجِدَ الْمُمَاثِلُ، وَ مُنْتَهَی تَحْدِیدِ السِّنِّ الْمَوْتُ فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا بَعْدَهُ و أن طَالَ، و بهذا یمْکنُ وُقُوعُ الْغُسْلِ لِوَلَدِ الثَّلَاثِ تَامَّهً مِنْ غَیرِ زِیادَهٍ.

فَلَا یرَدُّ مَا قِیلَ إنَّهُ یعْتَبَرُ نُقْصَانُهَا لِیقَعَ الْغُسْلُ قَبْلَ تَمَامِهَا. (وَالشَّهِیدُ) و هو الْمُسْلِمُ و من بِحُکمِهِ الْمَیتُ فِی مَعْرَکهِ قِتَالٍ أَمَرَ بِهِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم أَوْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُمَا الْخَاصُّ.

وَ هُوَ فِی حِزْبِهِمَا بِسَبَبِهِ، أَوْ قُتِلَ فِی جِهَادٍ مَأْمُورٍ بِهِ حَالَ الْغَیبَهِ، کمَا لَوْ دَهَمَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ مَنْ یخَافُ مِنْهُ عَلَی بَیضَهِ الْإِسْلَامِ، فَاضْطُرُّوا إلَی جِهَادِهِمْ بِدُونِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، عَلَی خِلَافٍ فِی هَذَا الْقِسْمِ.

سُمِّی بِذَلِک لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْمَغْفِرَهِ وَ الْجَنَّهِ (لَا یغَسَّلُ وَ لَا یکفَّنُ بَلْ یصَلَّی عَلَیهِ) وَ یدْفَنُ بِثِیابِهِ وَ دِمَائِهِ، وَ ینْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَ الْجُلُودُ کالْخُفَّینِ و أن أَصَابَهُمَا الدَّمُ.

وَ مَنْ خَرَجَ عَمَّا ذَکرْنَاهُ یجِبُ تَغْسِیلُهُ وَ تَکفِینُهُ و أن أُطْلِقَ عَلَیهِ اسْمُ الشَّهِیدِ

فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ، کالْمَطْعُونِ وَ الْمَبْطُونِ وَ الْغَرِیقِ، وَ الْمَهْدُومِ عَلَیهِ وَ النُّفَسَاءِ وَ الْمَقْتُولِ دُونَ مَالِهِ وَ أَهْلِهِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِیقِ و غیرهِمْ.

(وَیجِبُ إزَالَهُ النَّجَاسَهِ) الْعَرَضِیهِ (عَنْ بَدَنِهِ أَوَّلًا) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِی غُسْلِهِ.

(وَیسْتَحَبُّ فَتْقُ قَمِیصِهِ) مِنْ الْوَارِثِ أَوْ مَنْ یأْذَنُ لَهُ (وَنَزْعُهُ مِنْ تَحْتِهِ) لِأَنَّهُ مَظِنَّهُ النَّجَاسَهِ، وَ یجُوزُ غُسْلُهُ فِیهِ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ الْأَکثَرِ، وَ یطْهُرُ بِطُهْرِهِ مِنْ غَیرِ عَصْرٍ، و علی تَقْدِیرِ نَزْعِهِ تُسْتَرُ عَوْرَتُهُ وُجُوبًا بِهِ أَوْ بِخِرْقَهٍ، و هو أَمْکنُ لِلْغُسْلِ إلَّا أَنْ یکونَ الْغَاسِلُ غَیرَ مُبْصِرٍ أَوْ وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ بِکفِّ الْبَصَرِ فَیسْتَحَبُّ اسْتِظْهَارًا.

(وَتَغْسِیلُهُ عَلَی سَاجَهٍ) و هی لَوْحٌ مِنْ خَشَبٍ مَخْصُوصٍ وَ الْمُرَادُ وَضْعُهُ عَلَیهَا أَوْ عَلَی غَیرِهَا مِمَّا یؤَدِّی فَائِدَتَهَا، حِفْظًا لِجَسَدِهِ مِنْ التَّلَطُّخِ.

وَ لْیکنْ عَلَی مُرْتَفَعٍ وَ مَکانُ الرِّجْلَینِ مُنْحَدِرًا (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَهِ) و فی الدُّرُوسِ یجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ، وَ مَالَ إلَیهِ فِی الذِّکرَی، وَ اسْتَقْرَبَ عَدَمَهُ فِی الْبَیانِ (وَتَثْلِیثُ الْغَسَلَاتِ) بِأَنْ یغْسِلَ کلَّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِی کلِّ غَسْلَهٍ (وَغَسْلُ یدَیهِ) أَی یدَی الْمَیتِ إلَی نِصْفِ الذِّرَاعِ ثَلَاثًا (مَعَ کلِّ غَسْلَهٍ) وَ کذَا یسْتَحَبُّ غَسْلُ الْغَاسِلِ یدَیهِ مَعَ کلِّ غَسْلَهٍ إلَی الْمِرْفَقَینِ (وَمَسْحُ بَطْنِهِ فِی) الْغَسْلَتَینِ (الْأُولَیینِ) قَبْلَهُمَا تَحَفُّظًا مِنْ خُرُوجِ شَیءٍ بَعْدَ الْغُسْلِ لِعَدَمِ الْقُوَّهِ الْمَاسِکهِ، إلَّا الْحَامِلَ الَّتِی مَاتَ وَلَدُهَا، فَإِنَّهَا لَا تُمْسَحُ حَذَرًا مِنْ الْإِجْهَاضِ (وَتَنْشِیفُهُ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْغُسْلِ (بِثَوْبٍ) صَوْنًا لِلْکفَنِ مِنْ الْبَلَلِ (وَإِرْسَالُ الْمَاءِ فِی غَیرِ الْکنِیفِ) الْمُعَدِّ لِلنَّجَاسَهِ، وَ الْأَفْضَلُ أَنْ یجْعَلَ فِی حَفِیرَهٍ خَاصَّهٍ بِهِ (وَتَرْک رُکوبِهِ) بِأَنْ یجْعَلَهُ الْغَاسِلُ بَینَ رِجْلَیهِ (وَإِقْعَادُهُ وَ قَلْمُ ظُفُرِهِ وَ تَرْجِیلُ شَعْرِهِ) و هو تَسْرِیحُهُ، و لو فَعَلَ ذَلِک دُفِنَ مَا ینْفَصِلُ مِنْ شَعْرِهِ وَ ظُفْرِهِ مَعَهُ

وُجُوبًا.

الکفن

(الثَّالِثُ - الْکفَنُ) (وَالْوَاجِبُ مِنْهُ) ثَلَاثَهُ أَثْوَابٍ، (مِئْزَرٌ) بِکسْرِ الْمِیمِ ثُمَّ الْهَمْزَهُ السَّاکنَهُ، یسْتُرُ مَا بَینَ السُّرَّهِ وَ الرُّکبَهِ.

وَ یسْتَحَبُّ أَنْ یسْتُرَ مَا بَینَ صَدْرِهِ وَ قَدَمِهِ.

(وَقَمِیصٌ) یصِلُ إلَی نِصْفِ السَّاقِ، وَ إِلَی الْقَدَمِ أَفْضَلُ وَ یجْزِئُ مَکانَهُ ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِجَمِیعِ الْبَدَنِ عَلَی الْأَقْوَی (وَإِزَارٌ) بِکسْرِ الْهَمْزَهِ، و هو ثَوْبٌ شَامِلٌ لِجَمِیعِ الْبَدَنِ.

وَ یسْتَحَبُّ زِیادَتُهُ عَلَی ذَلِک طُولًا بِمَا یمْکنُ شَدُّهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَ رِجْلَیهِ، وَ عَرْضًا بِحَیثُ یمْکنُ جَعْلُ أَحَدِ جَانِبَیهِ عَلَی الْآخَرِ.

وَ یرَاعَی فِی جِنْسِهَا الْقَصْدُ بِحَسَبِ حَالِ الْمَیتِ، فَلَا یجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَی الْأَدْوَنِ، و أن مَاکسَ الْوَارِثُ، أَوْ کانَ غَیرَ مُکلَّفٍ.

وَ یعْتَبَرُ فِی کلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ یسْتُرَ الْبَدَنَ بِحَیثُ لَا یحْکی مَا تَحْتَهُ وَ کوْنُهُ مِنْ جِنْسِ مَا یصَلِّی فِیهِ الرَّجُلُ، وَ أَفْضَلُهُ الْقُطْنُ الْأَبْیضُ.

وَ فِی الْجِلْدِ وَجْهٌ بِالْمَنْعِ مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ وَ قَطَعَ بِهِ فِی الذِّکرَی، لِعَدَمِ فَهْمِهِ مِنْ إطْلَاقِ الثَّوْبِ وَ لِنَزْعِهِ عَنْ الشَّهِیدِ، و فی الدُّرُوسِ اکتَفَی بِجَوَازِ الصَّلَاهِ فِیهِ لِلرَّجُلِ کمَا ذَکرْنَاهُ.

هَذَا کلُّهُ (مَعَ الْقُدْرَهِ)، أَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَیجْزِی مِنْ الْعَدَدِ مَا أَمْکنَ و لو ثَوْبًا وَاحِدًا، و فی الجِنْسِ یجْزِی کلُّ مُبَاحٍ لَکنْ یقَدَّمُ الْجِلْدُ عَلَی الْحَرِیرِ و هو عَلَی غَیرِ الْمَأْکولِ مِنْ وَبَرٍ وَ شَعْرٍ وَ جِلْدٍ، ثُمَّ النَّجِسُ وَ یحْتَمَلُ تَقْدِیمُهُ عَلَی الْحَرِیرِ و ما بَعْدَهُ، و علی غَیرِ الْمَأْکولِ خَاصَّهً، وَ الْمَنْعُ مِنْ غَیرِ جِلْدِ الْمَأْکولِ مُطْلَقًا.

(وَیسْتَحَبُّ) أَنْ یزَادَ لِلْمَیتِ (الْحِبَرَهُ) بِکسْرِ الْحَاءِ وَ فَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَهِ، و هو ثَوْبٌ یمَنِی، وَ کوْنُهَا عِبْرِیهً - بِکسْرِ الْعَینِ نِسْبَهً إلَی بَلَدٍ بِالْیمَنِ - حَمْرَاءَ، و لو تَعَذَّرَتْ الْأَوْصَافُ أَوْ بَعْضُهَا سَقَطَتْ، وَ اقْتَصَرَ عَلَی الْبَاقِی و لو لِفَافَهً بَدَلَهَا.

(وَالْعِمَامَهُ) لِلرَّجُلِ، وَ

قَدْرُهَا مَا یؤَدِّی هَیئَتَهَا الْمَطْلُوبَهَ شَرْعًا، بِأَنْ تَشْتَمِلَ عَلَی حَنَک وَ ذُؤَابَتَینِ مِنْ الْجَانِبَینِ تُلْقَیانِ عَلَی صَدْرِهِ، عَلَی خِلَافِ الْجَانِبِ الَّذِی خَرَجَتَا مِنْهُ هَذَا بِحَسَبِ الطُّولِ، و أمّا الْعَرْضُ فَیعْتَبَرُ فِیهِ إطْلَاقُ اسْمِهَا.

(وَالْخَامِسَهُ) و هی خِرْقَهٌ طُولُهَا ثَلَاثَهُ أَذْرُعٍ وَ نِصْفٌ فِی عَرْضِ نِصْفِ ذِرَاعٍ إلَی ذِرَاعٍ، یثْفَرُ بِهَا الْمَیتُ ذَکرًا أَوْ أُنْثَی، وَیلُفُّ بِالْبَاقِی حَقْوَیهِ وَ فَخِذَیهِ، إلَی حَیثُ تَنْتَهِی ثُمَّ یدْخَلُ طَرَفُهَا تَحْتَ الْجُزْءِ الَّذِی ینْتَهِی إلَیهِ، سُمِّیتْ خَامِسَهً نَظَرًا إلَی أَنَّهَا مُنْتَهَی عَدَدِ الْکفَنِ الْوَاجِبِ، و هو الثَّلَاثُ، وَ النَّدْبُ و هو الْحِبَرَهُ وَ الْخَامِسَهُ -، و أمّا الْعِمَامَهُ فَلَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ الْکفَنِ اصْطِلَاحًا و أن اُسْتُحِبَّتْ.

(وَلِلْمَرْأَهِ الْقِنَاعُ) یسْتَرُ بِهِ رَأْسُهَا (بَدَلًا عَنْ الْعِمَامَهِ) وَ یزَادُ عَنْهُ لَهَا (النَّمَطُ) و هو ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ فِیهِ خُطَطٌ تُخَالِفُ لَوْنَهُ، شَامِلٌ لِجَمِیعِ الْبَدَنِ فَوْقَ الْجَمِیعِ، وَ کذَا تُزَادُ عَنْهُ خِرْقَهٌ أُخْرَی یلَفُّ بِهَا ثَدْیاهَا وَ تُشَدُّ إلَی ظَهْرِهَا عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَ لَمْ یذْکرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَ لَا فِی الْبَیانِ وَ لَعَلَّهُ لِضَعْفِ الْمُسْتَنَدِ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مُرْسَلٌ مَقْطُوعٌ، وَ رَاوِیه سَهْلُ بْنُ زِیادٍ (وَیجِبُ إمْسَاسُ مَسَاجِدِهِ السَّبْعَهِ بِالْکافُورِ) وَ أَقَلُّهُ مُسَمَّاهُ عَلَی مُسَمَّاهَا.

(وَیسْتَحَبُّ کوْنُهُ ثَلَاثَهَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَ ثُلُثًا) وَ دُونَهُ فِی الْفَضْلِ أَرْبَعَهُ دَرَاهِمَ، وَ دُونَهُ مِثْقَالٌ وَ ثُلُثٌ، وَ دُونَهُ مِثْقَالٌ (وَوَضْعُ الْفَاضِلُ) مِنْهُ عَنْ الْمَسَاجِدِ (عَلَی صَدْرِهِ) لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ فِی بَعْضِ الْأَحْوَالِ.

(وَکتَابَهُ اسْمِهِ و أنّه یشْهَدُ الشَّهَادَتَینِ، وَ أَسْمَاءَ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ) بِالتُّرْبَهِ الْحُسَینِیهِ، ثُمَّ بِالتُّرَابِ الْأَبْیضِ (عَلَی الْعِمَامَهِ وَ الْقَمِیصِ وَ الْإِزَارِ وَ الْحِبَرَهِ.

وَ الْجَرِیدَتَینِ) الْمَعْمُولَتَینِ (مِنْ سَعْفِ النَّخْلِ) أَوْ مِنْ السِّدْرِ، أَوْ مِنْ الْخِلَافِ، أَوْ مِنْ الرُّمَّانِ (أَوْ) مِنْ (شَجَرٍ رَطْبٍ) مُرَتَّبًا فِی الْفَضْلِ کمَا ذُکرَ، یجْعَلُ إحْدَاهُمَا مِنْ جَانِبِهِ

الْأَیمَنِ، وَ الْأُخْرَی مِنْ الْأَیسَرِ (فَالْیمْنَی عِنْدَ التَّرْقُوَهِ) وَاحِدَهُ التَّرَاقِی، و هی الْعِظَامُ الْمُکتَنِفَهُ لِثُغْرَهِ النَّحْرِ (بَینَ الْقَمِیصِ وَ بَشَرَتِهِ، وَ الْأُخْرَی بَینَ الْقَمِیصِ وَ الْإِزَارِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَیسَرِ)، فَوْقَ التَّرْقُوَهِ وَ لِتَکونَا خَضْرَاوَتَینِ لِیسْتَدْفَعَ عَنْهُ بِهِمَا الْعَذَابُ مَا دَامَتَا کذَلِک وَ الْمَشْهُورُ أَنَّ قَدْرَ کلِّ وَاحِدَهٍ طُولُ عَظْمِ ذِرَاعِ الْمَیتِ، ثُمَّ قَدْرُ شِبْرٍ، ثُمَّ أَرْبَعُ أَصَابِعَ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْوَارِدَ فِی الْخَبَرِ مِنْ الْکتَابَهِ مَا رُوِی: أَنَّ الصَّادِقَ عَلَیهِ السَّلَامُ کتَبَ عَلَی حَاشِیهِ کفَنِ ابْنِهِ إسْمَاعِیلَ: " إسْمَاعِیلُ یشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ "، وَ زَادَ الْأَصْحَابُ الْبَاقِی کتَابَهً، وَ مَکتُوبًا عَلَیهِ، وَ مَکتُوبًا بِهِ لِلتَّبَرُّک، وَ لِأَنَّهُ خَیرٌ مَحْضٌ مَعَ ثُبُوتِ أَصْلِ الشَّرْعِیهِ و بهذا اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِیمَا یکتَبُ عَلَیهِ مِنْ أَقْطَاعِ الْکفَنِ.

وَ عَلَی مَا ذُکرَ لَا یخْتَصُّ الْحُکمُ بِالْمَذْکورِ بَلْ جَمِیعُ أَقْطَاعِ الْکفَنِ فِی ذَلِک سَوَاءٌ، بَلْ هِی أَوْلَی مِنْ الْجَرِیدَتَینِ، لِدُخُولِهَا فِی إطْلَاقِ النَّصِّ بِخِلَافِهِمَا.

(وَلْیخَطْ) الْکفَنُ إنْ احْتَاجَ إلَی الْخِیاطَهِ (بِخُیوطِهِ) مُسْتَحَبًّا (وَلَا تُبَلُّ بِالرِّیقِ) عَلَی الْمَشْهُورِ فِیهِمَا، و لم نَقِفْ فِیهِمَا عَلَی أَثَرٍ.

(وَیکرَهُ الْأَکمَامُ الْمُبْتَدَأَهُ) لِلْقَمِیصِ، وَ احْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ کفِّنَ فِی قَمِیصِهِ، فَإِنَّهُ لَا کرَاهَهَ فِی کمِّهِ بَلْ تُقْطَعُ مِنْهُ الْأَزْرَارُ (وَقَطْعُ الْکفَنِ بِالْحَدِیدِ) قَالَ الشَّیخُ: سَمِعْنَاهُ مُذَاکرَهً مِنْ الشُّیوخِ، وَ عَلَیهِ کانَ عَمَلُهُمْ.

(وَجَعْلُ الْکافُورِ فِی سَمْعِهِ وَ بَصَرِهِ عَلَی الْأَشْهَرِ) خِلَافًا لِلصَّدُوقِ حَیثُ اسْتَحَبَّهُ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ مُعَارَضَهٍ بِأَصَحَّ مِنْهَا وَ أَشْهَرَ.

(وَیسْتَحَبُّ اغْتِسَالُ الْغَاسِلِ قَبْلَ تَکفِینِهِ) غُسْلَ الْمَسِّ إنْ أَرَادَ هُوَ التَّکفِینَ (أَوْ الْوُضُوءُ) الَّذِی یجَامِعُ غُسْلَ الْمَسِّ لِلصَّلَاهِ، فَینْوِی فِیهِ الِاسْتِبَاحَهَ أَوْ الرَّفْعَ أَوْ إیقَاعَ التَّکفِین عَلَی الْوَجْهِ الْأَکمَلِ، فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَهِ الْغَایاتِ الْمُتَوَقِّفَهِ عَلَی الطَّهَارَهِ.

وَ لَوْ اضْطَرَّ لِخَوْفٍ عَلَی الْمَیتِ، أَوْ تَعَذَّرَتْ الطَّهَارَهُ غَسَلَ یدَیهِ

مِنْ الْمَنْکبَینِ ثَلَاثًا ثُمَّ کفَّنَهُ، و لو کفَّنَهُ غَیرُ الْغَاسِلِ فَالْأَقْرَبُ اسْتِحْبَابُ کوْنِهِ مُتَطَهِّرًا، لِفَحْوَی اغْتِسَالِ الْغَاسِلِ أَوْ وُضُوئِهِ

الصلاه علیه

(الرَّابِعُ - الصَّلَاهُ عَلَیهِ) (وَتَجِبُ) الصَّلَاهُ (عَلَی کلِّ مَنْ بَلَغَ) أَی أَکمَلَ (سِتًّا مِمَّنْ لَهُ حُکمُ الْإِسْلَامِ) مِنْ الْأَقْسَامِ الْمَذْکورَهِ فِی غُسْلِهِ، عَدَا الْفِرَقِ الْمَحْکومِ بِکفْرِهَا مِنْ الْمُسْلِمِینَ (وَوَاجِبُهَا الْقِیامُ) مَعَ الْقُدْرَهِ، فَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ صَلَّی بِحَسَبِ الْمُکنَهِ کالْیوْمِیهِ.

وَ هَلْ یسْقُطُ فَرْضُ الْکفَایهِ عَنْ الْقَادِرِ بِصَلَاهِ الْعَاجِزِ؟ نَظَرٌ: و من صِدْقِ الصَّلَاهِ الصَّحِیحَهِ عَلَیهِ، و من نَقْصِهَا عَنْهُ مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی الْکامِلَهِ، وَ تَوَقَّفَ فِی الذِّکرَی لِذَلِک.

(وَاسْتِقْبَالُ) الْمُصَلِّی (الْقِبْلَهَ، وَ جَعْلُ رَأْسِ الْمَیتِ إلَی یمِینِ الْمُصَلِّی) مُسْتَلْقِیا عَلَی ظَهْرِهِ بَینَ یدَیهِ، إلَّا أَنْ یکونَ مَأْمُومًا فَیکفِی کوْنُهُ بَینَ یدَی الْإِمَامِ وَ مُشَاهَدَتِهِ لَهُ، وَ تُغْتَفَرُ الْحَیلُولَهُ بِمَأْمُومٍ مِثْلِهِ، وَ عَدَمِ تَبَاعُدِهِ عَنْهُ بِالْمُعْتَدِّ بِهِ عُرْفًا، وَ فِی اعْتِبَارِ سَتْرِ عَوْرَهِ الْمُصَلِّی وَ طَهَارَتِهِ مَنْ الْخَبَثِ فِی ثَوْبِهِ وَ بَدَنِهِ وَ جْهَانِ.

(وَالنِّیهُ) الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی قَصْدِ الْفِعْلِ، و هو الصَّلَاهُ عَلَی الْمَیتِ الْمُتَّحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ، و أن لَمْ یعْرِفْهُ، حَتَّی لَوْ جَهِلَ ذُکورِیتَهُ وَ أُنُوثِیتَهُ، جَازَ تَذْکیرُ الضَّمِیرِ وَ تَأْنِیثُهُ مُؤَوَّلًا بِالْمَیتِ وَ الْجِنَازَهِ مُتَقَرِّبًا.

وَ فِی اعْتِبَارِ نِیهِ الْوَجْهِ مِنْ وُجُوبٍ وَ نَدْبٍ - کغَیرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ - قَوْلَانِ لِلْمُصَنِّفِ فِی الذِّکرَی مُقَارِنَهً لِلتَّکبِیرِ مُسْتَدَامَهَ الْحُکمِ إلَی آخِرِهَا.

(وَتَکبِیرَاتٌ خَمْسٌ) إحْدَاهَا تَکبِیرَهُ الْإِحْرَامِ فِی غَیرِ الْمُخَالِفِ (یتَشَهَّدُ الشَّهَادَتَینِ عَقِیبَ الْأُولَی، وَ یصَلِّی عَلَی النَّبِی وَ آلِهِ عَقِیبَ الثَّانِیهِ) وَ یسْتَحَبُّ أَنْ یضِیفَ إلَیهَا الصَّلَاهَ عَلَی بَاقِی الْأَنْبِیاءِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ (وَیدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ) بِأَی دُعَاءٍ اُتُّفِقَ و أن کانَ الْمَنْقُولُ أَفْضَلَ (عَقِیبَ الثَّالِثَهِ وَ) یدْعُوَ (لِلْمَیتِ) الْمُکلَّفِ الْمُؤْمِنِ (عَقِیبَ الرَّابِعَهِ، و فی المُسْتَضْعَفِ) و هو الَّذِی لَا یعْرِفُ الْحَقَّ

وَ لَا یعَانِدُ فِیهِ وَ لَا یوَالِی أَحَدًا بِعَینِهِ (بِدُعَائِهِ) وَ هُوَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلَّذِینَ تَابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَک وَ قِهمْ عَذَابَ الْجَحِیمِ ". (وَیدْعُوَ) فِی الصَّلَاهِ (عَلَی الطِّفْلِ) الْمُتَوَلِّدِ مِنْ مُؤْمِنَینِ (لِأَبَوَیهِ) أَوْ مِنْ مُؤْمِنٍ لَهُ، و لو کانَا غَیرَ مُؤْمِنَینِ دَعَا عَقِیبَهَا بِمَا أَحَبَّ، وَ الظَّاهِرُ حِینَئِذٍ عَدَمُ وُجُوبِهِ أَصْلًا.

وَ الْمُرَادُ بِالطِّفْلِ غَیرُ الْبَالِغِ، و أن وَجَبَتْ الصَّلَاهُ عَلَیهِ.

(وَالْمُنَافِقُ) و هو هُنَا الْمُخَالِفُ مُطْلَقًا (یقْتَصِرُ) فِی الصَّلَاهِ عَلَیهِ (عَلَی أَرْبَعِ) تَکبِیرَاتٍ (وَیلْعَنُهُ) عَقِیبَ الرَّابِعَهَ، وَ فِی وُجُوبِهِ وَجْهَانِ، وَ ظَاهِرُهُ هُنَا و فی البَیانِ الْوُجُوبُ، وَ رُجِّحَ فِی الذِّکرَی وَ الدُّرُوسِ عَدَمُهُ.

وَ الْأَرْکانُ مِنْ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ سَبْعَهٌ أَوْ سِتَّهٌ: النِّیهُ، وَ الْقِیامُ لِلْقَادِرِ، وَ التَّکبِیرَاتُ (وَلَا یشْتَرَطُ فِیهَا الطَّهَارَهُ) مِنْ الْحَدَثِ إجْمَاعًا.

(وَلَا التَّسْلِیمُ) عِنْدَنَا، إجْمَاعًا، بَلْ لَا یشْرَعُ بِخُصُوصِهِ إلَّا مَعَ التَّقِیهِ، فَیجِبُ لَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَیهِ. (وَیسْتَحَبُّ، إعْلَامُ الْمُؤْمِنِینَ بِهِ) أَی بِمَوْتِهِ لِیتَوَفَّرُوا عَلَی تَشْییعِهِ وَ تَجْهِیزِهِ، فَیکتَبُ لَهُمْ الْأَجْرُ و له الْمَغْفِرَهُ بِدُعَائِهِمْ، وَ لِیجْمَعَ فِیهِ بَینَ وَظِیفَتَی التَّعْجِیلِ وَ الْإِعْلَامِ، فَیعْلَمُ مِنْهُمْ مِنْ لَا ینَافِی التَّعْجِیلَ عُرْفًا، و لو اسْتَلْزَمَ الْمُثْلَهَ حَرُمَ.

(وَمَشْی الْمُشَیعِ خَلْفَهُ، أَوْ إلَی أَحَدِ جَانِبَیهِ) وَ یکرَهُ أَنْ یتَقَدَّمَهُ لِغَیرِ تَقِیهٍ (وَالتَّرْبِیعُ) و هو حَمْلُهُ بِأَرْبَعَهِ رِجَالٍ مِنْ جَوَانِبِ السَّرِیرِ الْأَرْبَعَهِ کیفَ اُتُّفِقَ، وَ الْأَفْضَلُ التَّنَاوُبُ، وَ أَفْضَلُهُ أَنْ یبْدَأَ فِی الْحَمْلِ بِجَانِبِ السَّرِیرِ الْأَیمَنِ، و هو الَّذِی یلِی یسَارَ الْمَیتِ، فَیحْمِلُهُ بِکتِفِهِ الْأَیمَنِ، ثُمَّ ینْتَقِلُ إلَی مُؤَخِّرِهِ الْأَیمَنِ فَیحْمِلُهُ بِالْأَیمَنِ کذَلِک، ثُمَّ ینْتَقِلُ إلَی مُؤَخِّرِهِ الْأَیسَرِ، فَیحْمِلُهُ بِالْکتِفِ الْأَیسَرِ، ثُمَّ ینْتَقِلُ إلَی مُقَدَّمِهِ الْأَیسَرِ، فَیحْمِلُهُ بِالْکتِفِ الْأَیسَرِ کذَلِک.

(وَالدُّعَاءُ) حَالَ الْحَمْلِ بِقَوْلِهِ: " بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ

"، وَ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهِ بِقَوْلِهِ: " اللَّهُ أَکبَرُ، هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إیمَانًا وَ تَسْلِیمًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی تَعَزَّزَ بِالْقُدْرَهِ، وَ قَهَرَ الْعِبَادَ بِالْمَوْتِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یجْعَلْنِی مِنْ السَّوَادِ الْمُخْتَرَمِ "، و هو الْهَالِک مِنْ النَّاسِ عَلَی غَیرِ بَصِیرَهٍ، أَوْ مُطْلَقًا، إشَارَهً إلَی الرِّضَا بِالْوَاقِعِ کیف کانَ، وَ التَّفْوِیضِ إلَی اللَّهِ تَعَالَی بِحَسَبِ الْإِمْکانِ.

(وَالطَّهَارَهُ و لو تَیمُّمًا مَعَ) الْقُدْرَهِ عَلَی الْمَائِیهِ مَعَ (خَوْفِ الْفَوْتِ) وَ کذَا بِدُونِهِ عَلَی الْمَشْهُورِ (وَالْوُقُوفُ) أَی وُقُوفُ الْإِمَامِ، أَوْ الْمُصَلِّی وَحْدَهُ (عِنْدَ وَسَطِ الرَّجُلِ وَ صَدْرِ الْمَرْأَهِ عَلَی الْأَشْهَرِ) وَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ الشَّیخِ فِی الْخِلَافِ: إنَّهُ یقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَ صَدْرِ الْمَرْأَهِ، و قولهُ فِی الِاسْتِبْصَارِ: إنَّهُ عِنْدَ رَأْسِهَا وَ صَدْرِهِ، وَ الْخُنْثَی هُنَا کالْمَرْأَهِ.

(وَالصَّلَاهُ) فِی الْمَوَاضِعِ (الْمُعْتَادَهِ) لَهَا لِلتَّبَرُّک بِهَا بِکثْرَهِ مَنْ صَلَّی فِیهَا، وَ لِأَنَّ السَّامِعَ بِمَوْتِهِ یقْصِدُهَا (وَرَفْعُ الْیدَینِ بِالتَّکبِیرِ کلِّهِ عَلَی الْأَقْوَی) وَ الْأَکثَرِ عَلَی اخْتِصَاصِهِ بِالْأُولَی، وَ کلَاهُمَا مَرْوِی وَ لَا مُنَافَاهَ فَإِنَّ الْمَنْدُوبَ قَدْ یتْرَک أَحْیانَا وَ بِذَلِک یظْهَرُ وَجْهُ الْقُوَّهِ.

(وَمَنْ فَاتَهُ بَعْضُ التَّکبِیرِ) مَعَ الْإِمَامِ (أَتَمَّ الْبَاقِی بَعْدَ فَرَاغِهِ) وَلَاءً مِنْ غَیرِ دُعَاءٍ (وَلَوْ عَلَی الْقَبْرِ) عَلَی تَقْدِیرِ رَفْعِهَا وَ وَضْعِهَا فِیهِ، و أن بَعُدَ الْفَرْضُ.

وَ قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَ جَمَاعَهٌ جَوَازَ الْوَلَاءِ حِینَئِذٍ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ النَّصِّ، و فی الذِّکرَی لَوْ دَعَا کانَ جَائِرًا، إذْ هُوَ نَفْی وُجُوبٍ لَا نَفْی جَوَازٍ، وَ قَیدَهُ بَعْضُهُمْ بِخَوْفِ الْفَوْتِ عَلَی تَقْدِیرِ الدُّعَاءِ، وَ إِلَّا وَجَبَ مَا أَمْکنَ مِنْهُ، و هو أَجْوَدُ. (وَیصَلِّی عَلَی مَنْ لَمْ یصَلَّ عَلَیهِ یوْمًا وَ لَیلَهً) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ (أَوْ دَائِمًا) عَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَ الْأَقْوَی وَ الْأَوْلَی قِرَاءَهً،

" یصَلِّی " فِی الْفِعْلَینِ مَبْنِیا لِلْمَعْلُومِ، أَی یصَلِّی مَنْ أَرَادَ الصَّلَاهَ عَلَی الْمَیتِ، إذَا لَمْ یکنْ هَذَا الْمُرِیدُ قَدْ صَلَّی عَلَیهِ، و لو بَعْدَ الدَّفْنِ الْمُدَّهَ الْمَذْکورَهَ أَوْ دَائِمًا سَوَاءٌ کانَ قَدْ صَلَّی عَلَی الْمَیتِ أَمْ لَا.

هَذَا هُوَ الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الْمَسْأَلَهِ وَ یمْکنُ قِرَاءَتُهُ مَبْنِیا لِلْمَجْهُولِ، فَیکونُ الْحُکمُ مُخْتَصًّا بِمَیتٍ لَمْ یصَلَّ عَلَیهِ.

أَمَّا مَنْ صُلِّی عَلَیهِ فَلَا تُشْرَعُ الصَّلَاهُ عَلَیهِ بَعْدَ دَفْنِهِ، و هو قَوْلٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ جَمْعًا بَینَ الْأَخْبَارِ، وَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ أَقْوَی. (وَلَوْ حَضَرَتْ جِنَازَهٌ فِی الْأَثْنَاءِ) أَی فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ عَلَی جِنَازَهٍ أُخْرَی (أَتَمَّهَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ) الصَّلَاهَ (عَلَیهَا) أَی عَلَی الثَّانِیهِ، و هو الْأَفْضَلُ مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَی الثَّانِیهِ، وَ رُبَّمَا قِیلَ بِتَعَینِهِ إذَا کانَتْ الثَّانِیهُ مَنْدُوبَهً لِاخْتِلَافِ الْوَجْهِ، و لیس بِالْوَجْهِ.

وَ ذَهَبَ الْعَلَّامَهُ وَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِینَ وَ الْمُتَأَخِّرِینَ إلَی أَنَّهُ یتَخَیرُ بَینَ قَطْعِ الصَّلَاهِ عَلَی الْأُولَی وَ اسْتِئْنَافِهَا عَلَیهِمَا، و بین إکمَالِ الْأُولَی وَ إِفْرَادِ الثَّانِیهِ بِصَلَاهٍ ثَانِیهٍ، مُحْتَجِّینَ بِرِوَایهِ عَلِی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ عَلَیهِ السَّلَامُ فِی قَوْمٍ کبَّرُوا عَلَی جِنَازَهٍ تَکبِیرَهً أَوْ تَکبِیرَتَینِ وَ وُضِعَتْ مَعَهَا أُخْرَی؟ قَالَ عَلَیهِ السَّلَامُ " إنْ شَاءُوا تَرَکوا الْأُولَی حَتَّی یفْرُغُوا مِنْ التَّکبِیرِ عَلَی الْأَخِیرَهِ، و أن شَاءُوا رَفَعُوا الْأُولَی وَ أَتَمُّوا التَّکبِیرَ عَلَی الْأَخِیرَهِ، کلُّ ذَلِک لَا بَأْسَ بِهِ " قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی: وَ الرِّوَایهُ قَاصِرَهٌ عَنْ إفَادَهِ الْمُدَّعَی، إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ مَا بَقِی مِنْ تَکبِیرِ الْأُولَی مَحْسُوبٌ لِلْجِنَازَتَینِ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ تَکبِیرِ الْأُولَی تَخَیرُوا بَینَ تَرْکهَا بِحَالِهَا حَتَّی یکمِلُوا التَّکبِیرَ عَلَی الْأَخِیرَهِ، و بین رَفْعِهَا مِنْ مَکانِهَا وَ الْإِتْمَامِ عَلَی الْأَخِیرَهِ، و لیس فِی هَذَا دَلَالَهٌ عَلَی إبْطَالِ الصَّلَاهِ عَلَی الْأُولَی بِوَجْهٍ هَذَا مَعَ تَحْرِیمِ قَطْعِ

الصَّلَاهِ الْوَاجِبَهِ نَعَمْ لَوْ خِیفَ عَلَی الْجَنَائِزِ قُطِعَتْ الصَّلَاهُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ عَلَیهَا لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِضَرُورَهٍ.

وَ إِلَی مَا ذَکرَهُ أَشَارَ هُنَا بِقَوْلِهِ: (وَالْحَدِیثُ) الَّذِی رَوَاهُ عَلِی بْنُ جَعْفَرٍ عَلَیهِ السَّلَامُ (یدُلُّ عَلَی احْتِسَابِ مَا بَقِی مِنْ التَّکبِیرِ لَهُمَا ثُمَّ یأْتِی بِالْبَاقِی لِلثَّانِیهِ، و قد حَقَّقْنَاهُ فِی الذِّکرَی) بِمَا حَکینَاهُ عَنْهَا.

ثُمَّ اُسْتُشْکلَ بَعْدَ ذَلِک الْحَدِیثِ بِعَدَمِ تَنَاوُلِ النِّیهِ أَوَّلًا لِلثَّانِیهِ فَکیفَ یصْرَفُ بَاقِی التَّکبِیرَاتِ إلَیهَا، مَعَ تَوَقُّفِ الْعَمَلِ عَلَی النِّیهِ.

وَ أَجَابَ بِإِمْکانِ حَمْلِهِ عَلَی إحْدَاثِ نِیهٍ مِنْ الْآنَ لِتَشْرِیک بَاقِی التَّکبِیرِ عَلَی الْجِنَازَتَینِ.

وَ هَذَا الْجَوَابُ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ، و أن لَمْ یصَرِّحْ بِالنِّیهِ فِی الرِّوَایهِ، لِأَنَّهَا أَمْرٌ قَلْبِی یکفِی فِیهَا مُجَرَّدُ الْقَصْدِ إلَی الصَّلَاهِ عَلَی الثَّانِیهِ، إلَی آخِرِ مَا یعْتَبَرُ فِیهَا.

وَ قَدْ حَقَّقَ الْمُصَنِّفُ فِی مَوَاضِعَ أَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ مَا کانُوا یتَعَرَّضُونَ لِلنِّیهِ لِذَلِک، و إنّما أَحْدَثَ الْبَحْثَ عَنْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ، فَینْدَفِعُ الْإِشْکالُ.

وَ قَدْ ظَهَرَ مِنْ ذَلِک أَنْ لَا دَلِیلَ عَلَی جَوَازِ الْقَطْعِ، وَ بِدُونِهِ یتَّجَهُ تَحْرِیمُهُ و ما ذَکرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ الْقَطْعِ - عَلَی تَقْدِیرِ الْخَوْفِ عَلَی الْجَنَائِزِ - غَیرُ وَاضِحٍ، لِأَنَّ الْخَوْفَ إنْ کانَ عَلَی الْجَمِیعِ، أَوْ عَلَی الْأُولَی فَالْقَطْعُ یزِیدُ الضَّرَرَ عَلَی الْأُولَی وَ لَا یزِیلُهُ، لِانْهِدَامِ مَا قَدْ مَضَی مِنْ صَلَاتِهَا الْمُوجِبُ لِزِیادَهِ مُکثِهَا، و أن کانَ الْخَوْفُ عَلَی الْأَخِیرَهِ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْمُکثِ مِقْدَارَ الصَّلَاهِ عَلَیهَا و هو یحْصُلُ مَعَ التَّشْرِیک الْآنَ وَ الِاسْتِئْنَافِ.

نَعَمْ یمْکنُ فَرْضُهُ نَادِرًا بِالْخَوْفِ عَلَی الثَّانِیهِ، بِالنَّظَرِ إلَی تَعَدُّدِ الدُّعَاءِ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِیهِ، بِحَیثُ یزِیدُ مَا یتَکرَّرُ مِنْهُ عَلَی مَا مَضَی مِنْ الصَّلَاهِ، وَ حَیثُ یخْتَارُ التَّشْرِیک بَینَهُمَا فِیمَا بَقِی ینْوِی بِقَلْبِهِ عَلَی الثَّانِیهِ، وَ یکبِّرُ تَکبِیرًا مُشْتَرَکا بَینَهُمَا، کمَا لَوْ حَضَرَتَا ابْتِدَاءً، وَ یدْعُو لِکلِّ وَاحِدَهٍ

بِوَظِیفَتِهَا مِنْ الدُّعَاءِ مُخَیرًا فِی التَّقْدِیمِ إلَی أَنْ یکمِلَ الْأُولَی، ثُمَّ یکمِلَ مَا بَقِی مِنْ الثَّانِیهِ.

وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَی صَلَاهٍ وَاحِدَهٍ عَلَی مُتَعَدِّدٍ، فَإِنَّهُ یشْرِک بَینَهُمْ فِیمَا یتَّحِدُ لَفْظُهُ وَ یرَاعِی فِی الْمُخْتَلِفِ - کالدُّعَاءِ لَوْ کانَ فِیهِمْ مُؤْمِنٌ وَ مَجْهُولٌ وَ مُنَافِقٌ وَ طِفْلٌ - وَظِیفَهَ کلِّ وَاحِدٍ، وَ مَعَ اتِّحَادِ الصِّنْفِ یرَاعِی تَثْنِیهَ الضَّمِیرِ وَ جَمْعَهُ وَ تَذْکیرَهُ وَ تَأْنِیثَهُ، أَوْ یذَکرُ مُطْلَقًا مُؤَوِّلًا بِالْمَیتِ، أَوْ یؤَنِّثُ مُؤَوِّلًا بِالْجِنَازَهِ، وَ الْأَوَّلُ أَوْلَی.

دفنه

(الْخَامِسُ - دَفْنُهُ) (وَالْوَاجِبُ مُوَارَاتُهُ فِی الْأَرْضِ)، عَلَی وَجْهٍ یحْرُسُ جُثَّتَهُ مَنْ السِّبَاعِ، وَ یکتُمُ رَائِحَتَهُ عَنْ الِانْتِشَارِ، وَ احْتُرِزَ بِالْأَرْضِ عَنْ وَضْعِهِ فِی بِنَاءٍ وَ نَحْوِهِ و أن حَصَلَ الْوَصْفَانِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَهِ) بِوَجْهِهِ وَ مَقَادِیمِ بَدَنِهِ (عَلَی جَانِبِهِ الْأَیمَنِ) مَعَ الْإِمْکانِ.

(وَیسْتَحَبُّ) أَنْ یکونَ (عُمْقُهُ) أَی الدَّفْنِ مُجَازًا، أَوْ الْقَبْرِ الْمَعْلُومِ بِالْمَقَامِ (نَحْوُ قَامَهٍ) مُعْتَدِلَهٍ، وَ أَقَلُّ الْفَضْلِ إلَی التَّرْقُوَهِ (وَوَضْعُ الْجِنَازَهِ) عِنْدَ قُرْبِهَا مِنْ الْقَبْرِ بِذِرَاعَینِ، أَوْ بِثَلَاثٍ عِنْدَ رِجْلَیهِ (أَوَّلًا وَ نَقْلُ الرِّجْلِ) بَعْدَ ذَلِک (فِی ثَلَاثِ دُفُعَاتٍ) حَتَّی یتَأَهَّبَ لِلْقَبْرِ وَ إِنْزَالُهُ فِی الثَّالِثَهِ (وَالسَّبَقُ بِرَأْسِهِ) حَالَهَ الْإِنْزَالِ.

(وَالْمَرْأَهُ) تُوضَعُ مِمَّا یلِی الْقِبْلَهَ وَ تُنْقَلُ دُفْعَهً وَاحِدَهً وَ تُنْزَلُ (عَرْضًا)، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَ الْأَخْبَارُ خَالِیهٌ عَنْ الدَّفَعَاتِ.

(وَنُزُولُ الْأَجْنَبِی مَعَهُ) لَا الرَّحِمُ، و أن کانَ وَلَدًا، (إلَّا فِیهَا) فَإِنَّ نُزُولَ الرَّحِمِ مَعَهَا أَفْضَلُ، وَ الزَّوْجُ أَوْلَی بِهَا مِنْهُ، وَ مَعَ تَعَذُّرِهِمَا فَامْرَأَهٌ صَالِحَهٌ ثُمَّ أَجْنَبِی صَالِحٌ.

(وَحَلُّ عُقَدِ الْأَکفَانِ) مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَ رِجْلَیهِ (وَوَضْعُ خَدِّهِ) الْأَیمَنِ عَلَی التُّرَابِ خَارِجَ الْکفَنِ (وَجَعْلُ) شَیءٍ مِنْ (تُرْبَهِ الْحُسَینِ عَلَیهِ السَّلَامُ مَعَهُ) تَحْتَ خَدِّهِ، أَوْ فِی مُطْلَقِ الْکفَنِ، أَوْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَ لَا یقْدَحُ فِی مُصَاحَبَتِهِ لَهَا احْتِمَالُ وُصُولِ نَجَاسَتِهِ إلَیهَا لِأَصَالَهِ

عَدَمِهِ، مَعَ ظُهُورِ طَهَارَتِهِ الْآنَ.

(وَتَلْقِینُهُ) الشَّهَادَتَینِ وَ الْإِقْرَارَ بِالْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّنْ نَزَلَ مَعَهُ إنْ کانَ وَلِیا، وَ إِلَّا اسْتَأْذَنَهُ، مُدْنِیا فَاهُ إلَی أُذُنِهِ قَائِلًا لَهُ " اسْمَعْ " ثَلَاثًا قَبْلَهُ (وَالدُّعَاءُ لَهُ) یقُولُ: " بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاَللَّهِ وَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ و علی مِلَّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ، اللَّهُمَّ عَبْدُک نَزَلَ بِک، وَ أَنْتَ خَیرُ مَنْزُولٍ بِهِ، اللَّهُمَّ أَفْسِحْ لَهُ فِی قَبْرِهِ، وَ أَلْحِقْهُ بِنَبِیهِ، اللَّهُمَّ إنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إلَّا خَیرًا وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا " (وَالْخُرُوجُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَینِ) لِأَنَّهُ بَابُ الْقَبْرِ، و فیه احْتِرَامٌ لِلْمَیتِ.

(وَالْإِهَالَهُ) لِلتُّرَابِ مِنْ الْحَاضِرِینَ غَیرِ الرَّحِمِ (بِظُهُورِ الْأَکفِّ مُسْتَرْجِعِینَ) أَی قَائِلِینَ: " إنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إلَیهِ رَاجِعُونَ " حَالَهَ الْإِهَالَهِ، یقَالُ رَجَعَ وَ اسْتَرْجَعَ: إذَا قَالَ ذَلِک.

(وَرَفْعُ الْقَبْرِ) عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مِقْدَارَ (أَرْبَعِ أَصَابِعَ) مُفَرَّجَاتٍ إلَی شِبْرٍ لَا أَزْیدَ لِیعْرَفَ فَیزَارَ وَ یحْتَرَمَ، و لو اخْتَلَفَتْ سُطُوحُ الْأَرْضِ اُغْتُفِرَ رَفْعُهُ عَنْ أَعْلَاهَا وَ تَأَدَّتْ السُّنَّهُ بِأَدْنَاهَا.

(وَتَسْطِیحُهُ) لَا یجْعَلُ لَهُ فِی ظَهْرِهِ سَنَمٌ لِأَنَّهُ مِنْ شِعَارِ النَّاصِبَهِ وَ بِدَعِهِمْ الْمُحْدَثَهِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّهِ مُرَاغَمَهً لِلْفِرْقَهِ الْمُحِقَّهِ، (وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَیهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) إلَی رِجْلَیهِ (دَوْرًا) إلَی أَنْ ینْتَهِی إلَیهِ، (وَ) یصَبُّ (الْفَاضِلُ عَلَی وَسَطِهِ) وَلْیکنْ الصَّابُّ مُسْتَقْبِلًا (وَوَضْعُ الْیدِ عَلَیهِ) بَعْدَ نَضْحِهِ بِالْمَاءِ، مُؤَثِّرَهً فِی التُّرَابِ، مُفَرَّجَهَ الْأَصَابِعِ، وَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْحُکمَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْحَالَهِ فَلَا یسْتَحَبُّ تَأْثِیرُهَا بَعْدَهُ.

وَ رَوَی زُرَارَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیهِ السَّلَامُ قَالَ: " إذَا حُثِی عَلَیهِ التُّرَابُ وَ سُوِّی قَبْرُهُ فَضَعْ کفَّک عَلَی قَبْرِهِ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ فَرِّجْ أَصَابِعَک وَ اغْمِزْ کفَّک عَلَیهِ، بَعْدَ مَا ینْضَحُ بِالْمَاءِ "، وَ الْأَصْلُ عَدَمُ

الِاسْتِحْبَابِ فِی غَیرِهِ، و أمّا تَأْثِیرُ الْیدِ فِی غَیرِ التُّرَابِ فَلَیسَ بِسُنَّهٍ مُطْلَقًا، بَلْ اعْتِقَادُهُ سُنَّهً بِدْعَهٌ (مُتَرَحِّمًا) عَلَیهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَ أَفْضَلُهُ " اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَیهِ وَ أَصْعِدْ إلَیک رُوحَهُ وَ لَقِّهِ مِنْک رِضْوَانًا وَ أَسْکنْ قَبْرَهُ مِنْ رَحْمَتِک مَا تُغْنِیهِ عَنْ رَحْمَهِ مَنْ سِوَاک " وَ کذَا یقُولُهُ کلَّمَا زَارَهُ مُسْتَقْبِلًا.

(وَتَلْقِینُ الْوَلِی)، أَوْ مَنْ یأْمُرُهُ (بَعْدَ الِانْصِرَافِ) بِصَوْتٍ عَالٍ إلَّا مَعَ التَّقِیهِ (وَیتَخَیرُ) الْمُلَقِّنُ (فِی الِاسْتِقْبَالِ وَ الِاسْتِدْبَارِ) لِعَدَمِ وُرُودِ مُعَینٍ. (وَیسْتَحَبُّ التَّعْزِیهُ) لِأَهْلِ الْمُصِیبَهِ، و هی تَفْعِلَهٌ مِنْ الْعَزَاءِ و هو الصَّبْرُ، و منه " أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَک " أَی صَبْرَک " وَ سَلْوَک " یمَدُّ وَ یقْصَرُ، وَ الْمُرَادُ بِهَا الْحَمْلُ عَلَی الصَّبْرِ وَ التَّسْلِیهُ عَنْ الْمُصَابِ بِإِسْنَادِ الْأَمْرِ إلَی حِکمَهِ اللَّهِ تَعَالَی وَ عَدْلِهِ، وَ تَذْکیرِهِ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِینَ، و ما فَعَلَهُ الْأَکابِرُ مِنْ الْمُصَابِینَ، فَمَنْ عَزَّی مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، و من عَزَّی ثَکلَی کسِی بُرْدًا فِی الْجَنَّهِ، و هی مَشْرُوعَهٌ (قَبْلَ الدَّفْنِ) إجْمَاعًا (وَبَعْدَهُ) عِنْدَنَا. (وَکلُّ أَحْکامِهِ) أَی أَحْکامِ الْمَیتِ (مَنْ فُرُوضِ الْکفَایهِ) إنْ کانَتْ وَاجِبَهً (أَوْ نَدْبِهَا) إنْ کانَتْ مَنْدُوبَهً.

وَ مَعْنَی الْفَرْضِ الْکفَائِی مُخَاطَبَهُ الْکلِّ بِهِ ابْتِدَاءً عَلَی وَجْهٍ یقْتَضِی وُقُوعَهُ مِنْ أَیهِمْ کانَ، وَ سُقُوطُهُ بِقِیامِ مَنْ فِیهِ الْکفَایهُ، فَمَتَی تَلَبَّسَ بِهِ مَنْ یمْکنُهُ الْقِیامُ بِهِ سَقَطَ عَنْ غَیرِهِ سُقُوطًا مُرَاعًی بِإِکمَالِهِ، وَ مَتَی لَمْ یتَّفَقْ ذَلِک أَثِمَ الْجَمِیعُ فِی التَّأَخُّرِ عَنْهُ، سَوَاءٌ فِی ذَلِک الْوَلِی و غیرهُ، مِمَّنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ مِنْ الْمُکلَّفِینَ، الْقَادِرِینَ عَلَیهِ.

الفصل الثالث فی التیمم

الفصل الثالث فی التیمم:

التیمم

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ - فِی التَّیمُّمِ] (وَشَرْطُهُ: عَدَمُ الْمَاءِ) بِأَنْ لَا یوجَدُ مَعَ طَلَبِهِ عَلَی الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ (أَوْ عَدَمُ الْوُصْلَهِ إلَیهِ) مَعَ کوْنِهِ مَوْجُودًا.

إمَّا

لِلْعَجْزِ عَنْ الْحَرَکهِ الْمُحْتَاجِ إلَیهَا فِی تَحْصِیلِهِ، لِکبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ ضَعْفِ قُوَّهٍ، و لم یجِدْ مُعَاوِنًا و لو بِأُجْرَهٍ مَقْدُورَهٍ، أَوْ لِضِیقِ الْوَقْتِ بِحَیثُ لَا یدْرِک مِنْهُ مَعَهُ بَعْدَ الطَّهَارَهِ رَکعَهً أَوْ لِکوْنِهِ فِی بِئْرٍ بَعِیدٍ الْقَعْرِ یتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَیهِ بِدُونِ الْآلَهِ و هو عَاجِزٌ عَنْ تَحْصِیلِهَا و لو بِعِوَضٍ، أَوْ شَقِّ ثَوْبٍ نَفِیسٍ أَوْ إعَارَهٍ، أَوْ لِکوْنِهِ مَوْجُودًا فِی مَحَلٍّ یخَافُ مِنْ السَّعْی إلَیهِ عَلَی نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ مُحْتَرَمَهٍ أَوْ بِضْعٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ و لو بِمُجَرَّدِ الْجُبْنِ، أَوْ لِوُجُودِهِ بِعِوَضٍ یعْجَزُ عَنْ بَذْلِهِ لِعَدَمٍ أَوْ حَاجَهٍ و لو فِی وَقْتٍ مُتَرَقَّبٍ وَ لَا فَرْقَ فِی الْمَالِ الْمَخُوفِ ذَهَابَهُ وَ الْوَاجِبُ بَذْلُهُ عِوَضًا - حَیثُ یجِبُ حِفْظُ الْأَوَّلِ وَ بَذْلُ الثَّانِی - بَینَ الْقَلِیلِ وَ الْکثِیرِ، وَ الْفَارِقُ النَّصُّ لَا أَنَّ الْحَاصِلَ بِالْأَوَّلِ الْعِوَضُ عَلَی الْغَاصِبِ و هو مُنْقَطِعٌ، و فی الثَّانِی الثَّوَابُ و هو دَائِمٌ، لِتَحَقُّقِ الثَّوَابِ فِیهِمَا مَعَ بَذْلِهِمَا اخْتِیارًا طَلَبًا لِلْعِبَادَهِ لَوْ أُبِیحَ ذَلِک، بَلْ قَدْ تَجْتَمِعُ فِی الْأَوَّلِ الْعِوَضُ وَ الثَّوَابُ بِخِلَافِ الثَّانِی.

(أَوْ الْخَوْفُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضٍ) حَاصِلٍ یخَافُ زِیادَتَهُ، أَوْ بُطْأَهُ أَوْ عُسْرَ عِلَاجِهِ، أَوْ مُتَوَقَّعٍ، أَوْ بَرْدٍ شَدِیدٍ یشُقُّ، تَحَمُّلُهُ، أَوْ خَوْفِ عَطَشٍ حَاصِلٍ، أَوْ مُتَوَقَّعٍ فِی زَمَانٍ لَا یحْصُلُ فِیهِ الْمَاءُ عَادَهً، أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ لِنَفْسٍ مُحْتَرَمَهٍ و لو حَیوَانًا.

(وَیجِبُ طَلَبُهُ) مَعَ فَقْدِهِ فِی کلِّ جَانِبٍ (مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَهِ غَلْوَهِ سَهْمٍ) - بِفَتْحِ الْغَینِ - و هی مِقْدَارَ رَمْیهٍ مِنْ الرَّامِی بِالْآلَهِ مُعْتَدِلَینِ (فِی) الْأَرْضِ (الْحَزْنَهِ) - بِسُکونِ الزَّای الْمُعْجَمَهِ - خِلَافُ السَّهْلَهِ.

وَ هِی الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی نَحْوِ الْأَشْجَارِ وَ الْأَحْجَارِ، وَ الْعَدُوِّ وَ الْهُبُوطِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْیهِ مَا خَلْفَهُ (وَ) غَلْوَهَ (سَهْمَینِ

فِی السَّهْلَهِ).

وَ لَوْ اخْتَلَفَ فِی الْحُزُونَهِ وَ السُّهُولَهِ تَوَزَّعَ بِحَسَبِهِمَا.

وَ إِنَّمَا یجِبُ الطَّلَبُ کذَلِک مَعَ احْتِمَالِ وُجُودِهِ فِیهَا، فَلَوْ عَلِمَ عَدَمَهُ مُطْلَقًا، أَوْ فِی بَعْضِ الْجِهَاتِ سَقَطَ الطَّلَبُ مُطْلَقًا، أَوْ فِیهِ کمَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِی أَزْیدَ مِنْ النِّصَابِ وَجَبَ قَصْدُهُ مَعَ الْإِمْکانِ مَا لَمْ یخْرُجْ الْوَقْتُ، وَ تَجُوزُ الِاسْتِنَابَهُ فِیهِ، بَلْ قَدْ تَجِبُ و لو بِأُجْرَهٍ مَعَ الْقُدْرَهِ.

وَ یشْتَرَطُ عَدَالَهُ النَّائِبِ إنْ کانَتْ اخْتِیارِیهً، وَ إِلَّا فَمَعَ إمْکانِهَا وَ یحْتَسَبُ لَهُمَا عَلَی التَّقْدِیرَینِ، وَ یجِبُ طَلَبُ التُّرَابِ کذَلِک لَوْ تَعَذَّرَ، مَعَ وُجُوبِهِ

التیمم بالتراب الطاهرِ و الحجر

(وَیجِبُ) التَّیمُّمُ (بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ وَ الْحَجَرِ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَهِ الْأَرْضِ إجْمَاعًا، وَ الصَّعِیدُ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ وَجْهُهَا، وَ لِأَنَّهُ تُرَابٌ اکتَسَبَ رُطُوبَهً لَزِجَهً وَ عَمِلَتْ فِیهِ الْحَرَارَهُ فَأَفَادَتْهُ اسْتِمْسَاکا وَ لَا فَرْقَ بَینَ أَنْوَاعِهِ مِنْ رُخَامٍ، وَ بِرَامٍ، و غیرهِمَا، خِلَافًا لِلشَّیخِ حَیثُ اشْتَرَطَ فِی جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فَقْدَ التُّرَابِ، أَمَّا الْمَنْعُ مِنْهُ مُطْلَقًا فَلَا قَائِلَ بِهِ.

وَ مِنْ جَوَازِهِ بِالْحَجَرِ یسْتَفَادُ جَوَازُهُ بِالْخَزَفِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی، لِعَدَمِ خُرُوجِهِ بِالطَّبْخِ عَنْ اسْمِ الْأَرْضِ و أن خَرَجَ عَنْ اسْمِ التُّرَابِ، کمَا لَمْ یخْرُجْ الْحَجَرُ مَعَ أَنَّهُ أَقْوَی اسْتِمْسَاکا مِنْهُ، خِلَافًا لِلْمُحَقِّقِ فِی الْمُعْتَبَرِ مُحْتَجًّا بِخُرُوجِهِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِجَوَازِ السُّجُودِ عَلَیهِ.

وَ مَا یخْرُجُ عَنْهَا بِالِاسْتِحَالَهِ یمْنَعُ مِنْ السُّجُودِ عَلَیهِ، و أن کانَتْ دَائِرَهُ السُّجُودِ أَوْسَعَ بِالنِّسْبَهِ إلَی غَیرِهِ (لَا بِالْمَعَادِنِ) کالْکحْلِ، وَ الزِّرْنِیخِ، وَ تُرَابِ الْحَدِیدِ، وَ نَحْوِهِ (وَ) لَا (النُّورَهُ) وَ الْجِصُّ بَعْدَ خُرُوجِهِمَا عَنْ اسْمِ الْأَرْضِ بِالْإِحْرَاقِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا.

یکره التیمم بالسبخه

(وَیکرَهُ) التَّیمُّمُ (بِالسَّبْخَهٍ) بِالتَّحْرِیک فَتْحًا وَ کسْرًا، وَ السُّکونِ و هی الْأَرْضُ الْمَالِحَهُ النَّشَّاشَهُ عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ مَا لَمْ یعْلُهَا مِلْحٌ یمْنَعُ إصَابَهَ بَعْضِ الْکفِّ لِلْأَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ،

(وَالرَّمْلِ) لِشَبَهِهِمَا بِأَرْضِ الْمَعْدِنِ، وَ وَجْهُ الْجَوَازِ بَقَاءُ اسْمِ الْأَرْضِ.

(وَیسْتَحَبُّ مِنْ الْعَوَالِی)، و هی مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ لِلنَّصِّ، وَ لِبُعْدِهَا مِنْ النَّجَاسَهِ، لِأَنَّ الْمَهَابِطَ تُقْصَدُ لِلْحَدَثِ، و منه سُمِّی الْغَائِطُ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْمُنْخَفِضُ، سُمِّی الْحَالُ بِاسْمِهِ لِوُقُوعِهِ فِیهِ کثِیرًا.

الواجب فی التیمم

(وَالْوَاجِبُ) فِی التَّیمُّمِ (النِّیهُ) و هی الْقَصْدُ إلَی فِعْلِهِ، وَ سَیأْتِی بَقِیهُ مَا یعْتَبَرُ فِیهَا، مُقَارِنَهً لِأَوَّلِ أَفْعَالِهِ (وَ) هُوَ (الضَّرْبُ عَلَی الْأَرْضِ بِیدَیهِ) مَعًا، و هو وَ ضَعْهُمَا بِمُسَمَّی الِاعْتِمَادِ، فَلَا یکفِی مُسَمَّی الْوَضْعِ عَلَی الظَّاهِرِ، خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الذِّکرَی فَإِنَّهُ جَعَلَ الظَّاهِرَ الِاکتِفَاءَ بِالْوَضْعِ، وَ مَنْشَأُ الِاخْتِلَافِ تَعْبِیرُ النُّصُوصِ بِکلٍّ مِنْهُمَا، وَ کذَا عِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ، فَمَنْ جَوَّزَهُمَا جَعَلَهُ دَالًا عَلَی أَنَّ الْمُؤَدَّی وَاحِدٌ، و من عَینَ الضَّرْبَ حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَی الْمُقَیدِ.

وَ إِنَّمَا یعْتَبَرُ الْیدَانِ مَعًا مَعَ الِاخْتِیارِ، فَلَوْ تَعَذَّرَتْ إحْدَاهُمَا - لِقَطْعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ رَبْطٍ - اقْتَصَرَ عَلَی الْمَیسُورِ وَ مَسَحَ الْجَبْهَهَ بِهِ وَ سَقَطَ مَسْحُ الْیدِ.

وَ یحْتَمَلُ قَوِیا مَسْحُهَا بِالْأَرْضِ کمَا یمْسَحُ الْجَبْهَهَ بِهَا لَوْ کانَتَا مَقْطُوعَتَینِ، و لیس کذَلِک لَوْ کانَتَا نَجِسَتَینِ، بَلْ یمْسَحُ بِهِمَا کذَلِک مَعَ تَعَذُّرِ التَّطْهِیرِ إلَّا أَنْ تَکونَ مُتَعَدِّیهً، أَوْ حَائِلَهً فَیجِبُ التَّجْفِیفُ وَ إِزَالَهُ الْحَائِلِ مَعَ الْإِمْکانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ضَرَبَ بِالظَّهْرِ إنْ خَلَا مِنْهُمَا، وَ إِلَّا ضَرَبَ بِالْجَبْهَهِ فِی الْأَوَّلِ، وَ بِالْیدِ النَّجِسَهِ فِی الثَّانِی، کمَا لَوْ کانَ عَلَیهَا جَبِیرَهٌ.

وَ الضَّرْبُ (مَرَّهً لِلْوُضُوءِ) أَی لِتَیمُّمِهِ الَّذِی هُوَ بَدَلٌ مِنْهُ، (فَیمْسَحُ بِهِمَا جَبْهَتَهُ مِنْ قُصَاصِ الشَّعْرِ إلَی طَرَفِ الْأَنْفِ الْأَعْلَی) بَادِئًا بِالْأَعْلَی کمَا أَشْعَرَ بِهِ " مِنْ " وَ " إلَی "، و أن احْتَمَلَ غَیرَهُ.

وَ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الْجَبْهَهِ مُتَّفَقٌ عَلَیهِ، وَ زَادَ بَعْضُهُمْ مَسْحَ الْحَاجِبَینِ، وَ نَفَی عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی الْبَأْسَ، وَ

آخَرُونَ مَسْحَ الْجَبِینَینِ - وَ هُمَا الْمُحِیطَانِ بِالْجَبْهَهِ یتَّصِلَانِ بِالصُّدْغَینِ، و فی الثَّانِی قُوَّهٌ لِوُرُودِهِ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَا یتَوَقَّفُ عَلَیهِ مِنْهُ مِنْ بَابِ الْمُقَدَّمَهِ لَا إشْکالَ فِیهِ وَ إِلَّا فَلَا دَلِیلَ عَلَیهِ.

(ثُمَّ) یمْسَحُ (ظَهْرَ یدِهِ الْیمْنَی بِبَطْنِ الْیسْرَی مِنْ الزَّنْدِ) بِفَتْحِ الزَّای، و هو مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِی الْکتِفِ (إلَی أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ.

ثُمَّ) مَسَحَ ظَهَرَ (الْیسْرَی) بِبَطْنِ الْیمْنَی (کذَلِک) مُبْتَدِئًا بِالزَّنْدِ إلَی الْآخَرِ، کمَا أَشْعَرَ بِهِ کلَامُهُ (وَمَرَّتَینِ لِلْغُسْلِ) إحْدَاهُمَا یمْسَحُ بِهَا جَبْهَتَهُ وَ الْأُخْرَی یدَیهِ. (وَیتَیمَّمُ غَیرُ الْجُنُبِ) مِمَّنْ عَلَیهِ حَدَثٌ یوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مُطْلَقًا (مَرَّتَینِ) إحْدَاهُمَا بَدَلًا مِنْ الْغُسْلِ بِضَرْبَتَینِ، وَ الْأُخْرَی بَدَلًا مِنْ الْوُضُوءِ بِضَرْبَهٍ.

وَ لَوْ قَدَرَ عَلَی الْوُضُوءِ خَاصَّهً وَجَبَ، وَ تَیمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ کالْعَکسِ، مَعَ أَنَّهُ یصْدُقُ عَلَیهِ أَنَّهُ مُحْدِثٌ غَیرُ جُنُبٍ، فَلَا بُدَّ فِی إخْرَاجِهِ مِنْ قَیدٍ، و کأنّهُ تَرَکهُ اعْتِمَادًا عَلَی ظُهُورِهِ.

النیه للتیمم

(وَیجِبُ فِی النِّیهِ) قَصْدُ (الْبَدَلِیهِ) مِنْ الْوُضُوءِ، أَوْ الْغُسْلِ إنْ کانَ التَّیمُّمُ بَدَلًا عَنْ أَحَدِهِمَا کمَا هُوَ الْغَالِبُ، فَلَوْ کانَ تَیمُّمُهُ لِصَلَاهِ الْجِنَازَهِ أَوْ لِلنَّوْمِ عَلَی طَهَارَهٍ، أَوْ لِخُرُوجِهِ جُنُبًا مِنْ أَحَدِ الْمَسْجِدَینِ - عَلَی الْقَوْلِ بِاخْتِصَاصِ التَّیمُّمِ بِذَلِک - کمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَی الْمُصَنِّفِ - لَمْ یکنْ بَدَلًا مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ احْتِمَالِ بَقَاءِ الْعُمُومِ بِجَعْلِهِ فِیهَا بَدَلًا اخْتِیارِیا.

(وَ) یجِبُ فِیهِ نِیهُ (الِاسْتِبَاحَهِ) لِمَشْرُوطٍ بِالطَّهَارَهِ (وَالْوَجْهِ) مِنْ وُجُوبٍ، أَوْ نَدْبٍ، وَ الْکلَامُ فِیهِمَا کالْمَائِیهِ (وَالْقُرْبَهِ) وَ لَا رَیبَ فِی اعْتِبَارِهَا فِی کلِّ عِبَادَهٍ مُفْتَقِرَهٍ إلَی نِیهٍ لِیتَحَقَّقَ الْإِخْلَاصُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِی کلِّ عِبَادَهٍ (وَ) تَجِبُ فِیهِ (الْمُوَالَاهُ) بِمَعْنَی الْمُتَابَعَهِ بَینَ أَفْعَالٍ بِحَیثُ لَا یعَدُّ مُفَرِّقًا عُرْفًا.

وَ ظَاهِرُ الْأَصْحَابِ الِاتِّفَاقُ عَلَی وُجُوبِهَا، و هل یبْطُلُ بِالْإِخْلَالِ بِهَا أَوْ یأْثَمُ خَاصَّهً؟ وَجْهَانِ.

وَ

عَلَی الْقَوْلِ بِمُرَاعَاهِ الضِّیقِ فِیهِ مُطْلَقًا یظْهَرُ قُوَّهُ الْأَوَّلِ وَ إِلَّا فَالْأَصْلُ یقْتَضِی الصِّحَّهَ.

(وَیسْتَحَبُّ نَفْضُ الْیدَینِ) بَعْدَ کلِّ ضَرْبَهٍ بِنَفْخِ مَا عَلَیهِمَا مِنْ أَثَرِ الصَّعِیدِ، أَوْ مَسْحِهِمَا، أَوْ ضَرْبِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَی

التیمم عند آخر الوقت

(وَلِیکنْ) التَّیمُّمُ (عِنْدَ آخِرِ الْوَقْتِ) بِحَیثُ یکونُ قَدْ بَقِی مِنْهُ مِقْدَارُ فِعْلِهِ مَعَ بَاقِی شَرَائِطِ الصَّلَاهِ الْمَفْقُودَهِ وَ الصَّلَاهُ تَامَّهُ الْأَفْعَالِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا، وَ لَا یؤْثِرُ فِیهِ ظُهُورُ الْخِلَافِ (وُجُوبًا مَعَ الطَّمَعِ فِی الْمَاءِ) وَ رَجَاءِ حُصُولِهِ و لو بِالِاحْتِمَالِ الْبَعِیدِ (وَإِلَّا اسْتِحْبَابًا) عَلَی أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ بَینَ الْمُتَأَخِّرِینَ، وَ الثَّانِی - و هو الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی وَ ادَّعَی عَلَیهِ الْمُرْتَضَی وَ الشَّیخُ الْإِجْمَاعَ - مُرَاعَاهً لِلضِّیقِ مُطْلَقًا، وَ الثَّالِثُ جَوَازُهُ مَعَ السَّعَهِ مُطْلَقًا، و هو قَوْلُ الصَّدُوقِ.

وَ الْأَخْبَارُ بَعْضُهَا دَالٌ عَلَی اعْتِبَارِ الضِّیقِ مُطْلَقًا، وَ بَعْضُهَا غَیرُ مُنَافٍ لَهُ، فَلَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَینَهَا بِالتَّفْصِیلِ هَذَا فِی التَّیمُّمِ الْمُبْتَدَأِ.

أَمَّا الْمُسْتَدَامُ - کمَا لَوْ تَیمَّمَ لِعِبَادَهٍ عِنْدَ ضِیقِ وَقْتِهَا و لو بِنَذْرِ رَکعَتَینِ فِی وَقْتٍ مُعَینٍ یتَعَذَّرُ فِیهِ الْمَاءُ، أَوْ عِبَادَهٍ رَاجِحَهٍ بِالطَّهَارَهِ و لو ذِکرًا - جَازَ فِعْلُ غَیرِهَا بِهِ مَعَ السَّعَهِ.

تمکن المتیمم من استعمال الماء

(وَلَوْ تَمَکنَ مِنْ) اسْتِعْمَالِ (الْمَاءِ انْتَقَضَ) تَیمُّمُهُ عَنْ الطَّهَارَهِ الَّتِی تَمَکنَ مِنْهَا، فَلَوْ تَمَکنَ مَنْ عَلَیهِ غَیرُ غُسْلِ الْجَنَابَهِ مِنْ الْوُضُوءِ خَاصَّهً، انْتَقَضَ تَیمُّمُهُ خَاصَّهً، وَ کذَا الْغُسْلُ، وَ الْحُکمُ بِانْتِقَاضِهِ بِمُجَرَّدِ التَّمَکنِ مَبْنِی عَلَی الظَّاهِرِ.

وَ أَمَّا انْتِقَاضُهُ مُطْلَقًا فَمَشْرُوطٌ بِمُضِی زَمَانٍ یسَعُ فِعْلَ الْمَائِیهِ مُتَمَکنًا مِنْهَا، فَلَوْ طَرَأَ بَعْدَ التَّمَکنِ مَانِعٌ قَبْلَهُ کشَفَ عَنْ عَدَمِ انْتِقَاضِهِ، سَوَاءٌ شَرَعَ فِیهَا أَمْ لَا.

کوُجُوبِ الصَّلَاهِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَ الْحَجِّ لِلْمُسْتَطِیعِ بِسَیرِ الْقَافِلَهِ مَعَ اشْتِرَاطِ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ بِمُضِی زَمَانٍ یسَعُ الْفِعْلَ، لِاسْتِحَالَهِ التَّکلِیفِ بِعِبَادَهٍ فِی وَقْتٍ لَا یسَعُهَا،

مَعَ احْتِمَالِ انْتِقَاضِهِ مُطْلَقًا، کمَا یقْتَضِیهِ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ وَ کلَامُ الْأَصْحَابِ.

وَ حَیثُ کانَ التَّمَکنُ مِنْ الْمَاءِ نَاقِضًا، فَإِنْ اتَّفَقَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِی الصَّلَاهِ انْتَقَضَ إجْمَاعًا عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکورِ و أن وَجَدَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ صَحَّتْ، وَ انْتَقَضَ بِالنِّسْبَهِ إلَی غَیرِهَا (وَلَوْ وَجَدَهُ فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ) و لو بَعْدَ التَّکبِیرِ (أَتَمَّهَا) مُطْلَقًا (عَلَی الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِأَشْهَرِ الرِّوَایاتِ وَ أَرْجَحِهَا سَنَدًا، وَ اعْتِضَادًا بِالنَّهْی الْوَارِدِ عَنْ قَطْعِ الْأَعْمَالِ وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِک بَینَ الْفَرِیضَهِ وَ النَّافِلَهِ.

وَ حَیثُ حُکمَ بِالْإِتْمَامِ فَهُوَ لِلْوُجُوبِ عَلَی تَقْدِیرِ وُجُوبِهَا، فَیحْرُمُ قَطْعُهَا وَ الْعُدُولُ بِهَا إلَی النَّافِلَهِ، لِأَنَّ ذَلِک مَشْرُوطٌ بِأَسْبَابٍ مُسَوِّغَهٍ وَ الْحَمْلُ عَلَی نَاسِی الْأَذَانِ قِیاسٌ، و لو ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَا إشْکالَ فِی التَّحْرِیمِ.

وَ هَلْ ینْتَقِضُ التَّیمُّمُ بِالنِّسْبَهِ إلَی غَیرِ هَذِهِ الصَّلَاهِ عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِ التَّمَکنِ مِنْهُ بَعْدَهَا؟ الْأَقْرَبُ الْعَدَمُ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمَکنِ و لم یحْصُلْ، وَ الْمَانِعُ الشَّرْعِی کالْعَقْلِی.

وَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَقْوَالٌ: مِنْهَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ یرْکعْ، وَ مِنْهَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ یقْرَأْ، وَ مِنْهَا التَّفْصِیلُ بِسَعَهِ الْوَقْتِ وَ ضِیقِهِ، وَ الْأَخِیرَانِ لَا شَاهِدَ لَهُمَا، وَ الْأَوَّلُ مُسْتَنِدٌ إلَی رِوَایهٍ مُعَارَضَهٍ بِمَا هُوَ أَقْوَی مِنْهَا.

2 - کتاب الصلاه

الفصل الاول فی اعدادها

الفصل الاول فی اعدادها

کتَابُ الصَّلَاهِ فُصُولُهُ أَحَدَ عَشَرَ: (الْأَوَّلُ - فِی أَعْدَادِهَا) (وَالْوَاجِبُ سَبْعُ) صَلَوَاتٍ: (الْیوْمِیهُ) الْخَمْسُ الْوَاقِعَهُ فِی الْیوْمِ وَ اللَّیلَهِ، نُسِبَتْ إلَی الْیوْمِ تَغْلِیبًا، أَوْ بِنَاءً عَلَی إطْلَاقِهِ عَلَی مَا یشْمَلُ اللَّیلَ (وَالْجُمُعَهُ وَ الْعِیدَانِ وَ الْآیاتُ وَ الطَّوَافُ وَ الْأَمْوَاتُ وَ الْمُلْتَزَمُ بِنَذْرٍ وَ شِبْهِهِ) و هذه الْأَسْمَاءُ إمَّا غَالِبَهٌ عُرْفًا، أَوْ بِتَقْدِیرِ حَذْفِ الْمُضَافِ فِیمَا عَدَا الْأُولَی، وَ الْمَوْصُوفُ فِیهَا وَ عَدَّهَا سَبْعَهً أَسَدُّ مِمَّا صَنَعَ مَنْ قَبْلَهُ حَیثُ عَدُّوهَا تِسْعَهً بِجَعْلِ الْآیاتِ ثَلَاثًا بِالْکسُوفَینِ.

وَ فِی إدْخَالِ صَلَاهِ

الْأَمْوَاتِ اخْتِیارُ إطْلَاقِهَا عَلَیهَا بِطَرِیقِ الْحَقِیقَهِ الشَّرْعِیهِ، و هو الَّذِی صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِاخْتِیارِهِ فِی الذِّکرَی وَ نَفَی الصَّلَاهَ عَمَّا لَا فَاتِحَهَ فِیهَا وَ لَا طَهُورَ، وَ الْحُکمُ بِتَحْلِیلِهَا بِالتَّسْلِیمِ ینَافِی الْحَقِیقَهَ.

وَ بَقِی مِنْ أَقْسَامِ الصَّلَاهِ الْوَاجِبَهِ صَلَاهُ الِاحْتِیاطِ وَ الْقَضَاءِ، فَیمْکنُ دُخُولُهُمَا فِی الْمُلْتَزَمِ، و هو الَّذِی اسْتَحْسَنَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الْیوْمِیهِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُکمِّلٌ لِمَا یحْتَمَلُ فَوَاتُهُ مِنْهَا، وَ الثَّانِی فِعْلُهَا فِی غَیرِ وَقْتِهَا، وَ دُخُولُ الْأَوَّلِ فِی الْمُلْتَزَمِ، وَ الثَّانِی فِی الْیوْمِیهِ، و له وَجْهٌ وَجِیهٌ. (وَالْمَنْدُوبُ) مَنْ الصَّلَاهِ (لَا حَصْرَ لَهُ) فَإِنَّ الصَّلَاهَ خَیرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ و من شَاءَ اسْتَکثَرَ (وَأَفْضَلُهُ الرَّوَاتِبُ) الْیوْمِیهُ الَّتِی هِی ضِعْفُهَا (فَلِلظُّهْرِ ثَمَانِ) رَکعَاتٍ (قَبْلَهَا، وَ لِلْعَصْرِ ثَمَانِ رَکعَاتٍ قَبْلَهَا، وَ لِلْمَغْرِبِ أَرْبَعٌ بَعْدَهَا، وَ لِلْعِشَاءِ رَکعَتَانِ جَالِسًا) أَی الْجُلُوسُ ثَابِتٌ فِیهِمَا بِالْأَصْلِ لَا رُخْصَهً، لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُمَا وَاحِدَهٌ لِیکمِلَ بِهَا ضِعْفَ الْفَرِیضَهِ، و هو یحْصُلُ بِالْجُلُوسِ فِیهِمَا، لِأَنَّ الرَّکعَتَینِ مِنْ جُلُوسٍ ثَوَابُهُمَا رَکعَهٌ مِنْ قِیامٍ.

(وَیجُوزُ قَائِمًا) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ عَلَی الْأَقْوَی لِلتَّصْرِیحِ بِهِ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَ عَدَمِ دَلَالَهِ مَا دَلَّ عَلَی فِعْلِهِمَا جَالِسًا عَلَی أَفْضَلِیتِهِ، بَلْ غَایتِهِ لِلدَّلَالَهِ عَلَی الْجَوَازِ، مُضَافًا إلَی مَا دَلَّ عَلَی أَفْضَلِیهِ الْقِیامِ فِی النَّافِلَهِ مُطْلَقًا وَ مَحَلُّهُمَا (بَعْدَهَا) أَی بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَ الْأَفْضَلُ جَعْلُهُمَا بَعْدَ التَّعْقِیبِ، وَ بَعْدَ کلِّ صَلَاهٍ یرِیدُ فِعْلَهَا بَعْدَهَا.

وَ اخْتَلَفَ کلَامُ الْمُصَنِّفِ فِی تَقْدِیمِهِمَا عَلَی نَافِلَهِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْوَاقِعَهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَ تَأْخِیرِهِمَا عَنْهَا، فَفِی النَّفْلِیهِ قَطْعٌ بِالْأَوَّلِ، و فی الذِّکرَی بِالثَّانِی، وَ ظَاهِرُهُ هُنَا الْأَوَّلُ نَظَرًا إلَی الْبَعْدِیهِ، وَ کلَاهُمَا حَسَنٌ.

(وَثَمَانِ) رَکعَاتٍ صَلَاهُ (اللَّیلِ، وَ رَکعَتَا الشَّفْعِ) بَعْدَهَا، (وَرَکعَهُ الْوِتْرِ، وَ رَکعَتَا الصُّبْحِ قَبْلَهَا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَایهً وَ فَتْوَی، وَ رُوِی ثَلَاثٌ وَ

ثَلَاثُونَ بِإِسْقَاطِ الْوَتِیرَهِ، وَ تِسْعٌ وَ عِشْرُونَ وَ سَبْعٌ وَ عِشْرُونَ بِنَقْصِ الْعَصْرِیهِ أَرْبَعًا، أَوْ سِتًّا مَعَ الْوَتِیرَهِ، وَ حُمِلَ عَلَی الْمُؤَکدِ مِنْهَا لَا عَلَی انْحِصَارِ السُّنَّهِ فِیهَا.

(وَفِی السَّفَرِ وَ الْخَوْفِ) الْمُوجِبَینِ لِلْقَصْرِ (تَنْتَصِفُ الرُّبَاعِیهِ، وَ تَسْقُطُ رَاتِبَهُ الْمَقْصُورَهِ) و لو قَالَ رَاتِبَتُهَا کانَ أَقْصَرَ، فَالسَّاقِطُ نِصْفُ الرَّاتِبَهِ سَبْعَ عَشْرَهَ رَکعَهً، و هو فِی غَیرِ الْوَتِیرَهِ مَوْضِعُ و ِفَاقٍ، وَ فِیهَا عَلَی الْمَشْهُورِ، بَلْ قِیلَ إنَّهُ إجْمَاعِی أَیضًا.

وَلَکنْ رَوَی الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ عَنْ " الرِّضَا " عَلَیهِ السَّلَامُ عَدَمَ سُقُوطِهَا، مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا زِیادَهٌ فِی الْخَمْسِینَ تَطَوُّعًا، لِیتِمَّ بِهَا بَدَلُ کلِّ رَکعَهٍ مِنْ الْفَرِیضَهِ رَکعَتَینِ مِنْ التَّطَوُّعِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی: و هذا قَوِی لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَ مُعَلَّلٌ، إلَّا أَنْ ینْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ.

وَ نَبَّهَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَلَی دَعْوَی ابْنِ إدْرِیسَ الْإِجْمَاعَ عَلَیهِ، مَعَ أَنَّ الشَّیخَ فِی النِّهَایهِ صَرَّحَ بِعَدَمِهِ، فَمَا قَوَّاهُ فِی مَحَلِّهِ. (وَلِکلِّ رَکعَتَینِ مَنْ النَّافِلَهِ تَشَهُّدٌ وَ تَسْلِیمٌ) هَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ و قد خَرَجَ عَنْهُ مَوَاضِعُ ذَکرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا مَوْضِعَینِ بِقَوْلِهِ: (وَلِلْوِتْرِ بِانْفِرَادِهِ) تَشَهُّدٌ وَ تَسْلِیمٌ (وَلِصَلَاهِ الْأَعْرَابِی) مِنْ التَّشَهُّدِ وَ التَّسْلِیمِ (تَرْتِیبُ الظُّهْرَینِ بَعْدَ الثُّنَائِیهِ) فَهِی عَشْرُ رَکعَاتٍ بِخَمْسِ تَشَهُّدَاتٍ وَ ثَلَاثِ تَسْلِیمَاتٍ کالصُّبْحِ وَ الظُّهْرَینِ.

وَ بَقِی صَلَوَاتٌ أُخَرُ ذَکرَهَا الشَّیخُ فِی الصَّبَاحِ وَ السَّیدُ رَضِی الدِّینِ بْنُ طَاوُسٍ فِی تَتِمَّاتِهِ یفْعَلُ مِنْهَا بِتَسْلِیمٍ وَاحِدٍ أَزْیدَ مِنْ رَکعَتَینِ، تَرَک الْمُصَنِّفُ وَ الْجَمَاعَهُ اسْتِثْنَاءَهَا لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا وَ جَهَالَهِ طَرِیقِهَا، وَ صَلَاهُ الْأَعْرَابِی تُوَافِقُهَا فِی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ.

الفصل الثانی فی شروطها

الفصل الثانی فی شروطها

الشرط الاول: الوقت

(الْفَصْلُ الثَّانِی - فِی شُرُوطِهَا) (وَهِی سَبْعَهٌ): (الْأُولَی - الْوَقْتُ) وَ الْمُرَادُ هُنَا وَقْتُ الْیوْمِیهِ، مَعَ أَنَّ السَّبْعَهَ شُرُوطٍ لِمُطْلَقِ الصَّلَاهِ غَیرَ الْأَمْوَاتِ فِی الْجُمْلَهِ، فَیجُوزُ عَوْدُ ضَمِیرِ شُرُوطِهَا إلَی الْمُطْلَقِ، لَکنْ

لَا یلَائِمُهُ تَخْصِیصُ الْوَقْتِ بِالْیوْمِیهِ إلَّا أَنْ یؤْخَذَ کوْنُ مُطْلَقِ الْوَقْتِ شَرْطًا و ما بَعْدَ ذِکرِهِ مُجْمَلًا مِنْ التَّفْصِیلِ حُکمٌ آخَرُ لِلْیوْمِیهِ، و لو عَادَ ضَمِیرُ شُرُوطِهَا إلَی الْیوْمِیهِ لَا یحْسُنُ، لِعَدَمِ الْمُمَیزِ مَعَ اشْتَرَاک الْجَمِیعِ فِی الشَّرَائِطِ بِقَوْلٍ مُطْلَقٍ، إلَّا أَنَّ عَوْدَهُ إلَی الْیوْمِیهِ أَوْفَقُ لِنَظْمِ الشُّرُوطِ، بِقَرِینَهِ تَفْصِیلِ الْوَقْتِ وَ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ لِلطَّوَافِ وَ الْأَمْوَاتِ وَ الْمُلْتَزَمِ إلَّا بِتَکلُّفٍ وَ تَجَوُّزٍ، وَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَهِ مِنْ الْحَدَثِ وَ الْخَبَثِ فِی صَلَاهِ الْأَمْوَاتِ و هی أَحَدُ السَّبْعَهِ، وَ اخْتِصَاصُ الْیوْمِیهِ بِالضَّمِیرِ مَعَ اشْتِرَاکهِ لِکوْنِهَا الْفَرْدَ الْأَظْهَرَ مِنْ بَینِهَا، وَ الْأَکمَلُ مَعَ انْضِمَامِ قَرَائِنَ لَفْظِیهٍ بَعْدَ ذَلِک.

(فَلِلظُّهْرِ) مِنْ الْوَقْتِ (زَوَالُ الشَّمْسِ) عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَ مَیلُهَا عَنْ دَائِرَهِ نِصْفِ النَّهَارِ (الْمَعْلُومِ بِزَیدِ الظِّلِّ) أَی زِیادَتِهِ، مَصْدَرَانِ لَزَادَ الشَّیءُ (بَعْدَ نَقْصِهِ) و ذلک فِی الظِّلِّ الْمَبْسُوطِ، و هو الْحَادِثُ مِنْ الْمَقَاییسِ الْقَائِمَهِ عَلَی سَطْحِ الْأُفُقِ، فَإِنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ وَقَعَ - لِکلِّ شَاخِصٍ قَائِمٍ عَلَی سَطْحِ الْأَرْضِ بِحَیثُ یکونُ عَمُودًا عَلَی سَطْحِ الْأُفُقِ - ظِلٌّ طَوِیلٌ إلَی جِهَهِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ لَا یزَالُ ینْقُصُ کلَّمَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّی تَبْلُغَ وَسَطَ السَّمَاءِ فَینْتَهِی النُّقْصَانُ إنْ کانَ عَرْضُ الْمَکانِ الْمَنْصُوبِ فِیهِ الْمِقْیاسُ مُخَالِفًا لِمَیلِ الشَّمْسِ فِی الْمِقْدَارِ وَ یعْدَمُ الظِّلُّ أَصْلًا إنْ کانَ بِقَدْرِهِ، و ذلک فِی کلِّ مَکان یکونُ عَرْضُهُ مُسَاوِیا لِلْمَیلِ الْأَعْظَمِ لِلشَّمْسِ أَوْ أَنْقَصَ عِنْدَ مَیلِهَا بِقَدْرِهِ وَ مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِی الْجِهَهِ.

وَ یتَّفِقُ فِی أَطْوَلِ أَیامِ السَّنَهِ تَقْرِیبًا فِی مَدِینَهِ الرَّسُولِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم و ما قَارَبَهَا فِی الْعَرْضِ، وَ فِی مَکهَ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ بِسِتَّهٍ وَ عِشْرِینَ یوْمًا، ثُمَّ یحْدُثُ ظِلٌّ جَنُوبِی إلَی تَمَامِ الْمَیلِ وَ بَعْدَهُ إلَی ذَلِک الْمِقْدَارِ، ثُمَّ یعْدَمُ

یوْمًا آخَرَ.

وَ الضَّابِطُ: أَنَّ مَا کانَ عَرْضُهُ زَائِدًا عَلَی الْمَیلِ الْأَعْظَمِ لَا یعْدَمُ الظِّلُّ فِیهِ أَصْلًا، بَلْ یبْقَی عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْهُ بَقِیهٌ تَخْتَلِفُ زِیادَهً وَ نُقْصَانًا بِبُعْدِ الشَّمْسِ مِنْ مُمَاسَّهِ رُءُوسِ أَهْلِهِ وَ قُرْبِهَا، و ما کانَ عَرْضُهُ مُسَاوِیا لِلْمَیلِ یعْدَمُ فِیهِ یوْمًا و هو أَطْوَلُ أَیامِ السَّنَهِ، و ما کانَ عَرْضُهُ أَنْقَصَ مِنْهُ کمَکهَ وَ صَنْعَاءَ یعْدَمُ فِیهِ یوْمَینِ عِنْدَ مُمَاسَّهِ الشَّمْسِ لِرُءُوسِ أَهْلِهِ صَاعِدَهً وَ هَابِطَهً، کلُّ ذَلِک مَعَ مُوَافَقَهٍ لَهُ فِی الْجِهَهِ کمَا مَرَّ.

أَمَّا الْمَیلُ الْجَنُوبِی فَلَا یعْدَمُ ظِلُّهُ مِنْ ذِی الْعَرْضِ مُطْلَقًا، لَا کمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الذِّکرَی - تَبَعًا لِلْعَلَّامَهِ - مِنْ کوْنِ ذَلِک بِمَکهَ وَ صَنْعَاءَ فِی أَطْوَلِ أَیامِ السَّنَهِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ الْفَسَادِ.

وَ أَوَّلُ مَنْ وَقَعَ فِیهِ الرَّافِعِی مِنْ الشَّافِعِیهِ، ثُمَّ قَلَّدَهُ فِیهِ جَمَاعَهٌ مِنَّا وَ مِنْهُمْ مِنْ غَیرِ تَحْقِیقٍ لِلْمَحَلِّ، و قد حَرَّرْنَا الْبَحْثَ فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

وَ إِنَّمَا لَمْ یذْکرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا حُکمَ حُدُوثِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، فَاقْتَصَرَ عَلَی الْعَلَامَهِ الْغَالِبَهِ، و لو عَبَّرَ بِظُهُورِ الظِّلِّ فِی جَانِبِ الْمَشْرِقِ کمَا صَنَعَ فِی الرِّسَالَهِ الْأَلْفِیهِ - لَشَمِلَ الْقِسْمَینِ بِعِبَارَهٍ وَجِیزَهٍ.

(وَلِلْعَصْرِ الْفَرَاغُ مِنْهَا و لو تَقْدِیرًا) بِتَقْدِیرِ أَنْ لَا یکونَ قَدْ صَلَّاهَا فَإِنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ یدْخُلُ بِمُضِی مِقْدَارِ فِعْلِهِ الظُّهْرَ بِحَسْبِ حَالِهِ مِنْ قَصْرٍ، وَ تَمَامٍ، وَ خِفَّهٍ، وَ بُطْءٍ، وَ حُصُولِ الشَّرَائِطِ، وَ فَقْدِهَا بِحَیثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا لَأَتَمَّهَا.

لَا بِمَعْنَی جَوَازِ فِعْلِ الْعَصْرِ حِینَئِذٍ مُطْلَقًا، بَلْ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ لَوْ صَلَّاهَا نَاسِیا قَبْلَ الظُّهْرِ، فَإِنَّهَا تَقَعُ صَحِیحَهً إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا الْمَذْکورِ، وَ کذَا لَوْ دَخَلَ قَبْلَ أَنْ یتِمَّهَا (وَتَأْخِیرُهَا) أَی الْعَصْرِ إلَی (مَصِیرِ الظِّلِّ) الْحَادِثِ بَعْدَ الزَّوَالِ (مِثْلُهُ) أَی مِثْلُ ذِی الظِّلِّ و

هو الْمِقْیاسُ (أَفْضَلُ) مِنْ تَقْدِیمِهَا عَلَی ذَلِک الْوَقْتِ، کمَا أَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ قَبْلَ هَذَا الْمِقْدَارِ أَفْضَلُ، بَلْ قِیلَ بِتَعَینِهِ بِخِلَافِ تَأْخِیرِ الْعَصْرِ.

(وَلِلْمَغْرِبِ ذَهَابُ الْحُمْرَهِ الْمَشْرِقِیهِ) و هی الْکائِنَهُ فِی جِهَهِ الْمَشْرِقِ، وَحَدُّهُ قِمَّهُ الرَّأْسِ.

(وَلِلْعِشَاءِ الْفَرَاغُ مِنْهَا) و لو تَقْدِیرًا عَلَی نَحْوِ مَا قُرِّرَ لِلظُّهْرِ إلَّا أَنَّهُ هُنَا لَوْ شَرَعَ فِی الْعِشَاءِ تَمَامًا تَامَّهَ الْأَفْعَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمُشْتَرَک و هو فِیهَا، فَتَصِحُّ مَعَ النِّسْیانِ بِخِلَافِ الْعَصْرِ.

(وَتَأْخِیرُهَا) إلَی ذَهَابِ الْحُمْرَهِ (الْمَغْرِبِیهِ أَفْضَلُ)، بَلْ قِیلَ بِتَعَینِهِ کتَقْدِیمِ الْمَغْرِبِ عَلَیهِ أَمَّا الشَّفَقُ الْأَصْفَرُ وَ الْأَبْیضُ فَلَا عِبْرَهَ بِهِمَا عِنْدَنَا.

(وَلِلصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ) الصَّادِقِ و هو الثَّانِی الْمُعْتَرِضِ فِی الْأُفُقِ.

(وَیمْتَدُّ وَقْتُ الظُّهْرَینِ إلَی الْغُرُوبِ) اخْتِیارًا عَلَی أَشْهُرِ الْقَوْلَینِ لَا بِمَعْنَی أَنَّ الظُّهْرَ تُشَارِک الْعَصْرَ فِی جَمِیعِ ذَلِک الْوَقْتِ، بَلْ یخْتَصُّ الْعَصْرُ مِنْ آخِرِهِ بِمِقْدَارِ أَدَائِهَا، کمَا یخْتَصُّ الظُّهْرُ مِنْ أَوَّلِهِ بِهِ.

وَ إِطْلَاقُ امْتِدَادِ وَقْتِهِمَا بِاعْتِبَارِ کوْنِهِمَا لَفْظًا وَاحِدًا إذَا امْتَدَّ وَقْتُ مَجْمُوعِهِ مِنْ حَیثُ هُوَ مَجْمُوعٌ إلَی الْغُرُوبِ لَا ینَافِی عَدَمَ امْتِدَادِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ - و هو الظُّهْرُ - إلَی ذَلِک، کمَا إذَا قِیلَ: یمْتَدُّ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَی الْغُرُوبِ لَا ینَافِی عَدَمَ امْتِدَادِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا - و هو أَوَّلُهَا - إلَیهِ.

وَ حِینَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الِامْتِدَادِ عَلَی وَقْتِهِمَا بِهَذَا الْمَعْنَی بِطَرِیقِ الْحَقِیقَهِ لَا الْمَجَازِ، إطْلَاقًا لِحُکمِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ عَلَی الْجَمِیعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِک.

(وَ) وَقْتُ (الْعِشَاءَینِ إلَی نِصْفِ اللَّیلِ) مَعَ اخْتِصَاصِ الْعِشَاءِ مِنْ آخِرِهِ بِمِقْدَارِ أَدَائِهَا، عَلَی نَحْوِ مَا ذَکرْنَاهُ فِی الظُّهْرَینِ.

(وَیمْتَدُّ وَقْتُ الصُّبْحِ حَتَّی تَطْلُعَ الشَّمْسُ) عَلَی أُفُقِ مَکانِ الْمُصَلِّی و أن لَمْ تَظْهَرْ لِلْأَبْصَارِ. (وَ) وَقْتُ (نَافِلَهِ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَی أَنْ یصِیرَ الْفَیءُ) و هو الظِّلُّ الْحَادِثُ بَعْدَ الزَّوَالِ، سَمَّاهُ فِی وَقْتِ الْفَرِیضَهِ ظِلًّا وَهُنَا فَیئًا - و هو

أَجْوَدُ - لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ " فَاءَ: إذَا رَجَعَ " مِقْدَارُ (قَدَمَینِ) أَی سُبْعَی قَامَهِ الْمِقْیاسِ، لِأَنَّهَا إذَا قُسِّمَتْ سَبْعَهَ أَقْسَامٍ یقَالُ لِکلِّ قِسْمٍ " قَدَمٌ "، وَ الْأَصْلُ فِیهِ أَنَّ قَامَهَ الْإِنْسَانِ غَالِبًا سَبْعَهَ أَقْدَامٍ بِقَدَمِهِ.

(وَلِلْعَصْرِ أَرْبَعَهُ أَقْدَامٍ) فَعَلَی هَذَا تُقَدَّمُ نَافِلَهُ الْعَصْرِ بَعْدَ صَلَاهِ الظُّهْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا أَوْ فِی هَذَا الْمِقْدَارِ، وَتُؤَخَّرُ الْفَرِیضَهُ إلَی وَقْتِهَا، و هو مَا بَعْدَ الْمِثْلِ.

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَایهً وَ فَتْوَی.

وَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ مَا یدُلُّ عَلَی امْتِدَادِ وَقْتِهِمَا بِامْتِدَادِ وَقْتِ فَضِیلَهِ الْفَرِیضَهِ، و هو زِیادَهُ الظِّلِّ بِمِقْدَارِ مِثْلِ الشَّخْصِ لِلظُّهْرِ وَ مِثْلَیهِ لِلْعَصْرِ، و فیه قُوَّهٌ.

وَ ینَاسِبُهُ الْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ و غیرهِمْ مِنْ السَّلَفِ مِنْ صَلَاهِ نَافِلَهِ - الْعَصْرِ قَبْلَ الْفَرِیضَهِ مُتَّصِلَهً بِهَا.

وَ عَلَی مَا ذَکرُوهُ مِنْ الْأَقْدَامِ لَا یجْتَمِعَانِ أَصْلًا لِمَنْ أَرَادَ صَلَاهَ الْعَصْرِ فِی وَقْتِ الْفَضِیلَهِ، وَ الْمَرْوِی { أَنَّ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم کانَ یتْبِعُ الظُّهْرَ بِرَکعَتَینِ مِنْ سُنَّهِ الْعَصْرِ، وَ یؤَخِّرُ الْبَاقِی إلَی أَنْ یرِیدَ صَلَاهَ الْعَصْرِ } وَ رُبَّمَا اتَّبَعَهَا بِأَرْبَعَ وَ سِتٍّ وَ أَخَّرَ الْبَاقِی و هو السِّرُّ فِی اخْتِلَافِ الْمُسْلِمِینَ فِی أَعْدَادِ نَافِلَتَیهِمَا، و لکن أَهْلَ الْبَیتِ أَدْرَی بِمَا فِیهِ.

وَ لَوْ أَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَهَ عَلَی الْفَرْضِ عَنْهُ لَا لِعُذْرِ نَقْصِ الْفَضْلِ وَ بَقِیتْ أَدَاءً مَا بَقِی وَقْتُهَا، بِخِلَافِ الْمُتَأَخَّرِ فَإِنَّ وَقْتَهَا لَا یدْخُلُ بِدُونِ فِعْلِهِ.

(وَلِلْمَغْرِبِ إلَی ذَهَابِ الْحُمْرَهِ الْمَغْرِبِیهِ، وَ لِلْعِشَاءِ کوَقْتِهَا) فَتَبْقَی أَدَاءً إلَی أَنْ ینْتَصِفَ اللَّیلُ، و لیس فِی النَّوَافِلِ مَا یمْتَدُّ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْفَرِیضَهِ عَلَی الْمَشْهُورِ سِوَاهَا (وَاللَّیلُ بَعْدَ نِصْفِهِ) الْأَوَّلِ (إلَی طُلُوعِ الْفَجْرِ) الثَّانِی.

وَ الشَّفْعُ وَ الْوَتْرُ مِنْ جُمْلَهِ صَلَاهِ اللَّیلِ هُنَا، وَ کذَا

تُشَارِکهَا فِی الْمُزَاحَمَهِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَوْ أَدْرَک مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارَ أَرْبَعٍ، کمَا یزَاحِمُ بِنَافِلَهِ الظُّهْرَینِ لَوْ أَدْرَک مِنْ وَقْتِهَا رَکعَهً، أَمَّا الْمَغْرِبِیهُ فَلَا یزَاحَمُ بِهَا مُطْلَقًا إلَّا أَنْ یتَلَبَّسَ مِنْهَا بِرَکعَتَینِ فَیتِمَّهَا مُطْلَقًا.

(وَالصُّبْحُ حَتَّی تَطْلُعَ الْحُمْرَهُ) مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، و هو آخِرُ وَقْتِ فَضِیلَهِ الْفَرِیضَهِ، کالْمِثْلِ وَ الْمِثْلَینِ لِلظُّهْرَینِ وَ الْحُمْرَهِ الْمَغْرِبِیهِ لِلْمَغْرِبِ، و هو ینَاسِبُ رِوَایهَ الْمِثْلِ لَا الْقَدَمِ. (وَتُکرَهُ النَّافِلَهُ الْمُبْتَدِئَهُ) و هی الَّتِی یحْدِثُهَا الْمُصَلِّی تَبَرُّعًا، فَإِنَّ الصَّلَاهَ قُرْبَانُ کلِّ تَقِی وَ احْتُرِزَ بِهَا عَنْ ذَاتِ السَّبَبِ، کصَلَاهِ الطَّوَافِ، وَ الْإِحْرَامِ، وَ تَحِیهِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَ الزِّیارَهِ عِنْدَ حُصُولِهَا، وَ الْحَاجَهِ، وَ الِاسْتِخَارَهِ، وَ الشُّکرِ، وَ قَضَاءِ النَّوَافِلِ مُطْلَقًا فِی هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَهِ الْمُتَعَلَّقِ اثْنَانِ مِنْهَا بِالْفِعْلِ (بَعْدَ صَلَاهِ الصُّبْحِ) إلَی أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ (وَالْعَصْرُ) إلَی أَنْ تَغْرُبَ (وَ) ثَلَاثَهٌ بِالزَّمَانِ (عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَی بَعْدَهُ حَتَّی تَرْتَفِعَ وَ یسْتَوْلِی شُعَاعُهَا وَ تَذْهَبَ الْحُمْرَهُ، وَ هُنَا یتَّصِلُ وَقْتُ الْکرَاهَتَینِ الْفِعْلِی وَ الزَّمَانِی (وَ) عِنْدَ (غُرُوبِهَا) أَی مَیلِهَا إلَی الْغُرُوبِ وَ اصْفِرَارِهَا حَتَّی یکمُلَ بِذَهَابِ الْحُمْرَهِ الْمَشْرِقِیهِ.

وَ تَجْتَمِعُ هُنَا الْکرَاهَتَانِ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ (وَ) عِنْدَ (قِیامِهَا) فِی وَسَطِ السَّمَاءِ وَ وُصُولِهَا إلَی دَائِرَهِ نِصْفِ النَّهَارِ تَقْرِیبًا إلَی أَنْ تَزُولَ (إلَّا یوْمَ الْجُمُعَهِ) فَلَا تُکرَهُ النَّافِلَهُ فِیهِ عِنْدَ قِیامِهَا، لِاسْتِحْبَابِ صَلَاهِ رَکعَتَینِ مِنْ نَافِلَتِهَا حِینَئِذٍ و فی الحَقِیقَهِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ نَافِلَهَ الْجُمُعَهِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ إلَّا أَنْ یقَالَ بِعَدَمِ کرَاهَهِ الْمُبْتَدِئَهِ فِیهِ أَیضًا عَمَلًا بِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ بِاسْتِثْنَائِهِ (وَلَا تُقَدَّمُ) النَّافِلَهُ اللَّیلِیهُ عَلَی الِانْتِصَافِ (إلَّا لِعُذْرٍ) کتَعَبٍ وَ بَرْدٍ وَ رُطُوبَهِ رَأْسٍ وَ جَنَابَهٍ و لو اخْتِیارِیهٍ یشَقُّ مَعَهَا الْغُسْلُ، فَیجُوزُ تَقْدِیمُهَا حِینَئِذٍ مِنْ أَوَّلِهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِنِیهِ التَّقْدِیمِ أَوْ الْأَدَاءِ وَ

مِنْهَا الشَّفْعُ وَ الْوَتْرُ.

(وَقَضَاؤُهَا أَفْضَلُ) مِنْ تَقْدِیمِهَا فِی صُورَهِ جَوَازِهِ. (وَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَفْضَلُ) مَنْ غَیرِهِ (إلَّا) فِی مَوَاضِعَ تَرْتَقِی إلَی خَمْسَهٍ وَ عِشْرِینَ ذَکرَ أَکثَرُهَا الْمُصَنِّفُ فِی النَّفْلِیهِ، وَ حَرَّرْنَاهَا مَعَ الْبَاقِی فِی شَرْحِهَا، و قد ذُکرَ مِنْهَا هُنَا ثَلَاثَهُ مَوَاضِعَ: (لِمَنْ یتَوَقَّعُ زَوَالُ عُذْرِهِ) بَعْدَ أَوَّلِهِ، کفَاقِدِ السَّاتِرِ أَوْ وَصْفِهِ وَ الْقِیامِ، و ما بَعْدَهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ الرَّاجِحَهِ عَلَی مَا هُوَ بِهِ إذَا رَجَا الْقُدْرَهَ فِی آخِرِهِ.

وَ الْمَاءِ عَلَی الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّیمُّمِ مَعَ السَّعَهِ وَ لِإِزَالَهِ النَّجَاسَهِ غَیرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا (وَلِصَائِمٍ یتَوَقَّعُ) غَیرُهُ (فِطْرَهُ) و مثله مَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَی الْإِفْطَارِ بِحَیثُ ینَافِی الْإِقْبَالَ عَلَی الصَّلَاهِ (وَلِلْعِشَاءَینِ) لِلْمُفِیضِ مِنْ عَرَفَهَ (إلَی الْمَشْعَرِ) و أن تَثَلَّثَ اللَّیلُ. (وَیعَوَّلُ فِی الْوَقْتِ عَلَی الظَّنِّ) الْمُسْتَنَدِ إلَی وِرْدٍ بِصَنْعَهٍ أَوْ دَرْسٍ وَ نَحْوِهِمَا (مَعَ تَعَذُّرِ الْعِلْمِ) أَمَّا مَعَ إمْکانِهِ فَلَا یجُوزُ الدُّخُولُ بِدُونِهِ (فَإِنْ) صَلَّی بِالظَّنِّ حَیثُ یتَعَذَّرُ الْعِلْمُ ثُمَّ انْکشَفَ و ُقُوعُهَا فِی الْوَقْتِ أَوْ (دَخَلَ و هو فِیهَا أَجْزَأَ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ (وَإِنْ تَقَدَّمَتْ) عَلَیهِ بِأَجْمَعِهَا (أَعَادَ) و هو مَوْضِعُ وِفَاقٍ.

الشرط الثانی: القبله

(الثَّانِی - الْقِبْلَهُ) (وَهِی) عَینُ (الْکعْبَهِ لِلْمُشَاهِدِ) لَهَا (أَوْ حُکمُهُ) و هو مَنْ یقْدِرُ عَلَی التَّوَجُّهِ إلَی عَینِهَا به غیر مَشَقَّهٍ کثِیرَهٍ لَا تُتَحَمَّلُ عَادَهً، و لو بِالصُّعُودِ إلَی جَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ (وَجِهَتُهَا) و هی السَّمْتُ الَّذِی یحْتَمَلُ کوْنُهَا فِیهِ وَ یقْطَعُ بِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْهُ لِأَمَارَهٍ شَرْعِیهٍ (لِغَیرِهِ) أَی غَیرِ الْمُشَاهِدِ و من بِحُکمِهِ کالْأَعْمَی.

وَ لَیسَتْ الْجِهَهُ لِلْبَعِیدِ مُحَصِّلَهً عَینَ الْکعْبَهِ و أن کانَ الْبُعْدُ عَنْ الْجِسْمِ یوجِبُ اتِّسَاعَ جِهَهِ مُحَاذَاتِهِ، لِأَنَّ ذَلِک لَا یقْتَضِی اسْتِقْبَالَ الْعَینِ، إذْ لَوْ أُخْرِجَتْ خُطُوطٌ مُتَوَازِیهٌ مِنْ مَوَاقِفِ الْبَعِیدِ الْمُتَبَاعِدَهِ الْمُتَّفِقَهِ الْجِهَهِ عَلَی وَجْهٍ یزِیدُ عَلَی جِرْمِ الْکعْبَهِ

لَمْ تَتَّصِلْ الْخُطُوطُ أَجْمَعَ بِالْکعْبَهِ ضَرُورَهً، وَ إِلَّا لَخَرَجَتْ عَنْ کوْنِهَا مُتَوَازِیهً.

وَ بِهَذَا یظْهَرُ الْفَرْقُ بَینَ الْعَینِ وَ الْجِهَهِ، وَ یتَرَتَّبُ عَلَیهِ بُطْلَانُ صَلَاهِ بَعْضِ الصَّفِّ الْمُسْتَطِیلِ زِیادَهً مِنْ قَدْرِ الْکعْبَهِ لَوْ اُعْتُبِرَ مُقَابَلَهُ الْعَینِ.

وَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْبَعِیدَ فَرْضُهُ الْجِهَهُ أَصَحُّ الْقَوْلَینِ فِی الْمَسْأَلَهِ، خِلَافًا لِلْأَکثَرِ حَیثُ جَعَلُوا الْمُعْتَبَرَ لِلْخَارِجِ عَنْ الْحَرَمِ اسْتِقْبَالَهُ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایاتٍ ضَعِیفَهٍ.

ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْبَعِیدُ بِالْجِهَهِ بِمِحْرَابٍ مَعْصُومٍ أَوْ اعْتِبَارٍ رَصْدِی وَ إِلَّا عَوَّلَ عَلَی الْعَلَامَاتِ الْمَنْصُوبَهِ لِمَعْرِفَتِهَا نَصًّا أَوْ اسْتِنْبَاطًا.

(وَعَلَامَهُ) أَهْلِ (الْعِرَاقِ و من فِی سَمْتِهِمْ) کبَعْضِ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِمَّنْ یقَارِبُهُمْ فِی طُولِ بَلَدِهِمْ (جَعَلَ الْمَغْرِبَ عَلَی الْأَیمَنِ وَ الْمَشْرِقَ عَلَی الْأَیسَرِ وَ الْجَدْی) حَالَ غَایهِ ارْتِفَاعِهِ أَوْ انْخِفَاضِهِ (خَلْفَ الْمَنْکبِ الْأَیمَنِ) و هذه الْعَلَامَهُ وَرَدَ بِهَا النَّصُّ خَاصَّهً عَلَامَهً لِلْکوفَهِ و ما ینَاسِبُهَا، و هی مُوَافِقَهٌ لِلْقَوَاعِدِ الْمُسْتَنْبَطَهِ مِنْ الْهَیئَهِ و غیرهَا فَالْعَمَلُ بِهَا مُتَعَینٌ فِی أَوْسَاطِ الْعِرَاقِ مُضَافًا إلَی الْکوفَهِ کبَغْدَادَ وَ الْمَشْهَدَینِ وَ الْحُلَّهِ و أمّا الْعَلَامَهُ الْأُولَی: فَإِنْ أُرِیدَ فِیهَا بِالْمَغْرِبِ وَ الْمَشْرِقِ الِاعْتدَالیانِ - کمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ، أَوْ الْجِهَتَانِ اصْطِلَاحًا وَ هُمَا الْمُقَاطِعَتَانِ لِجِهَتَی الْجَنُوبِ وَ الشَّمَالِ بِخَطَّینِ بِحَیثُ یحْدُثُ عَنْهُمَا زَوَایا قَوَائِمَ - کانَتْ مُخَالِفَهً لِلثَّانِیهِ کثِیرًا، لِأَنَّ الْجَدْی حَالَ اسْتِقَامَتِهِ یکونُ عَلَی دَائِرَهِ نِصْفِ النَّهَارِ الْمَارَّهِ بِنُقْطَتَی الْجَنُوبِ وَ الشَّمَالِ، فَجَعْلُ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ عَلَی الْوَجْهِ السَّابِقِ عَلَی الْیمِینِ وَ الْیسَارِ یوجِبُ جَعْلَ الْجَدْی بَینَ الْکتِفَینِ قَضِیهً لِلتَّقَاطُعِ، فَإِذَا اُعْتُبِرَ کوْنُ الْجَدْی خَلْفَ الْمَنْکبِ الْأَیمَنِ لَزِمَ الِانْحِرَافُ بِالْوَجْهِ عَنْ نُقْطَهِ الْجَنُوبِ نَحْوَ الْمَغْرِبِ کثِیرًا، فَینْحَرِفُ بِوَاسِطَتِهِ الْأَیمَنُ عَنْ الْمَغْرِبِ نَحْوَ الشَّمَالِ وَ الْأَیسَرُ عَنْ الْمَشْرِقِ نَحْوَ الْجَنُوبِ، فَلَا یصِحُّ جَعْلُهُمَا مَعًا عَلَامَهً لِجِهَهٍ وَاحِدَهٍ، إلَّا أَنْ یدَّعَی اغْتِفَارُ هَذَا

التَّفَاوُتِ، و هو بَعِیدٌ خُصُوصًا مَعَ مُخَالَفَهِ الْعَلَامَهِ لِلنَّصِّ وَ الِاعْتِبَارِ فَهِی إمَّا فَاسِدَهُ الْوَضْعِ أَوْ تَخْتَصُّ بِبَعْضِ جِهَاتِ الْعِرَاقِ، و هی أَطْرَافُهُ الْغَرْبِیهُ - کالْمُوصِلِ و ما وَ الَاهَا - فَإِنَّ التَّحْقِیقَ أَنَّ جِهَتَهُمْ نُقْطَهُ الْجَنُوبِ، و هی مُوَافِقَهٌ لِمَا ذُکرَ فِی الْعَلَامَهِ.

وَ لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْعَلَامَهُ الْمَذْکورَهُ غَیرَ مُقَیدَهٍ بِالِاعْتِدَالِ وَ لَا بِالْمُصْطَلَحِ بَلْ بِالْجِهَتَینِ الْعُرْفِیتَینِ انْتَشَرَ الْفَسَادُ کثِیرًا، بِسَبَبِ الزِّیادَهِ فِیهِمَا وَ النُّقْصَانِ الْمُلْحِقِ لَهُمَا تَارَهً بِعَلَامَهِ الشَّامِ وَ أُخْرَی بِعَلَامَهِ الْعِرَاقِ وَ ثَالِثَهً بِزِیادَهٍ عَنْهُمَا، وَ تَخْصِیصُهُمَا حِینَئِذٍ بِمَا یوَافِقُ الثَّانِیهَ یوجِبُ سُقُوطَ فَائِدَهِ الْعَلَامَهِ.

وَ أَمَّا أَطْرَافُ الْعِرَاقِ الشَّرْقِیهُ کالْبَصْرَهِ و ما وَ الَاهَا مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ فَیحْتَاجُونَ إلَی زِیادَهِ انْحِرَافٍ نَحْوَ الْمَغْرِبِ عَنْ أَوْسَاطِهَا قَلِیلًا، و علی هَذَا الْقِیاسِ (وَلِلشَّامِ) مِنْ الْعَلَامَاتِ (جَعْلُهُ) أَی الْجَدْی فِی تِلْک الْحَالَهِ (خَلْفَ الْأَیسَرِ).

الظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَهِ کوْنُ الْأَیسَرِ صِفَهً لِلْمَنْکبِ بِقَرِینَهِ مَا قَبْلَهُ، و بهذا صَرَّحَ فِی الْبَیانِ، فَعَلَیهِ یکونُ انْحِرَافُ الشَّامِی عَنْ نُقْطَهِ الْجَنُوبِ مَشْرِقًا بِقَدْرِ انْحِرَافِ الْعِرَاقِی عَنْهَا مَغْرِبًا.

وَ اَلَّذِی صَرَّحَ بِهِ غَیرُهُ - وَ وَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ و غیرهَا - أَنَّ الشَّامِی یجْعَلُ الْجَدْی خَلْفَ الْکتِفِ لَا الْمَنْکبِ، و هذا هُوَ الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ، لِأَنَّ انْحِرَافَ الشَّامِی أَقَلُّ مِنْ انْحِرَافِ الْعِرَاقِی الْمُتَوَسِّطِ، وَ بِالتَّحْرِیرِ التَّامِّ ینْقُصُ الشَّامِی عَنْهُ جُزْأَینِ مِنْ تِسْعِینَ جُزْءًا مِمَّا بَینَ الْجَنُوبِ وَ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ.

(وَجَعَلَ سُهَیلَ) أَوَّلَ طُلُوعِهِ - و هو بُرُوزُهُ عَنْ الْأُفُقِ - (بَینَ الْعَینَینِ) لَا مُطْلَقِ کوْنِهِ وَ لَا غَایهَ ارْتِفَاعِهِ، لِأَنَّهُ فِی غَایهِ الِارْتِفَاعِ یکونُ مُسَامِتًا لِلْجَنُوبِ، لِأَنَّ غَایهَ ارْتِفَاعِ کلِّ کوْکبٍ یکونُ عَلَی دَائِرَهِ نِصْفِ النَّهَارِ الْمُسَامِتَهِ لَهُ کمَا سَلَفَ.

(وَلِلْمَغْرِبِ) وَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْضُ الْمَغْرِبِ کالْحَبَشَهِ وَ النُّوبَهِ لَا الْمَغْرِبِ الْمَشْهُورِ (جَعْلُ

الثُّرَیا وَ الْعَیوقَ) عِنْدَ طُلُوعِهِمَا (عَلَی یمِینِهِ وَ شِمَالِهِ) الثُّرَیا عَلَی الْیمِینِ، وَ الْعَیوقَ عَلَی الْیسَارِ.

وَ أَمَّا الْمَغْرِبُ الْمَشْهُورُ فَقِبْلَتُهُ تَقْرُبُ مِنْ نُقْطَهِ الْمَشْرِقِ وَ بَعْضُهَا یمِیلُ عَنْهُ نَحْوَ الْجَنُوبِ یسِیرًا.

(وَالْیمَنُ مُقَابِلُ الشَّامِ) وَ لَازِمُ الْمُقَابَلَهِ أَنَّ أَهْلَ الْیمَنِ یجْعَلُونَ سُهَیلًا طَالِعًا بَینَ الْکتِفَینِ مُقَابِلَ جَعْلِ الشَّامِی لَهُ بَینَ الْعَینَینِ، وَ أَنَّهُمْ یجْعَلُونَ الْجَدْی مُحَاذِیا لِأُذُنِهِمْ الْیمْنَی، بِحَیثُ یکونُ مُقَابِلًا لِلْمَنْکبِ الْأَیسَرِ فَإِنَّ مُقَابِلَهُ یکونُ إلَی مُقَدَّمِ الْأَیمَنِ، و هذا مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی کتُبِهِ الثَّلَاثَهِ و غیرهِ مِنْ أَنَّ الْیمَنِی یجْعَلُ الْجَدْی بَینَ الْعَینَینِ وَ سُهَیلًا غَائِبًا بَینَ الْکتِفَینِ فَإِنَّ ذَلِک یقْتَضِی کوْنَ الْیمَنِ مُقَابِلًا لِلْعِرَاقِ لَا لِلشَّامِ.

وَ مَعَ هَذَا الِاخْتِلَافِ فَالْعَلَامَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ أَیضًا، فَإِنْ جَعَلَ الْجَدْی طَالِعًا بَینَ الْعَینَینِ یقْتَضِی اسْتِقْبَالَ نُقْطَهِ الشِّمَالِ، وَ حِینَئِذٍ فَیکونُ نُقْطَهُ الْجَنُوبِ بَینَ الْکتِفَینِ، و هی مُوَازِیهٌ لِسُهَیلٍ فِی غَایهِ ارْتِفَاعِهِ کمَا مَرَّ لَا غَائِبًا وَ مَعَ هَذَا فَالْمُقَابَلَهُ لِلْعِرَاقِی لَا لِلشَّامِی، هَذَا بِحَسْبِ مَا یتَعَلَّقُ بِعِبَارَاتِهِمْ و أمّا الْمُوَافِقُ لِلتَّحْقِیقِ: فَهُوَ أَنَّ الْمُقَابِلَ لِلشَّامِ مِنْ الْیمَنِ هُوَ صَنْعَاءُ و ما نَاسَبَهَا و هی لَا تُنَاسِبُ شَیئًا مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ، و إنّما الْمُنَاسِبُ لَهَا عَدَنُ و ما وَ الاهَا فَتَدَبَّرْ. (وَ) یجُوزُ أَنْ (یعَوَّلَ عَلَی قِبْلَهِ الْبَلَدِ) مِنْ غَیرِ أَنْ یجْتَهِدَ (إلَّا مَعَ عِلْمِ الْخَطَأِ) فَیجِبُ حِینَئِذٍ الِاجْتِهَادُ، وَ کذَا یجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِیهَا تَیامُنًا وَ تَیاسُرًا و أن لَمْ یعْلَمْ الْخَطَأَ.

وَ الْمُرَادُ بِقِبْلَهِ الْبَلَدِ مِحْرَابُ مَسْجِدِهِ وَ تَوَجُّهُ قُبُورِهِ وَ نَحْوِهِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ الْکبِیرِ وَ الصَّغِیرِ.

وَ الْمُرَادُ بِهِ بَلَدُ الْمُسْلِمِینَ، فَلَا عِبْرَهَ بِمِحْرَابِ الْمَجْهُولَهِ کقُبُورِهَا، کمَا لَا عِبْرَهَ بِنَحْوِ الْقَبْرِ وَ الْقَبْرَینِ لِلْمُسْلِمِینَ، وَ لَا بِالْمِحْرَابِ الْمَنْصُوبِ فِی طَرِیقٍ قَلِیلَهِ الْمَارَّهِ مِنْهُمْ. (وَلَوْ

فَقَدَ الْأَمَارَاتِ) الدَّالَّهِ عَلَی الْجِهَهِ الْمَذْکورَهِ هُنَا و غیرهَا (قَلَّدَ) الْعَدْلَ الْعَارِفَ بِهَا رَجُلًا کانَ أَمْ امْرَأَهً حُرًّا أَمْ عَبْدًا.

وَ لَا فَرْقَ بَینَ فَقْدِهَا لِمَانِعٍ مِنْ رُؤْیتِهَا کغَیمٍ وَ رُؤْیتِهِ کعَمًی وَ جَهْلٍ بِهَا کالْعَامِّی مَعَ ضِیقِ الْوَقْتِ عَنْ التَّعَلُّمِ عَلَی أَجْوَدِ الْأَقْوَالِ و هو الَّذِی یقْتَضِیه إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ، وَ لِلْمُصَنِّفِ و غیرهِ فِی ذَلِک اخْتِلَافٌ.

وَ لَوْ فَقَدَ التَّقْلِیدَ صَلَّی إلَی أَرْبَعِ جِهَاتٍ مُتَقَاطِعَهٍ عَلَی زَوَایا قَوَائِمَ مَعَ الْإِمْکانِ، فَإِنْ عَجَزَ اکتَفَی بِالْمُمْکنِ.

وَ الْحُکمُ بِالْأَرْبَعِ حِینَئِذٍ مَشْهُورٌ، وَ مُسْتَنَدُهُ ضَعِیفٌ وَ اعْتِبَارُهُ حَسَنٌ، لِأَنَّ الصَّلَاهَ کذَلِک تَسْتَلْزِمُ إمَّا الْقِبْلَهَ أَوْ الِانْحِرَافَ عَنْهَا بِمَا لَا یبْلُغُ الْیمِینَ وَ الْیسَارَ، و هو مُوجِبٌ لِلصِّحَّهِ مُطْلَقًا، وَ یبْقَی الزَّائِدُ عَنْ الصَّلَاهِ الْوَاحِدَهِ وَاجِبًا مِنْ بَابِ الْمُقَدِّمَهِ، لِتَوَقُّفِ الصَّلَاهِ إلَی الْقِبْلَهِ أَوْ مَا فِی حُکمِهَا الْوَاجِبِ عَلَیهِ کوُجُوبِ الصَّلَاهِ الْوَاحِدَهِ فِی الثِّیابِ الْمُتَعَدِّدَهِ الْمُشْتَبِهَهِ بِالنَّجَسِ لِتَحْصِیلِ الصَّلَاهِ فِی وَاحِدٍ طَاهِرٍ، وَ مِثْلُ هَذَا یجِبُ بِدُونِ النَّصِّ، فَیبْقَی النَّصُّ لَهُ شَاهِدًا و أن کانَ مُرْسَلًا.

وَ ذَهَبَ السَّیدُ رَضِی الدِّینِ بْنُ طَاوُسٍ هُنَا إلَی الْعَمَلِ بِالْقُرْعَهِ اسْتِضْعَافًا لِسَنَدِ الْأَرْبَعِ مَعَ وُرُودِهَا لِکلِّ أَمْرٍ مُشْتَبَهٍ و هذا مِنْهُ و هو نَادِرٌ.

(وَلَوْ انْکشَفَ الْخَطَأُ بَعْدَ الصَّلَاهِ) بِالِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِیدِ حَیثُ یسَوِّغُ أَوْ نَاسِیا لِلْمُرَاعَاهِ (لَمْ یعِدْ مَا کانَ بَینَ الْیمِینِ وَ الْیسَارِ) أَی مَا کانَ دُونَهُمَا إلَی جِهَهِ الْقِبْلَهِ و أن قَلَّ (وَیعِیدُ مَا کانَ إلَیهِمَا) مَحْضًا (فِی وَقْتِهِ) لَا خَارِجَهُ. (وَالْمُسْتَدْبِرُ) و هو الَّذِی صَلَّی إلَی مَا یقَابِلُ سَمْتَ الْقِبْلَهِ الَّذِی تَجُوزُ الصَّلَاهُ إلَیهِ اخْتِیارًا (یعِیدُ و لو خَرَجَ الْوَقْتُ) عَلَی الْمَشْهُورِ، جَمْعًا بَینَ الْأَخْبَارِ الدَّالِ أَکثَرُهَا عَلَی إطْلَاقِ الْإِعَادَهِ فِی الْوَقْتِ، وَ بَعْضُهَا عَلَی تَخْصِیصِهِ بِالْمُتَیامَنِ وَ الْمُتَیاسَرِ وَ إِعَادَهُ الْمُسْتَدْبَرِ

مُطْلَقًا.

وَ الْأَقْوَی الْإِعَادَهُ فِی الْوَقْتِ مُطْلَقًا لِضَعْفِ مُسْتَنَدِ التَّفْصِیلِ الْمُوجِبِ لِتَقْییدِ الصَّحِیحِ الْمُتَنَاوِلِ بِإِطْلَاقِهِ مَوْضِعَ النِّزَاعِ، و علی الْمَشْهُورِ کلُّ مَا خَرَجَ عَنْ دُبُرِ الْقِبْلَهِ إلَی أَنْ یصِلَ إلَی الْیمِینِ وَ الْیسَارِ یلْحَقُ بِهِمَا، و ما خَرَجَ عَنْهُمَا نَحْوَ الْقِبْلَهِ یلْحَقُ بِهَا.

الشرط الثالث: ستر العوره

(الثَّالِثُ - سَتْرُ الْعَوْرَهِ) (وَهِی الْقُبُلُ وَ الدُّبُرُ لِلرَّجُلِ) وَ الْمُرَادُ بِالْقُبُلِ: الْقَضِیبُ وَ الْأُنْثَیانِ وَ بِالدُّبُرِ: الْمَخْرَجُ لَا الْأَلْیانِ فِی الْمَشْهُورِ (وَجَمِیعُ الْبَدَنِ عَدَا الْوَجْهِ) و هو مَا یجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُ فِی الْوُضُوءِ أَصَالَهً (وَالْکفَّینِ) ظَاهِرُهُمَا وَ بَاطِنُهُمَا مِنْ الزَّنْدَینِ (وَظَاهِرُ الْقَدَمَینِ) دُونَ بَاطِنِهِمَا، وَحَدُّهُمَا مَفْصِلُ السَّاقِ.

وَ فِی الذِّکرَی وَ الدُّرُوسِ أَلْحَقَ بَاطِنَهُمَا بِظَاهِرِهِمَا، و فی البَیانِ اسْتَقْرَبَ مَا هُنَا، و هو أَحْوَطُ (لِلْمَرْأَهِ) وَ یجِبُ سَتْرُ شَیءٍ مِنْ الْوَجْهِ وَ الْکفِّ وَ الْقَدَمِ مِنْ بَابِ الْمُقَدِّمَهِ، وَ کذَا فِی عَوْرَهِ الرَّجُلِ.

وَ الْمُرَادُ بِالْمَرْأَهِ الْأُنْثَی الْبَالِغَهُ، لِأَنَّهَا تَأْنِیثُ " الْمَرْءِ "، و هو الرَّجُلُ فَتَدْخُلُ فِیهَا الْأَمَهُ الْبَالِغَهُ، وَ سَیأْتِی جَوَازُ کشْفِهَا رَأْسَهَا وَ یدْخُلُ الشَّعْرُ فِیمَا یجِبُ سَتْرُهُ، وَ بِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِی کتُبِهِ، و فی الأَلْفِیهِ جَعَلَهُ أَوْلَی.

(وَیجِبُ کوْنُ السَّاتِرِ طَاهِرًا) فَلَوْ کانَ نَجِسًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاهُ (وَعُفِی عَمَّا مَرَّ) مِنْ ثَوْبِ صَاحِبِ الْقُرُوحِ وَ الْجُرُوحِ بِشَرْطِهِ، و ما نَجَسَ بِدُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ (وَعَنْ نَجَاسَهِ) ثَوْبِ (الْمُرَبِّیهِ لِلصَّبِی) بَلْ لِمُطْلَقِ الْوَلَدِ و هو مَوْرِدُ النَّصِّ، فَکانَ التَّعْمِیمُ أَوْلَی (ذَاتِ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) فَلَوْ قَدَرَتْ عَلَی غَیرِهِ و لو بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ أَوْ اسْتِعَارَهٍ لَمْ یعْفُ عَنْهُ، وَ أُلْحِقَ بِهَا الْمُرَبِّی، وَ بِهِ الْوَلَدُ الْمُتَعَدِّدُ.

وَ یشْتَرِطُ نَجَاسَتَهُ بِبَوْلِهِ خَاصَّهً، فَلَا یعْفَی عَنْ غَیرِهِ کمَا لَا یعْفَی عَنْ نَجَاسَهِ الْبَدَنِ بِهِ و إنّما أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ نَجَاسَهَ الْمُرَبِّیهِ مِنْ غَیرِ أَنْ

یقَیدَ بِالثَّوْبِ لِأَنَّ الْکلَامَ فِی السَّاتِرِ، و أمّا التَّقْییدُ بِالْبَوْلِ فَهُوَ مَوْرِدُ النَّصِّ و لکن الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ النَّجَاسَهَ فِی کتُبِهِ کلِّهَا.

(وَیجِبُ غَسْلُهُ کلَّ یوْمٍ مَرَّهً) وَ ینْبَغِی کوْنُهَا آخِرَ النَّهَارِ لِتُصَلِّی فِیهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مُتَقَارِبَهٍ بِطَهَارَهٍ، أَوْ نَجَاسَهٍ خَفِیفَهٍ (وَ) کذَا عُفِی (عَمَّا یتَعَذَّرُ إزَالَتُهُ فَیصَلِّی فِیهِ لِلضَّرُورَهِ) وَ لَا یتَعَینُ عَلَیهِ الصَّلَاهُ عَارِیا خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ (وَالْأَقْرَبُ تَخْییرُ الْمُخْتَارِ) و هو الَّذِی لَا یضْطَرُّ إلَی لِبْسِهِ لِبَرْدٍ و غیرهِ (بَینَهُ) أَی بَینَ أَنْ یصَلِّی فِیهِ صَلَاهً تَامَّهَ الْأَفْعَالِ (وَبَینَ الصَّلَاهِ عَارِیا فَیومِئَ لِلرُّکوعِ وَ السُّجُودِ) کغَیرِهِ مِنْ الْعُرَاهِ قَائِمًا مَعَ أَمْنِ الْمَطْلَعِ، وَ جَالِسًا مَعَ عَدَمِهِ.

وَ الْأَفْضَلُ الصَّلَاهُ فِیهِ مُرَاعَاهً لِلتَّمَامِیهِ، وَ تَقْدِیمًا لِفَوَاتِ الْوَصْفِ عَلَی فَوَاتِ أَصْلِ السَّتْرِ، و لو لا الْإِجْمَاعُ عَلَی جَوَازِ الصَّلَاهِ فِیهِ عَارِیا - بَلْ الشُّهْرَهُ بِتَعَینِهِ - لَکانَ الْقَوْلُ بِتَعَینِ الصَّلَاهِ فِیهِ مُتَوَجَّهًا.

أَمَّا الْمُضْطَرُّ إلَی لُبْسِهِ فَلَا شُبْهَهَ فِی وُجُوبِ صَلَاتِهِ فِیهِ. (وَیجِبُ کوْنُهُ) أَی السَّاتِرِ (غَیرَ مَغْصُوبٍ) مَعَ الْعِلْمِ بِالْغَصْبِ (وَغَیرِ جِلْدٍ وَ صُوفٍ وَ شَعْرٍ) وَ وَبَرٍ (مِنْ غَیرِ الْمَأْکولِ إلَّا الْخَزَّ) و هو دَابَّهٌ ذَاتُ أَرْبَعٍ تُصَادُ مِنْ الْمَاءِ ذَکاتُهَا کذَکاهِ السَّمَک، و هی مُعْتَبَرَهٌ فِی جِلْدِهِ لَا فِی وَبَرِهِ إجْمَاعًا (وَالسِّنْجَابَ) مَعَ تَذْکیتِهِ لِأَنَّهُ ذُو نَفْسٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی: و قد اُشْتُهِرَ بَینَ التُّجَّارِ وَ الْمُسَافِرِینَ أَنَّهُ غَیرُ مُذَکی، وَ لَا عِبْرَهَ بِذَلِک، حَمْلًا لِتَصَرُّفِ الْمُسْلِمِینَ عَلَی مَا هُوَ الْأَغْلَبُ (وَغَیرُ مَیتَهٍ) فِیمَا یقْبَلُ الْحَیاهَ کالْجِلْدِ، أَمَّا مَا لَا یقْبَلُهَا کالشَّعْرِ، وَ الصُّوفِ فَتَصِحُّ الصَّلَاهُ فِیهِ مِنْ مَیتٍ إذَا أَخَذَهُ جَزًّا، أَوْ غَسَلَ مَوْضِعَ الِاتِّصَالِ (وَغَیرَ الْحَرِیرِ) الْمَحْضِ، أَوْ الْمُمْتَزِجِ عَلَی وَجْهٍ یسْتَهْلِک الْخَلِیطَ لِقِلَّتِهِ (لِلرَّجُلِ وَ الْخُنْثَی) وَ اسْتُثْنِی مِنْهُ مَا لَا یتِمُّ

الصَّلَاهَ فِیهِ کالتِّکهِ وَ الْقَلَنْسُوَهِ و ما یجْعَلُ مِنْهُ فِی أَطْرَافِ الثَّوْبِ وَ نَحْوِهَا مِمَّا لَا یزِیدُ عَلَی أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَهً، أَمَّا الِافْتِرَاشُ لَهُ فَلَا یعَدُّ لُبْسًا کالتَّدَثُّرِ بِهِ وَ التَّوَسُّدِ وَ الرُّکوبِ عَلَیهِ. (وَیسْقُطُ سَتْرُ الرَّأْسِ) و هو الرَّقَبَهُ فَمَا فَوْقَهَا (عَنْ الْأَمَهِ الْمَحْضَهِ) الَّتِی لَمْ ینْعَتِقْ مِنْهَا شَیءٌ، و أن کانَتْ مُدَبَّرَهً، أَوْ مُکاتَبَهً مَشْرُوطَهً، أَوْ مُطَلَّقَهً لَمْ تُؤَدِّ شَیئًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، و لو انْعَتَقَ مِنْهَا شَیءٌ فَکالْحُرَّهِ (وَالصَّبِیهِ) الَّتِی لَمْ تَبْلُغْ، فَتَصِحُّ صَلَاتُهَا تَمْرِینًا مَکشُوفَهَ الرَّأْسِ. (وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاهُ فِیمَا یسْتُرُ ظَهْرَ الْقَدَمِ إلَّا مَعَ السَّاقِ) بِحَیثُ یغَطِّی شَیئًا مِنْهُ فَوْقَ الْمِفْصَلِ عَلَی الْمَشْهُورِ، وَ مُسْتَنَدُ الْمَنْعِ ضَعِیفٌ جِدًّا وَ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ قَوِی مَتِینٌ. (وَتُسْتَحَبُّ) الصَّلَاهُ (فِی) النَّعْلِ (الْعَرَبِیهِ) لِلتَّأَسِّی (وَتَرْک السَّوَادِ عَدَا الْعِمَامَهِ وَ الْکسَاءِ وَ الْخُفِّ) فَلَا یکرَهُ الصَّلَاهُ فِیهَا سُودًا و أن کانَ الْبَیاضُ أَفْضَلَ مُطْلَقًا (وَتَرْک) الثَّوْبِ (الرَّقِیقِ) الَّذِی لَا یحْکی الْبَدَنَ وَ إِلَّا لَمْ تَصِحَّ (وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ) وَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ الِالْتِحَافُ بِالْإِزَارِ وَ إِدْخَالُ طَرَفَیهِ تَحْتَ یدِهِ وَ جَمْعُهُمَا عَلَی مَنْکبٍ وَاحِدٍ. (وَیکرَهُ تَرْک التَّحَنُّک) و هو إدَارَهُ جُزْءٍ مِنْ الْعِمَامَهِ تَحْتَ الْحَنَک (مُطْلَقًا) لِلْإِمَامِ و غیرهِ بِقَرِینَهِ الْقَیدِ فِی الرِّدَاءِ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِالْإِطْلَاقِ تَرْکهُ فِی أَی حَالٍ کانَ و أن لَمْ یکنْ مُصَلِّیا، لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ بِاسْتِحْبَابِهِ وَ التَّحْذِیرِ مِنْ تَرْکهِ، کقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ: " مَنْ تَعَمَّمَ و لم یتَحَنَّک فَأَصَابَهُ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ فَلَا یلُومَن إلَّا نَفْسَهُ "، حَتَّی ذَهَبَ الصَّدُوقُ إلَی عَدَمِ جَوَازِ تَرْکهِ فِی الصَّلَاهِ.

(وَتَرْک الرِّدَاءِ) و هو ثَوْبٌ أَوْ مَا یقُومُ مَقَامَهُ یجْعَلُ عَلَی الْمَنْکبَینِ ثُمَّ یرَدُّ مَا عَلَی الْأَیسَرِ عَلَی الْأَیمَنِ (لِلْإِمَامِ).

أَمَّا غَیرُهُ مِنْ الْمُصَلِّینَ فَیسْتَحَبُّ لَهُ

الرِّدَاءُ، و لکن لَا یکرَهُ تَرْکهُ بَلْ یکونُ خِلَافَ الْأَوْلَی (وَالنِّقَابُ لِلْمَرْأَهِ وَ اللِّثَامُ لَهُمَا) أَی الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَهِ، و إنّما یکرَهَانِ إذَا لَمْ یمْنَعَا شَیئًا مِنْ وَاجِبَاتِ الْقِرَاءَهِ (فَإِنْ مَنَعَا الْقِرَاءَهَ حُرِّمَا) وَ فِی حُکمِهَا الْأَذْکارُ الْوَاجِبَهُ. (وَتُکرَهُ) الصَّلَاهُ (فِی ثَوْبِ الْمُتَّهَمِ بِالنَّجَاسَهِ، أَوْ الْغَصْبِ) فِی لِبَاسِهِ (وَ) فِی الثَّوْبِ (ذِی التَّمَاثِیلِ) أَعَمُّ مِنْ کوْنِهَا مِثَالَ حَیوَانٍ و غیرهِ، (أَوْ خَاتَمٍ فِیهِ صُورَهُ) حَیوَانٍ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِهَا مَا یعُمُّ الْمِثَالَ، وَ غَایرَ بَینَهُمَا تَفَنُّنًا، وَ الْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِلْمُغَایرَهِ (أَوْ قَبَاءٍ مَشْدُودٍ فِی غَیرِ الْحَرْبِ) عَلَی الْمَشْهُورِ، قَالَ الشَّیخُ: ذَکرَهُ عَلِی بْنُ بَابَوَیهِ وَ سَمِعْنَاهُ مِنْ الشُّیوخِ مُذَاکرَهً و لم أَجِدْ بِهِ خَبَرًا مُسْنَدًا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی بَعْدَ حِکایهِ قَوْلِ الشَّیخِ: قُلْت: قَدْ رَوَی الْعَامَّهُ أَنَّ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم قَالَ: { لَا یصَلِّی أَحَدُکمْ و هو مُحَزَّمٌ } و هو کنَایهٌ عَنْ شِدَّهِ الْوَسَطِ، وَ ظَاهِرُ اسْتِدْرَاکهِ لِذِکرِ الْحَدِیثِ جَعْلُهُ دَلِیلًا عَلَی کرَاهَهِ الْقَبَاءِ الْمَشْدُودِ، و هو بَعِیدٌ.

وَ نُقِلَ فِی الْبَیانِ عَنْ الشَّیخِ کرَاهَهُ شَدِّ الْوَسَطِ، وَ یمْکنُ الِاکتِفَاءُ فِی دَلِیلِ الْکرَاهَهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَایهِ.

الشرط الرابع: المکان الذی یصلی فیه

(الرَّابِعُ - الْمَکانُ) الَّذِی یصَلَّی فِیهِ، وَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا یشْغَلُهُ مِنْ الْحَیزِ، أَوْ یعْتَمِدُ عَلَیهِ و لو بِوَاسِطَهٍ، أَوْ وَسَائِطَ (وَیجِبُ کوْنُهُ غَیرَ مَغْصُوبٍ) لِلْمُصَلِّی و لو جَاهِلًا بِحُکمِهِ الشَّرْعِی أَوْ الْوَضْعِی لَا بِأَصْلِهِ أَوْ نَاسِیا لَهُ أَوْ لِأَصْلِهِ عَلَی مَا یقْتَضِیه إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ و فی الأَخِیرَینِ لِلْمُصَنِّفِ " رَه " قَوْلٌ آخَرُ بِالصِّحَّهِ، وَ ثَالِثٌ بِهَا فِی خَارِجِ الْوَقْتِ خَاصَّهً، و مثله الْقَوْلُ فِی اللِّبَاسِ.

وَ احْتَرَزْنَا بِکوْنِ الْمُصَلِّی هُوَ الْغَاصِبُ عَمَّا لَوْ کانَ غَیرَهُ، فَإِنَّ الصَّلَاهِ

فِیهِ بِإِذْنِ الْمَالِک صَحِیحَهٌ فِی الْمَشْهُورِ، کلُّ ذَلِک مَعَ الِاخْتِیارِ، أَمَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ کالْمَحْبُوسِ فِیهِ فَلَا مَنَعَ (خَالِیا مِنْ نَجَاسَهٍ مُتَعَدِّیهٍ) إلَی الْمُصَلِّی أَوْ مَحْمُولِهِ الَّذِی یشْتَرَطُ طَهَارَتُهُ عَلَی وَجْهٍ یمْنَعُ مِنْ الصَّلَاهِ فَلَوْ لَمْ تَتَعَدَّ أَوْ تَعَدَّتْ عَلَی وَجْهٍ یعْفَی عَنْهُ کقَلِیلِ الدَّمِ أَوْ إلَی مَا لَا یتِمُّ الصَّلَاهَ فِیهِ لَمْ یضُرَّ (طَاهِرَ الْمَسْجَدِ) بِفَتْحِ الْجِیمِ، و هو الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِی السُّجُودِ مُطْلَقًا. (وَالْأَفْضَلُ الْمَسْجِدُ) لِغَیرِ الْمَرْأَهِ، أَوْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَی إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ عَلَی بَیتِهَا بِالنِّسْبَهِ إلَیهَا کمَا ینَبَّهُ عَلَیهِ (وَتَتَفَاوَتُ) الْمَسَاجِدُ (فِی الْفَضِیلَهِ) بِحَسْبِ تَفَاوُتِهَا فِی ذَاتِهَا أَوْ عَوَارِضِهَا ککثِیرِ الْجَمَاعَهِ: (فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمِائَهِ أَلْفِ صَلَاهٍ) و منه الْکعْبَهُ وَ زَوَائِدُهُ الْحَادِثَهُ و أن کانَ غَیرُهُمَا أَفْضَلَ، فَإِنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَک بَینَهَا فَضَّلَهُ بِذَلِک الْعَدَدِ، و أن اخْتَصَّ الْأَفْضَلُ بِأَمْرٍ آخَرَ لَا تَقْدِیرَ فِیهِ، کمَا یخْتَصُّ بَعْضُ الْمَسَاجِدِ الْمُشْتَرَکهِ فِی وَصْفٍ بِفَضِیلَهٍ زَائِدَهٍ عَمَّا اشْتَرَک فِیهِ مَعَ غَیرِهِ (وَالنَّبَوِی) بِالْمَدِینَهِ (بِعَشْرَهِ آلَافِ) صَلَاهٍ، و حکم زِیادَتِهِ الْحَادِثَهِ کمَا مَرَّ (وَکلٌّ مِنْ مَسْجِدِ الْکوفَهِ وَ الْأَقْصَی) سُمِّی بِهِ بِالْإِضَافَهِ إلَی بُعْدِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (بِأَلْفِ) صَلَاهٍ (وَ) الْمَسْجِدُ (الْجَامِعُ) فِی الْبَلَدِ لِلْجُمُعَهِ، أَوْ الْجَمَاعَهِ و أن تَعَدَّدَ (بِمِائَهٍ و) مَسْجِدُ (الْقَبِیلَهِ) کالْمَحَلَّهِ فِی الْبَلَدِ (بِخَمْسٍ وَ عِشْرِینَ و) مَسْجِدُ (السُّوقِ بِاثْنَتَی عَشْرَهَ).

(وَمَسْجِدُ الْمَرْأَهِ بَیتُهَا) بِمَعْنَی أَنَّ صَلَاتَهَا فِیهِ أَفْضَلُ مِنْ خُرُوجِهَا إلَی الْمَسْجِدِ، أَوْ بِمَعْنَی کوْنِ صَلَاتِهَا فِیهِ کالْمَسْجِدِ فِی الْفَضِیلَهِ، فَلَا تَفْتَقِرُ إلَی طَلَبِهَا بِالْخُرُوجِ، و هل هُوَ کمَسْجِدٍ مُطْلَقٍ، أَوْ کمَا تُرِیدُ الْخُرُوجَ إلَیهِ فَیخْتَلِفُ بِحَسْبِهِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِی. (وَیسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا) { فَمَنْ بَنَی مَسْجِدًا بَنَی اللَّهُ لَهُ بَیتًا فِی الْجَنَّهِ }، وَزِیدَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ { کمَفْحَصِ قَطَاهٍ }

و هو کمَقْعَدِ الْمَوْضِعِ الَّذِی تَکشِفُهُ الْقَطَاهُ وَ تُلَینُهُ بِجُؤْجُئِهَا لِتَبِیضَ فِیهِ، وَ التَّشْبِیهُ بِهِ مُبَالَغَهٌ فِی الصِّغَرِ، بِنَاءً عَلَی الِاکتِفَاءِ بِرَسْمِهِ حَیثُ یمْکنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِی أَقَلِّ مَرَاتِبِهِ و أن لَمْ یعْمَلْ لَهُ حَائِطٌ وَ نَحْوُهُ.

قَالَ أَبُو عُبَیدَهَ الْجَذَّاءُ رَاوِی الْحَدِیثِ: مَرَّ بِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیهِ السَّلَامُ فِی طَرِیقِ مَکهَ و قد سَوَّیت بِأَحْجَارٍ مَسْجِدًا فَقُلْت: جُعِلْت فِدَاک نَرْجُو أَنْ یکونَ هَذَا مِنْ ذَاک فَقَالَ: نَعَمْ وَ یسْتَحَبُّ، اتِّخَاذُهَا (مَکشُوفَهً) و لو بَعْضُهَا لِلِاحْتِیاجِ إلَی السَّقْفِ فِی أَکثَرِ الْبِلَادِ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ (وَالْمَیضَاهُ) و هی الْمُطَهِّرَهُ لِلْحَدَثِ وَ الْخَبَثِ (عَلَی بَابِهَا) لَا فِی وَسَطِهَا عَلَی تَقْدِیرِ سَبْقِ إعْدَادِهَا عَلَی الْمَسْجِدِیهِ وَ إِلَّا حُرِّمَ فِی الْخَبَثِیهِ مُطْلَقًا وَ الْحَدَثِیهِ إنْ أَضَرَّتْ بِهَا.

(وَالْمَنَارَهُ مَعَ حَائِطِهَا) لَا فِی وَسَطِهَا مَعَ تَقَدُّمِهَا عَلَی الْمَسْجِدِیهِ کذَلِک وَ إِلَّا حُرِّمَ، وَ یمْکنُ شُمُولُ کوْنِهَا مَعَ الْحَائِطِ اسْتِحْبَابَ أَنْ لَا تَعْلُوَ عَلَیهِ، فَإِنَّهَا إذَا فَارَقَتْهُ بِالْعُلْوِ فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ الْمَعِیهِ و هو مَکرُوهٌ (وَتَقْدِیمُ الدَّاخِلِ) إلَیهَا (یمِینُهُ وَ الْخَارِجِ) مِنْهَا (یسَارَهُ) عَکسُ الْخَلَاءِ تَشْرِیفًا لِلْیمْنَی فِیهِمَا (وَتَعَاهُدُ نَعْلِهِ) و ما یصْحَبُهُ مِنْ عَصَا وَ شَبَهِهِ، و هو اسْتِعْلَامُ حَالِهِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتِیاطًا لِلطَّهَارَهِ، وَ التَّعَهُّدُ أَفْصَحُ مِنْ التَّعَاهُدِ لِأَنَّهُ یکونُ بَینَ اثْنَینِ وَ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ الرِّوَایهَ.

(وَالدُّعَاءُ فِیهِمَا) أَی الدُّخُولِ وَ الْخُرُوجِ بِالْمَنْقُولِ و غیرهِ (وَصَلَاهُ التَّحِیهِ قَبْلَ جُلُوسِهِ) وَ أَقَلُّهَا رَکعَتَانِ وَ تَتَکرَّرُ بِتَکرُّرِ الدُّخُولِ و لو عَنْ قُرْبٍ وَ تَتَأَدَّی بِسُنَّهٍ غَیرِهَا وَ فَرِیضَهٍ و أن لَمْ ینْوِهَا مَعَهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّحِیهِ أَنْ لَا تُنْتَهَک حُرْمَهُ الْمَسْجِدِ بِالْجُلُوسِ به غیر صَلَاهٍ، و قد حَصَلَ، و أن کانَ الْأَفْضَلُ عَدَمَ التَّدَاخُلِ.

وَ تُکرَهُ إذَا دَخَلَ وَ الْإِمَامُ فِی مَکتُوبَهٍ،

أَوْ الصَّلَاهُ تُقَامُ، أَوْ قَرُبَ إقَامَتُهَا بِحَیثُ لَا یفْرُغُ مِنْهَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ یکنْ مُتَطَهِّرًا، أَوْ کانَ لَهُ عُذْرٌ مَانِعٌ عَنْهَا فَلْیذْکرْ اللَّهَ تَعَالَی.

وَ تَحِیهُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الطَّوَافُ، کمَا أَنَّ تَحِیهَ الْحَرَمِ الْإِحْرَامُ وَ مِنًی الرَّمْی (وَیحْرُمُ زَخْرَفَتُهَا) و هو نَقْشُهَا بِالزُّخْرُفِ، و هو الذَّهَبُ، أَوْ مُطْلَقُ النَّقْشِ کمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، و فی الدُّرُوسِ أَطْلَقَ الْحُکمَ بِکرَاهَهِ الزَّخْرَفَهِ وَ التَّصْوِیرِ، ثُمَّ جَعَلَ تَحْرِیمَهُمَا قَوْلًا.

وَ فِی الْبَیانِ حَرَّمَ النَّقْشَ وَ الزَّخْرَفَهَ وَ التَّصْوِیرَ بِمَا فِیهِ رُوحٌ، وَ ظَاهِرُ الزَّخْرَفَهِ هُنَا النَّقْشُ بِالذَّهَبِ، فَیصِیرُ أَقْوَالُ الْمُصَنِّفِ بِحَسْبِ کتُبِهِ، و هو غَرِیبٌ مِنْهُ.

(وَ) کذَا یحْرَمُ (نَقْشُهَا بِالصُّوَرِ) ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ دُونَ غَیرِهَا، و هو لَازِمٌ مِنْ تَحْرِیمِ النَّقْشِ مُطْلَقًا لَا مِنْ غَیرِهِ، و هو قَرِینَهٌ أُخْرَی عَلَی إرَادَهِ الزَّخْرَفَهِ بِالْمَعْنَی الْأَوَّلِ خَاصَّهً، و هذا هُوَ الْأَجْوَدُ.

وَ لَا رَیبَ فِی تَحْرِیمِ تَصْوِیرِ ذِی الرُّوحِ فِی غَیرِ الْمَسَاجِدِ فَفِیهَا أَوْلَی أَمَّا تَصْوِیرُ غَیرِهِ فَلَا (وَتَنْجِیسُهَا) وَ تَنْجِیسُ آلَاتِهَا کفُرُشِهَا لَا مُطْلَقِ إدْخَالِ النَّجَاسَهِ إلَیهَا فِی الْأَقْوَی.

(وَإِخْرَاجُ الْحَصَی مِنْهَا) إنْ کانَتْ فُرُشًا أَوْ جُزْءًا مِنْهَا، أَمَّا لَوْ کانَتْ قُمَامَهً اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا وَ مِثْلُهَا التُّرَابُ، وَ مَتَی أُخْرِجَتْ عَلَی وَجْهِ التَّحْرِیمِ (فَتُعَادُ) وُجُوبًا إلَیهَا أَوْ إلَی غَیرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ، حَیثُ یجُوزُ نَقْلُ آلَاتِهَا إلَیهِ و ما لَهَا لِغِنَاءِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَوْلَوِیهِ الثَّانِی. (وَیکرَهُ تَعْلِیتُهَا) بَلْ تُبْنَی وَسَطًا عُرْفًا (وَالْبُصَاقُ فِیهَا) وَ التَّنَخُّمُ وَ نَحْوُهُ وَ کفَّارَتُهُ دَفْنُهُ.

(وَرَفْعُ الصَّوْتِ) الْمُتَجَاوِزِ لِلْمُعْتَادِ، و لو فِی قِرَاءَهِ الْقُرْآنِ.

(وَقَتْلُ الْقَمْلِ) فَیدْفَنُ لَوْ فُعِلَ (وَبَرْی النُّبْلِ وَ) هُوَ دَاخِلٌ فِی (عَمَلِ الصَّنَائِعِ) وَ خَصَّهُ لِتَخْصِیصِهِ فِی الْخَبَرِ فَتَتَأَکدُ کرَاهَتُهُ (وَتَمْکینُ الْمَجَانِینِ وَ الصِّبْیانِ) مِنْهَا مَعَ عَدَمِ الْوُثُوقِ بِطَهَارَتِهِمْ، أَوْ کوْنِهِمْ غَیرَ مُمَیزِینَ، أَمَّا الصَّبِی الْمُمَیزُ الْمَوْثُوقُ

بِطَهَارَتِهِ الْمُحَافِظُ عَلَی أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ فَلَا یکرَهُ تَمْکینُهُ، بَلْ ینْبَغِی تَمْرِینُهُ کمَا یمَرَّنُ عَلَی الصَّلَاهِ. (وَإِنْفَاذُ الْأَحْکامِ) إمَّا مُطْلَقًا، وَ فِعْلُ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ لَهُ بِمَسْجِدِ الْکوفَهِ خَارِجٌ، أَوْ مَخْصُوصٌ بِمَا فِیهِ جِدَالٌ وَ خُصُومَهٌ، أَوْ بِالدَّائِمِ لَا مَا یتَّفِقُ نَادِرًا، أَوْ بِمَا یکونُ الْجُلُوسُ فِیهِ لِأَجْلِهَا لَا بِمَا إذَا کانَ لِأَجْلِ الْعِبَادَهِ فَاتَّفَقَتْ الدَّعْوَی، لِمَا فِی إنْفَاذِهَا حِینَئِذٍ مِنْ الْمُسَارَعَهِ الْمَأْمُورِ بِهَا، و علی أَحَدِهَا یحْمَلُ فِعْلُ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ، وَ لَعَلَّهُ بِالْأَخِیرِ أَنْسَبُ، إلَّا أَنَّ دَکهَ الْقَضَاءِ بِهِ لَا تَخْلُو مِنْ مُنَافَرَهٍ لِلْمَحَامِلِ. (وَتَعْرِیفُ الضَّوَالِّ) إنْشَادًا وَ نِشْدَانًا وَ الْجَمْعُ بَینَ وَظِیفَتَی تَعْرِیفِهَا فِی الْمَجَامِعِ وَ کرَاهَتِهَا فِی الْمَسَاجِدِ فِعْلُهُ خَارِجُ الْبَابِ (وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ) لِنَهْی النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ عَنْهُ، { وَ أَمْرِهِ بِأَنْ یقَالَ لِلْمُنْشِدِ، فَضَّ اللَّهُ فَاک }، وَ رُوِی نَفْی الْبَأْسِ عَنْهُ، و هو غَیرُ مُنَافٍ لِلْکرَاهَهِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی: لَیسَ بِبَعِیدٍ حَمْلُ إبَاحَهِ إنْشَادِ الشِّعْرِ عَلَی مَا یقِلُّ مِنْهُ وَ تَکثُرَ مَنْفَعَتُهُ، کبَیتِ حِکمَهٍ، أَوْ شَاهِدٍ عَلَی لُغَهٍ فِی کتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ سُنَّهِ نَبِیهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ، وَ شَبَهِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ { النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ کانَ ینْشَدُ بَینَ یدَیهِ الْبَیتُ وَ الْأَبْیاتُ مِنْ الشِّعْرِ فِی الْمَسْجِدِ و لم ینْکرْ ذَلِک }.

وَ أَلْحَقَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مَا کانَ مِنْهُ مَوْعِظَهً، أَوْ مَدْحًا لِلنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ، أَوْ مَرْثِیهً لِلْحُسَینِ عَلَیهِ السَّلَامُ، وَ نَحْوِ ذَلِک لِأَنَّهُ عِبَادَهٌ لَا تُنَافِی الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَسَاجِدِ، و لیس بِبَعِیدٍ، وَ نَهْی النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مَحْمُولٌ عَلَی الْغَالِبِ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ الْخَارِجَهِ عَنْ هَذِهِ الْأَسَالِیبِ. (وَالْکلَامُ

فِیهَا بِأَحَادِیثِ الدُّنْیا) لِلنَّهْی عَنْ ذَلِک وَ مُنَافَاتِهِ لِوَضْعِهَا فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِلْعِبَادَهِ. (وَتُکرَهُ الصَّلَاهُ فِی الْحَمَّامِ) و هو الْبَیتُ الْمَخْصُوصُ الَّذِی یغْتَسَلُ فِیهِ لَا الْمَسْلَخُ و غیرهُ مِنْ بُیوتِهِ وَ سَطْحِهِ نَعَمْ تُکرَهُ فِی بَیتِ نَارِهِ مِنْ جِهَهِ النَّارِ، لَا مِنْ حَیثُ الْحَمَّامُ.

(وَبُیوتِ الْغَائِطِ) لِلنَّهْی عَنْهُ، وَ لِأَنَّ الْمَلَائِکهَ لَا تَدْخُلُ بَیتًا یبَالُ فِیهِ و لو فِی إنَاءٍ، فَهَذَا أَوْلَی (وَ) بُیوتِ (النَّارِ) و هی الْمُعَدَّهُ لِإِضْرَامِهَا فِیهَا کالْأَتُونِ وَ الْفُرْنِ لَا مَا وُجِدَ فِیهِ نَارٌ مَعَ عَدَمِ إعْدَادِهِ لَهَا، کالْمَسْکنِ إذَا أُوقِدَتْ فِیهِ و أن کثُرَ (وَ) بُیوتِ (الْمَجُوسِ) لِلْخَبَرِ وَ لِعَدَمِ انْفِکاکهَا عَنْ النَّجَاسَهِ، وَ تَزُولُ الْکرَاهَهُ بِرَشِّهِ.

(وَالْمَعْطِنِ) بِکسْرِ الطَّاءِ وَاحِدُ الْمَعَاطِنِ، و هی مَبَارِک الْإِبِلِ عِنْدَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ (وَمَجْرَی الْمَاءِ) و هو الْمَکانُ الْمُعَدُّ لِجَرَیانِهِ و أن لَمْ یکنْ فِیهِ مَاءٌ (وَالسَّبَخَهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاحِدُ السِّبَاخِ، و هی الشَّیءُ الَّذِی یعْلُو الْأَرْضَ کالْمِلْحِ، أَوْ بِکسْرِهَا و هی الْأَرْضُ ذَاتُ السِّبَاخِ (وَقُرَی النَّمْلِ) جَمْعُ قَرْیهٍ، و هی مُجْتَمَعُ تُرَابِهَا حَوْلَ حُجْرَتِهَا (وَ) فِی نَفْسِ (الثَّلْجِ اخْتِیارًا) مَعَ تَمَکنِ الْأَعْضَاءِ، أَمَّا بِدُونِهِ فَلَا مَعَ الِاخْتِیارِ.

(وَبَینَ الْمَقَابِرِ) وَ إِلَیهَا و لو قَبْرًا (إلَّا بِحَائِلٍ و لو عَنَزَهٍ) بِالتَّحْرِیک، و هی الْعَصَا فِی أَسْفَلِهَا حَدِیدَهٌ مَرْکوزَهٌ أَوْ مُعْتَرِضَهٌ (أَوْ بَعْدَ عَشَرَهِ أَذْرُعٍ) و لو کانَتْ الْقُبُورُ خَلْفَهُ، أَوْ مَعَ أَحَدِ جَانِبَیهِ فَلَا کرَاهَهَ.

(وَفِی الطَّرِیقِ) سَوَاءٌ کانَتْ مَشْغُولَهً بِالْمَارَّهِ، أَمْ فَارِغَهً إنْ لَمْ یعَطِّلْهَا وَ إِلَّا حُرِّمَ (وَ) فِی (بَیتٍ فِیهِ مَجُوسِی) و أن لَمْ یکنْ الْبَیتُ لَهُ (وَإِلَی نَارٍ مُضْرَمَهٍ) أَی مُوقَدَهٍ و لو سِرَاجًا أَوْ قِنْدِیلًا، و فی الرِّوَایهِ کرَاهَهُ الصَّلَاهِ إلَی الْمَجْمَرَهِ مِنْ غَیرِ اعْتِبَارِ الْإِضْرَامِ، و هو کذَلِک، وَ بِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِی

غَیرِ الْکتَابِ، (أَوْ) إلَی (تَصَاوِیرَ) و لو فِی الْوِسَادَهِ، وَ تَزُولُ الْکرَاهَهُ بِسَتْرِهَا بِثَوْبٍ وَ نَحْوِهِ.

(أَوْ مُصْحَفٍ، أَوْ بَابٍ مَفْتُوحَینِ) سَوَاءٌ فِی ذَلِک الْقَارِئُ و غیرهُ نَعَمْ یشْتَرَطُ الْإِبْصَارُ وَ أُلْحِقَ بِهِ التَّوَجُّهُ إلَی کلِّ شَاغِلٍ مِنْ نَقْشٍ وَ کتَابَهٍ، وَ لَا بَأْسَ بِهِ.

(أَوْ وَجْهِ إنْسَانٍ) فِی الْمَشْهُورِ فِیهِ و فی البَابِ الْمَفْتُوحِ وَ لَا نَصَّ عَلَیهِمَا ظَاهِرًا، و قد یعَلَّلُ بِحُصُولِ التَّشَاغُلِ بِهِ.

(أَوْ حَائِطٍ ینِزُّ مِنْ بَالُوعَهٍ) یبَالُ فِیهَا، و لو نَزَّ بِالْغَائِطِ فَأَوْلَی، و فی الحَاقِ غَیرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَجْهٌ.

(وَفِی مَرَابِضِ الدَّوَابِّ) جَمْعُ مَرْبَضٍ، و هو مَأْوَاهَا وَ مَقَرُّهَا و لو عِنْدَ الشُّرْبِ (إلَّا) مَرَابِضَ (الْغَنَمِ) فَلَا بَأْسَ بِهَا لِلرِّوَایهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا سَکینَهٌ وَ بَرَکهٌ (وَلَا بَأْسَ بِالْبِیعَهِ وَ الْکنِیسَهِ مَعَ عَدَمِ النَّجَاسَهِ) نَعَمْ یسْتَحَبُّ رَشُّ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ مِنْهَا وَ تَرْکهُ حَتَّی یجِفَّ.

وَ هَلْ یشْتَرَطُ فِی جَوَازِ دُخُولِهَا إذْنُ أَرْبَابِهَا؟ احْتَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی تَبَعًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، وَ عَمَلًا بِالْقَرِینَهِ، و فیه قُوَّهٌ، وَ وَجْهُ الْعَدَمِ إطْلَاقُ الْأَخْبَارِ بِالْإِذْنِ فِی الصَّلَاهِ بِهَا. (وَیکرَهُ تَقَدُّمُ الْمَرْأَهِ عَلَی الرَّجُلِ، أَوْ مُحَاذَاتُهَا لَهُ) فِی حَالَهِ صَلَاتِهِمَا مِنْ دُونِ حَائِلٍ، أَوْ بَعْدَ عَشَرَهِ أَذْرُعٍ (عَلَی) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ التَّحْرِیمُ، وَ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمَا مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ الِاقْتِرَانِ، وَ إِلَّا الْمُتَأَخِّرَهَ عَنْ تَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ.

وَ لَا فَرْقَ بَینَ الْمَحْرَمِ وَ الْأَجْنَبِیهِ، وَ الْمُقْتَدِیهِ، وَ الْمُنْفَرِدَهِ، وَ الصَّلَاهِ الْوَاجِبَهِ، وَ الْمَنْدُوبَهِ.

(وَیزُولُ) الْمَنْعُ کرَاهَهً وَ تَحْرِیمًا (بِالْحَائِلِ) الْمَانِعِ مِنْ نَظَرِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ و لو ظُلْمَهً وَ فَقْدِ بَصَرٍ فِی قَوْلٍ، لَا تَغْمِیضَ الصَّحِیحِ عَینَیهِ فِی الْأَصَحِّ (أَوْ بَعْدَ عَشَرَهِ أَذْرُعٍ) بَینَ مَوْقِفِهِمَا (وَلَوْ حَاذَی سُجُودُهَا قَدَمَهُ فَلَا مَنْعَ) وَ الْمَرْوِی فِی الْجَوَازِ کوْنُهَا تُصَلِّی خَلْفَهُ، وَ ظَاهِرُهُ تَأَخُّرُهَا فِی جَمِیعِ

الْأَحْوَالِ عَنْهُ، بِحَیثُ لَا یحَاذِی جُزْءٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ، وَ بِهِ عَبَّرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، و هو أَجْوَدُ. (وَیرَاعَی فِی مَسْجَدِ الْجَبْهَهِ) بِفَتْحِ الْجِیمِ، و هو الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِی السُّجُودِ، لَا مَحَلُّ جَمِیعِ الْجَبْهَهِ (أَنْ یکونَ مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ نَبَاتِهَا غَیرِ الْمَأْکولِ وَ الْمَلْبُوسِ عَادَهً) بِالْفِعْلِ، أَوْ بِالْقُوَّهِ الْقَرِیبَهِ مِنْهُ بِحَیثُ یکونُ مِنْ جِنْسِهِ، فَلَا یقْدَحُ فِی الْمَنْعِ تَوَقُّفُ الْمَأْکولِ عَلَی طَحْنٍ وَ خَبْزٍ وَ طَبْخٍ، وَ الْمَلْبُوسِ عَلَی غَزْلٍ وَ نَسْجٍ و غیرهَا، و لو خَرَجَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ کانَ مِنْهُ کقِشْرِ اللَّوْزِ ارْتَفَعَ الْمَنْعُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْجِنْسِیهِ.

وَ لَوْ اُعْتِیدَ أَحَدُهُمَا فِی بَعْضِ الْبِلَادِ دُونَ بَعْضٍ، فَالْأَقْوَی عُمُومُ التَّحْرِیمِ نَعَمْ لَا یقْدَحُ النَّادِرُ کأَکلِ الْمَخْمَصَهِ وَ الْعَقَاقِیرِ الْمُتَّخَذَهِ لِلدَّوَاءِ مِنْ نَبَاتٍ لَا یغْلِبُ أَکلُهُ. (وَلَا یجُوزُ السُّجُودُ عَلَی الْمَعَادِنِ) لِخُرُوجِهَا عَنْ اسْمِ الْأَرْضِ بِالِاسْتِحَالَهِ وَ مِثْلُهَا الرَّمَادُ و أن کانَ مِنْهَا و أمّا الْخَزَفُ فَیبْنَی عَلَی خُرُوجِهِ بِالِاسْتِحَالَهِ عَنْهَا، فَمَنْ حَکمَ بِطُهْرِهِ لَزِمَهُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مِنْ السُّجُودِ عَلَیهِ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَی الْمَنْعِ مِمَّا خَرَجَ عَنْهَا بِالِاسْتِحَالَهِ وَ تَعْلِیلُ مَنْ حَکمَ بِطُهْرِهِ بِهَا، لَکنْ لَمَّا کانَ الْقَوْلُ بِالِاسْتِحَالَهِ بِذَلِک ضَعِیفًا کانَ جَوَازُ السُّجُودِ عَلَیهِ قَوِیا.

(وَیجُوزُ) السُّجُودُ (عَلَی الْقِرْطَاسِ) فِی الْجُمْلَهِ إجْمَاعًا لِلنَّصِّ الصَّحِیحِ الدَّالِّ عَلَیهِ، وَ بِهِ خَرَجَ عَنْ أَصْلِهِ الْمُقْتَضِی لِعَدَمِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَیهِ، لِأَنَّهُ مُرَکبٌ مِنْ جُزْأَینِ لَا یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهِمَا، وَ هُمَا النُّورَهُ و ما مَازَجَهَا مِنْ الْقُطْنِ، وَ الْکتَّانِ، و غیرهِمَا، فَلَا مَجَالَ لِلتَّوَقُّفِ فِیهِ فِی الْجُمْلَهِ وَ الْمُصَنِّفُ هُنَا خَصَّهُ بِالْقِرْطَاسِ (الْمُتَّخَذِ مِنْ النَّبَاتِ) کالْقُطْنِ وَ الْکتَّانِ وَ الْقِنَّبِ، فَلَوْ اُتُّخِذَ مِنْ الْحَرِیرِ لَمْ یصِحَّ السُّجُودُ عَلَیهِ، و هذا إنَّمَا یبْنَی عَلَی الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ کوْنِ هَذِهِ الْأَشْیاءِ مِمَّا لَا یلْبَسُ بِالْفِعْلِ

حَتَّی یکونَ الْمُتَّخَذُ مِنْهَا غَیرَ مَمْنُوعٍ، أَوْ کوْنُهُ غَیرُ مَغْزُولٍ أَصْلًا إنْ جَوَّزْنَاهُ فِیمَا دُونَ الْمَغْزُولِ، وَ کلَاهُمَا لَا یقُولُ بِهِ الْمُصَنِّفُ و أمّا إخْرَاجُ الْحَرِیرِ فَظَاهِرٌ عَلَی هَذَا لِأَنَّهُ لَا یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهِ بِحَالٍ.

وَ هَذَا الشَّرْطُ عَلَی تَقْدِیرِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَی هَذِهِ الْأَشْیاءِ لَیسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ تَقْییدٌ لِمُطْلَقِ النَّصِّ أَوْ تَخْصِیصٌ لِعَامِّهِ مِنْ غَیرِ فَائِدَهٍ، لِأَنَّ ذَلِک لَا یزِیلُهُ عَنْ حُکمِ مُخَالَفَهِ الْأَصْلِ، فَإِنَّ أَجْزَاءَ النُّورَهِ الْمُنْبَثَّهِ فِیهِ بِحَیثُ لَا یتَمَیزُ مِنْ جَوْهَرِ الْخَلِیطِ جُزْءٌ یتِمُّ عَلَیهِ السُّجُودُ کافِیهٌ فِی الْمَنْعِ، فَلَا یفِیدُهُ مَا یخَالِطُهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ الَّتِی یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهَا مُنْفَرِدَهً.

وَ فِی الذِّکرَی جَوَّزَ السُّجُودَ عَلَیهِ إنْ اُتُّخِذَ مِنْ الْقِنَّبِ، وَ اسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ مِنْ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحَرِیرِ، وَ بَنَی الْمُتَّخَذَ مِنْ الْقُطْنِ وَ الْکتَّانِ عَلَی جَوَازِ السُّجُودِ عَلَیهِمَا، وَ یشْکلُ تَجْوِیزُهُ الْقِنَّبَ عَلَی أَصْلِهِ، لِحُکمِهِ فِیهَا بِکوْنِهِ مَلْبُوسًا فِی بَعْضِ الْبِلَادِ، و أنّ ذَلِک یوجِبُ عُمُومَ التَّحْرِیمِ، و قال فِیهَا أَیضًا: فِی النَّفْسِ مِنْ الْقِرْطَاسِ شَیءٌ، مِنْ حَیثُ اشْتِمَالُهُ عَلَی النُّورَهِ الْمُسْتَحِیلَهِ مِنْ اسْمِ الْأَرْضِ بِالْإِحْرَاقِ، قَالَ: إلَّا أَنْ نَقُولَ الْغَالِبُ جَوْهَرُ الْقِرْطَاسِ أَوْ نَقُولَ: جُمُودُ النُّورَهِ یرُدُّ إلَیهَا اسْمَ الْأَرْضِ.

وَ هَذَا الْإِیرَادُ مُتَّجَهٌ لَوْلَا خُرُوجُ الْقِرْطَاسِ بِالنَّصِّ الصَّحِیحِ وَ عَمَلِ الْأَصْحَابِ، و ما دُفِعَ بِهِ الْإِشْکالُ غَیرُ وَاضِحٍ، فَإِنَّ أَغْلَبِیهَ الْمُسَوِّغِ لَا یکفِی مَعَ امْتِزَاجِهِ بِغَیرِهِ وَ انْبِثَاثِ أَجْزَائِهِمَا بِحَیثُ لَا یتَمَیزُ، وَ کوْنُ جُمُودِ النُّورَهِ یرُدُّ إلَیهَا اسْمَ الْأَرْضِ فِی غَایهِ الضَّعْفِ، و علی قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَوْ شَک فِی جِنْسِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ - کمَا هُوَ الْأَغْلَبُ - لَمْ یصِحَّ السُّجُودُ عَلَیهِ، لِلشَّک فِی حُصُولِ شَرْطِ الصِّحَّهِ.

وَ بِهَذَا ینْسَدُّ بَابُ السُّجُودِ عَلَیهِ غَالِبًا، و هو غَیرُ مَسْمُوعٍ فِی مُقَابِلِ النَّصِّ وَ

عَمَلِ الْأَصْحَابِ. (وَیکرَهُ) السُّجُودُ (عَلَی الْمَکتُوبِ) مِنْهُ مَعَ مُلَاقَاهِ الْجَبْهَهِ لِمَا یقَعُ عَلَیهِ اسْمُ السُّجُودِ خَالِیا مِنْ الْکتَابَهِ، وَ بَعْضُهُمْ لَمْ یعْتَبِرْ ذَلِک، بِنَاءً عَلَی کوْنِ الْمِدَادِ عَرَضَا لَا یحُولُ بَینَ الْجَبْهَهِ وَ جَوْهَرِ الْقِرْطَاسِ، وَ ضَعْفُهُ ظَاهِرٌ

الشرط الخامس: طهاره البدن من الحدث و الخبث

(الْخَامِسُ - طَهَارَهُ الْبَدَنِ مِنْ الْحَدَثِ وَ الْخَبَثِ) (وَقَدْ سَبَقَ) بَیانُ حُکمِهِمَا مُفَصَّلًا.

الشرط السادس: ترک الکلام

(السَّادِسُ - تَرْک الْکلَامِ) فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ، و هو - عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَ الْجَمَاعَهُ - مَا تَرَکبَ مِنْ حَرْفَینِ فَصَاعِدًا، و أن لَمْ یکنْ کلَامًا لُغَهً وَ لَا اصْطِلَاحًا، وَ فِی حُکمِهِ الْحَرْفُ الْوَاحِدُ الْمُفِیدُ کالْأَمْرِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُعْتَلَّهِ الطَّرَفَینِ، مِثْلَ " قِ " مِنْ الْوِقَایهِ و " عِ " مِنْ الْوِعَایهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَی مَقْصُودِ الْکلَامِ و أن أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّکتِ وَ حَرْفُ الْمَدِّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَی حَرْفَینِ فَصَاعِدًا.

وَ یشْکلُ بِأَنَّ النُّصُوصَ خَالِیهٌ عَنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ یرْجِعَ فِیهِ إلَی الْکلَامِ لُغَهً أَوْ اصْطِلَاحًا، وَ حَرْفُ الْمَدِّ و أن طَالَ مَدُّهُ بِحَیثُ یکونُ بِقَدْرِ أَحْرُفٍ - لَا یخْرُجُ عَنْ کوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا فِی نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْمَدَّ - عَلَی مَا حَقَّقُوهُ - لَیسَ بِحَرْفٍ وَ لَا حَرَکهٍ، و إنّما هُوَ زِیادَهٌ فِی مَطِّ الْحَرْفِ وَ النَّفَسِ بِهِ، و ذلک لَا یلْحَقُهُ بِالْکلَامِ.

وَ الْعَجَبُ أَنَّهُمْ جَزَمُوا بِالْحُکمِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَ تَوَقَّفُوا فِی الْحَرْفِ الْمُفْهِمِ مِنْ حَیثُ کوْنُ الْمُبْطِلِ الْحَرْفَینِ فَصَاعِدًا، مَعَ أَنَّهُ کلَامٌ لُغَهً وَ اصْطِلَاحًا.

وَ فِی اشْتِرَاطِ کوْنِ الْحَرْفَینِ مَوْضُوعَینِ لِمَعْنَی وَجْهَانِ، وَ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی الْحَرْفَینِ الْحَادِثَینِ مِنْ التَّنَحْنُحِ وَ نَحْوِهِ.

وَ قَطَعَ الْعَلَّامَهُ بِکوْنِهِمَا حِینَئِذٍ غَیرَ مُبْطِلَینِ، مُحْتَجًّا بِأَنَّهُمَا لَیسَا مِنْ جِنْسِ الْکلَامِ، و هو حَسَنٌ.

وَ

اعْلَمْ أَنَّ فِی جَعْلِ هَذِهِ التُّرُوک مِنْ الشَّرَائِطِ تَجَوُّزًا ظَاهِرًا، فَإِنَّ الشَّرْطَ یعْتَبَرُ کوْنُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَی الْمَشْرُوطِ وَ مُقَارِنًا لَهُ، وَ الْأَمْرُ هُنَا لَیسَ کذَلِک. (وَ) تَرْک (الْفِعْلِ الْکثِیرِ عَادَهً) و هو مَا یخْرُجُ بِهِ فَاعِلُهُ عَنْ کوْنِهِ مُصَلِّیا عُرْفًا.

وَ لَا عِبْرَهَ بِالْعَدَدِ، فَقَدْ یکونُ الْکثِیرُ فِیهِ قَلِیلًا کحَرَکهِ الْأَصَابِعِ، وَ الْقَلِیلُ فِیهِ کثِیرًا کالْوَثْبَهِ الْفَاحِشَهِ.

وَ یعْتَبَرُ فِیهِ التَّوَالِی، فَلَوْ تَفَرَّقَ بِحَیثُ حَصَلَتْ الْکثْرَهُ فِی جَمِیعِ الصَّلَاهِ و لم یتَحَقَّقْ الْوَصْفُ فِی الْمُجْتَمَعِ مِنْهَا لَمْ یضُرَّ، و من هُنَا { کانَ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ یحْمِلُ أُمَامَهَ و هی ابْنَهُ ابْنَتِهِ وَ یضَعُهَا کلَّمَا سَجَدَ ثُمَّ یحْمِلُهَا إذَا قَامَ }.

وَ لَا یقْدَحُ الْقَلِیلُ کلُبْسِ الْعِمَامَهِ وَ الرِّدَاءِ وَ مَسْحِ الْجَبْهَهِ وَ قَتْلِ الْحَیهِ وَ الْعَقْرَبِ وَ هُمَا مَنْصُوصَانِ. (وَ) تَرْک (السُّکوتِ الطَّوِیلِ) الْمُخْرِجِ عَنْ کوْنِهِ مُصَلِّیا (عَادَهً) و لو خَرَجَ بِهِ عَنْ کوْنِهِ قَارِئًا بَطَلَتْ الْقِرَاءَهُ خَاصَّهً. (وَ) تَرْک (الْبُکاءِ) بِالْمَدِّ، و هو مَا اشْتَمَلَ مِنْهُ عَلَی صَوْتٍ، لَا مُجَرَّدَ خُرُوجِ الدَّمْعِ مَعَ احْتِمَالِهِ لِأَنَّهُ اُلْبُکا مَقْصُورًا، وَ الشَّک فِی کوْنِ الْوَارِدِ مِنْهُ فِی النَّصِّ مَقْصُورًا أَوْ مَمْدُودًا، وَ أَصَالَهُ عَدَمِ الْمَدِّ مُعَارَضٌ بِأَصَالَهِ صِحَّهِ الصَّلَاهِ، فَیبْقَی الشَّک فِی عُرُوضِ الْمُبْطِلِ مُقْتَضِیا لِبَقَاءِ حُکمِ الصِّحَّهِ.

وَ إِنَّمَا یشْتَرِک تَرْک الْبُکاءِ (لِلدُّنْیا) کذَهَابِ مَالٍ وَ فَقْدِ مَحْبُوبٍ، و أن وَقَعَ عَلَی وَجْهٍ قَهْرِی فِی وَجْهٍ، وَ احْتُرِزَ بِهَا عَنْ الْآخِرَهِ، فَإِنَّ الْبُکاءَ لَهَا - کذِکرِ الْجَنَّهِ وَ النَّارِ، وَ دَرَجَاتِ الْمُقَرَّبِینَ إلَی حَضْرَتِهِ، وَ دَرَکاتِ الْمُبْعَدِینَ عَنْ رَحْمَتِهِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، و لو خَرَجَ مِنْهُ حِینَئِذٍ حَرْفَانِ کمَا سَلَف. (وَ) تَرْک (الْقَهْقَهَهِ) وَ هِی: الضَّحِک الْمُشْتَمِلُ عَلَی الصَّوْتِ و أن لَمْ یکنْ فِیهِ تَرْجِیعٌ، وَ

لَا شِدَّهٌ، وَ یکفِی فِیهَا و فی البُکاءِ مُسَمَّاهُمَا، فَمِنْ ثَمَّهَ أُطْلِقَ.

وَ لَوْ وَقَعَتْ عَلَی وَجْهٍ لَا یمْکنُ دَفْعُهُ فَفِیهِ وَجْهَانِ، وَ اسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی الْبُطْلَانَ. (وَالتَّطْبِیقُ) وَ هُوَ: وَضْعُ إحْدَی الرَّاحَتَینِ عَلَی الْأُخْرَی رَاکعًا بَینَ رُکبَتَیهِ، لِمَا رُوِی مِنْ النَّهْی عَنْهُ، وَ الْمُسْتَنَدُ ضَعِیفٌ، وَ الْمُنَافَاهُ بِهِ مِنْ حَیثُ الْفِعْلُ مُنْتَفِیهٌ، فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ أَقْوَی، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی. (وَالتَّکتُّفُ) وَ هُوَ: وَضْعُ إحْدَی الْیدَینِ عَلَی الْأُخْرَی بِحَائِلٍ و غیرهِ فَوْقَ السُّرَّهِ وَ تَحْتَهَا بِالْکفِّ عَلَیهِ و علی الزَّنْدِ، لِإِطْلَاقِ النَّهْی عَنْ التَّکفِیرِ الشَّامِلِ لِجَمِیعِ ذَلِک (إلَّا لِتُقْیهٍ) فَیجُوزُ مِنْهُ مَا تَأَدَّتْ بِهِ، بَلْ یجِبُ، و أن کانَ عِنْدَهُمْ سُنَّهً، مَعَ ظَنِّ الضَّرَرِ بِتَرْکهَا، لَکنْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاهُ بِتَرْکهَا حِینَئِذٍ لَوْ خَالَفَ، لِتَعَلُّقِ النَّهْی بِأَمْرٍ خَارِجٍ بِخِلَافِ الْمُخَالَفَهِ فِی غُسْلِ الْوُضُوءِ بِالْمَسْحِ. (وَالِالْتِفَاتُ إلَی مَا وَرَاءَهُ) إنْ کانَ بِبَدَنِهِ أَجْمَعَ، وَ کذَا بِوَجْهِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ و أن کانَ الْفَرْضُ بَعِیدًا، أَمَّا إلَی مَا دُونَ ذَلِک کالْیمِینِ وَ الْیسَارِ، فَیکرَهُ بِالْوَجْهِ وَ یبْطُلُ بِالْبَدَنِ عَمْدًا مِنْ حَیثُ الِانْحِرَافُ عَنْ الْقِبْلَهِ. (وَالْأَکلُ وَ الشُّرْبُ) و أن کانَ قَلِیلًا کاللُّقْمَهِ، إمَّا لِمُنَافَاتِهِمَا وَضْعَ الصَّلَاهِ، أَوْ لِأَنَّ تَنَاوُلَ الْمَأْکولِ وَ الْمَشْرُوبِ وَ وَضْعَهُ فِی الْفَمِ وَ ازْدِرَادَهُ أَفْعَالٌ کثِیرَهٌ، وَ کلَاهُمَا ضَعِیفٌ، إذْ لَا دَلِیلَ عَلَی أَصْلِ الْمُنَافَاهِ، فَالْأَقْوَی اعْتِبَارُ الْکثْرَهِ فِیهِمَا عُرْفًا، فَیرْجِعَانِ إلَی الْفِعْلِ الْکثِیرِ، و هو اخْتِیارُ الْمُصَنِّفِ فِی کتُبِهِ الثَّلَاثَهِ (إلَّا فِی الْوِتْرِ لِمَنْ یرِیدُ الصَّوْمَ) و هو عَطْشَانُ (فَیشْرَبُ) إذَا لَمْ یسْتَدْعِ مُنَافِیا غَیرَهُ، وَ خَافَ فَجْأَهَ الصُّبْحِ قَبْلَ إکمَالِ غَرَضِهِ مِنْهُ وَ لَا فَرْقَ فِیهِ بَینَ الْوَاجِبِ وَ النَّدْبِ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْکورَاتِ أَجْمَعَ إنَّمَا تُنَافِی الصَّلَاهَ مَعَ تَعَمُّدِهَا، عِنْدَ الْمُصَنِّفِ

مُطْلَقًا، وَ بَعْضُهَا إجْمَاعًا، و إنّما لَمْ یقَیدْ هُنَا اکتِفَاءً بِاشْتِرَاطِهِ تَرْکهَا، فَإِنَّ ذَلِک یقْتَضِی التَّکلِیفَ بِهِ الْمُتَوَقِّفَ عَلَی الذِّکرِ، لِأَنَّ النَّاسِی غَیرُ مُکلَّفٍ ابْتِدَاءً، نَعَمْ الْفِعْلُ الْکثِیرُ رُبَّمَا تَوَقَّفَ الْمُصَنِّفُ فِی تَقْییدِهِ بِالْعَمْدِ، لِأَنَّهُ أَطْلَقَهُ فِی الْبَیانِ، وَ نَسَبَ التَّقْییدَ فِی الذِّکرَی إلَی الْأَصْحَابِ، و فی الدُّرُوسِ إلَی الْمَشْهُورِ، و فی الرِّسَالَهِ الْأَلْفِیهِ جَعَلَهُ مِنْ قِسْمِ الْمُنَافِی مُطْلَقًا وَ لَا یخْلُو إطْلَاقُهُ هُنَا مِنْ دَلَالَهٍ عَلَی الْقَیدِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْبَاقِی.

نَعَمْ لَوْ اسْتَلْزَمَ الْفِعْلَ الْکثِیرَ نَاسِیا انْمِحَاءَ صُورَهِ الصَّلَاهِ رَأْسًا تَوَجَّهَ الْبُطْلَانُ أَیضًا، لَکنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْحُکمَ.

الشرط السابع: الاسلام

(السَّابِعُ - الْإِسْلَامُ: فَلَا تَصِحُّ) (الْعِبَادَهُ) مُطْلَقًا.

فَتَدْخُلُ الصَّلَاهُ (مَنْ الْکافِرِ) مُطْلَقًا و أن کانَ مُرْتَدًّا مَلِیا، أَوْ فِطْرِیا (وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَیهِ) کمَا هُوَ قَوْلُ الْأَکثَرِ، خِلَافًا لِأَبِی حَنِیفَهَ حَیثُ زَعَمَ أَنَّهُ غَیرُ مُکلَّفٍ بِالْفُرُوعِ فَلَا یعَاقَبُ عَلَی تَرْکهَا، وَ تَحْقِیقُ الْمَسْأَلَهِ فِی الْأُصُولِ. (وَالتَّمْییزُ) بِأَنْ یکونَ لَهُ قُوَّهٌ یمْکنُهُ بِهَا مَعْرِفَهُ أَفْعَالِ الصَّلَاهِ لِیمَیزَ الشَّرْطَ مِنْ الْفِعْلِ، وَ یقْصِدُ بِسَبَبِهِ فِعْلَ الْعِبَادَهِ، (فَلَا تَصِحُّ مَنْ الْمَجْنُونِ، وَ الْمُغْمَی عَلَیهِ وَ) الصَّبِی (غَیرِ الْمُمَیزِ لِأَفْعَالِهَا) بِحَیثُ لَا یفَرِّقُ بَینَ مَا هُوَ شَرْطٌ فِیهَا و غیر شَرْطٍ، و ما هُوَ وَاجِبٌ و غیر وَاجِبٍ، إذَا نُبِّهَ عَلَیهِ. (وَیمَرَّنُ الصَّبِی) عَلَی الصَّلَاهِ (لِسِتٍّ)، و فی البَیانِ لِسَبْعٍ، وَ کلَاهُمَا مَرْوِی، وَ یضْرَبُ عَلَیهَا لِتِسْعٍ، وَ رُوِی لِعَشْرٍ، وَ یتَخَیرُ بَینَ نِیهِ الْوُجُوبِ وَ النَّدْبِ، وَ الْمُرَادُ بِالتَّمْرِینِ التَّعْوِیدُ عَلَی أَفْعَالِ الْمُکلَّفِینَ لِیعْتَادَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا یشُقُّ عَلَیهِ بَعْدَهُ.

الفصل الثالث: فی کیفیه الصلاه

الفصل الثالث: فی کیفیه الصلاه

الاذان و الاقامه

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ - فِی کیفِیهِ الصَّلَاهِ) (وَیسْتَحَبُّ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِی الصَّلَاهِ (الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَهُ) و إنّما جَعَلَهُمَا مِنْ الْکیفِیهِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ مِنْ جَعْلِهِمَا مِنْ الْمُقَدَّمَاتِ نَظَرًا

إلَی مُقَارَنَهِ الْإِقَامَهِ لَهَا غَالِبًا، لِبُطْلَانِهَا بِالْکلَامِ وَ نَحْوِهِ بَینَهَا و بین الصَّلَاهِ، وَ کوْنِهَا أَحَدَ الْجُزْأَینِ فَکانَا کالْجُزْءِ الْمُقَارِنِ، کمَا دَخَلَتْ النِّیهُ فِیهَا، مَعَ أَنَّهَا خَارِجَهٌ عَنْهَا، مُتَقَدِّمَهٌ عَلَیهَا عَلَی التَّحْقِیقِ.

وَ کیفِیتُهُمَا (بِأَنْ ینْوِیهُمَا) أَوَّلًا لِأَنَّهُمَا عِبَادَهٌ، فَیفْتَقَرُ فِی الثَّوَابِ عَلَیهَا إلَی النِّیهِ، إلَّا مَا شَذَّ، (وَیکبِّرُ أَرْبَعًا فِی أَوَّلِ الْأَذَانِ، ثُمَّ التَّشَهُّدَانِ) بِالتَّوْحِیدِ وَ الرِّسَالَهِ، (ثُمَّ الْحَیعَلَاتِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ التَّکبِیرُ، ثُمَّ التَّهْلِیلُ، مَثْنَی مَثْنَی)، فَهَذِهِ ثَمَانِیهَ عَشَرَ فَصْلًا.

(وَالْإِقَامَهُ مَثْنَی) فِی جَمِیعِ فُصُولِهَا و هی فُصُولُ الْأَذَانِ إلَّا مَا یخْرِجُهُ (وَیزِیدُ بَعْدَ حَی عَلَی خَیرِ الْعَمَلِ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاهُ مَرَّتَینِ.

وَ یهَلِّلُ فِی آخِرِهَا مَرَّهً) وَاحِدَهً.

فَفُصُولُهَا سَبْعَهَ عَشَرَ تَنْقُصُ عَنْ الْأَذَانِ ثَلَاثَهٌ وَ یزِیدُ اثْنَینِ، فَهَذِهِ جُمْلَهُ الْفُصُولِ الْمَنْقُولَهِ شَرْعًا، (وَلَا یجُوزُ اعْتِقَادُ شَرْعِیهِ غَیرِ هَذِهِ) الْفُصُولِ (فِی الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَهِ کالتَّشَهُّدِ بِالْوِلَایهِ) لِعَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا وَ آلَهُ خَیرُ الْبَرِّیهِ) أَوْ خَیرُ الْبَشَرِ (وَإِنْ کانَ الْوَاقِعُ کذَلِک) فَمَا کلُّ وَاقِعٍ حَقًّا یجُوزُ إدْخَالُهُ فِی الْعِبَادَاتِ الْمُوَظَّفَهِ شَرْعًا، الْمَحْدُودَهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی، فَیکونُ إدْخَالُ ذَلِک فِیهَا بِدْعَهً وَ تَشْرِیعًا، کمَا لَوْ زَادَ فِی الصَّلَاهِ رَکعَهً أَوْ تَشَهُّدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِک مِنْ الْعِبَادَاتِ.

وَ بِالْجُمْلَهِ فَذَلِک مِنْ أَحْکامِ الْإِیمَانِ لَا مِنْ فُصُولِ الْأَذَانِ.

قَالَ الصَّدُوقُ: إنَّ إدْخَالَ ذَلِک فِیهِ مِنْ وَضْعِ الْمُفَوِّضَهِ وَ هُمْ طَائِفَهُ مِنْ الْغُلَاهِ، و لو فَعَلَ هَذِهِ الزِّیادَهَ، أَوْ إحْدَاهَا بِنِیهِ أَنَّهَا مِنْهُ أَثِمَ فِی اعْتِقَادِهِ، وَ لَا یبْطُلُ الْأَذَانُ بِفِعْلِهِ، وَ بِدُونِ اعْتِقَادِ ذَلِک لَا حَرَجَ.

وَ فِی الْمَبْسُوطِ أَطْلَقَ عَدَمَ الْإِثْمِ بِهِ، و مثله الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ.

(وَاسْتِحْبَابهمَا ثَابِتٌ فِی الْخَمْسِ) الْیوْمِیهِ خَاصَّهً، دُونَ غَیرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ و أن کانَتْ وَاجِبَهً.

بَلْ یقُولُ الْمُؤَذِّنُ لِلْوَاجِبِ مِنْهَا: الصَّلَاهُ ثَلَاثًا بِنَصَبِ الْأَوَّلَینِ، أَوْ رَفْعِهِمَا، أَوْ بِالتَّفْرِیقِ

(أَدَاءً وَ قَضَاءً، لِلْمُنْفَرِدِ وَ الْجَامِعِ، وَ قِیلَ) وَ الْقَائِلُ بِهِ الْمُرْتَضَی وَ الشَّیخَانِ (یجِبَانِ فِی الْجَمَاعَهِ) لَا بِمَعْنَی اشْتِرَاطِهِمَا فِی الصِّحَّهِ، بَلْ فِی ثَوَابِ الْجَمَاعَهِ عَلَی مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّیخُ فِی الْمَبْسُوطِ، وَ کذَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ عَنْهُمْ مُطْلَقًا.

(وَیتَأَکدَانِ فِی الْجَهْرِیهِ، وَ خُصُوصًا الْغَدَاهَ وَ الْمَغْرِبَ) بَلْ أَوْجَبَهُمَا فِیهِمَا الْحَسَنُ مُطْلَقًا، وَ الْمُرْتَضَی فِیهِمَا عَلَی الرِّجَالِ، وَ أَضَافَ إلَیهِمَا الْجُمُعَهَ، و مثله ابْنُ الْجُنَیدِ، وَ أَضَافَ الْأَوَّلُ الْإِقَامَهَ مُطْلَقًا، وَ الثَّانِی هِی عَلَی الرِّجَالِ مُطْلَقًا (وَیسْتَحَبَّانِ لِلنِّسَاءِ سِرًّا)، وَ یجُوزَانِ جَهْرًا إذَا لَمْ یسْمَعْ الْأَجَانِبُ مِنْ الرِّجَالِ، وَ یعْتَدُّ بِأَذَانِهِنَّ لِغَیرِهِنَّ، (وَلَوْ نَسِیهُمَا) الْمُصَلِّی و لم یذْکرْ حَتَّی افْتَتَحَ الصَّلَاهَ (تَدَارَکهُمَا مَا لَمْ یرْکعْ) فِی الْأَصَحِّ، وَ قِیلَ یرْجِعُ الْعَامِدُ دُونَ النَّاسِی، وَ یرْجِعُ أَیضًا لِلْإِقَامَهِ لَوْ نَسِیهَا.

لَا لِلْأَذَانِ وَحْدَهُ.

(وَ یسْقُطَانِ عَنْ الْجَمَاعَهِ الثَّانِیهِ) إذَا حَضَرَتْ لِتُصَلِّی فِی مَکانِ فَوَجَدَتْ جَمَاعَهً أُخْرَی قَدْ أَذَّنَتْ وَ أَقَامَتْ وَ أَتَمَّتْ الصَّلَاهَ (مَا لَمْ تَتَفَرَّقْ الْأُولَی) بِأَنْ یبْقَی مِنْهَا و لو وَاحِدٌ مُعَقِّبًا، فَلَوْ لَمْ یبْقَ مِنْهَا أَحَدٌ کذَلِک و أن لَمْ یتَفَرَّقْ بِالْأَبْدَانِ لَمْ یسْقُطَا عَنْ الثَّانِیهِ، وَ کذَا یسْقُطَانِ عَنْ الْمُنْفَرِدِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی، و لو کانَ السَّابِقُ مُنْفَرِدًا لَمْ یسْقُطَا عَنْ الثَّانِیهِ مُطْلَقًا.

وَ یشْتَرَطُ اتِّحَادُ الصَّلَاتَینِ، أَوْ الْوَقْتِ وَ الْمَکانِ عُرْفًا، وَ فِی اشْتِرَاطِ کوْنِهِ مَسْجِدًا وَجْهَانِ، وَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ، و هو الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، وَ یظْهَرُ مِنْ فَحَوَی الْأَخْبَارِ أَنَّ الْحِکمَهَ فِی ذَلِک مُرَاعَاهُ جَانِبِ الْإِمَامِ السَّابِقِ فِی عَدَمِ تَصْوِیرِ الثَّانِیهِ بِصُورَهِ الْجَمَاعَهِ وَ مَزَایاهَا، وَ لَا یشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِأَذَانِ الْأُولَی وَ إِقَامَتِهَا، بَلْ عَدَمُ الْعِلْمِ بِإِهْمَالِهَا لَهُمَا مَعَ احْتِمَالِ السُّقُوطِ عَنْ الثَّانِیهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِإِطْلَاقِ النَّصِّ، وَ

مُرَاعَاهَ الْحِکمَهِ.

(وَیسْقُطُ) (الْأَذَانُ فِی عَصْرَی عَرَفَهَ) لِمَنْ کانَ بِهَا (وَالْجُمُعَهِ، وَ عِشَاءِ) لَیلَهِ (الْمُزْدَلِفَهِ) و هی الْمَشْعَرُ، وَ الْحِکمَهُ فِیهِ مَعَ النَّصِّ اسْتِحْبَابُ الْجَمْعِ بَینَ الصَّلَاتَینِ، وَ الْأَصْلُ فِی الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ، فَمَنْ حَضَرَ الْأُولَی صَلَّی الثَّانِیهَ فَکانَتَا کالصَّلَاهِ الْوَاحِدَهِ، وَ کذَا یسْقُطُ فِی الثَّانِیهِ عَنْ کلِّ جَامِعٍ و لو جَوَازًا.

وَ الْأَذَانُ لِصَاحِبَهِ الْوَقْتِ، فَإِنْ جَمَعَ فِی وَقْتِ الْأُولَی أَذَّنَ لَهَا وَ أَقَامَ ثُمَّ أَقَامَ لِلثَّانِیهِ، و أن جَمَعَ فِی وَقْتِ الثَّانِیهِ أَذَّنَ أَوَّلًا بِنِیهِ الثَّانِیهِ، ثُمَّ أَقَامَ لِلْأُولَی ثُمَّ لِلثَّانِیهِ.

وَ هَلْ سُقُوطُهُ فِی هَذِهِ الْمَوَاضِعِ رُخْصَهٌ فَیجُوزُ الْأَذَانُ، أَمْ عَزِیمَهٌ فَلَا یشْرَعْ؟ وَجْهَانِ، مِنْ أَنَّهُ عِبَادَهٌ تَوْقِیفِیهٌ، وَ لَا نَصَّ عَلَیهِ هُنَا بِخُصُوصِهِ وَ الْعُمُومُ مُخَصَّصٌ بِفِعْلِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ فَإِنَّهُ جَمَعَ بَینَ الظُّهْرَینِ وَ الْعِشَاءَینِ لِغَیرِ مَانِعٍ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَینِ، وَ کذَا فِی تِلْک الْمَوَاضِعِ.

وَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمَکانِ الْجَمْعِ لَا لِخُصُوصِیهِ الْبُقْعَهِ، و من أَنَّهُ ذِکرُ اللَّهِ تَعَالَی فَلَا وَجْهَ لِسُقُوطِهِ أَصْلًا، بَلْ تَخْفِیفًا وَ رُخْصَهً، وَ یشْکلُ بِمَنْعِ کوْنِهِ بِجَمِیعِ فُصُولِهِ ذِکرًا، وَ بِأَنَّ الْکلَامَ فِی خُصُوصِیهِ الْعِبَادَهِ لَا فِی مُطْلَقِ الذِّکرِ، و قد صَرَّحَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَهُ بِتَحْرِیمِهِ فِی الثَّلَاثَهِ الْأُوَلِ، وَ أَطْلَقَ الْبَاقُونَ سُقُوطَهُ مَعَ مُطْلَقِ الْجَمْعِ.

وَ اخْتَلَفَ کلَامُ الْمُصَنِّفِ (ره) فَفِی الذِّکرَی تَوَقَّفَ فِی کرَاهَتِهِ فِی الثَّلَاثَهِ اسْتِنَادًا إلَی عَدَمِ وُقُوفِهِ فِیهِ عَلَی نَصٍّ، وَ لَا فَتْوَی، ثُمَّ حَکمَ بِنَفْی الْکرَاهَهِ وَ جَزَمَ بِانْتِفَاءِ التَّحْرِیمِ فِیهَا، وَ بِبَقَاءِ الِاسْتِحْبَابِ فِی الْجَمْعِ بِغَیرِهَا مُؤَوِّلًا السَّاقِطَ بِأَنَّهُ أَذَانُ الْإِعْلَامِ، و أنّ الْبَاقِی أَذَانُ الذِّکرِ وَ الْإِعْظَامِ، و فی الدُّرُوسِ قَرِیبٌ مِنْ ذَلِک، فَإِنَّهُ قَالَ: رُبَمَا قِیلَ بِکرَاهَتِهِ فِی الثَّلَاثَهِ، وَ بَالَغَ مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِیمِ، و فی البَیانِ:

الْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَذَانَ فِی الثَّلَاثَهِ حَرَامٌ مَعَ اعْتِقَادِ شَرْعِیتِهِ، وَ تَوَقَّفَ فِی غَیرِهَا، وَ الظَّاهِرُ التَّحْرِیمُ فِیمَا لَا إجْمَاعَ عَلَی اسْتِحْبَابِهِ مِنْهَا، لِمَا ذَکرْنَاهُ.

وَ أَمَّا تَقْسِیمُ الْأَذَانِ إلَی الْقِسْمَینِ فَأَضْعَفُ لِأَنَّهُ عِبَادَهٌ خَاصَّهٌ أَصْلُهَا الْإِعْلَامُ، وَ بَعْضُهَا ذِکرٌ، وَ بَعْضُهَا غَیرُ ذِکرٍ وَ تَأَدِّی وَظِیفَتِهِ بِإِیقَاعِهِ سِرًّا ینَافِی اعْتِبَارَ أَصْلِهِ، وَ الْحَیعَلَاتُ تُنَافِی ذِکرِیتِهِ، بَلْ هُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَ سُنَّهٌ مُتَّبَعَهٌ، و لم یوقِعْهَا الشَّارِعُ فِی هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَیکونُ بِدْعَهً.

نَعَمْ قَدْ یقَالُ: إنَّ مُطْلَقَ الْبِدْعَهِ لَیسَ بِمُحَرَّمٍ، بَلْ رُبَمَا قَسَّمَهَا بَعْضُهُمْ إلَی الْأَحْکامِ الْخَمْسَهِ، وَ مَعَ ذَلِک لَا یثْبُتُ الْجَوَازُ.

(وَیسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِمَا لِلرَّجُلِ) بَلْ لِمُطْلَقِ الذَّکرِ، أَمَّا الْأُنْثَی فَتُسِرُّ بِهِمَا کمَا تَقَدَّمَ، وَ کذَا الْخُنْثَی، (وَالتَّرْتِیلُ فِیهِ) بِبَیانِ حُرُوفِهِ وَ إِطَالَهِ وُقُوفِهِ مِنْ غَیرِ اسْتِعْجَالٍ، (وَالْحَدْرُ) هُوَ الْإِسْرَاعُ (فِیهَا) بِتَقْصِیرِ الْوُقُوفِ عَلَی کلِّ فَصْلٍ، لَا تَرْکهِ لِکرَاهَهِ إعْرَابِهِمَا حَتَّی لَوْ تَرَک الْوَقْفَ أَصْلًا فَالتَّسْکینُ أَوْلَی مِنْ الْإِعْرَابِ، فَإِنَّهُ لُغَهٌ عَرَبِیهٌ، وَ الْإِعْرَابُ مَرْغُوبٌ عَنْهُ شَرْعًا، و لو أَعْرَبَ حِینَئِذٍ تَرَک الْأَفْضَلَ و لم تَبْطُلْ.

أَمَّا اللَّحْنُ فَفِی بُطْلَانِهِمَا بِهِ وَجْهَانِ.

وَ یتَّجَهُ الْبُطْلَانُ لَوْ غَیرَ الْمَعْنَی کنَصْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ لِعَدَمِ تَمَامِیهِ الْجُمْلَهِ بِهِ بِفَوَاتِ الْمَشْهُودِ بِهِ لُغَهً و أن قَصَدَهُ، إذْ لَا یکفِی قَصْدُ الْعِبَادَهِ اللَّفْظِیهِ عَنْ لَفْظِهَا (وَ) الْمُؤَذِّنُ (الرَّاتِبُ یقِفُ عَلَی مُرْتَفِعٍ) لِیکونَ أَبْلَغَ فِی رَفْعِ الصَّوْتِ، وَ إِبْلَاغِهِ الْمُصَلِّینَ، و غیرهُ یقْتَصِرُ عَنْهُ مُرَاعَاهً لِجَانِبِهِ حَتَّی یکرَهَ سَبْقُهُ بِهِ مَا لَمْ یفَرِّطْ بِالتَّأَخُّرِ (وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَهِ) فِی جَمِیعِ الْفُصُولِ خُصُوصًا الْإِقَامَهُ، وَ یکرَهُ الِالْتِفَاتُ بِبَعْضِ فُصُولِهِ یمِینًا وَ شِمَالًا و أن کانَ عَلَی الْمَنَارَهِ عِنْدَنَا.

(وَالْفَصْلُ بَینَهُمَا بِرَکعَتَینِ) و لو مِنْ الرَّاتِبَهِ، (أَوْ سَجْدَهٍ، أَوْ جِلْسَهٍ) وَ النَّصُّ وَرَدَ بِالْجُلُوسِ،

وَ یمْکنُ دُخُولُ السَّجْدَهِ فِیهِ فَإِنَّهَا جُلُوسٌ وَ زِیادَهٌ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَی مَزِیهٍ زَائِدَهٍ، (أَوْ خُطْوَهٍ) و لم یجِدْ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی حَدِیثًا، لَکنَّهَا مَشْهُورَهٌ (أَوْ سَکتَهٍ) و هی مَرْوِیهٌ فِی الْمَغْرِبِ خَاصَّهً، وَ نَسَبَهَا فِی الذِّکرَی إلَی کلَامِ الْأَصْحَابِ مَعَ السَّجْدَهِ وَ الْخُطْوَهِ، و قد وَرَدَ النَّصُّ فِی الْفَصْلِ بِتَسْبِیحَهٍ، فَلَوْ ذَکرَهَا کانَ حَسَنًا.

(وَیخْتَصُّ الْمَغْرِبُ بِالْأَخِیرَتَینِ) الْخُطْوَهُ وَ السَّکتَهُ، أَمَّا السَّکتَهُ فَمَرْوِیهٌ فِیهِ، و أمّا الْخُطْوَهُ فَکمَا تَقَدَّمَ، وَ رُوِی فِیهِ الْجِلْسَهُ، و أنّه إذَا فَعَلَهَا کانَ کالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَکانَ ذِکرُهَا أَوْلَی.) وَ یکرَهُ الْکلَامُ فِی خِلَالِهِمَا) خُصُوصًا الْإِقَامَهُ، وَ لَا یعِیدُهُ بِهِ، مَا لَمْ یخْرُجْ بِهِ عَنْ الْمُوَالَاهِ وَ یعِیدُهَا بِهِ مُطْلَقًا عَلَی مَا أَفْتَی بِهِ الْمُصَنِّفُ و غیرهُ.

وَ النَّصُّ وَرَدَ بِإِعَادَتِهَا بِالْکلَامِ بَعْدَهَا (وَیسْتَحَبُّ الطَّهَارَهُ) حَالَتَهُمَا و فی الإِقَامَهِ آکدُ، وَ لَیسَتْ شَرْطًا فِیهِمَا عِنْدَنَا مِنْ الْحَدَثَینِ، نَعَمْ لَوْ أَوْقَعَهُ فِی الْمَسْجِدِ بِالْأَکبَرِ لَغَی، لِلنَّهْی الْمُفْسِدِ لِلْعِبَادَهِ (وَالْحِکایهُ لِغَیرِ الْمُؤَذِّنِ) إذَا سَمِعَ کمَا یقُولُ الْمُؤَذِّنُ و أن کانَ فِی الصَّلَاهِ، إلَّا الْحَیعَلَاتِ فِیهَا فَیبْدِلُهَا بِالْحَوْقَلَهِ، و لو حَکاهَا بَطَلَتْ، لِأَنَّهَا لَیسَتْ ذِکرًا، وَ کذَا یجُوزُ إبْدَالُهَا فِی غَیرِهَا، وَ وَقْتُ حِکایهِ الْفَصْلِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنْهُ أَوْ مَعَهُ.

وَ لِیقْطَعَ الْکلَامَ إذَا سَمِعَهُ غَیرَ الْحِکایهِ و أن کانَ قُرْآنًا، و لو دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَخَّرَ التَّحِیهَ إلَی الْفَرَاغِ مِنْهُ.

القیام حاله النیه و التکبیره و القراءه

(ثُمَّ یجِبُ الْقِیامُ) حَالَهَ النِّیهِ، وَ التَّکبِیرِ، وَ الْقِرَاءَهِ، و إنّما قَدَّمَهُ عَلَی النِّیهِ وَ التَّکبِیرِ مَعَ أَنَّهُ لَا یجِبُ قَبْلَهُمَا، لِکوْنِهِ شَرْطًا فِیهِمَا وَ الشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَی الْمَشْرُوطِ، و قد أَخَّرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا فِی الذِّکرَی، وَ الدُّرُوسِ، نَظَرًا إلَی ذَلِک، وَ لْیتَمَحَّضْ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاهِ،

و فی الأَلْفِیهِ أَخَّرَهُ عَنْ الْقِرَاءَهِ لِیجْعَلَهُ وَاجِبًا فِی الثَّلَاثَهِ، وَ لِکلٍّ وَجْهٌ (مُسْتَقِلًّا بِهِ) غَیرَ مُسْتَنِدٍ إلَی شَیءٍ بِحَیثُ لَوْ أُزِیلَ السِّنَادُ سَقَطَ (مَعَ الْمُکنَهِ، فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الِاسْتِقْلَالِ فِی الْجَمِیعِ (فَفِی الْبَعْضِ).

وَ یسْتَنِدُ فِیمَا یعْجَزُ عَنْهُ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الِاسْتِقْلَالِ أَصْلًا (اعْتَمَدَ) عَلَی شَیءٍ مُقَدَّمًا عَلَی الْقُعُودِ فَیجِبُ تَحْصِیلُ مَا یعْتَمِدُ عَلَیهِ و لو بِأُجْرَهٍ مَعَ الْإِمْکانِ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ و لو بِالِاعْتِمَادِ، أَوْ قَدَرَ عَلَیهِ و لکن عَجَزَ عَنْ تَحْصِیلِهِ (قَعَدَ) مُسْتَقِلًّا کمَا مَرَّ، فَإِنْ عَجَزَ اعْتَمَدَ (فَإِنْ عَجَزَ) اضْطَجَعَ عَلَی جَانِبِهِ الْأَیمَنِ، (فَإِنْ عَجَزَ) فَعَلَی الْأَیسَرِ، هَذَا هُوَ الْأَقْوَی وَ مُخْتَارُهُ فِی کتُبِهِ الثَّلَاثَهِ وَ یفْهَمُ مِنْهُ هُنَا التَّخْییرُ و هو قَوْلٌ.

وَ یجِبُ الِاسْتِقْبَالُ حِینَئِذٍ بِوَجْهِهِ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُمَا (اسْتَلْقَی) عَلَی ظَهْرِهِ، وَ جَعَلَ بَاطِنَ قَدَمَیهِ إلَی الْقِبْلَهِ وَ وَجْهَهُ بِحَیثُ لَوْ جَلَسَ کانَ مُسْتَقْبِلًا کالْمُحْتَضَرِ.

وَ الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ فِی هَذِهِ الْمَرَاتِبِ حُصُولُ مَشَقَّهٍ کثِیرَهٍ لَا تُتَحَمَّلُ عَادَهً، سَوَاءٌ نَشَأَ مِنْهَا زِیادَهُ مَرَضٍ، أَوْ حُدُوثُهُ، أَوْ بُطْءُ بُرْئِهِ، أَوْ مُجَرَّدُ الْمَشَقَّهِ الْبَالِغَهِ، لَا الْعَجْزُ الْکلِّی.

(وَیومِئُ لِلرُّکوعِ، وَ السُّجُودِ بِالرَّأْسِ) إنْ عَجَزَ عَنْهُمَا.

وَ یجِبُ تَقْرِیبُ الْجَبْهَهِ إلَی مَا یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهِ، أَوْ تَقْرِیبُهُ إلَیهَا، وَ الِاعْتِمَادُ بِهَا عَلَیهِ وَ وَضْعُ بَاقِی الْمَسَاجِدِ مُعْتَمِدًا، وَ بِدُونِهِ لَوْ تَعَذَّرَ الِاعْتِمَادُ، و هذه الْأَحْکامُ آتِیهٌ فِی جَمِیعِ الْمَرَاتِبِ السَّابِقَهِ، وَ حَیثُ یومِئُ لَهُمَا بِرَأْسِهِ یزِیدُ السُّجُودَ انْخِفَاضًا مَعَ الْإِمْکانِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِیمَاءِ بِهِ (غَمَّضَ عَینَیهِ لَهُمَا) مُزِیدًا لِلسُّجُودِ تَغْمِیضًا (وَفَتْحَهُمَا) بِالْفَتْحِ (لِرَفْعِهِمَا)، و أن لَمْ یکنْ مُبْصِرًا مَعَ إمْکانِ الْفَتْحِ قَاصِدًا بِالْإِبْدَالِ تِلْک الْأَفْعَالَ، وَ إِلَّا أَجْرَی الْأَفْعَالَ عَلَی قَلْبِهِ کلُّ وَاحِدٍ فِی مَحَلِّهِ، وَ الْأَذْکارَ عَلَی لِسَانِهِ، وَ إِلَّا أَخْطَرَهَا بِالْبَالِ وَ یلْحَقُ الْبَدَلُ

حُکمَ الْمُبْدَلِ فِی الرُّکنِیهِ، زِیادَهً وَ نُقْصَانًا مَعَ الْقَصْدِ، وَ قِیلَ مُطْلَقًا.

النیه

(وَالنِّیهُ) و هی الْقَصْدُ إلَی الصَّلَاهِ الْمُعَینَهِ، وَ لَمَّا کانَ الْقَصْدُ مُتَوَقِّفًا عَلَی تَعْیینِ الْمَقْصُودِ بِوَجْهٍ لِیمْکنَ تَوَجُّهُ الْقَصْدِ إلَیهِ اُعْتُبِرَ فِیهَا إحْضَارُ ذَاتِ الصَّلَاهِ وَ صِفَاتِهَا الْمُمَیزَهِ لَهَا حَیثُ تَکونُ مُشْتَرَکهً، وَ الْقَصْدُ إلَی هَذَا الْمُعَینِ مُتَقَرَّبًا، وَ یلْزَمُ مِنْ ذَلِک کوْنُهَا (مُعَینَهَ الْفَرْضِ) مِنْ ظُهْرٍ، أَوْ عَصْرٍ، أَوْ غَیرِهِمَا (وَالْأَدَاءِ) إنْ کانَ فَعَلَهَا فِی وَقْتِهَا، (أَوْ الْقَضَاءِ) إنْ کانَ فِی غَیرِ وَقْتِهَا (وَالْوُجُوبِ).

وَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَجْعُولُ غَایهً، لِأَنَّ قَصْدَ الْفَرْضِ یسْتَدْعِی تَمَیزَ الْوَاجِبِ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ یرِیدَ بِهِ الْوَاجِبَ الْمُمَیزَ، و یکون الْفَرْضُ إشَارَهً إلَی نَوْعِ الصَّلَاهِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ یرَادُ بِهِ ذَلِک إلَّا أَنَّهُ غَیرُ مُصْطَلَحٍ شَرْعًا.

وَ لَقَدْ کانَ أَوْلَی بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْوُجُوبَ الْغَائِی لَا دَلِیلَ عَلَی وُجُوبِهِ کمَا نَبَّهَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، وَلَکنَّهُ مَشْهُورٌ، فَجَرَی عَلَیهِ هُنَا (أَوْ النَّدْبِ) إنْ کانَ مَنْدُوبًا، إمَّا بِالْعَارِضِ کالْمُعَادَهِ لِئَلَّا ینَافِی الْفَرْضَ الْأَوَّلَ إذْ یکفِی فِی إطْلَاقِ الْفَرْضِ عَلَیهِ حِینَئِذٍ کوْنُهُ کذَلِک بِالْأَصْلِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ.

بِأَنْ یرَادَ بِالْفَرْضِ أَوَّلًا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْوَاجِبِ، کمَا ذُکرَ فِی الِاحْتِمَالِ، و هذا قَرِینَهٌ أُخْرَی عَلَیهِ و هذه الْأُمُورُ کلُّهَا مُمَیزَاتٌ لِلْفِعْلِ الْمَنْوِی، لَا أَجْزَاءٌ لِلنِّیهِ، لِأَنَّهَا أَمْرٌ وَاحِدٌ بَسِیطٌ و هو الْقَصْدُ، و إنّما التَّرْکیبُ فِی مُتَعَلَّقِهِ وَ مَعْرُوضِهِ و هو الصَّلَاهُ الْوَاجِبَهُ، أَوْ الْمَنْدُوبَهُ الْمُؤَدَّاهُ، أَوْ الْمُقْضَاهُ، و علی اعْتِبَارِ الْوُجُوبِ الْمُعَلَّلِ یکونُ آخِرَ الْمُمَیزَاتِ الْوُجُوبَ و یکون قَصْدُهُ لِوُجُوبِهِ إشَارَهً إلَی مَا یقُولُهُ الْمُتَکلِّمُونَ مِنْ أَنَّهُ یجِبُ فِعْلُ الْوَاجِبِ لِوُجُوبِهِ، أَوْ نَدْبِهِ، أَوْ لِوَجْهِهِمَا مِنْ الشُّکرِ، أَوْ اللُّطْفِ، أَوْ الْأَمْرِ أَوْ الْمُرَکبِ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا عَلَی اخْتِلَافِ الْآرَاءِ،

و وجوب ذَلِک أَمْرٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، إذْ لَمْ یحَقِّقْهُ الْمُحَقِّقُونَ فَکیفَ یکلَّفُ بِهِ غَیرُهُمْ؟ (وَالْقُرْبَهِ) وَ هِی: غَایهُ الْفِعْلِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ، و هو قُرْبُ الشَّرَفِ لَا الزَّمَانِ وَ الْمَکانِ، لِتَنَزُّهِهِ تَعَالَی عَنْهُمَا، وَ آثَرَهَا، لِوُرُودِهَا کثِیرًا فِی الْکتَابِ وَ السُّنَّهِ و لو جَعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَی کفَی.

وَ قَدْ تَلَخَّصَ مِنْ ذَلِک: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِی النِّیهِ أَنْ یحْضُرَ بِبَالِهِ مَثَلًا صَلَاهُ الظُّهْرِ الْوَاجِبَهُ الْمُؤَادَهِ، وَ یقْصِدُ فِعْلَهَا لِلَّهِ تَعَالَی، و هذا أَمْرٌ سَهْلٌ، وَ تَکلِیفٌ یسِیرٌ، قَلَّ أَنْ ینْفَک عَنْ ذِهْنِ الْمُکلَّفِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الصَّلَاهَ، وَ کذَا غَیرُهَا وَ تَجَشُّمُهَا زِیادَهً عَلَی ذَلِک وَسْوَاسُ شَیطَانِی، قَدْ أُمِرْنَا بِالِاسْتِعَاذَهِ مِنْهُ وَ الْبَعْدِ عَنْهُ.

تکبیره الاحرام

(وَتَکبِیرَهُ الْإِحْرَامِ) نُسِبَتْ إلَیهِ، لِأَنَّ بِهَا یحْصُلُ الدُّخُولُ فِی الصَّلَاهِ وَ یحْرُمُ مَا کانَ مُحَلَّلًا قَبْلَهَا مِنْ الْکلَامِ و غیرهِ، وَ یجِبُ التَّلَفُّظُ بِهَا بِاللَّفْظِ الْمَشْهُورِ (بِالْعَرَبِیهِ) تَأَسِّیا بِصَاحِبِ الشَّرْعِ عَلَیهِ الصَّلَاهُ وَ السَّلَامُ حَیثُ فَعَلَ کذَلِک وَ أَمَرَنَا بِالتَّأَسِّی بِهِ (وَ) کذَا تُعْتَبَرُ الْعَرَبِیهُ فِی (سَائِرِ الْأَذْکارِ الْوَاجِبَهِ)، أَمَّا الْمَنْدُوبَهُ فَیصِحُّ بِهَا وَ بِغَیرِهَا فِی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ هَذَا مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَیهَا، أَمَّا مَعَ الْعَجْزِ وَ ضِیقِ الْوَقْتِ عَنْ التَّعَلُّمِ فَیأْتِی بِهَا حَسْبَ مَا یعْرِفُهُ مِنْ اللُّغَاتِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ تَخَیرَ مُرَاعِیا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَیهِ مِنْ الْمَعْنَی و منه الْأَفْضَلِیهُ.

(وَتَجِبُ الْمُقَارَنَهُ لِلنِّیهِ) بِحَیثُ یکبِّرُ عِنْدَ حُضُورِ الْقَصْدِ الْمَذْکورِ بِالْبَالِ مِنْ غَیرِ أَنْ یتَخَلَّلَ بَینَهُمَا زَمَانٌ و أن قَلَّ، عَلَی الْمَشْهُورِ، وَ الْمُعْتَبَرُ حُضُورُ الْقَصْدِ عِنْدَ أَوَّلِ جُزْءٍ مَنْ التَّکبِیرِ، و هو الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُقَارَنَهِ بَینَهُمَا فِی عِبَارَهِ الْمُصَنِّفِ، لَکنَّهُ فِی غَیرِهِ اُعْتُبِرَ اسْتِمْرَارُهُ إلَی آخِرِهِ إلَّا مَعَ الْعُسْرِ، وَ الْأَوَّلُ أَقْوَی (وَاسْتِدَامَهُ حُکمِهَا) بِمَعْنَی أَنْ لَا یحْدِثَ نِیهً تُنَافِیهَا، و لو فِی بَعْضِ مُمَیزَاتِ الْمَنْوِی (إلَی

الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّلَاهِ، فَلَوْ نَوَی الْخُرُوجَ مِنْهَا و لو فِی ثَانِی الْحَالِ قَبْلَهُ أَوْ فَعَلَ بَعْضَ الْمُنَافِیاتِ کذَلِک، أَوْ الرِّیاءَ و لو بِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَ نَحْوِ ذَلِک بَطَلَتْ.

قراءه الحمد و سوره کامله

(وقراءه الحمد، و سوره کامله) فی أشهر القولین (إلا مع الضروره) کضیق وقت، و حاجه یضر فوتها، و جهاله لها مع العجز عن التعلم فتسقط السوره من غیر تعویض عنها. هذا (فی) الرکعتین (الاولیین) سواء لم یکن غیرهما کالثنائیه أم کان کغیرها.

(ویجزی فی غیرهما) من الرکعات (الحمد وحدها، أو التسبیح بالأربع المشهوره (أربعا): بأن یقولها مره (أو تسعا) باسقاط التکبیر من الثلاث علی ما دلت علیه روایه حریز. (أو عشرا) بإثباته فی الأخیره (أو اثنی عشر) بتکریر الأربع ثلاثا. و وجه الاجتزاء بالجمیع ورود النص الصحیح بها. و لا یقدح إسقاط التکبیر فی الثانی، لذلک و لقیام غیره مقامه، و زیاده. و حیث یؤدی الواجب بالاربع جاز ترک الزائد فیحتمل کونه مستحبا، نظرا إلی ذلک، و واجبا مخیرا، إلتفاتا إلی أنه أحد أفراد الواجب و جواز ترکه إلی بدل: و هو الأربع و أن کان جزءه کالرکعتین، و الأربع فی مواضع التخییر. و ظاهر النص و الفتوی: الوجوب، وبه صرح المصنف فی الذکری، و هو ظاهر العباره هنا، و علیه الفتوی. فلو شرع فی الزائد عن مرتبه فهل یجب علیه البلوغ إلی أخری؟ یحتمله، قضیه للوجوب، و أن جاز ترکه قبل الشروع. و التخییر ثابت قبل الشروع فیوقعه علی وجهه، أو یترکه حذرا من تغییر الهیئه الواجبه. و وجه العدم: أصاله عدم وجوب الاکمال، فینصرف إلی کونه ذکر الله تعالی، إن لم یبلغ فردا آخر.

(والحمد) فی غیر الاولیین (أولی) من التسبیح مطلقا لروایه محمد

بن حکیم عن أبی الحسن علیه السلام. و روی أفضلیه التسبیح مطلقا، و لغیر الإمام و تساویهما. و بحسبها اختلفت الأقوال و اختلف اختیار المصنف، فهنا رجح القراءه مطلقا. و فی الدروس للامام، و التسبیح للمنفرد. و فی البیان جعلهما له سواء. و تردد فی الذکری، و الجمع بین الأخبار هنا لا یخلو من تعسف. (وَیجِبُ الْجَهْرُ) بِالْقِرَاءَهِ عَلَی الْمَشْهُورِ (فِی الصُّبْحِ وَ أُولَیی الْعِشَاءَینِ وَ الْإِخْفَاتُ فِی الْبَوَاقِی) لِلرَّجُلِ.

وَ الْحَقُّ أَنَّ الْجَهْرَ وَ الْإِخْفَاتَ کیفِیتَانِ مُتَضَادَّتَانِ مُطْلَقًا، لَا یجْتَمِعَانِ فِی مَادَّهٍ، فَأَقَلُّ الْجَهْرِ: أَنْ یسْمَعَهُ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ صَحِیحًا، مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَی الصَّوْتِ الْمُوجِبِ لِتَسْمِیتِهِ جَهْرًا عُرْفًا، وَ أَکثَرُهُ: أَنْ لَا یبْلُغَ الْعُلُوَّ الْمُفْرِطَ، وَ أَقَلُّ السِّرِّ: أَنْ یسْمِعَ نَفْسَهُ خَاصَّهً صَحِیحًا، أَوْ تَقْدِیرًا، وَ أَکثَرُهُ: أَنْ لَا یبْلُغَ أَقَلَّ الْجَهْرِ.

(وَلَا جَهْرَ عَلَی الْمَرْأَهِ) وُجُوبًا، بَلْ تَتَخَیرُ بَینَهُ و بین السِّرِّ فِی مَوَاضِعِهِ إذَا لَمْ یسْمَعْهَا مَنْ یحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ صَوْتَهَا، وَ السِّرُّ أَفْضَلُ لَهَا مُطْلَقًا، (وَیتَخَیرُ الْخُنْثَی بَینَهُمَا) فِی مَوْضِعِ الْجَهْرِ إنْ لَمْ یسْمَعْهَا الْأَجْنَبِی، وَ إِلَّا تَعَینَ الْإِخْفَاتُ، وَ رُبَمَا قِیلَ: بِوُجُوبِ الْجَهْرِ عَلَیهَا، مُرَاعِیهً عَدَمَ سَمَاعِ الْأَجْنَبِی مَعَ الْإِمْکانِ، وَ إِلَّا وَجَبَ الْإِخْفَاتُ، و هو أَحْوَطُ.

(ثُمَّ التَّرْتِیلُ) لِلْقِرَاءَهِ، و هو لُغَهً: التَّرَسُّلُ فِیهَا، وَ التَّبْیینِ به غیر بَغْی، وَ شَرْعًا، قَالَ فِی الذِّکرَی: هُوَ حِفْظُ الْوُقُوفِ، وَ أَدَاءِ الْحُرُوفِ و هو الْمَرْوِی عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَ قَرِیبٌ مِنْهُ عَنْ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَ بَیانُ الْحُرُوفِ، بَدَلَ أَدَائِهَا.

(وَالْوُقُوفُ) عَلَی مَوَاضِعِهِ، و هی مَا تَمَّ لَفْظُهُ وَ مَعْنَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَ الْأَفْضَلُ: التَّامُّ، ثُمَّ الْحَسَنُ، ثُمَّ الْکافِی، عَلَی مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِی مَحَلِّهِ وَ لَقَدْ کانَ یغْنِی عَنْهُ ذِکرُ التَّرْتِیلِ عَلَی

مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، فَالْجَمْعُ بَینَهُمَا تَأْکیدٌ، نَعَمْ: یحْسُنُ الْجَمْعُ بَینَهُمَا لَوْ فُسِّرَ التَّرْتِیلُ بِأَنَّهُ: تَبْیینُ الْحُرُوفِ مِنْ غَیرِ مُبَالَغَهٍ کمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِی الْمُعْتَبَرُ وَ الْمُنْتَهَی، أَوْ بَیانُ الْحُرُوفِ وَ إِظْهَارُهَا مِنْ غَیرِ مَدٍّ یشْبِهُ الْغِنَاءَ کمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِی النِّهَایهِ و هو الْمُوَافِقُ لِتَعْرِیفِ أَهْلِ اللُّغَهِ.

(وَتَعَمُّدِ الْإِعْرَابَ) إمَّا بِإِظْهَارِ حَرَکاتِهِ وَ بَیانِهَا بَیانًا شَافِیا بِحَیثُ لَا ینْدَمِجُ بَعْضُهَا فِی بَعْضٍ إلَی حَدٍّ لَا یبْلُغُ حَدَّ الْمَنْعِ، أَوْ بِأَنْ لَا یکثِرَ الْوُقُوفَ الْمُوجِبَ لِلسُّکونِ خُصُوصًا فِی الْمَوْضِعِ الْمَرْجُوحِ، و مثله حَرَکهُ الْبِنَاءِ.

(وَسُؤَالُ الرَّحْمَهِ وَ التَّعَوُّذُ مِنْ النِّقْمَهِ) عِنْدَ آیتَیهِمَا (مُسْتَحَبٌّ) خَبَرُ التَّرْتِیلِ و ما عُطِفَ عَلَیهِ.

وَ عَطَفَهَا بِثُمَّ الدَّالِ عَلَی التَّرَاخِی لِمَا بَینَ الْوَاجِبِ وَ النَّدْبِ مِنْ التَّغَایرِ (وَکذَا) یسْتَحَبُّ (تَطْوِیلُ السُّورَهِ فِی الصُّبْحِ) کهَلْ أَتَی وَ عَمَّ، لَا مُطْلَقُ التَّطْوِیلِ، (وَتَوَسُّطِهَا فِی الظُّهْرِ وَ الْعِشَاءِ) کهَلْ أَتَاک، وَ الْأَعْلَی کذَلِک، (وَقَصْرُهَا فِی الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ) بِمَا دُونَ ذَلِک.

وَ إِنَّمَا أَطْلَقَ و لم یخُصَّ التَّفْصِیلَ بِسُوَرِ الْمُفَصَّلِ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَی تَعْیینِهِ بِخُصُوصِهِ عِنْدَنَا، و إنّما الْوَارِدُ فِی نُصُوصِنَا هَذِهِ السُّوَرُ وَ أَمْثَالُهَا، لَکنَّ الْمُصَنِّفَ و غیرهُ قَیدُوا الْأَقْسَامَ بِالْمُفَصَّلِ، وَ الْمُرَادُ بِهِ مَا بَعْدَ مُحَمَّدٍ أَوْ الْفَتْحِ، أَوْ الْحُجُرَاتِ، أَوْ الصَّفِّ، أَوْ الصَّافَّاتِ إلَی آخِرِ الْقُرْآنِ.

وَ فِی مَبْدَئِهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ أَشْهُرُهَا الْأَوَّلُ، سُمِّی مُفَصَّلًا لِکثْرَهِ فَوَاصِلِهِ بِالْبَسْمَلَهِ بِالْإِضَافَهِ إلَی بَاقِی الْقُرْآنِ، أَوْ لِمَا فِیهِ مِنْ الْحُکمِ الْمُفَصَّلِ لِعَدَمِ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ.

(وَکذَا یسْتَحَبُّ) (قَصْرُ السُّورَهِ مَعَ خَوْفِ الضِّیقِ) بَلْ قَدْ یجِبُ (وَاخْتِیارُ { هَلْ أَتَی } وَ { هَلْ أَتَاک } فِی صُبْحِ الِاثْنَینِ)، وَ صُبْحِ (الْخَمِیسِ) فَمَنْ قَرَأَهُمَا فِی الْیوْمَینِ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّهُمَا، (وَ) سُورَهِ (الْجُمُعَهِ وَ الْمُنَافِقِینَ فِی ظُهْرَیهَا وَ جُمُعَتِهَا) عَلَی طَرِیقِ الِاسْتِخْدَامِ،

وَ رُوِی أَنَّ مَنْ تَرَکهُمَا فِیهَا مُتَعَمِّدًا فَلَا صَلَاهَ لَهُ، حَتَّی قِیلَ بِوُجُوبِ قِرَاءَتِهِمَا فِی الْجُمُعَهِ وَ ظُهْرِهَا لِذَلِک وَ حُمِلَتْ الرِّوَایهُ عَلَی تَأَکدِ الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا، (وَالْجُمُعَهِ وَ التَّوْحِیدِ فِی صُبْحِهَا) وَ قِیلَ: الْجُمُعَهِ وَ الْمُنَافِقِینَ، و هو مَرْوِی أَیضًا، (وَالْجُمُعَهِ وَ الْأَعْلَی فِی عِشَاءَیهَا): الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ، وَ رُوِی فِی الْمَغْرِبِ: الْجُمُعَهُ وَ التَّوْحِیدُ، وَ لَا مُشَاحَّهَ فِی ذَلِک، لِأَنَّهُ مَقَامُ اسْتِحْبَابٍ.

(وَتَحْرُمُ) قِرَاءَهُ (الْعَزِیمَهِ فِی الْفَرِیضَهِ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ.

فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِیهَا عَمْدًا لِلنَّهْی، و لو شَرَعَ فِیهَا سَاهِیا، عَدَلَ عَنْهَا و أن تَجَاوَزَ نِصْفَهَا، مَا لَمْ یتَجَاوَزْ مَوْضِعَ السُّجُودِ، وَ مَعَهُ فَفِی الْعُدُولِ، أَوْ إکمَالِهَا وَ الِاجْتِزَاءِ بِهَا، مَعَ قَضَاءِ السُّجُودِ بَعْدَهَا، وَجْهَانِ، فِی الثَّانِی مِنْهُمَا قُوَّهٌ وَ مَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی إلَی الْأَوَّلِ، وَ احْتُرِزَ بِالْفَرِیضَهِ عَنْ النَّافِلَهِ، فَیجُوزُ قِرَاءَتُهَا فِیهَا، وَ یسْجُدُ لَهَا فِی مَحَلِّهِ، وَ کذَا لَوْ اسْتَمَعَ فِیهَا إلَی قَارِئٍ أَوْ سَمِعَ عَلَی أَجْوَدِ الْقَوْلَینِ.

وَ یحْرُمُ اسْتِمَاعُهَا فِی الْفَرِیضَهِ فَإِنْ فَعَلَ، أَوْ سَمِعَ اتِّفَاقًا وَ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ لَهُ أَوْمَأَ لَهَا وَ قَضَاهَا بَعْدَ الصَّلَاهِ، و لو صَلَّی مَعَ مُخَالِفٍ تَقِیهً فَقَرَأَهَا تَابَعَهُ فِی السُّجُودِ و لم یعْتَدَّ بِهَا عَلَی الْأَقْوَی وَ الْقَائِلُ بِجَوَازِهَا مِنَّا لَا یقُولُ بِالسُّجُودِ لَهَا فِی الصَّلَاهِ " فَلَا مَنْعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَهِ، بَلْ مِنْ حَیثُ فَعَلَهُ مَا یعْتَقِدُ الْمَأْمُومُ الْإِبْطَالَ بِهِ.

(وَیسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَهِ فِی نَوَافِلِ اللَّیلِ، وَ السِّرُّ فِی) نَوَافِلِ (النَّهَارِ) وَ کذَا قِیلَ فِی غَیرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، بِمَعْنَی اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِاللَّیلِیهِ مِنْهَا، وَ السِّرِّ فِی نَظِیرِهَا نَهَارًا کالْکسُوفَینِ، أَمَّا مَا لَا نَظِیرَ لَهُ فَالْجَهْرُ مُطْلَقًا کالْجُمُعَهِ وَ الْعِیدَینِ، وَ الزَّلْزَلَهِ، وَ الْأَقْوَی فِی الْکسُوفَینِ ذَلِک، لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ الْخُسُوفِ بِاللَّیلِ (وَجَاهِلُ الْحَمْدِ

یجِبُ عَلَیهِ التَّعَلُّمُ) مَعَ إمْکانِ وَسَعَهِ الْوَقْتِ (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ قَرَأَ مَا یحْسُنُ مِنْهَا) أَی مِنْ الْحَمْدِ، هَذَا إذَا سُمِّی قُرْآنًا، فَإِنْ لَمْ یسَمَّ لِقِلَّتِهِ فَهُوَ کالْجَاهِلِ بِهَا أَجْمَعَ.

وَ هَلْ یقْتَصِرُ عَلَیهِ، أَوْ یعَوِّضُ عَنْ الْفَائِتِ؟ ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ الْأَوَّلُ، و فی الدُّرُوسِ: الثَّانِی و هو الْأَشْهَرُ.

ثُمَّ إنْ لَمْ یعْلَمْ غَیرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ کرَّرَ مَا یعْلَمُهُ بِقَدْرِ الْفَائِتِ، و أن عَلِمَ فَفِی التَّعْوِیضِ مِنْهَا، أَوْ مِنْهُ قَوْلَانِ مَأْخَذُهُمَا کوْنُ الْأَبْعَاضِ أَقْرَبَ إلَیهَا، و أنّ الشَّیءَ الْوَاحِدَ لَا یکونُ أَصْلًا وَ بَدَلًا، و علی التَّقْدِیرَینِ فَیجِبُ الْمُسَاوَاهُ لَهُ فِی الْحُرُوفِ، وَ قِیلَ فِی الْآیاتِ.

وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ.

وَ یجِبُ مُرَاعَاهُ التَّرْتِیبِ بَینَ الْبَدَلِ وَ الْمُبْدَلِ، فَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلَ أَخَّرَ الْبَدَلَ أَوْ الْآخَرَ قَدَّمَهُ، أَوْ الطَّرَفَینِ وَسَّطَهُ، أَوْ الْوَسَطَ حَفَّهُ بِهِ، و هکذا و لو أَمْکنَهُ الْإِتْمَامُ قَدَّمَ عَلَی ذَلِک، لِأَنَّهُ فِی حُکمِ الْقِرَاءَهِ التَّامَّهِ، و مثله مَا لَوْ أَمْکنَ مُتَابَعَهُ قَارِئٍ، أَوْ الْقِرَاءَهُ مِنْ الْمُصْحَفِ، بَلْ قِیلَ بِإِجْزَائِهِ اخْتِیارًا، وَ الْأَوْلَی اخْتِصَاصُهُ بِالنَّافِلَهِ.

(فَإِنْ لَمْ یحْسِنْ) شَیئًا مِنْهَا (قَرَأَ مِنْ غَیرِهَا بِقَدْرِهَا) أَی بِقَدْرِ الْحَمْدِ حُرُوفًا، وَ حُرُوفُهَا مِائَهٌ وَ خَمْسَهٌ وَ خَمْسُونَ حَرْفًا بِالْبَسْمَلَهِ إلَّا لِمَنْ قَرَأَ " مَالِک " فَإِنَّهَا تَزِیدُ حَرْفًا، وَ یجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَی الْأَقَلِّ، ثُمَّ قَرَأَ السُّورَهَ إنْ کانَ یحْسِنُ سُورَهً تَامَّهً و لو بِتَکرَارِهَا عَنْهُمَا مُرَاعِیا فِی الْبَدَلِ الْمُسَاوَاهَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) ذَلِک کلُّهُ و لم یحْسِنْ شَیئًا مِنْ الْقِرَاءَهِ (ذَکرَ اللَّهَ تَعَالَی بِقَدْرِهَا) أَی بِقَدْرِ الْحَمْدِ خَاصَّهً، أَمَّا السُّورَهُ فَسَاقِطَهٌ کمَا مَرَّ. و هل یجْزِی مُطْلَقُ الذِّکرِ، أَمْ یعْتَبَرُ الْوَاجِبُ فِی الْأَخِیرَتَینِ؟ قَوْلَانِ، اخْتَارَ ثَانِیهُمَا الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی لِثُبُوتِ بَدَلِیتِهِ عَنْهَا فِی الْجُمْلَهِ.

وَ قِیلَ یجْزِئُ مُطْلَقُ الذِّکرِ و أن لَمْ یکنْ بِقَدْرِهَا عَمَلًا بِمُطْلَقِ

الْأَمْرِ، وَ الْأَوَّلُ أَوْلَی، و لو لَمْ یحْسِنْ الذِّکرَ قِیلَ وَقَفَ بِقَدْرِهَا لِأَنَّهُ کانَ یلْزَمُهُ عِنْدَ الْقُدْرَهِ عَلَی الْقِرَاءَهِ قِیامٌ وَ قِرَاءَهٌ، فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا بَقِی الْآخَرُ، و هو حَسَنٌ.

(وَالضُّحَی وَ { أَلَمْ نَشْرَحْ } سُورَهٌ) وَاحِدَهٌ (وَالْفِیلُ وَ الْإِیلَافُ سُورَهٌ) فِی الْمَشْهُورِ فَلَوْ قَرَأَ إحْدَاهُمَا فِی رَکعَهٍ، وَجَبَتْ الْأُخْرَی عَلَی التَّرْتِیبِ، وَ الْأَخْبَارُ خَالِیهٌ مِنْ الدَّلَالَهِ عَلَی وَحْدَتِهِمَا و إنّما دَلَّتْ عَلَی عَدَمِ إجْزَاءِ إحْدَاهُمَا، وَ فِی بَعْضِهَا تَصْرِیحٌ بِالتَّعَدُّدِ مَعَ الْحُکمِ الْمَذْکورِ، وَ الْحُکمُ مِنْ حَیثُ الصَّلَاهُ وَاحِدٌ، و إنّما تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی غَیرِهَا.

(وَتَجِبُ الْبَسْمَلَهُ بَینَهُمَا) عَلَی التَّقْدِیرَینِ فِی الْأَصَحِّ لِثُبُوتِهَا بَینَهُمَا تَوَاتُرًا، وَ کتْبُهَا فِی الْمُصْحَفِ الْمُجَرَّدِ عَنْ غَیرِ الْقُرْآنِ حَتَّی النَّقْطِ وَ الْإِعْرَابِ، وَ لَا ینَافِی ذَلِک الْوَحْدَهَ لَوْ سُلِّمَتْ کمَا فِی سُورَهِ النَّمْلِ.

الرکوع منحنیا

(ثُمَّ یجِبُ الرُّکوعُ مُنْحَنِیا إلَی أَنْ تَصِلَ کفَّاهُ) مَعًا (رُکبَتَیهِ) فَلَا یکفِی و ُصُولُهُمَا به غیر انْحِنَاءٍ کالِانْخِنَاسِ مَعَ إخْرَاجِ الرُّکبَتَینِ، أَوْ بِهِمَا وَ الْمُرَادُ بِوُصُولِهِمَا بُلُوغُهُمَا قَدْرًا لَوْ أَرَادَ إیصَالَهُمَا وَصَلَتَا، إذْ لَا یجِبُ الْمُلَاصَقَهُ، وَ الْمُعْتَبَرُ وُصُولُ جُزْءٍ مِنْ بَاطِنِهِ لَا جَمِیعِهِ، وَ لَا رُءُوسِ الْأَصَابِعِ (مُطْمَئِنًّا) فِیهِ بِحَیثُ تَسْتَقِرُّ الْأَعْضَاءُ (بِقَدْرٍ وَاجِبِ الذِّکرِ) مَعَ الْإِمْکانِ.

(وَ) الذِّکرُ الْوَاجِبُ (هُوَ سُبْحَانَ رَبِّی الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ، أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا) لِلْمُخْتَارِ، (أَوْ مُطْلَقُ الذِّکرِ لِلْمُضْطَرِّ)، وَ قِیلَ یکفِی الْمُطْلَقُ مُطْلَقًا و هو أَقْوَی، لِدَلَالَهِ الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ عَلَیهِ، و ما وَرَدَ فِی غَیرِهَا مُعَینًا غَیرُ مُنَافٍ لَهُ لِأَنَّهُ بَعْضُ أَفْرَادِ الْوَاجِبِ الْکلِّی تَخْییرًا، وَ بِهِ یحْصُلُ الْجَمْعُ بَینَهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَیدْنَاهُ، و علی تَقْدِیرِ تَعَینِهِ فَلَفْظُ " وَ بِحَمْدِهِ " وَاجِبٌ أَیضًا تَخْییرًا لَا عَینًا، لِخُلُوِّ کثِیرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ عَنْهُ، و مثله الْقَوْلُ فِی التَّسْبِیحَهِ الْکبْرَی مَعَ

کوْنِ بَعْضِهَا ذِکرًا تَامًّا.

وَ مَعْنَی سُبْحَانَ رَبِّی تَنْزِیهًا لَهُ عَنْ النَّقَائِصِ، و هو مَنْصُوبٌ عَلَی الْمَصْدَرِ بِمَحْذُوفٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَ مُتَعَلِّقُ الْجَارِّ فِی " وَ بِحَمْدِهِ " هُوَ الْعَامِلُ الْمَحْذُوفُ، وَ التَّقْدِیرُ سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِیحًا وَ سُبْحَانًا وَ سَبَّحْتُهُ بِحَمْدِهِ.

أَوْ بِمَعْنَی وَ الْحَمْدُ لَهُ، نَظِیرُ { مَا أَنْتَ بِنِعْمَهِ رَبِّک بِمَجْنُونٍ } أَی وَ النِّعْمَهِ لَهُ، (وَرَفْعُ الرَّأْسِ مِنْهُ)، فَلَوْ هَوَی مِنْ غَیرِ رَفْعٍ بَطَلَ مَعَ التَّعَمُّدِ، وَ اسْتَدْرَکهُ مَعَ النِّسْیانِ، (مُطْمَئِنًّا) وَ لَا حَدَّ لَهَا، بَلْ مُسَمَّاهَا فَمَا زَادَ بِحَیثُ لَا یخْرُجُ بِهَا عَنْ کوْنِهِ مُصَلِّیا.

(وَیسْتَحَبُّ التَّثْلِیثُ فِی الذِّکرِ) الْأَکبَرِ (فَصَاعِدًا) إلَی مَا لَا یبْلُغُ السَّأَمَ، فَقَدْ عُدَّ عَلَی الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ سِتُّونَ تَسْبِیحَهً کبْرَی إلَّا أَنْ یکونَ إمَامًا فَلَا یزِیدُ عَلَی الثَّلَاثِ إلَّا مَعَ حُبِّ الْمَأْمُومِینَ الْإِطَالَهَ.

وَ فِی کوْنِ الْوَاجِبِ مَعَ الزِّیادَهِ عَلَی مَرَّهٍ الْجَمِیعُ، أَوْ الْأَوْلَی مَا مَرَّ فِی تَسْبِیحِ الْأَخِیرَتَینِ.

وَ أَنْ یکونَ الْعَدَدُ (وِتْرًا) خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ مَا زَادَ مِنْهُ، وَعُدَّ السِّتِّینَ لَا ینَافِیهِ، لِجَوَازِ الزِّیادَهِ مِنْ غَیرِ عَدٍّ، أَوْ بَیانِ جَوَازِ الْمُزْدَوِجِ (وَالدُّعَاءُ أَمَامَهُ) أَی أَمَامَ الذِّکرِ بِالْمَنْقُولِ و هو اللَّهُمَّ لَک رَکعْت إلَی آخِرِهِ (وَتَسْوِیهُ الظَّهْرِ) حَتَّی لَوْ صُبَّ عَلَیهِ مَاءٌ لَمْ یزُلْ لِاسْتِوَائِهِ (وَمَدُّ الْعُنُقِ) مُسْتَحْضِرًا فِیهِ: آمَنْتُ بِک و لو ضُرِبَتْ عُنُقِی (وَالتَّجْنِیحُ) بِالْعَضُدَینِ وَ الْمَرْفِقَینِ بِأَنْ یخْرِجَهُمَا عَنْ مُلَاصِقَهِ جَنْبَیهِ، فَاتِحًا إبْطَیهِ کالْجَنَاحَینِ (وَوَضْعُ الْیدَینِ) عَلَی عَینَی (الرُّکبَتَینِ) حَالَهَ الذِّکرِ أَجْمَعَ، مَالِئًا کفَّیهِ مِنْهُمَا (وَالْبَدْأَهُ) فِی الْوَضْعِ (بِالْیمْنَی) حَالَهَ کوْنِهِمَا (مُفَرَّجَتَینِ) غَیرَ مَضْمُومَتَی الْأَصَابِعِ (وَالتَّکبِیرُ لَهُ) قَائِمًا قَبْلَ الْهُوِی (رَافِعًا یدَیهِ إلَی حِذَاءِ شَحْمَتَی أُذُنَیهِ) کغَیرِهِ مِنْ التَّکبِیرَاتِ.

(وَقَوْلِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ) إلَی آخِرِهِ (فِی) حَالِ (رَفْعِهِ) مِنْهُ، (مُطْمَئِنًّا)، وَ

مَعْنَی سَمِعَ هُنَا اسْتَجَابَ تَضْمِینًا.

وَ مِنْ ثَمَّ عَدَّاهُ بِاللَّامِ کمَا عَدَّاهُ بِإِلَی فِی قَوْله تَعَالَی: { لَا یسَّمَّعُونَ إلَی الْمَلَأِ الْأَعْلَی } لِمَا ضَمَّنَهُ مَعْنَی یصْغُونَ، وَ إِلَّا فَأَصْلُ السَّمَاعِ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ و هو خَبَرٌ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ، لَا ثَنَاءٌ عَلَی الْحَامِدِ (وَیکرَهُ أَنْ یرْکعَ وَ یدَاهُ تَحْتَ ثِیابِهِ)، بَلْ تَکونَانِ بَارِزَتَینِ، أَوْ فِی کمَّیهِ، نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی إلَی الْأَصْحَابِ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَی نَصٍّ فِیهِ.

السجود علی الاعضاء السبعه

ثُمَّ تَجِبُ سَجْدَتَانِ (عَلَی الْأَعْضَاءِ السَّبْعَهِ) الْجَبْهَهِ وَ الْکفَّینِ وَ الرُّکبَتَینِ، وَ إِبْهَامَی الرِّجْلَینِ، وَ یکفِی مِنْ کلٍّ مِنْهَا مُسَمَّاهُ حَتَّی الْجَبْهَهِ عَلَی الْأَقْوَی.

وَ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِک مِنْ الِانْحِنَاءِ إلَی مَا یسَاوِی مَوْقِفَهُ أَوْ یزِیدُ عَلَیهِ، أَوْ ینْقُصُ عَنْهُ بِمَا لَا یزِیدُ عَنْ مِقْدَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَهً (قَائِلًا فِیهِمَا سُبْحَانَ رَبِّی الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ، أَوْ مَا مَرَّ) مِنْ الثَّلَاثَهِ الصُّغْرَی اخْتِیارًا، أَوْ مُطْلَقِ الذِّکرِ اضْطِرَارًا، أَوْ مُطْلَقًا عَلَی الْمُخْتَارِ (مُطْمَئِنًّا بِقَدْرِهِ) اخْتِیارًا (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) بِحَیثُ یصِیرُ جَالِسًا، لَا مُطْلَقُ رَفْعِهِ (مُطْمَئِنًّا) حَالَ الرَّفْعِ بِمُسَمَّاهُ.

(وَیسْتَحَبُّ الطُّمَأْنِینَهُ) بِضَمِّ الطَّاءِ (عَقِیبَ) السَّجْدَهِ (الثَّانِیهِ) و هی الْمُسَمَّاهُ بِجِلْسَهِ الِاسْتِرَاحَهِ اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا، بَلْ قِیلَ بِوُجُوبِهَا.

(وَالزِّیادَهُ عَلَی) الذِّکرِ (الْوَاجِبِ) بِعَدَدٍ وَتْرٍ، وَ دُونَهُ غَیرَهُ (وَالدُّعَاءُ) أَمَامَ الذِّکرِ اللَّهُمَّ لَک سَجَدْت إلَی آخِرِهِ (وَالتَّکبِیرَاتُ الْأَرْبَعُ) لِلسَّجْدَتَینِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّکوعِ مُطْمَئِنًّا فِیهِ

وَ ثَانِیتُهَا بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَهِ الْأُولَی جَالِسًا مُطْمَئِنًّا،

وَ ثَالِثَتُهَا قَبْلَ الْهُوِی إلَی الثَّانِیهِ کذَلِک،

وَ رَابِعَتُهَا بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا، (وَالتَّخْوِیهُ لِلرَّجُلِ) بَلْ مُطْلَقُ الذِّکرِ إمَّا فِی الْهُوِی إلَیهِ بِأَنْ یسْبِقَ بِیدَیهِ ثُمَّ یهْوِی بِرُکبَتَیهِ لِمَا رُوِی أَنَّ عَلِیا عَلَیهِ السَّلَامُ کانَ إذَا سَجَدَ یتَخَوَّی کمَا یتَخَوَّی الْبَعِیرُ الضَّامِرُ یعْنِی بُرُوکهُ، أَوْ بِمَعْنَی تَجَافِی الْأَعْضَاءِ حَالَهَ السُّجُودِ بِأَنْ یجْنَحَ بِمَرْفِقَیهِ وَ

یرْفَعَهُمَا عَنْ الْأَرْضِ، وَ لَا یفْتَرِشَهُمَا کافْتِرَاشِ الْأَسَدِ، وَ یسَمَّی هَذَا تَخْوِیهً لِأَنَّهُ إلْقَاءُ الْخَوِی بَینَ الْأَعْضَاءِ، وَ کلَاهُمَا مُسْتَحَبٌّ لِلرَّجُلِ، دُونَ الْمَرْأَهِ، بَلْ تَسْبِقُ فِی هُوِیهَا بِرُکبَتَیهَا، وَ تَبْدَأُ بِالْقُعُودِ، وَ تَفْتَرِشُ ذِرَاعَیهَا حَالَتَهُ لِأَنَّهُ أَسْتُرُ، وَ کذَا الْخُنْثَی لِأَنَّهُ أَحْوَطُ و فی الذِّکرَی سَمَّاهَا تَخْوِیهً کمَا ذَکرْنَاهُ (وَالتَّوَرُّک بَینَ السَّجْدَتَینِ) بِأَنْ یجْلِسَ عَلَی وَرِکهِ الْأَیسَرِ، وَ یخْرِجَ رِجْلَیهِ جَمِیعًا مِنْ تَحْتِهِ، جَاعِلًا رِجْلَهُ الْیسْرَی عَلَی الْأَرْضِ وَ ظَاهِرَ قَدَمِهِ الْیمْنَی عَلَی بَاطِنِ الْیسْرَی وَ یفْضِی بِمَقْعَدَتِهِ إلَی الْأَرْضِ، هَذَا فِی الذَّکرِ، أَمَّا الْأُنْثَی فَتَرْفَعُ رُکبَتَیهَا، وَ تَضَعُ بَاطِنَ کفَّیهَا عَلَی فَخِذَیهَا مَضْمُومَتَی الْأَصَابِعِ.

التشهد

(ثُمَّ یجِبُ التَّشَهُّدُ: عَقِبَ) الرَّکعَهِ (الثَّانِیهِ) الَّتِی تَمَامُهَا الْقِیامُ مَنْ السَّجْدَهِ الثَّانِیهِ، (وَکذَا) یجِبُ (آخِرَ الصَّلَاهِ) إذَا کانَتْ ثُلَاثِیهً، أَوْ رَبَاعِیهً (وَهُوَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیک لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ)، وَ إِطْلَاقُ التَّشَهُّدِ عَلَی مَا یشْمَلُ الصَّلَاهَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ إمَّا تَغْلِیبٌ، أَوْ حَقِیقَهٌ شَرْعِیهٌ، و ما اخْتَارَهُ مِنْ صِیغَتِهِ أَکمَلُهَا، و هی مُجْزِیهٌ بِالْإِجْمَاعِ، إلَّا أَنَّهُ غَیرُ مُتَعَینٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، بَلْ یجُوزُ عِنْدَهُ حَذْفُ " وَحْدَهُ لَا شَرِیک لَهُ "، وَ لَفْظَهِ عَبْدُهُ، مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ إضَافَهِ الرَّسُولِ إلَی الْمُظْهَرِ و علی هَذَا فَمَا ذُکرَ هُنَا یجِبُ تَخْییرًا کزِیادَهِ التَّسْبِیحِ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدُ انْحِصَارَهُ فِیهِ لِدَلَالَهِ النَّصِّ الصَّحِیحِ عَلَیهِ، و فی البَیانِ تَرَدُّدٌ فِی وُجُوبِ مَا حَذَفْنَاهُ، ثُمَّ اخْتَارَ وُجُوبَهُ تَخْییرًا.

وَ یجِبُ التَّشَهُّدُ (جَالِسًا مُطْمَئِنًّا بِقَدْرِهِ، وَ یسْتَحَبُّ التَّوَرُّک) حَالَتَهُ کمَا مَرَّ (وَالزِّیادَهُ فِی الثَّنَاءِ وَ الدُّعَاءِ) قَبْلَهُ، وَ فِی أَثْنَائِهِ وَ بَعْدَهُ بِالْمَنْقُولِ

التسلیم

(ثُمَّ یجِبُ التَّسْلِیمُ) عَلَی أَجْوَدِ الْقَوْلَینِ عِنْدَهُ، وَ أَحْوَطِهِمَا

عِنْدَنَا (وَلَهُ عِبَارَتَانِ: السَّلَامُ عَلَینَا و علی عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ، وَ السَّلَامُ عَلَیکمْ وَ رَحْمَهُ اللَّهِ وَ بَرَکاتُهُ) مُخَیرًا فِیهِمَا (وَبِأَیهِمَا بَدَأَ کانَ هُوَ الْوَاجِبُ) وَ خَرَجَ بِهِ مِنْ الصَّلَاهِ (وَاسْتُحِبَّ الْآخَرُ).

أَمَّا الْعِبَارَهُ الْأُولَی فَعَلَی الِاجْتِزَاءِ بِهَا، وَ الْخُرُوجِ بِهَا مِنْ الصَّلَاهِ دَلَّتْ الْأَخْبَارُ الْکثِیرَهُ، و أمّا الثَّانِیهُ فَمُخْرِجَهٌ بِالْإِجْمَاعِ، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ و غیرهُ.

وَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ تَقْدِیمُ الْأَوَّلِ مَعَ التَّسْلِیمِ الْمُسْتَحَبِّ، وَ الْخُرُوجُ بِالثَّانِی، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی وَ الْبَیانِ، و أمّا جَعْلُ الثَّانِی مُسْتَحَبًّا کیفَ کانَ کمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَلَیسَ عَلَیهِ دَلِیلٌ وَاضِحٌ.

وَ قَدْ اخْتَلَفَ فِیهِ کلَامُ الْمُصَنِّفِ فَاخْتَارَهُ هُنَا و هو مِنْ آخِرِ مَا صَنَّفَهُ، و فی الرِّسَالَهِ الْأَلْفِیهِ و هی مِنْ أَوَّلِهِ، و فی البَیانِ أَنْکرَهُ غَایهَ الْإِنْکارِ فَقَالَ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ الصِّیغَهِ الْأُولَی: وَ أَوْجَبَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِینَ، وَ خَیرَ بَینَهَا و بین " السَّلَامُ عَلَیکمْ "، وَ جَعَلَ الثَّانِیهَ مِنْهُمَا مُسْتَحَبَّهً، وَ ارْتَکبَ جَوَازَ " السَّلَامُ عَلَینَا و علی عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ " بَعْدَ السَّلَامِ عَلَیکمْ.

وَ لَمْ یذْکرْ ذَلِک فِی خَبَرٍ، وَ لَا مُصَنَّفٍ.

بَلْ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّسْلِیمِ وَ اسْتِحْبَابِهِ یجْعَلُونَهَا مُقَدَّمَهً عَلَیهِ، و فی الذِّکرَی نَقَلَ وُجُوبَ الصِّیغَتَینِ تَخْییرًا عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِینَ، و قال إنَّهُ قَوِی مَتِینٌ إلَّا أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ مِنْ الْقُدَمَاءِ.

وَ کیفَ یخْفَی عَلَیهِمْ مِثْلُهُ لَوْ کانَ حَقًّا.

ثُمَّ قَالَ: إنَّ الِاحْتِیاطَ لِلدِّینِ الْإِتْیانُ بِالصِّیغَتَینِ جَمِیعًا بَادِئًا بِالسَّلَامِ عَلَینَا، لَا بِالْعَکسِ فَإِنَّهُ لَمْ یأْتِ بِهِ خَبَرٌ مَنْقُولٌ، وَ لَا مُصَنَّفٌ مَشْهُورٌ سِوَی مَا فِی بَعْضِ کتُبِ الْمُحَقِّقِ، وَ یعْتَقِدُ نَدْبِیهَ السَّلَامِ عَلَینَا، و وجوب الصِّیغَهِ الْأُخْرَی، و ما جَعَلَهُ احْتِیاطًا قَدْ أَبْطَلَهُ فِی الرِّسَالَهِ الْأَلْفِیهِ فَقَالَ فِیهَا: إنَّ مِنْ الْوَاجِبِ جَعْلَ الْمَخْرَجِ مَا یقَدِّمُهُ مِنْ إحْدَی

الْعِبَارَتَینِ فَلَوْ جَعَلَهُ الثَّانِیهَ لَمْ تَجُزْ.

وَ بَعْدَ ذَلِک کلِّهِ فَالْأَقْوَی الِاجْتِزَاءُ فِی الْخُرُوجِ بِکلِّ وَاحِدَهٍ مِنْهُمَا، وَ الْمَشْهُورُ فِی الْأَخْبَارِ تَقْدِیمُ " السَّلَامُ عَلَینَا و علی عِبَادِ اللَّهِ " مَعَ التَّسْلِیمِ الْمُسْتَحَبِّ إلَّا أَنَّهُ لَیسَ احْتِیاطًا کمَا ذَکرَهُ فِی الذِّکرَی لِمَا قَدْ عَرَفْت مِنْ حُکمِهِ بِخِلَافِهِ فَضْلًا عَنْ غَیرِهِ (وَیسْتَحَبُّ فِیهِ التَّوَرُّک) کمَا مَرَّ (وَإِیمَاءُ الْمُنْفَرِدِ) بِالتَّسْلِیمِ (إلَی الْقِبْلَهِ ثُمَّ یومِئُ بِمُؤَخِّرِ عَینِهِ عَنْ یمِینِهِ).

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ نَقِفْ عَلَی مُسْتَنَدِهِ، و إنّما النَّصُّ وَ الْفَتْوَی عَلَی کوْنِهِ إلَی الْقِبْلَهِ به غیر إیمَاءٍ، و فی الذِّکرَی ادَّعَی الْإِجْمَاعَ عَلَی نَفْی الْإِیمَاءِ إلَی الْقِبْلَهِ بِالصِّیغَتَینِ و قد أَثْبَتَهُ هُنَا و فی الرِّسَالَهِ الْأَلْفِیهِ.

وَ أَمَّا الثَّانِی فَذَکرَهُ الشَّیخُ وَ تَبِعَهُ عَلَیهِ الْجَمَاعَهُ وَ اسْتَدَلُّوا عَلَیهِ بِمَا لَا یفِیدُهُ (وَالْإِمَامُ) یومِئُ (بِصَفْحَهِ وَجْهِهِ یمِینًا) بِمَعْنَی أَنَّهُ یبْتَدِئُ بِهِ إلَی الْقِبْلَهِ ثُمَّ یشِیرُ بِبَاقِیهِ إلَی الْیمِینِ بِوَجْهِهِ (وَالْمَأْمُومُ کذَلِک) أَی یومِئُ إلَی یمِینِهِ بِصَفْحَهِ وَجْهِهِ کالْإِمَامِ مُقْتَصِرًا عَلَی تَسْلِیمَهٍ وَاحِدَهٍ إنْ لَمْ یکنْ عَلَی یسَارِهِ أَحَدٌ، (وَإِنْ کانَ عَلَی یسَارِهِ أَحَدٌ سَلَّمَ أُخْرَی) بِصِیغَهِ السَّلَامُ عَلَیکمْ (مُومِیا) بِوَجْهِهِ (إلَی یسَارِهِ) أَیضًا.

وَ جَعَلَ ابْنُ بَابَوَیهِ الْحَائِطَ کافِیا فِی اسْتِحْبَابِ التَّسْلِیمَتَینِ لِلْمَأْمُومِ، وَ الْکلَامُ فِیهِ و فی الإِیمَاءِ بِالصَّفْحَهِ کالْإِیمَاءِ بِمُؤَخِّرِ الْعَینِ مِنْ عَدَمِ الدَّلَالَهِ عَلَیهِ ظَاهِرًا، لَکنَّهُ مَشْهُورٌ بَینَ الْأَصْحَابِ لَا رَادَّ لَهُ.

(وَلْیقْصُدْ الْمُصَلِّی) بِصِیغَهِ الْخِطَابِ فِی تَسْلِیمِهِ (الْأَنْبِیاءَ وَ الْمَلَائِکهَ وَ الْأَئِمَّهَ عَلَیهِمْ السَّلَامُ وَ الْمُسْلِمِینَ مِنْ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ) بِأَنْ یحْضِرَهُمْ بِبَالِهِ، وَ یخَاطِبَهُمْ بِهِ، وَ إِلَّا کانَ تَسْلِیمُهُ بِصِیغَهِ الْخِطَابِ لَغْوًا و أن کانَ مُخْرِجًا عَنْ الْعُهْدَهِ.

(وَیقْصِدُ الْمَأْمُومُ بِهِ) مَعَ مَا ذُکرَ (الرَّدَّ عَلَی الْإِمَامِ) لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِیمَنْ حَیاهُ، بَلْ یسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَصْدَ الْمَأْمُومِینَ بِهِ عَلَی الْخُصُوصِ، مُضَافًا

إلَی غَیرِهِمْ، و لو کانَتْ وَظِیفَهُ الْمَأْمُومِ التَّسْلِیمَ مَرَّتَینِ فَلْیقْصِدْ بِالْأُولَی الرَّدَّ عَلَی الْإِمَامِ، وَ بِالثَّانِیهِ مَقْصِدَهُ.

(وَیسْتَحَبُّ السَّلَامُ الْمَشْهُورُ) قَبْلَ الْوَاجِبِ و هو السَّلَامُ عَلَیک أَیهَا النَّبِی وَ رَحْمَهُ اللَّهِ وَ بَرَکاتُهُ السَّلَامُ عَلَی أَنْبِیاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ السَّلَامُ عَلَی جَبْرَائِیلَ وَ مِیکائِیلَ وَ الْمَلَائِکهِ الْمُقَرَّبِینَ، السَّلَامُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِیینَ لَا نَبِی بَعْدَهُ.

الفصل الرابع: فی باقی مستحباتها

الفصل الرابع: فی باقی مستحباتها

(الْفَصْلُ الرَّابِعُ - فِی بَاقِی مُسْتَحَبَّاتِهَا) قَدْ ذَکرَ فِی تَضَاعِیفِهَا وَ قَبْلَهَا جُمْلَهً مِنْهَا، وَ بَقِی جُمْلَهٌ أُخْرَی (وَهِی تَرْتِیلُ التَّکبِیرِ) بِتَبْیینِ حُرُوفِهِ، وَ إِظْهَارِهَا إظْهَارًا شَافِیا (وَرَفْعُ الْیدَینِ بِهِ) إلَی حِذَاءِ شَحْمَتَی أُذُنَیهِ (کمَا مَرَّ) فِی تَکبِیرِ الرُّکوعِ وَ لَقَدْ کانَ بَیانُهُ فِی تَکبِیرِ الْإِحْرَامِ أَوْلَی مِنْهُ فِیهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُهَا وَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ فِیهِ زِیادَهٌ.

(مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَهِ بِبُطُونِ الْیدَینِ) حَالَهَ الرَّفْعِ، (مَجْمُوعَهَ الْأَصَابِعِ مَبْسُوطَهَ الْإِبْهَامَینِ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ، وَ قِیلَ: یضُمُّهُمَا إلَیهَا مُبْتَدِئًا بِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّفْعِ، وَ بِالْوَضْعِ عِنْدَ انْتِهَائِهِ عَلَی أَصَحِّ الْأَقْوَالِ.

(وَالتَّوَجُّهُ بِسِتِّ تَکبِیرَاتٍ) أَوَّلَ الصَّلَاهِ قَبْلَ تَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ و هو الْأَفْضَلُ، أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ بِالتَّفْرِیقِ فِی کلِّ صَلَاهِ فَرْضٍ وَ نَفْلٍ عَلَی الْأَقْوَی، سِرًّا مُطْلَقًا (یکبِّرُ ثَلَاثًا) مِنْهَا (وَیدْعُو) بِقَوْلِهِ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِک الْحَقُّ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ " إلَی آخِرِهِ، (وَاثْنَتَینِ وَ یدْعُو) بِقَوْلِهِ " لَبَّیک وَ سَعْدَیک " إلَی آخِرِهِ، (وَوَاحِدَهٍ وَ یدْعُو) بِقَوْلِهِ: " یا مُحْسِنُ قَدْ أَتَاک الْمُسِیءُ، إلَی آخِرِهِ.

وَ رُوِی أَنَّهُ یجْعَلَ هَذَا الدُّعَاءَ قَبْلَ التَّکبِیرَاتِ، وَ لَا یدْعُو بَعْدَ السَّادِسَهِ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، مَعَ نَقْلِهِ مَا هُنَا وَ الدُّرُوسِ وَ النَّفْلِیهِ، و فی البَیانِ کمَا هُنَا، وَ الْکلُّ حَسَنٌ.

وَ رُوِی جَعْلُهَا وَلَاءً مِنْ غَیرِ دُعَاءٍ بَینَهَا، وَ الِاقْتِصَارُ عَلَی خَمْسٍ، وَ ثَلَاثٍ

(وَیتَوَجَّهُ) أَی یدْعُو بِدُعَاءِ التَّوَجُّهِ وَ هُوَ: " وَجَّهْت وَجْهِی لِلَّذِی فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ " إلَی آخِرِهِ (بَعْدَ التَّحْرِیمَهِ) حَیثُ مَا فَعَلَهَا.

(وَتَرَبَّعَ الْمُصَلِّی قَاعِدًا) لِعَجْزٍ، أَوْ لِکوْنِهَا نَافِلَهً بِأَنْ یجْلِسَ عَلَی أَلْییهِ وَ ینْصِبَ سَاقَیهِ وَ وَرِکیهِ، کمَا تَجْلِسُ الْمَرْأَهُ مُتَشَهِّدَهً (حَالَ قِرَاءَتِهِ، وَ یثْنِی رِجْلَیهِ حَالَ رُکوعِهِ جَالِسًا) بِأَنْ یمُدَّهُمَا، وَ یخْرِجَهُمَا مِنْ وَرَائِهِ، رَافِعًا أَلْییهِ عَنْ عَقِبَیهِ، مُجَافِیا فَخْذَیهِ عَنْ طَیهِ رُکبَتَیهِ، مُنْحَنِیا قَدْرَ مَا یحَاذِی وَجْهُهُ مَا قُدَّامَ رُکبَتَیهِ، (وَتَوَرُّکهُ حَالَ تَشَهُّدِهِ) بِأَنْ یجْلِسَ عَلَی وَرِکهِ الْأَیسَرِ کمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ مُشْتَرَک بَین الْمُصَلِّی قَائِمًا وَ جَالِسًا، (وَالنَّظَرُ قَائِمًا إلَی مَسْجِدِهِ) به غیر تَحْدِیقٍ، بَلْ خَاشِعًا بِهِ، (وَرَاکعًا إلَی مَا بَینَ رِجْلَیهِ وَ سَاجِدًا إلَی) طَرَفِ (أَنْفِهِ، وَ مُتَشَهِّدًا إلَی حِجْرِهِ)، کلُّ ذَلِک مَرْوِی إلَّا الْأَخِیرَ فَذَکرَهُ الْأَصْحَابُ و لم نَقِفْ عَلَی مُسْتَنِدِهِ نَعَمْ هُوَ مَانِعٌ مِنْ النَّظَرِ إلَی مَا یشْغَلُ الْقَلْبَ فَفِیهِ مُنَاسَبَهٌ کغَیرِهِ.

(وَوَضْعُ الْیدَینِ قَائِمًا عَلَی فَخْذَیهِ بِحِذَاءِ رُکبَتَیهِ، مَضْمُومَهَ الْأَصَابِعِ) وَ مِنْهَا الْإِبْهَامُ، (وَرَاکعًا عَلَی عَینَی رُکبَتَیهِ الْأَصَابِعَ وَ الْإِبْهَامَ مَبْسُوطَهً) هُنَا (جُمَعَ) تَأْکیدٌ لِبَسْطِ الْإِبْهَامِ وَ الْأَصَابِعِ و هی مُؤَنَّثَهٌ سَمَاعِیهٌ فَلِذَلِک أَکدَهَا بِمَا یؤَکدُ بِهِ جَمْعُ الْمُؤَنَّثِ.

وَ ذَکرَ الْإِبْهَامَ لِرَفْعِ الْإِیهَامِ، و هو تَخْصِیصٌ بَعْدَ التَّعْمِیمِ لِأَنَّهَا إحْدَی الْأَصَابِعِ، (وَسَاجِدًا بِحِذَاءِ أُذُنَیهِ، وَ مُتَشَهِّدًا وَ جَالِسًا) لِغَیرِهِ (عَلَی فَخِذَیهِ کهَیئَهِ الْقِیامِ) فِی کوْنِهَا مَضْمُومَهَ الْأَصَابِعِ بِحِذَاءِ الرُّکبَتَینِ (وَیسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ) اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا، بَلْ قِیلَ بِوُجُوبِهِ (عَقِیبَ قِرَاءَهِ الثَّانِیهِ) فِی الْیوْمِیهِ مُطْلَقًا، وَ فِی غَیرِهَا عَدَا الْجُمُعَهِ فَفِیهَا قَنُوتَانِ أَحَدُهُمَا فِی الْأُولَی قَبْلَ الرُّکوعِ، وَ الْآخَرُ فِی الثَّانِیهِ بَعْدَهُ، وَ الْوَتْرُ فَفِیهَا قُنُوتَانِ قَبْلَ الرُّکوعِ وَ بَعْدَهُ، وَ قِیلَ یجُوزُ فِعْلُ الْقُنُوتِ مُطْلَقًا قَبْلَ الرُّکوعِ وَ بَعْدَهُ، و هو

حَسَنٌ لِلْخَبَرِ، وَ حَمْلُهُ عَلَی التَّقِیهِ ضَعِیفٌ لِأَنَّ الْعَامَّهَ لَا یقُولُونَ بِالتَّخْییرِ، وَلِیکنْ الْقُنُوتُ (بِالْمَرْسُومِ) عَلَی الْأَفْضَلِ، وَ یجُوزُ بِغَیرِهِ (وَأَفْضَلُهُ کلِمَاتُ الْفَرَجِ) وَ بَعْدَهَا " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ عَافِنَا وَ اعْفُ عَنَّا فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ إنَّک عَلَی کلِّ شَیءٍ قَدِیرٌ "، (وَأَقَلُّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا).

وَ یسْتَحَبُّ رَفْعُ الْیدَینِ بِهِ مُوَازِیا لِوَجْهِهِ، بُطُونُهُمَا إلَی السَّمَاءِ، مَضْمُومَتَی الْأَصَابِعِ إلَّا الْإِبْهَامَینِ، وَ الْجَهْرُ بِهِ لِلْإِمَامِ وَ الْمُنْفَرِدِ، وَ السِّرُّ لِلْمَأْمُومِ، وَ یفْعَلُهُ النَّاسِی قَبْلَ الرُّکوعِ بَعْدَهُ، و أن قُلْنَا بِتَعَینِهِ قَبْلَهُ اخْتِیارًا فَإِنْ لَمْ یذْکرْهُ حَتَّی تَجَاوَزَ قَضَاهُ بَعْدَ الصَّلَاهِ جَالِسًا، ثُمَّ فِی الطَّرِیقِ مُسْتَقْبِلًا (وَیتَابِعُ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِیهِ) و أن کانَ مَسْبُوقًا.

(وَلِیدْعُ فِیهِ وَ فِی أَحْوَالِ الصَّلَاهِ لِدِینِهِ وَ دُنْیاهُ مِنْ الْمُبَاحِ)، وَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ الْجَائِزِ و هو غَیرُ الْحَرَامِ. (وَتَبْطُلُ) الصَّلَاهُ (لَوْ سَأَلَ الْمُحَرَّمَ) مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِیمِهِ، و أن جَهِلَ الْحُکمَ الْوَضْعِی و هو الْبُطْلَانُ.

أَمَّا جَاهِلُ تَحْرِیمِهِ فَفِی عُذْرِهِ وَجْهَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، صَرَّحَ بِهِ فِی الذِّکرَی و هو ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ هُنَا. (وَالتَّعْقِیبُ) و هو الِاشْتِغَالُ عَقِیبَ الصَّلَاهِ بِدُعَاءٍ، أَوْ ذِکرٍ و هو غَیرُ مُنْحَصِرٍ، لِکثْرَهِ مَا وَرَدَ مِنْهُ عَنْ أَهْلِ الْبَیتِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ (وَأَفْضَلُهُ التَّکبِیرُ ثَلَاثًا)، رَافِعًا بِهَا یدَیهِ إلَی حِذَاءِ أُذُنَیهِ، وَاضِعًا لَهُمَا عَلَی رُکبَتَیهِ أَوْ قَرِیبًا مِنْهُمَا مُسْتَقْبِلًا بِبَاطِنِهِمَا الْقِبْلَهَ، (ثُمَّ التَّهْلِیلُ بِالْمَرْسُومِ) و هو " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَهًا وَاحِدًا وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " إلَخْ.

(ثُمَّ تَسْبِیحُ الزَّهْرَاءِ عَلَیهَا السَّلَامُ) وَ تَعْقِیبُهَا بِثُمَّ مِنْ حَیثُ الرُّتْبَهُ لَا الْفَضِیلَهُ وَ إِلَّا فَهِی أَفْضَلُهُ مُطْلَقًا، بَلْ رُوِی أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَکعَهٍ لَا تَسْبِیحَ عَقِبَهَا (وَکیفِیتُهَا أَنْ یکبِّرَ أَرْبَعًا وَ ثَلَاثِینَ) مَرَّهً (وَیحْمَدَ ثَلَاثًا وَ

ثَلَاثِینَ وَ یسَبِّحَ ثَلَاثًا وَ ثَلَاثِینَ ثُمَّ الدُّعَاءُ) بَعْدَهَا بِالْمَنْقُولِ، (ثُمَّ بِمَا سَنَحَ، ثُمَّ سَجْدَتَا الشُّکرِ، وَ یعَفِّرُ بَینَهُمَا) جَبِینَیهِ وَ خَدَّیهِ الْأَیمَنِ مِنْهُمَا ثُمَّ الْأَیسَرِ مُفْتَرِشًا ذِرَاعَیهِ وَ صَدْرَهُ وَ بَطْنَهُ، وَاضِعًا جَبْهَتَهُ مَکانَهَا حَالَ الصَّلَاهِ قَائِلًا فِیهِمَا " الْحَمْدُ لِلَّهِ شُکرًا شُکرًا " مِائَهَ مَرَّهٍ، وَ فِی کلِّ عَاشِرَهٍ شُکرًا لِلْمُجِیبِ، وَ دُونَهُ شُکرًا مِائَهً، وَ أَقَلَّهُ شُکرًا ثَلَاثًا (وَیدْعُو) فِیهِمَا وَ بَعْدَهُمَا (بِالْمَرْسُومِ).

الفصل الخامس: فی المتروک

الفصل الخامس: فی المتروک

التروک

(الْفَصْلُ الْخَامِسُ - فِی الْمَتْرُوک) یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِهَا مَا یجِبُ تَرْکهُ، فَیکونُ الِالْتِفَاتُ إلَی آخِرِ الْفَصْلِ مَذْکورًا بِالتَّبَعِ، و أن یرِیدَ بِهَا مَا یطْلَبُ تَرْکهُ أَعَمَّ مِنْ کوْنِ الطَّلَبِ مَانِعًا مِنْ النَّقِیضِ (وَهِی مَا سَلَفَ) فِی الشَّرْطِ السَّادِسِ، (وَالتَّأْمِینُ) فِی جَمِیعِ أَحْوَالِ الصَّلَاهِ، و أن کانَ عَقِیبَ الْحَمْدِ، أَوْ دُعَاءً (إلَّا لِتَقِیهٍ) فَیجُوزُ حِینَئِذٍ، بَلْ قَدْ یجِبُ، (وَتَبْطُلُ الصَّلَاهُ بِفِعْلِهِ لِغَیرِهَا) لِلنَّهْی عَنْهُ فِی الْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِی لِلْفَسَادِ فِی الْعِبَادَهِ، وَ لَا تَبْطُلُ بِقَوْلِهِ " اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ " و أن کانَ بِمَعْنَاهُ، وَ بَالَغَ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ کمَا ضَعُفَ قَوْلُ مَنْ کرِهَ التَّأْمِینَ بِنَاءً عَلَی أَنَّهُ دُعَاءٌ بِاسْتِجَابَهِ مَا یدْعُو بِهِ، و أنّ الْفَاتِحَهَ تَشْتَمِلُ عَلَی الدُّعَاءِ لَا لِأَنَّ قَصْدَ الدُّعَاءِ بِهَا یوجِبُ اسْتِعْمَالَ الْمُشْتَرَک فِی مَعْنَییهِ عَلَی تَقْدِیرِ قَصْدِ الدُّعَاءِ بِالْقُرْآنِ، وَ عَدَمِ فَائِدَهِ التَّأْمِینِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ، وَ انْتِفَاءُ الْقُرْآنِ مَعَ انْتِفَاءِ الثَّانِی.

لِأَنَّ قَصْدَ الدُّعَاءِ بِالْمُنَزَّلِ مِنْهُ قُرْآنًا لَا ینَافِیه، وَ لَا یوجِبُ الِاشْتِرَاک لِاتِّحَادِ الْمَعْنَی، وَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَی طَلَبِ الِاسْتِجَابَهِ لِمَا یدْعُو بِهِ أَعَمُّ مِنْ الْحَاضِرِ و إنّما الْوَجْهُ النَّهْی، وَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْکهِ فِی مَوْضِعِ التَّقِیهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهَا.

وَ الْإِبْطَالُ فِی الْفِعْلِ مَعَ کوْنِهِ کذَلِک لِاشْتِمَالِهِ عَلَی الْکلَامِ الْمَنْهِی عَنْهُ.

ترک الواجب عمدا

(وَکذَا

تَرْک الْوَاجِبِ عَمْدًا) رُکنًا کانَ أَمْ غَیرَهُ، وَ فِی إطْلَاقِ التَّرْک عَلَی تَرْک التَّرْک - الَّذِی هُوَ فِعْلُ الضِّدِّ و هو الْوَاجِبُ نَوْعٌ - مِنْ التَّجَوُّزِ (أَوْ) تَرَک (أَحَدِ الْأَرْکانِ الْخَمْسَهِ و لو سَهْوًا، و هی النِّیهُ وَ الْقِیامُ وَ التَّحْرِیمَهُ وَ الرُّکوعُ وَ السَّجْدَتَانِ مَعًا)، أَمَّا إحْدَاهُمَا فَلَیسَتْ رُکنًا عَلَی الْمَشْهُورِ، مَعَ أَنَّ الرُّکنَ بِهِمَا یکونُ مُرَکبًا، و هو یسْتَدْعِی فَوَاتَهُ بِفَوَاتِهَا.

وَ اعْتِذَارُ الْمُصَنِّفِ فِی الذِّکرَی بِأَنَّ الرُّکنَ مُسَمًّی السُّجُودِ وَ لَا یتَحَقَّقُ الْإِخْلَالُ بِهِ إلَّا بِتَرْکهِمَا مَعًا خُرُوجٌ عَنْ الْمُتَنَازَعِ فِیهِ لِمُوَافَقَتِهِ عَلَی کوْنِهِمَا مَعًا هُوَ الرُّکنُ و هو یسْتَلْزِمُ الْفَوَاتَ بِإِحْدَاهُمَا، فَکیفَ یدَّعِی أَنَّهُ مُسَمَّاهُ، وَ مَعَ ذَلِک یسْتَلْزِمُ بُطْلَانَهَا بِزِیادَهٍ وَاحِدَهٍ لِتَحَقُّقِ الْمُسَمَّی، وَ لَا قَائِلَ بِهِ، وَ بِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمَاهِیهِ هُنَا غَیرُ مُؤَثِّرٍ مُطْلَقًا، وَ إِلَّا لَکانَ الْإِخْلَالُ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مُبْطِلًا بَلْ الْمُؤَثِّرُ انْتِفَاؤُهَا رَأْسًا، فِیهِ مَا مَرَّ.

وَ الْفَرْقُ بَینَ الْأَعْضَاءِ غَیرِ الْجَبْهَهِ وَ بَینَهَا بِأَنَّهَا وَاجِبَاتٌ خَارِجَهٌ عَنْ حَقِیقَتِهِ کالذِّکرِ وَ الطُّمَأْنِینَهِ دُونَهَا.

وَ لَمْ یذْکرْ الْمُصَنِّفُ حُکمَ زِیادَهِ الرُّکنِ مَعَ کوْنِ الْمَشْهُورِ أَنَّ زِیادَتَهُ عَلَی حَدِّ نَقِیصَتِهِ، تَنْبِیهًا عَلَی فَسَادِ الْکلِّیهِ فِی طَرَفِ الزِّیادَهِ، لِتَخَلُّفِهِ فِی مَوَاضِعَ کثِیرَهٍ لَا تَبْطُلُ بِزِیادَتِهِ سَهْوًا، کالنِّیهِ فَإِنَّ زِیادَتَهَا مُؤَکدَهٌ لِنِیابَهِ الِاسْتِدَامَهِ الْحُکمِیهِ عَنْهَا تَخْفِیفًا فَإِذَا حَصَلَتْ کانَ أَوْلَی، و هی مَعَ التَّکبِیرِ فِیمَا لَوْ تَبَینَ لِلْمُحْتَاطِ الْحَاجَهُ إلَیهِ أَوْ سَلَّمَ عَلَی نَقْصٍ، وَ شَرَعَ فِی صَلَاهٍ أُخْرَی قَبْلَ فِعْلِ الْمُنَافِی مُطْلَقًا.

وَ الْقِیامُ إنْ جَعَلْنَاهُ مُطْلَقًا رُکنًا کمَا أَطْلَقَهُ، وَ الرُّکوعِ فِیمَا لَوْ سَبَقَ بِهِ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ إلَی الْمُتَابَعَهِ، وَ السُّجُودِ فِیمَا لَوْ زَادَ وَاحِدَهً إنْ جَعَلْنَا الرُّکنَ مُسَمَّاهُ، وَ زِیادَهِ جُمْلَهِ الْأَرْکانِ غَیرِ النِّیهِ، وَ التَّحْرِیمَهِ فِیمَا

إذَا زَادَ رَکعَهً آخِرَ الصَّلَاهِ و قد جَلَسَ بِقَدْرٍ وَاجِبِ التَّشَهُّدِ، أَوْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ نَاسِیا إلَی أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْحُکمَ بِرُکنِیهِ النِّیهِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِیهَا، و أن کانَ التَّحْقِیقُ یقْتَضِی کوْنَهَا بِالشَّرْطِ أَشْبَهَ.

وَ أَمَّا الْقِیامُ فَهُوَ رُکنٌ فِی الْجُمْلَهِ إجْمَاعًا عَلَی مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَهُ، وَ لَوْلَاهُ لَأَمْکنَ الْقَدْحُ فِی رُکنِیتِهِ، لِأَنَّ زِیادَتَهُ وَ نُقْصَانَهُ لَا یبْطِلَانِ إلَّا مَعَ اقْتِرَانِهِ بِالرُّکوعِ، وَ مَعَهُ یسْتَغْنَی عَنْ الْقِیامِ، لِأَنَّ الرُّکوعَ کافٍ فِی الْبُطْلَانِ.

وَ حِینَئِذٍ فَالرُّکنَ مِنْهُ، إمَّا مَا اتَّصَلَ بِالرُّکوعِ و یکون إسْنَادُ الْإِبْطَالِ إلَیهِ بِسَبَبِ کوْنِهِ أَحَدَ الْمُعَرِّفَینِ لَهُ، أَوْ یجْعَلُ رُکنًا کیفَ اتَّفَقَ، وَ فِی مَوْضِعٍ لَا تَبْطُلُ بِزِیادَتِهِ وَ نُقْصَانِهِ یکونُ مُسْتَثْنًی کغَیرِهِ، و علی الْأَوَّلِ لَیسَ مَجْمُوعُ الْقِیامِ الْمُتَّصِلِ بِالرُّکوعِ رُکنًا، بَلْ الْأَمْرُ الْکلِّی مِنْهُ، و من ثَمَّ لَوْ نَسِی الْقِرَاءَهَ، أَوْ أَبْعَاضَهَا لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاهُ، أَوْ یجْعَلُ الرُّکنُ مِنْهُ مَا اشْتَمَلَ عَلَی رُکنٍ کالتَّحْرِیمَهِ، وَ یجْعَلُ مِنْ قَبِیلِ الْمُعَرِّفَاتِ السَّابِقَهِ.

وَ أَمَّا التَّحْرِیمَهُ فَهِی التَّکبِیرُ الْمَنْوِی بِهِ الدُّخُولَ فِی الصَّلَاهِ، فَمَرْجِعُ رُکنِیتِهَا إلَی الْقَصْدِ لِأَنَّهَا ذِکرٌ لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِهِ.

وَ أَمَّا الرُّکوعُ فَلَا إشْکالَ فِی رُکنِیتِهِ، وَ یتَحَقَّقُ بِالِانْحِنَاءِ إلَی حَدِّهِ، و ما زَادَ عَلَیهِ مِنْ الطُّمَأْنِینَهِ، وَ الذِّکرِ، وَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَاجِبَاتٌ زَائِدَهٌ عَلَیهِ، وَ یتَفَرَّعُ عَلَیهِ بُطْلَانُهَا بِزِیادَتِهِ کذَلِک و أن لَمْ یصْحَبْهُ غَیرُهُ و فیه بَحْثٌ و أمّا السُّجُودُ، فَفِی تَحَقُّقِ رُکنِیتِهِ مَا عَرَفْته.

الحدث المبطل للطهاره من جمله التروک

(وَکذَا الْحَدَثُ) الْمُبْطِلُ لِلطَّهَارَهِ مِنْ جُمْلَهِ التُّرُوک الَّتِی یجِبُ اجْتِنَابُهَا، وَ لَا فَرْقَ فِی بُطْلَانِ الصَّلَاهِ بِهِ بَینَ وُقُوعِهِ عَمْدًا وَ سَهْوًا عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ.

یحرم قطع الصلاه

(وَیحْرُمُ قَطْعُهَا) أَی قَطْعُ الصَّلَاهِ الْوَاجِبَهِ (اخْتِیارًا) لِلنَّهْی عَنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ الْمُقْتَضِی لَهُ إلَّا مَا

أَخْرَجَهُ الدَّلِیلُ.

وَ احْتُرِزَ بِالِاخْتِیارِ عَنْ قَطْعِهَا لِضَرُورَهٍ کقَبْضِ غَرِیمٍ، وَ حِفْظِ نَفْسٍ مُحْتَرَمَهٍ مِنْ تَلَفٍ، أَوْ ضَرَرٍ، وَ قَتْلِ حَیهٍ یخَافُهَا عَلَی نَفْسٍ مُحْتَرَمَهٍ، وَ إِحْرَازِ مَالٍ یخَافُ ضَیاعَهُ، أَوْ لِحَدَثٍ یخَافُ ضَرَرَ إمْسَاکهِ و لو بِسَرَیانِ النَّجَاسَهِ إلَی ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، فَیجُوزُ الْقَطْعُ فِی جَمِیعِ ذَلِک.

وَ قَدْ یجِبُ لِکثِیرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَ یبَاحُ لِبَعْضِهَا کحِفْظِ الْمَالِ الْیسِیرِ الَّذِی یضُرُّ فَوْتُهُ وَ قَتْلِ الْحَیهِ الَّتِی لَا یخَافُ أَذَاهَا.

وَ یکرَهُ لِإِحْرَازِ یسِیرِ الْمَالِ الَّذِی لَا یبَالِی بِفَوَاتِهِ، و قد یسْتَحَبُّ لِاسْتِدْرَاک الْأَذَانِ الْمَنْسِی، وَ قِرَاءَهِ الْجُمُعَتَینِ فِی ظُهْرَیهَا وَ نَحْوِهِمَا فَهُوَ ینْقَسِمُ بِانْقِسَامِ الْأَحْکامِ الْخَمْسَهِ.

قتل الحیه و العقرب فی اثناء الصلاه

(وَیجُوزُ قَتْلُ الْحَیهِ) وَ الْعَقْرَبِ فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ مِنْ غَیرِ إبْطَالٍ إذَا لَمْ یسْتَلْزِمْ فِعْلًا کثِیرًا لِلْإِذْنِ فِیهِ نَصًّا، (وَعَدُّ الرَّکعَاتِ بِالْحَصَی) وَ شِبْهِهَا خُصُوصًا لِکثِیرِ السَّهْوِ (وَالتَّبَسُّمِ) و هو مَا لَا صَوْتَ فِیهِ مِنْ الضَّحِک عَلَی کرَاهِیهٍ.

یکره الاتفات یمینا و شمالا فی الصلاه

(وَیکرَهُ الِالْتِفَاتُ یمِینًا وَ شِمَالًا) بِالْبَصَرِ أَوْ الْوَجْهِ، فَفِی الْخَبَرِ أَنَّهُ { لَا صَلَاهَ لِمُلْتَفِتٍ }، وَ حُمِلَ عَلَی نَفْی الْکمَالِ جَمْعًا وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم { أَمَا یخَافُ الَّذِی یحَوِّلُ وَجْهَهُ فِی الصَّلَاهِ أَنْ یحَوِّلَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَجْهَ حِمَارٍ }.

وَ الْمُرَادُ تَحْوِیلُ وَجْهِ قَلْبِهِ کوَجْهِ قَلْبِ الْحِمَارِ فِی عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَی الْأُمُورِ الْعُلْوِیهِ، وَ عَدَمِ إکرَامِهِ بِالْکمَالَاتِ الْعَلِیهِ (وَالتَّثَاؤُبُ) بِالْهَمْزِ، یقَالُ تَثَاءَبْتُ وَ لَا یقَالُ تَثَاوَبْتُ قَالَهُ الْجَوْهَرِی (وَالتَّمَطِّی) و هو مَدُّ الْیدَینِ، فَعَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ أَنَّهُمَا مِنْ الشَّیطَانِ (وَالْعَبَثُ) بِشَیءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ الْمَأْمُورَ بِهِ، و قد { رَأَی النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم رَجُلًا یعْبَثُ فِی

الصَّلَاهِ فَقَالَ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ }، (وَالتَّنَخُّمُ) و مثله الْبُصَاقُ وَ خُصُوصًا إلَی الْقِبْلَهِ، وَ الْیمِینِ، و بین یدَیهِ، (وَالْفَرْقَعَهُ) بِالْأَصَابِعِ، (وَالتَّأَوُّهُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ)، وَ أَصْلُهُ قَوْلُ " أَوَّهْ " عِنْدَ الشِّکایهِ وَ التَّوَجُّعِ.

وَ الْمُرَادُ هُنَا النُّطْقُ بِهِ عَلَی وَجْهٍ لَا یظْهَرُ مِنْهُ حَرْفَانِ، (وَالْأَنِینُ بِهِ) أَی بِالْحَرْفِ الْوَاحِدِ، و هو مِثْلُ التَّأَوُّهِ، و قد یخَصُّ الْأَنِینُ بِالْمَرِیضِ، (وَمُدَافَعَهُ الْأَخْبَثَینِ) الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ (وَ الرِّیحِ)، لِمَا فِیهِ مِنْ سَلْبِ الْخُشُوعِ وَ الْإِقْبَالِ بِالْقَلْبِ الَّذِی هُوَ رُوحُ الْعِبَادَهِ، وَ کذَا مُدَافَعَهُ النَّوْمِ، و إنّما یکرَهُ إذَا وَقَعَ ذَلِک قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا مَعَ سَعَهِ الْوَقْتِ، وَ إِلَّا حَرُمَ الْقَطْعُ إلَّا أَنْ یخَافَ ضَرَرًا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ: وَ لَا یجْبُرُهُ فَضِیلَهُ الِائْتِمَامِ، أَوْ شَرَفُ الْبُقْعَهِ، وَ فِی نَفْی الْکرَاهَهِ بِاحْتِیاجِهِ إلَی التَّیمُّمِ نَظَرٌ.

المراءه کالرجل الا ما استثنی

(تَتِمَّهٌ) - الْمَرْأَهُ کالرَّجُلِ فِی جَمِیعِ مَا سَلَفَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِی، وَ تَخْتَصُّ عَنْهُ أَنَّهُ (یسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَهِ) حُرَّهً کانَتْ أَمْ أَمَهً (أَنْ تَجْمَعَ بَینَ قَدَمَیهَا فِی الْقِیامِ، وَ الرَّجُلُ یفَرِّقُ بَینَهُمَا بِشِبْرٍ إلَی فِتْرٍ)، وَ دُونَهُ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُنْفَرِجَاتٍ، (وَتَضُمُّ ثَدْیهَا إلَی صَدْرِهَا) بِیدَیهَا (وَتَضَعُ یدَیهَا فَوْقَ رُکبَتَیهَا رَاکعَهً).

ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَنْحَنِی قَدْرَ انْحِنَاءِ الرَّجُلِ، وَ تُخَالِفُهُ فِی الْوَضْعِ، وَ ظَاهِرُ الرِّوَایهِ أَنَّهُ یجْزِیهَا مِنْ الِانْحِنَاءِ أَنْ تَبْلُغَ کفَّاهَا مَا فَوْقَ رُکبَتَیهَا، لِأَنَّهُ عَلَّلَهُ فِیهَا بِقَوْلِهِ: " لِئَلَّا تُطَأْطَأَ کثِیرًا فَتَرْتَفِعَ عَجِیزَتُهَا "، و ذلک لَا یخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ وَضْعِهِمَا، بَلْ بِاخْتِلَافِ الِانْحِنَاءِ، (وَتَجْلِسُ) حَالَ تَشَهُّدِهَا و غیرهِ (عَلَی أَلْییهَا) بِالْیاءَینِ مِنْ دُونِ تَاءٍ بَینَهُمَا عَلَی غَیرِ قِیاسٍ، تَثْنِیهُ أَلْیهٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَهِ فِیهِمَا، وَ التَّاءُ فِی الْوَاحِدَهِ.

(وَتَبْدَأُ بِالْقُعُودِ) عَلَی تِلْک الْحَالَهِ (قَبْلَ السُّجُودِ)، ثُمَّ تَسْجُدُ (فَإِذَا تَشَهَّدَتْ ضَمَّتْ فَخِذَیهَا، وَ

رَفَعَتْ رُکبَتَیهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَ إِذَا نَهَضَتْ انْسَلَّتْ) انْسِلَالًا مُعْتَمِدَهً عَلَی جَنْبَیهَا بِیدَیهَا، مِنْ غَیرِ أَنْ تَرْفَعَ عَجِیزَتَهَا وَ یتَخَیرُ الْخُنْثَی بَینَ هَیئَهِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَهِ.

الفصل السادس: فیَبقیه الصلوات (الواجبه و المندوبه)

الفصل السادس: فیَبقیه الصلوات (الواجبه و المندوبه)

صلاه الجمعه

صلاه الجمعه

(الْفَصْلُ السَّادِسُ) - فِی بَقِیهِ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَهِ، و ما یخْتَارُهُ مِنْ الْمَنْدُوبَهِ (فَمِنْهَا الْجُمُعَهُ، و هی رَکعَتَانِ کالصُّبْحِ عِوَضُ الظُّهْرِ) فَلَا یجْمَعُ بَینَهُمَا، فَحَیثُ تَقَعُ الْجُمُعَهُ صَحِیحَهً تُجْزِئُ عَنْهَا، وَ رُبَّمَا اُسْتُفِیدَ مِنْ حُکمِهِ بِکوْنِهَا عِوَضَهَا مَعَ عَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِوَقْتِهَا: أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الظُّهْرِ فَضِیلَهً وَ إِجْزَاءً، وَ بِهِ قَطَعَ فِی الدُّرُوسِ وَ الْبَیانِ، وَ ظَاهِرُ النُّصُوصِ یدُلُّ عَلَیهِ، وَ ذَهَبَ جَمَاعَهٌ إلَی امْتِدَادِ وَقْتِهَا إلَی الْمِثْلِ خَاصَّهً، وَ مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الْأَلْفِیهِ، وَ لَا شَاهِدَ لَهُ إلَّا أَنْ یقَالَ بِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلظُّهْرِ أَیضًا.

(وَیجِبُ فِیهَا تَقْدِیمُ الْخُطْبَتَینِ الْمُشْتَمِلَتَینِ عَلَی حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَی) بِصِیغَهِ " الْحَمْدِ لِلَّهِ " (وَالثَّنَاءِ عَلَیهِ) بِمَا سَنَحَ.

وَ فِی وُجُوبِ الثَّنَاءِ زِیادَهً عَلَی الْحَمْدِ نَظَرٌ، وَ عِبَارَهُ کثِیرٍ - وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی - خَالِیهٌ عَنْهُ.

نَعَمْ هُوَ مَوْجُودٌ فِی الْخُطَبِ الْمَنْقُولَهِ عَنْ النَّبِی وَ آلِهِ عَلَیهِ وَ عَلَیهِمْ السَّلَامُ، إلَّا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَی زِیادَهٍ عَلَی أَقَلِّ الْوَاجِبِ.

(وَالصَّلَاهِ عَلَی النَّبِی وَ آلِهِ) بِلَفْظِ الصَّلَاهِ أَیضًا، وَ یقْرِنُهَا بِمَا شَاءَ مِنْ النَّسَبِ (وَالْوَعْظِ) مِنْ الْوَصِیهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْحَثِّ عَلَی الطَّاعَهِ، وَ التَّحْذِیرِ مِنْ الْمَعْصِیهِ، وَ الِاغْتِرَارِ بِالدُّنْیا، و ما شَاکلَ ذَلِک.

وَ لَا یتَعَینُ لَهُ لَفْظٌ، وَ یجْزِی مُسَمَّاهُ فَیکفِی أَطِیعُوا اللَّهَ أَوْ اتَّقُوا اللَّهَ وَ نَحْوُهُ، وَ یحْتَمَلُ وُجُوبُ الْحَثِّ عَلَی الطَّاعَهِ، وَ الزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِیهِ لِلتَّأَسِّی (وَقِرَاءَهِ سُورَهٍ خَفِیفَهٍ) قَصِیرَهٍ، أَوْ آیهٍ تَامَّهِ الْفَائِدَهِ بِأَنْ تَجْمَعَ مَعْنًی مُسْتَقِلًّا یعْتَدُّ بِهِ مِنْ وَعْدٍ، أَوْ وَعِیدٍ، أَوْ حُکمٍ،

أَوْ قِصَّهٍ تَدْخُلُ فِی مُقْتَضَی الْحَالِ، فَلَا یجْزِی مِثْلُ { مُدْهَامَّتَانِ }، { وَ أُلْقِی السَّحَرَهُ سَاجِدِینَ } وَ یجِبُ: فِیهِمَا النِّیهُ وَ الْعَرَبِیهُ، وَ التَّرْتِیبُ بَینَ الْأَجْزَاءِ کمَا ذُکرَ، وَ الْمُوَالَاهُ وَ قِیامُ الْخَطِیبِ مَعَ الْقُدْرَهِ، وَ الْجُلُوسُ بَینَهُمَا، وَ إِسْمَاعُ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، وَ الطَّهَارَهُ مِنْ الْحَدَثِ، وَ الْخَبَثِ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ وَ السَّتْرُ، کلُّ ذَلِک لِلِاتِّبَاعِ، وَ إِصْغَاءُ مَنْ یمْکنُ سَمَاعُهُ مِنْ الْمَأْمُومِینَ، وَ تَرْک الْکلَامِ مُطْلَقًا.

(وَیسْتَحَبُّ بَلَاغَهُ الْخَطِیبِ) بِمَعْنَی جَمْعِهِ بَینَ الْفَصَاحَهِ الَّتِی هِی: مَلَکهٌ یقْتَدِرُ بِهَا عَلَی التَّعْبِیرِ عَنْ مَقْصُودِهِ بِلَفْظٍ فَصِیحٍ، أَی خَالٍ عَنْ ضَعْفِ التَّأْلِیفِ، وَ تَنَافُرِ الْکلِمَاتِ، وَ التَّعْقِیدِ، وَ عَنْ کوْنِهَا غَرِیبَهً وَحْشِیهً، و بین الْبَلَاغَهِ الَّتِی هِی: مَلَکهٌ یقْتَدِرُ بِهَا عَلَی التَّعْبِیرِ عَنْ الْکلَامِ الْفَصِیحِ، الْمُطَابِقِ لِمُقْتَضَی الْحَالِ بِحَسَبِ الزَّمَانِ، وَ الْمَکانِ، وَ السَّامِعِ، وَ الْحَالِ، (وَنَزَاهَتُهُ) عَنْ الرَّذَائِلِ الْخُلُقِیهِ، وَ الذُّنُوبِ الشَّرْعِیهِ بِحَیثُ یکونُ مُؤْتَمِرًا بِمَا یأْمُرُ بِهِ، مُنْزَجِرًا عَمَّا ینْهَی عَنْهُ، لِتَقَعَ مَوْعِظَتُهُ فِی الْقُلُوبِ، فَإِنَّ الْمَوْعِظَهَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْقَلْبِ دَخَلَتْ فِی الْقَلْبِ، وَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مُجَرَّدِ اللِّسَانِ لَمْ تَتَجَاوَزْ الْآذَانَ (وَمُحَافَظَتُهُ عَلَی أَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ) لِیکونَ أَوْفَقَ لِقَبُولِ مَوْعِظَتِهِ (وَالتَّعَمُّمُ) شِتَاءً وَصَیفًا لِلتَّأَسِّی مُضِیفًا إلَیهَا الْحَنَک، وَ الرِّدَاءَ، وَ لُبْسَ أَفْضَلِ الثِّیابِ، وَ التَّطَیبَ، (وَالِاعْتِمَادُ عَلَی شَیءٍ) حَالَ الْخُطْبَهِ مِنْ سَیفٍ، أَوْ قَوْسٍ، أَوْ عَصًا لِلِاتِّبَاعِ.

لا تنعقد الجمعه الا بالامام

(وَلَا تَنْعَقِدُ) الْجُمُعَهُ (إلَّا بِالْإِمَامِ) الْعَادِلِ عَلَیهِ السَّلَامُ، (أَوْ نَائِبِهِ) خُصُوصًا، أَوْ عُمُومًا (وَلَوْ کانَ) النَّائِبُ (فَقِیهًا) جَامِعًا لِشَرَائِطِ الْفَتْوَی (مَعَ إمْکانِ الِاجْتِمَاعِ فِی الْغَیبَهِ).

هَذَا قَیدٌ فِی الِاجْتِزَاءِ بِالْفَقِیهِ حَالَ الْغَیبَهِ لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ مِنْ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ عُمُومًا بِقَوْلِهِ: " اُنْظُرُوا إلَی رَجُلٍ قَدْ رَوَی حَدِیثَنَا " إلَی آخِرِهِ، و غیرهِ.

وَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ

مَعَ حُضُورِ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَهُ إلَّا بِهِ، أَوْ بِنَائِبِهِ الْخَاصِّ و هو الْمَنْصُوبُ لِلْجُمُعَهِ، أَوْ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا، وَ بِدُونِهِ تَسْقُطُ، و هو مَوْضِعُ وِفَاقٍ.

وَ أَمَّا فِی حَالِ الْغَیبَهِ - کهَذَا الزَّمَانِ - فَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِی وُجُوبِ الْجُمُعَهِ وَ تَحْرِیمِهَا: فَالْمُصَنِّفُ هُنَا أَوْجَبَهَا مَعَ کوْنِ الْإِمَامِ فَقِیهًا لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ و هو إذْنُ الْإِمَامِ الَّذِی هُوَ شَرْطٌ فِی الْجُمْلَهِ إجْمَاعًا، و بهذا الْقَوْلِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ أَیضًا، وَ رُبَّمَا قِیلَ بِوُجُوبِهَا حِینَئِذٍ و أن لَمْ یجْمَعْهَا فَقِیهٌ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّهِ وَ اشْتِرَاطُ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ، أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ إنْ سُلِّمَ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِحَالَهِ الْحُضُورِ، أَوْ بِإِمْکانِهِ، فَمَعَ عَدَمِهِ یبْقَی عُمُومُ الْأَدِلَّهِ مِنْ الْکتَابِ وَ السَّنَهِ خَالِیا عَنْ الْمُعَارِضِ، و هو ظَاهِرُ الْأَکثَرِ وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ، فَإِنَّهُمْ یکتَفُونَ بِإِمْکانِ الِاجْتِمَاعِ مَعَ بَاقِی الشَّرَائِطِ.

وَ رُبَّمَا عَبَّرُوا عَنْ حُکمِهَا حَالَ الْغَیبَهِ بِالْجَوَازِ تَارَهً، وَ بِالِاسْتِحْبَابِ أُخْرَی نَظَرًا إلَی إجْمَاعِهِمْ عَلَی عَدَمِ وُجُوبِهَا حِینَئِذٍ عَینًا، و إنّما تَجِبُ عَلَی تَقْدِیرِهِ تَخْییرًا بَینَهَا، و بین الظُّهْرِ، لَکنَّهَا عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ و هو مَعْنَی الِاسْتِحْبَابِ، بِمَعْنَی أَنَّهَا وَاجِبَهٌ تَخْییرًا مُسْتَحَبَّهٌ عَینًا کمَا فِی جَمِیعِ أَفْرَادِ الْوَاجِبِ الْمُخَیرِ إذَا کانَ بَعْضُهَا رَاجِحًا عَلَی الْبَاقِی، و علی هَذَا ینْوِی بِهَا الْوُجُوبَ وَ تُجْزِئُ عَنْ الظُّهْرِ، وَ کثِیرًا مَا یحْصُلُ الِالْتِبَاسُ فِی کلَامِهِمْ بِسَبَبِ ذَلِک حَیثُ یشْتَرِطُونَ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ فِی الْوُجُوبِ إجْمَاعًا، ثُمَّ یذْکرُونَ حَالَ الْغَیبَهِ، وَ یخْتَلِفُونَ فِی حُکمِهَا فِیهَا فَیوهِمُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَذْکورَ یقْتَضِی عَدَمَ جَوَازِهَا حِینَئِذٍ بِدُونِ الْفَقِیهِ، وَ الْحَالُ أَنَّهَا فِی حَالِ الْغَیبَهِ لَا تَجِبُ عِنْدَهُمْ عَینًا، و ذلک شَرْطُ الْوَاجِبِ الْعَینِی خَاصَّهً.

وَ مِنْ هُنَا ذَهَبَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَی عَدَمِ جَوَازِهَا

حَالَ الْغَیبَهِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْمَذْکورِ وَ یضَعَّفُ بِمَنْعِ عَدَمِ حُصُولِ الشَّرْطِ أَوَّلًا لِإِمْکانِهِ بِحُضُورِ الْفَقِیهِ، وَ مَنْعِ اشْتِرَاطِهِ ثَانِیا لِعَدَمِ الدَّلِیلِ عَلَیهِ مِنْ جِهَهِ النَّصِّ فِیمَا عَلِمْنَاهُ.

وَ مَا یظْهَرُ مِنْ جَعْلِ مُسْتَنَدِهِ الْإِجْمَاعَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَی تَقْدِیرِ الْحُضُورِ، أَمَّا فِی حَالِ الْغَیبَهِ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا یجْعَلُ دَلِیلًا فِیهِ مَعَ إطْلَاقِ الْقُرْآنِ الْکرِیمِ بِالْحَثِّ الْعَظِیمِ الْمُؤَکدِ بِوُجُوهٍ کثِیرَهٍ مُضَافًا إلَی النُّصُوصِ الْمُتَضَافِرَهِ عَلَی وُجُوبِهَا به غیر الشَّرْطِ الْمَذْکورِ، بَلْ فِی بَعْضِهَا مَا یدُلُّ عَلَی عَدَمِهِ نَعَمْ یعْتَبَرُ اجْتِمَاعُ بَاقِی الشَّرَائِطِ و منه الصَّلَاهُ عَلَی الْأَئِمَّهِ و لو إجْمَالًا، وَ لَا ینَافِیهِ ذِکرُ غَیرِهِمْ.

وَ لَوْ لَا دَعْوَاهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَی عَدَمِ الْوُجُوبِ الْعَینِی لَکانَ الْقَوْلُ بِهِ فِی غَایهِ الْقُوَّهِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ التَّخْییرِی مَعَ رُجْحَانِ الْجُمُعَهِ، وَ تَعْبِیرُ الْمُصَنِّفِ و غیرهِ بِإِمْکانِ الِاجْتِمَاعِ یرِیدُ بِهِ الِاجْتِمَاعَ عَلَی إمَامٍ عَدْلٍ، لِأَنَّ ذَلِک لَمْ یتَّفِقْ فِی زَمَنِ ظُهُورِ الْأَئِمَّهِ غَالِبًا و هو السِّرُّ فِی عَدَمِ اجْتِزَائِهِمْ بِهَا عَنْ الظُّهْرِ مَعَ مَا نُقِلَ مِنْ تَمَامِ مُحَافَظَتِهِمْ عَلَیهَا، و من ذَلِک سَرَی الْوَهْمُ (وَاجْتِمَاعُ خَمْسَهٍ فَصَاعِدًا أَحَدُهُمْ الْإِمَامُ) فِی الْأَصَحِّ، و هذا یشْمَلُ شَرْطَینِ: أَحَدُهُمَا: الْعَدَدُ و هو الْخَمْسَهُ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ لِصِحَّهِ مُسْتَنَدِهِ وَ قِیلَ سَبْعَهٌ، وَ یشْتَرَطُ کوْنُهُمْ ذُکورًا أَحْرَارًا مُکلَّفِینَ مُقِیمِینَ سَالِمِینَ عَنْ الْمَرَضِ وَ الْبُعْدِ الْمُسْقِطَینِ، وَ سَیأْتِی مَا یدُلُّ عَلَیهِ.

وَ ثَانِیهمَا: الْجَمَاعَهُ بِأَنْ یأْتَمُّوا بِإِمَامٍ مِنْهُمْ، فَلَا تَصِحُّ فُرَادَی، و إنّما یشْتَرَطَانِ فِی الِابْتِدَاءِ لَا فِی الِاسْتِدَامَهِ، فَلَوْ انْفَضَّ الْعَدَدُ بَعْدَ تَحْرِیمِ الْإِمَامِ أَتَمَّ الْبَاقُونَ و لو فُرَادَی، مَعَ عَدَمِ حُضُورِ مَنْ ینْعَقِدُ بِهِ الْجَمَاعَهُ، وَ قَبْلَهُ تَسْقُطُ وَ مَعَ الْعَوْدِ فِی أَثْنَاءِ الْخُطْبَهِ یعَادُ مَا فَاتَ مِنْ أَرْکانِهَا.

من تسقط عنهم الجمعه

(وَتَسْقُطُ) الْجُمُعَهُ (عَنْ الْمَرْأَهِ) وَ

الْخُنْثَی لِلشَّک فِی ذُکورِیتِهِ الَّتِی هِی شَرْطُ الْوُجُوبِ، (وَالْعَبْدِ) و أن کانَ مُبَعَّضًا وَ اتَّفَقَتْ فِی نَوْبَتِهِ مُهَایئًا، أَمْ مُدَبَّرًا، أَمْ مُکاتَبًا لَمْ یؤَدِّ جَمِیعَ مَالِ الْکتَابَهِ، (وَالْمُسَافِرِ) الَّذِی یلْزَمُهُ الْقَصْرُ فِی سَفَرِهِ، فَالْعَاصِی بِهِ وَ کثِیرُهُ، وَ نَاوِی إقَامَهِ عَشْرَهٍ کالْمُقِیمِ، (وَالْهِمِّ) و هو الشَّیخُ الْکبِیرُ الَّذِی یعْجَزُ عَنْ حُضُورِهَا، أَوْ یشُقُّ عَلَیهِ مَشَقَّهً لَا تُتَحَمَّلُ عَادَهً، (وَالْأَعْمَی) و أن وَجَدَ قَائِدًا، أَوْ کانَ قَرِیبًا مِنْ الْمَسْجِدِ (وَالْأَعْرَجِ) الْبَالِغِ عَرَجُهُ حَدَّ الْإِقْعَادِ، أَوْ الْمُوجِبِ لِمَشَقَّهِ الْحُضُورِ کالْهِمِّ، (وَمَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ) عَنْ مَوْضِعٍ تُقَامُ فِیهِ الْجُمُعَهُ کالْمَسْجِدِ (بِأَزْیدَ مِنْ فَرْسَخَینِ) وَ الْحَالُ أَنَّهُ یتَعَذَّرُ عَلَیهِ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ، أَوْ فِیمَا دُونَ فَرْسَخٍ، (وَلَا ینْعَقِدُ جُمُعَتَانِ فِی أَقَلَّ مِنْ فَرْسَخٍ) بَلْ یجِبُ عَلَی مَنْ یشْتَمِلُ عَلَیهِ الْفَرْسَخُ الِاجْتِمَاعُ عَلَی جُمُعَهٍ وَاحِدَهٍ کفَایهً.

وَ لَا یخْتَصُّ الْحُضُورُ بِقَوْمٍ إلَّا أَنْ یکونَ الْإِمَامُ فِیهِمْ، فَمَتَی أَخَلُّوا بِهِ أَثِمُوا جَمِیعًا وَ مُحَصَّلُ هَذَا الشَّرْطِ و ما قَبْلَهُ أَنَّ مَنْ بَعُدَ عَنْهَا بِدُونِ فَرْسَخٍ یتَعَینُ عَلَیهِ الْحُضُورُ، و من زَادَ عَنْهُ إلَی فَرْسَخَینِ یتَخَیرُ بَینَهُ و بین إقَامَتِهَا عِنْدَهُ، و من زَادَ عَنْهُمَا یجِبُ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ، أَوْ فِیمَا دُونَ الْفَرْسَخِ مَعَ الْإِمْکانِ، وَ إِلَّا سَقَطَتْ.

وَ لَوْ صَلُّوا أَزْیدَ مِنْ جُمُعَهٍ فِیمَا دُونَ الْفَرْسَخِ صَحَّتْ السَّابِقَهُ خَاصَّهً، وَ یعِیدُ اللَّاحِقَهَ ظُهْرًا، وَ کذَا الْمُشْتَبَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ فِی الْجُمْلَهِ أَمَّا لَوْ اشْتَبَهَ السَّبْقُ وَ الِاقْتِرَانُ وَجَبَ إعَادَهُ الْجُمُعَهِ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِهَا خَاصَّهً عَلَی الْأَصَحِّ مُجْتَمَعِینَ، أَوْ مُتَفَرِّقِینَ بِالْمُعْتَبَرِ، وَ الظُّهْرُ مَعَ خُرُوجِهِ. (وَیحْرُمُ السَّفَرُ) إلَی مَسَافَهٍ أَوْ الْمُوجِبِ تَفْوِیتَهَا (بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَی الْمُکلَّفِ بِهَا) اخْتِیارًا لِتَفْوِیتِهِ الْوَاجِبَ و أن أَمْکنَهُ إقَامَتُهَا فِی طَرِیقِهِ، لِأَنَّ تَجْوِیزَهُ عَلَی تَقْدِیرِهِ دَوْرِی نَعَمْ یکفِی ذَلِک فِی سَفَرٍ

قَصِیرٍ لَا یقْصَرُ فِیهِ، مَعَ احْتِمَالِ الْجَوَازِ فِیمَا لَا قَصْرَ فِیهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْفَوَاتِ.

وَ عَلَی تَقْدِیرِ الْمَنْعِ فِی السَّفَرِ الطَّوِیلِ یکونُ عَاصِیا بِهِ إلَی مَحَلٍّ لَا یمْکنُهُ فِیهِ الْعَوْدُ إلَیهَا، فَتُعْتَبَرُ الْمَسَافَهُ حِینَئِذٍ، و لو اضْطَرَّ إلَیهِ شَرْعًا کالْحَجِّ حَیثُ یفُوتُ الرُّفْقَهُ أَوْ الْجِهَادُ حَیثُ لَا یحْتَمِلُ الْحَالُ تَأْخِیرَهُ، أَوْ عَقْلًا بِأَدَاءِ التَّخَلُّفِ إلَی فَوَاتِ غَرَضٍ یضُرُّ بِهِ فَوَاتُهُ لَمْ یحْرُمْ، وَ التَّحْرِیمُ عَلَی تَقْدِیرِهِ مُؤَکدٌ.

وَ قَدْ رُوِی أَنَّ قَوْمًا سَافَرُوا کذَلِک فَخُسِفَ بِهِمْ، وَ آخَرُونَ اضْطَرَمَ عَلَیهِمْ خِبَاؤُهُمْ مِنْ غَیرِ أَنْ یرَوْا نَارًا. (وَیزَادُ فِی نَافِلَتِهَا) عَنْ غَیرِهَا مِنْ الْأَیامِ (أَرْبَعُ رَکعَاتٍ) مُضَافَهٍ إلَی نَافِلَهِ الظُّهْرَینِ یصِیرُ الْجَمِیعُ عِشْرِینَ کلُّهَا لِلْجُمُعَهِ فِیهَا، (وَالْأَفْضَلُ جَعْلُهَا) أَی الْعِشْرِینَ (سُدَاسَ) مُفَرَّقَهً سِتًّا سِتًّا (فِی الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَهِ الْمَعْهُودَهِ) و هی انْبِسَاطُ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ مَا یذْهَبُ شُعَاعُهَا وَ ارْتِفَاعُهَا وَ قِیامُهَا وَسَطَ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ، (وَرَکعَتَانِ) وَ هُمَا الْبَاقِیتَانِ مِنْ الْعِشْرِینَ عَنْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَهِ تُفْعَلُ (عِنْدَ الزَّوَالِ) بَعْدَهُ عَلَی الْأَفْضَلِ، أَوْ قَبْلَهُ بِیسِیرٍ عَلَی رِوَایهٍ، وَ دُونَ بَسْطِهَا کذَلِک جَعْلُ الِانْبِسَاطِ بَینَ الْفَرِیضَتَینِ، وَ دُونَهُ فِعْلُهَا أَجْمَعُ یوْمَ الْجُمُعَهِ کیفَ اتَّفَقَ. (وَالْمُزَاحَمُ) فِی الْجُمُعَهِ (عَنْ السُّجُودِ) فِی الرَّکعَهِ الْأُولَی (یسْجُدُ) بَعْدَ قِیامِهِمْ عَنْهُ، (وَیلْتَحِقُ) و لو بَعْدَ الرُّکوعِ، (فَإِنْ لَمْ یتَمَکنْ مِنْهُ) إلَی أَنْ سَجَدَ الْإِمَامُ فِی الثَّانِیهِ و (سَجَدَ مَعَ ثَانِیهِ الْإِمَامِ نَوَی بِهِمَا) الرَّکعَهَ (الْأُولَی) لِأَنَّهُ لَمْ یسْجُدْ لَهَا بَعْدُ، أَوْ یطْلِقُ فَتَنْصَرِفَانِ إلَی مَا فِی ذِمَّتِهِ.

وَ لَوْ نَوَی بِهِمَا الثَّانِیهَ بَطَلَتْ الصَّلَاهُ لِزِیادَهِ الرُّکنِ فِی غَیر مَحَلِّهِ، وَ کذَا لَوْ زُوحِمَ عَنْ رُکوعِ الْأُولَی، وَ سُجُودِهَا، فَإِنْ لَمْ یدْرِکهُمَا مَعَ ثَانِیهِ الْإِمَامِ فَاتَتْ الْجُمُعَهُ لِاشْتِرَاطِ إدْرَاک رَکعَهٍ مِنْهَا مَعَهُ، وَ اسْتَأْنَفَ الظُّهْرَ مَعَ احْتِمَالِ الْعُدُولِ لِانْعِقَادِهَا

صَحِیحَهً، وَ النَّهْی عَنْ قَطْعِهَا مَعَ إمْکانِ صِحَّتِهَا.

صَلَاهُ الْعِیدَینِ

(وَمِنْهَا صَلَاهُ الْعِیدَینِ) - وَأَحَدُهُمَا عِیدٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِکثْرَهِ عَوَائِدِ اللَّهِ تَعَالَی فِیهِ عَلَی عِبَادِهِ، وَ عَوْدِ السُّرُورِ وَ الرَّحْمَهِ بِعَوْدِهِ، وَ یاؤُهُ مُنْقَلِبَهٌ عَنْ وَاوٍ، وَ جَمْعُهُ عَلَی أَعْیادٍ غَیرُ قِیاسٍ، لِأَنَّ الْجَمْعَ یرَدُّ إلَی الْأَصْلِ، وَ الْتَزَمُوهُ کذَلِک لِلُزُومِ الْیاءِ فِی مُفْرَدِهِ وَ تَمَیزِهِ عَنْ جَمْعِ الْعُودِ.

(وَتَجِبُ) صَلَاهُ الْعِیدَینِ وُجُوبًا عَینِیا (بِشُرُوطِ الْجُمُعَهِ) الْعَینِیهِ، أَمَّا التَّخْییرِیهُ فَکاخْتِلَالِ الشَّرَائِطِ لِعَدَمِ إمْکانِ التَّخْییرِ هُنَا، (وَالْخُطْبَتَانِ بَعْدَهَا) بِخِلَافِ الْجُمُعَهِ، و لم یذْکرْ وَقْتُهَا و هو مَا بَینَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ الزَّوَالِ، و هی رَکعَتَانِ کالْجُمُعَهِ (وَیجِبُ فِیهَا التَّکبِیرُ زَائِدًا عَنْ الْمُعْتَادِ) مِنْ تَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ، وَ تَکبِیرُ الرُّکوعِ وَ السُّجُودِ (خَمْسًا فِی) الرَّکعَهِ (الْأُولَی وَ أَرْبَعًا فِی الثَّانِیهِ) بَعْدَ الْقِرَاءَهِ فِیهِمَا فِی الْمَشْهُورِ (وَالْقُنُوتُ بَینَهُمَا) عَلَی وَجْهِ التَّجَوُّزِ، وَ إِلَّا فَهُوَ بَعْدَ کلِّ تَکبِیرَهٍ، و هذا التَّکبِیرُ وَ الْقُنُوتُ جُزْءَانِ مِنْهَا، فَیجِبُ حَیثُ تَجِبُ، وَیسَنُّ حَیثُ تُسَنُّ، فَتَبْطُلُ بِالْإِخْلَالِ بِهِمَا عَمْدًا عَلَی التَّقْدِیرَینِ.

(وَیسْتَحَبُّ) الْقُنُوتُ (بِالْمَرْسُومِ) وَ هُوَ: " اللَّهُمَّ أَهْلَ الْکبْرِیاءِ وَ الْعَظَمَهِ " إلَی آخِرِهِ، وَ یجُوزُ بِغَیرِهِ، و بما سَنَحَ، (وَمَعَ اخْتِلَالِ الشُّرُوطِ) الْمُوجِبَهِ (تُصَلَّی جَمَاعَهً، وَ فُرَادَی مُسْتَحَبًّا)، وَ لَا یعْتَبَرُ حِینَئِذٍ تَبَاعُدُ الْعِیدَینِ بِفَرْسَخٍ.

وَ قِیلَ مَعَ اسْتِحْبَابِهَا تُصَلَّی فُرَادَی خَاصَّهً، وَ تَسْقُطُ الْخُطْبَهُ فِی الْفُرَادَی، (وَلَوْ فَاتَتْ) فِی وَقْتِهَا لِعُذْرٍ و غیرهِ (لَمْ تُقْضَ) فِی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ لِلنَّصِّ، وَ قِیلَ: تُقْضَی کمَا فَاتَتْ، وَ قِیلَ: أَرْبَعًا مَفْصُولَهً.

وَ قِیلَ: مَوْصُولَهً و هو ضَعِیفُ الْمَأْخَذِ. (وَیسْتَحَبُّ الْإِصْحَارُ بِهَا، مَعَ الِاخْتِیارِ لِلِاتِّبَاعِ إلَّا بِمَکهَ) فَمَسْجِدُهَا أَفْضَلُ (وَأَنْ یطْعَمَ) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَهِ فَسُکونِ الطَّاءِ فَفَتْحِ الْعَینِ مُضَارِعُ طَعِمَ بِکسْرِهَا کعَلِمَ أَی یأْکلُ (فِی) عِیدِ (الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِهِ) إلَی

الصَّلَاهِ، (وَفِی الْأَضْحَی بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ أُضْحِیتِهِ) بِضَمِّ الْهَمْزَهِ وَ تَشْدِیدِ الْیاءِ، لِلِاتِّبَاعِ، وَ الْفَرْقُ لَائِحٌ وَلْیکنْ الْفِطْرُ فِی الْفِطْرِ، عَلَی الْحُلْوِ لِلِاتِّبَاعِ، و ما رُوِی شَاذًّا مِنْ الْإِفْطَارِ فِیهِ عَلَی التُّرْبَهِ الْمُشَرَّفَهِ مَحْمُولٌ عَلَی الْعِلَّهِ جَمْعًا (وَیکرَهُ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا) به خصوص الْقَبْلِیهِ، (وَبَعْدَهَا) إلَی الزَّوَالِ بِخُصُوصِهِ لِلْإِمَامِ وَ الْمَأْمُومِ (إلَّا بِمَسْجِدِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ سَلَّمَ) فَإِنَّهُ یسْتَحَبُّ أَنْ یقْصِدَهُ الْخَارِجُ إلَیهَا وَ یصَلِّی بِهِ رَکعَتَینِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلِاتِّبَاعِ.

نَعَمْ لَوْ صُلِّیتْ فِی الْمَسَاجِدِ لِعُذْرٍ، أَوْ غَیرِهِ اُسْتُحِبَّ صَلَاهُ التَّحِیهِ لِلدَّاخِلِ و أن کانَ مَسْبُوقًا وَ الْإِمَامُ یخْطُبُ لِفَوَاتِ الصَّلَاهِ الْمُسْقِطِ لِلْمُتَابَعَهِ (وَیسْتَحَبُّ التَّکبِیرُ) فِی الْمَشْهُورِ، وَ قِیلَ یجِبُ لِلْأَمْرِ بِهِ (فِی الْفِطْرِ عَقِیبَ أَرْبَعِ) صَلَوَاتٍ (أَوَّلُهَا الْمَغْرِبُ لَیلَتَهُ، و فی الأَضْحَی عَقِیبَ خَمْسَ عَشْرَهَ) صَلَاهً لِلنَّاسِک (بِمِنًی و) عَقِیبَ (عَشْرٍ بِغَیرِهَا)، وَ بِهَا لِغَیرِهِ (أَوَّلُهَا ظُهْرُ یوْمِ النَّحْرِ) وَ آخِرُهَا صُبْحُ آخِرِ التَّشْرِیقِ، أَوْ ثَانِیهِ و لو فَاتَ بَعْضُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ کبَّرَ مَعَ قَضَائِهَا، و لو نَسِی التَّکبِیرَ خَاصَّهً أَتَی بِهِ حَیثُ ذُکرَ (وَصُورَتُهُ: " اللَّهُ أَکبَرُ، اللَّهُ أَکبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَ اَللَّهُ أَکبَرُ، اللَّهُ أَکبَرُ عَلَی مَا هَدَانَا "، وَ یزِیدُ فِی) تَکبِیرِ (الْأَضْحَی) عَلَی ذَلِک (اللَّهُ أَکبَرُ عَلَی مَا رَزَقَنَا مِنْ بِهِیمَهِ الْأَنْعَامِ) وَ رُوِی فِیهِمَا غَیرُ ذَلِک بِزِیادَهٍ وَ نُقْصَانٍ، و فی الدُّرُوسِ اخْتَارَ: " اللَّهُ أَکبَرُ " ثَلَاثًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَ اَللَّهُ أَکبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا هَدَانَا و له الشُّکرُ عَلَی مَا أَوْلَانَا " وَ الْکلُّ جَائِزٌ، وَ ذِکرُ اللَّهِ حَسَنٌ عَلَی کلِّ حَالٍ. (وَلَوْ اتَّفَقَ عِیدٌ وَ جُمُعَهٌ تَخَیرَ الْقَرَوِی) الَّذِی حَضَرَهَا فِی الْبَلَدِ مِنْ قَرْیهٍ قَرِیبَهً کانَتْ، أَمْ بَعِیدَهً، (بَعْدَ حُضُورِ الْعِیدِ

فِی حُضُورِ الْجُمُعَهِ) فَیصَلِّیهَا وَاجِبًا وَ عَدَمهُ، فَتَسْقُطُ وَ یصَلِّی الظُّهْرَ، فَیکونُ و ُجُوبُهَا عَلَیهِ تَخْییرِیا، وَ الْأَقْوَی عُمُومُ التَّخْییرِ لِغَیرِ الْإِمَامِ، و هو الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِهِ أَمَّا هُوَ فَیجِبُ عَلَیهِ الْحُضُورُ، فَإِنْ تَمَّتْ الشَّرَائِطُ صَلَّاهَا، وَ إِلَّا سَقَطَتْ عَنْهُ، وَ یسْتَحَبُّ لَهُ إعْلَامُ النَّاسِ بِذَلِک فِی خُطْبَهِ الْعِیدِ.

صَلَاهُ الْآیاتِ

(وَمِنْهَا - صَلَاهُ الْآیاتِ) جَمْعُ آیهٍ و هی الْعَلَامَهُ، سُمِّیتْ بِذَلِک الْأَسْبَابِ الْمَذْکورَهِ لِأَنَّهَا عَلَامَاتٌ عَلَی أَهْوَالِ السَّاعَهِ، وَ أَخَاوِیفِهَا، وَ زَلَازِلِهَا، وَ تَکوِیرِ الشَّمْسِ، وَ الْقَمَرِ، (وَ) الْآیاتُ الَّتِی تَجِبُ لَهَا الصَّلَاهُ (هِی الْکسُوفَانِ) کسُوفُ الشَّمْسِ، وَ خُسُوفُ الْقَمَرِ، ثَنَّاهُمَا بِاسْمِ أَحَدِهِمَا تَغْلِیبًا، أَوْ لِإِطْلَاقِ الْکسُوفِ عَلَیهِمَا حَقِیقَهً، کمَا یطْلَقُ الْخُسُوفُ عَلَی الشَّمْسِ أَیضًا، وَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِی و هو الشَّائِعُ مِنْ کسُوفِ النَّیرَینِ، دُونَ بَاقِی الْکوَاکبِ، وَ انْکسَافُ الشَّمْسِ بِهَا (وَالزَّلْزَلَهُ) و هی رَجْفَهُ الْأَرْضِ (وَالرِّیحُ السَّوْدَاءُ أَوْ الصَّفْرَاءُ، و کلّ مَخُوفٍ سَمَاوِی) کالظُّلْمَهِ السَّوْدَاءِ أَوْ الصَّفْرَاءِ الْمُنْفَکهِ عَنْ الرِّیحِ، وَ الرِّیحُ الْعَاصِفَهُ زِیادَهً عَلَی الْمَعْهُودِ و أن انْفَکتْ عَنْ اللَّوْنَینِ أَوْ اتَّصَفَتْ بِلَوْنٍ ثَالِثٍ.

وَ ضَابِطُهُ: مَا أَخَافَ مُعْظَمَ النَّاسِ، وَ نِسْبَهُ الْأَخَاوِیفِ إلَی السَّمَاءِ بِاعْتِبَارِ کوْنِ بَعْضِهَا فِیهَا، أَوْ أَرَادَ بِالسَّمَاءِ مُطْلَقَ الْعُلُوِّ، أَوْ الْمَنْسُوبَهَ إلَی خَالِقِ السَّمَاءِ وَ نَحْوِهِ لِإِطْلَاقِ نِسْبَتِهِ إلَی اللَّهِ تَعَالَی کثِیرًا.

وَ وَجْهُ وُجُوبِهَا لِلْجَمِیعِ صَحِیحَهُ زُرَارَهَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ الْمُفِیدَهِ لِلْکلِّ، وَ بِهَا یضَعَّفُ قَوْلُ مَنْ خَصَّهَا بِالْکسُوفَینِ، أَوْ أَضَافَ إلَیهِمَا شَیئًا مَخْصُوصًا کالْمُصَنِّفِ فِی الْأَلْفِیهِ.

وَ هَذِهِ الصَّلَاهُ رَکعَتَانِ فِی کلِّ رَکعَهٍ سَجْدَتَانِ، وَ خَمْسُ رَکعَاتٍ، وَ قِیامَاتٌ وَ قِرَاءَاتٌ، (وَیجِبُ فِیهَا النِّیهُ، وَ التَّحْرِیمَهُ، وَ قِرَاءَهُ الْحَمْدِ، وَ سُورَهٍ، ثُمَّ الرُّکوعُ، ثُمَّ یرْفَعُ) رَأْسَهُ مِنْهُ إلَی أَنْ یصِیرَ قَائِمًا مُطْمَئِنًّا، (وَیقْرَأُهُمَا) هَکذَا (خَمْسًا ثُمَّ

یسْجُدُ سَجْدَتَینِ)، ثُمَّ یقُومُ (إلَی الثَّانِیهِ وَ یصْنَعُ کمَا صَنَعَ أَوَّلًا) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ (وَیجُوزُ) لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَی (قِرَاءَهِ بَعْضِ السُّورَهِ) و لو آیهً (لِکلِّ رُکوعٍ.

وَ لَا یحْتَاجُ إلَی) قِرَاءَهِ (الْفَاتِحَهِ إلَّا فِی الْقِیامِ الْأَوَّلِ) وَ مَتَی اخْتَارَ التَّبْعِیضَ (فَیجِبُ إکمَالُ سُورَهٍ فِی کلِّ رَکعَهٍ مَعَ الْحَمْدِ مَرَّهً) بِأَنْ یقْرَأَ فِی الْأَوَّلِ الْحَمْدَ وَ آیهً، ثُمَّ یفَرِّقُ الْآیاتِ عَلَی بَاقِی الْقِیامَاتِ بِحَیثُ یکمِلُهَا فِی آخِرِهَا، (وَلَوْ أَتَمَّ مَعَ الْحَمْدِ فِی رَکعَهٍ سُورَهً) أَی قَرَأَ فِی کلِّ قِیامٍ مِنْهَا الْحَمْدَ وَ سُورَهً تَامَّهً (وَبَعَّضَ فِی) الرَّکعَهِ (الْأُخْرَی) کمَا ذُکرَ (جَازَ بَلْ لَوْ أَتَمَّ السُّورَهَ فِی بَعْضِ الرُّکوعَاتِ، وَ بَعَّضَ فِی آخَرَ جَازَ).

وَ الضَّابِطُ: أَنَّهُ مَتَی رَکعَ عَنْ سُورَهٍ تَامَّهٍ وَجَبَ فِی الْقِیامِ عَنْهُ الْحَمْدُ وَ یتَخَیرُ بَینَ إکمَالِ سُورَهٍ مَعَهَا وَ تَبْعِیضِهَا، وَ مَتَی رَکعَ عَنْ بَعْضِ سُورَهٍ تَخَیرَ فِی الْقِیامِ بَعْدَهُ بَینَ الْقِرَاءَهِ مِنْ مَوْضِعِ الْقَطْعِ و من غَیرِهِ مِنْ السُّورَهِ مُتَقَدِّمًا وَ مُتَأَخِّرًا، و من غَیرِهَا، وَ تَجِبُ إعَادَهُ الْحَمْدِ فِیمَا عَدَا الْأَوَّلِ مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِی الْجَمِیعِ.

وَ یجِبُ مُرَاعَاهُ سُورَهٍ فَصَاعِدًا فِی الْخَمْسِ وَ مَتَی سَجَدَ وَجَبَ إعَادَهُ الْحَمْدِ سَوَاءٌ کانَ سُجُودُهُ عَنْ سُورَهٍ تَامَّهٍ أَمْ بَعْضِ سُورَهٍ کمَا لَوْ کانَ قَدْ أَتَمَّ سُورَهً قَبْلَهَا فِی الرَّکعَهِ، ثُمَّ لَهُ أَنْ یبْنِی عَلَی مَا مَضَی، أَوْ یشْرَعَ فِی غَیرِهَا، فَإِنْ بَنَی عَلَیهَا وَجَبَ سُورَهٌ غَیرُهَا کامِلَهٌ فِی جُمْلَهِ الْخَمْسِ.

(وَیسْتَحَبُّ الْقُنُوتُ عَقِیبَ کلِّ زَوْجٍ) مَنْ الْقِیامَاتِ.

تَنْزِیلًا لَهَا مَنْزِلَهَ الرَّکعَاتِ، فَیقْنُتُ قَبْلَ الرُّکوعِ الثَّانِی وَ الرَّابِعِ وَ هَکذَا، (وَالتَّکبِیرُ لِلرَّفْعِ مِنْ الرُّکوعِ) فِی الْجَمِیعِ عَدَا الْخَامِسِ وَ الْعَاشِرِ مِنْ غَیرِ تَسْمِیعٍ، و هو قَرِینَهُ کوْنِهَا غَیرَ رَکعَاتٍ (وَالتَّسْمِیعُ) و هو قَوْلُ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ

حَمِدَهُ " (فِی الْخَامِسِ وَ الْعَاشِرِ خَاصَّهً) تَنْزِیلًا لِلصَّلَاهِ مَنْزِلَهَ رَکعَتَینِ. هَکذَا وَرَدَ النَّصُّ بِمَا یوجِبُ اشْتِبَاهَ حَالِهَا، و من ثَمَّ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ لَوْ شَک فِی عَدَدِهَا نَظَرًا إلَی أَنَّهَا ثُنَائِیهٌ أَوْ أَزْیدُ.

وَ الْأَقْوَی أَنَّهَا فِی ذَلِک ثُنَائِیهٌ، و أنّ الرُّکوعَاتِ أَفْعَالٌ، فَالشَّک فِیهَا فِی مَحَلِّهَا یوجِبُ فِعْلَهَا، وَ فِی عَدَدِهَا یوجِبُ الْبِنَاءَ عَلَی الْأَقَلِّ، وَ فِی عَدَدِ الرَّکعَاتِ مُبْطَلٌ.

(وَقِرَاءَهُ) السُّوَرِ (الطِّوَالِ) کالْأَنْبِیاءِ وَ الْکهْفِ (مَعَ السَّعَهِ)، وَ یعْلَمُ ذَلِک بِالْأَرْصَادِ، وَ إِخْبَارِ مَنْ یفِیدُ قَوْلُهُ الظَّنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ الْعَدْلَینِ، وَ إِلَّا فَالتَّخْفِیفُ أَوْلَی، حَذَرًا مِنْ خُرُوجِ الْوَقْتِ خُصُوصًا عَلَی الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْأَخْذُ فِی الِانْجِلَاءِ.

نَعَمْ لَوْ جَعَلْنَاهُ إلَی تَمَامِهِ اتَّجَهَ التَّطْوِیلُ، نَظَرًا إلَی الْمَحْسُوسِ، (وَالْجَهْرُ فِیهَا) و أن کانَتْ نَهَارِیهً عَلَی الْأَصَحِّ.

(وَکذَا یجْهَرُ فِی الْجُمُعَهِ وَ الْعِیدَینِ) اسْتِحْبَابًا إجْمَاعًا.

(وَلَوْ جَامَعَتْ) صَلَاهُ الْآیاتِ (الْحَاضِرَهَ) الْیوْمِیهَ (قَدَّمَ مَا شَاءَ) مِنْهُمَا مَعَ سَعَهِ وَقْتِهِمَا، (وَلَوْ تَضَیقَتْ إحْدَاهُمَا) خَاصَّهً (قَدَّمَهَا) أَی الْمُضَیقَهَ، جَمْعًا بَینَ الْحَقَّینِ (وَلَوْ تَضَیقَتَا) مَعًا (فَالْحَاضِرَهُ) مُقَدَّمَهٌ، لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا بِالْأَصَالَهِ، ثُمَّ إنْ بَقِی وَقْتُ الْآیاتِ صَلَّاهَا أَدَاءً، وَ إِلَّا سَقَطَتْ إنْ لَمْ یکنْ فَرَّطَ فِی تَأْخِیرِ إحْدَاهُمَا، وَ إِلَّا فَالْأَقْوَی وُجُوبُ الْقَضَاءِ، (وَلَا تُصَلَّی) هَذِهِ الصَّلَاهُ (عَلَی الرَّاحِلَهِ) و أن کانَتْ مَعْقُولَهً (إلَّا لِعُذْرٍ) کمَرَضٍ، وَزَمِنٍ یشُقُّ مَعَهُمَا النُّزُولُ مَشَقَّهً لَا تُتَحَمَّلُ عَادَهً فَتُصَلَّی عَلَی الرَّاحِلَهِ حِینَئِذٍ (کغَیرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَ تُقْضَی) هَذِهِ الصَّلَاهُ (مَعَ الْفَوَاتِ وُجُوبًا مَعَ تَعَمُّدِ التَّرْک، أَوْ نِسْیانِهِ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِالسَّبَبِ مُطْلَقًا، (أَوْ مَعَ اسْتِیعَابِ الِاحْتِرَاقِ) لِلْقَرْصِ أَجْمَعَ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ، أَمْ لَمْ یعْلَمْ حَتَّی خَرَجَ الْوَقْتُ.

أَمَّا لَوْ لَمْ یعْلَمْ بِهِ، وَ لَا اسْتَوْعَبَ الِاحْتِرَاقَ فَلَا قَضَاءَ و أن ثَبَتَ بَعْدَ ذَلِک وُقُوعُهُ بِالْبَینَهِ، أَوْ التَّوَاتُرِ فِی الْمَشْهُورِ.

وَ

قِیلَ: یجِبُ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَ قِیلَ لَا یجِبُ مُطْلَقًا و أن تَعَمَّدَ مَا لَمْ یسْتَوْعِبْ.

وَ قِیلَ: لَا یقْضِی النَّاسِی مَا لَمْ یسْتَوْعِبْ، و لو قِیلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا فِی غَیرِ الْکسُوفَینِ، وَ فِیهِمَا مَعَ الِاسْتِیعَابِ کانَ قَوِیا عَمَلًا بِالنَّصِّ فِی الْکسُوفَینِ، وَ بِالْعُمُومَاتِ فِی غَیرِهِمَا.

یستحب الغسل للجمعه و العیدین

(وَیسْتَحَبُّ الْغُسْلُ) لِلْقَضَاءِ (مَعَ التَّعَمُّدِ وَ الِاسْتِیعَابِ) و أن تَرَکهَا جَهْلًا، بَلْ قِیلَ: بِوُجُوبِهِ، (وَکذَا یسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَهِ) اسْتَطْرَدَ هُنَا ذِکرَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَهِ لِمُنَاسَبَهٍ مَا.

وَ وَقْتُهُ مَا بَینَ طُلُوعِ الْفَجْرِ یوْمَهَا إلَی الزَّوَالِ، وَ أَفْضَلُهُ مَا قَرُبَ إلَی الْآخِرِ، وَ یقْضَی بَعْدَهُ إلَی آخِرِ السَّبْتِ کمَا یعَجِّلُهُ خَائِفُ عَدَمِ التَّمَکنِ مِنْهُ فِی وَقْتِهِ مِنْ الْخَمِیسِ، (وَ) یوْمَی (الْعِیدَینِ، وَ لَیالِی فُرَادَی شَهْرِ رَمَضَانَ) الْخَمْسَ عَشْرَهَ، و هی الْعَدَدُ الْفَرْدُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَی آخِرِهِ، (وَلَیلَهِ الْفِطْرِ) أَوَّلِهَا (وَلَیلَتَی نِصْفِ رَجَبٍ وَ شَعْبَانَ) عَلَی الْمَشْهُورِ فِی الْأَوَّلِ، وَ الْمَرْوِی فِی الثَّانِی، (وَیوْمِ الْمَبْعَثِ) و هو السَّابِعُ وَ الْعِشْرِینَ مِنْ رَجَبٍ عَلَی الْمَشْهُورِ، (وَالْغَدِیرِ) و هو الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِی الْحِجَّهِ، (وَ) یوْمِ (الْمُبَاهَلَهِ)، و هو الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ ذِی الْحِجَّهِ عَلَی الْأَصَحِّ.

وَ قِیلَ: الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ، (وَ) یوْمِ (عَرَفَهَ) و أن لَمْ یکنْ بِهَا، (وَنَیرُوزِ الْفُرْسِ).

وَ الْمَشْهُورُ الْآنَ أَنَّهُ یوْمُ نُزُولِ الشَّمْسِ فِی الْحَمَلِ و هو الِاعْتِدَالُ الرَّبِیعِی، (وَالْإِحْرَامِ) لِلْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَهِ (وَالطَّوَافِ) وَاجِبًا کانَ، أَمْ.

نَدْبًا، (وَزِیارَهِ) أَحَدِ (الْمَعْصُومِینَ).

وَ لَوْ اجْتَمَعُوا فِی مَکان وَاحِدٍ تَدَاخَلَ کمَا یتَدَاخَلُ بِاجْتِمَاعِ أَسْبَابِهِ مُطْلَقًا (وَلِلسَّعْی إلَی رُؤْیهِ الْمَصْلُوبِ بَعْدَ ثَلَاثَهِ) أَیامٍ مِنْ صَلْبِهِ مَعَ الرُّؤْیهِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِک مَصْلُوبُ الشَّرْعِ، و غیرهُ (وَالتَّوْبَهِ عَنْ فِسْقٍ، أَوْ کفْرٍ)، بَلْ عَنْ مُطْلَقِ الذَّنْبِ و أن لَمْ یوجِبْ الْفِسْقَ کالصَّغِیرَهِ النَّادِرَهِ.

وَنُبِّهَ بِالتَّسْوِیهِ عَلَی خِلَافِ الْمُفِیدِ حَیثُ

خَصَّهُ بِالْکبَائِرِ، (وَصَلَاهِ الْحَاجَهِ و) صَلَاهِ (الِاسْتِخَارَهِ) لَا مُطْلَقِهِمَا، بَلْ فِی مَوَارِدَ مَخْصُوصَهٍ مِنْ أَصْنَافِهِمَا، فَإِنَّ مِنْهُمَا مَا یفْعَلُ بِغُسْلٍ، و ما یفْعَلُ بِغَیرِهِ عَلَی مَا فُصِّلَ فِی مَحَلِّهِ، (وَدُخُولِ الْحَرَمِ) بِمَکهَ مُطْلَقًا، (وَ) لِدُخُولِ (مَکهَ وَ الْمَدِینَهِ) مُطْلَقًا شَرَّفَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی.

وَ قَیدَ الْمُفِیدُ دُخُولَ الْمَدِینَهِ بِأَدَاءِ فَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ، (وَ) دُخُولِ (الْمَسْجِدَینِ) الْحَرَمَینِ، (وَکذَا) لِدُخُولِ (الْکعْبَهِ) أَعَزَّهَا اللَّهُ تَعَالَی و أن کانَتْ جُزْءًا مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّهُ یسْتَحَبُّ به خصوص دُخُولِهَا، وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ لَمْ ینْوِ دُخُولَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ السَّابِقِ، فَإِنَّهُ لَا یدْخُلُ فِیهِ، کمَا لَا یدْخُلُ غُسْلُ الْمَسْجِدِ فِی غُسْلِ دُخُولِ مَکهَ إلَّا بِنِیتِهِ عِنْدَهُ، وَ هَکذَا، و لو جَمَعَ الْمَقَاصِدَ تَدَاخَلَتْ.

الصَّلَاهُ الْمَنْذُورَهُ وَ شِبْهُهَ

(وَمِنْهَا - الصَّلَاهُ الْمَنْذُورَهُ وَ شِبْهُهَا) مِنْ الْمُعَاهَدِ، وَ الْمَحْلُوفِ عَلَیهِ.

(وَهِی تَابِعَهٌ لِلنَّذْرِ الْمَشْرُوعِ، وَ شِبْهُهُ) فَمَتَی نَذَرَ هَیئَهً مَشْرُوعَهً فِی وَقْتِ إیقَاعِهَا، أَوْ عَدَدًا مَشْرُوعًا انْعَقَدَتْ.

وَ احْتُرِزَ بِالْمَشْرُوعِ عَمَّا لَوْ نَذَرَهَا عِنْدَ تَرْک وَاجِبٍ، أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ شُکرًا، أَوْ عَکسِهِ زَجْرًا، أَوْ رَکعَتَینِ بِرُکوعٍ وَاحِدٍ، أَوْ سَجْدَتَینِ وَ نَحْوِ ذَلِک، و منه نَذْرُ صَلَاهِ الْعِیدِ فِی غَیرِهِ وَ نَحْوِهَا.

وَ ضَابِطُ الْمَشْرُوعِ مَا کانَ فِعْلُهُ جَائِزًا قَبْلَ النَّذْرِ فِی ذَلِک الْوَقْتِ، فَلَوْ نَذَرَ رَکعَتَینِ جَالِسًا، أَوْ مَاشِیا، أَوْ به غیر سُورَهٍ، أَوْ إلَی غَیرِ الْقِبْلَهِ مَاشِیا، أَوْ رَاکبًا وَ نَحْوَ ذَلِک انْعَقَدَ، و لو أَطْلَقَ فَشَرْطُهَا شَرْطُ الْوَاجِبَهِ فِی أَجْوَدِ الْقَوْلَینِ.

صَلَاهُ النِّیابَهِ بِإِجَارَهٍ عن المیت

(وَمِنْهَا - صَلَاهُ النِّیابَهِ بِإِجَارَهٍ) عَنْ الْمَیتِ تَبَرُّعًا، أَوْ بِوَصِیتِهِ النَّافِذَهِ، (أَوْ تَحَمُّلٍ) مَنْ الْوَلِی و هو أَکبَرُ الْوَلَدِ الذُّکورِ (عَنْ الْأَبِ) لِمَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاهِ فِی مَرَضِهِ، أَوْ سَهْوًا، أَوْ مُطْلَقًا، وَ سَیأْتِی تَحْرِیرُهُ (وَهِی بِحَسَبِ مَا یلْتَزِمُ بِهِ) کیفِیهً وَ کمِّیهً.

صَلَاهُ

الِاسْتِسْقَاء

(وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ - صَلَاهُ الِاسْتِسْقَاءِ) و هو طَلَبُ السُّقْیا، و هو أَنْوَاعٌ: أَدْنَاهُ الدُّعَاءُ بِلَا صَلَاهٍ، وَ لَا خَلْفَ صَلَاهٍ، وَ أَوْسَطُهُ الدُّعَاءُ خَلْفَ.

الصَّلَاهِ، وَ أَفْضَلُهُ الِاسْتِسْقَاءُ بِرَکعَتَینِ، وَ خُطْبَتَینِ، (وَهِی کالْعِیدَینِ) فِی الْوَقْتِ، وَ التَّکبِیرَاتِ الزَّائِدَهِ فِی الرَّکعَتَینِ وَ الْجَهْرِ، وَ الْقِرَاءَهِ، وَ الْخُرُوجِ إلَی الصَّحْرَاءِ، و غیر ذَلِک، إلَّا أَنَّ الْقُنُوتَ هُنَا بِطَلَبِ الْغَیثِ، وَ تَوْفِیرِ الْمِیاهِ، وَ الرَّحْمَهِ (وَیحَوِّلُ) الْإِمَامُ و غیرهُ (الرِّدَاءَ یمِینًا وَ یسَارًا) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاهِ فَیجْعَلُ یمِینَهُ یسَارَهُ، وَ بِالْعَکسِ، لِلِاتِّبَاعِ، وَ التَّفَاؤُلِ، و لو جَعَلَ مَعَ ذَلِک أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَ ظَاهِرَهُ بَاطِنَهُ کانَ حَسَنًا، وَ یتْرَک مُحَوَّلًا حَتَّی ینْزَعَ.

(وَلْتَکنْ الصَّلَاهُ بَعْدَ صَوْمِ ثَلَاثَهِ) أَیامٍ، أَطْلَقَ بُعْدِیتَهَا عَلَیهَا تَغْلِیبًا، لِأَنَّهَا تَکونُ فِی أَوَّلِ الثَّالِثِ (آخِرُهَا الِاثْنَینِ) و هو مَنْصُوصٌ فَلِذَا قَدَّمَهُ، (أَوْ الْجُمُعَهُ) لِأَنَّهَا وَقْتٌ لِإِجَابَهِ الدُّعَاءِ حَتَّی رُوِی أَنَّ الْعَبْدَ لَیسْأَلُ الْحَاجَهَ فَیؤَخَّرُ قَضَاؤُهَا إلَی الْجُمُعَهِ، (وَ) بَعْدَ (التَّوْبَهِ) إلَی اللَّهِ تَعَالَی مِنْ الذُّنُوبِ، وَ تَطْهِیرِ الْأَخْلَاقِ مِنْ الرَّذَائِلِ، (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) لِأَنَّ ذَلِک أَرْجَی لِلْإِجَابَهِ، و قد یکونُ الْقَحْطُ بِسَبَبِ هَذِهِ کمَا رُوِی، وَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَظَالِمِ مِنْ جُمْلَهِ التَّوْبَهِ جُزْءًا، أَوْ شَرْطًا، وَ خَصَّهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا، وَ لْیخْرُجُوا حُفَاهً وَ نِعَالُهُمْ بِأَیدِیهِمْ، فِی ثِیابٍ بِذْلَهٍ وَ تَخَشُّعٍ، وَ یخْرِجُونَ الصِّبْیانَ، وَ الشُّیوخَ، وَ الْبَهَائِمَ، لِأَنَّهُمْ مَظِنَّهُ الرَّحْمَهِ عَلَی الْمُذْنِبِینَ، فَإِنْ سُقُوا وَ إِلَّا عَادُوا ثَانِیا وَ ثَالِثًا مِنْ غَیرِ قُنُوطٍ، بَانِینَ عَلَی الصَّوْمِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ یفْطِرُوا بَعْدَهُ، وَ إِلَّا فَبِصَوْمٍ مُسْتَأْنَفٍ.

نَافِلَهُ شَهْرِ رَمَضَانَ

(وَمِنْهَا - نَافِلَهُ شَهْرِ رَمَضَانَ) (وَهِی) فِی أَشْهَرِ الرِّوَایاتِ (أَلْفُ رَکعَهٍ) مُوَزَّعَهٍ عَلَی الشَّهْرِ (غَیرُ الرَّوَاتِبِ فِی) اللَّیالِی (الْعِشْرِینَ) الْأُوَلُ (عِشْرُونَ: کلَّ لَیلَهٍ: ثَمَانٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَ اثْنَتَا عَشْرَهَ بَعْدَ الْعِشَاءِ)، وَ

یجُوزُ الْعَکسُ، (وَفِی) کلِّ لَیلَهٍ مِنْ (الْعَشْرِ الْأَخِیرَهِ ثَلَاثُونَ) رَکعَهً: ثَمَانٍ مِنْهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَ الْبَاقِی بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَ یجُوزُ اثْنَتَا عَشْرَهَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَ الْبَاقِی بَعْدَ الْعِشَاءِ (وَفِی لَیالِی الْأَفْرَادِ) الثَّلَاثِ، و هی التَّاسِعَهَ عَشْرَهَ، وَ الْحَادِیهُ وَ الْعِشْرُونَ، وَ الثَّالِثَهَ وَ الْعِشْرُونَ، (کلُّ لَیلَهٍ مِائَهٌ) مُضَافَهً إلَی مَا عُینَ لَهَا سَابِقًا، و ذلک تَمَامُ الْأَلْفِ خَمْسُمِائَهٍ فِی الْعِشْرِینَ، وَ خَمْسُمِائَهٍ فِی الْعَشْرِ.

(وَیجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَیهَا فَیفَرِّقُ الثَّمَانِینَ) الْمُتَخَلِّفَهَ و هی الْعِشْرُونَ فِی التَّاسِعَهَ عَشَرَ، وَ السِّتُّونَ فِی اللَّیلَتَینِ بَعْدَهَا (عَلَی الْجَمْعِ) الْأَرْبَعِ، فَیصَلِّی فِی یوْمِ کلِّ جُمُعَهٍ عَشْرًا بِصَلَاهِ عَلِی وَ فَاطِمَهَ وَ جَعْفَرٍ عَلَیهِمْ السَّلَامُ و لو اتَّفَقَ فِیهِ خَامِسَهً تَخَیرَ فِی السَّاقِطَهِ.

وَ یجُوزُ أَنْ یجْعَلَ لَهَا قِسْطًا یتَخَیرُ فِی کمِّیتِهِ، وَ فِی لَیلَهِ آخِرِ جُمُعَهٍ عِشْرُونَ بِصَلَاهِ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ، وَ فِی لَیلَهِ آخِرِ سَبْتٍ عِشْرُونَ بِصَلَاهِ فَاطِمَهَ عَلَیهَا السَّلَامُ وَ أُطْلِقَ تَفْرِیقُ الثَّمَانِینَ عَلَی الْجَمْعِ مَعَ وُقُوعِ عِشْرِینَ مِنْهَا لَیلَهَ السَّبْتِ تَغْلِیبًا، وَ لِأَنَّهَا عَشِیهُ جُمُعَهٍ تُنْسَبُ إلَیهَا فِی الْجُمْلَهِ.

وَ لَوْ نَقَصَ الشَّهْرُ سَقَطَتْ وَظِیفَهُ لَیلَهِ الثَّلَاثِینَ، و لو فَاتَ شَیءٌ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ قَضَاؤُهُ و لو نَهَارًا وَ فِی غَیرِهِ، وَ الْأَفْضَلُ قَبْلَ خُرُوجِهِ.

نَافِلَهُ الزِّیارَهِ

(وَمِنْهَا - نَافِلَهُ الزِّیارَهِ) لِلْأَنْبِیاءٍ وَ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ.

وَ أَقَلُّهَا رَکعَتَانِ تُهْدَی لِلْمَزُورِ، وَ وَقْتُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَ السَّلَامِ، وَ مَکانُهَا مَشْهَدُهُ و ما قَارَبَهُ وَ أَفْضَلُهُ عِنْدَ الرَّأْسِ بِحَیثُ یجْعَلُ الْقَبْرُ عَلَی یسَارِهِ، وَ لَا یسْتَقْبِلُ شَیئًا مِنْهُ.

(وَ) صَلَاهُ (الِاسْتِخَارَهِ) بِالرِّقَاعِ السِّتِّ و غیرهَا.

(وَ) صَلَاهُ (الشُّکرِ) عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَهٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَهٍ عَلَی مَا رُسِمَ فِی کتُبٍ مُطَوَّلَهٍ، أَوْ مُخْتَصَّهٍ بِهِ (وَغَیرُ ذَلِک) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَسْنُونَهِ کصَلَاهِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم یوْمَ

الْجُمُعَهِ، و علی وَ فَاطِمَهَ وَ جَعْفَرٍ و غیرهِمْ عَلَیهِمْ السَّلَامُ.

(وَأَمَّا النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَهُ فَلَا حَصْرَ لَهَا) فَإِنَّهَا قُرْبَانُ کلِّ تَقِی، وَ خَیرُ مَوْضُوعٍ فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ و من شَاءَ اسْتَکثَرَ.

الفصل السابع: فی احکام الخلل الواقع فی الصلاه

الفصل السابع: فی احکام الخلل الواقع فی الصلاه

الخلل الواقع فی الصلاه (سجده السهو و صلاه الاحتیاط)

(الْفَصْلُ السَّابِعُ) (فِی) بَیانِ أَحْکامِ (الْخَلَلِ) الْوَاقِعِ (فِی الصَّلَاهِ) الْوَاجِبَهِ (وَهُوَ) أَی الْخَلَلُ (إمَّا) أَنْ یکونَ صَادِرًا (عَنْ عَمْدٍ) وَ قَصْدٍ إلَی الْخَلَلِ سَوَاءٌ کانَ عَالِمًا بِحُکمِهِ، أَمْ لَا، (أَوْ سَهْوٍ) بِعُزُوبِ الْمَعْنَی عَنْ الذِّهْنِ حَتَّی حَصَلَ بِسَبَبِهِ إهْمَالُ بَعْضِ الْأَفْعَالِ، (أَوْ شَک) و هو تَرَدُّدُ الذِّهْنِ بَینَ طَرَفَی النَّقِیضِ، حَیثُ لَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ.

وَ الْمُرَادُ بِالْخَلَلِ الْوَاقِعِ عَنْ عَمْدٍ وَ سَهْوٍ تَرْک شَیءٍ مِنْ أَفْعَالِهَا، وَ بِالْوَاقِعِ عَنْ شَک النَّقْصِ الْحَاصِلِ لِلصَّلَاهِ بِنَفْسِ الشَّک، لَا أَنَّهُ کانَ سَبَبًا لِلتَّرْک کقَسِیمَیهِ (فَفِی الْعَمْدِ تَبْطُلُ) الصَّلَاهُ (لِلْإِخْلَالِ) أَی بِسَبَبِ الْإِخْلَالِ (بِالشَّرْطِ) کالطَّهَارَهِ وَ السَّتْرِ، (أَوْ الْجُزْءِ) و أن لَمْ یکنْ رُکنًا کالْقِرَاءَهِ، وَ أَجْزَائِهَا حَتَّی الْحَرْفِ الْوَاحِدِ، و من الْجُزْءِ الْکیفِیهُ لِأَنَّهَا جُزْءٌ صُورِی.

(وَلَوْ کانَ) الْمُخِلُّ (جَاهِلًا) بِالْحُکمِ الشَّرْعِی کالْوُجُوبِ، أَوْ الْوَضْعِی کالْبُطْلَانِ (إلَّا الْجَهْرَ وَ الْإِخْفَاتَ) فِی مَوَاضِعِهِمَا فَیعْذَرُ الْجَاهِلُ بِحُکمِهِمَا، و أن عَلِمَ بِهِ فِی مَحَلِّهِ، کمَا لَوْ ذَکرَ النَّاسِی (وَفِی السَّهْوِ یبْطُلُ مَا سَلَفَ) مِنْ السَّهْوِ عَنْ أَحَدِ الْأَرْکانِ الْخَمْسَهِ إذَا لَمْ یذْکرْهُ حَتَّی تَجَاوَزَ مَحَلَّهُ، (وَفِی الشَّک) فِی شَیءٍ مِنْ ذَلِک (لَا یلْتَفَتُ إذَا تَجَاوُزِ مَحَلِّهِ).

وَ الْمُرَادُ بِتَجَاوُزِ مَحَلِّ الْجُزْءِ الْمَشْکوک فِیهِ، الِانْتِقَالُ إلَی جُزْءٍ آخَرَ بَعْدَهُ بِأَنْ شَک فِی النِّیهِ بَعْدَ أَنْ کبَّرَ، أَوْ فِی التَّکبِیرِ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ، أَوْ شَرَعَ فِیهِمَا، أَوْ فِی الْقِرَاءَهِ وَ أَبْعَاضِهَا بَعْدَ الرُّکوعِ، أَوْ فِیهِ بَعْدَ السُّجُودِ، أَوْ فِیهِ

أَوْ فِی التَّشَهُّدِ بَعْدَ الْقِیامِ.

وَ لَوْ کانَ الشَّک فِی السُّجُودِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، أَوْ فِی أَثْنَائِهِ وَ لَمَّا یقُمْ فَفِی الْعَوْدِ إلَیهِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، أَمَّا مُقَدِّمَاتُ الْجُزْءِ کالْهَوِی، وَ الْأَخْذِ فِی الْقِیامِ قَبْلَ الْإِکمَالِ فَلَا یعَدُّ انْتِقَالًا إلَی جُزْءٍ، وَ کذَا الْفِعْلُ الْمَنْدُوبُ کالْقُنُوتِ.

(وَلَوْ کانَ) الشَّک (فِیهِ) أَی فِی مَحَلِّهِ (أَتَی بِهِ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ فِعْلِهِ، (فَلَوْ ذَکرَ فِعْلَهُ) سَابِقًا بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ ثَانِیا (بَطَلَتْ) الصَّلَاهُ (إنْ کانَ رُکنًا) لَتَحَقُّقِ زِیادَهِ الرُّکنِ الْمُبْطِلَهِ.

وَ إِنْ کانَ سَهْوًا، و منه مَا لَوْ شَک فِی الرُّکوعِ و هو قَائِمٌ فَرَکعَ، ثُمَّ ذَکرَ فِعْلَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ، لِأَنَّ ذَلِک هُوَ الرُّکوعُ، وَ الرَّفْعُ مِنْهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَیهِ کزِیادَهِ الذِّکرِ وَ الطُّمَأْنِینَهِ (وَإِلَّا یکنْ) رُکنًا (فَلَا) إبْطَالَ لِوُقُوعِ الزِّیادَهِ سَهْوًا (وَلَوْ نَسِی غَیرَ الرُّکنِ) مِنْ الْأَفْعَالِ و لم یذْکرْ حَتَّی تَجَاوَزَ مَحَلَّهُ (فَلَا الْتِفَاتَ) بِمَعْنَی أَنَّ الصَّلَاهَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِک، و لکن قَدْ یجِبُ لَهُ شَیءٌ آخَرُ مِنْ سُجُودٍ، أَوْ قَضَاءٍ، أَوْ هُمَا کمَا سَیأْتِی (وَلَوْ لَمْ یتَجَاوَزْ مَحَلَّهُ أُتِی بِهِ).

وَ الْمُرَادُ بِمَحَلِّ الْمَنْسِی مَا بَینَهُ و بین أَنْ یصِیرَ فِی رُکنٍ، أَوْ یسْتَلْزِمَ الْعَوْدُ إلَی الْمَنْسِی زِیادَهَ رُکنٍ، فَمَحَلُّ السُّجُودِ وَ التَّشَهُّدِ الْمَنْسِیینِ مَا لَمْ یرْکعْ فِی الرَّکعَهِ اللَّاحِقَهِ لَهُ و أن قَامَ، لِأَنَّ الْقِیامَ لَا یتَمَحَّضُ لِلرُّکنِیهِ إلَی أَنْ یرْکعَ کمَا مَرَّ، وَ کذَا الْقِرَاءَهُ وَ أَبْعَاضُهَا وَ صِفَاتُهَا بِطَرِیقٍ أَوْلَی.

وَ أَمَّا ذِکرُ السُّجُودِ وَ وَاجِبَاتُهُ غَیرُ وَضْعِ الْجَبْهَهِ فَلَا یعُودُ إلَیهَا مَتَی رَفَعَ رَأْسَهُ، و أن لَمْ یدْخُلْ فِی رُکنٍ.

وَ وَاجِبَاتُ الرُّکوعِ کذَلِک لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَیهَا یسْتَلْزِمُ زِیادَهَ الرُّکنِ، و أن لَمْ یدْخُلْ فِی رُکنٍ (وَکذَا الرُّکنُ) الْمَنْسِی یأْتِی بِهِ مَا لَمْ یدْخُلْ فِی رُکنٍ آخَرَ،

فَیرْجِعُ إلَی الرُّکوعِ مَا لَمْ یصِرْ سَاجِدًا، وَ إِلَی السُّجُودِ مَا لَمْ یبْلُغْ حَدَّ الرُّکوعِ.

وَ أَمَّا نِسْیانُهُ التَّحْرِیمَهَ إلَی أَنْ شَرَعَ فِی الْقِرَاءَهِ، فَإِنَّهُ و أن کانَ مُبْطِلًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ یدْخُلْ فِی رُکنٍ إلَّا أَنَّ الْبُطْلَانَ مُسْتَنِدٌ إلَی عَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاهِ مِنْ حَیثُ فَوَاتُ الْمُقَارَنَهِ بَینَهَا و بین النِّیهِ، و من ثَمَّ جَعَلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُقَارَنَهَ رُکنًا، فَلَا یحْتَاجُ إلَی الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لِأَنَّ الْکلَامَ فِی الصَّلَاهِ الصَّحِیحَهِ. (وَیقْضِی) مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَنْسِیهِ الَّتِی فَاتَ مَحَلُّهَا (بَعْدَ) إکمَالِ (الصَّلَاهِ السَّجْدَهُ) الْوَاحِدَهُ (وَالتَّشَهُّدُ) أَجْمَعُ، و منه الصَّلَاهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، (وَالصَّلَاهُ عَلَی النَّبِی وَ آلِهِ) لَوْ نَسِیهَا مُنْفَرِدَهً، و مثله مَا لَوْ نَسِی أَحَدَ التَّشَهُّدَینِ فَإِنَّهُ أَوْلَی بِإِطْلَاقِ التَّشَهُّدِ عَلَیهِ، أَمَّا لَوْ نَسِی الصَّلَاهَ عَلَی النَّبِی خَاصَّهً، أَوْ عَلَی آلِهِ خَاصَّهً، فَالْأَجْوَدُ أَنَّهُ لَا یقْضَی، کمَا لَا یقْضَی غَیرُهَا مِنْ أَجْزَاءِ التَّشَهُّدِ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ، بَلْ أَنْکرَ بَعْضُهُمْ قَضَاءَ الصَّلَاهِ عَلَی النَّبِی وَ آلِهِ لِعَدَمِ النَّصِّ، وَ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی بِأَنَّ التَّشَهُّدَ یقْضَی بِالنَّصِّ فَکذَا أَبْعَاضُهُ تَسْوِیهً بَینَهُمَا، و فیه نَظَرٌ لِمَنْعِ کلِّیهِ الْکبْرَی وَ بِدُونِهَا لَا یفِیدُ، وَ سَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّ الصَّلَاهَ مِمَّا تُقْضَی، وَ لَا یقْضَی أَکثَرُ أَجْزَائِهَا، و غیر الصَّلَاهِ مِنْ أَجْزَاءِ التَّشَهُّدِ لَا یقُولُ هُوَ بِقَضَائِهِ، مَعَ وُرُودِ دَلِیلِهِ فِیهِ، نَعَمْ قَضَاءُ أَحَدِ التَّشَهُّدَینِ قَوِی لِصِدْقِ اسْمِ التَّشَهُّدِ عَلَیهِ لَا لِکوْنِهِ جُزْءًا.

إلَّا أَنْ یحْمَلَ التَّشَهُّدُ عَلَی الْمَعْهُودِ، وَ الْمُرَادُ بِقَضَاءِ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ الْإِتْیانُ بِهَا بَعْدَهَا مِنْ بَابِ " فَإِذَا قُضِیتْ الصَّلَاهُ " لَا الْقَضَاءُ الْمَعْهُودُ، إلَّا مَعَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَهُ.

(وَیسْجُدُ لَهُمَا) کذَا فِی النُّسَخِ بِتَثْنِیهِ الضَّمِیرِ جَعْلًا لِلتَّشَهُّدِ وَ الصَّلَاهِ بِمَنْزِلَهِ وَاحِدٍ، لِأَنَّهَا جُزْؤُهُ و لو جَمَعَهُ کانَ أَجْوَدَ (سَجْدَتَی السَّهْوِ).

وَ

الْأَوْلَی تَقْدِیمُ الْأَجْزَاءِ عَلَی السُّجُودِ لَهَا کتَقْدِیمِهَا عَلَیهِ بِسَبَبِ غَیرِهَا و أن تَقَدَّمَ، وَ تَقْدِیمُ سُجُودِهَا عَلَی غَیرِهِ و أن تَقَدَّمَ سَبَبُهُ أَیضًا وَ أَوْجَبَ الْمُصَنِّفُ ذَلِک کلَّهُ فِی الذِّکرَی، لِارْتِبَاطِ الْأَجْزَاءِ بِالصَّلَاهِ، وَ سُجُودِهَا بِهَا.

(وَیجِبَانِ أَیضًا) مُضَافًا إلَی مَا ذَکرَ (لِلتَّکلُّمِ نَاسِیا، وَ لِلتَّسْلِیمِ فِی الْأُولَیینِ نَاسِیا) بَلْ لِلتَّسْلِیمِ فِی غَیرِ مَحَلِّهِ مُطْلَقًا، (وَ) الضَّابِطُ وُجُوبُهُمَا (لِلزِّیادَهِ، أَوْ النَّقِیصَهِ غَیرِ الْمُبْطِلَهِ) لِلصَّلَاهِ، لِرِوَایهِ سُفْیانَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ.

وَ یتَنَاوَلُ ذَلِک زِیادَهَ الْمَنْدُوبِ نَاسِیا، وَ نُقْصَانَهُ حَیثُ یکونُ قَدْ عَزَمَ عَلَی فِعْلِهِ کالْقُنُوتِ، وَ الْأَجْوَدُ خُرُوجُ الثَّانِی إذْ لَا یسَمَّی ذَلِک نُقْصَانًا، وَ فِی دُخُولِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ، لِأَنَّ السَّهْوَ لَا یزِیدُ عَلَی الْعَمْدِ.

وَ فِی الدُّرُوسِ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِمَا لِکلِّ زِیادَهٍ، وَ نُقْصَانٍ لَمْ نَظْفَرْ بِقَائِلِهِ وَ لَا بِمَأْخَذِهِ، وَ الْمَأْخَذُ مَا ذَکرْنَاهُ، و هو مِنْ جُمْلَهِ الْقَائِلِینَ بِهِ، وَ قَبْلَهُ الْفَاضِلُ، وَ قَبْلَهُمَا الصَّدُوقُ.

(وَلِلْقِیامِ فِی مَوْضِعِ قُعُودٍ وَ عَکسِهِ) نَاسِیا، و قد کانَا دَاخِلَینِ فِی الزِّیادَهِ وَ النُّقْصَانِ، و إنّما خَصَّهُمَا تَأْکیدًا، لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بِوُجُوبِهِ لَهُمَا مَنْ لَمْ یقُلْ بِوُجُوبِهِ لَهُمَا مُطْلَقًا، (وَلِلشَّک بَینَ الْأَرْبَعِ وَ الْخَمْسِ) حَیثُ تَصِحُّ مَعَهُ الصَّلَاهُ، (وَتَجِبُ فِیهِمَا النِّیهُ) الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی قَصْدِهِمَا، وَ تَعْیینُ السَّبَبِ إنْ تَعَدَّدَ، وَ إِلَّا فَلَا، وَ اسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی اعْتِبَارَهُ مُطْلَقًا، وَ فِی غَیرِهَا عَدَمَهُ مُطْلَقًا، وَ اخْتَلَفَ أَیضًا اخْتِیارُهُ فِی اعْتِبَارِ نِیهِ الْأَدَاءِ، أَوْ الْقَضَاءِ فِیهِمَا، و فی الوَجْهِ: وَ اعْتِبَارِهِمَا أَوْلَی، وَ النِّیهُ مُقَارِنَهً لِوَضْعِ الْجَبْهَهِ عَلَی مَا یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهِ، أَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَی الْأَقْوَی.

(وَمَا یجِبُ فِی سُجُودِ الصَّلَاهِ) مِنْ الطَّهَارَهِ و غیرهَا مِنْ الشَّرَائِطِ، وَ وَضْعِ الْجَبْهَهِ عَلَی مَا یصِحُّ السُّجُودُ عَلَیهِ، وَ السُّجُودِ عَلَی الْأَعْضَاءِ السَّبْعَهِ

و غیرهِمَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَ الذِّکرِ، إلَّا أَنَّهُ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا رَوَاهُ الْحَلَبِی عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ (وَذِکرُهُمَا " بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاَللَّهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ").

وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ، " و علی آلِ مُحَمَّدٍ "، و فی الدُّرُوسِ " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ " (أَوْ " بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاَللَّهِ وَ السَّلَامُ عَلَیک أَیهَا النَّبِی وَ رَحْمَهُ اللَّهُ وَ بَرَکاتُهُ ")، أَوْ بِحَذْفِ وَ او الْعَطْفِ مِنْ السَّلَامِ وَ الْجَمِیعُ مَرْوِی مُجْزِئٌ، (ثُمَّ یتَشَهَّدُ) بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مُعْتَدِلًا (وَیسَلِّمُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَینَ الْأَصْحَابِ، وَ الرِّوَایهُ الصَّحِیحَهُ دَالَّهٌ عَلَیهِ و فیه أَقْوَالٌ أُخَرُ ضَعِیفَهُ الْمُسْتَنَدِ.

(وَالشَّاک فِی عَدَدِ الثُّنَائِیهِ، أَوْ الثُّلَاثِیهِ، أَوْ فِی الْأُولَیینِ مَنْ الرُّبَاعِیهِ أَوْ فِی عَدَدٍ غَیرِ مَحْصُورٍ) بِأَنْ لَمْ یدْرِ کمْ صَلَّی رَکعَهً، (أَوْ قَبْلَ إکمَالِ السَّجْدَتَینِ) الْمُتَحَقِّقِ بِإِتْمَامِ ذِکرِ السَّجْدَهِ الثَّانِیهِ (فِیمَا یتَعَلَّقُ بِالْأُولَیینِ) و أن أَدْخَلَ مَعَهُمَا غَیرَهُمَا، وَ بِهِ یمْتَازُ عَنْ الثَّالِثِ (یعِیدُ) الصَّلَاهَ لَا بِمُجَرَّدِ الشَّک بَلْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ بِالتَّرَوِّی عِنْدَ عُرُوضِهِ، و لم یحْصُلْ ظَنٌّ بِطَرَفٍ مِنْ مُتَعَلَّقِهِ، وَ إِلَّا بُنِی عَلَیهِ فِی الْجَمِیعِ، وَ کذَا فِی غَیرِهِ مِنْ أَقْسَامِ الشَّک (وَإِنْ أَکمَلَ) الرَّکعَتَینِ (الْأُولَیینِ) بِمَا ذَکرْنَاهُ مِنْ ذِکرِ الثَّانِیهِ، و أن لَمْ یرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْهَا (وَشَک فِی الزَّائِدِ) بَعْدَ التَّرَوِّی.

(فَهُنَا صُوَرٌ خَمْسٌ) تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَی أَوْ أَنَّهَا مَنْصُوصَهٌ، وَ إِلَّا فَصُوَرُ الشَّک أَزِیدُ مِنْ ذَلِک کمَا حَرَّرَهُ فِی رِسَالَهِ الصَّلَاهِ وَ سَیأْتِی أَنَّ الْأُولَی غَیرُ مَنْصُوصَهٍ (الشَّک بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الثَّلَاثِ) بَعْدَ الْإِکمَالِ، (وَالشَّک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ) مُطْلَقًا، (وَیبْنِی عَلَی الْأَکثَرِ فِیهِمَا ثُمَّ یحْتَاطُ) بَعْدَ التَّسْلِیمِ (بِرَکعَتَینِ جَالِسًا، أَوْ رَکعَهٍ قَائِمًا.

وَ الشَّک بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الْأَرْبَعِ

یبْنِی عَلَی الْأَرْبَعِ وَ یحْتَاطُ بِرَکعَتَینِ قَائِمًا، وَ الشَّک بَینَ الِاثْنَینِ وَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ یبْنِی عَلَی الْأَرْبَعِ وَ یحْتَاطُ بِرَکعَتَینِ قَائِمًا ثُمَّ بِرَکعَتَینِ جَالِسًا عَلَی الْمَشْهُورِ) وَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِی عُمَیرٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ، عَاطِفًا لِرَکعَتَی الْجُلُوسِ بِثُمَّ کمَا ذَکرْنَا هُنَا، فَیجِبُ التَّرْتِیبُ بَینَهُمَا.

وَ فِی الدُّرُوسِ جَعَلَهُ أَوْلَی، وَ قِیلَ: یجُوزُ إبْدَالُ الرَّکعَتَینِ جَالِسًا بِرَکعَهٍ قَائِمًا، لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَی الْمُحْتَمَلِ فَوَاتُهُ، و هو حَسَنٌ، (وَ قِیلَ یصَلِّی رَکعَهً قَائِمًا، وَ رَکعَتَینِ جَالِسًا) ذَکرَهُ الصَّدُوقُ (ابْنُ بَابَوَیهِ) وَ أَبُوهُ وَ ابْنُ الْجُنَیدِ (وَهُوَ قَرِیبٌ) مِنْ حَیثُ الِاعْتِبَارُ.

لِأَنَّهُمَا ینْضَمَّانِ حَیثُ تَکونُ الصَّلَاهُ اثْنَتَینِ، وَ یجْتَزِی بِإِحْدَاهُمَا حَیثُ تَکونُ ثَلَاثًا، إلَّا أَنَّ الْأَخْبَارَ تَدْفَعُهُ، (وَالشَّک بَینَ الْأَرْبَعِ وَ الْخَمْسِ، و حکمهُ قَبْلَ الرُّکوعِ کالشَّک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ) فَیهْدِمُ الرَّکعَهَ وَ یتَشَهَّدُ وَ یسَلِّمُ وَ یصِیرُ بِذَلِک شَاکا بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ فَیلْزَمُهُ حُکمُهُ، وَ یزِیدُ عَنْهُ سَجْدَتَی السَّهْوِ لِمَا هَدَمَهُ مِنْ الْقِیامِ، وَ صَاحَبَهُ مِنْ الذِّکرِ.

(وَبَعْدَهُ) أَی بَعْدَ الرُّکوعِ سَوَاءٌ کانَ قَدْ سَجَدَ، أَمْ لَا (یجِبُ سَجْدَتَا السَّهْوِ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ.

" بِأَنَّ مَنْ لَمْ یدْرِ أَرْبَعًا صَلَّی، أَمْ خَمْسًا یتَشَهَّدُ وَ یسَلِّمُ وَ یسْجُدُ سَجْدَتَی السَّهْوِ ".

(وَ قِیلَ: تَبْطُلُ الصَّلَاهُ لَوْ شَک وَ لَمَّا یکمُلْ السُّجُودُ إذَا کانَ قَدْ رَکعَ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَنْصُوصِ، فَإِنَّهُ لَمْ یکمِلْ الرَّکعَهَ حَتَّی یصَدَّقَ عَلَیهِ أَنَّهُ شَک بَینَهُمَا، وَ تَرَدُّدِهِ بَینَ الْمَحْذُورَینِ: الْإِکمَالِ الْمُعَرِّضِ لِلزِّیادَهِ، وَ الْهَدْمِ الْمُعَرِّضِ لِلنُّقْصَانِ (وَالْأَصَحُّ الصِّحَّهُ) لِقَوْلِهِمْ عَلَیهِمْ السَّلَامُ: " مَا أَعَادَ الصَّلَاهَ فَقِیهٌ " یحْتَالُ فِیهَا وَ یدْبِرُهَا، حَتَّی لَا یعِیدَهَا وَ لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزِّیادَهِ وَ احْتِمَالِهَا لَوْ أَثَّرَ لِأَثَّرَ فِی جَمِیعِ صُوَرِهَا، وَ الْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ زِیادَهُ الرُّکنِ، لَا الرُّکنِ الْمُحْتَمَلِ زِیادَتُهُ.

مسائل سبع

الاولی: غلب

علی ظنه بعد التروی

(مَسَائِلُ سَبْعٌ) الْأُولَی - (لَوْ غَلَبَ عَلَی ظَنِّهِ) بَعْدَ التَّرَوِّی (أَحَدُ طَرَفَی مَا شَک فِیهِ، أَوْ أَطْرَافِهِ بَنَی عَلَیهِ) أَی عَلَی الطَّرَفِ الَّذِی غَلَبَ عَلَیهِ ظَنُّهُ، وَ الْمُرَادُ أَنَّهُ غَلَبَ ظَنُّهُ عَلَیهِ ثَانِیا، بَعْدَ أَنْ شَک فِیهِ أَوَّلًا، لِأَنَّ الشَّک لَا یجَامِعُ غَلَبَهَ الظَّنِّ، لِمَا عَرَفْتَ مِنْ اقْتِضَاءِ الشَّک تَسَاوِی الطَّرَفَینِ، وَ الظَّنُّ رُجْحَانُ أَحَدِهِمَا.

وَ لَا فَرْقَ فِی الْبِنَاءِ عَلَی الطَّرَفِ الرَّاجِحِ بَینَ الْأُولَیینِ و غیرهِمَا، وَ لَا بَینَ الرُّبَاعِیهِ و غیرهَا، وَ مَعْنَی الْبِنَاءِ عَلَیهِ فَرْضُهُ وَاقِعًا، وَ الْتِزَامُ حُکمِهِ مِنْ صِحَّهٍ وَ بُطْلَانٍ، وَ زِیادَهٍ وَ نُقْصَانٍ، فَإِنْ کانَ فِی الْأَفْعَالِ وَ غَلَبَ الْفِعْلُ بَنَی عَلَی و ُقُوعِهِ، أَوْ عَدَمُهُ فَعَلَهُ إنْ کانَ فِی مَحَلِّهِ، وَ فِی عَدَدِ الرَّکعَاتِ یجْعَلُ الْوَاقِعُ مَا ظَنَّهُ مِنْ غَیرِ احْتِیاطٍ.

فَإِنْ غَلَّبَ الْأَقَلَّ بَنَی عَلَیهِ وَ أَکمَلَ، و أن غَلَّبَ الْأَکثَرَ مِنْ غَیرِ زِیادَهٍ فِی عَدَدِ الصَّلَاهِ کالْأَرْبَعِ تَشَهَّدَ وَ سَلَّمَ، و أن کانَ زِیادَهً کمَا لَوْ غَلَّبَ ظَنَّهُ عَلَی الْخَمْسِ صَارَ کأَنَّهُ زَادَ رَکعَهً آخِرَ الصَّلَاهِ، فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ یکنْ جَلَسَ عَقِیبَ الرَّابِعَهِ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ وَ هَکذَا.

(وَلَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ الِاحْتِیاطِ، أَوْ الْأَجْزَاءِ الْمَنْسِیهِ) الَّتِی تَتَلَافَی بَعْدَ الصَّلَاهِ (تَطَهَّرَ وَ أَتَی بِهَا) مِنْ غَیرِ أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاهُ (عَلَی الْأَقْوَی) لِأَنَّهُ صَلَاهٌ مُنْفَرِدَهٌ، و من ثَمَّ وَجَبَ فِیهَا النِّیهُ وَ التَّحْرِیمَهُ وَ الْفَاتِحَهُ، وَ لَا صَلَاهَ إلَّا بِهَا وَ کوْنُهَا جَبْرًا لِمَا یحْتَمَلُ نَقْصُهُ مِنْ الْفَرِیضَهِ و من ثَمَّ وَجَبَتْ الْمُطَابَقَهُ بَینَهُمَا لَا یقْتَضِی الْجُزْئِیهَ، بَلْ یحْتَمَلُ ذَلِک، وَ الْبَدَلِیهُ إذْ لَا یقْتَضِی الْمُسَاوَاهَ مِنْ کلِّ وَجْهٍ، وَ لِأَصَالَهِ الصِّحَّهِ.

وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی مُخْتَصَرَاتِهِ، وَ اسْتَضْعَفَهُ فِی الذِّکرَی، بِنَاءً عَلَی أَنَّ شَرْعِیتَهُ لِیکونَ اسْتِدْرَاکا لِلْفَائِتِ مِنْهَا.

فَهُوَ

عَلَی تَقْدِیرِ وُجُوبِهِ جُزْءٌ، فَیکونُ الْحَدَثُ وَاقِعًا فِی الصَّلَاهِ، وَ لِدَلَالَهِ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ عَلَیهِ.

وَ قَدْ عَرَفْتَ دَلَالَهَ الْبَدَلِیهِ، وَ الْأَخْبَارُ إنَّمَا دَلَّتْ عَلَی الْفَوْرِیهِ وَ لَا نِزَاعَ فِیهَا، و إنّما الْکلَامُ فِی أَنَّهُ بِمُخَالَفَتِهَا هَلْ یأْثَمُ خَاصَّهً - کمَا هُوَ مُقْتَضَی کلِّ وَاجِبٍ - أَمْ یبْطِلُهَا.

وَ أَمَّا الْأَجْزَاءُ الْمَنْسِیهُ فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ کوْنِهَا جُزْءًا مَحْضًا، وَ تَلَاقِیهَا بَعْدَ الصَّلَاهِ فِعْلٌ آخَرُ.

وَ لَوْ بَقِیتْ عَلَی مَحْضِ الْجُزْئِیهِ کمَا کانَتْ لَبَطَلَتْ بِتَخَلُّلِ الْأَرْکانِ بَینَ مَحَلِّهَا وَ تَلَافِیهَا.

(وَلَوْ ذَکر مَا فَعَلَ فَلَا إعَادَهَ إلَّا أَنْ یکونَ قَدْ أَحْدَثَ) أَی دَبْرَ نُقْصَانِ الصَّلَاهِ بِحَیثُ یحْتَاجُ إلَی إکمَالِهَا بِمِثْلِ مَا فَعَلَ صَحَّتْ الصَّلَاهُ و کان الِاحْتِیاطُ مُتَمِّمًا لَهَا و أن اشْتَمَلَ عَلَی زِیادَهِ الْأَرْکانِ مِنْ النِّیهِ، وَ التَّکبِیرِ، وَ نُقْصَانِ بَعْضٍ کالْقِیامِ لَوْ احْتَاطَ جَالِسًا، وَ زِیادَهِ الرُّکوعِ، وَ السُّجُودِ فِی الرَّکعَاتِ الْمُتَعَدِّدَهِ لِلِامْتِثَالِ الْمُقْتَضِی لِلْإِجْزَاءِ، و لو اُعْتُبِرَتْ الْمُطَابَقَهُ مَحْضًا لَمْ یسْلَمْ احْتِیاطٌ ذَکرَ فَاعِلُهُ الْحَاجَهَ إلَیهِ، لِتَحَقُّقِ الزِّیادَهِ و أن لَمْ تَحْصُلْ الْمُخَالَفَهُ، وَ یشْمَلُ ذَلِک مَا لَوْ أَوْجَبَ الشَّک احْتِیاطَینِ، و هو ظَاهِرٌ مَعَ الْمُطَابَقَهِ، کمَا لَوْ تَذَکرَ أَنَّهَا اثْنَتَانِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ رَکعَتَی الْقِیامِ، و لو ذَکرَ أَنَّهَا ثَلَاثٌ اُحْتُمِلَ کوْنُهُ کذَلِک، و هو ظَاهِرُ الْفَتْوَی لِمَا ذُکرَ.

وَ إِلْحَاقُهُ بِمَنْ زَادَ رَکعَهً آخِرَ الصَّلَاهِ سَهْوًا، وَ کذَا لَوْ ظَهَرَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَقْدِیمِ صَلَاهِ الْجُلُوسِ، أَوْ الرَّکعَهِ قَائِمًا إنْ جَوَّزْنَاهُ وَ لَعَلَّهُ السِّرُّ فِی تَقْدِیمِ رَکعَتَی الْقِیامِ.

وَ عَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ لَا تَظْهَرُ الْمُخَالَفَهُ إلَّا فِی الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مِنْ فُرُوضِهَا، وَ أَمْرُهُ سَهْلٌ مَعَ إطْلَاقِ النَّصِّ، وَ تَحَقُّقِ الِامْتِثَالِ الْمُوجِبِ لِلْإِجْزَاءِ وَ کیفَ کانَ فَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ قِیامِ رَکعَتَینِ مِنْ جُلُوسٍ مَقَامَ رَکعَهٍ مِنْ قِیامٍ إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَهُ

إلَیهِ فِی جَمِیعِ الصُّوَرِ.

هَذَا إذَا ذُکرَ بَعْدَ تَمَامِهِ، و لو کانَ فِی أَثْنَائِهِ فَکذَلِک مَعَ الْمُطَابَقَهِ أَوْ لَمْ یتَجَاوَزْ الْقَدْرَ الْمُطَابَقَ فَلْیسَلِّمْ عَلَیهِ.

وَ یشْکلْ مَعَ الْمُخَالَفَهِ - خُصُوصًا مَعَ الْجُلُوسِ - إذَا کانَ قَدْ رَکعَ لِلْأُولَی، لِاخْتِلَالِ نَظْمِ الصَّلَاهِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَیکمِلُ الرَّکعَهَ قَائِمًا، وَ یغْتَفَرُ مَا زَادَهُ مِنْ النِّیهِ، وَ التَّحْرِیمَهُ کالسَّابِقِ وَ ظَاهِرُ الْفَتْوَی اغْتِفَارُ الْجَمِیعِ.

أَمَّا لَوْ کانَ قَدْ أَحْدَثَ أَعَادَ لِظُهُورِهِ فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ، مَعَ احْتِمَالِ الصِّحَّهِ، و لو ذَکرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ تَمَامَ الصَّلَاهِ فَأَوْلَی بِالصِّحَّهِ، و لکن الْعِبَارَهَ لَا تَتَنَاوَلُهُ، و أن دَخَلَ فِی ذِکرِ مَا فَعَلَ إلَّا أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَدَثِ ینَافِیهِ، إذْ لَا فَرْقَ فِی الصِّحَّهِ بَینَ الْحَالَینِ و لو ذَکرَ التَّمَامَ فِی الْأَثْنَاءِ تَخَیرَ بَینَ قَطْعِهِ وَ إِتْمَامِهِ و هو الْأَفْضَلُ.

الثانی: الشک بین الاثنین و الاربع

(الثَّانِیهُ - حَکمَ الصَّدُوقُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَیهِ بِالْبُطْلَانِ) أَی بُطْلَانِ الصَّلَاهِ (فِی) صُورَهِ (الشَّک بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الْأَرْبَعِ) اسْتِنَادًا إلَی مَقْطُوعَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ لَا یدْرِی أَصَلَّی رَکعَتَینِ أَمْ أَرْبَعًا؟ قَالَ: یعِیدُ الصَّلَاهَ، (وَالرِّوَایهُ مَجْهُولَهُ الْمَسْئُولِ) فَیحْتَمَلُ کوْنُهُ غَیرَ إمَامٍ، مَعَ مُعَارَضَتِهَا بِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ فِیمَنْ لَا یدْرِی أَرَکعَتَانِ صَلَاتُهُ، أَمْ أَرْبَعٌ؟ قَالَ: یسَلِّمُ وَ یصَلِّی رَکعَتَینِ بِفَاتِحَهِ الْکتَابِ، وَ یتَشَهَّدُ وَ ینْصَرِفُ، وَ فِی مَعْنَاهَا غَیرُهَا، وَ یمْکنُ حَمْلُ الْمَقْطُوعَهِ عَلَی مَنْ شَک قَبْلَ إکمَالِ السُّجُودِ، أَوْ عَلَی الشَّک فِی غَیرِ الرُّبَاعِیهِ.

الثالث: الشک فی المغرب بین الاثنین و الثلاث

(الثَّالِثَهُ - أَوْجَبَ) الصَّدُوقُ (أَیضًا الِاحْتِیاطَ بِرَکعَتَینِ جَالِسًا لَوْ شَک فِی الْمَغْرِبِ بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الثَّلَاثِ، وَ ذَهَبَ وَ هْمُهُ) أَی ظَنُّهُ (إلَی الثَّالِثَهِ عَمَلًا بِرِوَایهِ عَمَّارِ) بْنِ مُوسَی (السَّابَاطِی عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ

وَ هُوَ) أَی عَمَّارٌ (فَطْحِی) الْمَذْهَبِ مَنْسُوبٌ إلَی الْفَطْحِیهِ وَ هُمْ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ الْأَفْطَحِ فَلَا یعْتَدُّ بِرِوَایتِهِ، مَعَ کوْنِهَا شَاذَّهً، وَ الْقَوْلُ بِهَا نَادِرٌ، وَ الْحُکمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَعَ ظَنِّ أَحَدِ الطَّرَفَینِ یبْنِی عَلَیهِ مِنْ غَیرِ أَنْ یلْزَمُهُ شَیءٌ.

(وَأَوْجَبَ) الصَّدُوقُ (أَیضًا رَکعَتَینِ جُلُوسًا لِلشَّاک بَینَ الْأَرْبَعِ وَ الْخَمْسِ، وَ هُوَ) قَوْلٌ (مَتْرُوک)، و إنّما الْحَقُّ فِیهِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِیلِ، مِنْ غَیرِ احْتِیاطٍ، وَ لِأَنَّ الِاحْتِیاطَ جَبْرٌ لِمَا یحْتَمَلُ نَقْصُهُ، و هو هُنَا مَنْفِی قَطْعًا.

وَ رُبَّمَا حُمِلَ عَلَی الشَّک فِیهِمَا قَبْلَ الرُّکوعِ، فَإِنَّهُ یوجِبُ الِاحْتِیاطَ بِهِمَا کمَا مَرَّ

الرابع: الشک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ

(الرَّابِعَهُ - خَیرَ ابْنُ الْجُنَیدِ) رَحِمَهُ اللَّهُ (الشَّاک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ بَینَ الْبِنَاءِ عَلَی الْأَقَلِّ وَ لَا احْتِیاطَ، أَوْ عَلَی الْأَکثَرِ وَ یحْتَاطُ بِرَکعَهٍ) قَائِمًا (أَوْ رَکعَتَینِ) جَالِسًا (وَهُوَ خِیرَهُ الصَّدُوقِ ابْنِ بَابَوَیهِ)، جَمْعًا بَینَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی الِاحْتِیاطِ الْمَذْکورِ، وَ رِوَایهُ سَهْلِ بْنِ الْیسَعَ عَنْ الرِّضَا عَلَیهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: " یبْنِی عَلَی یقِینِهِ، وَ یسْجُدُ لِلسَّهْوِ " بِحَمْلِهَا عَلَی التَّخْییرِ، وَ لِتَسَاوِیهِمَا فِی تَحْصِیلِ الْغَرَضِ مِنْ فِعْلِ مَا یحْتَمَلُ فَوَاتُهُ، وَ لِأَصَالَهِ عَدَمِ فِعْلِهِ، فَیتَخَیرُ بَینَ فِعْلِهِ وَ بَدَلِهِ.

(وَتَرُدُّهُ) أَی هَذَا الْقَوْلَ (الرِّوَایاتُ الْمَشْهُورَهُ) الدَّالَّهُ عَلَی الْبِنَاءِ عَلَی الْأَکثَرِ، إمَّا مُطْلَقًا کرِوَایهِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیهِ السَّلَامُ قَالَ: " إذَا سَهَوْتَ فَابْنِ عَلَی الْأَکثَرِ، فَإِذَا فَرَغْتَ وَ سَلَّمْتَ فَقُمْ فَصَلِّ مَا ظَنَنْتَ أَنَّک نَقَصْتَ، فَإِنْ کنْتَ أَتْمَمْتَ لَمْ یکنْ عَلَیک شَیءٌ، و أن ذَکرْتَ أَنَّک کنْتَ نَقَصْتَ کانَ مَا صَلَّیتَ تَمَامَ مَا نَقَصْتَ "، و غیرهَا.

وَ إِمَّا به خصوص الْمَسْأَلَهِ کرِوَایهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سِیابَهَ، وَ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْهُ عَلَیهِ السَّلَامُ: "

إذَا لَمْ تَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّیتَ، أَوْ أَرْبَعًا، وَ وَقَعَ رَأْیک عَلَی الثَّلَاثِ فَابْنِ عَلَی الثَّلَاثِ و أن وَقَعَ رَأْیک عَلَی الْأَرْبَعِ فَسَلِّمْ وَ انْصَرِفْ، و أن اعْتَدَلَ وَ هْمُک فَانْصَرِفْ وَ صَلِّ رَکعَتَینِ وَ أَنْتَ جَالِسٌ "، وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ عَلَیهِ السَّلَامُ: " هُوَ بِالْخِیارِ إنْ شَاءَ صَلَّی رَکعَهً قَائِمًا، أَوْ رَکعَتَینِ جَالِسًا " وَ رِوَایهُ ابْنِ الْیسَعِ مُطْرَحَهٌ لِمُوَافَقَتِهَا لِمَذْهَبِ الْعَامَّهِ، أَوْ مَحْمُولَهٌ عَلَی غَلَبَهِ الظَّنِّ بِالنَّقِیصَهِ.

الخامس: الشَّک بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الثَّلَاثِ

(الْخَامِسَهُ - قَالَ عَلِی بْنُ بَابَوَیهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الشَّک بَینَ الِاثْنَتَینِ وَ الثَّلَاثِ: إنْ ذَهَبَ الْوَهْمُ) و هو الظَّنُّ (إلَی الثَّالِثَهِ أَتَمَّهَا رَابِعَهً ثُمَّ احْتَاطَ بِرَکعَهٍ، و أن ذَهَبَ الْوَهْمُ إلَی الِاثْنَتَینِ بَنَی عَلَیهِ وَ تَشَهَّدَ فِی کلِّ رَکعَهٍ تَبْقَی عَلَیهِ) أَی بَعْدَهَا، أَمَّا عَلَی الثَّانِیهِ فَظَاهِرٌ، و أمّا عَلَی الثَّالِثَهِ فَلِجَوَازِ أَنْ تَکونَ رَابِعَهً، بِأَنْ تَکونَ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَکهِ ثَلَاثًا، و علی الرَّابِعَهِ ظَاهِرٌ، (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، و أن اعْتَدَلَ الْوَهْمُ تَخَیرَ بَینَ الْبِنَاءِ عَلَی الْأَقَلِّ وَ التَّشَهُّدِ فِی کلِّ رَکعَهٍ، و بین الْبِنَاءِ عَلَی الْأَکثَرِ وَ الِاحْتِیاطِ).

وَ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ نُدُورِهِ لَمْ نَقِفْ عَلَی مُسْتَنِدِهِ (وَالشُّهْرَهُ) بَینَ الْأَصْحَابِ فِی أَنَّ حُکمَ هَذَا الشَّاک مَعَ اعْتِدَالِ وَهْمِهِ الْبِنَاءُ عَلَی الْأَکثَرِ، وَ الِاحْتِیاطُ الْمَذْکورُ (تَدْفَعُهُ).

وَ التَّحْقِیقُ أَنَّهُ لَا نَصَّ مِنْ الْجَانِبَینِ عَلَی الْخُصُوصِ، وَ الْعُمُومُ یدُلُّ عَلَی الْمَشْهُورِ، وَ الشَّک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ مَنْصُوصٌ و هو ینَاسِبُهُ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَعَ السَّابِعَهِ، خَارِجَهٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْکتَابِ، لِالْتِزَامِهِ فِیهِ أَنْ لَا یذْکرَ إلَّا الْمَشْهُورَ بَینَ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّهَا مِنْ شَوَاذِّ الْأَقْوَالِ، وَلَکنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ.

السَّادِسَُ - لَا حُکمَ لِلسَّهْوِ مَعَ الْکثْرَهِ

(السَّادِسَهُ - لَا حُکمَ لِلسَّهْوِ مَعَ الْکثْرَهِ) لِلنَّصِّ الصَّحِیحِ الدَّالِ عَلَیهِ

مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ إذَا لَمْ یلْتَفِتْ تَرَکهُ الشَّیطَانُ فَإِنَّمَا یرِیدُ أَنْ یطَاعَ فَإِذَا عُصِی لَمْ یعُدْ.

وَ الْمَرْجِعُ فِی الْکثْرَهِ إلَی الْعُرْفِ و هی تَحْصُلُ بِالتَّوَالِی ثَلَاثًا و أن کانَ فِی فَرَائِضَ.

وَ الْمُرَادُ بِالسَّهْوِ مَا یشْمَلُ الشَّک، فَإِنَّ کلًّا مِنْهُمَا یطْلَقُ عَلَی الْآخَرِ، اسْتِعْمَالًا شَرْعِیا، أَوْ تَجَوُّزًا لِتَقَارُبِ الْمَعْنَیینِ، وَ مَعْنَی عَدَمِ الْحُکمِ مَعَهَا عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَی مَا شَک فِیهِ مِنْ فِعْلٍ، أَوْ رَکعَهٍ، بَلْ یبْنِی عَلَی وُقُوعِهِ و أن کانَ فِی مَحَلِّهِ حَتَّی لَوْ فَعَلَهُ بَطَلَتْ.

نَعَمْ لَوْ کانَ الْمَتْرُوک رُکنًا لَمْ تُؤَثِّرْ الْکثْرَهُ فِی عَدَمِ الْبُطْلَانِ، کمَا أَنَّهُ لَوْ ذَکرَ تَرْک الْفِعْلِ فِی مَحَلِّهِ، اسْتَدْرَکهُ وَ یبْنِی عَلَی الْأَکثَرِ فِی الرَّکعَاتِ مَا لَمْ یسْتَلْزِمْ الزِّیادَهَ عَلَی الْمَطْلُوبِ مِنْهَا فَیبْنِی عَلَی الْمُصَحَّحِ، وَ سُقُوطِ سُجُودِ السَّهْوِ لَوْ فَعَلَ مَا یوجِبُهُ بَعْدَهَا، أَوْ تَرَک و أن وَجَبَ تَلَافِی الْمَتْرُوک بَعْدَ الصَّلَاهِ تَلَافِیا مِنْ غَیرِ سُجُودٍ.

وَ یتَحَقَّقُ الْکثْرَهُ فِی الصَّلَاهِ الْوَاحِدَهِ بِتَخَلُّلِ الذِّکرِ، لَا بِالسَّهْوِ عَنْ أَفْعَالٍ مُتَعَدِّدَهٍ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْغَفْلَهِ، وَ مَتَی ثَبَتَتْ بِالثَّلَاثِ سَقَطَ الْحُکمُ فِی الرَّابِعِ، وَ یسْتَمِرُّ إلَی أَنْ تَخْلُوَ مِنْ السَّهْوِ وَ الشَّک فَرَائِضُ یتَحَقَّقُ فِیهَا الْوَصْفُ، فَیتَعَلَّقُ بِهِ حُکمُ السَّهْوِ الطَّارِئِ و هکذا (وَلَا لِلسَّهْوِ فِی السَّهْوِ) أَی فِی مُوجِبِهِ مَنْ صَلَاهٍ، وَ سُجُودٍ، کنِسْیانِ ذِکرٍ، أَوْ قِرَاءَهٍ، فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَیهِ نَعَمْ لَوْ کانَ مِمَّا یتَلَافَی تَلَافَاهُ مِنْ غَیرِ سُجُودٍ.

وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِالسَّهْوِ فِی کلٍّ مِنْهُمَا الشَّک، أَوْ مَا یشْمَلُهُ عَلَی وَجْهِ الِاشْتِرَاک، و لو بَینَ حَقِیقَهِ الشَّیءِ وَ مَجَازِهِ، فَإِنَّ حُکمَهُ هُنَا صَحِیحٌ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِی الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّک فِی مُوجِبِ السَّهْوِ مِنْ فِعْلٍ، أَوْ عَدَدٍ، کرَکعَتَی الِاحْتِیاطِ فَإِنَّهُ یبْنَی عَلَی وُقُوعِهِ، إلَّا أَنْ یسْتَلْزِمَ الزِّیادَهَ کمَا مَرَّ، أَوْ

فِی الثَّانِی فَالْمُرَادُ بِهِ مُوجِبُ الشَّک کمَا مَرَّ، و أن اُسْتُعْمِلَ فِیهِمَا فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّک فِی مُوجِبِ الشَّک، و قد ذُکرَ أَیضًا، أَوْ الشَّک فِی حُصُولِهِ، و علی کلِّ حَالٍ لَا الْتِفَاتَ، و أن کانَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ عَلَی جَمِیعِ ذَلِک یحْتَاجُ إلَی تَکلُّفٍ، (وَلَا لِسَهْوِ الْإِمَامِ) أَی شَکهِ و هو قَرِینَهٌ لِمَا تَقَدَّمَ (مَعَ حِفْظِ الْمَأْمُومِ وَ بِالْعَکسِ) فَإِنَّ الشَّاک مِنْ کلٍّ مِنْهُمَا یرْجِعُ إلَی حِفْظِ الْآخَرِ و لو بِالظَّنِّ، وَ کذَا یرْجِعُ الظَّانُّ إلَی الْمُتَیقِّنِ، و لو اتَّفَقَا عَلَی الظَّنِّ وَ اخْتَلَفَ مَحَلُّهُ تَعَینَ الِانْفِرَادُ.

وَ یکفِی فِی رُجُوعِهِ تَنْبِیهُهُ بِتَسْبِیحٍ، وَ نَحْوِهِ وَ لَا یشْتَرَطُ عَدَالَهُ الْمَأْمُومِ، وَ لَا یتَعَدَّی إلَی غَیرِهِ و أن کانَ عَدْلًا نَعَمْ لَوْ أَفَادَهُ الظَّنُّ رَجَعَ إلَیهِ لِذَلِک، لَا لِکوْنِهِ مُخْبَرًا.

وَ لَوْ اشْتَرَکا فِی الشَّک وَ اتَّحَدَا لَزِمَهُمَا حُکمُهُ و أن اخْتَلَفَا رَجَعَا إلَی مَا اتَّفَقَا عَلَیهِ، وَ تَرَکا مَا انْفَرَدَ کلٌّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ یجْمَعْهُمَا رَابِطَهٌ تَعَینَ الِانْفِرَادُ، کمَا لَوْ شَک أَحَدُهُمَا بَینَ الِاثْنَینِ وَ الثَّلَاثِ، وَ الْآخَرُ بَینَ الْأَرْبَعِ وَ الْخَمْسِ.

وَ لَوْ تَعَدَّدَ الْمَأْمُومُونَ وَ اخْتَلَفُوا مَعَ الْإِمَامِ، فَالْحُکمُ کالْأَوَّلِ فِی رُجُوعِ الْجَمِیعِ إلَی الرَّابِطَهِ، وَ الِانْفِرَادِ بِدُونِهَا، و لو اشْتَرَک بَینَ الْإِمَامِ وَ بَعْضِ الْمَأْمُومِینَ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَی الذَّاکرِ مِنْهُمْ و أن اتَّحَدَا، وَ بَاقِی الْمَأْمُومِینَ إلَی الْإِمَامِ، و لو اُسْتُعْمِلَ السَّهْوُ فِی مَعْنَاهُ أَمْکنَ فِی الْعَکسِ لَا الطَّرْدِ.

بِنَاءً عَلَی مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، مِنْ أَنَّهُ لَا حُکمَ لِسَهْوِ الْمَأْمُومِ مَعَ سَلَامَهِ الْإِمَامِ عَنْهُ، فَلَا یجِبُ عَلَیهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَوْ فَعَلَ مَا یوجِبُهُ لَوْ کانَ مُنْفَرِدًا.

نَعَمْ لَوْ تَرَک مَا یتَلَافَی مَعَ السُّجُودِ سَقَطَ السُّجُودُ خَاصَّهً و لو کانَ السَّاهِی الْإِمَامَ فَلَا رَیبَ فِی

الْوُجُوبِ عَلَیهِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِی وُجُوبِ مُتَابَعَهِ الْمَأْمُومِ لَهُ و أن کانَ أَحْوَطَ.

السابع: سَجْدَتَی السَّهْوِ عَلَی مَنْ شَک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ

(السَّابِعَهُ - أَوْجَبَ ابْنَا بَابَوَیهِ) عَلِی وَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ الصَّدُوقَانِ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ سَجْدَتَی السَّهْوِ عَلَی مَنْ شَک بَینَ الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ وَ ظَنَّ الْأَکثَرَ) وَ لَا نَصَّ عَلَیهِمَا فِی هَذَا الشَّک بِخُصُوصِهِ، وَ أَخْبَارُ الِاحْتِیاطِ خَالِیهٌ مِنْهُمَا، وَ الْأَصْلُ یقْتَضِی الْعَدَمَ، (وَفِی رِوَایهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ: " إذَا ذَهَبَ وَهْمُک إلَی التَّمَامِ أَبَدًا فِی کلِّ صَلَاهٍ فَاسْجُدْ سَجْدَتَی السَّهْوِ)، فَتَصْلُحُ دَلِیلًا لَهُمَا، لِتَضَمُّنِهِمَا مَطْلُوبَهُمَا، (وَحُمِلَتْ هَذِهِ) الرِّوَایهُ (عَلَی النَّدْبِ).

وَ فِیهِ نَظَرٌ.

لِأَنَّ الْأَمْرَ حَقِیقَهٌ فِی الْوُجُوبِ، و غیرهَا مِنْ الْأَخْبَارِ لَمْ یتَعَرَّضْ لِنَفْی السُّجُودِ، فَلَا مُنَافَاهَ بَینَهُمَا إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَی زِیادَهٍ، مَعَ أَنَّهَا غَیرُ مُنَافِیهٍ لِجَبْرِ الصَّلَاهِ، لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ، فَإِنَّ الظَّنَّ بِالتَّمَامِ لَا یمْنَعُ النَّقْصَ بِخِلَافِ ظَنِّ النُّقْصَانِ فَإِنَّ الْحُکمَ بِالْإِکمَالِ جَائِزٌ نَعَمْ یمْکنُ رَدُّهَا مِنْ حَیثُ السَّنَدُ.

الفصل الثامن: فی القضاء

الفصل الثامن: فی القضاء

یجِبُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ الْیوْمِیهِ مَعَ الْفَوَاتِ

(الْفَصْلُ الثَّامِنُ - فِی الْقَضَاءِ) (یجِبُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ الْیوْمِیهِ مَعَ الْفَوَاتِ، حَالَ الْبُلُوغِ، وَ الْعَقْلِ وَ الْخُلُوِّ عَنْ الْحَیضِ، وَ النِّفَاسِ، وَ الْکفْرِ الْأَصْلِی) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْعَارِضِی بِالِارْتِدَادِ فَإِنَّهُ لَا یسْقِطُهُ کمَا سَیأْتِی، وَ خَرَجَ بِالْعَقْلِ الْمَجْنُونُ فَلَا قَضَاءَ عَلَیهِ، إلَّا أَنْ یکونَ سَبَبُهُ بِفِعْلِهِ کالسَّکرَانِ مَعَ الْقَصْدِ وَ الِاخْتِیارِ، وَ عَدَمِ الْحَاجَهِ.

وَ رُبَّمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُغْمَی عَلَیهِ فَإِنَّ الْأَشْهَرَ عَدَمُ الْقَضَاءِ عَلَیهِ، و أن کانَ یتَنَاوَلُ الْغِذَاءَ الْمُؤَدِّی إلَیهِ، مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ، أَوْ الْإِکرَاهِ عَلَیهِ، أَوْ الْحَاجَهِ إلَیهِ کمَا قَیدَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی، بِخِلَافِ الْحَائِضِ، وَ النُّفَسَاءِ، فَإِنَّهُمَا لَا تَقْضِیانِ مُطْلَقًا، و أن کانَ السَّبَبُ مِنْ قَبْلِهِمَا.

وَ الْفَرْقُ أَنَّهُ فِیهِمَا عَزِیمَهٌ، وَ

فِی غَیرِهِمَا رُخْصَهٌ، و هی لَا تُنَاطُ بِالْمَعْصِیهِ.

وَ الْمُرَادُ بِالْکفْرِ الْأَصْلِی هُنَا مَا خَرَجَ عَنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُ، فَالْمُسْلِمُ یقْضِی مَا تَرَکهُ و أن حُکمَ بِکفْرِهِ کالنَّاصِبِی و أن اسْتَبْصَرَ، وَ کذَا مَا صَلَّاهُ فَاسِدًا عِنْدَهُ.

التَّرْتِیبُ بِحَسَبِ الْفَوَاتِ

(وَیرَاعَی فِیهِ) أَی فِی الْقَضَاءِ (التَّرْتِیبُ بِحَسَبِ الْفَوَاتِ) فَیقَدَّمُ الْأَوَّلُ مِنْهُ، فَالْأَوَّلُ مَعَ الْعِلْمِ.

هَذَا فِی الْیوْمِیهِ، أَمَّا غَیرُهَا فَفِی تَرَتُّبِهِ، فِی نَفْسِهِ و علی الْیوْمِیهِ، و هی عَلَیهِ قَوْلَانِ، وَ مَالَ فِی الذِّکرَی إلَی التَّرْتِیبِ وَ اسْتَقْرَبَ فِی الْبَیانِ عَدَمَهُ و هو أَقْرَبُ (وَلَا یجِبُ التَّرْتِیبُ بَینَهُ، و بین الْحَاضِرَهِ) فَیجُوزُ تَقْدِیمُهَا عَلَیهِ مَعَ سِعَهِ وَقْتِهَا و أن کانَ الْفَائِتُ مُتَّحِدًا، أَوْ لِیوْمِیهٍ عَلَی الْأَقْوَی.

(نَعَمْ یسْتَحَبُّ) تَرْتِیبُهَا عَلَیهِ مَا دَامَ وَقْتُهَا وَاسِعًا جَمْعًا بَینَ الْأَخْبَارِ الَّتِی دَلَّ بَعْضُهَا عَلَی الْمُضَایقَهِ، وَ بَعْضُهَا عَلَی غَیرِهَا، بِحَمْلِ الْأُولَی عَلَی الِاسْتِحْبَابِ.

وَ مَتَی تَضَیقَ وَقْتُ الْحَاضِرَهِ قُدِّمَتْ إجْمَاعًا، وَ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا بِالْأَصَالَهِ (وَلَوْ جَهِلَ التَّرْتِیبَ سَقَطَ) فِی الْأَجْوَدِ لِأَنَّ النَّاسَ فِی سَعَهٍ مِمَّا لَمْ یعْلَمُوا، وَ لِاسْتِلْزَامِ فِعْلِهِ بِتَکرِیرِ الْفَرَائِضِ عَلَی وَجْهٍ یحَصِّلُهُ الْحَرَجُ وَ الْعُسْرُ الْمَنْفِیینِ فِی کثِیرٍ مِنْ مَوَارِدِهِ، وَ سُهُولَتُهُ فِی بَعْضٍ یسْتَلْزِمُ إیجَابُهُ فِیهِ إحْدَاثَ قَوْلٍ ثَالِثٍ.

وَ لِلْمُصَنِّفِ قَوْلٌ ثَانٍ، و هو تَقْدِیمُ مَا ظَنَّ سَبْقَهُ، ثُمَّ السُّقُوطُ، اخْتَارَهُ فِی الذِّکرَی، وَ ثَالِثٌ و هو الْعَمَلُ بِالظَّنِّ، أَوْ الْوَهْمِ، فَإِنْ انْتَفَیا سَقَطَ، اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ.

وَ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ رَابِعٌ، و هو وُجُوبُ تَکرِیرِ الْفَرَائِضِ حَتَّی یحَصِّلَهُ.

فَیصَلِّی مَنْ فَاتَهُ الظُّهْرَانِ مَنْ یوْمَینِ ظُهْرًا بَینَ الْعَصْرَینِ، أَوْ بِالْعَکسِ، لِحُصُولِ التَّرْتِیبِ بَینَهُمَا عَلَی تَقْدِیرِ سَبْقِ کلِّ وَاحِدَهٍ.

وَ لَوْ جَامَعَهُمَا مَغْرِبٌ مِنْ ثَالِثٍ صَلَّی الثَّلَاثَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَ بَعْدَهَا، أَوْ عِشَاءً مَعَهَا فَعَلَ السَّبْعَ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا، أَوْ صُبْحٌ مَعَهَا فَعَلَ الْخَمْسَ

عَشْرَهَ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا، وَ هَکذَا.

وَ الضَّابِطُ تَکرِیرُهَا عَلَی وَجْهٍ یحْصُلُ التَّرْتِیبُ عَلَی جَمِیعِ الِاحْتِمَالَاتِ، و هی اثْنَانِ فِی الْأَوَّلِ، وَ سِتَّهٌ فِی الثَّانِی، وَ أَرْبَعَهٌ وَ عِشْرُونَ فِی الثَّالِثِ وَ مِائَهٌ وَ عِشْرُونَ فِی الرَّابِعِ حَاصِلَهٌ مِنْ ضَرْبِ مَا اجْتَمَعَ سَابِقًا فِی عَدَدِ الْفَرَائِضِ الْمَطْلُوبَهِ، و لو أُضِیفَ إلَیهَا سَادِسَهٌ صَارَتْ الِاحْتِمَالَاتُ سَبْعَمِائَهٍ وَ عِشْرِینَ.

وَ صِحَّتُهُ عَلَی الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثٍ وَ سِتِّینَ فَرِیضَهً، وَ هَکذَا، وَ یمْکنُ صِحَّتُهَا مِنْ دُونِ ذَلِک: بِأَنْ یصَلِّی الْفَرَائِضَ جَمْعًا کیفَ شَاءَ مُکرَّرَهً عَدَدًا ینْقُصُ عَنْهَا بِوَاحِدٍ، ثُمَّ یخْتِمُهُ بِمَا بَدَأَ بِهِ مِنْهَا فَیصِحُّ فِیمَا عَدَا الْأَوَّلَینِ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَهَ فِی الثَّالِثِ، وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ فِی الرَّابِعِ، وَ إِحْدَی وَ ثَلَاثِینَ فِی الْخَامِسِ، وَ یمْکنُ فِیهِ بِخَمْسَهِ أَیامٍ وَلَاءً، وَ الْخَتْمُ بِالْفَرِیضَهِ الزَّائِدَهِ.

جَهِلَ عَینَ الْفَائِتَهِ مَنْ الْخَمْسِ

(وَلَوْ جَهِلَ عَینَ الْفَائِتَهِ) مَنْ الْخَمْسِ (صَلَّی صُبْحًا، وَ مَغْرِبًا) مُعَینَینِ، (وَأَرْبَعًا مُطْلَقَهً) بَینَ الرُّبَاعِیاتِ الثَّلَاثِ، وَ یتَخَیرُ فِیهَا بَینَ الْجَهْرِ وَ الْإِخْفَاتِ.

وَ فِی تَقْدِیمِ مَا شَاءَ مِنْ الثَّلَاثِ، و لو کانَ فِی وَقْتِ الْعِشَاءِ رَدَّدَ بَینَ الْأَدَاءِ وَ الْقَضَاءِ (وَالْمُسَافِرُ یصَلِّی مَغْرِبًا وَ ثُنَائِیهً مُطْلَقَهً) بَینَ الثُّنَائِیاتِ الْأَرْبَعِ مُخَیرًا کمَا سَبَقَ، و لو اشْتَبَهَ فِیهَا الْقَصْرُ وَ التَّمَامُ فَرُبَاعِیهٌ مُطْلَقَهٌ ثُلَاثِیا وَ ثُنَائِیهً مُطْلَقَهً، رُبَاعِیا، وَ مَغْرِبٌ یحْصُلُ التَّرْتِیبُ عَلَیهِمَا.

یقْضِی الْمُرْتَدُّ إذَا أَسْلَمَ

(وَیقْضِی الْمُرْتَدُّ) فِطْرِیا کانَ أَوْ مَلِیا إذَا أَسْلَمَ (زَمَانَ رِدَّتِهِ) لِلْأَمْرِ بِقَضَاءِ الْفَائِتِ خَرَجَ عَنْهُ الْکافِرُ الْأَصْلِی، و ما فِی حُکمِهِ، فَیبْقَی الْبَاقِی.

ثُمَّ إنْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ کالْمَرْأَهِ وَ الْمِلِّی قَضَی، و أن لَمْ تُقْبَلْ ظَاهِرًا کالْفِطْرِی عَلَی الْمَشْهُورِ فَإِنْ أُمْهِلَ بِمَا یمْکنْهُ الْقَضَاءُ قَبْلَ قَتْلِهِ قَضَی، وَ إِلَّا بَقِی فِی ذِمَّتِهِ.

وَ الْأَقْوَی قَبُولُ تَوْبَتِهِ مُطْلَقًا.

(وَکذَا) یقْضِی (فَاقِدُ) جِنْسِ (الطَّهُورِ)

مَنْ مَاءِ، وَ تُرَابٍ عِنْدَ التَّمَکنِ (عَلَی الْأَقْوَی) لِمَا مَرَّ وَ لِرِوَایهِ زُرَارَهَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ فِیمَنْ صَلَّی به غیر طَهُورٍ، أَوْ نَسِی صَلَوَاتٍ، أَوْ نَامَ عَنْهَا، قَالَ: " یصَلِّیهَا إذَا ذَکرَهَا فِی أَی سَاعَهٍ ذَکرَهَا، لَیلًا، أَوْ نَهَارًا "، و غیرهَا مِنْ الْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَیهِ صَرِیحًا.

وَ قِیلَ لَا یجِبُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ، وَ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ وَ تَوَقُّفِ الْقَضَاءِ عَلَی أَمْرٍ جَدِیدٍ.

وَ دَفْعُ الْأَوَّلِ وَاضِحٌ لِانْفِکاک کلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وُجُودًا وَ عَدَمًا وَ الْآخَرَینِ بِمَا ذُکرَ.

(وَأَوْجَبَ ابْنُ الْجُنَیدِ الْإِعَادَهَ عَلَی الْعَارِی إذَا صَلَّی کذَلِک) لِعَدَمِ السَّاتِرِ (ثُمَّ وَجَدَ السَّاتِرَ فِی الْوَقْتِ) لَا فِی خَارِجِهِ، مُحْتَجًّا بِفَوَاتِ شَرْطِ الصَّلَاهِ - و هو السَّتْرُ - فَتَجِبُ الْإِعَادَهُ کالْمُتَیمِّمِ (وَهُوَ بَعِیدٌ)، لِوُقُوعِ الصَّلَاهِ مُجْزِیهً بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ، فَلَا یسْتَعْقَبُ الْقَضَاءُ، وَ السَّتْرُ شَرْطٌ مَعَ الْقُدْرَهِ لَا بِدُونِهَا.

نَعَمْ رَوَی عَمَّارٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ لَیسَ عَلَیهِ إلَّا ثَوْبٌ، وَ لَا تَحِلُّ الصَّلَاهُ فِیهِ، و لیس یجِدُ مَاءً یغْسِلُهُ کیف یصْنَعُ؟ قَالَ: " یتَیمَّمُ وَ یصَلِّی، وَ إِذَا أَصَابَ مَاءً غَسَلَهُ وَ أَعَادَ الصَّلَاهَ " و هو - مَعَ ضَعْفِ سَنَدِهِ - لَا یدُلُّ عَلَی مَطْلُوبِهِ، لِجَوَازِ اسْتِنَادِ الْحُکمِ إلَی التَّیمُّمِ.

قَضَاءُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَهِ

(وَیسْتَحَبُّ قَضَاءُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَهِ) الْیوْمِیهِ اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا، و قد رُوِی أَنَّ مَنْ یتْرُکهُ تَشَاغُلًا بِالدُّنْیا لَقِی اللَّهَ مُسْتَخِفًّا مُتَهَاوِنًا مُضَیعًا لِسُنَّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ.

(فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقَضَاءِ تَصَدَّقَ) عَنْ کلِّ رَکعَتَینِ بِمُدٍّ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْ کلِّ أَرْبَعٍ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْ صَلَاهِ اللَّیلِ بِمُدٍّ، وَ عَنْ صَلَاهِ النَّهَارِ بِمُدٍّ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْ کلِّ یوْمٍ بِمُدٍّ، وَ الْقَضَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَهِ.

قَضَاءُ مَا فَاتَ أَبَاهُ مَنْ الصَّلَاه

(وَیجِبُ عَلَی الْوَلِی) و هو الْوَلَدُ

الذَّکرُ الْأَکبَرُ.

وَ قِیلَ: کلُّ وَارِثٍ مَعَ فَقْدِهِ.

(قَضَاءُ مَا فَاتَ أَبَاهُ) مَنْ الصَّلَاهِ (فِی مَرَضِهِ) الَّذِی مَاتَ فِیهِ.

(وَ قِیلَ): مَا فَاتَهُ (مُطْلَقًا و هو أَحْوَطُ)، و فی الدُّرُوسِ قَطْعٌ بِقَضَاءِ مُطْلَقِ مَا فَاتَهُ، و فی الذِّکرَی نَقَلَ عَنْ الْمُحَقِّقِ وُجُوبَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ لِعُذْرٍ کالْمَرَضِ، وَ السَّفَرِ وَ الْحَیضِ، لَا مَا تَرَکهُ عَمْدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَیهِ، وَ نَفَی عَنْهُ الْبَأْسَ، وَ نَقَلَ عَنْ شَیخِهِ عَمِیدِ الدِّینِ نُصْرَتَهُ.

فَصَارَ لِلْمُصَنِّفِ فِی الْمَسْأَلَهِ ثَلَاثَهُ أَقْوَالٍ، وَ الرِّوَایاتُ تَدُلُّ بِإِطْلَاقِهَا عَلَی الْوَسَطِ وَ الْمُوَافِقِ لِلْأَصْلِ مَا اخْتَارَهُ هُنَا.

وَ فِعْلُ الصَّلَاهِ عَلَی غَیرِ الْوَجْهِ الْمَجْزِی شَرْعًا کتَرْکهَا عَمْدًا لِلتَّفْرِیطِ وَ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَبِ عَنْ الْأُمِّ وَ نَحْوِهَا مِنْ الْأَقَارِبِ، فَلَا یجِبُ الْقَضَاءُ عَنْهُمْ عَلَی الْوَارِثِ فِی الْمَشْهُورِ، وَ الرِّوَایاتُ مُخْتَلِفَهٌ، فَفِی بَعْضِهَا ذِکرُ الرَّجُلِ وَ فِی بَعْضِ الْمَیتِ.

وَ یمْکنُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَی الْمُقَیدِ خُصُوصًا فِی الْحُکمِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ، وَ نُقِلَ فِی الذِّکرَی عَنْ الْمُحَقِّقِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَنْ الْمَرْأَهِ وَ نَفَی عَنْهُ الْبَأْسَ، أَخْذًا بِظَاهِرِ الرِّوَایاتِ، وَ حَمْلًا لِلَفْظِ " الرَّجُلِ " عَلَی التَّمْثِیلِ.

وَ لَا فَرْقَ - عَلَی الْقَوْلَینِ - بَینَ الْحُرِّ وَ الْعَبْدِ عَلَی الْأَقْوَی و هل یشْتَرَطُ کمَالُ الْوَلِی عِنْدَ مَوْتِهِ؟ قَوْلَانِ، وَ اسْتَقْرَبَ فِی الذِّکرَی اشْتِرَاطَهُ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الصَّبِی وَ الْمَجْنُونِ، وَ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ بَعْدَ ذَلِک، وَ وَجْهُ الْوُجُوبِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إطْلَاقُ النَّصِّ، وَ کوْنُهُ فِی مُقَابَلَهِ الْحَبْوَهِ وَ لَا یشْتَرَطُ خُلُوُّ ذِمَّتِهِ مِنْ صَلَاهٍ وَاجِبَهٍ، لِتَغَایرِ السَّبَبِ فَیلْزَمَانِ مَعًا.

وَ هَلْ یجِبُ تَقْدِیمُ مَا سَبَقَ سَبَبُهُ؟ وَجْهَانِ اخْتَارَ فِی الذِّکرَی التَّرْتِیبَ و هل لَهُ اسْتِئْجَارُ غَیرِهِ؟ یحْتَمِلُهُ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقَضَاءُ، و هو مِمَّا یقْبَلُ النِّیابَهَ بَعْدَ الْمَوْتِ، و من تَعَلُّقِهَا بِحَی، وَ اسْتِنَابَتُهُ مُمْتَنِعَهٌ وَ اخْتَارَ فِی الذِّکرَی

الْمَنْعَ، وَ فِی صَوْمِ الدُّرُوسِ الْجَوَازُ، وَ عَلَیهِ یتَفَرَّعُ تَبَرُّعُ غَیرِهِ بِهِ وَ الْأَقْرَبُ اخْتِصَاصُ الْحُکمِ بِالْوَلِی فَلَا یتَحَمَّلُهَا وَلِیهُ، و أن تَحَمَّلَ مَا فَاتَهُ عَنْ نَفْسِهِ.

وَ لَوْ أَوْصَی الْمَیتُ بِقَضَائِهَا عَلَی وَجْهٍ تُنَفَّذُ سَقَطَتْ عَنْ الْوَلِی، وَ بِالْبَعْضِ وَجَبَ الْبَاقِی

فَاتَ الْمُکلَّفُ مِنْ الصَّلَاهِ مَا لَمْ یحْصِهِ لِکثْرَتِه

(وَلَوْ فَاتَ الْمُکلَّفُ) مِنْ الصَّلَاهِ (مَا لَمْ یحْصِهِ) لِکثْرَتِهِ (تَحَرَّی) أَی اجْتَهَدَ فِی تَحْصِیلِ ظَنٍّ بِقَدْرٍ (وَیبْنِی عَلَی ظَنِّهِ)، وَ قَضَی ذَلِک الْقَدْرَ سَوَاءٌ کانَ الْفَائِتُ مُتَعَدِّدًا کأَیامٍ کثِیرَهٍ، أَمْ مُتَّحِدًا کفَرِیضَهٍ مَخْصُوصَهٍ مُتَعَدِّدَهٍ.

وَ لَوْ اشْتَبَهَ الْفَائِتُ فِی عَدَدٍ مُنْحَصِرٍ عَادَهً وَجَبَ قَضَاءُ مَا تَیقَّنَ بِهِ الْبَرَاءَهَ، کالشَّک بَینَ عَشْرٍ وَ عِشْرِینَ، و فیه وَجْهٌ بِالْبِنَاءِ عَلَی الْأَقَلِّ و هو ضَعِیفٌ.

(وَیعْدِلُ إلَی) الْفَرِیضَهِ (السَّابِقَهِ لَوْ شَرَعَ فِی) قَضَاءِ (اللَّاحِقَهِ) نَاسِیا مَعَ إمْکانِهِ، بِأَنْ لَا یزِیدَ عَدَدُ مَا فَعَلَ عَنْ عَدَدِ السَّابِقَهِ، أَوْ تَجَاوَزَهُ وَ لِمَا یرْکعُ فِی الزَّائِدَهِ، مُرَاعَاهً لِلتَّرْتِیبِ حَیثُ یمْکنُ.

وَ الْمُرَادُ بِالْعُدُولِ أَنْ ینْوِی بِقَلْبِهِ تَحْوِیلَ هَذِهِ الصَّلَاهِ إلَی السَّابِقَهِ - إلَی آخِرِ مُمَیزَاتِهَا - مُتَقَرِّبًا.

وَ یحْتَمِلُ عَدَمَ اعْتِبَارِ بَاقِی الْمُمَیزَاتِ، بَلْ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ دَلَالَهٌ عَلَیهِ.

(وَلَوْ تَجَاوَزَ مَحَلَّ الْعُدُولِ) بِأَنْ رَکعَ فِی زَائِدَهٍ عَنْ عَدَدِ السَّابِقَهِ (أَتَمَّهَا ثُمَّ تَدَارَک السَّابِقَهَ لَا غَیرَ) لِاغْتِفَارِ التَّرْتِیبِ مَعَ النِّسْیانِ، وَ کذَا لَوْ شَرَعَ فِی اللَّاحِقَهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ عَلَیهِ فَائِتَهً، و لو عَدَلَ إلَی السَّابِقَهِ ثُمَّ ذَکرَ سَابِقَهً أُخْرَی عَدَلَ إلَیهَا، وَ هَکذَا، و لو ذَکرَ بَعْدَ الْعُدُولِ بَرَاءَتَهُ مِنْ الْمَعْدُولِ إلَیهَا عَدَلَ إلَی اللَّاحِقَهِ الْمَنْوِیهِ أَوَّلًا، أَوْ فِیمَا بَعْدَهُ، فَعَلَی هَذَا یمْکنُ تَرَامِی الْعُدُولِ وَ دَوْرِهِ.

وَ کمَا یعْدِلُ مَنْ فَائِتَهٍ إلَی مِثْلِهَا فَکذَا مَنْ حَاضِرَهٍ إلَی مِثْلِهَا کالظُّهْرَینِ لِمَنْ شَرَعَ فِی الثَّانِیهِ نَاسِیا، وَ إِلَی فَائِتَهٍ اسْتِحْبَابًا

عَلَی مَا تَقَدَّمَ، أَوْ وُجُوبًا عَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ، و من الْفَائِتَهِ إلَی الْأَدَاءِ لَوْ ذَکرَ بَرَاءَتَهُ مِنْهُمَا، وَ مِنْهُمَا إلَی النَّافِلَهِ فِی مَوَارِدَ، و من النَّافِلَهِ إلَی مِثْلِهَا، لَا إلَی فَرِیضَهٍ، وَ جُمْلَهُ صُوَرِهِ سِتَّ عَشْرَهَ، و هی الْحَاصِلَهُ مِنْ ضَرْبِ صُوَرِ الْمَعْدُولِ عَنْهُ وَ إِلَیهِ و هی أَرْبَعٌ نَفْلٌ، وَ فَرْضٌ، أَدَاءً، وَ قَضَاءً فِی الْآخَرِ.

مسائل

الاولی: وُجُوبِ تَأْخِیرِ أَوْلَی الْأَعْذَارِ إلَی آخِرِ الْوَقْتِ

(مَسَائِلُ) (الْأُولَی - ذَهَبَ الْمُرْتَضَی وَ ابْنُ الْجُنَیدِ وَ سَلَّارَ إلَی وُجُوبِ تَأْخِیرِ أَوْلَی الْأَعْذَارِ إلَی آخِرِ الْوَقْتِ) مُحْتَجِّینَ بِإِمْکانِ إیقَاعِ الصَّلَاهِ تَامَّهً بِزَوَالِ الْعُذْرِ، فَیجِبُ کمَا یؤَخِّرُ الْمُتَیمِّمُ بِالنَّصِّ، وَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَی مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَضَی، (وَجَوَّزَهُ الشَّیخُ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِی رَحِمَهُ اللَّهُ " أَوَّلَ الْوَقْتِ) و أن کانَ التَّأْخِیرُ أَفْضَلَ.

(وَهُوَ الْأَقْرَبُ) لِمُخَاطَبَتِهِمْ بِالصَّلَاهِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ، فَتَکونُ مُجْزِئَهً لِلِامْتِثَالِ.

وَ مَا ذَکرُوهُ مِنْ الْإِمْکانِ مُعَارَضٌ بِالْأَمْرِ، وَ اسْتِحْبَابِ الْمُبَادَرَهِ إلَیهَا فِی أَوَّلِ الْوَقْتِ.

وَ مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ لَا یوجِبُ الْقُدْرَهَ عَلَی الشَّرْطِ، وَ یمْکنُ فَوَاتُهَا بِمَوْتٍ و غیرهِ، فَضْلًا عَنْهُ، وَ التَّیمُّمُ خَرَجَ بِالنَّصِّ، وَ إِلَّا لَکانَ مِنْ جُمْلَتِهَا.

نَعَمْ یسْتَحَبُّ التَّأْخِیرُ مَعَ الرَّجَاءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِمْ، وَ لَوْلَاهُ لَکانَ فِیهِ نَظَرٌ.

الثانیه: المبطون

(الثَّانِیهُ - الْمَرْوِی فِی الْمَبْطُونِ) و هو مَنْ بِهِ دَاءُ الْبَطَنِ - بِالتَّحْرِیک - مَنْ رِیحٍ، أَوْ غَائِطٍ عَلَی وَجْهٍ لَا یمْکنُهُ مَنْعُهُ مِقْدَارَ الصَّلَاهِ (الْوُضُوءُ لِکلِّ) صَلَاهٍ، (وَالْبِنَاءُ) عَلَی مَا مَضَی مِنْهَا (إذَا فَجَأَهُ الْحَدَثُ) فِی أَثْنَائِهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ، وَ اغْتِفَارُ هَذَا الْفِعْلِ و أن کثُرَ، وَ عَلَیهِ جَمَاعَهٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِینَ، (وَأَنْکرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ) الْمُتَأَخِّرِینَ، و حکموا بِاغْتِفَارِ مَا یتَجَدَّدُ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ الْوُضُوءِ، سَوَاءٌ وَقَعَ فِی الصَّلَاهِ، أَمْ قَبْلَهَا إنْ لَمْ یتَمَکنْ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ مِقْدَارَ الصَّلَاهِ، وَ إِلَّا

اسْتَأْنَفَهَا، مُحْتَجِّینَ بِأَنَّ الْحَدَثَ الْمُتَجَدِّدَ لَوْ نَقَضَ الطَّهَارَهَ لَأَبْطَلَ الصَّلَاهَ، لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِهِ، وَ بِالْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی أَنَّ الْحَدَثَ یقْطَعُ الصَّلَاهَ.

(وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَوْثِیقِ رِجَالِ الْخَبَرِ) الدَّالِّ عَلَی الْبِنَاءِ عَلَی مَا مَضَی مِنْ الصَّلَاهِ بَعْدَ الطَّهَارَهِ (عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ)، وَ الْمُرَادُ تَوْثِیقُ رِجَالِهِ عَلَی وَجْهٍ یسْتَلْزِمُ صِحَّهَ الْخَبَرِ، فَإِنَّ التَّوْثِیقَ أَعَمُّ مِنْهُ عِنْدَنَا، وَ الْحَالُ أَنَّ الْخَبَرَ الْوَارِدَ فِی ذَلِک صُحِّحَ بِاعْتِرَافِ الْخَصْمِ، فَیتَعَینُ الْعَمَلُ بِهِ لِذَلِک (وَشُهْرَتُهُ بَینَ الْأَصْحَابِ) خُصُوصًا الْمُتَقَدِّمِینَ، و من خَالَفَ حُکمَهُ أَوَّلَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنَاءِ الِاسْتِئْنَافُ.

وَ فِیهِ: أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَی الشَّیءِ یسْتَلْزِمُ سَبْقَ شَیءٍ مِنْهُ یبْنِی عَلَیهِ، لِیکونَ الْمَاضِی بِمَنْزِلَهِ الْأَسَاسِ لُغَهً وَ عُرْفًا، مَعَ أَنَّهُمْ لَا یوجِبُونَ الِاسْتِئْنَافَ، فَلَا وَجْهَ لِحَمْلِهِمْ عَلَیهِ.

وَ الِاحْتِجَاجُ بِالِاسْتِلْزَامِ مُصَادَرَهٌ، وَ کیفَ یتَحَقَّقُ التَّلَازُمُ مَعَ وُرُودِ النَّصِّ الصَّحِیحِ بِخِلَافِهِ، وَ الْأَخْبَارُ الدَّالَّهُ عَلَی قَطْعِ مُطْلَقِ الْحَدَثِ لَهَا مَخْصُوصَهٌ بِالْمُسْتَحَاضَهِ وَ السَّلَسِ اتِّفَاقًا، و هذا الْفَرْدُ یشَارِکهُمَا بِالنَّصِّ الصَّحِیحِ، وَ مَصِیرُ جَمْعٍ إلَیهِ، و هو کافٍ فِی التَّخْصِیصِ.

نَعَمْ هُوَ غَرِیبٌ لَکنَّهُ لَیسَ بِعَادِمٍ لِلنَّظِیرِ، فَقَدْ وَرَدَ صَحِیحًا قَطْعُ الصَّلَاهِ وَ الْبِنَاءُ عَلَیهَا فِی غَیرِهِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِبْعَادَ غَیرُ مَسْمُوعٍ.

الثَّالِثَهُ یسْتَحَبُّ تَعْجِیلُ الْقَضَاءِ

(الثَّالِثَهُ یسْتَحَبُّ تَعْجِیلُ الْقَضَاءِ) اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا، سَوَاءٌ الْفَرْضُ وَ النَّفَلُ، بَلْ الْأَکثَرُ عَلَی فَوْرِیهِ قَضَاءِ الْفَرْضِ، و أنّه لَا یجُوزُ الِاشْتِغَالُ عَنْهُ به غیر الضَّرُورِی مِنْ أَکلِ مَا یمْسِک الرَّمَقَ، وَ نَوْمٍ یضْطَرُّ إلَیهِ، وَ شَغْلٍ یتَوَقَّفُ عَلَیهِ، وَ نَحْوِ ذَلِک وَ أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِیفِ جَمَاعَهٌ، وَ فِی کثِیرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ دَلَالَهٌ عَلَیهِ، إلَّا أَنَّ حَمْلَهَا عَلَی الِاسْتِحْبَابِ الْمُؤَکدِ طَرِیقُ الْجَمْعِ بَینَهَا و بین مَا دَلَّ عَلَی التَّوْسِعَهِ.

(وَلَوْ کانَ) الْفَائِتُ (نَافِلَهً لَمْ ینْتَظِرْ بِقَضَائِهَا مِثْلُ زَمَانِ فَوَاتِهَا) مِنْ لَیلٍ أَوْ نَهَارٍ، بَلْ

یقْضِی نَافِلَهَ اللَّیلِ نَهَارًا وَ بِالْعَکسِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَعَلَ کلًّا مِنْهُمَا خِلْفَهً لِلْآخَرِ، وَ لِلْأَمْرِ بِالْمُسَارَعَهِ إلَی أَسْبَابِ الْمَغْفِرَهِ وَ لِلْأَخْبَارِ.

وَ ذَهَبَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَی اسْتِحْبَابِ الْمُمَاثَلَهِ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهِ إسْمَاعِیلَ الْجُعْفِی عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ: " أَفْضَلُ قَضَاءِ النَّوَافِلِ قَضَاءُ صَلَاهِ اللَّیلِ بِاللَّیلِ، وَ صَلَاهِ النَّهَارِ بِالنَّهَارِ "، و غیرهَا.

وَ جَمَعَ بَینَهُمَا بِالْحَمْلِ عَلَی الْأَفْضَلِ وَ الْفَضِیلَهِ، إذْ عَدَمُ انْتِظَارِ مِثْلِ الْوَقْتِ فِیهِ مُسَارَعَهٌ إلَی الْخَیرِ و هو أَفْضَلُ - کذَا أَجَابَ فِی الذِّکرَی، و هو یؤْذِنُ بِأَفْضَلِیهِ الْمُمَاثَلَهِ، إذْ لَمْ یذْکرْ الْأَفْضَلَ إلَّا فِی دَلِیلِهَا.

وَ أَطْلَقَ فِی بَاقِی کتُبِهِ اسْتِحْبَابَ التَّعْجِیلِ، وَ الْأَخْبَارُ بِهِ کثِیرَهٌ إلَّا أَنَّهَا خَالِیهٌ عَنْ الْأَفْضَلِیهِ.

الفصل التاسع: فی صلاه الخوف

الفصل التاسع: فی صلاه الخوف

(الْفَصْلُ التَّاسِعُ - فِی) (صَلَاهِ الْخَوْفِ) (وَهِی مَقْصُورَهٌ سَفَرًا) إجْمَاعًا، (وَحَضَرًا) عَلَی الْأَصَحِّ لِلنَّصِّ وَ حُجَّهُ مُشْتَرِطِ السَّفَرِ بِظَاهِرِ الْآیهِ حَیثُ اقْتَضَتْ الْجَمْعَ مُنْدَفِعَهً بِالْقَصْرِ لِلسَّفَرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْخَوْفِ، وَ النَّصُّ مُحْکمٌ فِیهِمَا (جَمَاعَهً) إجْمَاعًا، (وَفُرَادَی) عَلَی الْأَشْهَرِ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ.

وَ اسْتِنَادِ مُشْتَرِطِهَا إلَی فِعْلِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ لَهَا جَمَاعَهً لَا یدُلُّ عَلَی الشَّرْطِیهِ، فَیبْقَی مَا دَلَّ عَلَی الْإِطْلَاقِ سَالِمًا و هی أَنْوَاعٌ کثِیرَهٌ تَبْلُغُ الْعَشَرَهَ أَشْهَرُهَا صَلَاهُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَلِذَا لَمْ یذْکرْ غَیرَهَا، وَ لَهَا شُرُوطٌ.

أَشَارَ إلَیهَا بِقَوْلِهِ: (وَمَعَ إمْکانِ الِافْتِرَاقِ فِرْقَتَینِ) لِکثْرَهِ الْمُسْلِمِینَ أَوْ قُوَّتِهِمْ، بِحَیثُ یقَاوِمُ کلُّ فِرْقَهٍ الْعَدُوَّ حَالَهَ اشْتِغَالِ الْأُخْرَی بِالصَّلَاهِ، و أن لَمْ یتَسَاوَیا عَدَدًا (وَ) کوْنِ (الْعَدُوِّ فِی خِلَافِ) جِهَهِ (الْقِبْلَهِ) إمَّا فِی دُبُرِهَا أَوْ عَنْ أَحَدِ جَانِبَیهَا، بِحَیثُ لَا یمْکنُهُمْ الْقِتَالُ مُصَلِّینَ إلَّا بِالِانْحِرَافِ عَنْهَا، أَوْ فِی جِهَتِهَا مَعَ وُجُودِ حَائِلٍ یمْنَعُ مِنْ قِتَالِهِمْ، وَ اشْتُرِطَ ثَالِثٌ و هو کوْنُ الْعَدُوِّ ذَا قُوَّهٍ یخَافُ هُجُومُهُ عَلَیهِمْ حَالَ

الصَّلَاهِ: فَلَوْ أُمِنَ صَلُّوا به غیر تَغْییرٍ یذْکرْ هُنَا، وَ تَرَکهُ اخْتِصَارًا، وَ إِشْعَارًا بِهِ مِنْ الْخَوْفِ.

وَ رَابِعٌ و هو عَدَمُ الِاحْتِیاجِ إلَی الزِّیادَهِ عَلَی فِرْقَتَینِ، لِاخْتِصَاصِ هَذِهِ الْکیفِیهِ بِإِدْرَاک کلِّ فِرْقَهٍ رَکعَهً، وَ یمْکنُ الْغِنَی عَنْهُ فِی الْمَغْرِبِ.

وَ مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ (یصَلُّونَ صَلَاهَ ذَاتِ الرِّقَاعِ) سُمِّیتْ بِذَلِک لِأَنَّ الْقِتَالَ کانَ فِی سَفْحِ جَبَلٍ فِیهِ جُدَدٌ، حُمْرٌ، وَ صُفْرٌ، وَ سُودٌ کالرِّقَاعِ، أَوْ لِأَنَّ الصَّحَابَهَ کانُوا حُفَاهً فَلَفُّوا عَلَی أَرْجُلِهِمْ الرِّقَاعَ مِنْ جُلُودٍ، وَ خِرَقٍ لِشِدَّهِ الْحَرِّ، أَوْ لِأَنَّ الرِّقَاعَ کانَتْ فِی أَلْوِیتِهِمْ، أَوْ لِمُرُورِ قَوْمٍ بِهِ حُفَاهً فَتَشَقَّقَتْ أَرْجُلُهُمْ فَکانُوا یلُفُّونَ عَلَیهَا الْخِرَقَ، أَوْ لِأَنَّهَا اسْمُ شَجَرَهٍ کانَتْ فِی مَوْضِعِ الْغَزْوَهِ.

وَ هِی عَلَی ثَلَاثَهِ أَمْیالٍ مِنْ الْمَدِینَهِ عِنْدَ بِئْرِ أَرُومَا.

وَ قِیلَ: مَوْضِعٌ مِنْ نَجْدٍ، و هی أَرْضُ غَطَفَانَ.

(بِأَنْ یصَلِّی الْإِمَامُ بِفِرْقَهٍ رَکعَهً) فِی مَکانِ لَا یبْلُغُهُمْ سِهَامُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ ینْفَرِدُونَ بَعْدَ قِیامِهِ (ثُمَّ یتِمُّونَ) رَکعَهً أُخْرَی مُخَفَّفَهً وَ یسَلِّمُونَ وَ یأْخُذُونَ مَوْقِفَ الْفِرْقَهِ الْمُقَاتِلَهِ، (ثُمَّ تَأْتِی) الْفِرْقَهُ (الْأُخْرَی) وَ الْإِمَامُ فِی قِرَاءَهٍ الثَّانِیهِ، (فَیصَلِّی بِهِمْ رَکعَهً) إلَی أَنْ یرْفَعُوا مِنْ سُجُودِ الثَّانِیهِ فَینْفَرِدُونَ، وَ یتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ، (ثُمَّ ینْتَظِرُهُمْ) الْإِمَامُ (حَتَّی یتِمُّوا وَ یسَلِّمُ بِهِمْ).

وَ إِنَّمَا حَکمْنَا بِانْفِرَادِهِمْ مَعَ أَنَّ الْعِبَارَهَ لَا تَقْتَضِیهِ، بَلْ رُبَّمَا دَلَّ سَلَامُهُ بِهِمْ عَلَی بَقَاءِ الْقُدْوَهِ، تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ حَیثُ ذَهَبَ فِی کتُبِهِ إلَی انْفِرَادِهِمْ، وَ ظَاهِرُ الْأَصْحَابِ، وَ بِهِ صَرَّحَ کثِیرٌ مِنْهُمْ بَقَاءَ الْقُدْوَهِ وَ یتَفَرَّعُ عَلَیهِ تَحَمُّلُ الْإِمَامِ أَوْهَامَهُمْ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ.

وَ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لَا یخْلُو مِنْ قُوَّهٍ.

(وَفِی الْمَغْرِبِ یصَلِّی بِإِحْدَاهُمَا رَکعَتَینِ) وَ بِالْأُخْرَی رَکعَهً مُخَیرًا فِی ذَلِک.

وَ الْأَفْضَلُ تَخْصِیصُ الْأُولَی بِالْأُولَی، وَ الثَّانِیهِ بِالْبَاقِی، تَأَسِّیا بِعَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ لَیلَهَ الْهَرِیرِ، وَ لْیتَقَارَبَا فِی إدْرَاک الْأَرْکانِ وَ الْقِرَاءَهِ

الْمُتَعَینَهِ.

وَ تَکلِیفُ الثَّانِیهِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَعَ بِنَائِهَا عَلَی التَّخْفِیفِ، ینْدَفِعُ بِاسْتِدْعَائِهِ زَمَانًا عَلَی التَّقْدِیرَینِ، فَلَا یحْصُلُ بِإِیثَارِ الْأُولَی تَخْفِیفٌ، وَ لِتَکلِیفِ الثَّانِیهِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَی التَّقْدِیرِ الْآخَرِ.

(وَیجِبُ عَلَی) الْمُصَلِّینَ أَخْذَ السِّلَاحِ، لِلْأَمْرِ بِهِ الْمُقْتَضِی لَهُ، و هو آلَهُ الْقِتَالِ وَ الدَّفْعِ، مِنْ السَّیفِ، وَ السِّکینِ، وَ الرُّمْحِ، و غیرهَا و أن کانَ نَجِسًا، إلَّا أَنْ یمْنَعَ شَیئًا مِنْ الْوَاجِبَاتِ، أَوْ یؤْذِی غَیرَهُ فَلَا یجُوزُ اخْتِیارًا.

(وَمَعَ الشِّدَّهِ) الْمَانِعَهِ مِنْ الِافْتِرَاقِ کذَلِک، وَ الصَّلَاهِ جَمِیعًا بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمُقَرَّرَهِ فِی هَذَا الْبَابِ (یصَلُّونَ بِحَسَبِ الْمُکنَهِ) رُکبَانًا وَ مُشَاهً جَمَاعَهً وَ فُرَادَی، وَ یغْتَفَرُ اخْتِلَافُ الْجِهَهِ هُنَا، بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفِینَ فِی الِاجْتِهَادِ لِأَنَّ الْجِهَاتِ قِبْلَهٌ فِی حَقِّهِمْ هُنَا.

نَعَمْ یشْتَرَطُ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَی الْإِمَامِ نَحْوَ مَقْصِدِهِ، وَ الْأَفْعَالُ الْکثِیرَهُ الْمُفْتَقِرَهُ إلَیهَا مُغْتَفَرَهٌ هُنَا.

وَ یومِئُونَ (إیمَاءً مَعَ تَعَذُّرِ الرُّکوعِ وَ السُّجُودِ) و لو عَلَی الْقَرَبُوسِ بِالرَّأْسِ، ثُمَّ بِالْعَینَینِ فَتْحًا وَ غَمْضًا کمَا مَرَّ، وَ یجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِمَا أَمْکنَ و لو بِالتَّحْرِیمَهِ، فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ.

(وَمَعَ عَدَمِ الْإِمْکانِ) أَی إمْکانِ الصَّلَاهِ بِالْقِرَاءَهِ، وَ الْإِیمَاءِ لِلرُّکوعِ وَ السُّجُودِ (یجْزِیهِمْ عَنْ کلِّ رَکعَهٍ) بَدَلَ الْقِرَاءَهِ، وَ الرُّکوعِ وَ السُّجُودِ، وَ وَاجِبَاتِهِمَا (سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَ اَللَّهُ أَکبَرُ) مُقَدِّمًا عَلَیهِمَا النِّیهَ وَ التَّکبِیرَ، خَاتِمًا بِالتَّشَهُّدِ، وَ التَّسْلِیمِ.

قِیلَ: و هکذا صَلَّی عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ وَ أَصْحَابُهُ لَیلَهَ الْهَرِیرِ الظُّهْرَینِ، وَ الْعِشَاءَینِ.

وَ لَا فَرْقَ فِی الْخَوْفِ الْمُوجِبِ لِقِصَرِ الْکمِّیهِ، وَ تَغَیرِ الْکیفِیهِ، بَینَ کوْنِهِ مِنْ عَدُوٍّ، وَ لِصٍّ، وَ سَبُعٍ، لَا مِنْ وَ حَلٍ وَ غَرَقٍ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْکمِّیهِ، أَمَّا الْکیفِیهُ فَجَائِزٌ حَیثُ لَا یمْکنُ غَیرُهَا مُطْلَقًا.

وَ جُوِّزَ فِی الذِّکرَی لَهُمَا قَصْرُ الْکمِّیهِ مَعَ خَوْفِ التَّلَفِ بِدُونِهِ، وَ رَجَاءِ

السَّلَامَهِ بِهِ، وَ ضِیقِ الْوَقْتِ.

وَ هُوَ یقْتَضِی جَوَازَ التَّرْک لَوْ تَوَقَّفَ عَلَیهِ، أَمَّا سُقُوطُ الْقَضَاءِ بِذَلِک فَلَا لِعَدَمِ الدَّلِیلِ.

الفصل العاشر: فی صلاه المسافر

الفصل العاشر: فی صلاه المسافر

(الْفَصْلُ الْعَاشِرُ - فِی صَلَاهِ الْمُسَافِرِ) الَّتِی یجِبُ قَصْرُهَا کمِّیهً (وَشَرْطُهَا قَصْدُ الْمَسَافَهِ) و هی ثَمَانِیهُ فَرَاسِخَ کلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَهُ أَمْیالٍ، کلُّ مِیلٍ أَرْبَعُ آلَافِ ذِرَاعٍ، فَتَکونُ الْمَسَافَهُ (سِتَّهً وَ تِسْعِینَ أَلْفَ ذِرَاعٍ) حَاصِلَهً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَهٍ فِی ثَمَانِیهٍ، ثُمَّ الْمُرْتَفِعُ فِی أَرْبَعَهٍ، و کلّ ذِرَاعٍ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ إصْبَعًا کلُّ إصْبَعٍ سَبْعُ شُعَیرَاتٍ مُتَلَاصِقَاتِ بِالسَّطْحِ الْأَکبَرِ - وَ قِیلَ: سِتٌّ - عَرْضُ کلِّ شُعَیرَهٍ سَبْعُ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ، وَ یجْمَعُهَا مَسِیرُ یوْمٍ مُعْتَدِلِ الْوَقْتِ وَ الْمَکانِ وَ السَّیرُ لِأَثْقَالِ الْإِبِلِ، وَ مَبْدَأُ التَّقْدِیرِ مِنْ آخِرِ خِطَّهِ الْبَلَدِ الْمُعْتَدِلِ، وَ آخِرِ مَحَلَّتِهِ فِی الْمُتَّسَعِ عُرْفًا.

(أَوْ نِصْفُهَا لِمُرِیدِ الرُّجُوعِ لِیوْمِهِ) أَوْ لَیلَتِهِ أَوْ الْمُلَفَّقِ مِنْهُمَا، مَعَ اتِّصَالِ السَّیرِ عُرْفًا، دُونَ الذَّهَابِ فِی أَوَّلِ أَحَدِهِمَا، وَ الْعَوْدِ فِی آخِرِ الْآخَرِ، وَ نَحْوِهِ فِی الْمَشْهُورِ، و فی الأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ الِاکتِفَاءُ بِهِ مُطْلَقًا، وَ عَلَیهِ جَمَاعَهٌ مُخَیرِینَ فِی الْقَصْرِ وَ الْإِتْمَامِ جَمْعًا، وَ آخَرُونَ فِی الصَّلَاهِ خَاصَّهً، وَ حَمَلَهَا الْأَکثَرُ عَلَی مُرِیدِ الرُّجُوعِ لِیوْمِهِ فَیتَحَتَّمُ الْقَصْرُ أَوْ یتَخَیرُ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی.

وَ فِی الْأَخْبَارِ مَا یدْفَعُ هَذَا الْجَمْعَ بِمَعْنَییهِ وَ خَرَجَ بِقَصْدِ الْمُقَدَّرِ السَّفَرُ إلَی الْمَسَافَهِ بِغَیرِهِ، کطَالِبِ حَاجَهٍ یرْجِعُ مَتَی وَجَدَهَا إلَّا أَنْ یعْلَمَ عَادَهً تَوَقُّفَهُ عَلَی الْمَسَافَهِ.

وَ فِی إلْحَاقِ الظَّنِّ الْقَوِی بِهِ وَجْهٌ قَوِی وَ تَابِعٍ مُتَغَلِّبٍ یفَارِقُهُ مَتَی قَدَرَ مَعَ إمْکانِهِ عَادَهً، و مثله الزَّوْجَهُ وَ الْعَبْدُ یجَوِّزَانِ الطَّلَاقَ وَ الْعِتْقَ مَعَ ظُهُورِ أَمَارَتِهِمَا.

وَ لَوْ ظَنَّ التَّابِعُ بَقَاءَ الصُّحْبَهِ قَصَرَ مَعَ قَصْدِ الْمَسَافَهِ و لو تَبَعًا، وَ حَیثُ یبْلُغُ الْمَسَافَهَ یقْصُرُ

فِی الرُّجُوعِ مُطْلَقًا، وَ لَا یضُمُّ إلَیهِ مَا بَقِی مِنْ الذَّهَابِ بَعْدَ الْقَصْدِ مُتَّصِلًا بِهِ مِمَّا یقْصُرُ عَنْ الْمَسَافَهِ.

(وَأَنْ لَا یقْطَعَ السَّفَرَ بِمُرُورِهِ عَلَی مَنْزِلِهِ) و هو مِلْکهُ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِی قَدْ اسْتَوْطَنَهُ، أَوْ بَلَدِهِ الَّذِی لَا یخْرُجُ عَنْ حُدُودِهَا الشَّرْعِیهِ سِتَّهَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِنِیهِ الْإِقَامَهِ الْمُوجِبَهِ لِلْإِتْمَامِ، مُتَوَالِیهً، أَوْ مُتَفَرِّقَهً، أَوْ مَنْوِی الْإِقَامَهِ عَلَی الدَّوَامِ مَعَ اسْتِیطَانِهِ الْمُدَّهَ و أن لَمْ یکنْ لَهُ بِهِ مِلْک.

وَ لَوْ خَرَجَ الْمِلْک عَنْهُ، أَوْ رَجَعَ عَنْ نِیهِ الْإِقَامَهِ سَاوَی غَیرَهُ، (أَوْ نِیهَ مَقَامِ عَشَرَهِ أَیامٍ) تَامَّهٍ بِلَیالِیهَا مُتَتَالِیهً، و لو بِتَعْلِیقِ السَّفَرِ عَلَی مَا لَا یحْصُلُ عَادَهً فِی أَقَلَّ مِنْهَا، (أَوْ مُضِی ثَلَاثِینَ یوْمًا) به غیر نِیهِ الْإِقَامَهِ و أن جَزَمَ بِالسَّفَرِ (فِی مِصْرٍ) أَی فِی مَکان مُعَینٍ أَمَّا الْمِصْرُ بِمَعْنَی الْمَدِینَهِ، أَوْ الْبَلَدِ فَلَیسَ بِشَرْطٍ وَ مَتَی کمُلَتْ الثَّلَاثُونَ أَتَمَّ بَعْدَهَا مَا یصَلِّیهِ قَبْلَ السَّفَرِ و لو فَرِیضَهً.

وَ مَتَی انْقَطَعَ السَّفَرُ بِأَحَدِ هَذِهِ افْتَقَرَ الْعَوْدُ إلَی الْقَصْرِ إلَی قَصْدِ مَسَافَهٍ جَدِیدَهٍ، فَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهَا بَقِی عَلَی التَّمَامِ إلَی أَنْ یقْصِدَ الْمَسَافَهَ، سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَی الْعَوْدِ إلَی مَوْضِعِ الْإِقَامَهِ أَمْ لَا.

وَ لَوْ نَوَی الْإِقَامَهَ فِی عِدَّهِ مَوَاطِنَ فِی ابْتِدَاءِ السَّفَرِ، أَوْ کانَ لَهُ مَنَازِلُ، اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَهُ بَینَ کلِّ مَنْزِلَینِ و بین الْأَخِیرِ، وَ غَایهِ السَّفَرِ فَیقْصُرُ فِیمَا بَلَغَهُ، وَ یتِمُّ فِی الْبَاقِی و أن تَمَادَی السَّفَرُ.

(وَأَنْ لَا یکثُرَ سَفَرُهُ) بِأَنْ یسَافِرَ ثَلَاثَ سَفَرَاتٍ إلَی مَسَافَهٍ، وَ لَا یقِیمَ بَینَ سَفْرَتَینِ مِنْهَا عَشَرَهَ أَیامٍ فِی بَلَدِهِ، أَوْ غَیرِهِ مَعَ النِّیهِ، أَوْ یصْدُقُ عَلَیهِ اسْمُ الْمُکارِی وَ إِخْوَتِهِ، وَ حِینَئِذٍ فَیتِمُّ فِی الثَّالِثَهِ، وَ مَعَ صِدْقِ الِاسْمِ یسْتَمِرُّ مُتِمًّا إلَی أَنْ یزُولَ الِاسْمُ، أَوْ یقِیمَ عَشَرَهَ أَیامٍ مُتَوَالِیهٍ، أَوْ مَفْصُولَهٍ

به غیر مَسَافَهٍ فِی بَلَدِهِ، أَوْ مَعَ نِیهِ الْإِقَامَهِ، أَوْ یمْضِی عَلَیهِ أَرْبَعُونَ یوْمًا مُتَرَدِّدًا فِی الْإِقَامَهِ، أَوْ جَازِمًا بِالسَّفَرِ مِنْ دُونِهِ.

وَ مَنْ یکثُرُ سَفَرُهُ (کالْمُکارِی) بِضَمِّ الْمِیمِ وَ تَخْفِیفِ الْیاءِ، و هو مَنْ یکرِی دَابَّتَهُ لِغَیرِهِ وَ یذْهَبُ مَعَهَا فَلَا یقِیمُ بِبَلَدِهِ غَالِبًا لِإِعْدَادِهِ نَفْسَهُ لِذَلِک، (وَالْمَلَّاحِ) و هو صَاحِبُ السَّفِینَهِ (وَالْأَجِیرِ) الَّذِی یؤَجِّرُ نَفْسَهُ لِلْأَسْفَارِ (وَالْبَرِیدِ) الْمُعِدِّ نَفْسَهُ لِلرِّسَالَهِ، أَوْ أَمِینِ الْبَیدَرِ، أَوْ الاشتقان.

وَ ضَابِطُهُ مَنْ یسَافِرُ إلَی الْمَسَافَهِ وَ لَا یقِیمُ الْعَشَرَهَ کمَا مَرَّ.

(وَأَلَّا یکونَ سَفَرُهُ مَعْصِیهً) بِأَنْ یکونَ غَایتُهُ مَعْصِیهً، أَوْ مُشْتَرَکهً بَینَهَا و بین الطَّاعَهِ، أَوْ مُسْتَلْزِمَهً لَهَا کالتَّاجِرِ فِی الْمُحَرَّمِ، وَ الْآبِقِ وَ النَّاشِزِ وَ السَّاعِی عَلَی ضَرَرِ مُحْتَرَمٍ، وَ سَالِک طَرِیقٍ یغْلِبُ فِیهِ الْعَطَبُ و لو عَلَی الْمَالِ.

وَ أُلْحِقَ بِهِ تَارِک کلِّ وَاجِبٍ بِهِ بِحَیثُ ینَافِیهِ، و هی مَانِعَهٌ ابْتِدَاءً وَ اسْتِدَامَهً فَلَوْ عَرَضَ قَصْدُهَا فِی أَثْنَائِهِ انْقَطَعَ التَّرَخُّصُ حِینَئِذٍ وَ بِالْعَکسِ وَ یشْتَرَطُ حِینَئِذٍ کوْنُ الْبَاقِی مَسَافَهً و لو بِالْعَوْدِ، وَ لَا یضَمُّ بَاقِی الذَّهَابِ إلَیهِ.

(وَأَنْ یتَوَارَی عَنْ جُدَرَانِ بَلَدِهِ) بِالضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ لَا مُطْلَقِ الْمُوَارَاهِ، (أَوْ یخْفَی عَلَیهِ أَذَانُهُ) و لو تَقْدِیرًا کالْبَلَدِ الْمُنْخَفِضِ وَ الْمُرْتَفِعِ، وَ مُخْتَلِفِ الْأَرْضِ، وَ عَادِمِ الْجِدَارِ وَ الْأَذَانِ، وَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ.

وَ الْمُعْتَبَرُ آخِرُ الْبَلَدِ الْمُتَوَسِّطِ فَمَا دُونَ وَ مَحَلَّتُهُ فِی الْمُتَّسَعِ، وَ صُورَهُ الْجِدَارِ وَ الصَّوْتُ لَا الشَّبَحُ وَ الْکلَامُ.

وَ الِاکتِفَاءِ بِأَحَدِ الْأَمْرَینِ مَذْهَبُ جَمَاعَهٍ، وَ الْأَقْوَی اعْتِبَارُ خَفَائِهِمَا مَعًا ذَهَابًا وَ عَوْدًا، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی سَائِرِ کتُبِهِ.

وَ مَعَ اجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ (فَیتَعَینُ الْقَصْرُ) بِحَذْفِ الْأَخِیرِ فِی الرُّبَاعِیهِ (إلَّا فِی) أَرْبَعَهِ مَوَاطِنَ (مَسْجِدَی مَکهَ وَ الْمَدِینَهِ) الْمَعْهُودَینِ، (وَمَسْجِدِ الْکوفَهِ وَ الْحَائِرِ) الْحُسَینِی (عَلَی مُشَرِّفِهِ السَّلَامِ) و هو مَا دَارَ

عَلَیهِ سُوَرُ حَضْرَتِهِ الشَّرِیفَهِ، (فَیتَخَیرُ فِیهَا) بَینَ الْإِتْمَامِ وَ الْقَصْرِ، (وَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ)، وَ مُسْتَنَدُ الْحُکمِ أَخْبَارٌ کثِیرَهٌ، وَ فِی بَعْضِهَا أَنَّهُ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِ اللَّهِ.

(وَمَنَعَهُ) أَی التَّخْییرَ (أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَابَوَیهِ) وَ حَتَّمَ الْقَصْرَ فِیهَا کغَیرِهَا.

وَ الْأَخْبَارُ الصَّحِیحَهُ حُجَّهٌ عَلَیهِ (وَطَرَّدَ الْمُرْتَضَی، وَ ابْنُ الْجُنَیدِ الْحُکمَ فِی مَشَاهِدِ الْأَئِمَّهِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ) و لم نَقِفْ عَلَی مَأْخَذِهِ، وَ طَرَّدَ آخَرُونَ الْحُکمَ فِی الْبُلْدَانِ الْأَرْبَعِ، وَ ثَالِثٌ فِی بَلَدَی الْمَسْجِدَینِ الْحَرَمَینِ دُونَ الْآخَرَینِ، وَ رَابِعٌ فِی الْبُلْدَانِ الثَّلَاثَهِ غَیرِ الْحَائِرِ، وَ مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی وَ الاقْتِصَارُ عَلَیهَا مَوْضِعُ الْیقِینِ فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ. (وَلَوْ دَخَلَ عَلَیهِ الْوَقْتُ حَاضِرًا) بِحَیثُ مَضَی مِنْهُ قَدْرُ الصَّلَاهِ بِشَرَائِطِهَا الْمَفْقُودَهِ قَبْلَ مُجَاوَزَهِ الْحَدَّینِ، (أَوْ أَدْرَکهُ بَعْدَ) انْتِهَاءِ (سَفَرِهِ) بِحَیثُ أَدْرَک مِنْهُ رَکعَهً فَصَاعِدًا (أَتَمَّ) الصَّلَاهَ فِیهِمَا (فِی الْأَقْوَی) عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَ لِدَلَالَهِ بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَلَیهِ، وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ الْقَصْرُ فِیهِمَا، وَ فِی ثَالِثٍ التَّخْییرُ، وَ رَابِعٍ الْقَصْرُ فِی الْأَوَّلِ، وَ الْإِتْمَامُ فِی الثَّانِی، وَ الْأَخْبَارُ مُتَعَارِضَهٌ، وَ الْمُحَصَّلُ مَا اخْتَارَهُ هُنَا. (وَیسْتَحَبُّ جَبْرُ کلِّ مَقْصُورَهٍ)، وَ قِیلَ: کلُّ صَلَاهٍ تُصَلَّی سَفَرًا (بِالتَّسْبِیحَاتِ الْأَرْبَعِ ثَلَاثِینَ مَرَّهً) عَقِبَهَا.

وَ الْمَرْوِی التَّقْییدُ، و قد رُوِی اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا عَقِیبَ کلِّ فَرِیضَهٍ فِی جُمْلَهِ التَّعْقِیبِ، فَاسْتِحْبَابُهَا عَقِیبَ الْمَقْصُورَهِ یکونُ آکدَ، و هل یتَدَاخَلُ الْجَبْرُ وَ التَّعْقِیبُ، أَمْ یسْتَحَبُّ تَکرَارُهَا؟ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا الْأَوَّلُ لِتَحَقُّقِ الِامْتِثَالِ فِیهِمَا.

الفصل الحادی عشر: فی الجماعه

الفصل الحادیعشر: فی الجماعه

الْجَمَاعَهِ مُسْتَحَبَّهٌ فِی الْفَرِیضَهِ

(الْفَصْلُ الْحَادِی عَشَرَ - فِی الْجَمَاعَهِ) (وَهِی مُسْتَحَبَّهٌ فِی الْفَرِیضَهِ) مُطْلَقًا، (مُتَأَکدَهٌ فِی الْیوْمِیهِ) حَتَّی أَنَّ الصَّلَاهَ الْوَاحِدَهَ مِنْهَا تَعْدِلُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا وَ عِشْرِینَ صَلَاهً مَعَ غَیرِ الْعَالِمِ، وَ مَعَهُ أَلْفًا و لو وَقَعَتْ فِی مَسْجِدٍ تَضَاعَفَ بِمَضْرُوبِ عَدَدِهِ فِی عَدَدِهَا، فَفِی الْجَامِعِ مَعَ

غَیرِ الْعَالِمِ أَلْفَانِ وَ سَبْعِمِائَهٍ، وَ مَعَهُ مِائَهُ أَلْفٍ.

وَ رُوِی أَنَّ ذَلِک مَعَ اتِّحَادِ الْمَأْمُومِ، فَلَوْ تَعَدَّدَ تَضَاعَفَ فِی کلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ الْمَجْمُوعِ فِی سَابِقِهِ إلَی الْعَشَرَهِ ثُمَّ لَا یحْصِیهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَی.

(وَوَاجِبَهٌ فِی الْجُمُعَهِ، وَ الْعِیدَینِ مَعَ وُجُوبِهِمَا، وَ بِدْعَهٌ فِی النَّافِلَهِ مُطْلَقًا إلَّا فِی الِاسْتِسْقَاءِ، وَ الْعِیدَینِ الْمَنْدُوبَهِ، وَ الْغَدِیرِ) فِی قَوْلٍ لَمْ یجْزِمْ بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَّا هُنَا، وَ نَسَبَهُ فِی غَیرِهِ إلَی التَّقِی، و لعلّ مَأْخَذَهُ شَرْعِیتُهَا فِی صَلَاهِ الْعِیدِ و أنّه عِیدٌ.

(وَالْإِعَادَهُ) مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ الْمَأْمُومِ، أَوْ هُمَا و أن تَرَامَتْ عَلَی الْأَقْوَی (وَیدْرِکهَا) أَی الرَّکعَهَ (بِإِدْرَاک الرُّکوعِ) بِأَنْ یجْتَمِعَا فِی حَدِّ الرَّاکعِ و لو قَبْلَ ذِکرِ الْمَأْمُومِ، أَمَّا إدْرَاک الْجَمَاعَهِ فَسَیأْتِی أَنَّهُ یحْصُلُ بِدُونِ الرُّکوعِ، و لو شَک فِی إدْرَاک حَدِّ الْإِجْزَاءِ لَمْ یحْتَسَبْ رَکعَهً، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ فَیتْبَعُهُ فِی السُّجُودِ، ثُمَّ یسْتَأْنِفُ.

(وَیشْتَرَطُ بُلُوغُ الْإِمَامِ) إلَّا أَنْ یؤُمَّ مِثْلَهُ، أَوْ فِی نَافِلَهٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِی الدُّرُوسِ، و هو یتِمُّ مَعَ کوْنِ صَلَاتِهِ شَرْعِیهً لَا تَمْرِینِیهً، (وَعَقْلُهُ) حَالَهَ الْإِمَامَهِ، و أن عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ فِی غَیرِهَا، کذِی الْأَدْوَارِ عَلَی کرَاهَهٍ.

(وَعَدَالَتُهُ) و هی مَلَکهٌ نَفْسَانِیهٌ بَاعِثَهٌ عَلَی مُلَازَمَهِ التَّقْوَی الَّتِی هِی الْقِیامُ بِالْوَاجِبَاتِ، وَ تَرْک الْمَنْهِیاتِ الْکبِیرَهِ مُطْلَقًا، وَ الصَّغِیرَهِ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَیهَا، وَ مُلَازَمَهِ الْمُرُوءَهِ الَّتِی هِی اتِّبَاعُ مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ، وَ اجْتِنَابُ مَسَاوِئِهَا، و ما ینْفِرُ عَنْهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَ یؤْذِنُ بِخِسَّهِ النَّفْسِ وَ دَنَاءَهِ الْهِمَّهِ، وَ تُعْلَمُ بِالِاخْتِبَارِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ التَّکرَارِ الْمُطْلِعِ عَلَی الْخُلُقِ مِنْ التَّخَلُّقِ، وَ الطَّبْعِ مِنْ التَّکلُّفِ غَالِبًا.

وَ بِشَهَادَهِ عَدْلَینِ بِهَا، وَ شِیاعِهَا وَ اقْتِدَاءِ الْعَدْلَینِ بِهِ فِی الصَّلَاهِ، بِحَیثُ یعْلَمُ رُکونُهُمَا إلَیهِ تَزْکیهً.

وَ لَا یقْدَحُ الْمُخَالَفَهُ فِی الْفُرُوعِ، إلَّا أَنْ تَکونَ صَلَاتُهُ بَاطِلَهً عِنْدَ الْمَأْمُومِ و کان

عَلَیهِ أَنْ یذْکرَ اشْتِرَاطَ طَهَارَهِ مَوْلِدِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ شَرْطٌ إجْمَاعًا کمَا ادَّعَاهُ فِی الذِّکرَی، فَلَا تَصِحُّ إمَامَهُ وَلَدِ الزِّنَا، و أن کانَ عَدْلًا.

أَمَّا وَلَدُ الشُّبْهَهِ و من تَنَالُهُ الْأَلْسُنُ مِنْ غَیرِ تَحْقِیقٍ فَلَا، (وَذُکورِیتُهُ) إنْ کانَ الْمَأْمُومُ ذَکرًا أَوْ خُنْثَی.

(وَتَؤُمُّ الْمَرْأَهُ مِثْلَهَا، وَلَا) تَؤُمُّ (ذَکرًا، وَ لَا خُنْثَی) لِاحْتِمَالِ ذُکورِیتِهِ.

(وَلَا تَؤُمُّ الْخُنْثَی غَیرَ الْمَرْأَهِ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثِیتِهِ وَ ذُکورِیهِ الْمَأْمُومِ لَوْ کانَ خُنْثَی، (وَلَا تَصِحُّ) مَعَ جِسْمٍ (حَائِلٍ بَینَ الْإِمَامِ وَ الْمَأْمُومِ) یمْنَعُ الْمُشَاهَدَهَ أَجْمَعَ فِی سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِلْإِمَامِ، أَوْ مَنْ یشَاهِدُهُ مِنْ الْمَأْمُومِینَ و لو بِوَسَائِطَ مِنْهُمْ، فَلَوْ شَاهَدَ بَعْضَهُ فِی بَعْضِهَا کفَی، کمَا لَا تَمْنَعُ حَیلُولَهُ الظُّلْمَهِ وَ الْعَمَی (إلَّا فِی الْمَرْأَهِ خَلْفَ الرَّجُلِ) فَلَا یمْنَعُ الْحَائِلُ مُطْلَقًا، مَعَ عِلْمِهَا بِأَفْعَالِهِ الَّتِی یجِبُ فِیهَا الْمُتَابَعَهُ، (وَلَا مَعَ کوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَی) مِنْ الْمَأْمُومِ (بِالْمُعْتَدِّ بِهِ) عُرْفًا فِی الْمَشْهُورِ، وَ قَدْرُهُ فِی الدُّرُوسِ بِمَا لَا یتَخَطَّی، وَ قِیلَ: بِشِبْرٍ، وَ لَا یضُرُّ عُلُوُّ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا مَا لَمْ یؤَدِّ إلَی الْبُعْدِ الْمُفْرِطِ، و لو کانَتْ الْأَرْضُ مُنْحَدِرَهً اُغْتُفِرَ فِیهِمَا.

وَ لَمْ یذْکرْ اشْتِرَاطَ عَدَمِ تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ، وَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَ الْمُعْتَبَرُ فِیهِ الْعَقِبُ قَائِمًا، وَ الْمَقْعَدُ و هو الْأَلْیهُ جَالِسًا، وَ الْجَنْبُ نَائِمًا.

تُکرَهُ الْقِرَاءَهُ مَنْ الْمَأْمُومِ

(وَتُکرَهُ الْقِرَاءَهُ) مَنْ الْمَأْمُومِ (خَلْفَهُ فِی الْجَهْرِیهِ) الَّتِی یسْمَعُهَا و لو هَمْهَمَهً (لَا فِی السِّرِّیهِ، و لو لَمْ یسْمَعْ و لو هَمْهَمَهً) و هی الصَّوْتُ الْخَفِی مِنْ غَیرِ تَفْصِیلِ الْحُرُوفِ (فِی الْجَهْرِیهِ قَرَأَ) الْمَأْمُومُ الْحَمْدَ سِرًّا (مُسْتَحَبًّا) هَذَا هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِی الْمَسْأَلَهِ، أَمَّا تَرْک الْقِرَاءَهِ فِی الْجَهْرِیهِ الْمَسْمُوعَهِ فَعَلَیهِ الْکلُّ، لَکنْ عَلَی وَجْهِ الْکرَاهَهِ عِنْدَ الْأَکثَرِ، وَ التَّحْرِیمِ عِنْدَ بَعْضٍ، لِلْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ لِسَامِعِ الْقُرْآنِ، و أمّا مَعَ عَدَمِ سَمَاعِهَا و أن

قَلَّ فَالْمَشْهُورُ الِاسْتِحْبَابُ فِی أُولَییهَا، وَ الْأَجْوَدُ إلْحَاقُ أُخْرَییهَا بِهِمَا وَ قِیلَ: تَلْحَقَانِ بِالسِّرِّیهِ.

وَ أَمَّا السِّرِّیهُ فَالْمَشْهُورُ کرَاهَهُ الْقِرَاءَهِ فِیهَا، و هو اخْتِیارُ الْمُصَنِّفِ فِی سَائِرِ کتُبِهِ، وَلَکنَّهُ هُنَا ذَهَبَ إلَی عَدَمِ الْکرَاهَهِ، وَ الْأَجْوَدُ الْمَشْهُورُ.

وَ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَسْقَطَ الْقِرَاءَهَ وُجُوبًا، أَوْ اسْتِحْبَابًا مُطْلَقًا و هو أَحْوَطُ.

وَ قَدْ رَوَی زُرَارَهُ فِی الصَّحِیحِ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ قَالَ: " کانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیهِ السَّلَامُ یقُولُ: مَنْ قَرَأَ خَلْفَ إمَامٍ یأْتَمُّ بِهِ بُعِثَ عَلَی غَیرِ الْفِطْرَهِ ".

(وَیجِبُ) عَلَی الْمَأْمُومِ (نِیهُ الِائْتِمَامِ) بِالْإِمَامِ (الْمُعَینِ) بِالِاسْمِ، أَوْ الصِّفَهِ، أَوْ الْقَصْدِ الذِّهْنِی، فَلَوْ أَخَلَّ بِهَا، أَوْ اقْتَدَی بِأَحَدِ هَذَینِ، أَوْ بِهِمَا و أن اتَّفَقَا فِعْلًا لَمْ یصِحَّ، و لو أَخْطَأَ تَعْیینَهُ بَطَلَتْ و أن کانَ أَهْلًا لَهَا.

أَمَّا الْإِمَامُ فَلَا تَجِبُ عَلَیهِ نِیهُ الْإِمَامَهِ، إلَّا أَنْ تَجِبَ الْجَمَاعَهُ کالْجُمُعَهِ فِی قَوْلٍ نَعَمْ یسْتَحَبُّ.

وَ لَوْ حَضَرَ الْمَأْمُومُ فِی أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ نَوَاهَا بِقَلْبِهِ مُتَقَرِّبًا.

قْطَعُ النَّافِلَهَ إذَا أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالْفَرِیضَهِ

(وَیقْطَعُ النَّافِلَهَ) إذَا أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالْفَرِیضَهِ وَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ قَطَعَهَا مَتَی أُقِیمَتْ الْجَمَاعَهُ وَ لَمَّا یکمِّلْهَا، لِیفُوزَ بِفَضِیلَتِهَا أَجْمَعَ.

(وَ قِیلَ): وَ یقْطَعُ (الْفَرِیضَهَ) أَیضًا (لَوْ خَافَ الْفَوْتَ) أَی فَوَاتَ الْجَمَاعَهِ فِی مَجْمُوعِ الصَّلَاهِ، و هو قَوِی، وَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِ الْکتَابِ، و فی البَیانِ جَعَلَهَا کالنَّافِلَهِ، (وَإِتْمَامُهَا رَکعَتَینِ) نَدْبًا (حَسَنٌ) لِیجْمَعَ بَینَ فَضِیلَهِ الْجَمَاعَهِ، وَ تَرْک إبْطَالِ الْعَمَلِ.

هَذَا إذَا لَمْ یخَفْ الْفَوْتَ، وَ الا قَطَعَهَا بَعْدَ النَّقْلِ إلَی النَّفْلِ.

وَ لَوْ کانَ قَدْ تَجَاوَزَ رَکعَتَینِ مِنْ الْفَرِیضَهِ فَفِی الِاسْتِمْرَارِ، أَوْ الْعُدُولِ إلَی النَّفْلِ، خُصُوصًا قَبْلَ رُکوعِ الثَّالِثَهِ؟ وَجْهَانِ، و فی القَطْعِ قُوَّهٌ.

(نَعَمْ یقْطَعُهَا) أَی الْفَرِیضَهَ (لِإِمَامِ الْأَصْلِ) مُطْلَقًا اسْتِحْبَابًا فِی الْجَمِیعِ.

(وَلَوْ أَدْرَکهُ بَعْدَ الرُّکوعِ) بِأَنْ لَمْ یجْتَمِعْ مَعَهُ بَعْدَ التَّحْرِیمَهِ فِی حَدِّهِ (سَجَدَ)

مَعَهُ به غیر رُکوعٍ إنْ لَمْ یکنْ رَکعَ، أَوْ رَکعَ طَلَبًا لِإِدْرَاکهِ فَلَمْ یدْرِکهُ، (ثُمَّ اسْتَأْنَفَ النِّیهَ) مُؤْتَمًّا إنْ بَقِی لِلْإِمَامِ رَکعَهٌ أُخْرَی، وَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ تَسْلِیمِ الْإِمَامِ إنْ أَدْرَکهُ فِی الْأَخِیرَهِ.

(بِخِلَافِ إدْرَاکهِ بَعْدَ السُّجُودِ) فَإِنَّهُ یجْلِسُ مَعَهُ وَ یتَشَهَّدُ مُسْتَحِبًّا إنْ کانَ بِتَشَهُّدٍ، وَ یکمِلُ صَلَاتَهُ (فَإِنَّهَا تَجْزِیهِ وَ یدْرِک فَضِیلَهَ الْجَمَاعَهِ) فِی الْجُمْلَهِ (فِی الْمَوْضِعَینِ) وَ هُمَا إدْرَاکهُ بَعْدَ الرُّکوعِ وَ بَعْدَ السُّجُودِ لِلْأَمْرِ بِهَا و لیس إلَّا لِإِدْرَاکهَا.

وَ أَمَّا کوْنُهَا کفَضِیلَهِ مَنْ أَدْرَکهَا مِنْ أَوَّلِهَا فَغَیرُ مَعْلُومٍ، و لو اسْتَمَرَّ فِی الصُّورَتَینِ قَائِمًا إلَی أَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ، أَوْ قَامَ، أَوْ جَلَسَ مَعَهُ و لم یسْجُدْ صَحَّ أَیضًا، مِنْ غَیرِ اسْتِئْنَافٍ.

وَ الضَّابِطُ أَنَّهُ یدْخُلُ مَعَهُ فِی سَائِرِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ زَادَ مَعَهُ رُکنًا اسْتَأْنَفَ النِّیهَ وَ الا فَلَا، وَ فِی زِیادَهِ سَجْدَهٍ وَاحِدَهٍ وَجْهَانِ أَحْوَطُهُمَا الِاسْتِئْنَافُ و لیس لِمَنْ لَمْ یدْرِک الرَّکعَهَ قَطْعُ الصَّلَاهِ به غیر الْمُتَابَعَهِ اخْتِیارًا.

عَلَی الْمَأْمُومِ الْمُتَابَعَهُ لِإِمَامِهِ فِی الْأَفْعَالِ

(وَیجِبُ) عَلَی الْمَأْمُومِ (الْمُتَابَعَهُ) لِإِمَامِهِ فِی الْأَفْعَالِ إجْمَاعًا، بِمَعْنَی أَنْ لَا یتَقَدَّمَهُ فِیهَا، بَلْ إمَّا أَنْ یتَأَخَّرَ عَنْهُ و هو الْأَفْضَلُ، أَوْ یقَارِنَهُ، لَکنْ مَعَ الْمُقَارَنَهِ تَفُوتُ فَضِیلَهُ الْجَمَاعَهِ و أن صَحَّتْ الصَّلَاهُ، و إنّما فَضْلُهَا مَعَ الْمُتَابَعَهِ.

أَمَّا الْأَقْوَالُ فَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَهِ فِیهَا أَیضًا فِی غَیرِهِ، وَ أَطْلَقَ هُنَا مِمَّا یشْمَلُهُ، وَ عَدَمُ الْوُجُوبِ أَوْضَحُ إلَّا فِی تَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ، فَیعْتَبَرُ تَأَخُّرُهُ بِهَا، فَلَوْ قَارَنَهُ أَوْ سَبَقَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَ کیف تَجِبُ الْمُتَابَعَهُ فِیمَا لَا یجِبُ سَمَاعُهُ، وَ لَا إسْمَاعُهُ إجْمَاعًا، مَعَ إیجَابِهِمْ عِلْمَهُ بِأَفْعَالِهِ، و ما ذَاک إلَّا لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَهِ فِیهَا.

(فَلَوْ تَقَدَّمَ) الْمَأْمُومُ عَلَی الْإِمَامِ فِیمَا یجِبُ فِیهِ الْمُتَابَعَهُ (نَاسِیا تَدَارَک) مَا فَعَلَ مَعَ الْإِمَامِ، (وَعَامِدًا یأْثَمُ وَ یسْتَمِرُّ) عَلَی

حَالِهِ حَتَّی یلْحَقَهُ الْإِمَامُ، وَ النَّهْی لَاحِقٌ لِتَرْک الْمُتَابَعَهِ، لَا لِذَاتِ الصَّلَاهِ أَوْ جُزْئِهَا، و من ثَمَّ لَمْ تَبْطُلْ، و لو عَادَ بَطَلَتْ لِلزِّیادَهِ.

وَ فِی بُطْلَانِ صَلَاهِ النَّاسِی لَوْ لَمْ یعِدْ قَوْلَانِ، أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، وَ الظَّانُّ کالنَّاسِی، وَ الْجَاهِلُ عَامِدٌ.

یسْتَحَبُّ إسْمَاعُ الْإِمَامِ مَنْ خَلْفَهُ أَذْکارَهُ

(وَیسْتَحَبُّ إسْمَاعُ الْإِمَامِ مَنْ خَلْفَهُ) أَذْکارَهُ لِیتَابِعَهُ فِیهَا و أن کانَ مَسْبُوقًا، مَا لَمْ یؤَدِّ إلَی الْعُلُوِّ الْمُفْرِطِ فَیسْقُطَ الْإِسْمَاعُ الْمُؤَدِّی إلَیهِ (وَیکرَهُ الْعَکسُ) بَلْ یسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ تَرْک إسْمَاعِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا، عَدَا تَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ لَوْ کانَ الْإِمَامُ مُنْتَظِرًا لَهُ فِی الرُّکوعِ وَ نَحْوِهِ، و ما یفْتَحُ بِهِ عَلَی الْإِمَامِ، وَ الْقُنُوتِ عَلَی قَوْلٍ.

امامه کل من الحاضر و المسافر بصاحبه

(وَأَنْ یأْتَمَّ کلٌّ مِنْ الْحَاضِرِ وَ الْمُسَافِرِ بِصَاحِبِهِ) مُطْلَقًا، وَ قِیلَ: فِی فَرِیضَهٍ مَقْصُورَهٍ، و هو مَذْهَبُهُ فِی الْبَیانِ، (بَلْ بِالْمُسَاوِی) فِی الْحَضَرِ وَ السَّفَرِ، أَوْ فِی الْفَرِیضَهِ غَیرِ الْمَقْصُورَهِ (وَأَنْ یؤُمَّ الْأَجْذَمُ وَ الْأَبْرَصُ الصَّحِیحَ) لِلنَّهْی عَنْهُ وَ عَمَّا قَبْلَهُ فِی الْأَخْبَارِ الْمَحْمُولِ عَلَی الْکرَاهَهِ جَمْعًا (وَالْمَحْدُودُ بَعْدَ تَوْبَتِهِ) لِلنَّهْی کذَلِک، وَ سُقُوطِ مَحَلِّهِ مِنْ الْقُلُوبِ (وَالْأَعْرَابِی) و هو الْمَنْسُوبُ إلَی الْأَعْرَابِ وَ هُمْ سُکانُ الْبَادِیهِ (بِالْمُهَاجِرِ) و هو الْمَدَنِی الْمُقَابِلُ لِلْأَعْرَابِی، أَوْ الْمُهَاجِرُ حَقِیقَهً مِنْ بِلَادِ الْکفْرِ إلَی بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

وَ وَجْهُ الْکرَاهَهِ فِی الْأَوَّلِ مَعَ النَّصِّ بُعْدُهُ عَنْ مَکارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَ مَحَاسِنِ الشِّیمِ الْمُسْتَفَادَهِ مِنْ الْحَضَرِ، وَ حَرَّمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إمَامَهَ الْأَعْرَابِی عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّهْی، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِهِ مَنْ لَا یعْرِفُ مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ، وَ تَفَاصِیلَ الْأَحْکامِ مِنْهُمْ الْمَعْنِی بِقَوْلِهِ تَعَالَی { الْأَعْرَابُ أَشَدُّ کفْرًا وَ نِفَاقًا } أَوْ عَلَی مَنْ عَرَفَ ذَلِک وَ تَرَک الْمُهَاجَرَهَ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَیهِ، فَإِنَّهُ حِینَئِذٍ تَمْتَنِعُ إمَامَتُهُ، لِإِخْلَالِهِ بِالْوَاجِبِ مِنْ التَّعَلُّمِ وَ الْمُهَاجَرَهِ (وَالْمُتَیمِّمُ

بِالْمُتَطَهِّرِ بِالْمَاءِ) لِلنَّهْی عَنْهُ وَ نَقْصِهِ لَا بِمِثْلِهِ.

(وَأَنْ یسْتَنَابَ الْمَسْبُوقُ بِرَکعَهٍ)، أَوْ مُطْلَقًا إذَا عَرَضَ لِلْإِمَامِ مَانِعٌ مِنْ الْإِتْمَامِ، بَلْ ینْبَغِی اسْتِنَابَهُ مَنْ شَهِدَ الْإِقَامَهَ.

وَ مَتَی بَطَلَتْ صَلَاهُ الْإِمَامِ فَإِنْ بَقِی مُکلَّفًا فَالِاسْتِنَابَهُ لَهُ، وَ الا فَلِلْمَأْمُومِینَ، و فی الثَّانِی یفْتَقِرُونَ إلَی نِیهِ الِائْتِمَامِ بِالثَّانِی، وَ لَا یعْتَبَرُ فِیهَا سِوَی الْقَصْدِ إلَی ذَلِک، وَ الْأَقْوَی فِی الْأَوَّلِ ذَلِک وَ قِیلَ: لَا، لِأَنَّهُ خَلِیفَهُ الْإِمَامِ فَیکونُ بِحُکمِهِ.

ثُمَّ إنْ حَصَلَ قَبْلَ الْقِرَاءَهِ قَرَأَ الْمُسْتَخْلَفُ، أَوْ الْمُنْفَرِدُ، و أن کانَ فِی أَثْنَائِهَا.

فَفِی الْبِنَاءِ عَلَی مَا وَقَعَ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ الِاسْتِئْنَافِ، أَوْ الِاکتِفَاءِ بِإِعَادَهِ السُّورَهِ الَّتِی فَارَقَ فِیهَا أَوْجُهٌ أَجْوَدُهَا الْأَخِیرُ.

وَ لَوْ کانَ بَعْدَهَا فَفِی إعَادَتِهَا وَجْهَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ.

تَبَین عَدَمُ الْأَهْلِیهِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَهِ

(وَلَوْ تَبَینَ) لِلْمَأْمُومِ (عَدَمُ الْأَهْلِیهِ) مِنْ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَهِ بِحَدَثٍ، أَوْ فِسْقٍ، أَوْ کفْرٍ (فِی الْأَثْنَاءِ انْفَرَدَ) حِینَ الْعِلْمِ.

وَ الْقَوْلُ فِی الْقِرَاءَهِ کمَا تَقَدَّمَ، (وَبَعْدَ الْفَرَاغِ لَا إعَادَهَ) عَلَی الْأَصَحِّ مُطْلَقًا لِلِامْتِثَالِ، وَ قِیلَ یعِیدُ فِی الْوَقْتِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ، و هو مَمْنُوعٌ مَعَ عَدَمِ إفْضَائِهِ إلَی الْمُدَّعَی.

عَرَضَ لِلْإِمَامِ مُخْرِجٌ مَنْ الصَّلَاهِ

(وَلَوْ عَرَضَ لِلْإِمَامِ مُخْرِجٌ) مَنْ الصَّلَاهِ لَا یخْرُجُ عَنْ الْأَهْلِیهِ کالْحَدَثِ (اسْتَنَابَ) هُوَ، وَ کذَا لَوْ تَبَینَ کوْنُهُ خَارِجًا ابْتِدَاءً لِعَدَمِ الطَّهَارَهِ، وَ یمْکنُ شُمُولُ الْمُخْرِجِ فِی الْعِبَارَهِ لَهُمَا

یکره الکلام

(وَیکرَهُ الْکلَامُ) لِلْمَأْمُومِ وَ الْإِمَامِ (بَعْدَ) قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ (قَدْ قَامَتْ الصَّلَاهُ) لِمَا رُوِی أَنَّهُمْ بَعْدَهَا کالْمُصَلِّینَ.

الْمُصَلِّی خَلْفَ مَنْ لَا یقْتَدَی بِهِ یؤَذِّنُ وَ یقِیمُ

(وَالْمُصَلِّی خَلْفَ مَنْ لَا یقْتَدَی بِهِ) لِکوْنِهِ مُخَالِفًا (یؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ وَ یقِیمُ) إنْ لَمْ یکنْ وَقَعَ مِنْهُمَا مَا یجْزِئُ عَنْ فِعْلِهِ کالْأَذَانِ لِلْبَلَدِ إذَا سَمِعَهُ، أَوْ مُطْلَقًا، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْأَذَانُ لِخَوْفِ فَوْتِ وَاجِبِ الْقِرَاءَهِ (اقْتَصَرَ) عَلَی قَوْلِهِ (قَدْ قَامَتْ الصَّلَاهُ) مَرَّتَینِ (إلَی آخِرِ الْإِقَامَهِ)، ثُمَّ یدْخُلُ

فِی الصَّلَاهِ مُنْفَرِدًا بِصُورَهِ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِقِرَاءَهِ السُّورَهِ سَقَطَتْ، و أن سَبَقَهُ بِالْفَاتِحَهِ أَوْ بَعْضِهَا قَرَأَ إلَی حَدِّ الرَّاکعِ وَ سَقَطَ عَنْهُ مَا بَقِی، و أن سَبَقَ الْإِمَامَ سَبَّحَ اللَّهَ اسْتِحْبَابًا إلَی أَنْ یرْکعَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِک غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ خَالَفَهُ وَ خَرَجَ بِحَسَنَاتِهِمْ، رُوِی ذَلِک عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ.

شرایط الامام

(وَلَا یؤُمُّ الْقَاعِدُ الْقَائِمَ) وَ کذَا جَمِیعُ الْمَرَاتِبِ، لَا یؤُمُّ النَّاقِصُ فِیهَا الْکامِلَ لِلنَّهْی وَ النَّقْصِ.

وَ لَوْ عَرَضَ الْعَجْزُ فِی الْأَثْنَاءِ انْفَرَدَ الْمَأْمُومُ الْکامِلُ حِینَئِذٍ إنْ لَمْ یمْکنْ اسْتِخْلَافُ بَعْضِهِمْ.

(وَلَا الْأُمِّی) و هو مَنْ لَا یحْسِنُ قِرَاءَهَ الْحَمْدِ وَ السُّورَهِ، أَوْ أَبْعَاضِهِمَا و لو حَرْفًا أَوْ تَشْدِیدًا، أَوْ صِفَهً وَاجِبَهً (الْقَارِئَ) و هو مَنْ یحْسِنُ ذَلِک کلَّهُ، وَ یجُوزُ بِمِثْلِهِ مَعَ تَسَاوِیهِمَا فِی شَخْصِ الْمَجْهُولِ، أَوْ نُقْصَانِ الْمَأْمُومِ، وَ عَجْزِهِمَا عَنْ التَّعْلِیمِ لِضِیقِ الْوَقْتِ، وَ عَنْ الِائْتِمَامِ بِقَارِئٍ، أَوْ أَتَمَّ مِنْهُمَا، و لو اخْتَلَفَا فِیهِ لَمْ یجُزْ و أن نَقَصَ قَدْرُ مَجْهُولِ الْإِمَامِ.

إلَّا أَنْ یقْتَدِی جَاهِلُ الْأَوَّلِ بِجَاهِلِ الْآخَرِ، ثُمَّ ینْفَرِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَمَامِ مَعْلُومِهِ کاقْتِدَاءِ مُحْسِنِ السُّورَهِ خَاصَّهً بِجَاهِلِهَا، وَ لَا یتَعَاکسَانِ.

(وَلَا الْمُؤَفُّ اللِّسَانَ) کالْأَلْثَغِ بِالْمُثَلَّثَهِ و هو الَّذِی یبَدِّلُ حَرْفًا بِغَیرِهِ، وَ بِالْمُثَنَّاهِ مِنْ تَحْتٍ و هو الَّذِی لَا یبَینُ الْکلَامَ، وَ التَّمْتَامُ وَ الْفَأْفَاءُ و هو الَّذِی لَا یحْسِنُ تَأْدِیهَ الْحَرْفَینِ (بِالصَّحِیحِ).

أَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْ آفَتُهُ إسْقَاطَ الْحَرْفِ، وَ لَا إبْدَالَهُ، أَوْ یکرِّرُهُ فَتُکرَهُ إمَامَتُهُ بِالْمُتْقِنِ خَاصَّهً. (وَیقَدَّمُ الْأَقْرَأُ) مِنْ الْأَئِمَّهِ لَوْ تَشَاحُّوا أَوْ تَشَاحَّ الْمَأْمُومُونَ، و هو الْأَجْوَدُ أَدَاءً، وَ إِتْقَانًا لِلْقِرَاءَهِ وَ مَعْرِفَهِ أَحْکامِهَا وَ مَحَاسِنِهَا، و أن کانَ أَقَلَّ حِفْظًا، فَإِنْ تَسَاوَوْا فَالْأَحْفَظُ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِیهِمَا (فَالْأَفْقَهُ) فِی أَحْکامِ الصَّلَاهِ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِیهَا فَالْأَفْقَهُ فِی غَیرِهَا.

وَ

أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکرَی اعْتِبَارَ الزَّائِدِ لِخُرُوجِهِ عَنْ کمَالِ الصَّلَاهِ.

وَ فِیهِ أَنَّ الْمُرَجِّحَ لَا ینْحَصِرُ فِیهَا، بَلْ کثِیرٌ مِنْهَا کمَالٌ فِی نَفْسِهِ، و هذا مِنْهَا مَعَ شُمُولِ النَّصِّ لَهُ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِی الْفِقْهِ وَ الْقِرَاءَهِ (فَالْأَقْدَمُ هِجْرَهً) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَی دَارِ الْإِسْلَامِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَ فِی زَمَانِنَا قِیلَ هُوَ السَّبْقُ إلَی طَلَبِ الْعِلْمِ، وَ قِیلَ إلَی سُکنَی الْأَمْصَارِ مَجَازًا عَنْ الْهِجْرَهِ الْحَقِیقِیهِ لِأَنَّهَا مَظِنَّهُ الِاتِّصَافِ بِالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَهِ، وَ الْکمَالَاتِ النَّفْسِیهِ، بِخِلَافِ الْقُرَی وَ الْبَادِیهِ.

وَ قَدْ قِیلَ: إنَّ الْجَفَاءَ وَ الْقَسْوَهَ فِی الْفَدَّادِینَ بِالتَّشْدِیدِ، أَوْ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَ قِیلَ: یقَدَّمُ أَوْلَادُ مَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَی غَیرِهِ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِی ذَلِک (فَالْأَسَنُّ) مُطْلَقًا، أَوْ فِی الْإِسْلَامِ کمَا قَیدَهُ فِی غَیرِهِ.

فَإِنْ تَسَاوَوْا فِیهِ (فَالْأَصْبَحُ) وَجْهًا، لِدَلَالَتِهِ عَلَی مَزِیدِ عِنَایهِ اللَّهِ تَعَالَی، أَوْ ذِکرًا بَینَ النَّاسِ، لِأَنَّهُ یسْتَدَلُّ عَلَی الصَّالِحِینَ بِمَا یجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَی أَلْسِنَهِ عِبَادِهِ، و لم یذْکرْ هُنَا تَرْجِیحُ الْهَاشِمِی لِعَدَمِ دَلِیلٍ صَالِحٍ لِتَرْجِیحِهِ، وَ جَعْلِهِ فِی الدُّرُوسِ بَعْدَ الْأَفْقَهِ.

وَ زَادَ بَعْضُهُمْ فِی الْمُرَجَّحَاتِ بَعْدَ ذَلِک الْأَتْقَی، وَ الْأَوْرَعَ، ثُمَّ الْقُرْعَهُ.

وَ فِی الدُّرُوسِ جَعَلَ الْقُرْعَهَ بَعْدَ الْأَصْبَحِ، وَ بَعْضُ هَذِهِ الْمُرَجَّحَاتِ ضَعِیفُ الْمُسْتَنَدِ لَکنَّهُ مَشْهُورٌ.

(وَ) الْإِمَامُ (الرَّاتِبُ) فِی مَسْجِدٍ مَخْصُوصٍ (أَوْلَی مِنْ الْجَمِیعِ) لَوْ اجْتَمَعُوا، (وَکذَا صَاحِبُ الْمَنْزِلِ) أَوْلَی مِنْهُمْ، و من الرَّاتِبِ، (وَ) صَاحِبُ (الْإِمَارَهِ) فِی إمَارَتِهِ أَوْلَی مِنْ جَمِیعِ مَنْ ذُکرَ أَیضًا.

وَأَوْلَوِیهُ هَذِهِ الثَّلَاثَهِ سِیاسَهٌ أَدَبِیهٌ لَا فَضِیلَهٌ ذَاتِیهٌ، و لو أَذِنُوا لِغَیرِهِمْ انْتَفَتْ الْکرَاهَهُ.

لَا یتَوَقَّفُ أَوْلَوِیهُ الرَّاتِبِ عَلَی حُضُورِهِ، بَلْ ینْتَظَرُ لَوْ تَأَخَّرَ، وَ یرَاجَعُ إلَی أَنْ یضِیقَ وَقْتُ الْفَضِیلَهِ فَیسْقُطَ اعْتِبَارُهُ وَ لَا فَرْقَ فِی صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بَینَ الْمَالِک لِلْعَینِ، وَ الْمَنْفَعَهِ، و غیرهِ کالْمُسْتَعِیرِ.

وَ لَوْ اجْتَمَعَا فَالْمَالِک أَوْلَی و

لو اجْتَمَعَ مَالِک الْأَصْلِ وَ الْمَنْفَعَهِ فَالثَّانِی أَوْلَی. (وَیکرَهُ إمَامَهُ الْأَبْرَصِ، وَ الْأَجْذَمِ، وَ الْأَعْمَی بِغَیرِهِمْ) مِمَّنْ لَا یتَّصِفُ بِصِفَتِهِمْ لِلنَّهْی عَنْهُ الْمَحْمُولِ عَلَی الْکرَاهَهِ جَمْعًا، و قد تَقَدَّمَ.

3 - کتاب الزکاه

فصل الاول: فی من تجب علیه الزکاه

فصل الاول: فی من تجب علیه الزکاه

کتاب الزکاه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ کتَابُ الزَّکاهِ وَ فُصُولُهُ أَرْبَعَهٌ (الْأَوَّلُ: تَجِبُ زَکاهُ الْمَالِ عَلَی الْبَالِغِ الْعَاقِلِ) فَلَا زَکاهَ عَلَی الصَّبِی وَ الْمَجْنُونِ فِی النَّقْدَینِ إجْمَاعًا.

وَ لَا فِی غَیرِهِمَا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ.

نَعَمْ یسْتَحَبُّ.

وَ کذَا لَوْ اتَّجَرَ الْوَلِی، أَوْ مَأْذُونُهُ لِلطِّفْلِ وَ اجْتَمَعَتْ شَرَائِطُ التِّجَارَهِ (الْحُرِّ).

فَلَا تَجِبُ عَلَی الْعَبْدِ و لو قُلْنَا بِمِلْکهِ، لِعَدَمِ تَمَکنِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، بِالْحَجْرِ عَلَیهِ، و أن أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَی، لِتَزَلْزُلِهِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ الْقِنِّ وَ الْمُدَبَّرِ، وَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَ الْمُکاتَبِ الَّذِی لَمْ یتَحَرَّرْ مِنْهُ شَیءٌ، أَمَّا مَنْ تَبَعَّضَتْ رَقَبَتُهُ فَیجِبُ فِی نَصِیبِ الْحُرِّیهِ بِشَرْطِهِ (الْمُتَمَکنِ مِنْ التَّصَرُّفِ) فِی أَصْلِ الْمَالِ، فَلَا زَکاهَ عَلَی الْمَمْنُوعِ مِنْهُ شَرْعًا، کالرَّاهِنِ غَیرِ الْمُتَمَکنِ مِنْ فَکهِ و لو بِبَیعِهِ، وَ نَاذِرِ الصَّدَقَهِ بِعَینِهِ مُطْلَقًا، أَوْ مَشْرُوطًا، و أن لَمْ یحْصُلْ شَرْطُهُ عَلَی قَوْلٍ، وَ الْمَوْقُوفِ عَلَیهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْأَصْلِ، أَمَّا النِّتَاجُ فَیزَکی بِشَرْطِهِ، أَوْ قَهْرًا کالْمَغْصُوبِ وَ الْمَسْرُوقِ، وَ الْمَجْحُودِ إذَا لَمْ یمْکنْ تَخْلِیصُهُ و لو بِبَعْضِهِ فَیجِبُ فِیمَا زَادَ عَلَی الْفِدَاءِ، أَوْ بِالِاسْتِعَانَهِ و لو بِظَالِمٍ، أَوْ لِغَیبَتِهِ بِضَلَالٍ، أَوْ إرْثٍ لَمْ یقْبَضْ و لو بِوَکیلِهِ.

(فِی الْأَنْعَامِ) الْجَارُّ یتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ السَّابِقِ، أَی تَجِبُ الزَّکاهُ بِشَرْطِهَا فِی الْأَنْعَامِ (الثَّلَاثَهِ) الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ بِأَنْوَاعِهَا، مِنْ عِرَابٍ، وَ بَخَاتِی وَ بَقَرٍ، وَ جَامُوسٍ، وَ مَعْزٍ، وَ ضَأْنٍ.

وَ بَدَأَ بِهَا بِالْإِبِلِ لِلْبُدَاءَهِ بِهَا فِی الْحَدِیثِ، وَ لِأَنَّ الْإِبِلَ أَکثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، (وَالْغَلَّاتِ الْأَرْبَعِ): الْحِنْطَهِ بِأَنْوَاعِهَا، وَ مِنْهَا الْعَلْسُ وَ الشَّعِیرُ

و منه السُّلْتُ، وَ التَّمْرُ، وَ الزَّبِیبُ (وَالنَّقْدَینِ) الذَّهَبِ وَ الْفِضَّهِ.

الزکاه فیما تنبت الارض

(وَیسْتَحَبُّ) الزَّکاهُ (فِیمَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مَنْ الْمَکیلِ وَ الْمَوْزُونِ)

، وَ اسْتَثْنَی الْمُصَنِّفُ فِی غَیرِهِ الْخُضَرَ، و هو حَسَنٌ، وَ رُوِی اسْتِثْنَاءُ الثِّمَارِ أَیضًا، (وَفِی مَالِ التِّجَارَهِ) عَلَی الْأَشْهَرِ رِوَایهً وَ فَتْوَی (وَأَوْجَبَهَا ابْنُ بَابَوَیهِ فِیهِ) اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ، حَمْلُهَا عَلَی الِاسْتِحْبَابِ طَرِیقُ الْجَمْعِ بَینَهَا، و بین مَا دَلَّ عَلَی السُّقُوطِ.

(وَفِی إنَاثِ الْخَیلِ السَّائِمَهِ) غَیرِ الْمَعْلُوفَهِ مِنْ مَالِ الْمَالِک عُرْفًا، وَ مِقْدَارُ زَکاتِهَا (دِینَارَانِ) کلُّ وَاحِدٍ مِثْقَالٌ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، أَوْ قِیمَتُهُ، و أن زَادَتْ عَنْ عَشَرَهِ دَرَاهِمَ (عَنْ الْعَتِیقِ) و هو الْکرِیمُ مِنْ الطَّرَفَینِ (وَدِینَارٌ عَنْ غَیرِهِ) سَوَاءٌ کانَ رَدِیءَ الطَّرَفَینِ و هو الْبِرْذَوْنُ، بِکسْرِ الْبَاءِ أَمْ طَرَفُ الْأُمِّ و هو الْهَجِینُ، أَمْ طَرَفُ الْأَبِ و هو الْمُقْرِف، و قد یطْلَقُ عَلَی الثَّلَاثَهِ اسْمُ الْبِرْذَوْنِ.

وَ یشْتَرَطُ مَعَ السَّوْمِ أَنْ لَا تَکونَ عَوَامِلَ، و أن یخْلُصَ لِلْوَاحِدِ رَأْسٌ کامِلٌ و لو بِالشَّرِکهِ کنِصْفِ اثْنَینِ، وَ فِیهِمَا خِلَافٌ، وَ الْمُصَنِّفُ عَلَی الِاشْتِرَاطِ فِی غَیرِهِ، فَتَرْکهُ هُنَا یجُوزُ کوْنُهُ اخْتِصَارًا، أَوْ اخْتِیارًا (وَلَا یسْتَحَبُّ فِی الرَّقِیقِ وَ الْبِغَالِ وَ الْحَمِیرِ) إجْمَاعًا.

وَ یشْتَرَطُ بُلُوغُ النِّصَابِ، و هو الْمِقْدَارُ الَّذِی یشْتَرَطُ بُلُوغُهُ فِی وُجُوبِهَا، أَوْ وُجُوبِ قَدْرٍ مَخْصُوصٍ مِنْهَا.

(فَنُصُبُ الْإِبِلِ اثْنَا عَشَرَ) نِصَابًا

(خَمْسَهٌ) مِنْهَا (کلُّ وَاحِدٍ خَمْسٌ) مِنْ الْإِبِلِ (فِی کلِّ وَاحِدٍ) مِنْ النُّصُبِ الْخَمْسَهِ (شَاهٌ) بِمَعْنَی أَنَّهُ لَا یجِبُ فِیمَا دُونَ خَمْسٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِیهَا شَاهٌ، ثُمَّ لَا تَجِبُ فِی الزَّائِدِ إلَی أَنْ تَبْلُغَ عَشْرًا فَفِیهَا شَاتَانِ، ثُمَّ لَا یجِبُ شَیءٌ فِی الزَّائِدِ إلَی أَنْ یبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَهَ فَفِیهَا ثَلَاثُ شِیاهٍ، ثُمَّ فِی عِشْرِینَ أَرْبَعٌ، ثُمَّ فِی خَمْسٍ وَ عِشْرِینَ خَمْسٌ وَ لَا فَرْقَ فِیهَا

بَینَ الذَّکرِ وَ الْأُنْثَی، وَ تَأْنِیثُهَا هُنَا تَبَعًا لِلنَّصِّ بِتَأْوِیلِ الدَّابَّهِ، وَ مِثْلُهَا الْغَنَمُ بِتَأْوِیلِ الشَّاهِ.

(ثُمَّ سِتٌّ وَ عِشْرُونَ) بِزِیادَهِ وَاحِدَهٍ (فَ) فِیهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ) بِفَتْحِ الْمِیمِ، أَی بِنْتُ مَا مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَکونَ مَاخِضًا أَی حَامِلًا.

وَ هِی مَا دَخَلَتْ فِی السَّنَهِ الثَّانِیهِ (ثُمَّ سِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ) وَ فِیهَا (بِنْتُ لَبُونٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ، أَی بِنْتٌ ذَاتِ لَبَنٍ و لو بِالصَّلَاحِیهِ وَ سِنُّهَا سَنَتَانِ إلَی ثَلَاثٍ، (ثُمَّ سِتٌّ وَ أَرْبَعُونَ) وَ فِیهَا (حِقَّهٌ) بِکسْرِ الْحَاءِ، سِنُّهَا ثَلَاثُ سِنِینَ إلَی أَرْبَعٍ فَاسْتَحَقَّتْ الْحَمْلَ، أَوْ الْفَحْلَ، (ثُمَّ إحْدَی وَ سِتُّونَ فَجَذَعَهٌ) بِفَتْحِ الْجِیمِ وَ الذَّالِ، سِنُّهَا أَرْبَعُ سِنِینَ إلَی خَمْسٍ، قِیلَ: سُمِّیتْ بِذَلِک؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَی تُسْقِطُهُ، (ثُمَّ سِتٌّ وَ سَبْعُونَ فَفِیهَا بِنْتَا لَبُونٍ، ثُمَّ إحْدَی وَ تِسْعُونَ) وَ فِیهَا (حِقَّتَانِ، ثُمَّ) إذَا بَلَغَتْ مِائَهً وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ فَ (فِی کلِّ خَمْسِینَ حِقَّهٌ، و کلّ أَرْبَعِینَ بِنْتُ لَبُونٍ) وَ فِی إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْحُکمَ بِذَلِک بَعْدَ الْإِحْدَی وَ تِسْعِینَ نَظَرٌ لِشُمُولِهِ مَا دُونَ ذَلِک، و لم یقُلْ أَحَدٌ بِالتَّخْییرِ قَبْلَ مَا ذَکرْنَاهُ مِنْ النِّصَابِ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ مَا لَوْ

کانَتْ مِائَهً وَ عِشْرِینَ فَعَلَی إطْلَاقِ الْعِبَارَهِ فِیهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ و أن لَمْ تَزِدْ الْوَاحِدَهُ، و لم یقُلْ بِذَلِک أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَ الْمُصَنِّفُ قَدْ نَقَلَ فِی الدُّرُوسِ و فی البَیانِ أَقْوَالًا نَادِرَهً و لیس مِنْ جُمْلَتِهَا ذَلِک، بَلْ اتَّفَقَ الْکلُّ عَلَی أَنَّ النِّصَابَ بَعْدَ الْإِحْدَی وَ تِسْعِینَ لَا یکونُ أَقَلَّ مِنْ مِائَهٍ وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ، و إنّما الْخِلَافُ فِیمَا زَادَ.

وَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَی الْإِطْلَاقِ أَنَّ الزَّائِدَ عَنْ النِّصَابِ الْحَادِی عَشَرَ لَا یحْسَبُ إلَّا بِخَمْسِینَ کالْمِائَهِ و ما زَادَ عَلَیهَا، وَ مَعَ ذَلِک فِیهِ حِقَّتَانِ و

هو صَحِیحٌ.

وَ إِنَّمَا یتَخَلَّفُ فِی الْمِائَهِ وَ عِشْرِینَ، وَ الْمُصَنِّفُ تَوَقَّفَ فِی الْبَیانِ فِی کوْنِ الْوَاحِدَهِ الزَّائِدَهِ جُزْءًا مِنْ الْوَاجِبِ، أَوْ شَرْطًا، مِنْ حَیثُ اعْتِبَارُهَا فِی الْعَدَدِ نَصًّا وَ فَتْوَی، و من أَنَّ إیجَابَ بِنْتِ اللَّبُونِ فِی کلِّ أَرْبَعِینَ یخْرِجُهَا فَیکونُ شَرْطًا لَا جُزْءًا، و هو الْأَقْوَی، فَتَجُوزُ هُنَا وَ أَطْلَقَ عَدَّهُ بِأَحَدِهِمَا.

وَ اعْلَمْ أَنَّ التَّخْییرَ فِی عَدِّهِ بِأَحَدِ الْعَدَدَینِ إنَّمَا یتِمُّ مَعَ مُطَابَقَتِهِ بِهِمَا، کالْمِائَتَینِ، وَ الا تَعَینَ الْمُطَابَقُ کالْمِائَهِ وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ بِالْأَرْبَعِینَ، وَ الْمِائَهِ وَ الْخَمْسِینَ بِالْخَمْسِینَ، وَ الْمِائَهِ وَ ثَلَاثِینَ بِهِمَا.

وَ لَوْ لَمْ یطَابِقْ أَحَدَهُمَا تَحَرَّی أَقَلَّهُمَا عَفْوًا مَعَ احْتِمَالِ التَّخْییرِ مُطْلَقًا

(وَفِی الْبَقَرِ نِصَابَانِ

ثَلَاثُونَ فَتَبِیعٌ) و هو ابْنُ سَنَهٍ إلَی سَنَتَینِ، (أَوْ تَبِیعَهٌ) مُخَیرٌ فِی ذَلِک، سُمِّی بِذَلِک؛ لِأَنَّهُ تَبِعَ قَرْنُهُ أُذُنَهُ، أَوْ تَبِعَ أُمَّهُ فِی الْمَرْعَی (وَأَرْبَعُونَ فَمُسِنَّهٌ) أُنْثَی سِنُّهَا مَا بَینَ سَنَتَینِ إلَی ثَلَاثٍ.

وَ لَا یجْزِئُ الْمُسِنُّ و هکذا أَبَدًا یعْتَبَرُ بِالْمُطَابِقِ مِنْ الْعَدَدَینِ، وَ بِهِمَا مَعَ مُطَابَقَتِهِمَا کالسِّتِّینَ بِالثَّلَاثِینَ، وَ السَّبْعِینَ بِهِمَا، وَ الثَّمَانِینَ بِالْأَرْبَعِینَ.

وَ یتَخَیرُ فِی الْمِائَهِ وَ عِشْرِینَ.

(وَلِلْغَنَمِ خَمْسَهُ) نُصُبٍ

(أَرْبَعُونَ فَشَاهٌ، ثُمَّ مِائَهٌ وَ إِحْدَی وَ عِشْرُونَ فَشَاتَانِ، ثُمَّ مِائَتَانِ وَ وَاحِدَهٌ فَثَلَاثٌ، ثُمَّ ثَلَاثُمِائَهٍ وَ وَاحِدَهٌ فَأَرْبَعٌ عَلَی الْأَقْوَی)، وَ قِیلَ: ثَلَاثٌ، نَظَرًا إلَی أَنَّهُ آخِرُ النُّصُبِ، و أنّ فِی کلِّ مِائَهٍ حِینَئِذٍ شَاهً بَالِغًا مَا بَلَغَتْ.

وَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَایاتِ ظَاهِرًا، وَ أَصَحُّهَا سَنَدًا مَا دَلَّ عَلَی الثَّانِی، وَ أَشْهُرُهَا بَینَ الْأَصْحَابِ مَا دَلَّ عَلَی الْأَوَّلِ.

(ثُمَّ) إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَهٍ فَصَاعِدًا (فِی کلِّ مِائَهٍ شَاهٌ) و فیه إجْمَالٌ کمَا سَبَقَ فِی آخِرِ نُصُبِ الْإِبِلِ؛ لِشُمُولِهِ مَا زَادَ عَنْ الثَّلَاثِمِائَهِ وَ وَاحِدَهٍ و لم تَبْلُغْ الْأَرْبَعُمِائَهِ، فَإِنَّهُ یسْتَلْزِمُ وُجُوبَ ثَلَاثِ شِیاهٍ خَاصَّهً، وَلَکنَّهُ اکتَفَی بِالنِّصَابِ

الْمَشْهُورِ، إذْ لَا قَائِلَ بِالْوَاسِطَهِ.

(وَکلَّمَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ) فِی الثَّلَاثَهِ، و هو مَا بَینَ النِّصَابَینِ، و ما دُونَ الْأَوَّلِ، (فَعَفْوٌ) کالْأَرْبَعِ مِنْ الْإِبِلِ بَینَ النُّصُبِ الْخَمْسَهِ وَ قَبْلَهَا، وَ التِّسْعِ بَینَ نِصَابَی الْبَقَرِ، وَ التِّسْعَ عَشَرَ بَعْدَهُمَا، وَ الثَّمَانِینَ بَینَ نِصَابَی الْغَنَمِ، وَ مَعْنَی کوْنِهَا عَفْوًا، عَدَمُ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا، فَلَا یسْقُطُ بِتَلَفِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ شَیءٌ، بِخِلَافِ تَلَفِ بَعْضِ النِّصَابِ به غیر تَفْرِیطٍ، فَإِنَّهُ یسْقُطُ مِنْ الْوَاجِبِ بِحِسَابِهِ، و منه تَظْهَرُ فَائِدَهُ النِّصَابَینِ الْأَخِیرَینِ مِنْ الْغَنَمِ عَلَی الْقَوْلَینِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْأَرْبَعِ فِی الْأَزْیدِ وَ الْأَنْقَصِ یخْتَلِفُ حُکمُهُ مَعَ تَلَفِ بَعْضِ النِّصَابِ کذَلِک، فَیسْقُطُ مِنْ الْوَاجِبِ بِنِسْبَهِ مَا اُعْتُبِرَ مِنْ النِّصَابِ، فَبِالْوَاحِدَهِ مِنْ الثَّلَاثِمِائَهِ وَ وَاحِدَهٍ، جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَهِ جُزْءٍ وَ جُزْءٍ مِنْ أَرْبَعِ شِیاهٍ، و من الْأَرْبَعِمِائَهِ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَهِ جُزْءٍ مِنْهَا.

(وَیشْتَرَطُ فِیهَا) أَی فِی الْأَنْعَامِ مُطْلَقًا (السَّوْمُ)

وَ أَصْلُهُ الرَّعْی وَ الْمُرَادُ هُنَا الرَّعْی مِنْ غَیرِ الْمَمْلُوک وَ الْمَرْجِعُ فِیهِ إلَی الْعُرْفِ، فَلَا عِبْرَهَ بِعَلَفِهَا یوْمًا فِی السَّنَهِ، وَ لَا فِی الشَّهْرِ، وَ یتَحَقَّقُ الْعَلَفُ بِإِطْعَامِهَا الْمَمْلُوک و لو بِالرَّعْی کمَا لَوْ زَرَعَ لَهَا قَصِیلًا، لَا مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْأَرْضِ لِتَرْعَی فِیهَا، أَوْ دَفَعَهُ إلَی الظَّالِمِ عَنْ الْکلَأِ وِفَاقًا لِلدُّرُوسِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ وُقُوعِهِ لِعُذْرٍ، و غیرهِ.

وَ فِی تَحَقُّقِهِ بِعَلَفِ غَیرِ الْمَالِک لَهَا عَلَی وَجْهٍ لَا یسْتَلْزِمُ غَرَامَهَ الْمَالِک وَجْهَانِ.

مِنْ انْتِفَاءِ السَّوْمِ، وَ الْحِکمَهِ وَ أَجْوَدُهُمَا التَّحَقُّقُ لِتَعْلِیقِ الْحُکمِ عَلَی الِاسْمِ لَا عَلَی الْحِکمَهِ، و أن کانَتْ مُنَاسِبَهً.

وَ کذَا یشْتَرَطُ فِیهَا أَنْ لَا تَکونَ عَوَامِلَ عُرْفًا، و لو فِی بَعْضِ الْحَوْلِ، و أن کانَتْ سَائِمَهً، و کان عَلَیهِ أَنْ یذْکرَهُ (وَالْحَوْلُ) وَ یحْصُلُ هُنَا (بِمُضِی أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِیهً) فَیجِبُ بِدُخُولِ الثَّانِی عَشَرَ، و

أن لَمْ یکمُلْ.

وَ هَلْ یسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِذَلِک، أَمْ یتَوَقَّفُ عَلَی تَمَامِهِ قَوْلَانِ؟ أَجْوَدُهُمَا الثَّانِی، فَیکونُ الثَّانِی عَشَرَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ الْعَینِ لَوْ اخْتَلَّتْ الشَّرَائِطُ فِیهِ مَعَ بَقَائِهَا، أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ بِالْحَالِ کمَا فِی کلِّ دَفْعٍ مُتَزَلْزِلٍ، أَوْ مُعَجَّلٍ، أَوْ غَیرِ مُصَاحِبٍ لِلنِّیهِ.

(وَلِلسِّخَالِ)

وَ هِی الْأَوْلَادُ (حَوْلٌ بِانْفِرَادِهَا) إنْ کانَتْ نِصَابًا مُسْتَقِلًّا بَعْدَ نِصَابِ الْأُمَّهَاتِ کمَا لَوْ وَلَدَتْ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسًا، أَوْ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ أَرْبَعِینَ، أَوْ ثَلَاثِینَ، أَوْ لَوْ کانَ غَیرَ مُسْتَقِلٍّ فَفِی ابْتِدَاءِ حَوْلِهِ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ إکمَالِهِ النِّصَابَ الَّذِی بَعْدَهُ، أَوْ عَدَمِ ابْتِدَائِهِ حَتَّی یکمُلَ الْأَوَّلُ فَیجْزِی الثَّانِی لَهُمَا، أَوْجُهٌ.

أَجْوَدُهَا الْأَخِیرُ فَلَوْ کانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شَاهً فَوَلَدَتْ أَرْبَعِینَ لَمْ یجِبْ فِیهَا شَیءٌ، و علی الْأَوَّلِ فَشَاهٌ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، أَوْ ثَمَانُونَ فَوَلَدَتْ اثْنَینِ وَ أَرْبَعِینَ فَشَاهٌ لِلْأُولَی خَاصَّهً، ثُمَّ یسْتَأْنِفُ حَوْلَ الْجَمِیعِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَوَّلِ، و علی الْأَوَّلَینِ تَجِبُ أُخْرَی عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الثَّانِیهِ.

وَ ابْتِدَاءُ حَوْلِ السِّخَالِ (بَعْدَ غِنَائِهَا بِالرَّعْی) لِأَنَّهَا زَمَنَ الرَّضَاعِ مَعْلُوفَهٌ مِنْ مَالِ الْمَالِک و أن رَعَتْ مَعَهُ، وَ قَیدَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ بِکوْنِ اللَّبَنِ عَنْ مَعْلُوفَهٍ، وَ الا فَمِنْ حِینِ النِّتَاجَ، نَظَرًا إلَی الْحِکمَهِ فِی الْعَلَفِ و هو الْکلْفَهُ عَلَی الْمَالِک.

وَ قَدْ عَرَفْتَ ضَعْفَهُ، وَ اللَّبَنُ مَمْلُوک عَلَی التَّقْدِیرَینِ، وَ فِی قَوْلٍ ثَالِثٍ أَنَّ مَبْدَأَهُ النَّتَاجُ مُطْلَقًا، و هو الْمَرْوِی صَحِیحًا فَالْعَمَلُ بِهِ مُتَعَینٌ، (وَلَوْ ثُلِمَ النِّصَابُ قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) و لو بِلَحْظَهٍ (فَلَا شَیءَ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ، (وَلَوْ فَرَّ بِهِ) مِنْ الزَّکاهِ عَلَی الْأَقْوَی، و ما فَاتَهُ بِهِ مِنْ الْخَیرِ أَعْظَمُ مِمَّا أَحْرَزَهُ مِنْ الْمَالِ، کمَا وَرَدَ فِی الْخَبَرِ.

(وَیجْزِئُ) فِی الشَّاهِ الْوَاجِبَهِ فِی الْإِبِلِ وَ الْغَنَمِ (الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ)

وَ هُوَ مَا کمُلَ سِنُّهُ سَبْعَهَ أَشْهُرٍ، (وَالثَّنِی مِنْ الْمَعْزِ)

و هو مَا کمُلَ سِنُّهُ سَنَهً، وَ الْفَرْقُ أَنَّ وَلَدَ الضَّأْنِ ینْزُو حِینَئِذٍ، وَ الْمَعْزُ لَا ینْزُو إلَّا بَعْدَ سَنَهٍ، وَ قِیلَ: إنَّمَا یجْذِعُ کذَلِک إذَا کانَ أَبَوَاهُ شَابِّینَ، وَ الا لَمْ یجْذِعْ إلَی ثَمَانِیهِ أَشْهُرٍ.

(وَلَا تُؤْخَذُ الرُّبَّی) بِضَمِّ الرَّاءِ وَ تَشْدِیدِ الْبَاءِ، و هی الْوَالِدَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ عَنْ قُرْبٍ إلَی خَمْسَهَ عَشَرَ یوْمًا؛ لِأَنَّهَا نُفَسَاءُ، فَلَا تَجْزِی و أن رَضِی الْمَالِک، نَعَمْ لَوْ کانَتْ جُمَعٌ رُبًی لَمْ یکلَّفْ غَیرَهَا، (وَلَا ذَاتُ الْعَوَارِ) بِفَتْحِ الْعَینِ وَ ضَمِّهَا مُطْلَقُ الْعَیبِ، (وَلَا الْمَرِیضَهُ) کیفَ کانَ (وَلَا الْهَرِمَهُ) الْمُسِنَّهُ عُرْفًا، (وَلَا تُعَدُّ الْأَکولَهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَهِ و هی الْمُعَدَّهُ لِلْأَکلِ، وَ تُؤْخَذُ مَعَ بَذْلِ الْمَالِک لَهَا لَا بِدُونِهِ،) وَلَا) فَحْلُ (الضِّرَابِ) و هو الْمُحْتَاجُ إلَیهِ لِضَرْبِ الْمَاشِیهِ عَادَهً، فَلَوْ زَادَ کانَ کغَیرِهِ فِی الْعَدِّ أَمَّا الْإِخْرَاجُ فَلَا مُطْلَقًا، و فی البَیانِ أَوْجَبَ عَدَّهَا مَعَ تَسَاوِی الذُّکورِ وَ الْإِنَاثِ، أَوْ زِیادَهِ الذُّکورِ دُونَ مَا نَقَصَ وَ أَطْلَقَ.

(وَتُجْزِئُ الْقِیمَهُ) عَنْ الْعَینِ مُطْلَقًا

، (وَ) الْإِخْرَاجُ مِنْ (الْعَینِ أَفْضَلُ) و أن کانَتْ الْقِیمَهُ أَنْفَعَ، (وَلَوْ کانَتْ الْغَنَمُ)، أَوْ غَیرُهَا مِنْ الْغَنَمِ (مَرْضَی) جُمَعٌ (فَمِنْهَا) مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِ الْمَرَضِ، وَ الا لَمْ یجُزْ الْأَدْوَنُ، و لو مَاکسَ الْمَالِک قُسِّطَ، وَ أُخْرِجَ وَسَطٌ یقْتَضِیهِ، أَوْ الْقِیمَهُ کذَلِک وَ کذَا لَوْ کانَتْ کلُّهَا مِنْ جِنْسٍ لَا یخْرُجُ، کالرُّبَّی.

وَ الْهَرِمِ وَ الْمَعِیبِ.

(وَلَا یجْمَعُ بَینَ مُتَفَرِّقٍ فِی الْمِلْک)

وَ إِنْ کانَ مُشْتَرِکا، أَوْ مُخْتَلِطًا، مُتَّحِدَ الْمَسْرَحِ وَ الْمُرَاحِ وَ الْمُشْرَعِ، وَ الْفَحْلِ وَ الْحَالِبِ وَ الْمَحْلَبِ، بَلْ یعْتَبَرُ النِّصَابُ فِی کلِّ مِلْک عَلَی حِدَتِهِ، (وَلَا یفَرَّقُ بَینَ مُجْتَمَعٍ فِیهِ) أَی فِی الْمِلْک الْوَاحِدِ و أن تَبَاعَدَ بِأَنْ کانَ لَهُ بِکلِّ بَلَدٍ شَاهٌ.

(وَأَمَّا النَّقْدَانِ - فَیشْتَرَطُ فِیهِمَا النِّصَابُ وَ السِّکهُ)

وَ

هِی النَّقْشُ الْمَوْضُوعُ لِلدَّلَالَهِ عَلَی الْمُعَامَلَهِ الْخَاصَّهِ، بِکتَابَهٍ و غیرهَا و أن هُجِرَتْ فَلَا زَکاهَ فِی السَّبَائِک وَ الْمَمْسُوحِ و أن تُعُومِلَ بِهِ، وَ الْحُلِی، وَ زَکاتُهُ إعَارَتُهُ اسْتِحْبَابًا و لو اُتُّخِذَ الْمَضْرُوبُ بِالسِّکهِ آلَهً لِلزِّینَهِ و غیرهَا لَمْ یتَغَیرْ الْحُکمُ، و أن زَادَهُ، أَوْ نَقَصَهُ مَا دَامَتْ الْمُعَامَلَهُ بِهِ عَلَی وَجْهِهِ مُمْکنَهً، (وَالْحَوْلُ) و قد تَقَدَّمَ (فَنِصَابُ الذَّهَبِ) الْأَوَّلِ (عِشْرُونَ دِینَارًا) کلُّ وَاحِدٍ مِثْقَالٌ، و هو دِرْهَمٌ وَ ثَلَاثَهُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ (ثُمَّ أَرْبَعَهُ دَنَانِیرَ) فَلَا شَیءَ فِیمَا دُونَ الْعِشْرِینَ، وَ لَا فِیمَا دُونَ أَرْبَعَهٍ بَعْدَهَا.

بَلْ یعْتَبَرُ الزَّائِدُ أَرْبَعَهً أَرْبَعَهً أَبَدًا، (وَنِصَابُ الْفِضَّهِ) الْأَوَّلِ (مِائَتَا دِرْهَمٍ)، وَ الدِّرْهَمُ نِصْفُ الْمِثْقَالِ وَ خُمُسُهُ، أَوْ ثَمَانِیهٌ وَ أَرْبَعُونَ حَبَّهَ شَعِیرٍ مُتَوَسِّطَهً، و هی سِتَّهُ دَوَانِیقَ، (ثُمَّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) بَالِغًا مَا بَلَغَ، فَلَا زَکاهَ فِیمَا نَقَصَ عَنْهُمَا.

(وَالْمُخْرَجُ) فِی النَّقْدَینِ (رُبُعُ الْعُشْرِ) فَمِنْ عِشْرِینَ مِثْقَالًا نِصْفُ مِثْقَالٍ، و من الْأَرْبَعَهِ قِیرَاطَانِ و من الْمِائَتَینِ خَمْسَهُ دَرَاهِمَ، و من الْأَرْبَعِینَ دِرْهَمٌ، و لو أَخْرَجَ رُبُعَ الْعُشْرِ مِنْ جُمْلَهِ مَا عِنْدَهُ مِنْ غَیرِ أَنْ یعْتَبِرَ مِقْدَارَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِاشْتِمَالِهِ عَلَی النِّصَابِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَ، وَ رُبَّمَا زَادَ خَیرًا وَ الْوَاجِبُ الْإِخْرَاجُ (مِنْ الْعَینِ، وَ تُجْزِئُ الْقِیمَهُ) کغَیرِهِمَا.

(وَأَمَّا الْغَلَّاتُ) - الْأَرْبَعُ

(فَیشْتَرَطُ فِیهَا التَّمَلُّک بِالزِّرَاعَهِ) إنْ کانَ مِمَّا یزْرَعُ، (أَوْ الِانْتِقَالِ) أَی انْتِقَالِ الزَّرْعِ، أَوْ الثَّمَرَهِ مَعَ الشَّجَرَهِ، أَوْ مُنْفَرِدَهً إلَی مِلْکهِ (قَبْلَ انْعِقَادِ الثَّمَرَهِ) فِی الْکرْمِ، وَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، و هو الِاحْمِرَارُ، أَوْ الِاصْفِرَارُ فِی النَّخْلِ، (وَانْعِقَادِ الْحَبِّ) فِی الزَّرْعِ فَتَجِبُ الزَّکاهُ حِینَئِذٍ عَلَی الْمُنْتَقَلِ إلَیهِ، و أن لَمْ یکنْ زَارِعًا، وَ رُبَّمَا أُطْلِقَتْ الزِّرَاعَهُ عَلَی مِلْک الْحَبِّ وَ الثَّمَرَهِ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ.

وَ کانَ عَلَیهِ أَنْ یذْکرَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِی النَّخْلِ لِئَلَّا یدْخُلَ

فِی الِانْعِقَادِ مَعَ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فِیهِ بِهِ، و أن کانَ الْحُکمُ بِکوْنِ الِانْتِقَالِ قَبْلَ الِانْعِقَادِ مُطْلَقًا یوجِبُ الزَّکاهَ عَلَی الْمُنْتَقَلِ إلَیهِ صَحِیحًا إلَّا أَنَّهُ فِی النَّخْلِ خَالٍ عَنْ الْفَائِدَهِ؛ إذْ هُوَ کغَیرِهِ مِنْ الْحَالَاتِ السَّابِقَهِ و قد اُسْتُفِیدَ مِنْ فَحَوَی الشَّرْطِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِالْغَلَّاتِ، عِنْدَ انْعِقَادِ الْحَبِّ وَ الثَّمَرَهِ وَ بُدُوِّ صَلَاحِ النَّخْلِ، و هذا هُوَ الْمَشْهُورُ بَینَ الْأَصْحَابِ، وَ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَی أَنَّ الْوُجُوبَ لَا یتَعَلَّقُ بِهَا إلَی أَنْ یصِیرَ أَحَدَ الْأَرْبَعَهِ حَقِیقَهً و هو بُلُوغُهَا حَدَّ الْیبْسِ الْمُوجِبِ لِلِاسْمِ، وَ ظَاهِرُ النُّصُوصِ دَالٌ عَلَیهِ.

(وَنِصَابُهَا) الَّذِی لَا تَجِبُ فِیهَا بِدُونِ بُلُوغِهِ، وَ اکتَفَی عَنْ اعْتِبَارِهِ شَرْطًا بِذِکرِ مِقْدَارِهِ تَجَوُّزًا (أَلْفَانِ وَ سَبْعُمِائَهِ رِطْلٍ) بِالْعِرَاقِی، أَصْلُهُ خَمْسَهُ أَوْسُقٍ، وَ مِقْدَارُ الْوَسْقِ سِتُّونَ صَاعًا، وَ الصَّاعُ تِسْعَهُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِی، وَ مَضْرُوبُ سِتِّینَ فِی خَمْسَهٍ، ثُمَّ فِی تِسْعَهٍ تَبْلُغُ ذَلِک، (وَتَجِبُ) الزَّکاهُ (فِی الزَّائِدِ) عَنْ النِّصَابِ (مُطْلَقًا) و أن قَلَّ بِمَعْنَی أَنْ لَیسَ لَهُ إلَّا نِصَابٌ وَاحِدٌ، وَ لَا عَفْوَ فِیهِ.

(وَالْمُخْرَجُ) مِنْ النِّصَابِ، و ما زَادَ (الْعُشْرُ إنْ سُقِی سَیحًا) بِالْمَاءِ الْجَارِی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ کانَ قَبْلَ الزَّرْعِ کالنِّیلِ، أَوْ بَعْدَهُ، (أَوْ بَعْلًا) و هو شُرْبُهُ بِعُرُوقِهِ الْقَرِیبَهِ مِنْ الْمَاءِ، (أَوْ عِذْیا) بِکسْرِ الْعَینِ، و هو أَنْ یسْقَی بِالْمَطَرِ، (وَنِصْفُ الْعُشْرِ بِغَیرِهِ) بِأَنْ سُقِی بِالدَّلْوِ وَ النَّاضِحِ وَ الدَّالِیهِ وَ نَحْوِهَا، (وَلَوْ سُقِی بِهِمَا فَالْأَغْلَبُ) عَدَدًا مَعَ تَسَاوِیهِمَا فِی النَّفْعِ، أَوْ نَفْعًا وَ نُمُوًّا، لَوْ اخْتَلَفَا وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ، وَ یحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ وَ الزَّمَانِ مُطْلَقًا، (وَمَعَ التَّسَاوِی) فِیمَا اُعْتُبِرَ التَّفَاضُلُ فِیهِ.

فَالْوَاجِبُ (ثَلَاثَهُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ حِینَئِذٍ فِی نِصْفِهِ الْعُشْرُ، وَ فِی نِصْفِهِ نِصْفُهُ، و ذلک ثَلَاثَهُ أَرْبَاعِهِ مِنْ الْجَمِیعِ.

وَ لَوْ أَشْکلَ

الْأَغْلَبُ اُحْتُمِلَ وُجُوبُ الْأَقَلِّ، لِلْأَصْلِ، وَ الْعُشْرُ لِلِاحْتِیاطِ، وَ الْحَاقِهِ بِتَسَاوِیهِمَا لِتَحَقُّقِ تَأْثِیرِهِمَا، وَ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّفَاضُلِ و هو الْأَقْوَی.

وَ اعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَهُ الْحُکمَ بِوُجُوبِ الْمُقَدَّرِ فِیمَا ذُکرَ یؤْذِنُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ اسْتِثْنَاءِ الْمُؤْنَهِ، و هو قَوْلُ الشَّیخِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُحْتَجًّا بِالْإِجْمَاعِ عَلَیهِ مِنَّا، و من الْعَامَّهِ، و لکن الْمَشْهُورَ بَعْدَ الشَّیخِ اسْتِثْنَاؤُهَا، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی سَائِرِ کتُبِهِ وَ فَتَاوَاهُ، وَ النُّصُوصُ خَالِیهٌ مِنْ اسْتِثْنَائِهَا مُطْلَقًا، نَعَمْ وَرَدَ اسْتِثْنَاءُ حِصَّهِ السُّلْطَانِ و هو أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْمُؤْنَهِ، و أن ذُکرَتْ مِنْهَا فِی بَعْضِ الْعِبَارَاتِ تَجَوُّزًا، وَ الْمُرَادُ بِالْمُؤْنَهِ مَا یغْرَمُهُ الْمَالِک عَلَی الْغَلَّهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْعَمَلِ لِأَجْلِهَا و أن تَقَدَّمَ عَلَی عَامِهَا إلَی تَمَامِ التَّصْفِیهِ وَ یبْسِ الثَّمَرَهِ وَ مِنْهَا الْبَذْرُ، و لو اشْتَرَاهُ اُعْتُبِرَ الْمِثْلُ، أَوْ الْقِیمَهُ، وَ یعْتَبَرُ النِّصَابُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا عَلَی تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ، و ما تَأَخَّرَ عَنْهُ یسْتَثْنَی و لو مِنْنَفْسِهِ وَ یزَکی الْبَاقِی و أن قَلَّ، وَ حِصَّهُ السُّلْطَانِ کالثَّانِی، و لو اشْتَرَی الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَهَ فَالثَّمَنُ مِنْ الْمُؤْنَهِ، و لو اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ وَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَیهِمَا، کمَا یوَزِّعُ الْمُؤْنَهَ عَلَی الزَّکوِی و غیرهِ لَوْ جَمَعَهُمَا، وَ یعْتَبَرُ مَا غَرِمَهُ بَعْدَهُ، وَ یسْقُطُ مَا قَبْلَهُ، کمَا یسْقُطُ اعْتِبَارُ الْمُتَبَرِّعِ، و أن کانَ غُلَامَهُ أَوْ وَلَدَهُ.

فصل الثانی: زکاه التجاره

فصل الثانی: زکاه التجاره

(الْفَصْلُ الثَّانِی - إنَّمَا تُسْتَحَبُّ زَکاهُ التِّجَارَهِ مَعَ) مُضِی (الْحَوْلِ) السَّابِقِ، (وَقِیامِ رَأْسِ الْمَالِ فَصَاعِدًا) طُولَ الْحَوْلِ و لو طُلِبَ الْمَتَاعُ بِأَنْقَصَ مِنْهُ و أن قَلَّ فِی بَعْضِ الْحَوْلِ فَلَا زَکاهَ، (وَنِصَابُ الْمَالِیهِ) و هی النَّقْدَانِ بِأَیهِمَا بَلَغَ إنْ کانَ أَصْلُهُ عُرُوضًا وَ الا فَنِصَابُ أَصْلِهِ و أن نَقَصَ بِالْآخَرِ وَ فُهِمَ مِنْ الْحَصْرِ أَنَّ قَصْدَ الِاکتِسَابِ عِنْدَ التَّمَلُّک لَیسَ بِشَرْطٍ

و هو قَوِی، وَ بِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ و أن کانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ، و هو خِیرَهُ الْبَیانِ، و لو کانَتْ التِّجَارَهُ بِیدِ عَامِلٍ فَنَصِیبُ الْمَالِک مِنْ الرِّبْحِ یضَمُّ إلَی الْمَالِ، وَ یعْتَبَرُ بُلُوغُ حِصَّهِ الْعَامِلِ نِصَابًا فِی ثُبُوتِهَا عَلَیهِ وَ حَیثُ تَجْتَمِعُ الشَّرَائِطُ (فَیخْرِجُ رُبُعَ عُشْرِ الْقِیمَهِ) کالنَّقْدَینِ.

(وَحُکمُ بَاقِی أَجْنَاسِ الزَّرْعِ) الَّذِی یسْتَحَبُّ فِیهِ الزَّکاهُ (حُکمُ الْوَاجِبِ) فِی اعْتِبَارِ النِّصَابِ وَ الزِّرَاعَهِ، و ما فِی حُکمِهَا، وَ قَدْرِ الْوَاجِبِ و غیرهَا.

(وَلَا یجُوزُ تَأْخِیرُ الدَّفْعِ) لِلزَّکاهِ

(عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ) إنْ جَعَلْنَا وَقْتَهُ وَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ وَاحِدًا، و هو التَّسْمِیهُ بِأَحَدِ الْأَرْبَعَهِ، و علی الْمَشْهُورِ فَوَقْتُ الْوُجُوبِ مُغَایرٌ لِوَقْتِ الْإِخْرَاجِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّصْفِیهِ، وَ یبْسِ الثَّمَرَهِ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ، لَا وُجُوبَ الزَّکاهِ، لِینَاسِبَ مَذْهَبَهُ؛ إذْ یجُوزُ عَلَی التَّفْصِیلِ تَأْخِیرُهُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْوُجُوبِ إجْمَاعًا، إلَی وَقْتِ الْإِخْرَاجِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا (مَعَ الْإِمْکانِ)، فَلَوْ تَعَذَّرَ لِعَدَمِ التَّمَکنِ مِنْ الْمَالِ، أَوْ الْخَوْفِ مِنْ التَّغَلُّبِ أَوْ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّ جَازَ التَّأْخِیرُ إلَی زَوَالِ الْعُذْرِ، (فَیضْمَنُ بِالتَّأْخِیرِ) لَا لِعُذْرٍ، و أن تَلِفَ الْمَالُ به غیر تَفْرِیطٍ، (وَیأْثَمُ) لِلْإِخْلَالِ بِالْفَوْرِیهِ الْوَاجِبَهِ، وَ کذَا الْوَکیلُ وَ الْوَصِی بِالتَّفْرِقَهِ لَهَا وَ لِغَیرِهَا.

وَ جَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ تَأْخِیرَهَا لِانْتِظَارِ الْأَفْضَلِ، أَوْ التَّعْمِیمِ و فی البَیانِ کذَلِک، وَ زَادَ تَأْخِیرُهَا لِمُعْتَادِ الطَّلَبِ مِنْهُ بِمَا لَا یؤَدِّی إلَی الْإِهْمَالِ وَ آخَرُونَ شَهْرًا، وَ شَهْرَینِ مُطْلَقًا خُصُوصًا مَعَ الْمَزِیهِ و هو قَوِی (وَلَا یقَدَّمُ عَلَی وَقْتِ الْوُجُوبِ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ (وَإِلَّا قَرْضًا، فَتُحْتَسَبُ) بِالنِّیهِ (عِنْدَ الْوُجُوبِ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْقَابِضِ عَلَی الصِّفَهِ) الْمُوجِبَهِ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ خَرَجَ عَنْهَا و لو بِاسْتِغْنَائِهِ بِنَمَائِهَا لَا بِأَصْلِهَا، وَ لَا بِهِمَا أُخْرِجَتْ عَلَی غَیرِهِ.

(وَلَا یجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْمَالِ إلَّا مَعَ

إعْوَازِ الْمُسْتَحِقِّ)

فِیهِ فَیجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَی غَیرِهِ مُقَدِّمًا لِلْأَقْرَبِ إلَیهِ فَالْأَقْرَبُ، إلَّا أَنْ یخْتَصَّ الْأَبْعَدُ بِالْأَمْنِ، وَ أُجْرَهُ النَّقْلِ حِینَئِذٍ عَلَی الْمَالِک (فَیضْمَنُ) لَوْ نَقَلَهَا إلَی غَیرِ الْبَلَدِ (لَا مَعَهُ) أَی لَا مَعَ الْإِعْوَازِ، (وَفِی الْإِثْمِ قَوْلَانِ) أَجْوَدُهُمَا و هو خِیرَهُ الدُّرُوسِ الْعَدَمُ، لِصَحِیحَهِ هِشَامٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ، (وَیجْزِئُ) لَوْ نَقَلَهَا، أَوْ أَخْرَجَهَا فِی غَیرِهِ عَلَی الْقَوْلَینِ، مَعَ احْتِمَالِ الْعَدَمِ؛ لِلنَّهْی عَلَی الْقَوْلِ بِهِ.

وَ إِنَّمَا یتَحَقَّقُ نَقْلُ الْوَاجِبِ مَعَ عَزْلِهِ قَبْلَهُ بِالنِّیهِ، وَ الا فَالذَّاهِبُ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ تَعْیینِهِ، و أن عَدِمَ الْمُسْتَحِقُّ، ثُمَّ إنْ کانَ الْمُسْتَحِقُّ مَعْدُومًا فِی الْبَلَدِ جَازَ الْعَزْلُ قَطْعًا، وَ الا فَفِیهِ نَظَرٌ، مِنْ أَنَّ الدَّینَ لَا یتَعَینُ بِدُونِ قَبْضِ مَالِکهِ، أَوْ مَا فِی حُکمِهِ مَعَ الْإِمْکانِ، وَ اسْتَقْرَبَ فِی الدُّرُوسِ صِحَّهَ الْعَزْلِ بِالنِّیهِ مُطْلَقًا، وَ عَلَیهِ تُبْتَنَی الْمَسْأَلَهُ هُنَا، و أمّا نَقْلُ قَدْرِ الْحَقِّ بِدُونِ النِّیهِ فَهُوَ کنَقْلِ شَیءٍ مِنْ مَالِهِ، فَلَا شُبْهَهَ فِی جَوَازِهِ مُطْلَقًا.

فَإِذَا صَارَ فِی بَلَدٍ آخَرَ فَفِی جَوَازِ احْتِسَابِهِ عَلَی مُسْتَحِقِّیهِ مَعَ وُجُودِهِمْ فِی بَلَدِهِ عَلَی الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ نَظَرٌ، مِنْ عَدَمِ صِدْقِ النَّقْلِ الْمُوجِبِ لِلتَّغْرِیرِ بِالْمَالِ، وَ جَوَازِ کوْنِ الْحِکمَهِ نَفْعَ الْمُسْتَحِقِّینَ بِالْبَلَدِ وَ عَلَیهِ یتَفَرَّعُ مَا لَوْ احْتَسَبَ الْقِیمَهَ فِی غَیرِ بَلَدِهِ، أَوْ الْمِثْلَ مِنْ غَیرِهِ

فَصْلُ الثَّالِثُ - فِی الْمُسْتَحِقِّ

فَصْلُ الثَّالِثُ - فِی الْمُسْتَحِقِّ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ - فِی الْمُسْتَحِقِّ) اللَّامُ لِلْجِنْسِ أَوْ الِاسْتِغْرَاقِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقِّینَ لَهَا ثَمَانِیهُ أَصْنَافٍ (وَهُمْ الْفُقَرَاءُ وَ الْمَسَاکینُ، وَ یشْمَلُهُمَا مَنْ لَا یمْلِک مُؤْنَهَ سَنَهٍ) فِعْلًا أَوْ قُوَّهً لَهُ وَ لِعِیالِهِ الْوَاجِبِی النَّفَقَهِ بِحَسَبِ حَالِهِ فِی الشَّرَفِ و ما دُونَهُ.

وَ اخْتُلِفَ فِی أَنَّ أَیهُمَا أَسْوَأُ حَالًا مَعَ اشْتِرَاکهِمَا فِیمَا ذُکرَ، وَ لَا ثَمَرَهَ مُهِمَّهٌ فِی تَحْقِیقِ ذَلِک لِلْإِجْمَاعِ عَلَی إرَادَهِ کلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ حَیثُ

یفْرَدُ، و علی اسْتِحْقَاقِهِمَا مِنْ الزَّکاهِ، و لم یقَعَا مُجْتَمِعَینِ إلَّا فِیهَا، و إنّما تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی أُمُورٍ نَادِرَهٍ.

(وَالْمَرْوِی) فِی صَحِیحَهِ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ (أَنَّ الْمِسْکینَ أَسْوَأُ حَالًا) لِأَنَّهُ قَالَ: " الْفَقِیرُ الَّذِی لَا یسْأَلُ النَّاسَ، وَ الْمِسْکینُ أَجْهَدُ مِنْهُ " و هو مُوَافِقٌ لِنَصِّ أَهْلِ اللُّغَهِ أَیضًا، (وَالدَّارُ وَ الْخَادِمُ) اللَّائِقَانِ بِحَالِ مَالِکهِمَا کمْیهً وَ کیفِیهً (مِنْ الْمُؤْنَهِ)، وَ مِثْلُهُمَا ثِیابُ التَّجَمُّلِ وَ فَرَسُ الرُّکوبِ، وَ کتُبُ الْعِلْمِ، وَ ثَمَنُهَا لِفَاقِدِهَا، وَ یتَحَقَّقُ مُنَاسَبَهُ الْحَالِ فِی الْخَادِمِ بِالْعَادَهِ، أَوْ الْحَاجَهِ و لو إلَی أَزْیدَ مِنْ وَاحِدٍ، و لو زَادَ أَحَدُهَا فِی إحْدَاهُمَا تَعَینَ الِاقْتِصَارُ عَلَی اللَّائِقِ.

(وَیمْنَعُ ذُو الصَّنْعَهِ) اللَّائِقَهِ بِحَالِهِ، (وَالضَّیعَهِ) وَ نَحْوِهَا مِنْ الْعَقَارِ (إذَا نَهَضَتْ بِحَاجَتِهِ)، وَ الْمُعْتَبَرُ فِی الضَّیعَهِ نَمَاؤُهَا لَا أَصْلُهَا فِی الْمَشْهُورِ، وَ قِیلَ: یعْتَبَرُ الْأَصْلُ، وَ مُسْتَنَدُ الْمَشْهُورِ ضَعِیفٌ، وَ کذَا الصَّنْعَهُ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْآلَاتِ، و لو اشْتَغَلَ عَنْ الْکسْبِ بِطَلَبِ عِلْمٍ دِینِی جَازَ لَهُ تَنَاوُلُهَا و أن قَدَرَ عَلَیهِ لَوْ تَرَک نَعَمْ لَوْ أَمْکنَ الْجَمْعُ بِمَا لَا ینَافِیهِ تَعَینَ، (وَإِلَّا) تَنْهَضَا بِحَاجَتِهِ (تَنَاوَلَ التَّتِمَّهَ) لِمُؤْنَهِ السَّنَهِ (لَا غَیرُ) إنْ أَخَذَهَا دَفْعَهً، أَوْ دَفَعَاتٍ، أَمَّا لَوْ أُعْطِی مَا یزِیدُ دَفْعَهً صَحَّ کغَیرِ الْمُکتَسِبِ، وَ قِیلَ: بِالْفَرْقِ وَ اسْتَحْسَنَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ، و هو ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ هُنَا وَ تَرَدَّدَ فِی الدُّرُوسِ.

وَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَی غَیرِهِ غَنِی مَعَ بَذْلِ الْمُنْفِقِ، لَا بِدُونِهِ مَعَ عَجْزِهِ.

(وَالْعَامِلُونَ) عَلَیهَا (وَهُمْ السُّعَاهُ فِی تَحْصِیلِهَا) وَ تَحْصِینِهَا بِجِبَایهٍ، وَ وِلَایهٍ، وَ کتَابَهٍ، وَ حِفْظٍ، وَ حِسَابٍ، وَ قِسْمَهٍ، و غیرهَا، وَ لَا یشْتَرَطُ فَقْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَسِیمُهُمْ، ثُمَّ إنْ عُینَ لَهُمْ قَدْرٌ بِجَعَالَهٍ، أَوْ إجَارَهٍ تَعَینَ، و أن قَصُرَ مَا حَصَّلُوهُ عَنْهُ فَیکمَلُ

لَهُمْ مِنْ بَیتِ الْمَالِ، وَ الا أُعْطُوا بِحَسَبِ مَا یرَاهُ الْإِمَامُ.

(وَالْمُؤَلَّفَهُ قُلُوبُهُمْ - وَ هُمْ کفَّارٌ یسْتَمَالُونَ إلَی الْجِهَادِ) بِالْإِسْهَامِ لَهُمْ مِنْهَا، (قِیلَ) وَ الْقَائِلُ الْمُفِیدُ وَ الْفَاضِلَانِ: (وَمُسْلِمُونَ أَیضًا) وَ هُمْ أَرْبَعُ فِرَقٍ، قَوْمٌ لَهُمْ نُظَرَاءُ مِنْ الْمُشْرِکینَ إذَا أُعْطِی الْمُسْلِمُونَ رَغِبَ نُظَرَاؤُهُمْ فِی الْإِسْلَامِ، وَ قَوْمٌ نِیاتُهُمْ ضَعِیفَهٌ فِی الدِّینِ یرْجَی بِإِعْطَائِهِمْ قُوَّهُ نِیتِهِمْ، وَ قَوْمٌ بِأَطْرَافِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ إذَا أُعْطُوا مَنَعُوا الْکفَّارَ مِنْ الدُّخُولِ، أَوْ رَغَّبُوهُمْ فِی الْإِسْلَامِ، وَ قَوْمٌ جَاوَرُوا قَوْمًا تَجِبُ عَلَیهِمْ الزَّکاهُ إذَا أُعْطُوا مِنْهَا جَبَوْهَا مِنْهُمْ وَ أَغْنَوْا عَنْ عَامِلٍ.

وَ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ إلَی الْقِیلِ، لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ ذَلِک الِاسْمِ؛ إذْ یمْکنُ رَدُّ مَا عَدَا الْأَخِیرَ إلَی سَبِیلِ اللَّهِ، وَ الْأَخِیرُ إلَی الْعِمَالَهِ.

وَ حَیثُ لَا یوجَبُ الْبَسْطُ، وَ تُجْعَلُ الْآیهُ، لِبَیانِ الْمَصْرِفِ کمَا هُوَ الْمُتَصَوَّرُ تَقِلُّ فَائِدَهُ الْخِلَافِ؛ لِجَوَازِ إعْطَاءِ الْجَمِیعِ مِنْ الزَّکاهِ فِی الْجُمْلَهِ.

(وَفِی الرِّقَابِ) - جَعَلَ الرِّقَابَ ظَرْفًا لِلِاسْتِحْقَاقِ تَبَعًا لِلْآیهِ، وَ تَنْبِیهًا عَلَی أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لَیسَ عَلَی وَجْهِ الْمِلْک، أَوْ الِاخْتِصَاصِ کغَیرِهِمْ، إذْ یتَعَینُ عَلَیهِمْ صَرْفُهَا فِی الْوَجْهِ الْخَاصِّ، بِخِلَافِ غَیرِهِمْ، وَ مَثَلُهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ، وَ الْمُنَاسِبُ لِبَیانِ الْمُسْتَحِقِّ التَّعْبِیرُ بِالرِّقَابِ وَ سَبِیلِ اللَّهِ، به غیر حَرْفِ الْجَرِّ (وَهُمْ الْمُکاتَبُونَ) مَعَ قُصُورِ کسْبِهِمْ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْکتَابَهِ، (وَالْعَبِیدُ تَحْتَ الشِّدَّهِ) عِنْدَ مَوْلَاهُمْ، أَوْ مَنْ سُلِّطَ عَلَیهِمْ، وَ الْمَرْجِعُ فِیهَا إلَی الْعُرْفِ، فَیشْتَرَوْنَ مِنْهَا وَ یعْتَقُونَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَنِیهُ الزَّکاهِ مُقَارِنَهٌ لِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَی الْبَائِعِ، أَوْ لِلْعِتْقِ، وَ یجُوزُ شِرَاءُ الْعَبْدِ و أن لَمْ یکنْ فِی شِدَّهٍ مَعَ تَعَذُّرِ الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی، وَ مَعَهُ مِنْ سَهْمِ سَبِیلِ اللَّهِ إنْ جَعَلْنَاهُ کلَّ.

قُرْبَهٍ.

(وَالْغَارِمُونَ - وَ هُمْ الْمَدِینُونَ فِی غَیرِ مَعْصِیهٍ) وَ لَا یتَمَکنُونَ مِنْ الْقَضَاءِ فَلَوْ اسْتَدَانُوا وَ

أَنْفَقُوهُ فِی مَعْصِیهٍ مُنِعُوا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِینَ، وَ جَازَ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ إنْ کانُوا مِنْهُمْ بَعْدَ التَّوْبَهِ، إنْ اشْتَرَطْنَاهَا، أَوْ مِنْ سَهْمِ سَبِیلِ اللَّهِ (وَالْمَرْوِی) عَنْ الرِّضَا عَلَیهِ السَّلَامُ مُرْسَلًا (أَنَّهُ لَا یعْطَی مَجْهُولُ الْحَالِ) فِیمَا أَنْفَقَ هَلْ هُوَ فِی طَاعَهٍ أَوْ مَعْصِیهٍ، وَ لِلشَّک فِی الشَّرْطِ، وَ أَجَازَهُ جَمَاعَهٌ حَمْلًا لِتَصَرُّفِ الْمُسْلِمِ عَلَی الْجَائِزِ، و هو قَوِی، (وَیقَاصُّ الْفَقِیرُ بِهَا) بِأَنْ یحْتَسِبَهَا صَاحِبُ الدَّینِ عَلَیهِ إنْ کانَتْ عَلَیهِ وَ یأْخُذَهَا مُقَاصَّهً مِنْ دَینِهِ و أن لَمْ یقْبِضَهَا الْمَدْیونُ و لم یوَکلْ فِی قَبْضِهَا، وَ کذَا یجُوزُ لِمَنْ هِی عَلَیهِ دَفْعُهَا إلَی رَبِّ الدَّینِ کذَلِک، (وَإِنْ مَاتَ) الْمَدْیونُ مَعَ قُصُورِ تَرِکتِهِ عَنْ الْوَفَاءِ، أَوْ جَهْلِ الْوَارِثِ بِالدَّینِ، أَوْ جُحُودِهِ وَ عَدَمِ إمْکانِ إثْبَاتِهِ شَرْعًا، وَ الْأَخْذِ مِنْهُ مُقَاصَّهً.

وَ قِیلَ: یجُوزُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَی انْتِقَالِ التَّرِکهِ إلَی الْوَارِثِ، فَیصِیرُ فَقِیرًا و هو ضَعِیفٌ لِتَوَقُّفِ تَمَکنِهِ مِنْهَا عَلَی قَضَاءِ الدَّینِ لَوْ قِیلَ بِهِ، (أَوْ کانَ وَاجِبَ النَّفَقَهِ) أَی کانَ الدَّینُ عَلَی مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَی رَبِّ الدَّینِ، فَإِنَّهُ یجُوزُ مُقَاصَّتُهُ بِهِ مِنْهَا، وَ لَا یمْنَعُ مِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمُؤْنَهُ، لَا وَفَاءُ الدَّینِ، وَ کذَا یجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَیهِ مِنْهَا لِیقْضِیهُ إذَا کانَ لِغَیرِهِ، کمَا یجُوزُ إعْطَاؤُهُ غَیرَهُ مِمَّا لَا یجِبُ بَذْلُهُ کنَفَقَهِ الزَّوْجَهِ.

(وَفِی سَبِیلِ اللَّهِ - و هو الْقُرَبُ کلُّهَا) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ؛ لِأَنَّ سَبِیلَ اللَّهِ لُغَهً: الطَّرِیقُ إلَیهِ، وَ الْمُرَادُ هُنَا الطَّرِیقُ إلَی رِضْوَانِهِ وَ ثَوَابِهِ؛ لِاسْتِحَالَهِ التَّحَیزِ عَلَیهِ فَیدْخُلُ فِیهِ مَا کانَ وُصْلَهً إلَی ذَلِک، کعِمَارَهِ الْمَسَاجِدِ وَ مَعُونَهِ الْمُحْتَاجِینَ، وَ إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَینِ وَ إِقَامَهِ نِظَامِ الْعِلْمِ وَ الدِّینِ، وَ ینْبَغِی تَقْییدُهُ بِمَا لَا یکونُ فِیهِ مَعُونَهٌ لِغَنِی لَا یدْخُلُ فِی

الْأَصْنَافِ، وَ قِیلَ: یخْتَصُّ بِالْجِهَادِ السَّائِغِ، وَ الْمَرْوِی الْأَوَّلُ.

(وَابْنُ السَّبِیلِ - و هو الْمُنْقَطِعُ بِهِ) فِی غَیرِ بَلَدِهِ، (وَلَا یمْنَعُ غِنَاهُ فِی بَلَدِهِ مَعَ عَدَمِ تَمَکنِهِ مِنْ الِاعْتِیاضِ عَنْهُ) بِبَیعٍ، أَوْ اقْتِرَاضٍ، أَوْ غَیرِهِمَا، وَ حِینَئِذٍ فَیعْطَی مَا یلِیقُ بِحَالِهِ مِنْ الْمَأْکولِ، وَ الْمَلْبُوسِ، وَ الْمَرْکوبِ، إلَی أَنْ یصِلَ إلَی بَلَدِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْوَطَرِ، أَوْ إلَی مَحَلٍّ یمْکنُهُ الِاعْتِیاضُ فِیهِ، فَیمْنَعُ حِینَئِذٍ، وَ یجِبُ رَدُّ الْمَوْجُودِ مِنْهُ، و أن کانَ مَأْکولًا عَلَی مَالِکهِ، أَوْ وَکیلِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِلَی الْحَاکمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرَفَهُ بِنَفْسِهِ إلَی مُسْتَحِقِّ الزَّکاهِ.

وَ مُنْشِئُ السَّفَرِ مَعَ حَاجَتِهِ إلَیهِ، وَ لَا یقْدِرُ عَلَی مَالٍ یبَلِّغُهُ ابْنُ سَبِیلٍ عَلَی الْأَقْوَی.

(وَمِنْهُ) أَی مِنْ ابْنِ السَّبِیلِ (الضَّیفُ)، بَلْ قِیلَ: بِانْحِصَارِهِ فِیهِ إذَا کانَ نَائِیا عَنْ بَلَدِهِ، و أن کانَ غَنِیا فِیهَا، مَعَ حَاجَتِهِ إلَی الضِّیافَهِ، وَ النِّیهُ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِی الْأَکلِ، وَ لَا یحْتَسَبُ عَلَیهِ إلَّا مَا أَکلَ و أن کانَ مَجْهُولًا.

(وَیشْتَرَطُ الْعَدَالَهُ فِیمَنْ عَدَا الْمُؤَلَّفَهِ) قُلُوبُهُمْ

مِنْ أَصْنَافِ الْمُسْتَحِقِّینَ، أَمَّا الْمُؤَلَّفَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ کفْرَهُمْ مَانِعٌ مِنْ الْعَدَالَهِ، وَ الْغَرَضُ مِنْهُمْ یحْصُلُ بِدُونِهَا أَمَّا اعْتِبَارُ عَدَالَهِ الْعَامِلِ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ، أَمَّا غَیرُهُ فَاشْتِرَاطُ عَدَالَتِهِ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِی الْمَسْأَلَهِ، بَلْ ادَّعَی الْمُرْتَضَی فِیهِ الْإِجْمَاعَ، (وَلَوْ کانَ السَّفَرُ) مِنْ ابْنِ السَّبِیلِ (مَعْصِیهً مُنِعَ) کمَا یمْنَعُ الْفَاسِقُ فِی غَیرِهِ، (وَ) لَا تُعْتَبَرُ الْعَدَالَهُ (فِی الطِّفْلِ)؛ لِعَدَمِ إمْکانِهَا فِیهِ، بَلْ (یعْطَی الطِّفْلُ، و لو کانَ أَبَوَاهُ فَاسْقِینَ) اتِّفَاقًا، (وَ قِیلَ: الْمُعْتَبَرُ) فِی الْمُسْتَحِقِّ غَیرِ مَنْ اُسْتُثْنِی بِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَهِ، أَوْ بِعَدَمِهَا (تَجَنُّبُ الْکبَائِرِ) دُونَ غَیرِهَا مِنْ الذُّنُوبِ و أن أَوْجَبَتْ فِسْقًا، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ عَلَی مَنْعِ شَارِبِ الْخَمْرِ و هو مِنْ الْکبَائِرِ، و لم یدُلَّ عَلَی مَنْعِ الْفَاسِقِ مُطْلَقًا، وَ الْحِقَ بِهِ غَیرُهُ

مِنْ الْکبَائِرِ لِلْمُسَاوَاهِ.

وَ فِیهِ نَظَرٌ لِمَنْعِ الْمُسَاوَاهِ، وَ بُطْلَانِ الْقِیاسِ، وَ الصَّغَائِرُ إنْ أَصَرَّ عَلَیهَا أُلْحِقَتْ بِالْکبَائِرِ، وَ الا لَمْ تُوجِبْ الْفِسْقَ، وَ الْمُرُوءَهُ غَیرُ مُعْتَبَرَهٍ فِی الْعَدَالَهِ هُنَا عَلَی مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلَزِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ تَجَنُّبِ الْکبَائِرِ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَهِ، وَ مَعَ ذَلِک لَا دَلِیلَ عَلَی اعْتِبَارِهَا، وَ الْإِجْمَاعُ مَمْنُوعٌ، وَ الْمُصَنِّفُ لَمْ یرَجِّحْ اعْتِبَارَهَا، إلَّا فِی هَذَا الْکتَابِ، و لو اُعْتُبِرَتْ لَزِمَ مَنْعُ الطِّفْلِ، لِتَعَذُّرِهَا مِنْهُ، وَ تَعَذُّرُ الشَّرْطِ غَیرُ کافٍ فِی سُقُوطِهِ، وَ خُرُوجُهُ بِالْإِجْمَاعِ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ. (وَیعِیدُ الْمُخَالِفُ الزَّکاهَ لَوْ أَعْطَاهَا مِثْلَهُ)، بَلْ غَیرَ الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا (وَلَا یعِیدُ بَاقِی الْعِبَادَاتِ) الَّتِی أَوْقَعَهَا عَلَی وَجْهِهَا بِحَسَبِ مُعْتَقَدِهِ، وَ الْفَرْقُ أَنَّ الزَّکاهَ دَینٌ، و قد دَفَعَهُ إلَی غَیرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَ الْعِبَادَاتُ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَی، و قد أَسْقَطَهَا عَنْهُ رَحْمَهً کمَا أَسْقَطَهَا عَنْ الْکافِرِ إذَا أَسْلَمَ، و لو کانَ الْمُخَالِفُ قَدْ تَرَکهَا أَوْ فَعَلَهَا عَلَی غَیرِ الْوَجْهِ قَضَاهَا، وَ الْفَرْقُ بَینَهُ و بین الْکافِرِ قُدُومُهُ عَلَی الْمَعْصِیهِ بِذَلِک، وَ الْمُخَالَفَهُ لِلَّهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَهَا عَلَی الْوَجْهِ، کالْکافِرِ إذَا تَرَکهَا.

(وَیشْتَرَطُ) فِی الْمُسْتَحِقِّ

(أَنْ لَا یکونَ وَاجِبَ النَّفَقَهِ عَلَی الْمُعْطِی) مِنْ حَیثُ الْفَقْرُ أَمَّا مِنْ جِهَهِ الْغُرْمِ وَ الْعَمُولَهِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ وَ نَحْوِهِ إذَا اتَّصَفَ بِمُوجِبِهِ فَلَا فَیدْفَعُ إلَیهِ مَا یوَفِّی دَینَهُ، وَ الزَّائِدَ عَنْ نَفَقَهِ الْحَضَرِ.

وَ الضَّابِطُ أَنَّ وَاجِبَ النَّفَقَهِ إنَّمَا یمْنَعُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ لِقُوتِ نَفْسِهِ مُسْتَقِرًّا فِی وَطَنِهِ، (وَلَا هَاشِمِیا إلَّا مِنْ قَبِیلِهِ) و هو هَاشِمِی مِثْلُهُ، و أن خَالَفَهُ فِی النَّسَبِ، (أَوْ تَعَذَّرَ کفَایتُهُ مِنْ الْخُمُسِ) فَیجُوزُ تَنَاوُلُ قَدْرِ الْکفَایهِ مِنْهَا حِینَئِذٍ، وَ یتَخَیرُ بَینَ زَکاهِ مِثْلِهِ، وَ الْخُمُسِ مَعَ وَجُودِهِمَا، وَ الْأَفْضَلُ الْخُمُسُ؛ لِأَنَّ الزَّکاهَ أَوْسَاخٌ

فِی الْجُمْلَهِ، وَ قِیلَ: لَا یتَجَاوَزُ مِنْ زَکاهِ غَیرِ قَبِیلِهِ قُوتَ یوْمٍ وَ لَیلَهٍ، إلَّا مَعَ عَدَمِ انْدِفَاعِ الضَّرُورَهِ بِهِ، کأَنْ لَا یجِدَ فِی الْیوْمِ الثَّانِی مَا یدْفَعُهَا بِهِ، هَذَا کلُّهُ فِی الْوَاجِبَهِ، أَمَّا الْمَنْدُوبَهُ فَلَا یمْنَعُ مِنْهَا، وَ کذَا غَیرُهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَی الْأَقْوَی.

(وَیجِبُ دَفْعُهَا إلَی الْإِمَامِ

مَعَ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِسَاعِیهِ) لِوُجُوبِ طَاعَتِهِ مُطْلَقًا (قِیلَ: وَ کذَا) یجِبُ دَفْعُهَا (إلَی الْفَقِیهِ) الشَّرْعِی (فِی) حَالِ (الْغَیبَهِ) لَوْ طَلَبَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَکیلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ لِلْإِمَامِ کالسَّاعِی بَلْ أَقْوَی، و لو خَالَفَ الْمَالِک وَ فَرَّقَهَا بِنَفْسِهِ لَمْ یجُزْ، لِلنَّهْی الْمُفْسِدِ لِلْعِبَادَهِ وَ لِلْمَالِک اسْتِعَادَهُ الْعَینِ مَعَ بَقَائِهَا، أَوْ عِلْمُ الْقَابِضِ، (وَدَفْعُهَا إلَیهِمْ ابْتِدَاءً) مِنْ غَیرِ طَلَبٍ (أَفْضَلُ) مِنْ تَفْرِیقِهَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْصَرُ بِمَوَاقِعِهَا، وَ أَخْبَرُ بِمَوَاضِعِهَا، (وَ قِیلَ) وَ الْقَائِلُ الْمُفِیدُ وَ التَّقِی: (یجِبُ) دَفْعُهَا ابْتِدَاءً إلَی الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَ مَعَ الْغَیبَهِ إلَی الْفَقِیهِ الْمَأْمُونِ، وَ اَلحَقَ التَّقِی الْخُمُسَ مُحْتَجِّینَ بِقَوْلِهِ تَعَالَی: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَهً }، وَ الْإِیجَابُ عَلَیهِ یسْتَلْزِمُ الْإِیجَابَ عَلَیهِمْ، وَ النَّائِبُ کالْمَنُوبِ وَ الْأَشْهَرُ الِاسْتِحْبَابُ.

(وَیصَدَّقُ الْمَالِک فِی الْإِخْرَاجِ به غیر یمِینٍ) لِأَنَّ ذَلِک حَقٌّ لَهُ کمَا هُوَ عَلَیهِ، وَ لَا یعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ، وَ جَازَ احْتِسَابُهَا مِنْ دَینٍ و غیرهِ مِمَّا یتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَیهِ، وَ کذَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ الْحَوْلِ، وَ تَلَفَ الْمَالِ و ما ینْقُصُ النِّصَابُ، مَا لَمْ یعْلَمْ کذِبُهُ، وَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَهُ عَلَیهِ فِی ذَلِک إلَّا مَعَ الْحَصْرِ، لِأَنَّهُ نَفْی.

(وَیسْتَحَبُّ قِسْمَتُهَا عَلَی الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِیهِ

لِمَا فِیهِ مِنْ فَضِیلَهِ التَّسْوِیهِ بَینَ الْمُسْتَحِقِّینَ، وَ عَمَلًا بِظَاهِرِ الِاشْتِرَاک (وَإِعْطَاءُ جَمَاعَهٍ مِنْ کلِّ صِنْفٍ) اعْتِبَارًا بِصِیغَهِ الْجَمْعِ، وَ لَا یجِبُ التَّسْوِیهُ بَینَهُمْ بَلْ الْأَفْضَلُ التَّفْضِیلُ بِالْمُرَجَّحِ.

(وَیجُوزُ) الدَّفْعُ إلَی الصِّنْفِ (الْوَاحِدِ) وَ الْفَرْدِ

الْوَاحِدِ مِنْهُ؛ لِمَا ذَکرْنَاهُ مِنْ کوْنِهِ لِبَیانِ الْمَصْرِفِ، فَلَا یجِبُ التَّشْرِیک، (وَ) وَ یجُوزُ (الْإِغْنَاءُ) و هو إعْطَاءٌ فَوْقَ الْکفَایهِ (إذَا کانَ دَفْعَهً) وَاحِدَهً، لِاسْتِحْقَاقِهِ حَالَ الدَّفْعِ، وَ الْغِنَاءُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمِلْک فَلَا ینَافِیهِ، و لو أَعْطَاهُ دَفَعَاتٍ امْتَنَعَتْ الْمُتَأَخِّرَهُ عَنْ الْکفَایهِ.

(وَأَقَلُّ مَا یعْطَی) الْمُسْتَحِقُّ (اسْتِحْبَابًا مَا یجِبُ فِی أَوَّلِ نُصُبِ النَّقْدَینِ) إنْ کانَ الْمَدْفُوعُ مِنْهُمَا، وَ أَمْکنَ بُلُوغُ الْقَدْرِ، فَلَوْ تَعَذَّرَ کمَا لَوْ أُعْطِی مَا فِی الْأَوَّلِ لِوَاحِدٍ سَقَطَ الِاسْتِحْبَابُ فِی الثَّانِی، إذَا لَمْ یجْتَمِعْ مِنْهُ نُصُبٌ کثِیرَهٌ تَبْلُغُ الْأَوَّلَ.

وَ لَوْ کانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ غَیرِ النَّقْدَینِ، فَفِی تَقْدِیرِهِ بِأَحَدِهِمَا مَعَ الْإِمْکانِ وَجْهَانِ، وَ مَعَ تَعَذُّرِهِ کمَا لَوْ وَجَبَ عَلَیهِ شَاهٌ وَاحِدَهٌ لَا تُبَلِّغُهُ یسْقُطُ قَطْعًا، وَ قِیلَ: إنَّ ذَلِک عَلَی سَبِیلِ الْوُجُوبِ مَعَ إمْکانِهِ، و هو ضَعِیفٌ. (وَیسْتَحَبُّ دُعَاءُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِلْمَالِک) عِنْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ؛ لِلْأَمْرِ بِهِ فِی { قَوْله تَعَالَی: وَ صَلِّ عَلَیهِمْ }، بَعْدَ أَمْرِهِ بِأَخْذِهَا مِنْهُمْ، وَ النَّائِبُ کالْمَنُوبِ وَ قِیلَ: یجِبُ لِدَلَالَهِ الْأَمْرِ عَلَیهِ، و هو قَوِی وَ بِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَ یجُوزُ بِصِیغَهِ الصَّلَاهِ لِلِاتِّبَاعِ وَ دَلَالَهِ الْأَمْرِ، وَ بِغَیرِهَا لِأَنَّهُ مَعْنَاهَا لُغَهً.

وَ الْأَصْلُ هُنَا عَدَمُ النَّقْلِ، وَ قِیلَ: یتَعَینُ لَفْظُ الصَّلَاهِ لِذَلِک، وَ الْمُرَادُ بِالنَّائِبِ هُنَا مَا یشْمَلُ السَّاعِی وَ الْفَقِیهَ، فَیجِبُ عَلَیهِمَا أَوْ یسْتَحَبُّ، أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ فَیسْتَحَبُّ لَهُ به غیر خِلَافٍ. (وَمَعَ الْغَیبَهِ لَا سَاعِی وَ لَا مُؤَلَّفَهَ إلَّا لِمَنْ یحْتَاجُ إلَیهِ) و هو الْفَقِیهُ إذَا تَمَکنَ مِنْ نَصْبِ السَّاعِی وَ جِبَایتِهَا، وَ إِذَا وَ جَبَ الْجِهَادُ فِی حَالِ الْغَیبَهِ وَ احْتِیجَ إلَی التَّأْلِیفِ فَیجُوزُ بِالْفَقِیهِ و غیرهِ، وَ کذَا سَهْمُ سَبِیلِ اللَّهِ لَوْ قَصَرْنَاهُ عَلَی الْجِهَادِ، وَ أَسْقَطَ الشَّیخُ رَحِمَهُ اللَّهُ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَهِ

بَعْدَ مَوْتِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ لِبُطْلَانِ التَّأْلِیفِ بَعْدَهُ، و هو ضَعِیفٌ. (وَلْیخُصَّ زَکاهَ النَّعَمِ الْمُتَجَمِّلَ)، وَ زَکاهَ النَّقْدَینِ وَ الْغَلَّاتِ غَیرَهُمْ، رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ، مُعَلِّلًا بِأَنَّ أَهْلَ التَّجَمُّلِ یسْتَحْیونَ مِنْ النَّاسِ، فَیدْفَعُ إلَیهِمْ أَجَلُّ الْأَمْرَینِ عِنْدَ النَّاسِ، (وَإِیصَالُهَا إلَی الْمُسْتَحِی مِنْ قَبُولِهَا هَدِیهً)، وَ احْتِسَابُهَا عَلَیهِ بَعْدَ و ُصُولِهَا إلَی یدِهِ، أَوْ یدِ وَکیلِهِ، مَعَ بَقَاءِ عَینِهَا.

فَصْلُ الرَّابِعُ فِی زَکاهِ الْفِطْرَهِ

فَصْلُ الرَّابِعُ فِی زَکاهِ الْفِطْرَهِ

(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِی زَکاهِ الْفِطْرَهِ) وَ تُطْلَقُ عَلَی الْخِلْقَهِ، و علی الْإِسْلَامِ، وَ الْمُرَادُ بِهَا عَلَی الْأَوَّلِ زَکاهُ الْأَبَدَانِ مُقَابِلُ الْمَالِ، و علی الثَّانِی زَکاهُ الدِّینِ وَ الْإِسْلَامِ، و من ثَمَّ وَجَبَتْ عَلَی مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْهِلَالِ، (وَیجِبُ عَلَی الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ) لَا عَلَی الصَّبِی وَ الْمَجْنُونِ وَ الْعَبْدِ، بَلْ عَلَی مَنْ یعُولُهُمْ إنْ کانَ مِنْ أَهْلِهَا، وَ لَا فَرْقَ فِی الْعَبْدِ بَینَ الْقِنِّ وَ الْمُدَبَّرِ وَ الْمُکاتَبِ، إلَّا إذَا تَحَرَّرَ بَعْضُ الْمُطْلَقِ فَیجِبُ عَلَیهِ بِحِسَابِهِ، وَ فِی جُزْئِهِ الرِّقُّ وَ الْمَشْرُوطِ قَوْلَانِ أَشْهُرُهُمَا وُجُوبُهُمَا عَلَی الْمَوْلَی مَا لَمْ یعُلْهُ غَیرُهُ (الْمَالِک قُوتَ سَنَتِهِ) فِعْلًا، أَوْ قُوَّهً، فَلَا تَجِبُ عَلَی الْفَقِیرِ و هو مَنْ اسْتَحَقَّ الزَّکاهَ لِفَقْرِهِ وَ لَا یشْتَرَطُ فِی مَالِک قُوتِ السَّنَهِ أَنْ یفْضُلَ عَنْهُ أَصْوَاعٌ بِعَدَدِ مَنْ یخْرِجُ عَنْهُ، (فَیخْرِجُهَا عَنْهُ وَ عَنْ عِیالِهِ) مِنْ وَلَدٍ، وَ زَوْجَهٍ، وَ ضَیفٍ.

(وَلَوْ تَبَرُّعًا).

وَ الْمُعْتَبَرُ فِی الضَّیفِ وَ شَبَهِهِ صِدْقُ اسْمِهِ قَبْلَ الْهِلَالِ و لو بِلَحْظَهٍ، وَ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَیهِ تَسْقُطُ عَنْهُمْ و أن لَمْ یخْرِجْهَا، حَتَّی لَوْ أَخْرَجُوهَا تَبَرُّعًا به غیر إذْنِهِ لَمْ یبْرَأْ مَنْ وَجَبَتْ عَلَیهِ، وَ تَسْقُطُ عَنْهُ لَوْ کانَ بِإِذْنِهِ، وَ لَا یشْتَرَطُ فِی وُجُوبِ فُطْرَهِ الزَّوْجَهِ وَ الْعَبْدِ الْعُیولَهُ، بَلْ

تَجِبُ مُطْلَقًا، مَا لَمْ یعُلْهُمَا غَیرُهُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَیهِ، نَعَمْ یشْتَرَطُ کوْنُ الزَّوْجَهِ وَاجِبَهَ النَّفَقَهِ، فَلَا فُطْرَهَ لِلنَّاشِزِ وَ الصَّغِیرَهِ.

(وَتَجِبُ) الْفِطْرَهُ (عَلَی الْکافِرِ) کمَا یجِبُ عَلَیهِ زَکاهُ الْمَالِ (وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ حَالَ کفْرِهِ)، مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِلَالِ سَقَطَتْ عَنْهُ و أن اُسْتُحِبَّتْ قَبْلَ الزَّوَالِ، کمَا تَسْقُطُ الْمَالِیهُ لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ وُجُوبِهَا، و إنّما تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی عِقَابِهِ عَلَی تَرْکهَا لَوْ مَاتَ کافِرًا کغَیرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ.

(وَالِاعْتِبَارُ بِالشُّرُوطِ عِنْدَ الْهِلَالِ) فَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ بَعْدَهُ، أَوْ اسْتَغْنَی الْفَقِیرُ، أَوْ أَسْلَمَ الْکافِرُ، أَوْ أَطَاعَتْ الزَّوْجَهُ لَمْ تَجِبْ، (وَتُسْتَحَبُّ) الزَّکاهُ (لَوْ تَجَدَّدَ السَّبَبُ) الْمُوجِبُ (مَا بَینَ الْهِلَالِ) و هو الْغُرُوبُ لَیلَهَ الْعِیدِ (إلَی الزَّوَالِ) مِنْ یوْمِهِ.

(وَقَدْرُهَا صَاعٌ) عَنْ کلِّ إنْسَانٍ

(مِنْ الْحِنْطَهِ، أَوْ الشَّعِیرِ، أَوْ التَّمْرِ، أَوْ الزَّبِیبِ، أَوْ الْأَرُزِّ) مَنْزُوعِ الْقِشْرِ الْأَعْلَی، (أَوْ الْأَقِطِ) و هو لَبَنٌ جَافٌّ، (أَوْ اللَّبَنِ) و هذه الْأُصُولُ مُجْزِیهٌ و أن لَمْ تَکنْ قُوتًا غَالِبًا أَمَّا غَیرُهَا فَإِنَّمَا یجْزِی مَعَ غَلَبَتِهِ فِی قُوتِ الْمُخْرِجِ، (وَأَفْضَلُهَا التَّمْرُ) لِأَنَّهُ أَسْرَعُ مَنْفَعَهً وَ أَقَلُّ کلْفَهً، وَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَی الْقُوتِ وَ الْإِدَامِ، (ثُمَّ الزَّبِیبُ) لِقُرْبِهِ مِنْ التَّمْرِ فِی أَوْصَافِهِ، (ثُمَّ مَا یغْلِبُ عَلَی قُوتِهِ) مِنْ الْأَجْنَاسِ و غیرهَا.

(وَالصَّاعُ تِسْعَهُ أَرْطَالٍ و لو مِنْ اللَّبَنِ فِی الْأَقْوَی) هَذَا غَایهٌ لِوُجُوبِ الصَّاعِ، لَا لِتَقْدِیرِهِ، فَإِنَّ مُقَابِلَ الْأَقْوَی إجْزَاءُ سِتَّهِ أَرْطَالٍ مِنْهُ، أَوْ أَرْبَعَهٍ، لِأَنَّ الصَّاعَ مِنْهُ قَدْرٌ آخَرُ، (وَیجُوزُ إخْرَاجُ الْقِیمَهِ بِسِعْرِ الْوَقْتِ) مِنْ غَیرِ انْحِصَارٍ فِی دِرْهَمٍ عَنْ الصَّاعِ، أَوْ ثُلُثِی دِرْهَمٍ، و ما وَرَدَ مِنْهَا مُقَدَّرًا مُنَزَّلٌ عَلَی سِعْرِ ذَلِک الْوَقْتِ.

(وَتَجِبُ النِّیهُ فِیهَا و فی المَالِیهِ) مِنْ الْمَالِک

، أَوْ وَکیلِهِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَی الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ وَکیلِهِ عُمُومًا کالْإِمَامِ وَ نَائِبِهِ عَامًّا، أَوْ خَاصًّا، أَوْ خُصُوصًا کوَکیلِهِ، و

لو لَمْ ینْوِ الْمَالِک عِنْدَ دَفْعِهَا إلَی غَیرِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ وَکیلِهِ الْخَاصِّ فَنَوَی الْقَابِضُ عِنْدَ دَفْعِهَا إلَیهِ أَجْزَأَ، (وَمَنْ عَزَلَ إحْدَاهُمَا) بِأَنْ عَینَهَا فِی مَالِ خَاصٍّ بِقَدْرِهَا بِالنِّیهِ، (لِعُذْرٍ) مَانِعٍ مِنْ تَعْجِیلِ إخْرَاجِهَا، (ثُمَّ تَلِفَتْ) بَعْدَ الْعَزْلِ به غیر تَفْرِیطٍ (لَمْ یضْمَنْ)، لِأَنَّهُ یعَدُّ ذَلِک بِمَنْزِلَهِ الْوَکیلِ فِی حِفْظِهَا، و لو کانَ لَا لِعُذْرٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا إنْ جَوَّزْنَا الْعَزْلَ مَعَهُ، وَ تَظْهَرُ فَائِدَهُ الْعَزْلِ فِی انْحِصَارِهَا فِی الْمَعْزُولِ فَلَا یجُوزُ التَّصَرُّفُ فِیهِ، وَ نَمَاؤُهُ تَابِعٌ، وَ ضَمَانُهُ کمَا ذُکرَ، (وَمَصْرِفُهَا مَصْرِفُ الْمَالِیهِ) و هو الْأَصْنَافُ الثَّمَانِیهُ. (وَیسْتَحَبُّ أَنْ لَا یقْصِرَ الْعَطَاءَ) لِلْوَاحِدِ (عَنْ صَاعٍ) عَلَی الْأَقْوَی، وَ الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِک عَلَی وَجْهِ الْوُجُوبِ، وَ مَالَ إلَیهِ فِی الْبَیانِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ صَاعِ نَفْسِهِ و من یعُولُهُ، (إلَّا مَعَ الِاجْتِمَاعِ) أَی اجْتِمَاعِ الْمُسْتَحِقِّینَ، (وَضِیقِ الْمَالِ) فَیسْقُطُ الْوُجُوبُ، أَوْ الِاسْتِحْبَابُ، بَلْ یبْسُطُ الْمَوْجُودَ عَلَیهِمْ بِحَسَبِهِ، وَ لَا تَجِبُ التَّسْوِیهُ و أن اُسْتُحِبَّتْ مَعَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ، (وَیسْتَحَبُّ أَنْ یخُصَّ بِهَا الْمُسْتَحِقَّ مَنْ الْقَرَابَهِ، وَ الْجَارِ) بَعْدَهُ وَ تَخْصِیصُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِالْعِلْمِ وَ الزُّهْدِ و غیرهِمَا، وَ تَرْجِیحُهُمْ فِی سَائِرِ الْمَرَاتِبِ.

(وَلَوْ بَانَ الْآخِذُ غَیرَ مُسْتَحِقٍّ ارْتَجَعَتْ) عَینًا أَوْ بَدَلًا مَعَ الْإِمْکانِ، (وَمِنْ التَّعَذُّرِ تُجْزِی إنْ اجْتَهَدَ) الدَّافِعُ بِالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ عَلَی وَجْهٍ لَوْ کانَ بِخِلَافِهِ لَظَهَرَ عَادَهً، لَا بِدُونِهِ بِأَنْ اعْتَمَدَ عَلَی دَعْوَاهُ الِاسْتِحْقَاقَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَی الْبَحْثِ، (إلَّا أَنْ یکونَ) الْمَدْفُوعُ إلَیهِ (عَبْدَهُ) فَلَا یجْزِی مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ لَمْ یخْرُجْ عَنْ مِلْک الْمَالِک.

وَ فِی الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْعِلَّهَ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ مُشْتَرَکهٌ، فَإِنَّ الْقَابِضَ مَعَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَا یمْلِک مُطْلَقًا، و أن بَرِئَ الدَّافِعُ، بَلْ یبْقَی الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَیهِ، وَ تَعَذُّرُ الِارْتِجَاعِ مُشْتَرَک، وَ النَّصُّ مُطْلَقٌ.

4 - کتاب الخمس

[الخمس]

و الْأَوَّلُ - الْغَنِیمَهُ

الْأَوَّلُ -

الْغَنِیمَهُ

کتَابُ الْخُمُسِ (وَیجِبُ فِی سَبْعَهِ) أَشْیاءَ: (الْأَوَّلُ - الْغَنِیمَهُ) و هی مَا یحُوزُهُ الْمُسْلِمُونَ بِإِذْنِ النَّبِی، أَوْ الْإِمَامِ عَلَیهِمْ السَّلَامُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ به غیر سَرِقَهٍ، وَ لَا غِیلَهٍ مِنْ مَنْقُولٍ و غیرهِ، و من مَالِ الْبُغَاهِ إذَا حَوَاهَا الْعَسْکرُ عِنْدَ الْأَکثَرِ، وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی خُمُسِ الدُّرُوسِ، وَ خَالَفَهُ فِی الْجِهَادِ وَ فِی هَذَا الْکتَابِ.

وَ مِنْ الْغَنِیمَهِ فِدَاءُ الْمُشْرِکینَ و ما صُولِحُوا عَلَیهِ.

وَ مَا أَخْرَجْنَاهُ مَنْ الْغَنِیمَهِ به غیر إذْنِ الْإِمَامِ وَ السَّرِقَهُ وَ الْغِیلَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِیهِ الْخُمُسُ أَیضًا لَکنَّهُ لَا یدْخُلُ فِی اسْمِ الْغَنِیمَهِ بِالْمَعْنَی الْمَشْهُورِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِلْإِمَامِ خَاصَّهً، وَ الثَّانِی لِآخِذِهِ، نَعَمْ هُوَ غَنِیمَهٌ بِقَوْلٍ مُطْلَقٍ فَیصِحُّ إخْرَاجُهُ مِنْهَا، و إنّما یجِبُ الْخُمُسُ فِی الْغَنِیمَهِ (بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُؤَنِ) و هی مَا أُنْفِقَ عَلَیهَا بَعْدَ تَحْصِیلِهَا بِحِفْظٍ، وَ حَمْلٍ، وَ رَعْی، وَ نَحْوِهَا، وَ کذَا یقَدِّمُ عَلَیهِ الْجَعَائِلَ عَلَی الْأَقْوَی.

وَ الثَّانِی - الْمَعْدِنُ

(وَالثَّانِی - الْمَعْدِنُ)

بِکسْرِ الدَّالِ، و هو مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ الْأَرْضِ مِمَّا کانَتْ أَصْلُهُ، ثُمَّ اشْتَمَلَ عَلَی خُصُوصِیهٍ یعْظُمُ الِانْتِفَاعُ بِهَا کالْمِلْحِ، وَ الْجِصِّ وَ طِینِ الْغَسْلِ، وَ حِجَارَهِ الرَّحَی، وَ الْجَوَاهِرِ مِنْ الزَّبَرْجَدِ، وَ الْعَقِیقِ، وَ الْفَیرُوزَجِ، و غیرهَا.

وَ الثَّالِثُ - الْغَوْصُ

(وَالثَّالِثُ - الْغَوْصُ)

: أَی: مَا أُخْرِجَ بِهِ مِنْ اللُّؤْلُؤِ، وَ الْمَرْجَانِ، وَ الذَّهَبِ، وَ الْفِضَّهِ الَّتِی لَیسَ عَلَیهَا سِکهُ الْإِسْلَامِ، وَ الْعَنْبَرِ، وَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ دَاخِلِ الْمَاءِ فَلَوْ أُخِذَ شَیءٌ مِنْ ذَلِک مِنْ السَّاحِلِ، أَوْ مِنْ وَجْهِ الْمَاءِ لَمْ یکنْ غَوْصًا، وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الدُّرُوسِ، وَ خِلَافًا لِلْبَیانِ وَ حَیثُ لَا یلْحَقُ بِهِ یکونُ مِنْ الْمَکاسِبِ.

وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی الشَّرَائِطِ، و فی الحَاقِ صَیدِ الْبَحْرِ بِالْغَوْصِ، أَوْ الْمَکاسِبِ وَجْهَانِ، وَ التَّفْصِیلُ حَسَنٌ، إلْحَاقًا لِکلٍّ بِحَقِیقَتِهِ.

وَ الرَّابِعُ - أَرْبَاحُ الْمَکاسِبِ

(وَالرَّابِعُ - أَرْبَاحُ الْمَکاسِبِ)

مِنْ تِجَارَهٍ، وَ زِرَاعَهٍ، وَ غَرْسٍ، و غیرهَا مِمَّا یکتَسَبُ مِنْ غَیرِ الْأَنْوَاعِ الْمَذْکورَهِ قَسِیمَهَا، و لو بِنَمَاءٍ، وَ تَوَلُّدٍ، وَ ارْتِفَاعِ قِیمَهٍ، و غیرهَا، خِلَافًا لِلتَّحْرِیرِ حَیثُ نَفَاهُ فِی الِارْتِفَاعِ.

وَ الْخَامِسُ - الْحَلَالُ الْمُخْتَلِطُ بِالْحَرَامِ

(وَالْخَامِسُ - الْحَلَالُ الْمُخْتَلِطُ بِالْحَرَامِ)

(وَلَا یتَمَیزُ، وَ لَا یعْلَمُ صَاحِبُهُ) وَ لَا قَدْرُهُ بِوَجْهٍ، فَإِنَّ إخْرَاجَ خُمُسِهِ حِینَئِذٍ یطَهِّرُ الْمَالَ مِنْ الْحَرَامِ فَلَوْ تَمَیزَ کانَ لِلْحَرَامِ حُکمُ الْمَجْهُولِ الْمَالِک حَیثُ لَا یعْلَمُ.

وَ لَوْ عُلِمَ صَاحِبُهُ، و لو فِی جُمْلَهِ قَوْمٍ مُنْحَصِرِینَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْهُ، و لو بِصُلْحٍ، وَ لَا خُمُسَ، فَإِنْ أَبَی قَالَ فِی التَّذْکرَهِ: دُفِعَ إلَیهِ خُمُسُهُ إنْ لَمْ یعْلَمْ زِیادَتَهُ، أَوْ مَا یغْلِبُ عَلَی ظَنِّهِ إنْ عَلِمَ زِیادَتَهُ، أَوْ نُقْصَانَهُ، و لو عَلِمَ قَدْرَهُ کالرُّبُعِ وَ الثُّلُثِ وَجَبَ إخْرَاجُهُ أَجْمَعَ صَدَقَهً، لَا خُمُسًا، و لو عَلِمَ قَدْرَهُ جُمْلَهً، لَا تَفْصِیلًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ یزِیدُ عَلَی الْخُمُسِ وَ تَصَدَّقَ بِالزَّائِدِ و لو ظَنًّا.

وَ یحْتَمَلُ قَوِیا کوْنُ الْجَمِیعِ صَدَقَهً.

وَ لَوْ عَلِمَ نُقْصَانَهُ عَنْهُ اقْتَصَرَ عَلَی مَا یتَیقَّنُ بِهِ الْبَرَاءَهَ صَدَقَهً عَلَی الظَّاهِرِ، وَ خُمُسًا فِی وَجْهٍ، و هو أَحْوَطُ، و لو کانَ الْحَلَالُ الْخَلِیطُ مِمَّا یجِبُ فِیهِ الْخُمُسُ خَمَّسَهُ بَعْدَ ذَلِک بِحَسَبِهِ، و لو تَبَینَ الْمَالِک بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ فَفِی الضَّمَانِ لَهُ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا ذَلِک.

و السَّادِسُ - الْکنْزُ

(السَّادِسُ - الْکنْزُ)

وَ هُوَ الْمَالُ الْمَذْخُورُ تَحْتَ الْأَرْضِ قَصْدًا فِی دَارِ الْحَرْبِ مُطْلَقًا، أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَیهِ، و لو کانَ عَلَیهِ أَثَرُهُ فَلُقَطَهٌ عَلَی الْأَقْوَی هَذَا إذَا لَمْ یکنْ فِی مِلْک لِغَیرِهِ، و لو فِی وَقْتٍ سَابِقٍ، فَلَوْ کانَ کذَلِک عَرَّفَهُ الْمَالِک، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ فَهُوَ لَهُ بِقَوْلِهِ مُجَرَّدًا، وَ الا عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ، مِنْ بَائِعٍ و غیرهِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ، وَ الا فَمَنْ قَبْلَهُ مِمَّنْ یمْکنُ، فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الطَّبَقَهُ وَ ادَّعَوْهُ أَجْمَعَ قُسِّمَ عَلَیهِمْ بِحَسَبِ السَّبَبِ، و لو ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ خَاصَّهً فَإِنْ ذَکرَ سَبَبًا یقْتَضِی التَّشْرِیک سُلِّمَتْ إلَیهِ حِصَّتُهُ خَاصَّهً، وَ الا الْجَمِیعَ،

وَ حِصَّهُ الْبَاقِی کمَا لَوْ نَفَوْهُ أَجْمَعَ فَیکونُ لِلْوَاجِدِ إنْ لَمْ یکنْ عَلَیهِ أَثَرُ الْإِسْلَامِ، وَ الا فَلُقَطَهٌ، و مثله الْمَوْجُودُ فِی جَوْفِ دَابَّهٍ و لو سَمَکهً مَمْلُوکهً به غیر الْحِیازَهِ، أَمَّا بِهَا فَلِوَاجِدِهِ، لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُحِیزِ إلَی تَمَلُّک مَا فِی بَطْنِهَا، وَ لَا یعْلَمُهُ، و هو شَرْطُ الْمِلْک عَلَی الْأَقْوَی.

وَ إِنَّمَا یجِبُ فِی الْکنْزِ (إنْ بَلَغَ عِشْرِینَ دِینَارًا) عَینًا، أَوْ قِیمَهً.

وَ الْمُرَادُ بِالدِّینَارِ الْمِثْقَالُ کغَیرِهِ، و فی الاکتِفَاءِ بِمِائَتِی دِرْهَمٍ وَجْهٌ احْتَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الْبَیانِ، مَعَ قَطْعِهِ بِالِاکتِفَاءِ بِهَا فِی الْمَعْدِنِ، وَ ینْبَغِی الْقَطْعُ بِالِاکتِفَاءِ بِهَا هُنَا، لِأَنَّ صَحِیحَ الْبِزَنْطِی عَنْ الرِّضَا عَلَیهِ السَّلَامُ تَضَمَّنَ أَنَّ مَا یجِبُ الزَّکاهُ مِنْهُ فِی مِثْلِهِ فَفِیهِ الْخُمُسُ، (قِیلَ: وَ الْمَعْدِنُ کذَلِک) یشْتَرَطُ بُلُوغُهُ عِشْرِینَ دِینَارًا، وَ نِسْبَتُهُ إلَی الْقِیلِ تَدُلُّ عَلَی تَوَقُّفِهِ فِیهِ، مَعَ جَزْمِهِ بِهِ فِی غَیرِهِ، وَ صَحِیحُ الْبِزَنْطِی دَالٌّ عَلَیهِ، فَالْعَمَلُ بِهِ مُتَعَینٌ، وَ فِی حُکمِهَا بُلُوغُهُ مِائَتِی دِرْهَمٍ کمَا مَرَّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، مَعَ أَنَّ الرِّوَایهَ هُنَا تَدُلُّ عَلَیهِ.

(وَقَالَ الشَّیخُ فِی الْخِلَافِ: لَا نِصَابَ لَهُ)، بَلْ یجِبُ فِی مُسَمَّاهُ و هو ظَاهِرُ الْأَکثَرِ، نَظَرًا إلَی الِاسْمِ، وَ الرِّوَایهُ حُجَّهٌ عَلَیهِمْ، (وَاعْتَبَرَ أَبُو الصَّلَاحِ التَّقِی الْحَلَبِی) (فِیهِ دِینَارًا کالْغَوْصِ)، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ قَاصِرَهٍ، نَعَمْ یعْتَبَرُ الدِّینَارُ، أَوْ قِیمَتُهُ فِی الْغَوْصِ قَطْعًا، وَ اکتَفَی الْمُصَنِّفُ عَنْ اشْتِرَاطِهِ فِیهِ بِالتَّشْبِیهِ هُنَا.

وَ یعْتَبَرُ النِّصَابُ فِی الثَّلَاثَهِ بَعْدَ الْمُؤْنَهِ الَّتِی یغْرَمُهَا عَلَی تَحْصِیلِهِ، مَنْ حَفْرٍ وَ سَبْک فِی الْمَعْدِنِ، وَ الهِ الْغَوْصِ، أَوْ أَرْشِهَا، وَ أُجْرَهِ الْغَوَّاصِ فِی الْغَوْصِ، وَ أُجْرَهِ الْحَفْرِ وَ نَحْوِهِ فِی الْکنْزِ، وَ یعْتَبَرُ النِّصَابُ بَعْدَهَا مُطْلَقًا فِی ظَاهِرِ الْأَصْحَابِ، وَ لَا یعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْإِخْرَاجِ فِی الثَّلَاثَهِ بَلْ یضَمُّ بَعْضُ الْحَاصِلِ إلَی بَعْضٍ، و أن

طَالَ الزَّمَانُ، أَوْ نَوَی الْإِعْرَاضَ وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ، وَ اعْتَبَرَ الْعَلَّامَهُ عَدَمَ نِیهِ الْإِعْرَاضِ، وَ فِی اعْتِبَارِ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا اعْتِبَارُهُ فِی الْکنْزِ وَ الْمَعْدِنِ، دُونَ الْغَوْصِ، وِفَاقًا لِلْعَلَّامَهِ، و لو اشْتَرَک جَمَاعَهٌ اُعْتُبِرَ بُلُوغُ نَصِیبِ کلٍّ نِصَابًا بَعْدَ مُؤْنَتِهِ.

وَ السَّابِعُ - أَرْضُ الذِّمِّی الْمُنْتَقِلَهِ إلَیهِ مِنْ مُسْلِمٍ

(وَالسَّابِعُ - أَرْضُ الذِّمِّی الْمُنْتَقِلَهِ إلَیهِ مِنْ مُسْلِمٍ)

سَوَاءٌ انْتَقَلَتْ إلَیهِ بِشِرَاءٍ، أَمْ غَیرِهِ، و أن تَضَمَّنَ بَعْضَ الْأَخْبَارِ لَفْظُ الشِّرَاءِ، وَ سَوَاءٌ کانَتْ مِمَّا فِیهِ الْخُمُسُ کالْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهٍ حَیثُ یصِحُّ بَیعُهَا، أَمْ لَا، وَ سَوَاءٌ أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَهِ، أَمْ بِغَیرِهَا، حَتَّی لَوْ اشْتَرَی بُسْتَانًا، أَوْ دَارًا أَخَذَ مِنْهُ خُمُسَ الْأَرْضِ، عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ، وَ خَصَّهَا فِی الْمُعْتَبَرِ بِالْأُولَی.

وَ عَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ فَطَرِیقُ مَعْرِفَهِ الْخُمُسِ أَنْ تُقَوَّمَ مَشْغُولَهً بِمَا فِیهَا بِأُجْرَهٍ لِلْمَالِک، وَ یتَخَیرُ الْحَاکمُ بَینَ أَخْذِ خُمُسِ الْعَینِ، وَ الارْتِفَاعِ وَ لَا حَوْلَ هُنَا، وَ لَا نِصَابَ، وَ لَا نِیهَ.

وَ یحْتَمَلُ وُجُوبُهَا عَنْ الْآخِذِ، لَا عَنْهُ، وَ عَلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، وَ الْأَوَّلُ فِی الْبَیانِ، وَ لَا یسْقُطُ بِبَیعِ الذِّمِّی لَهَا قَبْلَ الْإِخْرَاجِ و أن کانَ لِمُسْلِمٍ، وَ لَا بِإِقَالَهِ الْمُسْلِمِ لَهُ فِی الْبَیعِ الْأَوَّلِ، مَعَ احْتِمَالِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَی أَنَّهَا فَسْخٌ، لَکنْ لَمَّا کانَ مِنْ حِینِهِ ضَعُفَ.

(وَهَذِهِ) الْأَرْضُ (لَمْ یذْکرْهَا کثِیرٌ) مِنْ الْأَصْحَابِ کابْنِ أَبِی عَقِیلٍ، وَ ابْنِ الْجُنَیدِ، وَ الْمُفِیدِ وَ سَلَامٍ، وَ التَّقِی.

وَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَجْمَعُ وَ الشَّیخُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِینَ عَلَی وُجُوبِهِ فِیهَا، وَ رَوَاهُ أَبُو عُبَیدَهَ الْحَذَّاءُ فِی الْمُوَثَّقِ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیهِ السَّلَامُ.

(وَأَوْجَبَهُ أَبُو الصَّلَاحِ فِی الْمِیرَاثِ، وَ الصَّدَقَهِ، وَ الْهِبَهِ)، مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ نَوْعُ اکتِسَابٍ وَ فَائِدَهٍ، فَیدْخُلُ تَحْتَ الْعُمُومِ، (وَأَنْکرَهُ ابْنُ إدْرِیسَ وَ الْعَلَّامَهُ)، لِلْأَصْلِ، وَ الشَّک فِی السَّبَبِ، (وَالْأَوَّلُ حَسَنٌ)، لِظُهُورِ کوْنِهَا غَنِیمَهً بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ فَتُلْحَقُ بِالْمَکاسِبِ، إذْ لَا یشْتَرَطُ فِیهَا حُصُولُهُ

اخْتِیارًا، فَیکونُ الْمِیرَاثُ مِنْهُ.

وَ أَمَّا الْعُقُودُ الْمُتَوَقِّفَهُ عَلَی الْقَبُولِ فَأَظْهَرُ، لِأَنَّ قَبُولَهَا نَوْعٌ مِنْ الِاکتِسَابِ و من ثَمَّ یجِبُ الْقَبُولُ حَیثُ یجِبُ، کالِاکتِسَابِ لِلنَّفَقَهِ، وَ ینْتَفِی حَیثُ ینْتَفِی کالِاکتِسَابِ لِلْحَجِّ، وَ کثِیرًا مَا یذْکرُ الْأَصْحَابُ أَنَّ قَبُولَ الْهِبَهِ وَ نَحْوَهَا اکتِسَابٌ، وَ فِی صَحِیحَهِ عَلِی بْنِ مِهْزِیارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی، مَا یرْشِدُ إلَی الْوُجُوبِ فِیهَا، وَ الْمُصَنِّفُ لَمْ یرَجِّحْ هَذَا الْقَوْلَ إلَّا هُنَا، بَلْ اقْتَصَرَ فِی الْکتَابَینِ عَلَی مُجَرَّدِ نَقْلِ الْخِلَافِ، و هو یشْعِرُ بِالتَّوَقُّفِ.

(وَاعْتَبَرَ الْمُفِیدُ فِی الْغَنِیمَهِ وَ الْغَوْصِ وَ الْعَنْبَرِ) ذِکرُهُ بَعْدَ الْغَوْصِ تَخْصِیصٌ بَعْدَ التَّعْمِیمِ، أَوْ لِکوْنِهِ أَعَمَّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ لِإِمْکانِ تَحْصِیلِهِ مِنْ السَّاحِلِ، أَوْ عَنْ وَجْهِ الْمَاءِ، فَلَا یکونُ غَوْصًا کمَا سَلَفَ (عِشْرِینَ دِینَارًا عَینًا، أَوْ قِیمَهً.

وَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا نِصَابَ لِلْغَنِیمَهِ)؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ، و لم نَقِفْ عَلَی مَا أَوْجَبَ إخْرَاجَهُ لَهَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ ذَکرَهَا مُجَرَّدَهً عَنْ حُجَّهٍ، و أمّا الْغَوْصَ فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ نِصَابَهُ دِینَارٌ لِلرِّوَایهِ عَنْ الْکاظِمِ عَلَیهِ السَّلَامُ و أمّا الْعَنْبَرُ فَإِنْ دَخَلَ فِیهِ فَبِحُکمِهِ وَ الا فَبِحُکمِ الْمَکاسِب وَ کذَا کلُّ مَا انْتَفَی فِیهِ الْخُمُسُ مِنْ هَذِهِ الْمَذْکورَاتِ لِفَقْدِ شَرْطٍ و لو بِالنُّقْصَانِ عَنْ النِّصَابِ.

(وَیعْتَبَرُ) فِی وُجُوبِ الْخُمُسِ فِی (الْأَرْبَاحِ)

إخْرَاجُ (مُؤْنَتِهِ وَ مُؤْنَهِ عِیالِهِ) الْوَاجِبِی النَّفَقَهِ و غیرهِمْ حَتَّی الضَّیفِ (مُقْتَصِدًا) فِیهَا أَی: مُتَوَسِّطًا بِحَسَبِ اللَّائِقِ بِحَالِهِ عَادَهً، فَإِنْ أَسْرَفَ حُسِبَ عَلَیهِ مَا زَادَ، و أن قَتَّرَ حُسِبَ لَهُ مَا نَقَصَ، و من الْمُؤْنَهِ هُنَا الْهَدِیهُ وَ الصِّلَهُ اللَّائِقَانِ بِحَالِهِ، و ما یؤْخَذُ مِنْهُ فِی السَّنَه قَهْرًا، أَوْ یصَانِعُ بِهِ الظَّالِمَ اخْتِیارًا، وَ الْحُقُوقُ اللَّازِمَهُ لَهُ بِنَذْرٍ، وَ کفَّارَهٍ، وَ مُؤْنَهِ تَزْوِیجٍ، وَ دَابَّهٍ، وَ أَمَهٍ، وَ حَجٍّ وَاجِبٍ إنْ اسْتَطَاعَ عَامَ الِاکتِسَابِ، وَ الا

وَجَبَ فِی الْفَضَلَاتِ السَّابِقَهِ عَلَی عَامِ الِاسْتِطَاعَهِ، وَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَجَّ الْمَنْدُوبَ، وَ الزِّیارَهَ، وَ سَفَرَ الطَّاعَهِ کذَلِک، وَ الدَّینُ الْمُتَقَدِّمُ وَ الْمُقَارَنُ لِحَوْلِ الِاکتِسَابِ مِنْ الْمُؤْنَهِ، وَ لَا یجْبَرُ التَّالِفُ مِنْ الْمَالِ بِالرِّبْحِ و أن کانَ فِی عَامِهِ.

وَ فِی جَبْرِ خُسْرَانِ التِّجَارَهِ بِرِبْحِهَا فِی الْحَوْلِ وَجْهٌ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، و لو کانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ لَا خُمُسَ فِیهِ فَفِی أَخْذِ الْمُؤْنَهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْکسْبِ، أَوْ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَهِ أَوْجُهٌ، و فی الأَوَّلِ احْتِیاطٌ، و فی الأَخِیرِ عَدْلٌ، و فی الأَوْسَطِ قُوَّهٌ.

وَ لَوْ زَادَ بَعْدَ تَخْمِیسِهِ زِیادَهً مُتَّصِلَهً أَوْ مُنْفَصِلَهً وَجَبَ خُمُسُ الزَّائِدِ، کمَا یجِبُ خُمُسُهُ مِمَّا لَا خُمُسَ فِی أَصْلِهِ، سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْخُمُسَ أَوَّلًا مِنْ الْعَینِ، أَمْ مِنْ الْقِیمَهِ، وَ الْمُرَادُ بِالْمُؤْنَهِ هُنَا مُؤْنَهُ السَّنَهِ، وَ مَبْدَؤُهَا ظُهُورُ الرِّبْحِ، وَ یتَخَیرُ بَینَ تَعْجِیلِ إخْرَاجِ مَا یعْلَمُ زِیادَتَهُ عَلَیهَا، وَ الصَّبْرِ بِهِ إلَی تَمَامِ الْحَوْلِ، لَا لِأَنَّ الْحَوْلَ مُعْتَبَرٌ فِیهِ، بَلْ لِاحْتِمَالِ زِیادَهِ الْمُؤْنَهِ، وَ نُقْصَانِهَا، فَإِنَّهَا مَعَ تَعْجِیلِهِ تَخْمِینِیهٌ، و لو حَصَلَ الرِّبْحُ فِی الْحَوْلِ تَدْرِیجًا اُعْتُبِرَ لِکلِّ خَارِجٍ حَوْلٌ بِانْفِرَادِهِ. نَعَمْ تُوَزَّعُ الْمُؤْنَهُ فِی الْمُدَّهِ الْمُشْتَرَکهِ بَینَهُ، و بین مَا سَبَقَ عَلَیهِمَا، وَ یخْتَصُّ بِالْبَاقِی، وَ هَکذَا.

وَ کمَا لَا یعْتَبَرُ الْحَوْلُ هُنَا لَا یعْتَبَرُ النِّصَابُ، بَلْ یخَمَّسُ الْفَاضِلُ و أن قَلَّ، وَ کذَا غَیرُ مَا ذُکرَ لَهُ نِصَابٌ، أَمَّا الْحَوْلُ فَمَنْفِی عَنْ الْجَمِیعِ.

وَ الْوُجُوبُ فِی غَیرِ الْأَرْبَاحِ مُضَیقٌ.

أَقْسَام الْخُمُسُ

(وَیقَسَّمُ) الْخُمُسُ (سِتَّهَ أَقْسَامٍ)

عَلَی الْمَشْهُورِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآیهِ، وَ صَرِیحِ الرِّوَایهِ، (ثَلَاثَهٌ) مِنْهَا (لِلْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ) و هی سَهْمُ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ذِی الْقُرْبَی، و هذا السَّهْمُ و هو نِصْفُ الْخُمُسِ (یصْرَفُ إلَیهِ إنْ کانَ حَاضِرًا، أَوْ إلَی نُوَّابِهِ) وَ هُمْ الْفُقَهَاءُ

الْعُدُولُ الْإِمَامِیونَ الْجَامِعُونَ لِشَرَائِطِ الْفَتْوَی، لِأَنَّهُمْ و ُکلَاؤُهُ، ثُمَّ یجِبُ عَلَیهِمْ فِیهِ مَا یقْتَضِیهِ مَذْهَبُهُمْ، فَمَنْ یذْهَبُ مِنْهُمْ إلَی جَوَازِ صَرْفِهِ إلَی الْأَصْنَافِ عَلَی سَبِیلِ التَّتِمَّهِ کمَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَینَ الْمُتَأَخِّرِینَ مِنْهُمْ یصْرِفُهُ عَلَی حَسَبِ مَا یرَاهُ، مِنْ بَسْطٍ، و غیرهِ، و من لَا یرَی ذَلِک یجِبُ عَلَیهِ أَنْ یسْتَوْدِعَهُ لَهُ إلَی ظُهُورِهِ، فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاهُ أَوْدَعَهُ مِنْ ثِقَهٍ، و هکذا مَا دَامَ (غَائِبًا، أَوْ یحْفَظُ) أَی یحْفَظُهُ مَنْ یجِبُ عَلَیهِ بِطَرِیقِ الِاسْتِیدَاعِ کمَا ذَکرْنَاهُ فِی النَّائِبِ، و لیس لَهُ أَنْ یتَوَلَّی إخْرَاجَهُ بِنَفْسِهِ إلَی الْأَصْنَافِ مُطْلَقًا، وَ لَا لِغَیرِ الْحَاکمِ الشَّرْعِی، فَإِنْ تَوَلَّاهُ غَیرُهُ ضَمِنَ، وَ یظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِ صَرْفَ حَقِّهِ عَلَیهِ السَّلَامُ إلَی نُوَّابِهِ أَنَّهُ لَا یحِلُّ مِنْهُ حَالَ الْغَیبَهِ شَیءٌ لِغَیرِ فَرِیقِهِ.

وَ الْمَشْهُورُ بَینَ الْأَصْحَابِ وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی بَاقِی کتُبِهِ وَ فَتَاوَاهُ اسْتِثْنَاءُ الْمَنَاکحِ وَ الْمَسَاکنِ وَ الْمَتَاجِرِ مِنْ ذَلِک، فَتُبَاحُ هَذِهِ الثَّلَاثَهُ مُطْلَقًا وَ الْمُرَادُ مِنْ الْأَوَّلِ الْأَمَهُ الْمَسْبِیهُ حَالَ الْغَیبَهِ وَ ثَمَنُهَا، وَ مَهْرُ الزَّوْجَهِ مِنْ الْأَرْبَاحِ، و من الثَّانِی ثَمَنُ الْمَسْکنِ مِنْهَا أَیضًا، و من الثَّالِثِ الشِّرَاءُ مِمَّنْ لَا یعْتَقِدُ الْخُمُسَ، أَوْ مِمَّنْ لَا یخَمِّسُ، وَ نَحْوُ ذَلِک.

وَ تَرْکهُ هُنَا إمَّا اخْتِصَارًا، أَوْ اخْتِیارًا، لِأَنَّهُ قَوْلٌ لِجَمَاعَهٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ ادَّعَی فِی الْبَیانِ إطْبَاقَ الْإِمَامِیهِ عَلَیهِ، نَظَرًا إلَی شُذُوذِ الْمُخَالِفِ.

(وَثَلَاثَهُ أَقْسَامٍ) و هی بَقِیهُ السِّتَّهِ (لِلْیتَامَی) وَ هُمْ الْأَطْفَالُ الَّذِینَ لَا أَبَ لَهُمْ، (وَالْمَسَاکینُ)، وَ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا مَا یشْمَلُ الْفُقَرَاءَ کمَا فِی کلِّ مَوْضِعٍ یذْکرُونَ مُنْفَرِدِینَ، (وَأَبْنَاءُ السَّبِیلِ) عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکورِ فِی الزَّکاهِ (مِنْ الْهَاشِمِیینَ الْمُنْتَسِبِینَ) إلَی هَاشِمٍ (بِالْأَبِ)، دُونَ الْأُمِّ، وَ دُونَ الْمُنْتَسِبِینَ إلَی الْمُطَّلِبِ أَخِی هَاشِمٍ عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَینِ.

وَ یدُلُّ عَلَی الْأَوَّلِ

اسْتِعْمَالُ أَهْلِ اللُّغَهِ، و ما خَالَفَهُ یحْمَلُ عَلَی الْمَجَازِ لِأَنَّهُ خَیرٌ مِنْ الِاشْتِرَاک، و فی الرِّوَایهِ عَنْ الْکاظِمِ عَلَیهِ السَّلَامُ مَا یدُلُّ عَلَیهِ، و علی الثَّانِی أَصَالَهُ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ، مُضَافًا إلَی مَا دَلَّ عَلَی عَدَمِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَ اسْتِضْعَافًا لِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُ مِنْهَا، وَ قُصُورُهُ عَنْ الدَّلَالَهِ.

(وَقَالَ الْمُرْتَضَی) رَضِی اللَّهُ عَنْهُ: یسْتَحِقُّ الْمُنْتَسِبُ إلَی هَاشِمٍ (وَ) لَوْ (بِالْأُمِّ)، اسْتِنَادًا إلَی { قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ عَنْ الْحَسَنَینِ عَلَیهِمَا السَّلَامُ هَذَانِ ابْنَای إمَامَانِ }، وَ الْأَصْلُ فِی الْإِطْلَاقِ الْحَقِیقَهُ، و هو مَمْنُوعٌ، بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا و من الْمَجَازِ، خُصُوصًا مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ.

وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ ابْنُ الْجُنَیدِ: یسْتَحِقُّ الْمُطَّلِبِی أَیضًا و قد بَینَاهُ.

(وَیشْتَرَطُ فَقْرُ شُرَکاءِ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ) أَمَّا الْمَسَاکینُ فَظَاهِرٌ، و أمّا الْیتَامَی فَالْمَشْهُورُ اعْتِبَارُ فَقْرِهِمْ لِأَنَّ الْخُمُسَ عِوَضُ الزَّکاهِ، وَ مَصْرِفُهَا الْفُقَرَاءُ فِی غَیرِ مَنْ نَصَّ عَلَی عَدَمِ اعْتِبَارِ فَقْرِهِ فَکذَا الْعِوَضُ، وَ لِأَنَّ الْإِمَامَ عَلَیهِ السَّلَامُ یقَسِّمُهُ بَینَهُمْ عَلَی قَدْرِ حَاجَتِهِمْ، وَ الْفَاضِلُ لَهُ وَ الْمِعْوَزُ عَلَیهِ، فَإِذَا انْتَفَتْ الْحَاجَهُ انْتَفَی النَّصِیبُ.

وَ فِیهِ نَظَرٌ بَینٌ، و من ثَمَّ ذَهَبَ جَمَاعَهٌ إلَی عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِیهِمْ، لِأَنَّ الْیتِیمَ قَسِیمٌ لِلْمِسْکینِ فِی الْآیهِ، و هو یقْتَضِی الْمُغَایرَهَ و لو سُلِّمَ عَدَمُهُ نَظَرًا إلَی أَنَّهَا لَا تَقْتَضِی الْمُبَاینَهَ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمُخَصَّصِ یبْقَی فِی الْعُمُومِ وَ تَوَقَّفَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوس.

(وَیکفِی فِی ابْنِ السَّبِیلِ الْفَقْرُ فِی بَلَدِ التَّسْلِیمِ) و أن کانَ غَنِیا فِی بَلَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ یتَعَذَّرَ وُصُولُهُ إلَی الْمَالِ عَلَی الْوَجْهِ الَّذِی قَرَّرْنَاهُ فِی الزَّکاهِ وَ ظَاهِرُهُمْ هُنَا عَدَمُ الْخِلَافِ فِیهِ، وَ الا کانَ دَلِیلُ الْیتِیمِ آتِیا فِیهِ.

(وَلَا تُعْتَبَرُ الْعَدَالَهُ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّهِ، (وَیعْتَبَرُ الْإِیمَانُ) لِاعْتِبَارِهِ فِی الْمُعَوَّضِ به غیر خِلَافٍ، مَعَ وُجُودِهِ، وَ لِأَنَّهُ

صِلَهٌ وَ مَوَدَّهٌ، وَ الْمُخَالِفُ بَعِیدٌ عَنْهُمَا، وَ فِیهِمَا نَظَرٌ، وَ لَا رَیبَ أَنَّ اعْتِبَارَهُ أَوْلَی.

@وَأَمَّا الْأَنْفَالُ

وَ أَمَّا الْأَنْفَالُ:

فَهِی الْمَالُ الزَّائِدُ لِلنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ بَعْدَهُ عَلَی قَبِیلِهِمَا و قد کانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ فِی حَیاتِهِ بِالْآیهِ الشَّرِیفَهِ، و هی بَعْدَهُ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ.

وَ قَدْ أَشَارَ إلَیهَا بِقَوْلِهِ: (وَنَفْلُ الْإِمَامِ عَلَیهِ السَّلَامُ) الَّذِی یزِیدُ بِهِ عَنْ قَبِیلِهِ، و منه سُمِّی نَفْلًا (أَرْضٌ انْجَلَی، عَنْهَا أَهْلُهَا) وَ تَرَکوهَا، (أَوْ سُلِّمَتْ) لِلْمُسْلِمِینَ (طَوْعًا) مِنْ غَیرِ قِتَالٍ کبِلَادِ الْبَحْرَینِ، (أَوْ بَادَ أَهْلُهَا) أَی هَلَکوا مُسْلِمِینَ کانُوا أَمْ کفَّارًا، وَ کذَا مُطْلَقُ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ الَّتِی لَا یعْرَفُ لَهَا مَالِک.

(وَالْإِجَامُ) بِکسْرِ الْهَمْزَهِ وَ فَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ جَمْعُ أَجَمَهٍ بِالتَّحْرِیک الْمَفْتُوحِ، و هی الْأَرْضُ الْمَمْلُوءَهُ مِنْ الْقَصَبِ وَ نَحْوِهِ، فِی غَیرِ الْأَرْضِ الْمَمْلُوکهِ، (وَرُءُوسُ الْجِبَالِ، وَ بُطُونُ الْأَوْدِیهِ)، وَ الْمَرْجِعُ فِیهِمَا إلَی الْعُرْفِ، (وَمَا یکونُ بِهِمَا) مِنْ شَجَرٍ، وَ مَعْدِنٍ، و غیرهِمَا، و ذلک فِی غَیرِ أَرْضِهِ الْمُخْتَصَّهِ بِهِ.

(وَصَوَافِّی مُلُوک) أَهْلِ (الْحَرْبِ)، وَ قَطَائِعُهُمْ وَ ضَابِطُهُ کلُّ مَا اصْطَفَاهُ مَلِک الْکفَّارِ لِنَفْسِهِ وَ اخْتُصَّ بِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَهِ و غیرهَا، غَیرِ الْمَغْصُوبَهِ، مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ مُسَالِمٍ، (وَمِیرَاثُ فَاقِدِ الْوَارِثِ) الْخَاصِّ، و هو مَنْ عَدَا الْإِمَامَ، وَ الا فَهُوَ عَلَیهِ السَّلَامُ وَارِثٌ مَنْ یکونُ کذَلِک، (وَالْغَنِیمَهُ به غیر إذْنِهِ) غَائِبًا کانَ، أَمْ حَاضِرًا عَلَی الْمَشْهُورِ وَ بِهِ رِوَایهٌ مُرْسَلَهٌ إلَّا أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِخِلَافِهَا ظَاهِرًا.

وَ الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْفَالَ مُبَاحَهٌ حَالَ الْغَیبَهِ فَیصِحُّ التَّصَرُّفُ فِی الْأَرْضِ الْمَذْکورَهِ بِالْإِحْیاءِ، وَ أَخْذِ مَا فِیهَا مِنْ شَجَرٍ، و غیرهِ.

نَعَمْ یخْتَصُّ مِیرَاثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِفُقَرَاءِ بَلَدِ الْمَیتِوَجِیرَانِهِ لِلرِّوَایهِ، وَ قِیلَ: بِالْفُقَرَاءِ مُطْلَقًا، لِضَعْفِ الْمُخَصِّصِ،

و هو قَوِی.

وَ قِیلَ: مُطْلَقًا کغَیرِهِ.

(وَأَمَّا الْمَعَادِنُ) الظَّاهِرَهُ وَ الْبَاطِنَهُ فِی غَیرِ أَرْضِهِ عَلَیهِ السَّلَامُ (فَالنَّاسُ فِیهَا شَرْعٌ) عَلَی الْأَصَحِّ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ، وَ قِیلَ: هِی مِنْ الْأَنْفَالِ أَیضًا، أَمَّا الْأَرْضُ الْمُخْتَصَّهُ بِهِ فَمَا فِیهَا مِنْ مَعْدِنٍ تَابِعٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَ أَطْلَقَ جَمَاعَهٌ کوْنَ الْمَعَادِنِ لِلنَّاسِ مِنْ غَیرِ تَفْصِیلٍ، وَ التَّفْصِیلُ حَسَنٌ، هَذَا کلُّهُ فِی غَیرِ الْمَعَادِنِ الْمَمْلُوکهِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، أَوْ بِالْإِحْیاءِ، فَإِنَّهَا مُخْتَصَّهٌ بِمَالِکهَا.

5 - کتاب الصوم (و اعتکاف)

التمهید

شرح

کتَابُ الصَّوْمِ

(وَ هُوَ الْکفُّ) نَهَارًا کمَا سَیأْتِی التَّنْبِیهُ عَلَیهِ (عَنْ الْأَکلِ وَ الشُّرْبِ مُطْلَقًا) الْمُعْتَادُ مِنْهُمَا، و غیرهُ، (وَالْجِمَاعِ کلِّهِ) قُبُلًا وَ دُبُرًا لِآدَمِی، و غیرهِ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَینِ (وَالِاسْتِمْنَاءِ) وَ هُوَ: طَلَبُ الْإِمْنَاءِ به غیر الْجِمَاعِ مَعَ حُصُولِهِ، لَا مُطْلَقُ طَلَبِهِ، و أن کانَ مُحَرَّمًا أَیضًا، إلَّا أَنَّ الْأَحْکامَ الْآتِیهَ لَا تَجْرِی فِیهِ، وَ فِی حُکمِهِ النَّظَرُ وَ الاسْتِمْتَاعُ به غیر الْجِمَاعِ، وَ التَّخَیلُ لِمُعْتَادِهِ مَعَهُ کمَا سَیأْتِی (وَإِیصَالِ الْغُبَارِ الْمُتَعَدِّی) إلَی الْحَلْقِ غَلِیظًا کانَ أَمْ لَا، بِمُحَلَّلٍ کدَقِیقٍ، و غیرهِ کتُرَابٍ.

وَ تَقْییدُهُ بِالْغَلِیظِ فِی بَعْضِ الْعِبَارَاتِ وَ مِنْهَا الدُّرُوسُ لَا وَجْهَ لَهُ، وَحَدُّ الْحَلْقِ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَهِ، (وَالْبَقَاءِ عَلَی الْجَنَابَهِ) مَعَ عِلْمِهِ بِهَا لَیلًا، سَوَاءٌ نَوَی الْغُسْلَ أَمْ لَا.

(وَمُعَاوَدَهِ النَّوْمِ جُنُبًا بَعْدَ انْتِبَاهَتَینِ) مُتَأَخِّرَتَینِ عَنْ الْعِلْمِ بِالْجَنَابَهِ، و أن نَوَی الْغُسْلَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ عَلَیهِ جُنُبًا، لَا بِمُجَرَّدِ النَّوْمِ کذَلِک، (فَیکفِّرُ مَنْ لَمْ یکفَّ) عَنْ أَحَدِ هَذِهِ السَّبْعَهِ اخْتِیارًا فِی صَوْمٍ وَاجِبٍ مُتَعَینٍ، أَوْ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مَعَ وُجُوبِهِ بِقَرِینَهِ الْمَقَامِ.

(وَیقْضِی) الصَّوْمَ مَعَ الْکفَّارَهِ (لَوْ تَعَمَّدَ الْإِخْلَالَ) بِالْکفِّ الْمُؤَدِّی إلَی فِعْلِ أَحَدِهَا.

وَ الْحُکمُ فِی السِّتَّهِ السَّابِقَهِ قَطْعِی، و فی السَّابِعِ مَشْهُورِی، وَ مُسْتَنَدُهُ غَیرُ صَالِحٍ، وَ دَخَلَ فِی الْمُتَعَمِّدِ الْجَاهِلُ بِتَحْرِیمِهَا وَ إِفْسَادِهَا، وَ فِی وُجُوبِ

الْکفَّارَهِ عَلَیهِ خِلَافٌ.

وَ اَلَّذِی قَوَّاهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ عَدَمَهُ، و هو الْمَرْوِی، وَ خَرَجَ النَّاسِی فَلَا قَضَاءَ عَلَیهِ، وَ لَا کفَّارَهَ، وَ الْمُکرَهُ عَلَیهِ، و لو بِالتَّخْوِیفِ فَبَاشَرَ بِنَفْسِهِ عَلَی الْأَقْوَی.

وَ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَهِ کوْنُ مَا ذُکرَ تَعْرِیفًا لِلصَّوْمِ کمَا هُوَ عَادَتُهُمْ، وَلَکنَّهُ غَیرُ تَامٍّ، إذْ لَیسَ مُطْلَقُ الْکفِّ عَنْ هَذِهِ الْأَشْیاءِ صَوْمًا کمَا لَا یخْفَی، وَ یمْکنُ أَنْ یکونَ تَجَوَّزَ فِیهِ بِبَیانِ أَحْکامِهِ، وَ یؤَیدُهُ أَنَّهُ لَمْ یعَرِّفْ غَیرَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَ لَا غَیرَهَا فِی الْکتَابِ غَالِبًا.

وَ أَمَّا دَخَلُهُ مِنْ حَیثُ جَعْلُهُ کفًّا، و هو أَمْرٌ عَدَمِی فَقَابِلٌ لِلتَّأْوِیلِ بِإِرَادَهِ الْعَزْمِ عَلَی الضِّدِّ أَوْ تَوْطِینِ النَّفْسِ عَلَیهِ، وَ بِهِ یتَحَقَّقُ مَعْنَی الْإِخْلَالِ بِهِ إذْ لَا یقَعُ الْإِخْلَالُ إلَّا بِفِعْلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّهِ إلَی فِعْلِ الْقَلْبِ، و إنّما اقْتَصَرَ عَلَی الْکفِّ مُرَاعَاهً لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِی. (وَیقْضِی) خَاصَّهً مِنْ غَیرِ کفَّارَهٍ (لَوْ عَادَ) الْجُنُبُ إلَی النَّوْمِ نَاوِیا لِلْغُسْلِ لَیلًا (بَعْدَ انْتِبَاهَهٍ) وَاحِدَهً فَأَصْبَحَ جُنُبًا، وَ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِک مِنْ احْتِمَالِهِ لِلِانْتِبَاهِ عَادَهً، فَلَوْ لَمْ یکنْ مِنْ عَادَتِهِ ذَلِک، وَ لَا احْتِمَالِهِ کانَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمِهِ کمُتَعَمِّدِ الْبَقَاءِ عَلَیهَا، و أمّا النَّوْمَهُ الْأُولَی فَلَا شَیءَ فِیهَا، و أن طَلَعَ الْفَجْرُ بِشَرْطَیهِ، (أَوْ احْتَقَنَ بِالْمَائِعِ) فِی قَوْلٍ، وَ الْأَقْوَی عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهَا، و أن حَرُمَتْ، أَمَّا بِالْجَامِدِ کالْفَتَائِلِ فَلَا عَلَی الْأَقْوَی، (أَوْ ارْتَمَسَ) بِأَنْ غَمَسَ رَأْسَهُ أَجْمَعَ فِی الْمَاءِ دُفْعَهً وَاحِدَهً عُرْفِیهً، و أن بَقِی الْبَدَنُ (مُتَعَمِّدًا)، وَ الْأَقْوَی تَحْرِیمُهُ مِنْ دُونِ إفْسَادٍ أَیضًا، و فی الدُّرُوسِ أَوْجَبَ بِهِ الْقَضَاءَ وَ الْکفَّارَهَ.

وَ حَیثُ یکونُ الِارْتِمَاسُ فِی غُسْلٍ مَشْرُوعٍ یقَعُ فَاسِدًا مَعَ التَّعَمُّدِ لِلنَّهْی، و لو نَسِی صَحَّ، (أَوْ تَنَاوَلَ) الْمُفْطِرَ (مِنْ دُونِ مُرَاعَاهٍ مُمْکنَهٍ) لِلْفَجْرِ، أَوْ

اللَّیلِ، ظَانًّا حُصُولَهُ (فَأَخْطَأَ) بِأَنْ ظَهَرَ تَنَاوُلُهُ نَهَارًا.

(سَوَاءٌ کانَ مُسْتَصْحِبَ اللَّیلِ) بِأَنْ تَنَاوَلَ آخِرَ اللَّیلِ مِنْ غَیرِ مُرَاعَاهٍ بِنَاءً عَلَی أَصَالَهِ عَدَمِ طُلُوعِ الْفَجْرِ، (أَوْ النَّهَارِ) بِأَنْ أَکلَ آخِرَ النَّهَارِ ظَنًّا أَنَّ اللَّیلَ دَخَلَ فَظَهَرَ عَدَمُهُ، وَ اکتَفَی عَنْ قَیدِ ظَنِّ اللَّیلَ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، فَإِنَّهُ یقْتَضِی اعْتِقَادَ خِلَافِهِ، وَ احْتَرَزَ بِالْمُرَاعَاهِ الْمُمْکنَهِ عَمَّنْ تَنَاوَلَ کذَلِک مَعَ عَدَمِ إمْکانِ الْمُرَاعَاهِ کغَیمٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ عَمًی، حَیثُ لَا یجِدُ مَنْ یقَلِّدُهُ فَإِنَّهُ لَا یقْضِی؛ لِأَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِظَنِّهِ، وَ یفْهَمُ مِنْ ذَلِک أَنَّهُ لَوْ رَاعَی فَظَنَّ فَلَا قَضَاءَ فِیهِمَا، و أن أَخْطَأَ ظَنُّهُ، و فی الدُّرُوسِ اسْتَقْرَبَ الْقَضَاءَ فِی الثَّانِی، دُونَ الْأَوَّلِ، فَارِقًا بَینَهُمَا بِاعْتِضَادِ ظَنِّهِ بِالْأَصْلِ فِی الْأَوَّلِ وَ بِخِلَافِهِ فِی الثَّانِی.

(وَ قِیلَ): وَ الْقَائِلُ الشَّیخُ وَ الْفَاضِلَانِ: (لَوْ أَفْطَرَ لِظُلْمَهٍ مُوهِمَهٍ) أَی مُوجِبَهٍ لِظَنِّ دُخُولِ اللَّیلِ (ظَانًّا) دُخُولَهُ مِنْ غَیرِ مُرَاعَاهٍ، بَلْ اسْتِنَادًا إلَی مُجَرَّدِ الظُّلْمَهِ الْمُثِیرَهِ لِلظَّنِّ (فَلَا قَضَاءَ)، اسْتِنَادًا إلَی أَخْبَارٍ تَقْصُرُ عَنْ الدَّلَالَهِ، مَعَ تَقْصِیرِهِ فِی الْمُرَاعَاهِ، فَلِذَلِک نَسَبَهُ إلَی الْقِیلِ، وَ اقْتَضَی حُکمُهُ السَّابِقُ، وُجُوبَ الْقَضَاءِ مَعَ عَدَمِ الْمُرَعَّاهِ، و أن ظَنَّ، وَ بِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ، وَ ظَاهِرُ الْقَائِلِینَ أَنَّهُ لَا کفَّارَهَ مُطْلَقًا، وَ یشْکلُ عَدَمُ الْکفَّارَهِ مَعَ إمْکانِ الْمُرَاعَاهِ، وَ الْقُدْرَهِ عَلَی تَحْصِیلِ الْعِلْمِ فِی الْقِسْمِ الثَّانِی؛ لِتَحْرِیمِ التَّنَاوُلِ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ، وَ وُقُوعِهِ فِی نَهَارٍ یجِبُ صَوْمُهُ عَمْدًا، و ذلک یقْتَضِی بِحَسَبِ الْأُصُولِ الشَّرْعِیهِ وُجُوبَ الْکفَّارَهِ، بَلْ ینْبَغِی و ُجُوبُهَا، و أن لَمْ یظْهَرْ الْخَطَأُ، بَلْ اسْتَمَرَّ الِاشْتِبَاهُ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ الدُّخُولِ، مَعَ النَّهْی عَنْ الْإِفْطَارِ، و أمّا فِی الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ خَاصَّهً مَعَ ظُهُورِ الْخَطَأِ مُتَوَجِّهٌ؛ لِتَبَینِ إفْطَارِهِ فِی النَّهَارِ؛ وَ لِلْأَخْبَارِ.

لَکنْ لَا کفَّارَهَ عَلَیهِ، لِجَوَازِ تَنَاوُلِهِ حِینَئِذٍ

بِنَاءً عَلَی أَصَالَهِ عَدَمِ الدُّخُولِ، و لو لا النَّصُّ عَلَی الْقَضَاءِ لَأَمْکنَ الْقَوْلُ بِعَدَمِهِ، لِلْإِذْنِ الْمَذْکورِ، و أمّا وُجُوبُ الْکفَّارَهِ عَلَی الْقَوْلِ الْمَحْکی فَأَوْضَحُ، و قد اتَّفَقَ لِکثِیرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ عِبَارَاتٌ قَاصِرَهٌ عَنْ تَحْقِیقِ الْحَالِ جِدًّا فَتَأَمَّلْهَا، وَ عِبَارَهُ الْمُصَنِّفِ هُنَا جَیدَهٌ لَوْلَا إطْلَاقُ عَدَمِ الْکفَّارَهِ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَ الْقَوْلَ الْمَذْکورَ جَامِعًا بَینَ تَوَهُّمِ الدُّخُولِ بِالظُّلْمَهِ وَ ظَنِّهِ، مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لُغَهً وَ اصْطِلَاحًا أَنَّ الْوَهْمَ اعْتِقَادٌ مَرْجُوحٌ، وَ رَاجِحُهُ الظَّنُّ، وَ عِبَارَاتُهُمْ وَقَعَتْ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ لِلظُّلْمَهِ الْمُوهِمَهِ وَجَبَ الْقَضَاءُ و لو ظَنَّ لَمْ یفْطِرْ أَی: لَمْ یفْسُدْ صَوْمُهُ، فَجَعَلُوا الظَّنَّ قَسِیمًا لِلْوَهْمِ.

فَجَمْعُهُ هُنَا بَینَ الْوَهْمِ وَ الظَّنِّ، فِی نَقْلِ کلَامِهِمْ، إشَارَهٌ إلَی أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْوَهْمِ فِی کلَامِهِمْ أَیضًا الظَّنُّ، إذْ لَا یجُوزُ الْإِفْطَارُ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ الدُّخُولِ قَطْعًا، وَ اللَّازِمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْکفَّارَهِ، و إنّما یقْتَصِرُ عَلَی الْقَضَاءِ لَوْ حَصَلَ الظَّنُّ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْمُخَالَفَهُ، وَ إِطْلَاقُ الْوَهْمِ عَلَی الظَّنِّ صَحِیحٌ أَیضًا، لِأَنَّهُ أَحَدُ مَعَانِیهِ لُغَهً، لَکنْ یبْقَی فِی کلَامِهِمْ سُؤَالُ الْفَرْقِ بَینَ الْمَسْأَلَتَینِ حَیثُ حَکمُوا مَعَ الظَّنِّ بِأَنَّهُ لَا إفْسَادَ، إلَّا أَنْ یفَرِّقَ بَینَ مَرَاتِبِ الظَّنِّ فَیرَادُ مِنْ الْوَهْمِ أَوَّلُ مَرَاتِبِهِ، و من الظَّنِّ قُوَّهُ الرُّجْحَانِ، و بهذا الْمَعْنَی صَرَّحَ بَعْضُهُمْ.

وَ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِ الْمُصَنِّفِ عَلَی کلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْوَهْمِ تَرْجِیحُ أَحَدِ الطَّرَفَینِ؛ لِأَمَارَهٍ غَیرِ شَرْعِیهٍ، و من الظَّنِّ التَّرْجِیحُ لِأَمَارَهٍ شَرْعِیهٍ، فَشَرَک بَینَهُمَا فِی الرُّجْحَانِ، وَ فَرَّقَ بِمَا ذَکرَهُ، و هو مَعَ غَرَابَتِهِ لَا یتِمُّ، لِأَنَّ الظَّنَّ الْمُجَوِّزَ لِلْإِفْطَارِ لَا یفَرَّقُ فِیهِ بَینَ الْأَسْبَابِ الْمُثِیرَهِ لَهُ، و إنّما ذَکرْنَا ذَلِک لِلتَّنْبِیهِ عَلَی فَائِدَهِ جَمْعِهِ هُنَا بَینَ الْوَهْمِ وَ الظَّنِّ، تَفْسِیرًا لِقَوْلِهِمْ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ سَوَاءٌ کانَ

مُسْتَصْحِبَ اللَّیلِ أَوْ النَّهَارِ جَرَی فِیهِ عَلَی قَوْلِ الْجَوْهَرِی: سَوَاءٌ عَلَی قُمْت أَوْ قَعَدْت، و قد عَدَّهُ جَمَاعَهٌ مِنْ النُّحَاهِ مِنْهُمْ ابْنُ هِشَامٍ فِی الْمُغْنِی مِنْ الْأَغَالِیطِ، و أنّ الصَّوَابَ الْعَطْفُ بَعْدَ سَوَاءٍ بِأَمْ بَعْدَ هَمْزَهِ التَّسْوِیهِ فَیقَالُ: سَوَاءٌ کانَ کذَا أَمْ کذَا کمَا قَالَ تَعَالَی: { سَوَاءٌ عَلَیهِمْ ْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ } { سَوَاءٌ عَلَینَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا } { سَوَاءٌ عَلَیکمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ }، وَ قِسْ عَلَیهِ مَا یأْتِی مِنْ نَظَائِرِهِ فِی الْکتَابِ و غیرهِ و هو کثِیرٌ.

(أَوْ تَعَمَّدَ الْقَیءَ) مَعَ عَدَمِ رُجُوعِ شَیءٍ مِنْهُ إلَی حَلْقِهِ اخْتِیارًا، وَ الا وَجَبَتْ الْکفَّارَهُ أَیضًا، وَ احْتَرَزَ بِالتَّعَمُّدِ عَمَّا لَوْ سَبَقَهُ به غیر اخْتِیارِهِ، فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ مَعَ تَحَفُّظِهِ کذَلِک.

(أَوْ أُخْبِرَ بِدُخُولِ اللَّیلِ فَأَفْطَرَ)، تَعْوِیلًا عَلَی قَوْلِهِ: وَ یشْکلُ بِأَنَّهُ إنْ کانَ قَادِرًا عَلَی الْمُرَاعَاهِ ینْبَغِی وُجُوبُ الْکفَّارَهِ کمَا سَبَقَ؛ لِتَقْصِیرِهِ وَ إِفْطَارِهِ، حَیثُ ینْهَی عَنْهُ، و أن کانَ مَعَ عَدَمِهِ فَینْبَغِی عَدَمُ الْقَضَاءِ أَیضًا، إنْ کانَ مِمَّنْ یسُوغُ تَقْلِیدُهُ لَهُ کالْعَدْلِ، وَ الا فَکالْأَوَّلِ، وَ اَلذِی صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَهٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوَّلُ.

(أَوْ أُخْبِرَ بِبَقَائِهِ) أَی: بِبَقَاءِ اللَّیلِ (فَتَنَاوَلَ) تَعْوِیلًا عَلَی الْخَبَرِ (وَیظْهَرُ الْخِلَافُ) حَالٌ مِنْ الْأَمْرَینِ، و وجوب الْقَضَاءِ خَاصَّهً هُنَا مُتَّجِهٌ مُطْلَقًا؛ لِاسْتِنَادِهِ إلَی الْأَصْلِ، بِخِلَافِ السَّابِقِ، وَ رُبَّمَا فَرَّقَ فِی الثَّانِی بَینَ کوْنِ الْمُخْبِرِ بِعَدَمِ الطُّلُوعِ حُجَّهً شَرْعِیهً کعَدْلَینِ و غیرهِ فَلَا یجِبُ الْقَضَاءُ مَعَهُمَا؛ لِحُجِّیهِ قَوْلِهِمَا شَرْعًا، وَ یفْهَمُ مِنْ الْقَیدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ یظْهَرْ الْخِلَافُ فِیهِمَا لَا قَضَاءَ، و هو یتِمُّ فِی الثَّانِی، دُونَ الْأَوَّلِ، لِلنَّهْی.

وَ اَلَّذِی ینَاسِبُ الْأَصْلَ فِیهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَ الْکفَّارَهِ، مَا لَمْ تَظْهَرْ الْمُوَافَقَهُ، وَ الا فَالْإِثْمُ خَاصَّهً، نَعَمْ لَوْ

کانَ فِی هَذِهِ الصُّوَرِ جَاهِلًا بِجَوَازِ التَّعْوِیلِ عَلَی ذَلِک، جَاءَ فِیهِ الْخِلَافُ فِی تَکفِیرِ الْجَاهِلِ، و هو حُکمٌ آخَرُ.

(أَوْ نَظَرَ إلَی امْرَأَهٍ) مُحَرَّمَهٍ بِقَرِینَهٍ.

قَوْلُهُ (أَوْ غُلَامٍ فَأَمْنَی) مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ الْإِمْنَاءَ، وَ لَا اعْتِیادِهِ، (وَلَوْ قَصَدَ فَالْأَقْرَبُ الْکفَّارَهُ، وَ خُصُوصًا مَعَ الِاعْتِیادِ، إذْ لَا ینْقُصُ عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِیدِهِ، أَوْ مُلَاعَبَتِهِ)، و ما قَرَّبَهُ حَسَنٌ، لَکنْ یفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الِاعْتِیادَ به غیر قَصْدِ الْإِمْنَاءِ غَیرُ کافٍ، وَ الْأَقْوَی الِاکتِفَاءُ بِهِ، و هو ظَاهِرُهُ فِی الدُّرُوسِ.

وَ إِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ مَعَ النَّظَرِ إلَی الْمُحَرَّمِ مَعَ عَدَمِ الْوَصْفَینِ، لِلنَّهْی عَنْهُ، فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ الْفَسَادُ، کغَیرِهِ مِنْ الْمَنْهِیاتِ فِی الصَّوْمِ، مِنْ الِارْتِمَاسِ وَ الْحُقْنَهِ، و غیرهِمَا، وَ الْأَقْوَی عَدَمُ الْقَضَاءِ بِدُونِهِمَا کغَیرِهِ مِنْ الْمَنْهِیاتِ و أن أَثِمَ، إذْ لَا دَلَالَهَ لِلتَّحْرِیمِ عَلَی الْفَسَادِ، لِأَنَّهُ أَعَمُّ، فَلَا یفْسُدُ إلَّا مَعَ النَّصِّ عَلَیهِ، کالتَّنَاوُلِ وَ الْجِمَاعِ، وَ نَظَائِرِهِمَا، وَ لَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَینَ الْمُحَلَّلَهِ، وَ الْمُحَرَّمَهِ إلَّا فِی الْإِثْمِ، وَ عَدَمِهِ.

(وَتَتَکرَّرُ الْکفَّارَهُ) مَعَ فِعْلِ مُوجِب

(وَتَتَکرَّرُ الْکفَّارَهُ) مَعَ فِعْلِ مُوجِبِهَا (بِتَکرُّرِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا)

، و لو فِی الْیوْمِ الْوَاحِدِ، وَ یتَحَقَّقُ تَکرُّرُهُ بِالْعَوْدِ بَعْدَ النَّزْعِ (أَوْ تَغَایرِ الْجِنْسِ) بِأَنْ وَطِئَ وَ أَکلَ، وَ الْأَکلُ وَ الشُّرْبُ غَیرَانِ، (أَوْ تَخَلَّلَ التَّکفِیرَ) بَینَ الْفِعْلَینِ، و أن اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَ الْوَقْتُ، (أَوْ اخْتِلَافِ الْأَیامِ)، و أن اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَیضًا، (وَإِلَّا یکنْ) کذَلِک، بِأَنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فِی غَیرِ الْجِمَاعِ وَ الْوَقْتِ، و لم یتَخَلَّلْ التَّکفِیرُ (فَوَاحِدَهٌ) عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَ فِی الدُّرُوسِ قَطْعًا، و فی المُهَذَّبِ إجْمَاعًا، وَ قِیلَ: تَتَکرَّرُ مُطْلَقًا، و هو مُتَّجِهٌ، إنْ لَمْ یثْبُتْ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ؛ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِتَعَدُّدِ الْمُسَبِّبِ، إلَّا مَا نَصَّ فِیهِ عَلَی التَّدَاخُلِ، و هو مَنْفِی هُنَا، و لو لُوحِظَ زَوَالُ الصَّوْمِ بِفَسَادِهِ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، لَزِمَ

عَدَمُ تَکرُّرِهَا فِی الْیوْمِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا، و له وَجْهٌ، وَ الْوَاسِطَهُ ضَعِیفَهٌ.

وَ یتَحَقَّقُ تَعَدُّدُ الْأَکلِ وَ الشُّرْبِ بِالِازْدِرَاءِ، و أن قَلَّ،، وَیتَّجِهُ فِی الشُّرْبِ اتِّحَادُهُ مَعَ اتِّصَالِهِ، و أن طَالَ لِلْعُرْفِ. (وَیتَحَمَّلُ عَنْ الزَّوْجَهِ الْمُکرَهَهِ) عَلَی الْجِمَاعِ (الْکفَّارَهَ وَ التَّعْزِیرَ) الْمُقَدَّرَ عَلَی الْوَاطِئِ (بِخَمْسَهٍ وَ عِشْرِینَ) سَوْطًا (فَیعَزَّرُ خَمْسِینَ)، وَ لَا تَحَمُّلَ فِی غَیرِ ذَلِک، کإِکرَاهِ الْأَمَهِ، وَ الْأَجْنَبِیهِ، وَ الْأَجْنَبِی لَهُمَا، وَ الزَّوْجَهِ لَهُ، وَ الْإِکرَاهُ عَلَی غَیرِ الْجِمَاعِ و لو الزَّوْجَهَ وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ، وَ کوْنُ الْحُکمِ فِی الْأَجْنَبِیهِ أَفْحَشَ لَا یفِیدُ أَوْلَوِیهَ التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّ الْکفَّارَهَ مُخَفِّفَهٌ لِلذَّنْبِ، فَقَدْ لَا یثْبُتُ فِی الْأَقْوَی کتَکرَارِ الصَّیدِ عَمْدًا نَعَمْ لَا فَرْقَ فِی الزَّوْجَهِ بَینَ الدَّائِمِ وَ الْمُسْتَمْتِعِ بِهَا، و قد یجْتَمِعُ فِی حَالَهٍ وَاحِدَهٍ الْإِکرَاهُ وَ الْمُطَاوَعَهُ، ابْتِدَاءً وَ اسْتِدَامَهً، فَیلْزَمُهُ حُکمُهُ، وَ یلْزَمُهَا حُکمُهَا وَ لَا فَرْقَ فِی الْإِکرَاهِ بَینَ الْمَجْبُورَهِ، وَ الْمَضْرُوبَهِ ضَرْبًا مُضِرًّا حَتَّی مَکنَتْ عَلَی الْأَقْوَی وَ کمَا ینْتَفِی عَنْهَا الْکفَّارَهُ ینْتَفِی الْقَضَاءُ مُطْلَقًا، (وَلَوْ طَاوَعَتْهُ فَعَلَیهَا) الْکفَّارَهُ وَ التَّعْزِیرُ مِثْلُهُ.

(الْقَوْلُ فِی شُرُوطِهِ)

(الْقَوْلُ فِی شُرُوطِهِ)

أَی: شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ، وَ شُرُوطِ صِحَّتِهِ، (وَیعْتَبَرُ فِی الْوُجُوبِ الْبُلُوغُ وَ الْعَقْلُ) فَلَا یجِبُ عَلَی الصَّبِی وَ الْمَجْنُونِ وَ الْمُغْمَی عَلَیهِ، و أمّا السَّکرَانُ فَبِحُکمِ الْعَاقِلِ فِی الْوُجُوبِ، لَا الصِّحَّهِ، (وَالْخُلُوُّ مِنْ الْحَیضِ وَ النِّفَاسِ وَ السَّفَرُ) الْمُوجِبِ لِلْقَصْرِ، فَیجِبُ عَلَی کثِیرِهِ، وَ الْعَاصِی بِهِ، وَ نَحْوِهِمَا، و أمّا نَاوِی الْإِقَامَهَ عَشْرًا، و من مَضَی عَلَیهِ ثَلَاثُونَ یوْمًا مُتَرَدِّدًا، فَفِی مَعْنَی الْمُقِیمِ، (وَ) یعْتَبَرُ (فِی الصِّحَّهِ التَّمْییزُ)، و أن لَمْ یکنْ مُکلَّفًا، وَ یعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ صَوْمَ الْمُمَیزِ صَحِیحٌ فَیکونُ شَرْعِیا، وَ بِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ، وَ یمْکنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصِّحَّهَ مِنْ أَحْکامِ الْوَضْعِ فَلَا یقْتَضِی الشَّرْعِیهَ،

وَ الْأَوْلَی کوْنُهُ تَمْرِینِیا، لَا شَرْعِیا، وَ یمْکنُ مَعَهُ الْوَصْفُ بِالصِّحَّهِ کمَا ذَکرْنَاهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، حَیثُ نَفَی الْأَمْرَینِ، أَمَّا الْمَجْنُونُ فَینْتَفِیانِ فِی حَقِّهِ؛ لِانْتِفَاءِ التَّمْییزِ، وَ التَّمْرِینُ فَرْعُهُ، وَ یشْکلُ ذَلِک فِی بَعْضِ الْمَجَانِینِ؛ لِوُجُودِ التَّمْییزِ فِیهِمْ.

(وَالْخُلُوُّ مِنْهُمَا) مِنْ الْحَیضِ وَ النِّفَاسِ، وَ کذَا یعْتَبَرُ فِیهِمَا الْغُسْلُ بَعْدَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، فَکانَ عَلَیهِ أَنْ یذْکرَهُ، إذْ الْخُلُوُّ مِنْهُمَا لَا یقْتَضِیهِ، کمَا لَمْ یقْتَضِهِ فِی شَرْطِ الْوُجُوبِ إذْ الْمُرَادُ بِهِمَا فِیهِ نَفَسُ الدَّمِ؛ لِوُجُوبِهِ عَلَی الْمُنْقَطِعَهِ، و أن لَمْ تَغْتَسِلْ، (وَمِنْ الْکفْرِ)، فَإِنَّ الْکافِرَ یجِبُ عَلَیهِ الصَّوْمُ کغَیرِهِ، و لکن لَا یصِحُّ مِنْهُ مَعَهُ.

(وَیصِحُّ مِنْ الْمُسْتَحَاضَهِ، إذَا فَعَلَتْ الْوَاجِبَ مِنْ الْغُسْلِ) النَّهَارِی، و أن کانَ وَاحِدًا بِالنِّسْبَهِ إلَی الصَّوْمِ الْحَاضِرِ، أَوْ مُطْلَقَ الْغُسْلِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُقْبِلِ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ کوْنَهُ مُطْلَقًا شَرْطًا فِیهِ مُطْلَقًا، نَظَرًا إلَی إطْلَاقِ النَّصِّ وَ الْأَوَّلُ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْعِشَاءَینِ لَا یجِبُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْیوْمِ فَلَا یکونُ شَرْطًا فِی صِحَّتِهِ، نَعَمْ هُوَ شَرْطٌ فِی الْیوْمِ الْآتِی، وَ یدْخُلُ فِی غُسْلِ الصُّبْحِ لَوْ اجْتَمَعَا.

(وَمِنْ الْمُسَافِرِ فِی دَمِ الْمُتْعَهِ) بِالنِّسْبَهِ إلَی الثَّلَاثَهِ، لَا السَّبْعَهِ، (وَبَدَلِ الْبَدَنَهِ) و هو ثَمَانِیهَ عَشَرَ یوْمًا لِلْمُفِیضِ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَامِدًا، (وَالنَّذْرُ الْمُقَیدُ بِهِ) أَی: بِالسَّفَرِ إمَّا بِأَنْ نَذَرَهُ سَفَرًا، أَوْ سَفَرًا وَ حَضَرًا، و أن کانَ النَّذْرُ فِی حَالِ السَّفَرِ، لَا إذَا أَطْلَقَ، و أن کانَ الْإِطْلَاقُ یتَنَاوَلُ السَّفَرَ، إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْصِیصِهِ بِالْقَصْدِ مُنْفَرِدًا، أَوْ مُنْضَمًّا، خِلَافًا لِلْمُرْتَضَی رَحِمَهُ اللَّهُ حَیثُ اکتَفَی بِالْإِطْلَاقِ لِذَلِک، وَ لِلْمُفِیدِ حَیثُ جَوَّزَ صَوْمَ الْوَاجِبِ مُطْلَقًا عَدَا شَهْرِ رَمَضَانَ، (قِیلَ) وَ الْقَائِلُ ابْنَا بَابَوَیهِ: (وَجَزَاءُ الصَّیدِ) و هو ضَعِیفٌ، لِعُمُومِ النَّهْی؛ وَ عَدَمِ مَا یصْلُحُ لِلتَّخْصِیصِ.

(وَیمَرَّنُ الصَّبِی)، وَ

کذَا الصَّبِیهُ عَلَی الصَّوْمِ (لِسَبْعٍ) لِیعْتَادَهُ فَلَا یثْقُلُ عَلَیهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ، وَ أَطْلَقَ جَمَاعَهٌ تَمْرِینَهُ قَبْلَ السَّبْعِ، وَ جَعَلُوهُ بَعْدَ السَّبْعِ مُشَدَّدًا (وَقَالَ ابْنَا بَابَوَیهِ وَ الشَّیخُ) فِی النِّهَایهِ یمَرَّنُ (لِتِسْعٍ)، وَ الْأَوَّلُ أَجْوَدُ، و لکن یشَدَّدُ لِلتِّسْعِ، و لو أَطَاقَ بَعْضَ النَّهَارِ خَاصَّهً فَعَلَ، وَ یتَخَیرُ بَینَ نِیهِ الْوُجُوبِ وَ النَّدْبِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْرِینُ عَلَی فِعْلِ الْوَاجِبِ، ذَکرَهُ الْمُصَنِّفُ و غیرهُ، و أن کانَ النَّدْبُ أَوْلَی.

(وَالْمَرِیضُ یتْبَعُ ظَنَّهُ) فَإِنْ ظَنَّ الضَّرَرَ بِهِ أَفْطَرَ، وَ الا صَامَ، و إنّما یتْبَعُ ظَنَّهُ فِی الْإِفْطَارِ، أَمَّا الصَّوْمُ فَیکفِی فِیهِ اشْتِبَاهُ الْحَالِ، وَ الْمَرْجِعُ فِی الظَّنِّ إلَی مَا یجِدُهُ و لو بِالتَّجْرِبَهِ فِی مِثْلِهِ سَابِقًا، أَوْ بِقَوْلِ مَنْ یفِیدُ قَوْلُهُ الظَّنَّ و لو کانَ کافِرًا، وَ لَا فَرْقَ فِی الضَّرَرِ بَینَ کوْنِهِ لِزِیادَهِ الْمَرَضِ، وَ شِدَّهِ الْأَلَمِ بِحَیثُ لَا یتَحَمَّلُ عَادَهً، وَ بُطْءِ بُرْئِهِ، وَ حَیثُ یحْصُلُ الضَّرَرُ و لو بِالظَّنِّ لَا یصِحُّ الصَّوْمُ، لِلنَّهْی عَنْهُ (فَلَوْ تَکلَّفَهُ مَعَ ظَنِّ الضَّرَرِ قَضَی).

(وَتَجِبُ فِیهِ النِّیهُ) وَ هِی: الْقَصْدُ إلَی فِعْلِهِ (الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی الْوَجْهِ) مِنْ وُجُوبٍ، أَوْ نَدْبٍ، (وَالْقُرْبَهِ) أَمَّا الْقُرْبَهُ فَلَا شُبْهَهَ فِی وُجُوبِهَا، و أمّا الْوَجْهُ فَفِیهِ مَا مَرَّ، خُصُوصًا فِی شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَی وَجْهَینِ، (وَتُعْتَبَرُ) النِّیهُ (لِکلِّ لَیلَهٍ) أَی: فِیهَا، (وَالْمُقَارَنَهُ بِهَا) لِطُلُوعِ الْفَجْرِ (مُجْزِئَهٌ) عَلَی الْأَقْوَی إنْ اتَّفَقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِی النِّیهِ مُفَارَقَتُهَا لِلْعِبَادَهِ الْمَنْوِیهِ، و إنّما اُغْتُفِرَتْ هُنَا لِلْعُسْرِ، وَ ظَاهِرُ جَمَاعَهٍ تَحَتُّمُ إیقَاعَهَا لَیلًا.

وَ لَعَلَّهُ لِتَعَذُّرِ الْمُقَارَنَهِ، فَإِنَّ الطُّلُوعَ لَا یعْلَمُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ، فَتَقَعُ النِّیهُ بَعْدَهُ، و ذلک غَیرُ الْمُقَارَنَهِ الْمُعْتَبَرَهِ فِیهَا، وَ ظَاهِرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ النِّیهَ لِلْفِعْلِ الْمُسْتَغْرِقِ لِلزَّمَانِ الْمُعَینِ یکونُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ، لَا قَبْلَهُ؛ لِتَعَذُّرِهِ کمَا ذَکرْنَاهُ، وَ مِمَّنْ

صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ فِی نِیاتِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، کالْوُقُوفِ بِعَرَفَهَ، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا مُقَارِنَهً لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَیکونُ هُنَا کذَلِک، و أن کانَ الْأَحْوَطُ جَعْلَهَا لَیلًا؛ لِلِاتِّفَاقِ عَلَی جَوَازِهَا فِیهِ.

(وَالنَّاسِی لَهَا) لَیلًا (یجَدِّدُهَا إلَی الزَّوَالِ) بِمَعْنَی أَنَّ وَقْتَهَا یمْتَدُّ إلَیهِ، و لکن یجِبُ الْفَوْرُ بِهَا عِنْدَ ذِکرِهَا، فَلَوْ أَخَّرَهَا عَنْهُ عَامِدًا بَطَلَ الصَّوْمُ، هَذَا فِی شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ الصَّوْمِ الْمُعَینِ.

أَمَّا غَیرُهُ کالْقَضَاءِ وَ الْکفَّارَهِ وَ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ فَیجُوزُ تَجْدِیدُهَا قَبْلَ الزَّوَال، و أن تَرَکهَا قَبْلَهُ عَامِدًا، بَلْ و لو نَوَی الْإِفْطَارَ، و أمّا صَوْمُ النَّافِلَهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ کذَلِک، وَ قِیلَ: بِامْتِدَادِهَا فِیهِ إلَی الْغُرُوبِ، و هو حَسَنٌ، وَ خِیرَهُ الْمُصَنِّفِ [فِی الدُّرُوسِ].

(وَالْمَشْهُورُ بَینَ الْقُدَمَاءِ الِاکتِفَاءُ بِنِیهٍ وَاحِدَهٍ لِلشَّهْرِ) شَهْرِ رَمَضَانَ، (وَادَّعَی الْمُرْتَضَی) فِی الْمَسَائِلِ (الرَّسِّیه فِیهِ الْإِجْمَاعَ)، وَ کذَا ادَّعَاهُ الشَّیخُ [رَحِمَهُ اللَّهُ]، وَ وَافَقَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِینَ الْمُحَقِّقُ فِی الْمُعْتَبَرِ، وَ الْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ، اسْتِنَادًا إلَی أَنَّهُ عِبَادَهٌ وَاحِدَهٌ، (وَالْأَوَّلُ) و هو إیقَاعُهَا لِکلِّ لَیلَهٍ (أَوْلَی)، و هذا یدُلُّ عَلَی اخْتِیارِهِ الِاجْتِزَاءَ بِالْوَاحِدَهِ، وَ بِهِ صَرَّحَ أَیضًا فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ، و فی الکتَابَینِ اخْتَارَ التَّعَدُّدَ.

وَ فِی أَوْلَوِیهِ تَعَدُّدِهَا عِنْدَ الْمُجْتَزِئِ بِالْوَاحِدَهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ عِبَادَهً وَاحِدَهً یقْتَضِی عَدَمَ جَوَازِ تَفْرِیقِ النِّیهِ عَلَی أَجْزَائِهَا، خُصُوصًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَطَعَ بِعَدَمِ جَوَازِ تَفْرِیقِهَا عَلَی أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، و أن نَوَی الِاسْتِبَاحَهَ الْمُطْلَقَهَ، فَضْلًا عَنْ نِیتِهَا لِذَلِک الْعُضْوِ.

نَعَمْ مَنْ فَرَّقَ بَینَ الْعِبَادَاتِ، وَ جَعَلَ بَعْضَهَا مِمَّا یقْبَلُ الِاتِّحَادَ وَ التَّعَدُّدَ کمُجَوِّزِ تَفْرِیقِهَا فِی الْوُضُوءِ یأْتِی عِنْدَهُ هُنَا الْجَوَازُ، مِنْ غَیرِ أَوْلَوِیهٍ؛ لِأَنَّهَا تُنَاسِبُ الِاحْتِیاطَ، و هو مَنْفِی، و إنّما الِاحْتِیاطُ هُنَا الْجَمْعُ، بَینَ نِیهِ الْمَجْمُوعِ، وَ النِّیهِ لِکلِّ یوْمٍ، و مثله یأْتِی عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِی غُسْلِ الْأَمْوَاتِ، حَیثُ اجْتَزَأَ

فِی الثَّلَاثَهِ بِنِیهٍ وَاحِدَهٍ لَوْ أَرَادَ الِاحْتِیاطَ بِتَعَدُّدِهَا لِکلِّ غُسْلٍ، فَإِنَّهُ لَا یتِمُّ إلَّا بِجَمْعِهَا ابْتِدَاءً.

ثُمَّ النِّیهُ لِلْآخَرَینِ.

(وَیشْتَرَطُ فِی مَا عَدَا شَهْرَ رَمَضَانَ التَّعْیینُ)؛ لِصَلَاحِیهِ الزَّمَانِ، و لو بِحَسَبِ الْأَصْلِ لَهُ، وَ لِغَیرِهِ، بِخِلَافِ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِتَعَینِهِ شَرْعًا لِلصَّوْمِ فَلَا اشْتِرَاک فِیهِ حَتَّی یتَمَیزَ بِتَعَینِهِ، وَ شَمِلَ مَا عَدَاهُ النَّذْرَ الْمُعَینَ.

وَ وَجْهُ دُخُولِ مَا أَشَرْنَا إلَیهِ مِنْ عَدَمِ تَعَینِهِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَ الْأَقْوَی إلْحَاقُهُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، إلْحَاقًا لِلتَّعْیینِ الْعَرَضِی بِالْأَصْلِی؛ لِاشْتِرَاکهَا فِی حُکمِ الشَّارِعِ بِهِ، وَ رَجَّحَهُ فِی الْبَیانِ، وَ اَلحَقَ بِهِ النَّدْبَ الْمُعَینَ کأَیامِ الْبِیضِ، وَ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ مُطْلَقُ الْمَنْدُوبِ؛ لِتَعَینِهِ شَرْعًا فِی جَمِیعِ الْأَیامِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَی، فَیکفِی نِیهُ الْقُرْبَهِ، و هو حَسَنٌ.

وَ إِنَّمَا یکتَفَی فِی شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَدَمِ تَعْیینِهِ بِشَرْطِ أَلَّا یعَینَ غَیرُهُ، وَ الا بَطَلَ فِیهِمَا عَلَی الْأَقْوَی؛ لِعَدَمِ نِیهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا؛ وَ عَدَمِ وُقُوعِ غَیرِهِ فِیهِ، هَذَا مَعَ الْعِلْمِ، أَمَّا مَعَ الْجَهْلِ بِهِ کصَوْمِ آخِرِ شَعْبَانَ بِنِیهِ النَّدْبِ، أَوْ النِّسْیانِ فَیقَعُ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.

(وَ یعْلَمُ) شَهْرُ رَمَضَانَ (بِرُؤْیهِ الْهِلَالِ)

(وَیعْلَمُ) شَهْرُ رَمَضَانَ (بِرُؤْیهِ الْهِلَالِ)

فَیجِبُ عَلَی مَنْ رَآهُ، و أن لَمْ یثْبُتْ فِی حَقِّ غَیرِهِ، (أَوْ شَهَادَهِ عَدْلَینِ) بِرُؤْیتِهِ مُطْلَقًا، (أَوْ شِیاعٍ) بِرُؤْیتِهِ و هو إخْبَارُ جَمَاعَهٍ بِهَا تَأْمَنُ النَّفْسُ مِنْ تَوَاطُئِهِمْ عَلَی الْکذِبِ، وَ یحْصُلُ بِخَبَرِهِمْ الظَّنُّ الْمُتَاخِمُ لِلْعِلْمِ، وَ لَا ینْحَصِرُ فِی عَدَدٍ.

نَعَمْ یشْتَرَطُ زِیادَتُهُمْ عَنْ اثْنَینِ؛ لِیفَرَّقَ بَینَ الْعَدْلِ و غیرهِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ الْکبِیرِ وَ الصَّغِیرِ وَ الذَّکرِ وَ الْأُنْثَی، وَ الْمُسْلِمِ وَ الْکافِرِ، وَ لَا بَینَ هِلَالِ رَمَضَانَ و غیرهِ، وَ لَا یشْتَرَطُ حُکمُ الْحَاکمِ فِی حَقّ مَنْ عَلِمَ بِهِ، أَوْ سَمِعَ الشَّاهِدَینِ، (أَوْ مُضِی ثَلَاثِینَ) یوْمًا (مِنْ شَعْبَانَ لَا) بِالشَّاهِدِ (الْوَاحِدِ فِی أَوَّلِهِ)، خِلَافًا لِسَلَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَیثُ

اکتَفَی بِهِ فِیهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الصَّوْمِ خَاصَّهً، فَلَا یثْبُتُ لَوْ کانَ مُنْتَهَی أَجَلِ دَینٍ أَوْ عِدَّهٍ، أَوْ مُدَّهِ ظِهَارٍ وَ نَحْوِهِ، نَعَمْ یثْبُتُ هِلَالُ شَوَّالٍ بِمُضِی ثَلَاثِینَ یوْمًا مِنْهُ تَبَعًا، و أن لَمْ یثْبُتْ أَصَالَهً بِشَهَادَتِهِ.

(وَلَا یشْتَرَطُ الْخَمْسُونَ مَعَ الصَّحْوِ) کمَا ذَهَبَ إلَیهِ بَعْضُهُمْ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ حُمِلَتْ عَلَی عَدَمِ الْعِلْمِ بِعَدَالَتِهِمْ، وَ تَوَقُّفُ الشِّیاعِ عَلَیهِمْ؛ لِلتُّهْمَهِ کمَا یظْهَرُ مِنْ الرِّوَایهِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مَعَ الصَّحْوِ إذَا رَآهُ رَآهُ جَمَاعَهٌ غَالِبًا.

(وَلَا عِبْرَهَ بِالْجَدْوَلِ)، و هو حِسَابٌ مَخْصُوصٌ مَأْخُوذٌ مِنْ تَسْییرِ الْقَمَرِ، وَ مَرْجِعُهُ إلَی عَدِّ شَهْرٍ تَامًّا وَ شَهْرٍ نَاقِصًا، فِی جَمِیعِ أَیامِ السَّنَهِ مُبْتَدِئًا بِالتَّامِّ مِنْ الْمُحَرَّمِ؛ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ شَرْعًا، بَلْ ثُبُوتُ مَا ینَافِیهِ؛ وَ مُخَالَفَتِهِ مَعَ الشَّرْعِ لِلْحِسَابِ أَیضًا؛ لِاحْتِیاجِ تَقْییدِهِ به غیر السَّنَهِ الْکبِیسَهِ، أَمَّا فِیهَا فَیکونُ ذُو الْحِجَّهِ تَامًّا.

(وَالْعَدَدُ) و هو عَدُّ شَعْبَانَ نَاقِصًا أَبَدًا، وَ رَمَضَانَ تَامًّا أَبَدًا وَ بِهِ فَسَّرَهُ فِی الدُّرُوسِ، وَ یطْلَقُ عَلَی عَدِّ خَمْسَهٍ مِنْ هِلَالِ الْمَاضِی، وَ جَعْلِ الْخَامِسِ أَوَّلَ الْحَاضِرِ، و علی عَدِّ شَهْرٍ تَامًّا، وَ آخَرَ نَاقِصًا مُطْلَقًا، و علی عَدِّ تِسْعَهٍ وَ خَمْسِینَ مِنْ هِلَالِ رَجَبٍ، و علی عَدِّ کلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِینَ، وَ الْکلُّ لَا عِبْرَهَ بِهِ.

نَعَمْ اعْتَبَرَهُ بِالْمَعْنَی الثَّانِی جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ مَعَ غُمَّهِ الشُّهُورِ کلِّهَا مُقَیدًا بِعَدِّ سَنَهٍ فِی الْکبِیسَهِ، و هو مُوَافِقٌ لِلْعَادَهِ وَ بِهِ رِوَایاتٌ، وَ لَا بَأْسَ بِهِ.

أَمَّا لَوْ غُمَّ شَهْرٌ وَ شَهْرَانِ خَاصَّهً، فَعَدُّهُمَا ثَلَاثِینَ أَقْوَی، وَ فِیمَا زَادَ نَظَرٌ.

مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَ الظَّاهِرِ، وَ ظَاهِرُ الْأُصُولِ تَرْجِیحُ الْأَصْلِ.

(وَالْعُلُوُّ)، و أن تَأَخَّرَتْ غَیبُوبَتِهِ إلَی بَعْدَ الْعِشَاءِ، (وَالِانْتِفَاخُ) و هو عِظَمُ جِرْمِهِ الْمُسْتَنِیرِ حَتَّی رُئِی بِسَبَبِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ رُئِی رَأْسُ الظِّلِّ فِیهِ، لَیلَهَ رُؤْیتِهِ.

(وَالتَّطَوُّقُ) بِظُهُورِ

النُّورِ فِی جِرْمِهِ مُسْتَدِیرًا، خِلَافًا لِبَعْضٍ، حَیثُ حَکمَ فِی ذَلِک بِکوْنِهِ اللَّیلَهَ الْمَاضِیهَ (وَالْخَفَاءُ لَیلَتَینِ) فِی الْحُکمِ بِهِ بَعْدَهُمَا، خِلَافًا؛ لِمَا رُوِی فِی شَوَاذِّ الْأَخْبَارِ مِنْ اعْتِبَارِ ذَلِک کلِّهِ. (وَالْمَحْبُوسُ) بِحَیثُ غُمَّتْ عَلَیهِ الشُّهُورُ (یتَوَخَّی) أَی: یتَحَرَّی شَهْرًا یغْلِبُ (عَلَی ظَنِّهِ) أَنَّهُ هُوَ، فَیجِبُ عَلَیهِ صَوْمُهُ (فَإِنْ وَافَقَ)، أَوْ ظَهَرَ مُتَأَخِّرًا، أَوْ اسْتَمَرَّ الِاشْتِبَاهُ (أَجْزَأَ، و أن ظَهَرَ التَّقَدُّمُ أَعَادَ)، وَ یلْحَقُ مَا ظَنَّهُ حُکمَ الشَّهْرِ فِی وُجُوبِ الْکفَّارَهِ فِی إفْسَادِ یوْمٍ مِنْهُ، و وجوب مُتَابَعَتِهِ وَ إِکمَالِهِ ثَلَاثِینَ، لَوْ لَمْ یرَ الْهِلَالَ، وَ أَحْکامِ الْعِیدِ بَعْدَهُ مِنْ الصَّلَاهِ وَ الْفِطْرَهِ، و لو لَمْ یظُنَّ شَهْرًا تَخَیرَ فِی کلِّ سَنَهٍ شَهْرًا مُرَاعِیا لِلْمُطَابَقَهِ بَینَ الشَّهْرَینِ (وَالْکفُّ) عَنْ الْأُمُورِ السَّابِقَهِ، (وَقْتَهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِی إلَی ذَهَابِ الْحُمْرَهِ الْمَشْرِقِیهِ) فِی الْأَشْهَرِ. (وَلَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ) بَلَدَهُ، أَوْ مَا نَوَی فِیهِ الْإِقَامَهَ عَشْرًا، سَابِقَهً عَلَی الدُّخُولِ، أَوْ مُقَارِنَهً، أَوْ لَاحِقَهً قَبْلَ الزَّوَالِ، وَ یتَحَقَّقُ قُدُومُهُ بِرُؤْیهِ الْجِدَارِ، أَوْ سَمَاعِ الْأَذَانِ فِی بَلَدِهِ، و ما نَوَی فِیهِ الْإِقَامَهَ قَبْلَهُ، أَمَّا لَوْ نَوَی بَعْدَهُ فَمِنْ حِینِ النِّیهِ، (أَوْ بَرِئَ الْمَرِیضُ قَبْلَ الزَّوَالِ) ظَرْفٌ لِلْقُدُومِ وَ الْبُرْءِ، (وَلَمْ یتَنَاوَلَا شَیئًا) مِنْ مُفْسِدِ الصَّوْمِ (أَجْزَأَهُمَا الصَّوْمُ)، بَلْ وَجَبَ عَلَیهِمَا، (بِخِلَافِ الصَّبِی) إذَا بَلَغَ بَعْدَ الْفَجْرِ، (وَالْکافِرِ) إذَا أَسْلَمَ بَعْدَهُ (وَالْحَائِضِ، وَ النُّفَسَاءِ) إذَا طَهُرَتَا.

(وَالْمَجْنُونِ وَ الْمُغْمَی عَلَیهِ، فَإِنَّهُ یعْتَبَرُ زَوَالُ الْعُذْرِ) فِی الْجَمِیعِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) فِی صِحَّتِهِ و وجوبهِ، و أن اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِمْسَاک بَعْدَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا یسَمَّی صَوْمًا

(وَیقْضِیهِ) أَی: صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ

(وَیقْضِیهِ) أَی: صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ

(کلُّ تَارِک لَهُ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، أَوْ لِعُذْرٍ) مِنْ سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، و غیرهِمَا، (إلَّا الصَّبِی وَ الْمَجْنُونَ) إجْمَاعًا، (وَالْمُغْمَی عَلَیهِ) فِی الْأَصَحِّ، (وَالْکافِرَ الْأَصْلِی)، أَمَّا الْعَارِضِی کالْمُرْتَدِّ

فَیدْخُلُ فِی الْکلِّیهِ، وَ لَا بُدَّ مِنْ تَقْییدِهَا بِعَدَمِ قِیامِ غَیرِ الْقَضَاءِ مَقَامَهُ؛ لِیخْرُجَ الشَّیخُ وَ الشَّیخَهُ، وَ ذُو الْعِطَاشِ، و من اسْتَمَرَّ بِهِ الْمَرَضُ إلَی رَمَضَانَ آخَرَ فَإِنَّ الْفِدْیهَ تَقُومُ مَقَامَ الْقَضَاءِ.

(وَیسْتَحَبُّ الْمُتَابَعَهُ فِی الْقَضَاءِ)؛ لِصَحِیحَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ؛ (وَرِوَایهِ عَمَّارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ تَتَضَمَّنُ اسْتِحْبَابَ التَّفْرِیقِ)، وَ عَمِلَ بِهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ، لَکنَّهَا تَقْصُرُ عَنْ مُقَاوَمَهِ تِلْک، فَکانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَی، وَ کمَا لَا تَجِبُ الْمُتَابَعَهُ لَا یجِبُ التَّرْتِیبُ، فَلَوْ قَدَّمَ آخِرَهُ أَجْزَأَهُ، و أن کانَ أَفْضَلَ، وَ کذَا لَا تَرْتِیبَ بَینَ الْقَضَاءِ وَ الْکفَّارَهِ، و أن کانَتْ صَوْمًا. مَسَائِلُ

الْأُولَی: (مَنْ نَسِی غُسْلَ الْجَنَابَهِ

الْأُولَی -: (مَنْ نَسِی غُسْلَ الْجَنَابَهِ

قَضَی الصَّلَاهَ وَ الصَّوْمَ فِی الْأَشْهَرِ) أَمَّا الصَّلَاهُ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ، و إنّما الْخِلَافُ فِی الصَّوْمِ، مِنْ حَیثُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ بِالطَّهَارَهِ مِنْ الْأَکبَرِ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ، و من ثَمَّ لَوْ نَامَ جُنُبًا أَوَّلًا فَأَصْبَحَ یصِحُّ صَوْمُهُ، و أن تَعَمَّدَ تَرْکهُ طُولَ النَّهَارِ فَهُنَا أَوْلَی، وَ وَجْهُ الْقَضَاءِ فِیهِ صَحِیحَهُ الْحَلَبِی عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ و غیرهَا، وَ مُقْتَضَی الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَینَ الْیوْمِ وَ الْأَیامِ، وَ جَمِیعِ الشَّهْرِ، وَ فِی حُکمِ الْجَنَابَهِ الْحَیضُ وَ النِّفَاسُ لَوْ نَسِیتْ غُسْلَهُمَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ، وَ فِی حُکمِ رَمَضَانَ الْمَنْذُورُ الْمُعَینُ.

وَ یشْکلُ الْفَرْقُ عَلَی هَذَا بَینَهُ، و بین مَا ذُکرَ مِنْ عَدَمِ قَضَاءِ مَا نَامَ فِیهِ وَ أَصْبَحَ، وَ رُبَّمَا جَمَعَ بَینَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا عَلَی النَّاسِی، وَ تَخْصِیصِ ذَاک بِالنَّائِمِ عَالِمًا عَازِمًا، فَضَعُفَ حُکمُهُ بِالْعَزْمِ، أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَی مَا عَدَا النَّوْعَ الْأَوَّلَ، و لکن لَا یدْفَعُ إطْلَاقُهُمْ، و إنّما هُوَ جَمْعٌ بِحُکمٍ آخَرَ، وَ الْأَوَّلُ أَوْفَقُ بَلْ لَا تَخْصِیصَ فِیهِ لِأَحَدِ النَّصَّینِ؛ لِتَصْرِیحِ ذَاک بِالنَّوْمِ عَامِدًا عَازِمًا، و هذا بِالنَّاسِی.

وَ یمْکنُ الْجَمْعُ أَیضًا

بِأَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الرِّوَایهِ نِسْیانُهُ الْغُسْلَ حَتَّی خَرَجَ الشَّهْرُ، فَیفَرَّقُ بَینَ الْیوْمِ وَ الْجَمِیعِ عَمَلًا بِمَنْطُوقِهِمَا، إلَّا أَنَّهُ یشْکلُ بِأَنَّ قَضَاءَ الْجَمِیعِ یسْتَلْزِمُ قَضَاءَ الْأَبْعَاضِ؛ لِاشْتِرَاکهِمَا فِی الْمَعْنَی، إنْ لَمْ یکنْ أَوْلَی وَ نَسَبَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ إلَی الشُّهْرَهِ دُونَ الْقُوَّهِ، و ما فِی مَعْنَاهَا، إیذَانًا بِذَلِک، فَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ إدْرِیسَ وَ الْمُحَقِّقُ؛ لِهَذَا، أَوْ لِغَیرِهِ.

(وَیتَخَیرُ قَاضِی) شَهْرَ (رَمَضَانَ) بَینَ الْبَقَاءِ عَلَیهِ، وَ الْإِفْطَارِ (مَا بَینَهُ) الضَّمِیرُ یعُودُ إلَی الزَّمَانِ الَّذِی هُوَ ظَرْفُ الْمُکلَّفِ الْمُخَیرِ، وَ مَا: ظَرْفِیهٌ زَمَانِیهٌ أَی: یتَخَیرُ فِی الْمُدَّهِ الَّتِی بَینَهُ حَالَ حَکمْنَا عَلَیهِ بِالتَّخْییرِ (وَبَینَ الزَّوَالِ) حَتَّی لَوْ لَمْ یکنْ هُنَاک بَینَهٌ.

بِأَنْ کانَ فِیهِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَخْییرَ، إذْ لَا مُدَّهَ وَ یمْکنُ عَوْدُهُ إلَی الْفَجْرِ بِدَلَالَهِ الظَّاهِرِ بِمَعْنَی تَخْییرِهِ مَا بَینَ الْفَجْرِ وَ الزَّوَالِ هَذَا مَعَ سَعَهِ وَقْتِ الْقَضَاءِ، أَمَّا لَوْ تَضَیقَ بِدُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ لَمْ یجُزْ الْإِفْطَارُ، وَ کذَا لَوْ ظَنَّ الْوَفَاهَ قَبْلَ فِعْلِهِ، کمَا فِی کلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ، لَکنْ لَا کفَّارَهَ هُنَا بِسَبَبِ الْإِفْطَارِ.

وَ إِنْ وَجَبَتْ الْفِدْیهُ مَعَ تَأْخِیرِهِ عَنْ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ وَ احْتَرَزَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ عَنْ غَیرِهِ، کقَضَاءِ النَّذْرِ الْمُعَینِ، حَیثُ أَخَلَّ بِهِ فِی وَقْتِهِ، فَلَا تَحْرِیمَ فِیهِ، وَ کذَا کلُّ وَاجِبٍ غَیرِ مُعَینٍ کالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَ الْکفَّارَهِ، إلَّا قَضَاءَ رَمَضَانَ، و لو تَعَینَ لَمْ یجُزْ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَ قِیلَ: یحْرُمُ قَطْعُ کلِّ وَاجِبٍ، عَمَلًا بِعُمُومِ النَّهْی عَنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ، وَ مَتَی زَالَتْ الشَّمْسُ حَرُمَ قَطْعُ قَضَائِهِ، (فَإِنْ أَفْطَرَ بَعْدَهُ أَطْعَمَ عَشَرَهَ مَسَاکینَ) کلَّ مِسْکینٍ مُدًّا، أَوْ إشْبَاعَهُ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِطْعَامِ (صَامَ ثَلَاثَهَ أَیامٍ)، وَ یجِبُ الْمُضِی فِیهِ مَعَ إفْسَادِهِ، وَ الظَّاهِرُ تَکرُّرُهَا بِتَکرُّرِ السَّبَبِ کأَصْلِهِ.

الثَّانِیهُ: (الْکفَّارَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَ

الثَّانِیهُ -: (الْکفَّارَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ

، وَ النَّذْرُ

الْمُعَینُ وَ الْعَهْدُ) فِی أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِیهِمَا (عِتْقُ رَقَبَهٍ، أَوْ صِیامُ شَهْرَینِ مُتَتَابِعَینِ، أَوْ إطْعَامُ سِتِّینَ مِسْکینًا)، وَ قِیلَ: هِی مُرَتَّبَهٌ بَینَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ، وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ.

(وَلَوْ أَفْطَرَ عَلَی مُحَرَّمٍ) أَی: أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِهِ (مُطْلَقًا) أَصْلِیا کانَ تَحْرِیمُهُ کالزِّنَا وَ الاسْتِمْنَاءِ، وَ تَنَاوُلِ مَالِ الْغَیرِ به غیر إذْنِهِ، وَ غُبَارِ مَا لَا یجُوزُ تَنَاوُلُهُ، وَ نُخَامَهِ الرَّأْسِ إذَا صَارَتْ فِی الْفَمِ، أَمْ عَارِضِیا کوَطْءِ الزَّوْجَهِ فِی الْحَیضِ، وَ مَالِهِ النَّجِسِ (فَثَلَاثُ کفَّارَاتٍ) و هی أَفْرَادُ الْمُخَیرَهِ سَابِقًا مُجْتَمِعَهً عَلَی أَجْوَدِ الْقَوْلَینِ،؛ لِلرِّوَایهِ الصَّحِیحَهِ عَنْ الرِّضَا عَلَیهِ السَّلَامُ.

وَ قِیلَ: وَاحِدَهٌ کغَیرِهِ، اسْتِنَادًا إلَی إطْلَاقِ کثِیرٍ مِنْ النُّصُوصِ وَ تَقْییدُهَا بِغَیرِهِ طَرِیقُ الْجَمْعِ.

الثَّالِثَهُ: (لَوْ اسْتَمَرَّ الْمَرَضُ)

الثَّالِثَهُ -: (لَوْ اسْتَمَرَّ الْمَرَضُ)

الَّذِی أَفْطَرَ مَعَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ (إلَی رَمَضَانَ آخَرَ فَلَا قَضَاءَ)؛ لِمَا أَفْطَرَهُ، (وَیفْدِی عَنْ کلِّ یوْمٍ بِمُدٍّ) مِنْ طَعَامٍ فِی الْمَشْهُورِ، وَ الْمَرْوِی، وَ قِیلَ: الْقَضَاءُ لَا غَیرُ، وَ قِیلَ: بِالْجَمْعِ، وَ هُمَا نَادِرَانِ، و علی الْمَشْهُورِ لَا تَتَکرَّرُ الْفِدْیهُ بِتَکرُّرِ السِّنِینَ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَ أَکثَرَ، وَ مَحِلُّ الْفِدْیهِ مُسْتَحِقُّ الزَّکاهِ؛ لِحَاجَتِهِ، و أن اتَّحَدَ، وَ کذَا کلُّ فِدْیهٍ، وَ فِی تَعَدِّی الْحُکمِ إلَی غَیرِ الْمَرَضِ، کالسَّفَرِ الْمُسْتَمِرِّ وَجْهَانِ: ، أَجْوَدُهُمَا: وُجُوبُ الْکفَّارَهِ مَعَ التَّأْخِیرِ لَا لِعُذْرٍ، و وجوب الْقَضَاءِ مَعَ دَوَامِهِ.

(وَلَوْ بَرِئَ) بَینَهُمَا، (وَتَهَاوَنَ) فِی الْقَضَاءِ بِأَنْ لَمْ یعْزِمْ عَلَیهِ فِی ذَلِک الْوَقْتِ، أَوْ عَزَمَ فِی السَّعَهِ فَلَمَّا ضَاقَ الْوَقْتُ عَزَمَ عَلَی عَدَمِهِ (فَدَی وَ قَضَی، و لو لَمْ یتَهَاوَنْ) بِأَنْ عَزَمَ عَلَی الْقَضَاءِ فِی السَّعَهِ، وَ أَخَّرَ اعْتِمَادًا عَلَیهَا فَلَمَّا ضَاقَ الْوَقْتُ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ عَنْهُ (قَضَی لَا غَیرُ) فِی الْمَشْهُورِ.

وَ الْأَقْوَی مَا دَلَّتْ عَلَیهِ النُّصُوصُ الصَّحِیحَهُ، مِنْ وُجُوبِ الْفِدْیهِ مَعَ الْقَضَاءِ عَلَی

مَنْ قَدَرَ عَلَیهِ، و لم یفْعَلْ حَتَّی دَخَلَ الثَّانِی سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَیهِ أَمْ لَا، وَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، وَ اکتَفَی ابْنُ إدْرِیسَ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا، عَمَلًا بِالْآیهِ، وَ طَرْحًا لِلرِّوَایهِ عَلَی أَصْلِهِ، و هو ضَعِیفٌ.

الرَّابِعَهُ: (إذَا تَمَکنَ مَنْ الْقَضَاءِ

الرَّابِعَهُ: - (إذَا تَمَکنَ مَنْ الْقَضَاءِ

ثُمَّ مَاتَ، قَضَی عَنْهُ أَکبَرُ وَلَدِهِ الذُّکورِ) و هو مَنْ لَیسَ لَهُ أَکبَرُ مِنْهُ، و أن لَمْ یکنْ لَهُ وَلَدٌ مُتَعَدِّدُونَ مَعَ بُلُوغِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَلَوْ کانَ صَغِیرًا فَفِی الْوُجُوبِ عَلَیهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَوْلَانِ، و لو تَعَدَّدُوا وَ تَسَاوَوْا فِی السِّنِّ اشْتَرَکوا فِیهِ عَلَی الْأَقْوَی فَیقَسَّطُ عَلَیهِمْ بِالسَّوِیهِ، فَإِنْ انْکسَرَ مِنْهُ شَیءٌ فَکفَرْضِ الْکفَایهِ، و لو اخْتَصَّ أَحَدُهُمْ بِالْبُلُوغِ، وَ الْآخَرُ بِکبَرِ السِّنِّ فَالْأَقْرَبُ تَقْدِیمُ الْبَالِغِ، و لو لَمْ یکنْ لَهُ وَلَدٌ بِالْوَصْفِ لَمْ یجِبْ الْقَضَاءُ عَلَی بَاقِی الْأَوْلِیاءِ، و أن کانُوا أَوْلَادًا اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَحِلِّ الْوِفَاقِ، وَ لِلتَّعْلِیلِ بِأَنَّهُ فِی مُقَابِلِ الْحَبْوَهِ.

(وَ قِیلَ: یجِبُ) الْقَضَاءُ (عَلَی الْوَلِی مُطْلَقًا) مِنْ مَرَاتِبِ الْإِرْثِ حَتَّی الزَّوْجَینِ، وَ الْمُعْتَقِ، وَ ضَامِنِ الْجَرِیرَهِ، وَ یقَدَّمُ الْأَکبَرُ مِنْ ذُکورِهِمْ فَالْأَکبَرُ، ثُمَّ الْإِنَاثُ، وَ اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ، وَ لَا رَیبَ أَنَّهُ أَحْوَطُ، و لو مَاتَ الْمَرِیضُ قَبْلَ التَّمَکنِ مِنْ الْقَضَاءِ سَقَطَ.

(وَفِی الْقَضَاءِ عَنْ الْمُسَافِرِ)؛ لِمَا فَاتَهُ مِنْهُ بِسَبَبِ السَّفَرِ (خِلَافٌ أَقْرَبُهُ مُرَاعَاهُ تَمَکنِهِ مِنْ الْمُقَامِ وَ الْقَضَاءِ) و لو بِالْإِقَامَهِ فِی أَثْنَاءِ السَّفَرِ کالْمَرِیضِ، وَ قِیلَ: یقْضَی عَنْهُ مُطْلَقًا؛ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ؛ وَ تَمَکنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ الْمَرِیضِ، و هو مَمْنُوعٌ؛ لِجَوَازِ کوْنِهِ ضَرُورِیا کالسَّفَرِ الْوَاجِبِ، فَالتَّفْصِیلُ أَجْوَدُ.

(وَیقْضِی عَنْ الْمَرْأَهِ وَ الْعَبْدِ) مَا فَاتَهُمَا عَلَی الْوَجْهِ السَّابِقِ کالْحُرِّ؛ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ؛ وَ مُسَاوَاتِهِمَا لِلرَّجُلِ الْحُرِّ فِی کثِیرٍ مِنْ الْأَحْکامِ، وَ قِیلَ: لَا؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ وَ انْتِفَاءِ النَّصِّ الصَّرِیحِ، وَ الْأَوَّلُ

فِی الْمَرْأَهِ أَوْلَی، و فی العَبْدِ أَقْوَی، وَ الْوَلِی فِیهِمَا کمَا تَقَدَّمَ، (وَالْأُنْثَی) مِنْ الْأَوْلَادِ عَلَی مَا اخْتَارَهُ (لَا تَقْضِی)،؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ.

وَ عَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ تَقْضِی مَعَ فَقْدِهِ، (وَ) حَیثُ لَا یکونُ هُنَاک وَلِی، أَوْ لَمْ یجِبْ عَلَیهِ الْقَضَاءُ (یتَصَدَّقُ مِنْ التَّرِکهِ عَنْ کلِّ یوْمٍ بِمُدٍّ) فِی الْمَشْهُورِ، و هذا إذَا لَمْ یوصِ الْمَیتُ بِقَضَائِهِ، وَ الا سَقَطَتْ الصَّدَقَهُ حَیثُ یقْضَی عَنْهُ.

وَ یجُوزُ فِی الشَّهْرَینِ (الْمُتَتَابِعَینِ صَوْمُ شَهْرٍ، وَ الصَّدَقَهُ عَنْ آخَرَ) مِنْ مَالِ الْمَیتِ عَلَی الْمَشْهُورِ، و هذا الْحُکمُ تَخْفِیفٌ عَنْ الْوَلِی بِالِاقْتِصَارِ عَلَی قَضَاءِ الشَّهْرِ، وَ مُسْتَنَدُ التَّخَیرِ رِوَایهٌ فِی سَنَدِهَا ضَعْفٌ، فَوُجُوبُ قَضَاءِ الشَّهْرَینِ أَقْوَی.

وَ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ، فَالصَّدَقَهُ عَنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَ الْقَضَاءُ لِلثَّانِی؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ الرِّوَایهِ، وَ لَا فَرْقَ فِی الشَّهْرَینِ بَینَ کوْنِهِمَا وَاجِبَینِ تَعْیینًا کالْمَنْذُورَینِ، وَ تَخْییرًا ککفَّارَهِ رَمَضَانَ، وَ لَا یتَعَدَّی إلَی غَیرِ الشَّهْرَینِ، وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ لَوْ عَمِلَ بِهِ.

الْخَامِسَهُ: (لَوْ صَامَ الْمُسَافِرُ)

الْخَامِسَهُ: - (لَوْ صَامَ الْمُسَافِرُ)

حَیثُ یجِبُ عَلَیهِ الْقَصْرُ (عَالِمًا أَعَادَ) قَضَاءً؛ لِلنَّهْی الْمُفْسِدِ؛ لِلْعِبَادَهِ، (وَلَوْ کانَ جَاهِلًا) بِوُجُوبِ الْقَصْرِ (فَلَا إعَادَهَ)، و هذا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِی یعْذَرُ فِیهَا جَاهِلُ الْحُکمِ، (وَالنَّاسِی) لِلْحُکمِ، أَوْ لِلْقَصْرِ (یلْحَقُ بِالْعَامِدِ)؛ لِتَقْصِیرِهِ فِی التَّحَفُّظِ.

وَ لَمْ یتَعَرَّضْ لَهُ الْأَکثَرُ مَعَ ذِکرِهِمْ لَهُ فِی قَصْرِ الصَّلَاهِ بِالْإِعَادَهِ فِی الْوَقْتِ خَاصَّهً؛ لِلنَّصِّ وَ اَلذِی ینَاسِبُ حُکمَهَا فِیهِ عَدَمُ الْإِعَادَهِ؛ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ؛ وَ مَنْعِ تَقْصِیرِ النَّاسِی؛ وَ لِرَفْعِ الْحُکمِ عَنْهُ، و أن کانَ مَا ذِکرُهُ أَوْلَی، و لو عَلِمَ الْجَاهِلُ وَ النَّاسِی فِی أَثْنَاءِ النَّهَارِ أَفْطَرَا وَ قَضَیا قَطْعًا.

(وَکلَّمَا قُصِرَتْ الصَّلَاهُ، قُصِرَ الصَّوْمُ)؛ لِلرِّوَایهِ، وَ فَرْقُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ بَینَهُمَا فِی بَعْضِ الْمَوَارِدِ ضَعِیفٌ، (إلَّا أَنَّهُ یشْتَرَطُ فِی) قَصْرِ (الصَّوْمِ الْخُرُوجُ قَبْلَ الزَّوَالِ) بِحَیثُ یتَجَاوَزُ الْحَدَّینِ قَبْلَهُ، وَ

الا أَتَمَّ و أن قَصَرَ الصَّلَاهَ عَلَی أَصَحِّ الْأَقْوَالِ؛ لِدَلَالَهِ النَّصِّ الصَّحِیحِ عَلَیهِ، وَ لَا اعْتِبَارَ بِتَبْییتِ نِیهِ السَّفَرِ لَیلًا.

السَّادِسَهُ: (الشَّیخَانِ) ذَکرًا وَ أُنْثَی

السَّادِسَهُ -: (الشَّیخَانِ) ذَکرًا وَ أُنْثَی

(إذَا عَجَزَا) عَنْ الصَّوْمِ أَصْلًا، أَوْ مَعَ مَشَقَّهٍ شَدِیدَهٍ (فَدَیا) عَنْ کلِّ یوْمٍ (بِمُدٍّ، وَ لَا قَضَاءَ عَلَیهِمَا)؛ لِتَعَذُّرِهِ، و هذا مَبْنِی عَلَی الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ عَجْزَهُمَا عَنْهُ لَا یرْجَی زَوَالُهُ؛ لِأَنَّهُمَا فِی نُقْصَانٍ، وَ الا فَلَوْ فُرِضَ قُدْرَتُهُمَا عَلَی الْقَضَاءِ وَجَبَ.

وَ هَلْ یجِبُ حِینَئِذٍ الْفِدْیهُ مَعَهُ؟ قَطَعَ بِهِ فِی الدُّرُوسِ.

وَ الْأَقْوَی أَنَّهُمَا إنْ عَجَزَا عَنْ الصَّوْمِ أَصْلًا فَلَا فِدْیهَ، وَ لَا قَضَاءَ، و أن أَطَاقَاهُ بِمَشَقَّهٍ شَدِیدَهٍ لَا یتَحَمَّلُ مِثْلُهَا عَادَهً فَعَلَیهِمَا الْفِدْیهُ، ثُمَّ إنْ قَدَرَا عَلَی الْقَضَاءِ وَجَبَ، وَ الْأَجْوَدُ حِینَئِذٍ مَا اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ مِنْ وُجُوبِهَا مَعَهُ،؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْإِفْطَارِ أَوَّلًا بِالنَّصِّ الصَّحِیحِ، وَ الْقَضَاءُ وَجَبَ بِتَجَدُّدِ الْقُدْرَهِ، وَ الْأَصْلُ بَقَاءُ الْفِدْیهِ؛ لِإِمْکانِ الْجَمْعِ؛ وَ لِجَوَازِ أَنْ تَکونَ عِوَضًا عَنْ الْإِفْطَارِ لَا بَدَلًا عَنْ الْقَضَاءِ.

(وَذُو الْعُطَاشِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، و هو دَاءٌ لَا یرْوَی صَاحِبُهُ، وَ لَا یتَمَکنُ مِنْ تَرْک شُرْبِ الْمَاءِ طُولَ النَّهَارِ (الْمَأْیوسُ مِنْ بُرْئِهِ کذَلِک) یسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ، وَ یجِبُ عَلَیهِ الْفِدْیهُ عَنْ کلِّ یوْمٍ بِمُدٍّ، (وَلَوْ بَرِئَ قَضَی)، و إنّما ذَکرَهُ هُنَا؛ لِإِمْکانِهِ حَیثُ إنَّ الْمَرَضَ مِمَّا یمْکنُ زَوَالُهُ عَادَهً، بِخِلَافِ الْهَرَمِ.

وَ هَلْ یجِبُ مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْیهُ الْمَاضِیهُ؟ الْأَقْوَی ذَلِک، بِتَقْرِیبِ مَا تَقَدَّمَ وَ بِهِ قَطَعَ فِی الدُّرُوسِ، وَ یحْتَمَلُ أَنْ یرِیدَ هُنَا الْقَضَاءَ مِنْ غَیرِ فِدْیهٍ، کمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُرْتَضَی وَ احْتَرَزَ بِالْمَأْیوسِ مِنْ بُرْئِهِ عَمَّنْ یمْکنُ بُرْؤُهُ عَادَهً، فَإِنَّهُ یفْطُرُ وَ یجِبُ الْقَضَاءُ حَیثُ یمْکنُ کالْمَرِیضِ مِنْ غَیرِ فِدْیهٍ.

وَ الْأَقْوَی أَنَّ حُکمَهُ کالشَّیخَینِ یسْقُطَانِ عَنْهُ مَعَ الْعَجْزِ رَأْسًا، وَ تَجِبُ الْفِدْیهُ مَعَ

الْمَشَقَّهِ.

السَّابِعَهُ: (الْحَامِلُ الْمُقْرِبُ

السَّابِعَهُ: - (الْحَامِلُ الْمُقْرِبُ

، وَ الْمُرْضِعَهُ الْقَلِیلَهُ اللَّبَنِ) إذَا خَافَتَا عَلَی الْوَلَدِ (تَفْطُرَانِ وَ تَفْدِیانِ) بِمَا تَقَدَّمَ، وَ تَقْضِیانِ مَعَ زَوَالِ الْعُذْرِ، و إنّما لَمْ یذْکرْ الْقَضَاءَ مَعَ الْقَطْعِ بِوُجُوبِهِ؛ لِظُهُورِهِ حَیثُ إنَّ عُذْرَهُمَا آیلٌ إلَی الزَّوَالِ فَلَا تَزِیدَانِ عَنْ الْمَرِیضِ، وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ: وَ تُعِیدَانِ بَدَلَ وَ تَفْدِیانِ، و فیه تَصْرِیحٌ بِالْقَضَاءِ، وَ إِخْلَالٌ بِالْفِدْیهِ، وَ عَکسُهُ أَوْضَحُ؛ لِأَنَّ الْفِدْیهَ لَا تُسْتَفَادُ مِنْ اسْتِنْبَاطِ اللَّفْظِ، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ، و لو کانَ خَوْفُهُمَا عَلَی أَنْفُسِهِمَا فَکالْمَرِیضِ تَفْطُرَانِ وَ تَقْضِیانِ مِنْ غَیرِ فَدِیهٍ، وَ کذَا کلُّ مَنْ خَافَ عَلَی نَفْسِهِ.

وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِک بَینَ الْخَوْفِ؛ لِجُوعٍ وَ عَطَشٍ، وَ لَا فِی الْمُرْتَضِعِ بَینَ کوْنِهِ وَلَدًا مِنْ النَّسَبِ وَ الرَّضَاعِ، وَ لَا بَینَ الْمُسْتَأْجَرَهِ وَ الْمُتَبَرِّعَهِ.

نَعَمْ لَوْ قَامَ غَیرُهَا مَقَامَهَا مُتَبَرِّعًا، أَوْ آخِذًا مِثْلَهَا، أَوْ أَنْقَصَ امْتَنَعَ الْإِفْطَارُ وَ الْفِدْیهُ مِنْ مَالِهِمَا، و أن کانَ لَهُمَا زَوْجٌ وَ الْوَلَدُ لَهُ، وَ الْحُکمُ بِإِفْطَارِهِمَا خَبَرٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ؛ لِدَفْعِهِ الضَّرَرَ. (وَلَا یجِبُ صَوْمُ النَّافِلَهِ بِشُرُوعِهِ) فِیهِ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَ النَّهْی عَنْ قَطْعِ الْعَمَلِ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ الْوَاجِبِ.

(نَعَمْ یکرَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ)؛ لِلرِّوَایهِ الْمُصَرِّحَهِ بِوُجُوبِهِ حِینَئِذٍ الْمَحْمُولَهِ عَلَی تَأَکدِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِقُصُورِهَا عَنْ الْإِیجَابِ سَنَدًا، و أن صَرَّحَتْ بِهِ مَتْنًا، (إلَّا لِمَنْ یدْعَی إلَی طَعَامٍ) فَلَا یکرَهُ لَهُ قَطْعُهُ مُطْلَقًا، بَلْ یکرَهُ الْمُضِی عَلَیهِ، وَ رُوِی أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الصِّیامِ بِسَبْعِینَ ضِعْفًا، وَ لَا فَرْقَ بَینَ مَنْ هَیأَ لَهُ طَعَامًا، و غیرهُ، وَ لَا بَینَ مَنْ یشُقُّ عَلَیهِ الْمُخَالَفَهُ، و غیرهُ نَعَمْ یشْتَرَطُ کوْنُهُ مُؤْمِنًا، وَ الْحِکمَهُ لَیسَتْ مِنْ حَیثُ الْأَکلُ، بَلْ إجَابَهُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِ، وَ عَدَمُ رَدِّ قَوْلِهِ، و إنّما یتَحَقَّقُ الثَّوَابُ عَلَی الْإِفْطَارِ مَعَ قَصْدِ الطَّاعَهِ بِهِ؛

لِذَلِک وَ نَحْوِهِ، لَا بِمُجَرَّدِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَهٌ یتَوَقَّفُ ثَوَابُهَا عَلَی النِّیهِ.

الثَّامِنَهُ: (یجِبُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ) الْوَاجِبِ

الثَّامِنَهُ: - (یجِبُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ) الْوَاجِبِ

(إلَّا أَرْبَعَهً: النَّذْرُ الْمُطْلَقُ) حَیثُ لَا یضِیقُ وَقْتُهُ بِظَنِّ الْوَفَاهِ، أَوْ طُرُوءِ الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ، (وَمَا فِی مَعْنَاهُ) مِنْ الْعَهْدِ وَ الْیمِینِ.

(وَقَضَاءُ) الصَّوْمِ (الْوَاجِبِ مُطْلَقًا) کرَمَضَانَ وَ النَّذْرِ الْمُعَینِ، و أن کانَ الْأَصْلُ مُتَتَابِعًا کمَا یقْتَضِیهِ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ، و هو قَوْلٌ قَوِی، وَ اسْتَقْرَبَ فِی الدُّرُوسِ وُجُوبَ مُتَابَعَتِهِ کالْأَصْلِ، (وَجَزَاءُ الصَّیدِ)، و أن کانَ بَدَلَ النَّعَامَهِ عَلَی الْأَشْهَرِ، (وَالسَّبْعَهُ فِی بَدَلِ الْهَدْی) عَلَی الْأَقْوَی، وَ قِیلَ: یشْتَرَطُ فِیهَا الْمُتَابَعَهُ کالثَّلَاثَهِ، وَ بِهِ رِوَایهٌ حَسَنَهٌ.

(وَکلُّ مَنْ أَخَلَّ بِالْمُتَابَعَهِ) حَیثُ تَجِبُ (لِعُذْرٍ) کحَیضٍ، وَ مَرَضٍ، وَ سَفَرٍ ضَرُورِی (بَنَی عِنْدَ زَوَالِهِ)، إلَّا أَنْ یکونَ الصَّوْمُ ثَلَاثَهَ أَیامٍ فَیجِبُ اسْتِئْنَافُهَا مُطْلَقًا، کصَوْمِ کفَّارَهِ الْیمِینِ، وَ کفَّارَهِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَ ثَلَاثَهِ الِاعْتِکافِ، وَ ثَلَاثَهِ الْمُتْعَهِ، حَیثُ لَا یکونُ الْفَاصِلُ الْعِیدَ بَعْدَ الْیوْمَینِ، (وَلَا لَهُ) أَی: لَا لِعُذْرٍ (یسْتَأْنِفُ إلَّا فِی ثَلَاثَهِ) مَوَاضِعَ (الشَّهْرَینِ الْمُتَتَابِعَینِ) کفَّارَهً وَ نَذْرًا، و ما فِی مَعْنَاهُ (بَعْدَ) صَوْمِ (شَهْرٍ وَ یوْمٍ مِنْ الثَّانِی، و فی الشَّهْرِ) الْوَاجِبِ مُتَتَابِعًا بِنَذْرٍ، أَوْ کفَّارَهٍ عَلَی عَبْدٍ بِظِهَارٍ أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ (بَعْدَ) صَوْمِ (خَمْسَهَ عَشَرَ یوْمًا، وَ فِی ثَلَاثَهِ الْمُتْعَهِ) الْوَاجِبَهِ فِی الْحَجِّ بَدَلًا عَنْ الدَّمِ (بَعْدَ) صَوْمِ (یوْمَینِ ثَالِثُهُمَا الْعِیدُ) سَوَاءٌ عَلِمَ ابْتِدَاءً بِوُقُوعِهِ بَعْدَهُمَا، أَمْ لَا فَإِنَّ التَّتَابُعَ یسْقُطُ فِی بَاقِی الْأَوَّلَینِ مُطْلَقًا، و فی الثَّالِثِ إلَی انْقِضَاءِ أَیامِ التَّشْرِیقِ.

التَّاسِعَهُ: (لَا یفْسُدُ الصِّیامُ بِمَصِّ الْخَاتَمِ)

التَّاسِعَهُ: - (لَا یفْسُدُ الصِّیامُ بِمَصِّ الْخَاتَمِ)

وَ شَبَهِهِ، و أمّا مَصُّ النَّوَاهِ فَمَکرُوهٌ، (وَزَقِّ الطَّائِرِ، وَ مَضْغِ الطَّعَامِ)، وَ ذَوْقِ الْمَرَقِ، و کلّ مَا لَا یتَعَدَّی إلَی الْحَلْقِ، (وَیکرَهُ مُبَاشَرَهُ النِّسَاءِ) به غیر الْجِمَاعِ، إلَّا لِمَنْ لَا یحَرِّک ذَلِک شَهْوَتَهُ، (وَالِاکتِحَالُ بِمَا فِیهِ مِسْک)، أَوْ صَبْرٌ، (وَإِخْرَاجُ الدَّمِ الْمُضْعِفِ، وَ

دُخُولُ الْحَمَّامِ) الْمُضْعِفِ، (وَشَمُّ الرَّیاحِینِ وَ خُصُوصًا النَّرْجِسَ) بِفَتْحِ النُّونِ فَسُکونُ الرَّاءِ فَکسْرِ الْجِیمِ، وَ لَا یکرَهُ الطِّیبُ، بَلْ رُوِی اسْتِحْبَابُهُ لِلصَّائِمِ، و أنّه تُحْفَتُهُ، (وَالِاحْتِقَانُ بِالْجَامِدِ) فِی الْمَشْهُورِ وَ قِیلَ: یحْرُمُ، وَ یجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ، (وَجُلُوسُ الْمَرْأَهِ وَ الْخُنْثَی فِی الْمَاءِ)، وَ قِیلَ: یجِبُ الْقَضَاءُ عَلَیهِمَا بِهِ، و هو نَادِرٌ.

(وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَصِی الْمَمْسُوحَ کذَلِک)؛ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِی قُرْبِ الْمَنْفَذِ إلَی الْجَوْفِ، (وَبَلُّ الثَّوْبِ عَلَی الْجَسَدِ)، دُونَ بَلِّ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ، وَ جُلُوسُ الرَّجُلِ فِیهِ، و أن کانَ أَقْوَی تَبْرِیدًا، (وَالْهَذْرُ) و هو الْکلَامُ به غیر فَائِدَهٍ دِینِیهٍ، وَ کذَا اسْتِمَاعُهُ، بَلْ ینْبَغِی أَنْ یصُمَّ سَمْعَهُ وَ بَصَرَهُ وَ جَوَارِحَهُ بِصَوْمِهِ، إلَّا بِطَاعَهِ اللَّهِ تَعَالَی مِنْ تِلَاوَهِ الْقُرْآنِ، أَوْ ذِکرٍ، أَوْ دُعَاءٍ.

الْعَاشِرَهُ: (یسْتَحَبُّ مِنْ الصَّوْمِ)

الْعَاشِرَهُ: - (یسْتَحَبُّ مِنْ الصَّوْمِ)

عَلَی الْخُصُوصِ (أَوَّلُ خَمِیسٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَ آخِرُ خَمِیسٍ مِنْهُ، وَ أَوَّلُ أَرْبِعَاءَ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ) فَالْمُوَاظَبَهُ عَلَیهَا تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ، وَ تَذْهَبُ بِوَحَرِ الصَّدْرِ و هو وَسْوَسَتُهُ، وَ یخْتَصُّ بِاسْتِحْبَابِ قَضَائِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ، فَإِنْ قَضَاهَا فِی مِثْلِهَا أَحْرَزَ فَضِیلَتَهُمَا.

(وَأَیامُ الْبِیضِ) بِحَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَی: أَیامُ اللَّیالِی الْبِیضِ، و هی الثَّالِثَ عَشَرَ، وَ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ کلِّ شَهْرٍ، سُمِّیتْ بِذَلِک؛ لِبَیاضِ لَیالِیهَا أَجْمَعَ بِضَوْءِ الْقَمَرِ، هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَهِ، وَ رُوِی عَنْ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ و آله و سلَّم { أَنَّ آدَمَ عَلَیهِ السَّلَامُ لَمَّا أَصَابَتْهُ الْخَطِیئَهُ اسْوَدَّ لَوْنُهُ فَأُلْهِمَ صَوْمَ هَذِهِ الْأَیامِ فَابْیضَّ بِکلِّ یوْمٍ ثُلُثُهُ فَسُمِّیتْ بِیضًا؛ لِذَلِک }، و علی هَذَا فَالْکلَامُ جَارٍ عَلَی ظَاهِرِهِ مِنْ غَیرِ حَذْفٍ، (وَمَوْلِدُ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ الهِ)، و هو عِنْدَنَا سَابِعَ عَشَرَ شَهْرَ رَبِیعِ الْأَوَّلِ عَلَی الْمَشْهُورِ، (وَمَبْعَثُهُ وَ یوْمُ الْغَدِیرِ وَ الدَّحْوِ)؛ لِلْأَرْضِ أَی: بَسْطُهَا مِنْ

تَحْتِ الْکعْبَهِ و هو الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ ذِی الْقَعْدَهِ.

(وَعَرَفَهُ لِمَنْ لَا یضْعِفُهُ عَنْ الدُّعَاءِ) الَّذِی هُوَ عَازِمٌ عَلَیهِ فِی ذَلِک الْیوْمِ کمِّیهً وَ کیفِیهً.

وَ یسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الدُّعَاءَ فِی ذَلِک الْیوْمِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ (مَعَ تَحَقُّقِ الْهِلَالِ) فَلَوْ حَصَلَ فِی أَوَّلِهِ الْتِبَاسٌ؛ لِغَیمٍ، أَوْ غَیرِهِ کرِهَ صَوْمُهُ؛ لِئَلَّا یقَعَ فِی صَوْمِ الْعِیدِ.

(وَالْمُبَاهَلَهُ وَ الْخَمِیسُ وَ الْجُمُعَهُ) فِی کلِّ أُسْبُوعٍ، (وَسِتَّهُ أَیامٍ بَعْدَ عِیدِ الْفِطْرِ) به غیر فَصْلٍ مُتَوَالِیهٍ، فَمَنْ صَامَهَا مَعَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَدَلَتْ صِیامَ السَّنَهِ، و فی الخَبَرِ: أَنَّ الْمُوَاظَبَهَ عَلَیهَا تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ، وَ عُلِّلَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ {الصَّدَقَهَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا }، فَیکونُ رَمَضَانُ بِعَشْرَهِ أَشْهُرٍ، وَ السِّتَّهُ بِشَهْرَینِ، و ذلک تَمَامُ السَّنَهِ فَدَوَامُ فِعْلِهَا کذَلِک یعْدِلُ دَهْرَ الصَّائِمِ.

وَ التَّعْلِیلُ، و أن اقْتَضَی عَدَمَ الْفَرْقِ بَینَ فِعْلِهَا مُتَوَالِیهً، وَ مُتَفَرِّقَهً بَعْدَهُ به غیر فَصْلٍ، وَ مُتَأَخِّرَهً، إلَّا أَنَّ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ اعْتِبَارَ الْقَیدِ، فَیکونُ فَضِیلَهً زَائِدَهً عَلَی الْقَدْرِ، و هو إمَّا تَخْفِیفٌ؛ لِلتَّمْرِینِ السَّابِقِ، أَوْ عَوْدٌ إلَی الْعِبَادَهِ؛ لِلرَّغْبَهِ؛ وَ دَفْعِ احْتِمَالِ السَّأَمِ، (وَأَوَّلُ ذِی الْحِجَّهِ) و هو مَوْلِدُ إبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ عَلَیهِ السَّلَامُ وَ بَاقِی الْعَشْرِ غَیرُ الْمُسْتَثْنَی، (وَرَجَبٌ کلُّهُ، وَ شَعْبَانُ کلُّهُ).

الْحَادِیهَ عَشْرَهَ: (یسْتَحَبُّ الْإِمْسَاک بِالنِّیهِ)

الْحَادِیهَ عَشْرَهَ: - (یسْتَحَبُّ الْإِمْسَاک بِالنِّیهِ)

؛ لِأَنَّهَا عِبَادَهٌ (فِی الْمُسَافِرِ وَ الْمَرِیضِ بِزَوَالِ عُذْرِهِمَا بَعْدَ التَّنَاوُلِ)، و أن کانَ قَبْلَ الزَّوَالِ، (أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ)، و أن کانَ قَبْلَ التَّنَاوُلِ، وَ یجُوزُ لِلْمُسَافِرِ التَّنَاوُلُ قَبْلَ بُلُوغِ مَحَلِّ التَّرَخُّصِ، و أن عَلِمَ بِوُصُولِهِ قَبْلَهُ فَیکونُ إیجَابُ الصَّوْمِ مَنُوطًا بِاخْتِیارِهِ کمَا یتَخَیرُ بَینَ نِیهِ الْمُقَامِ الْمُسَوِّغَهِ لِلصَّوْمِ، وَ عَدَمِهَا، وَ کذَا یسْتَحَبُّ الْإِمْسَاک (لِکلِّ مَنْ سَلَفَ مِنْ ذَوِی الْأَعْذَارِ الَّتِی تَزُولُ فِی أَثْنَاءِ النَّهَارِ) مُطْلَقًا کذَاتِ الدَّمِ وَ الصَّبِی، وَ الْمَجْنُونِ

وَ الْمُغْمَی عَلَیهِ، وَ الْکافِرِ یسْلِمُ.

الثَّانِیهَ عَشْرَهَ: (لَا یصُومُ الضَّیفُ بِدُونِ إذْنِ مُضِیفِهِ)

الثَّانِیهَ عَشْرَهَ: - (لَا یصُومُ الضَّیفُ بِدُونِ إذْنِ مُضِیفِهِ)

، و أن جَاءَ نَهَارًا مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ، مَعَ احْتِمَالِهِ مُطْلَقًا، عَمَلًا بِإِطْلَاقِ النَّصِّ، (وَ قِیلَ: بِالْعَکسِ أَیضًا) و هو مَرْوِی لَکنْ قَلَّ مَنْ ذَکرَهُ، (وَلَا الْمَرْأَهُ وَ الْعَبْدُ)، بَلْ مُطْلَقُ الْمَمْلُوک، (بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ وَ الْمَالِک، وَ لَا الْوَلَدُ) و أن نَزَلَ، (بِدُونِ إذْنِ الْوَالِدِ)، و أن عَلَا، وَ یحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْأَدْنَی فَإِنْ صَامَ أَحَدُهُمْ بِدُونِ إذْنٍ کرِهَ.

(وَالْأَوْلَی عَدَمُ انْعِقَادِهِ مَعَ النَّهْی)؛ لِمَا رُوِی مِنْ أَنَّ الضَّیفَ یکونُ جَاهِلًا، وَ الْوَلَدَ عَاقًّا، وَ الزَّوْجَهَ عَاصِیهً، وَ الْعَبْدَ آبِقًا وَ جَعْلُهُ أَوْلَی یؤْذِنُ بِانْعِقَادِهِ، و فی الدُّرُوسِ اسْتَقْرَبَ اشْتِرَاطَ إذْنِ الْوَالِدِ، وَ الزَّوْجِ وَ الْمَوْلَی فِی صِحَّتِهِ، وَ الْأَقْوَی الْکرَاهَهُ بِدُونِ الْإِذْنِ مُطْلَقًا، فِی غَیرِ الزَّوْجَهِ وَ الْمَمْلُوک اسْتِضْعَافًا؛ لِمُسْتَنَدِ الشَّرْطِیهِ، وَ مَأْخَذِ التَّحْرِیمِ، أَمَّا فِیهِمَا فَیشْتَرَطُ الْإِذْنُ، فَلَا ینْعَقِدُ بِدُونِهِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ کوْنِ الزَّوْجِ وَ الْمَوْلَی حَاضِرَینِ، أَوْ غَائِبَینِ، وَ لَا بَینَ أَنْ یضْعِفَهُ عَنْ حَقِّ مَوْلَاهُ، وَ عَدَمِهِ.

الثَّالِثَهَ عَشْرَهَ: (یحْرُمُ صَوْمُ الْعِیدَینِ مُطْلَقًا

الثَّالِثَهَ عَشْرَهَ: - (یحْرُمُ صَوْمُ الْعِیدَینِ مُطْلَقًا

، وَ أَیامِ التَّشْرِیقِ) و هی الثَّلَاثَهُ بَعْدَ الْعِیدِ (لِمَنْ کانَ بِمِنًی) نَاسِکا، أَوْ غَیرَ نَاسِک، (وَقَیدَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ) و هو الْعَلَّامَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ (بِالنَّاسِک) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَهٍ، وَ النَّصُّ مُطْلَقٌ، فَتَقْییدُهُ یحْتَاجُ إلَی دَلِیلٍ، وَ لَا یحْرُمُ صَوْمُهَا عَلَی مَنْ لَیسَ بِمِنًی إجْمَاعًا، و أن أَطْلَقَ تَحْرِیمُهَا فِی بَعْضِ الْعِبَارَاتِ، کالْمُصَنِّفِ [فِی الدُّرُوسِ] فَهُوَ مُرَادٌ مِنْ قَیدٍ، وَ رُبَّمَا لَحِظَ الْمُطْلِقُ أَنَّ جَمْعَهَا کافٍ عَنْ تَقْییدِ کوْنِهَا بِمِنًی؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَهٌ، وَ أَیامُ التَّشْرِیقِ لَا تَکونُ ثَلَاثَهً إلَّا بِمِنًی فَإِنَّهَا فِی غَیرِهَا یوْمَانِ لَا غَیرُ، و هو لَطِیفٌ.

(وَصَوْمُ) یوْمِ (الشَّک) و هو یوْمُ الثَّلَاثِینَ مِنْ شَعْبَانَ

إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْیهِ الْهِلَالِ، أَوْ شَهِدَ بِهِ مَنْ لَا یثْبُتُ بِقَوْلِهِ (بِنِیهِ الْفَرْضِ) الْمَعْهُودِ، و هو رَمَضَانُ، و أن ظَهَرَ کوْنُهُ مِنْهُ؛ لِلنَّهْی، أَمَّا لَوْ نَوَاهُ وَاجِبًا مِنْ غَیرِهِ کالْقَضَاءِ وَ النَّذْرِ لَمْ یحْرُمْ وَ أَجْزَأَ عَنْ رَمَضَانَ، و أمّا بِنِیهِ النَّفْلِ فَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا، و أن لَمْ یصُمْ قَبْلَهُ، (وَلَوْ صَامَهُ بِنِیهِ النَّفْلِ أَجْزَأَ إنْ ظَهَرَ کوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ)، وَ کذَا کلُّ وَاجِبٍ مُعَینٍ فُعِلَ بِنِیهِ النَّدْبِ، مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ؛ وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الدُّرُوسِ.

(وَلَوْ رَدَّدَ) نِیتَهُ یوْمَ الشَّک، بَلْ یوْمَ الثَّلَاثِینَ مُطْلَقًا، بَینَ الْوُجُوبِ إنْ کانَ مِنْ رَمَضَانَ، وَ النَّدْبِ إنْ لَمْ یکنْ (فَقَوْلَانِ: أَقْرَبُهُمَا: الْإِجْزَاءُ)؛ لِحُصُولِ النِّیهِ الْمُطَابِقَهِ لِلْوَاقِعِ، وَ ضَمِیمَهُ الْآخَرِ غَیرُ قَادِحَهٍ؛ لِأَنَّهَا غَیرُ مُنَافِیهٍ؛ وَ لِأَنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِالنَّدْبِ أَجْزَأَ عَنْ رَمَضَانَ إجْمَاعًا، فَالضَّمِیمَهُ الْمُتَرَدِّدُ فِیهَا أَدْخَلُ فِی الْمَطْلُوبِ، وَ وَجْهُ الْعَدَمِ اشْتِرَاطُ الْجَزْمِ فِی النِّیهِ حَیثُ یمْکنُ، و هو هُنَا کذَلِک بِنِیهِ النَّدْبِ، وَ مَنْعُ کوْنِ نِیهِ الْوُجُوبِ أَدْخَلَ عَلَی تَقْدِیرِ الْجَهْلِ، و من ثَمَّ لَمْ یجُزْ لَوْ جَزَمَ بِالْوُجُوبِ فَظَهَرَ مُطَابِقًا.

وَ یشْکلُ بِأَنَّ التَّرَدُّدَ لَیسَ فِی النِّیهِ؛ لِلْجَزْمِ بِهَا عَلَی التَّقْدِیرَینِ، و إنّما هُوَ فِی الْوَجْهِ، و هو عَلَی تَقْدِیرِ اعْتِبَارِهِ أَمْرٌ آخَرُ؛ وَ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِهِ عَلَی کلِّ وَاحِدٍ مِنْ التَّقْدِیرَینِ اللَّازِمَینِ عَلَی وَجْهِ مَنْعِ الْخُلُوِّ، وَ الْفَرْقُ بَینَ الْجَزْمِ بِالْوُجُوبِ، وَ التَّرْدِیدِ فِیهِ النَّهْی عَنْ الْأَوَّلِ شَرْعًا الْمُقْتَضِی لِلْفَسَادِ بِخِلَافِ الثَّانِی.

(وَیحْرُمُ نَذْرُ الْمَعْصِیهِ) بِجَعْلِ الْجَزَاءِ شُکرًا عَلَی تَرْک الْوَاجِبِ، أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ، وَ زَجْرًا عَلَی الْعَکسِ، (وَصَوْمُهُ) الَّذِی هُوَ الْجَزَاءُ؛ لِفَسَادِ الْغَایهِ؛ وَ عَدَمِ التَّقَرُّبِ بِهِ، (وَ) صَوْمُ (الصَّمْتِ) بِأَنْ ینْوِی الصَّوْمَ سَاکتًا فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ فِی شَرْعِنَا، لَا الصَّوْمُ سَاکتًا بِدُونِ جَعْلِهِ وَصْفًا لِلصَّوْمِ بِالنِّیهِ (وَالْوِصَالُ)

بِأَنْ ینْوِی صَوْمَ یوْمَینِ فَصَاعِدًا، لَا یفْصِلُ بَینَهُمَا بِفِطْرٍ أَوْ صَوْمَ یوْمٍ إلَی وَقْتٍ مُتَرَاخٍ عَنْ الْغُرُوبِ، و منه أَنْ یجْعَلَ عَشَاءَهُ سَحُورَهُ بِالنِّیهِ، لَا إذَا أَخَّرَ الْإِفْطَارَ بِغَیرِهَا، أَوْ تَرَکهُ لَیلًا.

(وَصَوْمُ الْوَاجِبِ سَفَرًا) عَلَی وَجْهٍ مُوجِبٍ لِلْقَصْرِ، (سِوَی مَا مَرَّ) مِنْ الْمَنْذُورِ الْمُقَیدِ بِهِ، وَ ثَلَاثَهُ الْهَدْی، وَ بَدَلُ الْبَدَنَهِ، وَ جَزَاءُ الصَّیدِ عَلَی الْقَوْلِ، وَ فُهِمَ مِنْ تَقْییدِهِ بِالْوَاجِبِ جَوَازُ الْمَنْدُوبِ، و هو الَّذِی اخْتَارَهُ فِی غَیرِهِ عَلَی کرَاهِیهٍ، وَ بِهِ رِوَایتَانِ یمْکنُ إثْبَاتُ السُّنَّهِ بِهِمَا.

وَ قِیلَ: یحْرُمُ؛ لِإِطْلَاقِ النَّهْی فِی غَیرِهِمَا، وَ مَعَ ذَلِک یسْتَثْنَی ثَلَاثَهُ أَیامٍ؛ لِلْحَاجَهِ بِالْمَدِینَهِ الْمُشَرَّفَهِ، قِیلَ: وَ الْمَشَاهِدُ کذَلِک.

الرَّابِعَهَ عَشْرَهَ: (یعَزَّرُ مَنْ أَفْطَرَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ

الرَّابِعَهَ عَشْرَهَ: - (یعَزَّرُ مَنْ أَفْطَرَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ

عَامِدًا عَالِمًا) بِالتَّحْرِیمِ، (لَا إنْ أَفْطَرَ؛ لِعُذْرٍ) کسَلَامَهٍ مِنْ غَرَقٍ، وَ إِنْقَاذِ غَرِیقٍ، وَ لِلتُّقْیهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَ آخِرِ رَمَضَانَ وَ أَوَّلِهِ، مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَی مَا یتَأَدَّی بِهِ الضَّرُورَهُ، و لو زَادَ فَکمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، (فَإِنْ عَادَ) إلَی الْإِفْطَارِ ثَانِیا بِالْقَیدَینِ (عُزِّرَ) أَیضًا، (فَإِنْ عَادَ) إلَیهِ ثَالِثًا (بِهِمَا قُتِلَ)، وَ نَسَبَ فِی الدُّرُوسِ قَتْلَهُ فِی الثَّالِثَهِ إلَی مَقْطُوعَهِ سِمَاعَهَ، وَ قِیلَ: یقْتَلُ فِی الرَّابِعَهِ، و هو أَحْوَطُ، و إنّما یقْتَلُ فِیهِمَا مَعَ تَخَلُّلِ التَّعْزِیرِ مَرَّتَینِ، أَوْ ثَلَاثًا، لَا بِدُونِهِ.

(وَلَوْ کانَ مُسْتَحِلًّا)؛ لِلْإِفْطَارِ أَی: مُعْتَقِدًا کوْنَهُ حَلَالًا، وَ یتَحَقَّقُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ (قُتِلَ) بِأَوَّلِ مَرَّهٍ (إنْ کانَ وُلِدَ عَلَی الْفِطْرَهِ) الْإِسْلَامِیهِ بِأَنْ انْعَقَدَ حَالَ إسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَیهِ، (وَاسْتُتِیبَ إنْ کانَ عَنْ غَیرِهَا) فَإِنْ تَابَ وَ الا قُتِلَ.

هَذَا إذَا کانَ ذَکرًا، أَمَّا الْأُنْثَی فَلَا تُقْتَلُ مُطْلَقًا بَلْ تُحْبَسُ وَ تُضْرَبُ أَوْقَاتَ الصَّلَاهِ إلَی أَنْ تَتُوبَ أَوْ تَمُوتَ، و إنّما یکفُرُ مُسْتَحِلُّ الْإِفْطَارِ بِمُجْمَعٍ عَلَی إفْسَادِهِ الصَّوْمَ بَینَ الْمُسْلِمِینَ بِحَیثُ صَارَ ضَرُورِیا کالْجِمَاعِ

وَ الْأَکلِ، وَ الشُّرْبِ الْمُعْتَادَینِ، أَمَّا غَیرُهُ فَلَا عَلَی الْأَشْهَرِ.

وَ فِیهِ لَوْ ادَّعَی الشُّبْهَهَ الْمُمْکنَهَ فِی حَقِّهِ قُبِلَ مِنْهُ، و من هُنَا یعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَهُ الْحُکمَ لَیسَ بِجَیدٍ.

الْخَامِسَهَ عَشْرَهَ: (الْبُلُوغُ الَّذِی یجِبُ مَعَهُ الْعِبَادَهُ الِاحْتِلَامُ)

الْخَامِسَهَ عَشْرَهَ: - (الْبُلُوغُ الَّذِی یجِبُ مَعَهُ الْعِبَادَهُ الِاحْتِلَامُ)

وَ هُوَ خُرُوجُ الْمَنِی مِنْ قُبُلِهِ مُطْلَقًا فِی الذَّکرِ وَ الْأُنْثَی، و من فَرْجَیهِ فِی الْخُنْثَی، (أَوْ الْإِنْبَاتُ)؛ لِلشَّعْرِ الْخَشِنِ عَلَی الْعَانَهِ مُطْلَقًا، (أَوْ بُلُوغُ) أَی: إکمَالُ (خَمْسَ عَشْرَهَ سَنَهً) هِلَالِیهً (فِی الذَّکرِ) وَ الْخُنْثَی، (وَ) إکمَالُ (تِسْعٍ فِی الْأُنْثَی) عَلَی الْمَشْهُورِ، (وَقَالَ) الشَّیخُ (فِی الْمَبْسُوطِ وَ تَبِعَهُ ابْنُ حَمْزَهَ: بُلُوغُهَا) أَی: الْمَرْأَهِ (بِعَشْرٍ، و قال ابْنُ إدْرِیسَ: الْإِجْمَاعُ) وَاقِعٌ (عَلَی التِّسْعِ)، وَ لَا یعْتَدُّ بِخِلَافِهَا؛ لِشُذُوذِهِ وَ الْعِلْمِ بِنَسَبِهِمَا؛ وَ تَقَدُّمِهِ عَلَیهِمَا وَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُمَا، و أمّا الْحَیضُ وَ الْحَمْلُ؛ لِلْمَرْأَهِ فَدَلِیلَانِ عَلَی سَبْقِهِ، و فی الحَاقِ اخْضِرَارِ الشَّارِبِ، وَ إِنْبَاتِ اللِّحْیهِ بِالْعَانَهِ قَوْلٌ قَوِی، وَ یعْلَمُ السِّنُّ بِالْبَینَهِ وَ الشِّیاعِ، لَا بِدَعْوَاهُ، وَ الْإِنْبَاتُ بِهِمَا، وَ بِالِاخْتِبَارِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ الِاضْطِرَارِ إنْ جَعَلْنَا مَحَلَّهُ مِنْ الْعَوْرَهِ، أَوْ بِدُونِهِ عَلَی الْمَشْهُورِ وَ احْتِلَامٌ بِهِمَا، وَ بِقَوْلِهِ، وَ فِی قَبُولِ قَوْلِ الْأَبَوَینِ، أَوْ الْأَبِ فِی السِّنِّ وَجْهٌ.

کتاب الاعتکاف

الاشاره

کتاب الاعتکاف

الِاعْتِکافُ

(وَیلْحَقُ بِذَلِک الِاعْتِکافُ)، و إنّما جَعَلَهُ مِنْ لَوَاحِقِهِ لِاشْتِرَاطِهِ بِهِ وَ اسْتِحْبَابِهِ مُؤَکدًا فِی شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ قِلَّهِ مَبَاحِثِهِ فِی هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَمَّا یلِیقُ بِالْکتَابِ الْمُفْرَدِ، (وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ) اسْتِحْبَابًا مُؤَکدًا (خُصُوصًا فِی الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ)، تَأَسِّیا بِالنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ الهِ، فَقَدْ کانَ یوَاظِبُ عَلَیهِ فِیهَا، تُضْرَبُ لَهُ قُبَّهٌ بِالْمَسْجِدِ مِنْ شَعْرٍ، وَ یطْوِی فِرَاشَهُ، وَفَاتَهُ عَامٌ بِسَبَبِهَا فَقَضَاهَا فِی الْقَابِلِ، فَکانَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ یقُولُ: إنَّ اعْتِکافَهَا یعْدِلُ حَجَّتَینِ وَ عُمْرَتَینِ (وَیشْتَرَطُ) فِی صِحَّتِهِ (الصَّوْمُ) و أن لَمْ یکنْ لِأَجْلِهِ (فَلَا یصِحُّ إلَّا مِنْ مُکلَّفٍ یصِحُّ مِنْهُ الصَّوْمُ، فِی زَمَانٍ یصِحُّ صَوْمُهُ)، وَ اشْتِرَاطُ التَّکلِیفِ فِیهِ مَبْنِی عَلَی أَنَّ عِبَادَهَ الصَّبِی تَمْرِینًا لَیسَتْ

صَحِیحَهً، وَ لَا شَرْعِیهً و قد تَقَدَّمَ مَا یدُلُّ عَلَی صِحَّهِ صَوْمِهِ، و فی الدُّرُوسِ صَرَّحَ بِشَرْعِیتِهِ، فَلْیکنْ الِاعْتِکافُ کذَلِک، أَمَّا فِعْلُهُ مَنْ الْمُمَیزِ تَمْرِینًا فَلَا شُبْهَهَ فِی صِحَّتِهِ کغَیرِهِ (وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَهُ أَیامٍ) بَینَهَا لَیلَتَانِ، فَمَحَلُّ نِیتِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

وَ قِیلَ: یعْتَبِرُ اللَّیالِی فَیکونُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، أَوْ بَعْدَهُ عَلَی مَا تَقَدَّمَ، (وَالْمَسْجِدُ الْجَامِعُ) و هو مَا یجْتَمِعُ فِیهِ أَهْلُ الْبَلَدِ و أن لَمْ یکنْ أَعْظَمَ، لَا نَحْوَ مَسْجِدِ الْقَبِیلَهِ.

(وَالْحَصْرُ فِی الْأَرْبَعَهِ) الْحَرَمَینِ وَ جَامِعِ الْکوفَهِ وَ الْبَصْرَهِ، أَوْ الْمَدَائِنِ بَدَلَهُ، (أَوْ الْخَمْسَهِ) الْمَذْکورَهِ، بِنَاءً عَلَی اشْتِرَاطِ صَلَاهِ نَبِی، أَوْ إمَامٍ فِیهِ (ضَعِیفٌ)؛ لِعَدَمِ مَا یدُلُّ عَلَی الْحَصْرِ، و أن ذَهَبَ إلَیهِ الْأَکثَرُ، (وَالْإِقَامَهُ بِمُعْتَکفِهِ، فَیبْطُلُ) الِاعْتِکافُ (بِخُرُوجِهِ) مِنْهُ و أن قَصَرَ الْوَقْتُ (إلَّا لِضَرُورَهٍ) کتَحْصِیلِ مَأْکولٍ، وَ مَشْرُوبٍ، وَ فِعْلِ الْأَوَّلِ فِی غَیرِهِ لِمَنْ عَلَیهِ فِیهِ غَضَاضَهٌ، وَ قَضَاءِ حَاجَهٍ، وَ اغْتِسَالٍ وَاجِبٍ لَا یمْکنُ فِعْلُهُ فِیهِ، وَ نَحْوِ ذَلِک مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَ لَا یمْکنُ فِعْلُهُ فِی الْمَسْجِدِ، وَ لَا یتَقَدَّرُ مَعَهَا بِقَدَرٍ إلَّا بِزَوَالِهَا نَعَمْ لَوْ خَرَجَ عَنْ کوْنِهِ مُعْتَکفًا بَطَلَ مُطْلَقًا، وَ کذَا لَوْ خَرَجَ نَاسِیا فَطَالَ، وَ الا رَجَعَ حَیثُ ذَکرَ، فَإِنْ أَخَّرَ بَطَلَ.

(أَوْ طَاعَهٍ کعِیادَهِ مَرِیضٍ) مُطْلَقًا، وَ یلْبَثُ عِنْدَهُ بِحَسَبِ الْعَادَهِ لَا أَزْیدَ، (أَوْ شَهَادَهٍ) تَحَمُّلًا وَ إِقَامَهً، إنْ لَمْ یمْکنْ بِدُونِ الْخُرُوجِ، سَوَاءٌ تَعَینَتْ عَلَیهِ، أَمْ لَا، (أَوْ تَشْییعِ مُؤْمِنٍ) و هو تَوْدِیعُهُ، إذَا أَرَادَ سَفَرًا إلَی مَا یعْتَادُ عُرْفًا، وَ قَیدَهُ بِالْمُؤْمِنِ تَبَعًا لِلنَّصِّ، بِخِلَافِ الْمَرِیضِ لِإِطْلَاقِهِ، (ثُمَّ لَا یجْلِسُ لَوْ خَرَجَ، وَ لَا یمْشِی تَحْتَ الظِّلِّ اخْتِیارًا) قَیدَ فِیهِمَا، أَوْ فِی الْأَخِیرِ؛ لِأَنَّ الِاضْطِرَارَ فِیهِ أَظْهَرُ، بِأَنْ لَا یجِدَ طَرِیقًا إلَی مَطْلَبِهِ إلَّا تَحْتَ ظِلٍّ.

وَ

لَوْ وَجَدَ طَرِیقَینِ إحْدَاهُمَا لَا ظِلَّ فِیهَا سَلَکهَا و أن بَعُدَتْ، و لو وَجَدَ فِیهِمَا قَدَّمَ أَقَلَّهُمَا ظِلًّا، و لو اتَّفَقَا قَدْرًا فَالْأَقْرَبُ.

وَ الْمَوْجُودُ فِی النُّصُوصِ هُوَ الْجُلُوسُ تَحْتَ الظِّلَالِ، أَمَّا الْمَشْی فَلَا، و هو الْأَقْوَی و أن کانَ مَا ذَکرَهُ أَحْوَطَ، فَعَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ، لَوْ تَعَارَضَ الْمَشْی فِی الظِّلِّ بِطَرِیقٍ قَصِیرٍ، وَ فِی غَیرِهِ بِطَوِیلٍ قَدَّمَ الْقَصِیرَ، وَ أَوْلَی مِنْهُ لَوْ کانَ الْقَصِیرُ أَطْوَلَهُمَا ظِلًّا، (وَلَا یصَلِّی إلَّا بِمُعْتَکفِهِ) فَیرْجِعُ الْخَارِجُ لِضَرُورَهٍ إلَیهِ، و أن کانَ فِی مَسْجِدٍ آخَرَ أَفْضَلَ مِنْهُ، إلَّا مَعَ الضَّرُورَهِ کضِیقِ الْوَقْتِ، فَیصَلِّیهَا حَیثُ أَمْکنَ، مُقَدِّمًا لِلْمَسْجِدِ مَعَ الْإِمْکانِ، و من الضَّرُورَهِ إلَی الصَّلَاهِ فِی غَیرِهِ إقَامَهُ الْجُمُعَهِ فِیهِ دُونَهُ فَیخْرُجُ إلَیهَا، وَ بِدُونِ الضَّرُورَهِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاهُ أَیضًا؛ لِلنَّهْی (إلَّا فِی مَکهَ) فَیصَلِّی إذَا خَرَجَ لِضَرُورَهٍ بِهَا حَیثُ شَاءَ، وَ لَا یخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ.

(وَیجِبُ الِاعْتِکافُ بِالنَّذْرِ وَ شِبْهِهِ)

(وَیجِبُ الِاعْتِکافُ بِالنَّذْرِ وَ شِبْهِهِ)

مِنْ عَهْدٍ وَ یمِینٍ، وَ نِیابَهٍ عَنْ الْأَبِ إنْ وَجَبَتْ، وَ اسْتِئْجَارٍ عَلَیهِ، وَ یشْتَرَطُ فِی النَّذْرِ، وَ أَخَوَیهِ إطْلَاقُهُ فَیحْمَلُ عَلَی ثَلَاثَهٍ، أَوْ تَقْییدُهُ بِثَلَاثَهٍ فَصَاعِدًا، أَوْ بِمَا لَا ینَافِی الثَّلَاثَهَ، کنَذْرِ یوْمٍ لَا أَزْیدَ.

وَ أَمَّا الْأَخِیرَانِ فَبِحَسَبِ الْمُلْتَزِمِ فَإِنْ قَصَرَ عَنْهَا اشْتَرَطَ إکمَالَهَا فِی صِحَّتِهِ، و لو عَنْ نَفْسِهِ، (وَبِمُضِی یوْمَینِ) و لو مَنْدُوبَینِ فَیجِبُ الثَّالِثُ (عَلَی الْأَشْهَرِ)؛ لِدَلَالَهِ الْأَخْبَارِ عَلَیهِ، (وَفِی الْمَبْسُوطِ) یجِبُ (بِالشُّرُوعِ) مُطْلَقًا، و علی الْأَشْهَرِ یتَعَدَّی إلَی کلِّ ثَالِثٍ عَلَی الْأَقْوَی کالسَّادِسِ وَ التَّاسِعِ لَوْ اعْتَکفَ خَمْسَهً وَ ثَمَانِیهً، وَ قِیلَ: یخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ خَاصَّهً وَ قِیلَ فِی الْمَنْدُوبِ، دُونَ مَا لَوْ نَذَرَ خَمْسَهً فَلَا یجِبُ السَّادِسُ، وَ مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ.

وَ الْفَرْقُ أَنَّ الْیوْمَینِ فِی الْمَنْدُوبِ مُنْفَصِلَانِ عَنْ الثَّالِثِ شَرْعًا، وَ لَمَّا کانَ أَقَلُّهُ

ثَلَاثَهً کانَ الثَّالِثُ هُوَ الْمُتَمِّمَ لِلْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ الْوَاجِبِ، فَإِنَّ الْخَمْسَهَ فِعْلٌ وَاحِدٌ وَاجِبٌ مُتَّصِلٌ شَرْعًا.

وَ إِنَّمَا نَسَبَ الْحُکمَ إلَی الشُّهْرَهِ؛ لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ غَیرُ نَقِی السَّنَدِ، و من ثَمَّ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَی عَدَمِ وُجُوبِ النَّفْلِ مُطْلَقًا. (وَیسْتَحَبُّ) لِلْمُعْتَکفِ (الِاشْتِرَاطُ) فِی ابْتِدَائِهِ؛ لِلرُّجُوعِ فِیهِ عِنْدَ الْعَارِضِ (کالْمُحْرِمِ) فَیرْجِعُ عِنْدَهُ، و أن مَضَی یوْمَانِ، (وَ قِیلَ): یجُوزُ اشْتِرَاطُ الرُّجُوعِ فِیهِ (مُطْلَقًا) فَیرْجِعُ مَتَی شَاءَ، و أن لَمْ یکنْ لِعَارِضٍ، وَ اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ، وَ الْأَجْوَدُ الْأَوَّلُ.

وَ ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ یرْشِدُ إلَیهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ یخْتَصُّ شَرْطُهُ بِالْعَارِضِ، إلَّا أَنْ یجْعَلَ التَّشْبِیهَ فِی أَصْلِ الِاشْتِرَاطِ وَ لَا فَرْقَ فِی جَوَازِ الِاشْتِرَاطِ بَینَ الْوَاجِبِ و غیرهِ، لَکنَّ مَحَلَّهُ فِی الْوَاجِبِ وَقْتُ النَّذْرِ وَ أَخَوَیهِ، لَا وَقْتُ الشُّرُوعِ، وَ فَائِدَهُ الشَّرْطِ فِی الْمَنْدُوبِ سُقُوطُ الثَّالِثِ لَوْ عَرَضَ بَعْدَ وُجُوبِهِ مَا یجَوِّزُ الرُّجُوعَ، وَ إِبْطَالَ الْوَاجِبِ مُطْلَقًا.

(فَإِنْ شَرَطَ وَ خَرَجَ فَلَا قَضَاءَ) فِی الْمَنْدُوبِ مُطْلَقًا، وَ کذَا الْوَاجِبُ الْمُعَینُ، أَمَّا الْمُطْلَقُ فَقِیلَ: هُوَ کذَلِک، و هو ظَاهِرُ الْکتَابِ وَ تَوَقَّفَ فِی الدُّرُوسِ، وَ قَطَعَ الْمُحَقِّقُ بِالْقَضَاءِ، و هو أَجْوَدُ، (وَلَوْ لَمْ یشْتَرِطْ وَ مَضَی یوْمَانِ) فِی الْمَنْدُوبِ (أَتَمَّ) الثَّالِثَ وُجُوبًا، وَ کذَا إذَا أَتَمَّ الْخَامِسَ وَجَبَ السَّادِسُ، و هکذا کمَا مَرَّ.

(وَیحْرُمُ عَلَیهِ نَهَارًا مَا یحْرُمُ عَلَی

(وَیحْرُمُ عَلَیهِ نَهَارًا مَا یحْرُمُ عَلَی الصَّائِمِ)

حَیثُ یکونُ الِاعْتِکافُ وَاجِبًا، وَ الا فَلَا و أن فَسَدَ فِی بَعْضِهَا، (وَلَیلًا وَ نَهَارًا الْجِمَاعُ) قُبُلًا وَ دُبُرًا، (وَشَمُّ الطِّیبِ)، وَ الرَّیاحِینِ عَلَی الْأَقْوَی، لِوُرُودِهَا مَعَهُ فِی الْأَخْبَارِ و هو مُخْتَارُهُ فِی الدُّرُوسِ، (وَالِاسْتِمْتَاعُ بِالنِّسَاءِ) لَمْسًا وَ تَقْبِیلًا و غیرهُمَا، و لکن لَا یفْسُدُ بِهِ الِاعْتِکافُ عَلَی الْأَقْوَی، بِخِلَافِ الْجِمَاعِ.

(وَیفْسِدُهُ مَا یفْسِدُ الصَّوْمَ) مِنْ حَیثُ فَوَاتُ الصَّوْمِ، الَّذِی هُوَ شَرْطُ الِاعْتِکافِ، (وَیکفِّرُ) لِلِاعْتِکافِ زِیادَهً

عَلَی مَا یجِبُ لِلصَّوْمِ (إنْ أَفْسَدَ الثَّالِثَ) مُطْلَقًا، (أَوْ کانَ وَاجِبًا) و أن لَمْ یکنْ ثَالِثًا، (وَیجِبُ بِالْجِمَاعِ فِی الْوَاجِبِ نَهَارًا کفَّارَتَانِ، إنْ کانَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ) إحْدَاهُمَا عَنْ الصَّوْمِ، وَ الْأُخْرَی عَنْ الِاعْتِکافِ، (وَ قِیلَ): تَجِبُ الْکفَّارَتَانِ بِالْجِمَاعِ فِی الْوَاجِبِ (مُطْلَقًا)، و هو ضَعِیفٌ.

نَعَمْ لَوْ کانَ وُجُوبُهُ مُتَعَینًا بِنَذْرٍ وَ شِبْهِهِ، وَجَبَ بِإِفْسَادِهِ کفَّارَهٌ بِسَبَبِهِ، و هو أَمْرٌ آخَرُ و فی الدُّرُوسِ أَلْحَقَ الْمُعَینَ بِرَمَضَانَ مُطْلَقًا.

(وَ) فِی الْجِمَاعِ (لَیلًا) کفَّارَهٌ (وَاحِدَهٌ) فِی رَمَضَانَ و غیرهِ، إلَّا أَنْ یتَعَینَ بِنَذْرٍ وَ شِبْهِهِ فَیجِبُ کفَّارَهٌ بِسَبَبِهِ أَیضًا لِإِفْسَادِهِ، و لو کانَ إفْسَادُهُ بِبَاقِی مُفْسِدَاتِ الصَّوْمِ غَیرِ الْجِمَاعِ وَجَبَ نَهَارًا کفَّارَهٌ وَاحِدَهٌ، وَ لَا شَیءَ لَیلًا إلَّا أَنْ یکونَ مُتَعَینًا بِنَذْرٍ وَ شِبْهِهِ فَیجِبُ کفَّارَتُهُ أَیضًا، و لو فَعَلَ غَیرَ ذَلِک مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَی الْمُعْتَکفِ کالتَّطَیبِ وَ الْبَیعِ وَ الْمُمَارَاهِ أَثِمَ، وَ لَا کفَّارَهَ، و لو کانَ بِالْخُرُوجِ فِی وَاجِبٍ مُتَعَینٍ بِالنَّذْرِ وَ شِبْهِهِ وَجَبَتْ کفَّارَتُهُ، وَ فِی ثَالِثِ الْمَنْدُوبِ الْإِثْمُ وَ الْقَضَاءُ لَا غَیرُ، وَ کذَا لَوْ أَفْسَدَهُ به غیر الْجِمَاعِ، وَ کفَّارَهُ الِاعْتِکافِ ککفَّارَهِ رَمَضَانَ فِی قَوْلٍ، وَ کفَّارَهِ ظِهَارٍ فِی آخَرَ، وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَ الثَّانِی أَصَحُّ رِوَایهً (فَإِنْ أَکرَهَ الْمُعْتَکفَهَ) عَلَیهِ نَهَارًا فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مَعَ وُجُوبِ الِاعْتِکافِ (فَأَرْبَعٌ)، اثْنَتَانِ عَنْهُ، وَ اثْنَتَانِ یتَحَمَّلُهُمَا عَنْهَا (عَلَی الْأَقْوَی) بَلْ قَالَ فِی الدُّرُوسِ: إنَّهُ لَا یعْلَمُ فِیهِ مُخَالِفًا، سِوَی صَاحِبِ الْمُعْتَبَرِ، و فی المُخْتَلِفِ أَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِک لَمْ یظْهَرْ لَهُ مُخَالِفٌ، وَ مِثْلُ هَذَا هُوَ الْحُجَّهُ وَ الا فَالْأَصْلُ یقْتَضِی عَدَمَ التَّحَمُّلِ فِیمَا لَا نَصَّ عَلَیهِ، وَ حِینَئِذٍ فَیجِبُ عَلَیهِ ثَلَاثُ کفَّارَاتٍ اثْنَتَانِ عَنْهُ لِلِاعْتِکافِ وَ الصَّوْمِ، وَ وَاحِدَهٌ عَنْهَا لِلصَّوْمِ وَ لِأَنَّهُ مَنْصُوصُ التَّحَمُّلِ،

و لو کانَ الْجِمَاعُ لَیلًا فَکفَّارَتَانِ عَلَیهِ عَلَی الْقَوْلِ بِالتَّحَمُّلِ.

6 - کتاب الحج

[البحث] الْأَوَّلُ - فِی شَرَائِطِهِ وَ أَسْبَابِهِ

التمهید
[الفصل] الْأَوَّلُ - فِی شَرَائِطِهِ وَ أَسْبَابِهِ (یجِبُ الْحَجُّ عَلَی الْمُسْتَطِیعِ) بِمَا سَیأْتِی (مِنْ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الْخَنَاثَی عَلَی الْفَوْرِ) بِإِجْمَاعِ الْفِرْقَهِ الْمُحِقَّهِ وَ تَأْخِیرُهُ کبِیرَهٌ مُوبِقَهٌ، وَ الْمُرَادُ بِالْفَوْرِیهِ وُجُوبُ الْمُبَادَرَهِ إلَیهِ فِی أَوَّلِ عَامِ الِاسْتِطَاعَهِ مَعَ الْإِمْکانِ، وَ الا فَفِیمَا یلِیهِ، وَ هَکذَا، و لو تَوَقَّفَ عَلَی مُقَدِّمَاتٍ مِنْ سَفَرٍ و غیرهِ وَجَبَ الْفَوْرُ بِهَا عَلَی وَجْهٍ یدْرِکهُ کذَلِک.
اشاره

وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الرُّفْقَهُ فِی الْعَامِ الْوَاحِدِ وَجَبَ السَّیرُ مَعَ أُولَاهَا فَإِنْ أَخَّرَ عَنْهَا وَ أَدْرَکهُ مَعَ التَّالِیهِ، وَ الا کانَ کمُؤَخِّرِهِ عَمْدًا فِی اسْتِقْرَارِهِ مَرَّهً) وَاحِدَهً (بِأَصْلِ الشَّرْعِ، و قد یجِبُ بِالنَّذْرِ وَ شِبْهِهِ) مِنْ الْعَهْدِ وَ الْیمِینِ، (وَالِاسْتِئْجَارِ، وَ الْإِفْسَادِ) فَیتَعَدَّدُ بِحَسَبِ وُجُودِ السَّبَبِ.

(وَیسْتَحَبُّ تَکرَارُهُ) لِمَنْ أَدَّاهُ وَاجِبًا (وَلِفَاقِدِ الشَّرَائِطِ) مُتَکلِّفًا، (وَلَا یجْزِئُ) مَا فَعَلَ مَعَ فَقْدِ الشَّرَائِطِ عَنْ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ حُصُولِهَا (کالْفَقِیرِ) یحُجُّ ثُمَّ یسْتَطِیعُ، (وَالْعَبْدِ) یحُجُّ (بِإِذْنِ مَوْلَاهُ) ثُمَّ یعْتَقُ وَ یسْتَطِیعُ فَیجِبُ الْحَجُّ ثَانِیا.

(وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْبُلُوغُ، وَ الْعَقْلُ، وَ الْحُرِّیهُ، وَ الزَّادُ، وَ الرَّاحِلَهُ) بِمَا ینَاسِبُهُ قُوَّهً، وَ ضَعْفًا، لَا شَرَفًا، وَ ضِعَهً فِیمَا یفْتَقِرُ إلَی قَطْعِ الْمَسَافَهِ، و أن سَهُلَ الْمَشْی و کان مُعْتَادًا لَهُ أَوْ لِلسُّؤَالِ، وَ یسْتَثْنَی لَهُ مِنْ جُمْلَهِ مَالِهِ دَارُهُ، وَ ثِیابُهُ، وَ خَادِمُهُ، وَ دَابَّتُهُ، وَ کتُبُ عِلْمِهِ اللَّائِقَهُ بِحَالِهِ، کمًّا وَ کیفًا عَینًا وَ قِیمَهً، (وَالتَّمَکنُ مِنْ الْمَسِیرِ) بِالصِّحَّهِ، وَ تَخْلِیهُ الطَّرِیقِ، وَ سِعَهُ الْوَقْتِ.

(وَشَرْطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ)

فَلَا یصِحُّ مِنْ الْکافِرِ، و أن وَجَبَ عَلَیهِ، (وَشَرْطُ مُبَاشَرَتِهِ مَعَ الْإِسْلَامِ) و ما فِی حُکمِهِ (التَّمْییزُ) فَیبَاشِرُ أَفْعَالَهُ الْمُمَیزُ بِإِذْنِ الْوَلِی، (وَیحْرِمُ الْوَلِی عَنْ غَیرِ الْمُمَیزِ) إنْ أَرَادَ الْحَجَّ بِهِ (نَدْبًا) طِفْلًا کانَ، أَوْ مَجْنُونًا، مُحْرِمًا کانَ الْوَلِی، أَمْ مُحِلًّا؛ لِأَنَّهُ یجْعَلُهُمَا مُحْرِمَینِ بِفِعْلٍ، لَا نَائِبًا عَنْهُمَا فَیقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّی أَحْرَمْتُ بِهَذَا إلَی آخِرِ النِّیهِ، و یکون الْمَوْلَی عَلَیهِ حَاضِرًا مُوَاجِهًا لَهُ، وَ یأْمُرُهُ بِالتَّلْبِیهِ إنْ أَحْسَنَهَا، وَ الا لَبَّی عَنْهُ، وَ یلْبِسُهُ ثَوْبَی الْإِحْرَامِ، وَ یجَنِّبُهُ تُرُوکهُ، وَ إِذَا طَافَ بِهِ أَوْقَعَ بِهِ صُورَهَ الْوُضُوءِ، وَ حَمَلَهُ و لو عَلَی الْمَشْی، أَوْ سَاقَ بِهِ، أَوْ

قَادَ بِهِ، أَوْ اسْتَنَابَ فِیهِ، وَ یصَلِّی عَنْهُ رَکعَتَیهِ إنْ نَقَصَ سِنُّهُ عَنْ سِتٍّ، و لو أَمَرَهُ بِصُورَهِ الصَّلَاهِ فَحَسَنٌ، وَ کذَا الْقَوْلُ فِی سَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَإِذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِک فَلَهُ أَجْرُ حَجَّهٍ.

(وَشَرْطُ صِحَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ إذْنُ الْمَوْلَی) و أن تَشَبَّثَ بِالْحُرِّیهِ کالْمُدَبَّرِ وَ الْمُبَعَّضِ فَلَوْ فَعَلَهُ بِدُونِ إذْنِهِ لَغَا، و لو أَذِنَ لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ، لَا بَعْدَهُ.

(وَشَرْطُهُ صِحَّهُ النَّدْب مِنْ الْمَرْأَهِ إذْنُ الزَّوْجِ)، أَمَّا الْوَاجِبُ فَلَا، وَ یظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِ، أَنَّ الْوَلَدَ لَا یتَوَقَّفُ حَجُّهُ مَنْدُوبًا عَلَی إذْنِ الْأَبِ أَوْ الْأَبَوَینِ و هو قَوْلُ الشَّیخِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ و هو حَسَنٌ إنْ لَمْ یسْتَلْزِمْ السَّفَرَ الْمُشْتَمِلَ عَلَی الْخَطَرِ وَ الا فَاشْتِرَاطُ إذْنِهِمَا أَحْسَنُ (وَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ) الْمُتَلَبِّسُ بِالْحَجِّ بِإِذْنِ الْوَلِی، (أَوْ بَلَغَ الصَّبِی، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ) بَعْدَ تَلَبُّسِهِمَا بِهِ صَحِیحًا (قَبْلَ أَحَدِ الْمَوْقِفَینِ صَحَّ وَ أَجْزَأَ عَنْ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ) عَلَی

الْمَشْهُورِ وَ یجَدِّدَانِ نِیهَ الْوُجُوبِ بَعْدَ ذَلِک أَمَّا الْعَبْدُ الْمُکلَّفُ فَبِتَلَبُّسِهِ بِهِ ینْوِی الْوُجُوبَ بِبَاقِی أَفْعَالِهِ، فَالْإِجْزَاءُ فِیهِ أَوْضَحُ.

وَ یشْتَرَطُ اسْتِطَاعَتُهُمْ لَهُ سَابِقًا وَ لَاحِقًا؛ لِأَنَّ الْکمَالَ الْحَاصِلَ أَحَدُ الشَّرَائِطِ فَالْإِجْزَاءُ مِنْ جِهَتِهِ.

وَ یشْکلُ ذَلِک فِی الْعَبْدِ إنْ أَحَلْنَا مِلْکهُ وَ رُبَّمَا قِیلَ: بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا فِیهِ لِلسَّابِقِ، أَمَّا اللَّاحِقُ فَیعْتَبَرُ قَطْعًا. (وَیکفِی الْبَذْلُ) لِلزَّادِ وَ الرَّاحِلَهِ (فِی تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ) عَلَی الْمَبْذُولِ لَهُ.

(وَلَا یشْتَرَطُ صِیغَهٌ خَاصَّهٌ) لِلْبَذْلِ مِنْ هِبَهٍ، و غیرهَا مِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَهِ، بَلْ یکفِی مُجَرَّدُهُ بِأَی صِیغَهٍ اتَّفَقَتْ، سَوَاءٌ وُثِقَ بِالْبَاذِلِ أَمْ لَا؛ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ، وَ لُزُومُ تَعْلِیقِ الْوَاجِبِ بِالْجَائِزِ ینْدَفِعُ، بِأَنَّ الْمُمْتَنَعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ، لَا الْمَشْرُوطُ کمَا لَوْ ذَهَبَ الْمَالُ قَبْلَ الْإِکمَالِ، أَوْ مُنِعَ مِنْ السَّیرِ وَ نَحْوِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَهِ الْمُسْقِطَهِ لِلْوُجُوبِ

الثَّابِتِ إجْمَاعًا، وَ اشْتَرَطَ فِی الدُّرُوسِ التَّمْلِیک، أَوْ الْوُثُوقَ بِهِ، وَ آخَرُونَ التَّمْلِیک، أَوْ وُجُوبَ بَذْلِهِ بِنَذْرٍ وَ شِبْهِهِ، وَ الْإِطْلَاقُ یدْفَعُهُ.

نَعَمْ یشْتَرَطُ بَذْلُ عَینِ الزَّادِ وَ الرَّاحِلَهِ.

فَلَوْ بَذَلَ لَهُ أَثْمَانَهُمَا لَمْ یجِبْ الْقَبُولُ وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْیقِینِ، وَ لَا یمْنَعُ الدَّینُ وَ عَدَمُ الْمُسْتَثْنَیاتِ الْوُجُوبَ بِالْبَذْلِ.

نَعَمْ لَوْ بَذَلَ لَهُ مَا یکمِلُ الِاسْتِطَاعَهَ اشْتَرَطَ زِیادَهَ الْجَمِیعِ عَنْ ذَلِک، وَ کذَا لَوْ وَهَبَ مَالًا مُطْلَقًا، أَمَّا لَوْ شَرَطَ الْحَجَّ بِهِ فَکالْمَبْذُولِ فَیجِبُ عَلَیهِ الْقَبُولُ، إنْ کانَ عَینَ الزَّادَ وَ الرَّاحِلَهَ، خِلَافًا لِلدُّرُوسِ، وَ لَا یجِبُ لَوْ کانَ مَالًا غَیرُهُمَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْهِبَهِ اکتِسَابٌ، و هو غَیرُ وَاجِبٍ لَهُ، وَ بِذَلِک یظْهَرُ الْفَرْقُ بَینَ الْبَذْلِ وَ الْهِبَهِ، فَإِنَّهُ إبَاحَهٌ یکفِی فِیهَا الْإِیقَاعُ.

وَ لَا فَرْقَ بَینَ بَذْلِ الْوَاجِبِ لِیحُجَّ بِنَفْسِهِ، أَوْ لِیصْحَبَهُ فِیهِ فَینْفِقَ عَلَیهِ، (فَلَوْ حَجَّ بِهِ بَعْضُ إخْوَانِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْفَرْضِ)؛ لِتَحَقُّقِ شَرْطِ الْوُجُوبِ.

(وَیشْتَرَطُ) مَعَ ذَلِک کلِّهِ (وُجُودُ مَا یمَوِّنُ بِهِ عِیالَهُ الْوَاجِبِی النَّفَقَهِ، إلَی حِینِ رُجُوعِهِ) وَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا یعُمُّ الْکسْوَهَ وَ نَحْوَهَا، حَیثُ یحْتَاجُونَ إلَیهَا، وَ یعْتَبَرُ فِیهَا الْقَصْدُ بِحَسَبِ حَالِهِمْ.

الانابه فی الحج

الانابه فی الحج

(وَفِی) وُجُوبِ (اسْتِنَابَهِ الْمَمْنُوعِ) مِنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ (بِکبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ عَدُوٍّ قَوْلَانِ وَ الْمَرْوِی) صَحِیحًا (عَنْ عَلِی عَلَیهِ السَّلَامُ ذَلِک)، حَیثُ أَمَرَ شَیخًا لَمْ یحُجَّ، و لم یطِقْهُ مِنْ کبَرِهِ أَنْ یجَهِّزَ رَجُلًا فَیحُجَّ عَنْهُ، و غیرهُ مِنْ الْأَخْبَارِ وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِفَقْدِ شَرْطِهِ الَّذِی هُوَ الِاسْتِطَاعَهُ، و هو مَمْنُوعٌ، وَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا عَرَضَ الْمَانِعُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ، وَ الا وَجَبَتْ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَ هَلْ یشْتَرَطُ فِی وُجُوبِ الِاسْتِنَابَهِ الْیأْسُ مِنْ الْبُرْءِ أَمْ یجِبُ مُطْلَقًا و أن لَمْ یکنْ مَعَ عَدَمِ الْیأْسِ

فَوْرِیا؟، ظَاهِرُ الدُّرُوسِ الثَّانِی، و فی الأَوَّلِ قُوَّهٌ.

فَیجِبُ الْفَوْرِیهُ کالْأَصْلِ حَیثُ یجِبُ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ أَجْزَأَ.

(وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ)، وَ أَمْکنَهُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ (حَجَّ ثَانِیا) و أن کانَ قَدْ یئِسَ مِنْهُ؛ لِتَحَقُّقِ الِاسْتِطَاعَهِ حِینَئِذٍ، و ما وَقَعَ نِیابَهً إنَّمَا وَجَبَ لِلنَّصِّ وَ الا لَمْ یجِبْ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ شَرْطِ الْوُجُوبِ، (وَلَا یشْتَرَطُ) فِی الْوُجُوبِ بِالِاسْتِطَاعَهِ زِیادَهً عَلَی مَا تَقَدَّمَ (الرُّجُوعُ إلَی کفَایهٍ) مِنْ صِنَاعَهٍ، أَوْ حِرْفَهٍ أَوْ بِضَاعَهٍ، أَوْ ضَیعَهٍ، وَ نَحْوِهَا (عَلَی الْأَقْوَی)، عَمَلًا بِعُمُومِ النَّصِّ وَ قِیلَ: یشْتَرَطُ و هو الْمَشْهُورُ بَینَ الْمُتَقَدِّمِینَ لِرِوَایهِ أَبِی الرَّبِیعِ الشَّامِی، و هی لَا تَدُلُّ عَلَی مَطْلُوبِهِمْ، و إنّما تَدُلُّ عَلَی اعْتِبَارِ الْمُؤْنَهِ ذَاهِبًا، وَ عَائِدًا، وَ مُؤْنَهُ عِیالِهِ کذَلِک، وَ لَا شُبْهَهَ فِیهِ.

(وَکذَا) لَا یشْتَرَطُ (فِی الْمَرْأَهِ) مُصَاحَبَهُ (الْمَحْرَمِ) و هو هُنَا الزَّوْجُ، أَوْ مَنْ یحْرُمُ نِکاحُهُ عَلَیهَا مُؤَبَّدًا بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَهٍ، و أن لَمْ یکنْ مُسْلِمًا إنْ لَمْ یسْتَحِلَّ الْمَحَارِمَ کالْمَجُوسِی.

(وَیکفِی ظَنُّ السَّلَامَهِ)، بَلْ عَدَمُ الْخَوْفِ عَلَی الْبُضْعِ، أَوْ الْعِرْضِ بِتَرْکهِ، و أن لَمْ یحْصُلْ الظَّنُّ بِهَا، عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّصِّ، وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الدُّرُوسِ، وَ مَعَ الْحَاجَهِ إلَیهِ یشْتَرَطُ فِی الْوُجُوبِ عَلَیهَا سَفَرُهُ مَعَهَا، وَ لَا یجِبُ عَلَیهِ إجَابَتُهَا إلَیهِ تَبَرُّعًا، وَ لَا بِأُجْرَهٍ، و له طَلَبُهَا فَتَکونُ جُزْءًا مِنْ اسْتِطَاعَتِهَا، و لو ادَّعَی الزَّوْجُ الْخَوْفَ عَلَیهَا، أَوْ عَدَمَ أَمَانَتِهَا وَ أَنْکرَتْهُ عُمِلَ بِشَاهِدِ الْحَالِ مَعَ انْتِفَاءِ الْبَینَهِ، وَ مَعَ فَقْدِهِمَا یقَدَّمُ قَوْلُهَا، و فی الیمِینِ نَظَرٌ، مِنْ أَنَّهَا لَوْ اعْتَرَفَتْ نَفَعَهُ، وَ قَرَّبَ فِی الدُّرُوسِ عَدَمَهُ، و له حِینَئِذٍ مَنْعُهَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مُحِقٌّ عِنْدَ نَفْسِهِ، وَ الْحُکمُ مَبْنِی عَلَی الظَّاهِرِ. (وَالْمُسْتَطِیعُ یجْزِیهِ الْحَجُّ مُتَسَکعًا) أَی مُتَکلِّفًا لَهُ به غیر زَادٍ، وَ لَا رَاحِلَهٍ

لِوُجُودِ شَرْطِ الْوُجُوبِ و هو الِاسْتِطَاعَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَکلَّفَهُ غَیرُ الْمُسْتَطِیعِ (وَالْحَجُّ مَشْیا أَفْضَلُ) مِنْهُ رُکوبًا، (إلَّا مَعَ الضَّعْفِ عَنْ الْعِبَادَهِ، فَالرُّکوبُ أَفْضَلُ، فَقَدْ حَجَّ الْحَسَنُ عَلَیهِ السَّلَامُ مَاشِیا مِرَارًا، قِیلَ: إنَّهَا خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ حَجَّهً)، وَ قِیلَ: عِشْرُونَ رَوَاهُ الشَّیخُ فِی التَّهْذِیبِ، و لم یذْکرْ فِی الدُّرُوسِ غَیرَهُ، (وَالْمَحَامِلُ تُسَاقُ بَینَ یدَیهِ) و هو أَعْلَمُ بِسُنَّهِ جَدِّهِ عَلَیهِ الصَّلَاهُ وَ السَّلَامُ مِنْ غَیرِهِ، وَ لِأَنَّهُ أَکثَرُ مَشَقَّهً، وَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَحَمْزُهَا وَ قِیلَ: الرُّکوبُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، تَأَسِّیا بِالنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ فَقَدْ حَجَّ رَاکبًا، قُلْنَا: فَقَدْ طَافَ رَاکبًا، وَ لَا یقُولُونَ بِأَفْضَلِیتِهِ کذَلِک فَبَقِی أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَقَعَ لِبَیانِ الْجَوَازِ، لَا الْأَفْضَلِیهِ.

وَ الْأَقْوَی التَّفْصِیلُ الْجَامِعُ بَینَ الْأَدِلَّهِ بِالضَّعْفِ عَنْ الْعِبَادَهِ، مِنْ الدُّعَاءِ، وَ الْقِرَاءَهِ، وَ وَصْفِهَا مِنْ الْخُشُوعِ، وَ عَدَمِهِ وَ اَلحَقَ بَعْضُهُمْ بِالضَّعْفِ کوْنَ الْحَامِلِ لَهُ عَلَی الْمَشْی تَوْفِیرَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ رَذِیلَهِ الشُّحِّ عَنْ النَّفْسِ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ، و هو حَسَنٌ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ و غیرهَا.

(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَ دُخُولِ الْحَرَمِ أَجْزَأَ)، عَنْ الْحَجِّ

(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَ دُخُولِ الْحَرَمِ أَجْزَأَ)، عَنْ الْحَجِّ

، سَوَاءٌ مَاتَ فِی الْحِلِّ، أَمْ الْحَرَمِ، مُحْرِمًا، أَمْ مُحِلًّا کمَا لَوْ مَاتَ بَینَ الْإِحْرَامَینِ فِی إحْرَامِ الْحَجِّ، أَمْ الْعُمْرَهِ، وَ لَا یکفِی مُجَرَّدُ الْإِحْرَامِ عَلَی الْأَقْوَی وَ حَیثُ أَجْزَأَ لَا یجِبُ الِاسْتِنَابَهُ فِی إکمَالِهِ، وَ قَبْلِهِ، تَجِبُ مِنْ الْمِیقَاتِ إنْ کانَ مُسْتَقِرًّا، وَ الا سَقَطَ، سَوَاءٌ تَلَبَّسَ، أَمْ لَا.

(وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِک وَ کانَ) الْحَجُّ (قَدْ اسْتَقَرَّ فِی ذِمَّتِهِ) بِأَنْ اجْتَمَعَتْ لَهُ شَرَائِطُ الْوُجُوبِ وَ مَضَی عَلَیهِ بَعْدَهُ مُدَّهٌ یمْکنُهُ فِیهَا اسْتِیفَاءُ جَمِیعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ فَلَمْ یفْعَلْ (قُضِی عَنْهُ) الْحَجُّ (مِنْ بَلَدِهِ فِی ظَاهِرِ الرِّوَایهِ).

الْأُولَی أَنْ

یرَادَ بِهَا الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ ذَلِک ظَاهِرُ أَرْبَعِ رِوَایاتٍ فِی الْکافِی أَظْهَرُهَا دَلَالَهً رِوَایهُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیهِ السَّلَامُ عَنْ الرَّجُلِ یمُوتُ فَیوصِی بِالْحَجِّ مِنْ أَینَ یحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ عَلَیهِ السَّلَامُ: عَلَی قَدْرِ مَالِهِ، إنْ وَسِعَهُ مَالُهُ فَمِنْ مَنْزِلِهِ، و أن لَمْ یسَعْهُ مَالٌ مِنْ مَنْزِلِهِ فَمِنْ الْکوفَهِ، فَإِنْ لَمْ یسَعْهُ مِنْ الْکوفَهِ فَمِنْ الْمَدِینَهِ و إنّما جَعَلَهُ ظَاهِرَ الرِّوَایهِ لِإِمْکانِ أَنْ یرَادَ بِمَالِهِ مَا عَینَهُ أُجْرَهً لِلْحَجِّ بِالْوَصِیهِ، فَإِنَّهُ یتَعَینُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ خُرُوجِ مَا زَادَ عَنْ أُجْرَتِهِ مِنْ الْمِیقَاتِ، مِنْ الثُّلُثِ إجْمَاعًا، و إنّما الْخِلَافُ فِیمَا لَوْ أَطْلَقَ الْوَصِیهَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَیهِ حَجَّهَ الْإِسْلَامِ و لم یوصِ بِهَا.

وَ الْأَقْوَی الْقَضَاءُ عَنْهُ مِنْ الْمِیقَاتِ خَاصَّهً، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ، وَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحَجُّ عَنْهُ، وَ الطَّرِیقُ لَا دَخْلَ لَهَا فِی حَقِیقَتِهِ، و وجوب سُلُوکهَا مِنْ بَابِ الْمُقَدِّمَهِ، وَ تَوَقُّفِهِ عَلَی مُؤْنَهٍ فَیجِبُ قَضَاؤُهَا عَنْهُ، ینْدَفِعُ بِأَنَّ مُقَدِّمَهَ الْوَاجِبِ إذَا لَمْ تَکنْ مَقْصُودَهً بِالذَّاتِ لَا تَجِبُ و هو هُنَا کذَلِک، و من ثَمَّ لَوْ سَافَرَ إلَی الْحَجِّ لَا بِنِیتِهِ، أَوْ بِنِیهِ غَیرِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَی الْمِیقَاتِ الْحَجُّ أَجْزَأَ، وَ کذَا لَوْ سَافَرَ ذَاهِلًا، أَوْ مَجْنُونًا ثُمَّ کمَّلَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ فِی الطَّرِیقِ لِغَیرِهِ، أَوْ حَجَّ مُتَسَکعًا بِدُونِ الْغَرَامَهِ، أَوْ فِی نَفَقَهِ غَیرِهِ، أَوْ غَیرِ ذَلِک مِنْ الصَّوَارِفَ عَنْ جَعْلِ الطَّرِیقِ مُقَدِّمَهً لِلْوَاجِبِ، وَ کثِیرٌ مِنْ الْأَخْبَارِ وَرَدَ مُطْلَقًا فِی وُجُوبِ الْحَجِّ عَنْهُ، و هو لَا یقْتَضِی زِیادَهً عَلَی أَفْعَالِهِ الْمَخْصُوصَهِ.

وَ الْأَوْلَی حَمْلُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَی مَا لَوْ عَینَ قَدْرًا، وَ یمْکنُ حَمْلُ غَیرِ هَذَا الْخَبَرِ مِنْهَا عَلَی أَمْرٍ آخَرَ،

مَعَ ضَعْفِ سَنَدِهَا، وَ اشْتِرَاک مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِی سَنَدِ هَذَا الْخَبَرِ بَینَ الثِّقَهَ، وَ الضَّعِیفَ، وَ الْمَجْهُولَ و من أَعْجَبْ الْعَجَبِ هُنَا أَنَّ ابْنَ إدْرِیسَ ادَّعَی تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ بِوُجُوبِهِ مِنْ عَینِ الْبَلَدِ، وَ رَدَّهُ فِی الْمُخْتَلَفِ بِأَنَّا لَمْ نَقِفْ عَلَی خَبَرٍ وَاحِدٍ فَضْلًا عَنْ التَّوَاتُرِ، وَ هُنَا جَعَلَهُ ظَاهِرَ الرِّوَایهِ، وَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا أَرْبَعٌ فَتَأَمَّلْ، و لو صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَکانَ حَمْلُهُ عَلَی إطْلَاقِهِ أَوْلَی؛ لِأَنَّ مَالَهُ الْمُضَافَ إلَیهِ یشْمَلُ جَمِیعَ مَا یمْلِکهُ، و إنّما حَمَلْنَاهُ، لِمُعَارَضَتِهِ لِلْأَدِلَّهِ الدَّالَّهِ عَلَی خِلَافِهِ، مَعَ عَدَمِ صِحَّهِ سَنَدِهِ.

وَ نِسْبَهُ الْحُکمِ هُنَا إلَی ظَاهِرِ الرِّوَایهِ فِیهِ نَوْعُ تَرْجِیحٍ مَعَ تَوَقُّفٍ، وَلَکنَّهُ قَطَعَ بِهِ فِی الدُّرُوسِ و علی الْقَوْلِ بِهِ (فَلَوْ ضَاقَتْ التَّرِکهُ) عَنْ الْأُجْرَهِ مِنْ بَلَدِهِ (فَمِنْ حَیثُ بَلَغَتْ) إنْ أَمْکنَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ الطَّرِیقِ، (وَلَوْ مِنْ الْمِیقَاتِ) إنْ لَمْ تَحْتَمِلْ سِوَاهُ، وَ کذَا لَوْ لَمْ یمْکنْ بَعْدَ فَوَاتِ الْبَلَدِ، أَوْ مَا یسَعُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْمِیقَاتِ، و لو عَینَ کوْنَهَا مِنْ الْبَلَدِ فَأَوْلَی بِالتَّعْیینِ مِنْ تَعْیینِ مَالٍ یسَعُهُ مِنْهُ، و مثله مَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ عَلَی إرَادَتِهِ، وَ یعْتَبَرُ الزَّائِدُ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ عَدَمِ إجَازَهِ الْوَارِثِ إنْ لَمْ نُوجِبْهُ مِنْ الْبَلَدِ ابْتِدَاءً، وَ الا فَمِنْ الْأَصْلِ وَ حَیثُ یتَعَذَّرُ مِنْ الْمِیقَاتِ یجِبُ مِنْ الْأَزْیدِ و لو مِنْ الْبَلَدِ حَیثُ یتَعَذَّرُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ مِنْ بَابِ مُقَدِّمَهِ الْوَاجِبِ حِینَئِذٍ، لَا الْوَاجِبِ فِی الْأَصْلِ.

(وَلَوْ حَجَّ) مُسْلِمًا،

(ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ عَادَ) إلَی الْإِسْلَامِ (لَمْ یعِدْ) حَجَّهُ السَّابِقَ (عَلَی الْأَقْرَبِ)، - لِلْأَصْلِ، وَ الْآیهِ، وَ الْخَبَرِ، وَ قِیلَ: یعِیدُ لِآیهِ الْإِحْبَاطِ، أَوْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا یکفُرُ، وَ ینْدَفِعُ بِاشْتِرَاطِهِ بِالْمُوَافَاهِ عَلَیهِ کمَا اشْتَرَطَ فِی ثَوَابِ الْإِیمَانِ ذَلِک، وَ مَنَعَ عَدَمَ کفْرِهِ، لِلْآیهِ

الْمُثْبِتَهِ لِلْکفْرِ بَعْدَ الْإِیمَانِ، وَ عَکسِهِ وَ کمَا لَا یبْطُلُ مَجْمُوعُ الْحَجِّ کذَا بَعْضُهُ مِمَّا لَا یعْتَبَرُ اسْتِدَامَتُهُ حُکمًا کالْإِحْرَامِ فَیبْنَی عَلَیهِ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ.

(وَلَوْ حَجَّ مُخَالِفًا، ثُمَّ اسْتَبْصَرَ لَمْ یعِدْ إلَّا أَنْ یخِلَّ بِرُکنٍ) عِنْدَنَا، لَا عِنْدَهُ عَلَی مَا قَیدَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، مَعَ أَنَّهُ عَکسَ فِی الصَّلَاهِ فَجَعَلَ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِهَا صَحِیحَهً عِنْدَهُ، لَا عِنْدَنَا، وَ النُّصُوصُ خَالِیهٌ مِنْ الْقَیدِ، وَ لَا فَرْقَ بَینَ مَنْ حَکمَ بِکفْرِهِ مِنْ فِرَقِ الْمُخَالِفِینَ، و غیرهِ فِی ظَاهِرِ النَّصِّ.

وَ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالرُّکنِ حَجُّهُ قِرَانًا بِمَعْنَاهُ عِنْدَهُ، لَا الْمُخَالَفَهُ فِی نَوْعِ الْوَاجِبِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَنَا، و هل الْحُکمُ بِعَدَمِ الْإِعَادَهِ لِصِحَّهِ الْعِبَادَهِ فِی نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَی عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِیمَانِ فِیهَا، أَمْ إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ فِی الذِّمَّهِ کإِسْلَامِ الْکافِرِ؟ قَوْلَانِ، و فی النُّصُوصِ مَا یدُلُّ عَلَی الثَّانِی.

نَعَمْ یسْتَحَبُّ الْإِعَادَهُ؛ لِلنَّصِّ)، وَ قِیلَ: یجِبُ، بِنَاءً عَلَی اشْتِرَاطِ الْإِیمَانِ الْمُقْتَضِی لِفَسَادِ الْمَشْرُوطِ بِدُونِهِ، وَ بِأَخْبَارٍ حَمَلَهَا عَلَی الِاسْتِحْبَابِ طَرِیقُ الْجَمْعِ.

(الْقَوْلُ فِی حَجِّ الْأَسْبَابِ)

بِالنَّذْرِ وَ شِبْهِهِ وَ النِّیابَهِ، (لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ وَ أَطْلَقَ کفَتْ الْمَرَّهُ) مُخَیرًا فِی النَّوْعِ وَ الْوَصْفِ، إلَّا أَنْ یعَینَ أَحَدَهُمَا، فَیتَعَینُ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا، وَ الثَّانِی إنْ کانَ مَشْرُوعًا کالْمَشْی، وَ الرُّکوبِ، لَا الْحَفَاءِ وَ نَحْوِهِ، (وَلَا یجْزِئُ) الْمَنْذُورُ (عَنْ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ) سَوَاءٌ وَقَعَ حَالَ وُجُوبِهَا، أَمْ لَا، وَ سَوَاءٌ نَوَی بِهِ حَجَّهَ الْإِسْلَامِ أَمْ النَّذْرَ أَمْ هُمَا؛ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِی لِتَعَدُّدِ الْمُسَبَّبِ.

(وَ قِیلَ) وَ الْقَائِلُ الشَّیخُ و من تَبِعَهُ: (إنْ نَوَی حَجَّهَ النَّذْرِ أَجْزَأَتْ) عَنْ النَّذْرِ، وَ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ عَلَی تَقْدِیرِ وُجُوبِهَا حِینَئِذٍ، (وَإِلَّا فَلَا)، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ حُمِلَتْ عَلَی نَذْرِ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ، (وَلَوْ قَیدَ نَذْرَهُ بِحَجَّهِ الْإِسْلَامِ فَهِی وَاحِدَهٌ) و هی حَجَّهُ الْإِسْلَامِ، وَ تَتَأَکدُ بِالنَّذْرِ بِنَاءً عَلَی جَوَازِ نَذْرِ

الْوَاجِبِ، وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی وُجُوبِ الْکفَّارَهِ مَعَ تَأْخِیرِهَا عَنْ الْعَامِ الْمُعَینِ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا مَعَ الْإِطْلَاقِ مُتَهَاوِنًا.

هَذَا إذَا کانَ عَلَیهِ حَجَّهُ الْإِسْلَامِ حَالَ النَّذْرِ، وَ الا کانَ مُرَاعًی بِالِاسْتِطَاعَهِ، فَإِنْ حَصَلَتْ وَجَبَ بِالنَّذْرِ أَیضًا وَ لَا یجِبُ تَحْصِیلُهَا هُنَا عَلَی الْأَقْوَی، و لو قَیدَهُ بِمُدَّهٍ مُعَینَهٍ فَتَخَلَّفَتْ الِاسْتِطَاعَهُ عَنْهَا بَطَلَ النَّذْرُ.

(وَلَوْ قَیدَ غَیرَهَا) أَی غَیرَ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ (فَهُمَا اثْنَتَانِ) قَطْعًا، ثُمَّ إنْ کانَ مُسْتَطِیعًا حَالَ النَّذْرِ، وَ کانَتْ حَجَّهُ النَّذْرِ مُطْلَقَهً، أَوْ مُقَیدَهً بِزَمَانٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ السَّنَهِ الْأُولَی قَدَّمَ حَجَّهَ الْإِسْلَامِ، و أن قَیدَهُ بِسَنَهِ الِاسْتِطَاعَهِ کانَ انْعِقَادُهُ مُرَاعًی بِزَوَالِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْقَافِلَهِ، فَإِنْ بَقِیتْ بَطَلَ؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَهِ عَلَی الْمَنْذُورِ شَرْعًا، و أن زَالَتْ انْعَقَدَ، و لو تَقَدَّمَ النَّذْرُ عَلَی الِاسْتِطَاعَهِ ثُمَّ حَصَلَتْ قَبْلَ فِعْلِهِ قُدِّمَتْ حَجَّهُ الْإِسْلَامِ، إنْ کانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا، أَوْ مُقَیدًا بِمَا یزِیدُ عَنْ تِلْک السَّنَهِ، أَوْ بِمُغَایرِهَا، وَ الا قَدَّمَ النَّذْرَ، وَ رُوعِی فِی وُجُوبِ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ بَقَاءُ الِاسْتِطَاعَهِ إلَی الثَّانِیهِ.

وَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ فِی حَجِّ النَّذْرِ الِاسْتِطَاعَهَ الشَّرْعِیهَ، وَ حِینَئِذٍ فَتُقَدَّمُ حَجَّهُ النَّذْرِ مَعَ حُصُولِ الِاسْتِطَاعَهِ بَعْدَهُ و أن کانَ مُطْلَقًا وَ یرَاعَی فِی وُجُوبِ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ الِاسْتِطَاعَهُ بَعْدَهَا، وَ ظَاهِرُ النَّصِّ وَ الْفَتْوَی کوْنُ اسْتِطَاعَهِ النَّذْرِ عَقْلِیهً فَیتَفَرَّعُ عَلَیهِ مَا سَبَقَ.

وَ لَوْ أَهْمَلَ حَجَّهَ النَّذْرِ فِی الْعَامِ الْأَوَّلِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِیهَا تَفْرِیعًا عَلَی مَذْهَبِهِ: وَجَبَتْ حَجَّهُ الْإِسْلَامِ أَیضًا.

وَ یشْکلُ بِصَیرُورَتِهِ حِینَئِذٍ کالدَّینِ، فَیکونُ مِنْ الْمُؤْنَهِ، (وَکذَا) حُکمُ (الْعَهْدِ وَ الْیمِینِ، و لو نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِیا وَجَبَ) مَعَ إمْکانِهِ، سَوَاءٌ جَعَلْنَاهُ أَرْجَحَ مِنْ الرُّکوبِ، أَمْ لَا عَلَی الْأَقْوَی، وَ کذَا لَوْ نَذَرَهُ رَاکبًا.

وَ قِیلَ: لَا ینْعَقِدُ غَیرُ الرَّاجِحِ مِنْهُمَا، وَ مَبْدَؤُهُ بَلَدُ النَّاذِرِ عَلَی الْأَقْوَی، عَمَلًا بِالْعُرْفِ،

إلَّا أَنْ یدَلَّ عَلَی غَیرِهِ فَیتْبَعَ.

وَ یحْتَمِلُ أَوَّلَ الْأَفْعَالِ؛ لِدَلَالَهِ الْحَالِ عَلَیهِ، وَ آخِرُهُ مُنْتَهَی أَفْعَالِهِ الْوَاجِبَهِ، و هی رَمْی الْجِمَارِ؛ لِأَنَّ الْمَشْی وَصْفٌ فِی الْحَجِّ الْمُرَکبِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَهِ، فَلَا یتِمُّ إلَّا بِآخِرِهَا وَ الْمَشْهُورُ و هو الَّذِی قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ أَنَّ آخِرَهُ طَوَافُ النِّسَاءِ.

(وَیقُومُ فِی الْمَعْبَرِ) لَوْ اُضْطُرَّ إلَی عُبُورِهِ، وُجُوبًا عَلَی مَا یظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ، وَ بِهِ صَرَّحَ جَمَاعَهٌ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ تَقْصُرُ؛ لِضَعْفِ سَنَدِهَا عَنْهُ.

وَ فِی الدُّرُوسِ جَعَلَهُ أَوْلَی، و هو أَوْلَی خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَ تَسَاهُلًا فِی أَدِلَّهِ الِاسْتِحْبَابِ، وَ تَوْجِیهِهِ بِأَنَّ الْمَاشِی یجِبُ عَلَیهِ الْقِیامُ وَ حَرَکهُ الرِّجْلَینِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ بَقِی الْآخَرُ مُشْتَرَکا، لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَهِ فِیهِمَا، وَ إِمْکانِ فِعْلِهِمَا به غیر الْفَائِدَهِ.

(فَلَوْ رَکبَ طَرِیقَهُ) أَجْمَعَ، (أَوْ بَعْضَهُ قَضَی مَاشِیا) لِلْإِخْلَالِ بِالصِّفَهِ فَلَمْ یجُزْ، ثُمَّ إنْ کانَتْ السَّنَهُ مُعَینَهً فَالْقَضَاءُ بِمَعْنَاهُ الْمُتَعَارَفِ، وَ یلْزَمُهُ مَعَ ذَلِک کفَّارَهٌ بِسَبَبِهِ، و أن کانَتْ مُطْلَقَهً فَالْقَضَاءُ بِمَعْنَی الْفِعْلِ ثَانِیا وَ لَا کفَّارَهَ، و فی الدُّرُوسِ لَوْ رَکبَ بَعْضَهُ قَضَی مُلَفِّقًا، فَیمْشِی مَا رَکبَ وَ یتَخَیرُ فِیمَا مَشَی مِنْهُ، و لو اشْتَبَهَتْ الْأَمَاکنُ احْتَاطَ بِالْمَشْی فِی کلِّ مَا یجُوزُ فِیهِ أَنْ یکونَ قَدْ رَکبَ.

وَ مَا اخْتَارَهُ هُنَا أَجْوَدُ، (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْی رَکبَ) مَعَ تَعْیینِ السَّنَهِ، أَوْ الْإِطْلَاقِ وَ الْیأْسِ مِنْ الْقُدْرَهِ و لو بِضِیقِ وَقْتِهِ لِظَنِّ الْوَفَاهِ، وَ الا تَوَقَّعَ الْمُکنَهَ.

(وَ) حَیثُ جَازَ الرُّکوبُ (سَاقَ بَدَنَهً) جَبْرًا لِلْوَصْفِ الْفَائِتِ وُجُوبًا عَلَی ظَاهِرِ الْعِبَارَهِ، وَ مَذْهَبِ جَمَاعَهٍ، وَ اسْتِحْبَابًا عَلَی الْأَقْوَی، جَمْعًا بَینَ الْأَدِلَّهِ، وَ تَرَدَّدَ فِی الدُّرُوسِ.

هَذَا کلُّهُ مَعَ إطْلَاقِ نَذْرِ الْحَجِّ مَاشِیا، أَوْ نَذْرِهِمَا لَا عَلَی مَعْنَی جَعْلِ الْمَشْی قَیدًا لَازِمًا فِی الْحَجِّ بِحَیثُ لَا

یرِیدُ إلَّا جَمْعَهُمَا، وَ الا سَقَطَ الْحَجُّ أَیضًا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَشْی.

(وَیشْتَرَطُ فِی النَّائِبِ) فِی الْحَجِّ

(وَیشْتَرَطُ فِی النَّائِبِ) فِی الْحَجِّ

(الْبُلُوغُ وَ الْعَقْلُ وَ الْخُلُوُّ) أَی خُلُوُّ ذِمَّتِهِ (مِنْ حَجٍّ وَاجِبٍ) فِی ذَلِک الْعَامِ، (مَعَ التَّمَکنِ مِنْهُ، و لو مَشْیا) حَیثُ لَا یشْتَرَطُ فِیهِ الِاسْتِطَاعَهُ کالْمُسْتَقِرِّ مِنْ حَجِّ الْإِسْلَامِ ثُمَّ یذْهَبُ الْمَالُ، فَلَا تَصِحُّ نِیابَهُ الصَّبِی، وَ لَا الْمَجْنُونِ مُطْلَقًا، وَ لَا مَشْغُولِ الذِّمَّهِ بِهِ فِی عَامِ النِّیابَهِ؛ لِلتَّنَافِی، و لو کانَ فِی عَامٍ بَعْدَهُ کمَنْ نَذَرَهُ کذَلِک أَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ صَحَّتْ نِیابَتُهُ قَبْلَهُ، وَ کذَا الْمُعَینُ حَیثُ یعْجَزُ عَنْهُ و لو مَشْیا لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ فِی ذَلِک الْعَامِ؛ لِلْعَجْزِ، و أن کانَ بَاقِیا فِی الذِّمَّهِ، لَکنْ یرَاعَی فِی جَوَازِ اسْتِنَابَتِهِ ضِیقُ الْوَقْتِ، بِحَیثُ لَا یحْتَمِلُ تَجَدُّدَ الِاسْتِطَاعَهِ عَادَهً.

فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ کذَلِک، ثُمَّ اتَّفَقَتْ الِاسْتِطَاعَهُ عَلَی خِلَافِ الْعَادَهِ لَمْ ینْفَسِخْ، کمَا لَوْ تَجَدَّدَتْ الِاسْتِطَاعَهُ لِحَجِّ الْإِسْلَامِ بَعْدَهَا، فَیقَدِّمُ حَجَّ النِّیابَهِ، وَ یرَاعَی فِی وُجُوبِ حَجِّ الْإِسْلَامِ بَقَاؤُهَا إلَی الْقَابِلِ.

(وَالْإِسْلَامُ) إنْ صَحَّحْنَا عِبَادَهَ الْمُخَالِفِ، وَ الا اُعْتُبِرَ الْإِیمَانُ أَیضًا، و هو الْأَقْوَی.

وَ فِی الدُّرُوسِ حَکی صِحَّهَ نِیابَهِ غَیرِ الْمُؤْمِنِ عَنْهُ قَوْلًا مُشْعِرًا بِتَمْرِیضِهِ، و لم یرَجِّحْ شَیئًا، (وَإِسْلَامُ الْمَنُوبِ عَنْهُ، وَ اعْتِقَادُهُ الْحَقَّ) فَلَا یصِحُّ الْحَجُّ عَنْ الْمُخَالِفِ مُطْلَقًا، (إلَّا أَنْ یکونَ أَبًا لِلنَّائِبِ) و أن عَلَا لِلْأَبِ، لَا لِلْأُمِّ، فَیصِحُّ و أن کانَ نَاصِبِیا.

وَ اسْتَقْرَبَ فِی الدُّرُوسِ اخْتِصَاصَ الْمَنْعِ بِالنَّاصِبِ، وَ یسْتَثْنَی مِنْهُ الْأَبُ.

وَ الْأَجْوَدُ الْأَوَّلُ؛ لِلرِّوَایهِ، وَ الشُّهْرَهِ، وَ مَنَعَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا.

وَ فِی إلْحَاقِ بَاقِی الْعِبَادَاتِ بِهِ وَجْهٌ، خُصُوصًا إذَا لَمْ یکنْ نَاصِبِیا.

(وَیشْتَرَطُ نِیهُ النِّیابَهِ) بِأَنْ یقْصِدَ کوْنَهُ نَائِبًا، وَ لَمَّا کانَ ذَلِک أَعَمَّ مِنْ تَعْیینِ مَنْ ینُوبُ عَنْهُ نَبَّهَ عَلَی اعْتِبَارِهِ أَیضًا بِقَوْلِهِ، (وَتَعْیینُ الْمَنُوبِ عَنْهُ قَصْدًا) فِی

نِیهِ کلِّ فِعْلٍ یفْتَقِرُ إلَیهَا.

وَ لَوْ اقْتَصَرَ فِی النِّیهِ عَلَی تَعْیینِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، بِأَنْ ینْوِی أَنَّهُ عَنْ فُلَانٍ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ ذَلِک یسْتَلْزِمُ النِّیابَهَ عَنْهُ، وَ لَا یسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِمَدْلُولِ هَذَا الْقَصْدِ، (وَ) إنَّمَا (یسْتَحَبُّ) تَعْیینُهُ (لَفْظًا عِنْدَ بَاقِی الْأَفْعَالِ)، و فی المَوَاطِنِ کلِّهَا بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ مَا أَصَابَنِی مِنْ تَعَبٍ، أَوْ لُغُوبٍ، أَوْ نَصَبٍ فَأَجِرْ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَ أَجِرْنِی فِی نِیابَتِی عَنْهُ.

وَ هَذَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ النِّیهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَیهَا، أَوْ بَعْدَهَا، (وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ) أَی: ذِمَّهِ النَّائِبِ مِنْ الْحَجِّ، وَ کذَلِک ذِمَّهُ الْمَنُوبِ عَنْهُ.

إنْ کانَتْ مَشْغُولَهً (لَوْ مَاتَ) النَّائِبُ (مُحْرِمًا بَعْدَ دُخُولِ الْحَرَمِ) ظَرْفٌ لِلْمَوْتِ لَا لِلْإِحْرَامِ، (وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) مِنْ الْحَرَمِ (بَعْدَهُ) أَی، بَعْدَ دُخُولِهِ و مثله مَا لَوْ خَرَجَ مِنْ الْإِحْرَامِ أَیضًا کمَا لَوْ مَاتَ بَینَ الْإِحْرَامَینِ، إلَّا أَنَّهُ لَا یدْخُلُ فِی الْعِبَارَهِ؛ لِفَرْضِهِ الْمَوْتَ فِی حَالِ کوْنِهِ مُحْرِمًا، و لو قَالَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَ دُخُولِ الْحَرَمِ شَمِلَهُمَا؛ لِصِدْقِ الْبَعْدِیهِ بَعْدَهُمَا، وَ أَوْلَوِیهُ الْمَوْتِ بَعْدَهُ مِنْهُ حَالَتَهُ مَمْنُوعَهٌ.

(وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِک) سَوَاءٌ کانَ قَدْ أَحْرَمَ، أَمْ لَا لَمْ یصِحَّ الْحَجُّ عَنْهُمَا، و أن کانَ النَّائِبُ أَجِیرًا، و قد قَبَضَ الْأُجْرَهَ (اُسْتُعِیدَ مِنْ الْأُجْرَهِ بِالنِّسْبَهِ) أَی بِنِسْبَهِ مَا بَقِی مِنْ الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَیهِ، فَإِنْ کانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَی فِعْلِ الْحَجِّ خَاصَّهً، أَوْ مُطْلَقًا، و کان مَوْتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ اسْتَحَقَّ بِنِسْبَتِهِ إلَی بَقِیهِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، و أن کانَ عَلَیهِ، و علی الذَّهَابِ اسْتَحَقَّ أُجْرَهَ الذَّهَابِ وَ الْإِحْرَامِ، وَ اسْتُعِیدَ الْبَاقِی، و أن کانَ عَلَیهِمَا و علی الْعَوْدِ فَبِنِسْبَتِهِ إلَی الْجَمِیعِ، و أن کانَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَفِی الْأَوَّلَینِ لَا یسْتَحِقُّ شَیئًا، و فی الأَخِیرَینِ بِنِسْبَهِ مَا قَطَعَ مِنْ الْمَسَافَهِ إلَی مَا بَقِی مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَیهِ.

وَ أَمَّا الْقَوْلُ

بِأَنَّهُ یسْتَحِقُّ مَعَ الْإِطْلَاقِ بِنِسْبَهِ مَا فَعَلَ مِنْ الذَّهَابِ إلَی الْمَجْمُوعِ مِنْهُ و من أَفْعَالِ الْحَجِّ وَ الْعَوْدِ کمَا ذَهَبَ إلَیهِ جَمَاعَهٌ، فَفِی غَایهِ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْحَجِّ لَا یتَنَاوَلُ غَیرَ الْمَجْمُوعِ الْمُرَکبِ مِنْ أَفْعَالِهِ الْخَاصَّهِ، دُونَ الذَّهَابِ إلَیهِ، و أن جَعَلْنَاهُ مُقَدِّمَهً لِلْوَاجِبِ، وَ الْعَوْدِ الَّذِی لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی الْحَقِیقَهِ، وَ لَا مَا یتَوَقَّفُ عَلَیهَا بِوَجْهٍ.

(وَیجِبُ عَلَی الْأَجِیرِ الْإِتْیانُ بِمَا شَرَطَ عَلَیهِ) مِنْ نَوْعِ الْحَجِّ وَ وَصْفِهِ (حَتَّی الطَّرِیقِ مَعَ الْغَرَضِ) قَیدٌ فِی تَعَینِ الطَّرِیقِ بِالتَّعْیینِ.

بِمَعْنَی أَنَّهُ لَا یتَعَینُ بِهِ إلَّا مَعَ الْغَرَضُ الْمُقْتَضِی لِتَخْصِیصِهِ، کمَشَقَّتِهِ وَ بُعْدِهِ، حَیثُ یکونُ دَاخِلًا فِی الْإِجَارَهِ، لِاسْتِلْزَامِهَا زِیادَهَ الثَّوَابِ، أَوْ بُعْدَ مَسَافَهِ الْإِحْرَامِ، وَ یمْکنُ کوْنُهُ قَیدًا فِی وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِمَا شَرَطَ مُطْلَقًا، فَلَا یتَعَینُ النَّوْعُ کذَلِک إلَّا مَعَ الْغَرَضِ کتَعْیینِ الْأَفْضَلِ، أَوْ تَعَینِهِ عَلَی الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَمَعَ انْتِفَائِهِ کالْمَنْدُوبِ وَ الْوَاجِبِ الْمُخَیرِ کنَذْرٍ مُطْلَقٍ، أَوْ تَسَاوِی مَنْزِلَی الْمَنُوبِ عَنْهُ فِی الْإِقَامَهُ یجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ الْمُعَینِ إلَی الْأَفْضَلِ، کالْعُدُولِ مِنْ الْإِفْرَادِ إلَی الْقِرَانِ، وَ مِنْهُمَا إلَی التَّمَتُّعِ، لَا مِنْهُ إلَیهِمَا، وَ لَا مِنْ الْقِرَانِ إلَی الْإِفْرَادِ.

وَ لَکنْ یشْکلُ ذَلِک فِی الْمِیقَاتِ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ و غیرهُ أَطْلَقُوا تَعَینَهُ بِالتَّعْیینِ، مِنْ غَیرِ تَفْصِیلٍ بِالْعُدُولِ إلَی الْأَفْضَلِ و غیرهِ، و إنّما جَوَّزُوا ذَلِک فِی الطَّرِیقِ وَ النَّوْعِ بِالنَّصِّ، وَ لَمَّا انْتَفَی فِی الْمِیقَاتِ أَطْلَقُوا تَعَینَهُ بِهِ، و أن کانَ التَّفْصِیلُ فِیهِ مُتَوَجِّهًا أَیضًا، إلَّا أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ.

وَ حَیثُ یعْدِلُ إلَی غَیرِ الْمُعَینِ مَعَ جَوَازِهِ یسْتَحِقُّ جَمِیعَ الْأُجْرَهِ، وَ لَا مَعَهُ لَا یسْتَحِقُّ فِی النَّوْعِ شَیئًا، و فی الطَّرِیقِ یسْتَحِقُّ بِنِسْبَهِ الْحَجِّ إلَی الْمُسَمَّی لِلْجَمِیعِ، وَ تَسْقُطُ أُجْرَهُ مَا تَرَکهُ مِنْ الطَّرِیقِ، وَ لَا یوَزِّعُ لِلطَّرِیقِ الْمَسْلُوکهِ؛ لِأَنَّهُ غَیرُ

مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَیهِ وَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَ جَمَاعَهٌ الرُّجُوعَ عَلَیهِ بِالتَّفَاوُتِ بَینَهُمَا، وَ کذَا الْقَوْلُ فِی الْمِیقَاتِ وَ یقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ فِی الْجَمِیعِ، و أن لَمْ یسْتَحِقَّ فِی الْأَوَّلِ أُجْرَهً.

(وَلَیسَ لَهُ الِاسْتِنَابَهُ إلَّا مَعَ الْإِذْنِ) لَهُ فِیهَا (صَرِیحًا) مِمَّنْ یجُوزُ لَهُ الْإِذْنُ فِیهَا کالْمُسْتَأْجِرِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ الْوَصِی، لَا الْوَکیلِ، إلَّا مَعَ إذْنِ الْمُوَکلِ لَهُ فِی ذَلِک، (أَوْ إیقَاعِ الْعَقْدِ مُقَیدًا بِالْإِطْلَاقِ)، لَا إیقَاعِهِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ یقْتَضِی الْمُبَاشَرَهَ بِنَفْسِهِ، وَ الْمُرَادُ بِتَقْییدِهِ بِالْإِطْلَاقِ أَنْ یسْتَأْجِرَهُ لِیحُجَّ مُطْلَقًا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَیرِهِ، أَوْ بِمَا یدُلُّ عَلَیهِ کأَنْ یسْتَأْجِرَهُ لِتَحْصِیلِ الْحَجِّ عَنْ الْمَنُوبِ.

وَ بِإِیقَاعِهِ مُطْلَقًا أَنْ یسْتَأْجِرَهُ لِیحُجَّ عَنْهُ، فَإِنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ یقْتَضِی مُبَاشَرَتَهُ، لَا اسْتِنَابَتَهُ فِیهِ.

وَ حَیثُ یجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَهُ یشْتَرَطُ فِی نَائِبِهِ الْعَدَالَهُ، و أن لَمْ یکنْ هُوَ عَدْلًا.

(وَلَا یحُجُّ عَنْ اثْنَینِ فِی عَامٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ و أن تَعَدَّدَتْ أَفْعَالُهُ عِبَادَهٌ وَاحِدَهٌ فَلَا یقَعُ عَنْ اثْنَینِ.

هَذَا إذَا کانَ الْحَجُّ وَاجِبًا عَلَی کلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ أُرِیدَ إیقَاعُهُ عَنْ کلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

أَمَّا لَوْ کانَ مَنْدُوبًا وَ أُرِیدَ إیقَاعُهُ عَنْهُمَا، لِیشْتَرِکا فِی ثَوَابِهِ، أَوْ وَاجِبًا عَلَیهِمَا کذَلِک، بِأَنْ ینْذِرَا الِاشْتِرَاک فِی حَجٍّ یسْتَنِیبَانِ فِیهِ کذَلِک فَالظَّاهِرُ الصِّحَّهُ فَیقَعُ فِی الْعَامِ الْوَاحِدِ عَنْهُمَا، وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ فِی الدُّرُوسِ، و علی تَقْدِیرِ الْمَنْعِ لَوْ فَعَلَهُ عَنْهُمَا لَمْ یقَعْ عَنْهُمَا، وَ لَا عَنْهُ، أَمَّا اسْتِئْجَارُهُ لِعُمْرَتَینِ، أَوْ حَجَّهٍ مُفْرَدَهٍ، وَ عُمْرَهٍ مُفْرَدَهٍ فَجَائِزٌ؛ لِعَدَمِ الْمُنَافَاهِ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَاهُ لِعَامٍ) وَاحِدٍ (فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا) بِالْإِجَارَهِ (صَحَّ السَّابِقُ) وَ بَطَلَ اللَّاحِقُ، (وَإِنْ اقْتَرَنَا) بِأَنْ أَوْجَبَاهُ مَعًا فَقَبِلَهُمَا، أَوْ وَکلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ وَکلَا ثَالِثًا فَأَوْقَعَ صِیغَهً وَاحِدَهً عَنْهُمَا (بَطَلَا) لِاسْتِحَالَهِ التَّرْجِیحِ مِنْ غَیرِ مُرَجِّحٍ، و مثله مَا لَوْ اسْتَأْجَرَاهُ مُطْلَقًا لِاقْتِضَائِهِ التَّعْجِیلَ، أَمَّا

لَوْ اخْتَلَفَ زَمَانُ الْإِیقَاعِ صَحَّ، و أن اتَّفَقَ الْعَقْدَانِ، إلَّا مَعَ فَوْرِیهِ الْمُتَأَخِّرِ، وَ إِمْکانِ اسْتِنَابَهِ مَنْ یعَجِّلُهُ فَیبْطُلُ.

وَ تَجُوزُ النِّیابَهُ فِی أَبْعَاضِ الْحَجِّ) الَّتِی تَقْبَلُ النِّیابَهَ (کالطَّوَافِ) وَ رَکعَتَیهِ، (وَالسَّعْی وَ الرَّمْی)، لَا الْإِحْرَامِ، وَ الْوُقُوفِ، وَ الْحَلْقِ، وَ الْمَبِیتِ بِمِنًی (مَعَ الْعَجْزِ) عَنْ مُبَاشَرَتِهَا بِنَفْسِهِ، لِغَیبَهٍ، أَوْ مَرَضٍ یعْجَزُ مَعَهُ و لو عَنْ أَنْ یطَافَ أَوْ یسْعَی بِهِ.

وَ فِی إلْحَاقِ الْحَیضِ بِهِ فِیمَا یفْتَقِرُ إلَی الطَّهَارَهِ وَجْهٌ، و حکم الْأَکثَرُ بِعُدُولِهَا إلَی غَیرِ النَّوْعِ لَوْ تَعَذَّرَ إکمَالُهُ لِذَلِک، (وَلَوْ أَمْکنَ حَمْلُهُ فِی الطَّوَافِ وَ السَّعْی وَجَبَ) مُقَدَّمًا عَلَی الِاسْتِنَابَهِ، (وَیحْتَسِبُ لَهُمَا) لَوْ نَوَیاهُ، إلَّا أَنْ یسْتَأْجِرَهُ لِلْحَمْلِ لَا فِی طَوَافِهِ، أَوْ مُطْلَقًا، فَلَا یحْتَسِبُ لِلْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الْحَرَکهَ، مَعَ الْإِطْلَاقِ قَدْ صَارَتْ مُسْتَحَقَّهً عَلَیهِ لِغَیرِهِ، فَلَا یجُوزُ صَرْفُهَا إلَی نَفْسِهِ.

وَ اقْتَصَرَ فِی الدُّرُوسِ عَلَی الشَّرْطِ الْأَوَّلِ (وَکفَّارَهُ الْإِحْرَامِ) اللَّازِمَهُ بِسَبَبِ فِعْلِ الْأَجِیرِ مُوجِبُهَا (فِی مَالِ الْأَجِیرِ)، لَا الْمُسْتَنِیبِ، لِأَنَّهُ فَاعِلُ السَّبَبِ، و هی کفَّارَهٌ لِلذَّنْبِ اللَّاحِقِ بِهِ (وَلَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ قَضَی فِی) الْعَامِ (الْقَابِلِ)؛ لِوُجُوبِهِ بِسَبَبِ الْإِفْسَادِ، و أن کانَتْ مُعَینَهً بِذَلِک الْعَامِ، (وَالْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ) عَنْ فَرْضِهِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَیهِ، بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْأَوْلَی فَرْضُهُ، وَ الْقَضَاءُ عُقُوبَهٌ، (وَیمْلِک الْأُجْرَهَ) حِینَئِذٍ؛ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِالْمُعَینِ، وَ التَّأْخِیرِ فِی الْمُطْلَقِ.

وَ وَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِی الْمُعَینَهِ، بِنَاءً عَلَی أَنَّ الثَّانِیهَ فَرْضُهُ ظَاهِرٌ لِلْإِخْلَالِ بِالْمَشْرُوطِ وَ کذَا فِی الْمُطْلَقِ عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، مِنْ أَنَّ تَأْخِیرَهَا عَنْ السَّنَهِ الْأُولَی لَا لِعُذْرٍ یوجِبُ عَدَمَ الْأُجْرَهِ، بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْإِطْلَاقَ یقْتَضِی التَّعْجِیلَ فَیکونُ کالْمُعَینَهِ.

فَإِذَا جَعَلْنَا الثَّانِیهَ فَرْضَهُ کانَ کتَأْخِیرِ الْمُطْلَقِ، فَلَا یجْزِئُ وَ لَا یسْتَحِقُّ أُجْرَهً، وَ الْمَرْوِی فِی حُسْنِهِ زُرَارَهُ أَنَّ الْأُولَی فَرْضُهُ، وَ الثَّانِیهَ عُقُوبَهٌ، وَ تَسْمِیتُهَا

حِینَئِذٍ فَاسِدَهً مَجَازٌ، و هو الَّذِی مَالَ إلَیهِ الْمُصَنِّفُ، لَکنَّ الرِّوَایهَ مَقْطُوعَهٌ، و لو لَمْ نَعْتَبِرْهَا لَکانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الثَّانِیهَ فَرْضُهُ أَوْضَحُ، کمَا ذَهَبَ إلَیهِ ابْنُ إدْرِیسَ.

وَ فَصَّلَ الْعَلَّامَهُ فِی الْقَوَاعِدِ غَرِیبًا، فَأَوْجَبَ فِی الْمُطْلَقَهِ قَضَاءَ الْفَاسِدَهِ فِی السَّنَهِ الثَّانِیهِ، وَ الْحَجَّ عَنْ النِّیابَهِ بَعْدَ ذَلِک، و هو خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِبَارَینِ؛ لِأَنَّ غَایتَهُ أَنْ تَکونَ الْعُقُوبَهُ هِی الْأُولَی، فَتَکونَ الثَّانِیهُ فَرْضَهُ، فَلَا وَجْهَ لِلثَّالِثَهِ، وَلَکنَّهُ بَنَی عَلَی أَنَّ الْإِفْسَادَ یوجِبُ الْحَجَّ ثَانِیا، فَهُوَ سَبَبٌ فِیهِ کالِاسْتِئْجَارِ، فَإِذَا جَعَلْنَا الْأُولَی هِی الْفَاسِدَهَ لَمْ تَقَعْ عَنْ الْمَنُوبِ، وَ الثَّانِیهُ وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْإِفْسَادِ، و هو خَارِجٌ عَنْ الْإِجَارَهِ فَتَجِبُ الثَّالِثَهُ.

فَعَلَی هَذَا ینْوِی الثَّانِیهَ عَنْ نَفْسِهِ، و علی جَعْلِهَا الْفَرْضَ ینْوِیهَا عَنْ الْمَنُوبِ، و علی الرِّوَایهِ ینْبَغِی أَنْ یکونَ عَنْهُ، مَعَ احْتِمَالِ کوْنِهَا عَنْ الْمَنُوبِ أَیضًا.

(وَیسْتَحَبُّ) لِلْأَجِیرِ (إعَادَهُ فَاضِلِ الْأُجْرَهِ) عَمَّا أَنْفَقَهُ فِی الْحَجِّ ذَهَابًا وَ عَوْدًا، (وَالْإِتْمَامُ لَهُ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ الْوَصِی مَعَ النَّصِّ، لَا بِدُونِهِ (لَوْ أَعْوَزَ)، و هل یسْتَحَبُّ لِکلٍّ مِنْهُمَا إجَابَهُ الْآخَرِ إلَی ذَلِک تَنَظَّرَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، مِنْ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ و من أَنَّهُ مُعَاوَنَهٌ عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوَی (وَتَرْک نِیابَهِ الْمَرْأَهِ الصَّرُورَهِ) و هی الَّتِی لَمْ تَحُجَّ؛ لِلنَّهْی عَنْهُ فِی أَخْبَارٍ، حَتَّی ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَی الْمَنْعِ لِذَلِک، وَ حَمْلُهَا عَلَی الْکرَاهَهِ، طَرِیقُ الْجَمْعِ بَینَهَا و بین مَا دَلَّ عَلَی الْجَوَازِ، (وَکذَا الْخُنْثَی الصَّرُورَهِ)، إلْحَاقًا لَهَا بِالْأُنْثَی؛ لِلشَّک فِی الذُّکورِیهِ، وَ یحْتَمَلُ عَدَمُ الْکرَاهَهِ؛ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْمَرْأَهِ الَّتِی هِی مَوْرِدُ النَّهْی لَهَا.

(وَیشْتَرَطُ عِلْمُ الْأَجِیرِ بِالْمَنَاسِک) و لو إجْمَالًا، لِیتَمَکنَ مِنْ تَعَلُّمِهَا تَفْصِیلًا و لو حَجَّ مَعَ مُرْشِدٍ عَدْلٍ أَجْزَأَ، (وَقُدْرَتُهُ عَلَیهَا)، عَلَی الْوَجْهِ الَّذِی عَینَ، فَلَوْ کانَ عَاجِزًا عَنْ الطَّوَافِ بِنَفْسِهِ، وَ

اسْتُؤْجِرَ عَلَی الْمُبَاشَرَهِ لَمْ یصِحَّ وَ کذَا لَوْ کانَ لَا یسْتَطِیعُ الْقِیامَ فِی صَلَاهِ الطَّوَافِ.

نَعَمْ لَوْ رَضِی الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِک حَیثُ یصِحُّ مِنْهُ الرِّضَا جَازَ، (وَعَدَالَتُهُ) حَیثُ تَکونُ الْإِجَارَهُ عَنْ مَیتٍ، أَوْ مَنْ یجِبُ عَلَیهِ الْحَجُّ، (فَلَا یسْتَأْجَرُ فَاسِقٌ)، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِیحُجَّ عَنْهُ تَبَرُّعًا لَمْ تُعْتَبَرْ الْعَدَالَهُ؛ لِصِحَّهِ حَجِّ الْفَاسِقِ، و إنّما الْمَانِعُ عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِهِ، (وَلَوْ حَجَّ) الْفَاسِقُ عَنْ غَیرِهِ (أَجْزَأَ) عَنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ، و أن وَجَبَ عَلَیهِ اسْتِنَابَهُ غَیرِهِ لَوْ کانَ وَاجِبًا، وَ کذَا الْقَوْلُ فِی غَیرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ کالصَّلَاهِ وَ الصَّوْمِ وَ الزِّیارَهِ الْمُتَوَقِّفَهِ عَلَی النِّیهِ.

(وَالْوَصِیهُ بِالْحَجِّ) مُطْلَقًا مِنْ غَیرِ تَعْیینِ مَالِ (ینْصَرِفُ إلَی أُجْرَهِ الْمِثْلِ) و هو مَا یبْذَلُ غَالِبًا لِلْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ، لِمَنْ اسْتَجْمَعَ شَرَائِطَ النِّیابَهِ فِی أَقَلِّ مَرَاتِبِهَا وَ یحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْأَوْسَطِ هَذَا إذَا لَمْ یوجَدْ مَنْ یأْخُذُ أَقَلَّ مِنْهَا، وَ الا اقْتَصَرَ عَلَیهِ، وَ لَا یجِبُ تَکلُّفُ تَحْصِیلٍ، وَ یعْتَبَرُ ذَلِک مِنْ الْبَلَدِ، أَوْ الْمِیقَاتِ عَلَی الْخِلَافِ، (وَیکفِی) مَعَ الْإِطْلَاقِ (الْمَرَّهُ إلَّا مَعَ إرَادَهِ التَّکرَارِ) فَیکرِّرُ حَسَبَ مَا دَلَّ عَلَیهِ اللَّفْظُ، فَإِنْ زَادَ عَنْ الثُّلُثِ اقْتَصَرَ عَلَیهِ، إنْ لَمْ یجِزْ الْوَارِثُ، و لو کانَ بَعْضُهُ، أَوْ جَمِیعُهُ وَاجِبًا فَمِنْ الْأَصْلِ.

(وَلَوْ عَینَ الْقَدْرَ وَ النَّائِبَ تَعَینَا) إنْ لَمْ یزِدْ الْقَدْرُ عَنْ الثُّلُثِ فِی الْمَنْدُوبِ وَ عَنْ أُجْرَهِ الْمِثْلِ فِی الْوَاجِبِ، وَ الا اُعْتُبِرَتْ الزِّیادَهُ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ عَدَمِ إجَازَهِ الْوَارِثِ، وَ لَا یجِبُ عَلَی النَّائِبِ الْقَبُولُ، فَإِنْ امْتَنَعَ طَلَبًا لِلزِّیادَهِ لَمْ یجِبْ إجَابَتُهُ، ثُمَّ یسْتَأْجِرُ غَیرَهُ بِالْقَدْرِ إنْ لَمْ یعْلَمْ إرَادَهَ تَخْصِیصِهِ بِهِ، وَ الا فَبِأُجْرَهِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ یزِدْ عَنْهُ أَوْ یعْلَمْ إرَادَتَهُ خَاصَّهً فَیسْقُطْ بِامْتِنَاعِهِ بِالْقَدْرِ، أَوْ مُطْلَقًا، و لو عَینَ النَّائِبَ خَاصَّهً أُعْطِی أُجْرَهَ

مِثْلِ مَنْ یحُجَّ مُجْزِیا، وَ یحْتَمِلُ أُجْرَهَ مِثْلِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، أَوْ مُطْلَقًا اُسْتُؤْجِرَ غَیرُهُ، إنْ لَمْ یعْلَمْ إرَادَهَ التَّخْصِیصِ، وَ الا سَقَطَ. (وَلَوْ عَینَ لِکلِّ سَنَهٍ قَدْرًا) مُفَصَّلًا کأَلْفٍ، أَوْ مُجْمَلًا کغَلَّهِ بُسْتَانٍ، (وَقَصْرٍ کمَّلَ مِنْ الثَّانِیهِ فَإِنْ لَمْ تَسَعْ) الثَّانِیهُ، (فَالثَّالِثَهُ)، فَصَاعِدًا مَا یتَمِّمُ أُجْرَهَ الْمِثْلِ، و لو بِجُزْءٍ، وَ صَرْفُ الْبَاقِی مَعَ مَا بَعْدَهُ کذَلِک.

وَ لَوْ کانَتْ السُّنُونَ مُعَینَهً فَفَضَلَ مِنْهَا فَضْلَهٌ لَا تَفِی بِالْحَجِّ أَصْلًا فَفِی عَوْدِهَا إلَی الْوَرَثَهِ، أَوْ صَرْفِهَا فِی وُجُوهِ الْبِرِّ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا الْأَوَّلُ إنْ کانَ الْقُصُورُ ابْتِدَاءً، وَ الثَّانِی إنْ کانَ طَارِئًا، وَ الْوَجْهَانِ آتِیانِ فِیمَا لَوْ قَصُرَ الْمُعَینُ لِحَجَّهٍ وَاحِدَهٍ، أَوْ قَصُرَ مَالُهُ أَجْمَعُ عَنْ الْحَجَّهِ الْوَاجِبَهِ، و لو أَمْکنَ اسْتِنْمَائُهُ، أَوْ رُجِی إخْرَاجُهُ فِی وَقْتٍ آخَرَ وَجَبَ مُقَدَّمًا عَلَی الْأَمْرَینِ.

(وَلَوْ زَادَ) الْمُعَینَ لِلسَّنَهِ عَنْ أُجْرَهِ حَجَّهٍ و لم یکنْ مُقَیدًا بِوَاحِدَهٍ (حُجَّ) عَنْهُ بِهِ (مَرَّتَینِ) فَصَاعِدًا إنْ وَسِعَ (فِی عَامٍ) وَاحِدٍ (مِنْ اثْنَینِ) فَصَاعِدًا، وَ لَا یضُرُّ اجْتِمَاعُهُمَا مَعًا فِی الْفِعْلِ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِیبِ هُنَا کالصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّلَاهِ.

وَ لَوْ فَضَلَ عَنْ وَاحِدَهٍ جُزْءٌ أُضِیفَ إلَی مَا بَعْدَهُ إنْ کانَ، وَ الا فَفِیهِ مَا مَرَّ (وَالْوَدَعِی) لِمَالِ إنْسَانٍ (الْعَالِمُ بِامْتِنَاعِ الْوَارِثِ) مِنْ إخْرَاجِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَیهِ عَنْهُ (یسْتَأْجِرُ عَنْهُ مَنْ یحُجُّ أَوْ یحُجُّ) عَنْهُ (هُوَ بِنَفْسِهِ) و غیر الْوَدِیعَهِ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِیهِ حَتَّی الْغَصْبِ بِحُکمِهَا.

وَ حُکمِ غَیرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِی تَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ، کالزَّکاهِ وَ الْخُمُسِ وَ الْکفَّارَهِ وَ النَّذْرِ حُکمُهُ.

وَ الْخَبَرُ هُنَا مَعْنَاهُ الْأَمْرُ، فَإِنَّ ذَلِک وَاجِبٌ عَلَیهِ حَتَّی لَوْ دَفَعَهُ إلَی الْوَارِثِ اخْتِیارًا ضَمِنَ و لو عَلِمَ أَنَّ الْبَعْضَ یؤَدِّی فَإِنْ کانَ نَصِیبُهُ یفِی بِهِ بِحَیثُ یحْصُلُ الْغَرَضُ مِنْهُ وَجَبَ

الدَّفْعُ إلَیهِمْ، وَ الا اسْتَأْذَنَ مَنْیؤَدِّی مَعَ الْإِمْکانِ، وَ الا سَقَطَ.

وَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا یشْمَلُ الظَّنَّ الْغَالِبَ الْمُسْتَنِدَ إلَی الْقَرَائِنِ.

وَ فِی اعْتِبَارِ الْحَجِّ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمِیقَاتِ مَا مَرَّ (وَلَوْ کانَ عَلَیهِ حَجَّتَانِ إحْدَاهُمَا نَذْرٌ فَکذَلِک) یجِبُ إخْرَاجُهُمَا فَمَا زَادَ (إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْأَصْلِ) لِاشْتِرَاکهِمَا فِی کوْنِهِمَا حَقًّا وَاجِبًا مَالِیا، وَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ إخْرَاجُ الْمَنْذُورَهِ مِنْ الثُّلُثِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایهٍ مَحْمُولَهٍ عَلَی نَذْرٍ غَیرِ لَازِمٍ کالْوَاقِعِ فِی الْمَرَضِ و لو قَصُرَ الْمَالُ عَنْهُمَا تَحَاصَّتَا فِیهِ، فَإِنْ قَصُرَتْ الْحِصَّهُ عَنْ إخْرَاجِ الْحَجَّهِ بِأَقَلَّ مَا یمْکنُ وَ وَسِعَ الْحَجَّ خَاصَّهً أَوْ الْعُمْرَهَ صُرِفَ فِیهِ، فَإِنْ قَصُرَ عَنْهُمَا، وَ وَسِعَ أَحَدَهُمَا، فَفِی تَرْکهِمَا وَ الرُّجُوعِ إلَی الْوَارِثِ، أَوْ الْبِرِّ عَلَی مَا تَقَدَّمَ، أَوْ تَقْدِیمِ حَجَّهِ الْإِسْلَامِ، أَوْ الْقُرْعَهِ أَوْجُهٌ و لو وَسِعَ الْحَجَّ خَاصَّهً، أَوْ الْعُمْرَهَ فَکذَلِک.

وَ لَوْ لَمْ یسَعْ أَحَدَهُمَا فَالْقَوْلَانِ، وَ التَّفْصِیلُ آتٍ فِیمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْحَجَّتَینِ، أَوْ عَلِمَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِی کوْنَهُمَا عَلَیهِ (وَلَوْ تَعَدَّدُوا) مَنْ عِنْدَهُ الْوَدِیعَهُ أَوْ الْحَقُّ، وَ عَلِمُوا بِالْحَقِّ وَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (وُزِّعَتْ) أُجْرَهُ الْحَجَّهِ، و ما فِی حُکمِهَا عَلَیهِمْ بِنِسْبَهِ مَا بِأَیدِیهِمْ مِنْ الْمَالِ، و لو أَخْرَجَهَا بَعْضُهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِینَ، فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ؛ لِاشْتِرَاکهِمْ فِی کوْنِهِ مَالَ الْمَیتِ الَّذِی یقَدَّمُ إخْرَاجُ ذَلِک مِنْهُ عَلَی الْإِرْثِ و لو لَمْ یعْلَمْ بَعْضُهُمْ بِالْحَقِّ تَعَینَ عَلَی الْعَالِمِ بِالتَّفْصِیلِ، و لو عَلِمُوا بِهِ و لم یعْلَمْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَأَخْرَجُوا جَمِیعًا.

أَوْ حَجُّوا فَلَا ضَمَانَ مَعَ الِاجْتِهَادِ عَلَی الْأَقْوَی وَ لَا مَعَهُ ضَمِنُوا مَا زَادَ عَلَی الْوَاحِدَهِ.

وَ لَوْ عَلِمُوا فِی الْأَثْنَاءِ سَقَطَ مِنْ وَدِیعَهِ کلٍّ مِنْهُمْ مَا یخُصُّهُ مِنْ الْأُجْرَهِ، وَ تَحَلَّلُوا مَا عَدَا وَاحِدًا بِالْقُرْعَهِ، إنْ کانَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، و لو حَجُّوا عَالِمِینَ بَعْضَهُمْ

بِبَعْضٍ صَحَّ السَّابِقُ خَاصَّهً، وَ ضَمِنَ اللَّاحِقُ فَإِنْ أَحْرَمُوا دَفْعَهً وَقَعَ الْجَمِیعُ عَنْ الْمَنُوبِ وَ سَقَطَ مِنْ وَدِیعَهِ کلِّ وَاحِدٍ مَا یخُصُّهُ مِنْ الْأُجْرَهِ الْمُوَزَّعَهِ، وَ غَرِمَ الْبَاقِی و هل یتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُمْ عَلَی إذْنِ الْحَاکمِ؟ الْأَقْوَی ذَلِک مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی إثْبَاتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ وِلَایهَ إخْرَاجِ ذَلِک قَهْرًا عَلَی الْوَارِثِ إلَیهِ، و لو لَمْ یمْکنْ فَالْعَدَمُ أَقْوَی، حَذَرًا مِنْ تَعْطِیلِ الْحَقِّ الَّذِی یعْلَمُ مَنْ بِیدِهِ الْمَالُ ثُبُوتَهُ، وَ إِطْلَاقُ النَّصِّ إذْنٌ لَهُ (وَ قِیلَ: یفْتَقَرُ إلَی إذْنِ الْحَاکمِ) مُطْلَقًا، بِنَاءً عَلَی مَا سَبَقَ (وَهُوَ بَعِیدٌ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَ إِفْضَائِهِ إلَی مُخَالَفَتِهِ حَیثُ یتَعَذَّرُ.

(الْفَصْلُ الثَّانِی: فِی أَنْوَاع الْحَجِّ
التمهید

(الْفَصْلُ الثَّانِی: فِی أَنْوَاع الْحَجِّ

- و هی ثَلَاثَهٌ: تَمَتُّعٌ) وَ أَصْلُهُ التَّلَذُّذُ سُمِّی هَذَا النَّوْعُ بِهِ، لِمَا یخَلِّلُ بَینَ عُمْرَتِهِ وَ حَجِّهِ مِنْ التَّحَلُّلِ الْمُوجِبِ لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ وَ التَّلَذُّذِ بِمَا کانَ قَدْ حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ، مَعَ ارْتِبَاطِ عُمْرَتِهِ بِحَجِّهِ حَتَّی أَنَّهُمَا کالشَّیءِ الْوَاحِدِ شَرْعًا، فَإِذَا حَصَلَ بَینَهُمَا ذَلِک فَکأَنَّهُ حَصَلَ فِی الْحَجِّ (وَهُوَ فَرْضُ مَنْ نَأَی) أَی بَعُدَ (عَنْ مَکهَ بِثَمَانِیهٍ وَ أَرْبَعِینَ مِیلًا مِنْ کلِّ جَانِبٍ عَلَی الْأَصَحِّ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ الدَّالَّهِ عَلَیهِ.

وَ الْقَوْلُ الْمُقَابِلُ لِلْأَصَحِّ اعْتِبَارُ بُعْدِهِ بِاثْنَی عَشَرَ مِیلًا حَمْلًا لِلثَّمَانِیهِ وَ الْأَرْبَعِینَ عَلَی کوْنِهَا مُوَزَّعَهً عَلَی الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ، فَیخُصُّ کلَّ وَاحِدَهٍ اثْنَا عَشَرَ، وَ مَبْدَأُ التَّقْدِیرِ مُنْتَهَی عِمَارَهِ مَکهَ إلَی مَنْزِلِهِ، وَ یحْتَمِلُ إلَی بَلَدِهِ مَعَ عَدَمِ سِعَتِهَا جِدًّا، وَ الا فَمَحَلَّتُهُ.

وَ یمْتَازُ هَذَا النَّوْعُ عَنْ قَسِیمَیهِ (أَنَّهُ یقَدِّمُ عُمْرَتَهُ عَلَی حَجِّهِ نَاوِیا بِهَا التَّمَتُّعَ)، بِخِلَافِ عُمْرَتَیهِمَا فَإِنَّهَا مُفْرَدَهٌ بِنِیهٍ.

(وَقِرَانٌ وَ إِفْرَادٌ) وَ یشْتَرِکانِ فِی تَأْخِیرِ الْعُمْرَهِ عَنْ الْحَجِّ وَ جُمْلَهِ الْأَفْعَالِ.

وَ ینْفَرِدُ الْقِرَانُ بِالتَّخْییرِ فِی عَقْدِ إحْرَامِهِ بَینَ الْهَدْی وَ التَّلْبِیهِ، وَ الْإِفْرَادِ بِهَا وَ قِیلَ الْقِرَانُ: أَنْ یقْرِنَ

بَینَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَهِ بِنِیهٍ وَاحِدَهٍ، فَلَا یحِلُّ إلَّا بِتَمَامِ أَفْعَالِهَا مَعَ سَوْقِ الْهَدْی.

وَ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ (وَهُوَ) أَی کلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَرْضُ مَنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِک الْمِقْدَارِ) مِنْ الْمَسَافَهِ مُخَیرًا بَینَ النَّوْعَینِ، وَ الْقِرَانُ أَفْضَلُ (وَلَوْ أَطْلَقَ النَّاذِرُ) وَ شِبْهُهُ لِلْحَجِّ (تَخَیرَ فِی الثَّلَاثَهِ) مَکیا کانَ أَمْ أُفُقِیا (وَکذَا یتَخَیرُ مَنْ حَجَّ نَدْبًا) وَ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا و أن حَجَّ أَلْفًا وَ اَلفًا (وَلَیسَ لِمَنْ تَعَینَ عَلَیهِ نَوْعٌ) بِالْأَصَالَهِ أَوْ الْعَارِضِ (الْعُدُولُ إلَی غَیرِهِ، عَلَی الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآیهِ، وَ صَرِیحِ الرِّوَایهِ، وَ عَلَیهِ الْأَکثَرُ.

وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ جَوَازُ التَّمَتُّعِ لِلْمَکی، وَ بِهِ رِوَایاتٌ حَمَلَهَا عَلَی الضَّرُورَهِ طَرِیقُ الْجَمْعِ.

أَمَّا الثَّانِی فَلَا یجْزِئُهُ غَیرُ التَّمَتُّعِ اتِّفَاقًا (إلَّا لِضَرُورَهٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْعُدُولِ مُطْلَقًا وَ یتَحَقَّقُ ضَرُورَهُ الْمُتَمَتِّعِ بِخَوْفِ الْحَیضِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَی طَوَافِ الْعُمْرَهِ، بِحَیثُ یفُوتُ اخْتِیارَی عَرَفَهَ قَبْلَ إتْمَامِهَا، أَوْ التَّخَلُّفُ عَنْ الرُّفْقَهِ إلَی عَرَفَهَ حَیثُ یحْتَاجُ إلَیهَا، وَ خَوْفُهُ مِنْ دُخُولِ مَکهَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَا بَعْدَهُ وَ نَحْوُهُ، وَ ضَرُورَهُ الْمَکی بِخَوْفِ الْحَیضِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ النَّفَرِ مَعَ عَدَمِ إمْکانِ تَأْخِیرِ الْعُمْرَهِ إلَی أَنْ تَطْهُرَ وَ خَوْفُ عَدُوٍّ بَعْدَهُ، وَ فَوْتُ الصُّحْبَهِ کذَلِک (وَلَا یقَعُ) وَ فِی نُسْخَهٍ لَا یصِحُّ (الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ) بِجَمِیعِ أَنْوَاعِهِ (أَوْ عُمْرَهِ التَّمَتُّعِ إلَّا فِی) أَشْهُرِ الْحَجِّ (شَوَّالٍ وَ ذِی الْقِعْدَهِ وَ ذِی الْحِجَّهِ) عَلَی وَجْهٍ یدْرِک بَاقِی الْمَنَاسِک فِی وَقْتِهَا، و من ثَمَّ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَی أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ الشَّهْرَانِ وَ تِسْعٌ مِنْ ذِی الْحِجَّهِ لِفَوَاتِ اخْتِیارَی عَرَفَهَ اخْتِیارًا بَعْدَهَا.

وَ قِیلَ: عَشْرٌ لِإِمْکانِ إدْرَاک الْحَجِّ فِی الْعَاشِرِ بِإِدْرَاک الْمَشْعَرِ وَحْدَهُ، حَیثُ لَا یکونُ فَوَاتُ عَرَفَهَ اخْتِیارِیا، و من جَعَلَهَا الثَّلَاثَهَ نَظَرَ إلَی کوْنِهَا ظَرْفًا زَمَانِیا لِوُقُوعِ أَفْعَالِهِ فِی الْجُمْلَهِ، وَ فِی

جَعْلِ الْحَجِّ أَشْهُرًا بِصِیغَهِ الْجَمْعِ فِی الْآیهِ إرْشَادٌ إلَی تَرْجِیحِهِ، وَ بِذَلِک یظْهَرُ أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِی.

وَ بَقِی الْعُمْرَهُ الْمُفْرَدَهُ وَ وَقْتُهَا مَجْمُوعُ أَیامِ السَّنَهِ (وَیشْتَرَطُ فِی التَّمَتُّعِ جَمْعُ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ) فَلَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ عَنْ سَنَتِهَا صَارَتْ مُفْرَدَهً، فَیتْبَعُهَا بِطَوَافِ النِّسَاءِ.

أَمَّا قَسِیمَاهُ فَلَا یشْتَرَطُ إیقَاعُهُمَا فِی سَنَهٍ فِی الْمَشْهُورِ، خِلَافًا لِلشَّیخِ حَیثُ اعْتَبَرَهَا فِی الْقِرَانِ کالتَّمَتُّعِ (وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ لَهُ) أَی لِلتَّمَتُّعِ (مِنْ مَکهَ) مِنْ أَی مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْهَا (وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ) الْحَرَامُ (ثُمَّ) الْأَفْضَلُ مِنْهُ (الْمَقَامُ، أَوْ تَحْتَ الْمِیزَابِ) مُخَیرًا بَینَهُمَا وَ ظَاهِرُهُ تَسَاوِیهِمَا فِی الْفَضْلِ.

وَ فِی الدُّرُوسِ الْأَقْرَبُ أَنَّ فِعْلَهُ فِی الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجْرِ تَحْتَ الْمِیزَابِ، وَ کلَاهُمَا مَرْوِی (وَلَوْ أَحْرَمَ) الْمُتَمَتِّعُ بِحَجِّهِ (بِغَیرِهَا) أَی غَیرِ مَکهَ (لَمْ یجُزْ إلَّا مَعَ التَّعَذُّرِ الْمُتَحَقَّقِ) بِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَیهَا ابْتِدَاءً، أَوْ تَعَذُّرِ الْعَوْدِ إلَیهَا مَعَ تَرْکهِ بِهَا نِسْیانًا أَوْ جَهْلًا لَا عَمْدًا وَ لَا فَرْقَ بَینَ مُرُورِهِ عَلَی أَحَدِ الْمَوَاقِیتِ وَ عَدَمِهِ (وَلَوْ تَلَبَّسَ) بِعُمْرَهِ التَّمَتُّعِ (وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إتْمَامِ الْعُمْرَهِ) قَبْلَ الْإِکمَالِ وَ إِدْرَاک الْحَجِّ (بِحَیضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ عُذْرٍ) مَانِعٍ عَنْ الْإِکمَالِ بِنَحْوِ مَا مَرَّ.

(عَدَلَ) بِالنِّیهِ مِنْ الْعُمْرَهِ الْمُتَمَتَّعِ بِهَا (إلَی) حَجِّ (الْإِفْرَادِ) وَ أَکمَلَ الْحَجَّ بَانِیا عَلَی ذَلِک الْإِحْرَامِ (وَأَتَی بِالْعُمْرَهِ) الْمُفْرَدَهِ (مِنْ بَعْدِ) إکمَالِ الْحَجِّ، وَ أَجْزَأَهُ عَنْ فَرْضِهِ کمَا یجْزِئُ لَوْ انْتَقَلَ ابْتِدَاءً لِلْعُذْرِ.

وَ کذَا یعْدِلُ عَنْ الْإِفْرَادِ وَ قَسِیمِهِ إلَی التَّمَتُّعِ لِلضَّرُورَهِ.

أَمَّا اخْتِیارًا فَسَیأْتِی الْکلَامُ فِیهِ.

وَ نِیهُ الْعُدُولِ عِنْدَ إرَادَتِهِ قَصْدُ الِانْتِقَالِ إلَی النُّسُک الْمَخْصُوصِ مُتَقَرِّبًا.

(وَیشْتَرَطُ فِی) حَجِّ (الْإِفْرَادِ النِّیهُ) وَ الْمُرَادُ بِهَا نِیهُ الْإِحْرَامِ بِالنُّسُک الْمَخْصُوصِ.

وَ عَلَی هَذَا یمْکنُ الْغِنَی عَنْهَا بِذِکرِ الْإِحْرَامِ، کمَا یسْتَغْنَی عَنْ بَاقِی النِّیاتِ بِأَفْعَالِهَا.

وَ وَجْهُ تَخْصِیصِهِ أَنَّهُ الرُّکنُ الْأَعْظَمُ بِاسْتِمْرَارِهِ وَ مُصَاحَبَتِهِ لِأَکثَرِ

الْأَفْعَالِ وَ کثْرَهِ أَحْکامِهِ.

بَلْ هُوَ فِی الْحَقِیقَهِ عِبَارَهٌ عَنْ النِّیهِ لِأَنَّ تَوْطِینَ النَّفْسِ عَلَی تَرْک الْمُحَرَّمَاتِ الْمَذْکورَهِ لَا یخْرُجُ عَنْهَا، إذْ لَا یعْتَبَرُ اسْتِدَامَتُهُ، وَ یمْکنُ أَنْ یرِیدَ بِهِ نِیهَ الْحَجِّ جُمْلَهً، وَ نِیهَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ کمَا ذَکرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَ فِی وُجُوبِهَا نَظَرٌ أَقْرَبُهُ الْعَدَمُ.

وَ اَلَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ الْأَوَّلُ (وَإِحْرَامُهُ) بِهِ (مِنْ الْمِیقَاتِ) و هو أَحَدُ السِّتَّهِ الْآتِیهِ و ما فِی حُکمِهَا (أَوْ مِنْ دُوَیرَهِ أَهْلِهِ، إنْ کانَتْ أَقْرَبَ) مِنْ الْمِیقَاتِ (إلَی عَرَفَاتٍ) اُعْتُبِرَ الْقُرْبُ إلَی عَرَفَاتٍ لِأَنَّ الْحَجَّ بَعْدَ الْإِهْلَالِ بِهِ مِنْ الْمِیقَاتِ لَا یتَعَلَّقُ الْغَرَضُ فِیهِ به غیر عَرَفَاتٍ بِخِلَافِ الْعُمْرَهِ فَإِنَّ مَقْصِدَهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَکهُ.

فَینْبَغِی اعْتِبَارُ الْقُرْبِ فِیهَا إلَی مَکهَ، و لکن لَمْ یذْکرْهُ هُنَا، و فی الدُّرُوسِ أَطْلَقَ الْقُرْبَ، وَ کذَا أَطْلَقَ جَمَاعَهٌ.

وَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِی الْأَخْبَارِ الْکثِیرَهِ هُوَ الْقُرْبُ إلَی مَکهَ مُطْلَقًا فَالْعَمَلُ بِهِ مُتَعَینٌ، و أن کانَ مَا ذَکرَهُ هُنَا مُتَوَجِّهًا.

وَ عَلَی مَا اعْتَبَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مُرَاعَاهِ الْقُرْبِ إلَی عَرَفَاتٍ فَأَهْلُ مَکهَ یحْرِمُونَ مِنْ مَنْزِلِهِمْ، لِأَنَّ دُوَیرَتَهُمْ أَقْرَبُ مِنْ الْمِیقَاتِ إلَیهَا، و علی اعْتِبَارِ مَکهَ فَالْحُکمُ کذَلِک، إلَّا أَنَّ الْأَقْرَبِیهَ لَا تَتِمُّ لِاقْتِضَائِهَا الْمُغَایرَهَ بَینَهُمَا، و لو کانَ الْمَنْزِلُ مُسَاوِیا لِلْمِیقَاتِ أَحْرَمَ مِنْهُ، و لو کانَ مُجَاوِرًا بِمَکهَ قَبْلَ مُضِی سَنَتَینِ خَرَجَ إلَی أَحَدِ الْمَوَاقِیتِ، وَ بَعْدَهُمَا یسَاوِی أَهْلَهَا (وَ) یشْتَرَطُ (فِی الْقِرَانِ ذَلِک) الْمَذْکورُ فِی حَجِّ الْإِفْرَادِ (وَ) یزِیدُ (عَقْدُهُ) لِإِحْرَامِهِ (بِسِیاقِ الْهَدْی، وَ إِشْعَارِهِ) بِشَقِّ سَنَامِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَیمَنِ، وَ لَطْخِهِ بِدَمِهِ (إنْ کانَ بَدَنَهً، وَ تَقْلِیدِهِ إنْ کانَ) الْهَدْی (غَیرَهَا) غَیرَ الْبَدَنَهِ (بِأَنْ یعَلِّقَ فِی رَقَبَتِهِ نَعْلًا قَدْ صَلَّی) السَّائِقُ (فِیهِ و لو نَافِلَهً، و لو قَلَّدَ الْإِبِلَ) بَدَلَ إشْعَارِهَا (جَازَ).

مَسَائِلُ

الْأُولَی

- (یجُوزُ لِمَنْ حَجَّ نَدْبًا مُفْرِدًا الْعُدُولُ إلَی) عُمْرَهِ (التَّمَتُّعِ)

اخْتِیارًا و هذه هِی الْمُتْعَهُ الَّتِی أَنْکرَهَا الثَّانِی (لَکنْ لَا یلَبِّی بَعْدَ طَوَافِهِ وَ سَعْیهِ) لِأَنَّهُمَا مُحِلَّانِ مِنْ الْعُمْرَهِ فِی الْجُمْلَهِ وَ التَّلْبِیهُ عَاقِدَهٌ لِلْإِحْرَامِ فَیتَنَافَیانِ وَ لِأَنَّ عُمْرَهَ التَّمَتُّعِ لَا تَلْبِیهَ فِیهَا بَعْدَ دُخُولِ مَکهَ (فَلَوْ لَبَّی) بَعْدَهُمَا (بَطَلَتْ مُتْعَتُهُ) الَّتِی نَقَلَ إلَیهَا (وَبَقِی عَلَی حَجِّهِ) السَّابِقِ لِرِوَایهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیهِ السَّلَامُ وَ لِأَنَّ الْعُدُولَ کانَ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ التَّلْبِیهِ وَ لَا ینَافِی ذَلِک الطَّوَافَ وَ السَّعْی، لِجَوَازِ تَقْدِیمِهِمَا لِمُفْرِدٍ عَلَی الْوُقُوفِ، وَ الْحُکمُ بِذَلِک هُوَ الْمَشْهُورُ، و أن کانَ مُسْتَنَدُهُ لَا یخْلُو مِنْ شَیءٍ.

(وَ قِیلَ) وَ الْقَائِلُ ابْنُ إدْرِیسَ (لَا اعْتِبَارَ إلَّا بِالنِّیهِ) إطْرَاحًا لِلرِّوَایهِ وَ عَمَلًا بِالْحُکمِ الثَّابِتِ مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ بِالنِّیهِ، وَ التَّلْبِیهُ ذِکرٌ لَا أَثَرَ لَهُ فِی الْمَنْعِ (وَلَا یجُوزُ الْعُدُولُ لِلْقَارِنِ) تَأَسِّیا بِالنَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ حَیثُ بَقِی عَلَی حَجِّهِ لِکوْنِهِ قَارِنًا، وَ أَمَرَ مَنْ لَمْ یسُقْ الْهَدْی بِالْعُدُولِ (وَ قِیلَ) لَا یخْتَصُّ جَوَازُ الْعُدُولِ بِالْإِفْرَادِ الْمَنْدُوبِ (بَلْ یجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ الْحَجِّ الْوَاجِبِ أَیضًا) سَوَاءٌ کانَ مُتَعَینًا أَمْ مُخَیرًا بَینَهُ و بین غَیرِهِ کالنَّاذِرِ مُطْلَقًا، وَ ذِی الْمَنْزِلَینِ الْمُتَسَاوِیینِ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی الْجَوَازِ (کمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ مَنْ لَمْ یسُقْ مِنْ الصَّحَابَهِ) مِنْ غَیرِ تَقْییدٍ بِکوْنِ الْمَعْدُولِ عَنْهُ مَنْدُوبًا أَوْ غَیرَ مَنْدُوبٍ (وَهُوَ قَوِی) لَکنْ فِیهِ سُؤَالٌ، الْفَرْقُ بَینَ جَوَازِ الْعُدُولِ عَنْ الْمُعَینِ اخْتِیارًا وَ عَدَمِ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، بَلْ رُبَّمَا کانَ الِابْتِدَاءُ أَوْلَی لِلْأَمْرِ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَهِ لِلَّهِ، و من ثَمَّ خَصَّهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِمَا إذَا لَمْ یتَعَینْ عَلَیهِ الْإِفْرَادُ وَ قَسِیمُهُ کالْمَنْدُوبِ وَ الْوَاجِبِ الْمُخَیرِ جَمْعًا بَینَ مَا

دَلَّ عَلَی الْجَوَازِ مُطْلَقًا، و ما دَلَّ عَلَی اخْتِصَاصِ کلِّ قَوْمٍ بِنَوْعٍ، و هو أَوْلَی إنْ لَمْ نَقُلْ بِجَوَازِ الْعُدُولِ عَنْ الْإِفْرَادِ إلَی التَّمَتُّعِ ابْتِدَاءً.

(الثَّانِیهُ - یجُوزُ لِلْقَارِنِ وَ الْمُفْرِدِ إذَا دَخَلَا مَکهَ الطَّوَافُ وَ السَّعْی)

، لِلنَّصِّ عَلَی جَوَازِهِ مُطْلَقًا، (إمَّا الْوَاجِبُ أَوْ النَّدْبُ) یمْکنُ کوْنُ ذَلِک عَلَی وَجْهِ التَّخْییرِ، لِلْإِطْلَاقِ، وَ التَّرْدِیدِ، لِمَنْعِ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْدِیمِ الْوَاجِبِ، وَ الْأَوَّلُ مُخْتَارُهُ فِی الدُّرُوسِ، وَ عَلَیهِ فَالْحُکمُ مُخْتَصٌّ بِطَوَافِ الْحَجِّ، دُونَ طَوَافِ النِّسَاءِ، فَلَا یجُوزُ تَقْدِیمُهُ إلَّا لِضَرُورَهٍ کخَوْفِ الْحَیضِ الْمُتَأَخِّرِ.

وَ کذَا یجُوزُ لَهُمَا تَقْدِیمُ صَلَاهٍ لِطَوَافٍ یجُوزُ تَقْدِیمُهُ کمَا یدُلُّ عَلَیهِ قَوْلُهُ (لَکنْ یجَدِّدَانِ التَّلْبِیهَ عَقِیبَ صَلَاهِ الطَّوَافِ) یعْقِدَانِ بِهَا الْإِحْرَامَ لِئَلَّا یحِلَّا.

(فَلَوْ تَرَکهَا أَحَلَّا عَلَی الْأَشْهَرِ)، لِلنُّصُوصِ الدَّالَّهِ عَلَیهِ.

وَ قِیلَ لَا یحِلَّانِ إلَّا بِالنِّیهِ، و فی الدُّرُوسِ جَعَلَهَا أَوْلَی، و علی الْمَشْهُورِ ینْبَغِی الْفَوْرِیهُ بِهَا عَقِیبَهَا، وَ لَا یفْتَقَرُ إلَی إعَادَهِ نِیهِ الْإِحْرَامِ، بِنَاءً عَلَی مَا ذَکرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ التَّلْبِیهَ کتَکبِیرَهِ الْإِحْرَامِ لَا تُعْتَبَرُ بِدُونِهَا، لِعَدَمِ الدَّلِیلِ عَلَی ذَلِک، بَلْ إطْلَاقُ هَذَا دَلِیلٌ عَلَی ضَعْفِ ذَاک.

وَ لَوْ أَخَلَّا بِالتَّلْبِیهِ صَارَ حَجُّهُمَا عُمْرَهً وَ انْقَلَبَ تَمَتُّعًا وَ لَا یجْزِئُ عَنْ فَرْضِهِمَا، لِأَنَّهُ عُدُولٌ اخْتِیارِی وَ احْتَرَزَ بِهِمَا عَنْ الْمُتَمَتِّعِ فَلَا یجُوزُ لَهُ تَقْدِیمُهُمَا عَلَی الْوُقُوفِ اخْتِیارًا، وَ یجُوزُ لَهُ تَقْدِیمُ الطَّوَافِ وَ رَکعَتَیهِ خَاصَّهً مَعَ الِاضْطِرَارِ کخَوْفِ الْحَیضِ الْمُتَأَخِّرِ وَ حِینَئِذٍ فَیجِبُ عَلَیهِ التَّلْبِیهُ، لِإِطْلَاقِ النَّصِّ، وَ فِی جَوَازِ طَوَافِهِ نَدْبًا وَ