پایه پنجم-الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

 

الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

14 کتاب المتاجر

المدخل

(14) کتاب المتاجر

کِتَابُ الْمَتَاجِرِ - (الْمَتَاجِرُ) جَمْعُ مَتْجَرٍ وَ هُوَ مَفْعَلٌ مِنْ التِّجَارَهِ.

إمَّا مَصْدَرٌ مِیمِیٌّ بِمَعْنَاهَا کَالْمَقْتَلِ وَ هُوَ " هُنَا " نَفْسُ التَّکَسُّبِ، أَوْ اسْمُ مَکَان لِمَحِلِّ التِّجَارَهِ وَ هِیَ الْأَعْیَانُ الْمُکْتَسَبُ بِهَا وَ الْأَوَّلُ أَلْیَقُ بِمَقْصُودِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْفَقِیهَ یَبْحَثُ عَنْ فِعْلِ الْمُکَلَّفِ وَ الْأَعْیَانُ مُتَعَلِّقَاتُ فِعْلِهِ وَ قَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَی الْأَمْرَیْنِ مَعًا فَإِلَی الثَّانِی بِتَقْسِیمِهِ الْأَوَّلَ وَ إِلَی الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ أَخِیرًا: ثُمَّ التِّجَارَهُ تَنْقَسِمُ بِانْقِسَامِ الْأَحْکَامِ الْخَمْسَهِ وَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا التَّکَسُّبُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبَیْعِ: فَعَقْدُ الْبَابِ بَعْدَ ذِکْرِ الْأَقْسَامِ لِلْبَیْعِ خَاصَّهً غَیْرُ جَیِّدٍ و کان إفْرَادُهَا بِکِتَابٍ، ثُمَّ ذِکْرُ الْبَیْعِ فِی کِتَابٍ کَغَیْرِهِ مِمَّا یَحْصُلُ بِهِ الِاکْتِسَابُ کَمَا صَنَعَ فِی الدُّرُوسِ أَوْلَی و فیه فُصُولٌ.

الفصل الْأَوَّلُ (یَنْقَسِمُ مَوْضُوعُ التِّجَارَهِ)
المدخل

وَ هُوَ مَا یُکْتَسَبُ بِهِ وَ یُبْحَثُ فِیهَا عَنْ عَوَارِضِهِ اللَّاحِقَهِ لَهُ مِنْ حَیْثُ الْحُکْمُ الشَّرْعِیِّ (إلَی مُحَرَّمٍ وَ مَکْرُوهٍ وَ مُبَاحٍ) وَ وَجْهُ الْحَصْرِ فِی الثَّلَاثَهِ أَنَّ الْمُکْتَسَبَ بِهِ إمَّا أَنْ یَتَعَلَّقَ بِهِ نَهْیٌ، أَوْ لَا وَ الثَّانِی الْمُبَاحُ وَ الْأَوَّلُ إمَّا أَنْ یَکُونَ النَّهْیُ عَنْهُ مَانِعًا مِنْ النَّقِیضِ، أَوْ لَا وَ الْأَوَّلُ الْحَرَامُ وَ الثَّانِی الْمَکْرُوهُ وَ لَمْ یَذْکُرْ الْحُکْمَیْنِ الْآخَرَیْنِ وَ هُمَا: الْوُجُوبُ وَ الِاسْتِحْبَابُ، لِأَنَّهُمَا مِنْ عَوَارِضِ التِّجَارَهِ کَمَا سَیَأْتِی فِی أَقْسَامِهَا، (فَالْمُحَرَّمُ الْأَعْیَانُ النَّجِسَهُ کَالْخَمْرِ) الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ، (وَ النَّبِیذِ) الْمُتَّخَذِ مِنْ التَّمْرِ وَ غَیْرِهِمَا مِنْ الْأَنْبِذَهِ کَالْبِتْعِ وَ الْمِزْرِ وَ الْجِعَهِ وَ الْفَضِیخِ وَ النَّقِیعِ وَ ضَابِطُهَا الْمُسْکِرُ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مَانِعًا کَالْحَشِیشَهِ إنْ لَمْ یُفْرَضْ لَهَا نَفْعٌ آخَرُ وَ قُصِدَ بِبَیْعِهَا الْمَنْفَعَهُ الْمُحَلِّلَهُ.

(وَ الْفُقَّاعِ) وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مُسْکِرًا، لِأَنَّهُ خَمْرٌ اسْتَصْغَرَهُ النَّاسُ، (وَ الْمَائِعِ النَّجِسِ غَیْرِ الْقَابِلِ لِلطَّهَارَهِ) إمَّا لِکَوْنِ نَجَاسَتِهِ ذَاتِیَّهٌ کَأَلْیَاتِ الْمَیْتَهِ وَ الْمُبَانَهِ مِنْ الْحَیِّ، أَوْ عَرَضِیَّهٍ کَمَا لَوْ وَقَعَ فِیهِ نَجَاسَهٌ وَ قُلْنَا بِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلطَّهَارَهِ کَمَا هُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَیْنِ فِی غَیْرِ الْمَاءِ النَّجِسِ، (إلَّا الدُّهْنَ) بِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ، (لِلضَّوْءِ تَحْتَ السَّمَاءِ) لَا تَحْتَ الظِّلَالِ فِی الْمَشْهُورِ وَ النُّصُوصُ مُطْلَقَهٌ فَجَوَازُهُ مُطْلَقًا مُتَّجَهٌ وَ الِاخْتِصَاصُ بِالْمَشْهُورِ تَعَبُّدٌ، لَا لِنَجَاسَهِ دُخَانِهِ، فَإِنَّ دُخَانَ النَّجِسِ عِنْدَنَا طَاهِرٌ، لِاسْتِحَالَتِهِ.

وَقَدْ یُعَلَّلُ بِتَصَاعُدِ شَیْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مَعَ الدُّخَانِ قَبْلَ إحَالَهِ النَّارِ لَهُ بِسَبَبِ السُّخُونَهِ إلَی أَنْ یُلْقِیَ الظِّلَالَ فَتَتَأَثَّرَ بِنَجَاسَتِهِ.

وَفِیهِ عَدَمُ صَلَاحِیَّتِهِ مَعَ تَسْلِیمِهِ لِلْمَنْعِ.

لِأَنَّ تَنْجِیسَ مَالِک الْعَیْنِ لَهَا غَیْرُ مُحَرَّمٍ.

وَالْمُرَادُ الدُّهْنُ النَّجِسُ بِالْعَرَضِ کَالزَّیْتِ تَمُوتُ فِیهِ الْفَأْرَهُ وَ نَحْوِهِ، لَا بِالذَّاتِ کَأَلْیَهِ الْمَیْتَهِ، فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا، لِلنَّهْیِ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ کَذَلِکَ.

(وَ الْمَیْتَهُ) وَ أَجْزَاؤُهَا الَّتِی تَحِلُّهَا الْحَیَاهُ، دُونَ مَا لَا تَحِلُّهُ، مَعَ طَهَارَهِ أَصْلِهِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ، (وَ الدَّمُ) وَ إِنْ فُرِضَ لَهَا نَفْعٌ حُکْمِیٌّ کَالصَّبْغِ، (وَأَرْوَاثِ وَ أَبْوَالِ غَیْرِ الْمَأْکُولِ) وَ إِنْ فُرِضَ لَهُمَا نَفْعٌ، أَمَّا هُمَا مِمَّا یُؤْکَلُ لَحْمُهُ فَیَجُوزُ مُطْلَقًا، لِطَهَارَتِهِمَا وَ نَفْعِهِمَا وَ قِیلَ: بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا، إلَّا بَوْلَ الْإِبِلِ، لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ (وَ الْخِنْزِیرُ وَ الْکَلْبُ) الْبَرِّیَّانِ مُطْلَقًا، (إلَّا کَلْبَ الصَّیْدِ وَ الْمَاشِیَهِ وَ الزَّرْعِ وَ الْحَائِطِ) کَالْبُسْتَانِ وَ الْجِرْوِ الْقَابِلِ لِلتَّعْلِیمِ وَ لَوْ خَرَجَتْ الْمَاشِیَهُ عَنْ مِلْکِهِ، أَوْ حُصِدَ الزَّرْعُ، أَوْ اُسْتُغِلَّ الْحَائِطُ لَمْ یَحْرُمْ اقْتِنَاؤُهَا، رَجَاءً لِغَیْرِهَا، مَا لَمْ یَطُلْ الزَّمَانُ بِحَیْثُ یَلْحَقُ بِالْهِرَاشِ، (وَ آلَاتُ اللَّهْوِ) مِنْ الدُّفِّ وَ الْمِزْمَارِ وَ الْقَصَبِ وَ غَیْرِهَا، (وَ الصَّنَمُ) الْمُتَّخَذُ لِعِبَادَهِ الْکُفَّارِ، (وَ الصَّلِیبُ) الَّذِی یَبْتَدِعُهُ النَّصَارَی، (وَ آلَاتُ الْقِمَارِ کَالنَّرْدِ) بِفَتْحِ النُّونِ، (وَ الشِّطْرَنْج) بِکَسْرِ الشِّینِ فَسُکُونِ الطَّاءِ فَفَتْحِ الرَّاءِ، (وَ الْبُقَیْرَی) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَهِ وَ تَشْدِیدِ الْقَافِ مَفْتُوحَهً وَ سُکُونِ الْیَاءِ الْمُثَنَّاهِ مِنْ تَحْت وَ فَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَهِ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ: هِیَ لُعْبَهٌ لِلصِّبْیَانِ وَ هِیَ کَوْمَهٌ مِنْ تُرَابٍ حَوْلَهَا خُطُوطٌ وَ عَنْ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهَا الْأَرْبَعَهَ عَشَرَ.

(وَبَیْعُ السِّلَاحِ) بِکَسْرِ السِّینِ مِنْ السَّیْفِ وَ الرُّمْحِ وَ الْقَوْسِ وَ السِّهَامِ وَ نَحْوِهَا (لِأَعْدَاءِ الدِّینِ) مُسْلِمِینَ کَانُوا، أَمْ کُفَّارًا وَ مِنْهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِیقِ فِی حَالِ الْحَرْبِ، أَوْ التَّهَیُّؤُ لَهُ، لَا مُطْلَقًا وَ لَوْ أَرَادُوا الِاسْتِعَانَهَ بِهِ عَلَی قِتَالِ الْکُفَّارِ لَمْ یَحْرُمْ وَ لَا یَلْحَقُ بِالسِّلَاحِ مَا یُعَدُّ جُنَّهً لِلْقِتَالِ کَالدِّرْعِ وَ الْبَیْضَهِ وَ إِنْ کُرِهَ، (وَإِجَارَهُ الْمَسَاکِنِ وَ الْحَمُولَهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَ هِیَ الْحَیَوَانُ الَّذِی یَصْلُحُ لِلْحَمْلِ کَالْإِبِلِ وَ الْبِغَالِ وَ الْحَمِیرِ وَ السُّفُنُ دَاخِلَهٌ فِیهِ تَبَعًا، (لِلْمُحَرَّمِ) کَالْخَمْرِ وَ رُکُوبِ الظَّلَمَهِ وَ إِسْکَانِهِمْ لِأَجْلِهِ وَ نَحْوِهِ.

وَبَیْعُ الْعِنَبِ وَ التَّمْرِ

(وَبَیْعُ الْعِنَبِ وَ التَّمْرِ)

وَ غَیْرِهِمَا مِمَّا یَعْمَلُ مِنْهُ الْمُسْکِرَ، (لِیَعْمَلَ مُسْکِرًا) سَوَاءٌ شَرَطَهُ فِی الْعَقْدِ، أَمْ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَیْهِ، (وَ الْخَشَبُ لِیَصْنَعَ صَنَمًا)، أَوْ غَیْرَهُ مِنْ الْآلَاتِ الْمُحَرَّمَهِ، (وَیُکْرَهُ بَیْعُهُ لِمَنْ یَعْمَلُهُ) مِنْ غَیْرِ أَنْ یَبِیعَهُ لِذَلِکَ، إنْ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّهُ یَعْمَلُهُ وَ إِلَّا فَالْأَجْوَدُ التَّحْرِیمُ وَ غَلَبَهُ الظَّنِّ کَالْعِلْمِ وَ قِیلَ: یَحْرُمُ مِمَّنْ یَعْمَلُهُ مُطْلَقًا. (وَیَحْرُمُ عَمَلُ الصُّوَرِ الْمُجَسَّمَهِ) ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ.

وَاحْتُرِزَ بِالْمُجَسَّمَهِ عَنْ الصُّوَرِ الْمَنْقُوشَهِ عَلَی نَحْوِ الْوِسَادَهِ وَ الْوَرَقِ وَ الْأَقْوَی تَحْرِیمُهُ مُطْلَقًا وَ یُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ ذَلِکَ بِحَمْلِ الصِّفَهِ عَلَی الْمُمَثَّلِ لَا الْمِثَالِ.

(وَ الْغِنَاءُ) بِالْمَدِّ وَ هُوَ مَدُّ الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَی التَّرْجِیعِ الْمُطْرِبِ، أَوْ مَا سُمِّیَ فِی الْعُرْفِ غِنَاءً وَ إِنْ لَمْ یُطْرِبْ، سَوَاءٌ کَانَ فِی شِعْرٍ، أَمْ قُرْآنٍ، أَمْ غَیْرِهِمَا وَ اسْتَثْنَی مِنْهُ الْمُصَنِّفُ وَ غَیْرُهُ الْحِدَاءَ لِلْإِبِلِ وَ آخَرُونَ وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ فِعْلَهُ لِلْمَرْأَهِ فِی الْأَعْرَاسِ إذَا لَمْ تَتَکَلَّمْ بِبَاطِلٍ وَ لَمْ تَعْمَلْ بِالْمَلَاهِی وَ لَوْ بِدُفٍّ فِیهِ صَنْجٌ، لَا بِدُونِهِ وَ لَمْ یَسْمَعَ صَوْتَهَا أَجَانِبُ الرِّجَالِ وَ لَا بَأْسَ بِهِ.

(وَمَعُونَهُ الظَّالِمِینَ بِالظُّلْمِ) کَالْکِتَابَهِ لَهُمْ وَ إِحْضَارِ الْمَظْلُومِ وَ نَحْوِهِ، لَا مَعُونَتُهُمْ بِالْأَعْمَالِ الْمُحَلَّلَهِ کَالْخِیَاطَهِ وَ إِنْ کُرِهَ التَّکَسُّبُ بِمَالِهِ، (وَ النَّوْحُ بِالْبَاطِلِ) بِأَنْ تَصِفَ الْمَیِّتَ بِمَا لَیْسَ فِیهِ وَ یَجُوزُ بِالْحَقِّ إذَا لَمْ تَسْمَعْهَا الْأَجَانِبُ، (وَهِجَاءُ الْمُؤْمِنِینَ) بِکَسْرِ الْهَاءِ وَ الْمَدِّ وَ هُوَ ذِکْرُ مَعَایِبِهِمْ بِالشِّعْرِ وَ لَا فَرْقَ فِی الْمُؤْمِنِ بَیْنَ الْفَاسِقِ وَ غَیْرِهِ وَ یَجُوزُ هِجَاءُ غَیْرِهِمْ کَمَا یَجُوزُ لَعْنُهُ.

(وَ الْغِیبَهُ) بِکَسْرِ الْمُعْجَمَهِ وَ هُوَ الْقَوْلُ وَ مَا فِی حُکْمِهِ فِی الْمُؤْمِنِ بِمَا یَسُوءُهُ لَوْ سَمِعَهُ مَعَ اتِّصَافِهِ بِهِ وَ فِی حُکْمِ الْقَوْلِ الْإِشَارَهُ بِالْیَدِ وَ غَیْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ وَ التَّحَاکِی بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ کَمِشْیَهِ الْأَعْرَجِ وَ التَّعْرِیضِ کَقوله:

أَنَا لَسْت مُتَّصِفًا بِکَذَا، أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْنِی کَذَا، مُعَرِّضًا بِمَنْ یَفْعَلُهُ وَ لَوْ فَعَلَ ذَلِکَ بِحُضُورِهِ، أَوْ قَالَ فِیهِ مَا لَیْسَ بِهِ فَهُوَ أَغْلَظُ تَحْرِیمًا وَ أَعْظَمُ تَأْثِیمًا وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ غِیبَهً اصْطِلَاحًا. وَ اسْتُثْنِیَ مِنْهَا نُصْحُ الْمُسْتَشِیرِ وَ جُرْحُ الشَّاهِدِ وَ التَّظَلُّمُ وَ سَمَاعُهُ وَ رَدُّ مَنْ ادَّعَی نَسَبًا لَیْسَ لَهُ وَ الْقَدْحُ فِی مَقَالِهِ، أَوْ دَعْوَی بَاطِلَهٍ فِی الدِّینِ وَ الِاسْتِعَانَه عَلَی دَفْعِ الْمُنْکَرِ وَ رَدِّ الْعَاصِی إلَی الصَّلَاحِ وَ کَوْنُ الْمَقُولِ فِیهِ مُسْتَحِقًّا لِلِاسْتِخْفَافِ، لِتَظَاهُرِهِ بِالْفِسْقِ وَ الشَّهَادَه عَلَی فَاعِلِ الْمُحَرَّمِ حِسْبَهً و قد أَفْرَدْنَا لِتَحْقِیقِهَا رِسَالَهً شَرِیفَهً مَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَی حَقَائِقِ أَحْکَامِهَا فَلْیَقِفْ عَلَیْهَا.

(وَحِفْظُ کُتُبِ الضَّلَالِ) عَنْ التَّلَفِ، أَوْ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ.

(وَنَسْخُهَا وَ دَرْسُهَا) قِرَاءَهً وَ مُطَالَعَهً وَ مُذَاکَرَهً، (لِغَیْرِ النَّقْضِ) لَهَا، (أَوْ الْحُجَّهِ) عَلَی أَهْلِهَا بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ مِمَّا یَصْلُحُ دَلِیلًا لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ، أَوْ نَقْضِ الْبَاطِلِ لِمَنْ کَانَ مِنْ أَهْلِهَا، (أَوْ التَّقِیَّهُ) وَ بِدُونِ ذَلِکَ یَجِبُ إتْلَافُهَا، إنْ لَمْ یُمْکِنْ إفْرَادُ مَوَاضِعِ الضَّلَالِ وَ إِلَّا اقْتَصَرَ عَلَیْهَا. (وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ) وَ هُوَ کَلَامٌ، أَوْ کِتَابَهٌ یَحْدُثُ بِسَبَبِهِ ضَرَرٌ عَلَی مَنْ عُمِلَ لَهُ فِی بَدَنِهِ، أَوْ عَقْلِهِ وَ مِنْهُ عَقْدُ الرَّجُلِ عَنْ حَلِیلَتِهِ وَ إِلْقَاءُ الْبَغْضَاءِ بَیْنَهُمَا وَ اسْتِخْدَامُ الْجِنِّ وَ الْمَلَائِکَهِ وَ اسْتِنْزَالُ الشَّیَاطِینِ فِی کَشْفِ الْغَائِبَاتِ وَ عِلَاجِ الْمُصَابِ وَ تَلَبُّسُهُمْ بِبَدَنِ صَبِیٍّ، أَوْ امْرَأَهٍ فِی کَشْفِ أَمْرٍ عَلَی لِسَانِهِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ، فَتَعَلُّمُ ذَلِکَ کُلِّهِ وَ تَعْلِیمُهُ حَرَامٌ وَ التَّکَسُّبُ بِهِ سُحْتٌ وَ یُقْتَلُ مُسْتَحِلُّهُ.

وَالْحَقُّ أَنَّ لَهُ أَثَرًا حَقِیقِیًّا وَ هُوَ أَمْرٌ وِجْدَانِیٌّ، لَا مُجَرَّد التَّخْیِیلِ کَمَا زَعَمَ کَثِیرٌ.

وَلَا بَأْسَ بِتَعَلُّمِهِ لِیَتَوَقَّی بِهِ، أَوْ یَدْفَعَ سِحْرَ الْمُتَنَبِّئِ بِهِ وَ رُبَّمَا وَجَبَ عَلَی الْکِفَایَهِ لِذَلِکَ کَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ.

(وَ الْکِهَانَهُ) بِکَسْرِ الْکَافِ وَ هِیَ عَمَلٌ یُوجِبُ طَاعَهَ بَعْضِ الْجَانِّ لَهُ فِیمَا یَأْمُرُهُ بِهِ وَ هُوَ قَرِیبٌ مِنْ السِّحْرِ، أَوْ أَخَصُّ مِنْهُ.

(وَ الْقِیَافَهُ) وَ هِیَ الِاسْتِنَادُ إلَی عَلَامَاتٍ وَ أَمَارَاتٍ، یَتَرَتَّبُ عَلَیْهَا إلْحَاقُ نَسَبٍ وَ نَحْوِهِ وَ إِنَّمَا یَحْرُمُ إذَا رُتِّبَ عَلَیْهَا مُحَرَّمٌ، أَوْ جَزَمَ بِهَا، (وَ الشَّعْبَذَهُ) وَ هِیَ الْأَفْعَالُ الْعَجِیبَهُ الْمُتَرَتِّبَهُ عَلَی سُرْعَهِ الْیَدِ بِالْحَرَکَهِ فَیُلَبَّسُ عَلَی الْحِسِّ.

کَذَا عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ، (وَتَعْلِیمُهَا) کَغَیْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ وَ الصَّنَائِعِ الْمُحَرَّمَهِ.

(وَ الْقِمَارُ) بِالْآلَاتِ الْمُعَدَّهِ لَهُ، حَتَّی اللَّعِبِ بِالْخَاتَمِ وَ الْجَوْزِ وَ الْبَیْضِ وَ لَا یُمْلَکُ مَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ مِنْ الْکَسْبِ وَ إِنْ وَقَعَ مِنْ غَیْرِ الْمُکَلَّفِ، فَیَجِبُ رَدُّهُ عَلَی مَالِکِهِ وَ لَوْ قَبَضَهُ غَیْرُ مُکَلَّفٍ فَالْمُخَاطَبُ بِرَدِّهِ الْوَلِیُّ، فَإِنْ جَهِلَ مَالِکَهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ وَ لَوْ انْحَصَرَ فِی مَحْصُورِینَ وَجَبَ التَّخَلُّصُ مِنْهُمْ وَ لَوْ بِالصُّلْحِ، (وَ الْغِشُّ) بِکَسْرِ الْغَیْنِ (الْخَفِیُّ)، کَشَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ وَ وَضْعِ الْحَرِیرِ فِی الْبُرُودَهِ لِیَکْتَسِبَ ثِقْلًا وَ یُکْرَهُ، بِمَا لَا یَخْفَی، کَمَزْجِ الْحِنْطَهِ بِالتُّرَابِ وَ التِّبْنِ وَ جَیِّدِهَا بِرَدِیئِهَا (وَتَدْلِیسُ الْمَاشِطَهِ) بِإِظْهَارِهَا فِی الْمَرْأَهِ مَحَاسِنَ لَیْسَتْ فِیهَا، مِنْ تَحْمِیرِ وَجْهِهَا وَ وَصْلِ شَعْرِهَا وَ نَحْوِهِ وَ مِثْلُهُ فِعْلُ الْمَرْأَهِ لَهُ مِنْ غَیْرِ مَاشِطَهٍ وَ لَوْ انْتَفَی التَّدْلِیسُ کَمَا لَوْ کَانَتْ مُزَوَّجَهً فَلَا تَحْرِیمَ.

(وَتَزْیِینُ کُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَهِ بِمَا یَحْرُمُ عَلَیْهِ) کَلُبْسِ الرَّجُلِ السِّوَارَ وَ الْخَلْخَالَ وَ الثِّیَابَ الْمُخْتَصَّهَ بِهَا عَادَهً.

وَیَخْتَلِفُ ذَلِکَ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَ الْأَصْقَاعِ وَ مِنْهُ تَزْیِینُهُ بِالذَّهَبِ وَ إِنْ قَلَّ وَ الْحَرِیرِ إلَّا مَا اسْتَثْنَی وَ کَلُبْسِ الْمَرْأَهِ مَا یَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ، کَالْمِنْطَقَهِ وَ الْعِمَامَهِ.

(وَ الْأُجْرَهُ عَلَی تَغْسِیلِ الْمَوْتَی وَ تَکْفِینِهِمْ) وَ حَمْلِهِمْ إلَی الْمُغْتَسَلِ وَ إِلَی الْقَبْرِ وَ حَفْرِ قُبُورِهِمْ، (وَدَفْنُهُمْ وَ الصَّلَاهُ عَلَیْهِمْ) وَ غَیْرُهَا مِنْ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَهِ کِفَایَهً وَ لَوْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ عَلَی مَنْدُوبٍ، کَتَغْسِیلِهِمْ زِیَادَهً عَلَی الْوَاجِبِ وَ تَنْظِیفِهِمْ وَ وُضُوئِهِمْ وَ تَکْفِینِهِمْ بِالْقِطَعِ الْمَنْدُوبَهِ وَ حَفْرِ الْقَبْرِ زِیَادَهً عَلَی الْوَاجِبِ الْجَامِعِ لِوَصْفَیْ: کَتْمِ الرِّیحِ وَ حِرَاسَهِ الْجُثَّهِ إلَی أَنْ یَبْلُغَ الْقَامَهَ وَ شَقّ اللَّحْدِ وَ نَقْلُهُ إلَی مَا یُدْفَنُ فِیهِ مِنْ مَکَان زَائِدٍ عَلَی مَا لَا یُمْکِنُ دَفْنُهُ فِیهِ لَمْ یَحْرُمْ التَّکَسُّبُ بِهِ.

(وَ الْأُجْرَهُ عَلَی الْأَفْعَالِ الْخَالِیَهِ مِنْ غَرَضٍ حُکْمِیٍّ کَالْعَبَثِ) مِثْلِ الذَّهَابِ إلَی مَکَان بَعِیدٍ، أَوْ فِی الظُّلْمَهِ، أَوْ رَفْعِ صَخْرَهٍ وَ نَحْوِ ذَلِکَ وَ مِمَّا لَا یُعْتَدُّ بِفَائِدَتِهِ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ.

(وَ الْأُجْرَهُ عَلَی الزِّنَا) وَ اللِّوَاطِ وَ مَا شَاکَلَهُمَا.

(وَرِشَا الْقَاضِی) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَ کَسْرِهِ مَقْصُورًا جَمْعُ رِشْوَهٍ بِهِمَا و قد تَقَدَّمَ.

(وَ الْأُجْرَهُ عَلَی الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَهِ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ وَ لَا بَأْسَ بِالرِّزْقِ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ وَ الْفَرْقُ بَیْنَهُمَا أَنَّ الْأُجْرَهَ تَفْتَقِرُ إلَی تَقْدِیرِ الْعَمَلِ وَ الْعِوَضِ وَ الْمُدَّهِ وَ الصِّیغَهِ الْخَاصَّهِ وَ الرِّزْقُ مَنُوطٌ بِنَظَرِ الْحَاکِمِ وَ لَا فَرْقَ فِی تَحْرِیمِ الْأُجْرَهِ بَیْنَ کَوْنِهَا مِنْ مُعَیَّنٍ وَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَ الْمَحَلَّهِ وَ بَیْتِ الْمَالِ وَ لَا یَلْحَقُ بِهَا أَخْذُ مَا أُعِدَّ لِلْمُؤَذِّنِینَ مِنْ أَوْقَافِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَ إِنْ کَانَ مُقَدَّرًا وَ بَاعِثًا عَلَی الْأَذَانِ.

نَعَمْ لَا یُثَابُ فَاعِلُهُ إلَّا مَعَ تَمَحُّضِ الْإِخْلَاصِ بِهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ.

(وَ الْقَضَاءُ) بَیْنَ النَّاسِ لِوُجُوبِهِ سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَیْهَا أَمْ لَا وَ سَوَاءٌ تَعَیَّنَ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ أَمْ لَا، (وَیَجُوزُ الرِّزْقُ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ) و قد تَقَدَّمَ فِی الْقَضَاءِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَهِ الْمُرْتَزِقَهِ مِنْهُ، (وَ الْأُجْرَهُ عَلَی تَعْلِیمِ الْوَاجِبِ مِنْ التَّکْلِیفِ) سَوَاءٌ وَجَبَ عَیْنًا، کَالْفَاتِحَهِ وَ السُّورَهِ وَ أَحْکَامِ الْعِبَادَاتِ الْعَیْنِیَّهِ، أَمْ کِفَایَهً کَالتَّفَقُّهِ فِی الدِّینِ وَ مَا یَتَوَقَّفُ عَلَیْهِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ عِلْمًا وَ عَمَلًا وَ تَعْلِیمِ الْمُکَلَّفِینَ صِیَغَ الْعُقُودِ وَ الْإِیقَاعَاتِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ.

وَ أَمَّا الْمَکْرُوهُ - فَکَالصَّرْفِ

(وَ أَمَّا الْمَکْرُوهُ - فَکَالصَّرْفِ)

وَعُلِّلَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهُ لَا یَسْلَمُ فَاعِلُهُ مِنْ الرِّبَا، (وَبَیْعِ الْأَکْفَانِ)، لِأَنَّهُ یَتَمَنَّی کَثْرَهَ الْمَوْتِ وَ الْوَبَاءِ، (وَ الرَّقِیقِ) لِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { شَرُّ النَّاسِ مَنْ بَاعَ النَّاسَ }، (وَاحْتِکَارِ الطَّعَامِ) وَ هُوَ حَبْسُهُ بِتَوَقُّعِ زِیَادَهِ السِّعْرِ.

وَالْأَقْوَی تَحْرِیمُهُ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ وَ حَاجَهِ النَّاسِ إلَیْهِ وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَ الْمُحْتَکِرُ مَلْعُونٌ } و سیأتی الْکَلَامُ فِی بَقِیَّهِ أَحْکَامِهِ، (وَ الذِّبَاحَهِ) لِإِفْضَائِهَا إلَی قَسْوَهِ الْقَلْبِ وَ سَلْبِ الرَّحْمَهِ وَ إِنَّمَا تُکْرَهُ إذَا اتَّخَذَهَا حِرْفَهً وَ صَنْعَهً، لَا مُجَرَّدِ فِعْلِهَا، کَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَی صَرْفِ دِینَارٍ، أَوْ بَیْعِ کَفَنٍ، أَوْ ذَبْحِ شَاهٍ وَ نَحْوِ ذَلِکَ وَ التَّعْلِیلُ بِمَا ذَکَرْنَاهُ فِی الْأَخْبَارِ یُرْشِدُ إلَیْهِ، (وَ النِّسَاجَهِ) وَ الْمُرَادُ بِهَا مَا یَعُمُّ الْحِیَاکَهَ وَ الْأَخْبَارُ مُتَضَافِرَهٌ بِالنَّهْیِ عَنْهَا وَ الْمُبَالَغَهِ فِی ضِعَتِهَا وَ نُقْصَانِ فَاعِلِهَا، حَتَّی نُهِیَ عَنْ الصَّلَاهِ خَلْفَهُ.

وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ النِّسَاجَهِ وَ الْحِیَاکَهِ بِالْمَغْزُولِ وَ نَحْوِهِ، فَلَا یُکْرَهُ عَمَلُ الْخُوصِ وَ نَحْوِهِ، بَلْ رُوِیَ أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْلِیَاءِ، (وَ الْحِجَامَهِ) مَعَ شَرْطِ الْأُجْرَهِ، لَا بِدُونِهَا کَمَا قَیَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِی غَیْرِهِ وَ غَیْرِهِ وَ دَلَّ عَلَیْهِ الْخَبَرُ وَ ظَاهِرُهُ هُنَا الْإِطْلَاقُ (وَضِرَابِ الْفَحْلِ) بِأَنْ یُؤَجِّرَهُ لِذَلِکَ مَعَ ضَبْطِهِ بِالْمَرَّهِ وَ الْمَرَّاتِ الْمُعَیَّنَهِ أَوْ بِالْمُدَّهِ وَ لَا کَرَاهَهَ فِی مَا یُدْفَعُ إلَیْهِ عَلَی جِهَهِ الْکَرَامَهِ لِأَجْلِهِ.

(وَکَسْبِ الصِّبْیَانِ) الْمَجْهُولِ أَصْلُهُ، لِمَا یَدْخُلُهُ مِنْ الشُّبْهَهِ النَّاشِئَهِ مِنْ اجْتِرَاءِ الصَّبِیِّ عَلَی مَا لَا یَحِلُّ، لِجَهْلِهِ، أَوْ عِلْمِهِ بِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَ لَوْ عُلِمَ اکْتِسَابُهُ مِنْ مُحَلَّلٍ فَلَا کَرَاهَهَ وَ إِنْ أَطْلَقَ الْأَکْثَرَ، کَمَا أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ تَحْصِیلُهُ، أَوْ بَعْضُهُ مِنْ مُحَرَّمٍ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ، أَوْ اجْتِنَابُ مَا عُلِمَ مِنْهُ، أَوْ اشْتَبَهَ بِهِ وَ مَحَلُّ الْکَرَاهَهِ تَکَسُّبُ الْوَلِیِّ بِهِ، أَوْ أَخْذُهُ مِنْهُ، أَوْ الصَّبِیِّ بَعْدَ رَفْعِ الْحَجْرِ عَنْهُ (وَ) کَذَا یُکْرَهُ کَسْبُ (مَنْ لَا یَجْتَنِبُ الْمُحَرَّمَ) فِی کَسْبِهِ (وَ الْمُبَاحُ - مَا خَلَا عَنْ وَجْهِ رُجْحَانٍ) مِنْ الطَّرَفَیْنِ بِأَنْ لَا یَکُونَ رَاجِحًا وَ لَا مَرْجُوحًا لِتَتَحَقَّقَ الْإِبَاحَهُ (بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ).

التجاره تنقسم بانقسام الاحکام الخمسه

التجاره تنقسم بانقسام الاحکام الخمسه

(ثُمَّ التِّجَارَهُ) - وَ هِیَ نَفْسُ التَّکَسُّبِ (تَنْقَسِمُ بِانْقِسَامِ الْأَحْکَامِ الْخَمْسَهِ) فَالْوَاجِبُ مِنْهَا مَا تَوَقَّفَ تَحْصِیلُ مُؤْنَتِهِ وَ مُؤْنَهِ عِیَالِهِ الْوَاجِبِی النَّفَقَهِ عَلَیْهِ وَ مُطْلَقُ التِّجَارَهِ الَّتِی یَتِمُّ بِهَا نِظَامُ النَّوْعِ الْإِنْسَانِیِّ، فَإِنَّ ذَلِکَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْکِفَائِیَّهِ وَ إِنْ زَادَ عَلَی الْمُؤْنَهِ وَ الْمُسْتَحَبُّ مَا یَحْصُلُ بِهِ الْمُسْتَحَبُّ وَ هُوَ التَّوْسِعَهُ عَلَی الْعِیَالِ وَ نَفْعُ الْمُؤْمِنِینَ وَ مُطْلَقُ الْمَحَاوِیجِ غَیْرُ الْمُضْطَرِّینَ وَ الْمُبَاحُ مَا یَحْصُل بِهِ الزِّیَادَهُ فِی الْمَالِ مِنْ غَیْرِ الْجِهَاتِ الرَّاجِحَهِ وَ الْمَرْجُوحَهِ وَ الْمَکْرُوهُ وَ الْحَرَامُ التَّکَسُّبُ بِالْأَعْیَانِ الْمَکْرُوهَهِ وَ الْمُحَرَّمَهِ و قد تَقَدَّمَتْ.

الْفَصْلُ الثَّانِی: فِی عَقْدِ الْبَیْعِ وَ آدَابِهِ
المدخل

(الْفَصْلُ الثَّانِی: فِی عَقْدِ الْبَیْعِ وَ آدَابِهِ)

(وَهُوَ) أَیْ عَقْدُ الْبَیْعِ (الْإِیجَابُ وَ الْقَبُولُ الدَّالَّانِ عَلَی نَقْلِ الْمِلْکِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ) وَ هَذَا کَمَا هُوَ تَعْرِیفٌ لِلْعَقْدِ یَصْلُحُ تَعْرِیفًا لِلْبَیْعِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَ جَمَاعَهٍ عِبَارَهٌ عَنْ الْعَقْدِ الْمَذْکُورِ، اسْتِنَادًا إلَی أَنَّ ذَلِکَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ مَعْنَاهُ فَیَکُونُ حَقِیقَهً فِیهِ وَ یُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ الضَّمِیرُ عَائِدًا إلَی الْبَیْعِ نَفْسِهِ وَ أَنْ یَکُونَ إضَافَهُ الْبَیْعِ بَیَانِیَّهً وَ یُؤَیِّدُهُ أَنَّ فِی الدُّرُوسِ عَرَّفَ الْبَیْعَ بِذَلِکَ، مُزِیدًا قَیْدَ التَّرَاضِی وَ جَعْلُ جِنْسِ التَّعْرِیفِ الْإِیجَابَ وَ الْقَبُولَ أَوْلَی مِنْ جَعْلِ اللَّفْظِ الدَّالِّ کَمَا صَنَعَ غَیْرُهُ، لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ قَرِیبٌ وَ اللَّفْظُ بَعِیدٌ وَ بَاقِی الْقُیُودِ خَاصَّهٌ مُرَکَّبَهٌ، یَخْرُجُ بِهَا مِنْ الْعُقُودِ مَا لَا نَقْلَ فِیهِ کَالْوَدِیعَهِ وَ الْمُضَارَبَهِ وَ الْوَکَالَهِ وَ مَا تَضَمَّنَ نَقْلَ الْمِلْکِ بِغَیْرِ عِوَضٍ کَالْهِبَهِ وَ الْوَصِیَّهِ بِالْمَالِ وَ شَمِلَ مَا کَانَ مِلْکًا لِلْعَاقِدِ وَ غَیْرِهِ، فَدَخَلَ بَیْعُ الْوَکِیلِ وَ الْوَلِیِّ وَ خَرَجَ بِالْعِوَضِ الْمَعْلُومِ الْهِبَهُ الْمَشْرُوطُ فِیهَا مُطْلَقُ الثَّوَابِ وَ بَیْعُ الْمُکْرَهِ حَیْثُ یَقَعُ صَحِیحًا إذْ لَمْ یُعْتَبَرْ التَّرَاضِی وَ هُوَ وَارِدٌ عَلَی تَعْرِیفِهِ فِی الدُّرُوسِ وَ بَیْعُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَهِ وَ شِرَاؤُهُ، فَإِنَّهُ یَصْدُقُ عَلَیْهِ الْإِیجَابُ وَ الْقَبُولُ وَ یَرِدُ عَلَی تَعْرِیفِ أَخْذِ " اللَّفْظِ " جِنْسًا کَالشَّرَائِعِ وَ بَقِیَ فِیهِ دُخُولُ عَقْدِ الْإِجَارَهِ، إذْ الْمِلْکُ یَشْمَلُ الْعَیْنَ وَ الْمَنْفَعَهَ وَ الْهِبَهَ الْمَشْرُوطَ فِیهَا عِوَضٌ مُعَیَّنٌ وَ الصُّلْحَ الْمُشْتَمِلَ عَلَی نَقْلِ الْمِلْکِ بِعَرَضٍ مَعْلُومٍ، فَإِنَّهُ لَیْسَ بَیْعًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَ الْمُتَأَخِّرِینَ.

وَحَیْثُ کَانَ الْبَیْعُ عِبَارَهً عَنْ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ الْمَذْکُورَیْنِ (فَلَا یَکْفِی الْمُعَاطَاهُ) وَ هِیَ إعْطَاءُ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَایِعَیْنِ مَا یُرِیدُهُ مِنْ الْمَالِ عِوَضًا عَمَّا یَأْخُذُهُ مِنْ الْآخَرِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَی ذَلِکَ بِغَیْرِ الْعَقْدِ الْمَخْصُوصِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الْجَلِیلُ وَ الْحَقِیرُ، عَلَی الْمَشْهُورِ بَیْنَ أَصْحَابِنَا، بَلْ کَادَ یَکُونُ إجْمَاعًا، (نَعَمْ یُبَاحُ) بِالْمُعَاطَاهِ (التَّصَرُّفُ) مِنْ کُلٍّ مِنْهُمَا فِیمَا صَارَ إلَیْهِ مِنْ الْعِوَضِ، لِاسْتِلْزَامِ دَفْعِ مَالِکِهِ لَهُ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ الْإِذْنَ فِی التَّصَرُّفِ فِیهِ وَ هَلْ هِیَ إبَاحَهٌ، أَمْ عَقْدٌ مُتَزَلْزِلٌ، ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْإِبَاحَهَ ظَاهِرَهٌ فِیهَا وَ لَا یُنَافِیهِ قَوْلُهُ (وَیَجُوزُ الرُّجُوعُ) فِیهَا (مَعَ بَقَاءِ الْعَیْنِ)، لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُنَافِی الْإِبَاحَهَ.

وَرُبَّمَا ظَهَرَ مِنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ الثَّانِی لِتَعْبِیرِهِ بِجَوَازِ فَسْخِهَا الدَّالِّ عَلَی وُقُوعِ أَمْرٍ یُوجِبُهُ.

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی النَّمَاءِ فَعَلَی الثَّانِی هُوَ لِلْقَابِضِ مَعَ تَحَقُّقِ اللُّزُومِ بَعْدَهُ وَ عَلَی الْأَوَّلِ یَحْتَمِلُهُ وَ عَدَمَهُ.

وَیُفْهَمُ مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَیْنِ عَدَمُهُ مَعَ ذَهَابِهَا وَ هُوَ کَذَلِکَ وَ یُصَدَّقُ بِتَلَفِ الْعَیْنَیْنِ، وَإِحْدَاهُمَا وَ بَعْضِ کُلِّ وَاحِدَهٍ مِنْهُمَا وَ نَقْلِهَا عَنْ مِلْکِهِ وَ بِتَغْیِیرِهَا کَطَحْنِ الْحِنْطَهِ، فَإِنَّ عَیْنَ الْمُنْتَقِلِ غَیْرُ بَاقِیَهٍ مَعَ احْتِمَالِ الْعَدَمِ أَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ مَعَ عَدَمِ تَغَیُّرِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ وَ فِی صَبْغِهِ وَ قَصْرِهِ وَ تَفْصِیلِهِ وَ خِیَاطَتِهِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُغَیِّرَهِ لِلصِّفَهِ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِیقَهِ نَظَرٌ وَ عَلَی تَقْدِیرِ الرُّجُوعِ فِی الْعَیْنِ و قد اسْتَعْمَلَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ إلَیْهِ یَأْخُذُهَا بِغَیْرِ أُجْرَهٍ، لِإِذْنِهِ فِی التَّصَرُّفِ مَجَّانًا وَ لَوْ نَمَتْ وَ تَلِفَ النَّمَاءُ فَلَا رُجُوعَ بِهِ کَالْأَصْلِ وَ إِلَّا فَالْوَجْهَانِ.

وَهَلْ تَصِیرُ مَعَ ذَهَابِ الْعَیْنِ بَیْعًا، أَوْ مُعَاوَضَهً خَاصَّهً وَ جْهَانِ مِنْ حَصْرِهِمْ الْمُعَاوَضَاتِ وَ لَیْسَتْ أَحَدَهَا وَ مِنْ اتِّفَاقِهِمْ عَلَی أَنَّهَا لَیْسَتْ بَیْعًا بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَی التَّرَاضِی فَکَیْف تَصِیرُ بَیْعًا بِالتَّلَفِ.

وَمُقْتَضَی الْمُعَاطَاهِ أَنَّهَا مُفَاعَلَهٌ مِنْ الْجَانِبَیْنِ، فَلَوْ وَقَعَتْ بِقَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ خَاصَّهً مَعَ ضَبْطِ الْآخَرِ عَلَی وَجْهٍ یَرْفَعُ الْجَهَالَهَ فَفِی لُحُوقِ أَحْکَامِهَا نَظَرٌ، مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِهَا.

وَحُصُولِ التَّرَاضِی وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ عَلَی تَقْدِیرِ دَفْعِ السِّلْعَهِ دُونَ الثَّمَنِ، (وَیُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا) أَیْ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ (بِلَفْظِ الْمَاضِی) الْعَرَبِیِّ (کَبِعْت) مِنْ الْبَائِعِ، (وَاشْتَرَیْت) مِنْ الْمُشْتَرِی، (وَشَرَیْت) مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ مُشْتَرَکٌ بَیْنَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ، (وَمَلَّکْت) بِالتَّشْدِیدِ مِنْ الْبَائِعِ وَ بِالتَّخْفِیفِ مِنْ الْمُشْتَرِی وَ تَمَلَّکْت، (وَیَکْفِی الْإِشَارَهُ) الدَّالَّهُ عَلَی الرِّضَا عَلَی الْوَجْهِ الْمُعَیَّنِ (مَعَ الْعَجْزِ) عَنْ النُّطْقِ لِخَرَسٍ وَ غَیْرِهِ وَ لَا تَکْفِی مَعَ الْقُدْرَهِ.

نَعَمْ تُفِیدُ الْمُعَاطَاهَ مَعَ الْإِفْهَامِ الصَّرِیحِ.

(وَ لَا یُشْتَرَطُ تَقْدِیمُ الْإِیجَابِ عَلَی الْقَبُولِ وَ إِنْ کَانَ) تَقْدِیمُهُ (أَحْسَنَ)، بَلْ قِیلَ: بِتَعَیُّنِهِ وَ وَجْهُ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ أَصَالَهُ الصِّحَّهِ وَ ظُهُورُ کَوْنِهِ عَقْدًا فَیَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَ لِتَسَاوِیهِمَا فِی الدَّلَالَهِ عَلَی الرِّضَا وَ تَسَاوِی الْمَالِکَیْنِ فِی نَقْلِ مَا یَمْلِکُهُ إلَی الْآخَرِ وَ وَجْهُ التَّعْیِینِ الشَّکُّ فِی تَرَتُّبِ الْحُکْمِ مَعَ تَأَخُّرِهِ وَ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ وَ لِدَلَالَهِ مَفْهُومِ الْقَبُولِ عَلَی تَرَتُّبِهِ عَلَی الْإِیجَابِ لِأَنَّهُ رَضِیَ بِهِ وَ مِنْهُ یَظْهَرُ وَجْهُ الْحَسَنِ.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِلَفْظِ اشْتَرَیْت کَمَا ذَکَرَهُ أَوْ ابْتَعْت أَوْ تَمَلَّکْت إلَخْ لَا بِقَبِلْت وَ شَبَهِهِ وَ إِنْ أَضَافَ إلَیْهِ بَاقِیَ الْأَرْکَانِ لِأَنَّهُ صَرِیحٌ فِی الْبِنَاءِ عَلَی أَمْرٍ لَمْ یَقَعْ. (وَیُشْتَرَطُ فِی الْمُتَعَاقِدَیْنِ الْکَمَالُ) بِرَفْعِ الْحَجْرِ الْجَامِعِ لِلْبُلُوغِ وَ الْعَقْلِ وَ الرُّشْدِ، (وَ الِاخْتِیَارِ، إلَّا أَنْ یَرْضَی الْمُکْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ إکْرَاهِهِ)، لِأَنَّهُ بَالِغٌ رَشِیدٌ قَاصِدٌ إلَی اللَّفْظ دُونَ مَدْلُولِهِ وَ إِنَّمَا مَنَعَ عَدَمُ الرِّضَا، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ أَثَّرَ الْعَقْدُ کَعَقْدِ الْفُضُولِیِّ حَیْثُ انْتَفَی الْقَصْدُ إلَیْهِ مِنْ مَالِکِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْقَصْدِ إلَی اللَّفْظِ فِی الْجُمْلَهِ، فَلَمَّا لَحِقَتْهُ إجَازَهُ الْمَالِکِ أَثَّرَتْ وَ لَا تُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُ لِلْعَقْدِ لِلْأَصْلِ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْمَسْلُوبِ بِالْأَصْلِ کَعِبَارَهِ الصَّبِیِّ، فَلَا تَجْبُرُهُ إجَازَهُ الْوَلِیِّ وَ لَا رِضَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (وَ الْقَصْدُ، فَلَوْ أَوْقَعَهُ الْغَافِلُ، أَوْ النَّائِمُ، أَوْ الْهَازِلُ لُغِیَ) وَ إِنْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَهُ، لِعَدَمِ الْقَصْدِ إلَی اللَّفْظِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْمُکْرَهِ.

وَرُبَّمَا أَشْکَلَ الْفَرْقُ فِی الْهَازِلِ مِنْ ظُهُورِ قَصْدِهِ إلَی اللَّفْظِ مِنْ حَیْثُ کَوْنُهُ عَاقِلًا مُخْتَارًا وَ إِنَّمَا تَخَلَّفَ قَصْدُ مَدْلُولِهِ.

وَأَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِکَ الْمُکْرَهَ عَلَی وَجْهٍ یَرْتَفِعُ قَصْدُهُ أَصْلًا، فَلَا یُؤَثِّرُ فِیهِ الرِّضَا الْمُتَعَقِّبُ کَالْغَافِلِ وَ السَّکْرَانِ وَ هُوَ حَسَنٌ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِکْرَاهِ بِهَذَا الْمَعْنَی، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ مَعْنَاهُ حَمْلُ الْمُکْرِهِ لِلْمُکْرَهِ عَلَی الْفِعْلِ خَوْفًا عَلَی نَفْسِهِ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهَا مَعَ حُضُورِ عَقْلِهِ وَ تَمْیِیزِهِ.

الْأُولَی - (یُشْتَرَطُ کَوْنُ الْمَبِیعِ مِمَّا

الْأُولَی - (یُشْتَرَطُ کَوْنُ الْمَبِیعِ مِمَّا یُمْلَکُ)

أَیْ یَقْبَلُ الْمِلْکَ شَرْعًا (فَلَا یَصِحُّ بَیْعُ الْحُرِّ وَ مَا لَا نَفْعَ فِیهِ غَالِبًا کَالْحَشَرَاتِ) بِفَتْحِ الشِّینِ کَالْحَیَّاتِ وَ الْعَقَارِبِ وَ الْفِئْرَانِ وَ الْخَنَافِسِ وَ النَّمْلِ وَ نَحْوِهَا، إذْ لَا نَفْعَ فِیهَا یُقَابَلُ بِالْمَالِ وَ إِنْ ذُکِرَ لَهَا مَنَافِعُ فِی الْخَوَاصِّ وَ هُوَ الْخَارِجُ بِقوله:

غَالِبًا، (وَفَضَلَاتِ الْإِنْسَانِ) وَ إِنْ کَانَتْ طَاهِرَهً (إلَّا لَبَنَ الْمَرْأَهِ) فَیَصِحُّ بَیْعُهُ وَ الْمُعَاوَضَهُ عَلَیْهِ مُقَدَّرًا بِالْمِقْدَارِ الْمَعْلُومِ، أَوْ الْمُدَّهِ، لِعِظَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، (وَ لَا الْمُبَاحَاتِ قَبْلَ الْحِیَازَهِ)، لِانْتِفَاءِ الْمِلْکِ عَنْهَا حِینَئِذٍ وَ الْمُتَبَایِعَانِ فِیهَا سِیَّانِ وَ کَذَا بَعْدَ الْحِیَازَهِ قَبْلَ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ إنْ اعْتَبَرْنَاهَا فِیهِ کَمَا هُوَ الْأَجْوَدُ. (وَ لَا الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً) بِفَتْحِ الْعَیْنِ أَیْ قَهْرًا کَأَرْضِ الْعِرَاقِ وَ الشَّامِ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِینَ قَاطِبَهً لَا تُمْلَکُ عَلَی الْخُصُوصِ، (إلَّا تَبَعًا لِآثَارِ الْمُتَصَرِّفِ) مِنْ بِنَاءٍ وَ شَجَرٍ فِیهِ، فَیَصِحُّ فِی الْأَقْوَی وَ تَبْقَی تَابِعَهً لَهُ مَا دَامَتْ الْآثَارُ، فَإِذَا زَالَتْ رَجَعَتْ إلَی أَصْلِهَا وَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْمُحْیَاهُ وَ قْتَ الْفَتْحِ، أَمَّا الْمَوَاتُ فَیَمْلِکُهَا الْمُحْیِی وَ یَصِحُّ بَیْعُهَا کَغَیْرِهَا مِنْ الْأَمْلَاکِ (وَ الْأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ بَیْعِ رِبَاعِ مَکَّهَ) أَیْ دُورِهَا (زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا، لِنَقْلِ الشَّیْخِ فِی الْخِلَافِ الْإِجْمَاعَ) عَلَی عَدَمِ جَوَازِهِ، (إنْ قُلْنَا إنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَهً)، لِاسْتِوَاءِ النَّاسِ فِیهَا حِینَئِذٍ وَ لَوْ قُلْنَا إنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا جَازَ وَ فِی تَقْیِیدِ الْمَنْعِ بِالْقَوْلِ بِفَتْحِهَا عَنْوَهً مَعَ تَعْلِیلِهِ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ الْمَنْقُولِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ تَنَافُرٌ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إنْ ثَبَتَ لَمْ یَتَوَقَّفْ عَلَی أَمْرٍ آخَرَ وَ إِنْ لَمْ یَثْبُتْ افْتَقَرَ إلَی التَّعْلِیلِ بِالْفَتْحِ عَنْوَهً وَ غَیْرِهِ وَ یَبْقَی فِیهِ أَنَّهُ عَلَی مَا اخْتَارَهُ سَابِقًا مِنْ مِلْکِهِ تَبَعًا لِلْآثَارِ یَنْبَغِی الْجَوَازُ لِلْقَطْعِ بِتَجَدُّدِ الْآثَارِ فِی جَمِیعِ دُورِهَا عَمَّا کَانَتْ عَلَیْهِ عَامَ الْفَتْحِ.

وَرُبَّمَا عَلَّلَ الْمَنْعَ بِالرِّوَایَهِ عَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ بِالنَّهْیِ عَنْهُ وَ بِکَوْنِهَا فِی حُکْمِ الْمَسْجِدِ، لِآیَهِ الْإِسْرَاءِ، مَعَ أَنَّهُ کَانَ مِنْ بَیْتِ أُمِّ هَانِئٍ لَکِنَّ الْخَبَرَ لَمْ یَثْبُتْ وَ حَقِیقَهُ الْمَسْجِدِیَّهِ مُنْتَفِیَهٌ وَ مَجَازُ الْمُجَاوَرَهِ وَ الشَّرَفِ وَ الْحُرْمَهِ مُمْکِنٌ وَ الْإِجْمَاعُ غَیْرُ مُتَحَقِّقٍ، فَالْجَوَازُ مُتَّجَهٌ.

الثَّانِیَهُ: یُشْتَرَطُ فِی الْمَبِیعِ. .

الثَّانِیَهُ: یُشْتَرَطُ فِی الْمَبِیعِ. .

أَنْ یَکُونَ مَقْدُورًا عَلَی تَسْلِیمِهِ فَلَوْ بَاعَ الْحَمَامَ الطَّائِرَ) أَوْ غَیْرَهُ مِنْ الطُّیُورِ الْمَمْلُوکَهِ (لَمْ یَصِحَّ، إلَّا أَنْ تَقْضِی الْعَادَهُ بِعَوْدِهِ) فَیَصِحُّ، لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ کَالْعَبْدِ الْمُنْفَذِ فِی الْحَوَائِجِ وَ الدَّابَّهِ الْمُرْسَلَهِ (وَ لَوْ بَاعَ) الْمَمْلُوکَ (الْآبِقَ) الْمُتَعَذِّرَ تَسْلِیمُهُ (صَحَّ مَعَ الضَّمِیمَهِ) إلَی مَا یَصِحُّ بَیْعُهُ مُنْفَرِدًا (فَإِنْ وَجَدَهُ) الْمُشْتَرِی وَ قَدَرَ عَلَی إثْبَاتِ یَدِهِ عَلَیْهِ، (وَ إِلَّا کَانَ الثَّمَنُ بِإِزَاءِ الضَّمِیمَهِ) وَ نَزَلَ الْآبِقُ بِالنِّسْبَهِ إلَی الثَّمَنِ مَنْزِلَهَ الْمَعْدُومِ و لکن لَا یَخْرُجُ بِالتَّعَذُّرِ عَنْ مِلْکِ الْمُشْتَرِی، فَیَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْکَفَّارَهِ وَ بَیْعُهُ لِغَیْرِهِ مَعَ الضَّمِیمَهِ، (وَ لَا خِیَارَ لِلْمُشْتَرِی مَعَ الْعِلْمِ بِإِبَاقِهِ).

لِقُدُومِهِ عَلَی النَّقْصِ، أَمَّا لَوْ جَهِلَ جَازَ الْفَسْخُ إنْ کَانَ الْبَیْعُ صَحِیحًا وَ یُشْتَرَطُ فِی بَیْعِهِ مَا یُشْتَرَطُ فِی غَیْرِهِ مِنْ کَوْنِهِ مَعْلُومًا مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَ غَیْرَ ذَلِکَ، سِوَی الْقُدْرَهِ عَلَی تَسْلِیمِهِ، فَلَوْ ظَهَرَ تَلَفُهُ حِینَ الْبَیْعِ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ لِغَیْرِ الْبَائِعِ، أَوْ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ بَطَلَ الْبَیْعُ فِیمَا یُقَابِلُهُ فِی الْأَوَّلَیْنِ وَ تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی فِی الْأَخِیرِ عَلَی الظَّاهِرِ.

(وَ لَوْ قَدَرَ الْمُشْتَرِی عَلَی تَحْصِیلِهِ) دُونَ الْبَائِعِ (فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الضَّمِیمَهِ) فِی صِحَّهِ الْبَیْعِ، لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَ هُوَ الْقُدْرَهُ عَلَی تَسَلُّمِهِ.

وَوَجْهُ الِاشْتِرَاطِ صِدْقُ الْإِبَاقِ مَعَهُ الْمُوجِبِ الضَّمِیمَهَ بِالنَّصِّ.

وَکَوْنُ الشَّرْطِ التَّسْلِیمَ وَ هُوَ أَمْرٌ آخَرُ غَیْرُ التَّسَلُّمِ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ الْغَایَهَ الْمَقْصُودَهَ مِنْ التَّسْلِیمِ حُصُولُهُ بِیَدِ الْمُشْتَرِی بِغَیْرِ مَانِعٍ وَ هِیَ مَوْجُودَهٌ وَ الْمُوجِبَهَ لِلضَّمِیمَهِ الْعَجْزُ عَنْ تَحْصِیلِهِ وَ هِیَ مَفْقُودَهٌ، (وَ عَدَمُ لُحُوقِ أَحْکَامِهَا لَوْ ضُمَّ) فَیُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَیْهِمَا لَوْ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی تَحْصِیلِهِ، أَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَ لَا یَتَخَیَّرُ لَوْ لَمْ یَعْلَمْ بِإِبَاقِهِ وَ لَا یُشْتَرَطُ فِی الضَّمِیمَهِ صِحَّهُ إفْرَادِهَا بِالْبَیْعِ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ بِمَنْزِلَهِ الْمَقْبُوضِ وَ غَیْرِ ذَلِکَ مِنْ الْأَحْکَامِ وَ لَا یَلْحَقُ بِالْآبِقِ غَیْرُهُ مِمَّا فِی مَعْنَاهُ کَالْبَعِیرِ الشَّارِدِ وَ الْفَرَسِ الْعَائِرِ عَلَی الْأَقْوَی، بَلْ الْمَمْلُوکُ الْمُتَعَذِّرُ تَسْلِیمُهُ بِغَیْرِ الْإِبَاقِ، اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی الْمَنْصُوصِ.

(أَمَّا الضَّالُّ وَ الْمَجْحُودُ) مِنْ غَیْرِ إبَاقٍ (فَیَصِحُّ الْبَیْعُ وَ یُرَاعَی بِإِمْکَانِ التَّسْلِیمِ)، فَإِنْ أَمْکَنَ فِی وَقْتٍ قَرِیبٍ لَا یَفُوتُ بِهِ شَیْءٌ مِنْ الْمَنَافِعِ یُعْتَدُّ بِهِ، أَوْ رَضِیَ الْمُشْتَرِی بِالصَّبْرِ إلَی أَنْ یُسَلَّمَ لَزِمَ، (وَ إِنْ تَعَذَّرَ فَسْخُ الْمُشْتَرِی إنْ شَاءَ) وَ إِنْ شَاءَ الْتَزَمَ وَ بَقِیَ عَلَی مِلْکِهِ یَنْتَفِعُ بِهِ بِالْعِتْقِ وَ نَحْوِهِ وَ یُحْتَمَلُ قَوِیًّا بُطْلَانُ الْبَیْعِ، لِفَقْدِ شَرْطِ الصِّحَّهِ وَ هُوَ إمْکَانُ التَّسْلِیمِ.

وَکَمَا یَجُوزُ جَعْلُ الْآبِقِ مُثَمَّنًا یَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا، سَوَاءً أَکَانَ فِی مُقَابِلِهِ آبِقٌ آخَرُ، أَمْ غَیْرُهُ، لِحُصُولِ مَعْنَی الْبَیْعِ فِی الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ.

(وَ فِی احْتِیَاجِ الْعَبْدِ الْآبِقِ الْمَجْعُولِ ثَمَنًا إلَی الضَّمِیمَهِ احْتِمَالٌ)، لِصِدْقِ الْإِبَاقِ الْمُقْتَضِی لَهَا (وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ)، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الْعِلَّهِ الْمُقْتَضِیَهِ لَهَا، (وَ حِینَئِذٍ یَجُوزُ أَنْ یَکُونَ أَحَدُهُمَا ثَمَنًا وَ الْآخَرُ مُثَمَّنًا مَعَ الضَّمِیمَتَیْنِ وَ لَا یَکْفِیَ) فِی الضَّمِیمَهِ فِی الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ (ضَمُّ آبِقٍ آخَرَ إلَیْهِ)، لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الضَّمِیمَهِ أَنْ تَکُونَ ثَمَنًا إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِیلُهُ فَتَکُونُ جَامِعَهً لِشَرَائِطِهِ الَّتِی مِنْ جُمْلَتِهَا إمْکَانُ التَّسْلِیمِ وَ الْآبِقُ الْآخَرُ لَیْسَ کَذَلِکَ.

(وَ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْعَبِیدُ) فِی الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ (کَفَتْ ضَمِیمَهٌ وَاحِدَهٌ) لِصِدْقِ الضَّمِیمَهِ مَعَ الْآبِقِ وَ لَا یُعْتَبَرُ فِیهَا کَوْنُهَا مُتَمَوَّلَهً إذَا وُزِّعْت عَلَی کُلِّ وَاحِدٍ، لِأَنَّ ذَلِکَ یَصِیرُ بِمَنْزِلَهِ ضَمَائِمَ، مَعَ أَنَّ الْوَاحِدَهَ کَافِیَهٌ.

وَهَذِهِ الْفُرُوعُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْکِتَابِ وَ مِثْلُهَا فِی تَضَاعِیفِهِ کَثِیرٌ نُنَبِّهُ عَلَیْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فِی مَوَاضِعِهِ.

الثَّالِثَهُ یُشْتَرَطُ فِی الْمَبِیعِ أَنْ یَکُ
الثَّالِثَهُ یُشْتَرَطُ فِی الْمَبِیعِ أَنْ یَکُونَ طَلْقًا:

فَلَا یَصِحُّ بَیْعُ الْوَقْفِ) الْعَامِّ مُطْلَقًا، إلَّا أَنْ یَتَلَاشَی وَ یَضْمَحِلَّ، بِحَیْثُ لَا یُمْکِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِی الْجِهَهِ الْمَقْصُودَهِ مُطْلَقًا کَحَصِیرٍ یَبْلَی وَ لَا یَصْلُحُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ فِی مَحِلِّ الْوَقْفِ وَ جِذْعٍ یَنْکَسِرُ کَذَلِکَ وَ لَا یُمْکِنُ صَرْفُهُمَا بِأَعْیَانِهِمَا فِی الْوُقُودِ لِمَصَالِحِهِ، کَآجُرِّ الْمَسْجِدِ فَیَجُوزُ بَیْعُهُ حِینَئِذٍ وَ صَرْفُهُ فِی مَصَالِحِهِ، إنْ لَمْ یُمْکِنْ الِاعْتِیَاضُ عَنْهُ بِوَقْفٍ وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ أَصْلُهُ مَوْقُوفًا، بَلْ اُشْتُرِیَ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ بَذَلَهُ لَهُ بَاذِلٌ صَحَّ لِلنَّاظِرِ بَیْعُهُ مَعَ الْمَصْلَحَهِ مُطْلَقًا.

(وَ لَوْ أَدَّی بَقَاؤُهُ إلَی خَرَابِهِ لِخُلْفٍ بَیْنَ أَرْبَابِهِ) فِی الْوَقْفِ الْمَحْصُورِ (فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ) أَیْ جَوَازُ بَیْعِهِ حِینَئِذٍ وَ فِی الدُّرُوسِ اکْتَفَی فِی جَوَازِ بَیْعِهِ بِخَوْفِ خَرَابِهِ، أَوْ خُلْفِ أَرْبَابِهِ الْمُؤَدِّی إلَی فَسَادِهِ وَ قَلَّ أَنْ یَتَّفِقَ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ فَتْوَی وَاحِدٍ، بَلْ فِی کِتَابٍ وَاحِدٍ فِی بَابِ الْبَیْعِ وَ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْهَا، أَوْ طَالِعْ شَرْحَ الْمُصَنِّفِ لِلْإِرْشَادِ تَطَّلِعْ عَلَی ذَلِکَ.

وَالْأَقْوَی فِی الْمَسْأَلَهِ مَا دَلَّتْ عَلَیْهِ صَحِیحَهُ عَلِیِّ بْنِ مِهْزِیَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْجَوَّادِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ جَوَازِ بَیْعِهِ إذَا وَقَعَ بَیْنَ أَرْبَابِهِ خُلْفٌ شَدِیدٌ وَ عَلَّلَهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا جَاءَ فِیهِ تَلَفُ الْأَمْوَالِ وَ النُّفُوسِ وَ ظَاهِرُهُ أَنَّ خَوْفَ أَدَائِهِ إلَیْهِمَا، أَوْ إلَی أَحَدِهِمَا لَیْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ هُوَ مَظِنَّهٌ لِذَلِکَ وَ مِنْ هَذَا الْحَدِیثِ اخْتَلَفَتْ أَفْهَامُهُمْ فِی الشَّرْطِ الْمُسَوِّغِ لِلْبَیْعِ، فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْخُلْفَ الْمُؤَدِّی إلَی الْخَرَابِ، نَظَرًا إلَی تَعْلِیلِهِ بِتَلَفِ الْمَالِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ الْوَقْفُ، إذْ لَا دَخْلَ لِغَیْرِهِ فِی ذَلِکَ وَ لَا یَجُوزُ بَیْعُهُ فِی غَیْرِ مَا ذَکَرْنَاهُ وَ إِنْ احْتَاجَ إلَی بَیْعِهِ أَرْبَابُ الْوَقْفِ وَ لَمْ تَکْفِهِمْ غَلَّتُهُ، أَوْ کَانَ بَیْعُهُ أَعَوْدَ، أَوْ غَیْرَ ذَلِکَ مِمَّا قِیلَ، لِعَدَمِ دَلِیلٍ صَالِحٍ عَلَیْهِ وَ حَیْثُ یَجُوزُ بَیْعُهُ یُشْتَرَی بِثَمَنِهِ مَا یَکُونُ وَقْفًا عَلَی ذَلِکَ الْوَجْهِ إنْ أَمْکَنَ، مُرَاعِیًا لِلْأَقْرَبِ إلَی صِفَتِهِ فَالْأَقْرَبِ وَ الْمُتَوَلِّی لِذَلِکَ النَّاظِرُ إنْ کَانَ وَ إِلَّا الْمَوْقُوفُ عَلَیْهِمْ إنْ انْحَصَرُوا وَ إِلَّا فَالنَّاظِرُ الْعَامُّ. (وَ لَا)، بَیْعُ الْأَمَهِ (الْمُسْتَوْلَدَهِ) مِنْ الْمَوْلَی وَ یَتَحَقَّقُ الِاسْتِیلَادُ الْمَانِعُ مِنْ الْبَیْعِ بِعُلُوقِهَا فِی مِلْکِهِ وَ إِنْ لَمْ تَلِجْهُ الرُّوحُ کَمَا سَیَأْتِی فَقوله:

(مَا دَامَ الْوَلَدُ حَیًّا) مَبْنِیٌّ عَلَی الْأَغْلَبِ، أَوْ عَلَی التَّجَوُّزِ لِأَنَّهُ قَبْلَ وُلُوجِ الرُّوحِ لَا یُوصَفُ بِالْحَیَاهِ إلَّا مَجَازًا وَ لَوْ مَاتَ صَارَتْ کَغَیْرِهَا مِنْ إمَائِهِ عِنْدَنَا، أَمَّا مَعَ حَیَاتِهِ فَلَا یَجُوزُ بَیْعُهَا، (إلَّا فِی ثَمَانِیَهِ مَوَاضِعَ) وَ هَذَا الْجَمْعُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْکِتَابِ.

(أَحَدُهَا - فِی ثَمَنِ رَقَبَتِهَا مَعَ إعْسَارِ مَوْلَاهَا، سَوَاءٌ کَانَ حَیًّا، أَوْ مَیِّتًا)، أَمَّا مَعَ الْمَوْتِ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ أَمَّا مَعَ الْحَیَاهِ فَعَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَ الْمُرَادُ بِإِعْسَارِهِ أَنْ لَا یَکُونَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا یُوَفِّی ثَمَنَهَا زَائِدًا عَلَی الْمُسْتَثْنَیَاتِ فِی وَفَاءِ الدَّیْنِ.

(وَثَانِیهَا - إذَا جَنَتْ عَلَی غَیْرِ مَوْلَاهَا) فَیَدْفَعُ ثَمَنَهَا فِی الْجِنَایَهِ، أَوْ رَقَبَتَهَا إنْ رَضِیَ الْمَجْنِیُّ عَلَیْهِ وَ لَوْ کَانَتْ الْجِنَایَهُ عَلَی مَوْلَاهَا لَمْ یَجُزْ، لِأَنَّهُ لَا یَثْبُتُ لَهُ عَلَی مَالِهِ مَالٌ.

(وَثَالِثُهَا - إذَا عَجَزَ مَوْلَاهَا عَنْ نَفَقَتِهَا) وَ لَوْ أَمْکَنَ تَأَدِّیهَا بِبَیْعِ بَعْضِهَا وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَیْهِ، وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الضَّرُورَهِ.

(وَ رَابِعُهَا - إذَا مَاتَ قَرِیبُهَا وَ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهَا) لِتَعْتِقَ وَ تَرِثَهُ وَ هُوَ تَعْجِیلُ عِتْقٍ أَوْلَی بِالْحُکْمِ مِنْ إبْقَائِهَا لِتَعْتِقَ بَعْدَ وَفَاهِ مَوْلَاهَا.

(وَخَامِسُهَا - إذَا کَانَ عُلُوقُهَا بَعْدَ الِارْتِهَانِ) فَیُقَدَّمُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ لِسَبْقِهِ وَ قِیلَ یُقَدَّمُ حَقُّ الِاسْتِیلَادِ، لِبِنَاءِ الْعِتْقِ عَلَی التَّغْلِیبِ وَ لِعُمُومِ النَّهْیِ عَنْ بَیْعِهَا (وَسَادِسُهَا - إذَا کَانَ عُلُوقُهَا بَعْدَ الْإِفْلَاسِ) أَیْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَی الْمُفْلِسِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ ظُهُورِ الْإِفْلَاسِ لَا یُوجِبُ تَعَلُّقَ حَقِّ الدَّیَّانِ بِالْمَالِ وَ الْخِلَاف هُنَا کَالرَّهْنِ.

(وَسَابِعُهَا - إذَا مَاتَ مَوْلَاهَا وَ لَمْ یُخْلِفْ سِوَاهَا وَ عَلَیْهِ دَیْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ ثَمَنًا لَهَا)، لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْتِقُ بِمَوْتِ مَوْلَاهَا مِنْ نَصِیبِ وَلَدِهَا وَ لَا نَصِیبَ لَهُ مَعَ اسْتِغْرَاقِ الدَّیْنِ فَلَا تُعْتَقُ وَ تُصْرَفُ فِی الدَّیْنِ.

(وَثَامِنُهَا - بَیْعُهَا عَلَی مَنْ تَنْعَتِقُ عَلَیْهِ، فَإِنَّهُ فِی قُوَّهِ الْعِتْقِ) فَیَکُونُ تَعْجِیلُ خَیْرٍ یُسْتَفَادُ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَهِ، حَیْثُ إنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْبَیْعِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ، (وَ فِی جَوَازِ بَیْعِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ نَظَرٌ، أَقْرَبُهُ الْجَوَازُ) لِمَا ذُکِرَ، فَإِنْ لَمْ یَفِ الْمُشْتَرِی بِالشَّرْطِ فُسِخَ الْبَیْعُ و جوبا.

فَإِنْ لَمْ یَفْسَخْهُ الْمَوْلَی اُحْتُمِلَ انْفِسَاخُهُ بِنَفْسِهِ وَ فَسَخَ الْحَاکِمُ إنْ اتَّفَقَ وَ هَذَا مَوْضِعٌ تَاسِعٌ وَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ غَیْرُ مَنْصُوصٍ بِخُصُوصِهِ وَ لِلنَّظَرِ فِیهِ مَجَالٌ وَ قَدْ حَکَاهَا فِی الدُّرُوسِ بِلَفْظِ قِیلَ وَ بَعْضُهَا جُعِلَ احْتِمَالًا مِنْ غَیْرِ تَرْجِیحٍ لِشَیْءٍ مِنْهَا وَ زَادَ بَعْضُهُمْ مَوَاضِعَ أُخُرَ، عَاشِرُهَا فِی کَفَنِ سَیِّدِهَا إذَا لَمْ یُخْلِفْ سِوَاهَا وَ لَمْ یُمْکِنْ بَیْعُ بَعْضِهَا فِیهِ وَ إِلَّا اُقْتُصِرَ عَلَیْهِ.

وَحَادِیَ عَشَرَهَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْلَاهَا الْکَافِرِ وَ ثَانِیَ عَشَرَهَا إذَا کَانَ وَلَدُهَا غَیْرَ وَارِثٍ لِکَوْنِهِ قَاتِلًا، أَوْ کَافِرًا، لِأَنَّهَا لَا تَنْعَتِقُ بِمَوْتِ مَوْلَاهَا حِینَئِذٍ، إذْ لَا نَصِیبَ لِوَلَدِهَا.

وَثَالِثَ عَشَرَهَا إذَا جَنَتْ عَلَی مَوْلَاهَا جِنَایَهً تَسْتَغْرِقُ قِیمَتَهَا وَ رَابِعَ عَشَرَهَا إذَا قَتَلَتْهُ خَطَأً وَ خَامِسَ عَشَرَهَا إذَا حَمَلَتْ فِی زَمَنِ خِیَارِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِکِ ثُمَّ فَسَخَ الْبَائِعُ بِخِیَارِهِ وَ سَادِسَ عَشَرَهَا إذَا خَرَجَ مَوْلَاهَا عَنْ الذِّمَّهِ وَ مَلَکَتْ أَمْوَالَهُ الَّتِی هِیَ مِنْهَا وَ سَابِعَ عَشَرَهَا إذَا لَحِقَتْ هِیَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّتْ وَ ثَامِنَ عَشَرَهَا إذَا کَانَتْ لِمُکَاتَبٍ مَشْرُوطٍ، ثُمَّ فَسَخَ کِتَابَتَهُ وَ تَاسِعَ عَشَرَهَا إذَا شَرَطَ أَدَاءَ الضَّمَانِ مِنْهَا قَبْلَ الِاسْتِیلَادِ ثُمَّ أَوْلَدَهَا، فَإِنَّ حَقَّ الْمَضْمُونِ لَهُ أَسْبَقُ مِنْ حَقِّ الِاسْتِیلَادِ کَالرَّهْنِ وَ الْفَلَسِ السَّابِقَیْنِ وَ الْعِشْرُونَ إذَا أَسْلَمَ أَبُوهَا، أَوْ جَدُّهَا وَ هِیَ مَجْنُونَهٌ، أَوْ صَغِیرَهٌ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْکَافِرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ عَنْ مِلْکِهِ وَ هَذِهِ فِی حُکْمِ إسْلَامِهَا عِنْدَهُ وَ فِی کَثِیرٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ نَظَرٌ.

بیع المکره

بیع المکره

وَاعْلَمْ أَنَّ بَیْعَ الْمُکْرَهِ إنَّمَا یَقَعُ مَوْقُوفًا مَعَ وُقُوعِهِ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ مِنْ ثَمَّ جَازَ بَیْعُهُ فِی مَوَاضِعَ کَثِیرَهٍ، کَمَنْ أَجْبَرَهُ الْحَاکِمُ عَلَی بَیْعِ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَیْنِهِ وَ نَفَقَهِ وَاجِبِ النَّفَقَهِ وَ تَقْوِیم الْعَبْدِ عَلَی مُعْتِقِ نَصِیبِهِ مِنْهُ وَ فَکِّهِ مِنْ الرِّقِّ لِیَرِثَ وَ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْکَافِرِ، أَوْ اشْتَرَاهُ وَ سَوَّغْنَاهُ، أَوْ اشْتَرَی الْمُصْحَفَ وَ بَیْعِ الْحَیَوَانِ إذَا امْتَنَعَ مَالِکُهُ مِنْ الْقِیَامِ بِحَقِّ نَفَقَتِهِ وَ الطَّعَامِ عِنْدَ الْمَخْمَصَهِ یَشْتَرِیهِ خَائِف التَّلَفِ وَ الْمُحْتَکَرِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ غَیْرِهِ وَ احْتِیَاجِ النَّاسِ إلَیْهِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ. (وَیُشْتَرَطُ فِی اللُّزُومِ الْمِلْکُ) لِکُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی لِمَا یَنْقُلُهُ مِنْ الْعِوَضِ، (أَوْ إجَازَهُ الْمَالِکِ) فَبِدُونِهِ یَقَعُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا عَلَی إجَازَهِ الْمَالِکِ، لَا بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ، (وَ هِیَ) أَیْ الْإِجَازَهُ اللَّاحِقَهُ مِنْ الْمَالِکِ (کَاشِفَهٌ عَنْ صِحَّهِ الْعَقْدِ) مِنْ حِینِ وُقُوعِهِ، لَا نَاقِلَهٌ لَهُ مِنْ حِینِهَا، لِأَنَّ السَّبَبَ النَّاقِلَ لِلْمِلْکِ هُوَ الْعَقْدُ الْمَشْرُوطُ بِشَرَائِطِهِ وَ کُلُّهَا کَانَتْ حَاصِلَهً إلَّا رِضَاءَ الْمَالِکِ، فَإِذَا حَصَلَ الشَّرْطُ عَمِلَ السَّبَبُ التَّامُّ عَمَلَهُ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ الْعَقْدُ عَلَی أَمْرٍ آخَرَ لَزِمَ أَنْ لَا یَکُونَ الْوَفَاءُ بِالْعَقْدِ خَاصَّهً، بَلْ هُوَ مَعَ الْآخَرِ.

وَوَجْهُ الثَّانِی تَوَقُّفُ التَّأْثِیرِ عَلَیْهِ فَکَانَ کَجُزْءِ السَّبَبِ وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی النَّمَاءِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا کَاشِفَهً (فَالنَّمَاءُ) الْمُنْفَصِلُ (الْمُتَخَلِّلُ) بَیْنَ الْعَقْدِ وَ الْإِجَازَهِ الْحَاصِلُ مِنْ الْمَبِیعِ (لِلْمُشْتَرِی وَ نَمَاءُ الثَّمَنِ الْمُعَیَّنِ لِلْبَائِعِ) وَ لَوْ جَعَلْنَاهَا نَاقِلَهً فَهُمَا لِلْمَالِکِ الْمُجِیزِ، ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ فَالْحُکْمُ کَمَا ذَکَرَ وَ إِنْ تَرَتَّبَتْ الْعُقُودُ عَلَی الثَّمَنِ، أَوْ الْمُثَمَّنِ، أَوْ هُمَا وَ أَجَازَ الْجَمِیعُ صَحَّ أَیْضًا وَ إِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ کَانَ الْمُثَمَّنُ صَحَّ فِی الْمَجَازِ وَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْعُقُودِ، أَوْ الثَّمَنُ صَحَّ وَ مَا قَبْلَهُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ إجَازَهَ الْمَبِیعِ تُوجِبُ انْتِقَالَهُ عَنْ مِلْکِ الْمَالِکِ الْمُجِیزِ إلَی الْمُشْتَرِی فَتَصِحُّ الْعُقُودُ الْمُتَأَخِّرَهُ عَنْهُ وَ تَبْطُلُ السَّابِقَهُ لِعَدَمِ الْإِجَازَهِ.

وَإِجَازَهُ الثَّمَنِ تُوجِبُ انْتِقَالَهُ إلَی مَالِک الْمُجِیزِ فَتَبْطُلُ التَّصَرُّفَاتُ الْمُتَأَخِّرَهُ عَنْهُ حَیْثُ لَمْ یُجِزْهَا وَ تَصِحُّ السَّابِقَهُ، لِأَنَّ مِلْکَ الثَّمَنِ الْمُتَوَسِّطِ یَتَوَقَّفُ عَلَی صِحَّهِ الْعُقُودِ السَّابِقَهِ وَ إِلَّا لَمْ یُمْکِنْ تَمَلُّکُ ذَلِکَ الثَّمَنِ.

هَذَا إذَا بِیعَتْ الْأَثْمَانُ فِی جَمِیعِ الْعُقُودِ، أَمَّا لَوْ تَعَلَّقَتْ الْعُقُودُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِرَارًا کَانَ کَالْمُثَمَّنِ فِی صِحَّهِ مَا أُجِیزَ وَ مَا بَعْدَهُ وَ هَذَا الْقَیْدُ وَارِدٌ عَلَی مَا أَطْلَقَهُ الْجَمِیعُ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ کَمَا فَصَّلْنَاهُ أَوَّلًا، مِثَالُهُ لَوْ بَاعَ مَالَ الْمَالِکِ بِثَوْبٍ، ثُمَّ بَاعَ الثَّوْبَ بِمِائَهٍ، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِی بِمِائَتَیْنِ، ثُمَّ بَاعَهُ مُشْتَرِیه بِثَلَثِمِائَهٍ فَأَجَازَ الْمَالِکُ الْعَقْدَ الْأَخِیرَ، فَإِنَّهُ لَا یَقْتَضِی إجَازَهَ مَا سَبَقَ، بَلْ لَا یَصِحُّ سِوَاهُ وَ لَوْ أَجَازَ الْوَسَطَ صَحَّ وَ مَا بَعْدَهُ کَالْمُثَمَّنِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ قَدْ بَاعَ الثَّوْبَ بِکِتَابٍ، ثُمَّ بَاعَ الْکِتَابَ بِسَیْفٍ، ثُمَّ بَاعَ السَّیْفَ بِفَرَسٍ، فَإِجَازَهُ بَیْعِ السَّیْفِ بِالْفَرَسِ تَقْتَضِی إجَازَهَ مَا سَبَقَهُ مِنْ الْعُقُودِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا یَمْلِکُ السَّیْفَ إذَا مَلَکَ الْعِوَضَ الَّذِی اشْتَرَی بِهِ وَ هُوَ الْکِتَابُ وَ لَا یَمْلِکُ الْکِتَابَ إلَّا إذَا مَلَکَ الْعِوَضَ الَّذِی اشْتَرَی بِهِ وَ هُوَ الثَّوْبُ، فَهُنَا یَصِحُّ مَا ذَکَرُوهُ. (وَ لَا یَکْفِی فِی الْإِجَازَهِ السُّکُوتُ عِنْدَ الْعَقْدِ) مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، (أَوْ عِنْدَ عَرْضِهَا) أَیْ الْإِجَازَهِ (عَلَیْهِ)، لِأَنَّ السُّکُوتَ أَعَمُّ مِنْ الرِّضَا فَلَا یَدُلُّ عَلَیْهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ صَرِیحٍ فِیهَا کَالْعَقْدِ، (وَیَکْفِی أَجَزْت) الْعَقْدَ، أَوْ الْبَیْعَ، (أَوْ أَنْفَذْتُ، أَوْ أَمْضَیْت، أَوْ رَضِیت وَ شَبَهُهُ) کَأَقْرَرْتُهُ وَ أَبْقَیْته وَ الْتَزَمْت بِهِ، (فَإِنْ لَمْ یُجِزْ انْتَزَعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِی)، لِأَنَّهُ عَیْنُ مَالِهِ (وَ لَوْ تَصَرَّفَ) الْمُشْتَرِی (فِیهِ بِمَالِهِ أُجْرَهً) کَسُکْنَی الدَّارِ وَ رُکُوبِ الدَّابَّهِ (رَجَعَ بِهَا عَلَیْهِ)، بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِعِوَضِ الْمَنَافِعِ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَوْفِهَا، مَعَ وَضْعِ یَدِهِ عَلَیْهَا، لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ کَالْغَاصِبِ وَ إِنْ کَانَ جَاهِلًا، (وَ لَوْ نَمَا کَانَ) النَّمَاءُ (لِمَالِکِهِ) مُتَّصِلًا کَانَ، أَمْ مُنْفَصِلًا، بَاقِیًا کَانَ، أَمْ هَالِکًا، فَیَرْجِعُ عَلَیْهِ بِعِوَضِهِ وَ إِنْ کَانَ جَاهِلًا وَ کَذَا یَرْجِعُ بِعِوَضِ الْمَبِیعِ نَفْسِهِ لَوْ هَلَکَ فِی یَدِهِ، أَوْ بَعْضُهُ مَعَ تَلَفِ بَعْضِهِ بِتَفْرِیطٍ وَ غَیْرِهِ وَ الْمُعْتَبَرُ فِی الْقِیَمِیِّ قِیمَتُهُ یَوْمَ التَّلَفِ، إنْ کَانَ التَّفَاوُتُ بِسَبَبِ السُّوقِ وَ بِالْأَعْلَی إنْ کَانَ بِسَبَبِ زِیَادَهٍ عَیْنِیَّهٍ، (وَیَرْجِعُ الْمُشْتَرِی عَلَی الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ کَانَ بَاقِیًا، عَالِمًا کَانَ، أَوْ جَاهِلًا) لِأَنَّهُ مَالُهُ وَ لَمْ یَحْصُلْ مِنْهُ مَا یُوجِبُ نَقْلَهُ عَنْ مِلْکِهِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ عِوَضًا عَنْ شَیْءٍ لَمْ یُسَلَّمْ لَهُ.

(وَ إِنْ تَلِفَ قِیلَ) وَ الْقَائِلُ بِهِ الْأَکْثَرُ، بَلْ ادَّعَی عَلَیْهِ فِی التَّذْکِرَهِ الْإِجْمَاعَ: (لَا رُجُوعَ بِهِ مَعَ الْعِلْمِ) بِکَوْنِهِ غَیْرَ مَالِکٍ وَ لَا وَکِیلٍ، لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَی إتْلَافِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ فَیَکُونُ بِمَنْزِلَهِ الْإِبَاحَهِ، بَلْ ظَاهِرُ کَلَامِهِمْ عَدَمُ الرُّجُوعِ بِهِ مُطْلَقًا، لِمَا ذَکَرْنَا مِنْ الْوَجْهِ (وَ هُوَ) مَعَ بَقَاءِ الْعَیْنِ فِی غَایَهِ الْبُعْدِ و مع تَلَفِهِ (بَعِیدٌ مَعَ تَوَقُّعِ الْإِجَازَهِ) لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ لَمْ یُبِحْهُ لَهُ مُطْلَقًا، بَلْ دَفَعَهُ مُتَوَقِّعًا، لِکَوْنِهِ عِوَضًا عَنْ الْمَبِیعِ، فَیَکُونُ مَضْمُونًا لَهُ وَ لِتَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِیهِ تَصَرُّفًا مَمْنُوعًا مِنْهُ، فَیَکُونُ مَضْمُونًا عَلَیْهِ وَ أَمَّا مَعَ بَقَائِهِ فَهُوَ عَیْنُ مَالِ الْمُشْتَرِی و مع تَسْلِیمِ الْإِبَاحَهِ لَمْ یَحْصُلْ مَا یُوجِبُ الْمِلْکَ، فَیَکُونُ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ بِهِ مُطْلَقًا قَوِیًّا وَ إِنْ کَانَ نَادِرًا، إنْ لَمْ یَثْبُتْ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ وَ الْوَاقِعُ خِلَافُهُ، فَقَدْ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُ إلَی الرُّجُوعِ بِهِ مُطْلَقًا وَ کَیْف یَجْتَمِعُ تَحْرِیمُ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِیهِ مَعَ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِی بِهِ فِی حَالٍ، فَإِنَّهُ حِینَئِذٍ لَا مَحَالَهَ غَاصِبٌ، آکِلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَ لَا فَرْقَ فِی هَذَا الْحُکْمِ بَیْنَ الْغَاصِبِ مَحْضًا وَ الْبَائِعِ فُضُولِیًّا مَعَ عَدَمِ إجَازَهِ الْمَالِکِ.

(وَیَرْجِعُ) الْمُشْتَرِی عَلَی الْبَائِعِ (بِمَا اغْتَرَمَ) لِلْمَالِکِ حَتَّی بِزِیَادَهِ الْقِیمَهِ عَنْ الثَّمَنِ لَوْ تَلِفَتْ الْعَیْنُ فَرَجَعَ بِهَا عَلَیْهِ عَلَی الْأَقْوَی، لِدُخُولِهِ عَلَی أَنْ تَکُونَ لَهُ مَجَّانًا، أَمَّا مَا قَابَلَ الثَّمَنَ مِنْ الْقِیمَهِ فَلَا یَرْجِعُ بِهِ لِرُجُوعِ عِوَضِهِ إلَیْهِ، فَلَا یَجْمَعُ بَیْنَ الْعِوَضِ وَ الْمُعَوَّضِ.

وَقِیلَ: لَا یَرْجِعُ بِالْقِیمَهِ مُطْلَقًا، لِدُخُولِهِ عَلَی أَنْ تَکُونَ الْعَیْنُ مَضْمُونَهً عَلَیْهِ، کَمَا هُوَ شَأْنُ الْبَیْعِ الصَّحِیحِ وَ الْفَاسِدِ، کَمَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَیْنُ و فیه أَنَّ ضَمَانَهُ لِلْمِثْلِ، أَوْ الْقِیمَهِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَی فَوَاتِ الْعَیْنِ الَّذِی [قَدْ] قَدِمَ عَلَی ضَمَانِهِ وَ هُوَ مَغْرُورٌ مِنْ الْبَائِعِ بِکَوْنِ الْمَجْمُوعِ لَهُ بِالثَّمَنِ، فَالزَّائِدُ بِمَنْزِلَهِ مَا رَجَعَ عَلَیْهِ بِهِ وَ قَدْ حَصَلَ لَهُ فِی مُقَابِلِهِ نَفْعٌ، بَلْ أَوْلَی.

هَذَا إذَا کَانَتْ الزِّیَادَهُ عَلَی الثَّمَنِ مَوْجُودَهً حَالَ الْبَیْعِ، أَمَّا لَوْ تَجَدَّدَتْ بَعْدَهُ فَحُکْمُهَا حُکْمُ الثَّمَرَهِ، فَیَرْجِعُ بِهَا أَیْضًا کَغَیْرِهَا مِمَّا حَصَلَ لَهُ فِی مُقَابَلَتِهِ نَفْعٌ عَلَی الْأَقْوَی، لِغُرُورِهِ وَ دُخُولِهِ عَلَی أَنْ یَکُونَ ذَلِکَ لَهُ بِغَیْرِ عِوَضٍ.

أَمَّا مَا أَنْفَقَهُ عَلَیْهِ وَ نَحْوُهُ مِمَّا لَمْ یَحْصُلْ لَهُ فِی مُقَابَلَتِهِ نَفْعٌ فَیَرْجِعُ بِهِ قَطْعًا (إنْ کَانَ جَاهِلًا) بِکَوْنِهِ مَالِکًا، أَوْ مَأْذُونًا بِأَنْ ادَّعَی الْبَائِعُ مِلْکَهُ، أَوْ الْإِذْنَ فِیهِ، أَوْ سَکَتَ وَ لَمْ یَکُنْ الْمُشْتَرِی عَالِمًا بِالْحَالِ. (وَ لَوْ بَاعَ غَیْرَ الْمَمْلُوکِ مَعَ مِلْکِهِ وَ لَمْ یُجِزْ الْمَالِکُ صَحَّ) الْبَیْعُ (فِی مِلْکِهِ) وَ وَقَفَ فِی مَا لَا یَمْلِکُ عَلَی إجَازَهِ مَالِکِهِ، فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ الْبَیْعُ وَ لَا خِیَارَ، (وَ) إنْ رَدَّ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی مَعَ جَهْلِهِ) بِکَوْنِ بَعْضِ الْمَبِیعِ غَیْرَ مَمْلُوکٍ لِلْبَائِعِ، لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ، أَوْ الشَّرِکَهِ (فَإِنْ) فُسِخَ رَجَعَ کُلُّ مَالٍ إلَی مَالِکِهِ وَ إِنْ (رَضِیَ صَحَّ الْبَیْعُ فِی الْمَمْلُوکِ) لِلْبَائِعِ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) وَ یَعْلَمُ مِقْدَارَ الْحِصَّهِ (بَعْدَ تَقْوِیمِهِمَا جَمِیعًا، ثُمَّ تَقْوِیمِ أَحَدِهِمَا) مُنْفَرِدًا، ثُمَّ نِسْبَهِ قِیمَتِهِ إلَی قِیمَهِ الْمَجْمُوعِ، فَیَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْکَ النِّسْبَهِ، فَإِذَا قُوِّمَا جَمِیعًا بِعِشْرِینَ وَ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَهٍ صَحَّ فِی الْمَمْلُوکِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ کَائِنًا مَا کَانَ وَ إِنَّمَا أَخَذَ بِنِسْبَهِ الْقِیمَهِ وَ لَمْ یَخُصَّهُ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا قُوِّمَ بِهِ لِاحْتِمَالِ زِیَادَتِهَا عَنْهُ وَ نُقْصَانِهَا، فَرُبَّمَا جَمَعَ فِی بَعْضِ الْفُرُوضِ بَیْنَ الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ عَلَی ذَلِکَ التَّقْدِیرِ کَمَا لَوْ کَانَ قَدْ اشْتَرَی الْمَجْمُوعَ فِی الْمِثَالِ بِعَشَرَهٍ.

وَإِنَّمَا یُعْتَبَرُ قِیمَتُهُمَا مُجْتَمِعَیْنِ إذَا لَمْ یَکُنْ لِاجْتِمَاعِهِمَا مَدْخَلٌ فِی زِیَادَهِ قِیمَهِ کُلِّ وَاحِدٍ کَثَوْبَیْنِ، أَمَّا لَوْ اسْتَلْزَمَ ذَلِکَ کَمِصْرَاعَیْ بَابٍ لَمْ یُقَوَّمَا مُجْتَمِعَیْنِ، إذْ لَا یَسْتَحِقُّ مَالِکُ کُلِّ وَاحِدٍ مَالَهُ إلَّا مُنْفَرِدًا وَ حِینَئِذٍ فَیُقَوَّمُ کُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَ یُنْسَبُ قِیمَهُ أَحَدِهِمَا إلَی مَجْمُوعِ الْقِیمَتَیْنِ وَ یُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْکَ النِّسْبَهِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَا لِمَالِکٍ وَاحِدٍ فَأَجَازَ فِی أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَمْکَنَ فِیهِ مَا أَطْلَقُوهُ، مَعَ احْتِمَالِ مَا قَیَّدْنَاهُ. (وَ کَذَا لَوْ بَاعَ مَا یُمْلَکُ) مَبْنِیًّا لِلْمَجْهُولِ (وَ مَا لَا یُمْلَکُ کَالْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ وَ الْخِنْزِیرِ مَعَ الشَّاهِ)، فَإِنَّهُ یَصِحُّ فِی الْمَمْلُوکِ بِنِسْبَهِ قِیمَتِهِ إلَی مَجْمُوعِ الْقِیمَتَیْنِ مِنْ الثَّمَنِ، (وَیُقَوَّمُ الْحُرُّ لَوْ کَانَ عَبْدًا) عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ وَ الْکَیْفِیَّاتِ، (وَ الْخِنْزِیرُ عِنْدَ مُسْتَحِلِّیهِ) إمَّا بِإِخْبَارِ جَمَاعَهٍ مِنْهُمْ کَثِیرَهٍ یُؤْمَنُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَی الْکَذِبِ وَ یَحْصُلُ بِقَوْلِهِمْ الْعِلْمُ، أَوْ الظَّنُّ الْمُتَاخِمُ لَهُ، أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَیْنِ مُسْلِمَیْنِ یَطَّلِعَانِ عَلَی حَالِهِ عِنْدَهُمْ، لَا مِنْهُمْ مُطْلَقًا، لِاشْتِرَاطِ عَدَالَهِ الْمُقَوِّمِ.

هَذَا مَعَ جَهْلِ الْمُشْتَرِی بِالْحَالِ لِیَتِمَّ قَصْدُهُ إلَی شِرَائِهِمَا.

وَیُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِثَمَنِ الْمَجْمُوعِ لَا الْأَفْرَادِ، فَیُوَزَّعُ حَیْثُ لَا یَتِمُّ لَهُ، أَمَّا مَعَ عِلْمِهِ بِفَسَادِ الْبَیْعِ فَیُشْکِلُ صِحَّتُهُ لِإِفْضَائِهِ إلَی الْجَهْلِ بِثَمَنِ الْمَبِیعِ حَالَ الْبَیْعِ، لِأَنَّهُ فِی قُوَّهِ بِعْتُک الْعَبْدَ بِمَا یَخُصُّهُ مِنْ الْأَلْفِ إذَا وُزِّعَتْ عَلَیْهِ وَ عَلَی شَیْءٍ آخَرَ لَا یُعْلَمُ مِقْدَارُهُ الْآنَ، أَمَّا مَعَ جَهْلِهِ فَقَصْدُهُ إلَی شِرَاءِ الْمَجْمُوعِ وَ مَعْرِفَهِ مِقْدَارِ ثَمَنِهِ کَافٍ وَ إِنْ لَمْ یَعْلَمْ مِقْدَارَ مَا یَخُصُّ کُلَّ جُزْءٍ وَ یُمْکِنُ جَرَیَانُ الْإِشْکَالِ فِی الْبَائِعِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِکَ وَ لَا بُعْدَ فِی بُطْلَانِهِ مِنْ طَرَفِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ الْمُشْتَرِی قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ، أَوْ کَانَتْ عَیْنُهُ بَاقِیَهً، أَوْ کَانَ جَاهِلًا وَ إِلَّا جَاءَ فِیهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ مَا تَقَدَّمَ فِی الْفُضُولِیِّ بِالنِّسْبَهِ إلَی الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ. (وَکَمَا یَصِحُّ الْعَقْدُ مِنْ الْمَالِکِ، یَصِحُّ مِنْ الْقَائِمِ مَقَامَهُ وَهُمْ) أَیْ الْقَائِمُ، جَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَی الْمَوْصُولِ وَ یَجُوزُ تَوْحِیدُهُ نَظَرًا إلَی لَفْظِهِ (سِتَّهٌ: الْأَبُ وَ الْجَدُّ لَهُ) وَ إِنْ عَلَا، (وَ الْوَصِیُّ) مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَی الطِّفْلِ وَ الْمَجْنُونِ الْأَصْلِیِّ وَ مَنْ طَرَأَ جُنُونُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، (وَ الْوَکِیلُ) عَنْ الْمَالِکِ وَ مَنْ لَهُ الْوِلَایَهُ حَیْثُ یَجُوزُ لَهُ التَّوْکِیلُ، (وَ الْحَاکِمُ) الشَّرْعِیُّ حَیْثُ تُفْقَدُ الْأَرْبَعَهُ، (وَأَمِینُهُ) وَ هُوَ مَنْصُوبُهُ لِذَلِکَ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، (وَبِحُکْمِ الْحَاکِمِ الْمُقَاصِّ) وَ هُوَ مَنْ یَکُونُ لَهُ عَلَی غَیْرِهِ مَالٌ فَیَجْحَدُهُ، أَوْ لَا یَدْفَعُهُ إلَیْهِ مَعَ و جوبهِ، فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهِ مِنْ مَالِهِ قَهْرًا مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ إنْ وَجَدَهُ وَ إِلَّا فَمِنْ غَیْرِهِ بِالْقِیمَهِ، مُخَیَّرًا بَیْنَ بَیْعِهِ مِنْ غَیْرِهِ وَ مِنْ نَفْسِهِ.

وَلَا یُشْتَرَطُ إذْنُ الْحَاکِمِ وَ إِنْ أَمْکَنَ، لِوُجُودِهِ وَ وُجُودِ الْبَیِّنَهِ الْمَقْبُولَهِ عِنْدَهُ فِی الْأَشْهَرِ وَ لَوْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ إلَّا بِزِیَادَهٍ جَازَ، فَتَکُونُ فِی یَدِهِ أَمَانَهً فِی قَوْلٍ إلَی أَنْ یَتَمَکَّنَ مِنْ رَدِّهَا فَیَجِبُ عَلَی الْفَوْرِ وَ لَوْ تَوَقَّفَ أَخْذُ الْحَقِّ عَلَی نَقْبِ جِدَارٍ، أَوْ کَسْرِ قُفْلٍ جَازَ وَ لَا ضَمَانَ عَلَی الظَّاهِرِ وَ یُعْتَبَرُ فِی الْمَأْخُوذِ کَوْنُهُ زَائِدًا عَلَی الْمُسْتَثْنَی فِی قَضَاءِ الدَّیْنِ وَ لَوْ تَلِفَ مِنْ الْمَأْخُوذِ شَیْءٌ قَبْلَ تَمَلُّکِهِ فَفِی ضَمَانِهِ قَوْلَانِ وَ یَکْفِی فِی التَّمَلُّکِ النِّیَّهُ، سَوَاءٌ کَانَ بِالْقِیمَهِ، أَمْ بِالْمِثْلِ وَ فِی جَوَازِ الْمُقَاصَّهِ مِنْ الْوَدِیعَهِ قَوْلَانِ وَ الْمَرْوِیُّ الْعَدَمُ وَ حُمِلَ عَلَی الْکَرَاهَهِ وَ فِی جَوَازِ مُقَاصَّهِ الْغَائِبِ مِنْ غَیْرِ مُطَالَبَتِهِ وَ جْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ إلَّا مَعَ طُولِهَا بِحَیْثُ یُؤَدِّی إلَی الضَّرَرِ وَ لَوْ أَمْکَنَ الرُّجُوعُ هُنَا إلَی الْحَاکِمِ فَالْأَقْوَی تَوَقُّفُهُ عَلَیْهِ. (وَیَجُوزُ لِلْجَمِیعِ) أَیْ جَمِیعِ مَنْ لَهُ الْوِلَایَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (تَوَلِّی طَرَفَیْ الْعَقْدِ) بِأَنْ یَبِیعَ مِنْ نَفْسِهِ وَ مِمَّنْ لَهُ الْوِلَایَهُ عَلَیْهِ، (إلَّا الْوَکِیلَ وَ الْمُقَاصَّ) فَلَا یَجُوزُ تَوَلِّیهِمَا طَرَفَیْهِ، بَلْ یَبِیعَانِ مِنْ الْغَیْرِ وَ الْأَقْوَی کَوْنُهُمَا کَغَیْرِهِمَا وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ، لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ وَ عَدَمِ وُجُودِ مَا یَصْلُحُ لِلتَّخْصِیصِ، (وَ لَوْ اسْتَأْذَنَ الْوَکِیلُ جَازَ)، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ حِینَئِذٍ. (وَیُشْتَرَطُ کَوْنُ الْمُشْتَرِی مُسْلِمًا إذَا ابْتَاعَ مُصْحَفًا، أَوْ مُسْلِمًا)، لِمَا فِی مِلْکِهِ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْإِهَانَهِ وَ لِلثَّانِی مِنْ الْإِذْلَالِ وَ إِثْبَاتِ السَّبِیلِ لَهُ عَلَیْهِ، { وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ لِلْکَافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا } وَ قِیلَ: یَصِحُّ وَ یُؤْمَرُ بِإِزَالَهِ مِلْکِهِ وَ فِی حُکْمِ الْمُسْلِمِ وَلَدُهُ الصَّغِیرِ وَ الْمَجْنُونُ وَ مَسْبِیُّهُ الْمُنْفَرِدُ بِهِ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ فِیهِ وَ لَقِیطٌ یُحْکَمُ بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا (إلَّا فِیمَنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ) فَلَا مَنْعَ، لِانْتِفَاءِ السَّبِیلِ بِالْعِتْقِ عَلَیْهِ وَ فِی حُکْمِهِ مَشْرُوطُ الْعِتْقِ عَلَیْهِ فِی الْبَیْعِ وَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّیَّتِهِ وَ هُوَ فِی یَدِ غَیْرِهِ.

وَضَابِطُهُ جَوَازُ شِرَائِهِ حَیْثُ یَتَعَقَّبُهُ الْعِتْقُ قَهْرًا.

وَفِی حُکْمِ الْبَیْعِ تَمَلُّکُهُ لَهُ اخْتِیَارًا کَالْهِبَهِ لَا بِغَیْرِهِ کَالْإِرْثِ وَ إِسْلَامِ عَبْدِهِ، بَلْ یُجْبَرُ عَلَی بَیْعِهِ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَی الْفَوْرِ مَعَ الْإِمْکَانِ وَ إِلَّا حِیلَ بَیْنَهُمَا بِوَضْعِهِ عَلَی یَدِ مُسْلِمٍ إلَی أَنْ یُوجَدَ رَاغِبٌ وَ فِی حُکْمِ بَیْعِهِ مِنْهُ إجَارَتُهُ لَهُ الْوَاقِعَهُ عَلَی عَیْنِهِ لَا عَلَی ذِمَّتِهِ، کَمَا لَوْ اسْتَدَانَ مِنْهُ وَ فِی حُکْمِ الْمُصْحَفِ أَبْعَاضُهُ وَ فِی إلْحَاقِ مَا یُوجَدُ مِنْهُ فِی کِتَابٍ غَیْرِهِ شَاهِدًا، أَوْ نَحْوَهُ نَظَرٌ مِنْ الْجُزْئِیَّهِ وَ عَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ وَ فِی إلْحَاقِ کُتُبِ الْحَدِیثِ النَّبَوِیَّهِ بِهِ وَجْهٌ (وَهُنَا مَسَائِلُ)

الرَّابِعَهُ - لَوْ جَنَی الْعَبْدُ خَطَأً لَمْ ت

الرَّابِعَهُ - لَوْ جَنَی الْعَبْدُ خَطَأً لَمْ تَمْنَعْ جِنَایَتُهُ مِنْ بَیْعِهِ

لِأَنَّهُ لَمْ یَخْرُجْ مِنْ مِلْکِ مَوْلَاهُ بِهَا وَ التَّخْیِیرُ فِی فَکِّهِ لِلْمَوْلَی، فَإِنْ شَاءَ فَکَّهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَایَهِ وَ قِیمَتِهِ وَ إِنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَی الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ، أَوْ وَلِیِّهِ لِیَسْتَوْفِیَ مِنْ رَقَبَتِهِ ذَلِکَ، فَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْجِنَایَهِ کَانَ الْتِزَامًا بِالْفِدَاءِ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، ثُمَّ إنْ فَدَاهُ وَ إِلَّا جَازَ لِلْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ اسْتِرْقَاقُهُ فَیَنْفَسِخُ الْبَیْعُ إنْ اسْتَوْعَبَتْ قِیمَتَهُ، لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ وَ لَوْ کَانَ الْمُشْتَرِی جَاهِلًا بِعَیْبِهِ تَخَیَّرَ أَیْضًا.

(وَ لَوْ جَنَی عَمْدًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ) أَیْ الْبَیْعَ (مَوْقُوفٌ عَلَی رِضَا الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ، أَوْ وَلِیِّهِ) لِأَنَّ التَّخْیِیرَ فِی جِنَایَهِ الْعَمْدِ إلَیْهِ وَ إِنْ لَمْ یَخْرُجْ عَنْ مِلْکِ سَیِّدِهِ، فَبِالثَّانِی یَصِحُّ الْبَیْعُ وَ بِالْأَوَّلِ یَثْبُتُ التَّخْیِیرُ فَیُضَعَّفُ قَوْلُ الشَّیْخِ بِبُطْلَانِ الْبَیْعِ فِیهِ، نَظَرًا إلَی تَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ قَبْلَهُ وَ رُجُوعِ الْأَمْرِ إلَیْهِ، فَإِنَّ ذَلِکَ لَا یَقْتَضِی الْبُطْلَانَ وَ لَا یَقْصُرُ عَنْ بَیْعِ الْفُضُولِیِّ، ثُمَّ إنْ أَجَازَ الْبَیْعَ وَ رَضِیَ بِفِدَائِهِ بِالْمَالِ وَ فَکَّهُ الْمَوْلَی لَزِمَ الْبَیْعُ وَ إِنْ قَتَلَهُ، أَوْ اسْتَرَقَّهُ بَطَلَ وَ یَتَخَیَّرُ الْمُشْتَرِی قَبْلَ اسْتِقْرَارِ حَالِهِ مَعَ جَهْلِهِ لِلْعَیْبِ الْمُعَرِّضِ لِلْفَوَاتِ وَ لَوْ کَانَتْ الْجِنَایَهُ فِی غَیْرِ النَّفْسِ وَ اسْتَوْفَی فَبَاقِیهِ مَبِیعٌ وَ لِلْمُشْتَرِی الْخِیَارُ مَعَ جَهْلِهِ، لِلتَّبْعِیضِ، مُضَافًا إلَی الْعَیْبِ سَابِقًا.

الْخَامِسَهُ - یُشْتَرَطُ عِلْمُ الثَّمَنِ قَدْرًا

الْخَامِسَهُ - یُشْتَرَطُ عِلْمُ الثَّمَنِ قَدْرًا وَ جِنْسًا وَ وَصْفًا

قَبْلَ إیقَاعِ عَقْدِ الْبَیْعِ، (فَلَا یَصِحُّ الْبَیْعُ بِحُکْمِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ أَوْ أَجْنَبِیٍّ) اتِّفَاقًا وَ إِنْ وَرَدَ فِی رِوَایَهٍ شَاذَّهٍ " جَوَازُ " تَحْکِیمِ الْمُشْتَرِی، فَیَلْزَمُهُ الْحُکْمُ بِالْقِیمَهِ فَمَا زَادَ، (وَ لَا بِثَمَنٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ وَ إِنْ شُوهِدَ)، لِبَقَاءِ الْجَهَالَهِ وَ ثُبُوتِ الْغَرَرِ الْمَنْفِیِّ مَعَهَا، خِلَافًا لِلشَّیْخِ فِی الْمَوْزُونِ وَ لِلْمُرْتَضَی فِی مَالِ السَّلَمِ وَ لِابْنِ الْجُنَیْدِ فِی الْمَجْهُولِ مُطْلَقًا إذَا کَانَ الْمَبِیعُ صُبْرَهً، مَعَ اخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا، (وَ لَا مَجْهُولِ الصِّفَهِ) کَمِائَهِ دِرْهَمٍ وَ إِنْ کَانَتْ مُشَاهَدَهً لَا یُعْلَمُ وَصْفُهَا مَعَ تَعَدُّدِ النَّقْدِ الْمَوْجُودِ، (وَ لَا مَجْهُولِ الْجِنْسِ وَ إِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ)، لِتَحَقُّقِ الْجَهَالَهِ فِی الْجَمِیعِ.

فَلَوْ بَاعَ کَذَلِکَ کَانَ فَاسِدًا وَ إِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ وَ لَا یَکُونُ کَالْمُعَاطَاهِ، لِأَنَّ شَرْطَهَا اجْتِمَاعُ شَرَائِطِ صِحَّهِ الْبَیْعِ سِوَی الْعَقْدِ الْخَاصِّ (فَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِی الْمَبِیعَ وَ الْحَالُ هَذِهِ، کَانَ مَضْمُونًا عَلَیْهِ)، لِأَنَّ کُلَّ عَقْدٍ یُضْمَنُ بِصَحِیحِهِ یُضْمَنُ بِفَاسِدِهِ وَ بِالْعَکْسِ، فَیَرْجِعُ بِهِ وَ بِزَوَائِدِهِ مُتَّصِلَهً وَ مُنْفَصِلَهً وَ بِمَنَافِعِهِ الْمُسْتَوْفَاهِ وَ غَیْرِهَا عَلَی الْأَقْوَی وَ یَضْمَنُهُ (إنْ تَلِفَ بِقِیمَتِهِ یَوْمَ التَّلَفِ) عَلَی الْأَقْوَی وَ قِیلَ: یَوْمَ الْقَبْضِ وَ قِیلَ: الْأَعْلَی مِنْهُ إلَیْهِ وَ هُوَ حَسَنٌ إنْ کَانَ التَّفَاوُتُ بِسَبَبِ نَقْصٍ فِی الْعَیْنِ، أَوْ زِیَادَهٍ، أَمَّا بِاخْتِلَافِ السُّوقِ فَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَ لَوْ کَانَ مِثْلِیًّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِیمَتُهُ یَوْمَ الْإِعْوَازِ عَلَی الْأَقْوَی.

السَّادِسَهُ - إذَا کَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ الْمَک

السَّادِسَهُ - إذَا کَانَ الْعِوَضَانِ مِنْ الْمَکِیلِ أَوْ الْمَوْزُونِ

أَوْ الْمَعْدُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمَا بِالْمُعْتَادِ) مِنْ الْکَیْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ، فَلَا یَکْفِی الْمِکْیَالُ الْمَجْهُولُ کَقَصْعَهٍ حَاضِرَهٍ وَ إِنْ تَرَاضَیَا بِهِ وَ لَا الْوَزْنُ الْمَجْهُولُ کَالِاعْتِمَادِ عَلَی صَخْرَهٍ مُعَیَّنَهٍ وَ إِنْ عَرَفَا قَدْرَهَا تَخْمِینًا وَ لَا الْعَدَدُ الْمَجْهُولُ بِأَنْ عَوَّلَا عَلَی مِلْءِ الْیَدِ، أَوْ آلَهٍ یُجْهَلُ مَا تَشْتَمِلُ عَلَیْهِ ثُمَّ اعْتَبَرَا الْعَدَدَ بِهِ، لِلْغَرَرِ الْمَنْهِیِّ عَنْهُ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ، (وَ لَوْ بَاعَ الْمَعْدُودَ وَزْنًا صَحَّ)، لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَهِ بِهِ وَ رُبَّمَا کَانَ أَضْبَطَ، (وَ لَوْ بَاعَ الْمَوْزُونَ کَیْلًا، أَوْ بِالْعَکْسِ أَمْکَنَ الصِّحَّهُ فِیهِمَا)، لِلِانْضِبَاطِ وَ رِوَایَهِ وَهْبٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ رَجَّحَهُ فِی سَلَمِ الدُّرُوسِ.

(وَیُحْتَمَلُ صِحَّهُ الْعَکْسِ) وَ هُوَ بَیْعُ الْمَکِیلِ وَزْنًا، (لَا الطَّرْدُ، لِأَنَّ الْوَزْنَ أَصْلٌ لِلْکَیْلِ) وَ أَضْبَطُ مِنْهُ وَ إِنَّمَا عَدَلَ إلَی الْکَیْلِ تَسْهِیلًا، (وَ لَوْ شَقَّ الْعَدُّ) فِی الْمَعْدُودِ لِکَثْرَتِهِ أَوْ لِضَرُورَهٍ (اُعْتُبِرَ مِکْیَالٌ وَ نُسِبَ الْبَاقِی إلَیْهِ) وَ اغْتُفِرَ التَّفَاوُتُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِهِ وَ کَذَا الْقَوْلُ فِی الْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ حَیْثُ یَشُقُّ وَزْنُهُمَا وَکَیْلُهُمَا وَ عَبَّرَ کَثِیرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِی ذَلِکَ بِتَعَذُّرِ الْعَدِّ وَ الِاکْتِفَاءُ بِالْمَشَقَّهِ وَ الْعُسْرِ کَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ أَوْلَی، بَلْ لَوْ قِیلَ: بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا، لِزَوَالِ الْغَرَرِ وَ حُصُولِ الْعِلْمِ وَ اغْتِفَارِ التَّفَاوُتِ کَانَ حَسَنًا وَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ.

السَّابِعَهُ - یَجُوزُ ابْتِیَاعُ جُزْءٍ مَعْلُومِ

السَّابِعَهُ - یَجُوزُ ابْتِیَاعُ جُزْءٍ مَعْلُومِ النِّسْبَهِ

کَالنِّصْفِ وَ الثُّلُثِ (مُشَاعًا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ) کَالْحُبُوبِ وَ الْأَدْهَانِ، (أَوْ اخْتَلَفَتْ) کَالْجَوَاهِرِ وَ الْحَیَوَانِ (إذَا کَانَ الْأَصْلُ) الَّذِی بِیعَ جُزْؤُهُ (مَعْلُومًا) بِمَا یُعْتَبَرُ فِیهِ مِنْ کَیْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ، أَوْ مُشَاهَدَهٍ، (فَیَصِحُّ بَیْعُ نِصْفِ الصُّبْرَهِ الْمَعْلُومَهِ) الْمِقْدَارِ وَ الْوَصْفِ (وَنِصْفِ الشَّاهِ الْمَعْلُومَهِ) بِالْمُشَاهَدَهِ، أَوْ الْوَصْفِ (وَ لَوْ بَاعَ شَاهً غَیْرَ مَعْلُومَهٍ مِنْ قَطِیعٍ بَطَلَ) وَ إِنْ عَلِمَ عَدَدَ مَا اشْتَمَلَ عَلَیْهِ مِنْ الشِّیَاهِ وَ تَسَاوَتْ أَثْمَانُهَا، لِجَهَالَهِ عَیْنِ الْمَبِیعِ (وَ لَوْ بَاعَ قَفِیزًا مِنْ صُبْرَهٍ صَحَّ وَ إِنْ لَمْ یَعْلَمْ کَمِّیَّهَ الصُّبْرَهِ) لِأَنَّ الْمَبِیعَ مَضْبُوطُ الْمِقْدَارِ وَ ظَاهِرُهُ الصِّحَّهُ وَ إِنْ لَمْ یَعْلَمْ اشْتِمَالَ الصُّبْرَهِ عَلَی الْقَدْرِ الْمَبِیعِ، (فَإِنْ نَقَصَتْ تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی بَیْنَ الْأَخْذِ) لِلْمَوْجُودِ مِنْهَا (بِالْحِصَّهِ) أَیْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، (وَبَیْنَ الْفَسْخِ) لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ وَ اعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ الْعِلْمَ بِاشْتِمَالِهَا عَلَی الْمَبِیعِ، أَوْ إخْبَارَ الْبَائِعِ بِهِ وَ إِلَّا لَمْ یَصِحَّ وَ هُوَ حَسَنٌ، نَعَمْ لَوْ قِیلَ بِالِاکْتِفَاءِ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ بِاشْتِمَالِهَا عَلَیْهِ کَانَ مُتَّجَهًا وَ یَتَفَرَّعُ عَلَیْهِ مَا ذَکَرَهُ أَیْضًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ بَیْعِ الصُّبْرَهِ عَشَرَهٌ ذَکَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا مَنْطُوقًا وَ بَعْضَهَا مَفْهُومًا وَ جُمْلَتُهَا أَنَّهَا إمَّا أَنْ تَکُونَ مَعْلُومَهَ الْمِقْدَارِ، أَوْ مَجْهُولَتَهُ، فَإِنْ کَانَتْ مَعْلُومَهً صَحَّ بَیْعُهَا أَجْمَعَ وَ بَیْعُ جُزْءٍ مِنْهَا مَعْلُومٍ مُشَاعٍ وَ بَیْعُ مِقْدَارٍ کَقَفِیزٍ تَشْتَمِلُ عَلَیْهِ وَ بَیْعُهَا کُلُّ قَفِیزٍ بِکَذَا، لَا بَیْعُ کُلِّ قَفِیزٍ مِنْهَا بِکَذَا وَ الْمَجْهُولَهُ یَبْطُلُ بَیْعُهَا فِی جَمِیعِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَهِ إلَّا الثَّالِثَ.

وَهَلْ یَنْزِلُ الْقَدْرُ الْمَعْلُومُ فِی الصُّورَتَیْنِ عَلَی الْإِشَاعَهِ، أَوْ یَکُونُ الْمَبِیعُ ذَلِکَ الْمِقْدَارَ فِی الْجُمْلَهِ وَ جْهَانِ أَجْوَدُهُمَا الثَّانِی وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا، فَعَلَی الْإِشَاعَهِ یَتْلَفُ مِنْ الْمَبِیعِ بِالنِّسْبَهِ وَ عَلَی الثَّانِی یَبْقَی الْمَبِیعُ مَا بَقِیَ قَدْرُهُ.

الثَّامِنَهُ - یَکْفِی الْمُشَاهَدَهُ عَنْ الْوَصْ

الثَّامِنَهُ - یَکْفِی الْمُشَاهَدَهُ عَنْ الْوَصْفِ وَ لَوْ غَابَ وَقْتَ الِابْتِیَاعِ

بِشَرْطِ أَنْ یَکُونَ مِمَّا لَا یَتَغَیَّرُ عَادَهً کَالْأَرْضِ وَ الْأَوَانِی وَ الْحَدِیدِ وَ النُّحَاسِ، أَوْ لَا تَمْضِی مُدَّهٌ یَتَغَیَّرُ فِیهَا عَادَهً وَ یَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا زِیَادَهً وَ نُقْصَانًا، کَالْفَاکِهَهِ وَ الطَّعَامِ وَ الْحَیَوَانِ.

فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّهُ کَذَلِکَ لَمْ یَصِحَّ، لِتَحَقُّقِ الْجَهَالَهِ الْمُتَرَتِّبَهِ عَلَی تَغَیُّرِهِ عَنْ تِلْکَ الْحَالَهِ.

نَعَمْ لَوْ احْتَمَلَ الْأَمْرَیْنِ صَحَّ، عَمَلًا بِأَصَالَهِ الْبَقَاءِ (فَإِنْ ظَهَرَتْ الْمُخَالَفَهُ) بِزِیَادَتِهِ أَوْ نُقْصَانِهِ فَإِنْ کَانَ یَسِیرًا یُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ عَادَهً فَلَا خِیَارَ وَ إِلَّا (تَخَیَّرَ الْمَغْبُون) مِنْهُمَا وَ هُوَ الْبَائِعُ إنْ ظَهَرَ زَائِدًا وَ الْمُشْتَرِی إنْ ظَهَرَ نَاقِصًا.

(وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی التَّغَیُّرِ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُشْتَرِی مَعَ یَمِینِهِ) إنْ کَانَ هُوَ الْمُدَّعِی لِلتَّغَیُّرِ الْمُوجِبِ لِلْخِیَارِ وَ الْبَائِعُ یُنْکِرُهُ، لِأَنَّ الْبَائِعَ یَدَّعِی عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَهِ وَ هُوَ یُنْکِرُهُ وَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُصُولِ حَقِّهِ إلَیْهِ، فَیَکُونُ فِی مَعْنَی الْمُنْکِرِ وَ لِأَصَالَهِ بَقَاءِ یَدِهِ عَلَی الثَّمَنِ.

وَرُبَّمَا قِیلَ بِتَقْدِیمِ قَوْلِ الْبَائِعِ، لِتَحَقُّقِ الِاطِّلَاعِ الْمُجَوِّزِ لِلْبَیْعِ وَ أَصَالَهِ عَدَمِ التَّغَیُّرِ.

وَلَوْ انْعَکَسَ الْفَرْضُ بِأَنْ ادَّعَی الْبَائِعُ تَغَیُّرَهُ فِی جَانِبِ الزِّیَادَهِ وَ أَنْکَرَ الْمُشْتَرِی احْتَمَلَ تَقْدِیمَ قَوْلِ الْمُشْتَرِی أَیْضًا، کَمَا یَقْتَضِیهِ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّغَیُّرِ وَ لُزُومِ الْبَیْعِ.

وَالظَّاهِرُ تَقْدِیمُ قَوْلِ الْبَائِعِ لَعَیْنِ مَا ذُکِرَ فِی الْمُشْتَرِی وَ فِی تَقْدِیمِ قَوْلِ الْمُشْتَرِی فِیهِمَا جَمْعٌ بَیْنَ مُتَنَافِیَیْنِ مُدَّعًی وَ دَلِیلًا وَ الْمَشْهُورُ فِی کَلَامِهِمْ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، فَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنَّفُ هُنَا، لَکِنْ نَافَرَهُ تَعْمِیمُهُ الْخِیَارَ لِلْمَغْبُونِ مِنْهُمَا قَبْلَهُ وَ عَطْفُهُ عَلَیْهِ مُطْلَقًا.

وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَی تَغَیُّرِهِ لَکِنْ اخْتَلَفَا فِی تَقَدُّمِهِ عَلَی الْبَیْعِ وَ تَأَخُّرِهِ فَإِنْ شَهِدَتْ الْقَرَائِنُ بِأَحَدِهِمَا حَکَمَ بِهِ وَ إِنْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَالْوَجْهَانِ وَ کَذَا لَوْ وَجَدَاهُ تَالِفًا و کان مِمَّا یَکْفِی فِی قَبْضِهِ التَّخْلِیَهُ وَ اخْتَلَفَا فِی تَقَدُّمِ التَّلَفِ عَنْ الْبَیْعِ وَ تَأَخُّرِهِ، أَوْ لَمْ یَخْتَلِفَا، فَإِنَّهُ یَتَعَارَضُ أَصْلًا عَدَمُ تَقْدِیمِ کُلٍّ مِنْهُمَا فَیَتَسَاوَقَانِ وَ یَتَسَاقَطَانِ وَ یُتَّجَهُ تَقْدِیمُ حَقِّ الْمُشْتَرِی لِأَصَالَهِ بَقَاءِ یَدِهِ وَ مِلْکِهِ لِلثَّمَنِ وَ الْعَقْدُ النَّاقِلُ قَدْ شُکَّ فِی تَأْثِیرِهِ، لِتَعَارُضِ الْأَصْلَیْنِ.

التَّاسِعَهُ یُعْتَبَرُ مَا یُرَادُ طَعْمُهُ کَال

التَّاسِعَهُ یُعْتَبَرُ مَا یُرَادُ طَعْمُهُ کَالدِّبْسِ

(وَرِیحِهِ) کَالْمِسْکِ، أَوْ یُوصَفُ عَلَی الْأَوْلَی (وَ لَوْ اشْتَرَاهُ) مَنْ غَیْرِ اخْتِبَارٍ وَ لَا وَصْفٍ، (بِنَاءً عَلَی الْأَصْلِ) وَ هُوَ الصِّحَّهُ (جَازَ) مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَیْرِ هَذِهِ الْجِهَهِ کَالْقِوَامِ وَ اللَّوْنِ وَ غَیْرِهِمَا مِمَّا یَخْتَلِفُ قِیمَتُهُ بِاخْتِلَافِهِ وَ قِیلَ: لَا یَصِحُّ بَیْعُهُ إلَّا بِالِاعْتِبَارِ، أَوْ الْوَصْفِ کَغَیْرِهِ، لِلْغَرَرِ وَ الْأَظْهَرُ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَی الْأَصْلِ، إحَالَهً عَلَی مُقْتَضَی الطَّبْعِ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَضْبُوطٌ عُرْفًا لَا یَتَغَیَّرُ غَالِبًا إلَّا بِعَیْبٍ فَیَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَیْهِ، لِارْتِفَاعِ الْغَرَرِ بِهِ، کَالِاکْتِفَاءِ بِرُؤْیَهِ مَا یَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَی بَاقِیهِ غَالِبًا، کَظَاهِرِ الصُّبْرَهِ وَ أُنْمُوذَجِ الْمُتَمَاثِلِ وَ یَنْجَبِرُ النَّقْصُ بِالْخِیَارِ، (فَإِنْ خَرَجَ مَعِیبًا تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْأَرْشِ) إنْ لَمْ یَتَصَرَّفْ فِیهِ تَصَرُّفًا زَائِدًا عَلَی اخْتِبَارِهِ، (وَیَتَعَیَّنُ الْأَرْشُ لَوْ تَصَرَّفَ فِیهِ) کَمَا فِی غَیْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَبِیعِ، (وَ إِنْ کَانَ) الْمُشْتَرِی الْمُتَصَرِّفُ (أَعْمَی) لِتَنَاوُلِ الْأَدِلَّهِ لَهُ، خِلَافًا لِسَلَّارَ حَیْثُ خَیَّرَ الْأَعْمَی بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْأَرْشِ وَ إِنْ تَصَرَّفَ.

(وَأَبْلَغَ فِی الْجَوَازِ) مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِهِ (مَا یَفْسُدُ بِاخْتِبَارِهِ، کَالْبِطِّیخِ وَ الْجَوْزِ وَ الْبَیْضِ)، لِمَکَانِ الضَّرُورَهِ وَ الْحَرَجِ، (فَإِنْ) اشْتَرَاهُ فَظَهَرَ صَحِیحًا فَذَاکَ وَ إِنْ (ظَهَرَ فَاسِدًا) بَعْدَ کَسْرِهِ (رَجَعَ بِأَرْشِهِ) وَ لَیْسَ لَهُ الرَّدُّ، لِلتَّصَرُّفِ إنْ کَانَ لَهُ قِیمَهٌ، (وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ لِمَکْسُورِهِ قِیمَهٌ) کَالْبَیْضِ الْفَاسِدِ (رَجَعَ بِالثَّمَنِ أَجْمَعَ)، لِبُطْلَانِ الْبَیْعِ، حَیْثُ لَا یُقَابِلُ الثَّمَنَ مَالٌ.

(وَهَلْ یَکُونُ الْعَقْدُ مَفْسُوخًا مِنْ أَصْلِهِ) نَظَرًا إلَی عَدَمِ الْمَالِیَّهِ مِنْ حِینِ الْعَقْدِ فَیَقَعُ بَاطِلًا ابْتِدَاءً، (أَوْ یَطْرَأُ عَلَیْهِ الْفَسْخُ) بَعْدَ الْکَسْرِ وَ ظُهُورِ الْفَسَادِ، الْتِفَاتًا إلَی حُصُولِ شَرْطِ الصِّحَّهِ حِینَ الْعَقْدِ وَ إِنَّمَا تَبَیَّنَ الْفَسَادُ بِالْکَسْرِ فَیَکُونُ هُوَ الْمُفْسِدَ (نُظِرَ) وَ رُجْحَانُ الْأَوَّلِ وَاضِحٌ، لِأَنَّ ظُهُورَ الْفَسَادِ کَشَفَ عَنْ عَدَمِ الْمَالِیَّهِ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ حِینَ الْبَیْعِ، لَا أَحْدَثَ عَدَمَهَا حِینَهُ وَ الصِّحَّهُ مَبْنِیَّهٌ عَلَی الظَّاهِرِ وَ فِی الدُّرُوسِ جَزَمَ بِالثَّانِی وَ جَعَلَ الْأَوَّلَ احْتِمَالًا وَ ظَاهِرُ کَلَامِ الْجَمَاعَهِ.

(وَ) تَظْهَرُ (الْفَائِدَهُ فِی مُؤْنَهِ نَقْلِهِ عَنْ الْمَوْضِعِ) الَّذِی اشْتَرَاهُ فِیهِ إلَی مَوْضِعِ اخْتِبَارِهِ، فَعَلَی الْأَوَّلِ عَلَی الْبَائِعِ وَ عَلَی الثَّانِی عَلَی الْمُشْتَرِی لِوُقُوعِهِ فِی مِلْکِهِ وَ یُشْکِلُ بِأَنَّهُ وَ إِنْ کَانَ مِلْکًا لِلْبَائِعِ حِینَئِذٍ لَکِنْ نَقَلَهُ بِغَیْرِ أَمْرِهِ، فَلَا یَتَّجِهُ الرُّجُوعُ عَلَیْهِ بِالْمُؤْنَهِ وَ کَوْنُ الْمُشْتَرِی هُنَا کَجَاهِلِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِیعِ حَیْثُ یَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ إنَّمَا یَتَّجِهُ مَعَ الْغَرُورِ وَ هُوَ مَنْفِیٌّ هُنَا، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الْجَهْلِ وَ لَوْ أُرِیدَ بِهَا مُؤْنَهُ نَقْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْکَسْرِ لَوْ کَانَ مَمْلُوکًا وَ طَلَبَ مَالِکُهُ نَقْلَهُ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ انْعَکَسَ الْحُکْمُ وَ اتَّجَهَ کَوْنُهُ عَلَی الْبَائِعِ مُطْلَقًا، لِبُطْلَانِ الْبَیْعِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ.

وَاحْتِمَالُ کَوْنِهِ عَلَی الْمُشْتَرِی لِکَوْنِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَ زَوَالُ الْمَالِیَّهِ عَنْهُمَا مُشْتَرِکٌ أَیْضًا بَیْنَ الْوَجْهَیْنِ وَ کَیْفَ کَانَ فَبِنَاءُ حُکْمِهَا عَلَی الْوَجْهَیْنِ لَیْسَ بِوَاضِحٍ.

وَرُبَّمَا قِیلَ بِظُهُورِ الْفَائِدَهِ أَیْضًا فِی مَا لَوْ تَبَرَّأَ الْبَائِعُ مِنْ عَیْبِهِ فَیُتَّجَهُ کَوْنُ تَلَفِهِ مِنْ الْمُشْتَرِی عَلَی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ.

وَیُشْکِلُ صِحَّهُ الشَّرْطِ عَلَی تَقْدِیرِ فَسَادِ الْجَمِیعِ، لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَی الْعَقْدِ، إذْ لَا شَیْءَ فِی مُقَابَلَهِ الثَّمَنِ فَیَکُونُ أَکْلَ مَالٍ بِالْبَاطِلِ وَ فِیمَا لَوْ رَضِیَ بِهِ الْمُشْتَرِی بَعْدَ الْکَسْرِ و فیه أَیْضًا نَظَرٌ، لِأَنَّ الرِّضَا بَعْدَ الْحُکْمِ بِالْبُطْلَانِ لَا أَثَرَ لَهُ.

الْعَاشِرَهُ - یَجُوزُ بَیْعُ الْمِسْکِ فِی فَأْرِ

الْعَاشِرَهُ - یَجُوزُ بَیْعُ الْمِسْکِ فِی فَأْرِهِ

بِالْهَمْزِ جَمْعُ فَأْرَهٍ بِهِ أَیْضًا کَالْفَأْرَهِ فِی غَیْرِهِ وَ هِیَ الْجِلْدَهُ الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی الْمِسْکِ (وَ إِنْ لَمْ تُفْتَقْ) بِنَاءً عَلَی أَصْلِ السَّلَامَهِ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ فَتْقِهِ مَعِیبًا تَخَیَّرَ (وَفَتْقُهُ بِأَنْ یُدْخَلَ فِیهِ خَیْطُ) بِإِبْرَهٍ، ثُمَّ (یُخْرَجَ وَ یُشَمَّ أَحْوَطُ) لِتَرْتَفِعَ الْجَهَالَهُ رَأْسًا.

الْحَادِیَهَ عَشْرَهَ - لَا یَجُوزُ بَیْعُ سَمَکِ

الْحَادِیَهَ عَشْرَهَ - لَا یَجُوزُ بَیْعُ سَمَکِ الْآجَامِ مَعَ ضَمِیمَهِ الْقَصَبِ أَوْ غَیْرِهِ لِلْجَهَالَهِ

وَ لَوْ فِی بَعْضِ الْمَبِیعِ، (وَ لَا اللَّبَنِ فِی الضَّرْعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَ هُوَ الثَّدْیُ لِکُلِّ ذَاتِ خُفٍّ، أَوْ ظِلْفٍ (کَذَلِکَ) أَیْ وَ إِنْ ضُمَّ إلَیْهِ شَیْءٌ وَ لَوْ لَبَنًا مَحْلُوبًا، لِأَنَّ ضَمِیمَهَ الْمَعْلُومِ إلَی الْمَجْهُولِ تُصَیِّرُ الْمَعْلُومَ مَجْهُولًا، أَمَّا عَدَمُ الْجَوَازِ بِدُونِ الضَّمِیمَهِ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ أَمَّا مَعَهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ کَذَلِکَ وَ قِیلَ: یَصِحُّ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ضَعِیفَهٍ وَ بَالَغَ الشَّیْخُ فَجَوَّزَ ضَمِیمَهَ مَا فِی الضَّرْعِ إلَی مَا یَتَجَدَّدُ مُدَّهً مَعْلُومَهً وَ الْوَجْهُ الْمَنْعُ.

نَعَمْ لَوْ وَقَعَ ذَلِکَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ اُتُّجِهَ الْجَوَازُ وَ فَصَّلَ آخَرُونَ فَحَکَمُوا بِالصِّحَّهِ مَعَ کَوْنِ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ الْمَعْلُومَ وَ کَوْنِ الْمَجْهُولِ تَابِعًا وَ الْبُطْلَانِ مَعَ الْعَکْسِ وَ تَسَاوِیهِمَا فِی الْقَصْدِ الذَّاتِیِّ وَ هُوَ حَسَنٌ وَ کَذَا الْقَوْلُ فِی کُلِّ مَجْهُولٍ ضُمَّ إلَی مَعْلُومٍ.

(وَ لَا الْجُلُودِ وَ الْأَصْوَافِ وَ الْأَشْعَارِ عَلَی الْأَنْعَامِ) وَ إِنْ ضُمَّ إلَیْهَا غَیْرُهُ أَیْضًا، لِجَهَالَهِ مِقْدَارِهِ، مَعَ کَوْنِ غَیْرِ الْجُلُودِ مَوْزُونًا فَلَا یُبَاعُ جُزَافًا، (إلَّا أَنْ یَکُونَ الصُّوفُ وَ شِبْهُهُ مُسْتَجَزًّا، أَوْ شُرِطَ جَزُّهُ فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّهُ)، لِأَنَّ الْمَبِیعَ حِینَئِذٍ مُشَاهَدٌ وَ الْوَزْنَ غَیْرُ مُعْتَبَرٍ مَعَ کَوْنِهِ عَلَی ظَهْرِهَا وَ إِنْ اسْتُجِزَّتْ، کَالثَّمَرَهِ عَلَی الشَّجَرَهِ وَ إِنْ اسْتُجِزَّتْ.

وَیَنْبَغِی عَلَی هَذَا عَدَمُ اعْتِبَارِ اشْتِرَاطِ جَزِّهِ، لِأَنَّ ذَلِکَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی الصِّحَّهِ، بَلْ غَایَتُهُ مَعَ تَأْخِیرِهِ أَنْ یَمْتَزِجَ بِمَالِ الْبَائِعِ وَ هُوَ لَا یَقْتَضِی بُطْلَانَ الْبَیْعِ کَمَا لَوْ امْتَزَجَتْ لُقَطَهُ الْخُضَرِ بِغَیْرِهَا، فَیُرْجَعُ إلَی الصُّلْحِ وَ لَوْ شُرِطَ تَأْخِیرُهُ مُدَّهً مَعْلُومَهً وَ تَبَعِیَّهُ الْمُتَجَدِّدِ بُنِیَ عَلَی الْقَاعِدَهِ السَّالِفَهِ، فَإِنْ کَانَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ هُوَ الْمَوْجُودَ صَحَّ وَ إِلَّا فَلَا.

الثَّانِیَهَ عَشْرَهَ - یَجُوزُ بَیْعُ دُودِ الْقَ

الثَّانِیَهَ عَشْرَهَ - یَجُوزُ بَیْعُ دُودِ الْقَزِّ

، لِأَنَّهُ حَیَوَانٌ طَاهِرٌ یُنْتَفَعُ بِهِ) مَنْفَعَهً مَقْصُودَهً مُحَلَّلَهً، (وَنَفْسِ الْقَزِّ وَ إِنْ کَانَ الدُّودُ فِیهِ، لِأَنَّهُ کَالنَّوَی فِی التَّمْرِ) فَلَا یُمْنَعُ مِنْ بَیْعِهِ وَ رُبَّمَا اُحْتُمِلَ الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ إنْ کَانَ حَیًّا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ وَ إِنْ کَانَ مَیِّتًا دَخَلَ فِی عُمُومِ النَّهْیِ عَنْ بَیْعِ الْمَیْتَهِ وَ هُوَ ضَعِیفٌ، لِأَنَّ عُرْضَهَ الْفَسَادِ لَا یَقْتَضِی الْمَنْعَ وَ الدُّودُ لَا یُقْصَدُ بِالْبَیْعِ حَتَّی تُمْنَعَ مَیْتَتُهُ وَ إِلَی جَوَابِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ کَالنَّوَی وَ قَدْ یُقال:

إنَّ فِی النَّوَی مَنْفَعَهً مَقْصُودَهً کَعَلَفِ الدَّوَابِّ، بِخِلَافِ الدُّودِ الْمَیِّتِ وَ کَیْفَ کَانَ لَا تُمْنَعُ مِنْ صِحَّهِ الْبَیْعِ.

الثَّالِثَهَ عَشْرَهَ - إذَا کَانَ الْمَبِیعُ فِی

الثَّالِثَهَ عَشْرَهَ - إذَا کَانَ الْمَبِیعُ فِی ظَرْفٍ جَازَ بَیْعُهُ

مَعَ وَزْنِهِ مَعَهُ (وَأُسْقِطَ مَا جَرَتْ الْعَادَهُ بِهِ لِلظَّرْفِ) سَوَاءٌ کَانَ مَا جَرَتْ بِهِ زَائِدًا عَنْ وَزْنِ الظَّرْفِ قَطْعًا، أَمْ نَاقِصًا وَ لَوْ لَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَهُ لَمْ یَجُزْ إسْقَاطُ مَا یَزِیدُ، إلَّا مَعَ التَّرَاضِی.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ إسْقَاطِهِ بِغَیْرِ ثَمَنٍ أَصْلًا وَ بِثَمَنٍ مُغَایِرٍ لِلْمَظْرُوفِ، (وَ لَوْ بَاعَهُ مَعَ الظَّرْفِ) مِنْ غَیْرِ وَضْعٍ جَاعِلًا مَجْمُوعَ الظَّرْفِ وَ الْمَظْرُوفِ مَبِیعًا وَاحِدًا بِوَزْنٍ وَاحِدٍ (فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ)، لِحُصُولِ مَعْرِفَهِ الْجُمْلَهِ الرَّافِعَهِ لِلْجَهَالَهِ وَ لَا یَقْدَحُ الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ کُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، لِأَنَّ الْمَبِیعَ هُوَ الْجُمْلَهُ، لَا کُلُّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ.

وَقِیلَ: لَا یَصِحُّ حَتَّی یُعْلَمَ مِقْدَارُ کُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُمَا فِی قُوَّهِ مَبِیعَیْنِ وَ هُوَ ضَعِیفٌ.

الْقَوْلُ فِی الْآدَابِ: وَ هِیَ أَرْبَعَهٌ وَ عِشْرُونَ

الْقَوْلُ فِی الْآدَابِ: وَ هِیَ أَرْبَعَهٌ وَ عِشْرُونَ

الْأَوَّلُ - (التَّفَقُّهُ فِیمَا یَتَوَلَّاهُ) مِنْ التَّکَسُّبِ

، لِیَعْرِفَ صَحِیحَ الْعَقْدِ مِنْ فَاسِدِهِ وَ یَسْلَمَ مِنْ الرِّبَا، (وَ) لَا یُشْتَرَطُ مَعْرِفَهُ الْأَحْکَامِ بِالِاسْتِدْلَالِ کَمَا یَقْتَضِیهِ ظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالتَّفَقُّهِ، بَلْ (یَکْفِی التَّقْلِیدُ)، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَعْرِفَتُهَا عَلَی وَجْهٍ یَصِحُّ وَ قَدْ قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: " مَنْ اتَّجَرَ بِغَیْرِ عِلْمٍ فَقَدْ ارْتَطَمَ فِی الرِّبَا، ثُمَّ ارْتَطَمَ ".

الثَّانِی - التَّسْوِیَهُ بَیْنَ الْمُعَامِلِینَ فِی الْإِنْصَافِ

فَلَا یُفَرَّقُ بَیْنَ الْمُمَاکِسِ وَ غَیْرِهِ وَ لَا بَیْنَ الشَّرِیفِ وَ الْحَقِیرِ.

نَعَمْ لَوْ فَاوَتَ بَیْنَهُمْ بِسَبَبِ فَضِیلَهٍ وَ دِینٍ فَلَا بَأْسَ، لَکِنْ یُکْرَهُ لِلْآخِذِ قَبُولُ ذَلِکَ وَ لَقَدْ کَانَ السَّلَفُ یُوَکِّلُونَ فِی الشِّرَاءِ مَنْ لَا یَعْرِفُ هَرَبًا مِنْ ذَلِکَ

الثَّالِثُ - (إقَالَهُ النَّادِمِ)

قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: " أَیُّمَا عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَقَالَ مُسْلِمًا فِی بَیْعٍ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ " وَ هُوَ مُطْلَقٌ فِی النَّادِمِ وَ غَیْرِهِ، إلَّا أَنَّ تَرَتُّبَ الْغَایَهِ مُشْعِرٌ بِهِ وَ إِنَّمَا یَفْتَقِرُ إلَی الْإِقَالَهِ (إذَا تَفَرَّقَا مِنْ الْمَجْلِسِ، أَوْ شَرَطَا عَدَمَ الْخِیَارِ)، فَلَوْ کَانَ لِلْمُشْتَرِی خِیَارٌ فَسَخَ بِهِ وَ لَمْ یَکُنْ مُحْتَاجًا إلَیْهَا (وَهَلْ تُشْرَعُ الْإِقَالَهُ فِی زَمَنِ الْخِیَارِ، الْأَقْرَبُ نَعَمْ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّهِ لَهُ خُصُوصًا الْحَدِیثُ السَّابِقُ فَإِنَّهُ لَمْ یَتَقَیَّدْ بِتَوَقُّفِ الْمَطْلُوبِ عَلَیْهَا، (وَ لَا یَکَادُ یَتَحَقَّقُ الْفَائِدَهُ) فِی الْإِقَالَهِ حِینَئِذٍ (إلَّا إذَا قُلْنَا هِیَ بَیْعٌ) فَیَتَرَتَّبُ عَلَیْهَا أَحْکَامُ الْبَیْعِ مِنْ الشُّفْعَهِ وَ غَیْرِهَا، بِخِلَافِ الْفَسْخِ، أَوْ قُلْنَا: (بِأَنَّ الْإِقَالَهَ مِنْ ذِی الْخِیَارِ إسْقَاطٌ لِلْخِیَارِ)، لِدَلَالَتِهَا عَلَی الِالْتِزَامِ بِالْبَیْعِ وَ إِسْقَاطُ الْخِیَارِ لَا یَخْتَصُّ بِلَفْظٍ، بَلْ یَحْصُلُ بِکُلِّ مَا دَلَّ عَلَیْهِ، مِنْ قَوْلٍ وَ فِعْلٍ وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ حِینَئِذٍ فِیمَا لَوْ تَبَیَّنَ بُطْلَانَ الْإِقَالَهِ فَلَیْسَ لَهُ الْفَسْخُ بِالْخِیَارِ.

(وَیَحْتَمِلُ سُقُوطَ خِیَارِهِ بِنَفْسِ طَلَبِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُکْمِ) لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْوَجْهِ وَ مِنْ ثَمَّ قِیلَ بِسُقُوطِ الْخِیَارِ لِمَنْ قال:

لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ وَ هُوَ مَرْوِیٌّ أَیْضًا وَ الْأَقْوَی عَدَمُ السُّقُوطِ فِی الْحَالَیْنِ، لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَی الِالْتِزَامِ حَتَّی بِالِالْتِزَامِ وَ یَجُوزُ أَنْ یَکُونَ مَطْلُوبُهُ مِنْ الْإِقَالَهِ تَحْصِیلَ الثَّوَابِ بِهَا فَلَا یُنَافِی إمْکَانَ فَسْخِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَ هُوَ مِنْ أَتَمِّ الْفَوَائِدِ.

الرَّابِعُ -عَدَمُ تَزْیِینِ الْمَتَاعِ

لِیَرْغَبَ فِیهِ الْجَاهِلُ مَعَ عَدَمِ غَایَهٍ أُخْرَی لِلزِّینَهِ، أَمَّا تَزْیِینُهُ لِغَایَهٍ أُخْرَی کَمَا لَوْ کَانَتْ الزِّینَهُ مَطْلُوبَهً عَادَهً فَلَا بَأْسَ.

الْخَامِسُ - ذِکْرُ الْعَیْبِ

الْمَوْجُودِ فِی مَتَاعِهِ (إنْ کَانَ) فِیهِ عَیْبٌ ظَاهِرًا کَانَ أَمْ خَفِیًّا، لِلْخَبَرِ وَ لِأَنَّ ذَلِکَ مِنْ تَمَامِ الْإِیمَانِ وَ النَّصِیحَهِ.

السَّادِسُ - (تَرْکُ الْحَلِفِ عَلَی الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ)

قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: { وَیْلٌ لِلتَّاجِرِ مِنْ لَا وَ اَللَّهِ وَ بَلَی وَ اَللَّهِ } و قال صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: { مَنْ بَاعَ وَ اشْتَرَی فَلْیَحْفَظْ خَمْسَ خِصَالٍ وَ إِلَّا فَلَا یَشْتَرِی وَ لَا یَبِیعُ: الرِّبَا وَ الْحَلِفَ وَ کِتْمَانَ الْعَیْبِ وَ الْمَدْحَ إذَا بَاعَ وَ الذَّمَّ إذَا اشْتَرَی } و قال الْکَاظِمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: " ثَلَاثَهٌ لَا یَنْظُرُ اللَّهُ إلَیْهِمْ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ اتَّخَذَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِضَاعَهً لَا یَشْتَرِی إلَّا بِیَمِینٍ وَ لَا یَبِیعُ إلَّا بِیَمِینٍ.

وَمَوْضِعُ الْأَدَبِ الْحَلِفُ صَادِقًا، أَمَّا الْکَاذِبُ فَعَلَیْهِ لَعْنَهُ اللَّهِ "

السَّابِعُ - الْمُسَامَحَهُ فِیهِمَا

( وَ خُصُوصًا فِی شِرَاءِ آلَاتِ الطَّاعَاتِ) فَإِنَّ ذَلِکَ مُوجِبٌ لِلْبَرَکَهِ وَ الزِّیَادَهِ وَ کَذَا یُسْتَحَبُّ فِی الْقَضَاءِ وَ الِاقْتِضَاءِ لِلْخَبَرِ

الثَّامِنُ - (تَکْبِیرُ الْمُشْتَرِی ثَلَاثًا

وَ تَشَهُّدُهُ الشَّهَادَتَیْنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ) وَ لْیَقُلْ بَعْدَهُمَا: اللَّهُمَّ إنِّی اشْتَرَیْته أَلْتَمِسُ فِیهِ مِنْ فَضْلِک، فَاجْعَلْ لِی فِیهِ فَضْلًا، اللَّهُمَّ إنِّی اشْتَرَیْته أَلْتَمِسُ فِیهِ رِزْقًا، فَاجْعَلْ لِی فِیهِ رِزْقًا ".

التَّاسِعُ - (أَنْ یَقْبِضَ نَاقِصًا)

(وَیَدْفَعَ رَاجِحًا، نُقْصَانًا وَ رُجْحَانًا لَا یُؤَدِّی إلَی الْجَهَالَهِ) بِأَنْ یَزِیدَ کَثِیرًا بِحَیْثُ یَجْهَلُ مِقْدَارَهُ تَقْرِیبًا وَ لَوْ تَنَازَعَا فِی تَحْصِیلِ الْفَضِیلَهِ قُدِّمَ مَنْ بِیَدِهِ الْمِیزَانُ وَ الْمِکْیَالُ، لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ الْمَأْمُورُ بِذَلِکَ، زِیَادَهً عَلَی کَوْنِهِ مُعْطِیًا وَ آخِذًا

الْعَاشِرُ - (أَنْ لَا یَمْدَحَ أَحَدُهُمَا سِلْعَتَهُ

وَ [لَا] یَذُمَّ سِلْعَهَ صَاحِبِهِ) لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَ غَیْرِهِ، (وَ لَوْ ذَمَّ سِلْعَهَ نَفْسِهِ بِمَا لَا یَشْتَمِلُ عَلَی الْکَذِبِ فَلَا بَأْسَ).

الْحَادِیَ عَشَرَ - (تَرْکُ الرِّبْحِ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ)

قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: " رِبْحُ الْمُؤْمِنِ عَلَی الْمُؤْمِنِ حَرَامٌ، إلَّا أَنْ یَشْتَرِیَ بِأَکْثَرَ مِنْ مِائَهِ دِرْهَمٍ فَارْبَحْ عَلَیْهِ قُوتَ یَوْمِک، أَوْ یَشْتَرِیهِ لِلتِّجَارَهِ فَارْبَحُوا عَلَیْهِمْ وَ ارْفُقُوا بِهِمْ "، (إلَّا مَعَ الْحَاجَهِ فَیَأْخُذُ مِنْهُمْ نَفَقَهَ یَوْمٍ) لَهُ وَ لِعِیَالِهِ، (مُوَزَّعَهً عَلَی الْمُعَامِلِینَ) فِی ذَلِکَ الْیَوْمِ مَعَ انْضِبَاطِهِمْ وَ إِلَّا تَرَکَ الرِّبْحَ عَلَی الْمُعَامِلِینَ بَعْدَ تَحْصِیلِ قُوتِ یَوْمِهِ، کُلُّ ذَلِکَ مَعَ شِرَائِهِمْ لِلْقُوتِ، أَمَّا لِلتِّجَارَهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَعَ الرِّفْقِ کَمَا دَلَّ عَلَیْهِ الْخَبَرُ.

الثَّانِی عَشَرَ - (تَرْکُ الرِّبْحِ عَلَی الْمَوْعُودِ بِالْإِحْسَانِ)

بِأَنْ یَقُولَ لَهُ: هَلُمَّ أُحْسِنُ إلَیْک فَیَجْعَلُ إحْسَانَهُ الْمَوْعُودَ بِهِ تَرْکَ الرِّبْحِ عَلَیْهِ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ هَلُمَّ أُحْسِنُ بَیْعَک یَحْرُمُ عَلَیْهِ الرِّبْحُ وَ الْمُرَادُ بِهِ الْکَرَاهَهُ الْمُؤَکَّدَهُ.

الثَّالِثَ عَشَرَ - (تَرْکُ السَّبَقِ إلَی السُّوقِ وَ التَّأَخُّرِ فِیهِ)

، بَلْ یُبَادِرُ إلَی قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَ یَخْرُجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَی الشَّیَاطِینِ، کَمَا أَنَّ الْمَسْجِدَ مَأْوَی الْمَلَائِکَهِ فَیَکُونُ عَلَی الْعَکْسِ وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ التَّاجِرِ وَ غَیْرِهِ وَ لَا بَیْنَ أَهْلِ السُّوقِ عَادَهً وَ غَیْرِهِمْ.

الرَّابِعَ عَشَرَ - (تَرْکُ مُعَامَلَهِ الْأَدْنَیْنَ)

وَهُمْ الَّذِینَ یُحَاسِبُونَ عَلَی الشَّیْءِ الْأَدْوَنِ، أَوْ مَنْ لَا یَسُرُّهُ الْإِحْسَانُ وَ لَا تَسُوءُهُ الْإِسَاءَهُ، أَوْ مَنْ لَا یُبَالِی بِمَا قَالَ وَ لَا مَا قِیلَ فِیهِ، (وَ الْمُحَارَفِینَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَ هُمْ الَّذِینَ لَا یُبَارَکُ لَهُمْ فِی کَسْبِهِمْ، قَالَ الْجَوْهَرِیُّ: رَجُلٌ مُحَارَفٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَیْ مَحْدُودٌ مَحْرُومٌ وَ هُوَ خِلَافُ قَوْلِک مُبَارَکٌ وَ قَدْ حُورِفَ کَسْبُ فُلَانٍ إذَا شُدِّدَ عَلَیْهِ فِی مَعَاشِهِ، کَأَنَّهُ مِیلَ بِرِزْقِهِ عَنْهُ، (وَ الْمُؤَفِّینَ) أَیْ ذَوِی الْآفَهِ وَ النَّقْصِ فِی أَبْدَانِهِمْ، لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی الْأَخْبَارِ، مُعَلَّلًا بِأَنَّهُمْ أَظْلَمُ شَیْءٍ، (وَ الْأَکْرَادِ) لِلْحَدِیثِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، مُعَلَّلًا بِأَنَّهُمْ حَیٌّ مِنْ أَحْیَاءِ الْجِنِّ کَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْغِطَاءَ وَ نَهَی فِیهِ أَیْضًا عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ (وَأَهْلِ الذِّمَّهِ) لِلنَّهْیِ عَنْهُ وَ لَا یَتَعَدَّی إلَی غَیْرِهِمْ مِنْ أَصْنَافِ الْکُفَّارِ لِلْأَصْلِ وَ الْفَارِقِ، (وَذَوِی الشُّبْهَهِ فِی الْمَالِ) کَالظُّلْمَهِ لِسَرَیَانِ شُبَهِهِمْ إلَی مَالِهِ.

الْخَامِسَ عَشَرَ - (تَرْک التَّعَرُّضِ لِلْکَیْلِ)

(، أَوْ الْوَزْنِ إذَا لَمْ یُحْسِنْ) حَذَرًا مِنْ الزِّیَادَهِ وَ النُّقْصَانِ الْمُؤَدِّیَیْنِ إلَی الْمُحَرَّمِ وَ قِیلَ: یَحْرُمُ حِینَئِذٍ، لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی الْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِی لِلتَّحْرِیمِ وَ حُمِلَ عَلَی الْکَرَاهَهِ.

السَّادِسَ عَشَرَ (تَرْکُ الزِّیَادَهِ فِی السِّلْعَهِ وَقْتَ النِّدَاءِ)

عَلَیْهَا مَنْ الدَّلَّالِ، بَلْ یَصْبِرُ حَتَّی یَسْکُتَ ثُمَّ یَزِیدَ إنْ أَرَادَ، لِقَوْلِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ: إذَا نَادَی الْمُنَادِی فَلَیْسَ لَک أَنْ تَزِیدَ وَ إِنَّمَا یُحَرِّمُ الزِّیَادَهَ النِّدَاءُ وَ یُحِلُّهَا السُّکُوتُ.

السَّابِعَ عَشَرَ - (تَرْکُ السَّوْمِ)

وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِالتِّجَارَهِ (مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ) لِنَهْیِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنْهُ وَ لِأَنَّهُ وَقْتُ الدُّعَاءِ وَ مَسْأَلَهِ اللَّهِ تَعَالَی، لَا وَقْتُ تِجَارَهٍ وَ فِی الْخَبَرِ أَنَّ الدُّعَاءَ فِیهِ أَبْلَغُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ الضَّرْبِ فِی الْبِلَادِ.

الثَّامِنَ عَشَرَ - (تَرْکُ دُخُولِ الْمُؤْمِنِ فِی سَوْمِ أَخِیهِ)

الْمُؤْمِنِ (بَیْعًا وَ شِرَاءً) بِأَنْ یَطْلُبَ ابْتِیَاعَ الَّذِی یُرِیدُ أَنْ یَشْتَرِیَهُ وَ یَبْذُلَ زِیَادَهً عَنْهُ لِیُقَدِّمَهُ الْبَائِعُ، أَوْ یَبْذُلَ لِلْمُشْتَرِی مَتَاعًا غَیْرَ مَا اتَّفَقَ هُوَ وَ الْبَائِعُ عَلَیْهِ لِقَوْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: { لَا یَسُومُ الرَّجُلُ عَلَی سَوْمِ أَخِیهِ } وَ هُوَ خَبَرٌ مَعْنَاهُ النَّهْیُ وَ مِنْ ثَمَّ قِیلَ: بِالتَّحْرِیمِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِی النَّهْیِ وَ إِنَّمَا یُکْرَهُ، أَوْ یَحْرُمُ (بَعْدَ التَّرَاضِی، أَوْ قُرْبَهُ) فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَا یَدُلُّ عَلَی عَدَمِهِ فَلَا کَرَاهَهَ وَ لَا تَحْرِیمَ.

(وَ لَوْ کَانَ السَّوْمُ بَیْنَ اثْنَیْنِ) سَوَاءٌ دَخَلَ أَحَدُهُمَا عَلَی النَّهْیِ، أَمْ لَا بِأَنْ ابْتَدَأَ فِیهِ مَعًا قَبْلَ مَحَلِّ النَّهْیِ (لَمْ یَجْعَلْ نَفْسَهُ بَدَلًا مِنْ أَحَدِهِمَا) لِصِدْقِ الدُّخُولِ فِی السَّوْمِ، (وَ لَا کَرَاهَهَ فِیمَا یَکُونُ فِی الدَّلَالَهِ)، لِأَنَّهَا مَوْضُوعَهٌ عُرْفًا لِطَلَبِ الزِّیَادَهِ مَا دَامَ الدَّلَّالُ یَطْلُبُهَا، فَإِذَا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ بَیْنَ الدَّلَّالِ وَ الْغَرِیمِ تَعَلَّقَتْ الْکَرَاهَهُ، لِأَنَّهُ لَا یَکُونُ حِینَئِذٍ فِی الدَّلَالَهِ وَ إِنْ کَانَ بِیَدِ الدَّلَّالِ، (وَ فِی کَرَاهَهِ طَلَبِ الْمُشْتَرِی مَنْ بَعْضِ الطَّالِبِینَ التَّرْکَ لَهُ نَظَرٌ) مِنْ عَدَمِ صِدْقِ الدُّخُولِ فِی السَّوْمِ مِنْ حَیْثُ الطَّلَبُ مِنْهُ وَ مِنْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِی الْمَعْنَی حَیْثُ أَرَادَ أَنْ یَحْرِمَهُ مَطْلُوبَهُ وَ الظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ التَّحْرِیمِ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ فِی السَّوْمِ وَ إِنَّمَا الشَّکُّ فِی الْکَرَاهَهِ، (وَ لَا کَرَاهِیَهَ فِی تَرْکِ الْمُلْتَمَسِ مِنْهُ)، لِأَنَّهُ قَضَاءُ حَاجَهٍ لِأَخِیهِ وَ رُبَّمَا اُسْتُحِبَّتْ إجَابَتُهُ لَوْ کَانَ مُؤْمِنًا وَ یَحْتَمِلُ الْکَرَاهَهَ لَوْ قُلْنَا بِکَرَاهَهِ طَلَبِهِ، لِإِعَانَتِهِ لَهُ عَلَی فِعْلِ الْمَکْرُوهِ.

وَهَذِهِ الْفُرُوعُ مِنْ خَوَاصِّ الْکِتَابِ.

التَّاسِعَ عَشَرَ - (تَرْکُ تَوَکُّلِ حَاضِرٍ لِبَادٍ)

وَهُوَ الْغَرِیبُ الْجَالِبُ لِلْبَلَدِ وَ إِنْ کَانَ قَرَوِیًّا، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: { لَا یَتَوَکَّلُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ یَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } وَ حَمَلَ بَعْضُهُمْ النَّهْیَ عَلَی التَّحْرِیمِ وَ هُوَ حَسَنٌ لَوْ صَحَّ الْحَدِیثُ وَ إِلَّا فَالْکَرَاهَهُ أَوْجَهُ، لِلتَّسَامُحِ فِی دَلِیلِهَا وَ شَرْطُهُ ابْتِدَاءُ الْحَضَرِیِّ بِهِ، فَلَوْ الْتَمَسَهُ مِنْهُ الْغَرِیبُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ جَهْلُ الْغَرِیبِ بِسِعْرِ الْبَلَدِ، فَلَوْ عَلِمَ بِهِ لَمْ یُکْرَهْ، بَلْ کَانَتْ مُسَاعَدَتُهُ مَحْضَ الْخَیْرِ وَ لَوْ بَاعَ مَعَ النَّهْیِ انْعَقَدَ وَ إِنْ قِیلَ بِتَحْرِیمِهِ وَ لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْبَلَدِیِّ لَهُ، لِلْأَصْلِ

الْعِشْرُونَ - (تَرْکُ التَّلَقِّی لِلرُّکْبَانِ)

وَهُوَ الْخُرُوجُ إلَی الرَّکْبِ الْقَاصِدِ إلَی بَلَدٍ لِلْبَیْعِ عَلَیْهِمْ، أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ، (وَحَدُّهُ أَرْبَعَهُ فَرَاسِخَ) فَمَا دُونَ، فَلَا یُکْرَهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّهُ سَفَرُ التِّجَارَهِ وَ إِنَّمَا یُکْرَهُ (إذَا قَصَدَ الْخُرُوجَ لِأَجْلِهِ)، فَلَوْ اتَّفَقَ مُصَادَفَهُ الرَّکْبِ فِی خُرُوجِهِ لِغَرَضٍ لَمْ یَکُنْ بِهِ بَأْسٌ، (وَمَعَ جَهْلِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِی الْقَادِمِ بِالسِّعْرِ) فِی الْبَلَدِ، فَلَوْ عَلِمَ بِهِ لَمْ یُکْرَهْ کَمَا یُشْعِرُ بِهِ تَعْلِیلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی قوله:

{ لَا یَتَلَقَّ أَحَدُکُمْ تِجَارَهً، خَارِجًا مِنْ الْمِصْرِ وَ الْمُسْلِمُونَ یَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } وَ الِاعْتِبَارُ بِعِلْمِ مَنْ یُعَامِلُهُ خَاصَّهً.

(وَ) کَذَا یَنْبَغِی (تَرْکُ شِرَاءِ مَا یُتَلَقَّی) مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الرَّکْبِ بِالشَّرَائِطِ وَ مَنْ تَرَتَّبَتْ یَدُهُ عَلَی یَدِهِ وَ إِنْ تَرَامَی لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " لَا تَلَقَّ وَ لَا تَشْتَرِ مَا یُتَلَقَّی وَ لَا تَأْکُلْ مِنْهُ " وَ ذَهَبَ جَمَاعَهٌ إلَی التَّحْرِیمِ، لِظَاهِرِ النَّهْیِ فِی هَذِهِ الْأَخْبَارِ.

وَعَلَی الْقَوْلَیْنِ یَصِحُّ الْبَیْعُ، (وَ لَا خِیَارَ لِلْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی إلَّا مَعَ الْغَبْنِ) فَیَتَخَیَّرُ الْمَغْبُونُ عَلَی الْفَوْرِ فِی الْأَقْوَی وَ لَا کَرَاهَهَ فِی الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ مِنْهُ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَی حُدُودِ الْبَلَدِ بِحَیْثُ لَا یَصْدُقُ التَّلَقِّی وَ إِنْ کَانَ جَاهِلًا بِسِعْرِهِ لِلْأَصْلِ وَ لَا فِی بَیْعِ نَحْوِ الْمَأْکُولِ وَ الْعَلَفُ عَلَیْهِمْ وَ إِنَّ تَلَقَّی.

الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ - (تَرْکُ الْحُکْرَهِ)

بِالضَّمِّ وَ هُوَ جَمْعُ الطَّعَامِ وَ حَبْسُهُ یَتَرَبَّصُ بِهِ الْغَلَاءَ وَ الْأَقْوَی تَحْرِیمُهُ مَعَ حَاجَهِ النَّاسِ إلَیْهِ، لِصِحَّهِ الْخَبَرِ بِالنَّهْیِ عَنْهُ عَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { وَ أَنَّهُ لَا یَحْتَکِرُ الطَّعَامَ إلَّا خَاطِئٌ وَ أَنَّهُ مَلْعُونٌ }.

وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْحُکْرَهُ (فِی) سَبْعَهِ أَشْیَاءَ (الْحِنْطَهَ وَ الشَّعِیرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ السَّمْنِ وَ الزَّیْتِ وَ الْمِلْحِ) وَ إِنَّمَا یُکْرَهُ إذَا وُجِدَ بَاذِلٌ غَیْرُهُ یَکْتَفِی بِهِ النَّاسُ، (وَ لَوْ لَمْ یُوجَدْ غَیْرُهُ وَجَبَ الْبَیْعُ) مَعَ الْحَاجَهِ وَ لَا یَتَقَیَّدُ بِثَلَاثَهِ أَیَّامٍ فِی الْغَلَاءِ وَ أَرْبَعِینَ فِی الرُّخْصِ وَ مَا رُوِیَ مِنْ التَّحْدِیدِ بِذَلِکَ مَحْمُولٌ عَلَی حُصُولِ الْحَاجَهِ فِی ذَلِکَ الْوَقْتِ، لِأَنَّهُ مَظِنُّهَا، (وَیُسَعَّرُ) عَلَیْهِ حَیْثُ یَجِبُ عَلَیْهِ الْبَیْعُ (إنْ أَجْحَفَ) فِی الثَّمَنِ لِمَا فِیهِ مِنْ الْإِضْرَارِ الْمَنْفِیِّ، (وَ إِلَّا فَلَا) وَ لَا یَجُوزُ التَّسْعِیرُ فِی الرُّخْصِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَهِ قَطْعًا وَ الْأَقْوَی أَنَّهُ مَعَ الْإِجْحَافِ حَیْثُ یُؤْمَرُ بِهِ وَ لَا یُسَعَّرُ عَلَیْهِ أَیْضًا، بَلْ یُؤْمَرُ بِالنُّزُولِ عَنْ الْمُجْحِفِ وَ إِنْ کَانَ فِی مَعْنَی التَّسْعِیرِ، إلَّا أَنَّهُ لَا یُحْصَرُ فِی قَدْرٍ خَاصٍّ.

الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ - (تَرْکُ الرِّبَا فِی الْمَعْدُودِ عَلَی الْأَقْوَی)

، لِلْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ الدَّالَّهِ عَلَی اخْتِصَاصِهِ بِالْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ وَ قِیلَ: یَحْرُمُ فِیهِ أَیْضًا، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ظَاهِرَهٍ فِی الْکَرَاهَهِ، (وَ کَذَا فِی النَّسِیئَهِ) فِی الرِّبَوِیِّ، (مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ) کَالتَّمْرِ بِالزَّبِیبِ وَ إِنَّمَا کُرِهَ فِیهِ، لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی النَّهْیِ عَنْهُ، إلَّا أَنَّهَا فِی الْکَرَاهَهِ أَظْهَرُ، لِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَبِیعُوا کَیْفَ شِئْتُمْ } وَ قِیلَ: بِتَحْرِیمِهِ، لِظَاهِرِ النَّهْیِ السَّابِقِ.

الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ - (تَرْکُ نِسْبَهِ الرِّبْحِ وَ الْوَضِیعَهِ إلَی رَأْسِ الْمَالِ)

بِأَنْ یقول:

بِعْتُک بِمِائَهٍ وَ رِبْحُ الْمِائَهِ عَشَرَهٌ، أَوْ وَضِیعَتُهَا، لِلنَّهْیِ عَنْهُ وَ لِأَنَّهُ بِصُورَهِ الرِّبَا وَ قِیلَ: یَحْرُمُ عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّهْیِ وَ تَرْکِ نِسْبَتِهِ کَذَلِکَ أَنْ یقول:

بِعْتُک بِکَذَا وَ رِبْحُ کَذَا، أَوْ وَضِیعَتُهُ.

الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ - (تَرْکُ بَیْعِ مَا لَا یُقْبَضُ مِمَّا یُکَالُ، أَوْ یُوزَنُ)

، لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی أَخْبَارٍ صَحِیحَهٍ حُمِلَتْ عَلَی الْکَرَاهَهِ، جَمْعًا بَیْنَهَا و بین مَا دَلَّ عَلَی الْجَوَازِ وَ الْأَقْوَی التَّحْرِیمُ، وِفَاقًا لِلشَّیْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْمَبْسُوطِ مُدَّعِیًا الْإِجْمَاعَ وَ الْعَلَّامَهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی التَّذْکِرَهِ وَ الْإِرْشَادِ، لِضَعْفِ رِوَایَاتِ الْجَوَازِ الْمُقْتَضِیَهِ لِحَمْلِ النَّهْیِ فِی الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ عَلَی غَیْرِ ظَاهِرِهِ.

الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِی بَیْعِ الْحَیَوَانِ
المدخل

وَهُوَ قِسْمَانِ: أَنَاسِیُّ وَ غَیْرُهُ وَ لَمَّا کَانَ الْبَحْثُ عَنْ الْبَیْعِ مَوْقُوفًا عَلَی الْمِلْکِ و کان تَمَلُّکُ الْأَوَّلِ مَوْقُوفًا عَلَی شَرَائِطَ نَبَّهَ عَلَیْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِأَحْکَامِ الْبَیْعِ.

وَالثَّانِی وَ إِنْ کَانَ کَذَلِکَ إلَّا أَنَّ لِذِکْرِ مَا یَقْبَلُ الْمِلْکَ مِنْهُ مَحَلًّا آخَرَ بِحَسَبِ مَا اصْطَلَحُوا عَلَیْهِ، فَقال:

(وَ الْأَنَاسِیُّ تَمَلُّکٌ بِالسَّبْیِ مَعَ الْکُفْرِ الْأَصْلِیِّ) وَ کَوْنِهِمْ غَیْرَ ذِمَّهٍ.

وَاحْتَرَزَ بِالْأَصْلِیِّ عَنْ الِارْتِدَادِ، فَلَا یَجُوزُ السَّبْیُ وَ إِنْ کَانَ الْمُرْتَدُّ بِحُکْمِ الْکَافِرِ فِی جُمْلَهٍ مِنْ الْأَحْکَامِ، (وَ) حَیْثُ یُمْلَکُونَ بِالسَّبْیِ (یَسْرِی الرِّقُّ فِی أَعْقَابِهِمْ) وَ إِنْ أَسْلَمُوا (بَعْدَ) الْأَسْرِ، (مَا لَمْ یَعْرِضْ لَهُمْ سَبَبٌ مُحَرِّرٌ) مِنْ عِتْقٍ، أَوْ کِتَابَهٍ، أَوْ تَنْکِیلٍ، أَوْ رَحِمٍ عَلَی وَجْهٍ.

(وَ الْمَلْقُوطُ فِی دَارِ الْحَرْبِ رِقٌّ إذَا لَمْ یَکُنْ فِیهَا مُسْلِمٌ) صَالِحٌ لِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ، (بِخِلَافِ) لَقِیطِ (دَارِ الْإِسْلَامِ) فَإِنَّهُ حُرٌّ ظَاهِرًا، (إلَّا أَنْ یَبْلُغَ) وَ یَرْشُدَ عَلَی الْأَقْوَی، (وَیُقِرَّ عَلَی نَفْسِهِ بِالرِّقِّ)، فَیُقْبَلُ مِنْهُ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، لِأَنَّ إقْرَارَ الْعُقَلَاءِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ جَائِزٌ.

وَقِیلَ: لَا یُقْبَلُ، لِسَبْقِ الْحُکْمِ بِحُرِّیَّتِهِ شَرْعًا فَلَا یَتَعَقَّبُهَا الرِّقُّ بِذَلِکَ.

وَکَذَا الْقَوْلُ فِی لَقِیطِ دَارِ الْحَرْبِ إذَا کَانَ فِیهَا مُسْلِمٌ.

وَکُلُّ مُقِرٍّ بِالرِّقِّیَّهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَ رُشْدِهِ وَ جَهَالَهِ نَسَبِهِ مُسْلِمًا کَانَ، أَمْ کَافِرًا، لِمُسْلِمٍ أَقَرَّ، أَمْ لِکَافِرٍ وَ إِنْ بِیعَ عَلَی الْکَافِرِ لَوْ کَانَ الْمُقِرُّ مُسْلِمًا، (وَ الْمَسْبِیُّ حَالَ الْغَیْبَهِ یَجُوزُ تَمَلُّکُهُ وَ لَا خُمُسَ فِیهِ) لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَا لِفَرِیقِهِ وَ إِنْ کَانَ حَقُّهُ أَنْ یَکُونَ لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ خَاصَّهً، لِکَوْنِهِ مَغْنُومًا بِغَیْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنَّهُمْ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ أَذِنُوا لَنَا فِی تَمَلُّکِهِ کَذَلِکَ (رُخْصَهً) مِنْهُمْ لَنَا وَ أَمَّا غَیْرُنَا فَتُقِرُّ یَدُهُ عَلَیْهِ وَ یُحْکَمُ لَهُ بِظَاهِرِ الْمِلْکِ، لِلشُّبْهَهِ کَتَمَلُّکِ الْخَرَاجِ وَ الْمُقَاسَمَهِ، فَلَا یُؤْخَذُ مِنْهُ بِغَیْرِ رِضَاهُ مُطْلَقًا (وَ لَا یَسْتَقِرُّ لِلرَّجُلِ مِلْکُ الْأُصُولِ) وَ هُمْ الْأَبَوَانِ وَ آبَاؤُهُمَا وَ إِنْ عَلَوْا (وَ الْفُرُوعِ) وَ هُمْ الْأَوْلَادُ ذُکُورًا وَ إِنَاثًا وَ إِنْ سَفَلْنَ وَ الْإِنَاثِ الْمُحَرَّمَاتِ کَالْعَمَّهِ وَ الْخَالَهِ وَ الْأُخْتِ، (نَسَبًا) إجْمَاعًا، (وَرَضَاعًا) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، لِلْخَبَرِ الصَّحِیحِ مُعَلَّلًا فِیهِ بِأَنَّهُ { یَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا یَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } وَ لِأَنَّ { الرَّضَاعَ لُحْمَهٌ کَلُحْمَهِ النَّسَبِ }.

(وَ لَا) یَسْتَقِرُّ (لِلْمَرْأَهِ مِلْکُ الْعَمُودَیْنِ) الْآبَاءُ وَ إِنْ عَلَوْا وَ الْأَوْلَادُ وَ إِنْ سَفَلُوا وَ یَسْتَقِرُّ عَلَی غَیْرِهِمَا وَ إِنْ حَرُمَ نِکَاحُهُ کَالْأَخِ وَ الْعَمِّ وَ الْخَالُ وَ إِنْ اُسْتُحِبَّ لَهَا إعْتَاقُ الْمُحَرَّمِ وَ فِی إلْحَاقِ الْخُنْثَی هُنَا بِالرَّجُلِ، أَوْ الْمَرْأَهِ نَظَرٌ، مِنْ الشَّکِّ فِی الذُّکُورِیَّهِ الَّتِی هِیَ سَبَبُ عِتْقِ غَیْرِ الْعَمُودَیْنِ فَیُوجِبُ الشَّکَّ فِی عِتْقِهِمْ وَ التَّمَسُّکَ بِأَصَالَهِ بَقَاءِ الْمِلْکِ وَ مِنْ إمْکَانِهَا فَیَعْتِقُونَ، لِبِنَائِهِ عَلَی التَّغَلُّبِ وَ کَذَا الْإِشْکَالُ لَوْ کَانَ مَمْلُوکًا وَ إِلْحَاقُهُ بِالْأُنْثَی فِی الْأَوَّلِ وَ بِالذَّکَرِ فِی الثَّانِی لَا یَخْلُو مِنْ قُوَّهٍ، تَمَسُّکًا بِالْأَصْلِ فِیهِمَا.

وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْکِ مَنْ ذُکِرَ أَنَّهُ یَمْلِکُ ابْتِدَاءً بِوُجُودِ سَبَبِ الْمِلْکِ آنًا قَلِیلًا لَا یَقْبَلُ غَیْرَ الْعِتْقِ، ثُمَّ یَعْتِقُونَ، إذْ لَوْلَا الْمِلْکُ لَمَا حَصَلَ الْعِتْقُ.

وَمَنْ عَبَّرَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُمَا لَا یَمْلِکَانِ ذَلِکَ تَجَوَّزَ فِی إطْلَاقِهِ عَلَی الْمُسْتَقِرِّ وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ بَیْنَ الْمِلْکِ الْقَهْرِیِّ وَ الِاخْتِیَارِیِّ وَ لَا بَیْنَ الْکُلِّ وَ الْبَعْضِ، فَیُقَوَّمُ عَلَیْهِ بَاقِیهِ إنْ کَانَ مُخْتَارًا عَلَی الْأَقْوَی وَ قَرَابَهُ الشُّبْهَهِ بِحُکْمِ الصَّحِیحِ، بِخِلَافِ قَرَابَهِ الزِّنَا عَلَی الْأَقْوَی؛ لِأَنَّ الْحُکْمَ الشَّرْعِیَّ یَتْبَعُ الشَّرْعَ لَا اللُّغَهَ وَ یُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ کَغَیْرِهِ الرَّجُلَ وَ الْمَرْأَهَ أَنَّ الصَّبِیَّ وَ الصَّبِیَّهَ لَا یَعْتِقُ عَلَیْهِ ذَلِکَ لَوْ مَلَکُوهُ إلَی أَنْ یَبْلُغُوا وَ الْأَخْبَارُ مُطْلَقَهٌ فِی الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَهِ کَذَلِکَ وَ یُعَضِّدُهُ أَصَالَهُ الْبَرَاءَهِ وَ إِنْ کَانَ خِطَابُ الْوَضْعِ غَیْرَ مَقْصُورٍ عَلَی الْمُکَلَّفِ. (وَ لَا تَمْنَعُ الزَّوْجِیَّهُ مِنْ الشِّرَاءِ فَتَبْطُلُ) الزَّوْجِیَّهُ وَ یَقَعُ الْمِلْکُ، فَإِنْ کَانَ الْمُشْتَرِی الزَّوْجَ اسْتَبَاحَهَا بِالْمِلْکِ وَ إِنْ کَانَتْ الزَّوْجَهُ حَرُمَ عَلَیْهَا وَطْءُ مَمْلُوکِهَا مُطْلَقًا وَ هُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ عُلِّلَ ذَلِکَ بِأَنَّ التَّفْصِیلَ فِی حِلِّ الْوَطْءِ یَقْطَعُ الِاشْتِرَاکَ بَیْنَ الْأَسْبَابِ وَ بِاسْتِلْزَامِهِ اجْتِمَاعَ عِلَّتَیْنِ عَلَی مَعْلُولٍ وَاحِدٍ وَ یَضْعُفُ بِأَنَّ عِلَلَ الشَّرْعِ مُعَرَّفَاتٌ وَ مِلْکُ الْبَعْضِ کَالْکُلِّ، لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا یَتَبَعَّضُ. (وَ الْحَمْلُ یَدْخُلُ) فِی بَیْعِ الْحَامِلِ (مَعَ الشَّرْطِ) أَیْ شَرْطِ دُخُولِهِ لَا بِدُونِهِ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، لِلْمُغَایَرَهِ کَالثَّمَرَهِ وَ الْقَائِلُ بِدُخُولِهِ مُطْلَقًا یَنْظُرُ إلَی أَنَّهُ کَالْجُزْءِ مِنْ الْأُمِّ وَ فَرَّعَ عَلَیْهِ عَدَمَ جَوَازِ اسْتِثْنَائِهِ کَمَا لَا یَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْجُزْءِ الْمُعَیَّنِ مِنْ الْحَیَوَانِ.

وَعَلَی الْمُخْتَارِ لَا تَمْنَعُ جَهَالَتُهُ مِنْ دُخُولِهِ مَعَ الشَّرْطِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ، سَوَاءٌ قال:

بِعْتُکهَا وَ حَمَلَهَا، أَمْ قال:

وَ شَرَطْت لَک حَمْلَهَا وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ مَعْلُومًا وَ أُرِیدَ إدْخَالُهُ فَالْعِبَارَهُ الثَّانِیَهُ وَ نَحْوُهَا لَا غَیْرُ وَ لَوْ لَمْ یَشْتَرِطْهُ وَ احْتَمَلَ وُجُودَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَ عَدَمِهِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِی، لِأَصَالَهِ عَدَمِ تَقَدُّمِهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِی وَقْتِ الْعَقْدِ قُدِّمَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ الْیَمِینِ وَ عَدَمِ الْبَیِّنَهِ لِلْأَصْلِ وَ الْبَیْضُ تَابِعٌ مُطْلَقًا، لَا کَالْحَمْلِ کَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ وَ مَا یَحْتَوِیهِ الْبَطْنُ.

(وَ لَوْ شَرَطَ فَسَقَطَ قَبْلَ الْقَبْضِ رَجَعَ) الْمُشْتَرِی مِنْ الثَّمَنِ (بِنِسْبَتِهِ) لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَبِیعِ (بِأَنْ یُقَوَّمَ حَامِلًا وَ مُجْهَضًا) أَیْ مَسْقَطًا لَا حَائِلًا لِلِاخْتِلَافِ وَ مُطَابَقَهِ الْأَوَّلِ لِلْوَاقِعِ وَ یَرْجِعُ بِنِسْبَهِ التَّفَاوُتِ بَیْنَ الْقِیمَتَیْنِ مِنْ الثَّمَنِ.

وَیَجُوزُ ابْتِیَاعُ جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ الْحَیَوَانِ

(وَیَجُوزُ ابْتِیَاعُ جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ الْحَیَوَانِ)

کَالنِّصْفِ وَ الثُّلُثِ، (لَا مُعَیَّنٍ) کَالرَّأْسِ وَ الْجِلْدِ وَ لَا یَکُونُ شَرِیکًا بِنِسْبَهِ قِیمَتِهِ عَلَی الْأَصَحِّ، لِضَعْفِ مُسْتَنِدِ الْحُکْمِ بِالشَّرِکَهِ وَ تَحَقُّقِ الْجَهَالَهِ وَ عَدَمِ الْقَصْدِ إلَی الْإِشَاعَهِ فَیَبْطُلُ الْبَیْعُ بِذَلِکَ، إلَّا أَنْ یَکُونَ مَذْبُوحًا، أَوْ یُرَادَ ذَبْحُهُ، فَیُقَوِّی صِحَّهَ الشَّرْطِ. (وَیَجُوزُ النَّظَرُ إلَی وَجْهِ الْمَمْلُوکَهِ إذَا أَرَادَ شِرَاءَهَا وَ إِلَی مَحَاسِنِهَا) وَ هِیَ مَوَاضِعُ الزِّینَهِ کَالْکَفَّیْنِ وَ الرِّجْلَیْنِ وَ الشَّعْرِ وَ إِنْ لَمْ یَأْذَنْ الْمَوْلَی وَ لَا یَجُوزُ الزِّیَادَهُ عَنْ ذَلِکَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَ مَعَهُ یَکُونُ تَحْلِیلًا یَتْبَعُ مَا دَلَّ عَلَیْهِ لَفْظُهُ حَتَّی الْعَوْرَهَ وَ یَجُوزُ مَسُّ مَا أُبِیحَ لَهُ نَظَرُهُ مَعَ الْحَاجَهِ وَ قِیلَ: یُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَی مَا عَدَا الْعَوْرَهِ بِدُونِ الْإِذْنِ وَ هُوَ بَعِیدٌ. (وَیُسْتَحَبُّ تَغْیِیرُ اسْمِ الْمَمْلُوکِ عِنْدَ شِرَائِهِ) أَیْ بَعْدَهُ وَ قَوَّی فِی الدُّرُوسِ اطِّرَادَهُ فِی الْمِلْکِ الْحَادِثِ مُطْلَقًا، (وَ الصَّدَقَهُ عَنْهُ بِأَرْبَعَهِ دَرَاهِمَ) شَرْعِیَّهٍ، (وَإِطْعَامُهُ) شَیْئًا (حُلْوًا،) (وَیُکْرَهُ وَطْءُ) الْأَمَهِ (الْمَوْلُودَهِ مِنْ الزِّنَا بِالْمِلْکِ، أَوْ بِالْعَهْدِ، لِلنَّهْیِ) عَنْهُ فِی الْخَبَرِ، مُعَلَّلًا بِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا یُفْلِحُ وَ بِالْعَارِ وَ قِیلَ: یَحْرُمُ بِنَاءً عَلَی کُفْرِهِ وَ هُوَ مَمْنُوعٌ. (وَ الْعَبْدُ لَا یَمْلِکُ شَیْئًا) مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآیَهِ وَ الْأَکْثَرُ عَلَی أَنَّهُ یَمْلِکُ فِی الْجُمْلَهِ، فَقِیلَ فَاضِلُ الضَّرِیبَهِ وَ هُوَ مَرْوِیٌّ وَ قِیلَ: أَرْشُ الْجِنَایَهِ وَ قِیلَ: مَا مَلَّکَهُ مَوْلَاهُ مَعَهُمَا وَ قِیلَ: مُطْلَقًا، لَکِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَیْهِ بِالرِّقِّ، اسْتِنَادًا إلَی أَخْبَارٍ یُمْکِنُ حَمْلُهَا عَلَی إبَاحَهِ تَصَرُّفِهِ فِی ذَلِکَ بِالْإِذْنِ جَمْعًا.

وَعَلَی الْأَوَّلِ (فَلَوْ اشْتَرَاهُ وَ مَعَهُ مَالٌ فَلِلْبَائِعِ)، لِأَنَّ الْجَمِیعَ مَالُ الْمَوْلَی، فَلَا یَدْخُلُ فِی بَیْعِ نَفْسِهِ، لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَیْهِ، (إلَّا بِالشَّرْطِ، فَیُرَاعِی فِیهِ شُرُوطَ الْمَبِیعِ) مِنْ کَوْنِهِ مَعْلُومًا لَهُمَا، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ وَ سَلَامَتِهِ مِنْ الرِّبَا بِأَنْ یَکُونَ الثَّمَنُ مُخَالِفًا لِجِنْسِهِ الرِّبَوِیِّ، أَوْ زَائِدًا عَلَیْهِ وَ قُبِضَ مُقَابِلُ الرِّبَوِیِّ فِی الْمَجْلِسِ وَ غَیْرِهَا.

(وَ لَوْ جَعَلَ الْعَبْدُ) لِغَیْرِهِ (جُعْلًا عَلَی شِرَائِهِ لَمْ یَلْزَمْ)، لِعَدَمِ صِحَّهِ تَصَرُّفِهِ بِالْحَجْرِ وَ عَدَمِ الْمِلْکِ وَ قِیلَ: یَلْزَمُ إنْ کَانَ لَهُ مَالٌ، بِنَاءً عَلَی الْقَوْلِ بِمِلْکِهِ.

وَهُوَ ضَعِیفٌ. (وَیَجِبُ) عَلَی الْبَائِعِ (اسْتِبْرَاءُ الْأَمَهِ قَبْلَ بَیْعِهَا) إنْ کَانَ قَدْ وَطِئَهَا وَ إِنْ عَزَلَ، (بِحَیْضَهٍ، أَوْ مُضِیِّ خَمْسَهٍ وَ أَرْبَعِینَ یَوْمًا فِیمَنْ لَا تَحِیضُ وَ هِیَ فِی سِنِّ مَنْ تَحِیضُ وَ یَجِبُ عَلَی الْمُشْتَرِی أَیْضًا اسْتِبْرَاؤُهَا، إلَّا أَنْ یُخْبِرَهُ الثِّقَهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ).

وَالْمُرَادُ بِالثِّقَهِ الْعَدْلُ وَ إِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِلرِّوَایَهِ، مَعَ احْتِمَالِ الِاکْتِفَاءِ بِمَنْ تَسْکُنُ النَّفْسُ إلَی خَبَرِهِ وَ فِی حُکْمِ إخْبَارِهِ لَهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ إخْبَارُهُ لِعَدَمِ وَطْئِهَا.

(أَوْ تَکُونَ لِامْرَأَهٍ) وَ إِنْ أَمْکَنَ تَحْلِیلُهَا لِرَجُلٍ، لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَ لَا یَلْحَقُ بِهَا الْعِنِّینُ وَ الْمَجْبُوبُ وَ الصَّغِیرُ الَّذِی لَا یُمْکِنُ فِی حَقِّهِ الْوَطْءُ وَ إِنْ شَارَکَ فِیمَا ظَنَّ کَوْنَهُ عِلَّهً، لِبُطْلَانِ الْقِیَاسِ وَ قَدْ یُجْعَلُ بَیْعُهَا مِنْ امْرَأَهٍ ثُمَّ شِرَاؤُهَا مِنْهَا وَسِیلَهً إلَی إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ، نَظَرًا إلَی إطْلَاقِ النَّصِّ، مِنْ غَیْرِ الْتِفَاتٍ إلَی التَّعْلِیلِ بِالْأَمْنِ مِنْ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّهَا لَیْسَتْ مَنْصُوصَهً وَ مَنْعِ الْعِلَّهِ الْمُسْتَنْبَطَهِ وَ إِنْ کَانَتْ مُنَاسِبَهً، (أَوْ تَکُونَ یَائِسَهً أَوْ صَغِیرَهً، أَوْ حَائِضًا) إلَّا زَمَانَ حَیْضِهَا وَ إِنْ بَقِیَ لَحْظَهً.

(وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ) مُطْلَقًا، لِإِطْلَاقِ النَّهْیِ عَنْ وَطْئِهَا فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ حَتَّی تَضَعَ وَلَدَهَا وَ اسْتَثْنَی فِی الدُّرُوسِ مَا لَوْ کَانَ الْحَمْلُ عَنْ زِنًا فَلَا حُرْمَهَ لَهُ وَ الْأَقْوَی الِاکْتِفَاءُ بِمُضِیِّ أَرْبَعَهِ أَشْهُرٍ وَ عَشَرَهِ أَیَّامٍ لِحَمْلِهَا وَ کَرَاهَهِ وَطْئِهَا بَعْدَهَا إلَّا أَنْ یَکُونَ مِنْ زِنًا فَیَجُوزُ مُطْلَقًا، عَلَی کَرَاهَهٍ، جَمْعًا بَیْنَ الْأَخْبَارِ الدَّالِّ بَعْضُهَا عَلَی الْمَنْعِ مُطْلَقًا کَالسَّابِقِ وَ بَعْضٌ عَلَی التَّحْدِیدِ بِهَذِهِ الْغَایَهِ، یَحْمِلُ الزَّائِدَ عَلَی الْکَرَاهَهِ.

(وَ لَا یَحْرُمُ فِی مُدَّهِ الِاسْتِبْرَاءِ غَیْرُ الْوَطْءِ) قُبُلًا وَ دُبُرًا مَنْ الِاسْتِمْتَاعِ عَلَی الْأَقْوَی، لِلْخَبَرِ الصَّحِیحِ وَ قِیلَ: یَحْرُمُ الْجَمِیعُ وَ لَوْ وَطِئَ فِی زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَثِمَ وَ عُزِّرَ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِیمِ وَ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُ فِرَاشٌ کَوَطْئِهَا حَائِضًا وَ فِی سُقُوطِ الِاسْتِبْرَاءِ حِینَئِذٍ وَجْهٌ، لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ حَیْثُ قَدْ اخْتَلَطَ الْمَاءَانِ وَ الْأَقْوَی وجوب الِاجْتِنَابِ بَقِیَّهَ الْمُدَّهِ، لِإِطْلَاقِ النَّهْیِ فِیهَا وَ لَوْ وَطِئَ الْحَامِلَ بَعْدَ مُدَّهِ الِاسْتِبْرَاءِ عُزِلَ، فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ کُرِهَ بَیْعُ الْوَلَدِ وَ اسْتُحِبَّ لَهُ عَزْلُ قِسْطٍ مِنْ مَالِهِ یَعِیشُ بِهِ، لِلْخَبَرِ مُعَلَّلًا بِتَغْذِیَتِهِ بِنُطْفَتِهِ وَ أَنَّهُ شَارَکَ فِی إتْمَامِهِ وَ لَیْسَ فِی الْأَخْبَارِ تَقْدِیرُ الْقِسْطِ وَ فِی بَعْضِهَا أَنَّهُ یُعْتِقُهُ وَ یَجْعَلُ لَهُ شَیْئًا یَعِیشُ بِهِ، لِأَنَّهُ غَذَّاهُ بِنُطْفَتِهِ.

وَکَمَا یَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِی الْبَیْعِ یَجِبُ فِی کُلِّ مِلْکٍ زَائِلٍ وَ حَادِثٍ بِغَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَ بِالسَّبْیِ وَ الْإِرْثِ وَ قَصْرُهُ عَلَی الْبَیْعِ ضَعِیفٌ وَ لَوْ بَاعَهَا مِنْ غَیْرِ اسْتِبْرَاءٍ أَثِمَ وَ صَحَّ الْبَیْعُ وَ غَیْرُهُ وَ یَتَعَیَّنُ حِینَئِذٍ تَسْلِیمُهَا إلَی الْمُشْتَرِی وَ مَنْ فِی حُکْمِهِ إذَا طَلَبَهَا، لِصَیْرُورَتِهَا مِلْکًا لَهُ وَ لَوْ أَمْکَنَ إبْقَاؤُهَا بِرِضَاهُ مُدَّهَ الِاسْتِبْرَاءِ وَ لَوْ بِالْوَضْعِ فِی یَدِ عَدْلٍ وَجَبَ وَ لَا یَجِبُ عَلَی الْمُشْتَرِی الْإِجَابَهُ. (وَیُکْرَهُ التَّفْرِقَهُ بَیْنَ الطِّفْلِ وَ الْأُمِّ قَبْلَ سَبْعِ سِنِینَ) فِی الذَّکَرِ وَ الْأُنْثَی وَ قِیلَ یَکْفِی فِی الذَّکَرِ حَوْلَانِ وَ هُوَ أَجْوَدُ، لِثُبُوتِ ذَلِکَ فِی حَضَانَهِ الْحُرَّهِ، فَفِی الْأَمَهِ أَوْلَی، لِفَقْدِ النَّصِّ هُنَا وَ قِیلَ: یَحْرُمُ التَّفْرِیقُ فِی الْمُدَّهِ، لِتَضَافُرِ الْأَخْبَارِ بِالنَّهْیِ عَنْهُ وَ قَدْ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { مَنْ فَرَّقَ بَیْنَ وَ الِدَهٍ وَ وَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَیْنَهُ و بین أَحِبَّتِهِ }.

(وَ التَّحْرِیمُ أَحْوَطُ) بَلْ أَقْوَی.

وَهَلْ یَزُولُ التَّحْرِیمُ، أَوْ الْکَرَاهَهُ بِرِضَاهُمَا، أَوْ رِضَی الْأُمِّ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا ذَلِکَ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ الْبَیْعِ وَ غَیْرِهِ عَلَی الْأَقْوَی وَ هَلْ یَتَعَدَّی الْحُکْمُ إلَی غَیْرِ الْأُمِّ مَنْ الْأَرْحَامِ الْمُشَارِکَهِ لَهَا فِی الِاسْتِئْنَاسِ وَ الشَّفَقَهِ کَالْأُخْتِ وَ الْعَمَّهِ وَ الْخَالَهِ قَوْلَانِ، أَجْوَدَهُمَا ذَلِکَ، لِدَلَالَهِ بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَلَیْهِ وَ لَا یَتَعَدَّی الْحُکْمُ إلَی الْبَهِیمَهِ لِلْأَصْلِ، فَیَجُوزُ التَّفْرِقَهُ بَیْنَهُمَا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ اللَّبَنِ مُطْلَقًا وَ قَبْلَهُ إنْ کَانَ مِمَّا یَقَعُ عَلَیْهِ الذَّکَاهُ، أَوْ کَانَ لَهُ مَا یُمَوِّنُهُ مِنْ غَیْرِ لَبَنِ أُمِّهِ وَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ بَعْدَ سَقْیِ الْأُمِّ اللِّبَأَ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا یَجُوزُ مُطْلَقًا، لِمَا فِیهِ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَی هَلَاکِ الْوَلَدِ، فَإِنَّهُ لَا یَعِیشُ بِدُونِهِ عَلَی مَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَهٌ.

مَسَائِلُ

مَسَائِلُ الْأُولَی

(لَوْ حَدَثَ فِی الْحَیَوَانِ عَیْبٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِی الرَّدُّ وَ الْأَرْشُ)، أَمَّا الرَّدُّ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ أَمَّا الْأَرْشُ فَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَیْنِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ جُزْءٍ فَائِتٍ وَ إِذَا کَانَتْ الْجُمْلَهُ مَضْمُونَهً عَلَی الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَکَذَا أَجْزَاؤُهَا، (وَ کَذَا) لَوْ حَدَثَ (فِی زَمَنِ الْخِیَارِ) الْمُخْتَصِّ بِالْمُشْتَرِی، أَوْ الْمُشْتَرَکِ بَیْنَهُ و بین الْبَائِعِ، أَوْ غَیْرِهِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَهَ فِیهِ مَضْمُونَهٌ عَلَی الْبَائِعِ أَیْضًا، أَمَّا لَوْ کَانَ الْخِیَارُ مُخْتَصًّا بِالْبَائِعِ، أَوْ مُشْتَرَکًا بَیْنَهُ و بین أَجْنَبِیٍّ فَلَا خِیَارَ لِلْمُشْتَرِی هَذَا إذَا کَانَ التَّعَیُّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ وَ لَوْ کَانَ مِنْ أَجْنَبِیٍّ فَالْمُشْتَرِی عَلَیْهِ الْأَرْشُ خَاصَّهً وَ لَوْ کَانَ بِتَفْرِیطِ الْمُشْتَرِی فَلَا شَیْءَ.

(وَ کَذَا) الْحُکْمُ (فِی غَیْرِ الْحَیَوَانِ)، بَلْ فِی تَلَفِ الْمَبِیعِ أَجْمَعَ، إلَّا أَنَّ الرُّجُوعَ فِیهِ بِمَجْمُوعِ الْقِیمَهِ، فَإِنْ کَانَ التَّلَفُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الْخِیَارُ لِلْمُشْتَرِی وَ لَوْ بِمُشَارَکَهِ غَیْرِهِ فَالتَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ وَ إِلَّا فَمِنْ الْمُشْتَرِی وَ إِنْ کَانَ التَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِیٍّ وَ لِلْمُشْتَرِی خِیَارٌ وَ اخْتَارَ الْفَسْخَ وَ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ وَ إِلَّا رَجَعَ عَلَی الْمُتْلِفِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْقِیمَهِ وَ لَوْ کَانَ الْخِیَارُ لِلْبَائِعِ وَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِیٌّ، أَوْ الْمُشْتَرِی تَخَیَّرَ وَ رَجَعَ عَلَی الْمُتْلِفِ.

الثَّانِیَهُ

لَوْ حَدَثَ فِی الْحَیَوَانِ (عَیْبٌ مَنْ غَیْرِ جِهَهِ الْمُشْتَرِی فِی زَمَنِ الْخِیَارِ فَلَهُ الرَّدُّ بِأَصْلِ الْخِیَارِ)، لِأَنَّ الْعَیْبَ الْحَادِثَ غَیْرُ مَانِعٍ مِنْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَی الْبَائِعِ فَلَا یَکُونُ مُؤَثِّرًا فِی رَفْعِ الْخِیَارِ، (وَ الْأَقْرَبُ جَوَازُ الرَّدِّ بِالْعَیْبِ أَیْضًا،)، لِکَوْنِهِ مَضْمُونًا.

(وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ لَوْ أَسْقَطَ الْخِیَارَ الْأَصْلِیَّ وَ الْمُشْتَرَطَ) فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَیْبِ.

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ أَیْضًا فِی ثُبُوتِ الْخِیَارِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثَهِ وَ عَدَمِهِ فَعَلَی اعْتِبَارِ خِیَارِ الْحَیَوَانِ خَاصَّهً یَسْقُطُ الْخِیَارُ وَ عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ یَبْقَی، إذْ لَا یَتَقَیَّدُ خِیَارُ الْعَیْبِ بِالثَّلَاثَهِ وَ إِنْ اشْتَرَطَ حُصُولَهُ فِی الثَّلَاثَهِ فَمَا قَبْلَهَا وَ غَایَتُهُ ثُبُوتُهُ فِیهَا بِسَبَبَیْنِ وَ هُوَ غَیْرُ قَادِحٍ، فَإِنَّهَا مُعَرِّفَاتٌ یُمْکِنُ اجْتِمَاعُ کَثِیرٍ مِنْهَا فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ، کَمَا فِی خِیَارِ الْمَجْلِسِ وَ الْحَیَوَانِ وَ الشَّرْطِ وَ الْغَبَنِ، إذَا اجْتَمَعَتْ فِی عَیْنٍ وَاحِدَهٍ قَبْلَ التَّفَرُّقِ.

(وَقَالَ الْفَاضِلُ نَجْمُ الدِّینِ أَبُو الْقَاسِمِ) جَعْفَرُ بْنُ سَعِیدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (فِی الدَّرْسِ) عَلَی مَا نُقِلَ عَنْهُ: (لَا یَرُدّ إلَّا بِالْخِیَارِ وَ هُوَ یُنَافِی حُکْمَهُ فِی الشَّرَائِعِ بِأَنَّ الْحَدَثَ) الْمُوجِبَ لِنَقْصِ الْحَیَوَانِ (فِی الثَّلَاثَهِ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ) وَ کَذَا التَّلَفُ، (مَعَ حُکْمِهِ) فِیهَا بَعْدَ ذَلِکَ بِلَا فَصْلٍ (بِعَدَمِ الْأَرْشِ فِیهِ)، فَإِنَّهُ إذَا کَانَ مَضْمُونًا عَلَی الْبَائِعِ کَالْجُمْلَهِ لَزِمَهُ.

الْحُکْمُ بِالْأَرْشِ، إذْ لَا مَعْنَی لِکَوْنِ الْجُزْءِ مَضْمُونًا إلَّا ثُبُوتُ أَرْشِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ عِوَضُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ، أَوْ التَّخْیِیرُ بَیْنَهُ و بین الرَّدِّ کَمَا أَنَّ ضَمَانَ الْجُمْلَهِ یَقْتَضِی الرُّجُوعَ بِمَجْمُوعِ عِوَضِهَا وَ هُوَ الثَّمَنُ.

وَالْأَقْوَی التَّخْیِیرُ بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْأَرْشِ کَالْمُتَقَدِّمِ، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی ضَمَانِ الْبَائِعِ وَ عَدَمِ الْمَانِعِیَّهِ مِنْ الرَّدِّ وَ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ شَیْخِهِ نَجِیبِ الدِّینِ بْنِ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَ لَوْ کَانَ حُدُوثُ الْعَیْبِ بَعْدَ الثَّلَاثَهِ مَنَعَ الرَّدَّ بِالْعَیْبِ السَّابِقِ، لِکَوْنِهِ غَیْرَ مَضْمُونٍ عَلَی الْبَائِعِ، مَعَ تَغَیُّرِ الْمَبِیعِ، فَإِنَّ رَدَّهُ مَشْرُوطٌ بِبَقَائِهِ عَلَی مَا کَانَ فَیَثْبُتُ فِی السَّابِقِ الْأَرْشُ خَاصَّهً.

الثَّالِثَهُ

لَوْ ظَهَرَتْ الْأَمَهُ مُسْتَحَقَّهً فَأُغْرِمَ) الْمُشْتَرِی (الْوَاطِئ الْعُشْرَ) إنْ کَانَتْ بِکْرًا، (أَوْ نِصْفَهُ) إنْ کَانَتْ ثَیِّبًا، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِ الْمَالِکِ عَلَی الْمُشْتَرِی، عَالِمًا کَانَ أَمْ جَاهِلًا بِالْعَیْنِ وَ مَنَافِعِهَا الْمُسْتَوْفَاهِ وَ غَیْرِهَا، فَإِنَّ ذَلِکَ هُوَ عِوَضُ بُضْعِ الْأَمَهِ، لِلنَّصِّ الدَّالِّ عَلَی ذَلِکَ، (أَوْ مَهْرَ الْمِثْلِ)؛ لِأَنَّهُ الْقَاعِدَهُ الْکُلِّیَّهُ فِی عِوَضِ الْبُضْعِ بِمَنْزِلَهِ قِیمَهِ الْمِثْلِ فِی غَیْرِهِ وَ اطِّرَاحًا لِلنَّصِّ الدَّالِّ عَلَی التَّقْدِیرِ بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ وَ هَذَا التَّرْدِیدُ تَوَقُّفٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِی الْحُکْمِ، أَوْ إشَارَهٌ إلَی الْقَوْلَیْنِ، لَا تَخْیِیرٌ بَیْنَ الْأَمْرَیْنِ وَ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ، (وَ) أُغْرِمَ (الْأُجْرَهَ) عَمَّا اسْتَوْفَاهُ مِنْ مَنَافِعِهَا، أَوْ فَاتَتْ تَحْتَ یَدِهِ.

(وَقِیمَهَ الْوَلَدِ) یَوْمَ وِلَادَتِهِ لَوْ کَانَ قَدْ أَحَبْلَهَا وَ وَلَدَتْهُ حَیًّا (رَجَعَ بِهَا) أَیْ بِهَذِهِ الْمَذْکُورَاتِ جَمْعٌ (عَلَی الْبَائِعِ مَعَ جَهْلِهِ) بِکَوْنِهَا مُسْتَحَقَّهً، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رُجُوعِ الْمُشْتَرِی الْجَاهِلِ بِفَسَادِ الْبَیْعِ عَلَی الْبَائِعِ بِجَمِیعِ مَا یَغْرَمُهُ.

وَالْغَرَضُ مِنْ ذِکْرِ هَذِهِ هُنَا التَّنْبِیهُ عَلَی مِقْدَارِ مَا یَرْجِعُ بِهِ مَالِکُ الْأَمَهِ عَلَی مُشْتَرِیهَا الْوَاطِئِ لَهَا، مَعَ اسْتِیلَادِهَا وَ لَا فَرْقَ فِی ثُبُوتِ الْعَقْدِ بِالْوَطْءِ بَیْنَ عِلْمِ الْأَمَهِ بِعَدَمِ صِحَّهِ الْبَیْعِ وَ جَهْلِهَا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ وَ هُوَ الَّذِی یَقْتَضِیهِ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ حَقٌّ لِلْمَوْلَی { وَ لَا تَزِرُ وَازِرَهٌ وِزْرَ أُخْرَی } وَ لَا تَصِیرُ بِذَلِکَ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا فِی نَفْسِ الْأَمْرِ مِلْکُ غَیْرِ الْوَاطِئِ.

وَفِی الدُّرُوسِ لَا یَرْجِعُ عَلَیْهِ بِالْمَهْرِ إلَّا مَعَ الْإِکْرَاهِ، اسْتِنَادًا إلَی أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِبَغِیٍّ وَ یَضْعُفُ بِمَا مَرَّ وَ أَنَّ الْمَهْرَ الْمَنْفِیَّ مَهْرُ الْحُرَّهِ بِظَاهِرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَ نِسْبَهِ الْمَهْرِ وَ مِنْ ثَمَّ یُطْلَقُ عَلَیْهَا الْمَهِیرَهُ وَ لَوْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَهِ ضَمِنَ نَقْصَهَا مُضَافًا إلَی مَا تَقَدَّمَ وَ لَوْ مَاتَتْ ضَمِنَ الْقِیمَهَ.

وَهَلْ یَضْمَنُ مَعَ مَا ذَکَرَ أَرْشَ الْبَکَارَهِ لَوْ کَانَتْ بِکْرًا، أَمْ یَقْتَصِرُ عَلَی أَحَدِ الْأَمْرَیْنِ؟ وَجْهَانِ: أَجْوَدُهُمَا عَدَمُ التَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَیْنِ عِوَضُ الْوَطْءِ وَ أَرْشُ الْبَکَارَهِ عِوَضُ جِنَایَهٍ فَلَا یَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِی الْآخَرِ وَ لَوْ کَانَ الْمُشْتَرِی عَالِمًا بِاسْتِحْقَاقِهَا حَالَ الِانْتِفَاعِ لَمْ یَرْجِعْ بِشَیْءٍ وَ لَوْ عَلِمَ مَعَ ذَلِکَ بِالتَّحْرِیمِ کَانَ زَانِیًا وَ الْوَلَدُ رِقٌّ وَ عَلَیْهِ الْمَهْرُ مُطْلَقًا وَ لَوْ اخْتَلَفَتْ حَالُهُ بِأَنْ کَانَ جَاهِلًا عِنْدَ الْبَیْعِ، ثُمَّ تَجَدَّدَ لَهُ الْعِلْمُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ حَالَ الْجَهْلِ وَ سَقَطَ الْبَاقِی.

الرَّابِعَهُ

لَوْ اخْتَلَفَ مَوْلَی مَأْذُونٍ) وَ غَیْرُهُ (فِی عَبْدٍ أَعْتَقَهُ الْمَأْذُونُ عَنْ الْغَیْرِ وَ لَا بَیِّنَهَ) لِمَوْلَی الْمَأْذُونِ وَ لَا لِلْغَیْرِ (حَلَفَ الْمَوْلَی) أَیْ مَوْلَی الْمَأْذُونِ وَ اسْتُرِقَّ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ؛ لِأَنَّ یَدَهُ عَلَی مَا بِیَدِ الْمَأْذُونِ فَیَکُونُ قَوْلُهُ مُقَدَّمًا عَلَی مَنْ خَرَجَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَیِّنَهِ.

(وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِهِ) أَیْ الْعَبْدِ الَّذِی أَعْتَقَهُ الْمَأْذُونُ (أَبًا لِلْمَأْذُونِ أَوْ لَا) وَ إِنْ کَانَتْ الرِّوَایَهُ تَضَمَّنَتْ کَوْنَهُ أَبَاهُ، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الْمَعْنَی الْمُقْتَضِی لِتَرْجِیحِ قَوْلِ ذِی الْیَدِ.

(وَ لَا بَیْنَ دَعْوَی مَوْلَی الْأَبِ شِرَاءَهُ مِنْ مَالِهِ) بِأَنْ یَکُونَ قَدْ دَفَعَ لِلْمَأْذُونِ مَالًا یَتَّجِرُ بِهِ فَاشْتَرَی أَبَاهُ مِنْ سَیِّدِهِ بِمَالِهِ، (وَ عَدِمَهُ)؛ لِأَنَّهُ عَلَی التَّقْدِیرِ الْأَوَّلِ یَدَّعِی فَسَادَ الْبَیْعِ وَ مُدَّعِی صِحَّتِهِ مُقَدَّمٌ وَ عَلَی الثَّانِی خَارِجٌ، لِمُعَارَضَهِ یَدِهِ الْقَدِیمَهِ یَدَ الْمَأْذُونِ الْحَادِثَهِ فَیُقَدَّمُ وَ الرِّوَایَهُ تَضَمَّنَتْ الْأَوَّلَ، (وَ لَا بَیْنَ اسْتِئْجَارِهِ عَلَی حَجٍّ وَ عَدَمِهِ)؛ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی التَّرْجِیحِ وَ إِنْ کَانَتْ الرِّوَایَهُ تَضَمَّنَتْ الْأَوَّلَ وَ الْأَصْلُ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ رِوَایَهُ عَلِیِّ بْنِ أَشْیَمَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مَنْ دَفَعَ إلَی مَأْذُونٍ أَلْفًا لِیُعْتِقَ عَنْهُ نَسَمَهً وَ یَحُجَّ عَنْهُ بِالْبَاقِی فَأَعْتَقَ أَبَاهُ وَ أَحَجَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الدَّافِعِ، فَادَّعَی وَارِثُهُ ذَلِکَ وَ زَعَمَ کُلٌّ مِنْ مَوْلَی الْمَأْذُونِ وَ مَوْلَی الْأَبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ فَقال:

إنَّ الْحَجَّهَ تَمْضِی وَ یُرَدُّ، رِقًّا لِمَوْلَاهُ حَتَّی یُقِیمَ الْبَاقُونَ بَیِّنَهً وَ عَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ مَالَ إلَیْهِ فِی الدُّرُوسِ وَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَ جَمَاعَهٌ اطَّرَحُوا الرِّوَایَهَ، لِضَعْفِ سَنَدِهَا وَ مُخَالَفَتِهَا لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ فِی رَدِّ الْعَبْدِ إلَی مَوْلَاهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِبَیْعِهِ وَ دَعْوَاهُ فَسَادَهُ وَ مُدَّعِی الصِّحَّهِ مُقَدَّمٌ وَ هِیَ مُشْتَرَکَهٌ بَیْنَ الْآخَرِینَ، إلَّا أَنَّ مَوْلَی الْمَأْذُونِ أَقْوَی یَدًا فَیُقَدَّمُ.

وَاعْتَذَرَ فِی الدُّرُوسِ عَنْ ذَلِکَ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ بِیَدِهِ مَالٌ لِمَوْلَی الْأَبِ وَ غَیْرِهِ وَ بِتَصَادُمِ الدَّعَاوَی الْمُتَکَافِئَهِ یَرْجِعُ إلَی أَصَالَهِ بَقَاءِ الْمِلْکِ عَلَی مَالِکِهِ، قال:

وَ لَا تُعَارِضُهُ فَتْوَاهُمْ بِتَقْدِیمِ دَعْوَی الصِّحَّهِ عَلَی الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَکَهٌ بَیْنَ مُتَقَابِلَیْنِ مُتَکَافِئَیْنِ فَتَسَاقَطَا.

وَفِیهِمَا نَظَرٌ، لِمَنْعِ تَکَافُئِهِمَا، مَعَ کَوْنِ مَنْ عَدَّ مَوْلَاهُ خَارِجًا وَ الدَّاخِلَ مُقَدَّمٌ فَسَقَطَا دُونَهُ وَ لَمْ یَتِمَّ الْأَصْلُ وَ مِنْهُ یَظْهَرُ عَدَمُ تَکَافُؤِ الدَّعْوَیَیْنِ الْأُخْرَیَیْنِ، لِخُرُوجِ الْآمِرِ وَ وَرَثَتِهِ عَمَّا فِی یَدِ الْمَأْذُونِ الَّتِی هِیَ بِمَنْزِلَهِ یَدِ سَیِّدِهِ وَ الْخَارِجَهُ لَا تُکَافِئُ الدَّاخِلَهَ فَتُقَدَّمُ وَ إِقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِمَا فِی یَدِهِ لِغَیْرِ الْمَوْلَی غَیْرُ مَسْمُوعٍ فَلَزِمَ اطِّرَاحُ الرِّوَایَهِ وَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَی مُضِیِّ الْحَجِّ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ حَجُّهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ یَفْعَلْ وَ مُجَامَعَهُ صِحَّهِ الْحَجِّ لِعَوْدِهِ رِقًّا و قد حَجَّ بِغَیْرِ إذْنِ سَیِّدِهِ، فَمَا اخْتَارَهُ هُنَا أَوْضَحُ.

وَنَبَّهَ بِقوله:

وَ لَا بَیْنَ دَعْوَی مَوْلَی الْأَبِ شِرَاءَهُ مِنْ مَالِهِ وَ عَدَمِهِ عَلَی خِلَافِ الشَّیْخِ وَ مَنْ تَبِعَهُ، حَیْثُ حَکَمُوا بِمَا ذَکَرَ، مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِدَعْوَی مَوْلَی الْأَبِ فَسَادَ الْبَیْعِ وَ عَلَی خِلَافِ الْعَلَّامَهِ حَیْثُ حَمَلَهَا عَلَی إنْکَارٍ مَوْلَی الْأَبِ الْبَیْعَ لِإِفْسَادِهِ، هَرَبًا مِنْ تَقْدِیمِ مُدَّعِی الْفَسَادَ وَ الْتِجَاءً إلَی تَقْدِیمِ مُنْکِرِ بَیْعِ عَبْدِهِ وَ قَدْ عَرَفْت ضَعْفَ تَقْدِیمِ مُدَّعِی الْفَسَادِ وَ یَضْعُفُ الثَّانِی بِمُنَافَاتِهِ لِمَنْطُوقِ الرِّوَایَهِ الدَّالَّهِ عَلَی دَعْوَی کَوْنِهِ اشْتَرَی بِمَالِهِ.

هَذَا کُلَّهُ مَعَ عَدَمِ الْبَیِّنَهِ وَ مَعَهَا تُقَدَّمُ إنْ کَانَتْ لِوَاحِدٍ وَ إِنْ کَانَتْ لِاثْنَیْنِ، أَوْ لِلْجَمِیعِ بُنِیَ عَلَی تَقْدِیمِ بَیِّنَهِ الدَّاخِلِ، أَوْ الْخَارِجِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، فَعَلَی الْأَوَّلِ الْحُکْمُ کَمَا ذَکَرَ وَ عَلَی الثَّانِی یَتَعَارَضُ الْخَارِجَانِ.

وَیَقْوَی تَقْدِیمُ وَرَثَهِ الْآمِرِ بِمُرَجِّحِ الصِّحَّهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ یَقْتَضِی تَعَدُّدَ الْمُخْتَلِفِینَ وَ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَی نِسْبَتِهِ إلَی مَوْلَی الْمَأْذُونِ و کان حَقُّهُ إضَافَهَ غَیْرِهِ مَعَهُ وَ کَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَیْهِ لِدَلَالَهِ الْمَقَامِ عَلَی الْغَیْرِ، أَوْ عَلَی مَا اُشْتُهِرَ مِنْ الْمُتَنَازِعَیْنِ فِی هَذِهِ الْمَادَّهِ.

الْخَامِسَهُ

لَوْ تَنَازَعَ الْمَأْذُونُ بَعْدَ شِرَاءِ کُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِی الْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا لِیُبْطِلَ بَیْعَ الْمُتَأَخِّرِ، لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ بِزَوَالِ الْمِلْک، (وَ لَا بَیِّنَهَ) لَهُمَا وَ لَا لِأَحَدِهِمَا بِالتَّقَدُّمِ.

(قِیلَ: یُقْرَعُ) وَ الْقَائِلُ بِهَا مُطْلَقًا غَیْرُ مَعْلُومٍ وَ اَلَّذِی نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَ غَیْرُهُ عَنْ الشَّیْخِ: الْقَوْلُ بِهَا، مَعَ تَسَاوِی الطَّرِیقَیْنِ، عَمَلًا بِرِوَایَهٍ وَرَدَتْ بِذَلِکَ وَ قِیلَ بِهَا مَعَ اشْتِبَاهِ السَّابِقِ أَوْ السَّبْقِ (وَ قِیلَ: یَمْسَحُ الطَّرِیقَ) الَّتِی سَلَکَهَا کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَی مَوْلَی الْآخَرِ وَ یَحْکُمُ بِالسَّبْقِ لِمَنْ طَرِیقُهُ أَقْرَبُ مَعَ تَسَاوِیهِمَا فِی الْمَشْیِ، فَإِنْ تَسَاوَیَا بَطَلَ الْبَیْعَانِ، لِظُهُورِ الِاقْتِرَانِ.

هَذَا إذَا لَمْ یُجِزْ الْمَوْلَیَانِ، (وَ لَوْ أُجِیزَ عَقْدُهُمَا فَلَا إشْکَالَ) فِی صِحَّتِهِمَا.

(وَ لَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مِنْ أَحَدِهِمَا صَحَّ خَاصَّهً) مِنْ غَیْرِ تَوَقُّفٍ عَلَی إجَازَهٍ (إلَّا مَعَ إجَازَهِ الْآخَرِ) فَیَصِحُّ الْعَقْدَانِ وَ لَوْ کَانَا وَکِیلَیْنِ صَحَّا مَعًا.

وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْإِذْنِ وَ الْوَکَالَهِ أَنَّ الْإِذْنَ مَا جُعِلَتْ تَابِعَهً لِلْمِلْکِ وَ الْوَکَالَهَ مَا أَبَاحَتْ التَّصَرُّفَ الْمَأْذُونَ فِیهِ مُطْلَقًا وَ الْفَارِقُ بَیْنَهُمَا مَعَ اشْتِرَاکِهِمَا فِی مُطْلَقِ الْإِذْنِ إمَّا تَصْرِیحُ الْمَوْلَی بِالْخُصُوصِیَّتَیْنِ، أَوْ دَلَالَهُ الْقَرَائِنِ عَلَیْهِ وَ لَوْ تَجَرَّدَ اللَّفْظُ عَنْ الْقَرِینَهِ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَی الْإِذْنِ، لِدَلَالَهِ الْعُرْفِ عَلَیْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْقُرْعَهِ مُطْلَقًا، لَا یَتِمُّ فِی صُورَهِ الِاقْتِرَانِ؛ لِأَنَّهَا لِإِظْهَارِ الْمُشْتَبَهِ وَ لَا اشْتِبَاهَ حِینَئِذٍ وَ أَوْلَی بِالْمَنْعِ تَخْصِیصُهَا فِی هَذِهِ الْحَالَهِ وَ الْقَوْلُ بِمَسْحِ الطَّرِیقِ مُسْتَنِدٌ إلَی رِوَایَهٍ لَیْسَتْ سَلِیمَهَ الطَّرِیقِ وَ الْحُکْمُ لِلسَّابِقِ مَعَ عِلْمِهِ لَا إشْکَالَ فِیهِ، کَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِوُقُوفِهِ مَعَ الِاقْتِرَانِ کَذَلِکَ و مع الِاشْتِبَاهِ تُتَّجَهُ الْقُرْعَهُ و لکن مَعَ اشْتِبَاهِ السَّابِقِ یُسْتَخْرَجُ بِرُقْعَتَیْنِ لِإِخْرَاجِهِ و مع اشْتِبَاهِ السَّبْقِ وَ الِاقْتِرَانِ یَنْبَغِی ثَلَاثُ رُقَعٍ فِی إحْدَاهَا الِاقْتِرَانُ لِیَحْکُمَ بِالْوُقُوفِ مَعَهُ.

هَذَا إذَا کَانَ شِرَاؤُهَا لِمَوْلَاهُمَا، أَمَّا لَوْ کَانَ لِأَنْفُسِهِمَا کَمَا یَظْهَرُ مِنْ الرِّوَایَهِ، فَإِنْ أَحَلْنَا مِلْکَ الْعَبْدِ بَطَلَا وَ إِنْ أَجَزْنَاهُ صَحَّ السَّابِقُ وَ بَطَلَ الْمُقَارِنُ وَ اللَّاحِقُ حَتْمًا، إذْ لَا یُتَصَوَّرُ مِلْکُ الْعَبْدِ لِسَیِّدِهِ.

السَّادِسَهُ

الْأَمَهُ الْمَسْرُوقَهُ مَنْ أَرْضِ الصُّلْحِ لَا یَجُوزُ شِرَاؤُهَا)؛ لِأَنَّ مَالَ أَهْلِهَا مُحْتَرَمٌ بِهِ، (فَلَوْ اشْتَرَاهَا) أَحَدٌ مِنْ السَّارِقِ (جَاهِلًا) بِالسَّرِقَهِ، أَوْ الْحُکْمِ (رَدَّهَا) عَلَی بَائِعِهَا، (وَاسْتَعَادَ ثَمَنَهَا) مِنْهُ، (وَ لَوْ لَمْ یُوجَدْ الثَّمَنُ) بِأَنْ أَعْسَرَ الْبَائِعُ، أَوْ امْتَنَعَ عَنْ رَدِّهِ وَ لَمْ یُمْکِنْ إجْبَارُهُ، أَوْ بِغَیْرِ ذَلِکَ مِنْ الْأَسْبَابِ (ضَاعَ) عَلَی دَافِعِهِ، (وَ قِیلَ: تَسْعَی) الْأَمَهُ (فِیهِ لِرِوَایَهِ) مِسْکِینٍ السَّمَّانِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَیَضْعُفُ بِجَهَالَهِ الرَّاوِی وَ مُخَالَفَهِ الْحُکْمِ لِلْأُصُولِ، حَیْثُ إنَّهَا مِلْکٌ لِلْغَیْرِ وَ سَعْیَهَا کَذَلِکَ وَ مَالِکُهَا لَمْ یَظْلِمْهُ فِی الثَّمَنِ، فَکَیْفَ یَسْتَوْفِیهِ مِنْ سَعْیِهَا، مَعَ أَنَّ ظَالِمَهُ لَا یَسْتَحِقُّهَا وَ لَا کَسْبَهَا وَ مِنْ ثَمَّ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ إلَی الْقَوْلِ، تَمْرِیضًا لَهُ.

وَلَکِنْ یُشْکِلُ حُکْمُهُ بِرَدِّهَا إلَّا أَنْ یُحْمَلَ رَدُّهَا عَلَی مَالِکِهَا لَا عَلَی الْبَائِعِ، طَرْحًا لِلرِّوَایَهِ الدَّالَّهِ عَلَی رَدِّهَا عَلَیْهِ وَ فِی الدُّرُوسِ اسْتَقْرَبَ الْعَمَلَ بِالرِّوَایَهِ الْمُشْتَمِلَهِ عَلَی رَدِّهَا عَلَی الْبَائِعِ وَ اسْتِسْعَائِهَا فِی ثَمَنِهَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَی الْمُشْتَرِی أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَ وَارِثِهِ مَعَ مَوْتِهِ.

وَاعْتَذَرَ عَنْ الرَّدِّ إلَیْهِ بِأَنَّهُ تَکْلِیفٌ لَهُ لِیَرُدَّهَا إلَی أَهْلِهَا، إمَّا؛ لِأَنَّهُ سَارِقٌ، أَوْ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَتْ.

یَدُهُ عَلَیْهِ وَ عَنْ اسْتِسْعَائِهَا بِأَنَّ فِیهِ جَمْعًا بَیْنَ حَقِّ الْمُشْتَرِی وَ حَقِّ صَاحِبِهَا، نَظَرًا إلَی أَنَّ مَالَ الْحَرْبِیِّ فَیْءٌ فِی الْحَقِیقَهِ وَ إِنَّمَا صَارَ مُحْتَرَمًا بِالصُّلْحِ احْتِرَامًا عَرَضِیًّا فَلَا یُعَارِضُ ذَهَابَ مَالٍ مُحْتَرَمٍ فِی الْحَقِیقَهِ.

وَلَا یَخْفَی أَنَّ مِثْلَ ذَلِکَ لَا یَصْلُحُ لِتَأْسِیسِ مِثْلِ هَذَا الْحُکْمِ وَ تَقْرِیبُهُ لِلنَّصِّ إنَّمَا یَتِمُّ لَوْ کَانَتْ الرِّوَایَهُ مِمَّا تَصْلُحُ لِلْحُجِّیَّهِ وَ هِیَ بَعِیدَهٌ عَنْهُ وَ تَکْلِیفُ الْبَائِعِ بِالرَّدِّ لَا یَقْتَضِی جَوَازَ دَفْعِهَا إلَیْهِ کَمَا فِی کُلِّ غَاصِبٍ وَ قِدَمُ یَدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فِی هَذَا الْحُکْمِ وَ إِلَّا لَکَانَ الْغَاصِبُ مِنْ الْغَاصِبِ یَجِبُ عَلَیْهِ الرَّدُّ إلَیْهِ وَ هُوَ بَاطِلٌ.

وَالْفَرْقُ فِی الْمَالِ بَیْنَ الْمُحْتَرَمِ بِالْأَصْلِ وَ الْعَارِضِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی هَذَا التَّرْجِیحِ، مَعَ اشْتِرَاکِهِمَا فِی التَّحْرِیمِ وَ کَوْنِ الْمُتْلِفِ لِلثَّمَنِ لَیْسَ هُوَ مَوْلَی الْأَمَهِ، فَکَیْفَ یَسْتَوْفِی مِنْ مَالِهِ وَ یَنْتَقِضُ بِمَالِ أَهْلِ الذِّمَّهِ فَإِنَّ تَحْرِیمَهُ عَارِضٌ وَ لَا یُرَجَّحُ عَلَیْهِ مَالُ الْمُسْلِمِ الْمُحْتَرَمِ بِالْأَصْلِ عِنْدَ التَّعَارُضِ.

وَالْأَقْوَی إطْرَاحُ الرِّوَایَهِ بِوَاسِطَهِ مِسْکِینٍ وَ شُهْرَتُهَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ وجوب الْعَمَلِ بِهَا وَ إِنَّمَا عَمِلَ بِهَا الشَّیْخُ عَلَی قَاعِدَتِهِ وَ اشْتَهَرَتْ بَیْنَ أَتْبَاعِهِ، وَرَدَّهَا الْمُسْتَنْبِطُونَ لِمُخَالَفَتِهَا لِلْأُصُولِ.

وَالْأَقْوَی وجوب رَدِّ الْمُشْتَرِی لَهَا عَلَی مَالِکِهَا، أَوْ وَکِیلِهِ، أَوْ وَارِثِهِ و مع التَّعَذُّرِ عَلَی الْحَاکِمِ وَ أَمَّا الثَّمَنُ فَیُطَالِبُ بِهِ الْبَائِعَ مَعَ بَقَاءِ عَیْنِهِ مُطْلَقًا و مع تَلَفِهِ إنْ کَانَ الْمُشْتَرِی جَاهِلًا بِسَرِقَتِهَا وَ لَا تُسْتَسْعَی الْأَمَهُ مُطْلَقًا.

السَّابِعَهُ

لَا یَجُوزُ بَیْعُ عَبْدٍ مِنْ عَبْدَیْنِ) مِنْ غَیْرِ تَعْیِینٍ، سَوَاءٌ کَانَا مُتَسَاوِیَیْنِ فِی الْقِیمَهِ وَ الصِّفَاتِ، أَمْ مُخْتَلِفَیْنِ لِجَهَالَهِ الْمَبِیعِ الْمُقْتَضِیَهِ لِلْبُطْلَانِ، (وَ لَا) بَیْعُ (عَبِیدٍ) کَذَلِکَ، لِلْعِلَّهِ وَ قِیلَ: یَصِحُّ مُطْلَقًا، اسْتِنَادًا إلَی ظَاهِرِ رِوَایَهٍ ضَعِیفَهٍ وَ قِیلَ یَصِحُّ مَعَ تَسَاوِیهِمَا مِنْ کُلِّ وَجْهٍ، کَمَا یَصِحُّ بَیْعُ قَفِیزٍ مِنْ صُبْرَهٍ مُتَسَاوِیَهِ الْأَجْزَاءِ وَ یَضْعُفُ بِمَنْعِ تَسَاوِی الْعَبْدَیْنِ عَلَی وَجْهٍ یَلْحَقُ بِالْمِثْلِیِّ وَ ضَعْفُ الصِّحَّهِ مُطْلَقًا وَاضِحٌ.

(وَیَجُوزُ شِرَاؤُهُ) أَیْ شِرَاءُ الْعَبْدِ (مَوْصُوفًا) عَلَی وَجْهٍ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَهُ (سَلَمًا)؛ لِأَنَّ ضَابِطَ الْمُسْلَمِ فِیهِ مَا یُمْکِنُ ضَبْطُهُ کَذَلِکَ وَ هُوَ مِنْهُ کَغَیْرِهِ مِنْ الْحَیَوَانِ إلَّا مَا یُسْتَثْنَی، (وَ الْأَقْرَبُ جَوَازُهُ) مَوْصُوفًا (حَالًّا) لِتَسَاوِیهِمَا فِی الْمَعْنَی الْمُصَحِّحِ لِلْبَیْعِ (فَلَوْ بَاعَهُ) عَبْدًا کَذَلِکَ.

(وَدَفَعَ إلَیْهِ عَبْدَیْنِ لِلتَّخْیِیرِ) أَیْ لِیَتَخَیَّرَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا (فَأَبَقَ أَحَدُهُمَا) مِنْ یَدِهِ (بُنِیَ) ضَمَانُ الْآبِقِ (عَلَی ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ) وَ هُوَ الَّذِی قَبَضَهُ لِیَشْتَرِیَهُ فَتَلِفَ فِی یَدِهِ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِضَمَانِهِ کَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ ضَمِنَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ فِی مَعْنَاهُ، إذْ الْخُصُوصِیَّهُ لَیْسَتْ لِقَبْضِ السَّوْمِ، بَلْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ { عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ } وَ هُوَ مُشْتَرَکٌ بَیْنَهُمَا وَ إِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ ضَمَانِهِ لِکَوْنِهِ مَقْبُوضًا بِإِذْنِ الْمَالِکِ وَ الْحَالُ أَنَّهُ لَا تَفْرِیطَ فَیَکُونُ کَالْوَدَعِیِّ لَمْ یَضْمَنْ هُنَا، بَلْ یُمْکِنُ عَدَمُ الضَّمَانِ هُنَا وَ إِنْ قُلْنَا بِهِ ثَمَّهَ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالسَّوْمِ مَبِیعٌ بِالْقُوَّهِ، أَوْ مَجَازًا بِمَا یَئُولُ إلَیْهِ وَ صَحِیحُ الْمَبِیعِ وَ فَاسِدُهُ مَضْمُونٌ.

بِخِلَافِ صُورَهِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ لَیْسَ کَذَلِکَ لِوُقُوعِ الْبَیْعِ سَابِقًا وَ إِنَّمَا هُوَ مَحْضُ اسْتِیفَاءِ حَقٍّ، لَکِنْ یَنْدَفِعُ ذَلِکَ بِأَنَّ الْمَبِیعَ لَمَّا کَانَ أَمْرًا کُلِّیًّا و کان کُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَدْفُوعِ صَالِحًا لِکَوْنِهِ فَرْدًا لَهُ کَانَ فِی قُوَّهِ الْمَبِیعِ، بَلْ دَفْعُهُمَا لِلتَّخْیِیرِ حَصْرٌ لَهُ فِیهِمَا فَیَکُونُ بِمَنْزِلَهِ الْمَبِیعِ حَیْثُ إنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِیهِمَا، فَالْحُکْمُ هُنَا بِالضَّمَانِ أَوْلَی مِنْهُ (وَ الْمَرْوِیُّ) عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِطَرِیقٍ ضَعِیفٍ و لکن عَمِلَ بِهِ الْأَکْثَرُ (انْحِصَارُ حَقِّهِ فِیهِمَا) عَلَی سَبِیلِ الْإِشَاعَهِ، لَا کَوْنُ حَقِّهِ أَحَدَهُمَا فِی الْجُمْلَهِ.

(وَ عَدَمُ ضَمَانِهِ) أَیْ الْآبِقِ (عَلَی الْمُشْتَرِی فَیَنْفَسِخُ نِصْفُ الْمَبِیعِ)، تَنْزِیلًا لِلْآبِقِ مَنْزِلَهَ التَّالِفِ قَبْلَ الْقَبْضِ، مَعَ أَنَّ نِصْفَهُ مَبِیعٌ (وَیَرْجِعُ) الْمُشْتَرِی (بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَی الْبَائِعِ) وَ هُوَ عِوَضُ التَّالِفِ (وَیَکُونُ) الْعَبْدُ (الْبَاقِی بَیْنَهُمَا) بِالنِّصْفِ، (إلَّا أَنْ یَجِدَ الْآبِقَ یَوْمًا فَیَتَخَیَّرُ) فِی أَخْذِ أَیِّهِمَا شَاءَ وَ هُوَ مَبْنِیٌّ عَلَی کَوْنِهِمَا بِالْوَصْفِ الْمُطَابِقِ لِلْمَبِیعِ وَ تَسَاوِیهِمَا فِی الْقِیمَهِ.

وَوَجْهُ انْحِصَارِ حَقِّهِ فِیهِمَا کَوْنُهُ عَیَّنَهُمَا لِلتَّخْیِیرِ، کَمَا لَوْ حُصِرَ الْحَقُّ فِی وَاحِدٍ وَ عَدَمُ ضَمَانِ الْآبِقِ إمَّا لِعَدَمِ ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ، أَوْ کَوْنِ الْقَبْضِ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ یُخَالِفُ قَبْضَ السَّوْمِ، لِلْوَجْهِ الَّذِی ذَکَرْنَاهُ أَوْ غَیْرِهِ، أَوْ تَنْزِیلًا لِهَذَا التَّخْیِیرِ مَنْزِلَهَ الْخِیَارِ الَّذِی لَا یَضْمَنُ الْحَیَوَانَ التَّالِفَ فِی وَقْتِهِ.

وَیُشْکِلُ بِانْحِصَارِ الْحَقِّ الْکُلِّیِّ قَبْلَ تَعْیِینِهِ فِی فَرْدَیْنِ وَ مَنْعِ ثُبُوتِ الْفَرْقِ بَیْنَ حَصْرِهِ فِی وَاحِدٍ وَ بَقَائِهِ کُلِّیًّا وَ ثُبُوتِ الْمَبِیعِ فِی نِصْفِ الْمَوْجُودِ الْمُقْتَضِی لِلشَّرِکَهِ، مَعَ عَدَمِ الْمُوجِبِ لَهَا، ثُمَّ الرُّجُوعُ إلَی التَّخْیِیرِ لَوْ وُجِدَ الْآبِقُ وَ أَنَّ دَفْعَهُ الِاثْنَیْنِ لَیْسَ تَشْخِیصًا وَ إِنْ حُصِرَ الْأَمْرُ فِیهِمَا لِأَصَالَهِ بَقَاءِ الْحَقِّ فِی الذِّمَّهِ إلَی أَنْ یَثْبُتَ الْمُزِیلُ شَرْعًا، کَمَا لَوْ حَصَرَهُ فِی عَشَرَهٍ وَ أَکْثَرَ.

هَذَا مَعَ ضَعْفِ الرِّوَایَهِ عَنْ إثْبَاتِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْکَامِ الْمُخَالِفَهِ لِلْأُصُولِ.

(وَ فِی انْسِحَابِهِ فِی الزِّیَادَهِ عَلَی اثْنَیْنِ إنْ قُلْنَا بِهِ) فِی الِاثْنَیْنِ وَ عَمِلْنَا بِالرِّوَایَهِ، (تَرَدُّدٌ) مِنْ صِدْقِ الْعَبْدَیْنِ فِی الْجُمْلَهِ وَ عَدَمِ ظُهُورِ تَأْثِیرِ الزِّیَادَهِ، مَعَ کَوْنِ مَحِلِّ التَّخْیِیرِ زَائِدًا عَنْ الْحَقِّ وَ الْخُرُوجِ عَنْ الْمَنْصُوصِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ، فَإِنْ سَحَبْنَا الْحُکْمَ وَ کَانُوا ثَلَاثَهً فَأَبَقَ وَاحِدٌ فَاتَ ثُلُثُ الْمَبِیعِ وَ ارْتَجَعَ ثُلُثَ الثَّمَنِ إلَی آخِرِ مَا ذُکِرَ وَ یُحْتَمَلُ بَقَاءُ التَّخْیِیرِ وَ عَدَمُ فَوَاتِ شَیْءٍ، سَوَاءٌ حَکَمْنَا بِضَمَانِ الْآبِقِ أَمْ لَا، لِبَقَاءِ مَحَلِّ التَّخْیِیرِ الزَّائِدِ عَنْ الْحَقِّ.

(وَ کَذَا لَوْ کَانَ الْمَبِیعُ غَیْرَ عَبْدٍ کَأَمَهٍ).

فَدَفَعَ إلَیْهِ أَمَتَیْنِ أَوْ إمَاءً وَ قَطَعَ فِی الدُّرُوسِ بِثُبُوتِ الْحُکْمِ هُنَا، (بَلْ) فِی انْسِحَابِ الْحُکْمِ (فِی أَیِّ عَیْنٍ کَانَتْ) کَثَوْبٍ وَ کِتَابٍ، إذَا دَفَعَ إلَیْهِ مِنْهُ اثْنَیْنِ، أَوْ أَکْثَرَ، التَّرَدُّدُ، مِنْ الْمُشَارَکَهِ فِیمَا ظَنَّ کَوْنَهُ عِلَّهَ الْحُکْمِ وَ بُطْلَانَ الْقِیَاسِ.

وَاَلَّذِی یَنْبَغِی الْقَطْعُ هُنَا بِعَدَمِ الِانْسِحَابِ؛ لِأَنَّهُ قِیَاسٌ مَحْضٌ لَا نَقُولُ بِهِ وَ لَوْ هَلَکَ أَحَدُ الْعَبْدَیْنِ فَفِی انْسِحَابِ الْحُکْمِ الْوَجْهَانِ، مِنْ أَنَّ تَنْزِیلَ الْإِبَاقِ مَنْزِلَهَ التَّلَفِ یَقْتَضِی الْحُکْمَ مَعَ التَّلَفِ بِطَرِیقِ أَوْلَی وَ مَنْ ضَعَّفَهُ بِتَنْجِیزِ التَّنْصِیفِ مِنْ غَیْرِ رَجَاءٍ لِعَوْدِ التَّخْیِیرِ، بِخِلَافِ الْإِبَاقِ وَ الْأَقْوَی عَدَمُ اللَّحَاقِ هَذَا کُلُّهُ عَلَی تَقْدِیرِ الْعَمَلِ بِالرِّوَایَهِ، نَظَرًا إلَی انْجِبَارِ ضَعْفِهَا بِمَا زَعَمُوهُ مِنْ الشُّهْرَهِ.

وَاَلَّذِی أَرَاهُ مَنْعُ الشُّهْرَهِ فِی ذَلِکَ وَ إِنَّمَا حَکَمَ الشَّیْخُ بِهَذِهِ وَ نَظَائِرِهَا عَلَی قَاعِدَتِهِ وَ الشُّهْرَهُ بَیْنَ أَتْبَاعِهِ خَاصَّهً کَمَا أَشَرْنَا إلَیْهِ فِی غَیْرِهَا.

وَاَلَّذِی یُنَاسِبُ الْأَصْلَ أَنَّ الْعَبْدَیْنِ إنْ کَانَا مُطَابِقَیْنِ لِلْمَبِیعِ تَخَیَّرَ بَیْنَ اخْتِیَارِ الْآبِقِ وَ الْبَاقِی، فَإِنْ اخْتَارَ الْآبِقَ رَدَّ الْمَوْجُودَ وَ لَا شَیْءَ لَهُ وَ إِنْ اخْتَارَ الْبَاقِیَ انْحَصَرَ حَقُّهُ فِیهِ وَ بَنَی ضَمَانَ الْآبِقِ عَلَی مَا سَبَقَ وَ لَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَیْنَ الْعَبْدَیْنِ وَ غَیْرِهِمَا مِنْ الزَّائِدِ وَ الْمُخَالِفِ وَ هَذَا هُوَ الْأَقْوَی.

الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِی بَیْعِ الثِّمَارِ
المدخل

الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِی بَیْعِ الثِّمَارِ

وَلَا یَجُوزُ بَیْعُ الثَّمَرَهِ قَبْلَ ظُهُورِهَا) وَ هُوَ بُرُوزُهَا إلَی الْوُجُودِ وَ إِنْ کَانَتْ فِی طَلْعٍ، أَوْ کِمَامٍ (عَامًا) وَاحِدًا.

بِمَعْنَی ثَمَرَهِ ذَلِکَ الْعَامِ وَ إِنْ وُجِدَتْ فِی شَهْرٍ، أَوْ أَقَلَّ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ ثَمَرَهُ النَّخْلِ وَ غَیْرُهَا وَ هُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ سَوَاءٌ ضَمَّ إلَیْهَا شَیْئًا، أَمْ لَا (وَ لَا) بَیْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِهَا أَیْضًا (أَزْیَدَ) مِنْ عَامٍ (عَلَی الْأَصَحِّ)، لِلْغَرَرِ وَ لَمْ یُخَالِفْ فِیهِ إلَّا الصَّدُوقُ لِصَحِیحَهِ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ الدَّالَّهِ عَلَی الْجَوَازِ وَ لَا یَخْلُو مِنْ قُوَّهٍ إنْ لَمْ یَثْبُتْ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ.

(وَیَجُوزُ) بَیْعُهَا (بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) إجْمَاعًا، (وَ فِی جَوَازِهِ قَبْلَهُ بَعْدَ الظُّهُورِ) مِنْ غَیْرِ ضَمِیمَهٍ وَ لَا زِیَادَهٍ عَنْ عَامٍ وَ لَا مَعَ الْأَصْلِ وَ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ (خِلَافٌ، أَقْرَبُهُ الْکَرَاهَهُ)، جَمْعًا بَیْنَ الْأَخْبَارِ.

بِحَمْلِ مَا دَلَّ مِنْهَا عَلَی النَّهْیِ عَلَی الْکَرَاهَهِ وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ لِلْأَکْثَرِ الْمَنْعُ، (وَتَزُولُ) الْکَرَاهَهُ (بِالضَّمِیمَهِ) إلَی مَا یَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَیْعِ، (أَوْ شَرْطِ الْقَطْعِ) وَ إِنْ لَمْ یَقْطَعْ بَعْدَ ذَلِکَ مَعَ تَرَاضِیهِمَا عَلَیْهِ، (أَوْ بَیْعِهَا مَعَ الْأُصُولِ) وَ هُوَ فِی مَعْنَی الضَّمِیمَهِ، (وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ) الْمُسَوِّغِ لِلْبَیْعِ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ غَیْرِ کَرَاهَهٍ وَ هُوَ (احْمِرَارُ التَّمْرِ) بِالْمُثَنَّاهِ مِنْ فَوْقُ مَجَازًا فِی ثَمَرَهِ النَّخْلِ، بِاعْتِبَارِ مَا یَئُولُ إلَیْهِ، (أَوْ اصْفِرَارُهُ) فِیمَا یَصْفَرُّ، (أَوْ انْعِقَادُ ثَمَرَهِ غَیْرِهِ) مِنْ شَجَرِ الْفَوَاکِهِ (وَ إِنْ کَانَتْ فِی کِمَامٍ) بِکَسْرِ الْکَافِ جَمْعُ أَکِمَّهٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَهِ وَ کَسْرِ الْکَافِ وَ فَتْحِ الْمِیمِ مُشَدَّدَهً وَ هِیَ غِطَاءُ الثَّمَرَهِ وَ النَّوْرِ کَالرُّمَّانِ وَ کَذَا لَوْ کَانَتْ فِی کِمَامَیْنِ کَالْجَوْزِ وَ اللَّوْزِ وَ هَذَا هُوَ الظُّهُورُ الْمُجَوِّزُ لِلْبَیْعِ أَیْضًا.

وَإِنَّمَا یَخْتَلِفُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَ الظُّهُورِ فِی النَّخْلِ وَ یَظْهَرُ فِی غَیْرِهَا عِنْدَ جَعْلِهِ تَنَاثُرَ الزَّهْرِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، أَوْ تَلَوُّنِ الثَّمَرَهِ، أَوْ صَفَاءِ لَوْنِهَا، أَوْ الْحَلَاوَهِ وَ طِیبِ الْأَکْلِ فِی مِثْلِ التُّفَّاحِ، أَوْ النُّضْجِ فِی مِثْلِ الْبِطِّیخِ أَوْ تَنَاهِی عِظَمِ بَعْضِهِ فِی مِثْلِ الْقِثَّاءِ کَمَا زَعَمَهُ الشَّیْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْمَبْسُوطِ. (وَیَجُوزُ بَیْعُ الْخُضَرِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا) وَ إِنْ لَمْ یَتَنَاهَ عِظَمُهَا (لُقَطَهً وَ لُقَطَاتٍ مُعَیَّنَهً) أَیْ مَعْلُومَهَ الْعَدَدِ، (کَمَا یَجُوزُ شِرَاءُ الثَّمَرَهِ الظَّاهِرَهِ وَ مَا یَتَجَدَّدُ فِی تِلْکَ السَّنَهِ وَ فِی غَیْرِهَا) مَعَ ضَبْطِ السِّنِینَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا بِمَنْزِلَهِ الضَّمِیمَهِ إلَی الْمَعْدُومِ، سَوَاءٌ کَانَتْ الْمُتَجَدِّدَهُ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجَهِ، أَمْ غَیْرِهِ.

(وَیَرْجِعُ فِی اللُّقَطَهِ إلَی الْعُرْفِ) فَمَا دَلَّ عَلَی صَلَاحِیَّتِهِ لِلْقَطْعِ یُقْطَعُ وَ مَا دَلَّ عَلَی عَدَمِهِ لِصِغَرِهِ، أَوْ شَکَّ فِیهِ لَا یَدْخُلُ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَ أَمَّا الْمَشْکُوکُ فِیهِ فَلِأَصَالَهِ بَقَائِهِ عَلَی مِلْکِ مَالِکِهِ وَ عَدَمِ دُخُولِهِ فِیمَا أُخْرِجَ بِاللَّقْطِ، (فَلَوْ امْتَزَجَتْ الثَّانِیَهُ) بِالْأُولَی لِتَأْخِیرِ الْمُشْتَرِی قَطْعَهَا فِی أَوَانِهِ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی بَیْنَ الْفَسْخِ وَ الشَّرِکَهِ)، لِلتَّعَیُّبِ بِالشَّرِکَهِ وَ لِتَعَذُّرِ تَسْلِیمِ الْمَبِیعِ مُنْفَرِدًا، فَإِنْ اخْتَارَ الشَّرِکَهَ فَطَرِیقُ التَّخَلُّصِ بِالصُّلْحِ (وَ لَوْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ فَهَلْ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، لِعَیْبِ الشَّرِکَهِ نَظَرٌ، أَقْرَبُهُ ذَلِکَ إذَا لَمْ یَکُنْ تَأَخَّرَ الْقَطْعُ بِسَبَبِهِ) بِأَنْ یَکُونَ قَدْ مَنَعَ الْمُشْتَرِیَ مِنْهُ.

(وَ حِینَئِذٍ) أَیْ حِینَ إذْ یَکُونُ الْخِیَارُ لِلْبَائِعِ (لَوْ کَانَ الِاخْتِلَاطُ بِتَفْرِیطِ الْمُشْتَرِی مَعَ تَمْکِینِ الْبَائِعِ وَ قَبْضِ الْمُشْتَرِی أَمْکَنَ عَدَمُ الْخِیَارِ لِلْمُشْتَرِی)؛ لِأَنَّ التَّعَیُّبَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَیَکُونُ دَرَکُهُ عَلَیْهِ، لَا عَلَی الْبَائِعِ کَمَا لَوْ حَصَلَ مَجْمُوعُ التَّلَفِ مِنْ قِبَلِهِ، (وَ لَوْ قِیلَ: بِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ إنْ کَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی) مُطْلَقًا، لِحُصُولِ النَّقْصِ مَضْمُونًا عَلَی الْبَائِعِ کَمَا یَضْمَنُ الْجُمْلَهَ کَذَلِکَ.

(وَ إِنْ کَانَ بَعْدَهُ، فَلَا خِیَارَ لِأَحَدِهِمَا)، لِاسْتِقْرَارِ الْبَیْعِ بِالْقَبْضِ وَ بَرَاءَهِ الْبَائِعِ مِنْ دَرَکِهِ بَعْدَهُ (کَانَ قَوِیًّا) وَ هَذَا الْقَوْلُ لَمْ یَذْکُرْ فِی الدُّرُوسِ غَیْرَهُ جَازِمًا بِهِ وَ هُوَ حَسَنٌ إنْ لَمْ یَکُنْ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَفْرِیطِ الْمُشْتَرِی وَ إِلَّا فَعَدَمُ الْخِیَارِ لَهُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْعَیْبَ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا یَکُونُ مَضْمُونًا عَلَی الْبَائِعِ.

وَحَیْثُ یَثْبُتُ الْخِیَارُ لِلْمُشْتَرِی بِوَجْهٍ لَا یَسْقُطُ بِبَذْلِ الْبَائِعِ لَهُ مَا شَاءَ وَ لَا الْجَمِیعَ عَلَی الْأَقْوَی، لِأَصَالَهِ بَقَاءِ الْخِیَارِ وَ إِنْ انْتَفَتْ الْعِلَّهُ الْمُوجِبَهُ لَهُ، کَمَا لَوْ بَذَلَ لِلْمَغْبُونِ التَّفَاوُتَ وَ لِمَا فِی قَبُولِ الْمَسْمُوحِ بِهِ مِنْ الْمِنَّهِ.

(وَ کَذَا یَجُوزُ بَیْعُ مَا یُخْرَطُ) أَصْلُ الْخَرْطِ أَنْ یَقْبِضَ بِالْیَدِ عَلَی أَعْلَی الْقَضِیبِ ثُمَّ یُمِرُّهَا عَلَیْهِ إلَی أَسْفَلِهِ لِیَأْخُذَ عَنْهُ الْوَرَقَ وَ مِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ " دُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ " وَ الْمُرَادُ هُنَا مَا یُقْصَدُ مِنْ ثَمَرَتِهِ، وَرَقُهُ (کَالْحِنَّاءِ وَ التُّوتِ) بِالتَّاءَیْنِ الْمُثَنَّاتَیْنِ مِنْ فَوْقُ (خِرْطَهٌ وَ خِرْطَاتٌ وَ مَا یُجَزُّ کَالرَّطْبَهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَ سُکُونِ الطَّاءِ وَ هِیَ الْفِصَّهُ وَ الْقَضْبُ، (وَ الْبَقْلُ) کَالنَّعْنَاعِ (جِزَّهً وَ جِزَّاتٍ وَ لَا تَدْخُلُ الثَّمَرَهُ) بَعْدَ ظُهُورِهَا (فِی بَیْعِ الْأُصُولِ) مُطْلَقًا وَ لَا غَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ، (إلَّا فِی) ثَمَرَهِ (النَّخْلِ) فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِی بَیْعِهِ خَاصَّهً (بِشَرْطِ عَدَمِ التَّأْبِیرِ وَ لَوْ نَقَلَ أَصْلَ النَّخْلِ بِغَیْرِ الْبَیْعِ فَکَغَیْرِهِ) مِنْ الشَّجَرِ. (وَیَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ ثَمَرَهِ شَجَرَهٍ مُعَیَّنَهٍ، أَوْ شَجَرَاتٍ) مُعَیَّنَهٍ، (وَجُزْءٍ مُشَاعِ) کَالنِّصْفِ وَ الثُّلُثِ، (وَأَرْطَالٍ مَعْلُومَهٍ وَ فِی هَذَیْنِ) الْفَرْدَیْنِ وَ هُمَا اسْتِثْنَاءُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ وَ الْأَرْطَالِ الْمَعْلُومَهِ (یَسْقُطُ مِنْ الثُّنْیَا) وَ هُوَ الْمُسْتَثْنَی (بِحِسَابِهِ) أَیْ نِسْبَتِهِ إلَی الْأَصْلِ (لَوْ خَاسَتْ الثَّمَرَهُ) بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی.

(بِخِلَافِ الْمُعَیَّنِ) کَالشَّجَرَهِ وَ الشَّجَرَاتِ، فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَهَا کَبَیْعِ الْبَاقِی مُنْفَرِدًا، فَلَا یَسْقُطُ مِنْهَا بِتَلَفِ شَیْءٍ مِنْ الْمَبِیعِ شَیْءٌ، لِامْتِیَازِ حَقِّ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ شَائِعٌ فِی الْجَمِیعِ فَیُوَزَّعُ النَّاقِصُ عَلَیْهِمَا إذَا کَانَ التَّلَفُ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الدُّرُوسِ: و قد یُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّوْزِیعِ تَنْزِیلُ شِرَاءِ صَاعٍ مِنْ الصُّبْرَهِ عَلَی الْإِشَاعَهِ وَ قَدْ تَقَدَّمَ مَا یُرَجِّحُ عَدَمَهُ، فَفِیهِ سُؤَالُ الْفَرْقِ.

وَطَرِیقُ تَوْزِیعِ النَّقْصِ عَلَی الْحِصَّهِ الْمُشَاعَهِ: جَعَلَ الذَّاهِبَ عَلَیْهِمَا وَ الْبَاقِیَ لَهُمَا عَلَی نِسْبَهِ الْجُزْءِ.

وَأَمَّا فِی الْأَرْطَالِ الْمَعْلُومَهِ فَیُعْتَبَرُ الْجُمْلَهُ بِالتَّخْمِینِ وَ یَنْسِبُ إلَیْهَا الْمُسْتَثْنَی، ثُمَّ یُنْظَرُ الذَّاهِبُ فَیَسْقُطُ مِنْهُ بِتِلْکَ النِّسْبَهِ.

مَسَائِلُ (الْأُولَی - لَا یَجُوزُ بَیْعُ الثَّمَ

مَسَائِلُ (الْأُولَی - لَا یَجُوزُ بَیْعُ الثَّمَرَهِ بِجِنْسِهَا)

أَیْ نَوْعِهَا الْخَاصِّ کَالْعِنَبِ بِالْعِنَبِ وَ الزَّبِیبِ وَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَ التَّمْرِ (عَلَی أُصُولِهَا) أَمَّا بَعْدَ جَمْعِهَا فَیَصِحُّ مَعَ التَّسَاوِی (نَخْلًا کَانَ) الْمَبِیعُ ثَمَرُهُ، (أَوْ غَیْرَهُ) مِنْ الثِّمَارِ إجْمَاعًا فِی الْأَوَّلِ وَ عَلَی الْمَشْهُورِ فِی الثَّانِی، تَعَدِّیَهً لِلْعِلَّهِ الْمَنْصُوصَهِ فِی الْمَنْعِ مِنْ بَیْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَ هِیَ نُقْصَانُهُ عِنْدَ الْجَفَافِ إنْ بِیعَتْ بِیَابِسٍ وَ تَطَرَّقَ احْتِمَالُ الزِّیَادِ فِی کُلٍّ مِنْ الْعِوَضَیْنِ الرِّبَوِیَّیْنِ.

وَلَا فَرْقَ فِی الْمَنْعِ بَیْنَ کَوْنِ الثَّمَنِ مِنْهَا وَ مِنْ غَیْرِهَا وَ إِنْ کَانَ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ مَنْعًا.

(وَ یُسَمَّی فِی النَّخْلِ مُزَابَنَهً) وَ هِیَ مُفَاعَلَهٌ مِنْ الزَّبْنِ وَ هُوَ الدَّفْعُ وَ مِنْهُ الزَّبَانِیَهُ، سُمِّیَتْ بِذَلِکَ لِبِنَائِهَا عَلَی التَّخْمِینِ الْمُقْتَضِی لِلْغَبْنِ، فَیُرِیدُ الْمَغْبُونُ دَفْعَهُ وَ الْغَابِنُ خِلَافَهُ فَیَتَدَافَعَانِ وَ خَصَّ التَّعْرِیفَ بِالنَّخْلِ لِلنَّصِّ عَلَیْهِ بِخُصُوصِهِ مُفَسِّرًا بِهِ الْمُزَابَنَهَ فِی صَحِیحَهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: وَ أُلْحِقَ بِهِ غَیْرُهُ لِمَا ذَکَرْنَاهُ وَ فِی إلْحَاقِ الْیَابِسِ وَجْهٌ وَ الرَّطْبِ نَظَرٌ (وَ لَا بَیْعُ السُّنْبُلِ بِحَبٍّ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَیْرِهِ مَنْ جِنْسِهِ وَ یُسَمَّی مُحَاقَلَهً) مَأْخُوذَهً مِنْ الْحَقْلِ جَمْعُ حَقْلَهٍ وَ هِیَ السَّاحَهُ الَّتِی تُزْرَعُ، سُمِّیَتْ بِذَلِکَ لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِی حَقْلَهٍ وَ خَرَجَ بِالسُّنْبُلِ بَیْعُهُ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ غَیْرُ مَطْعُومٍ، (إلَّا الْعَرِیَّهُ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ تَحْرِیمِ بَیْعِ الْمُزَابَنَهِ وَ الْمُرَادُ بِهَا النَّخْلَهُ تَکُونُ فِی دَارِ الْإِنْسَانِ، أَوْ بُسْتَانِهِ، فَیَشْتَرِی مَالِکُهُمَا، أَوْ مُسْتَأْجِرُهُمَا، أَوْ مُسْتَعِیرُهُمَا رُطَبَهَا (بِخَرْصِهَا تَمْرًا مِنْ غَیْرِهَا) مُقَدَّرًا مَوْصُوفًا حَالًّا وَ إِنْ لَمْ یُقْبَضْ فِی الْمَجْلِسِ، أَوْ بَلَغَتْ خَمْسَهَ أَوْسُقٍ وَ لَا یَجُوزُ بِتَمْرٍ مِنْهَا لِئَلَّا یَتَّحِدَ الْعِوَضَانِ وَ لَا یُعْتَبَرُ مُطَابَقَهُ ثَمَرَتِهَا جَافَّهً لِثَمَنِهَا فِی الْوَاقِعِ، بَلْ تَکْفِی الْمُطَابَقَهُ ظَنًّا، فَلَوْ زَادَتْ عِنْدَ الْجَفَافِ عَنْهُ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ یَقْدَحْ فِی الصِّحَّهِ وَ لَا عَرِیَّهَ فِی غَیْرِ النَّخْلِ، فَإِنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْمُزَابَنَهِ وَ إِلَّا لَمْ یَتَقَیَّدْ بِقُیُودِهَا.

(الثَّانِیَهُ - یَجُوزُ بَیْعُ الزَّرْعِ قَائِمًا) عَلَی أُصُولِهِ

، سَوَاءٌ أَحُصِدَ، أَمْ لَا، قُصِدَ قَصْلُهُ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْعِلْمِ مَمْلُوکٌ فَتَنَاوَلَتْهُ الْأَدِلَّهُ، خِلَافًا لِلصَّدُوقِ حَیْثُ شَرَطَ کَوْنَهُ سُنْبُلًا، أَوْ الْقَصْلَ (وَحَصِیدًا) أَیْ مَحْصُودًا وَ إِنْ لَمْ یَعْلَمْ مِقْدَارَ مَا فِیهِ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ غَیْرُ مَکِیلٍ وَ لَا مَوْزُونٍ، بَلْ یَکْفِی فِی مَعْرِفَتِهِ الْمُشَاهَدَهُ، (وَقَصِیلًا) أَیْ مَقْطُوعًا بِالْقُوَّهِ، بِأَنْ شُرِطَ قَطْعُهُ قَبْلَ أَنْ یُحْصَدَ لِعَلْفِ الدَّوَابِّ، فَإِذَا بَاعَهُ کَذَلِکَ وَجَبَ عَلَی الْمُشْتَرِی قَصْلُهُ بِحَسَبِ الشَّرْطِ.

(فَلَوْ لَمْ یَقْصِلْهُ الْمُشْتَرِی فَلِلْبَائِعِ قَصْلُهُ) وَ تَفْرِیغُ أَرْضِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ ظَالِمٌ وَ لَا حَقَّ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ، (وَلَهُ الْمُطَالَبَهُ بِأُجْرَهِ أَرْضِهِ) عَنْ الْمُدَّهِ الَّتِی بَقِیَ فِیهَا بَعْدَ إمْکَانِ قَصْلِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَ بَعْدَ الْمُدَّهِ الَّتِی شَرَطَا قَصْلَهُ فِیهَا مَعَ التَّعْیِینِ وَ لَوْ کَانَ شِرَاؤُهُ قَبْلَ أَوَانِ قَصْلِهِ وَجَبَ عَلَی الْبَائِعِ الصَّبْرُ إلَی أَوَانِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ کَمَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَهَ وَ الزَّرْعَ لِلْحَصَادِ.

وَمُقْتَضَی الْإِطْلَاقِ جَوَازُ تَوَلِّی الْبَائِعِ قَطْعَهُ مَعَ امْتِنَاعِ الْمُشْتَرِی مِنْهُ وَ إِنْ قَدَرَ عَلَی الْحَاکِمِ وَ کَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَهٌ.

وَالْأَقْوَی تَوَقُّفُهُ عَلَی إذْنِهِ حَیْثُ یَمْتَنِعُ الْمُشْتَرِی مَعَ إمْکَانِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ لَهُ حِینَئِذٍ مُبَاشَرَهُ الْقَطْعِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْمَنْفِیِّ وَ لَهُ إبْقَاؤُهُ وَ الْمُطَالَبَهُ بِأُجْرَهِ الْأَرْضِ عَنْ زَمَنِ الْعُدْوَانِ وَ أَرْشِ الْأَرْضِ إنْ نَقَصَتْ بِسَبَبِهِ، إذَا کَانَ التَّأْخِیرُ بِغَیْرِ رِضَاهُ.

(الثَّالِثَهُ - یَجُوزُ أَنْ یَتَقَبَّلَ أَحَدُ الشَّرِیکَیْنِ بِحِصَّهِ صَاحِبِهِ مَنْ الثَّمَرَهِ)

بِخَرْصٍ مَعْلُومٍ وَ إِنْ کَانَ مِنْهَا، (وَ لَا یَکُونُ) ذَلِکَ (بَیْعًا) وَ مِنْ ثَمَّ لَمْ یَشْتَرِطْ فِیهِ شُرُوطَ الْبَیْعِ، بَلْ مُعَامَلَهً مُسْتَقِلَّهً وَ فِی الدُّرُوسِ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الصُّلْحِ، (وَ) یُشْکِلُ بِأَنَّهُ (یَلْزَمُ بِشَرْطِ السَّلَامَهِ) فَلَوْ کَانَ صُلْحًا لَلَزِمَ مُطْلَقًا.

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ الْجَمَاعَهِ أَنَّ الصِّیغَهَ بِلَفْظِ الْقُبَالَهِ وَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَأَدِّیهِ بِمَا دَلَّ عَلَی مَا اتَّفَقَا عَلَیْهِ وَ یَمْلِکُ الْمُتَقَبِّلُ الزَّائِدَ وَ یَلْزَمُهُ لَوْ نَقَصَ وَ أَمَّا الْحُکْمُ بِأَنَّ قَرَارَهُ مَشْرُوطٌ بِالسَّلَامَهِ فَوَجْهُهُ غَیْرُ وَاضِحٍ وَ النَّصُّ خَالٍ عَنْهُ وَ تَوْجِیهُهُ بِأَنَّ الْمُتَقَبِّلَ لَمَّا رَضِیَ بِحِصَّهٍ مُعَیَّنَهٍ فِی الْعَیْنِ صَارَ بِمَنْزِلَهِ الشَّرِیکِ، فِیهِ أَنَّ الْعِوَضَ غَیْرُ لَازِمٍ کَوْنَهُ مِنْهَا وَ إِنْ جَازَ ذَلِکَ فَالرِّضَا بِالْقَدْرِ، لَا بِهِ مُشْتَرَکًا إلَّا أَنْ یَنْزِلَ عَلَی الْإِشَاعَهِ کَمَا تَقَدَّمَ وَ لَوْ کَانَ النُّقْصَانُ لَا بِآفَهٍ بَلْ لِخَلَلٍ فِی الْخَرْصِ لَمْ یَنْقُصْ شَیْءٌ، کَمَا لَا یَنْقُصُ لَوْ کَانَ بِتَفْرِیطٍ الْمُتَقَبِّلِ وَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ سَدَّ بَابَ هَذِهِ الْمُعَامَلَهِ، لِمُخَالَفَتِهَا لِلْأُصُولِ الشَّرْعِیَّهِ.

وَالْحَقُّ أَنَّ أَصْلَهَا ثَابِتٌ وَ لُزُومَهَا مُقْتَضَی الْعَقْدِ وَ بَاقِیَ فُرُوعِهَا لَا دَلِیلَ عَلَیْهِ.

(الرَّابِعَهُ - یَجُوزُ الْأَکْلُ مِمَّا یَمُرُّ بِهِ

مَنْ ثَمَرِ النَّخْلِ وَ الْفَوَاکِهِ وَ الزَّرْعِ، بِشَرْطِ عَدَمِ الْقَصْدِ.

وَعَدَمِ الْإِفْسَادِ) أَمَّا أَصْلُ الْجَوَازِ فَعَلَیْهِ الْأَکْثَرُ وَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ مُرْسَلًا عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ رَوَاهُ غَیْرُهُ وَ أَمَّا اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْقَصْدِ فَلِدَلَالَهِ ظَاهِرِ الْمُرُورِ عَلَیْهِ وَ الْمُرَادُ کَوْنُ الطَّرِیقِ قَرِیبَهً مِنْهَا بِحَیْثُ یَصْدُقُ الْمُرُورُ عَلَیْهَا عُرْفًا، لَا أَنْ یَکُونَ طَرِیقُهُ عَلَی نَفْسِ الشَّجَرَهِ.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِی فَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ، قَالَ یَأْکُلُ مِنْهَا وَ لَا یُفْسِدُ وَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ یَأْکُلَ کَثِیرًا بِحَیْثُ یُؤَثِّرُ فِیهَا أَثَرًا بَیِّنًا وَ یَصْدُقُ مَعَهُ الْإِفْسَادُ عُرْفًا وَ یَخْتَلِفُ ذَلِکَ بِکَثْرَهِ الثَّمَرَهِ وَ الْمَارَّهِ وَ قِلَّتِهِمَا وَ زَادَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ عِلْمِ الْکَرَاهَهِ وَ لَا ظَنِّهَا وَ کَوْنِ الثَّمَرَهِ عَلَی الشَّجَرَهِ.

(وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یَحْمِلَ) مَعَهُ شَیْئًا مِنْهَا وَ إِنْ قَلَّ، لِلنَّهْیِ عَنْهُ صَرِیحًا فِی الْأَخْبَارِ وَ مِثْلُهُ أَنْ یُطْعِمَ أَصْحَابَهُ، وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الرُّخْصَهِ وَ هُوَ أَکْلُهُ بِالشَّرْطِ.

(وَتَرْکُهُ بِالْکُلِّیَّهِ أَوْلَی)، لِلْخِلَافِ فِیهِ وَ لِمَا رُوِیَ أَیْضًا مِنْ الْمَنْعِ مِنْهُ، مَعَ اعْتِضَادِهِ بِنَصِّ الْکِتَابِ الدَّالِّ عَلَی النَّهْیِ عَنْ أَکْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَ بِغَیْرِ تَرَاضٍ وَ لِقُبْحِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ وَ بِاشْتِمَالِ أَخْبَارِ النَّهْیِ عَلَی الْحَظْرِ وَ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَی مَا تَضَمُّنِ الْإِبَاحَهِ وَ الرُّخْصَهِ وَ لِمَنْعِ کَثِیرٍ مِنْ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِیمَا وَ افَقَ الْأَصْلَ فَکَیْفَ فِیمَا خَالَفَهُ.

الْفَصْلُ الْخَامِسُ - فِی الصَّرْفِ وَ هُوَ بَیْعُ الْأَثْمَانِ
المدخل

وَهِیَ الذَّهَبُ وَ الْفِضَّهُ (بِمِثْلِهَا وَ یُشْتَرَطُ فِیهِ) زِیَادَهٌ عَلَی غَیْرِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْبَیْعِ (التَّقَابُضُ فِی الْمَجْلِسِ) الَّذِی وَقَعَ فِیهِ الْعَقْدُ، (أَوْ اصْطِحَابُهُمَا) فِی الْمَشْیِ عُرْفًا وَ إِنْ فَارَقَاهُ (إلَی) حِینِ (الْقَبْضِ) وَ یَصْدُقُ الِاصْطِحَابُ بِعَدَمِ زِیَادَهِ الْمَسَافَهِ الَّتِی بَیْنَهُمَا عَنْهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَوْ زَادَتْ وَ لَوْ خُطْوَهً بَطَلَ، (أَوْ رِضَاهُ) أَیْ رِضَا الْغَرِیمِ الَّذِی هُوَ الْمُشْتَرِی، کَمَا یَدُلُّ عَلَیْهِ آخِرُ الْمَسْأَلَهِ (بِمَا فِی ذِمَّتِهِ) أَیْ ذِمَّهِ الْمَدْیُونِ الَّذِی هُوَ الْبَائِعُ (قَبْضًا) أَیْ مَقْبُوضًا، أَقَامَ الْمَصْدَرَ مَقَامَ الْمَفْعُولِ (بِوَکَالَتِهِ) إیَّاهُ (فِی الْقَبْضِ)، لِمَا فِی ذِمَّتِهِ وَ ذَلِکَ (فِیمَا إذَا اشْتَرَی) مَنْ لَهُ فِی ذِمَّتِهِ نَقْدٌ (بِمَا فِی ذِمَّتِهِ) مِنْ النَّقْدِ (نَقْدًا آخَرَ)، فَإِنَّ ذَلِکَ یَصِیرُ بِمَنْزِلَهِ الْمَقْبُوضِ.

مِثَالُهُ: أَنْ یَکُونَ لِزَیْدٍ فِی ذِمَّهِ عَمْرٍو دِینَارٌ فَیَشْتَرِی زَیْدٌ مِنْ عَمْرٍو بِالدِّینَارِ عَشَرَهَ دَرَاهِمَ فِی ذِمَّتِهِ وَ یُوَکِّلُهُ فِی قَبْضِهَا فِی الذِّمَّهِ بِمَعْنَی رِضَاهُ بِکَوْنِهَا فِی ذِمَّتِهِ، فَإِنَّ الْبَیْعَ وَ الْقَبْضَ صَحِیحَانِ؛ لِأَنَّ مَا فِی الذِّمَّهِ بِمَنْزِلَهِ الْمَقْبُوضِ بِیَدِ مَنْ هُوَ فِی ذِمَّتِهِ، فَإِذَا جَعَلَهُ وَکِیلًا فِی الْقَبْضِ صَارَ کَأَنَّهُ قَابِضٌ لِمَا فِی ذِمَّتِهِ، فَصَدَقَ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ.

وَالْأَصْلُ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ مَا رُوِیَ فِیمَنْ قَالَ لِمَنْ فِی ذِمَّتِهِ دَرَاهِمُ: حَوِّلْهَا إلَی دَنَانِیرَ، أَنَّ ذَلِکَ یَصِحُّ وَ إِنْ لَمْ یَتَقَابَضَا، مُعَلِّلًا بِأَنَّ النَّقْدَیْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَدَلَ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَایَهِ إلَی الشِّرَاءِ بَدَلِ التَّحْوِیلِ وَ التَّوْکِیلِ صَرِیحًا فِی الْقَبْضِ وَ الرِّضَا فِیهِ بِکَوْنِهِ فِی ذِمَّهِ الْوَکِیلِ الْقَابِضِ، لِاحْتِیَاجِ الرِّوَایَهِ إلَی تَکَلُّفِ إرَادَهِ هَذِهِ الشُّرُوطِ بِجَعْلِ الْأَمْرِ بِالتَّحْوِیلِ تَوْکِیلًا فِی تَوَلِّی طَرَفَیْ الْعَقْدِ وَ بِنَائِهِ عَلَی صِحَّتِهِ وَ صِحَّهِ الْقَبْضِ إذَا تَوَقَّفَ الْبَیْعُ عَلَیْهِ بِمُجَرَّدِ التَّوْکِیلِ فِی الْبَیْعِ، نَظَرًا إلَی أَنَّ التَّوْکِیلَ فِی شَیْءٍ إذَنْ فِی لَوَازِمِهِ الَّتِی یَتَوَقَّفُ عَلَیْهَا.

وَلَمَّا کَانَ ذَلِکَ أَمْرًا خَفِیًّا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَی التَّصْرِیحِ بِالشُّرُوطِ.

(وَ لَوْ قَبَضَ الْبَعْضَ) خَاصَّهً قَبْلَ التَّفَرُّقِ (صَحَّ فِیهِ) أَیْ فِی ذَلِکَ الْبَعْضِ الْمَقْبُوضِ وَ بَطَلَ فِی الْبَاقِی (وَتَخَیَّرَا) مَعًا فِی إجَازَهِ مَا صَحَّ فِیهِ وَ فَسْخُهُ، لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ (إذَا لَمْ یَکُنْ مِنْ أَحَدِهِمَا تَفْرِیطٌ) فِی تَأْخِیرِ الْقَبْضِ وَ لَوْ کَانَ تَأْخِیرُهُ بِتَفْرِیطِهِمَا فَلَا خِیَارَ لَهُمَا وَ لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِهِ سَقَطَ خِیَارُهُ، دُونَ الْآخَرِ، (وَ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْوَکِیلِ) فِی الْقَبْضِ عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا (فِی مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ).

وَلَا اعْتِبَارَ بِتَفَرُّقِ الْوَکِیلِ وَأَحَدِهِمَا، أَوْ هُمَا، أَوْ الْوَکِیلَیْنِ وَ فِی حُکْمِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَا تَقَدَّمَ، فَکَانَ یُغْنِی قوله:

قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ عَنْهُ، لِشُمُولِ الثَّانِی، لِمَا فِی حُکْمِ الْمَجْلِسِ هَذَا إذَا کَانَ وَکِیلًا فِی الْقَبْضِ، دُونَ الصَّرْفِ.

(وَ لَوْ کَانَ وَکِیلًا فِی الصَّرْفِ) سَوَاءٌ کَانَ مَعَ ذَلِکَ وَکِیلًا فِی الْقَبْضِ، أَمْ لَا (فَالْمُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ) لِمَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ مَعَهُ، دُونَ الْمَالِکِ.

وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّقَابُضُ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ، سَوَاءٌ کَانَا مَالِکَیْنِ، أَمْ وَکِیلَیْنِ. (وَ لَا یَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِی الْجِنْسِ الْوَاحِدِ)، لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ یَجْمَعُ حُکْمَ الرِّبَا وَ الصَّرْفِ فَیُعْتَبَرُ فِیهِ التَّقَابُضُ فِی الْمَجْلِسِ نَظَرًا إلَی الصَّرْفِ وَ عَدَمُ التَّفَاضُلِ نَظَرًا إلَی الرِّبَا، سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِی الْجَوْدَهِ وَ الرَّدَاءَهِ وَ الصِّفَهِ، أَمْ اخْتَلَفَا، بَلْ (وَ إِنْ کَانَ أَحَدُهُمَا مَکْسُورًا، أَوْ رَدِیئًا) وَ الْآخَرُ صَحِیحًا أَوْ جَیِّدَ الْجَوْهَرِ.

(وَتُرَابُ مَعْدِنِ أَحَدِهِمَا یُبَاعُ بِالْآخَرِ، أَوْ بِجِنْسِ غَیْرِهِمَا) لَا بِجِنْسِهِ لِاحْتِمَالِ زِیَادَهِ أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ عَنْ الْآخَرِ، فَیَدْخُلَ الرِّبَا وَ لَوْ عُلِمَ زِیَادَهُ الثَّمَنِ عَمَّا فِی التُّرَابِ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ یَصِحَّ هُنَا وَ إِنْ صَحَّ فِی الْمَغْشُوشِ بِغَیْرِهِ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا قِیمَهَ لَهُ لِیَصْلُحَ فِی مُقَابَلَهِ الزَّائِدِ.

(وَتُرَابَاهُمَا) إذَا جُمِعَا، أَوْ أُرِیدَ بَیْعُهُمَا مَعًا (یُبَاعَانِ بِهِمَا) فَیَنْصَرِفُ کُلٌّ إلَی مُخَالِفِهِ وَ یَجُوزُ بَیْعُهُمَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ زِیَادَهِ الثَّمَنِ عَلَی مُجَانِسِهِ بِمَا یَصْلُحُ عِوَضًا فِی مُقَابِلِ الْآخَرِ وَ أَوْلَی مِنْهُمَا بَیْعُهُمَا بِغَیْرِهِمَا.

(وَ لَا عِبْرَهَ بِالْیَسِیرِ مَنْ الذَّهَبِ فِی النُّحَاسِ) بِضَمِّ النُّونِ، (وَ الْیَسِیرِ مَنْ الْفِضَّهِ فِی الرَّصَاصِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، (فَلَا یَمْنَعُ مِنْ صِحَّهِ الْبَیْعِ بِذَلِکَ الْجِنْسِ) وَ إِنْ لَمْ یُعْلَمْ زِیَادَهُ الثَّمَنِ عَنْ ذَلِکَ الْیَسِیرِ وَ لَمْ یُقْبَضْ فِی الْمَجْلِسِ مَا یُسَاوِیهِ؛ لِأَنَّهُ مُضْمَحِلٌّ وَ تَابِعٌ غَیْرُ مَقْصُودٍ بِالْبَیْعِ وَ مِثْلُهُ الْمَنْقُوشُ مِنْهُمَا عَلَی السُّقُوفِ وَ الْجُدْرَانِ بِحَیْثُ لَا یَحْصُلُ مِنْهُ شَیْءٌ یُعْتَدُّ بِهِ عَلَی تَقْدِیرِ نَزْعِهِ.

وَلَا فَرْقَ فِی الْمَنْعِ مِنْ الزِّیَادَهِ فِی أَحَدِ الْمُتَجَانِسَیْنِ بَیْنَ الْعَیْنِیَّهِ وَ هِیَ الزِّیَادَهُ فِی الْوَزْنِ وَ الْحُکْمِیَّهِ کَمَا لَوْ بِیعَ الْمُتَسَاوِیَانِ وَ شُرِطَ مَعَ أَحَدِهِمَا شَرْطًا وَ إِنْ کَانَ صَنْعَهً.

(وَ قِیلَ: یَجُوزُ اشْتِرَاطُ صِیَاغَهِ خَاتَمٍ فِی شِرَاءِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمِ؛ لِلرِّوَایَهِ) الَّتِی رَوَاهَا أَبُو الصَّبَّاحِ الْکِنَانِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قال:

سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ یَقُولُ لِلصَّائِغِ: صُغْ لِی هَذَا الْخَاتَمَ وَ أُبْدِلُ لَک دِرْهَمًا طَازِجِیًّا بِدِرْهَمِ غَلَّهٍ.

قَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ " لَا بَأْسَ ".

وَاخْتَلَفُوا فِی تَنْزِیلِ الرِّوَایَهِ فَقِیلَ: إنَّ حُکْمَهَا مُسْتَثْنًی مِنْ الزِّیَادَهِ الْمَمْنُوعَهِ، فَیَجُوزُ بَیْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ مَعَ شَرْطِ صِیَاغَهِ الْخَاتَمِ وَ لَا یَتَعَدَّی إلَی غَیْرِهِ، اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ النَّصِّ وَ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِی حَکَاهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ قِیلَ یَتَعَدَّی إلَی کُلِّ شَرْطٍ، لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَ قِیلَ: إلَی کُلِّ شَرْطٍ حُکْمِیٍّ.

وَالْأَقْوَالُ کُلُّهَا ضَعِیفَهٌ؛ لِأَنَّ بِنَاءَهَا عَلَی دَلَالَهِ الرِّوَایَهِ عَلَی أَصْلِ الْحُکْمِ.

(وَ هِیَ غَیْرُ صَرِیحَهٍ فِی الْمَطْلُوبِ)؛ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ إبْدَالَ دِرْهَمٍ طَازَجٍ بِدِرْهَمِ غَلَّهٍ مَعَ شَرْطِ الصِّیَاغَهِ مِنْ جَانِبِ الْغَلَّهِ.

وَقَدْ ذَکَرَ أَهْلُ اللُّغَهِ أَنَّ الطَّازَجَ هُوَ الْخَالِصُ وَ الْغَلَّهَ غَیْرُهُ وَ هُوَ الْمَغْشُوشُ وَ حِینَئِذٍ فَالزِّیَادَهُ الْحُکْمِیَّهُ وَ هِیَ الصِّیَاغَهُ فِی مُقَابَلَهِ الْغِشِّ وَ هَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ مُطْلَقًا وَ عَلَی هَذَا یَصِحُّ الْحُکْمُ وَ یَتَعَدَّی، لَا فِی مُطْلَقِ الدِّرْهَمِ کَمَا ذَکَرُوهُ وَ نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ، (مَعَ مُخَالَفَتِهَا) أَیْ الرِّوَایَهِ (لِلْأَصْلِ) لَوْ حُمِلَتْ عَلَی الْإِطْلَاقِ کَمَا ذَکَرُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُطَّرِدَ عَدَمُ جَوَازِ الزِّیَادَهِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَیْنِ حُکْمِیَّهً کَانَتْ، أَمْ عَیْنِیَّهً، فَلَا یَجُوزُ الِاسْتِنَادُ فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ إلَی هَذِهِ الرِّوَایَهِ مَعَ أَنَّ فِی طَرِیقِهَا مَنْ لَا یُعْلَمُ حَالُهُ (وَ الْأَوَانِی الْمَصُوغَهُ مَنْ النَّقْدَیْنِ إذَا بِیعَتْ بِهِمَا) مَعًا (جَازَ) مُطْلَقًا، (وَ إِنْ بِیعَتْ بِأَحَدِهِمَا) خَاصَّهً (اُشْتُرِطَتْ زِیَادَتُهُ عَلَی جِنْسِهِ)، لِتَکُونَ الزِّیَادَهُ فِی مُقَابَلَهِ الْجِنْسِ الْآخَرِ، بِحَیْثُ تَصْلُحُ ثَمَنًا لَهُ وَ إِنْ قَلَّ وَ لَا فَرْقَ فِی الْحَالَیْنِ بَیْنَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ عَدَمِهِ وَ لَا بَیْنَ إمْکَانِ تَخْلِیصِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَ عَدَمِهِ وَ لَا بَیْنَ بَیْعِهَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا فِیهَا مِنْ النَّقْدَیْنِ وَ الْأَکْثَرُ.

(وَیَکْفِی غَلَبَهُ الظَّنِّ) فِی زِیَادَهِ الثَّمَنِ عَلَی مُجَانِسِهِ مِنْ الْجَوْهَرِ، لِعُسْرِ الْعِلْمِ الْیَقِینِیِّ بِقَدْرِهِ غَالِبًا وَ مَشَقَّهِ التَّخْلِیصِ الْمُوجِبِ لَهُ.

وَفِی الدُّرُوسِ اُعْتُبِرَ الْقَطْعُ بِزِیَادَهِ الثَّمَنِ وَ هُوَ أَجْوَدُ. (وَحِلْیَهُ السَّیْفِ وَ الْمَرْکَبُ یُعْتَبَرُ فِیهَا الْعِلْمُ إنْ أُرِیدَ بَیْعُهَا) أَیْ الْحِلْیَهِ (بِجِنْسِهَا) وَ الْمُرَادُ بَیْعُ الْحِلْیَهِ وَ الْمُحَلَّی، لَکِنْ لَمَّا کَانَ الْغَرَضُ التَّخَلُّصَ مِنْ الرِّبَا وَ الصَّرْفِ خَصَّ الْحِلْیَهَ وَ یُعْتَبَرُ مَعَ بَیْعِهَا بِجِنْسِهَا زِیَادَهُ الثَّمَنِ عَلَیْهَا، لِتَکُونَ الزِّیَادَهُ فِی مُقَابَلَهِ السَّیْفِ وَ الْمَرْکَبِ إنْ ضَمَّهُمَا إلَیْهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْعِلْمُ (کَفَی الظَّنُّ الْغَالِبُ بِزِیَادَهِ الثَّمَنِ عَلَیْهَا).

وَالْأَجْوَدُ اعْتِبَارُ الْقَطْعِ، وِفَاقًا لِلدُّرُوسِ وَ ظَاهِرِ الْأَکْثَرِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِیعَتْ بِغَیْرِ جِنْسِهَا، بَلْ یَجُوزُ بَیْعُهَا بِغَیْرِ الْجِنْسِ مُطْلَقًا کَغَیْرِهَا وَ إِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ مَوْضِعَ الِاشْتِبَاهِ (وَ لَوْ بَاعَهُ بِنِصْفِ دِینَارٍ فَشَقٌّ) أَیْ نِصْفٌ کَامِلٌ مُشَاعٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ حَقِیقَهٌ فِی ذَلِکَ، (إلَّا أَنْ یُرَادَ) نِصْفٌ (صَحِیحٌ عُرْفًا) بِأَنْ یَکُونَ هُنَاکَ مَضْرُوبٌ بِحَیْثُ یَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَیْهِ، (أَوْ نُطْقًا) بِأَنْ یُصَرِّحَ بِإِرَادَهِ الصَّحِیحِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ الْإِطْلَاقُ مَحْمُولًا عَلَیْهِ فَیَنْصَرِفُ إلَیْهِ وَ عَلَی الْأَوَّلِ فَلَوْ بَاعَهُ بِنِصْفِ دِینَارٍ آخَرَ تَخَیَّرَ بَیْنَ أَنْ یُعْطِیَهُ شِقَّیْ دِینَارَیْنِ وَ یَصِیرَ شَرِیکًا فِیهِمَا و بین أَنْ یُعْطِیَهُ دِینَارًا کَامِلًا عَنْهُمَا وَ عَلَی الثَّانِی لَا یَجِبُ قَبُولُ الْکَامِلِ.

(وَ کَذَا) الْقَوْلُ (فِی نِصْفِ دِرْهَمٍ) وَ أَجْزَائِهِمَا غَیْرِ النِّصْفِ. (وَحُکْمُ تُرَابِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّهِ عِنْدَ الصَّیَّاغَهِ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَ تَشْدِیدِ الْیَاءِ جَمْعُ صَائِغٍ (حُکْمُ) تُرَابِ (الْمَعْدِنِ) فِی جَوَازِ بَیْعِهِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا بِهِمَا وَ بِغَیْرِهِمَا وَ بِأَحَدِهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِزِیَادَهِ الثَّمَنِ عَنْ مُجَانِسِهِ و مع الِانْفِرَادِ بِغَیْرِ جِنْسِهِ.

(وَیَجِبُ) عَلَی الصَّائِغِ (الصَّدَقَهُ بِهِ مَعَ جَهْلِ أَرْبَابِهِ) بِکُلِّ وَجْهٍ.

وَلَوْ عَلِمَهُمْ فِی مَحْصُورِینَ وَجَبَ التَّخَلُّصُ مِنْهُمْ وَ لَوْ بِالصُّلْحِ مَعَ جَهْلِ حَقِّ کُلِّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ وَ یَتَخَیَّرُ مَعَ الْجَهْلِ بَیْنَ الصَّدَقَهِ بِعَیْنِهِ وَ قِیمَتِهِ.

(وَ الْأَقْرَبُ الضَّمَانُ لَوْ ظَهَرُوا وَ لَمْ یَرْضَوْا بِهَا) أَیْ بِالصَّدَقَهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ الدَّالَّهِ عَلَی ضَمَانِ مَا أَخَذَتْ الْیَدُ، خَرَجَ مِنْهُ مَا إذَا رَضُوا، أَوْ اسْتَمَرَّ الِاشْتِبَاهُ فَیَبْقَی الْبَاقِی.

وَوَجْهُ الْعَدَمِ إذْنُ الشَّارِعِ لَهُ فِی الصَّدَقَهِ فَلَا یُتَعَقَّبُ الضَّمَانُ وَ مَصْرِفُ هَذِهِ الصَّدَقَهِ الْفُقَرَاءُ وَ الْمَسَاکِینُ وَ یَلْحَقُ بِهَا مَا شَابَهَهَا مِنْ الصَّنَائِعِ الْمُوجِبَهِ لِتَخَلُّفِ أَثَرِ الْمَالِ، کَالْحِدَادَهِ وَ الطَّحْنِ وَ الْخِیَاطَهِ وَ الْخِبَازَهِ.

(وَ لَوْ کَانَ بَعْضُهُمْ مَعْلُومًا وَجَبَ الْخُرُوجُ مِنْ حَقِّهِ) وَ عَلَی هَذَا یَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْ کُلِّ غَرِیمٍ یَعْلَمُهُ وَ ذَلِکَ یَتَحَقَّقُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِ کُلِّ وَاحِدٍ، فَلَوْ أَخَّرَ حَتَّی صَارَ مَجْهُولًا أَثِمَ بِالتَّأْخِیرِ وَ لَزِمَهُ حُکْمُ مَا سَبَقَ.

(خَاتِمَهٌ - الدَّرَاهِمُ وَ الدَّنَانِیرُ یَتَعَیَّنَانِ بِالتَّعْیِینِ) عِنْدَنَا

(فِی الصَّرْفِ وَ غَیْرِهِ)، لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ الدَّالَّهِ عَلَی التَّعْیِینِ وَ الْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ وَ لِقِیَامِ الْمُقْتَضِی فِی غَیْرِهَا (فَلَوْ ظَهَرَ عَیْبٌ فِی الْمُعَیَّنِ) ثَمَنًا کَانَ، أَمْ مُثَمَّنًا (مِنْ غَیْرِ جِنْسِهِ) بِأَنْ ظَهَرَتْ الدَّرَاهِمُ نُحَاسًا، أَوْ رَصَاصًا (بَطَلَ) الْبَیْعُ (فِیهِ)؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ غَیْرُ مَقْصُودٍ بِالشِّرَاءِ وَ الْعَقْدُ تَابِعٌ لَهُ، (فَإِنْ کَانَ بِإِزَائِهِ مُجَانِسُهُ بَطَلَ الْبَیْعُ مِنْ أَصْلِهِ) إنْ ظَهَرَ الْجَمِیعُ کَذَلِکَ وَ إِلَّا فَبِالنِّسْبَهِ (کَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَ إِنْ کَانَ) مَا بِإِزَائِهِ (مُخَالِفًا) فِی الْجِنْسِ (صَحَّ) الْبَیْعُ (فِی السَّلِیمِ وَ مَا قَابَلَهُ وَ یَجُوزُ) لِکُلٍّ مِنْهُمَا (الْفَسْخُ مَعَ الْجَهْلِ) بِالْعَیْبِ، لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ.

(وَ لَوْ کَانَ الْعَیْبُ مِنْ الْجِنْسِ) کَخُشُونَهِ الْجَوْهَرِ وَ اضْطِرَابِ السِّکَّهِ (وَکَانَ بِإِزَائِهِ مُجَانِسٌ، فَلَهُ الرَّدُّ بِغَیْرِ أَرْشٍ)، لِئَلَّا یَلْزَمَ زِیَادَهُ جَانِبِ الْمَعِیبِ الْمُفْضِی إلَی الرِّبَا؛ لِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ حُکْمِیٌّ، فَهُوَ فِی حُکْمِ الصَّحِیحِ، (وَ فِی الْمُخَالِفِ) بِإِزَاءِ الْمَعِیبِ (إنْ کَانَ صَرْفًا) کَمَا لَوْ بَاعَهُ ذَهَبًا بِفِضَّهٍ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِیبًا مِنْ الْجِنْسِ (فَلَهُ الْأَرْشُ فِی الْمَجْلِسِ وَ الرَّدِّ).

أَمَّا ثُبُوتُ الْأَرْشِ فَلِلْعَیْبِ وَ لَا یَضُرُّ هُنَا زِیَادَهُ عِوَضِهِ لِلِاخْتِلَافِ وَ اعْتُبِرَ کَوْنُهُ فِی الْمَجْلِسِ لِلصَّرْفِ وَ وَجْهُ الرَّدِّ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَی خِیَارِ الْعَیْبِ بِشَرْطِهِ (وَبَعْدَ التَّفَرُّقِ لَهُ الرَّدُّ) (وَ لَا یَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مِنْ النَّقْدَیْنِ)، لِئَلَّا یَکُونَ صَرْفًا (بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَ لَوْ أَخَذَ) الْأَرْشَ (مِنْ غَیْرِهِمَا قِیلَ) وَ الْقَائِلُ الْعَلَّامَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (جَازَ)؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ کَالْمُعَاوَضَهِ بِغَیْرِ الْأَثْمَانِ فَیَکُونُ جُمْلَهُ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَهِ بَیْعٍ وَ صَرْفٍ وَ الْبَیْعُ مَا أُخِذَ عِوَضُهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ.

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَ الْمُعْتَبَرُ فِیهِ النَّقْدُ الْغَالِبُ فَإِذَا اخْتَارَ الْأَرْشَ لَزِمَ النَّقْدُ حِینَئِذٍ وَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَی غَیْرِهِ مُعَاوَضَهٌ عَلَی النَّقْدِ الثَّابِتِ فِی الذِّمَّهِ أَرْشًا لَا نَفْسُ الْأَرْشِ.

وَیُمْکِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الثَّابِتَ وَ إِنْ کَانَ هُوَ النَّقْدُ لَکِنْ لَمَّا لَمْ یَتَعَیَّنْ إلَّا بِاخْتِیَارِهِ الْأَرْشَ، إذْ لَوْ رُدَّ لَمْ یَکُنْ الْأَرْشُ ثَابِتًا کَانَ ابْتِدَاءَ تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّهِ الَّذِی هُوَ بِمَنْزِلَهِ الْمُعَاوَضَهِ اخْتِیَارُهُ فَیُعْتَبَرُ حِینَئِذٍ قَبْضُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، مُرَاعَاهً لِلصَّرْفِ وَ کَمَا یَکْفِی فِی لُزُومِ مُعَاوَضَهِ الصَّرْفِ دَفْعُ نَفْسِ الْأَثْمَانِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ کَذَا یَکْفِی دَفْعُ عِوَضِهَا قَبْلَهُ بَلْ مُطْلَقُ بَرَاءَهِ ذِمَّهِ مَنْ یُطْلَبُ مِنْهُ مِنْهُ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَی جَعْلِهِ مِنْ غَیْرِ النَّقْدَیْنِ جَازَ وَ کَانَتْ الْمُعَاوَضَهُ کَأَنَّهَا وَاقِعَهٌ بِهِ و فیه أَنَّ ذَلِکَ یَقْتَضِی جَوَازَ أَخْذِهِ فِی مَجْلِسِ اخْتِیَارِهِ مِنْ النَّقْدَیْنِ أَیْضًا وَ لَا یَقُولُونَ بِهِ وَ لُزُومُهُ وَ إِنْ کَانَ مَوْقُوفًا عَلَی اخْتِیَارِهِ إلَّا أَنَّ سَبَبَهُ الْعَیْبُ الثَّابِتُ حَالَهَ الْعَقْدِ فَقَدْ صَدَقَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ أَخْذِهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مُسْتَقِرًّا.

وَالْحَقُّ أَنَّا إنْ اعْتَبَرْنَا فِی ثُبُوتِ الْأَرْشِ السَّبَبَ لَزِمَ بُطْلَانُ الْبَیْعِ فِیمَا قَابَلَهُ بِالتَّفَرُّقِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا وَ إِنْ اعْتَبَرْنَا حَالَهَ اخْتِیَارِهِ، أَوْ جَعَلْنَاهُ تَمَامَ السَّبَبِ عَلَی وَجْهِ النَّقْلِ لَزِمَ جَوَازُ أَخْذِهِ فِی مَجْلِسِهِ مُطْلَقًا وَ إِنْ جَعَلْنَا ذَلِکَ کَاشِفًا عَنْ ثُبُوتِهِ بِالْعَقْدِ لَزِمَ الْبُطْلَانُ فِیهِ أَیْضًا وَ عَلَی کُلِّ حَالٍ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ النَّقْدُ الْغَالِبُ وَ مَا اتَّفَقَا عَلَی أَخْذِهِ أَمْرٌ آخَرَ وَ الْوَجْهُ الْأَخِیرُ أَوْضَحُ، فَیُتَّجَهُ مَعَ اخْتِیَارِهِ الْبُطْلَانُ فِیمَا قَابَلَهُ مُطْلَقًا وَ إِنْ رَضِیَ بِالْمَدْفُوعِ لَزِمَ.

فَإِنْ قِیلَ: الْمَدْفُوعُ أَرْشًا لَیْسَ هُوَ أَحَدُ عِوَضَیْ الصَّرْفِ وَ إِنَّمَا هُوَ عِوَضُ صِفَهٍ فَائِتَهٍ فِی أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ وَ یَتَرَتَّبُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَی صِحَّهِ الْعَقْدِ و قد حَصَلَ التَّقَابُضُ فِی کُلٍّ مِنْ الْعِوَضَیْنِ فَلَا مُقْتَضَی لِلْبُطْلَانِ، إذْ وجوب التَّقَابُضِ إنَّمَا هُوَ فِی عِوَضَیْ الصَّرْفِ، لَا فِیمَا وَجَبَ بِسَبَبِهِمَا قُلْنَا: الْأَرْشُ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ أَحَدُ الْعِوَضَیْنِ، لَکِنَّهُ کَالْجُزْءِ مِنْ النَّاقِصِ مِنْهُمَا وَ مِنْ ثَمَّ حَکَمُوا بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَیْهِ کَنِسْبَهِ قِیمَهِ الصَّحِیحِ إلَی الْمَعِیبِ وَ التَّقَابُضُ الْحَاصِلُ فِی الْعِوَضَیْنِ وَقَعَ مُتَزَلْزِلًا، إذْ یُحْتَمَلُ رَدُّهُ رَأْسًا وَ أَخْذُ أَرْشِ النُّقْصَانِ الَّذِی هُوَ کَتَتِمَّهِ الْعِوَضِ النَّاقِصِ، فَکَانَ بِمَنْزِلَهِ بَعْضِ الْعِوَضِ وَ التَّخْیِیرِ بَیْنَ أَخْذِهِ وَ الْعَفْوِ عَنْهُ، وَرَدُّ الْمَبِیعِ لَا یُنَافِی ثُبُوتَهُ، غَایَتَهُ التَّخْیِیرُ بَیْنَهُ و بین أَمْرٍ آخَرَ، فَیَکُونُ ثَابِتًا ثُبُوتًا تَخْیِیرِیًّا بَیْنَهُ و بین مَا ذُکِرَ (وَ لَوْ کَانَ) الْعَیْبُ الْجِنْسِیُّ (فِی غَیْرِ صَرْفٍ) بِأَنْ کَانَ الْعِوَضُ الْآخَرُ عَرْضًا (فَلَا شَکَّ فِی جَوَازِ الرَّدِّ وَ الْأَرْشُ)، إعْطَاءٌ لِلْمَعِیبِ حُکْمُهُ شَرْعًا وَ لَا مَانِعَ مِنْهُ هُنَا (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ کَانَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، أَمْ بَعْدَهُ.

(وَ لَوْ کَانَا) أَیْ الْعِوَضَانِ (غَیْرَ مُعَیَّنَیْنِ فَلَهُ الْإِبْدَالُ) مَعَ ظُهُورِ الْعَیْبِ جِنْسِیًّا کَانَ، أَمْ خَارِجِیًّا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَی أَمْرٍ کُلِّیٍّ وَ الْمَقْبُوضُ غَیْرُهُ، فَإِذَا لَمْ یَکُنْ مُطَابِقًا لَمْ یَتَعَیَّنْ لِوُجُودِهِ فِی ضِمْنِهِ، لَکِنَّ الْإِبْدَالَ (مَا دَامَ فِی الْمَجْلِسِ فِی الصَّرْفِ،) أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ یَقْتَضِی عَدَمَ الرِّضَا بِالْمَقْبُوضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَ أَنَّ الْأَمْرَ الْکُلِّیَّ بَاقٍ فِی الذِّمَّهِ فَیُؤَدِّی إلَی فَسَادِ الصَّرْفِ.

هَذَا إذَا کَانَ الْعَیْبُ مِنْ الْجِنْسِ، أَمَّا غَیْرُهُ فَالْمَقْبُوضُ لَیْسَ مَا وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ مُطْلَقًا فَیَبْطُلُ بِالتَّفَرُّقِ، لِعَدَمِ التَّقَابُضِ فِی الْمَجْلِسِ وَ یُحْتَمَلُ قَوِیًّا مَعَ کَوْنِ الْعَیْبِ جِنْسِیًّا جَوَازُ إبْدَالِهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، لِصِدْقِ التَّقَابُضِ فِی الْعِوَضَیْنِ قَبْلَهُ وَ الْمَقْبُوضُ مَحْسُوبٌ عِوَضًا وَ إِنْ کَانَ مَعِیبًا، لِکَوْنِهِ مِنْ الْجِنْسِ فَلَا یَخْرُجُ عَنْ حَقِیقَهِ الْعِوَضِ الْمُعَیَّنِ، غَایَتُهُ کَوْنُهُ مُفَوِّتًا لِبَعْضِ الْأَوْصَافِ فَاسْتِدْرَاکُهُ مُمْکِنُ بِالْخِیَارِ وَ مِنْ ثَمَّ لَوْ رَضِیَ بِهِ اسْتَقَرَّ مِلْکُهُ عَلَیْهِ وَ نَمَاؤُهُ لَهُ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ.

بِخِلَافِ غَیْرِ الْجِنْسِیِّ وَ حِینَئِذٍ فَإِذَا فُسِخَ رَجَعَ الْحَقُّ إلَی الذِّمَّهِ، فَیَتَعَیَّنُ حِینَئِذٍ کَوْنُهُ عِوَضًا صَحِیحًا، لَکِنْ یَجِبُ قَبْضُ الْبَدَلِ فِی مَجْلِسِ الرَّدِّ، بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْفَسْخَ رَفَعَ الْعِوَضَ، فَإِذَا لَمْ یَقْدَحْ فِی الصِّحَّهِ سَابِقًا یَتَعَیَّنُ الْقَبْضُ حِینَئِذٍ لِیَتَحَقَّقَ التَّقَابُضِ وَ یُحْتَمَلُ قَوِیًّا سُقُوطُ اعْتِبَارِهِ أَیْضًا، لِصِدْقِ التَّقَابُضِ فِی الْعِوَضَیْنِ الَّذِی هُوَ شَرْطُ الصِّحَّهِ وَ لِلْحُکْمِ بِصِحَّهِ الصَّرْفِ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ فَیُسْتَصْحَبُ إلَی أَنْ یَثْبُتَ خِلَافُهُ وَ مَا وَقَعَ غَیْرُ کَافٍ فِی الْحُکْمِ بِوُجُوبِ التَّقَابُضِ؛ لِأَنَّهُ حُکْمٌ طَارِئٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَیْعِ.

(وَ فِی غَیْرِهِ) أَیْ غَیْرِ الصَّرْفِ لَهُ الْإِبْدَالُ، (وَ إِنْ تَفَرَّقَا)، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِی لَهُ وَ هُوَ الْعَیْبُ فِی عَیْنٍ لَمْ یَتَعَیَّنْ عِوَضًا.

الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِی السَّلَفِ
المدخل

(الْفَصْلُ السَّادِسُ: فِی السَّلَفِ)

وَهُوَ بَیْعُ (مَضْمُونٍ) فِی الذِّمَّهِ، مَضْبُوطٍ بِمَالٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ فِی الْمَجْلِسِ إلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِصِیغَهٍ خَاصَّهٍ، (وَیَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ) أَیْ قَوْلِ الْمُسْلِمِ وَ هُوَ الْمُشْتَرِی (أَسْلَمْت إلَیْک، أَوْ أَسْلَفْتُک)، أَوْ سَلَّفْتُک بِالتَّضْعِیفِ وَ فِی سَلَّمْتُک وَجْهٌ، (کَذَا فِی کَذَا إلَی کَذَا وَ یَقْبَلُ الْمُخَاطَبُ) وَ هُوَ الْمُسْلَمُ إلَیْهِ وَ هُوَ الْبَائِعُ بِقوله:

قَبِلْت وَ شَبَهِهِ وَ لَوْ جَعَلَ الْإِیجَابَ مِنْهُ جَازَ بِلَفْظِ الْبَیْعِ وَ التَّمْلِیکِ وَ اسْتَلَمْت مِنْک وَ اسْتَلَفْت وَ تَسَلَّفْت وَ نَحْوُهُ.

(وَیُشْتَرَطُ فِیهِ) شُرُوطُ الْبَیْعِ بِأَسْرِهَا وَ یَخْتَصُّ بِشُرُوطِ (ذِکْرِ الْجِنْسِ) وَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَقِیقَهُ النَّوْعِیَّهُ کَالْحِنْطَهِ وَ الشَّعِیرِ، (وَ الْوَصْفُ الرَّافِعُ لِلْجَهَالَهِ) الْفَارِقُ بَیْنَ أَصْنَافِ ذَلِکَ النَّوْعِ، لَا مُطْلَقُ الْوَصْفِ، (بَلْ الَّذِی یَخْتَلِفُ لِأَجْلِهِ الثَّمَنُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) لَا یُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ عَادَهً، فَلَا یَقْدَحُ الِاخْتِلَافُ الْیَسِیرُ غَیْرُ الْمُؤَدَّی إلَیْهِ وَ الْمَرْجِعُ فِی الْأَوْصَافِ إلَی الْعُرْفِ وَ رُبَّمَا کَانَ الْعَامِّیُّ أَعْرَفُ بِهَا مِنْ الْفَقِیهِ وَ حَظُّ الْفَقِیهِ مِنْهَا الْإِجْمَالُ وَ الْمُعْتَبَرُ مِنْ الْوَصْفِ مَا یَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ الْمُزِیلُ لِاخْتِلَافِ أَثْمَانِ الْأَفْرَادِ الدَّاخِلَهِ فِی الْمُعَیَّنِ، (وَ لَا یَبْلُغُ فِیهِ الْغَایَهَ) فَإِنْ بَلَغَهَا وَ أَفْضَی إلَی عِزَّهِ الْوُجُودِ بَطَلَ وَ إِلَّا صَحَّ. (وَاشْتِرَاطُ الْجَیِّدِ وَ الرَّدِیءِ جَائِزٌ)، لِإِمْکَانِ تَحْصِیلِهِمَا بِسُهُولَهٍ وَ الْوَاجِبُ أَقَلُّ مَا یُطْلَقُ عَلَیْهِ اسْمُ الْجَیِّدِ، فَإِنْ زَادَ عَنْهُ زَادَ خَیْرًا وَ مَا یَصْدُقُ عَلَیْهِ اسْمُ الرَّدِیءِ وَ کُلَّمَا قَلَّلَ الْوَصْفَ فَقَدْ أَحْسَنَ (وَ) شَرْطُ (الْأَجْوَدِ وَ الْأَرْدَإِ مُمْتَنِعٌ)، لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ، إذْ مَا مِنْ جَیِّدٍ إلَّا وَ یُمْکِنُ وُجُودُ أَجْوَدَ مِنْهُ وَ کَذَا الْأَرْدَأُ وَ الْحُکْمُ فِی الْأَجْوَدِ وِفَاقٌ وَ أَمَّا الْأَرْدَأُ فَالْأَجْوَدُ أَنَّهُ کَذَلِکَ.

وَرُبَّمَا قِیلَ بِصِحَّتِهِ وَ الِاکْتِفَاءُ بِکَوْنِهِ فِی الْمَرْتَبَهِ الثَّانِیَهِ مِنْ الرَّدِیءِ لِتَتَحَقَّقَ الْأَفْضَلِیَّهُ ثُمَّ إذَا کَانَ الْفَرْدُ الْمَدْفُوعُ أَرْدَأُ فَهُوَ الْحَقُّ وَ إِلَّا فَدَفْعُ الْجَیِّدِ عَنْ الرَّدِیءِ جَائِزٌ وَ قَبُولُهُ لَازِمٌ، فَیُمْکِنُ التَّخَلُّصُ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّ ضَبْطَ الْمُسْلَمِ فِیهِ مُعْتَبَرٌ عَلَی وَجْهٍ یُمْکِنُ الرُّجُوعُ إلَیْهِ عِنْدَ الْحَاجَهِ مُطْلَقًا وَ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا لَوْ امْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَیْهِ مِنْ دَفْعِهِ فَیُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ بِأَمْرِ الْحَاکِمِ قَهْرًا وَ ذَلِکَ غَیْرُ مُمْکِنٍ هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَیِّدَ غَیْرُ مُتَعَیَّنٍ عَلَیْهِ فَلَا یَجُوزُ لِغَیْرِهِ دَفْعُهُ فَیَتَعَذَّرُ التَّخَلُّصُ، فَعَدَمُ الصِّحَّهِ أَوْضَحُ وَ تَرَدَّدَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ.

(وَکُلُّ مَا لَا یُضْبَطُ وَصْفُهُ یَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِیهِ

، کَاللَّحْمِ وَ الْخُبْزِ وَ النَّبْلِ الْمَنْحُوتِ) وَ یَجُوزُ قَبْلَهُ، لِإِمْکَانِ ضَبْطِهَا بِالْعَدَدِ وَ الْوَزْنِ وَ مَا یَبْقَی فِیهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ غَیْرُ قَادِحٍ، لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ الْمَعْمُولِ، (وَ الْجُلُودِ) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا وَ بِالْوَزْنِ لَا یُفِیدُ الْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ أَهَمَّ أَوْصَافِهَا السُّمْکُ وَ لَا یَحْصُلُ بِهِ وَ قِیلَ: یَجُوزُ، لِإِمْکَانِ ضَبْطِهِ بِالْمُشَاهَدَهِ وَ رُدَّ بِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ دَیْنٌ وَ یُمْکِنُ الْجَمْعُ بِمُشَاهَدَهِ جُمْلَهٍ یَدْخُلُ الْمُسْلَمُ فِیهِ فِی ضِمْنِهَا مِنْ غَیْرِ تَعْیِینٍ وَ هُوَ غَیْرُ مُخْرَجٍ عَنْ وَضْعِهِ کَاشْتِرَاطِهِ مِنْ غَلَّهِ قَرْیَهٍ مُعَیَّنَهٍ لَا تَخِیسُ عَادَهً وَ حِینَئِذٍ فَیَکْفِی مُشَاهَدَهُ الْحَیَوَانِ عَنْ الْإِمْعَانِ فِی الْوَصْفِ وَ الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا (وَ الْجَوَاهِرُ وَ اللَّآلِئُ الْکِبَارُ، لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا) عَلَی وَجْهٍ یُرْفَعُ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافُ الثَّمَنِ، (وَتَفَاوُتِ الثَّمَنِ فِیهَا) تَفَاوُتًا بِاعْتِبَارَاتِ لَا تَحْصُلُ بِدُونِ الْمُشَاهَدَهِ، أَمَّا اللَّآلِئُ الصِّغَارُ الَّتِی لَا تَشْتَمِلُ عَلَی أَوْصَافٍ کَثِیرَهٍ تَخْتَلِفُ الْقِیمَهُ بِاخْتِلَافِهَا فَیَجُوزُ مَعَ ضَبْطِ مَا یُعْتَبَرُ فِیهَا سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الْمُتَّخِذَهُ لِلدَّوَاءِ وَ غَیْرِهَا وَ کَذَا الْقَوْلُ فِی بَعْضِ الْجَوَاهِرِ الَّتِی لَا یَتَفَاوَتُ الثَّمَنُ بِاعْتِبَارِهَا تَفَاوُتًا بَیِّنًا کَبَعْضِ الْعَقِیقِ وَ هُوَ خِیرَهُ الدُّرُوسِ.

(وَیَجُوزُ السَّلَمُ فِی الْحُبُوبِ وَ الْفَوَاکِهِ وَ الْخُضَرِ وَ الشَّحْمِ وَ الطِّیبِ وَ الْحَیَوَانِ کُلِّهِ)

نَاطِقًا وَ صَامِتًا، (حَتَّی فِی شَاهٍ لَبُونٍ)، لِإِمْکَانِ ضَبْطِهَا وَ کَثْرَهِ وُجُودِ مِثْلِهَا وَ جَهَالَهُ مِقْدَارِ اللَّبَنِ غَیْرُ مَانِعَهٍ عَلَی تَقْدِیمِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، (وَیَلْزَمُ تَسْلِیمُ شَاهٍ یُمْکِنُ أَنْ تُحْلَبَ فِی مُقَارِبِ زَمَانِ التَّسْلِیمِ) فَلَا یَکْفِی الْحَامِلُ وَ إِنْ قَرُبَ زَمَانُ وِلَادَتِهَا، (وَ لَا یُشْتَرَطُ أَنْ یَکُونَ اللَّبَنُ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ حِینَئِذٍ فَلَوْ حَلَبَهَا وَ سَلَّمَهَا أَجْزَأَتْ)، لِصِدْقِ اسْمِ الشَّاهِ اللَّبُونِ عَلَیْهَا بَعْدَهُ.

(أَمَّا الْجَارِیَهُ الْحَامِلُ، أَوْ ذَاتُ الْوَلَدِ، أَوْ الشَّاهُ کَذَلِکَ فَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ)، لِاعْتِبَارِ وَصْفِ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَیَعُزُّ اجْتِمَاعُهُمَا فِی وَاحِدٍ وَ لِجَهَالَهِ الْحَمْلِ وَ عَدَمِ إمْکَانِ وَصْفِهِ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ فِی الْجَمِیعِ، لِإِمْکَانِهِ مِنْ غَیْرِ عُسْرٍ وَ اغْتِفَارِ الْجَهَالَهِ فِی الْحَمْلِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَ فِی الدُّرُوسِ جَوَّزَ فِی الْحَامِلِ مُطْلَقًا وَ فِی ذَاتِ الْوَلَدِ الْمَقْصُودُ بِهَا الْخِدْمَهُ، دُونَ التَّسَرِّی وَ الْأَجْوَدُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عِزَّهَ وُجُودِ مِثْلِ ذَلِکَ غَیْرُ وَاضِحٍ وَ عُمُومُ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ یَقْتَضِیهِ (وَ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، أَوْ الْمُحَاسَبَهِ بِهِ مِنْ دَیْنٍ عَلَیْهِ) أَیْ عَلَی الْمُسْلَمِ (إذَا لَمْ یَشْتَرِطْ ذَلِکَ فِی الْعَقْدِ) بِأَنْ یَجْعَلَ الثَّمَنَ نَفْسَ مَا فِی الذِّمَّهِ، (وَ لَوْ شَرَطَهُ) کَذَلِکَ (بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ بَیْعُ دَیْنٍ بِدَیْنٍ) أَمَّا کَوْنُ الْمُسْلَمِ فِیهِ دَیْنًا فَوَاضِحٌ وَ أَمَّا الثَّمَنُ الَّذِی فِی الذِّمَّهِ فَلِأَنَّهُ دَیْنٌ فِی ذِمَّهِ الْمُسْلَمِ فَإِذَا جَعَلَ عِوَضًا لِلْمُسْلَمِ فِیهِ صَدَقَ بَیْعُ الدَّیْنِ بِالدَّیْنِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الدَّیْنِ قَدْ قُرِنَ بِالْبَاءِ فَصَارَ ثَمَنًا، بِخِلَافِ الْمُحَاسَبَهِ عَلَیْهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ إذَا لَمْ یُشْتَرَطْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِیفَاءُ دَیْنٍ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، مَعَ عَدَمِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَیْهِ، فَلَا یَقْصُرُ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَاهُ ثُمَّ أَحْضَرَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَ إِنَّمَا یُفْتَقَرُ إلَی الْمُحَاسَبَهِ مَعَ تَخَالُفِهِمَا جِنْسًا أَوْ وَصْفًا، أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ مَا فِی الذِّمَّهِ وَ الثَّمَنِ فِیهِمَا وَقَعَ التَّهَاتُرُ قَهْرِیًّا وَ لَزِمَ الْعَقْدُ.

وَلَکِنَّ الْمُصَنِّفَ فِی الدُّرُوسِ اسْتَشْکَلَ عَلَی هَذَا صِحَّهَ الْعَقْدِ، اسْتِنَادًا إلَی أَنَّهُ یَلْزَمُ مِنْهُ کَوْنُ مَوْرِدِ الْعَقْدِ دَیْنًا بِدَیْنٍ وَ یَنْدَفِعُ بِأَنَّ بَیْعَ الدَّیْنِ بِالدَّیْنِ لَا یَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا جُعِلَا مَعًا فِی نَفْسِ الْعَقْدِ مُتَقَابِلَیْنِ فِی الْمُعَاوَضَهِ، قَضِیَّهٌ لِلْبَاءِ وَ هِیَ مُنْتَفِیَهٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا أَمْرٌ کُلِّیٌّ وَ تَعْیِینُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فِی شَخْصٍ لَا یَقْتَضِی کَوْنُهُ هُوَ الثَّمَنُ الَّذِی جَرَی عَلَیْهِ الْعَقْدُ وَ مِثْلُ هَذَا التَّقَاصِّ وَ التَّحَاسُبِ اسْتِیفَاءً، لَا مُعَاوَضَهً وَ لَوْ أَثَّرَ مِثْلُ ذَلِکَ لَأَثَّرَ مَعَ إطْلَاقِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ فِی الْمَجْلِسِ، لِصِدْقِ بَیْعِ الدَّیْنِ بِالدَّیْنِ عَلَیْهِ ابْتِدَاءً، بَلْ قِیلَ بِجَوَازِ الصُّورَهِ الثَّانِیَهِ أَیْضًا وَ هِیَ مَا لَوْ جُعِلَ الدَّیْنُ ثَمَنًا فِی الْعَقْدِ، نَظَرًا إلَی أَنَّ مَا فِی الذِّمَّهِ بِمَنْزِلَهِ الْمَقْبُوضِ. (وَتَقْدِیرُهُ) أَیْ الْمُسْلَمِ فِیهِ، أَوْ مَا یَعُمُّ الثَّمَنَ (بِالْکَیْلِ، أَوْ الْوَزْنِ الْمَعْلُومَیْنِ) فِی مَا یُکَالُ، أَوْ یُوزَنُ وَ فِیمَا لَا یُضْبَطُ إلَّا بِهِ وَ إِنْ جَازَ بَیْعُهُ جُزَافًا کَالْحَطَبِ وَ الْحِجَارَهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَهَ تَرْفَعُ الْغَرَرَ، بِخِلَافِ الدَّیْنِ وَ احْتَرَزَ بِالْمَعْلُومَیْنِ عَنْ الْإِحَالَهِ عَلَی مِکْیَالٍ، أَوْ صَنْجَهٍ مَجْهُولَیْنِ فَیَبْطُلُ، (أَوْ الْعَدَدُ) فِی الْمَعْدُودِ، (مَعَ قِلَّهِ التَّفَاوُتِ) کَالصِّنْفِ الْخَاصِّ مِنْ الْجَوْزِ وَ اللَّوْزِ، أَمَّا مَعَ کَثْرَتِهِ کَالرُّمَّانِ فَلَا یَجُوزُ بِغَیْرِ الْوَزْنِ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَیْضَ مُلْحَقٌ بِالْجَوْزِ فِی جَوَازِهِ مَعَ تَعْیِینِ الصِّنْفِ وَ فِی الدُّرُوسِ قَطَعَ بِإِلْحَاقِهِ بِالرُّمَّانِ الْمُمْتَنِعِ بِهِ وَ فِی مِثْلِ الثَّوْبِ یُعْتَبَرُ ضَبْطُهُ بِالذَّرْعِ وَ إِنْ جَازَ بَیْعُهُ بِدُونِهِ مَعَ الْمُشَاهَدَهِ کَمَا مَرَّ و کان عَلَیْهِ أَنْ یَذْکُرَهُ أَیْضًا، لِخُرُوجِهِ عَنْ الِاعْتِبَارَاتِ الْمَذْکُورَهِ وَ لَوْ جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَشْیَاءُ ثَمَنًا فَإِنْ کَانَ مُشَاهَدًا لَحِقَهُ حُکْمُ الْبَیْعِ الْمُطْلَقِ، فَیَکْفِی مُشَاهَدَهُ مَا یَکْفِی مُشَاهَدَتُهُ فِیهِ وَ اعْتِبَارُ مَا یُعْتَبَرُ.

(وَتَعْیِینُ الْأَجَلِ الْمَحْرُوسِ مِنْ التَّفَاوُتِ) بِحَیْثُ لَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَ النُّقْصَانَ إنْ أُرِیدَ مَوْضُوعُهُ وَ لَوْ أُرِیدَ بِهِ مُطْلَقُ الْبَیْعِ لَمْ یُشْتَرَطْ وَ إِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ السَّلَمِ.

(وَ الْأَقْرَبُ جَوَازُهُ) أَیْ السَّلَمُ (حَالًّا مَعَ عُمُومِ الْوُجُودِ) أَیْ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِیهِ (عِنْدَ الْعَقْدِ)، لِیَکُونَ مَقْدُورًا عَلَی تَسْلِیمِهِ حَیْثُ یَکُونُ مُسْتَحَقًّا.

وَوَجْهُ الْقُرْبِ أَنَّ السَّلَمَ بَعْضُ جُزْئِیَّاتِ الْبَیْعِ وَ قَدْ اُسْتُعْمِلَ لَفْظُهُ فِی نَقْلِ الْمِلْکِ عَلَی الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ فَجَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِی الْجِنْسِ لِدَلَالَتِهِ عَلَیْهِ حَیْثُ یُصَرَّحُ بِإِرَادَهِ الْمَعْنَی الْعَامِّ وَ ذَلِکَ عِنْدَ قَصْدِ الْحُلُولِ، کَمَا یَنْعَقِدُ الْبَیْعُ بِمَلَّکْتُکَ کَذَا بِکَذَا، مَعَ أَنَّ التَّمْلِیکَ مَوْضُوعٌ لِمَعْنًی آخَرَ، إلَّا أَنَّ قَرِینَهَ الْعِوَضِ الْمُقَابِلِ عَیَّنَتْهُ لِلْبَیْعِ، بَلْ هَذَا أَوْلَی؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ، بِخِلَافِ التَّمْلِیکِ الْمُسْتَعْمَلِ شَرْعًا فِی الْهِبَهِ بِحَیْثُ لَا یَتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَیْرُهَا وَ إِنَّمَا صَرَفَهُ عَنْهَا الْقُیُودُ الْخَارِجِیَّهُ.

وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ فِیمَا لَوْ اسْتَعْمَلَا السَّلَمَ فِی بَیْعِ عَیْنِ شَخْصِیَّهٍ وَ أَوْلَی بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ.

وَالْحُلُولُ أَدْخَلُ فِی إمْکَانِ التَّسْلِیمِ مِنْ التَّأْجِیلِ.

وَمِنْ التَّعْلِیلِ یَلُوحُ وَجْهُ الْمَنْعِ فِیهِمَا حَیْثُ إنَّ بِنَاءَهُ عَلَی الْبَیْعِ الْمُؤَجَّلِ مُثَمَّنُهُ الثَّابِتُ فِی الذِّمَّهِ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { مَنْ أَسْلَفَ فَلْیُسْلِفْ فِی کَیْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ، أَوْ أَجَلٍ مَعْلُومٍ } وَ أُجِیب بِتَسْلِیمِهِ حَیْثُ یُقْصَدَ السَّلَمُ الْخَاصُّ وَ الْبَحْثُ فِیمَا لَوْ قَصَدَا بِهِ الْبَیْعَ الْحَالَّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَهِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَ فِی الدُّرُوسِ وَ کَثِیرٍ أَنَّ الْخِلَافَ مَعَ قَصْدِ السَّلَمِ وَ أَنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُهُ مُؤَجَّلًا وَ حَالًّا مَعَ التَّصْرِیحِ بِالْحُلُولِ وَ لَوْ قَصَدَا، بَلْ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَیْضًا وَ یُحْمَلُ عَلَی الْحُلُولِ وَ اَلَّذِی یُرْشِدُ إلَیْهِ التَّعْلِیلُ وَ الْجَوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ فِیمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْبَیْعَ الْمُطْلَقَ وَ اسْتَعْمَلَ السَّلَمَ فِیهِ بِالْقَرَائِنِ، أَمَّا إذَا أُرِیدَ بِهِ السَّلَفُ الْمُطْلَقُ اشْتَرَطَ ذِکْرَ الْأَجَلِ.

(وَ لَا بُدَّ مِنْ کَوْنِهِ عَامَ الْوُجُودِ عِنْدَ رَأْسِ الْأَجَلِ إذَا شَرَطَ الْأَجَلَ) فِی الْبَلَدِ الَّذِی شَرَطَ تَسْلِیمَهُ فِیهِ، أَوْ بَلَدَ الْعَقْدِ حَیْثُ یُطْلَقُ عَلَی رَأْیِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، أَوْ فِیمَا قَارَبَهُ بِحَیْثُ یُنْقَلُ إلَیْهِ عَادَهً وَ لَا یَکْفِی وُجُودُهُ فِیمَا لَا یُعْتَادُ نَقْلُهُ مِنْهُ إلَیْهِ إلَّا نَادِرًا، کَمَا لَا یُشْتَرَطُ وُجُودُهُ حَالَ الْعَقْدِ حَیْثُ یَکُونُ مُؤَجَّلًا وَ لَا فِیمَا بَیْنَهُمَا وَ لَوْ عَیَّنَ غَلَّهَ بَلَدٍ لَمْ یَکْفِ وُجُودُهُ فِی غَیْرِهِ وَ إِنْ اُعْتِیدَ نَقْلُهُ إلَیْهِ وَ لَوْ انْعَکَسَ بِأَنْ عَیَّنَ غَلَّهَ غَیْرِهِ مَعَ لُزُومِ التَّسْلِیمِ بِهِ شَارِطًا نَقْلَهُ إلَیْهِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّهُ وَ إِنْ کَانَ یَبْطُلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ بَلَدَ التَّسْلِیمِ حِینَئِذٍ بِمَنْزِلَهِ شَرْطٍ آخَرَ وَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ بَلَدُ الْمُسْلَمَ فِیهِ (وَ الشُّهُورُ یُحْمَلُ) إطْلَاقُهَا (عَلَی الْهِلَالِیَّهِ) مَعَ إمْکَانِهِ کَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِی أَوَّلِ الشَّهْرِ وَ لَوْ وَقَعَ فِی أَثْنَائِهِ فَفِی عَدِّهِ هِلَالِیًّا بِجَبْرِهِ مِقْدَارَ مَا مَضَی مِنْهُ، أَوْ إکْمَالِهِ ثَلَاثِینَ یَوْمًا، أَوْ انْکِسَارِ الْجَمِیعِ لَوْ کَانَ مَعَهُ غَیْرُهُ وَ عَدَّهَا ثَلَاثِینَ یَوْمًا أَوْجُهٌ، أَوْسَطُهَا الْوَسَطُ وَ قَوَّاهُ فِی الدُّرُوسِ وَ یَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهَ الْأَوَّلُ (وَ لَوْ شَرَطَ تَأْجِیلَ بَعْضِ الثَّمَنِ بَطَلَ فِی الْجَمِیعِ) أَمَّا فِی الْمُؤَجَّلِ فَظَاهِرٌ، لِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ الْمُنَافِی لَهُ وَ عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِ مُنَافَاتِهِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ یَمْتَنِعُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ بَیْعُ الْکَالِئِ بِالْکَالِئِ فَقَدْ فَسَّرَهُ أَهْلُ اللُّغَهِ بِأَنَّهُ بَیْعٌ مَضْمُونٌ مُؤَجَّلٌ بِمِثْلِهِ وَ أَمَّا الْبُطْلَانُ فِی الْحَالِ عَلَی تَقْدِیرِ بُطْلَانِ الْمُؤَجَّلِ فَلِجَهَالَهِ قِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَ إِنْ جَعَلَ کُلًّا مِنْهُمَا قَدْرًا مَعْلُومًا کَتَأْجِیلِ خَمْسِینَ مِنْ مِائَهٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ یُقَابِلُ مِنْ الْمَبِیعِ قِسْطًا أَکْثَرَ مِمَّا یُقَابِلُهُ الْمُؤَجَّلُ، لِتَقْسِیطِ الثَّمَنِ عَلَی الْأَجَلِ أَیْضًا وَ النِّسْبَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ غَیْرُ مَعْلُومَهٍ.

وَرُبَّمَا قِیلَ بِالصِّحَّهِ لِلْعِلْمِ بِجُمْلَهِ الثَّمَنِ وَ التَّقْسِیطُ غَیْرُ مَانِعٍ، کَمَا لَا یَمْنَعُ لَوْ بَاعَ مَالَهُ وَ مَالَ غَیْرِهِ فَلَمْ یُجِزْ الْمَالِکُ، بَلْ لَوْ بَاعَ الْحُرُّ وَ الْعَبْدُ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ مَعَ کَوْنِ بَیْعِ الْحُرِّ بَاطِلًا مِنْ حِینِ الْعَقْدِ کَالْمُؤَجَّلِ هُنَا (وَ لَوْ شَرَطَ مَوْضِعَ التَّسْلِیمِ لَزِمَ)، لِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ السَّائِغِ (وَ إِلَّا) یُشْتَرَطُ (اقْتَضَی) الْإِطْلَاقُ التَّسْلِیمَ (فِی مَوْضِعِ الْعَقْدِ) کَنَظَائِرِهِ مِنْ الْمَبِیعِ الْمُؤَجَّلِ هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِی الْمَسْأَلَهِ وَ الْقَوْلُ الْآخَرُ: اشْتِرَاطُ تَعْیِینِ مَوْضِعِهِ مُطْلَقًا وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ، لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِهِ الْمُوجِبِ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ وَ الرَّغْبَهِ وَ لِجَهَالَهِ مَوْضِعِ الِاسْتِحْقَاقِ، لِابْتِنَائِهِ عَلَی مَوْضِعِ الْحُلُولِ الْمَجْهُولِ وَ بِهَذَا فَارَقَ الْفَرْضَ الْمَحْمُولَ عَلَی مَوْضِعِهِ، لِکَوْنِهِ مَعْلُومًا.

وَأَمَّا النَّسِیئَهُ فَخَرَجَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَی عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَعْیِینِ مَحَلِّهِ وَ فَصَّلَ ثَالِثٌ بِاشْتِرَاطِهِ إنْ کَانَ فِی حَمْلِهِ مُؤْنَهً وَ عَدَمِهِ بِعَدَمِهِ وَ رَابِعٌ بِکَوْنِهِمَا فِی مَکَان قَصْدُهُمَا مُفَارَقَتُهُ وَ عَدَمَهُ وَ خَامِسٌ بِاشْتِرَاطِهِ فِیهِمَا وَ وَجْهُ الثَّلَاثَهِ مُرَکَّبٌ مِنْ الْأَوَّلَیْنِ وَ لَا رَیْبَ أَنَّ التَّعْیِینَ مُطْلَقًا أَوْلَی. (وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُ السَّائِغِ فِی الْعَقْدِ) کَاشْتِرَاطِ حَمْلِهِ إلَی مَوْضِعٍ مُعَیَّنٍ وَ تَسْلِیمُهُ کَذَلِکَ وَ رَهْنٌ.

وَضَمِینٌ وَ کَوْنُهُ مِنْ غَلَّهِ أَرْضٍ، أَوْ بَلَدٍ لَا تَخِیسُ فِیهَا غَالِبًا وَ نَحْوِ ذَلِکَ. (وَ) کَذَا یَجُوزُ (بَیْعُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ) وَ قَبْلَ قَبْضِهِ (عَلَی الْغَرِیمِ وَ غَیْرِهِ عَلَی کَرَاهَهٍ)، لِلنَّهْیِ عَنْ ذَلِکَ فِی قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ { لَا تَبِیعَنَّ شَیْئًا حَتَّی تَقْبِضَهُ } وَ نَحْوُهُ الْمَحْمُولُ عَلَی الْکَرَاهَهِ وَ خَصَّهَا بَعْضُهُمْ بِالْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ وَ آخَرُونَ بِالطَّعَامِ وَ حَرَّمَهُ آخَرُونَ فِیهِمَا وَ هُوَ الْأَقْوَی، حَمْلًا لِمَا وَرَدَ صَحِیحًا مِنْ النَّهْی عَلَی ظَاهِرِهِ، لِضَعْفِ الْمُعَارِضِ الدَّالِّ عَلَی الْجَوَازِ الْحَامِلِ لِلنَّهْیِ عَلَی الْکَرَاهَهِ وَ حَدِیثُ النَّهْیِ عَنْ بَیْعِ مُطْلَقِ مَا لَمْ یُقْبَضْ لَمْ یَثْبُتْ وَ أَمَّا بَیْعُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ فَلَا، لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ حِینَئِذٍ.

نَعَمْ لَوْ صَالَحَ عَلَیْهِ فَالْأَقْوَی الصِّحَّهُ

(وَإِذَا دَفَعَ) الْمُسْلَمُ إلَیْهِ

(فَوْقَ الصِّفَهِ وَجَبَ الْقَبُولُ)؛ لِأَنَّهُ خَیْرٌ وَ إِحْسَانٌ، فَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ عِنَادٌ وَ لِأَنَّ الْجَوْدَهَ صِفَهٌ لَا یُمْکِنُ فَصْلُهَا فَهِیَ تَابِعَهٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ أَزْیَدَ قَدْرًا یُمْکِنُ فَصْلُهُ وَ لَوْ فِی ثَوْبٍ وَ قِیلَ: لَا یَجِبُ، لِمَا فِیهِ مِنْ الْمِنَّهِ (وَدُونِهَا) أَیْ دُونَ الصِّفَهِ الْمُشْتَرَطَهِ (لَا یَجِبُ) قَبُولُهُ وَ إِنْ کَانَ أَجْوَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِهِ بِهِ وَ یَجِبُ تَسْلِیمُ الْحِنْطَهِ وَ نَحْوِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ نَقِیَّهً مِنْ الزُّوَانِ وَ الْمَدَرِ وَ التُّرَابِ وَ الْقِشْرِ غَیْرِ الْمُعْتَادِ وَ تَسْلِیمِ التَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ جَافَّیْنِ وَ الْعِنَبِ وَ الرُّطَبِ صَحِیحَیْنِ وَ یُعْفَی عَنْ الْیَسِیرِ الْمُحْتَمَلِ عَادَهً.

(وَ لَوْ رَضِیَ الْمُسْلَمُ بِهِ) أَیْ: مَا بِالْأَدْوَنِ صِفَهً (لَزِمَ)؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الزَّائِدِ بِرِضَاهُ، کَمَا یَلْزَمُ لَوْ رَضِیَ بِغَیْرِ جِنْسِهِ، (وَ لَوْ انْقَطَعَ) الْمُسْلَمُ فِیهِ (عِنْدَ الْحُلُولِ) حَیْثُ یَکُونُ مُؤَجَّلًا مُمْکِنَ الْحُصُولِ بَعْدَ الْأَجَلِ عَادَهً فَاتَّفَقَ عَدَمُهُ (تَخَیَّرَ) الْمُسْلِمُ (بَیْنَ الْفَسْخِ) فَیَرْجِعُ بِرَأْسِ مَالِهِ، لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَی حَقِّهِ وَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ، (وَ) بَیْنَ (الصَّبْرِ) إلَی أَنْ یَحْصُلَ وَ لَهُ أَنْ لَا یَفْسَخَ وَ لَا یَصْبِرَ، بَلْ یَأْخُذَ قِیمَتَهُ حِینَئِذٍ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ حَقُّهُ.

وَالْأَقْوَی أَنَّ الْخِیَارَ لَیْسَ فَوْرِیًّا فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الصَّبْرِ إلَی أَحَدِ الْأَمْرَیْنِ مَا لَمْ یُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الْخِیَارِ وَ لَوْ کَانَ الِانْقِطَاعُ بَعْدَ بَذْلِهِ لَهُ وَ رِضَاهُ بِالتَّأْخِیرِ سَقَطَ خِیَارُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ کَانَ بِعَدَمِ الْمُطَالَبَهِ، أَوْ بِمَنْعِ الْبَائِعِ مَعَ إمْکَانِهِ.

وَفِی حُکْمِ انْقِطَاعِهِ عِنْدَ الْحُلُولِ مَوْتُ الْمُسْلَمِ إلَیْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَ قَبْلَ وُجُودِهِ، لَا الْعِلْمَ قَبْلَهُ بِعَدَمِهِ بَعْدَهُ، بَلْ یَتَوَقَّفُ الْخِیَارُ عَلَی الْحُلُولِ عَلَی الْأَقْوَی، لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُقْتَضِی لَهُ الْآنَ، إذْ لَمْ یَسْتَحِقَّ شَیْئًا حِینَئِذٍ وَ لَوْ قَبَضَ الْبَعْضَ تَخَیَّرَ أَیْضًا بَیْنَ الْفَسْخِ فِی الْجَمِیعِ وَ الصَّبْرِ و بین أَخْذِ مَا قَبَضَهُ وَ الْمُطَالَبَهِ بِحِصَّهِ غَیْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ قِیمَهِ الْمُثَمَّنِ عَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ وَ فِی تَخَیُّرِ الْمُسْلَمِ إلَیْهِ مَعَ الْفَسْخِ فِی الْبَعْضِ وَجْهٌ قَوِیٌّ، لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ عَلَیْهِ، إلَّا أَنْ یَکُونَ الِانْقِطَاعُ مِنْ تَقْصِیرِهِ فَلَا خِیَارَ لَهُ.

الْفَصْلُ السَّابِعُ: فِی أَقْسَامِ الْبَیْعِ
المدخل

(الْفَصْلُ السَّابِعُ: فِی أَقْسَامِ الْبَیْعِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْإِخْبَارِ بِالثَّمَنِ وَ عَدَمِهِ وَ هُوَ أَرْبَعَهُ أَقْسَامٍ)

لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ یُخْبِرَ بِهِ، أَوْ لَا وَ الثَّانِی الْمُسَاوَمَهُ وَ الْأَوَّلُ إمَّا أَنْ یَبِیعَ مَعَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بِزِیَادَهٍ عَلَیْهِ، أَوْ نُقْصَانٍ عَنْهُ وَ الْأَوَّلُ التَّوْلِیَهُ وَ الثَّانِی الْمُرَابَحَهُ وَ الثَّالِثُ الْمُوَاضَعَهُ وَ بَقِیَ قِسْمٌ خَامِسٌ وَ هُوَ إعْطَاءُ بَعْضِ الْمَبِیعَ بِرَأْسِ مَالِهِ وَ لَمْ یَذْکُرْهُ کَثِیرٌ وَ ذَکَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَ فِی الدُّرُوسِ وَ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ دَلَالَهً عَلَیْهِ و قد تَجْتَمِعُ الْأَقْسَامُ فِی عَقْدٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ اشْتَرَی خَمْسَهٌ ثَوْبًا بِالسَّوِیَّهِ، لَکِنَّ ثَمَنَ نَصِیبِ أَحَدِهِمْ عِشْرُونَ وَ الْآخَرِ خَمْسَهَ عَشَرَ وَ الثَّالِثِ عَشَرَهٌ وَ الرَّابِعِ خَمْسَهٌ وَ الْخَامِسِ لَمْ یُبَیِّنْ، ثُمَّ بَاعَ مِنْ عَدَا الرَّابِعِ نَصِیبَهُمْ بِسِتِّینَ بَعْدَ إخْبَارِهِمْ بِالْحَالِ وَ الرَّابِعُ شَرَّکَ فِی حِصَّتِهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْأَوَّلِ مُوَاضَعَهٌ وَ الثَّانِی تَوْلِیَهٌ وَ الثَّالِثُ مُرَابَحَهٌ وَ الرَّابِعُ تَشْرِیکٌ وَ الْخَامِسُ مُسَاوَمَهٌ وَ اجْتِمَاعُ قِسْمَیْنِ وَ ثَلَاثَهٍ وَ أَرْبَعَهٍ مِنْهَا عَلَی قِیَاسِ ذَلِکَ وَ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَهُ:

(أَحَدُهَا الْمُسَاوَمَهُ)

وَهِیَ الْبَیْعُ بِمَا یَتَّفِقَانِ عَلَیْهِ مَنْ غَیْرِ تَعَرُّضٍ لِلْإِخْبَارِ بِالثَّمَنِ، سَوَاءٌ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِی، أَمْ لَا وَ هِیَ أَفْضَلُ الْأَقْسَامِ.

وَثَانِیهَا - الْمُرَابَحَهُ:

وَیُشْتَرَطُ فِیهَا الْعِلْمُ) أَیْ: عِلْمُ کُلٍّ مَنْ الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی (بِقَدْرِ الثَّمَنِ، وَ) قَدْرِ (الرِّبْحِ) وَ الْغَرَامَهِ وَ الْمُؤَنِ إنْ ضَمَّهَا، (وَیَجِبُ عَلَی الْبَائِعِ الصِّدْقُ) فِی الثَّمَنِ وَ الْمُؤَنِ وَ مَا طَرَأَ مِنْ مُوجَبِ النَّقْصِ وَ الْأَجَلِ وَ غَیْرِهِ (فَإِنْ لَمْ یَحْدُثْ فِیهِ زِیَادَهٌ قال:

اشْتَرَیْته، أَوْ هُوَ عَلَیَّ، أَوْ تَقَوَّمَ) بِکَذَا، (وَ إِنْ زَادَ بِفِعْلِهِ) مَنْ غَیْرِ غَرَامَهٍ مَالِیَّهٍ (أَخْبَرَ) بِالْوَاقِعِ، بِأَنْ یقول:

اشْتَرَیْتُهُ بِکَذَا وَ عَمِلْت فِیهِ عَمَلًا یُسَاوِی کَذَا وَ مِثْلُهُ، مَا لَوْ عَمِلَ فِیهِ مُتَطَوِّعٌ.

(وَ إِنْ زَادَ بِاسْتِئْجَارِهِ) عَلَیْهِ (ضَمَّهُ فَیقول:

تَقَوَّمَ عَلَیَّ) بِکَذَا (لَا اشْتَرَیْت بِهِ)؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا یَدْخُلُ فِیهِ إلَّا الثَّمَنُ، بِخِلَافِ تَقَوَّمَ عَلَیَّ فَإِنَّهُ یَدْخُلُ فِیهِ الثَّمَنُ وَ مَا یَلْحَقُهُ مِنْ أُجْرَهِ الْکَیَّالِ وَ الدَّلَّالِ وَ الْحَارِسِ وَ الْمُحْرِسِ وَ الْقَصَّارِ وَ الرَّفَّاءِ وَ الصَّبَّاغِ وَ سَائِرِ الْمُؤَنِ الْمُرَادَهِ لِلِاسْتِرْبَاحِ، لَا مَا یُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْکِ، دُونَ الِاسْتِرْبَاحِ، کَنَفَقَهِ الْعَبْدِ وَ کِسْوَتِهِ وَ عَلَفِ الدَّابَّهِ نَعَمْ الْعَلَفُ الزَّائِدُ عَلَی الْمُعْتَادِ لِلتَّسْمِینِ یَدْخُلُ وَ الْأُجْرَهُ وَ مَا فِی مَعْنَاهَا لَا تُضَمُّ إلَی اشْتَرَیْت بِکَذَا، (إلَّا أَنْ یقول:

وَ اسْتَأْجَرْت بِکَذَا) فَإِنَّ الْأُجْرَهَ تَنْضَمُّ حِینَئِذٍ إلَی الثَّمَنِ لِلتَّصْرِیحِ بِهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَ الْمَذْکُورَاتِ لَیْسَ مِنْ جِهَهِ الْإِخْبَارِ، بَلْ فَائِدَتُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِی بِذَلِکَ لِیَدْخُلَ فِی قوله:

بِعْتُک بِمَا اشْتَرَیْت، أَوْ بِمَا قَامَ عَلَیَّ، أَوْ بِمَا اشْتَرَیْت وَ اسْتَأْجَرْت وَ رَبِحَ کَذَا. (وَ إِنْ طَرَأَ عَیْبٌ وَجَبَ ذِکْرُهُ)، لِنَقْصِ الْمَبِیعِ بِهِ عَمَّا کَانَ حِینَ شَرَاهُ، (وَ إِنْ أَخَذَ أَرْشًا) بِسَبَبِهِ (أَسْقَطَهُ)؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَکَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَا عَدَاهُ وَ إِنْ کَانَ قوله:

اشْتَرَیْته بِکَذَا حَقًّا لِطُرُوءِ النُّقْصَانِ الَّذِی هُوَ بِمَنْزِلَهِ الْجُزْءِ وَ لَوْ کَانَ الْأَرْشُ بِسَبَبِ جِنَایَهٍ لَمْ یَسْقُطْ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مُتَجَدِّدٌ لَا یَقْتَضِیهَا الْعَقْدُ کَنِتَاجِ الدَّابَّهِ، بِخِلَافِ الْعَیْبِ وَ إِنْ کَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ حَیْثُ یَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَی الْعَقْدِ أَیْضًا فَکَانَ کَالْمَوْجُودِ حَالَتَهُ.

وَیُفْهَمُ مِنْ الْعِبَارَهِ إسْقَاطُ مُطْلَقِ الْأَرْشِ وَ لَیْسَ کَذَلِکَ وَ بِمَا قَیَّدْنَاهُ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ کَغَیْرِهِ (وَ لَا یُقَوَّمُ أَبْعَاضُ الْجُمْلَهِ) وَ یُخْبِرُ بِمَا یَقْتَضِیه التَّقْسِیطُ مِنْ الثَّمَنِ وَ إِنْ کَانَتْ مُتَسَاوِیَهً، أَوْ أَخْبَرَ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَبِیعَ الْمُقَابَلَ بِالثَّمَنِ هُوَ الْمَجْمُوعُ، لَا الْأَفْرَادُ وَ أَنْ یُقَسِّطَ الثَّمَنَ عَلَیْهَا فِی بَعْضِ الْمَوَارِدِ، کَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا، أَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا. (وَ لَوْ ظَهَرَ کَذِبُهُ) فِی الْإِخْبَارِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ أَوْ جِنْسِهِ، أَوْ وَصْفِهِ، (أَوْ غَلَطِهِ) بِبَیِّنَهٍ، أَوْ إقْرَارٍ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی) بَیْنَ رَدِّهِ وَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِی وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ، لِغُرُورِهِ وَ قِیلَ: لَهُ أَخْذُهُ بِحَطِّ الزِّیَادَهِ وَ رِبْحِهَا، لِکِذْبِهِ مَعَ کَوْنِ ذَلِکَ هُوَ مُقْتَضَی الْمُرَابَحَهِ شَرْعًا وَ یَضْعُفُ بِعَدَمِ الْعَقْدِ عَلَی ذَلِکَ فَکَیْفَ یَثْبُتُ مُقْتَضَاهُ وَ هَلْ یُشْتَرَطُ فِی ثُبُوتِ خِیَارِ الْمُشْتَرِی عَلَی الْأَوَّلِ بَقَاؤُهُ عَلَی مِلْکِهِ وَجْهَانِ، أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، لِأَصَالَهِ بَقَائِهِ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِی وَ عَدَمِ صَلَاحِیَهِ ذَلِکَ لِلْمَانِعِ، فَمَعَ التَّلَفِ، أَوْ انْتِقَالِهِ عَنْ مِلْکِهِ انْتِقَالًا لَازِمًا، أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ رَدِّهِ کَالِاسْتِیلَادِ یَرُدُّ مِثْلَهُ، أَوْ قِیمَتَهُ إنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ وَ یَأْخُذُ الثَّمَنَ، أَوْ عِوَضَهُ مَعَ فَقْدِهِ. (وَ لَا یَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِمَا اشْتَرَاهُ مَنْ غُلَامِهِ) الْحُرِّ، (أَوْ وَلَدِهِ)، أَوْ غَیْرِهِمَا (حِیلَهً؛ لِأَنَّهُ خَدِیعَهٌ) وَ تَدْلِیسٌ، فَلَوْ فَعَلَ ذَلِکَ أَثِمَ وَ صَحَّ الْبَیْعُ، لَکِنْ یَتَخَیَّرُ الْمُشْتَرِی إذَا عَلِمَ بَیْنَ رَدِّهِ وَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ، کَمَا لَوْ ظَهَرَ کَذِبُهُ فِی الْإِخْبَارِ.

(نَعَمْ لَوْ اشْتَرَاهُ) مَنْ وَلَدِهِ، أَوْ غُلَامِهِ (ابْتِدَاءً مِنْ غَیْرِ سَابِقَهِ بَیْعٍ عَلَیْهِمَا) وَ لَا مُوَاطَأَهٍ عَلَی الزِّیَادَهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ سَبَقَ مِنْهُ بَیْعٌ (جَازَ)، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ حِینَئِذٍ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ مُعَامَلَهِ مَنْ ذُکِرَ، (وَ) کَذَا (لَا) یَجُوزُ (الْإِخْبَارُ بِمَا قَوَّمَ عَلَیْهِ التَّاجِرُ) عَلَی أَنْ یَکُونَ لَهُ الزَّائِدُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَعْقِدَ مَعَهُ الْبَیْعَ؛ لِأَنَّهُ کَاذِبٌ فِی إخْبَارِهِ، إذْ مُجَرَّدُ التَّقْوِیمِ لَا یُوجِبُهُ، (وَ الثَّمَنُ) عَلَی تَقْدِیرِ بَیْعِهِ کَذَلِکَ (لَهُ) أَیْ: لِلتَّاجِرِ، (وَلِلدَّلَّالِ الْأُجْرَهُ)؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا لَهُ أُجْرَهٌ عَادَهً فَإِذَا فَاتَ الْمُشْتَرَطُ رَجَعَ إلَی الْأُجْرَهِ وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ ابْتِدَاءِ التَّاجِرِ لَهُ بِهِ وَ اسْتِدْعَاءِ الدَّلَّالِ ذَلِکَ مِنْهُ، خِلَافًا لِلشَّیْخَیْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ حَیْثُ حَکَمَا بِمِلْکِ الدَّلَّالِ الزَّائِدِ فِی الْأَوَّلِ اسْتِنَادًا إلَی أَخْبَارٍ صَحِیحَهٍ یُمْکِنُ حَمْلُهَا عَلَی الْجَعَالَهِ، بِنَاءً عَلَی أَنَّهُ لَا یَقْدَحُ فِیهَا هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْجَهَالَهِ.

وَثَالِثُهَا - الْمُوَاضَعَهُ

[وَ هِیَ] کَالْمُرَابَحَهِ فِی الْأَحْکَامِ) مِنْ الْإِخْبَارِ عَلَی الْوُجُوهِ الْمَذْکُورَهِ (إلَّا أَنَّهَا بِنَقِیصَهٍ مَعْلُومَهٍ) فَتَقُولُ: بِعْتُک بِمَا اشْتَرَیْته، أَوْ تَقَوَّمَ عَلَیَّ وَ وَضِیعَهِ کَذَا، أَوْ حَطِّ کَذَا.

فَلَوْ کَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِمِائَهٍ فَقال:

بِعْتُک بِمِائَهٍ وَ وَضِیعَهِ دِرْهَمٍ مِنْ کُلِّ عَشَرَهٍ فَالثَّمَنُ تِسْعُونَ، أَوْ لِکُلِّ عَشَرَهٍ، زَادَ عَشَرَهُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِی الْأَوَّلِ مِنْ نَفْسِ الْعَشَرَهِ، عَمَلًا بِظَاهِرِ التَّبْعِیضِ وَ فِی الثَّانِی مِنْ خَارِجِهَا، فَکَأَنَّهُ قال:

مِنْ کُلِّ أَحَدَ عَشَرَ وَ لَوْ أَضَافَ الْوَضِیعَهَ إلَی الْعَشَرَهِ احْتَمَلَ الْأَمْرَیْنِ، نَظَرًا إلَی احْتِمَالِ الْإِضَافَهِ لِلَّامِ وَ مِنْ.

وَالتَّحْقِیقُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِضَافَهِ بِمَعْنَی مِنْ کَوْنِهَا تَبْیِنِیَّهً، لَا تَبْعِیضِیَّهً بِمَعْنَی کَوْنِ الْمُضَافِ جُزْئِیًّا مِنْ جُزْئِیَّاتِ الْمُضَافِ إلَیْهِ بِحَیْثُ یَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَی الْمُضَافِ وَ غَیْرِهِ وَ الْإِخْبَارُ بِهِ عَنْهُ کَخَاتَمِ فِضَّهٍ، لَا جُزْءَ مِنْ کُلٍّ کَبَعْضِ الْقَوْمِ وَ یَدِ زَیْدٍ، فَإِنَّ کُلَّ الْقَوْمِ لَا یُطْلَقُ عَلَی بَعْضِهِ وَ لَا زَیْدٌ عَلَی یَدِهِ وَ الْمَوْضُوعُ هُنَا بَعْضُ الْعَشَرَهِ، فَلَا یُخْبِرُ بِهَا عَنْهُ فَتَکُونُ بِمَعْنَی اللَّامِ.

وَرَابِعُهَا - التَّوْلِیَهُ

وَهِیَ الْإِعْطَاءُ بِرَأْسِ الْمَالِ) فَیَقُولُ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالثَّمَنِ وَ مَا تَبِعَهُ: وَلَّیْتُک هَذَا الْعَقْدَ، فَإِذَا قَبِلَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ جِنْسًا وَ قَدْرًا وَ صِفَهً وَ لَوْ قال:

بِعْتُک، أَکْمَلَهُ بِالثَّمَنِ، أَوْ بِمَا قَامَ عَلَیْهِ وَ نَحْوَهُ وَ لَا یَفْتَقِرُ فِی الْأَوَّلِ إلَی ذِکْرِهِ وَ لَوْ قال:

وَلَّیْتُک السِّلْعَهَ احْتَمَلَ فِی الدُّرُوسِ الْجَوَازَ، (وَ التَّشْرِیکُ جَائِزٌ) وَ هُوَ أَنْ یَجْعَلَ لَهُ فِیهِ نَصِیبًا بِمَا یَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ (یقول:

شَرَّکْتُکَ) بِالتَّضْعِیفِ (بِنِصْفِهِ بِنِسْبَهِ مَا اشْتَرَیْت مَعَ عِلْمِهِمَا) بِقَدْرِهِ وَ یَجُوزُ تَعْدِیَتُهُ بِالْهَمْزَهِ وَ لَوْ قال:

أَشْرَکْتُک بِالنِّصْفِ کَفَی وَ لَزِمَهُ نِصْفُ مِثْلِ الثَّمَنِ وَ لَوْ قال:

أَشْرَکْتُک فِی النِّصْفِ کَانَ لَهُ الرُّبُعُ، إلَّا أَنْ یقول:

بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَیَتَعَیَّنُ النِّصْفُ وَ لَوْ لَمْ یُبَیِّنْ الْحِصَّهَ کَمَا لَوْ قال:

فِی شَیْءٍ مِنْهُ أَوْ أَطْلَقَ بَطَلَ، لِلْجَهْلِ بِالْمَبِیعِ وَ یُحْتَمَلُ حَمْلُ الثَّانِی عَلَی التَّنْصِیفِ (وَ هُوَ) أَیْ: التَّشْرِیکُ (فِی الْحَقِیقَهِ بَیْعُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ بِرَأْسِ الْمَالِ) لَکِنَّهُ یَخْتَصُّ عَنْ مُطْلَقِ الْبَیْعِ بِصِحَّتِهِ بِلَفْظِهِ.

الْفَصْلُ الثَّامِنُ - فِی الرِّبَا
المدخل

(الْفَصْلُ الثَّامِنُ - فِی الرِّبَا)

بِالْقَصْرِ وَ أَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ (وَمَوْرِدُهُ) أَیْ: مَحَلُّ وُرُودِهِ (الْمُتَجَانِسَانِ إذَا قُدِّرَ بِالْکَیْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَ زَادَ أَحَدُهُمَا) عَنْ الْآخَرِ قَدْرًا وَ لَوْ بِکَوْنِهِ مُؤَجَّلًا.

وَتَحْرِیمُهُ مُؤَکَّدٌ وَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْکَبَائِرِ، (وَ الدِّرْهَمُ مِنْهُ أَعْظَمُ) وِزْرًا (مِنْ سَبْعِینَ زِنْیَهٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَ کَسْرِهِ کُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ، رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (وَضَابِطُ الْجِنْسِ) هُنَا: (مَا دَخَلَ تَحْتَ اللَّفْظِ الْخَاصِّ) کَالتَّمْرِ وَ الزَّبِیبِ وَ اللَّحْمِ، (فَالتَّمْرُ جِنْسٌ) لِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ، (وَ الزَّبِیبُ جِنْسٌ) کَذَلِکَ (وَ الْحِنْطَهُ وَ الشَّعِیرُ) هُنَا (جِنْسٌ) وَاحِدٌ (فِی الْمَشْهُورِ) وَ إِنْ اخْتَلَفَا لَفْظًا وَ اشْتَمَلَا عَلَی أَصْنَافٍ، لِدَلَالَهِ الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ عَلَی اتِّحَادِهِمَا الْخَالِیَهِ عَنْ الْمُعَارِضِ وَ فِی بَعْضِهَا أَنَّ الشَّعِیرَ مِنْ الْحِنْطَهِ فَدَعْوَی اخْتِلَافِهِمَا نَظَرًا إلَی اخْتِلَافِهِمَا صُورَهً وَ شَکْلًا وَ لَوْنًا وَ طَعْمًا وَ إِدْرَاکًا وَ حِسًّا وَ اسْمًا غَیْرُ مَسْمُوعٍ نَعَمْ هُمَا فِی غَیْرِ الرِّبَا کَالزَّکَاهِ جِنْسَانِ إجْمَاعًا، (وَ اللُّحُومُ تَابِعَهٌ لِلْحَیَوَانِ) فَلَحْمُ الضَّأْنِ وَ الْمَعْزِ جِنْسٌ، لِشُمُولِ الْغَنَمِ لَهُمَا وَ الْبَقَرُ وَ الْجَامُوسُ جِنْسٌ وَ الْعِرَابُ وَ الْبَخَاتِیُّ جِنْسٌ (وَ لَا رِبَا فِی الْمَعْدُودِ) مُطْلَقًا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، نَعَمْ یُکْرَهُ، (وَ لَا بَیْنَ الْوَالِدِ وَ وَلَدِهِ) فَیَجُوزُ لِکُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذُ الْفَضْلِ عَلَی الْأَصَحِّ وَ الْأَجْوَدُ اخْتِصَاصُ الْحُکْمِ بِالنِّسْبِیِّ مَعَ الْأَبِ، فَلَا یَتَعَدَّی إلَیْهِ مَعَ الْأُمِّ وَ لَا مَعَ الْجَدِّ وَ لَوْ لِلْأَبِ وَ لَا إلَی وَلَدِ الرَّضَاعِ، اقْتِصَارًا بِالرُّخْصَهِ عَلَی مَوْرِدِ الْیَقِینِ، مَعَ احْتِمَالِ التَّعَدِّی فِی الْأَخِیرَیْنِ، لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْوَلَدِ عَلَیْهِمَا شَرْعًا، (وَ لَا) بَیْنَ (الزَّوْجِ وَ زَوْجَتِهِ) دَوَامًا وَ مُتْعَهً عَلَی الْأَظْهَرِ.

(وَ لَا بَیْنَ الْمُسْلِمِ وَ الْحَرْبِیِّ، إذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ الْفَضْلَ) وَ إِلَّا ثَبَتَ وَ لَا فَرْقَ فِی الْحَرْبِیِّ بَیْنَ الْمُعَاهَدِ وَ غَیْرِهِ وَ لَا بَیْنَ کَوْنِهِ فِی دَارِ الْحَرْبِ وَ الْإِسْلَامِ.

(وَیَثْبُتُ بَیْنَهُ) أَیْ: بَیْنَ الْمُسْلِمِ، (وَبَیْنَ الذِّمِّیِّ) عَلَی الْأَشْهَرِ وَ قِیلَ: لَا یَثْبُتُ کَالْحَرْبِیِّ، لِلرِّوَایَهِ الْمُخَصِّصَهِ لَهُ کَمَا خَصَّصَتْ غَیْرَهُ.

وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ الْفَضْلَ، أَمَّا إعْطَاؤُهُ إیَّاهُ فَحَرَامٌ قَطْعًا، (وَ لَا فِی الْقِسْمَهِ)؛ لِأَنَّهَا لَیْسَتْ بَیْعًا وَ لَا مُعَاوَضَهً، بَلْ هِیَ تَمْیِیزُ الْحَقِّ عَنْ غَیْرِهِ وَ مَنْ جَعَلَهَا بَیْعًا مُطْلَقًا أَوْ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَی الرَّدِّ أَثْبَتَ فِیهَا الرِّبَا (وَ لَا یَضُرُّ عَقْدُ التِّبْنِ وَ الزُّوَانِ) بِضَمِّ الزَّایِ وَ کَسْرِهَا وَ بِالْهَمْزِ وَ عَدَمِهِ (الْیَسِیرُ) فِی أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ، دُونَ الْآخَرِ، أَوْ زِیَادَهً عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَقْدَحُ فِی إطْلَاقِ الْمِثْلِیَّهِ وَ الْمُسَاوَاهِ قَدْرًا وَ لَوْ خَرَجَا عَنْ الْمُعْتَادِ ضَرَّا وَ مِثْلُهُمَا یَسِیرُ التُّرَابِ وَ غَیْرُهُ مِمَّا لَا یَنْفَکُّ الصِّنْفُ عَنْهُ غَالِبًا کَالدُّرْدِیِّ فِی الدِّبْسِ وَ الزَّیْتِ.

(وَیَتَخَلَّصُ مِنْهُ) أَیْ: مِنْ الرِّبَا إذَا أُرِیدَ بَیْعُ أَحَدِ الْمُتَجَانِسَیْنِ بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا (بِالضَّمِیمَهِ) إلَی النَّاقِصِ مِنْهُمَا، أَوْ الضَّمِیمَهِ إلَیْهِمَا، مَعَ اشْتِبَاهِ الْحَالِ فَتَکُونُ الضَّمِیمَهُ فِی مُقَابِلِ الزِّیَادَهِ (وَیَجُوزُ بَیْعُ مُدِّ عَجْوَهٍ وَ دِرْهَمٍ بِمُدَّیْنِ، أَوْ دِرْهَمَیْنِ وَ بِمُدَّیْنِ وَ دِرْهَمَیْنِ وَ أَمْدَادٍ وَ دَرَاهِمَ وَ یُصْرَفُ کُلٌّ إلَی مُخَالِفِهِ) وَ إِنْ لَمْ یَقْصِدْهُ وَ کَذَا لَوْ ضَمَّ غَیْرَ رِبَوِیٍّ وَ لَا یُشْتَرَطُ فِی الضَّمِیمَهِ أَنْ تَکُونَ ذَاتَ وَقْعٍ فِی مُقَابِلِ الزِّیَادَهِ، فَلَوْ ضَمَّ دِینَارًا إلَی أَلْفِ دِرْهَمٍ ثَمَنًا لِأَلْفَیْ دِرْهَمٍ جَازَ، لِلرِّوَایَهِ وَ حُصُولُ التَّفَاوُتِ عِنْدَ الْمُقَابَلَهِ وَ تَوْزِیعُ الثَّمَنِ عَلَیْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِیمَهِ عَلَی بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا یَقْدَحُ، لِحُصُولِهِ حِینَئِذٍ بِالتَّقْسِیطِ، لَا بِالْبَیْعِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَی الْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ، فَالتَّقْسِیطُ غَیْرُ مُعْتَبَرٍ وَ لَا مُفْتَقَرٍ إلَیْهِ.

نَعَمْ لَوْ عَرَضَ سَبَبٌ یُوجِبُهُ کَمَا لَوْ تَلِفَ الدِّرْهَمُ الْمُعَیَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا و کان فِی مُقَابِلِهِ مَا یُوجِبُ الزِّیَادَهَ الْمُفْضِیَهَ إلَی الرِّبَا احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْبَیْعِ حِینَئِذٍ، لِلُزُومِ التَّفَاوُتِ فِی الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَ الْبُطْلَانَ فِی مُخَالِفِ التَّالِفِ خَاصَّهً؛ لِأَنَّ کُلًّا مِنْ الْجِنْسَیْنِ قَدْ قُوبِلَ بِمُخَالِفِهِ فَإِذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا قُوبِلَ بِهِ خَاصَّهً وَ هَذَا هُوَ الْأَجْوَدُ وَ الْمُوَافِقُ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ وَ الْمُصَحِّحُ لِأَصْلِ الْبَیْعِ وَ إِلَّا کَانَ مُقْتَضَی الْمُقَابَلَهِ لُزُومَ الرِّبَا مِنْ رَأْسٍ.

وَیَتَخَلَّصُ مِنْ الرِّبَا أَیْضًا (بِأَنْ یَبِیعَهُ بِالْمُمَاثِلِ وَ یَهَبَهُ الزَّائِدِ) فِی عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ بَعْدَ الْبَیْعِ (مَنْ غَیْرِ شَرْطٍ) لِلْهِبَهِ فِی عَقْدِ الْبَیْعِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ حِینَئِذٍ زِیَادَهٌ فِی الْعِوَضِ الْمُصَاحِبِ لَهُ، (أَوْ) بِأَنْ (یُقْرِضَ کُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَ یَتَبَارَآ) بَعْدَ التَّقَابُضِ الْمُوجِبِ لِمِلْکِ کُلٍّ مِنْهُمَا مَا اقْتَرَضَهُ وَ صَیْرُورَهِ عِوَضِهِ فِی الذِّمَّهِ.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَهَبَ کُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ عِوَضَهُ وَ لَا یَقْدَحُ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ کَوْنُ هَذِهِ الْعُقُودِ غَیْرَ مَقْصُودَهٍ بِالذَّاتِ مَعَ أَنَّ الْعُقُودَ تَابِعَهٌ لِلْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا الَّذِی لَا یَتِمُّ إلَّا بِالْقَصْدِ إلَی بَیْعٍ صَحِیحٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ غَیْرِهِمَا کَافٍ فِی الْقَصْدِ إلَیْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِکَ غَایَهٌ مُتَرَتِّبَهٌ عَلَی صِحَّهِ الْعَقْدِ مَقْصُودَهٌ، فَیَکْفِی جَعْلُهَا غَایَهً، إذْ لَا یُعْتَبَرُ قَصْدُ جَمِیعِ الْغَایَاتِ الْمُتَرَتِّبَهِ عَلَی الْعَقْدِ.

(وَلَا یَجُوزُ بَیْعُ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ)

لِلنَّصِّ الْمُعَلَّلِ بِکَوْنِهِ یَنْقُصُ إذَا جَفَّ، (وَ کَذَا کُلُّ مَا یَنْقُصُ مَعَ الْجَفَافِ) کَالْعِنَبِ بِالزَّبِیبِ تَعْدِیَهً لِلْعِلَّهِ الْمَنْصُوصَهِ إلَی مَا یُشَارِکُهُ فِیهَا وَ قِیلَ: یَثْبُتُ فِی الْأَوَّلِ مِنْ غَیْرِ تَعْدِیَهٍ رَدًّا لِقِیَاسِ الْعِلَّهِ وَ قِیلَ: بِالْجَوَازِ فِی الْجَمِیعِ رَدًّا لِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَ اسْتِنَادًا إلَی مَا یَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَی اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَهِ بَیْنَ الرَّطْبِ وَ الْیَابِسِ.

وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَقْوَی وَ فِی الدُّرُوسِ جَعَلَ التَّعْدِیَهَ إلَی غَیْرِ الْمَنْصُوصِ أَوْلَی (وَمَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ) فِی الْعِوَضَیْنِ (یَجُوزُ التَّفَاضُلُ نَقْدًا) إجْمَاعًا، (وَنَسِیئَهً) عَلَی الْأَقْوَی، لِلْأَصْلِ وَ الْأَخْبَارِ.

وَاسْتَنَدَ الْمَانِعُ إلَی خَبَرٍ دَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَی الْکَرَاهَهِ وَ نَحْنُ نَقُولُ بِهَا (وَ لَا عِبْرَهَ بِالْأَجْزَاءِ الْمَائِیَّهِ فِی الْخُبْزِ وَ الْخَلِّ وَ الدَّقِیقِ) بِحَیْثُ یَجْهَلُ مِقْدَارَهُ فِی کُلٍّ مِنْ الْعِوَضَیْنِ الْمُوجِبِ لِجَهَالَهِ مِقْدَارِهِمَا وَ کَذَا لَوْ کَانَتْ مَفْقُودَهً مِنْ أَحَدِهِمَا کَالْخُبْزِ الْیَابِسِ وَ اللَّیِّنِ، لِإِطْلَاقِ الْحَقِیقَهِ عَلَیْهِمَا، مَعَ کَوْنِ الرُّطُوبَهِ یَسِیرَهً غَیْرَ مَقْصُودَهٍ، کَقَلِیلِ الزُّوَانِ وَ التِّبْنِ فِی الْحِنْطَهِ، (إلَّا أَنْ یَظْهَرَ ذَلِکَ لِلْحِسِّ ظُهُورًا بَیِّنًا) بِحَیْثُ یَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَیْنَهُمَا فَیُمْنَعُ، مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِ مَنْعِهِ مُطْلَقًا، کَمَا أَطْلَقَهُ فِی الدُّرُوسِ وَ غَیْرِهِ لِبَقَاءِ الِاسْمِ الَّذِی، یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ تَسَاوِی الْجِنْسَیْنِ عُرْفًا

(وَلَا یُبَاعُ اللَّحْمُ بِالْحَیَوَانِ مَعَ التَّمَاثُلِ کَلَحْمِ الْغَنَمِ بِالشَّاهِ)

إنْ کَانَ مَذْبُوحًا؛ لِأَنَّهُ فِی قُوَّهِ اللَّحْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُسَاوَاهِ وَ لَوْ کَانَ حَیًّا فَالْجَوَازُ قَوِیٌّ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ غَیْرُ مُقَدَّرٍ بِالْوَزْنِ (وَیَجُوزُ) بَیْعُهُ بِهِ (مَعَ الِاخْتِلَافِ) قَطْعًا، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مَعَ وُجُودِ الْمُصَحِّحِ.

الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِی الْخِیَارِ
المدخل

(الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِی الْخِیَارِ وَ هُوَ أَرْبَعَهَ عَشَرَ) قِسْمًا وَ جَمْعُهُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ خَوَاصِّ الْکِتَابِ

الْأَوَّلُ خِیَارُ الْمَجْلِسِ

أَضَافَهُ إلَی مَوْضِعِ الْجُلُوسِ مَعَ کَوْنِهِ غَیْرَ مُعْتَبَرٍ فِی ثُبُوتِهِ وَ إِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ عَدَمُ التَّفَرُّقِ إمَّا تَجَوُّزًا فِی إطْلَاقِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِیقَهِ، أَوْ حَقِیقَهً عُرْفِیَّهً.

(وَ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْبَیْعِ) بِأَنْوَاعِهِ وَ لَا یَثْبُتُ فِی غَیْرِهِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَ إِنْ قَامَ مَقَامَهُ کَالصُّلْحِ.

وَیَثْبُتُ لِلْمُتَبَایِعَیْنِ مَا لَمْ یَفْتَرِقَا، (وَ لَا یَزُولُ بِالْحَائِلِ) بَیْنَهُمَا، غَلِیظًا کَانَ أَمْ رَقِیقًا، مَانِعًا مِنْ الِاجْتِمَاعِ أَمْ غَیْرَ مَانِعٍ، لِصِدْقِ عَدَمِ التَّفَرُّقِ مَعَهُ، (وَ لَا بِمُفَارَقَهِ) کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (الْمَجْلِسِ مُصْطَحِبَیْنِ) وَ إِنْ طَالَ الزَّمَانُ مَا لَمْ یَتَبَاعَدْ مَا بَیْنَهُمَا عَنْهُ حَالَهَ الْعَقْدِ وَ أَوْلَی بِعَدَمِ زَوَالِهِ لَوْ تَقَارَبَا عَنْهُ.

(وَیَسْقُطُ بِاشْتِرَاطِ سُقُوطِهِ فِی الْعَقْدِ) عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ، (وَبِإِسْقَاطِهِ بَعْدَهُ) بِأَنْ یَقُولَا: أَسْقَطْنَا الْخِیَارَ، أَوْ أَوْجَبْنَا الْبَیْعَ، أَوْ الْتَزَمْنَاهُ، أَوْ اخْتَرْنَاهُ، أَوْ مَا أَدَّی ذَلِکَ.

(وَبِمُفَارَقَهِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ) وَ لَوْ بِخُطْوَهٍ اخْتِیَارًا، فَلَوْ أُکْرِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَیْهِ لَمْ یَسْقُطْ، مَعَ مَنْعِهِمَا مِنْ التَّخَایُرِ، فَإِذَا زَالَ الْإِکْرَاهُ فَلَهُمَا الْخِیَارُ فِی مَجْلِسِ الزَّوَالِ وَ لَوْ لَمْ یَمْنَعَا مِنْ التَّخَایُرِ لَزِمَ الْعَقْدُ.

(وَ لَوْ الْتَزَمَ بِهِ أَحَدُهُمَا سَقَطَ خِیَارُهُ خَاصَّهً) إذْ لَا ارْتِبَاطَ لِحَقِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ.

(وَ لَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَ أَجَازَ الْآخَرُ قُدِّمَ الْفَاسِخُ) وَ إِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِجَازَهِ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْخِیَارِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ التَّمَکُّنُ مِنْ الْفَسْخِ، دُونَ الْإِجَازَهِ، لِأَصَالَتِهَا، (وَ کَذَا) یُقَدَّمُ الْفَاسِخُ عَلَی الْمُجِیزِ (فِی کُلِّ خِیَارٍ مُشْتَرَکٍ)، لِاشْتِرَاکِ الْجَمِیعِ فِی الْعِلَّهِ الَّتِی أَشَرْنَا إلَیْهَا (وَ لَوْ خَیَّرَهُ فَسَکَتَ فَخِیَارُهُمَا بَاقٍ) أَمَّا السَّاکِتُ فَظَاهِرٌ إذْ لَمْ یَحْصُلْ مِنْهُ مَا یَدُلُّ عَلَی سُقُوطِ الْخِیَارِ وَ أَمَّا الْمُخَیَّرُ فَلِأَنَّ تَخْیِیرَهُ صَاحِبَهُ أَعَمُّ مِنْ اخْتِیَارِهِ الْعَقْدَ فَلَا یَدُلُّ عَلَیْهِ وَ قِیلَ: یَسْقُطُ خِیَارُهُ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَنَا.

الثَّانِی خِیَارُ الْحَیَوَانِ

وَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِی خَاصَّهً) عَلَی الْمَشْهُورِ وَ قِیلَ: لَهُمَا وَ بِهِ رِوَایَهٌ صَحِیحَهٌ وَ لَوْ کَانَ حَیَوَانًا بِحَیَوَانٍ قَوِیَ ثُبُوتُهُ لَهُمَا کَمَا یَقْوَی ثُبُوتُهُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَوْ کَانَ الثَّمَنُ خَاصَّهً - وَ هُوَ مَا قُرِنَ بِالْبَاءِ - حَیَوَانًا.

وَمُدَّهُ هَذَا الْخِیَارِ (ثَلَاثَهُ أَیَّامٍ مَبْدَؤُهَا مِنْ حِینِ الْعَقْدِ) عَلَی الْأَقْوَی وَ لَا یَقْدَحُ اجْتِمَاعُ خِیَارَیْنِ فَصَاعِدًا وَ قِیلَ: مِنْ حِینِ التَّفَرُّقِ، بِنَاءً عَلَی حُصُولِ الْمِلْکِ بِهِ (وَیَسْقُطُ بِاشْتِرَاطِ سُقُوطِهِ) فِی الْعَقْدِ، (أَوْ إسْقَاطِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ) کَمَا تَقَدَّمَ، (أَوْ تَصَرُّفِهِ) أَیْ: تَصَرُّفِ ذِی الْخِیَارِ سَوَاءٌ کَانَ لَازِمًا کَالْبَیْعِ أَمْ لَمْ یَکُنْ کَالْهِبَهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، بَلْ مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ کَرُکُوبِ الدَّابَّهِ وَ لَوْ فِی طَرِیقِ الرَّدِّ وَ نَعَلَهَا وَ حَلَبَ مَا یُحْلَبُ، [وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَ قِصَارَتِهِ وَ سُکْنَی الدَّارِ].

وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِخْبَارَ وَ لَمْ یَتَجَاوَزْ مِقْدَارَ الْحَاجَهِ فَفِی مَنْعِهِ مِنْ الرَّدِّ وَجْهَانِ، أَمَّا مُجَرَّدُ سَوْقِ الدَّابَّهِ إلَی مَنْزِلِهِ فَإِنْ کَانَ قَرِیبًا بِحَیْثُ لَا یُعَدُّ تَصَرُّفًا عُرْفًا فَلَا أَثَرَ لَهُ وَ إِنْ کَانَ بَعِیدًا مُفْرِطًا احْتَمَلَ قَوِیًّا مَنْعَهُ وَ بِالْجُمْلَهِ فَکُلُّ مَا یُعَدُّ تَصَرُّفًا عُرْفًا یَمْنَعُ وَ إِلَّا فَلَا

الثَّالِثُ خِیَارُ الشَّرْطِ

الثَّالِثُ خِیَارُ الشَّرْطِ

وَهُوَ بِحَسَبِ الشَّرْطِ إذَا کَانَ الْأَجَلُ مَضْبُوطًا) مُتَّصِلًا بِالْعَقْدِ أَمْ مُنْفَصِلًا، فَلَوْ کَانَ مُنْفَصِلًا صَارَ الْعَقْدُ جَائِزًا بَعْدَ لُزُومِهِ مَعَ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ.

(وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِأَحَدِهِمَا وَ لِکُلٍّ مِنْهُمَا وَ لِأَجْنَبِیٍّ عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا) وَ لِأَجْنَبِیٍّ مَعَ أَحَدِهِمَا عَنْهُ وَ عَنْ الْآخَرِ وَ مَعَهُمَا وَ اشْتِرَاطُ الْأَجْنَبِیِّ تَحْکِیمٌ لَا تَوْکِیلٌ عَمَّنْ جُعِلَ عَنْهُ فَلَا اخْتِیَارَ لَهُ مَعَهُ.

(وَاشْتِرَاطُ الْمُؤَامَرَهِ) وَ هِیَ مُفَاعَلَهٌ مِنْ الْأَمْرِ بِمَعْنَی اشْتِرَاطِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا اسْتِئْمَارَ مَنْ سَمَّیَاهُ وَ الرُّجُوعِ إلَی أَمْرِهِ مُدَّهً مَضْبُوطَهً، فَیَلْزَمُ الْعَقْدُ مِنْ جِهَتِهِمَا وَ یَتَوَقَّفُ عَلَی أَمْرِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِالْفَسْخِ جَازَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ اسْتِئْمَارُهُ الْفَسْخُ وَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا یَتَعَیَّنُ عَلَیْهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُجَرَّدُ اسْتِئْمَارِهِ، لَا الْتِزَامُ قَوْلِهِ.

وَإِنْ أَمَرَهُ بِالِالْتِزَامِ لَمْ یَکُنْ لَهُ الْفَسْخُ قَطْعًا وَ إِنْ کَانَ الْفَسْخُ أَصْلَحَ عَمَلًا بِالشَّرْطِ؛ وَ لِأَنَّهُ لَمْ یَجْعَلْ لِنَفْسِهِ خِیَارًا.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَسْخَ یَتَوَقَّفُ عَلَی أَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَی الْعَقْدِ، فَیَرْجِعُ إلَی الشَّرْطِ وَ أَمَّا الِالْتِزَامُ بِالْعَقْدِ فَلَا یَتَوَقَّفُ.

وَظَاهِرُ مَعْنَی الْمُؤَامَرَهِ وَ کَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّ الْمُسْتَأْمَرَ - بِفَتْحِ الْمِیمِ - لَیْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَ لَا الِالْتِزَامُ وَ إِنَّمَا إلَیْهِ الْأَمْرُ وَ الرَّأْیُ خَاصَّهً فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْمَرُ: فَسَخْت أَوْ أَجَزْت فَذَاکَ وَ إِنْ سَکَتَ فَالْأَقْرَبُ اللُّزُومُ وَ لَا یَلْزَمُ الْمُسْتَأْمَرَ الِاخْتِیَارُ) إنْ قُرِئَ الْمُسْتَأْمَرُ بِالْفَتْحِ - مَبْنِیًّا لِلْمَجْهُولِ - أَشْکَلَ بِمَا ذَکَرْنَاهُ.

وَإِنْ قُرِئَ بِالْکَسْرِ - مَبْنِیًّا لِلْفَاعِلِ - بِمَعْنَی الْمَشْرُوطِ لَهُ الْمُؤَامَرَهَ لِغَیْرِهِ، فَمَعْنَاهُ: إنْ قال:

فَسَخْت بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ بِالْفَسْخِ، أَوْ أَجَزْت بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ بِالْإِجَازَهِ لَزِمَ وَ إِنْ سَکَتَ وَ لَمْ یَلْتَزِمْ وَ لَمْ یَفْسَخْ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِکَ بِغَیْرِ اسْتِئْمَارٍ أَمْ بَعْدَهُ وَ لَمْ یَفْعَلْ مُقْتَضَاهُ لَزِمَ لِمَا بَیَّنَّاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَ إِنَّمَا یَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَی مُوَافَقَهِ الْآمِرِ.

وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَنْسَبُ بِالْحُکْمِ لَکِنَّ دَلَالَهَ ظَاهِرِ الْعِبَارَهِ عَلَی الْأَوَّلِ أَرْجَحُ، خُصُوصًا بِقَرِینَهِ قوله:

وَ لَا یَلْزَمُ الِاخْتِیَارُ، فَإِنَّ اللُّزُومَ الْمَنْفِیَّ لَیْسَ إلَّا عَمَّنْ جُعِلَ لَهُ الْمُؤَامَرَهُ وَ قوله:

(وَ کَذَا کُلُّ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِیَارُ) فَإِنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ هُنَا الْخِیَارَ هُوَ الْأَجْنَبِیُّ الْمُسْتَشَارُ، لَا الْمَشْرُوطُ لَهُ إلَّا أَنَّ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ حَظًّا مِنْ الْخِیَارِ عِنْدَ أَمْرِ الْأَجْنَبِیِّ [لَهُ] بِالْفَسْخِ.

وَکَیْفَ کَانَ فَالْأَقْوَی أَنَّ الْمُسْتَأْمَرَ بِالْفَتْحِ لَیْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَ لَا الْإِجَازَهُ وَ إِنَّمَا إلَیْهِ الْأَمْرُ وَ حُکْمُ امْتِثَالِهِ مَا فَصَّلْنَاهُ وَ عَلَی هَذَا فَالْفَرْقُ بَیْنَ اشْتِرَاطِ الْمُؤَامَرَهِ لِأَجْنَبِیٍّ وَ جَعْلِ الْخِیَارِ لَهُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمُؤَامَرَهِ الِانْتِهَاءُ إلَی أَمْرِهِ، لَا جَعْلُ الْخِیَارِ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِیَارُ.

وَعَلَی الْأَوَّلِ یَشْکُلُ الْفَرْقُ بَیْنَ الْمُؤَامَرَهِ وَ شَرْطِ الْخِیَارِ.

وَالْمُرَادُ بِقوله:

وَ کَذَا کُلُّ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِیَارُ، أَنَّهُ إنْ فَسَخَ أَوْ أَجَازَ نَفَذَ وَ إِنْ سَکَتَ إلَی أَنْ انْقَضَتْ مُدَّهُ الْخِیَارِ لَزِمَ الْبَیْعُ، کَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْمَرَ هُنَا لَوْ سَکَتَ عَنْ الْأَمْرِ، أَوْ الْمُسْتَأْمِرِ بِالْکَسْرِ لَوْ سَکَتَ عَنْ الِاسْتِئْمَارِ لَزِمَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِیهِ اللُّزُومُ إلَّا بِأَمْرٍ خَارِجٍ وَ هُوَ مُنْتَفٍ.

(وَیَجِبُ اشْتِرَاطُ مُدَّهِ الْمُؤَامَرَهِ) بِوَجْهٍ مُنْضَبِطٍ، حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ خِلَافًا لِلشَّیْخِ حَیْثُ جَوَّزَ الْإِطْلَاقَ.

الرَّابِعُ خِیَارُ التَّأْخِیرِ

أَیْ: تَأْخِیرِ إقْبَاضِ الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ (عَنْ ثَلَاثَهِ) أَیَّامٍ (فِیمَنْ بَاعَ وَ لَا قَبَضَ) الثَّمَنَ، (وَ لَا أَقْبَضَ) الْمَبِیعَ، (وَ لَا شَرَطَ التَّأْخِیرَ) أَیْ: تَأْخِیرَ الْإِقْبَاضِ وَ الْقَبْضِ فَلِلْبَائِعِ الْخِیَارُ بَعْدَ الثَّلَاثَهِ فِی الْفَسْخِ (وَقَبْضُ الْبَعْضِ کَلَا قَبْضٍ) لِصِدْقِ عَدَمِ قَبْضِ الثَّمَنِ وَ إِقْبَاضُ الْمُثَمَّنِ مُجْتَمِعًا وَ مُنْفَرِدًا وَ لَوْ قَبَضَ الْجَمِیعَ أَوْ أَقْبَضَهُ فَلَا خِیَارَ وَ إِنْ عَادَ إلَیْهِ بَعْدَهُ.

وَشَرْطُ الْقَبْضِ الْمَانِعِ کَوْنُهُ بِإِذْنِ الْمَالِکِ فَلَا أَثَرَ لِمَا یَقَعُ بِدُونِهِ وَ کَذَا لَوْ ظَهَرَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا أَوْ بَعْضَهُ وَ لَا یَسْقُطُ بِمُطَالَبَهِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الثَّلَاثَهِ وَ إِنْ کَانَ قَرِینَهُ الرِّضَا بِالْعَقْدِ.

وَلَوْ بَذَلَ الْمُشْتَرِی الثَّمَنَ بَعْدَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ فَفِی سُقُوطِ الْخِیَارِ وَجْهَانِ: وَ مَنْشَؤُهُمَا الِاسْتِصْحَابُ وَ زَوَالُ الضَّرَرِ.

(وَتَلَفُهُ) أَیْ: الْمَبِیعِ (مِنْ الْبَائِعِ مُطْلَقًا) فِی الثَّلَاثَهِ وَ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ غَیْرُ مَقْبُوضٍ وَ کُلُّ مَبِیعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهُوَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ وَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ عَلَی خِلَافِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ حَیْثُ زَعَمَ أَنَّ تَلَفَهُ فِی الثَّلَاثَهِ مِنْ الْمُشْتَرِی، لِانْتِقَالِ الْمَبِیعِ إلَیْهِ وَ کَوْنِ التَّأْخِیرِ لِمَصْلَحَتِهِ وَ هُوَ غَیْرُ مَسْمُوعٍ فِی مُقَابَلَهِ الْقَاعِدَهِ الْکُلِّیَّهِ الثَّابِتَهِ بِالنَّصِّ وَ الْإِجْمَاعِ

الْخَامِسُ خِیَارُ مَا یَفْسُدُ لِیَوْمِهِ

وَ هُوَ ثَابِتٌ بَعْدَ دُخُولِ اللَّیْلِ) هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَدْلُولِ الرِّوَایَهِ.

وَلَکِنْ یَشْکُلُ بِأَنَّ الْخِیَارَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَ إِذَا تَوَقَّفَ ثُبُوتُهُ عَلَی دُخُولِ اللَّیْلِ مَعَ کَوْنِ الْفَسَادِ یَحْصُلُ فِی یَوْمِهِ لَا یَنْدَفِعُ الضَّرَرُ وَ إِنَّمَا یَنْدَفِعُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الْفَسَادِ.

وَفَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ خِیَارَ مَا یُفْسِدُهُ الْمَبِیتُ وَ هُوَ حَسَنٌ وَ إِنْ کَانَ فِیهِ خُرُوجٌ عَنْ النَّصِّ لِتَلَافِیهِ بِخَبَرِ الضِّرَارِ وَ اسْتَقْرَبَ تَعْدِیَتَهُ إلَی کُلِّ مَا یَتَسَارَعُ إلَیْهِ الْفَسَادُ عِنْدَ خَوْفِهِ وَ لَا یَتَقَیَّدُ بِاللَّیْلِ.

وَاکْتَفَی فِی الْفَسَادِ بِنَقْصِ الْوَصْفِ وَفَوَاتِ الرَّغْبَهِ کَمَا فِی الْخَضْرَاوَاتِ وَ اللَّحْمِ وَ الْعِنَبِ وَ کَثِیرٍ مِنْ الْفَوَاکِهِ وَ اسْتَشْکَلَ فِیمَا لَوْ اسْتَلْزَمَ التَّأْخِیرُ فَوَاتَ السُّوقِ، فَعَلَی هَذَا لَوْ کَانَ مِمَّا یَفْسُدُ فِی یَوْمَیْنِ تَأَخَّرَ الْخِیَارُ عَنْ اللَّیْلِ إلَی حِینِ خَوْفِهِ.

وَهَذَا کُلُّهُ مُتَّجَهٌ وَ إِنْ خَرَجَ عَنْ مَدْلُولِ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَی هَذَا الْحُکْمِ، لِقُصُورِهِ عَنْ إفَادَهِ الْحُکْمِ مَتْنًا وَ سَنَدًا وَ خَبَرُ الضِّرَارِ الْمُتَّفَقُ عَلَیْهِ یُفِیدُهُ فِی الْجَمِیعِ

السَّادِسُ خِیَارُ الرُّؤْیَهِ

السَّادِسُ خِیَارُ الرُّؤْیَهِ

وَهُوَ ثَابِتٌ لِمَنْ لَمْ یَرَ) إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَی بِالْوَصْفِ.

وَلَوْ اشْتَرَی بِرُؤْیَهٍ قَدِیمَهٍ فَکَذَلِکَ یَتَخَیَّرُ لَوْ ظَهَرَ بِخِلَافِ مَا رَآهُ وَ کَذَا مِنْ طَرَفِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا الْقِسْمِ بِقَرِینَهِ قوله:

وَ لَا بُدَّ فِیهِ مِنْ ذِکْرِ الْجِنْسِ: إلَی آخِرِهِ فَإِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَی مَا لَمْ یَرَ [أَصْلًا]، إذْ لَا یُشْتَرَطُ وَصْفُ مَا سَبَقَتْ رُؤْیَتُهُ.

وَإِنَّمَا یَثْبُتُ الْخِیَارُ فِیمَا لَمْ یَرَ (إذَا زَادَ فِی طَرَفِ الْبَائِعِ، أَوْ نَقَصَ فِی طَرَفِ الْمُشْتَرِی) وَ لَوْ وُصِفَ لَهُمَا فَزَادَ وَ نَقَصَ بِاعْتِبَارَیْنِ تَخَیَّرَا، أَوْ قُدِّمَ الْفَاسِخُ مِنْهُمَا.

وَهَلْ هُوَ عَلَی الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِی؟ وَجْهَانِ: أَجْوَدُهُمَا الْأَوَّلُ وَ هُوَ خِیرَتُهُ فِی الدُّرُوسِ.

(وَ لَا بُدَّ فِیهِ) أَیْ: فِی بَیْعِ مَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ خِیَارُ الرُّؤْیَهِ وَ هُوَ الْعَیْنُ الشَّخْصِیَّهُ الْغَائِبَهُ (مِنْ ذِکْرِ الْجِنْسِ وَ الْوَصْفِ) الرَّافِعَیْنِ لِلْجَهَالَهِ، (وَ الْإِشَارَهِ إلَی مُعَیَّنٍ) فَلَوْ انْتَفَی الْوَصْفُ بَطَلَ وَ لَوْ انْتَفَتْ الْإِشَارَهُ کَانَ الْمَبِیعُ کُلِّیًّا لَا یُوجِبُ الْخِیَارَ لَوْ لَمْ یُطَابِقْ الْمَدْفُوعَ، بَلْ عَلَیْهِ إبْدَالُهُ، (وَ لَوْ رَأَی الْبَعْضَ وَ وُصِفَ الْبَاقِی تَخَیَّرَ فِی الْجَمِیعِ مَعَ عَدَمِ الْمُطَابَقَهِ) وَ لَیْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَی فَسْخِ مَا لَمْ یَرَ؛ لِأَنَّهُ مَبِیعٌ وَاحِدٌ.

السَّابِعُ - خِیَارُ الْغَبْنِ

بِسُکُونِ الْبَاءِ وَأَصْلُهُ الْخَدِیعَهُ وَ الْمُرَادُ هُنَا الْبَیْعُ، أَوْ الشِّرَاءُ بِغَیْرِ الْقِیمَهِ (وَ هُوَ ثَابِتٌ) فِی الْمَشْهُورِ لِکُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی (مَعَ الْجَهَالَهِ) بِالْقِیمَهِ (إذَا کَانَ الْغَبْنُ) وَ هُوَ الشِّرَاءُ بِزِیَادَهٍ عَنْ الْقِیمَهِ، أَوْ الْبَیْعُ بِنُقْصَانٍ عَنْهَا (بِمَا لَا یُتَغَابَنُ) أَیْ: یُتَسَامَحُ (بِهِ غَالِبًا) وَ الْمَرْجِعُ فِیهِ إلَی الْعَادَهِ، لِعَدَمِ تَقْدِیرِهِ شَرْعًا وَ تُعْتَبَرُ الْقِیمَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَ یُرْجَعُ فِیهَا إلَی الْبَیِّنَهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَ فِی الْجَهَالَهِ إلَیْهَا لِلْمُطَّلِعِ عَلَی حَالِهِ.

وَالْأَقْوَی قَبُولُ قَوْلِهِ فِیهَا بِیَمِینِهِ مَعَ إمْکَانِهَا فِی حَقِّهِ وَ لَا یَسْقُطُ الْخِیَارُ بِبَذْلِ الْغَابِنِ التَّفَاوُتَ وَ إِنْ انْتَفَی مُوجِبُهُ، اسْتِصْحَابًا لِمَا ثَبَتَ قَبْلَهُ.

نَعَمْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَی إسْقَاطِهِ بِالْعِوَضِ صَحَّ کَغَیْرِهِ مِنْ الْخِیَارِ.

(وَ) کَذَا (لَا یَسْقُطُ بِالتَّصَرُّفِ) سَوَاءٌ کَانَ الْمُتَصَرِّفُ الْغَابِنَ أَمْ الْمَغْبُونَ وَ سَوَاءٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْمِلْکِ کَالْبَیْعِ أَمْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ رَدِّهِ کَالِاسْتِیلَادِ، أَمْ لَا (إلَّا أَنْ یَکُونَ الْمَغْبُونُ الْمُشْتَرِیَ وَ قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْکِهِ) فَیَسْقُطُ خِیَارُهُ، إذْ لَا یُمْکِنُهُ رَدُّ الْعَیْنِ الْمُنْتَقِلَهِ إلَیْهِ لِیَأْخُذَ الثَّمَنَ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ مَا یَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ شَرْعًا کَالِاسْتِیلَادِ وَ إِنْ لَمْ یَخْرُجْ عَنْ الْمِلْکِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَ عَلَیْهِ عَمَلُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی غَیْرِ الْکِتَابِ.

(وَفِیهِ نَظَرٌ لِلضَّرَرِ) عَلَی الْمُشْتَرِی مَعَ تَصَرُّفِهِ فِیهِ عَلَی وَجْهٍ یَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ لَوْ قُلْنَا بِسُقُوطِ خِیَارِهِ بِهِ (مَعَ الْجَهْلِ) بِالْغَبْنِ، أَوْ بِالْخِیَارِ وَ الضَّرَرُ مَنْفِیٌّ بِالْخَبَرِ، بَلْ هُوَ مُسْتَنَدُ خِیَارِ الْغَبْنِ، إذْ لَا نَصَّ فِیهِ بِخُصُوصِهِ (وَ حِینَئِذٍ فَیُمْکِنُ الْفَسْخُ) مَعَ تَصَرُّفِهِ کَذَلِکَ (وَ إِلْزَامُهُ بِالْقِیمَهِ) إنْ کَانَ قِیَمِیًّا، (أَوْ الْمِثْلِ) إنْ کَانَ مِثْلِیًّا جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ (وَ کَذَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَیْنُ، أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَهَ)، کَمَا یَثْبُتُ ذَلِکَ لَوْ کَانَ الْمُتَصَرِّفُ الْمُشْتَرِیَ وَ الْمَغْبُونُ الْبَائِعَ، فَإِنَّهُ إذَا فَسَخَ وَ لَمْ یَجِدْ الْعَیْنَ یَرْجِعُ إلَی الْمِثْلِ أَوْ الْقِیمَهِ وَ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُتَوَجَّهٌ لَکِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَی قَائِلٍ بِهِ، نَعَمْ لَوْ عَادَ إلَی مِلْکِهِ بِفَسْخٍ، أَوْ إقَالَهٍ، أَوْ غَیْرِهِمَا، أَوْ مَوْتِ الْوَلَدِ جَازَ لَهُ الْفَسْخُ إنْ لَمْ یُنَافِ الْفَوْرِیَّهَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ ثُبُوتِ الْغَبْنِ إمَّا أَنْ یَکُونَ فِی الْمَبِیعِ الْمَغْبُونِ فِیهِ، أَوْ فِی ثَمَنِهِ، أَوْ فِیهِمَا، ثُمَّ إمَّا أَنْ یَخْرُجَ عَنْ الْمِلْکِ، أَوْ یَمْنَعَ مِنْ الرَّدِّ کَالِاسْتِیلَادِ، أَوْ یَرِدَ عَلَی الْمَنْفَعَهِ خَاصَّهً کَالْإِجَارَهِ، أَوْ یُوجِبَ تَغَیُّرَ الْعَیْنِ بِالزِّیَادَهِ الْعَیْنِیَّهِ کَغَرْسِ الْأَرْضِ، أَوْ الْحُکْمِیَّهِ کَقِصَارَهِ الثَّوْبِ، أَوْ الْمَشُوبَهِ کَصَبْغِهِ، أَوْ النُّقْصَانِ بِعَیْبٍ وَ نَحْوِهِ، أَوْ بِامْتِزَاجِهَا بِمِثْلِهَا بِمَا یُوجِبُ الشَّرِکَهَ بِالْمُسَاوِی، أَوْ الْأَجْوَدِ، أَوْ الْأَرْدَأِ أَوْ بِغَیْرِهَا، أَوْ بِهِمَا عَلَی وَجْهِ الِاضْمِحْلَالِ کَالزَّیْتِ یُعْمَلُ صَابُونًا، أَوْ لَا یُوجِبُ شَیْئًا مِنْ ذَلِکَ.

ثُمَّ إمَّا أَنْ یَزُولَ الْمَانِعُ مِنْ الرَّدِّ قَبْلَ الْحُکْمِ بِبُطْلَانِ الْخِیَارِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ لَا یَزُولُ وَ الْمَغْبُونُ إمَّا الْبَائِعَ، أَوْ الْمُشْتَرِیَ أَوْ هُمَا.

فَهَذِهِ جُمْلَهُ أَقْسَامِ الْمَسْأَلَهِ وَ مَضْرُوبُهَا یَزِیدُ عَنْ مِائَتَیْ مَسْأَلَهٍ وَ هِیَ مِمَّا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَی وَ حُکْمُهَا غَیْرُ مُسْتَوْفًی فِی کَلَامِهِمْ.

وَجُمْلَهُ الْکَلَامِ فِیهِ أَنَّ الْمَغْبُونَ إنْ کَانَ هُوَ الْبَائِعُ لَمْ یَسْقُطْ خِیَارُهُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِی مُطْلَقًا فَإِنْ فَسَخَ وَ وَجَدَ الْعَیْنَ بَاقِیَهً عَلَی مِلْکِهِ لَمْ تَتَغَیَّرْ تَغَیُّرًا یُوجِبُ زِیَادَهَ الْقِیمَهِ وَ لَا یَمْنَعُ مِنْ رَدِّهَا أَخْذُهَا وَ إِنْ وَجَدَهَا مُتَغَیِّرَهً بِصِفَهٍ مَحْضَهٍ کَالطَّحْنِ وَ الْقِصَارَهِ فَلِلْمُشْتَرِی أُجْرَهُ عَمَلِهِ.

وَلَوْ زَادَتْ قِیمَهُ الْعَیْنِ بِهَا شَارَکَهُ فِی الزِّیَادَهِ بِنِسْبَهِ الْقِیمَهِ وَ إِنْ کَانَ صِفَهً مِنْ وَجْهٍ وَ عَیْنًا مِنْ آخَرَ کَالصَّبْغِ صَارَ شَرِیکًا بِنِسْبَتِهِ کَمَا مَرَّ وَ أَوْلَی هُنَا وَ لَوْ کَانَتْ الزِّیَادَهُ عَیْنًا مَحْضَهً کَالْغَرْسِ أَخَذَ الْمَبِیعَ وَ تَخَیَّرَ بَیْنَ قَلْعِ الْغَرْسِ بِالْأَرْشِ وَ إِبْقَائِهِ بِالْأُجْرَهِ؛ لِأَنَّهُ وَضْعٌ بِحَقٍّ وَ لَوْ رَضِیَ بِبَقَائِهِ بِهَا وَ اخْتَارَ الْمُشْتَرِی قَلْعَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَ عَلَیْهِ تَسْوِیَهُ الْحُفَرِ حِینَئِذٍ وَ لَوْ کَانَ زَرْعًا وَجَبَ إبْقَاؤُهُ إلَی أَوَانِ بُلُوغِهِ بِالْأُجْرَهِ.

وَإِنْ وَجَدَهَا نَاقِصَهً أَخَذَهَا مَجَّانًا کَذَلِکَ إنْ شَاءَ وَ إِنْ وَجَدَهَا مُمْتَزِجَهً بِغَیْرِهَا فَإِنْ کَانَ بِمُسَاوٍ، أَوْ أَرْدَأَ صَارَ شَرِیکًا إنْ شَاءَ وَ إِنْ کَانَ بِأَجْوَدَ فَفِی سُقُوطِ خِیَارِهِ، أَوْ کَوْنِهِ شَرِیکًا بِنِسْبَهِ الْقِیمَهِ، أَوْ الرُّجُوعُ إلَی الصُّلْحِ أَوْجَهُ وَ لَوْ مَزَجَهَا بِغَیْرِ الْجِنْسِ بِحَیْثُ لَا یَتَمَیَّزُ فَکَالْمَعْدُومَهِ وَ إِنْ وَجَدَهَا مُنْتَقِلَهً عَنْ مِلْکِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ کَالْبَیْعِ وَ الْعِتْقِ رَجَعَ إلَی الْمِثْلِ، أَوْ الْقِیمَهِ وَ کَذَا لَوْ وَجَدَهَا عَلَی مِلْکِهِ مَعَ عَدَمِ إمْکَانِ رَدِّهَا کَالْمُسْتَوْلَدَهِ.

ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ الْمَانِعُ اسْتَمَرَّ السُّقُوطُ وَ إِنْ زَالَ قَبْلَ الْحُکْمِ بِالْعِوَضِ بِأَنْ رَجَعَتْ إلَی مِلْکِهِ، أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْعَیْنَ مَعَ احْتِمَالِ الْعَدَمِ، لِبُطْلَانِ حَقِّهِ بِالْخُرُوجِ فَلَا یَعُودُ وَ لَوْ کَانَ الْعَوْدُ بَعْدَ الْحُکْمِ بِالْعِوَضِ فَفِی رُجُوعِهِ إلَی الْعَیْنِ وَجْهَانِ مِنْ بُطْلَانِ حَقِّهِ مِنْ الْعَیْنِ وَ کَوْنِ الْعِوَضِ لِلْحَیْلُولَهِ و قد زَالَتْ.

وَلَوْ کَانَ النَّاقِلُ مِمَّا یُمْکِنُ إبْطَالُهُ کَالْبَیْعِ بِخِیَارٍ أُلْزِمَ بِالْفَسْخِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَسَخَهُ الْحَاکِمُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَخَهُ الْمَغْبُونُ وَ إِنْ وَجَدَهَا مَنْقُولَهَ الْمَنَافِعِ جَازَ لَهُ الْفَسْخُ وَ انْتِظَارُ انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ وَ تَصِیرُ مِلْکَهُ مِنْ حِینِهِ وَ لَیْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَهِ وَ لَوْ کَانَ النَّقْلُ جَائِزًا کَالسُّکْنَی الْمُطْلَقَهِ فَلَهُ الْفَسْخُ.

هَذَا کُلُّهُ إذَا لَمْ یَکُنْ تَصَرَّفَ فِی الثَّمَنِ تَصَرُّفًا یَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَ إِلَّا سَقَطَ خِیَارُهُ، کَمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِی فِی الْعَیْنِ وَ الِاحْتِمَالُ السَّابِقُ قَائِمٌ فِیهِمَا فَإِنْ قُلْنَا بِهِ دَفَعَ مِثْلَهُ، أَوْ قِیمَتَهُ.

وَإِنْ کَانَ الْمَغْبُونُ هُوَ الْمُشْتَرِی لَمْ یَسْقُطْ خِیَارُهُ بِتَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِی الثَّمَنِ مُطْلَقًا فَیُرْجَعُ إلَی عَیْنِ الثَّمَنِ، أَوْ مِثْلِهِ، أَوْ قِیمَتِهِ وَ أَمَّا تَصَرُّفُهُ فِیمَا غُبِنَ فِیهِ فَإِنْ لَمْ یَکُنْ نَاقِلًا عَنْ الْمِلْکِ عَلَی وَجْهٍ لَازِمٍ وَ لَا مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ وَ لَا مُنَقِّصًا لِلْعَیْنِ فَلَهُ رَدُّهَا.

وَفِی النَّاقِلِ وَ الْمَانِعِ مَا تَقَدَّمَ.

وَلَوْ کَانَ قَدْ زَادَهَا فَأَوْلَی بِجَوَازِهِ، أَوْ نَقَصَهَا، أَوْ مَزَجَهَا، أَوْ آجَرَهَا فَوَجْهَانِ وَ ظَاهِرُ کَلَامِهِمْ أَنَّهُ غَیْرُ مَانِعٍ، لَکِنْ إنْ کَانَ النَّقْصُ مِنْ قِبَلِهِ رَدَّهَا مَعَ الْأَرْشِ وَ إِنْ کَانَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ کَذَلِکَ کَمَا لَوْ تَلِفَتْ.

وَلَوْ کَانَتْ الْأَرْضُ مَغْرُوسَهً فَعَلَیْهِ قَلْعُهُ مِنْ غَیْرِ أَرْشٍ إنْ لَمْ یَرْضَ الْبَائِعُ بِالْأُجْرَهِ وَ فِی خَلْطِهِ بِالْأَرْدَأِ الْأَرْشُ.

وَبِالْأَجْوَدِ إنْ بُذِلَ لَهُ بِنِسْبَتِهِ فَقَدْ أَنْصَفَهُ وَ إِلَّا فَإِشْکَالٌ.

الثَّامِنُ - خِیَارُ الْعَیْبِ

الثَّامِنُ - خِیَارُ الْعَیْبِ

وَ هُوَ کُلُّ مَا زَادَ عَنْ الْخِلْقَهِ الْأَصْلِیَّهِ) وَ هِیَ خِلْقَهُ أَکْثَرِ النَّوْعِ الَّذِی یُعْتَبَرُ فِیهِ ذَلِکَ ذَاتًا وَ صِفَهً، (أَوْ نَقَصَ) عَنْهَا (عَیْنًا کَانَ) الزَّائِدُ وَ النَّاقِصُ (کَالْإِصْبَعِ) زَائِدَهً عَلَی الْخَمْسِ، أَوْ نَاقِصَهً مِنْهَا، (أَوْ صِفَهً کَالْحُمَّی وَ لَوْ یَوْمًا) بِأَنْ یَشْتَرِیَهُ فَیَجِدَهُ مَحْمُومًا، أَوْ یَحَمُّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَ إِنْ بَرِئَ لِیَوْمِهِ، فَإِنْ وَجَدَ ذَلِکَ فِی الْمَبِیعِ سَوَاءٌ أَنْقَصَ قِیمَتَهُ، أَمْ زَادَهَا فَضْلًا عَنْ الْمُسَاوَاهِ (فَلِلْمُشْتَرِی الْخِیَارُ مَعَ الْجَهْلِ) بِالْعَیْبِ عِنْدَ الشِّرَاءِ (بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْأَرْشِ وَ هُوَ جُزْءٌ) مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَیْهِ (مِثْلُ نِسْبَهِ التَّفَاوُتِ بَیْنَ الْقِیمَتَیْنِ) فَیُؤْخَذُ ذَلِکَ (مِنْ الثَّمَنِ) بِأَنْ یَقُومَ الْمَبِیعُ صَحِیحًا وَ مَعِیبًا وَ یُؤْخَذَ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْکَ النِّسْبَهِ، لَا تَفَاوُتَ مَا بَیْنَ الْمَعِیبِ وَ الصَّحِیحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ یُحِیطُ بِالثَّمَنِ، أَوْ یَزِیدُ عَلَیْهِ فَیَلْزَمُ أَخْذُهُ الْعِوَضَ وَ الْمُعَوَّضَ، کَمَا إذَا اشْتَرَاهُ بِخَمْسِینَ وَ قُوِّمَ مَعِیبًا بِهَا وَ صَحِیحًا بِمِائَهٍ.

أَوْ أَزْیَدَ وَ عَلَی اعْتِبَارِ النِّسْبَهِ یَرْجِعُ فِی الْمِثَالِ بِخَمْسَهٍ وَ عِشْرِینَ وَ عَلَی هَذَا الْقِیَاسِ.

(وَ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْقِیَمُ) إمَّا لِاخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِینَ، أَوْ لِاخْتِلَافِ قِیمَهِ أَفْرَادِ ذَلِکَ النَّوْعِ الْمُسَاوِیَهِ لِلْمَبِیعِ، فَإِنَّ ذَلِکَ قَدْ یَتَّفِقُ نَادِرًا وَ الْأَکْثَرُ وَ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الدُّرُوسِ عَبَّرُوا عَنْ ذَلِکَ بِاخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِینَ (أُخِذَتْ قِیمَهٌ وَاحِدَهٌ مُتَسَاوِیَهُ النِّسْبَهِ إلَی الْجَمِیعِ) أَیْ: مُنْتَزِعَهٌ مِنْهُ نِسْبَتُهَا إلَیْهِ بِالسَّوِیَّهِ (فَمِنْ الْقِیمَتَیْنِ) یُؤْخَذُ (نِصْفُهُمَا) وَ مِنْ الثَّلَاثِ ثُلُثُهَا، (وَ مِنْ الْخَمْسِ خُمُسُهَا) وَ هَکَذَا.

وَضَابِطُهُ أَخْذُ قِیمَهٍ مُنْتَزَعَهٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ نِسْبَتُهَا إلَیْهِ کَنِسْبَهِ الْوَاحِدِ إلَی عَدَدِ تِلْکَ الْقِیَمِ وَ ذَلِکَ لِانْتِفَاءِ التَّرْجِیحِ.

وَطَرِیقُهُ أَنْ تُجْمَعَ الْقِیَمُ الصَّحِیحَهُ عَلَی حِدَهٍ وَ الْمَعِیبَهُ کَذَلِکَ وَ تُنْسَبُ إحْدَاهُمَا إلَی الْأُخْرَی وَ یُؤْخَذُ بِتِلْکَ النِّسْبَهِ.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِینَ فِی قِیمَتِهِ صَحِیحًا وَ مَعِیبًا وَ فِی أَحَدَیْهِمَا.

وَقِیلَ: یُنْسَبُ مَعِیبُ کُلِّ قِیمَهٍ إلَی صَحِیحِهَا وَ یُجْمَعُ قَدْرُ النِّسْبَهِ وَ یُؤْخَذُ مِنْ الْمُجْتَمِعِ بِنِسْبَتِهَا وَ هَذَا الطَّرِیقُ مَنْسُوبٌ إلَی الْمُصَنِّفِ وَ عِبَارَتُهُ هُنَا وَ فِی الدُّرُوسِ لَا تَدُلُّ عَلَیْهِ.

وَفِی الْأَکْثَرِ یَتَّحِدُ الطَّرِیقَانِ.

وَقَدْ یَخْتَلِفَانِ فِی یَسِیرٍ، کَمَا لَوْ قَالَتْ إحْدَی الْبَیِّنَتَیْنِ: إنَّ قِیمَتَهُ اثْنَا عَشَرَ صَحِیحًا وَ عَشَرَهٌ مَعِیبًا وَ الْأُخْرَی ثَمَانِیَهٌ صَحِیحًا وَ خَمْسَهٌ مَعِیبًا، فَالتَّفَاوُتُ بَیْنَ الْقِیمَتَیْنِ الصَّحِیحَتَیْنِ وَ مَجْمُوعِ الْمَعِیبَتَیْنِ الرُّبُعُ فَیَرْجِعُ بِرُبُعِ الثَّمَنِ وَ هُوَ ثَلَاثَهٌ مِنْ اثْنَیْ عَشَرَ لَوْ کَانَ کَذَلِکَ وَ عَلَی الثَّانِی یُؤْخَذُ تَفَاوُتُ مَا بَیْنَ الْقِیمَتَیْنِ عَلَی قَوْلِ الْأُولَی وَ هُوَ السُّدُسُ وَ عَلَی قَوْلِ الثَّانِیَهِ ثَلَاثَهُ أَثْمَانٍ.

وَمَجْمُوعُ ذَلِکَ مِنْ الِاثْنَیْ عَشَرَ سِتَّهٌ وَ نِصْفٌ.

یُؤْخَذُ نِصْفُهَا: ثَلَاثَهٌ وَ رُبُعٌ.

فَظَهَرَ التَّفَاوُتُ.

وَلَوْ کَانَتْ ثَلَاثًا فَقَالَتْ إحْدَاهَا: کَالْأُولَی وَ الثَّانِیَهُ: عَشَرَهٌ صَحِیحًا وَ ثَمَانِیَهٌ مَعِیبًا وَ الثَّالِثَهُ: ثَمَانِیَهٌ صَحِیحًا وَ سِتَّهٌ مَعِیبًا.

فَالصَّحِیحَهُ ثَلَاثُونَ وَ الْمَعِیبَهُ أَرْبَعَهٌ وَ عِشْرُونَ وَ التَّفَاوُتُ سِتَّهٌ هِیَ الْخَمْسُ.

عَلَی الثَّانِی یُجْمَعُ سُدُسُ الثَّمَنِ وَ خُمُسُهُ وَ رُبُعُهُ وَ یُؤْخَذُ ثُلُثُ الْمَجْمُوعِ وَ هُوَ یَزِیدُ عَنْ الْأَوَّلِ بِثُلُثِ خُمُسٍ.

وَلَوْ اتَّفَقَتْ عَلَی الصَّحِیحَهِ کَاثْنَیْ عَشَرَ، دُونَ الْمَعِیبَهِ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا: عَشَرَهٌ وَ الْأُخْرَی: سِتَّهٌ، فَطَرِیقَتُهُ تَنْصِیفُ الْمَعِیبَتَیْنِ وَ نِسْبَهُ النِّصْفِ إلَی الصَّحِیحَهِ، أَوْ تَجْمَعُ الْمَعِیبَتَیْنِ مَعَ تَضْعِیفِ الصَّحِیحَهِ وَ أَخْذِ مِثْلِ نِسْبَهِ الْمَجْمُوعِ إلَیْهِ وَ هُوَ الثُّلُثُ.

وَعَلَی الثَّانِی یُؤْخَذُ مِنْ الْأُولَی السُّدُسُ وَ مِنْ الثَّانِیَهِ النِّصْفُ وَ یُؤْخَذُ نِصْفُهُ وَ هُوَ الثُّلُثُ أَیْضًا.

وَلَوْ انْعَکَسَ بِأَنْ اتَّفَقَتَا عَلَی السِّتَّهِ مَعِیبًا وَ قَالَتْ إحْدَاهُمَا: ثَمَانِیَهٌ صَحِیحًا وَ أُخْرَی: عَشَرَهٌ، فَإِنْ شِئْت جَمَعْتَهُمَا وَ أَخَذْت التَّفَاوُتَ وَ هُوَ الثُّلُثُ، أَوْ أَخَذَتْ نِصْفَ الصَّحِیحَتَیْنِ وَ نَسَبَتْهُ إلَی الْمَعِیبَهِ وَ هُوَ الثُّلُثُ أَیْضًا.

وَعَلَی الثَّانِی یَکُونُ التَّفَاوُتُ رُبُعًا وَ خُمُسَیْنِ فَنِصْفُهُ وَ هُوَ ثُمُنٌ وَ خُمُسٌ یَنْقُصُ عَنْ الثُّلُثِ بِنِصْفِ خُمُسٍ.

وَعَلَی هَذَا الْقِیَاسِ.

(وَیَسْقُطُ الرَّدُّ بِالتَّصَرُّفِ) فِی الْمَبِیعِ، سَوَاءٌ کَانَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَیْبِ أَمْ بَعْدَهُ وَ سَوَاءٌ کَانَ التَّصَرُّفُ نَاقِلًا لِلْمِلْکِ أَمْ لَا، مُغَیِّرًا لِلْعَیْنِ أَمْ لَا، عَادَ إلَیْهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْکِهِ أَمْ لَا.

وَمَا تَقَدَّمَ فِی تَصَرُّفِ الْحَیَوَانِ آتٍ هُنَا،، (أَوْ حُدُوثِ عَیْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ) مَضْمُونٌ عَلَی الْمُشْتَرِی، سَوَاءٌ کَانَ حُدُوثُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَمْ لَا.

وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَضْمُونِ عَلَیْهِ عَمَّا لَوْ کَانَ حَیَوَانًا وَ حَدَثَ فِیهِ الْعَیْبُ فِی الثَّلَاثَهِ مِنْ غَیْرِ جِهَهِ الْمُشْتَرِی، فَإِنَّهُ حِینَئِذٍ لَا یُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ وَ لَا الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَی الْبَائِعِ.

وَلَوْ رَضِیَ الْبَائِعُ بِرَدِّهِ مَجْبُورًا بِالْأَرْشِ، أَوْ غَیْرَ مَجْبُورٍ جَازَ.

وَفِی حُکْمِهِ مَا لَوْ اشْتَرَی صَفْقَهً مُتَعَدِّدًا وَ ظَهَرَ فِیهِ عَیْبٌ وَ تَلِفَ أَحَدُهَا، أَوْ اشْتَرَی اثْنَانِ صَفْقَهً فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الرَّدِّ فَإِنَّ الْآخَرَ یُمْنَعُ مِنْهُ وَ لَهُ الْأَرْشُ وَ إِنْ أَسْقَطَهُ الْآخَرُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الْعَیْنُ أَمْ تَعَدَّدَتْ، اقْتَسَمَاهَا أَمْ لَا.

وَأَوْلَی بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفَرُّقِ الْوَارِثُ عَنْ وَ احِدٍ؛ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ هُنَا طَارِئٌ عَلَی الْعَقْدِ.

سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ خِیَارُ الْعَیْبِ وَ غَیْرُهُ.

وَکَذَا الْحُکْمُ لَوْ اشْتَرَی شَیْئَیْنِ فَصَاعِدًا فَظَهَرَ فِی أَحَدِهِمَا عَیْبٌ، فَلَیْسَ لَهُ رَدُّهُ، بَلْ رَدُّهُمَا، أَوْ إمْسَاکُهُمَا بِأَرْشِ الْمَعِیبِ.

وَکَذَا یَسْقُطُ الرَّدُّ، دُونَ الْأَرْشِ إذَا اشْتَرَی مِنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ لِانْعِتَاقِهِ بِنَفْسِ الْمِلْکِ وَ یُمْکِنُ رَدُّهُ إلَی التَّصَرُّفِ وَ کَذَا یَسْقُطُ الرَّدُّ بِإِسْقَاطِهِ مَعَ اخْتِیَارِهِ الْأَرْشَ أَوْ لَا مَعَهُ.

(وَ) حَیْثُ یَسْقُطُ الرَّدُّ (یَبْقَی الْأَرْشُ وَ یَسْقُطَانِ) أَیْ: الرَّدُّ وَ الْأَرْشُ مَعًا (بِالْعِلْمِ بِهِ) أَیْ: بِالْعَیْبِ (قَبْلَ الْعَقْدِ)، فَإِنَّ قُدُومَهُ عَلَیْهِ عَالِمًا بِهِ رِضًا بِالْمَعِیبِ، (وَبِالرِّضَا بِهِ بَعْدَهُ) غَیْرُ مُقَیَّدٍ بِالْأَرْشِ وَ أَوْلَی مِنْهُ إسْقَاطُ الْخِیَارِ، (وَبِالْبَرَاءَهِ) أَیْ: بَرَاءَهِ الْبَائِعِ (مِنْ الْعُیُوبِ وَ لَوْ إجْمَالًا) کَقوله:

بَرِئْت مِنْ جَمِیعِ الْعُیُوبِ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ عِلْمِ الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی بِالْعُیُوبِ وَ جَهْلِهِمَا وَ التَّفْرِیقِ وَ لَا بَیْنَ الْحَیَوَانِ وَ غَیْرِهِ وَ لَا بَیْنَ الْعُیُوبِ الْبَاطِنَهِ وَ غَیْرِهَا وَ لَا بَیْنَ الْمَوْجُودَهِ حَالَهَ الْعَقْدِ وَ الْمُتَجَدِّدَهِ حَیْثُ تَکُونُ مَضْمُونَهً عَلَی الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْخِیَارَ بِهَا ثَابِتٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَ إِنْ کَانَ السَّبَبُ حِینَئِذٍ غَیْرَ مَضْمُونٍ.

(وَ الْإِبَاقُ) عِنْدَ الْبَائِعِ (وَ عَدَمُ الْحَیْضِ) مِمَّنْ شَأْنُهَا الْحَیْضُ بِحَسَبِ سِنِّهَا (عَیْبٌ) وَ یَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ الِاکْتِفَاءُ بِوُقُوعِ الْإِبَاقِ مَرَّهً قَبْلَ الْعَقْدِ وَ بِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ وَ الْأَقْوَی اعْتِبَارُ اعْتِیَادِهِ وَ أَقَلُّ مَا یَتَحَقَّقُ بِمَرَّتَیْنِ وَ لَا یُشْتَرَطُ إبَاقُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِی، بَلْ مَتَی تَحَقَّقَ ذَلِکَ عِنْدَ الْبَائِعِ جَازَ الرَّدُّ وَ لَوْ تَجَدَّدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِی فِی الثَّلَاثَهِ مِنْ غَیْرِ تَصَرُّفٍ فَهُوَ کَمَا لَوْ وَقَعَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَ لَا یُعْتَبَرُ فِی ثُبُوتِ عَیْبِ الْحَیْضِ مُضِیُّ سِتَّهِ أَشْهُرٍ کَمَا ذَکَرَهُ جَمَاعَهٌ، بَلْ یَثْبُتُ بِمُضِیِّ مُدَّهٍ تَحِیضُ فِیهَا أَسْنَانُهَا فِی تِلْکَ الْبِلَادِ، (وَ کَذَا الثُّفْلُ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَهِ وَ هُوَ مَا اسْتَقَرَّ تَحْتَ الْمَائِعِ مِنْ کُدْرَهٍ (فِی الزَّیْتِ) وَ شَبَهِهِ (غَیْرِ الْمُعْتَادِ).

أَمَّا الْمُعْتَادُ مِنْهُ فَلَیْسَ بِعَیْبٍ؛ لِاقْتِضَاءِ طَبِیعَهِ الزَّیْتِ وَ شَبَهِهِ کَوْنَ ذَلِکَ فِیهِ غَالِبًا وَ لَا یُشْکِلُ صِحَّهُ الْبَیْعِ مَعَ زِیَادَتِهِ عَنْ الْمُعْتَادِ بِجَهَالَهِ قَدْرِ الْمَبِیعِ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ فَیُجْهَلُ مِقْدَارُ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِکَ غَیْرُ قَادِحٍ مَعَ مَعْرِفَهِ مِقْدَارِ الْجُمْلَهِ کَمَا تَقَدَّمَ فِی نَظَائِرِهِ.

التَّاسِعُ - خِیَارُ التَّدْلِیسِ

التَّاسِعُ - خِیَارُ التَّدْلِیسِ)

وَهُوَ تَفْعِیلٌ مِنْ الدَّلَسِ مُحَرَّکًا وَ هُوَ الظُّلْمَهُ کَأَنَّ الْمُدَلِّسَ یُظْلِمُ الْأَمْرَ وَ یُبْهِمُهُ حَتَّی یُوهِمَ غَیْرَ الْوَاقِعِ وَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ صِفَهٍ فَتَفُوتُ، سَوَاءٌ کَانَ مِنْ الْبَائِعِ أَمْ مِنْ الْمُشْتَرِی (فَلَوْ شَرَطَ صِفَهَ کَمَالِ کَالْبَکَارَهِ، أَوْ تَوَهَّمَهَا) الْمُشْتَرِی کَمَالًا ذَاتِیًّا (کَتَحْمِیرِ الْوَجْهِ وَ وَصْلِ الشَّعْرِ فَظَهَرَ الْخِلَافُ، تَخَیَّرَ) بَیْنَ الْفَسْخِ وَ الْإِمْضَاءِ بِالثَّمَنِ، (وَ لَا أَرْشَ) لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَیْبِ وَ الْوَاقِعُ لَیْسَ بِعَیْبٍ، بَلْ فَوَاتُ أَمْرٍ زَائِدٍ وَ یُشْکِلُ ذَلِکَ فِی الْبَکَارَهِ مِنْ حَیْثُ إنَّهَا بِمُقْتَضَی الطَّبِیعَهِ وَ فَوَاتُهَا نَقْصٌ یَحْدُثُ عَلَی الْأَمَهِ وَ یُؤَثِّرُ فِی نُقْصَانِ الْقِیمَهِ تَأْثِیرًا بَیِّنًا فَیَتَخَیَّرُ بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْأَرْشِ، بَلْ یُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُمَا وَ إِنْ لَمْ یَشْتَرِطْ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ خُصُوصًا فِی الصَّغِیرَهِ الَّتِی لَیْسَتْ مَحَلَّ الْوَطْءِ، فَإِنَّ أَصْلَ الْخِلْقَهِ وَ الْغَالِبَ مُتَطَابِقَانِ فِی مِثْلِهَا عَلَی الْبَکَارَهِ فَیَکُونُ فَوَاتُهَا عَیْبًا وَ هُوَ فِی الصَّغِیرَهِ قَوِیٌّ وَ فِی غَیْرِهَا مُتَّجَهٌ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ لَمَّا کَانَ عَلَی خِلَافِهِ فِی الْإِمَاءِ کَانَتْ الثَّیْبُوبَهُ فِیهِنَّ بِمَنْزِلَهِ الْخِلْقَهِ الْأَصْلِیَّهِ وَ إِنْ کَانَتْ عَارِضَهً.

وَإِنَّمَا یَثْبُتُ الْحُکْمُ مَعَ الْعِلْمِ بِسَبْقِ الثَّیْبُوبَهِ عَلَی الْبَیْعِ بِالْبَیِّنَهِ، أَوْ إقْرَارِ الْبَائِعِ، أَوْ قُرْبِ زَمَانِ الِاخْتِیَارِ إلَی زَمَانِ الْبَیْعِ بِحَیْثُ لَا یُمْکِنُ تَجَدُّدُ الثَّیْبُوبَهِ فِیهِ عَادَهً وَ إِلَّا فَلَا خِیَارَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَذْهَبُ بِالْعِلَّهِ وَ النَّزْوَهِ وَ غَیْرِهِمَا، نَعَمْ لَوْ تَجَدَّدَتْ فِی زَمَنِ خِیَارِ الْحَیَوَانِ، أَوْ خِیَارِ الشَّرْطِ تَرَتَّبَ الْحُکْمُ.

وَلَوْ انْعَکَسَ الْفَرْضُ بِأَنْ یَشْتَرِطَ الثَّیْبُوبَهَ فَظَهَرَتْ بِکْرًا فَالْأَقْوَی تَخَیُّرُهُ أَیْضًا بَیْنَ الرَّدِّ وَ الْإِمْسَاکِ بِغَیْرِ أَرْشٍ، لِجَوَازِ تَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِذَلِکَ فَلَا یَقْدَحُ فِیهِ کَوْنُ الْبِکْرِ أَتَمَّ غَالِبًا.

(وَ کَذَا التَّصْرِیَهُ) وَ هُوَ جَمْعُ لَبَنِ الشَّاهِ وَ مَا فِی حُکْمِهَا فِی ضَرْعِهَا بِتَرْکِهَا بِغَیْرِ حَلْبٍ وَ لَا رَضَاعٍ فَیَظُنُّ الْجَاهِلُ بِحَالِهَا کَثْرَهَ مَا تَحْلُبُهُ فَیَرْغَبُ فِی شِرَائِهَا بِزِیَادَهٍ وَ هُوَ تَدْلِیسٌ مُحَرَّمٌ وَ حُکْمُهُ ثَابِتٌ (لِلشَّاهِ) إجْمَاعًا، (وَ الْبَقَرَهُ وَ النَّاقَهُ) عَلَی الْمَشْهُورِ، بَلْ قِیلَ: إنَّهُ إجْمَاعٌ، فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ الْحُجَّهُ وَ إِلَّا فَالْمَنْصُوصُ الشَّاهُ وَ إِلْحَاقُ غَیْرِهَا بِهَا قِیَاسٌ، إلَّا أَنْ یُعَلَّلَ بِالتَّدْلِیسِ الْعَامِّ فَیُلْحَقَانِ بِهَا.

وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَ طَرَدَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْحُکْمَ فِی سَائِرِ الْحَیَوَانَاتِ حَتَّی الْآدَمِیِّ وَ فِی الدُّرُوسِ أَنَّهُ لَیْسَ بِذَلِکَ الْبَعِیدِ لِلتَّدْلِیسِ.

وَتَثْبُتُ التَّصْرِیَهُ إنْ لَمْ یَعْتَرِفْ بِهَا الْبَائِعُ وَ لَمْ تَقُمْ بِهَا بَیِّنَهٌ (بَعْدَ اخْتِبَارِهَا ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ) فَإِنْ اتَّفَقَتْ فِیهَا الْحَلَبَاتُ عَادَهً، أَوْ زَادَتْ اللَّاحِقَهُ فَلَیْسَتْ مُصَرَّاهً وَ إِنْ اخْتَلَفَتْ فِی الثَّلَاثَهِ فَکَانَ بَعْضُهَا نَاقِصًا عَنْ الْأُولَی نُقْصَانًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَهِ وَ إِنْ زَادَ بَعْدَهَا فِی الثَّلَاثَهِ یَثْبُتُ الْخِیَارُ بَعْدَ الثَّلَاثَهِ بِلَا فَصْلٍ عَلَی الْفَوْرِ وَ لَوْ ثَبَتَتْ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ الْبَیِّنَهِ جَازَ الْفَسْخُ مِنْ حِینِ الثُّبُوتِ مُدَّهَ الثَّلَاثَهِ، مَا لَمْ یَتَصَرَّفْ بِغَیْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطِ النُّقْصَانِ فَلَوْ تَسَاوَتْ، أَوْ زَادَتْ هِبَهً مِنْ اللَّهِ تَعَالَی فَالْأَقْوَی زَوَالُهُ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ یَعْلَمْ بِالْعَیْبِ حَتَّی زَالَ.

(وَ یُرَدُّ مَعَهَا) إنْ اخْتَارَ رَدَّهَا (اللَّبَنُ) الَّذِی حَلَبَهُ مِنْهَا (حَتَّی الْمُتَجَدِّدُ) مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ (مِثْلُهُ لَوْ تَلِفَ).

أَمَّا رَدُّ الْمَوْجُودِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِیعِ وَ أَمَّا الْمُتَجَدِّدُ فَلِإِطْلَاقِ النَّصِّ بِالرَّدِّ الشَّامِلِ لَهُ.

وَیُشْکِلُ بِأَنَّهُ نَمَاءُ الْمَبِیعِ الَّذِی هُوَ مِلْکُهُ وَ الْعَقْدُ إنَّمَا یَنْفَسِخُ مِنْ حِینِهِ وَ الْأَقْوَی عَدَمُ رَدِّهِ وَ اسْتُشْکِلَ فِی الدُّرُوسِ وَ لَوْ لَمْ یَتْلَفْ اللَّبَنُ لَکِنْ تَغَیَّرَ فِی ذَاتِهِ أَوْ صِفَتِهِ بِأَنْ عُمِلَ جُبْنًا، أَوْ مَخِیضًا وَ نَحْوَهُمَا فَفِی رَدِّهِ بِالْأَرْشِ إنْ نَقَصَ، أَوْ مَجَّانًا أَوْ الِانْتِقَالِ إلَی بَدَلِهِ أَوْجُهٌ: أَجْوَدُهَا الْأَوَّلُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قوله:

بَعْدَ اخْتِبَارِهَا ثَلَاثَهً: ثُبُوتُ الْخِیَارِ الْمُسْتَنِدِ إلَی الِاخْتِبَارِ بَعْدَ الثَّلَاثَهِ کَمَا ذَکَرْنَاهُ سَابِقًا وَ بِهَذَا یَظْهَرُ الْفَرْقُ بَیْنَ مُدَّهِ التَّصْرِیَهِ وَ خِیَارِ الْحَیَوَانِ، فَإِنَّ الْخِیَارَ فِی ثَلَاثَهِ الْحَیَوَانِ فِیهَا وَ فِی ثَلَاثَهِ التَّصْرِیَهِ بَعْدَهَا وَ لَوْ ثَبَتَ التَّصْرِیَهُ بَعْدَ الْبَیْعِ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ الْبَیِّنَهِ فَالْخِیَارُ ثَلَاثَهٌ وَ لَا فَوْرِیَّهَ فِیهَا عَلَی الْأَقْوَی وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ.

وَیُشْکِلُ حِینَئِذٍ الْفَرْقُ، بَلْ رُبَّمَا قِیلَ: بِانْتِفَاءِ فَائِدَهِ خِیَارِ التَّصْرِیَهِ حِینَئِذٍ لِجَوَازِ الْفَسْخِ فِی الثَّلَاثَهِ بِدُونِهَا.

وَیَنْدَفِعُ بِجَوَازِ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ وَ تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ أَسْقَطَ أَحَدَهُمَا وَ یَظْهَرُ مِنْ الدُّرُوسِ تَقْیِیدُ خِیَارِ التَّصْرِیَهِ بِالثَّلَاثَهِ مُطْلَقًا وَ نُقِلَ عَنْ الشَّیْخِ أَنَّهَا لِمَکَانِ خِیَارِ الْحَیَوَانِ.

وَیُشْکِلُ بِإِطْلَاقِ تَوَقُّفِهِ عَلَی الِاخْتِبَارِ ثَلَاثَهً فَلَا یُجَامِعُهَا حَیْثُ لَا تَثْبُتُ بِدُونِهِ وَ الْحُکْمُ بِکَوْنِهِ یَتَخَیَّرُ فِی آخِرِ جُزْءٍ مِنْهَا یُوجِبُ الْمَجَازَ فِی الثَّلَاثَهِ.

الْعَاشِرُ خِیَارُ الِاشْتِرَاطِ

حَیْثُ لَا یُسَلِّمُ الشَّرْطَ لِمُشْتَرِطِهِ بَائِعًا وَ مُشْتَرِیًا، (وَیَصِحُّ اشْتِرَاطُ سَائِغٍ فِی الْعَقْدِ إذَا لَمْ یُؤَدِّ إلَی جَهَالَهٍ فِی أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ، أَوْ یَمْنَعُ مِنْهُ الْکِتَابُ وَ السُّنَّهُ) وَ جَعْلُ ذَلِکَ شَرْطًا بَعْدَ قَیْدِ السَّائِغِ تَکَلُّفٌ (کَمَا لَوْ شَرَطَ تَأْخِیرَ الْمَبِیعِ) فِی یَدِ الْبَائِعِ، (أَوْ الثَّمَنِ) فِی یَدِ الْمُشْتَرِی (مَا شَاءَ) کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، هَذَا مِثَالُ مَا یُؤَدِّی إلَی جَهَالَهٍ فِی أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ الْأَجَلَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا کَانَ مَجْهُولًا یُجْهَلُ الثَّمَنُ وَ کَذَا الْقَوْلُ فِی جَانِبِ الْمُعَوَّضِ، (أَوْ عَدَمَ وَطْءِ الْأَمَهِ، أَوْ) شَرَطَ (وَطْءَ الْبَائِعِ إیَّاهَا) بَعْدَ الْبَیْعِ مَرَّهً، أَوْ أَزْیَدَ، أَوْ مُطْلَقًا، هَذِهِ أَمْثِلَهٌ مَا یَمْنَعُ مِنْهُ الْکِتَابُ وَ السُّنَّهُ.

(وَ) کَذَا (یَبْطُلُ) الشَّرْطُ (بِاشْتِرَاطِ غَیْرِ الْمَقْدُورِ) لِلْمَشْرُوطِ عَلَیْهِ (کَاشْتِرَاطِهِ حَمْلَ الدَّابَّهِ فِیمَا بَعْدُ، أَوْ أَنَّ الزَّرْعَ یَبْلُغُ السُّنْبُلَ)، سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَیْهِ أَنْ یَبْلُغَ ذَلِکَ بِفِعْلِهِ أَمْ بِفِعْلِ اللَّهِ؛ لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی عَدَمِ الْمَقْدُورِیَّهِ.

(وَ لَوْ شَرَطَ تَبْقِیَهَ الزَّرْعِ) فِی الْأَرْضِ إذَا بِیعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (إلَی أَوَانِ السُّنْبُلِ جَازَ)؛ لِأَنَّ ذَلِکَ مَقْدُورٌ لَهُ وَ لَا یُعْتَبَرُ تَعْیِینُ مُدَّهَ الْبَقَاءِ بَلْ یُحْمَلُ عَلَی الْمُتَعَارَفِ مِنْ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ.

(وَ لَوْ شَرَطَ غَیْرَ السَّائِغِ بَطَلَ) الشَّرْطُ (وَأَبْطَلَ الْعَقْدَ) فِی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، لِامْتِنَاعِ بَقَائِهِ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهُ غَیْرُ مَقْصُودٍ بِانْفِرَادِهِ وَ مَا هُوَ مَقْصُودٌ لَمْ یُسَلَّمْ وَ لِأَنَّ لِلشَّرْطِ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا بَطَلَ یُجْهَلُ الثَّمَنُ.

وَقِیلَ: یَبْطُلُ الشَّرْطُ خَاصَّهً؛ لِأَنَّهُ الْمُمْتَنِعُ شَرْعًا دُونَ الْبَیْعِ وَ لِتَعَلُّقِ التَّرَاضِی بِکُلٍّ مِنْهُمَا.

وَیَضْعُفُ بِعَدَمِ قَصْدِهِ مُنْفَرِدًا وَ هُوَ شَرْطُ الصِّحَّهِ.

(وَ لَوْ شَرَطَ عِتْقَ الْمَمْلُوکِ) الَّذِی بَاعَهُ مِنْهُ (جَازَ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ سَائِغٌ، بَلْ رَاجِحٌ، سَوَاءٌ شَرَطَ عِتْقَهُ عَنْ الْمُشْتَرِی أَمْ أَطْلَقَ.

وَلَوْ شَرَطَ عَنْهُ فَفِی صِحَّتِهِ قَوْلَانِ: أَجْوَدُهُمَا الْمَنْعُ، إذْ لَا عِتْقَ إلَّا فِی مِلْکٍ، (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) فَذَاکَ، (وَ إِلَّا تَخَیَّرَ الْبَائِعُ) بَیْنَ فَسْخِ الْبَیْعِ وَ إِمْضَائِهِ، فَإِنْ فَسَخَ اسْتَرَدَّهُ وَ إِنْ انْتَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ مِلْکِ الْمُشْتَرِی وَ کَذَا یَتَخَیَّرُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ بِقِیمَتِهِ یَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِانْتِقَالِ إلَی الْقِیمَهِ وَ کَذَا لَوْ انْعَتَقَ قَهْرًا، (وَ کَذَا کُلُّ شَرْطٍ لَمْ یُسَلَّمْ) لِمُشْتَرِطِهِ فَإِنَّهُ (یُفِیدُ تَخَیُّرَهُ) بَیْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ الْمَشْرُوطِ فِیهِ وَ إِمْضَائِهِ، (وَ لَا یَجِبُ عَلَی الْمُشْتَرَطِ عَلَیْهِ فِعْلُهُ)، لِأَصَالَهِ الْعَدَمِ، (وَ إِنَّمَا فَائِدَتُهُ جَعْلُ الْبَیْعِ عُرْضَهً لِلزَّوَالِ) بِالْفَسْخِ (عِنْدَ عَدَمِ سَلَامَهِ الشَّرْطِ وَ لُزُومُهُ) أَیْ: الْبَیْعُ (عِنْدَ الْإِتْیَانِ بِهِ) وَ قِیلَ: یَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَ لَا یَتَسَلَّطُ الْمَشْرُوطُ لَهُ عَلَی الْفَسْخِ إلَّا مَعَ تَعَذُّرِ وُصُولِهِ إلَی شَرْطِهِ، لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعَقْدِ الدَّالِّ عَلَی الْوُجُوبِ.

وَقَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ: { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إلَّا مَنْ عَصَی اللَّهَ }، فَعَلَی هَذَا لَوْ امْتَنَعَ الْمَشْرُوطُ عَلَیْهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ وَ لَمْ یُمْکِنْ إجْبَارُهُ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَی الْحَاکِمِ لِیُجْبِرَهُ عَلَیْهِ إنْ کَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِکَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَخَ حِینَئِذٍ إنْ شَاءَ.

وَلِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ تَفْصِیلٌ وَ هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ الْوَاقِعَ فِی الْعَقْدِ اللَّازِمِ إنْ کَانَ الْعَقْدُ کَافِیًا فِی تَحَقُّقِهِ وَ لَا یُحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَی صِیغَهٍ فَهُوَ لَازِمٌ لَا یَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ کَشَرْطِ الْوَکَالَهِ فِی الْعَقْدِ وَ إِنْ احْتَاجَ بَعْدَهُ إلَی أَمْرٍ آخَرَ وَرَاءَ ذِکْرِهِ فِی الْعَقْدِ کَشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَیْسَ بِلَازِمٍ، بَلْ یُقْلَبُ الْعَقْدُ اللَّازِمُ جَائِزًا وَ جَعَلَ السِّرَّ فِیهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ " مَا الْعَقْدُ کَافٍ فِی تَحَقُّقِهِ " کَجُزْءٍ مِنْ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُمَا فِی اللُّزُومِ وَ الْجَوَازِ وَ اشْتِرَاطُ " مَا سَیُوجَدُ " أَمْرٌ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْعَقْدِ وَ قَدْ عُلِّقَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ وَ الْمُعَلَّقُ عَلَی الْمُمْکِنِ مُمْکِنٌ هُوَ مَعْنَی قَلْبِ اللَّازِمِ جَائِزًا.

وَالْأَقْوَی اللُّزُومُ مُطْلَقًا وَ إِنْ کَانَ تَفْصِیلُهُ أَجْوَدَ مِمَّا اخْتَارَهُ هُنَا.

الْحَادِیَ عَشَرَ - خِیَارُ الشَّرِکَهِ

الْحَادِیَ عَشَرَ - خِیَارُ الشَّرِکَهِ

، سَوَاءٌ قَارَنَتْ الْعَقْدَ، کَمَا لَوْ اشْتَرَی شَیْئًا فَظَهَرَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا، أَوْ تَأَخَّرَتْ بَعْدَهُ إلَی قَبْلِ الْقَبْضِ کَمَا لَوْ امْتَزَجَ الْمَبِیعُ بِغَیْرِهِ بِحَیْثُ لَا یَتَمَیَّزُ) فَإِنَّ الْمُشْتَرِیَ یَتَخَیَّرُ بَیْنَ الْفَسْخِ لِعَیْبِ الشَّرِکَهِ وَ الْبَقَاءِ فَیَصِیرُ شَرِیکًا بِالنِّسْبَهِ وَ قَدْ یُطْلَقُ عَلَی الْأَوَّلِ تَبَعُّضُ الصَّفْقَهِ أَیْضًا (و قد یُسَمَّی هَذَا عَیْبًا مَجَازًا) لِمُنَاسَبَتِهِ لِلْعَیْبِ فِی نَقْصِ الْمَبِیعِ بِسَبَبِ الشَّرِکَهِ، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی نَقْصِ وَصْفٍ فِیهِ وَ هُوَ هُنَا مَنْعُ الْمُشْتَرِی مِنْ التَّصَرُّفِ فِی الْمَبِیعِ کَیْفَ شَاءَ، بَلْ یَتَوَقَّفُ عَلَی إذْنِ الشَّرِیکِ فَالتَّسَلُّطُ عَلَیْهِ لَیْسَ بِتَامٍّ، فَکَانَ کَالْعَیْبِ بِفَوَاتِ وَصْفٍ فَیُجْبَرُ بِالْخِیَارِ وَ إِنَّمَا کَانَ إطْلَاقُ الْعَیْبِ فِی مِثْلِ ذَلِکَ عَلَی وَجْهِ الْمَجَازِ، لِعَدَمِ خُرُوجِهِ بِهِ عَنْ خِلْقَتِهِ الْأَصْلِیَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ بِحَسَبِ ذَاتِهِ لِلتَّمَلُّکِ مُنْفَرِدًا وَ مُشْتَرَکًا فَلَا نَقْصَ فِی خِلْقَتِهِ، بَلْ فِی صِفَتِهِ عَلَی ذَلِکَ الْوَجْهِ.

الثَّانِی عَشَرَ - خِیَارُ تَعَذُّرِ التَّسْلِیمِ

، فَلَوْ اشْتَرَی شَیْئًا ظَانًّا إمْکَانَ تَسْلِیمِهِ) بِأَنْ کَانَ طَائِرًا یُعْتَادُ عَوْدُهُ، أَوْ عَبْدًا مُطْلَقًا، أَوْ دَابَّهً مُرْسَلَهً (ثُمَّ عَجَزَ بَعْدَهُ) بِأَنْ أَبَقَ وَ شَرَدَتْ وَ لَمْ یَعُدْ الطَّائِرُ وَ نَحْوُ ذَلِکَ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی)؛ لِأَنَّ الْمَبِیعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ عَلَی الْبَائِعِ وَ لَمَّا لَمْ یُنَزَّلْ ذَلِکَ مَنْزِلَهَ التَّلَفِ، لِإِمْکَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَی بَعْضِ الْوُجُوهِ جُبِرَ بِالتَّخْیِیرِ فَإِنْ اخْتَارَ الْتِزَامَ الْبَیْعِ صَحَّ.

وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِشَیْءٍ یَحْتَمِلُهُ، لِأَنَّ فَوَاتَ الْقَبْضِ نَقْصٌ حَدَثَ عَلَی الْمَبِیعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَیَکُونُ مَضْمُونًا عَلَی الْبَائِعِ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ الْأَرْشَ لَیْسَ فِی مُقَابَلَهِ مُطْلَقِ النَّقْصِ؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ وَ عَمَلًا بِمُقْتَضَی الْعَقْدِ، بَلْ فِی مُقَابَلَهِ الْعَیْبِ الْمُتَحَقِّقِ بِنَقْصِ الْخِلْقَهِ، أَوْ زِیَادَتِهَا کَمَا ذُکِرَ وَ هُوَ هُنَا مَنْفِیٌّ.

(الثَّالِثَ عَشَرَ - خِیَارُ تَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ

، کَمَا لَوْ اشْتَرَی سِلْعَتَیْنِ فَتُسْتَحَقُّ إحْدَاهُمَا) فَإِنَّهُ یَتَخَیَّرُ بَیْنَ الْتِزَامِ الْأُخْرَی بِقِسْطِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَ الْفَسْخِ فِیهَا وَ لَا فَرْقَ فِی الصَّفْقَهِ الْمُتَبَعِّضَهِ بَیْنَ کَوْنِهَا مَتَاعًا وَاحِدًا فَظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ، أَوْ أَمْتِعَهً کَمَا مَثَّلَ هُنَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّفْقَهِ: الْبَیْعُ الْوَاحِدُ سُمِّیَ الْبَیْعُ بِذَلِکَ؛ لِأَنَّهُمْ کَانُوا یَتَصَافَقُونَ بِأَیْدِیهِمْ إذَا تَبَایَعُوا، یَجْعَلُونَهُ دَلَالَهً عَلَی الرِّضَاءِ بِهِ وَ مِنْهُ { قَوْلُ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِعُرْوَهِ الْبَارِقِیِّ لَمَّا اشْتَرَی الشَّاهَ: بَارَکَ اللَّهُ لَک فِی صَفْقَهِ یَمِینِک } وَ إِنَّمَا خُصَّ تَبَعُّضُ الصَّفْقَهِ هُنَا بِالسِّلْعَتَیْنِ لِإِدْخَالِهِ الْوَاحِدَهَ فِی خِیَارِ الشَّرِکَهِ وَ لَوْ جَعَلَ مَوْضُوعَ تَبَعُّضِ الصَّفْقَهِ أَعَمَّ کَمَا هُوَ کَانَ أَجْوَدَ وَ إِنْ اجْتَمَعَ حِینَئِذٍ فِی السِّلْعَهِ الْوَاحِدَهِ خِیَارَانِ بِالشَّرِکَهِ وَ تَبَعُّضِ الصَّفْقَهُ فَقَدْ تَجْتَمِعُ أَنْوَاعُ الْخِیَارِ أَجْمَعَ فِی مَبِیعٍ وَاحِدٍ، لِعَدَمِ التَّنَافِی.

(الرَّابِعَ عَشَرَ - خِیَارُ التَّفْلِیسِ)

إذَا وَجَدَ غَرِیمُ الْمُفْلِسِ مَتَاعَهُ فَإِنَّهُ یَتَخَیَّرُ بَیْنَ أَخْذِهِ مُقَدَّمًا عَلَی الْغُرَمَاءِ و بین الضَّرْبِ بِالثَّمَنِ مَعَهُمْ.

(وَسَیَأْتِی تَفْصِیلُهُ) فِی کِتَابِ الدَّیْنِ، (وَمِثْلُهُ غَرِیمُ الْمَیِّتِ مَعَ وَفَاءِ التَّرِکَهِ) بِالدَّیْنِ وَ قِیلَ: مُطْلَقًا و کان الْمُنَاسِبُ جَعْلَهُ قِسْمًا آخَرَ حَیْثُ تَحَرَّی الِاسْتِقْصَاءَ هُنَا لِأَقْسَامِ الْخِیَارِ بِمَا لَمْ یَذْکُرْهُ غَیْرُهُ.

الْفَصْلُ الْعَاشِرُ: (فِی الْأَحْکَامِ: وَ هِیَ خَمْسَهٌ)
الْأَوَّلُ - النَّقْدُ وَ النَّسِیئَهُ

أَیْ: الْبَیْعُ الْحَالُّ وَ الْمُؤَجَّلُ، سُمِّیَ الْأَوَّلُ نَقْدًا بِاعْتِبَارِ کَوْنِ ثَمَنِهِ مَنْقُودًا وَ لَوْ بِالْقُوَّهِ وَ الثَّانِی مَأْخُوذٌ مِنْ النَّسِیءِ وَ هُوَ تَأْخِیرُ الشَّیْءِ تَقُولُ: أَنْسَأْت الشَّیْءَ إنْسَاءً: إذَا أَخَّرْته وَ النَّسِیئَهُ: اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَیْعَ بِالنِّسْبَهِ إلَی تَعْجِیلِ الثَّمَنِ وَ الْمُثَمَّنِ وَ تَأْخِیرِهِمَا وَ التَّفْرِیقِ أَرْبَعَهُ أَقْسَامٍ: فَالْأَوَّلُ " النَّقْدُ " وَ الثَّانِی، بَیْعُ الْکَالِئِ بِالْکَالِئِ ".

بِالْهَمْزِ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ مِنْ الْمُرَاقَبَهِ لِمُرَاقَبَهِ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِیمَیْنِ صَاحِبَهُ لِأَجْلِ دَیْنِهِ.

وَ " مَعَ حُلُولِ الْمُثَمَّنِ وَ تَأْجِیلِ الثَّمَنِ " هُوَ " النَّسِیئَهُ ".

وَبِالْعَکْسِ " السَّلَفُ ".

وَکُلُّهَا صَحِیحَهٌ عَدَا الْبَیْعِ الثَّانِی فَقَدْ وَرَدَ النَّهْیُ عَنْهُ وَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَی فَسَادِهِ. (وَإِطْلَاقُ الْبَیْعِ یَقْتَضِی کَوْنَ الثَّمَنِ حَالًّا وَ إِنْ شَرَطَ تَعْجِیلَهُ) فِی مَتْنِ الْعَقْدِ (أَکَدَّهُ) لِحُصُولِهِ بِدُونِ الشَّرْطِ، (فَإِنَّ وَقْتَ التَّعْجِیلِ) بِأَنْ شَرَطَ تَعْجِیلَهُ فِی هَذَا الْیَوْمِ مَثَلًا (تَخَیَّرَ) الْبَائِعُ (لَوْ لَمْ یَحْصُلْ) الثَّمَنُ (فِی الْوَقْتِ) الْمُعَیَّنِ وَ لَوْ لَمْ یُعَیِّنْ لَهُ زَمَانًا لَمْ یَفِدْ سِوَی التَّأْکِیدَ فِی الْمَشْهُورِ وَ لَوْ قِیلَ: بِثُبُوتِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَیْضًا لَوْ أَخَلَّ بِهِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ کَانَ حَسَنًا، لِلْإِخْلَالِ بِالشَّرْطِ.

(وَ إِنْ شَرَطَ التَّأْجِیلَ اُعْتُبِرَ ضَبْطُ الْأَجَلِ، فَلَا یُنَاطُ) أَیْ: لَا یُعَلَّقُ (بِمَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَ النُّقْصَانَ کَمَقْدَمِ الْحَاجِّ) أَوْ إدْرَاکِ الْغَلَّهِ، (وَ لَا بِالْمُشْتَرَکِ) بَیْنَ أَمْرَیْنِ، أَوْ أُمُورٍ حَیْثُ لَا مُخَصِّصَ لِأَحَدِهِمَا (کَنَفْرِهِمْ) مِنْ مِنًی، فَإِنَّهُ مُشْتَرَکٌ بَیْنَ أَمْرَیْنِ (وَشَهْرُ رَبِیعٍ) الْمُشْتَرَکُ بَیْنَ شَهْرَیْنِ فَیَبْطُلُ الْعَقْدُ بِذَلِکَ وَ مِثْلُهُ التَّأْجِیلُ إلَی یَوْمٍ مُعَیَّنٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ کَالْخَمِیسِ.

(وَ قِیلَ): یَصِحُّ وَ (یُحْمَلُ عَلَی الْأَوَّلِ) فِی الْجَمِیعِ، لِتَعْلِیقِهِ الْأَجَلَ عَلَی اسْمٍ مُعَیَّنٍ وَ هُوَ یَتَحَقَّقُ بِالْأَوَّلِ، لَکِنْ یُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا بِذَلِکَ قَبْلَ الْعَقْدِ لِیَتَوَجَّهَ قَصْدُهُمَا إلَی أَجَلٍ مَضْبُوطٍ فَلَا یَکْفِی ثُبُوتُ ذَلِکَ شَرْعًا مَعَ جَهْلِهِمَا، أَوْ أَحَدِهِمَا بِهِ و مع الْقَصْدِ لَا إشْکَالَ فِی الصِّحَّهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ الْإِطْلَاقُ مَحْمُولًا عَلَیْهِ وَ یُحْتَمَلُ الِاکْتِفَاءُ فِی الصِّحَّهِ بِمَا یَقْتَضِیهِ الشَّرْعُ فِی ذَلِکَ، قَصَدَاهُ أَمْ لَا، نَظَرًا إلَی کَوْنِ الْأَجَلِ الَّذِی عَیَّنَاهُ مَضْبُوطًا فِی نَفْسِهِ شَرْعًا وَ إِطْلَاقُ اللَّفْظِ مُنَزَّلٌ عَلَی الْحَقِیقَهِ الشَّرْعِیَّهِ (وَ لَوْ جَعَلَ لِحَالٍّ ثَمَنًا وَ لِمُؤَجَّلٍ أَزْیَدَ مِنْهُ، أَوْ فَاوَتَ بَیْنَ أَجَلَیْنِ) فِی الثَّمَنِ بِأَنْ قال:

بِعْتُک حَالًّا بِمِائَهٍ وَ مُؤَجَّلًا إلَی شَهْرَیْنِ بِمِائَتَیْنِ، أَوْ مُؤَجَّلًا إلَی شَهْرٍ بِمِائَهٍ وَ إِلَی شَهْرَیْنِ بِمِائَتَیْنِ (بَطَلَ)، لِجَهَالَهِ الثَّمَنِ بِتَرَدُّدِهِ بَیْنَ الْأَمْرَیْنِ وَ فِی الْمَسْأَلَهِ قَوْلٌ ضَعِیفٌ بِلُزُومِ أَقَلِّ الثَّمَنَیْنِ إلَی أَبْعَدِ الْأَجَلَیْنِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ضَعِیفَهٍ، (وَ لَوْ أَجَّلَ الْبَعْضَ الْمُعَیَّنَ) مِنْ الثَّمَنِ وَ أَطْلَقَ الْبَاقِیَ، أَوْ جَعَلَهُ حَالًّا (صَحَّ)، لِلِانْضِبَاطِ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَتَیْنِ فِی عَقْدٍ بِثَمَنٍ إحْدَاهُمَا نَقْدٌ وَ الْأُخْرَی نَسِیئَهٌ وَ کَذَا لَوْ جَعَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ نُجُومًا مَعْلُومَهً.

(وَ لَوْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ) فِی حَالَهِ کَوْنِ بَیْعِهِ الْأَوَّلِ (نَسِیئَهً صَحَّ) الْبَیْعُ الثَّانِی (قَبْلَ الْأَجَلِ وَ بَعْدَهُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ وَ غَیْرِهِ بِزِیَادَهٍ) عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، (وَنُقْصَانٍ) عَنْهُ، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ، مَعَ عُمُومِ الْأَدِلَّهِ عَلَی جَوَازِهِ.

وَقِیلَ: لَا یَجُوزُ بَیْعُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ بِزِیَادَهٍ عَنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ نُقْصَانٍ عَنْهُ مَعَ إنْفَاقِهِمَا فِی الْجِنْسِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ قَاصِرَهِ السَّنَدِ وَ الدَّلَالَهِ، (إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ فِی بَیْعِهِ) الْأَوَّلِ (ذَلِکَ) أَیْ: بَیْعَهُ مِنْ الْبَائِعِ (فَیَبْطُلُ) الْبَیْعُ الْأَوَّلُ، سَوَاءٌ کَانَ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا وَ سَوَاءٌ شَرَطَ بَیْعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ الْأَجَلِ أَمْ قَبْلَهُ عَلَی الْمَشْهُورِ وَ مُسْتَنَدُهُ غَیْرُ وَاضِحٍ.

فَقَدْ عُلِّلَ بِاسْتِلْزَامِهِ الدُّورَ؛ لِأَنَّ بَیْعَهُ لَهُ یَتَوَقَّفُ عَلَی مِلْکِیَّتِهِ لَهُ الْمُتَوَقِّفَهِ عَلَی بَیْعِهِ.

وَفِیهِ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَی حُصُولِ الشَّرْطِ هُوَ لُزُومُ الْبَیْعِ لَا انْتِقَالُهُ إلَی مِلْکِهِ، کَیْفَ لَا وَ اشْتِرَاطُ نَقْلِهِ إلَی مِلْکِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِی مُسْتَلْزِمٌ لِانْتِقَالِهِ إلَیْهِ غَایَتُهُ أَنَّ تَمَلُّکَ الْبَائِعِ مَوْقُوفٌ عَلَی تَمَلُّکِ الْمُشْتَرِی وَ أَمَّا أَنَّ تَمَلُّکَ الْمُشْتَرِی مَوْقُوفٌ عَلَی تَمَلُّکِ الْبَائِعِ فَلَا وَ لِأَنَّهُ وَارِدٌ فِی بَاقِی الشُّرُوطِ خُصُوصًا شَرْطُ بَیْعِهِ لِلْغَیْرِ مَعَ صِحَّتِهِ إجْمَاعًا وَ أَوْضَحُ لِمِلْکِ الْمُشْتَرِی مَا لَوْ جَعَلَ الشَّرْطَ بَیْعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ الْأَجَلِ لِتَخَلُّلِ مِلْکِ الْمُشْتَرِی فِیهِ وَ عُلِّلَ بِعَدَمِ حُصُولِ الْقَصْدِ إلَی نَقْلِهِ عَنْ الْبَائِعِ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الْقَصْدِ إلَی مِلْکِ الْمُشْتَرِی وَ إِنَّمَا رَتَّبَ عَلَیْهِ نَقْلَهُ ثَانِیًا، بَلْ شَرْطُ النَّقْلِ ثَانِیًا یَسْتَلْزِمُ الْقَصْدَ إلَی النَّقْلِ الْأَوَّلِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَیْهِ.

وَلِاتِّفَاقِهِمْ عَلَی أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ یَشْتَرِطَا ذَلِکَ فِی الْعَقْدِ صَحَّ وَ إِنْ کَانَ مِنْ قَصْدِهِمَا رَدُّهُ، مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ یَتْبَعُ الْقَصْدَ وَ الْمُصَحِّحُ لَهُ مَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَصْدَ رَدِّهِ بَعْدَ مِلْکِ الْمُشْتَرِی لَهُ غَیْرُ مُنَافٍ لِقَصْدِ الْبَیْعِ بِوَجْهٍ وَ إِنَّمَا الْمَانِعُ عَدَمُ الْقَصْدِ إلَی نَقْلِ الْمِلْکِ إلَی الْمُشْتَرِی أَصْلًا بِحَیْثُ لَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ حُکْمُ الْمِلْکِ. (وَیَجِبُ قَبْضُ الثَّمَنِ لَوْ دَفَعَهُ إلَی الْبَائِعِ) مَعَ الْحُلُولِ مُطْلَقًا، (وَ فِی الْأَجَلِ) أَیْ: بَعْدَهُ، (لَا قَبْلَهُ)؛ لِأَنَّهُ غَیْرُ مُسْتَحَقٍّ حِینَئِذٍ وَ جَازَ تَعَلُّقُ غَرَضِ الْبَائِعِ بِتَأْخِیرِ الْقَبْضِ إلَی الْأَجَلِ، فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ لَا تَنْضَبِطُ، (فَلَوْ امْتَنَعَ) الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهِ حَیْثُ یَجِبُ (قَبَضَهُ الْحَاکِمُ) إنْ وُجِدَ، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) قَبْضُ الْحَاکِمِ وَ لَوْ بِالْمَشَقَّهِ الْبَالِغَهِ فِی الْوُصُولِ إلَیْهِ، أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَبْضِ (فَهُوَ أَمَانَهٌ فِی یَدِ الْمُشْتَرِی لَا یَضْمَنُهُ لَوْ تَلِفَ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ وَ کَذَا کُلُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِ حَقِّهِ).

وَمُقْتَضَی الْعِبَارَهِ أَنَّ الْمُشْتَرِیَ یُبْقِیهِ بِیَدِهِ مُمَیَّزًا عَلَی وَجْهِ الْأَمَانَهِ وَ یَنْبَغِی مَعَ ذَلِکَ أَنْ لَا یَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِیهِ وَ أَنْ یَکُونَ نَمَاؤُهُ لِلْبَائِعِ تَحْقِیقًا لِتَعَیُّنِهِ لَهُ.

وَرُبَّمَا قِیلَ: بِبَقَائِهِ عَلَی مِلْکِ الْمُشْتَرِی وَ إِنْ کَانَ تَلَفُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَ فِی الدُّرُوسِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِی التَّصَرُّفَ فِیهِ فَیَبْقَی فِی ذِمَّتِهِ، (وَ لَا حَجْرَ فِی زِیَادَهِ الثَّمَنِ وَ نُقْصَانِهِ) عَلَی الْبَائِعِ وَ الْمُشْتَرِی (إذَا عَرَفَ الْمُشْتَرِی الْقِیمَهَ) وَ کَذَا إذَا لَمْ یَعْرِفْ، لِجَوَازِ بَیْعِ الْغَبْنِ إجْمَاعًا.

وَکَأَنَّهُ أَرَادَ نَفْیَ الْحَجْرِ عَلَی وَجْهٍ لَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ خِیَارٌ فَیَجُوزُ بَیْعُ الْمَتَاعِ بِدُونِ قِیمَته وَ أَضْعَافِهَا، (إلَّا أَنْ یُؤَدِّیَ إلَی السَّفَهِ) مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِی فَیَبْطُلُ الْبَیْعُ وَ یَرْتَفِعُ السَّفَهُ بِتَعَلُّقِ غَرَضٍ صَحِیحٍ بِالزِّیَادَهِ وَ النُّقْصَانِ، إمَّا لِقِلَّتِهِمَا أَوْ لِتَرَتُّبِ غَرَضٍ آخَرَ یُقَابِلُهُ کَالصَّبْرِ بِدَیْنٍ حَالٍّ وَ نَحْوِهِ. (وَ لَا یَجُوزُ تَأْجِیلُ الْحَالِّ بِزِیَادَهٍ فِیهِ) وَ لَا بِدُونِهَا، إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ الْأَجَلَ فِی عَقْدٍ لَازِمٍ فَیَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَ یَجُوزُ تَعْجِیلُهُ بِنُقْصَانٍ مِنْهُ بِإِبْرَاءٍ، أَوْ صُلْحٍ. (وَیَجِبُ) عَلَی الْمُشْتَرِی إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ مُؤَجَّلًا (ذِکْرُ الْأَجَلِ فِی غَیْرِ الْمُسَاوَمَهِ فَیَتَخَیَّرُ الْمُشْتَرِی بِدُونِهِ) أَیْ: بِدُونِ ذِکْرِهِ بَیْنَ الْفَسْخِ وَ الرِّضَاء بِهِ حَالًّا، (لِلتَّدْلِیسِ) وَ رُوِیَ أَنَّ لِلْمُشْتَرِی مِنْ الْأَجَلِ مِثْلَهُ.

الثَّانِی - فِی الْقَبْضِ:)

الثَّانِی - فِی الْقَبْضِ:)

(إطْلَاقُ الْعَقْدِ) بِتَجْرِیدِهِ عَنْ شَرْطِ تَأْخِیرِ أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ، أَوْ تَأْخِیرِهِمَا إذَا کَانَا عَیْنَیْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (یَقْتَضِی قَبْضَ الْعِوَضَیْنِ فَیَتَقَابَضَانِ مَعًا لَوْ تَمَانَعَا) مِنْ التَّقَدُّمِ، (سَوَاءٌ کَانَ الثَّمَنُ عَیْنًا، أَوْ دَیْنًا).

وَإِنَّمَا لَمْ یَکُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَی بِالتَّقْدِیمِ لِتَسَاوِی الْحَقَّیْنِ فِی وجوب تَسْلِیمِ کُلٍّ مِنْهُمَا إلَی مَالِکِهِ.

وَقِیلَ: یُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَی الْإِقْبَاضِ أَوَّلًا، لِأَنَّ الثَّمَنَ تَابِعٌ لِلْمَبِیعِ.

وَیُضَعَّفُ بِاسْتِوَاءِ الْعَقْدِ فِی إفَادَهِ الْمِلْکِ لِکُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ امْتَنَعَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاکِمُ مَعًا مَعَ إمْکَانِهِ، کَمَا یُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قَبْضِ مَالِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَکَالدَّیْنِ إذَا بَذَلَهُ الْمَدْیُونُ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ. (وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِیرِ إقْبَاضِ الْمَبِیعِ مُدَّهً مُعَیَّنَهً) کَمَا یَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِیرِ الثَّمَنِ، (وَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَنْفَعَهً مُعَیَّنَهً) لِأَنَّهُ شَرْطٌ سَائِغٌ فَیَدْخُلُ تَحْتَ الْعُمُومِ، (وَ الْقَبْضُ فِی الْمَنْقُولِ) کَالْحَیَوَانِ وَ الْأَقْمِشَهِ وَ الْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ وَ الْمَعْدُودِ (نَقَلَهُ وَ فِی غَیْرِهِ التَّخْلِیَهُ) بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ بَعْدَ رَفْعِ الْیَدِ عَنْهُ وَ إِنَّمَا کَانَ الْقَبْضُ مُخْتَلِفًا کَذَلِکَ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ یَحُدَّهُ فَیُرْجَعُ فِیهِ إلَی الْعُرْفِ وَ هُوَ دَالٌّ عَلَی مَا ذُکِرَ.

وَفِی الْمَسْأَلَهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ هَذَا أَجْوَدُهَا: فَمِنْهَا مَا اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ مِنْ أَنَّهُ فِی غَیْرِ الْمَنْقُولِ التَّخْلِیَهُ وَ فِی الْحَیَوَانِ نَقْلُهُ.

وَفِی الْمُعْتَبَرِ کَیْلُهُ، أَوْ وَزْنُهُ، أَوْ عَدُّهُ، أَوْ نَقْلُهُ.

وَفِی الثَّوْبِ وَضْعُهُ فِی الْیَدِ وَ اسْتَنَدَ فِی اعْتِبَارِ الْکَیْلِ، أَوْ الْوَزْنِ فِی الْمُعْتَبَرِ بِهِمَا إلَی صَحِیحَهِ مُعَاوِیَهَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ فِی دَلَالَتِهَا عَلَیْهِ نَظَرٌ.

وَإِلْحَاقُ الْمَعْدُودِ بِهِمَا قِیَاسٌ.

وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْحَیَوَانِ وَ غَیْرِهِ ضَعِیفٌ.

و منها الِاکْتِفَاءُ بِالتَّخْلِیَهِ مُطْلَقًا وَ نُفِیَ عَنْهُ إلْبَاسٌ فِی الدُّرُوسِ بِالنِّسْبَهِ إلَی نَقْلِ الضَّمَانِ، لَا زَوَالُ التَّحْرِیمِ وَ الْکَرَاهَهُ عَنْ الْبَیْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَ الْعُرْفُ یَأْبَاهُ وَ الْأَخْبَارُ تَدْفَعُهُ.

وَحَیْثُ یَکْتَفِی بِالتَّخْلِیَهِ فَالْمُرَادُ بِهَا رَفْعُ الْمَانِعِ لِلْمُشْتَرِی مِنْ الْقَبْضِ بِالْإِذْنِ فِیهِ وَ رَفْعُ یَدِهِ وَ یَدِ غَیْرِهِ عَنْهُ إنْ کَانَ وَ لَا یُشْتَرَطُ مُضِیُّ زَمَانٍ یُمْکِنُ وُصُولُ الْمُشْتَرِی إلَیْهِ إلَّا أَنْ یَکُونَ فِی غَیْرِ بَلَدِهِ بِحَیْثُ یَدُلُّ الْعُرْفُ عَلَی عَدَمِ الْقَبْضِ بِذَلِکَ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِمِلْکِ الْبَائِعِ غَیْرُ مَانِعٍ مِنْهُ وَ إِنْ وَجَبَ عَلَی الْبَائِعِ التَّفْرِیغُ وَ لَوْ کَانَ مُشْتَرَکًا فَفِی تَوَقُّفِهِ عَلَی إذْنِ الشَّرِیکِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهِ التَّصَرُّفَ فِی مَالِ الشَّرِیکِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ مَنْقُولًا تَوَقَّفَ عَلَی إذْنِهِ لِافْتِقَارِ قَبْضِهِ إلَی التَّصَرُّفِ بِالنَّقْلِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ نَصَّبَ الْحَاکِمُ مَنْ یَقْبِضُهُ أَجْمَعَ بَعْضَهُ أَمَانَهً وَ بَعْضَهُ لِأَجْلِ الْبَیْعِ وَ قِیلَ: یَکْفِی حِینَئِذٍ التَّخْلِیَهُ وَ إِنْ لَمْ یَکْتَفِ بِهَا قَبْلَهُ، (وَبِهِ) أَیْ: بِالْقَبْضِ کَیْفَ فَرَضَ (یَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَی الْمُشْتَرِی إذَا لَمْ یَکُنْ لَهُ خِیَارٌ) مُخْتَصٌّ بِهِ، أَوْ مُشْتَرَکٌ بَیْنَهُ و بین أَجْنَبِیٍّ، فَلَوْ کَانَ الْخِیَارُ لَهُمَا فَتَلَفُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ زَمَنُهُ مِنْهُ أَیْضًا وَ إِذَا کَانَ انْتِقَالُ الضَّمَانِ مَشْرُوطًا بِالْقَبْضِ (فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَهُ فَمِنْ الْبَائِعِ) مُطْلَقًا (مَعَ أَنَّ النَّمَاءَ) الْمُنْفَصِلَ الْمُتَجَدِّدَ بَیْنَ الْعَقْدِ وَ التَّلَفِ (لِلْمُشْتَرِی) وَ لَا بُعْدَ فِی ذَلِکَ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ لَا یُبْطِلُ الْبَیْعَ مِنْ أَصْلِهِ، بَلْ یَفْسَخُهُ مِنْ حِینِهِ کَمَا لَوْ انْفَسَخَ بِخِیَارٍ.

هَذَا إذَا کَانَ تَلَفُهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی، أَمَّا لَوْ کَانَ مِنْ أَجْنَبِیٍّ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی بَیْنَ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ کَمَا لَوْ تَلِفَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی و بین مُطَالَبَهِ الْمُتْلِفِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْقِیمَهِ وَ لَوْ کَانَ التَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِی فَهُوَ بِمَنْزِلَهِ الْقَبْضِ (وَ إِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ، أَوْ تَعَیَّبَ) مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، أَوْ قِبَلِ الْبَائِعِ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی فِی الْإِمْسَاکِ مَعَ الْأَرْشِ وَ الْفَسْخِ) وَ لَوْ کَانَ الْعَیْبُ مِنْ قِبَلِ أَجْنَبِیٍّ فَالْأَرْشُ عَلَیْهِ لِلْمُشْتَرِی إنْ الْتَزَمَ وَ لِلْبَائِعِ إنْ فَسَخَ.

(وَ لَوْ غُصِبَ مَنْ یَدِ الْبَائِعِ) قَبْلَ إقْبَاضِهِ (وَأَسْرَعَ عَوْدُهُ) بِحَیْثُ لَمْ یَفُتْ مِنْ مَنَافِعِهِ مَا یُعْتَدُّ بِهِ عُرْفًا، (أَوْ أَمْکَنَ) الْبَائِعَ (نَزْعُهُ بِسُرْعَهٍ) کَذَلِکَ (فَلَا خِیَارَ) لِلْمُشْتَرِی، لِعَدَمِ مُوجِبِهِ، (وَ إِلَّا) یُمْکِنْ تَحْصِیلُهُ بِسُرْعَهٍ (تَخَیَّرَ الْمُشْتَرِی) بَیْنَ الْفَسْخِ وَ الرُّجُوعِ عَلَی الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ کَانَ دَفَعَهُ وَ الِالْتِزَامِ بِالْمَبِیعِ وَ ارْتِقَابِ حُصُولِهِ فَیَنْتَفِعُ حِینَئِذٍ بِمَا لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی الْقَبْضِ کَعِتْقِ الْعَبْدِ.

ثُمَّ إنْ تَلِفَ فِی یَدِ الْغَاصِبِ فَهُوَ مِمَّا تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَیَبْطُلُ الْبَیْعُ وَ إِنْ کَانَ قَدْ رَضِیَ بِالصَّبْرِ، مَعَ احْتِمَالِ کَوْنِهِ قَبْضًا وَ کَذَا لَوْ رَضِیَ بِکَوْنِهِ فِی یَدِ الْبَائِعِ وَ أَوْلَی بِتَحَقُّقِ الْقَبْضِ هُنَا، (وَ لَا أُجْرَهَ عَلَی الْبَائِعِ فِی تِلْکَ الْمُدَّهِ) الَّتِی کَانَتْ فِی یَدِ الْغَاصِبِ وَ إِنْ کَانَتْ الْعَیْنُ مَضْمُونَهً عَلَیْهِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَهَ بِمَنْزِلَهِ النَّمَاءِ الْمُتَجَدِّدِ وَ هُوَ غَیْرُ مَضْمُونٍ وَ قِیلَ یَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَهِ النَّقْصِ الدَّاخِلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَ کَالنَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ.

وَالْأَقْوَی اخْتِصَاصُ الْغَاصِبِ بِهَا (إلَّا أَنْ یَکُونَ الْمَنْعُ مِنْهُ) فَیَکُونُ غَاصِبًا إذَا کَانَ الْمَنْعُ بِغَیْرِ حَقٍّ، فَلَوْ حَبَسَهُ لِیَتَقَابَضَا، أَوْ لِیَقْبِضَ الثَّمَنَ حَیْثُ شَرَطَ تَقَدُّمَ قَبْضِهِ فَلَا أُجْرَهَ عَلَیْهِ، لِلْإِذْنِ فِی إمْسَاکِهِ شَرْعًا.

وَحَیْثُ یَکُونُ الْمَنْعُ سَائِغًا فَالنَّفَقَهُ عَلَی الْمُشْتَرِی؛ لِأَنَّهُ مِلْکُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ رَفَعَ الْبَائِعُ أَمْرَهُ إلَی الْحَاکِمِ لِیُجْبِرَهُ عَلَیْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَنْفَقَ بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ وَ رَجَعَ کَنَظَائِرِهِ.

(وَلْیَکُنْ الْمَبِیعُ) عِنْدَ إقْبَاضِهِ (مُفَرَّغًا) مِنْ أَمْتِعَهِ الْبَائِع وَ غَیْرِهِمَا مِمَّا لَمْ یَدْخُلْ فِی الْمَبِیعِ وَ لَوْ کَانَ مَشْغُولًا بِزَرْعٍ لَمْ یَبْلُغْ وَجَبَ الصَّبْرُ إلَی أَوَانِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْبَائِعُ وَ لَوْ کَانَ فِیهِ مَا لَا یَخْرُجُ إلَّا بِهَدْمٍ وَجَبَ أَرْشُهُ عَلَی الْبَائِعِ وَ التَّفْرِیغُ وَ إِنْ کَانَ وَاجِبًا إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَیْهِ، فَلَوْ رَضِیَ الْمُشْتَرِی بِتَسَلُّمِهِ مَشْغُولًا تَمَّ الْقَبْضُ وَ یَجِبُ التَّفْرِیغُ بَعْدَهُ. (وَیُکْرَهُ بَیْعُ الْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِلنَّهْیِ عَنْهُ الْمَحْمُولِ عَلَی الْکَرَاهَهِ جَمْعًا، (وَ قِیلَ: یَحْرُمُ إنْ کَانَ طَعَامًا) وَ هُوَ الْأَقْوَی، بَلْ یَحْرُمُ بَیْعُ مُطْلَقِ الْمَکِیلِ وَ الْمَوْزُونِ، لِصِحَّهِ الْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی النَّهْیِ وَ عَدَمِ مُقَاوَمَهِ الْمُعَارِضِ لَهَا عَلَی وَجْهٍ یُوجِبُ حَمْلَهُ عَلَی خِلَافِ ظَاهِرِهِ وَ قَدْ تَقَدَّمَ. (وَ لَوْ ادَّعَی الْمُشْتَرِی نُقْصَانَ الْمَبِیعِ) بَعْدَ قَبْضِهِ (حَلَفَ إنْ لَمْ یَکُنْ حَضَرَ الِاعْتِبَارُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ وُصُولِ حَقِّهِ إلَیْهِ، (وَ إِلَّا یَکُنْ) کَذَلِکَ بِأَنْ حَضَرَ الِاعْتِبَارُ (أَحْلَفَ الْبَائِعَ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا حَضَرَ اعْتِبَارُهُ یُحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَ یُعْتَبَرُ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَ یُمْکِنُ مُوَافَقَهُ الْأَصْلِ لِلظَّاهِرِ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَ هُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِیَ لَمَّا قَبَضَ حَقَّهُ کَانَ فِی قُوَّهِ الْمُعْتَرِفِ بِوُصُولِ حَقِّهِ إلَیْهِ کَمَلًا، فَإِذَا ادَّعَی بَعْدَ ذَلِکَ نُقْصَانَهُ کَانَ مُدَّعِیًا لِمَا یُخَالِفُ الْأَصْلَ وَ لَا یَلْزَمُ مِثْلُهُ فِی الصُّورَهِ الْأُولَی؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ یَحْضُرْ لَا یَکُونُ مُعْتَرِفًا بِوُصُولِ حَقِّهِ، لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَیْهِ، حَتَّی لَوْ فَرَضَ اعْتِرَافَهُ فَهُوَ مَبْنِیٌّ عَلَی الظَّاهِرِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ.

(وَ لَوْ حَوَّلَ الْمُشْتَرِی الدَّعْوَی) حَیْثُ لَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی النَّقْصِ (إلَی عَدَمِ إقْبَاضِ الْجَمِیعِ) مَنْ غَیْرِ تَعَرُّضٍ لِحُضُورِ الِاعْتِبَارِ وَ عَدَمِهِ، أَوْ مَعَهُ (حَلَفَ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ وُصُولِ حَقِّهِ إلَیْهِ (مَا لَمْ یَکُنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَی الْأُولَی) فَلَا تُسْمَعُ الثَّانِیَهُ لِتَنَاقُضِ کَلَامَیْهِ وَ هَذِهِ مِنْ الْحِیَلِ الَّتِی یَتَرَتَّبُ عَلَیْهَا الْحُکْمُ الشَّرْعِیُّ، کَدَعْوَی بَرَاءَهِ الذِّمَّهِ مِنْ حَقِّ الْمُدَّعِی لَوْ کَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَیْهِ بِغَیْرِ بَیِّنَهٍ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَاقِعِ لَزِمَهُ.

الثَّالِثُ فِیمَا یَدْخُلُ فِی الْمَبِیعِ

عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِهِ (وَ) الضَّابِطُ أَنَّهُ (یُرَاعَی فِیهِ اللُّغَهُ وَ الْعُرْفُ) الْعَامُّ، أَوْ الْخَاصُّ وَ کَذَا یُرَاعَی الشَّرْعُ بِطَرِیقٍ أَوْلَی، بَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَیْهِمَا وَ لَعَلَّهُ أَدْرَجَهُ فِی الْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَتْ وَ إِلَّا قُدِّمَ الشَّرْعِیُّ، ثُمَّ الْعُرْفِیُّ، ثُمَّ اللُّغَوِیُّ (فَفِی بَیْعِ الْبُسْتَانِ) بِلَفْظِهِ (تَدْخُلُ الْأَرْضُ وَ الشَّجَرُ) قَطْعًا (وَ الْبِنَاءُ) کَالْجِدَارِ وَ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الرَّکَائِزِ الْمُثْبَتَهِ فِی دَاخِلِهِ لِحِفْظِ التُّرَابِ عَنْ الِانْتِقَالِ.

أَمَّا الْبِنَاءُ الْمُعَدُّ لِلسُّکْنَی وَ نَحْوُهُ فَفِی دُخُولِهِ وَجْهَانِ: أَجْوَدُهُمَا اتِّبَاعُ الْعَادَهِ.

(وَیَدْخُلُ فِیهِ الطَّرِیقُ وَ الشِّرْبُ) لِلْعُرْفِ وَ لَوْ بَاعَهُ بِلَفْظِ الْکَرْمِ تَنَاوَلَ شَجَرَ الْعِنَبِ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُهُ لُغَهً وَ أَمَّا الْأَرْضُ وَ الْعَرِیشُ وَ الْبِنَاءُ وَ الطَّرِیقُ وَ الشِّرْبُ فَیُرْجَعُ فِیهَا إلَی الْعُرْفِ وَ کَذَا مَا اشْتَمَلَ عَلَیْهِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَ غَیْرِهِ وَ مَا شُکَّ فِی تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ لَا یَدْخُلُ وَ یَدْخُلُ (فِی الدَّارِ الْأَرْضُ وَ الْبِنَاءُ أَعْلَاهُ وَ أَسْفَلُهُ، إلَّا أَنْ یَنْفَرِدَ الْأَعْلَی عَادَهً) فَلَا یَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ، أَوْ الْقَرِینَهِ، (وَ الْأَبْوَابُ) الْمُثْبَتَهُ وَ فِی الْمُنْفَصِلَهِ کَأَلْوَاحِ الدَّکَاکِینِ وَجْهَانِ: أَجْوَدُهُمَا الدُّخُولُ، لِلْعُرْفِ.

وَانْفِصَالُهَا لِلِارْتِفَاقِ فَتَکُونُ کَالْجُزْءِ وَ إِنْ انْفَصَلَتْ.

وَإِطْلَاقُ الْعِبَارَهِ یَتَنَاوَلُهَا.

وَفِی الدُّرُوسِ قَیَّدَهَا بِالْمُثْبَتَهِ فَیَخْرُجُ (وَ الْإِغْلَاقُ الْمَنْصُوبَهُ)، دُونَ الْمُنْفَصِلَهِ کَالْأَقْفَالِ (وَ الْأَخْشَابِ الْمُثْبَتَهِ) کَالْمُتَّخَذَهِ لِوَضْعِ الْأَمْتِعَهِ وَ غَیْرِهَا، دُونَ الْمُنْفَصِلَهِ وَ إِنْ انْتَفَعَ بِهَا فِی الدَّارِ؛ لِأَنَّهَا کَالْآلَاتِ الْمَوْضُوعَهِ بِهَا، (وَ السُّلَّمُ الْمُثْبَتُ) فِی الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ بِمَنْزِلَهِ الدَّرَجَهِ، بِخِلَافِ غَیْرِ الْمُثْبَتِ؛ لِأَنَّهُ کَالْآلَهِ وَ کَذَا الرَّفُّ.

وَفِی حُکْمِهَا الْخَوَابِی الْمُثْبَتَهُ فِی الْأَرْضِ وَ الْحِیطَانِ، (وَ الْمِفْتَاحُ) وَ إِنْ کَانَ مَنْقُولًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَهِ الْجُزْءِ مِنْ الْإِغْلَاقِ الْمَحْکُومِ بِدُخُولِهَا.

وَالْمُرَادُ غَیْرُ مِفْتَاحِ الْقُفْلِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَلْقِهِ وَ لَوْ شَهِدَتْ الْقَرِینَهُ بِعَدَمِ دُخُولِهِ لَمْ یَدْخُلْ وَ کَذَا یَدْخُلُ الْحَوْضُ وَ الْبِئْرُ وَ الْحَمَّامُ الْمَعْرُوفُ بِهَا وَ الْأَوْتَادُ، دُونَ الرَّحَی وَ إِنْ کَانَتْ مُثْبَتَهً؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْهَا وَ إِثْبَاتُهَا لِسُهُولَهِ الِارْتِفَاقِ بِهَا.

(وَ لَا یَدْخُلُ الشَّجَرُ) الْکَائِنُ بِهَا (إلَّا مَعَ الشَّرْطِ، أَوْ یقول:

بِمَا أُغْلِقَ عَلَیْهِ بَابُهَا، أَوْ مَا دَارَ عَلَیْهِ حَائِطُهَا)، أَوْ شَهَادَهُ الْقَرَائِنِ بِدُخُولِهِ کَالْمُسَاوَمَهِ عَلَیْهِ وَ بَذْلِ ثَمَنٍ لَا یَصْلُحْ إلَّا لَهُمَا وَ نَحْوِ ذَلِکَ. (وَ) یَدْخُلُ (فِی النَّخْلِ الطَّلْعُ إذَا لَمْ یُؤَبَّرْ) بِتَشْقِیقِ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَ ذَرِّ طَلْعِ الذُّکُورِ فِیهِ لِیَجِیءَ ثَمَرَتُهُ أَصْلَحَ، (وَ لَوْ أَبَّرَ فَالثَّمَرَهُ لِلْبَائِعِ) وَ لَوْ أَبَّرَ الْبَعْضَ فَلِکُلٍّ حُکْمُهُ عَلَی الْأَقْوَی وَ الْحُکْمُ مُخْتَصٌّ بِالْبَیْعِ فَلَوْ انْتَقَلَ النَّخْلُ بِغَیْرِهِ لَمْ یَدْخُلْ الطَّلْعُ مُطْلَقًا مَتَی ظَهَرَ کَالثَّمَرَهِ.

(وَ) حَیْثُ لَا یَدْخُلُ فِی الْبَیْعِ (یَجِبُ تَبْقِیَتُهَا إلَی أَوَانِ أَخْذِهَا) عُرْفًا بِحَسَبِ تِلْکَ الشَّجَرَهِ، فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَالْأَغْلَبُ و مع التَّسَاوِی فَفِی الْحَمْلِ عَلَی الْأَقَلِّ، أَوْ الْأَکْثَرِ، أَوْ اعْتِبَارِ التَّعْیِینِ وَ بِدُونِهِ یَبْطُلُ أَوْجَهُ.

(وَطَلْعُ الْفَحْلِ) لِلْبَائِعٍ مَتَی ظَهَرَ، (وَ کَذَا بَاقِی الثِّمَارِ مَعَ الظُّهُورِ) وَ هُوَ انْعِقَادُهَا، سَوَاءٌ کَانَتْ بَارِزَهً أَمْ مُسْتَتِرَهً فِی کِمَامٍ، أَوْ وَرْدٍ وَ کَذَا الْقَوْلُ فِیمَا یَکُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْوَرْدَ، أَوْ الْوَرَقَ وَ لَوْ کَانَ وُجُودُهُ عَلَی التَّعَاقُبِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ حَالَ الْبَیْعِ لِلْبَائِعِ وَ الْمُتَجَدِّدُ لِلْمُشْتَرِی و مع الِامْتِزَاجِ یُرْجَعُ إلَی الصُّلْحِ. (وَیَجُوزُ لِکُلٍّ مِنْهُمَا) أَیْ: مَنْ الْبَائِعِ الَّذِی بَقِیَتْ لَهُ الثَّمَرَهُ وَ الْمُشْتَرِی (السَّقْیُ) مُرَاعَاهً لِمِلْکِهِ (إلَّا أَنْ یَسْتَضِرَّا) مَعًا فَیُمْنَعَانِ، (وَ لَوْ تَقَابَلَا فِی الضَّرَرِ وَ النَّفْعِ رَجَّحْنَا مَصْلَحَهَ الْمُشْتَرِی)؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِی أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَی نَفْسِهِ بِبَیْعِ الْأَصْلِ وَ تَسْلِیطِ الْمُشْتَرِی عَلَیْهِ الَّذِی یَلْزَمُهُ جَوَازُ سَقْیِهِ وَ تَوَقَّفَ فِی الدُّرُوسِ حَیْثُ جَعَلَ ذَلِکَ احْتِمَالًا وَ نَسَبَهُ إلَی الْفَاضِلِ وَ احْتَمَلَ تَقْدِیمَ صَاحِبِ الثَّمَرَهِ، لِسَبْقِ حَقِّهِ وَ یُشْکِلُ تَقْدِیمُ الْمُشْتَرِی حَیْثُ یُوجِبُ نَقْصًا فِی الْأَصْلِ یُحِیطُ بِقِیمَهِ الثَّمَرَهِ وَ زِیَادَهٍ فَیَنْبَغِی تَقْدِیمُ مَصْلَحَهِ الْبَائِعِ مَعَ ضَمَانِهِ لِقِیمَهِ الثَّمَرَهِ جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ. (وَ) یَدْخُلُ (فِی الْقَرْیَهِ الْبِنَاءُ) الْمُشْتَمِلُ عَلَی الدُّورِ وَ غَیْرِهَا (وَ الْمَرَافِقُ) کَالطُّرُقِ وَ السَّاحَاتِ، لَا الْأَشْجَارُ وَ الْمَزَارِعُ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ، أَوْ الْعُرْفِ کَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْآنَ، أَوْ الْقَرِینَهِ وَ فِی حُکْمِهَا الضَّیْعَهُ فِی عُرْفِ الشَّامِ. (وَ) یَدْخُلَ (فِی الْعَبْدِ) وَ الْأَمَهِ (ثِیَابُهُ السَّاتِرَهُ لِلْعَوْرَهِ)، دُونَ غَیْرِهَا، اقْتِصَارًا عَلَی الْمُتَیَقَّنِ دُخُولُهُ؛ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِی مَفْهُومِ الْعَبْدِ لُغَهً.

وَالْأَقْوَی دُخُولُ مَا دَلَّ الْعُرْفُ عَلَیْهِ مِنْ ثَوْبٍ وَ ثَوْبَیْنِ وَ زِیَادَهٍ وَ مَا یَتَنَاوَلُهُ بِحُصُوصِهِ مِنْ غَیْرِ الثِّیَابِ کَالْحِزَامِ وَ الْقَلَنْسُوَهِ وَ الْخُفِّ وَ غَیْرِهَا وَ لَوْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ بِالْحَرِّ وَ الْبَرْدِ دَخَلَ مَا دَلَّ عَلَیْهِ حَالَ الْبَیْعِ، دُونَ غَیْرِهِ وَ مَا شَکَّ فِی دُخُولِهِ لَا یَدْخُلُ لِلْأَصْلِ وَ مِثْلُهُ الدَّابَّهُ فَیَدْخُلُ فِیهَا النَّعْلُ، دُونَ آلَاتِهَا، إلَّا مَعَ الشَّرْطِ وَ الْعُرْفِ.

الرَّابِعُ - فِی اخْتِلَافِهِمَا:)

الرَّابِعُ - فِی اخْتِلَافِهِمَا:)

(فَفِی قَدْرِ الثَّمَنِ یَحْلِفُ الْبَائِعُ مَعَ قِیَامِ الْعَیْنِ وَ الْمُشْتَرِی مَعَ تَلَفِهَا) عَلَی الْمَشْهُورِ، بَلْ قِیلَ: إنَّهُ إجْمَاعٌ.

وَهُوَ بَعِیدٌ وَ مُسْتَنَدُهُ رِوَایَهٌ مُرْسَلَهٌ وَ قِیلَ: یُقَدَّمُ قَوْلُ الْمُشْتَرِی مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ یَنْفِی الزَّائِدَ وَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَ بَرَاءَهُ ذِمَّتِهِ.

وَفِیهِ قُوَّهٌ إنْ لَمْ یَثْبُتْ الْإِجْمَاعُ عَلَی خِلَافِهِ، مَعَ أَنَّهُ خِیرَهُ التَّذْکِرَهِ وَ قِیلَ: یَتَحَالَفَانِ وَ یَبْطُلُ الْبَیْعُ؛ لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَ مُنْکِرٍ، لِتَشَخُّصِ الْعَقْدِ بِکُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنَیْنِ.

وَهُوَ خِیرَهُ الْمُصَنِّفِ فِی قَوَاعِدِهِ وَ شَیْخِهِ فَخْرُ الدِّینِ فِی شَرْحِهِ وَ فِی الدُّرُوسِ نَسَبَ الْقَوْلَیْنِ إلَی النُّدُورِ وَ عَلَی الْمَشْهُورِ لَوْ کَانَتْ الْعَیْنُ قَائِمَهً لَکِنَّهَا قَدْ انْتَقَلَتْ عَنْ الْمُشْتَرِی انْتِقَالًا لَازِمًا کَالْبَیْعِ وَ الْعِتْقِ، فَفِی تَنْزِیلِهِ مَنْزِلَهَ التَّلَفِ قَوْلَانِ: أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ، لِصِدْقِ الْقِیَامِ عَلَیْهَا وَ هُوَ الْبَقَاءُ وَ مَنْعِ مُسَاوَاتِهِ لِلتَّلَفِ فِی الْعِلَّهِ الْمُوجِبَهِ لِلْحُکْمِ وَ لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَفِی تَنْزِیلِهِ مَنْزِلَهَ تَلَفِ الْجَمِیعِ أَوْ بَقَاءِ الْجَمِیعِ، أَوْ إلْحَاقِ کُلِّ جُزْءٍ بِأَصْلِهِ أَوْجُهٌ، أَوْجُهُهَا الْأَوَّلُ لِصِدْقِ عَدَمِ قِیَامِهَا الَّذِی هُوَ مَنَاطُ تَقْدِیمِ قَوْلِ الْبَائِعِ وَ لَوْ امْتَزَجَ بِغَیْرِهِ فَإِنْ بَقِیَ التَّمْیِیزُ وَ إِنْ عَسِرَ التَّخْلِیصُ فَالْعَیْنُ قَائِمَهٌ وَ إِلَّا فَوَجْهَانِ وَ عَدَمُهُ أَوْجَهُ، لِعَدَمِ صِدْقِ الْقِیَامِ عُرْفًا، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْوُجُودِ. (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی تَعْجِیلِهِ) أَیْ: الثَّمَنِ (وَقَدْرِ الْأَجَلِ) عَلَی تَقْدِیرِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَیْهِ فِی الْجُمْلَهِ (وَشُرِطَ رَهْنٌ، أَوْ ضَمِینٌ عَنْ الْبَائِعِ یَحْلِفُ الْبَائِعُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ ذَلِکَ کُلِّهِ.

وَهَذَا مَبْنِیٌّ عَلَی الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ یَدَّعِی التَّعْجِیلَ وَ تَقْلِیلَ الْأَجَلِ حَیْثُ یَتَّفِقَانِ عَلَی أَصْلِ التَّأْجِیلِ، فَلَوْ اتَّفَقَ خِلَافُهُ فَادَّعَی هُوَ الْأَجَلَ، أَوْ طُولَهُ لِغَرَضٍ یَتَعَلَّقُ بِتَأْخِیرِ الْقَبْضِ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُشْتَرِی لِلْأَصْلِ، (وَ کَذَا) یُقَدَّمُ قَوْلُ الْبَائِعِ لَوْ اخْتَلَفَا (فِی قَدْرِ الْمَبِیعِ) لِلْأَصْلِ.

وَقَدْ کَانَ یَنْبَغِی مِثْلُهُ فِی قَدْرِ الثَّمَنِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُشْتَرِی لَوْلَا الرِّوَایَهُ.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِهِ مُطْلَقًا، أَوْ مُعَیَّنًا کَهَذَا الثَّوْبِ فَیقول:

بَلْ هُوَ وَ الْآخَرُ.

هَذَا إذَا لَمْ یَتَضَمَّنْ الِاخْتِلَافَ فِی الثَّمَنِ کَبِعْتُک هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ فَقال:

بَلْ هُوَ وَ الْآخَرُ بِأَلْفَیْنِ.

وَإِلَّا قَوِیَ التَّحَالُفُ، إذْ لَا مُشْتَرَکَ هُنَا یُمْکِنُ الْأَخْذُ بِهِ.

(وَ فِی تَعْیِینِ الْمَبِیعِ) کَمَا إذَا قال:

بِعْتُک هَذَا الثَّوْبَ فَقال:

بَلْ هَذَا (یَتَحَالَفَانِ)، لِادِّعَاءِ کُلٍّ مِنْهُمَا مَا یَنْفِیهِ الْآخَرُ بِحَیْثُ لَمْ یَتَّفِقَا عَلَی أَمْرٍ وَ یَخْتَلِفَا فِیمَا زَادَ وَ هُوَ ضَابِطُ التَّحَالُفِ فَیَحْلِفُ کُلٌّ مِنْهُمَا یَمِینًا وَاحِدَهً عَلَی نَفْیِ مَا یَدَّعِیهِ الْآخَرُ، لَا عَلَی إثْبَاتِ مَا یَدَّعِیه وَ لَا جَامِعَهَ بَیْنَهُمَا فَإِذَا حَلَفَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَ رَجَعَ کُلٌّ مِنْهُمَا إلَی عَیْنِ مَالِهِ، أَوْ بَدَلِهَا وَ الْبَادِی مِنْهُمَا بِالْیَمِینِ مَنْ ادَّعَی عَلَیْهِ أَوَّلًا، فَإِنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ وَ نَکَلَ الثَّانِی وَ قَضَیْنَا بِالنُّکُولِ یَثْبُتُ مَا یَدَّعِیه الْحَالِفُ وَ إِلَّا حَلَفَ یَمِینًا ثَانِیَهً عَلَی إثْبَاتِ مَا یَدَّعِیه.

ثُمَّ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَی نَفْیِ مَا یَدَّعِیهِ الْمُشْتَرِی بَقِیَ عَلَی مِلْکِهِ، فَإِنْ کَانَ الثَّوْبُ فِی یَدِهِ وَ إِلَّا انْتَزَعَهُ مِنْ یَدِ الْمُشْتَرِی وَ إِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِی عَلَی نَفْیِ مَا یَدَّعِیه الْبَائِعُ و کان الثَّوْبُ فِی یَدِهِ لَمْ یَکُنْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا یَدَّعِیهِ وَ إِنْ کَانَ فِی یَدِ الْبَائِعِ لَمْ یَکُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِیهِ، لِاعْتِرَافِهِ بِکَوْنِهِ لِلْمُشْتَرِی وَ لَهُ ثَمَنُهُ فِی ذِمَّتِهِ، فَإِنْ کَانَ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ رَدَّهُ عَلَی الْمُشْتَرِی وَ لَهُ أَخْذُ الثَّوْبِ قِصَاصًا وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَ الثَّوْبَ قِصَاصًا أَیْضًا، فَإِنْ زَادَتْ قِیمَتُهُ عَنْهُ فَهُوَ مَالٌ لَا یَدَّعِیهِ أَحَدٌ وَ فِی بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ: (وَقَالَ الشَّیْخُ وَ الْقَاضِی: یَحْلِفُ الْبَائِعُ کَالِاخْتِلَافِ فِی الثَّمَنِ) وَ ضَرَبَ عَلَیْهِ فِی بَعْضِ النُّسَخِ الْمَقْرُوءَهِ عَلَی الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

(وَ) حَیْثُ یَتَحَالَفَانِ (یَبْطُلُ الْعَقْدُ مِنْ حِینِهِ) أَیْ: حِینِ التَّحَالُفِ، لَا مِنْ أَصْلِهِ، فَنَمَاءُ الثَّمَنِ الْمُنْفَصِلِ الْمُتَخَلِّلِ بَیْنَ الْعَقْدِ وَ التَّحَالُفِ لِلْبَائِعِ وَ أَمَّا الْمَبِیعُ فَیَشْکُلُ حَیْثُ لَمْ یَتَعَیَّنْ.

نَعَمْ لَوْ قِیلَ بِهِ فِی مَسْأَلَهِ الِاخْتِلَافِ فِی قَدْرِ الثَّمَنِ تَوَجَّهَ حُکْمُ نَمَاءِ الْمَبِیعِ. (وَ) اخْتِلَافُهُمَا (فِی شَرْطٍ مُفْسِدٍ یُقَدَّمُ مُدَّعِی الصِّحَّهِ)؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِی تَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِ، (وَ لَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَهُ نَزَلَ کُلُّ وَارِثٍ مَنْزِلَهَ مُوَرِّثِهِ) فَتَحْلِفُ وَرَثَهُ الْبَائِعِ لَوْ کَانَ الِاخْتِلَافُ فِی قَدْرِ الْمَبِیعِ وَ الْأَجَلِ، وَأَصْلِهِ وَ قَدْرِ الثَّمَنِ مَعَ قِیَامِ الْعَیْنِ وَ وَرَثَهُ الْمُشْتَرِی مَعَ تَلَفِهَا.

وَقِیلَ: یُقَدَّمُ قَوْلُ وَرَثَهِ الْمُشْتَرِی فِی قَدْرِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَ إِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ مُوَرِّثُهُمْ بِالنَّصِّ فَیُقْتَصَرُ فِیهِ عَلَی مُوَرَّدِهِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ وَ لَهُ وَجْهٌ، غَیْرَ أَنَّ قِیَامَ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ مُطْلَقًا أَجْوَدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَ لَوْ قُلْنَا: بِالتَّحَالُفِ ثَبَتَ بَیْنَ الْوَرَثَهِ قَطْعًا.

الْخَامِسُ إطْلَاقُ الْکَیْلِ وَ الْوَزْنِ

وَالنَّقْدِ (یَنْصَرِفُ إلَی الْمُعْتَادِ) فِی بَلَدِ الْعَقْدِ لِذَلِکَ الْمَبِیعِ إنْ اتَّحَدَ، (فَإِنْ تَعَدَّدَ فَالْأَغْلَبُ) اسْتِعْمَالًا وَ إِطْلَاقًا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِی ذَلِکَ فَفِی تَرْجِیحِ أَیِّهِمَا نَظَرٌ وَ یُمْکِنُ حِینَئِذٍ وجوب التَّعْیِینِ کَمَا لَوْ لَمْ یَغْلِبْ، (فَإِنْ تَسَاوَتْ) فِی الِاسْتِعْمَالِ فِی الْمَبِیعِ الْخَاصِّ (وَجَبَ التَّعْیِینُ)، لِاسْتِحَالَهِ التَّرْجِیحِ بِدُونِهِ وَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، (وَ لَوْ لَمْ یُعَیَّنْ بَطَلَ الْبَیْعُ) لِمَا ذُکِرَ.

(وَأُجْرَهُ اعْتِبَارِ الْمَبِیعِ) بِالْکَیْلِ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ النَّقْدِ (عَلَی الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ، (وَاعْتِبَارُ الثَّمَنِ عَلَی الْمُشْتَرِی وَ أُجْرَهُ الدَّلَّالِ عَلَی الْآمِرِ) وَ لَوْ أَمَرَهُ فَالسَّابِقُ إنْ کَانَ مُرَادُ کُلٍّ مِنْهُمَا الْمُمَاکَسَهَ مَعَهُ وَ لَوْ أَمَرَاهُ بِتَوَلِّی الطَّرَفَیْنِ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ (فَعَلَیْهِمَا) أُجْرَهٌ وَاحِدَهٌ بِالتَّنْصِیفِ، سَوَاءٌ اقْتَرَنَا أَمْ تَلَاحَقَا وَ لَوْ مَنَعْنَا مِنْ تَوَلِّی الطَّرَفَیْنِ مِنْ الْوَاحِدِ امْتَنَعَ أَخْذُ أُجْرَتَیْنِ، لَکِنْ لَا یُتَّجَهُ حَمْلُ کَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا یُجْمَعُ بَیْنَهُمَا لِوَاحِدٍ، عَلَیْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَبَّرَ بِهِ مَنْ یَرَی جَوَازَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا یُجْمَعُ بَیْنَهُمَا لِعَمَلٍ وَاحِدٍ وَ إِنْ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَیْعِ وَ الْمُشْتَرِی بِالشِّرَاءِ، بَلْ لَهُ أُجْرَهٌ وَاحِدَهٌ عَلَیْهِمَا، أَوْ عَلَی أَحَدِهِمَا کَمَا فَصَّلْنَاهُ. (وَ لَا یَضْمَنُ الدَّلَّالُ) مَا یَتْلَفُ بِیَدِهِ مِنْ الْأَمْتِعَهِ (إلَّا بِتَفْرِیطٍ).

وَالْمُرَادُ بِهِ مَا یَشْمَلُ التَّعَدِّیَ مَجَازًا أَوْ اشْتِرَاکًا (فَیَحْلِفُ عَلَی عَدَمِهِ) لَوْ اُدُّعِیَ عَلَیْهِ التَّفْرِیطُ؛ لِأَنَّهُ أَمِینٌ فَیُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی عَدَمِهِ (فَإِنْ ثَبَتَ) التَّفْرِیطُ فِی حَقِّهِ وَ ضَمِنَ الْقِیمَهَ (حَلَفَ عَلَی) مِقْدَارِ (الْقِیمَهِ لَوْ خَالَفَهُ الْبَائِعُ) فَادَّعَی أَنَّهَا أَکْثَرُ مِمَّا اعْتَرَفَ بِهِ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ وَ لَا یُنَافِیهِ التَّفْرِیطُ وَ إِنْ أَوْجَبَ الْإِثْمَ کَمَا یُقْبَلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ فِیهَا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ.

(خَاتِمَهٌ: الْإِقَالَهُ فَسْخٌ لَا بَیْعٌ) عِنْدَنَا

، سَوَاءٌ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْفَسْخِ أَمْ الْإِقَالَهِ (فِی حَقِّ الْمُتَعَاقِدَیْنِ وَ الشَّفِیعِ) وَ هُوَ الشَّرِیکُ، إذْ لَا شُفْعَهَ هُنَا بِسَبَبِ الْإِقَالَهِ وَ حَیْثُ کَانَتْ فَسْخًا لَا بَیْعًا (فَلَا یَثْبُتُ بِهَا شُفْعَهٌ) لَلشَّرِیک، لِاخْتِصَاصِهَا بِالْبَیْعِ وَ نَبَّهَ بِقوله:

فِی حَقِّ الْمُتَعَاقِدَیْنِ: عَلَی خِلَافِ بَعْضِ الْعَامَّهِ حَیْثُ جَعَلَهَا بَیْعًا فِی حَقِّهِمَا وَ بِقوله:

وَ الشَّفِیعِ، عَلَی خِلَافِ آخَرِینَ، حَیْثُ جَعَلُوهَا بَیْعًا فِی حَقِّهِ، دُونَهُمَا، فَیَثْبُتُ لَهُ بِهَا الشُّفْعَهُ. (وَ لَا تَسْقُطُ أُجْرَهُ الدَّلَّالِ) عَلَی الْبَیْعِ (بِهَا)؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْبَیْعِ السَّابِقِ فَلَا یُبْطِلُهُ الْفَسْخُ اللَّاحِقُ وَ کَذَا أُجْرَهُ الْوَزَّانِ وَ الْکَیَّالِ وَ النَّاقِدُ بَعْدَ صُدُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ. (وَ لَا تَصِحُّ بِزِیَادَهٍ فِی الثَّمَنِ) الَّذِی وَقَعَ عَلَیْهِ الْبَیْعُ سَابِقًا، (وَ لَا بِنَقِیصَتِهِ)؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ وَ مَعْنَاهُ رُجُوعُ کُلِّ عِوَضٍ إلَی مَالِکِهِ، فَإِذَا شَرَطَ فِیهَا مَا یُخَالِفُ مُقْتَضَاهَا فَسَدَ الشَّرْطُ وَ فَسَدَتْ بِفَسَادِهِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ الزِّیَادَهِ الْعَیْنِیَّهِ وَ الْحُکْمِیَّهِ کَالِانْتِظَارِ بِالثَّمَنِ. (وَیَرْجِعُ) بِالْإِقَالَهِ (کُلُّ عِوَضٍ إلَی مَالِکِهِ) إنْ کَانَ بَاقِیًا وَ نَمَاؤُهُ الْمُتَّصِلُ تَابِعٌ لَهُ.

وَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ فَلَا رُجُوعَ بِهِ وَ إِنْ کَانَ حَمْلًا لَمْ یَنْفَصِلْ، (فَإِنْ کَانَ تَالِفًا فَمِثْلُهُ) إنْ کَانَ مِثْلِیًّا، (أَوْ قِیمَتُهُ) یَوْمَ التَّلَفِ إنْ کَانَ قِیَمِیًّا، أَوْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ وَ لَوْ وَجَدَهُ مَعِیبًا رَجَعَ بِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ، أَوْ الْوَصْفَ الْفَائِتَ بِمَنْزِلَهِ التَّالِفِ.

وَأَلْفَاظُهَا تَفَاسَخْنَا وَ تَقَایَلْنَا، مَعًا، أَوْ مُتَلَاحِقَیْنِ مِنْ غَیْرِ فَصْلٍ یُعْتَدُّ بِهِ، أَوْ یَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَقَلْتُک فَیَقْبَلُ الْآخَرُ وَ إِنْ لَمْ یَسْبِقْ الْتِمَاسٌ.

وَاحْتَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ الِاکْتِفَاءَ بِالْقَبُولِ الْفِعْلِیِّ.

15 کتاب الدین

الْأَوَّلُ - الْقَرْضُ
المدخل

(الْأَوَّلُ - الْقَرْضُ)

بِفَتْحِ الْقَافِ وَ کَسْرِهَا وَ فَضْلُهُ عَظِیمٌ (وَ الدِّرْهَمُ مِنْهُ بِثَمَانِیَهَ عَشَرَ دِرْهَمًا مَعَ أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَهِ بِعَشَرَهٍ) قِیلَ وَ السِّرُّ فِیهِ: أَنَّ الصَّدَقَهَ تَقَعُ فِی یَدِ الْمُحْتَاجِ وَ غَیْرِهِ وَ الْقَرْضُ لَا یَقَعُ إلَّا فِی یَدِ الْمُحْتَاجِ غَالِبًا وَ أَنَّ دِرْهَمَ الْقَرْضِ یَعُودُ فَیُقْرَضُ ثَانِیًا وَ دِرْهَمَ الصَّدَقَهِ لَا یَعُودُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَرْضَ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی قَصْدِ الْقُرْبَهِ وَ مُطْلَقُ الثَّوَابِ یَتَوَقَّفُ عَلَیْهَا، فَلَیْسَ کُلُّ قَرْضٍ یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ الثَّوَابُ، بِخِلَافِ الصَّدَقَهِ فَإِنَّ الْقُرْبَهُ مُعْتَبَرَهٌ فِیهَا، فَإِطْلَاقُ کَوْنِ دِرْهَمِ الْقَرْضِ بِثَمَانِیَهَ عَشَرَ إمَّا مَشْرُوطٌ بِقَصْدِ الْقُرْبَهِ، أَوْ تَفَضُّلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ الثَّوَابِ بِوَاسِطَهِ الْوَجْهَیْنِ وَ قَدْ یَقَعُ التَّفَضُّلُ عَلَی کَثِیرٍ مِنْ فَاعِلِی الْبِرِّ مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ الْقُرْبَهِ کَالْکَرَمِ. وَ یَفْتَقِرُ الْقَرْضُ إلَی إیجَابٍ وَ قَبُولٍ.

(وَ الصِّیغَهُ أَقْرَضْتُکَ، أَوْ انْتَفِعْ بِهِ، أَوْ تَصَرَّفْ فِیهِ)، أَوْ مَلَّکْتُکَ أَوْ أَسْلَفْتُک، أَوْ خُذْ هَذَا، أَوْ اصْرِفْهُ (وَعَلَیْک عِوَضُهُ) وَ مَا أَدَّی هَذَا الْمَعْنَی؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ وَ هِیَ لَا تَنْحَصِرُ فِی لَفْظٍ، بَلْ تَتَأَدَّی بِمَا أَفَادَ مَعْنَاهَا وَ إِنَّمَا یَحْتَاجُ إلَی ضَمِیمَهِ " وَ عَلَیْک عِوَضُهُ " مَا عَدَا الصِّیغَهَ الْأُولَی فَإِنَّهَا صَرِیحَهٌ فِی مَعْنَاهُ لَا تَفْتَقِرُ إلَی انْضِمَامِ أَمْرٍ آخَر (فَیَقُولُ الْمُقْتَرِضُ: قَبِلْت وَ شِبْهَهُ) مِمَّا دَلَّ عَلَی الرِّضَا بِالْإِیجَابِ وَ اسْتَقْرَبَ فِی الدُّرُوسِ الِاکْتِفَاءَ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إلَی الْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ.

وَهُوَ حَسَنٌ مِنْ حَیْثُ إبَاحَهُ التَّصَرُّفِ.

أَمَّا إفَادَتُهُ لِلْمِلْکِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَی صِحَّهِ الْقَرْضِ فَلَا دَلِیلَ عَلَیْهِ وَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ لَا یُؤَدِّی إلَیْهِ (وَ لَا یَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّفْعِ)، لِلنَّهْیِ عَنْ قَرْضٍ یَجُرُّ نَفْعًا (فَلَا یُفِیدَ الْمِلْکَ) لَوْ شَرَطَهُ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الرِّبَوِیُّ وَ غَیْرُهُ وَ زِیَادَهُ الْعَیْنِ وَ الْمَنْفَعَهِ (حَتَّی لَوْ شَرَطَ الصِّحَاحَ عِوَضَ الْمُکَسَّرَهِ، خِلَافًا لِأَبِی الصَّلَاحِ) الْحَلَبِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ جَمَاعَهٍ حَیْثُ جَوَّزُوا هَذَا الْفَرْدَ مِنْ النَّفْعِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ لَا تَدُلُّ عَلَی مَطْلُوبِهِمْ.

وَظَاهِرُهَا إعْطَاءُ الزَّائِدِ الصَّحِیحِ بِدُونِ الشَّرْطِ وَ لَا خِلَافَ فِیهِ بَلْ [لَا] یُکْرَهُ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ { النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اقْتَرَضَ بَکْرًا فَرَدَّ بَازِلًا رَبَاعِیًا وَ قال:

إنَّ خَیْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً، } (وَ إِنَّمَا یَصِحُّ إقْرَاضُ الْکَامِلِ) عَلَی وَجْهٍ یَرْتَفِعُ عَنْهُ الْحَجْرُ فِی الْمَالِ وَ أَرَادَ کَمَالِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ مَعًا بِإِضَافَهِ الْمَصْدَرِ إلَی الْفَاعِلِ وَ الْقَابِلِ (وَکُلُّ مَا تَتَسَاوَی أَجْزَاؤُهُ) فِی الْقِیمَهِ وَ الْمَنْفَعَهِ وَ تَتَقَارَبُ صِفَاتُهُ کَالْحُبُوبِ وَ الْأَدْهَانِ (یَثْبُتُ فِی الذِّمَّهِ مِثْلُهُ وَ مَا لَا یَتَسَاوَی) أَجْزَاؤُهُ کَالْحَیَوَانِ (تَثْبُتُ قِیمَتُهُ یَوْمَ الْقَبْضِ)؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمِلْکِ، (وَبِهِ) أَیْ بِالْقَبْضِ (یَمْلِکُ) الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ عَلَی الْمَشْهُورِ، لَا بِالتَّصَرُّفِ، قِیلَ: لِأَنَّهُ فَرْعُ الْمِلْکِ فَیَمْتَنِعُ کَوْنُهُ شَرْطًا فِیهِ وَ إِلَّا دَارَ و فیه مَنْعُ تَبَعِیَّتِهِ لِلْمِلْکِ مُطْلَقًا، إذْ یَکْفِی فِیهِ إذْنُ الْمَالِکِ وَ هُوَ هُنَا حَاصِلٌ بِالْعَقْدِ، بَلْ بِالْإِیجَابِ وَ حَیْثُ قُلْنَا بِمِلْکِهِ، بِالْقَبْضِ (فَلَهُ رَدُّ مِثْلِهِ) مَعَ وُجُودِ عَیْنِهِ (وَ إِنْ کَرِهَ الْمُقْرِضُ)، لِأَنَّ الْعَیْنَ حِینَئِذٍ تَصِیرُ کَغَیْرِهَا مِنْ أَمْوَالِهِ وَ الْحَقُّ یَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَیَتَخَیَّرُ فِی جِهَهِ الْقَضَاءِ وَ لَوْ قُلْنَا بِتَوَقُّفِ الْمِلْکِ عَلَی التَّصَرُّفِ وَجَبَ دَفْعُ الْعَیْنِ مَعَ طَلَبِ مَالِکِهَا وَ یُمْکِنُ الْقَوْلُ بِذَلِکَ وَ إِنْ مَلَکْنَاهُ، بِالْقَبْضِ، بِنَاءً عَلَی کَوْنِ الْقَرْضِ عَقْدًا جَائِزًا وَ مِنْ شَأْنِهِ رُجُوعُ کُلِّ عِوَضٍ إلَی مَالِکِهِ إذَا فُسِخَ کَالْهِبَهِ وَ الْبَیْعِ بِخِیَارٍ. (وَ لَا یَلْزَمُ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ فِیهِ) لَا لَهُ وَ لَا لِغَیْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا یَلْزَمُ مَا یُشْتَرَطُ فِیهِ، إلْحَاقًا لِشَرْطِهِ بِجُزْئِهِ، نَعَمْ لَوْ شُرِطَ أَجَلُ الْقَرْضِ فِی عَقْدٍ لَازِمٍ لَزِمَ عَلَی مَا سَبَقَ. (وَیَجِبُ) عَلَی الْمَدْیُونِ (نِیَّهُ الْقَضَاءِ) سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَی أَدَائِهِ أَمْ لَا بِمَعْنَی الْعَزْمِ - وَ إِنْ عَجَزَ - عَلَی الْأَدَاءِ إذَا قَدَرَ وَ سَوَاءٌ کَانَ صَاحِبُ الدَّیْنِ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا، لِأَنَّ ذَلِکَ مِنْ مُقْتَضَی الْإِیمَانِ، کَمَا یَجِبُ الْعَزْمُ عَلَی أَدَاءِ کُلِّ وَاجِبٍ وَ تَرْکِ کُلِّ مُحَرَّمٍ.

وَقَدْ رُوِیَ: أَنَّ کُلَّ مَنْ عَزَمَ عَلَی قَضَاءِ دَیْنِهِ أُعِینَ عَلَیْهِ: وَ أَنَّهُ یَنْقُصُ مِنْ مُؤْنَتِهِ بِقَدْرِ قُصُورِ نِیَّتِهِ.

(وَعَزْلُهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَ الْإِیصَاءُ بِهِ لَوْ کَانَ صَاحِبُهُ غَائِبًا) لِیَتَمَیَّزَ الْحَقُّ وَ یَسْلَمَ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِیهِ وَ یَجِبُ کَوْنُ الْوِصَایَهِ إلَی ثِقَهٍ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِیطٌ عَلَی مَالِ الْغَیْرِ وَ إِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ الْوِصَایَهِ إلَی غَیْرِهِ فِی الْجُمْلَهِ، (وَ لَوْ جَهِلَهُ وَ یَئِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ) فِی الْمَشْهُور.

وَقِیلَ یَتَعَیَّنُ دَفْعُهُ إلَی الْحَاکِمِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَهَ تَصَرُّفٌ فِی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ وَ یُضَعَّفُ بِأَنَّهُ إحْسَانٌ مَحْضٌ إلَیْهِ، لِأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ وَ لَمْ یَرْضَ بِهَا ضَمِنَ لَهُ عِوَضَهَا وَ إِلَّا فَهِیَ أَنْفَعُ مِنْ بَقَاءِ الْعَیْنِ الْمَعْزُولَهِ الْمُعَرَّضَهِ لِتَلَفِهَا بِغَیْرِ تَفْرِیطِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِ.

وَالْأَقْوَی التَّخْیِیرُ بَیْنَ الصَّدَقَهِ وَ الدَّفْعِ إلَی الْحَاکِمِ وَ إِبْقَائِهِ فِی یَدِهِ.

(وَلَا تَصِحُّ قِسْمَهُ الدَّیْنِ) الْمُشْتَرَکِ بَیْنَ شَرِیکَیْنِ فَصَاعِدًا عَلَی الْمَشْهُورِ

(بَلْ الْحَاصِلُ مِنْهُ لَهُمَا وَ التَّاوِی) بِالْمُثَنَّاهِ وَ هُوَ الْهَالِکُ (مِنْهُمَا) و قد یَحْتَالُ لِلْقِسْمَهِ بِأَنْ یُحِیلَ کُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِحِصَّتِهِ الَّتِی یُرِیدُ إعْطَاءَهَا صَاحِبَهُ وَ یَقْبَلُ الْآخَرُ، بِنَاءً عَلَی صِحَّهِ الْحَوَالَهِ مِنْ الْبَرِیءِ وَ کَذَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَی مَا فِی الذِّمَمِ بَعْضًا بِبَعْضٍ وِفَاقًا لِلْمُصَنِّفِ (وَیَصِحُّ بَیْعُهُ بِحَالٍّ) وَ إِنْ لَمْ یَقْبِضْ مِنْ الْمَدْیُونِ وَ غَیْرِهِ، حَالًّا کَانَ الدَّیْنُ، أَمْ مُؤَجَّلًا وَ لَا یَمْنَعُ تَعَذُّرُ قَبْضِهِ حَالَ الْبَیْعِ مِنْ صِحَّتِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ إمْکَانُهُ فِی الْجُمْلَهِ لَا حَالَهَ الْبَیْعِ وَ لَا فَرْقَ فِی بَیْعِهِ بِالْحَالِّ بَیْنَ کَوْنِهِ مُشَخَّصًا وَ مَضْمُونًا عَلَی الْأَقْوَی، لِلْأَصْلِ وَ عَدَمِ صِدْقِ اسْمِ الدَّیْنِ عَلَیْهِ، (لَا بِمُؤَجَّلٍ) لِأَنَّهُ بَیْعُ دَیْنٍ بِدَیْنٍ.

وَفِیهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّیْنَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ: مَا کَانَ عِوَضًا حَالَ کَوْنِهِ دَیْنًا بِمُقْتَضَی تَعَلُّقِ الْبَاءِ بِهِ وَ الْمَضْمُونُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَیْسَ بِدَیْنٍ وَ إِنَّمَا یَصِیرُ دَیْنًا بَعْدَهُ فَلَمْ یَتَحَقَّقْ بَیْعُ الدَّیْنِ بِهِ؛ وَ لِأَنَّهُ یَلْزَمُ مِثْلُهُ فِی بَیْعِهِ بِحَالٍّ وَ الْفَرْقُ غَیْرُ وَاضِحٍ وَ دَعْوَی إطْلَاقِ اسْمِ الدَّیْنِ عَلَیْهِ إنْ أَرَادُوا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَمَمْنُوعٌ، أَوْ بَعْدَهُ فَمُشْتَرَکٌ وَ إِطْلَاقُهُمْ لَهُ عَلَیْهِ عُرْفًا إذَا بِیعَ بِهِ فَیَقُولُونَ: بَاعَ فُلَانٌ مَالَهُ بِالدَّیْنِ مَجَازٌ بِقَصْدِ أَنَّ الثَّمَنَ بَقِیَ فِی ذِمَّتِهِ دَیْنًا بَعْدَ الْبَیْعِ وَ لَوْ اُعْتُبِرَ هَذَا الْإِطْلَاقُ جَاءَ مِثْلُهُ فِی الْحَالِ إذَا لَمْ یَقْبِضْهُ، خُصُوصًا إذَا أَمْهَلَهُ بِهِ مِنْ غَیْرِ تَأْجِیلٍ.

(وَبِزِیَادَهٍ) عَنْ قَدْرِهِ، (وَنَقِیصَهٍ، إلَّا أَنْ یَکُونَ رِبَوِیًّا) فَتُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاهُ (وَ لَا یَلْزَمُ الْمَدْیُونَ أَنْ یَدْفَعَ إلَی الْمُشْتَرِی إلَّا مَا دَفَعَ الْمُشْتَرِی) إلَی الْبَائِعِ (عَلَی رِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ) وَ قَرِیبٌ مِنْهَا رِوَایَهُ أَبِی حَمْزَهَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَی الْأُولَی؛ لِأَنَّهَا أَصْرَحُ وَ عَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَ جَمَاعَهٌ.

وَیَظْهَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْمَیْلُ إلَیْهِ وَ فِی الدُّرُوسِ لَا مُعَارِضَ لَهَا، لَکِنَّ الْمُسْتَنَدَ ضَعِیفٌ وَ عُمُومُ الْأَدِلَّهِ تَدْفَعُهُ وَ حُمِلَ عَلَی الضَّمَانِ مَجَازًا، لِشِبْهِهِ بِالْبَیْعِ فِی الْمُعَاوَضَهِ، أَوْ عَلَی فَسَادِ الْبَیْعِ، لِلرِّبَا وَ غَیْرِهِ فَیَکُونُ الدَّفْعُ مَأْذُونًا فِیهِ مِنْ الْبَائِعِ فِی مُقَابَلَهِ مَا دَفَعَ وَ یَبْقَی الْبَاقِی لِمَالِکِهِ.

وَالْأَقْوَی مَعَ صِحَّهِ الْبَیْعِ لُزُومُ دَفْعِ الْجَمِیعِ وَ یَجِبُ مُرَاعَاهُ شُرُوطِ الرِّبَا وَ الصَّرْفِ وَ لَوْ وَقَعَ صُلْحًا اُغْتُفِرَ الثَّانِی خَاصَّهً.

(وَمَنَعَ ابْنُ إدْرِیسَ مِنْ بَیْعِ الدَّیْنِ عَلَی غَیْرِ الْمَدْیُونِ)

اسْتِنَادًا إلَی دَلِیلٍ قَاصِرٍ، وَتَقْسِیمٍ غَیْرِ حَاصِرٍ، (وَ الْمَشْهُورُ الصِّحَّهُ) مُطْلَقًا؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ (وَ لَوْ بَاعَ الذِّمِّیُّ مَا لَا یَمْلِکُهُ الْمُسْلِمُ) کَالْخَمْرِ وَ الْخِنْزِیرِ (ثُمَّ قَضَی مِنْهُ دَیْنَ الْمُسْلِمِ صَحَّ قَبْضُهُ وَ لَوْ شَاهَدَهُ) الْمُسْلِمُ؛ لِإِقْرَارِ الشَّارِعِ لَهُ عَلَی ذَلِکَ، لَکِنْ بِشَرْطِ اسْتِتَارِهِ بِهِ کَمَا هُوَ مُقْتَضَی الشَّرْعِ، فَلَوْ تَظَاهَرَ بِهِ لَمْ یَجُزْ وَ مِنْ ثَمَّ یُقَیَّدُ بِالذِّمِّیِّ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِیَّ لَا یُقَرُّ عَلَی شَیْءٍ مِنْ ذَلِکَ فَلَا یَجُوزُ تَنَاوُلُهُ مِنْهُ.

(وَلَا تَحِلُّ الدُّیُونُ الْمُؤَجَّلَهُ بِحَجْرِ الْمُفْلِسِ)

، عَمَلًا بِالْأَصْلِ، (خِلَافًا لِابْنِ الْجُنَیْدِ عَلَیْهِ السَّلَامُ) حَیْثُ زَعَمَ أَنَّهَا تَحِلُّ، قِیَاسًا عَلَی الْمَیِّتِ وَ هُوَ بَاطِلٌ، مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ بِتَضَرُّرِ الْوَرَثَهِ إنْ مُنِعُوا مِنْ التَّصَرُّفِ إلَی أَنْ یَحِلَّ وَ صَاحِبِ الدَّیْنِ إنْ لَمْ یُمْنَعُوا، بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ. (وَتَحِلُّ) الدُّیُونُ الْمُؤَجَّلَهُ (إذَا مَاتَ الْمَدْیُونُ)، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ مَالُ السَّلَمِ وَ الْجِنَایَهِ الْمُؤَجَّلَهِ وَ غَیْرِهِمَا؛ لِلْعُمُومِ وَ کَوْنُ أَجَلِ السَّلَمِ یَقْتَضِی قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ وَ أَجَلِ الْجِنَایَهِ بِتَعْیِینِ الشَّارِعِ وَ لِیَتَحَقَّقَ الْفَرْقُ بَیْنَ الْجِنَایَاتِ لَا یَدْفَعُ عُمُومَ النَّصِّ (وَ لَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَالِکِ)، دُونَ الْمَدْیُونِ لِلْأَصْلِ، خَرَجَ مِنْهُ مَوْتُ الْمَدْیُونِ فَیَبْقَی الْبَاقِی.

وَقِیلَ: تَحِلُّ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ مُرْسَلَهٍ وَ بِالْقِیَاسِ عَلَی مَوْتِ الْمَدْیُونِ.

وَهُوَ بَاطِلٌ. (وَلِلْمَالِکِ انْتِزَاعُ السِّلْعَهِ) الَّتِی نَقَلَهَا إلَی الْمُفْلِسِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَ لَمْ یَسْتَوْفِ عِوَضَهَا مَعَ وُجُودِهَا مُقَدَّمًا فِیهَا عَلَی سَائِرِ الدُّیَّانِ (فِی الْفَلَسِ إذَا لَمْ تَزِدْ زِیَادَهً مُتَّصِلَهً) کَالسِّمَنِ وَ الطُّولِ، فَإِنْ زَادَتْ کَذَلِکَ لَمْ یَکُنْ لَهُ أَخْذُهَا؛ لِحُصُولِهَا عَلَی مِلْکِ الْمُفْلِسِ فَیَمْتَنِعُ أَخْذُ الْعَیْنِ بِدُونِهَا وَ مَعَهَا.

(وَ قِیلَ: یَجُوزُ) انْتِزَاعُهَا (وَ إِنْ زَادَتْ) لِأَنَّ هَذِهِ الزِّیَادَهَ صِفَهٌ مَحْضَهٌ وَ لَیْسَتْ مِنْ فِعْلِ الْمُفْلِسِ فَلَا تُعَدُّ مَالًا لَهُ وَ لِعُمُومِ { مَنْ وَجَدَ عَیْنَ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا } وَ فِی قَوْلِ ثَالِثٍ: یَجُوزُ أَخْذُهَا، لَکِنْ یَکُونُ الْمُفْلِسُ شَرِیکًا بِمِقْدَارِ الزِّیَادَهِ، (وَ لَوْ کَانَتْ الزِّیَادَهُ مُنْفَصِلَهً) کَالْوَلَدِ وَ إِنْ لَمْ یَنْفَصِلْ وَ الثَّمَرَهُ وَ إِنْ لَمْ تُقْطَفْ (لَمْ یُمْنَعْ) مِنْ الِانْتِزَاعِ وَ کَانَتْ الزِّیَادَهُ لِلْمُفْلِسِ وَ لَوْ کَانَتْ بِفِعْلِهِ کَمَا لَوْ غَرَسَ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ، أَوْ خَاطَهُ، أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَهَ کَانَ شَرِیکًا بِنِسْبَهِ الزِّیَادَهِ (وَغُرَمَاءُ الْمَیِّتِ سَوَاءٌ فِی تَرِکَتِهِ مَعَ الْقُصُورِ) فَیُقْسَمُ عَلَی نِسْبَهِ الدُّیُونِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ صَاحِبُ الْعَیْنِ وَ غَیْرُهُ، (وَمَعَ الْوَفَاءِ لِصَاحِبِ الْعَیْنِ أَخْذُهَا فِی الْمَشْهُورِ)، سَوَاءٌ کَانَتْ التَّرِکَهُ بِقَدْرِ الدَّیْنِ أَمْ أَزْیَدَ وَ سَوَاءٌ مَاتَ مَحْجُورًا عَلَیْهِ أَمْ لَا وَ مُسْتَنَدُ الْمَشْهُورِ صَحِیحَهُ أَبِی وَلَّادٍ عَنْ (الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ) (وَقَالَ ابْنُ الْجُنَیْدِ: یَخْتَصُّ بِهَا وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ وَفَاءً) کَالْمُفْلِسِ، قِیَاسًا وَ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ مُطْلَقَهٍ فِی جَوَازِ الِاخْتِصَاصِ وَ الْأَوَّلُ بَاطِلٌ وَ الثَّانِی یَجِبُ تَقْیِیدُهُ بِالْوَفَاءِ جَمْعًا.

وَرُبَّمَا قِیلَ: بِاخْتِصَاصِ الْحُکْمِ بِمَنْ مَاتَ مَحْجُورًا عَلَیْهِ وَ إِلَّا فَلَا اخْتِصَاصَ مُطْلَقًا وَ صَحِیحُ النَّصِّ یَدْفَعُهُ (وَ لَوْ وُجِدَتْ الْعَیْنُ نَاقِصَهً بِفِعْلِ الْمُفْلِسِ) أَخَذَهَا إنْ شَاءَ (وَضَرَبَ بِالنَّقْصِ مَعَ الْغُرَمَاءِ مَعَ نِسْبَتِهِ) أَیْ نِسْبَهِ النَّقْصِ (إلَی الثَّمَنِ) بِأَنْ تُنْسَبَ قِیمَهُ النَّاقِصِ إلَی الصَّحِیحَهِ وَ یَضْرِبَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِی بَاعَهُ بِهِ بِتِلْکَ النِّسْبَهِ هُوَ مُقْتَضَی قَاعِدَهِ الْأَرْشِ؛ وَ لِئَلَّا یُجْمَعَ بَیْنَ الْعِوَضِ وَ الْمُعَوَّضِ فِی بَعْضِ الْفُرُوضِ وَ فِی اسْتِفَادَهِ ذَلِکَ مِنْ نِسْبَهِ النَّقْصِ إلَی الثَّمَنِ خَفَاءٌ وَ لَوْ کَانَ النَّقْصُ بِفِعْلِ غَیْرِهِ فَإِنْ وَجَبَ أَرْشُهُ ضَرَبَ بِهِ قَطْعًا وَ لَوْ کَانَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی فَالْأَقْوَی أَنَّهُ کَذَلِکَ، سَوَاءٌ کَانَ الْفَائِتُ مِمَّا یَتَقَسَّطُ عَلَیْهِ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَهِ کَعَبْدٍ مِنْ عَبْدَیْنِ أَمْ لَا کَیَدِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَی عَقْدِ الْمُعَاوَضَهِ عِنْدَ فَسْخِهِ رُجُوعُ کُلِّ عِوَضٍ إلَی صَاحِبِهِ، أَوْ بَدَلِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ تَخْصِیصَ النَّقْصِ بِفِعْلِ الْمُفْلِسِ لَا یَظْهَرُ لَهُ نُکْتَهٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُسَاوٍ لِمَا یَحْدُثُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی، أَوْ الْأَجْنَبِیِّ عَلَی تَقْدِیرِ الْفَرْقِ، أَوْ حُکْمِ الْجَمِیعِ سَوَاءٌ عَلَی الْقَوْلِ الْأَقْوَی. (وَ لَا یُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِی حَالِ التَّفْلِیسِ بِعَیْنٍ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِأَعْیَانِ مَالِهِ قَبْلَهُ) فَیَکُونُ إقْرَارُهُ بِهَا فِی قُوَّهِ الْإِقْرَارِ بِمَالِ الْغَیْرِ وَ لِلْحَجْرِ عَنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِیِّ الْمَانِعِ مِنْ نُفُوذِ الْإِقْرَارِ، (وَیَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِدَیْنٍ) لِأَنَّهُ عَاقِلٌ مُخْتَارٌ فَیَدْخُلُ فِی عُمُومِ إقْرَارِ الْعُقَلَاءِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ جَائِزٌ وَ الْمَانِعُ فِی الْعَیْنِ مُنْتَفٍ هُنَا، لِأَنَّهُ فِی الْعَیْنِ مُنَافٍ لِحَقِّ الدُّیَّانِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا (وَ) هُنَا (یَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، فَلَا یُشَارِکُ الْغُرَمَاءُ الْمُقَرَّ لَهُ) جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ.

(وَقَوَّی الشَّیْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَ تَبِعَهُ الْعَلَّامَهُ فِی بَعْضِ کُتُبِهِ (الْمُشَارَکَهُ) لِلْخَبَرِ؛ وَ لِعُمُومِ الْإِذْنِ فِی قِسْمَهِ مَالِهِ بَیْنَ غُرَمَائِهِ وَ لِلْفَرْقِ بَیْنَ الْإِقْرَارِ وَ الْإِنْشَاءِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَ الْحَجْرُ إنَّمَا یُبْطِلَ إحْدَاثَ الْمِلْکِ وَ لِأَنَّهُ کَالْبَیِّنَهِ و مع قِیَامِهَا لَا إشْکَالَ فِی الْمُشَارَکَهِ.

وَیَشْکُلُ بِأَنْ رَدَّ إقْرَارَهُ لَیْسَ لِنَفْسِهِ، بَلْ لِحَقِّ غَیْرِهِ فَلَا یُنَافِیهِ الْخَبَرُ وَ نَحْنُ قَدْ قَبِلْنَاهُ، عَلَی نَفْسِهِ بِإِلْزَامِهِ بِالْمَالِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَ مُشَارَکَهُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْغُرَمَاءِ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ النُّفُوذِ الْمُوجِبِ لِمُسَاوَاهِ الْإِقْرَارِ لِلْإِنْشَاءِ فِی الْمَعْنَی وَ کَوْنِهِ کَالْبَیِّنَهِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ، فَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَقْوَی.

وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَی مَا قَبْلَ الْحَجْرِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا یَنْفُذُ مُعَجَّلًا قَطْعًا، نَعَمْ لَوْ أَسْنَدَهُ إلَی مَا یَلْزَمُ ذِمَّتَهُ کَإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ جِنَایَهٍ، شَارَکَ لِوُقُوعِ السَّبَبِ بِغَیْرِ اخْتِیَارِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَا تَقْصِیرَ، بِخِلَافِ الْمُعَامِلِ.

وَیُمْنَعُ الْمُفْلِسُ مَنْ التَّصَرُّفِ

(وَیُمْنَعُ الْمُفْلِسُ مَنْ التَّصَرُّفِ) الْمُبْتَدَأِ

(فِی أَعْیَانِ أَمْوَالِهِ) الْمُنَافِی لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، لَا مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَ احْتَرَزْنَا بِالْمُبْتَدَأِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِی مَالِهِ بِمِثْلِ الْفَسْخِ بِخِیَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ بِابْتِدَاءِ تَصَرُّفٍ، بَلْ هُوَ أَثَرُ أَمْرٍ سَابِقٍ عَلَی الْحَجْرِ وَ کَذَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ عَیْبٌ فِیمَا اشْتَرَاهُ سَابِقًا فَلَهُ الْفَسْخُ بِهِ.

وَهَلْ یُعْتَبَرُ فِی جَوَازِ الْفَسْخِ الْغِبْطَهُ، أَمْ یَجُوزُ اقْتِرَاحًا؟ الْأَقْوَی الثَّانِی، نَظَرًا إلَی أَصْلِ الْحُکْمِ وَ إِنْ تَخَلَّفَتْ الْحِکْمَهُ.

وَقِیلَ: تُعْتَبَرُ الْغِبْطَهُ فِی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ.

وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بَیْنَهُمَا بِأَنَّ الْخِیَارَ ثَابِتٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لَا عَلَی طَرِیقِ الْمَصْلَحَهِ، فَلَا یَتَقَیَّدُ بِهَا، بِخِلَافِ الْعَیْبِ.

وَفِیهِ نَظَرٌ بَیِّنٌ، لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا ثَابِتٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عَلَی غَیْرِ جِهَهِ الْمَصْلَحَهِ وَ إِنْ کَانَتْ الْحِکْمَهُ الْمُسَوِّغَهُ لَهُ هِیَ الْمَصْلَحَهُ وَ الْإِجْمَاعُ عَلَی جَوَازِ الْفَسْخِ بِالْعَیْبِ وَ إِنْ زَادَ الْقِیمَهَ، فَضْلًا عَنْ الْغِبْطَهِ فِیهِ.

وَشَمِلَ التَّصَرُّفُ فِی أَعْیَانِ الْأَمْوَالِ مَا کَانَ بِعِوَضٍ، أَوْ غَیْرِهِ وَ مَا تَعَلَّقَ بِنَقْلِ الْعَیْنِ وَ الْمَنْفَعَهِ.

وَخَرَجَ بِهِ التَّصَرُّفُ فِی غَیْرِهِ، کَالنِّکَاحِ وَ الطَّلَاقِ وَ اسْتِیفَاءِ الْقِصَاصِ وَ الْعَفْوِ عَنْهُ وَ مَا یُفِیدُ تَحْصِیلَهُ کَالِاحْتِطَابِ وَ الِاتِّهَابِ وَ قَبُولِ الْوَصِیَّهِ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْهُ، بَعْدَهُ وَ بِالْمُنَافِی عَنْ وَصِیَّتِهِ وَ تَدْبِیرِهِ فَإِنَّهُمَا یَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّیْنِ فَتَصَرُّفُهُ فِی ذَلِکَ وَ نَحْوِهِ جَائِزٌ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَی الْغُرَمَاءِ فِیهِ (وَتُبَاعُ) أَعْیَانُ أَمْوَالِهِ الْقَابِلَهِ لِلْبَیْعِ وَ لَوْ لَمْ تَقْبَلْ کَالْمَنْفَعَهِ أَوْ جَرَتْ، أَوْ صُولِحَ عَلَیْهَا وَ أُضِیفَ الْعِوَضُ إلَی أَثْمَانِ مَا یُبَاعُ (وَتُقْسَمُ عَلَی الْغُرَمَاءِ) إنْ وَفَّی وَ إِلَّا فَعَلَی نِسْبَهِ أَمْوَالِهِمْ، (وَ لَا یُدَّخَرُ لِلْمُؤَجَّلَهِ) الَّتِی لَمْ تَحِلَّ حَالَهَ الْقِسْمَهِ (شَیْءٌ) وَ لَوْ حَلَّ بَعْدَ قِسْمَهِ الْبَعْضِ شَارَکَ فِی الْبَاقِی وَ ضَرَبَ بِجَمِیعِ الْمَالِ وَ ضَرَبَ بَاقِی الْغُرَمَاءِ بِبَقِیَّهِ دُیُونِهِمْ (وَیُحْضِرُ کُلَّ مَتَاعٍ فِی سُوقِهِ) و جوبا مَعَ رَجَاءِ زِیَادَهِ الْقِیمَهِ وَ إِلَّا اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّ بَیْعَهُ فِیهِ أَکْثَرُ لِطُلَّابِهِ وَ أَضْبَطُ لِقِیمَتِهِ. (وَیُحْبَسُ لَوْ ادَّعَی الْإِعْسَارَ حَتَّی یُثْبِتَهُ) بِاعْتِرَافِ الْغَرِیمِ، أَوْ بِالْبَیِّنَهِ الْمُطَّلِعَهِ عَلَی بَاطِنِ أَمْرِهِ إنْ شَهِدَتْ بِالْإِعْسَارِ مُطْلَقًا، أَوْ بِتَلَفِ الْمَالِ حَیْثُ لَا یَکُونُ مُنْحَصِرًا فِی أَعْیَانٍ مَخْصُوصَهٍ وَ إِلَّا کَفَی اطِّلَاعُهَا عَلَی تَلَفِهَا وَ یُعْتَبَرُ فِی الْأُولَی مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَی بَاطِنِ أَمْرِهِ بِکَثْرَهِ مُخَالَطَتِهِ وَ صَبْرِهِ عَلَی مَا لَا یَصْبِرُ عَلَیْهِ ذَوُو الْیَسَارِ عَادَهً، أَنْ تَشْهَدَ بِإِثْبَاتٍ یَتَضَمَّنُ النَّفْیَ، لَا بِالنَّفْیِ الصِّرْفِ، بِأَنْ یقول:

إنَّهُ مُعْسِرٌ لَا یَمْلِکُ إلَّا قُوتَ یَوْمِهِ وَ ثِیَابَ بَدَنِهِ وَ نَحْوَ ذَلِکَ.

وَهَلْ یَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ مَعَ الْبَیِّنَهِ مُطْلَقًا عَلَی الْیَمِینِ قَوْلَانِ؟ وَ إِنَّمَا یُحْبَسُ مَعَ دَعْوَی الْإِعْسَارِ قَبْلَ إثْبَاتِهِ لَوْ کَانَ أَصْلُ الدَّیْنِ مَالًا کَالْقَرْضِ، أَوْ عِوَضًا عَنْ مَالٍ کَثَمَنِ الْمَبِیعِ، فَلَوْ انْتَفَی الْأَمْرَانِ کَالْجِنَایَهِ وَ الْإِتْلَافِ قَبْلَ قَوْلِهِ فِی الْإِعْسَارِ بِیَمِینِهِ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْمَالِ وَ إِنَّمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ اتِّکَالًا عَلَی مَقَامِ الدَّیْنِ فِی الْکِتَابِ، (فَإِذَا ثَبَتَ) إعْسَارُهُ (خُلِّیَ سَبِیلُهُ) وَ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ التَّکَسُّبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَی: { وَ إِنْ کَانَ ذُو عُسْرَهٍ فَنَظِرَهٌ إلَی مَیْسَرَهٍ }.

(وَ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ الصَّلَاهُ وَ السَّلَامُ) بِطَرِیقِ السَّکُونِیِّ أَنَّهُ کَانَ یَحْبِسُ فِی الدَّیْنِ ثُمَّ یَنْظُرُ فَإِنْ کَانَ لَهُ مَالٌ أَعْطَی الْغُرَمَاءَ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ مَالٌ دَفَعَهُ إلَی الْغُرَمَاءِ فَیقول:

اصْنَعُوا بِهِ مَا شِئْتُمْ (إنْ شِئْتُمْ فَآجِرُوهُ وَ إِنْ شِئْتُمْ اسْتَعْمِلُوهُ وَ هُوَ یَدُلُّ عَلَی وجوب التَّکَسُّبِ) فِی وَفَاءِ الدَّیْنِ، (وَ اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْزَهَ وَ الْعَلَّامَهُ) فِی الْمُخْتَلَفِ، (وَمَنَعَهُ الشَّیْخُ وَابْنُ إدْرِیسَ) لِلْآیَهِ وَ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ.

(وَ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ) لِوُجُوبِ قَضَاءِ الدَّیْنِ عَلَی الْقَادِرِ مَعَ الْمُطَالَبَهِ وَ الْمُتَکَسِّبُ قَادِرٌ وَ لِهَذَا تَحْرُمُ عَلَیْهِ الزَّکَاهُ وَ حِینَئِذٍ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْآیَهِ وَ إِنَّمَا یَجِبُ عَلَیْهِ التَّکَسُّبُ فِیمَا یَلِیقُ بِحَالِهِ عَادَهً وَ لَوْ بِمُؤَاجَرَهِ نَفْسِهِ وَ عَلَیْهِ تُحْمَلُ الرِّوَایَهُ. (إنَّمَا یُحْجَرُ عَلَی الْمَدْیُونِ إذَا قَصَرَتْ أَمْوَالُهُ عَنْ دُیُونِهِ) فَلَوْ سَاوَتْهُ أَوْ زَادَتْ لَمْ یُحْجَرْ عَلَیْهِ إجْمَاعًا وَ إِنْ ظَهَرَتْ عَلَیْهِ أَمَارَاتُ الْفَلَسِ، لَکِنْ لَوْ طُولِبَ بِالدَّیْنِ فَامْتَنَعَ تَخَیَّرَ الْحَاکِمُ بَیْنَ حَبْسِهِ إلَی أَنْ یَقْضِیَ بِنَفْسِهِ و بین أَنْ یَقْضِیَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ وَ لَوْ بِبَیْعِ مَا خَالَفَ الْحَقَّ، (وَطَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَلَا یَتَبَرَّعُ الْحَاکِمُ بِهِ عَلَیْهِمْ.

نَعَمْ لَوْ کَانَتْ الدُّیُونُ لِمَنْ لَهُ عَلَیْهِ وِلَایَهٌ کَانَ لَهُ الْحَجْرُ، أَوْ بَعْضُهَا مَعَ الْتِمَاسِ الْبَاقِینَ وَ لَوْ کَانَتْ لِغَائِبٍ لَمْ یَکُنْ لِلْحَاکِمِ وِلَایَتُهُ لِأَنَّهُ لَا یَسْتَوْفِی لَهُ، بَلْ یَحْفَظُ أَعْیَانَ أَمْوَالِهِ وَ لَوْ الْتَمَسَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ کَانَ دَیْنُهُمْ یَفِی بِمَالِهِ وَ یَزِیدُ جَازَ الْحَجْرُ وَ عَمَّ وَ إِلَّا فَلَا عَلَی الْأَقْوَی.

(بِشَرْطِ حُلُولِ الدَّیْنِ) فَلَوْ کَانَ کُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ مُؤَجَّلًا لَمْ یُحْجَرْ؛ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَهِ حِینَئِذٍ، نَعَمْ لَوْ کَانَ بَعْضُهَا حَالًّا جَازَ مَعَ قُصُورِ الْمَالِ عَنْهُ وَ الْتِمَاسِ أَرْبَابِهِ. (وَ لَا تُبَاعُ دَارُهُ وَ لَا خَادِمُهُ وَ لَا ثِیَابٌ تُجَمِّلُهُ).

وَیُعْتَبَرُ فِی الْأَوَّلِ وَ الْأَخِیرِ مَا یَلِیقُ بِحَالِهِ کَمًّا وَ کَیْفًا وَ فِی الْوَسَطِ ذَلِکَ، لِشَرَفٍ، أَوْ عَجْزٍ وَ کَذَا دَابَّهُ رُکُوبِهِ وَ لَوْ احْتَاجَ إلَی الْمُتَعَدِّدِ اُسْتُثْنِیَ کَالْمُتَّحِدِ وَ لَوْ زَادَتْ عَنْ ذَلِکَ فِی أَحَدِ الْوَصْفَیْنِ وَجَبَ الِاسْتِبْدَالُ وَ الِاقْتِصَارُ عَلَی مَا یَلِیقُ بِحَالِهِ، (وَظَاهِرُ ابْنِ الْجُنَیْدِ بَیْعُهَا) فِی الدَّیْنِ (وَاسْتُحِبَّ لِلْغَرِیمِ تَرْکُهُ وَ الرِّوَایَاتُ مُتَضَافِرَهٌ بِالْأَوَّلِ) وَ عَلَیْهِ الْعَمَلُ وَ کَذَا تَجْرِی عَلَیْهِ نَفَقَتُهُ یَوْمَ الْقِسْمَهِ وَ نَفَقَهُ وَاجِبِی النَّفَقَهِ وَ لَوْ مَاتَ قَبْلَهَا قُدِّمَ کَفَنُهُ وَ یُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَی الْوَاجِبِ وَسَطًا مِمَّا یَلِیقُ بِهِ عَادَهً وَ مُؤْنَهُ تَجْهِیزِهِ.

وَهَذِهِ الْأَحْکَامُ اسْتَطْرَدَهَا فِی کِتَابِ الدَّیْنِ لِمُنَاسَبَتِهِ وَ إِنْ جَرَتْ الْعَادَهُ بِاخْتِصَاصِ الْفَلَسِ بِبَابٍ وَ رِعَایَهً لِإِدْرَاجِ الْأَحْکَامِ بِسَبِیلِ الِاخْتِصَارِ

الْقِسْمُ الثَّانِی - دَیْنُ الْعَبْدِ

(الْقِسْمُ الثَّانِی - دَیْنُ الْعَبْدِ)

خَصَّهُ بِنَاءً عَلَی الْغَالِبِ مِنْ تَوَلِّیهِ ذَلِکَ دُونَ الْأَمَهِ.

وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالْمَمْلُوکِ کَمَا عَبَّرَ غَیْرَهُ عَمَّ، (لَا یَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِیهِ) أَیْ فِی الدَّیْنِ بِأَنْ یَسْتَدِینَ، لَا فِیمَا اسْتَدَانَهُ وَ إِنْ کَانَ حُکْمُهُ کَذَلِکَ، لِدُخُولِهِ فِی قوله:

(وَ لَا فِیمَا بِیَدِهِ) مِنْ الْأَمْوَالِ (إلَّا بِإِذْنِ السَّیِّدِ) سَوَاءٌ قُلْنَا بِمِلْکِهِ أَمْ أَحَلْنَاهُ، (فَلَوْ اسْتَدَانَ بِإِذْنِهِ)، أَوْ إجَازَتِهِ (فَعَلَی الْمَوْلَی وَ إِنْ أَعْتَقَهُ) وَ قِیلَ یُتَّبَعُ بِهِ مَعَ الْعِتْقِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ لَا تَنْهَضُ حُجَّهٌ فِیمَا خَالَفَ الْقَوَاعِدَ الشَّرْعِیَّهَ، فَإِنَّ الْعَبْدَ بِمَنْزِلَهِ الْوَکِیلِ وَ إِنْفَاقَهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ تِجَارَتِهِ بِإِذْنِ الْمَوْلَی إنْفَاقٌ لِمَالِ الْمَوْلَی فَیَلْزَمُهُ کَمَا لَوْ لَمْ یَعْتِقْ وَ لَوْ کَانَتْ الِاسْتِدَانَهُ لِلْمَوْلَی فَهُوَ عَلَیْهِ قَوْلًا وَاحِدًا. (وَیَقْتَصِرُ) الْمَمْلُوکُ (فِی التِّجَارَهِ عَلَی مَحَلِّ الْإِذْنِ) فَإِنْ عَیَّنَ لَهُ نَوْعًا، أَوْ مَکَانًا، أَوْ زَمَانًا تَعَیَّنَ وَ إِنْ أَطْلَقَ تَخَیَّرَ، (وَ لَیْسَ لَهُ الِاسْتِدَانَهُ بِالْإِذْنِ فِی التِّجَارَهِ) لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَیْهَا إلَّا أَنْ تَکُونَ لِضَرُورَتِهَا کَنَقْلِ الْمَتَاعِ وَ حِفْظِهِ مَعَ الِاحْتِیَاجِ إلَیْهِ (فَتَلْزَمُ ذِمَّتَهُ) لَوْ تَعَدَّی الْمَأْذُونُ نُطْقًا، أَوْ شَرْعًا (لَوْ تَلَفَ یُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ) وَ یَسَارِهِ (عَلَی الْأَقْوَی) وَ إِلَّا ضَاعَ وَ لَوْ کَانَتْ عَیْنُهُ بَاقِیَهً رَجَعَ إلَی مَالِکِهِ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، (وَ قِیلَ یَسْعَی فِیهِ) الْعَبْدُ مُعَجَّلًا، اسْتِنَادًا إلَی إطْلَاقِ رِوَایَهِ أَبِی بَصِیرٍ وَ حُمِلَتْ عَلَی الِاسْتِدَانَهِ لِلتِّجَارَهِ لِأَنَّ الْکَسْبَ لِلْمَوْلَی فَإِذَا لَمْ یَلْزَمْ فِعْلُهُ لَا یَدْفَعُ مِنْ مَالِهِ.

وَالْأَقْوَی أَنَّ اسْتِدَانَتَهُ لِضَرُورَهِ التِّجَارَهِ إنَّمَا یَلْزَمُ مِمَّا فِی یَدِهِ، فَإِنْ قَصَّرَ اسْتَسْعَی فِی الْبَاقِی وَ لَا یَلْزَمُ الْمَوْلَی مِنْ غَیْرِ مَا فِی یَدِهِ وَ عَلَیْهِ تُحْمَلُ الرَّاوِیَهُ. (وَ لَوْ أَخَذَ الْمَوْلَی مَا اقْتَرَضَهُ الْمَمْلُوکُ) بِغَیْرِ إذْنِهِ أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ (تَخَیَّرَ الْمُقْرِضُ بَیْنَ رُجُوعِهِ عَلَی الْمَوْلَی) لِتَرَتُّبِ یَدِهِ عَلَی مَالِهِ مَعَ فَسَادِ الْقَرْضِ، (وَبَیْنَ إتْبَاعِ الْعَبْدِ) بَعْدَ الْعِتْقِ وَ الْیَسَارِ، لِأَنَّهُ کَالْغَاصِبِ أَیْضًا، ثُمَّ إنْ رَجَعَ عَلَی الْمَوْلَی قَبْلَ أَنْ یَعْتِقَ الْمَمْلُوکُ لَمْ یَرْجِعْ الْمَوْلَی عَلَیْهِ لِأَنَّهُ لَا یَثْبُتُ لَهُ فِی ذِمَّهِ عَبْدِهِ مَالٌ وَ إِنْ کَانَ بَعْدَهُ و کان عِنْدَ أَخْذِهِ لِلْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ قَرْضٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَی الْمَمْلُوکِ أَیْضًا لِتَفْرِیطِهِ وَ إِنْ کَانَ قَدْ غَرَّهُ بِأَنَّ الْمَالَ لَهُ اُتُّجِهَ رُجُوعُهُ عَلَیْهِ لِمَکَانِ الْغُرُورِ وَ إِنْ رَجَعَ الْمُقْرِضُ عَلَی الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَ یَسَارِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَی الْمَوْلَی لِاسْتِقْرَارِ التَّلَفِ فِی یَدِهِ، إلَّا أَنْ یَکُونَ قَدْ غَرَّ الْمَوْلَی فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَیْهِ.

16 کتاب الرهن

المدخل

(16) کتاب الرهن

کِتَابُ الرَّهْنِ (وَ هُوَ وَثِیقَهٌ لِلدَّیْنِ)

وَالْوَثِیقَهُ فَعِیلَهٌ بِمَعْنَی الْمَفْعُولِ أَیْ مَوْثُوقٌ بِهِ لِأَجْلِ الدَّیْنِ وَ التَّاءُ فِیهَا لِنَقْلِ اللَّفْظِ مِنْ الْوَصْفِیَّهِ إلَی الِاسْمِیَّهِ کَتَاءِ الْحَقِیقَهِ لَا لِلتَّأْنِیثِ، فَلَا یَرِدُ عَدَمُ الْمُطَابَقَهِ بَیْنَ الْمُبْتَدَأِ وَ الْخَبَرِ فِی التَّذْکِیرِ وَ التَّأْنِیثِ وَ أَتَی بِالدَّیْنِ مُعَرَّفًا مِنْ غَیْرِ نِسْبَهٍ لَهُ إلَی الْمُرْتَهِنِ حَذَرًا مِنْ الدَّوْرِ بِاعْتِبَارِ أَخْذِهِ فِی التَّعْرِیفِ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ لِدَیْنِ الْمُرْتَهِنِ.

وَیُمْکِنُ تَخَلُّصُهُ مِنْهُ بِکَشْفِهِ بِصَاحِبِ الدَّیْنِ، أَوْ مَنْ لَهُ الْوَثِیقَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُؤْخَذَ الرَّهْنُ فِی تَعْرِیفِهِ.

وَالتَّخْصِیصُ بِالدَّیْنِ إمَّا مَبْنِیٌّ عَلَی عَدَمِ جَوَازِ الرَّهْنِ عَلَی غَیْرِهِ وَ إِنْ کَانَ مَضْمُونًا کَالْغَصْبِ، لَکِنْ فِیهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَائِلٌ بِجَوَازِ الرَّهْنِ عَلَیْهِ وَ عَلَی مَا یُمْکِنُ تَطَرُّقُ ضَمَانِهِ کَالْمَبِیعِ وَ ثَمَنِهِ؛ لِاحْتِمَالِ فَسَادِ الْبَیْعِ بِاسْتِحْقَاقِهِمَا وَ نُقْصَانِ قَدْرِهِمَا، أَوْ عَلَی أَنَّ الرَّهْنَ عَلَیْهِمَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِیفَاءِ الدَّیْنِ عَلَی تَقْدِیرِ ظُهُورِ الْخَلَلِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ تَعَذُّرِ الْعَیْنِ.

وَفِیهِ تَکَلُّفٌ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ یَبْقَی بِحَالِهِ فَلَا یَکُونُ دَیْنًا و فیه عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِ الْإِضَافَهِ إلَی الْمُرْتَهِنِ إمْکَانُ الْوَثِیقَهِ بِدُونِ الرَّهْنِ، بَلْ الْوَدِیعَهُ وَ الْعَارِیَّهُ وَ مُطْلَقُ وَضْعِ الْیَدِ فَیُؤْخَذُ مُقَاصَّهً عِنْدَ جُحُودِ الْمَدْیُونِ الدَّیْنَ وَ هُوَ تَوْثِیقٌ فِی الْجُمْلَهِ وَ یَفْتَقِرُ الرَّهْنُ إلَی إیجَابٍ وَ قَبُولٍ کَغَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ.

(وَ الْإِیجَابُ رَهَنْتُک، أَوْ وَثَّقْتُک) بِالتَّضْعِیفِ، أَوْ أَرْهَنْتُکَ بِالْهَمْزَهِ (أَوْ هَذَا رَهْنٌ عِنْدَک، أَوْ عَلَی مَالِکَ)، أَوْ وَثِیقَهٌ عِنْدَک، أَوْ خُذْهُ عَلَی مَالِکَ، أَوْ بِمَالِک، أَوْ أَمْسِکْهُ حَتَّی أُعْطِیَک مَالَک بِقَصْدِ الرَّهْنِ، (وَشِبْهِهِ) مِمَّا أَدَّی هَذَا الْمَعْنَی وَ إِنَّمَا لَمْ یَنْحَصِرْ هَذَا الْعَقْدُ فِی لَفْظٍ کَالْعُقُودِ اللَّازِمَهِ وَ لَا فِی الْمَاضِی؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ طَرَفِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِی هُوَ الْمَقْصُودُ الذَّاتِیُّ مِنْهُ فَغُلِّبَ فِیهِ جَانِبُ الْجَائِزِ مُطْلَقًا وَ جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ بِغَیْرِ الْعَرَبِیَّهِ، وِفَاقًا لِلتَّذْکِرَهِ.

(وَتَکْفِی الْإِشَارَهُ فِی الْأَخْرَسِ) وَ إِنْ کَانَ عَارِضًا، (أَوْ الْکِتَابَهُ مَعَهَا) أَیْ مَعَ الْإِشَارَهِ بِمَا یَدُلُّ عَلَی قَصْدِهِ، لَا بِمُجَرَّدِ الْکِتَابَهِ، لِإِمْکَانِ الْعَبَثِ، أَوْ إرَادَهِ أَمْرٍ آخَرَ (فَیَقُولُ الْمُرْتَهِنُ: قَبِلْت وَ شَبَهَهُ) مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَی الرِّضَا بِالْإِیجَابِ وَ فِی اعْتِبَارِ الْمُضِیِّ وَ الْمُطَابَقَهِ بَیْنَ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ وَجْهَانِ وَ أَوْلَی بِالْجَوَازِ هُنَا لِوُقُوعِهِ مِمَّنْ هُوَ لَیْسَ بِلَازِمٍ مِنْ طَرَفِهِ. (وَیُشْتَرَطُ دَوَامُ الرَّهْنِ) بِمَعْنَی عَدَمِ تَوْقِیتِهِ بِمُدَّهٍ وَ یَجُوزُ تَعْلِیقُ الْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ عَلَی انْقِضَاءِ أَجَلٍ وَ إِطْلَاقُهُ، فَیَتَسَلَّطُ عَلَیْهِ مِنْ حِینِ الْقَبُولِ وَ الْقَبْضِ إنْ اعْتَبَرْنَاهُ فَإِنْ (ذَکَرَ أَجَلًا) لِلتَّصَرُّفِ (اشْتَرَطَ ضَبْطَهُ) بِمَا لَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَ النُّقْصَانَ، أَمَّا لَوْ شَرَطَهُ لِلرَّهْنِ بَطَلَ الْعَقْدُ

وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْوَکَالَهِفِی حِفْظِ الرَّهْنِ

(وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْوَکَالَهِ) فِی حِفْظِ الرَّهْنِ وَ بَیْعِهِ وَ صَرْفِهِ فِی الدَّیْنِ (لِلْمُرْتَهِنِ وَ غَیْرِهِ وَ الْوَصِیَّهِ لَهُ وَ لِوَارِثِهِ) عَلَی تَقْدِیرِ مَوْتِ الرَّاهِنِ قَبْلَهُ. (وَ إِنَّمَا یَتِمُّ) الرَّهْنُ (بِالْقَبْضِ عَلَی الْأَقْوَی) لِلْآیَهِ وَ الرِّوَایَهِ.

وَمَعْنَی عَدَمِ تَمَامِیَّتِهِ بِدُونِهِ کَوْنُهُ جُزْءَ السَّبَبِ لِلُزُومِهِ مِنْ قَبْلِ الرَّاهِنِ کَالْقَبْضِ فِی الْهِبَهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُتَّهِبِ.

وَقِیلَ: یَتِمُّ بِدُونِهِ لِلْأَصْلِ وَ ضَعْفِ سَنَدِ الْحَدِیثِ وَ مَفْهُومِ الْوَصْفِ فِی الْآیَهِ.

وَ اشْتِرَاطِهِ بِالسَّفَرِ فِیهَا وَ عَدَمِ الْکَاتِبِ یُرْشِدُ إلَی کَوْنِهِ لِلْإِرْشَادِ وَ یُؤَیِّدُهُ کَوْنُ اسْتِدَامَتِهِ لَیْسَتْ بِشَرْطٍ، بَلْ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِجَوَازِ تَوْکِیلِهِ الرَّاهِنَ فِیهِ.

وَهَذَا أَقْوَی وَ عَلَی اشْتِرَاطِهِ (فَلَوْ جُنَّ) الرَّاهِنُ، (أَوْ مَاتَ، أَوْ أُغْمِیَ عَلَیْهِ، أَوْ رَجَعَ فِیهِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ بَطَلَ) الرَّهْنُ کَمَا هُوَ شَأْنُ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ عِنْدَ عُرُوضِ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ.

وَقِیلَ: لَا یَبْطُلُ، لِلُزُومِهِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ فَکَانَ کَاللَّازِمِ مُطْلَقًا، فَیَقُومُ وَلِیُّهُ مَقَامَهُ، لَکِنْ یُرَاعِی وَلِیُّ الْمَجْنُونِ مَصْلَحَتَهُ، فَإِنْ کَانَ الْحَظُّ فِی إلْزَامِهِ بِأَنْ یَکُونَ شَرْطًا فِی بَیْعٍ یَتَضَرَّرُ بِفَسْخِهِ أَقْبَضَهُ وَ إِلَّا أَبْطَلَهُ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ لُزُومَهُ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ مَشْرُوطٌ بِالْقَبْضِ، فَقَبْلَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا، فَیَبْطُلُ کَالْهِبَهِ قَبْلَهُ وَ لَوْ عَرَضَ ذَلِکَ لِلْمُرْتَهِنِ فَأَوْلَی بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لَوْ قِیلَ بِهِ ثَمَّ وَ لَوْ قِیلَ بِهِ فِی طَرَفِ الرَّاهِنِ فَالْأَقْوَی عَدَمُهُ هُنَا.

وَالْفَرْقُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَرَثَهِ وَ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ بِمَالِهِ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ الدَّیْنَ یَبْقَی فَتَبْقَی وَثِیقَتُهُ لِعَدَمِ الْمُنَافِی وَ عَلَی هَذَا لَا یُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَی الْإِقْبَاضِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بَعْدُ إلَّا أَنْ یَکُونَ مَشْرُوطًا فِی عَقْدٍ لَازِمٍ فَیَبْنِی عَلَی الْقَوْلَیْنِ.

(وَ لَا یُشْتَرَطُ دَوَامُ الْقَبْضِ)، لِلْأَصْلِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الِامْتِثَالِ بِهِ (فَلَوْ أَعَادَهُ إلَی الرَّاهِنِ فَلَا بَأْسَ) وَ هُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ،

(وَیُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّاهِنِ بِالْإِقْبَاضِ)

؛ لِعُمُومِ إقْرَارِ الْعُقَلَاءِ (إلَّا أَنْ یُعْلَمَ کَذِبُهُ) کَمَا لَوْ قال:

رَهَنْتُهُ الْیَوْمَ دَارِی الَّتِی بِالْحِجَازِ وَ هُمَا بِالشَّامِ وَ أَقْبَضْته إیَّاهَا فَلَا یُقْبَلُ، لِأَنَّهُ مُحَالٌ عَادَهً، بِنَاءً عَلَی اعْتِبَارِ وُصُولِ الْقَابِضِ، أَوْ مَنْ یَقُومُ مَقَامَهُ إلَی الرَّهْنِ فِی تَحَقُّقِهِ، (فَلَوْ ادَّعَی) بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ (الْمُوَاطَأَهَ) عَلَی الْإِقْرَارِ وَ الْإِشْهَادِ عَلَیْهِ إقَامَهً لِرَسْمِ الْوَثِیقَهِ حَذَرًا مِنْ تَعَذُّرِ ذَلِکَ إذَا تَأَخَّرَ إلَی أَنْ یَتَحَقَّقَ الْقَبْضُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِجَرَیَانِ الْعَادَهِ بِذَلِکَ (فَلَهُ إحْلَافُ الْمُرْتَهِنِ) عَلَی عَدَمِهَا وَ أَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَهُ.

هَذَا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَی إقْرَارِهِ، أَمَّا لَوْ شَهِدَا عَلَی نَفْسِ الْإِقْبَاضِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَ لَمْ یَتَوَجَّهْ الْیَمِینُ وَ کَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَی إقْرَارِهِ بِهِ فَأَنْکَرَ الْإِقْرَارَ لِأَنَّهُ تَکْذِیبٌ لِلشُّهُودِ وَ لَوْ ادَّعَی الْغَلَطَ فِی إقْرَارِهِ وَ أَظْهَرَ تَأْوِیلًا مُمْکِنًا فَلَهُ إحْلَافُ الْمُرْتَهِنِ أَیْضًا وَ إِلَّا فَلَا عَلَی الْأَقْوَی.

وَلَوْ کَانَ الرَّهْنُ (بِیَدِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ قَبْضٌ)

(وَلَوْ کَانَ) الرَّهْنُ (بِیَدِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ قَبْضٌ)

لِصِدْقِ کَوْنِهِ رَهْنًا مَقْبُوضًا وَ لَا دَلِیلَ عَلَی اعْتِبَارِهِ مُبْتَدَأً بَعْدَ الْعَقْدِ وَ إِطْلَاقُ الْعِبَارَهِ یَقْتَضِی عَدَمَ الْفَرْقِ بَیْنَ الْمَقْبُوضِ بِإِذْنٍ وَ غَیْرِهِ کَالْمَغْصُوبِ.

وَبِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ وَ الْوَجْهُ وَاحِدٌ وَ إِنْ کَانَ مَنْهِیًّا عَنْ الْقَبْضِ هُنَا لِأَنَّهُ فِی غَیْرِ الْعِبَادَهِ غَیْرُ مُفْسِدٍ.

وَقِیلَ: لَا یَکْفِی ذَلِکَ، لِأَنَّهُ عَلَی تَقْدِیرِ اعْتِبَارِهِ فِی اللُّزُومِ رُکْنٌ فَلَا یُعْتَدُّ بِالْمَنْهِیِّ عَنْهُ مِنْهُ وَ إِنَّمَا لَا یَقْتَضِی الْفَسَادَ حَیْثُ تَکْمُلُ الْأَرْکَانُ وَ لِهَذَا لَا یُعْتَدُّ بِهِ لَوْ ابْتَدَأَهُ بِغَیْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ، (وَ) عَلَی الِاکْتِفَاءِ بِهِ (لَا یُفْتَقَرُ إلَی إذْنٍ) جَدِیدٍ (فِی الْقَبْضِ وَ لَا إلَی مُضِیِّ زَمَانٍ) یُمْکِنُ فِیهِ تَجْدِیدُهُ لِتَحَقُّقِ الْقَبْضِ قَبْلَهُ، فَاعْتِبَارُ أَمْرٍ آخَرَ تَحْصِیلٌ لِلْحَاصِلِ وَ لِلْأَصْلِ.

وَقِیلَ: یُشْتَرَطَانِ فِی مُطْلَقِ الْقَبْضِ السَّابِقِ وَ قِیلَ: فِی غَیْرِ الصَّحِیحِ؛ لِأَنَّ، الْمُعْتَبَرَ مِنْهُ مَا وَقَعَ بَعْدَ الرَّهْنِ وَ هُوَ لَا یَتِمُّ إلَّا بِإِذْنٍ کَالْمُبْتَدَأِ وَ الْإِذْنُ فِیهِ یَسْتَدْعِی تَحْصِیلَهُ وَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ مُضِیُّ زَمَانٍ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَیْهِ بِالْمُطَابِقَهِ وَ عَلَی الزَّمَانِ بِالِالْتِزَامِ، لَکِنَّ مَدْلُولَهُ الْمُطَابِقِیَّ مُنْتَفٍ، لِإِفْضَائِهِ إلَی تَحْصِیلِ الْحَاصِلِ وَ اجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ، فَیَبْقَی الِالْتِزَامِیُّ وَ یَضْعُفُ بِمَنْعِ اعْتِبَارِ الْمُقَیَّدِ بِالْبَعْدِیَّهِ، بَلْ الْأَعَمُّ وَ هُوَ حَاصِلٌ وَ الزَّمَانُ الْمَدْلُولُ عَلَیْهِ الْتِزَامًا مِنْ تَوَابِعِهِ وَ مُقَدِّمَاتِهِ فَیَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ انْتِفَاؤُهُ، نَعَمْ لَوْ کَانَ قَبَضَهُ، بِغَیْرِ إذْنٍ تَوَجَّهَ اعْتِبَارُهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ وَ عَلَی تَقْدِیرِهِ فَالضَّمَانُ بَاقٍ إلَی أَنْ یَتَحَقَّقَ مَا یُزِیلُهُ مِنْ قِبَلِ الْمَالِکِ عَلَی الْأَقْوَی. (وَ لَوْ کَانَ) الرَّهْنُ (مُشَاعًا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِیکِ فِی الْقَبْضِ، أَوْ رِضَاهُ بَعْدَهُ)، سَوَاءٌ کَانَ مِمَّا یُنْقَلُ أَمْ لَا، لِاسْتِلْزَامِهِ التَّصَرُّفَ فِی مَالِ الشَّرِیکِ وَ هُوَ مَنْهِیٌّ عَنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ، فَلَا یُعْتَدَّ بِهِ شَرْعًا.

وَیُشْکِلُ فِیمَا یَکْفِی فِیهِ مُجَرَّدُ التَّخْلِیَهِ، فَإِنَّهَا لَا تَسْتَدْعِی تَصَرُّفًا، بَلْ رَفْعُ یَدِ الرَّاهِنِ عَنْهُ وَ تَمْکِینُهُ مِنْهُ وَ عَلَی تَقْدِیرِ اعْتِبَارِهِ فَلَوْ قَبَضَهُ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِیکِ وَ فَعَلَ مُحَرَّمًا فَهَلْ یَتِمُّ الْقَبْضُ؟ قَوْلَانِ، مَنْشَؤُهُمَا النَّهْیُ الْمَانِعُ کَمَا لَوْ وَقَعَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَ هُوَ اخْتِیَارُ الْمُصَنِّفِ وَ أَنَّ النَّهْیَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ الشَّرِیکِ فَقَطْ، لِلْإِذْنِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ الَّذِی هُوَ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا.

وَهُوَ أَجْوَدُ وَ لَوْ اتَّفَقَا عَلَی قَبْضِ الشَّرِیکِ جَازَ فَیُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ الْإِذْنَ فِیهِ. (وَ الْکَلَامُ: إمَّا فِی الشُّرُوطِ، أَوْ اللَّوَاحِقِ)

الْأَوَّلُ: شَرْطُ الرَّهْنِ أَنْ یَکُونَ عَیْنًا

(الْأَوَّلُ: شَرْطُ الرَّهْنِ أَنْ یَکُونَ عَیْنًا وَ مَمْلُوکَهً یُمْکِنُ قَبْضُهَا وَ یَصِحُّ بَیْعُهَا)

هَذِهِ الشَّرَائِطُ مِنْهَا مَا هُوَ شَرْطُ الصِّحَّهِ وَ هُوَ الْأَکْثَرُ و منها مَا هُوَ شَرْطٌ فِی اللُّزُومِ کَالْمَمْلُوکِیَّهِ، بِاعْتِبَارِ رَهْنِ مِلْکِ الْغَیْرِ وَ لَا یَضُرُّ ذَلِکَ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ فِی الْجُمْلَهِ؛ وَ لِأَنَّ الْمَمْلُوکِیَّهَ تَشْتَمِلُ عَلَی شَرْطِ الصِّحَّهِ فِی بَعْضِ مُحْتَرَزَاتِهَا (فَلَا یَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَهِ) کَسُکْنَی الدَّارِ وَ خِدْمَهِ الْعَبْدِ، لِعَدَمِ إمْکَانِ قَبْضِهَا، إذْ لَا یُمْکِنُ إلَّا بِإِتْلَافِهَا وَ لِتَعَذُّرِ تَحْصِیلِ الْمَطْلُوبِ فِی الرَّهْنِ مِنْهَا وَ هُوَ اسْتِیفَاءُ الدَّیْنِ مِنْهُ وَ هِیَ إنَّمَا تُسْتَوْفَی شَیْئًا فَشَیْئًا وَ کُلَّمَا حَصَلَ مِنْهَا شَیْءٌ عُدِمَ مَا قَبْلَهُ.

کَذَا قِیلَ.

وَفِیهِ نَظَرٌ، (وَ لَا الدَّیْنِ) بِنَاءً عَلَی مَا اخْتَارَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِأَنَّ الدَّیْنَ أَمْرٌ کُلِّیٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِی الْخَارِجِ یُمْکِنُ قَبْضُهُ وَ مَا یُقْبَضُ بَعْدَ ذَلِکَ لَیْسَ نَفْسَهُ وَ إِنْ وُجِدَ فِی ضِمْنِهِ.

وَیُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ وَ یُکْتَفَی بِقَبْضِ مَا یُعَیِّنُهُ الْمَدْیُونُ، لِصِدْقِ قَبْضِ الدَّیْنِ عَلَیْهِ عُرْفًا کَهِبَهِ مَا فِی الذِّمَّهِ.

وَعَلَی الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّهِ رَهْنِهِ وَ قَدْ صَرَّحَ الْعَلَّامَهُ فِی التَّذْکِرَهِ بِبِنَاءِ الْحُکْمِ عَلَی الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَ عَدَمِهِ فَقال:

لَا یَصِحُّ رَهْنُ الدَّیْنِ إنْ شَرَطْنَا فِی الرَّهْنِ الْقَبْضَ؛ لِأَنَّهُ لَا یُمْکِنُ قَبْضُهُ، لَکِنَّهُ فِی الْقَوَاعِدِ جَمَعَ بَیْنَ الْحُکْمِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ وَ عَدَمِ جَوَازِ رَهْنِ الدَّیْنِ، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ.

وَتَعَجُّبُهُ فِی مَوْضِعِهِ وَ الِاعْتِذَارُ لَهُ عَنْ ذَلِکَ بِعَدَمِ الْمُنَافَاهِ بَیْنَ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَ اعْتِبَارُ کَوْنِهِ مِمَّا یُقْبَضُ مِثْلُهُ مَعَ تَصْرِیحِهِ بِالْبِنَاءِ الْمَذْکُورِ غَیْرُ مَسْمُوعٍ.

(وَرَهْنُ الْمُدَبَّرُ إبْطَالٌ لِتَدْبِیرِهِ عَلَی الْأَقْوَی)؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّیَغِ الْجَائِزَهِ فَإِذَا تَعَقَّبَهُ مَا یُنَافِیهِ أَبْطَلَهُ، لِکَوْنِهِ رُجُوعًا إذْ لَا یَتِمُّ الْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ إلَّا بِالرُّجُوعِ.

وَقِیلَ: لَا یَبْطُلُ بِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا یَقْتَضِی نَقْلَهُ عَنْ مِلْکِ الرَّاهِنِ وَ یَجُوزُ فَکُّهُ فَلَا یَتَحَقَّقُ التَّنَافِی بِمُجَرَّدِهِ، بَلْ بِالتَّصَرُّفِ.

وَحِینَئِذٍ فَیَکُونُ التَّدْبِیرُ مُرَاعًی بِفَکِّهِ فَیَسْتَقِرُّ، أَوْ یَأْخُذُهُ فِی الدَّیْنِ فَیَبْطُلُ وَ اسْتَحْسَنَهُ فِی الدُّرُوسِ (وَ لَا رَهْنُ الْخَمْرِ وَ الْخِنْزِیرِ إذَا کَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا، أَوْ الْمُرْتَهِنُ) وَ إِنْ وَضَعَهُمَا عَلَی یَدِ ذِمِّیٍّ، لِأَنَّ یَدَ الْوَدِیعِ کَیَدِ الْمُسْتَوْدِعِ، خِلَافًا لِلشَّیْخِ حَیْثُ أَجَازَهُ کَذَلِکَ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ حَقَّ الْوَفَاءِ إلَی الذِّمِّیِّ فَیَصِحُّ، کَمَا لَوْ بَاعَهُمَا وَ أَوْفَاهُ ثَمَنَهُمَا.

وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ (وَ لَا رَهْنَ الْحُرِّ مُطْلَقًا) مِنْ مُسْلِمٍ وَ کَافِرٍ، عِنْدَ مُسْلِمٍ وَ کَافِرٍ، إذْ لَا شُبْهَهَ فِی عَدَمِ مِلْکِهِ، (وَ لَوْ رَهَنَ مَا لَا یَمْلِکُ) الرَّاهِنُ وَ هُوَ مَمْلُوکٌ لِغَیْرِهِ (وَقَفَ عَلَی الْإِجَازَهِ) مِنْ مَالِکِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ صَحَّ عَلَی أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ مِنْ کَوْنِ عَقْدِ الْفُضُولِیِّ مَوْقُوفًا مُطْلَقًا وَ إِنْ رَدَّهُ بَطَلَ. (وَ لَوْ اسْتَعَارَ لِلرَّهْنِ صَحَّ) ثُمَّ إنْ سَوَّغَ لَهُ الْمَالِکُ الرَّهْنَ کَیْفَ شَاءَ جَازَ مُطْلَقًا وَ إِنْ أَطْلَقَ فَفِی جَوَازِهِ فَیَتَخَیَّرُ کَمَا لَوْ عَمَّمَ أَوْ الْمَنْعُ لِلْغَرَرِ قَوْلَانِ، اخْتَارَ أَوَّلَهُمَا فِی الدُّرُوسِ وَ عَلَی الثَّانِی فَلَا بُدَّ مِنْ ذِکْرِ قَدْرِ الدَّیْنِ وَ جِنْسِهِ وَ وَصْفِهِ وَ حُلُولِهِ أَوْ تَأْجِیلِهِ وَ قَدْرِ الْأَجَلِ، فَإِنْ تَخَطَّی حِینَئِذٍ کَانَ فُضُولِیًّا، إلَّا أَنْ یَرْهَنَ عَلَی الْأَقَلِّ فَیَجُوزُ بِطَرِیقٍ أَوْلَی وَ یَجُوزُ الرُّجُوعُ فِی الْعَارِیَّهِ مَا لَمْ تُرْهَنْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.

(وَتَلْزَمُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ) فَلَیْسَ لِلْمُعِیرِ الرُّجُوعُ فِیهَا بِحَیْثُ یَفْسَخُ الرَّهْنَ وَ إِنْ جَازَ لَهُ مُطَالَبَهُ الرَّاهِنِ بِالْفَکِّ عِنْدَ الْحُلُولِ ثُمَّ إنْ فَکَّهُ وَ رَدَّهُ تَامًّا بَرِئَ. (وَیَضْمَنُ الرَّاهِنُ لَوْ تَلِفَ) وَ إِنْ کَانَ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ، (أَوْ بِیعَ) بِمِثْلِهِ إنْ کَانَ مِثْلِیًّا وَ قِیمَتُهُ یَوْمَ التَّلَفِ إنْ کَانَ قِیَمِیًّا.

هَذَا إذَا کَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الرَّهْنِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَالْأَقْوَی أَنَّهُ کَغَیْرِهِ مِنْ الْأَعْیَانِ الْمُعَارَهِ وَ عَلَی تَقْدِیرِ بَیْعِهِ فَاللَّازِمُ لِمَالِکِهِ ثَمَنُهُ إنْ بِیعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَ لَوْ بِیعَ بِأَزْیَدَ فَلَهُ الْمُطَالَبَهُ بِمَا بِیعَ بِهِ.

(وَیَصِحُّ رَهْنُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِیَّهِ)

کَالْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً وَ اَلَّتِی صَالَحَ الْإِمَامُ عَلَیْهِ الصَّلَاهُ وَ السَّلَامُ أَهْلَهَا عَلَی أَنْ تَکُونَ مِلْکًا لِلْمُسْلِمِینَ وَ ضَرَبَ عَلَیْهِمْ الْخَرَاجَ کَمَا یَصِحُّ بَیْعُهَا (تَبَعًا لِلْأَبْنِیَهِ وَ الشَّجَرِ)، لَا مُنْفَرِدَهً.

(وَ لَا رَهْنُ الطَّیْرِ فِی الْهَوَاءِ) لِعَدَمِ إمْکَانِ قَبْضِهِ وَ لَوْ لَمْ یَشْتَرِطْهُ أَمْکَنَ الْجَوَازُ؛ لِإِمْکَانِ الِاسْتِیفَاءِ مِنْهُ وَ لَوْ بِالصُّلْحِ عَلَیْهِ، (إلَّا إذَا اُعْتِیدَ) عَوْدُهُ، کَالْحَمَامِ الْأَهْلِیِّ فَیَصِحُّ لِإِمْکَانِ قَبْضِهِ عَادَهً، (وَ لَا السَّمَکِ فِی الْمَاءِ إلَّا إذَا کَانَ مَحْصُورًا مُشَاهَدًا) بِحَیْثُ لَا یَتَعَذَّرُ قَبْضُهُ عَادَهً وَ یُمْکِنُ الْعِلْمُ بِهِ.

(وَ لَا رَهْنُ الْمُصْحَفِ عِنْدَ الْکَافِرِ، أَوْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ) لِاقْتِضَائِهِ الِاسْتِیلَاءَ عَلَیْهِمَا وَ السَّبِیلُ عَلَی بَعْضِ الْوُجُوهِ بِبَیْعٍ وَ نَحْوِهِ، (إلَّا أَنْ یُوضَعَا عَلَی یَدِ مُسْلِمٍ)؛ لِانْتِفَاءِ السَّبِیلِ بِذَلِکَ وَ إِنْ لَمْ یَشْتَرِطْ بَیْعَهُ لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ لَا یَسْتَحِقُّ الِاسْتِیفَاءَ مِنْ قِیمَتِهِ إلَّا بِبَیْعِ الْمَالِکِ، أَوْ مَنْ یَأْمُرُهُ أَوْ الْحَاکِمِ مَعَ تَعَذُّرِهِ وَ مِثْلُهُ لَا یُعَدُّ سَبِیلًا لِتَحَقُّقِهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ هُنَاکَ رَهْنٌ (وَ لَا رَهْنُ الْوَقْفِ) لِتَعَذُّرِ اسْتِیفَاءِ الْحَقِّ مِنْهُ بِالْبَیْعِ وَ عَلَی تَقْدِیرِ جَوَازِ بَیْعِهِ بِوَجْهٍ یَجِبُ أَنْ یُشْتَرَی بِثَمَنِهِ مِلْکًا یَکُونُ وَقْفًا فَلَا یَتَّجِهُ الِاسْتِیفَاءُ مِنْهُ مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ قِیلَ بِعَدَمِ وجوب إقَامَهِ بَدَلِهِ أَمْکَنَ رَهْنُهُ حَیْثُ یَجُوزُ بَیْعُهُ،

(وَیَصِحُّ الرَّهْنُ فِی زَمَنِ الْخِیَارِ)

لِثُبُوتِ الثَّمَنِ فِی الذِّمَّهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مُسْتَقِرًّا (وَ إِنْ کَانَ) الْخِیَارُ (لِلْبَائِعِ، لِانْتِقَالِ الْمَبِیعِ) إلَی مِلْکِ الْمُشْتَرِی (بِالْعَقْدِ عَلَی الْأَقْوَی)، لِأَنَّ صِحَّهَ الْبَیْعِ تَقْتَضِی تَرَتُّبَ أَثَرِهِ؛ وَ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْکِ هُوَ الْعَقْدُ فَلَا یَتَخَلَّفُ عَنْهُ الْمُسَبَّبُ وَ عَلَی قَوْلِ الشَّیْخِ بِعَدَمِ انْتِقَالِهِ إلَی مِلْکِ الْمُشْتَرِی إذَا کَانَ الْخِیَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَهُمَا لَا یَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَی الثَّمَنِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ

(وَیَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ وَ لَوْ عَنْ فِطْرَهٍ)

؛ لِأَنَّهُ لَمْ یَخْرُجْ بِهَا عَنْ الْمِلْکِ وَ إِنْ وَجَبَ قَتْلُهُ، لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ کَرَهْنِ الْمَرِیضِ الْمَیْئُوسِ مِنْ بُرْئِهِ وَ لَوْ کَانَ امْرَأَهً، أَوْ مَلِیًّا فَالْأَمْرُ أَوْضَحُ، لِعَدَمِ قَتْلِهَا مُطْلَقًا وَ قَبُولِ تَوْبَتِهِ، (وَ الْجَانِی مُطْلَقًا) عَمْدًا وَ خَطَأً؛ لِبَقَاءِ الْمَالِیَّهِ وَ إِنْ اسْتَحَقَّ الْعَامِدُ الْقَتْلَ؛ وَ لِجَوَازِ الْعَفْوِ.

ثُمَّ إنْ قُتِلَ بَطَلَ الرَّهْنُ.

وَإِنْ فَدَاهُ مَوْلَاهُ أَوْ عَفَا الْوَلِیُّ بَقِیَ رَهْنًا وَ لَوْ اُسْتُرِقَّ بَعْضُهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِیهِ خَاصَّهً وَ فِی کَوْنِ رَهْنِ الْمُولِی لَهُ فِی الْخَطَأِ الْتِزَامًا بِالْفِدَاءِ وَ جْهَانِ کَالْبَیْعِ (فَإِنْ عَجَزَ الْمُولِی عَنْ فَکِّهِ قُدِّمَتْ الْجِنَایَهُ) لِسَبْقِهَا وَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ بِالرَّقَبَهِ وَ مِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ الْجَانِی لَمْ یَلْزَمْ السَّیِّدَ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ حَقَّهُ لَا یَنْحَصِرُ فِیهَا بَلْ تَشْتَرِکُهَا ذِمَّهُ الرَّاهِنِ.

(وَلَوْ رَهَنَ مَا یَتَسَارَعُ إلَیْهِ الْفَسَادُ قَبْلَ الْأَجَلِ)

بِحَیْثُ لَا یُمْکِنُ إصْلَاحُهُ کَتَجْفِیفِ الْعِنَبِ وَ الرُّطَبِ (فَلْیُشْتَرَطْ بَیْعُهُ وَ رَهْنُ ثَمَنِهِ) فَیَبِیعُهُ الرَّاهِنُ وَ یَجْعَلُ ثَمَنَهُ رَهْنًا، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ رَفَعَ الْمُرْتَهِنُ أَمْرَهُ إلَی الْحَاکِمِ لِیَبِیعَهُ، أَوْ یَأْمُرَ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ لَهُ الْبَیْعُ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَ الْحَرَجِ. (وَ لَوْ أَطْلَقَ) الرَّهْنَ وَ لَمْ یَشْتَرِطْ بَیْعَهُ وَ لَا عَدَمَهُ (حُمِلَ عَلَیْهِ) جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ مَعَ کَوْنِهِ حَالَهَ الرَّهْنِ صَالِحًا لَهُ.

وَقِیلَ: یَبْطُلُ، لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الْإِطْلَاقِ الْبَیْعَ وَ عَدَمُ صَلَاحِیَّتِهِ، لِکَوْنِهِ رَهْنًا عَلَی الدَّوَامِ، فَهُوَ فِی قُوَّهِ الْهَالِکِ وَ هُوَ ضَعِیفٌ؛ لِکَوْنِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَالًا تَامًّا وَ حُکْمُ الشَّارِعِ بِبَیْعِهِ عَلَی تَقْدِیرِ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ صِیَانَهً لِلْمَالِ جَائِزٌ؛ لِفَسَادِهِ وَ احْتَرَزَ بِقوله:

قَبْلَ الْأَجَلِ، عَمَّا لَوْ کَانَ لَا یَفْسُدُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ بِحَیْثُ یُمْکِنُ بَیْعُهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا یَمْنَعُ وَ کَذَا لَوْ کَانَ الدَّیْنُ حَالًّا؛ لِإِمْکَانِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَ یَجِبُ عَلَی الْمُرْتَهِنِ السَّعْیُ عَلَی بَیْعِهِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ، فَإِنْ تَرَکَ مَعَ إمْکَانِهِ ضَمِنَ، إلَّا أَنْ یَنْهَاهُ الْمَالِکُ فَیَنْتَفِی الضَّمَانُ وَ لَوْ أَمْکَنَ إصْلَاحُهُ بِدُونِ الْبَیْعِ لَمْ یَجُزْ بَیْعُهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَ مُؤْنَهُ إصْلَاحِهِ عَلَی الرَّاهِنِ کَنَفَقَهِ الْحَیَوَانِ.

(وَأَمَّا الْمُتَعَاقِدَانِ: فَیُشْتَرَطُ فِیهِمَا الْکَمَالُ)

بِالْبُلُوغِ وَ الْعَقْلِ وَ الرُّشْدِ وَ الِاخْتِیَارِ، (و جواز التَّصَرُّفِ) بِرَفْعِ الْحَجْرِ عَنْهُمَا فِی التَّصَرُّفِ الْمَالِیِّ، (وَیَصِحُّ رَهْنُ مَالِ الطِّفْلِ لِلْمَصْلَحَهِ) کَمَا إذَا افْتَقَرَ إلَی الِاسْتِدَانَهِ لِنَفَقَتِهِ وَ إِصْلَاحِ عَقَارِهِ وَ لَمْ یَکُنْ بَیْعُ شَیْءٍ مِنْ مَالِهِ أَعْوَدُ، أَوْ لَمْ یُمْکِنْ وَ تَوَقَّفَتْ عَلَی الرَّهْنِ وَ یَجِبُ کَوْنُهُ عَلَی یَدِ ثِقَهٍ یَجُوزُ إیدَاعُهُ مِنْهُ، (وَ) کَذَا یَصِحُّ (أَخْذُ الرَّهْنِ لَهُ، کَمَا إذَا أَسْلَفَ مَالِهِ مَعَ ظُهُورِ الْغِبْطَهِ، أَوْ خِیفَ عَلَی مَالِهِ مِنْ غَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ) وَ الْمُرَادُ بِالصِّحَّهِ هُنَا الْجَوَازُ بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْوُجُوبُ وَ یُعْتَبَرُ کَوْنُ الرَّهْنِ مُسَاوِیًا لِلْحَقِّ، أَوْ زَائِدًا عَلَیْهِ لِیُمْکِنَ اسْتِیفَاؤُهُ مِنْهُ وَ کَوْنُهُ بِیَدِ الْوَلِیِّ، أَوْ یَدِ عَدْلٍ لِیَتِمَّ التَّوَثُّقُ وَ الْإِشْهَادُ عَلَی الْحَقِّ لِمَنْ یَثْبُتُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَهِ إلَیْهِ عَادَهً.

فَلَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِ هَذِهِ ضَمِنَ مَعَ الْإِمْکَانِ.

(وَ لَوْ تَعَذَّرَ الرَّهْنُ هُنَا) وَ هُوَ فِی مَوْضِعِ الْخَوْفِ عَلَی مَالِهِ (أُقْرِضَ مِنْ ثِقَهٍ عَدْلٍ غَالِبًا) هَکَذَا اتَّفَقَتْ النُّسَخُ وَ الْجَمْعُ بَیْنَ الْعَدْلِ وَ الثِّقَهِ تَأْکِیدٌ، أَوْ حَاوَلَ تَفْسِیرَ الثِّقَهِ بِالْعَدْلِ لِوُرُودِهِ کَثِیرًا فِی الْأَخْبَارِ وَ کَلَامِ الْأَصْحَابِ مُحْتَمِلًا لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ.

وَوَصْفُ الْغَلَبَهِ لِلتَّنْبِیهِ عَلَی أَنَّ الْعَدَالَهَ لَا تُعْتَبَرُ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ وَ لَا فِی الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ عُرُوضَ الذَّنْبِ لَیْسَ بِقَادِحٍ عَلَی بَعْضِ الْوُجُوهِ کَمَا عَرَّفْته فِی بَابِ الشَّهَادَاتِ وَ الْمُعْتَبَرُ وُجُودُهَا غَالِبًا.

(أَمَّا الْحَقُّ فَیُشْتَرَطُ ثُبُوتُهُ فِی الذِّمَّهِ)

أَیْ اسْتِحْقَاقُهُ فِیهَا وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مُسْتَقِرًّا (کَالْقَرْضِ وَ ثَمَنِ الْمَبِیعِ) وَ لَوْ فِی زَمَنِ الْخِیَارِ، (وَ الدِّیَهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَایَهِ) وَ هُوَ انْتِهَاؤُهَا إلَی الْحَدِّ الَّذِی لَا یَتَغَیَّرُ مُوجِبُهَا لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِهَا فِی مَعْرِضِ الزَّوَالِ بِالِانْتِقَالِ إلَی غَیْرِهِ.

ثُمَّ إنْ کَانَتْ حَالَّهً، أَوْ لَازِمَهً لِلْجَانِی کَشَبِیهِ الْعَمْدِ جَازَ الرَّهْنُ عَلَیْهَا مُطْلَقًا، (وَ فِی الْخَطَأِ) الْمَحْضِ لَا یَجُوزُ الرَّهْنُ عَلَیْهَا قَبْلَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَیْهِ غَیْرُ مَعْلُومٍ، إذْ الْمُعْتَبَرُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ عِنْدَ حُلُولِهَا مُسْتَجْمِعًا لِلشَّرْطِ بِخِلَافِ الدَّیْنِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِاسْتِقْرَارِ الْحَقِّ وَ الْمُسْتَحَقِّ عَلَیْهِ.

وَیَجُوزُ الرَّهْنُ (عِنْدَ الْحُلُولِ عَلَی قِسْطِهِ) وَ هُوَ الثُّلُثُ بَعْدَ حُلُولِ کُلِّ حَوْلٍ مِنْ الثَّلَاثَهِ.

(وَمَالُ الْکِتَابَهِ وَ إِنْ کَانَتْ مَشْرُوطَهً عَلَی الْأَقْرَبِ) لِأَنَّهَا لَازِمَهٌ لِلْمُکَاتَبِ مُطْلَقًا عَلَی الْأَصَحِّ.

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ الْمَشْرُوطَهَ جَائِزَهٌ مِنْ قِبَلِ الْمُکَاتَبِ فَیَجُوزُ لَهُ تَعْجِیزُ نَفْسِهِ، فَلَا یَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَی مَالِهَا؛ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ إذْ لَهُ إسْقَاطُهُ مَتَی شَاءَ.

وَهُوَ عَلَی تَقْدِیرِ تَسْلِیمِهِ غَیْرُ مَانِعٍ مِنْهُ کَالرَّهْنِ عَلَی الثَّمَنِ فِی مُدَّهِ الْخِیَارِ.

وَفِی قَوْلٍ ثَالِثٍ: أَنَّ الْمَشْرُوطَهَ جَائِزَهٌ مِنْ الطَّرَفَیْنِ وَ الْمُطْلَقَهَ لَازِمَهٌ مِنْ طَرَفِ السَّیِّدِ خَاصَّهً وَ یَتَوَجَّهُ عَدَمُ صِحَّهِ الرَّهْنِ أَیْضًا کَالسَّابِقِ.

(وَمَالُ الْجَعَالَهِ بَعْدَ الرَّدِّ)؛ لِثُبُوتِهِ فِی الذِّمَّهِ حِینَئِذٍ (لَا قَبْلَهُ) وَ إِنْ شَرَعَ فِیهِ لِأَنَّهُ لَا یَسْتَحِقُّ شَیْئًا مِنْهُ إلَّا بِتَمَامِهِ وَ قِیلَ: یَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، لِأَنَّهُ یَئُولُ إلَی اللُّزُومِ کَالثَّمَنِ فِی مُدَّهِ الْخِیَارِ وَ هُوَ ضَعِیفٌ.

وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْبَیْعَ یَکْفِی فِی لُزُومِهِ إبْقَاؤُهُ عَلَی حَالِهِ فَتَنْقَضِی الْمُدَّهُ وَ الْأَصْلُ عَدَمُ الْفَسْخِ عَکْسُ الْجِعَالَهِ

(وَلَا بُدَّ مِنْ إمْکَانِ اسْتِیفَاءِ الْحَقِّ مِنْ الرَّهْنِ)

لِتَحْصُلَ الْفَائِدَهُ الْمَطْلُوبَهُ مِنْ التَّوَثُّقِ بِهِ (فَلَا یَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَی مَنْفَعَهِ الْمُؤَجَّرِ عَیْنُهُ مُدَّهً مُعَیَّنَهً)؛ لِأَنَّ تِلْکَ الْمَنْفَعَهَ الْخَاصَّهَ لَا یُمْکِنُ اسْتِیفَاؤُهَا إلَّا مِنْ الْعَیْنِ الْمَخْصُوصَهِ حَقٌّ لَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِیفَاءُ مِنْهَا بِمَوْتٍ وَ نَحْوِهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَهُ، (فَلَوْ آجَرَهُ فِی الذِّمَّهِ جَازَ) کَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَی تَحْصِیلِ خِیَاطَهِ ثَوْبٍ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَیْرِهِ، لِإِمْکَانِ اسْتِیفَائِهَا حِینَئِذٍ مِنْ الرَّهْنِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ تَحْصِیلُ الْمَنْفَعَهِ عَلَی أَیِّ وَجْهٍ اتَّفَقَ، (وَتَصِحُّ زِیَادَهُ الدَّیْنِ عَلَی الرَّهْنِ) فَإِذَا اسْتَوْفَی الرَّهْنَ بَقِیَ الْبَاقِی مِنْهُ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ، (وَزِیَادَهُ الرَّهْنِ عَلَی الدَّیْنِ) وَ فَائِدَتُهُ سِعَهُ الْوَثِیقَهِ وَ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِی الْمَجْمُوعِ فَیَکُونُ بَاعِثًا عَلَی الْوَفَاءِ وَ لِإِمْکَانِ تَلَفِ بَعْضِهِ فَیَبْقَی الْبَاقِی حَافِظًا لِلدَّیْنِ.

وَأَمَّا اللَّوَاحِقُ فَمَسَائِلُ

وَأَمَّا اللَّوَاحِقُ فَمَسَائِلُ:

الْأُولَی -

(إذَا شَرَطَ الْوَکَالَهَ فِی الرَّهْنِ لَمْ یَمْلِکْ عَزْلَهُ) عَلَی مَا ذَکَرَهُ جَمَاعَهٌ، مِنْهُمْ الْعَلَّامَهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَازِمٌ مِنْ جِهَهِ الرَّاهِنِ وَ هُوَ الَّذِی شَرَطَهَا عَلَی نَفْسِهِ فَیَلْزَمُ مِنْ جِهَتِهِ.

(وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِی اللَّازِمِ یُؤْثِرُ جَوَازَ الْفَسْخِ لَوْ أَخَلَّ بِالشَّرْطِ، لَا وجوب الشَّرْطِ) کَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَشْرُوطَ فِی الْعَقْدِ اللَّازِمِ یَقْلِبُهُ جَائِزًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَ جَمَاعَهٍ، فَحِینَئِذٍ إنَّمَا یُفِیدُ إخْلَالُ الرَّاهِنِ بِالْوَکَالَهِ تَسَلُّطَ الْمُرْتَهِنِ عَلَی فَسْخِ الْعَقْدِ وَ ذَلِکَ لَا یَتِمُّ فِی عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ بِضَرَرٍ أَقْوَی وَ إِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ کَانَ الرَّاهِنُ قَدْ شَرَطَهَا فِی الْعَقْدِ اللَّازِمِ کَبَیْعٍ (فَحِینَئِذٍ لَوْ فَسَخَ) الرَّاهِنُ (الْوَکَالَهَ فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الْبَیْعَ الْمَشْرُوطَ بِالرَّهْنِ) وَ الْوَکَالَهِ (إنْ کَانَ) هُنَاکَ بَیْعٌ مَشْرُوطٌ فِیهِ ذَلِکَ وَ إِلَّا فَاتَ الشَّرْطُ عَلَی الْمُرْتَهِنِ بِغَیْرِ فَائِدَهٍ.

وَیُشْکِلُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وجوب الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ، عَمَلًا بِمُقْتَضَی الْأَمْرِ، خُصُوصًا فِی مَا یَکُونُ الْعَقْدُ الْمَشْرُوطُ فِیهِ کَافِیًا فِی تَحَقُّقِهِ کَالْوَکَالَهِ عَلَی مَا حَقَّقَهُ، الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ یَصِیرُ کَجُزْءٍ مِنْ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ یَلْزَمُ حَیْثُ یَلْزَمَانِ.

وَلَمَّا کَانَ الرَّهْنُ لَازِمًا مِنْ جِهَهِ الرَّاهِنِ فَالشَّرْطُ مِنْ قَبْلِهِ کَذَلِکَ خُصُوصًا هُنَا، فَإِنْ فَسَخَ الْمَشْرُوطَ فِیهِ وَ هُوَ الرَّهْنُ إذَا لَمْ یَکُنْ فِی بَیْعٍ لَا یَتَوَجَّهُ، لِأَنَّهُ یَزِیدُ ضَرَرًا فَلَا یُؤَثِّرُ فَسْخُهُ لَهَا وَ إِنْ کَانَتْ جَائِزَهً بِحَسَبِ أَصْلِهَا، لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لَازِمَهً بِشَرْطِهَا فِی اللَّازِمِ عَلَی ذَلِکَ الْوَجْهِ.

الثَّانِیَهُ -

یَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ ابْتِیَاعُهُ) مِنْ نَفْسِهِ إذَا کَانَ وَکِیلًا فِی الْبَیْعِ وَ یَتَوَلَّی طَرَفَیْ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ بَیْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَ هُوَ حَاصِلٌ وَ خُصُوصِیَّهُ الْمُشْتَرِی مُلْغَاهٌ حَیْثُ لَمْ یَتَعَرَّضْ لَهَا.

وَرُبَّمَا قِیلَ بِالْمَنْعِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ الْوَکَالَهِ لَا یَتَنَاوَلُهُ وَ کَذَا یَجُوزُ بَیْعُهُ عَلَی وَلَدِهِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی.

وَقِیلَ لَا (وَ هُوَ مُقَدَّمٌ بِهِ عَلَی الْغُرَمَاءِ) حَیًّا کَانَ الرَّاهِنُ أَمْ مَیِّتًا، مُفْلِسًا کَانَ أَمْ لَا؛ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ، (وَ لَوْ أَعْوَزَ) الرَّهْنُ وَ لَمْ یَفِ بِالدَّیْنِ (ضَرَبَ بِالْبَاقِی) مَعَ الْغُرَمَاءِ عَلَی نِسْبَتِهِ.

الثَّالِثَهُ -

لَا یَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِیهِ) بِانْتِفَاعٍ وَ لَا نَقْلِ مِلْکٍ وَ لَا غَیْرِهِمَا إذَا لَمْ یَکُنْ الْمُرْتَهِنُ وَکِیلًا وَ إِلَّا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفَ بِالْبَیْعِ وَ الِاسْتِیفَاءِ خَاصَّهً کَمَا مَرَّ، (وَ لَوْ کَانَ لَهُ نَفْعٌ) کَالدَّابَّهِ وَ الدَّارِ (أُوجِرَ) بِاتِّفَاقِهِمَا وَ إِلَّا آجَرَهُ الْحَاکِمُ.

وَفِی کَوْنِ الْأُجْرَهِ رَهْنًا کَالْأَصْلِ قَوْلَانِ کَمَا فِی النَّمَاءِ الْمُتَجَدِّدِ مُطْلَقًا.

(وَ لَوْ احْتَاجَ إلَی مُؤْنَهٍ) کَمَا إذَا کَانَ حَیَوَانًا (فَعَلَی الرَّاهِنِ) مُؤْنَتُهُ لِأَنَّهُ الْمَالِکُ، فَإِنْ کَانَ فِی یَدِ الْمُرْتَهِنِ وَ بَذَلَهَا الرَّاهِنُ أَوْ أَمَرَهُ بِهَا، أَنْفَقَ وَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَ وَ إِلَّا اسْتَأْذَنَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ لِغَیْبَهٍ أَوْ نَحْوِهَا، رُفِعَ أَمْرُهُ إلَی الْحَاکِمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَنْفَقَ هُوَ بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ وَ أَشْهَدَ عَلَیْهِ لِیَثْبُتَ اسْتِحْقَاقُهُ بِغَیْرِ یَمِینٍ وَ رَجَعَ، فَإِنْ لَمْ یُشْهِدْ فَالْأَقْوَی قَبُولُ قَوْلِهِ فِی قَدْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْهُ بِیَمِینِهِ وَ رُجُوعُهُ بِهِ.

(وَ لَوْ انْتَفَعَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ بِإِذْنِهِ) عَلَی وَجْهِ الْعِوَضِ، أَوْ بِدُونِهِ مَعَ الْإِثْمِ (لَزِمَهُ الْأُجْرَهُ)، أَوْ عَوَّضَ الْمَأْخُوذَ کَاللَّبَنِ، (وَتَقَاصَّا) وَ رَجَعَ ذُو الْفَضْلِ بِفَضْلِهِ.

وَقِیلَ: تَکُونُ النَّفَقَهُ فِی مُقَابَلَهِ الرُّکُوبِ وَ اللَّبَنِ مُطْلَقًا، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ حَمَلَتْ عَلَی الْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ وَ الْإِنْفَاقِ مَعَ تَسَاوِی الْحَقَّیْنِ وَ رَجَّحَ فِی الدُّرُوسِ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ بِمَا یُخَافُ فَوْتُهُ عَلَی الْمَالِکِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِئْذَانِهِ وَ اسْتِئْذَانِ الْحَاکِمِ.

وَهُوَ حَسَنٌ

الرَّابِعَهُ-

یَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِاسْتِقْلَالُ بِالِاسْتِیفَاءِ) إذَا لَمْ یَکُنْ وَکِیلًا (لَوْ خَافَ جُحُودَ الْوَارِثِ) وَ لَا بَیِّنَهَ لَهُ عَلَی الْحَقِّ (إذْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ مَعَ یَمِینِهِ فِی عَدَمِ الدَّیْنِ وَ عَدَمِ الرَّهْنِ) لَوْ ادَّعَی الْمُرْتَهِنُ الدَّیْنَ وَ الرَّهْنَ.

وَالْمَرْجِعُ فِی الْخَوْفِ إلَی الْقَرَائِنِ الْمُوجِبَهِ لِلظَّنِّ الْغَالِبِ بِجُحُودِهِ وَ کَذَا یَجُوزُ لَهُ ذَلِکَ لَوْ خَافَ جُحُودَ الرَّاهِنِ وَ لَمْ یَکُنْ وَکِیلًا وَ لَوْ کَانَ لَهُ بَیِّنَهٌ مَقْبُولَهٌ عِنْدَ الْحَاکِمِ لَمْ یَجُزْ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِدُونِ إذْنِهِ وَ لَا یَلْحَقُ بِخَوْفِ الْجُحُودِ احْتِیَاجُهُ إلَی الْیَمِینِ لَوْ اعْتَرَفَ؛ لِعَدَمِ التَّضَرُّرِ بِالْیَمِینِ الصَّادِقِ وَ إِنْ کَانَ تَرْکُهُ تَعْظِیمًا لِلَّهِ أَوْلَی

(الْخَامِسَهُ -

لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا) بِدُونِ الْإِذْنِ (تَوَقَّفَ عَلَی إجَازَهِ الْآخَرِ)، فَإِنْ کَانَ الْبَائِعُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ إجَازَتِهِ بَطَلَ الرَّهْنُ مِنْ الْعَیْنِ وَ الثَّمَنِ، إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ کَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا، سَوَاءٌ کَانَ الدَّیْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا فَیَلْزَمُ الشَّرْطُ وَ إِنْ کَانَ الْبَائِعُ الْمُرْتَهِنُ کَذَلِکَ بَقِیَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَ لَیْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِیهِ إذَا کَانَ حَقُّهُ مُؤَجَّلًا إلَی أَنْ یَحِلَّ ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ جِنْسًا وَوَصْفًا صَحَّ وَ إِلَّا کَانَ کَالرَّهْنِ. (وَ کَذَا عِتْقُ الرَّاهِنِ) یَتَوَقَّفُ عَلَی إجَازَهِ الْمُرْتَهِنِ فَیَبْطُلُ بِرَدِّهِ وَ یَلْزَمُ بِإِجَازَتِهِ، أَوْ سُکُوتِهِ إلَی أَنْ فَکَّ الرَّهْنَ بِأَحَدِ أَسْبَابِهِ.

وَقِیلَ: یَقَعُ الْعِتْقُ بَاطِلًا بِدُونِ الْإِذْنِ السَّابِقِ، نَظَرًا إلَی کَوْنِهِ لَا یَقَعُ مَوْقُوفًا، (لَا) إذَا أَعْتَقَ (الْمُرْتَهِنُ) فَإِنَّ الْعِتْقَ یَقَعُ بَاطِلًا قَطْعًا مَتَی لَمْ یَسْبِقْ الْإِذْنُ، إذْ لَا عِتْقَ إلَّا فِی مِلْکٍ وَ لَوْ سَبَقَ و کان الْعِتْقُ عَنْ الرَّاهِنِ، أَوْ مُطْلَقًا صَحَّ وَ لَوْ کَانَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ أَیْضًا وَ یَنْتَقِلُ مِلْکُهُ إلَی الْمُعْتَقِ قَبْلَ إیقَاعِ الصِّیغَهِ الْمُقْتَرِنَهِ بِالْإِذْنِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْمَأْذُونِینَ فِیهِ. (وَ لَوْ وَطِئَهَا الرَّاهِنُ) بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ بِدُونِهِ وَ إِنْ فَعَلَ مُحَرَّمًا (صَارَتْ مُسْتَوْلَدَهً مَعَ الْإِحْبَالِ)، لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْکِهِ بِالرَّهْنِ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِیهَا (و قد سَبَقَ) فِی شَرَائِطِ الْمَبِیعِ (جَوَازُ بَیْعِهَا حِینَئِذٍ)؛ لِسَبْقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَی الِاسْتِیلَادِ الْمَانِعِ مِنْهُ.

وَقِیلَ: یُمْنَعُ مُطْلَقًا؛ لِلنَّهْیِ عَنْ بَیْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ الْمُتَنَاوِلِ بِإِطْلَاقِهِ هَذَا الْفَرْدَ وَ فَصَّلَ ثَالِثٌ بِإِعْسَارِ الرَّاهِنِ فَتُبَاعُ وَ یَسَارِهِ فَتَلْزَمُهُ الْقِیمَهُ تَکُونُ رَهْنًا، جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ.

وَلِلْمُصَنِّفِ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ تَفْصِیلٌ رَابِعٌ وَ هُوَ بَیْعُهَا مَعَ وَطْئِهِ بِغَیْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَ مَنْعُهُ مَعَ وُقُوعِهِ بِإِذْنِهِ.

وَکَیْفَ کَانَ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ بِالْوَطْءِ وَ لَا بِالْحَبَلِ، بَلْ یَمْتَنِعُ الْبَیْعُ مَا دَامَ الْوَلَدُ حَیًّا؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ طَارِئٌ، فَإِنْ مَاتَ بِیعَتْ لِلرَّهْنِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، (وَ لَوْ وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ زَانٍ)، لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَهَ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ.

(فَإِنْ أَکْرَهَهَا فَعَلَیْهِ الْعُشْرُ إنْ کَانَتْ بِکْرًا وَ إِلَّا) تَکُنْ بِکْرًا (فَنِصْفُهُ)، لِلرِّوَایَهِ وَ الشُّهْرَهِ.

(وَ قِیلَ: مَهْرُ الْمِثْلِ)؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الْوَطْءِ شَرْعًا.

وَلِلْمُصَنِّفِ فِی بَعْضِ حَوَاشِیهِ قَوْلٌ بِتَخَیُّرِ الْمَالِکِ بَیْنَ الْأَمْرَیْنِ وَ یَجِبُ مَعَ ذَلِکَ أَرْشُ الْبَکَارَهِ وَ لَا یَدْخُلُ فِی الْمَهْرِ وَ لَا الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ جِنَایَهٍ وَ عِوَضُ جُزْءٍ فَائِتٍ وَ الْمَهْرُ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ عِوَضُ الْوَطْءِ.

وَلَا یُشْکِلُ بِأَنَّ الْبَکَارَهَ إذَا أُخِذَ أَرْشُهَا صَارَتْ ثَیِّبًا فَیَنْبَغِی أَنْ یَجِبَ مَهْرُ الثَّیِّبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَدَقَ وَطْؤُهَا بِکْرًا وَ فَوَّتَ مِنْهَا جُزْءًا فَیَجِبُ عِوَضُ کُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عِوَضُ جُزْءٍ وَ الْآخَرُ، عِوَضُ مَنْفَعَهٍ.

(وَ إِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا شَیْءَ)، لِأَنَّهَا بَغِیٌّ وَ لَا مَهْرَ لِبَغِیٍّ و فیه أَنَّ الْأَمَهَ لَا تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ وَ لَا تَمْلِکُهُ فَلَا یُنَافِی ثُبُوتَهُ لِسَیِّدِهَا مَعَ کَوْنِ التَّصَرُّفِ فِی مِلْکِهِ بِغَیْرِ إذْنِهِ { وَ لَا تَزِرُ وَازِرَهٌ وِزْرَ أُخْرَی }.

وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِهِ عَلَیْهِ مُطْلَقًا أَقْوَی، مُضَافًا إلَی أَرْشِ الْبَکَارَهِ کَمَا مَرَّ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ

السَّادِسَهُ -

الرَّهْنُ لَازِمٌ مِنْ جِهَهِ الرَّاهِنِ حَتَّی یَخْرُجَ عَنْ الْحَقِّ) بِأَدَائِهِ وَ لَوْ مِنْ مُتَبَرِّعِ غَیْرِهِ.

وَفِی حُکْمِهِ ضَمَانُ الْغَیْرِ لَهُ مَعَ قَبُولِ الْمُرْتَهِنِ وَ الْحَوَالَهُ بِهِ وَ إِبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ مِنْهُ.

وَفِی حُکْمِهِ الْإِقَالَهُ الْمُسْقِطَهُ لِلثَّمَنِ الْمَرْهُونِ بِهِ، أَوْ لِلْمُثْمَنِ الْمُسَلَّمِ فِیهِ الْمَرْهُونُ بِهِ.

وَالضَّابِطُ بَرَاءَهُ ذِمَّهِ الرَّاهِنِ مِنْ جَمِیعِ الدَّیْنِ وَ لَوْ خَرَجَ مِنْ بَعْضِهِ فَفِی خُرُوجِ الرَّهْنِ أَجْمَعَ، أَوْ بَقَائِهِ کَذَلِکَ، أَوْ بِالنِّسْبَهِ أَوْجُهٌ وَ یَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ بَقَاؤُهُ أَجْمَعَ وَ بِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ وَ لَوْ شَرَطَ کَوْنَهُ رَهْنًا عَلَی الْمَجْمُوعِ خَاصَّهً تَعَیَّنَ الْأَوَّلُ، کَمَا أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ رَهْنًا عَلَی کُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَالثَّانِی.

وَحَیْثُ یُحْکَمُ بِخُرُوجِهِ عَنْ الرِّهَانَهِ (فَیَبْقَی أَمَانَهً فِی یَدِ الْمُرْتَهِنِ) مَالِکِیَّهً لَا یَجِبُ تَسْلِیمُهُ إلَّا مَعَ الْمُطَالَبَهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِإِذْنِهِ و قد کَانَ وَثِیقَهً وَ أَمَانَهً، فَإِذَا انْتَفَی الْأَوَّلُ بَقِیَ الثَّانِی وَ لَوْ کَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْحَقِّ بِإِبْرَاءِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَیْرِ عِلْمِ الرَّاهِنِ وَجَبَ عَلَیْهِ إعْلَامُهُ بِهِ، أَوْ رَدَّ الرَّهْنَ، بِخِلَافٍ مَا إذَا عَلِمَ.

(وَ لَوْ شَرَطَ کَوْنَهُ مَبِیعًا عِنْدَ الْأَجَلِ بَطَلَا) الرَّهْنُ وَ الْبَیْعُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا یُؤَقَّتُ وَ الْبَیْعَ لَا یُعَلَّقُ، (وَ) لَوْ قَبَضَهُ کَذَلِکَ (ضَمِنَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ) لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ بَیْعٌ فَاسِدٌ وَ صَحِیحُهُ مَضْمُونٌ، فَفَاسِدُهُ کَذَلِکَ، (لَا قَبْلَهُ)، لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ رَهْنٌ فَاسِدٌ وَ صَحِیحُهُ غَیْرُ مَضْمُونٍ فَفَاسِدُهُ کَذَلِکَ، قَاعِدَهٌ مُطَّرِدَهٌ وَ لَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ عِلْمِهِمَا بِالْفَسَادِ وَ جَهْلِهِمَا وَ التَّفْرِیقِ.

السَّابِعَهُ -

یَدْخُلُ النَّمَاءُ الْمُتَجَدِّدُ) الْمُنْفَصِلُ کَالْوَلَدِ وَ الثَّمَرَهِ (فِی الرَّهْنِ عَلَی الْأَقْرَبِ)، بَلْ قِیلَ: إنَّهُ إجْمَاعٌ؛ وَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّمَاءِ تَبَعِیَّهُ الْأَصْلِ، (إلَّا مَعَ شَرْطِ عَدَمِ الدُّخُولِ) فَلَا إشْکَالَ حِینَئِذٍ فِی عَدَمِ دُخُولِهِ، عَمَلًا بِالشَّرْطِ، کَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ دُخُولَهُ ارْتَفَعَ الْإِشْکَالُ وَ قِیلَ: لَا یَدْخُلُ بِدُونِهِ لِلْأَصْلِ وَ مَنْعُ الْإِجْمَاعِ وَ التَّبَعِیَّهِ فِی الْمِلْکِ، لَا فِی مُطْلَقِ الْحُکْمِ وَ هُوَ أَظْهَرُ وَ لَوْ کَانَ مُتَّصِلًا کَالطُّولِ وَ السِّمَنِ دَخَلَ إجْمَاعًا.

الثَّامِنَهُ -

یَنْتَقِلُ حَقُّ الرِّهَانَهِ إلَی الْوَارِثِ بِالْمَوْتِ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَی لُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ طَرَفِ الرَّاهِنِ؛ وَ لِأَنَّهُ وَثِیقَهٌ عَلَی الدَّیْنِ فَیَبْقَی مَا بَقِیَ مَا لَمْ یُسْقِطْهُ الْمُرْتَهِنُ، (لَا الْوَکَالَهُ وَ الْوَصِیَّهُ) لِأَنَّهُمَا إذْنٌ فِی التَّصَرُّفِ یَقْتَصِرُ بِهِمَا عَلَی مَنْ أَذِنَ لَهُ فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ کَنَظَائِرِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَهِ بِمُبَاشِرٍ مُعَیَّنٍ، (إلَّا مَعَ الشَّرْطِ) بِأَنْ یَکُونَ لِلْوَارِثِ بَعْدَهُ، أَوْ لِغَیْرِهِ فَیَلْزَمُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ (وَلِلرَّاهِنِ الِامْتِنَاعُ مِنْ اسْتِئْمَانِ الْوَارِثِ) وَ إِنْ شَرَطَ لَهُ وَکَالَهَ الْبَیْعِ وَ الِاسْتِیفَاءِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِتَسْلِیمِ الْمُوَرِّثِ لَا یَقْتَضِیهِ وَ لِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فِیهِ (وَبِالْعَکْسِ) لِلْوَارِثِ الِامْتِنَاعُ مِنْ اسْتِئْمَانِ الرَّاهِنِ عَلَیْهِ (فَلْیَتَّفِقَا عَلَی أَمِینٍ) یَضَعَانِهِ تَحْتَ یَدِهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ عَدْلًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا یَعْدُوهُمَا فَیَتَقَیَّدُ بِرِضَاهُمَا، (وَ إِلَّا) یَتَّفِقَا (فَالْحَاکِمُ) یُعَیِّنُ لَهُ عَدْلًا یَقْبِضُهُ لَهُمَا وَ کَذَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَلِوَرَثَتِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ إبْقَائِهِ فِی یَدِ الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّهُ فِی الْقَبْضِ بِمَنْزِلَهِ الْوَکِیلِ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَکِّلِ وَ إِنْ کَانَتْ مَشْرُوطَهً فِی عَقْدٍ لَازِمٍ، إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ اسْتِمْرَارَ الْوَضْعِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَیَکُونُ بِمَنْزِلَهِ الْوَصِیِّ فِی الْحِفْظِ.

التَّاسِعَهُ -

لَا یَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ) الرَّهْنَ إذَا تَلِفَ فِی یَدِهِ، (إلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِیطٍ) وَ لَا یَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَیْءٌ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ تَعَدَّی فِیهِ، أَوْ فَرَّطَ ضَمِنَهُ (فَتَلْزَمُ قِیمَتُهُ یَوْمَ تَلَفِهِ) إنْ کَانَ قِیَمِیًّا (عَلَی الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ وَقْتَ الِانْتِقَالِ إلَی الْقِیمَهِ وَ الْحَقُّ قَبْلَهُ کَانَ مُنْحَصِرًا فِی الْعَیْنِ وَ إِنْ کَانَتْ مَضْمُونَهً.

وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اعْتِبَارُ قِیمَتِهِ یَوْمِ الْقَبْضِ، أَوْ أَعْلَی الْقِیَمِ مِنْ یَوْمِ الْقَبْضِ إلَی یَوْمِ التَّلَفِ، أَوْ مِنْ حِینِ التَّلَفِ إلَی حِینِ الْحُکْمِ عَلَیْهِ بِالْقِیمَهِ کَالْغَاصِبِ.

وَیَضْعُفُ بِأَنَّهُ قَبْلَ التَّفْرِیطِ غَیْرُ مَضْمُونٍ فَکَیْفَ تُعْتَبَرُ قِیمَتُهُ فِیهِ وَ بِأَنَّ الْمُطَالَبَهَ لَا دَخْلَ لَهَا فِی ضَمَانِ الْقِیَمِیِّ (فَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ مُطْلَقًا) هَذَا إذَا کَانَ الِاخْتِلَافُ بِسَبَبِ السُّوقِ، أَوْ نَقْصٍ فِی الْعَیْنِ غَیْرِ مَضْمُونٍ، أَمَّا لَوْ نَقَصَتْ الْعَیْنُ بَعْدَ التَّفْرِیطِ بِهُزَالٍ وَ نَحْوِهِ، ثُمَّ تَلِفَ اُعْتُبِرَ أَعْلَی الْقِیَمِ الْمَنْسُوبَهِ إلَی الْعَیْنِ مِنْ حِینِ التَّفْرِیطِ إلَی التَّلَفِ وَ لَوْ کَانَ مِثْلِیًّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ إنْ وُجِدَ وَ إِلَّا فَقِیمَهُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَی الْأَقْوَی؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَهُ إنَّمَا کَانَ الْمِثْلُ وَ إِنْ کَانَ مُتَعَذَّرًا وَ انْتِقَالُهُ إلَی الْقِیمَهِ بِالْمُطَالَبَهِ، بِخِلَافِ الْقِیَمِیِّ لِاسْتِقْرَارِهَا فِی الذِّمَّهِ مِنْ حِینِ التَّلَفِ مُطْلَقًا.

(وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی الْقِیمَهِ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ)، لِأَنَّهُ الْمُنْکِرُ وَ الْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزَّائِدِ.

وَقِیلَ: الرَّاهِنُ، نَظَرًا إلَی کَوْنِ الْمُرْتَهِنِ صَارَ خَائِنًا بِتَفْرِیطِهِ فَلَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ.

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ مِنْ جِهَهِ إنْکَارِهِ، لَا مِنْ حَیْثُ کَوْنُهُ أَمِینًا، أَوْ خَائِنًا

الْعَاشِرَهُ -

لَوْ اخْتَلَفَا فِی) قَدْرِ (الْحَقِّ الْمَرْهُونِ بِهِ، حَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَی الْأَقْرَبِ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزِّیَادَهِ وَ بَرَاءَهِ ذِمَّتِهِ مِنْهَا؛ وَ لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ وَ لِلرِّوَایَهِ.

وَقِیلَ: قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ضَعِیفَهٍ، (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی الرَّهْنِ الْوَدِیعَهِ) بِأَنْ قَالَ الْمَالِکُ: هُوَ وَدِیعَهٌ و قال الْمُمْسِکُ: هُوَ رَهْنٌ (حَلَفَ الْمَالِکُ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ الرَّهْنِ؛ وَ لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ وَ لِلرِّوَایَهِ الصَّحِیحَهِ.

وَقِیلَ: یَحْلِفُ الْمُمْسِکُ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ضَعِیفَهٍ.

وَقِیلَ: الْمُمْسِکُ إنْ اعْتَرَفَ لَهُ الْمَالِکُ بِالدَّیْنِ وَ الْمَالِکُ إنْ أَنْکَرَهُ جَمْعًا بَیْنَ الْأَخْبَارِ وَ لِلْقَرِینَهِ.

وَضَعْفُ الْمُقَابِلِ یَمْنَعُ مِنْ تَخْصِیصِ الْآخَرِ (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی عَیْنِ الرَّهْنِ) فَقال:

رَهَنْتُک الْعَبْدَ فَقال:

بَلْ الْجَارِیَهَ (حَلَفَ الرَّاهِنُ) خَاصَّهً (وَبَطَلَا)؛ لِانْتِفَاءِ مَا یَدَّعِیهِ الرَّاهِنُ بِإِنْکَارِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِهِ فَیَبْطُلُ بِإِنْکَارِهِ، لَوْ کَانَ حَقًّا وَ انْتِفَاءُ مَا یَدَّعِیهِ الْمُرْتَهِنُ بِحَلِفِ الرَّاهِنِ.

(وَ لَوْ کَانَ) الرَّهْنُ (مَشْرُوطًا فِی عَقْدٍ لَازِمٍ تَحَالَفَا)؛ لِأَنَّ إنْکَارَ الْمُرْتَهِنِ هُنَا یَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الرَّاهِنِ حَیْثُ إنَّهُ یَدَّعِی عَدَمَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ الَّذِی هُوَ رُکْنٌ مِنْ أَرْکَانِ ذَلِکَ الْعَقْدِ اللَّازِمِ فَیَرْجِعُ الِاخْتِلَافُ إلَی تَعْیِینِ الثَّمَنِ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ مِنْ مُکَمِّلَاتِهِ فَکُلٌّ یَدَّعِی ثَمَنًا غَیْرَ مَا یَدَّعِیهِ الْآخَرُ فَإِذَا تَحَالَفَا بَطَلَ الرَّهْنُ وَ فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الْعَقْدَ الْمَشْرُوطَ فِیهِ إنْ شَاءَ وَ لَمْ یُمْکِنْ اسْتِدْرَاکُهُ کَمَا لَوْ مَضَی الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ لَهُ وَ قِیلَ: یُقَدَّمُ قَوْلُ الرَّاهِنِ کَالْأَوَّلِ

الْحَادِیَهَ عَشْرَهَ -

لَوْ أَدَّی دَیْنًا وَ عَیَّنَ بِهِ رَهْنًا) بِأَنْ کَانَ عَلَیْهِ دُیُونٌ وَ عَلَی کُلِّ وَاحِدٍ رَهْنٌ خَاصٌّ فَقَصَدَ بِالْمُؤَدَّی أَحَدَ الدُّیُونِ بِخُصُوصِهِ لِیَفُکَّ رَهْنًا (فَذَاکَ) هُوَ الْمُتَعَیِّنُ، لِأَنَّ مَرْجِعَ التَّعْیِینِ إلَی قَصْدِ الْمُؤَدِّی، (وَ إِنْ أَطْلَقَ) وَ لَمْ یُسَمِّ أَحَدَهَا لَفْظًا لَکِنْ قَصَدَهُ (فَتَخَالَفَا فِی الْقَصْدِ) فَادَّعَی کُلٌّ مِنْهُمَا قَصْدَ الدَّافِعِ دَیْنًا غَیْرَ الْآخَرِ (حَلَفَ الدَّافِعُ) عَلَی مَا ادَّعَی قَصْدَهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَصْدِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ وَ إِنَّمَا اُحْتِیجَ إلَی الْیَمِینِ مَعَ أَنَّ مَرْجِعَ النِّزَاعِ إلَی قَصْدِ الدَّافِعِ وَ دَعْوَی الْغَرِیمِ الْعِلْمَ بِهِ غَیْرُ مَعْقُولٍ، لِإِمْکَانِ اطِّلَاعِهِ عَلَیْهِ بِإِقْرَارِ الْقَاصِدِ وَ لَوْ تَخَالَفَا فِیمَا تَلَفَّظَ بِإِرَادَتِهِ فَکَذَلِکَ.

وَیُمْکِنُ رَدُّهُ إلَی مَا ذَکَرَهُ مِنْ التَّخَالُفِ فِی الْقَصْدِ، إذْ الْعِبْرَهُ بِهِ وَ اللَّفْظُ کَاشِفٌ عَنْهُ.

(وَ کَذَا لَوْ کَانَ عَلَیْهِ دَیْنٌ خَالٍ) عَنْ الرَّهْنِ وَ آخَرُ بِهِ رَهْنٌ (فَادَّعَی الدَّفْعَ عَنْ الْمَرْهُونِ بِهِ) لِیَفُکَّ الرَّهْنَ وَ ادَّعَی الْغَرِیمُ الدَّفْعَ عَنْ الْخَالِی لِیَبْقَی الرَّهْنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ مَعَ یَمِینِهِ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ یَرْجِعُ إلَی قَصْدِهِ الَّذِی لَا یُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ کَالْأَوَّلِ

الثَّانِیَهَ عَشْرَهَ -

لَوْ اخْتَلَفَا فِیمَا یُبَاعُ بِهِ الرَّهْنُ) فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ بَیْعَهُ بِنَقْدٍ وَ الرَّاهِنُ بِغَیْرِهِ (بِیعَ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ)، سَوَاءٌ وَافَقَ مُرَادَ أَحَدِهِمَا أَمْ خَالَفَهُمَا وَ الْبَائِعُ الْمُرْتَهِنُ إنْ کَانَ وَکِیلًا وَ الْغَالِبُ مُوَافِقٌ لِمُرَادِهِ، أَوْ رَجَعَ إلَی الْحَقِّ وَ إِلَّا فَالْحَاکِمُ، (فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ بِیعَ بِمُشَابِهِ الْحَقِّ) مِنْهُمَا إنْ اتَّفَقَ، (فَإِنْ بَایَنَهُمَا عَیَّنَ الْحَاکِمُ) إنْ امْتَنَعَا مِنْ التَّعْیِینِ.

وَإِطْلَاقُ الْحُکْمِ بِالرُّجُوعِ إلَی تَعْیِینِ الْحَاکِمِ یَشْمَلُ مَا لَوْ کَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ إلَی الصَّرْفِ إلَی الْحَقِّ وَ عَدَمِهِ وَ فِی الدُّرُوسِ: لَوْ کَانَ أَحَدُهُمَا - وَعَنَی بِهِ الْمُتَبَایِنَیْنِ - أَسْهَلَ صَرْفًا إلَی الْحَقِّ تَعَیَّنَ وَ هُوَ حَسَنٌ.

وَفِی التَّحْرِیرِ: لَوْ بَایَنَاهُ بِیعَ بِأَوْفَرِهِمَا حَظًّا.

وَهُوَ أَحْسَنُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا کَانَ عُسْرُ الصَّرْفِ أَصْلَحَ لِلْمَالِکِ وَ حَیْثُ یُبَاعُ بِغَیْرِ مُرَادِهِ یَنْبَغِی مُرَاعَاهُ الْحَظِّ لَهُ کَغَیْرِهِ مِمَّنْ یَلِی عَلَیْهِ الْحَاکِمُ

17 کتاب الحجر

المدخل

(17) کتاب الحجر

کِتَابُ الْحَجْرِ (وَأَسْبَابُهُ سِتَّهٌ)

بِحَسَبِ مَا جَرَتْ الْعَادَهُ بِذِکْرِهِ فِی هَذَا الْبَابِ وَ إِلَّا فَهِیَ أَزْیَدُ مِنْ ذَلِکَ مُفَرَّقَهٌ فِی تَضَاعِیفِ الْکِتَابِ، کَالْحَجْرِ عَلَی الرَّاهِنِ فِی الْمَرْهُونِ وَ عَلَی الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَ عَلَی الْبَائِعِ فِی الثَّمَنِ الْمُعَیَّنِ قَبْلَ تَسْلِیمِ الْمَبِیعِ وَ عَلَی الْمُکَاتَبِ فِی کَسْبِهِ لِغَیْرِ الْأَدَاءِ وَ النَّفَقَهِ وَ عَلَی الْمُرْتَدِّ الَّذِی یُمْکِنُ عَوْدُهُ إلَی الْإِسْلَامِ.

وَالسِّتَّهُ الْمَذْکُورَهُ هُنَا هِیَ: (الصِّغَرُ.

وَالْجُنُونُ.

وَالرِّقُّ.

وَالْفَلَسُ.

وَالسَّفَهُ.

وَالْمَرَضُ) الْمُتَّصِلُ بِالْمَوْتِ

وَیَمْتَدُّ حَجْرُ الصَّغِیرِ حَتَّی یَبْلُغَ

(وَیَمْتَدُّ حَجْرُ الصَّغِیرِ حَتَّی یَبْلُغَ) بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْمَذْکُورَهِ فِی کِتَابِ الصَّوْمِ

، (وَیَرْشُدَ، بِأَنْ یُصْلِحَ مَالَهُ) بِحَیْثُ یَکُونُ لَهُ مَلَکَهٌ نَفْسَانِیَّهٌ تَقْتَضِی إصْلَاحَهُ وَ تَمْنَعُ إفْسَادَهُ وَ صَرْفَهُ فِی غَیْرِ الْوُجُوهِ اللَّائِقَهِ بِأَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ، لَا مُطْلَقَ الْإِصْلَاحِ، فَإِذَا تَحَقَّقَتْ الْمَلَکَهُ الْمَذْکُورَهُ مَعَ الْبُلُوغِ ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ (وَ إِنْ کَانَ فَاسِقًا) عَلَی الْمَشْهُورِ؛ لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِدَفْعِ أَمْوَالِ الْیَتَامَی إلَیْهِمْ بِإِینَاسِ الرُّشْدِ مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ مَعَهُ.

وَالْمَفْهُومُ مِنْ الرُّشْدِ عُرْفًا هُوَ إصْلَاحُ الْمَالِ عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکُورِ وَ إِنْ کَانَ فَاسِقًا.

وَقِیلَ: یُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِکَ الْعَدَالَهُ فَلَوْ کَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ غَیْرَ عَدْلٍ فِی دِینِهِ لَمْ یَرْتَفِعْ عَنْهُ الْحَجْرُ، لِلنَّهْیِ عَنْ إیتَاءِ السُّفَهَاءِ الْمَالَ وَ مَا رُوِیَ أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ سَفِیهٌ وَ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الرُّشْدَ هُوَ الْوَقَارُ وَ الْحِلْمُ وَ الْعَقْلُ.

وَإِنَّمَا یُعْتَبَرُ عَلَی الْقَوْلِ بِهَا فِی الِابْتِدَاءِ، لَا فِی الِاسْتِدَامَهِ، فَلَوْ عَرَضَ الْفِسْقُ بَعْدَ الْعَدَالَهِ قَالَ الشَّیْخُ: الْأَحْوَطُ أَنْ یُحْجَرَ عَلَیْهِ.

مَعَ أَنَّهُ شَرَطَهَا ابْتِدَاءً وَ یَتَوَجَّهُ عَلَی ذَلِکَ أَنَّهَا لَوْ کَانَتْ شَرْطًا فِی الِابْتِدَاءِ لَاعْتُبِرَتْ بَعْدَهُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِی (وَیُخْتَبَرُ) مَنْ یُرَادُ مَعْرِفَهُ رُشْدِهِ (بِمَا یُلَائِمُهُ) مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَ الْأَعْمَالِ، لِیَظْهَرَ اتِّصَافُهُ بِالْمَلَکَهِ وَ عَدَمُهُ، فَمَنْ کَانَ مِنْ أَوْلَادِ التُّجَّارِ فُوِّضَ إلَیْهِ الْبَیْعُ وَ الشِّرَاءُ بِمَعْنَی مُمَاکَسَتِهِ فِیهِمَا عَلَی وَجْهِهِمَا وَ یُرَاعَی إلَی أَنْ یُتِمَّ مُسَاوَمَتَهُ ثُمَّ یَتَوَلَّاهُ الْوَلِیُّ إنْ شَاءَ، فَإِذَا تَکَرَّرَ مِنْهُ ذَلِکَ وَ سَلِمَ مِنْ الْغَبْنِ وَ التَّضْیِیعِ فِی غَیْرِ وَجْهِهِ فَهُوَ رَشِیدٌ.

وَإِنْ کَانَ مِنْ أَوْلَادِ مَنْ یُصَانُ عَنْ ذَلِکَ اُخْتُبِرَ بِمَا یُنَاسِبُ حَالَ أَهْلِهِ، إمَّا بِأَنْ یُسَلِّمَ إلَیْهِ نَفَقَهٌ مُدَّهً لِیُنْفِقَهَا فِی مَصَالِحِهِ، أَوْ مَوَاضِعِهَا الَّتِی عُیِّنَتْ لَهُ، أَوْ بِأَنْ یَسْتَوْفِیَ الْحِسَابَ عَلَی مُعَامِلِیهِمْ، أَوْ نَحْوُ ذَلِکَ، فَإِنْ وَفَّی بِالْأَفْعَالِ الْمُلَائِمَهِ فَهُوَ رَشِیدٌ وَ مِنْ تَضْیِیعِهِ: إنْفَاقُهُ فِی الْمُحَرَّمَاتِ وَ الْأَطْعِمَهِ النَّفِیسَهِ الَّتِی لَا تَلِیقُ بِحَالِهِ بِحَسَبِ وَقْتِهِ وَ بَلَدِهِ وَ شَرَفِهِ وَ ضَعَتِهِ.

وَالْأَمْتِعَهُ وَ اللِّبَاسُ کَذَلِکَ.

وَأَمَّا صَرْفُهُ فِی وُجُوهِ الْخَیْرِ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَ إِقْرَاءِ الضَّیْفِ فَالْأَقْوَی أَنَّهُ غَیْرُ قَادِحٍ مُطْلَقًا، إذْ لَا سَرَفَ فِی الْخَیْرِ، کَمَا لَا خَیْرَ فِی السَّرَفِ وَ إِنْ کَانَ أُنْثَی اُخْتُبِرَتْ بِمَا یُنَاسِبُهَا مِنْ الْأَعْمَالِ کَالْغَزْلِ وَ الْخِیَاطَهِ وَ شِرَاءِ آلَاتِهِمَا الْمُعْتَادَهِ لِأَمْثَالِهِمَا بِغَیْرِ غَبْنٍ وَ حِفْظِ مَا یَحْصُلُ فِی یَدِهَا مِنْ ذَلِکَ وَ الْمُحَافَظَهِ عَلَی أُجْرَهِ مِثْلِهَا إنْ عَمِلَتْ لِلْغَیْرِ وَ حِفْظِ مَا تَلِیهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَیْتِ وَ وَضْعِهِ عَلَی وَجْهِهِ، وَصَوْنِ أَطْعِمَتِهِ الَّتِی تَحْتَ یَدِهَا عَنْ مِثْلِ الْهِرَّهِ وَ الْفَأْرِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ، فَإِذَا تَکَرَّرَ ذَلِکَ عَلَی وَجْهِ الْمَلَکَهِ ثَبَتَ الرُّشْدُ وَ إِلَّا فَلَا.

وَلَا یَقْدَحُ فِیهَا وُقُوعُ مَا یُنَافِیهَا نَادِرًا مِنْ الْغَلَطِ وَ الِانْخِدَاعِ فِی بَعْضِ الْأَحْیَانِ، لِوُقُوعِهِ کَثِیرًا مِنْ الْکَامِلِینَ.

وَوَقْتُ الِاخْتِبَارِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآیَهِ. (وَیَثْبُتُ الرُّشْدُ) لِمَنْ لَمْ یُخْتَبَرْ (بِشَهَادَهِ النِّسَاءِ فِی النِّسَاءِ لَا غَیْرُ) لِسُهُولَهِ إطْلَاعِهِنَّ عَلَیْهِنَّ غَالِبًا، عَکْسُ الرِّجَالِ، (وَبِشَهَادَهِ الرِّجَالِ مُطْلَقًا) ذَکَرًا کَانَ الْمَشْهُودُ عَلَیْهِ أَمْ أُنْثَی، لِأَنَّ شَهَادَهَ الرِّجَالِ غَیْرُ مُقَیَّدَهٍ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِی شَهَادَهِ الرِّجَالِ اثْنَانِ وَ فِی النِّسَاءِ أَرْبَعٌ وَ یَثْبُتُ رُشْدُ الْأُنْثَی بِشَهَادَهِ رَجُلٍ وَ امْرَأَتَیْنِ أَیْضًا وَ بِشَهَادَهِ أَرْبَعِ خَنَاثَی.

وَلَا یَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِیهِ بِمَالٍ

(وَلَا یَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِیهِ بِمَالٍ)

وَیَصِحُّ بِغَیْرِهِ کَالنَّسَبِ وَ إِنْ أَوْجَبَ النَّفَقَهَ وَ فِی الْإِنْفَاقِ عَلَیْهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ بَیْتِ الْمَالِ قَوْلَانِ، أَجْوَدُهُمَا الثَّانِی وَ کَالْإِقْرَارِ بِالْجِنَایَهِ الْمُوجِبَهِ لِلْقِصَاصِ وَ إِنْ کَانَ نَفْسًا، (وَ لَا تَصَرُّفُهُ فِی الْمَالِ) إنْ نَاسَبَ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ وَ یَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِیمَا لَا یَتَضَمَّنُ إخْرَاجَ الْمَالِ کَالطَّلَاقِ وَ الظِّهَارِ وَ الْخُلْعِ.

(وَ لَا یُسَلَّمُ عِوَضُ الْخُلْعِ إلَیْهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِیٌّ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.

(وَیَجُوزُ أَنْ یَتَوَکَّلَ لِغَیْرِهِ فِی سَائِرِ الْعُقُودِ) أَیْ فِی جَمِیعِهَا.

وَإِنْ کَانَ قَدْ ضَعَّفَ إطْلَاقَهُ عَلَیْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِیَّهِ، حَتَّی عَدَّهُ فِی " " دُرَّهِ الْغَوَّاصِ " مِنْ أَوْهَامِ الْخَوَاصِّ وَ جَعَلَهُ مُخْتَصًّا بِالْبَاقِی أَخْذًا لَهُ مِنْ السُّؤْرِ وَ هُوَ الْبَقِیَّهُ وَ عَلَیْهِ جَاءَ { قَوْلُ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ لِابْنِ غَیْلَانَ لَمَّا أَسْلَمَ عَلَی عَشْرِ نِسْوَهٍ: أَمْسِکْ عَلَیْک أَرْبَعًا وَ فَارِقْ سَائِرَهُنَّ }، لَکِنْ قَدْ أَجَازَهُ بَعْضُهُمْ.

وَإِنَّمَا جَازَ تَوْکِیلُ غَیْرِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ لَیْسَتْ مَسْلُوبَهً مُطْلَقًا، بَلْ مِمَّا یَقْتَضِی التَّصَرُّفَ فِی مَالِهِ (وَیَمْتَدُّ حَجْرُ الْمَجْنُونِ) فِی التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِیَّهِ وَ غَیْرِهَا (حَتَّی یُفِیقَ) وَ یَکْمُلَ عَقْلُهُ (وَ الْوِلَایَهُ فِی مَالِهِمَا) أَیْ الصَّغِیرِ وَ الْمَجْنُونِ (لِلْأَبِ وَ الْجَدِّ) لَهُ وَ إِنْ عَلَا (فَیَشْتَرِکَانِ فِی الْوِلَایَهِ) لَوْ اجْتَمَعَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَی أَمْرٍ نَفَذَ وَ إِنْ تَعَارَضَا قُدِّمَ عَقْدُ السَّابِقِ فَإِنْ اتَّفَقَا فَفِی بُطْلَانِهِ، أَوْ تَرْجِیحِ الْأَبِ، أَوْ الْجَدِّ أَوْجُهٌ، (ثُمَّ الْوَصِیُّ) لِأَحَدِهِمَا مَعَ فَقْدِهِمَا، (ثُمَّ الْحَاکِمُ) مَعَ فَقَدْ الْوَصِیِّ.

(وَ الْوِلَایَهُ فِی مَالِ السَّفِیهِ الَّذِی لَمْ یُسْبَقْ رُشْدُهُ کَذَلِکَ) لِلْأَبِ وَ الْجَدِّ إلَی آخِرِ مَا ذَکَرَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ (فَإِنْ سَبَقَ) رُشْدُهُ وَ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهُ بِالْبُلُوغِ مَعَهُ ثُمَّ لَحِقَهُ السَّفَهُ (فَلِلْحَاکِمِ) الْوِلَایَهُ دُونَهُمْ لِارْتِفَاعِ الْوِلَایَهِ عَنْهُ بِالرُّشْدِ فَلَا تَعُودُ إلَیْهِمْ إلَّا بِدَلِیلٍ وَ هُوَ مُنْتَفٍ وَ الْحَاکِمُ وَلِیٌّ عَامٌّ لَا یَحْتَاجُ إلَی دَلِیلٍ وَ إِنْ تَخَلَّفَ فِی بَعْضِ الْمَوَارِدِ.

وَقِیلَ: الْوِلَایَهُ فِی مَالِهِ لِلْحَاکِمِ مُطْلَقًا؛ لِظُهُورِ تَوَقُّفِ الْحَجْرِ عَلَیْهِ وَ رَفْعِهِ عَلَی حُکْمِهِ فِی کَوْنِ النَّظَرِ إلَیْهِ. (وَ الْعَبْدُ مَمْنُوعٌ) مِنْ التَّصَرُّفِ (مُطْلَقًا) فِی الْمَالِ وَ غَیْرِهِ، سَوَاءٌ أَحَلَّنَا مِلْکَهُ أَمْ قُلْنَا بِهِ، عَدَا الطَّلَاقِ فَإِنَّ لَهُ إیقَاعَهُ وَ إِنْ کَرِهَ الْمَوْلَی، (وَ الْمَرِیضُ مَمْنُوعٌ مِمَّا زَادَ عَنْ الثُّلُثِ) إذَا تَبَرَّعَ بِهِ، أَمَّا لَوْ عَاوَضَ عَلَیْهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ نَفَذَ، (وَ إِنْ نُجِزْ) مَا تَبَرَّعَ بِهِ فِی مَرَضِهِ بِأَنْ وَهَبَهُ، أَوْ وَقَفَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ حَابَی بِهِ فِی بَیْعٍ، أَوْ إجَارَهٍ (عَلَی الْأَقْوَی) لِلْأَخْبَارِ الْکَثِیرَهِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ مَنْطُوقًا وَ مَفْهُومًا وَ قِیلَ یَمْضِی مِنْ الْأَصْلِ لِلْأَصْلِ وَ عَلَیْهِ شَوَاهِدُ مِنْ الْأَخْبَارِ

وَ یَثْبُتُ الْحَجْرُ عَلَی السَّفِیهِ بِظُهُورِ سَفَهِهِ

(وَیَثْبُتُ الْحَجْرُ عَلَی السَّفِیهِ بِظُهُورِ سَفَهِهِ وَ إِنْ لَمْ یَحْکُمْ الْحَاکِمُ بِهِ)

لِأَنَّ الْمُقْتَضِیَ لَهُ هُوَ السَّفَهُ، فَیَجِبُ تَحَقُّقُهُ بِتَحَقُّقِهِ وَ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَی: { فَإِنْ کَانَ الَّذِی عَلَیْهِ الْحَقُّ سَفِیهًا } حَیْثُ أَثْبَتَ عَلَیْهِ الْوِلَایَهَ بِمُجَرَّدِهِ.

(وَ لَا یَزُولُ) الْحَجْرُ عَنْهُ (إلَّا - بِحُکْمِهِ) لِأَنَّ زَوَالَ السَّفَهِ یَفْتَقِرُ إلَی الِاجْتِهَادِ وَ قِیَامِ الْأَمَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِیٌّ فَیُنَاطُ بِنَظَرِ الْحَاکِمِ.

وَقِیلَ: یَتَوَقَّفَانِ عَلَی حُکْمِهِ لِذَلِکَ.

وَقِیلَ: لَا فِیهِمَا وَ هُوَ الْأَقْوَی؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِیَ لِلْحَجْرِ هُوَ السَّفَهُ فَیَجِبُ أَنْ یَثْبُتَ بِثُبُوتِهِ وَ یَزُولَ بِزَوَالِهِ وَ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَی: { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَیْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } حَیْثُ عَلَّقَ الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ عَلَی إینَاسِ الرُّشْدِ، فَلَا یَتَوَقَّفُ عَلَی أَمْرٍ آخَرَ (وَ لَوْ عَامَلَهُ الْعَالِمُ بِحَالِهِ اسْتَعَادَ مَالَهُ) مَعَ وُجُودِهِ؛ لِبُطْلَانِ الْمُعَامَلَهِ (فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ) لِأَنَّ الْمُعَامِلَ قَدْ ضَیَّعَ مَالَهُ بِیَدِهِ، حَیْثُ سَلَّمَهُ إلَی مَنْ نَهَی اللَّهُ تَعَالَی عَنْ إیتَائِهِ وَ لَوْ کَانَ جَاهِلًا بِحَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا؛ لِعَدَمِ تَقْصِیرِهِ.

وَقِیلَ: لَا ضَمَانَ مَعَ التَّلَفِ مُطْلَقًا، لِتَقْصِیرِ مَنْ عَامَلَهُ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ.

وَفَصَّلَ ثَالِثٌ: فَحَکَمَ بِذَلِکَ مَعَ قَبْضِ السَّفِیهِ الْمَالَ بِإِذْنِ مَالِکِهِ وَ لَوْ کَانَ بِغَیْرِ إذْنِهِ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَهَ الْفَاسِدَهَ لَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهَا حُکْمٌ فَیَکُونُ قَابِضًا لِلْمَالِ بِغَیْرِ إذْنٍ، فَیَضْمَنُهُ، کَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالًا، أَوْ غَصَبَهُ بِغَیْرِ إذْنِ مَالِکِهِ.

وَهُوَ حَسَنٌ.

(وَ فِی إیدَاعِهِ، أَوْ إعَارَتِهِ، أَوْ إجَارَتِهِ فَیُتْلِفُ الْعَیْنَ نَظَرٌ) مِنْ تَفْرِیطِهِ بِتَسْلِیمِهِ و قد نَهَی اللَّهُ تَعَالَی عَنْهُ بِقوله:

{ وَ لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَکُمْ }، فَیَکُونُ بِمَنْزِلَهِ مَنْ أَلْقَی مَالَهُ فِی الْبَحْرِ وَ مِنْ عَدَمِ تَسْلِیطِهِ عَلَی الْإِتْلَافِ، لِأَنَّ الْمَالَ فِی هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَمَانَهٌ یَجِبُ حِفْظُهُ وَ الْإِتْلَافُ حَصَلَ مِنْ السَّفِیهِ بِغَیْرِ إذْنٍ فَیَضْمَنُهُ کَالْغَصْبِ وَ الْحَالُ أَنَّهُ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَ هَذَا هُوَ الْأَقْوَی (وَ لَا یَرْتَفِعُ الْحَجْرُ عَنْهُ بِبُلُوغِهِ خَمْسًا وَ عِشْرِینَ سَنَهً) إجْمَاعًا مِنَّا لِوُجُودِ الْمُقْتَضِی لِلْحَجْرِ وَ عَدَمِ صَلَاحِیَهِ هَذَا السِّنِّ لِرَفْعِهِ.

وَنَبَّهَ بِذَلِکَ، عَلَی خِلَافِ بَعْضِ الْعَامَّهِ، حَیْثُ زَعَمَ أَنَّهُ مَتَی بَلَغَ خَمْسًا وَ عِشْرِینَ سَنَهً یُفَکُّ حَجْرُهُ بِهِ وَ إِنْ کَانَ سَفِیهًا.

(وَلَا یُمْنَعُ مَنْ الْحَجِّ الْوَاجِبِ مُطْلَقًا)

سَوَاءٌ زَادَتْ نَفَقَتُهُ عَنْ نَفَقَهِ الْحَضَرِ أَمْ لَا وَ سَوَاءٌ وَجَبَ بِالْأَصْلِ أَمْ بِالْعَارِضِ کَالْمَنْذُورِ قَبْلَ السَّفَهِ، لِتَعَیُّنِهِ عَلَیْهِ و لکن لَا یُسَلَّمُ النَّفَقَهَ، بَلْ یَتَوَلَّاهَا الْوَلِیُّ، أَوْ وَکِیلُهُ، (وَ لَا) مِنْ الْحَجِّ (الْمَنْدُوبِ إذَا اسْتَوَتْ نَفَقَتُهُ) حَضَرًا وَ سَفَرًا وَ فِی حُکْمِ اسْتِوَاءِ النَّفَقَهِ مَا لَوْ تَمَکَّنَ فِی السَّفَرِ مِنْ کَسْبٍ یَجْبُرُ الزَّائِدَ بِحَیْثُ لَا یُمْکِنُ فِعْلُهُ فِی الْحَضَرِ.

(وَتَنْعَقِدُ یَمِینُهُ) لَوْ حَلَفَ، (وَیُکَفِّرُ بِالصَّوْمِ) لَوْ حَنِثَ؛ لِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِیِّ وَ مِثْلُهُ الْعَهْدُ وَ النَّذْرُ وَ إِنَّمَا یَنْعَقِدُ ذَلِکَ حَیْثُ لَا یَکُونُ مُتَعَلِّقُهُ الْمَالَ لِیُمْکِنَ الْحُکْمُ بِالصِّحَّهِ، فَلَوْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ أَنْ یَتَصَدَّقَ بِمَالِ لَمْ یَنْعَقِدْ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِیٌّ.

هَذَا مَعَ تَعَیُّنِهِ، أَمَّا لَوْ کَانَ مُطْلَقًا لَمْ یَبْعُدْ أَنْ یُرَاعَی فِی إنْفَاذِهِ الرُّشْدُ (وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ)؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ بِمَالِیٍّ، (لَا الدِّیَهِ)؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِیٌّ وَ لَهُ الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَی مَالِ، لَکِنْ لَا یُسَلَّمُ إلَیْهِ.

18 کتاب الضمان

المدخل

(18) کتاب الضمان

کِتَابُ الضَّمَانِ وَ الْمُرَادُ بِهِ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ

قَسِیمُ الْحَوَالَهِ وَ الْکَفَالَهِ، لَا الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لَهُمَا (وَ هُوَ التَّعَهُّدُ بِالْمَالِ) أَیْ الِالْتِزَامُ بِهِ (مِنْ الْبَرِیءِ) مِنْ مَالٍ مُمَاثِلٍ لِمَا ضَمِنَهُ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ.

وَبِقَیْدِ الْمَالِ خَرَجَتْ الْکَفَالَهُ فَإِنَّهَا تَعَهُّدٌ بِالنَّفْسِ وَ بِالْبَرِیءِ الْحَوَالَهُ بِنَاءً عَلَی اشْتِرَاطِهَا بِشَغْلِ ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ لِلْمُحِیلِ بِمَا أَحَالَ بِهِ (وَیُشْتَرَطُ کَمَالُهُ) أَیْ کَمَالُ الضَّامِنِ الْمَدْلُولِ عَلَیْهِ بِالْمَصْدَرِ، أَوْ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمَقَامِ، (وَحُرِّیَّتُهُ) فَلَا یَصِحُّ ضَمَانُ الْعَبْدِ فِی الْمَشْهُورِ، لِأَنَّهُ لَا یَقْدِرُ عَلَی شَیْءٍ.

وَقِیلَ: یَصِحُّ وَ یُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (إلَّا أَنْ یَأْذَنَ الْمَوْلَی فَیَثْبُتُ) الْمَالُ (فِی ذِمَّهِ الْعَبْدِ)، لَا فِی مَالِ الْمَوْلَی لِأَنَّ إطْلَاقَ الضَّمَانِ أَعَمُّ مِنْ کُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا یَدُلُّ عَلَی الْخَاصِّ وَ قِیلَ: یَتَعَلَّقُ بِکَسْبِهِ حَمْلًا عَلَی الْمَعْهُودِ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِی یَسْتَعْقِبُ الْأَدَاءَ وَ رُبَّمَا قِیلَ بِتَعَلُّقِهِ بِمَالِ الْمَوْلَی مُطْلَقًا، کَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالِاسْتِدَانَهِ وَ هُوَ مُتَّجَهٌ، (إلَّا أَنْ یُشْتَرَطَ کَوْنُهُ مِنْ مَالِ الْمَوْلَی) فَیَلْزَمُ بِحَسَبِ مَا شُرِطَ وَ یَکُونُ حِینَئِذٍ کَالْوَکِیلِ وَ لَوْ شَرَطَهُ مِنْ کَسْبِهِ فَهُوَ کَمَا لَوْ شَرَطَهُ مِنْ مَالِ الْمَوْلَی؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَتِهِ، ثُمَّ إنْ وَفَّی الْکَسْبُ بِالْحَقِّ الْمَضْمُونِ وَ إِلَّا ضَاعَ مَا قَصَرَ وَ لَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ قَبْلَ إمْکَانِ تَجَدُّدِ شَیْءٍ مَنْ الْکَسْبِ فَفِی بُطْلَانِ الضَّمَانِ، أَوْ بَقَاءِ التَّعَلُّقِ بِهِ وَجْهَانِ. (وَ لَا یُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِالْمُسْتَحِقِّ) لِلْمَالِ الْمَضْمُونِ وَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ بِنَسَبِهِ أَوْ وَصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إیفَاؤُهُ الدَّیْنَ وَ هُوَ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی ذَلِکَ وَ کَذَا لَا یُشْتَرَطُ مَعْرِفَهُ قَدْرِ الْحَقِّ الْمَضْمُونِ وَ لَمْ یَذْکُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَ یُمْکِنُ إرَادَتُهُ مِنْ الْعِبَارَهِ بِجَعْلِ الْمُسْتَحَقِّ مَبْنِیًّا لِلْمَجْهُولِ، فَلَوْ ضَمِنَ مَا فِی ذِمَّتِهِ صَحَّ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ، لِلْأَصْلِ وَ إِطْلَاقِ النَّصِّ وَ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا یُنَافِیهِ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ مُعَاوَضَهً؛ لِجَوَازِهِ مِنْ الْمُتَبَرِّعِ.

هَذَا إذَا أَمْکَنَ الْعِلْمُ بِهِ بَعْدَ ذَلِکَ کَالْمِثَالِ، فَلَوْ لَمْ یُمْکِنْ کَضَمِنْت لَک شَیْئًا مِمَّا فِی ذِمَّتِهِ لَمْ یَصِحَّ قَطْعًا وَ عَلَی تَقْدِیرِ الصِّحَّهِ یَلْزَمُهُ مَا تَقُومُ بِهِ الْبَیِّنَهُ أَنَّهُ کَانَ لَازِمًا لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ وَقْتَ الضَّمَانِ، لَا مَا یَتَجَدَّدُ، أَوْ یُوجَدُ فِی دَفْتَرٍ، أَوْ یُقِرُّ بِهِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، أَوْ یَحْلِفُ عَلَیْهِ الْمَضْمُونُ لَهُ بِرَدِّ الْیَمِینِ مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِعَدَمِ دُخُولِ الْأَوَّلِ فِی الضَّمَانِ وَ عَدَمِ ثُبُوتِ الثَّانِی وَ عَدَمِ نُفُوذِ الْإِقْرَارِ فِی الثَّالِثِ عَلَی الْغَیْرِ وَ کَوْنِ الْخُصُومَهِ حِینَئِذٍ مَعَ الضَّامِنِ وَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلَا یَلْزَمُهُ مَا یَثْبُتُ بِمُنَازَعَهِ غَیْرِهِ، کَمَا لَا یَثْبُتُ مَا یُقِرُّ بِهِ، فِی الرَّابِعِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْحَلِفُ بِرَدِّ الضَّامِنِ ثَبَتَ مَا حَلَفَ، عَلَیْهِ. (وَ) کَذَا (لَا) یُشْتَرَطُ عِلْمُهُ (بِالْغَرِیمِ) وَ هُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَفَاءُ دَیْنٍ عَنْهُ وَ هُوَ جَائِزٌ عَنْ کُلِّ مَدْیُونٍ.

وَیُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ بِهِ الْأَعَمَّ مِنْهُ وَ مِنْ الْمَضْمُونِ لَهُ وَ یُرِیدَ بِالْعِلْمِ بِهِ: الْإِحَاطَهَ بِمَعْرِفَهِ حَالِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَصْفٍ، لِسُهُولَهِ الِاقْتِضَاءِ وَ مَا شَاکَلَهُ، لِأَنَّ الْغَرَضَ إیفَاؤُهُ الدَّیْنَ وَ ذَلِکَ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی مَعْرِفَتِهِ کَذَلِکَ، (بَلْ تَمَیُّزُهُمَا) أَیْ الْمُسْتَحِقُّ وَ الْغَرِیمُ لِیُمْکِنَ تَوَجُّهُ الْقَصْدِ إلَیْهِمَا، أَمَّا الْحَقُّ فَلِیُمْکِنَ أَدَاؤُهُ وَ أَمَّا الْمَضْمُونُ لَهُ فَلِیُمْکِنَ إیفَاؤُهُ وَ أَمَّا الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَلِیُمْکِنَ الْقَصْدُ إلَیْهِ.

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَصْدُ إلَی الضَّمَانِ وَ هُوَ الْتِزَامُ الْمَالِ الَّذِی یَذْکُرُهُ الْمَضْمُونُ لَهُ وَ ذَلِکَ غَیْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَی مَعْرِفَهِ مَنْ عَلَیْهِ الدَّیْنُ.

فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: إنِّی أَسْتَحِقُّ فِی ذِمَّهِ آخَرَ مِائَهَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَقَالَ آخَرُ: ضَمِنْتهَا لَک کَانَ قَاصِدًا إلَی عَقْدِ الضَّمَانِ عَمَّنْ کَانَ عَلَیْهِ الدَّیْنُ مُطْلَقًا وَ لَا دَلِیلَ عَلَی اعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِخُصُوصِهِ.

وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إیجَابٍ وَ قَبُولٍ مَخْصُوصَیْنِ

(وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إیجَابٍ وَ قَبُولٍ مَخْصُوصَیْنِ)

؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ النَّاقِلَهِ لِلْمَالِ مِنْ ذِمَّهِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ إلَی ذِمَّهِ الضَّامِنِ، (وَ الْإِیجَابُ ضَمِنْت وَ تَکَفَّلْت) وَ یَتَمَیَّزُ عَنْ مُطْلَقِ الْکَفَالَهِ بِجَعْلِ مُتَعَلِّقِهَا الْمَالَ (وَتَقَبَّلْت وَ شَبَهُهُ) مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ صَرِیحًا، (وَ لَوْ قَالَ مَالُک عِنْدِی، أَوْ عَلَیَّ، أَوْ مَا عَلَیْهِ عَلَیَّ فَلَیْسَ بِصَرِیحٍ)؛ لِجَوَازِ إرَادَتِهِ أَنَّ لِلْغَرِیمِ تَحْتَ یَدِهِ مَالًا وَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَی تَخْلِیصِهِ، أَوْ أَنَّ عَلَیْهِ السَّعْیَ، أَوْ الْمُسَاعِدَهَ وَ نَحْوَهُ.

وَقِیلَ إنَّ " عَلَیَّ " ضَمَانٌ، لِاقْتِضَاءِ عَلَیَّ الِالْتِزَامُ وَ مِثْلُهُ فِی ذِمَّتِی وَ هُوَ مُتَّجَهٌ، أَمَّا ضَمَانُهُ عَلَیَّ فَکَافٍ؛ لِانْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ، مَعَ تَصْرِیحِهِ بِالْمَالِ (فَیَقْبَلُ الْمُسْتَحِقُّ) وَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ.

(وَ قِیلَ: یَکْفِی رِضَاهُ)، بِالضَّمَانِ وَ إِنْ لَمْ یُصَرِّحْ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ یَتَحَوَّلُ مِنْ ذِمَّهٍ إلَی أُخْرَی وَ النَّاسُ یَخْتَلِفُونَ فِی حُسْنِ الْمُعَامَلَهِ وَ سُهُولَهِ الْقَضَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ بِهِ و لکن لَا یَعْتَبِرُ الْقَبُولَ، لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ وَفَاءُ دَیْنٍ.

وَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إیجَابٍ وَ قَبُولٍ لَفْظَیْنِ صَرِیحَیْنِ مُتَطَابِقَیْنِ عَرَبِیَّیْنِ، فَعَلَی مَا اخْتَارَهُ مِنْ اشْتِرَاطِهِ یُعْتَبَرُ فِیهِ مَا یُعْتَبَرُ فِی الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ.

وَعَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ (فَلَا یُشْتَرَطُ فَوْرِیَّهُ الْقَبُولِ)، لِلْأَصْلِ وَ حُصُولُ الْغَرَضِ.

وَقِیلَ: لَا یُشْتَرَطُ رِضَاهُ مُطْلَقًا، لِمَا رُوِیَ مِنْ ضَمَانِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ الصَّلَاهُ وَ السَّلَامُ دَیْنَ الْمَیِّتِ الَّذِی امْتَنَعَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاهِ عَلَیْهِ، لِمَکَانِ دَیْنِهِ.

(وَ لَا عِبْرَهَ بِالْغَرِیمِ) وَ هُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ وَفَاءٌ عَنْهُ وَ هُوَ غَیْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَی إذْنِهِ (نَعَمْ لَا یَرْجِعُ عَلَیْهِ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ) فِی الضَّمَانِ وَ إِنْ أَذِنَ فِی الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَ الضَّمَانُ هُوَ النَّاقِلُ لِلْمَالِ مِنْ الذِّمَّهِ، (وَ لَوْ أَذِنَ) لَهُ فِی الضَّمَانِ (رَجَعَ) عَلَیْهِ (بِأَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ مِمَّا أَدَّاهُ وَ مِنْ الْحَقِّ) فَإِنْ أَدَّی أَزْیَدَ مِنْهُ کَانَ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ وَ إِنْ أَدَّی أَقَلَّ لَمْ یَرْجِعْ بِغَیْرِهِ، سَوَاءٌ أَسْقَطَ الزَّائِدَ عَنْهُ بِصُلْحٍ أَمْ إبْرَاءٍ وَ لَوْ وَهَبَهُ بَعْدَمَا أَدَّی الْجَمِیعَ الْبَعْضَ، أَوْ الْجَمِیعَ جَازَ رُجُوعُهُ بِهِ وَ لَوْ أَدَّی عَرَضًا رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ مِنْ قِیمَتِهِ وَ مِنْ الْحَقِّ، سَوَاءٌ رَضِیَ الْمَضْمُونُ لَهُ بِهِ عَنْ الْحَقِّ مِنْ غَیْرِ عَقْدٍ، أَوْ بِصُلْحٍ.

(وَیُشْتَرَطُ فِیهِ) أَیْ فِی الضَّامِنِ (الْمَلَاءَهُ)

بِأَنْ یَکُونَ مَالِکًا لِمَا یُوَفِّیَ بِهِ الْحَقَّ الْمَضْمُونَ، فَاضِلًا عَنْ الْمُسْتَثْنَیَاتِ فِی وَفَاءِ الدَّیْنِ، (أَوْ عَلِمَ الْمُسْتَحِقُّ بِإِعْسَارِهِ) حِینَ الضَّمَانِ، فَلَوْ لَمْ یَعْلَمْ بِهِ حَتَّی ضَمِنَ تَخَیَّرَ الْمَضْمُونَ لَهُ فِی الْفَسْخِ.

وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْمَلَاءَهُ فِی الِابْتِدَاءِ، لَا الِاسْتِدَامَهِ، فَلَوْ تَجَدَّدَ إعْسَارُهُ بَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ یَکُنْ لَهُ الْفَسْخُ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ حَالَتَهُ وَ کَمَا لَا یَقْدَحُ تَجَدُّدُ إعْسَارِهِ فَکَذَا تَعَذُّرِ الِاسْتِیفَاءِ مِنْهُ بِوَجْهٍ آخَرَ.

(وَیَجُوزُ الضَّمَانُ حَالًّا وَ مُؤَجَّلًا، عَنْ حَالٍّ وَ مُؤَجَّلٍ)

، سَوَاءٌ تَسَاوَی الْمُؤَجَّلَانِ فِی الْأَجَلِ أَمْ تَفَاوَتَا، لِلْأَصْلِ.

ثُمَّ إنْ کَانَ الدَّیْنُ حَالًّا رَجَعَ مَعَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا وَ إِنْ کَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا رُجُوعَ عَلَیْهِ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ وَ أَدَائِهِ مُطْلَقًا (وَ الْمَالُ الْمَضْمُونُ: مَا جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَیْهِ) وَ هُوَ الْمَالُ الثَّابِتُ فِی الذِّمَّهِ وَ إِنْ کَانَ مُتَزَلْزِلًا، (وَ لَوْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِی عُهْدَهَ الثَّمَنِ) أَیْ دَرْکَهُ عَلَی تَقْدِیرِ الِاحْتِیَاجِ إلَی رَدِّهِ (لَزِمَهُ) ضَمَانُهُ (فِی کُلِّ مَوْضِعٍ یَبْطُلُ فِیهِ الْبَیْعُ مِنْ رَأْسٍ کَالِاسْتِحْقَاقِ) لِلْمَبِیعِ الْمُعَیَّنِ وَ لَمْ یُجِزْ الْمَالِکُ الْبَیْعَ، أَوْ أَجَازَهُ وَ لَمْ یُجِزْ قَبْضَ الْبَائِعِ الثَّمَنَ وَ مِثْلُهُ تَبَیُّنُ خَلَلٍ فِی الْبَیْعِ اقْتَضَی فَسَادَهُ مِنْ رَأْسٍ، کَتَخَلُّفِ شَرْطٍ، أَوْ اقْتِرَانِ شَرْطٍ فَاسِدٍ، لَا مَا تَجَدَّدَ فِیهِ الْبُطْلَانُ کَالْفَسْخِ بِالتَّقَایُلِ وَ الْمَجْلِسِ وَ الْحَیَوَانِ وَ الشَّرْطِ وَ تَلَفِ الْمَبِیعِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ ذِمَّهِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ حِینَ الضَّمَانِ عَلَی تَقْدِیرِ طُرُوءِ الِانْفِسَاخِ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ مِنْ أَصْلِهِ وَ لَوْ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ

وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ

(وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ)

أَیْ لِلْمُشْتَرِی ضَامِنٌ عَنْ الْبَائِعِ (دَرْکَ مَا یُحْدِثُهُ) الْمُشْتَرِی فِی الْأَرْضِ (مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ) عَلَی تَقْدِیرِ ظُهُورِهَا مُسْتَحَقَّهً لِغَیْرِ الْبَائِعِ وَ قَلْعِهِ لَهَا، أَوْ أَخْذِهِ أُجْرَهَ الْأَرْضِ (فَالْأَقْوَی جَوَازُهُ) لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ حَالَهَ الْعَقْدِ وَ هُوَ کَوْنُ الْأَرْضِ مُسْتَحَقَّهً لِلْغَیْرِ.

وَقِیلَ: لَا یَصِحُّ الضَّمَانُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ یَجِبْ؛ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِی الْأَرْشَ عَلَی الْبَائِعِ حِینَئِذٍ وَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ بَعْدَ الْقَلْعِ.

وَقِیلَ: إنَّمَا یَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَلَیْهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَ إِنْ لَمْ یَضْمَنْ، فَیَکُونُ ضَمَانُهُ تَأْکِیدًا.

وَهُوَ ضَعِیفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا یَلْزَمُ مِنْ ضَمَانِهِ لِکَوْنِهِ بَائِعًا مُسَلِّطًا عَلَی الِانْتِفَاعِ مَجَّانًا، ضَمَانُهُ بِعَقْدِهِ مَعَ عَدَمِ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِهِ الَّتِی مِنْ جُمْلَتِهَا کَوْنُهُ ثَابِتًا حَالَ الضَّمَانِ.

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِی عَنْهُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِسَبَبِ الْبَیْعِ، فَیَبْقَی لَهُ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ، کَمَا لَوْ کَانَ لَهُ خِیَارَانِ فَأَسْقَطَ أَحَدَهُمَا وَ نَظِیرُ ضَمَانِ غَیْرِ الْبَائِعِ دَرْکَ الْغَرْسِ ضَمَانُهُ عُهْدَهَ الْمَبِیعِ لَوْ ظَهَرَ مَعِیبًا فَیُطَالِبُ الْمُشْتَرِیَ بِالْأَرْشِ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ثَابِتٌ وَقْتَ الضَّمَانِ وَ وَجْهُ الْعَدَمِ هُنَا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَهُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَیْبِ وَ اخْتِیَارِ أَخْذِ الْأَرْشِ.

وَالْمَوْجُودُ مِنْ الْعَیْبِ حَالَهَ الْعَقْدِ مَا کَانَ یَلْزَمُهُ تَعَیُّنُ الْأَرْشِ، بَلْ التَّخْیِیرُ بَیْنَهُ و بین الرَّدِّ فَلَمْ یَتَعَیَّنْ الْأَرْشُ إلَّا بَعْدَ الضَّمَانِ.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ أَحَدُ الْفَرْدَیْنِ الثَّابِتَیْنِ تَخْیِیرًا حَالَهَ الْبَیْعِ، فَیُوصَفُ بِالثُّبُوتِ قَبْلَ اخْتِیَارِهِ کَأَفْرَادِ الْوَاجِبِ الْمُخَیَّرِ

وَلَوْ أَنْکَرَ الْمُسْتَحِقُّ الْقَبْضَمَنْ الضَّامِنِ

(وَلَوْ أَنْکَرَ الْمُسْتَحِقُّ الْقَبْضَ) مَنْ الضَّامِنِ

(فَشَهِدَ عَلَیْهِ الْغَرِیمُ) وَ هُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ (قُبِلَ)؛ لِأَنَّهُ إنْ کَانَ آمِرًا بِالضَّمَانِ، فَشَهَادَتُهُ عَلَیْهِ شَهَادَهٌ عَلَی نَفْسِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ عَلَیْهِ وَ شَهَادَهٌ لِغَیْرِهِ فَتُسْمَعُ وَ إِنْ کَانَ الضَّامِنُ مُتَبَرِّعًا عَنْهُ فَهُوَ أَجْنَبِیٌّ فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا لِبَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّیْنِ أَدَّی أَمْ لَمْ یُؤَدِّ.

لَکِنْ إنَّمَا تُقْبَلُ (مَعَ عَدَمِ التُّهْمَهِ) بِأَنْ تُفِیدَهُ الشَّهَادَهُ فَائِدَهً زَائِدَهً عَلَی مَا یَغْرَمُهُ لَوْ لَمْ یَثْبُتْ الْأَدَاءُ فَتُرَدُّ.

وَلِلتُّهْمَهِ صُوَرٌ: مِنْهَا أَنْ یَکُونَ الضَّامِنُ مُعْسِرًا وَ لَمْ یَعْلَمْ الْمَضْمُونُ لَهُ بِإِعْسَارِهِ، فَإِنَّ لَهُ الْفَسْخَ حَیْثُ لَا یَثْبُتُ الْأَدَاءُ وَ یَرْجِعُ عَلَی الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَیَدْفَعُ بِشَهَادَتِهِ عَوْدَ الْحَقِّ إلَی ذِمَّتِهِ.

و منها أَنْ یَکُونَ الضَّامِنُ قَدْ تَجَدَّدَ عَلَیْهِ الْحَجْرُ لِلْفَلَسِ وَ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ عَلَیْهِ دَیْنٌ فَإِنَّهُ یُوَفِّرُ بِشَهَادَتِهِ مَالَ الْمُفْلِسِ فَیَزْدَادُ مَا یَضْرِبُ بِهِ.

وَلَا فَرْقَ فِی هَاتَیْنِ بَیْنَ کَوْنِ الضَّامِنِ مُتَبَرِّعًا وَ بِسُؤَالٍ، لِأَنَّ فَسْخَ الضَّمَانِ یُوجِبُ الْعَوْدَ عَلَی الْمَدْیُونِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ و مع الْإِفْلَاسِ ظَاهِرٌ.

وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ صُوَرِ التُّهْمَهِ: أَنْ یَکُونَ الضَّامِنُ قَدْ صَالَحَ عَلَی أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ فَیَکُونُ رُجُوعُهُ عَلَی تَقْدِیرِ کَوْنِهِ بِسُؤَالٍ إنَّمَا هُوَ بِالْمَدْفُوعِ، فَتَجُرُّ شَهَادَهُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ تُهْمَهً بِتَخْفِیفِ الدَّیْنِ عَنْهُ و فیه نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ یَکْفِی فِی سُقُوطِ الزَّائِدِ عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ اعْتِرَافُ الضَّامِنِ بِذَلِکَ، فَلَا یَرْجِعُ بِهِ وَ إِنْ لَمْ یُثْبِتْهُ فَتَنْدَفِعُ التُّهْمَهُ وَ تُقْبَلُ الشَّهَادَهُ کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ بِقوله:

(وَمَعَ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ) لِلتُّهْمَهِ، أَوْ لِعَدَمِ الْعَدَالَهِ (لَوْ غَرِمَ الضَّامِنُ رَجَعَ) عَلَی الْمَضْمُونِ عَنْهُ (فِی مَوْضِعِ الرُّجُوعِ) وَ هُوَ مَا لَوْ کَانَ ضَامِنًا بِإِذْنِهِ (بِمَا أَدَّاهُ أَوَّلًا) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَی کَوْنِهِ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ فِی ذِمَّهِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ ظَالِمٌ بِالْأَخْذِ ثَانِیًا، هَذَا مَعَ مُسَاوَاهِ الْأَوَّلِ لِلْحَقِّ، أَوْ قُصُورِهِ وَ إِلَّا رَجَعَ عَلَیْهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ مِنْهُ وَ مِنْ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا یَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِالزَّائِدِ عَلَیْهِ.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَدَّقَهُ عَلَی الدَّفْعِ وَ إِنْ لَمْ یُشْهِدْ وَ یُمْکِنُ دُخُولُهُ فِی عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ (وَ لَوْ لَمْ یُصَدِّقْهُ عَلَی الدَّفْعِ) الَّذِی ادَّعَاهُ (رَجَعَ) عَلَیْهِ (بِالْأَقَلِّ) مِمَّا ادَّعَی أَدَاءَهُ أَوَّلًا وَ أَدَاءَهُ أَخِیرًا؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ کَانَ هُوَ الْأَوَّلُ فَهُوَ یَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ لَا یَسْتَحِقُّ سِوَاهُ وَ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ ظَلَمُهُ فِی الثَّانِی وَ إِنْ کَانَ الثَّانِی فَلَمْ یَثْبُتُ ظَاهِرًا سِوَاهُ.

وَعَلَی مَا بَیَّنَّاهُ یَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَ مِنْ الْحَقِّ

19 کتاب الحواله

المدخل

(19) کتاب الحواله

کِتَابُ الْحَوَالَهِ

(الْحَوَالَهُ وَ هِیَ التَّعَهُّدُ بِالْمَالِ مِنْ الْمَشْغُولِ بِمِثْلِهِ) لِلْمُحِیلِ.

هَذَا هُوَ الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَیْهِ مِنْ الْحَوَالَهِ وَ إِلَّا فَالْأَقْوَی جَوَازُهَا عَلَی الْبَرِیءِ لِلْأَصْلِ لَکِنَّهُ یَکُونُ أَشْبَهَ بِالضَّمَانِ؛ لِاقْتِضَائِهِ نَقْلَ الْمَالِ مِنْ ذِمَّهٍ مَشْغُولَهٍ إلَی ذِمَّهٍ بَرِیئَهٍ، فَکَأَنَّ الْمُحَالَ عَلَیْهِ بِقَبُولِهِ لَهَا ضَامِنٌ لِدَیْنِ الْمُحْتَالِ عَلَی الْمُحِیلِ وَلَکِنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهَذَا الشَّبَهِ عَنْ أَصْلِ الْحَوَالَهِ فَتَلْحَقُهَا أَحْکَامُهَا.

(وَیُشْتَرَطُ فِیهَا رِضَا الثَّلَاثَهِ) أَمَّا رِضَا الْمُحِیلِ وَ الْمُحْتَالِ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ لِأَنَّ مَنْ عَلَیْهِ الْحَقُّ مُخَیَّرٌ فِی جِهَاتِ الْقَضَاءِ مِنْ مَالِهِ وَ دَیْنُهُ الْمُحَالُ بِهِ مِنْ جُمْلَتِهَا وَ الْمُحْتَالُ حَقُّهُ ثَابِتٌ فِی ذِمَّهِ الْمُحِیلِ فَلَا یَلْزَمُهُ نَقْلُهُ إلَی ذِمَّهٍ أُخْرَی بِغَیْرِ رِضَاهُ وَ أَمَّا الْمُحَالُ عَلَیْهِ فَاشْتِرَاطُ رِضَاهُ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ وَ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْکَانِ الْحَوَالَهِ؛ وَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِی الِاقْتِضَاءِ سُهُولَهً وَ صُعُوبَهً.

وَفِیهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحِیلَ قَدْ أَقَامَ الْمُحْتَالَ مَقَامَ نَفْسِهِ فِی الْقَبْضِ بِالْحَوَالَهِ فَلَا وَجْهَ لِلِافْتِقَارِ إلَی رِضَا مَنْ عَلَیْهِ الْحَقُّ، کَمَا لَوْ وَکَّلَهُ فِی الْقَبْضِ مِنْهُ.

وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِی الِاقْتِضَاءِ لَا یَمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَهِ الْمُسْتَحِقِّ وَ مِنْ نَصْبِهِ خُصُوصًا مَعَ اتِّفَاقِ الْحَقَّیْنِ جِنْسًا وَ وَصْفًا، فَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ أَقْوَی.

نَعَمْ لَوْ کَانَا مُخْتَلِفَیْنِ و کان الْغَرَضُ اسْتِیفَاءَ مِثْلِ حَقِّ الْمُحْتَالِ تَوَجَّهَ اعْتِبَارُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَیْهِ، لِأَنَّ ذَلِکَ بِمَنْزِلَهِ الْمُعَاوَضَهِ الْجَدِیدَهِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمُتَعَاوِضَیْنِ وَ لَوْ رَضِیَ الْمُحْتَالُ بِأَخْذِ جِنْسِ مَا عَلَی الْمُحَالِ عَلَیْهِ زَالَ الْمَحْذُورُ أَیْضًا وَ عَلَی تَقْدِیرِ اعْتِبَارِ رِضَاهُ لَیْسَ هُوَ عَلَی حَدِّ رِضَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَهَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا یَتِمُّ إلَّا بِإِیجَابٍ وَ قَبُولٍ، فَالْإِیجَابُ مِنْ الْمُحِیلِ وَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُحْتَالِ.

وَیُعْتَبَرُ فِیهِمَا مَا یُعْتَبَرُ فِی غَیْرِهِمَا مِنْ اللَّفْظِ الْعَرَبِیِّ وَ الْمُطَابَقَهِ وَ غَیْرِهِمَا وَ أَمَّا رِضَا الْمُحَالِ عَلَیْهِ فَیَکْفِی کَیْفَ اتَّفَقَ مُتَقَدِّمًا وَ مُتَأَخِّرًا وَ مُقَارِنًا وَ لَوْ جَوَّزْنَا الْحَوَالَهَ عَلَی الْبَرِیءِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُ قَطْعًا وَ یُسْتَثْنَی مِنْ اعْتِبَارِ رِضَا الْمُحِیلِ مَا لَوْ تَبَرَّعَ الْمُحَالُ عَلَیْهِ بِالْوَفَاءِ فَلَا یُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحِیلِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَفَاءُ دَیْنِهِ بِغَیْرِ إذْنِهِ.

وَالْعِبَارَهُ عَنْهُ حِینَئِذٍ أَنْ یَقُولَ الْمُحَالُ عَلَیْهِ لِلْمُحْتَالِ: أَحَلْتُک بِالدَّیْنِ الَّذِی لَک عَلَی فُلَانٍ عَلَی نَفْسِی فَیَقْبَلُ فَیَقُومَانِ بِرُکْنِ الْعَقْدِ. وَ حَیْثُ تَتِمُّ الْحَوَالَهُ تَلْزَمُ (فَیَتَحَوَّلُ فِیهَا الْمَالُ) مِنْ ذِمَّهِ الْمُحِیلِ إلَی ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ (کَالضَّمَانِ) عِنْدَنَا وَ یَبْرَأُ الْمُحِیلُ مِنْ حَقِّ الْمُحَالِ بِمُجَرَّدِهَا وَ إِنْ لَمْ یُبْرِئْهُ الْمُحْتَالُ؛ لِدَلَالَهِ التَّحَوُّلِ عَلَیْهِ فِی الْمَشْهُورِ. (وَ لَا یَجِبُ) عَلَی الْمُحْتَالِ (قَبُولُهَا عَلَی الْمَلِیءِ)؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَدَاءُ الدَّیْنِ وَ الْحَوَالَهُ لَیْسَتْ أَدَاءً وَ إِنَّمَا هِیَ نَقْلٌ لَهُ مِنْ ذِمَّهٍ إلَی أُخْرَی فَلَا یَجِبُ قَبُولُهَا عِنْدَنَا وَ مَا وَ رَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِقَبُولِهَا عَلَی الْمَلِیءِ عَلَی تَقْدِیرِ صِحَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَی الِاسْتِحْبَابِ، (وَ لَوْ ظَهَرَ إعْسَارُهُ) حَالَ الْحَوَالَهِ بَعْدَهَا (فَسَخَ الْمُحْتَالُ) إنْ شَاءَ، سَوَاءٌ، شُرِطَ یَسَارُهُ أَمْ لَا وَ سَوَاءٌ تَجَدَّدَ لَهُ الْیَسَارُ قَبْلَ الْفَسْخِ أَمْ لَا وَ إِنْ زَالَ الضَّرَرُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ.

وَلَوْ انْعَکَسَ بِأَنْ کَانَ مُوسِرًا حَالَتَهَا فَتَجَدَّدَ إعْسَارُهُ فَلَا خِیَارَ؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ.

وَیَصِحُّ تَرَامِی الْحَوَالَهِ

(وَیَصِحُّ تَرَامِی الْحَوَالَهِ)

بِأَنْ یُحِیلَ الْمُحَالُ عَلَیْهِ الْمُحْتَالَ عَلَی آخَرَ ثُمَّ یُحِیلُ الْآخَرُ مُحْتَالَهُ عَلَی ثَالِثٍ وَ هَکَذَا وَ یَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَیْهِ فِی کُلِّ مَرْتَبَهٍ کَالْأَوَّلِ، (وَدَوْرُهَا) بِأَنْ یُحِیلَ الْمُحَالُ عَلَیْهِ فِی بَعْضِ الْمَرَاتِبِ عَلَی الْمُحِیلِ الْأَوَّلِ وَ فِی الصُّورَتَیْنِ الْمُحْتَالُ مُتَّحِدٌ وَ إِنَّمَا تَعَدَّدَ الْمُحَالُ عَلَیْهِ.

(وَکَذَا الضَّمَانُ)

یَصِحُّ تَرَامِیهِ بِأَنْ یُضَمِّنَ الضَّامِنُ آخَرَ، ثُمَّ یُضَمِّنُ الْآخَرُ ثَالِثَ وَ هَکَذَا.

وَدَوْرُهُ بِأَنْ یُضَمِّنَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ الضَّامِنَ فِی بَعْضِ الْمَرَاتِبِ وَ مَنَعَهُ الشَّیْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِاسْتِلْزَامِهِ جَعْلَ الْفَرْعِ أَصْلًا وَ لِعَدَمِ الْفَائِدَهِ وَ یُضَعَّفُ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِیهِمَا غَیْرُ مَانِعٍ و قد تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا وَ بِالْعَکْسِ وَ فِی الضَّمَانِ بِإِذْنٍ وَ عَدَمِهِ.

فَکُلُّ ضَامِنٍ یَرْجِعُ مَعَ الْإِذْنِ عَلَی مَضْمُونِهِ.

لَا عَلَی الْأَصِیلِ، إنَّمَا یَرْجِعُ عَلَیْهِ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ.

وَأَمَّا الْکَفَالَهُ فَیَصِحُّ تَرَامِیهَا، دُونَ دَوْرِهَا لِأَنَّ حُضُورَ الْمَکْفُولِ الْأَوَّلِ یُبْطِلُ مَا تَأَخَّرَ مِنْهَا.

وَ کَذَا تَصِحُّ (الْحَوَالَهُ بِغَیْرِ جِنْسِ الْحَقِّ)

(وَ) کَذَا تَصِحُّ (الْحَوَالَهُ بِغَیْرِ جِنْسِ الْحَقِّ)

الَّذِی لِلْمُحْتَالِ عَلَی الْمُحِیلِ بِأَنْ یَکُونَ لَهُ عَلَیْهِ دَرَاهِمُ فَیُحِیلُهُ عَلَی آخَرَ بِدَنَانِیرَ، سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْحَوَالَهَ اسْتِیفَاءً أَمْ اعْتِیَاضًا، لِأَنَّ إیفَاءَ الدَّیْنِ بِغَیْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ مَعَ التَّرَاضِی.

وَکَذَا الْمُعَاوَضَهُ عَلَی الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِیرِ.

وَلَوْ انْعَکَسَ فَأَحَالَهُ بِحَقِّهِ عَلَی مَنْ عَلَیْهِ مُخَالِفٌ صَحَّ أَیْضًا بِنَاءً عَلَی اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحَالِ عَلَیْهِ، سَوَاءٌ جَعَلْنَاهَا اسْتِیفَاءَ أَمْ اعْتِیَاضًا بِتَقْرِیبِ التَّقْرِیرِ وَ لَا یُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ فِی الْمَجْلِسِ حَیْثُ تَکُونُ صَرْفًا؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَهَ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ لَیْسَتْ بَیْعًا وَ لَوْ لَمْ یُعْتَبَرْ رِضَا الْمُحَالِ عَلَیْهِ صَحَّ الْأَوَّلُ، دُونَ الثَّانِی، إذْ لَا یَجِبُ عَلَی الْمَدْیُونِ الْأَدَاءُ مِنْ غَیْرِ جِنْسِ مَا عَلَیْهِ وَ خَالَفَ الشَّیْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ جَمَاعَهٌ فِیهِمَا فَاشْتَرَطُوا تَسَاوِی الْمُحَالِ بِهِ وَ عَلَیْهِ جِنْسًا وَ وَصْفًا، اسْتِنَادًا إلَی أَنَّ الْحَوَالَهَ تَحْوِیلُ مَا فِی ذِمَّهِ الْمُحِیلِ إلَی ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ، فَإِذَا کَانَ عَلَی الْمُحِیلِ دَرَاهِمُ مَثَلًا وَ لَهُ عَلَی الْمُحَالِ دَنَانِیرُ کَیْفَ یَصِیرُ حَقُّ الْمُحْتَالِ عَلَی الْمُحَالِ عَلَیْهِ دَرَاهِمَ وَ لَمْ یَقَعْ عَقْدٌ یُوجِبُ ذَلِکَ، لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهَا اسْتِیفَاءً کَانَ الْمُحْتَالُ بِمَنْزِلَهِ مَنْ اسْتَوْفَی دَیْنَهُ وَ أَقْرَضَهُ الْمُحَالُ عَلَیْهِ وَ حَقُّهُ الدَّرَاهِمُ، لَا الدَّنَانِیرُ وَ إِنْ کَانَتْ مُعَاوَضَهً فَلَیْسَتْ عَلَی حَقِیقَهِ الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِی یُقْصَدُ بِهَا تَحْصِیلُ مَا لَیْسَ بِحَاصِلٍ مِنْ جِنْسِ مَالٍ، أَوْ زِیَادَهِ قَدْرٍ، أَوْ صِفَهٍ وَ إِنَّمَا هِیَ مُعَاوَضَهُ إرْفَاقٍ وَ مُسَامَحَهٌ لِلْحَاجَهِ، فَاعْتُبِرَ فِیهَا التَّجَانُسُ وَ التَّسَاوِی و جوابهُ یَظْهَرُ مِمَّا ذَکَرْنَاهُ. (وَ کَذَا) تَصِحُّ (الْحَوَالَهُ بِدَیْنٍ عَلَیْهِ لِوَاحِدٍ عَلَی دَیْنٍ لِلْمُحِیلِ عَلَی اثْنَیْنِ مُتَکَافِلَیْنِ) أَیْ قَدْ ضَمِنَ کُلٌّ مِنْهُمَا مَا فِی ذِمَّهِ صَاحِبِهِ دَفْعَهً وَاحِدَهً، أَوْ مُتَلَاحِقَیْنِ مَعَ إرَادَهِ الثَّانِی ضَمَانَ مَا فِی ذِمَّهِ الْأَوَّلِ فِی الْأَصْلِ، لَا مُطْلَقًا؛ لِئَلَّا یَصِیرَ الْمَالَانِ فِی ذِمَّهِ الثَّانِی وَ وَجْهُ جَوَازِ الْحَوَالَهِ عَلَیْهِمَا ظَاهِرٌ؛ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِی لِلصِّحَّهِ وَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، إذْ لَیْسَ إلَّا کَوْنُهُمَا مُتَکَافِلَیْنِ وَ ذَلِکَ لَا یَصْلُحُ مَانِعًا وَ نَبَّهَ بِذَلِکَ عَلَی خِلَافِ الشَّیْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَیْثُ مَنَعَ مِنْهُ، مُحْتَجًّا بِاسْتِلْزَامِهَا زِیَادَهَ الِارْتِفَاقِ وَ هُوَ مُمْتَنِعٌ فِی الْحَوَالَهِ، لِوُجُوبِ مُوَافَقَهِ الْحَقِّ الْمُحَالِ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَیْهِ مِنْ غَیْرِ زِیَادَهٍ وَ لَا نُقْصَانٍ قَدْرًا وَ وَصْفًا.

وَهَذَا التَّعْلِیلُ إنَّمَا یَتَوَجَّهُ عَلَی مَذْهَبِ مَنْ یَجْعَلُ الضَّمَانَ ضَمَّ ذِمَّهٍ إلَی ذِمَّهٍ، فَیَتَخَیَّرُ حِینَئِذٍ فِی مُطَالَبَهِ کُلٍّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الْحَقِّ، أَمَّا عَلَی مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا مِنْ أَنَّهُ نَاقِلٌ لِلْمَالِ مِنْ ذِمَّهِ الْمُحِیلِ إلَی ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ فَلَا ارْتِفَاقَ، بَلْ غَایَتُهُ انْتِقَالُ مَا عَلَی کُلٍّ مِنْهُمَا إلَی ذِمَّهِ صَاحِبِهِ فَیَبْقَی الْأَمْرُ کَمَا کَانَ و مع تَسْلِیمِهِ لَا یَصْلُحُ لِلْمَانِعِیَّهِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الِارْتِفَاقِ بِهَا غَیْرُ مَانِعٍ إجْمَاعًا، کَمَا لَوْ أَحَالَهُ عَلَی أَمْلَی مِنْهُ وَ أَحْسَنَ وَفَاءً. (وَ لَوْ أَدَّی الْمُحَالُ عَلَیْهِ فَطَلَبَ الرُّجُوعَ) بِمَا أَدَّاهُ عَلَی الْمُحِیلِ (لِإِنْکَارِهِ الدَّیْنَ) وَ زَعْمِهِ أَنَّ الْحَوَالَهَ عَلَی الْبَرِیءِ بِنَاءً عَلَی جَوَازِ الْحَوَالَهِ عَلَیْهِ (وَادَّعَاهُ الْمُحِیلُ، تَعَارَضَ الْأَصْلُ) وَ هُوَ بَرَاءَهُ ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ مِنْ دَیْنِ الْمُحِیلِ (وَ الظَّاهِرُ) وَ هُوَ کَوْنُهُ مَشْغُولَ الذِّمَّهِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْلَا اشْتِغَالُ ذِمَّتِهِ لَمَا أُحِیلَ عَلَیْهِ (وَ الْأَوَّلُ) وَ هُوَ الْأَصْلُ (أَرْجَحُ) مِنْ الثَّانِی حَیْثُ یَتَعَارَضَانِ غَالِبًا وَ إِنَّمَا یَتَخَلَّفُ فِی مَوَاضِعَ نَادِرَهٍ (فَیَحْلِفُ) الْمُحَالُ عَلَیْهِ عَلَی أَنَّهُ بَرِیءٌ مِنْ دَیْنِ الْمُحِیلِ، (وَیَرْجِعُ) عَلَیْهِ بِمَا غَرِمَ، (سَوَاءٌ کَانَ) الْعَقْدُ الْوَاقِعُ بَیْنَهُمَا (بِلَفْظِ الْحَوَالَهِ، أَوْ الضَّمَانِ) لِأَنَّ الْحَوَالَهَ عَلَی الْبَرِیءِ أَشْبَهُ بِالضَّمَانِ فَتَصِحُّ بِلَفْظِهِ.

وَأَیْضًا فَهُوَ یُطْلَقُ عَلَی مَا یَشْمَلُهُمَا بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ فَیَصِحُّ التَّعْبِیرُ بِهِ عَنْهَا.

وَیُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَیْنَ الصِّیغَتَیْنِ فَیُقْبَلُ مَعَ التَّعْبِیرِ بِالضَّمَانِ، دُونَ الْحَوَالَهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَ لَوْ اشْتَرَطْنَا فِی الْحَوَالَهِ اشْتِغَالَ ذِمَّهِ الْمُحَالِ عَلَیْهِ بِمِثْلِ الْحَقِّ تَعَارَضَ أَصْلُ الصِّحَّهِ وَ الْبَرَاءَهِ فَیَتَسَاقَطَانِ وَ یَبْقَی مَعَ الْمُحَالِ عَلَیْهِ أَدَاءُ دَیْنِ الْمُحِیلِ بِإِذْنِهِ فَیَرْجِعُ عَلَیْهِ وَ لَا یَمْنَعُ وُقُوعُ الْإِذْنِ فِی ضِمْنِ الْحَوَالَهِ الْبَاطِلَهِ الْمُقْتَضِی بُطْلَانُهَا لِبُطْلَانِ تَابِعِهَا؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَی الْإِذْنِ وَ إِنَّمَا اخْتَلَفَا فِی أَمْرٍ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ یَثْبُتْ یَبْقَی مَا اتَّفَقَا عَلَیْهِ مِنْ الْإِذْنِ فِی الْوَفَاءِ الْمُقْتَضِی لِلرُّجُوعِ وَ یُحْتَمَلُ عَدَمُ الرُّجُوعِ تَرْجِیحًا لِلصِّحَّهِ الْمُسْتَلْزِمَهِ لِشَغْلِ الذِّمَّهِ.

20 کتاب الکفاله

(20) کتاب الکفاله

کِتَابُ الْکَفَالَهِ

(وَ هِیَ التَّعَهُّدُ بِالنَّفْسِ) أَیْ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْمَکْفُولِ مَتَی طَلَبَهُ الْمَکْفُولُ لَهُ وَ شَرْطُهَا رِضَا الْکَفِیلِ وَ الْمَکْفُولِ لَهُ، دُونَ الْمَکْفُولِ؛ لِوُجُوبِ الْحُضُورِ عَلَیْهِ مَتَی طَلَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَ لَوْ بِالدَّعْوَی، بِنَفْسِهِ أَوْ وَکِیلِهِ وَ الْکَفِیلُ بِمَنْزِلَهِ الْوَکِیلِ حَیْثُ یَأْمُرُهُ بِهِ.

وَیَفْتَقِرُ إلَی إیجَابٍ وَ قَبُولٍ بَیْنَ الْأَوَّلَیْنِ صَادِرَیْنِ عَلَی الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِی الْعَقْدِ اللَّازِمِ.

(وَتَصِحُّ حَالَّهً وَ مُؤَجَّلَهً)

أَمَّا الثَّانِی فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَصَحُّ الْقَوْلَیْنِ، لِأَنَّ الْحُضُورَ حَقٌّ شَرْعِیٌّ لَا یُنَافِیهِ الْحُلُولُ.

وَقِیلَ: لَا تَصِحُّ إلَّا مُؤَجَّلَهً (إلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ) لَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَ النُّقْصَانَ کَغَیْرِهِ مِنْ الْآجَالِ الْمُشْتَرَطَهِ. (وَیَبْرَأُ الْکَفِیلُ بِتَسْلِیمِهِ) تَسْلِیمًا (تَامًّا) بِأَنْ لَا یَکُونَ هُنَاکَ مَانِعٌ مِنْ تَسَلُّمِهِ کَمُتَغَلِّبٍ، أَوْ حَبْسِ ظَالِمٍ وَ کَوْنِهِ فِی مَکَان لَا یَتَمَکَّنُ مِنْ وَضْعِ یَدِهِ عَلَیْهِ، لِقُوَّهِ الْمَکْفُولِ، وَضَعْفِ الْمَکْفُولِ لَهُ وَ فِی الْمَکَانِ الْمُعَیَّنِ إنْ بَیَّنَّاهُ فِی الْعَقْدِ وَ بَلَدِ الْعَقْدِ مَعَ الْإِطْلَاقِ، (وَعِنْدَ الْأَجَلِ) أَیْ بَعْدَهُ إنْ کَانَتْ مُؤَجَّلَهً، (أَوْ فِی الْحُلُولِ) مَتَی شَاءَ إنْ کَانَتْ حَالَّهً وَ نَحْوُ ذَلِکَ، فَإِذَا سَلَّمَهُ کَذَلِکَ بَرِئَ، فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهُ إلَی الْحَاکِمِ وَ بَرِئَ أَیْضًا، فَإِنْ لَمْ یُمْکِنْ أَشْهَدَ عَدْلَیْنِ بِإِحْضَارِهِ إلَی الْمَکْفُولِ لَهُ وَ امْتِنَاعِهِ مِنْ قَبْضِهِ وَ کَذَا یَبْرَأُ بِتَسْلِیمِ الْمَکْفُولِ نَفْسِهِ تَامًّا وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ الْکَفِیلِ عَلَی الْأَقْوَی وَ بِتَسْلِیمِ غَیْرِهِ لَهُ کَذَلِکَ.

(وَ لَوْ امْتَنَعَ) الْکَفِیلُ مِنْ تَسْلِیمِهِ أَلْزَمَهُ الْحَاکِمُ بِهِ فَإِنْ أَبَی (فَلِلْمُسْتَحِقِّ) طَلَبُ (حَبْسِهِ) مِنْ الْحَاکِمِ (حَتَّی یُحْضِرَهُ، أَوْ یُؤَدِّیَ مَا عَلَیْهِ) إنْ أَمْکَنَ أَدَاؤُهُ عَنْهُ کَالدَّیْنِ، فَلَوْ لَمْ یُمْکِنْ کَالْقِصَاصِ وَ الزَّوْجِیَّهِ وَ الدَّعْوَی بِعُقُوبَهٍ تُوجِبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِیرًا، أُلْزِمَ بِإِحْضَارِهِ حَتْمًا مَعَ الْإِمْکَانِ وَ لَهُ عُقُوبَتُهُ عَلَیْهِ کَمَا فِی کُلِّ مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَیْهِ، فَإِنْ لَمْ یُمْکِنْهُ الْإِحْضَارُ و کان لَهُ بَدَلٌ کَالدِّیَهِ فِی الْقَتْلِ وَ إِنْ کَانَ عَمْدًا وَ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَهِ وَجَبَ عَلَیْهِ الْبَدَلُ.

وَقِیلَ: یَتَعَیَّنُ إلْزَامُهُ بِإِحْضَارِهِ إذَا طَلَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ مُطْلَقًا؛ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْأَغْرَاضِ فِی أَدَاءِ الْحَقِّ.

وَهُوَ قَوِیٌّ.

ثُمَّ عَلَی تَقْدِیرِ کَوْنِ الْحَقِّ مَالًا وَ أَدَّاهُ الْکَفِیلُ فَإِنْ کَانَ قَدْ أَدَّی بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَیْهِ وَ کَذَا إنْ أَدَّی بِغَیْرِ إذْنِهِ مَعَ کَفَالَتِهِ بِإِذْنِهِ وَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ وَ إِلَّا فَلَا رُجُوعَ.

وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْکَفَالَهِ وَ الضَّمَانِ فِی رُجُوعِ مَنْ أَدَّی بِالْإِذْنِ هُنَا وَ إِنْ کَفَلَ بِغَیْرِ الْإِذْنِ، بِخِلَافِ الضَّمَانِ: أَنَّ الْکَفَالَهَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ بِالذَّاتِ وَ حُکْمُ الْکَفِیلِ بِالنِّسْبَهِ إلَیْهِ حُکْمُ الْأَجْنَبِیِّ فَإِذَا أَدَّاهُ بِإِذْنِ الْمَدْیُونِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، بِخِلَافِ الضَّامِنِ، لِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَی ذِمَّتِهِ بِالضَّمَانِ، فَلَا یَنْفَعُهُ بَعْدَهُ الْإِذْنُ فِی الْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ کَإِذْنِ الْبَرِیءِ لِلْمَدْیُونِ فِی أَدَاءِ دَیْنِهِ.

وَأَمَّا إذْنُهُ فِی الْکَفَالَهِ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ وَ اسْتِئْذَانُهُ فِی الْأَدَاءِ فَذَلِکَ مِنْ لَوَازِمِ الْکَفَالَهِ وَ الْإِذْنُ فِیهَا إذْنٌ فِی لَوَازِمِهَا.

(وَلَوْ عَلَّقَ الْکَفَالَهَ)

بِشَرْطٍ مُتَوَقَّعٍ، أَوْ صِفَهٍ مُتَرَقَّبَهٍ (بَطَلَتْ) الْکَفَالَهُ، (وَ کَذَا الضَّمَانُ وَ الْحَوَالَهُ) کَغَیْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ (نَعَمْ لَوْ قال:

إنْ لَمْ أُحْضِرْهُ إلَی کَذَا کَانَ عَلَیَّ کَذَا صَحَّتْ الْکَفَالَهُ أَبَدًا وَ لَا یَلْزَمُهُ الْمَالُ الْمَشْرُوطُ وَ لَوْ قال:

عَلَیَّ کَذَا إنْ لَمْ أُحْضِرْهُ لَزِمَهُ مَا شَرَطَهُ مِنْ الْمَالِ إنْ لَمْ یُحْضِرْهُ) عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَمُسْتَنَدُ الْحُکْمَیْنِ رِوَایَهُ دَاوُد بْنِ الْحُصَیْنِ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَفِی الْفَرْقِ بَیْنَ الصِّیغَتَیْنِ مِنْ حَیْثُ التَّرْکِیبُ الْعَرَبِیُّ نَظَرٌ و لکن الْمُصَنِّفَ وَ الْجَمَاعَهَ عَمِلُوا بِمَضْمُونِ الرِّوَایَهِ جَامِدِینَ عَلَی النَّصِّ مَعَ ضَعْفِ سَنَدِهِ.

وَرُبَّمَا تَکَلَّفَ مُتَکَلِّفٌ لِلْفَرْقِ بِمَا لَا یُسْمِنُ وَ لَا یُغْنِی مِنْ جُوعٍ وَ إِنْ أَرَدْت الْوُقُوفَ عَلَی تَحْقِیقِ الْحَالِ فَرَاجِعْ مَا حَرَّرْنَاهُ فِی ذَلِکَ بِشَرْحِ الشَّرَائِعِ وَ غَیْرِهِ.

(وَتَحْصُلُ الْکَفَالَهُ)

أَیْ حُکْمُ الْکَفَالَهِ (بِإِطْلَاقِ الْغَرِیمِ مَنْ الْمُسْتَحِقِّ قَهْرًا) فَیَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ، أَوْ أَدَاءُ مَا عَلَیْهِ إنْ أَمْکَنَ وَ عَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ مَعَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ لَکِنْ هُنَا حَیْثُ یُؤْخَذُ مِنْهُ نَعَمْ لَوْ أَقَامَ بَیِّنَهً بِالْحَقِّ وَ أَثْبَتَهُ عِنْدَ الْحَاکِمِ أَلْزَمَهُ بِهِ کَمَا مَرَّ وَ لَا یَرْجِعُ بِهِ عَلَی الْمَکْفُولِ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَهِ ذِمَّتِهِ وَ زَعْمِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ.

(وَ کَذَا لَوْ قَالَ) الْکَفِیلُ لِلْمَکْفُولِ لَهُ: (أَبْرَأْتَهُ) مِنْ الْحَقِّ، أَوْ أَوْفَاکَهُ، لِأَصَالَهِ بَقَائِهِ.

ثُمَّ إنْ حَلَفَ الْمَکْفُولُ لَهُ عَلَی بَقَاءِ الْحَقِّ بَرِئَ مِنْ دَعْوَی الْکَفِیلِ وَ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ، فَإِنْ جَاءَ بِالْمَکْفُولِ فَادَّعَی الْبَرَاءَهَ أَیْضًا لَمْ یُکْتَفَ بِالْیَمِینِ الَّتِی حَلَفَهَا لِلْکَفِیلِ؛ لِأَنَّهَا کَانَتْ لِإِثْبَاتِ الْکَفَالَهِ وَ هَذِهِ دَعْوَی أُخْرَی وَ إِنْ لَزِمَتْ تِلْکَ بِالْعَرْضِ، (فَلَوْ لَمْ یَحْلِفْ وَرَدَّ الْیَمِینَ عَلَیْهِ) أَیْ عَلَی الْکَفِیلِ فَحَلَفَ (بَرِئَ مِنْ الْکَفَالَهِ وَ الْمَالُ بِحَالِهِ) لَا یَبْرَأُ الْمَکْفُولُ مِنْهُ، لِاخْتِلَافِ الدَّعْوَیَیْنِ کَمَا مَرَّ؛ وَ لِأَنَّهُ لَا یَبْرَأُ بِیَمِینِ غَیْرِهِ.

عَلَی الْجُمْلَهِ لَکِنْ یُطْلَقَانِ عَلَی أَنْفُسِهِمَا إطْلَاقًا شَائِعًا مُتَعَارَفًا إنْ لَمْ یَکُنْ أَشْهَرَ مِنْ إطْلَاقِهِمَا عَلَی الْجُمْلَهِ.

وَحَمْلُ اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ لِلْمَعْنَیَیْنِ عَلَی الْوَجْهِ الْمُصَحَّحِ مَعَ الشَّکِّ فِی حُصُولِهِ وَ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ مُقْتَضَی الْعَقْدِ غَیْرُ جَیِّدٍ.

نَعَمْ لَوْ صَرَّحَ بِإِرَادَهِ الْجُمْلَهِ غَیْرُ کَافٍ فِی إثْبَاتِ الْأَحْکَامِ الشَّرْعِیَّهِ وَ یَلْزَمُ مِثْلُهُ فِی کُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ وَ الْمَنْعُ فِی الْجَمِیعِ أَوْجَهُ، أَوْ إلْحَاقُ الرَّأْسِ وَ الْوَجْهِ مَعَ قَصْدِ الْجُمْلَهِ بِهِمَا.

(دُونَ الْیَدِ وَ الرِّجْلِ) وَ إِنْ قَصَدَهَا بِهِمَا مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ شَرْعًا کَفَالَهُ الْمَجْمُوعِ بِاللَّفْظِ الصَّرِیحِ الصَّحِیحِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ وَ التَّعْلِیلُ بِعَدَمِ إمْکَانِ إحْضَارِ الْجُزْءِ الْمَکْفُولِ بِدُونِ الْجُمْلَهِ فَکَانَ فِی قُوَّهِ کَفَالَهِ الْجُمْلَهِ ضَعِیفٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ لَمَّا کَانَ کَفَالَهَ الْمَجْمُوعِ لَمْ یَکُنْ الْبَعْضُ کَافِیًا فِی صِحَّتِهِ وَ إِنْ تَوَقَّفَ إحْضَارُهُ عَلَیْهِ؛ لِأَنَّ الْکَلَامَ لَیْسَ فِی مُجَرَّدِ الْإِحْضَارِ، بَلْ عَلَی وَجْهِ الْکَفَالَهِ الصَّحِیحَهِ وَ هُوَ مُنْتَفٍ.

(وَ لَوْ مَاتَ الْمَکْفُولُ) قَبْلَ إحْضَارِهِ (بَطَلَتْ) الْکَفَالَهُ، (لِفَوَاتِ مُتَعَلِّقِهَا) وَ هُوَ النَّفْسُ وَ فَوَاتُ الْغَرَضِ لَوْ أُرِیدَ الْبَدَنُ.

وَیُمْکِنُ الْفَرْقُ بَیْنَ التَّعْبِیرِ بِکَفَلْت فُلَانًا وَ کَفَلْت بَدَنَهُ، فَیَجِبُ إحْضَارُهُ مَعَ طَلَبِهِ فِی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ، بِنَاءً عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَیْسَ هُوَ الْهَیْکَلَ الْمَحْسُوسَ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِکَ مُنَزَّلٌ عَلَی الْمُتَعَارَفِ، لَا عَلَی الْمُحَقَّقِ عِنْدَ الْأَقَلِّ فَلَا یَجِبُ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ، (إلَّا فِی الشَّهَادَهِ عَلَی عَیْنِهِ) لِیَحْکُمَ عَلَیْهِ (بِإِتْلَافِهِ، أَوْ الْمُعَامَلَهِ) لَهُ إذَا کَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَیْهِ مَنْ لَا یَعْرِفُ نَسَبَهُ، بَلْ شَهِدَ عَلَی صُورَتِهِ فَیَجِبُ إحْضَارُهُ مَیِّتًا حَیْثُ یُمْکِنُ الشَّهَادَهُ عَلَیْهِ بِأَنْ لَا یَکُونَ قَدْ تَغَیَّرَ بِحَیْثُ لَا یُعْرَفُ.

وَلَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَیْنَ کَوْنِهِ قَدْ دُفِنَ وَ عَدَمُهُ، لِأَنَّ ذَلِکَ مُسْتَثْنًی مِنْ تَحْرِیمِ نَبْشِهِ.

21 کتاب الصلح

(21) کتاب الصلح

کِتَابُ الصُّلْحِ

(وَ هُوَ جَائِزٌ مَعَ الْإِقْرَارِ وَ الْإِنْکَارِ) عِنْدَنَا مَعَ سَبْقِ نِزَاعٍ وَ لَا مَعَهُ، ثُمَّ إنْ کَانَ الْمُدَّعِی مُحِقًّا اسْتَبَاحَ مَا دَفَعَ إلَیْهِ الْمُنْکِرُ صُلْحًا وَ إِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ بَاطِنًا، عَیْنًا کَانَ أَمْ دَیْنًا، حَتَّی لَوْ صَالَحَ عَنْ الْعَیْنِ بِمَالٍ فَهِیَ بِأَجْمَعِهَا حَرَامٌ وَ لَا یُسْتَثْنَی لَهُ مِنْهَا مِقْدَارُ مَا دَفَعَ مِنْ الْعِوَضِ؛ لِفَسَادِ الْمُعَاوَضَهِ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ.

نَعَمْ لَوْ اسْتَنَدَتْ الدَّعْوَی إلَی قَرِینَهٍ کَمَا لَوْ وُجِدَ بِخَطِّ مُورَثِهِ أَنَّ لَهُ حَقًّا عَلَی أَحَدٍ فَأَنْکَرَ وَ صَالَحَهُ عَلَی إسْقَاطِهَا بِمَالٍ فَالْمُتَّجَهُ صِحَّهُ الصُّلْحِ.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَوَجَّهَتْ الدَّعْوَی بِالتُّهْمَهِ؛ لِأَنَّ الْیَمِینَ حَقٌّ یَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَی إسْقَاطِهَا.

(إلَّا مَا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا) کَذَا وَرَدَ فِی الْحَدِیثِ النَّبَوِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ فَسَّرَ تَحْلِیلَ الْحَرَامِ بِالصُّلْحِ عَلَی اسْتِرْقَاقِ حُرٍّ، أَوْ اسْتِبَاحَهِ بُضْعٍ لَا سَبَبَ لِاسْتِبَاحَتِهِ غَیْرُهُ، أَوْ لِیَشْرَبَ الْخَمْرَ وَ نَحْوَهُ وَ تَحْرِیمُ الْحَلَالِ بِأَنْ لَا یَطَأَ أَحَدُهُمَا حَلِیلَتَهُ، أَوْ لَا یَنْتَفِعَ بِمَالِهِ وَ نَحْوِهِ وَ الصُّلْحُ عَلَی مِثْلِ هَذِهِ بَاطِلٌ ظَاهِرًا وَ بَاطِنًا.

وَفُسِّرَ بِصُلْحِ الْمُنْکِرِ عَلَی بَعْضِ الْمُدَّعَی، أَوْ مَنْفَعَتِهِ، أَوْ بَدَلِهِ مَعَ کَوْنِ أَحَدِهِمَا عَالِمًا بِبُطْلَانِ الدَّعْوَی، لَکِنَّهُ هُنَا صَحِیحٌ ظَاهِرًا وَ إِنْ فَسَدَ بَاطِنًا وَ هُوَ صَالِحٌ لِلْأَمْرَیْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْکَاذِبِ وَ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُحِقِّ. وَ حَیْثُ کَانَ عَقْدًا جَائِزًا فِی الْجُمْلَهِ (فَیَلْزَمُ بِالْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ الصَّادِرَیْنِ مِنْ الْکَامِلِ) بِالْبُلُوغِ وَ الرُّشْدِ (الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ) بِرَفْعِ الْحَجْرِ وَ تَصِحُّ وَ ظِیفَهُ کُلٍّ مَنْ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ مِنْ کُلٍّ مِنْهُمَا بِلَفْظِ صَالَحْت وَ قَبِلْت وَ تَفْرِیعُ اللُّزُومِ عَلَی مَا تَقَدَّمَ غَیْرُ حَسَنٍ، لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ وَ لَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ کَانَ أَوْضَحَ وَ یُمْکِنُ الْتِفَاتُهُ إلَی أَنَّهُ عَقْدٌ وَ الْأَصْلُ فِی الْعُقُودِ اللُّزُومُ، إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِیلُ، لِلْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِهَا فِی الْآیَهِ الْمُقْتَضِی لَهُ.

(وَ هُوَ أَصْلٌ فِی نَفْسِهِ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ وَ أَشْهَرِهِمَا، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْفَرْعِیَّهِ، لَا فَرْعُ الْبَیْعِ وَ الْهِبَهِ وَ الْإِجَارَهِ وَ الْعَارِیَّهِ وَ الْإِبْرَاءِ کَمَا ذَهَبَ إلَیْهِ الشَّیْخُ فَجَعَلَهُ فَرْعَ الْبَیْعِ إذَا أَفَادَ نَقْلَ الْعَیْنِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَ فَرْعَ الْإِجَارَهِ إذَا وَقَعَ عَلَی مَنْفَعَهٍ مَعْلُومَهٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَ فَرْعَ الْعَارِیَّهِ إذَا تَضَمَّنَ إبَاحَهَ مَنْفَعَهٍ بِغَیْرِ عِوَضٍ وَ فَرْعَ الْهِبَهِ إذَا تَضَمَّنَ مِلْکَ الْعَیْنِ بِغَیْرِ عِوَضٍ وَ فَرْعَ الْإِبْرَاءِ إذَا تَضَمَّنَ إسْقَاطَ دَیْنٍ اسْتِنَادًا إلَی إفَادَتِهِ فَائِدَتَهَا حَیْثُ یَقَعُ عَلَی ذَلِکَ الْوَجْهِ فَیَلْحَقُهُ حُکْمُ مَا أُلْحِقَ بِهِ.

وَفِیهِ أَنَّ إفَادَهَ عَقْدٍ فَائِدَهَ آخَرَ لَا تَقْتَضِی الِاتِّحَادَ، کَمَا لَا تَقْتَضِی الْهِبَهُ بِعِوَضٍ مُعَیَّنٍ فَائِدَهَ الْبَیْعِ.

(وَ لَا یَکُونُ طَلَبُهُ إقْرَارًا) لِصِحَّتِهِ مَعَ الْإِقْرَارِ وَ الْإِنْکَارِ وَ نَبَّهَ بِهِ عَلَی خِلَافِ بَعْضِ الْعَامَّهِ الذَّاهِبِ إلَی عَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ الْإِنْکَارِ حَیْثُ فَرَّعَ عَلَیْهِ أَنَّ طَلَبَهُ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ یَنْصَرِفُ إلَی الصَّحِیحِ وَ إِنَّمَا یَصِحُّ مَعَ الْإِقْرَارِ فَیَکُونُ مُسْتَلْزِمًا لَهُ. (وَ لَوْ اصْطَلَحَ الشَّرِیکَانِ عَلَی أَخْذِ أَحَدِهِمَا رَأْسَ الْمَالِ وَ الْبَاقِی لِلْآخَرِ رَبِحَ أَوْ خَسِرَ صَحَّ عِنْدَ انْقِضَاءِ الشَّرِکَهِ) وَ إِرَادَهِ فَسْخِهَا لِتَکُونَ الزِّیَادَهُ مَعَ مَنْ هِیَ مَعَهُ بِمَنْزِلَهِ الْهِبَهِ وَ الْخُسْرَانُ عَلَی مَنْ هُوَ عَلَیْهِ بِمَنْزِلَهِ الْإِبْرَاءِ.

(وَ لَوْ شَرَطَا بَقَاءَهُمَا عَلَی ذَلِکَ) بِحَیْثُ یَکُونُ مَا یَتَجَدَّدُ مِنْ الرِّبْحِ وَ الْخُسْرَانِ لِأَحَدِهِمَا، دُونَ الْآخَرِ (فَفِیهِ نَظَرٌ) مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِوَضْعِ الشَّرِکَهِ حَیْثُ إنَّهَا تَقْتَضِی کَوْنَهُمَا عَلَی حَسَبِ رَأْسِ الْمَالِ وَ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَایَهِ بِجَوَازِهِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ مِنْ غَیْرِ تَقْیِیدٍ بِإِرَادَهِ الْقِسْمَهِ صَرِیحًا فَیَجُوزُ مَعَ ظُهُورِهِ، أَوْ ظُهُورِ الْخَسَارَهِ مُطْلَقًا.

وَیُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ نَظَرُهُ فِی جَوَازِ الشَّرْطِ مُطْلَقًا وَ إِنْ کَانَ فِی ابْتِدَاءِ الشَّرِکَهِ، کَمَا ذَهَبَ إلَیْهِ الشَّیْخُ وَ جَمَاعَهٌ زَاعِمِینَ أَنَّ إطْلَاقَ الرِّوَایَهِ یَدُلُّ عَلَیْهِ وَ لِعُمُومِ { الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ }.

وَالْأَقْوَی الْمَنْعُ.

وَهُوَ مُخْتَارُهُ فِی الدُّرُوسِ.

(وَیَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَی کُلٍّ مِنْ الْعَیْنِ وَ الْمَنْفَعَهِ بِمِثْلِهِ وَ جِنْسِهِ وَ مُخَالِفِهِ)

لِأَنَّهُ بِإِفَادَتِهِ فَائِدَهَ الْبَیْعِ صَحَّ عَلَی الْعَیْنِ وَ بِإِفَادَتِهِ فَائِدَهَ الْإِجَارَهِ صَحَّ عَلَی الْمَنْفَعَهِ وَ الْحُکْمُ فِی الْمُمَاثِلِ وَ الْمُجَانِسِ وَ الْمُخَالِفِ فَرْعُ ذَلِکَ وَ الْأَصْلُ وَ الْعُمُومُ یَقْتَضِیَانِ صِحَّهَ الْجَمِیعِ، بَلْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا کَالصُّلْحِ عَلَی حَقِّ الشُّفْعَهِ وَ الْخِیَارِ وَ أَوْلَوِیَّهِ التَّحْجِیرِ وَ السُّوقِ وَ الْمَسْجِدِ بِعَیْنٍ وَ مَنْفَعَهٍ وَ حَقٍّ آخَرَ، لِلْعُمُومِ.

(وَ لَوْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْعِوَضِ الْمُعَیَّنِ) مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَیْنِ (بَطَلَ الصُّلْحُ) کَالْبَیْعِ وَ لَوْ کَانَ مُطْلَقًا رَجَعَ بِبَدَلِهِ وَ لَوْ ظَهَرَ فِی الْمُعَیَّنِ عَیْبٌ فَلَهُ الْفَسْخُ.

وَفِی تَخْیِیرِهِ بَیْنَهُ و بین الْأَرْشِ وَجْهٌ قَوِیٌّ وَ لَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ لَا یُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فَفِی ثُبُوتِ الْخِیَارِ کَالْبَیْعِ وَجْهٌ قَوِیٌّ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ الْمَنْفِیِّ الَّذِی یَثْبُتُ بِمِثْلِهِ الْخِیَارُ فِی الْبَیْعِ.

(وَلَا یُعْتَبَرُ فِی الصُّلْحِ عَلَی النَّقْدَیْنِ الْقَبْضُ فِی الْمَجْلِسِ)

؛ لِاخْتِصَاصِ الصَّرْفِ بِالْبَیْعِ وَ أَصَالَهِ الصُّلْحِ وَ یَجِیءُ عَلَی قَوْلِ الشَّیْخِ اعْتِبَارُهُ.

وَأَمَّا مِنْ حَیْثُ الرِّبَا کَمَا لَوْ کَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَقْوَی ثُبُوتُهُ فِیهِ، بَلْ فِی کُلِّ مُعَاوَضَهٍ، لِإِطْلَاقِ التَّحْرِیمِ فِی الْآیَهِ وَ الْخَبَرِ. (وَ لَوْ أَتْلَفَ عَلَیْهِ ثَوْبًا یُسَاوِی دِرْهَمَیْنِ فَصَالَحَ عَلَی أَکْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ فَالْمَشْهُورُ الصِّحَّهُ)؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ الصُّلْحِ الثَّوْبُ، لَا الدِّرْهَمَانِ.

وَهَذَا إنَّمَا یَتِمُّ عَلَی الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْقِیَمِیِّ بِمِثْلِهِ، لِیَکُونَ الثَّابِتُ فِی الذِّمَّهِ ثَوْبًا فَیَکُونَ هُوَ مُتَعَلِّقَ الصُّلْحِ، أَمَّا عَلَی الْقَوْلِ الْأَصَحِّ مِنْ ضَمَانِهِ بِقِیمَتِهِ فَاللَّازِمُ لِذِمَّتِهِ إنَّمَا هُوَ الدِّرْهَمَانِ فَلَا یَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَیْهِمَا بِزِیَادَهٍ عَنْهُمَا وَ لَا نُقْصَانٍ مَعَ اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَ لَوْ قُلْنَا بِاخْتِصَاصِ الرِّبَا بِالْبَیْعِ تَوَجَّهَ الْجَوَازُ أَیْضًا، لَکِنَّ الْمُجَوِّزَ لَا یَقُولُ بِهِ. (وَ لَوْ صَالَحَ مُنْکِرُ الدَّارِ عَلَی سُکْنَی الْمُدَّعِی سَنَهً فِیهَا صَحَّ) لِلْأَصْلِ وَ یَکُونُ هُنَا مُفِیدًا فَائِدَهَ الْعَارِیَّهِ، (وَ لَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَی سُکْنَی الْمُقِرِّ صَحَّ) أَیْضًا، (وَ لَا رُجُوعَ) فِی الصُّورَتَیْنِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَ لَیْسَ فَرْعًا عَلَی غَیْرِهِ.

(وَ عَلَی الْقَوْلِ بِفَرْعِیَّهِ الْعَارِیَّهِ، لَهُ الرُّجُوعُ) فِی الصُّورَتَیْنِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ الْمَنْفَعَهَ بِغَیْرِ عِوَضٍ فِیهِمَا.

وَالْعَیْنُ الْخَارِجَهُ مِنْ یَدِ الْمُقِرِّ لَیْسَتْ عِوَضًا عَنْ الْمَنْفَعَهِ الرَّاجِعَهِ إلَیْهِ؛ لِثُبُوتِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْإِقْرَارِ قَبْلَ أَنْ یَقَعَ الصُّلْحُ فَلَا یَکُونُ فِی مُقَابَلَهِ الْمَنْفَعَهِ عِوَضٌ فَیَکُونُ عَارِیَّهً یَلْزَمُهُ حُکْمُهَا مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ فِیهِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا. (وَ لَمَّا کَانَ الصُّلْحُ مَشْرُوعًا لِقَطْعِ التَّجَاذُبِ وَ التَّنَازُعِ) بَیْنَ الْمُتَخَاصِمَیْنِ بِحَسَبِ أَصْلِهِ وَ إِنْ صَارَ بَعْدَ ذَلِکَ أَصْلًا مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی سَبْقِ خُصُومَهٍ (ذُکِرَ فِیهِ أَحْکَامٌ مِنْ التَّنَازُعِ) بِحَسَبِ مَا اعْتَادَهُ الْمُصَنِّفُونَ، (وَلْنُشِرْ) فِی هَذَا الْمُخْتَصَرِ (إلَی بَعْضِهَا فِی مَسَائِلَ):

الْأُولَی -

(لَوْ کَانَ بِیَدِهِمَا دِرْهَمَانِ فَادَّعَاهُمَا أَحَدُهُمَا وَ ادَّعَی الْآخَرُ أَحَدَهُمَا) خَاصَّهً (فَلِلثَّانِی نِصْفُ دِرْهَمٍ) لِاعْتِرَافِهِ بِاخْتِصَاصِ غَرِیمِهِ بِأَحَدِهِمَا وَ وُقُوعِ النِّزَاعِ فِی الْآخَرِ مَعَ تَسَاوِیهِمَا فِیهِ یَدًا فَیُقْسَمُ بَیْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِ کُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَی اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَ مَنْ نَکَلَ مِنْهُمَا قُضِیَ بِهِ لِلْآخَرِ وَ لَوْ نَکَلَا مَعًا، أَوْ حَلَفَا قُسِمَ بَیْنَهُمَا نِصْفَیْنِ، (وَلِلْأَوَّلِ الْبَاقِی) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ: وَ یَشْکُلُ إذَا ادَّعَی الثَّانِی النِّصْفَ مُشَاعًا فَإِنَّهُ تَقْوَی الْقِسْمَهُ نِصْفَیْنِ وَ یَحْلِفُ الثَّانِی لِلْأَوَّلِ وَ کَذَا فِی کُلِّ مُشَاعٍ وَ ذَکَرَ فِیهَا أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ یَذْکُرُوا هُنَا یَمِینًا وَ ذَکَرُوا الْمَسْأَلَهَ فِی بَابِ الصُّلْحِ فَجَازَ أَنْ یَکُونَ الصُّلْحُ قَهْرِیًّا وَ جَازَ أَنْ یَکُونَ اخْتِیَارِیًّا، فَإِنْ امْتَنَعَا فَالْیَمِینُ.

وَمَا حَکَیْنَاهُ نَحْنُ مِنْ الْیَمِینِ ذَکَرَهُ الْعَلَّامَهُ فِی التَّذْکِرَهِ أَیْضًا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ یُرِیدُ أَنَّ الْکَثِیرَ لَمْ یَذْکُرْهُ. (وَ کَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ دِرْهَمَیْنِ وَ آخَرُ دِرْهَمًا وَ امْتَزَجَا لَا بِتَفْرِیطٍ وَ تَلِفَ أَحَدُهُمَا) فَإِنَّهُ یَخْتَصُّ ذُو الدِّرْهَمَیْنِ بِوَاحِدٍ وَ یُقْسَمُ الْآخَرُ بَیْنَهُمَا.

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَیْنَ الْأَصْحَابِ وَ رَوَاهُ السَّکُونِیُّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَیَشْکُلُ هُنَا مَعَ ضَعْفِ الْمُسْتَنَدِ بِأَنَّ التَّالِفَ لَا یُحْتَمَلُ کَوْنُهُ لَهُمَا، بَلْ مِنْ أَحَدِهِمَا خَاصَّهً، لِامْتِنَاعِ الْإِشَاعَهِ هُنَا فَکَیْفَ یُقْسَمُ الدِّرْهَمُ بَیْنَهُمَا، مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَحَدِهِمَا قَطْعًا.

وَاَلَّذِی یَقْتَضِیهِ النَّظَرُ وَ تَشْهَدُ لَهُ الْأُصُولُ الشَّرْعِیَّهُ: الْقَوْلُ بِالْقُرْعَهِ فِی أَحَدِ الدِّرْهَمَیْنِ وَ مَالَ إلَیْهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ، لَکِنَّهُ لَمْ یَجْسُرْ عَلَی مُخَالَفَهِ الْأَصْحَابِ وَ الْقَوْلُ فِی الْیَمِینِ کَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَعَرُّضِ الْأَصْحَابِ لَهُ وَ رُبَّمَا امْتَنَعَ هُنَا إذَا لَمْ یَعْلَمْ الْحَالِفُ عَیْنَ حَقِّهِ.

وَاحْتَرَزَ بِالتَّلَفِ لَا عَنْ تَفْرِیطٍ عَمَّا لَوْ کَانَ بِتَفْرِیطٍ فَإِنَّ الْمُدَّعِیَ یَضْمَنُ التَّالِفَ فَیُضَمُّ إلَیْهِمَا وَ یَقْتَسِمَانِهِمَا مِنْ غَیْرِ کَسْرٍ وَ قَدْ یَقَعُ مَعَ ذَلِکَ التَّعَاسُرُ عَلَی الْعَیْنِ فَیَتَّجِهُ الْقُرْعَهُ وَ لَوْ کَانَ بَدَلُ الدَّرَاهِمِ مَالًا یَمْتَزِجُ أَجْزَاؤُهُ بِحَیْثُ لَا یَتَمَیَّزُ وَ هُوَ مُتَسَاوِیهَا کَالْحِنْطَهِ وَ الشَّعِیرِ و کان لِأَحَدِهِمَا قَفِیزَانِ مَثَلًا وَ لِلْآخَرِ قَفِیزٌ وَ تَلِفَ قَفِیزٌ بَعْدَ امْتِزَاجِهِمَا بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ فَالتَّالِفُ عَلَی نِسْبَهِ الْمَالَیْنِ وَ کَذَا الْبَاقِی فَیَکُونُ لِصَاحِبِ الْقَفِیزَیْنِ قَفِیزٌ وَ ثُلُثُ وَ لِلْآخَرِ ثُلُثَا قَفِیزٍ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الذَّاهِبَ هُنَا عَلَیْهِمَا مَعًا، بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَحَدِهِمَا قَطْعًا.

الثَّانِیَهُ -

(یَجُوزُ جَعْلُ السَّقْیِ بِالْمَاءِ عِوَضًا لِلصُّلْحِ) بِأَنْ یَکُونَ مَوْرِدُهُ أَمْرًا آخَرَ مِنْ عَیْنٍ، أَوْ مَنْفَعَهٍ، (وَ) کَذَا یَجُوزُ کَوْنُهُ (مَوْرِدًا لَهُ) وَ عِوَضُهُ أَمْرًا آخَرَ کَذَلِکَ وَ کَذَا لَوْ کَانَ أَحَدُهُمَا عِوَضًا وَ الْآخَرُ مَوْرِدًا کُلُّ ذَلِکَ مَعَ ضَبْطِهِ بِمُدَّهٍ مَعْلُومَهٍ وَ لَوْ تَعَلَّقَ بِسَقْیِ شَیْءٍ مَضْبُوطٍ دَائِمًا، أَوْ بِالسَّقْیِ بِالْمَاءِ أَجْمَعَ دَائِمًا وَ إِنْ جَهِلَ الْمُسْقَی لَمْ یَبْعُدْ الصِّحَّهَ وَ خَالَفَ الشَّیْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْجَمِیعِ مُحْتَجًّا بِجَهَالَهِ الْمَاءِ، مَعَ أَنَّهُ جَوَّزَ بَیْعَ مَاءِ الْعَیْنِ وَ الْبِئْرِ وَ بَیْعَ جُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ وَ جَعَلَهُ عِوَضًا لِلصُّلْحِ وَ یُمْکِنُ تَخْصِیصُهُ الْمَنْعَ هُنَا بِغَیْرِ الْمَضْبُوطِ کَمَا اتَّفَقَ مُطْلَقًا فِی عِبَارَهٍ کَثِیرٍ. (وَ کَذَا) یَصِحُّ الصُّلْحُ (عَلَی إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَی سَطْحِهِ، أَوْ سَاحَتِهِ) جَاعِلًا لَهُ عِوَضًا وَ مَوْرِدًا (بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِی یَجْرِی مِنْهُ الْمَاءُ) بِأَنْ یُقَدِّرَ مَجْرَاهُ طُولًا وَ عَرْضًا، لِتَرْتَفِعَ الْجَهَالَهُ عَنْ الْمَحَلِّ الْمُصَالَحِ عَلَیْهِ وَ لَا یُعْتَبَر تَعْیِینُ الْعُمْقِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَکَ شَیْئًا مَلَکَ قَرَارَهُ مُطْلَقًا، لَکِنْ یَنْبَغِی مُشَاهَدَهُ الْمَاءِ، أَوْ وَصْفُهُ، لِاخْتِلَافِ الْحَالِ بِقِلَّتِهِ وَ کَثْرَتِهِ وَ لَوْ کَانَ مَاءَ مَطَرٍ اخْتَلَفَ أَیْضًا بِکِبَرِ مَا یَقَعُ عَلَیْهِ وَ صِغَرِهِ فَمَعْرِفَتُهُ تَحْصُلُ بِمَعْرِفَهِ مَحَلِّهِ وَ لَوْ سَقَطَ السَّطْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ أَوْ احْتَاجَتْ السَّاقِیَهُ إلَی إصْلَاحٍ فَعَلَی مَالِکِهِمَا، لِتَوَقُّفِ الْحَقِّ عَلَیْهِ وَ لَیْسَ عَلَی الْمُصَالَحِ مُسَاعَدَتُهُ.

الثَّالِثَهُ -

(لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَ الْعُلْوِ فِی جِدَارِ الْبَیْتِ حَلَفَ صَاحِبُ السُّفْلِ)، لِأَنَّ جُدْرَانَ الْبَیْتِ کَالْجُزْءِ مِنْهُ فَیُحْکَمُ بِهَا لِصَاحِبِ الْجُمْلَهِ وَ قِیلَ: تَکُونُ بَیْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إلَیْهِ وَاحِدَهٌ وَ الْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ، (وَ) لَوْ تَنَازَعَا (فِی جُدْرَانِ الْغُرْفَهِ یَحْلِفُ صَاحِبُهَا) لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْجُزْئِیَّهِ وَ لَا إشْکَالَ هُنَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَیْتِ لَا تَعَلُّقُ لَهُ بِهِ إلَّا کَوْنُهُ مَوْضُوعًا عَلَی مِلْکِهِ وَ ذَلِکَ لَا یَقْتَضِی الْمِلْکِیَّهَ، مَعَ مُعَارَضَهِ الْیَدِ، (وَ کَذَا) یُقَدَّمُ قَوْلُ صَاحِبِ الْغُرْفَهِ لَوْ تَنَازَعَا (فِی سَقْفِهَا) الَّذِی هُوَ فَوْقَهَا، لِاخْتِصَاصِ صَاحِبِهَا بِالِانْتِفَاعِ بِهِ کَالْجِدَارِ وَ أَوْلَی.

(وَ لَوْ تَنَازَعَا فِی سَقْفِ الْبَیْتِ) الْمُتَوَسِّطِ بَیْنَهُمَا الْحَامِلِ لِلْغُرْفَهِ (أُقْرِعَ بَیْنَهُمَا)؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِی الْحَاجَهِ إلَیْهِ وَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَ الْقُرْعَهُ لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْتَبَهٍ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْقُرْعَهِ الْمَحَلُّ الَّذِی لَا یَحْتَمِلُ اشْتِرَاکَهُ بَیْنَ الْمُتَنَازِعَیْنِ بَلْ هُوَ حَقٌّ لِأَحَدِهِمَا مُشْتَبِهٌ وَ هُنَا لَیْسَ کَذَلِکَ، لِأَنَّهُ کَمَا یَجُوزُ کَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا یَجُوزُ کَوْنُهُ لَهُمَا مَعًا؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِیهِ، لِأَنَّهُ سَقْفٌ لِصَاحِبِ الْبَیْتِ وَ أَرْضٌ لِصَاحِبِ الْغُرْفَهِ فَکَانَ کَالْجُزْءِ مِنْ کُلٍّ مِنْهُمَا.

وَفِی الدُّرُوسِ قَوَّی اشْتِرَاکَهُمَا فِیهِ مَعَ حَلِفِهِمَا، أَوْ نُکُولِهِمَا وَ إِلَّا اخْتَصَّ بِالْحَالِفِ لِمَا ذَکَرَ مِنْ الْوَجْهِ.

وَقِیلَ یُقْضَی بِهِ لِصَاحِبِ الْغُرْفَهِ، لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ، لِکَوْنِهِ أَرْضَهَا وَ الْبَیْتُ یَتَحَقَّقُ بِدُونِ السَّقْفِ وَ هُمَا مُتَصَادِقَانِ عَلَی أَنَّ هُنَا غُرْفَهً فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا وَ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِیهِ أَغْلَبُ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ.

وَلَیْسَ بِبَعِیدٍ.

وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ فِی السَّقْفِ الَّذِی یُمْکِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْبَیْتِ أَمَّا مَا لَا یُمْکِنُ کَالْأَزَجِ الَّذِی لَا یُعْقَلُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْجِدَارِ الْأَسْفَلِ، لِاحْتِیَاجِهِ إلَی إخْرَاجِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ عَنْ سَمْتِ وَجْهِ الْجِدَارِ قَبْلَ انْتِهَائِهِ لِیَکُونَ حَامِلًا لِلْعَقْدِ فَیَحْصُلُ بِهِ التَّرْصِیفُ بَیْنَ السَّقْفِ وَ الْجُدْرَانِ فَهُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ بِیَمِینِهِ، لِدَلَالَهِ ذَلِکَ عَلَی جُزْئِیَّتِهِ مِنْهُ.

الرَّابِعَهُ -

(إذَا تَنَازَعَ صَاحِبُ غُرَفِ الْخَانِ وَ صَاحِبُ بُیُوتِهِ فِی الْمَسْلَکِ).

وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَجْمُوعُ الصَّحْنِ بِدَلِیلِ قوله:

(حَلَفَ صَاحِبُ الْغُرَفِ فِی قَدْرِ مَا یَسْلُکُهُ وَ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَی الزَّائِدِ)؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ لَوْ وَقَعَ عَلَی مَسْلَکٍ فِی الْجُمْلَهِ، أَوْ مُعَیَّنٍ لَا یَزِیدُ عَنْ الْقَدْرِ لَمْ یَکُنْ عَلَی الْآخَرِ حَلِفٌ؛ لِعَدَمِ مُنَازَعَتِهِ لَهُ فِی الزَّائِدِ.

وَوَجْهُ الْحُکْمِ لِلْأَعْلَی بِقَدْرِ الْمَسْلَکِ کَوْنُهُ مِنْ ضَرُورَهِ الِانْتِفَاعِ بِالْغُرَفِ وَ لَهُ عَلَیْهِ یَدٌ فِی جُمْلَهِ الصَّحْنِ.

وَأَمَّا الزَّائِدُ عَنْهُ فَاخْتِصَاصُ صَاحِبِ الْبُیُوتِ بِهِ أَقْوَی؛ لِأَنَّهُ دَارٌ لِبُیُوتِهِ فَیُقَدَّمُ قَوْلُ کُلٍّ مِنْهُمَا فِیمَا یَظْهَرُ اخْتِصَاصُهُ بِهِ.

وَفِی الدُّرُوسِ رَجَّحَ کَوْنَ الْمَسْلَکِ بَیْنَهُمَا وَ اخْتِصَاصَ الْأَسْفَلِ بِالْبَاقِی.

وَعَلَیْهِ جَمَاعَهٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السُّفْلِ یُشَارِکُهُ فِی التَّصَرُّفِ فِیهِ وَ یَنْفَرِدُ بِالْبَاقِی فَیَکُونُ قَدْرُ الْمَسْلَکِ بَیْنَهُمَا وَ احْتُمِلَ الِاشْتِرَاکُ فِی الْعَرْصَهِ أَجْمَعَ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَعْلَی لَا یُکَلَّفُ الْمُرُورَ عَلَی خَطٍّ مُسْتَوٍ وَ لَا یُمْنَعُ مِنْ وَضْعٍ شَیْءٍ فِیهَا وَ لَا مِنْ الْجُلُوسِ قَلِیلًا فَلَهُ یَدٌ عَلَی الْجَمِیعِ فِی الْجُمْلَهِ کَالْأَسْفَلِ.

ثُمَّ إنْ کَانَ الْمَرْقَی فِی صَدْرِ الصَّحْنِ تَشَارَکَا فِی الْمَمَرِّ إلَیْهِ، أَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْأَعْلَی وَ إِنْ کَانَ الْمَرْقَی فِی دِهْلِیزِهِ خَارِجًا، لَمْ یُشَارِکْ الْأَسْفَلُ فِی شَیْءٍ مِنْ الصَّحْنِ، إذْ لَا یَدَ لَهُ عَلَی شَیْءٍ مِنْهَا وَ لَوْ کَانَ الْمَرْقَی فِی ظَهْرِهِ اُخْتُصَّ صَاحِبُ السُّفْلِ بِالصَّحْنِ وَ الدِّهْلِیزِ أَجْمَعَ.

(وَ) لَوْ تَنَازَعَا (فِی الدَّرَجَهِ یَحْلِفُ الْعُلْوِیُّ)؛ لِاخْتِصَاصِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِیهَا بِالسُّلُوکِ وَ إِنْ کَانَتْ مَوْضُوعَهً فِی أَرْضِ صَاحِبِ السُّفْلِ وَ کَمَا یُحْکَمُ بِهَا لِلْأَعْلَی یُحْکَمُ بِمَحَلِّهَا، (وَ فِی الْخِزَانَهِ تَحْتَهَا یُقْرَعُ) بَیْنَهُمَا؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِیهَا بِکَوْنِهَا مُتَّصِلَهً بِمِلْکِ الْأَسْفَلِ، بَلْ مِنْ جُمْلَهِ بُیُوتِهِ وَ کَوْنُهَا هَوَاءً لِمِلْکِ الْأَعْلَی وَ هُوَ کَالْقَرَارِ فَیُقْرَعُ.

وَیَشْکُلُ بِمَا مَرَّ فِی السَّقْفِ وَ یُقَوَّی اسْتِوَاؤُهُمَا فِیهَا مَعَ حَلِفِ کُلٍّ لِصَاحِبِهِ وَ هُوَ اخْتِیَارُهُ فِی الدُّرُوسِ وَ لَا عِبْرَهَ بِوَضْعِ الْأَسْفَلِ آلَاتِهِ تَحْتَهَا.

وَیَشْکُلُ أَیْضًا الْحُکْمُ فِی الدَّرَجَهِ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِی الْخِزَانَهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُضِیَ بِالْخِزَانَهِ لَهُمَا، أَوْ حُکِمَ بِهَا لِلْأَسْفَلِ بِوَجْهٍ تَکُونُ الدَّرَجَهُ کَالسَّقْفِ الْمُتَوَسِّطِ بَیْنَ الْأَعْلَی وَ الْأَسْفَلِ، لِعَیْنِ مَا ذُکِرَ، خُصُوصًا مَعَ الْحُکْمِ بِهَا لِلْأَسْفَلِ وَحْدَهُ فَیَنْبَغِی حِینَئِذٍ أَنْ یَجْرِیَ فِیهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ وَ مُرَجِّحَهُ وَ لَوْ قَضَیْنَا بِالسَّقْفِ لِلْأَعْلَی زَالَ الْإِشْکَالُ هُنَا وَ إِنَّمَا یَأْتِی عَلَی مَذْهَبِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَ فِی الدُّرُوسِ فَإِنَّهُ لَا یُجَامِعُ اخْتِصَاصَ الْعُلْوِیِّ بِهَا مُطْلَقًا.

الْخَامِسَهُ -

(لَوْ تَنَازَعَ رَاکِبُ الدَّابَّهِ وَ قَابِضُ لِجَامَهَا) فِیهَا (حَلَفَ الرَّاکِبُ) لِقُوَّهِ یَدِهِ وَ شِدَّهِ تَصَرُّفِهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْقَابِضِ.

وَقِیلَ: یَسْتَوِیَانِ فِی الدَّعْوَی، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الْیَدِ وَ قُوَّتُهَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی التَّرْجِیحِ وَ لِهَذَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِی ثَوْبٍ بِیَدِ أَحَدِهِمَا أَکْثَرُهُ کَمَا سَیَأْتِی وَ مَا مَعَ الرَّاکِبِ مِنْ زِیَادَهِ نَوْعِ التَّصَرُّفِ لَمْ یَثْبُتْ شَرْعًا کَوْنُهُ مُرَجِّحًا وَ تَعْرِیفُ الْمُدَّعِی وَ الْمُنْکِرِ مُنْطَبِقٌ عَلَیْهِمَا.

وَهُوَ قَوِیٌّ فَیَحْلِفُ کُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ لَمْ یَکُنْ بَیِّنَهٌ وَ أَمَّا اللِّجَامُ فَیُقْضَی بِهِ لِمَنْ هُوَ فِی یَدِهِ وَ السَّرْجُ لِرَاکِبِهِ (وَ لَوْ تَنَازَعَا ثَوْبًا فِی یَدِ أَحَدِهِمَا أَکْثَرُهُ فَهُمَا سَوَاءٌ، لِاشْتِرَاکِهِمَا) فِی الْیَدِ وَ لَا تَرْجِیحَ لِقُوَّتِهَا وَ التَّصَرُّفُ هُنَا وَ إِنْ اخْتَلَفَ کَثْرَهً وَ قِلَّهً لَکِنَّهُ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ الرُّکُوبِ وَ قَبْضِ اللِّجَامِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ أَحَدُهُمَا مُمْسِکًا لَهُ وَ الْآخَرُ لَابِسًا فَکَمَسْأَلَهِ الرَّاکِبِ وَ الْقَابِضِ، لِزِیَادَهِ تَصَرُّفِ اللَّابِسِ عَلَی الْیَدِ الْمُشْتَرَکَهِ.

(وَ کَذَا) لَوْ تَنَازَعَا (فِی الْعَبْدِ وَ عَلَیْهِ ثِیَابٌ لِأَحَدِهِمَا) وَ یَدُهُمَا (عَلَیْهِ) فَلَا یُرَجَّحُ صَاحِبُ الثِّیَابِ کَمَا یُرَجَّحُ الرَّاکِبُ بِزِیَادَهِ ذَلِکَ عَلَی یَدِهِ إذْ لَا دَخْلَ لِلُّبْسِ فِی الْمِلْکِ، بِخِلَافِ الرُّکُوبِ، فَإِنَّهُ قَدْ یَلْبَسَهَا بِغَیْرِ إذْنِ مَالِکِهَا، أَوْ بِقَوْلِهِ، أَوْ بِالْعَارِیَّهِ وَ لَا یَرِدُ مِثْلُهُ فِی الرُّکُوبِ؛ لِأَنَّ الرَّاکِبَ ذُو یَدٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْیَدَ لِلْمُدَّعِی، لَا لَهُ.

وَیَتَفَرَّع عَلَیْهِ مَا لَوْ کَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَیْهِ یَدٌ وَ لِلْآخَرِ ثِیَابٌ خَاصَّهٌ فَالْعِبْرَهُ بِصَاحِبِ الْیَدِ.

(وَیُرَجَّحُ صَاحِبُ الْحَمْلِ فِی دَعْوَی الْبَهِیمَهِ الْحَامِلَهِ) وَ إِنْ کَانَ لِلْآخَرِ عَلَیْهَا یَدٌ أَیْضًا بِقَبْضِ زِمَامٍ وَ نَحْوِهِ، لِدَلَالَهِ الْحَمْلِ عَلَی کَمَالِ اسْتِیلَاءِ مَالِکِهِ عَلَیْهَا فَیُرَجَّحُ.

وَفِی الدُّرُوسِ سَوَّی بَیْنَ الرَّاکِبِ وَ لَابِسِ الثَّوْبِ وَ ذِی الْحَمْلِ فِی الْحُکْمِ.

وَهُوَ حَسَنٌ، (وَ) کَذَا یُرَجَّحُ (صَاحِبُ الْبَیْتِ فِی) دَعْوَی (الْغُرْفَهِ) الْکَائِنَهِ (عَلَیْهِ وَ إِنْ کَانَ بَابُهَا مَفْتُوحًا) إلَی الْمُدَّعِی الْآخَرِ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَهٌ فِی مِلْکِهِ وَ هُوَ هَوَاءُ بَیْتِهِ وَ مُجَرَّدُ فَتْحِ الْبَابِ إلَی الْغَیْرِ لَا یُفِیدُ الْیَدَ.

هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ مَنْ إلَیْهِ الْبَابُ مُتَصَرِّفًا فِیهَا بِسُکْنَی وَ غَیْرِهَا وَ إِلَّا قُدِّمَ؛ لِأَنَّ یَدَهُ عَلَیْهَا بِالذَّاتِ، لِاقْتِضَاءِ التَّصَرُّفِ لَهُ، وَیَدُ مَالِک الْهَوَاءِ بِالتَّبَعِیَّهِ وَ الذَّاتِیَّهُ أَقْوَی، مَعَ احْتِمَالِ التَّسَاوِی؛ لِثُبُوتِ الْیَدِ مِنْ الْجَانِبَیْنِ فِی الْجُمْلَهِ وَ عَدَمِ تَأْثِیرِ قُوَّهِ الْیَدِ.

السَّادِسَهُ -

(لَوْ تَدَاعَیَا جِدَارًا غَیْرَ مُتَّصِلٍ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا، أَوْ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا) مَعًا اتِّصَالَ تَرْصِیفٍ وَ هُوَ تَدَاخُلُ الْأَحْجَارِ وَ نَحْوِهَا عَلَی وَجْهٍ یَبْعُدُ کَوْنُهُ مُحْدَثًا بَعْدَ وَضْعِ الْحَائِطِ الْمُتَّصِلِ بِهِ (فَإِنْ حَلَفَا، أَوْ نَکَلَا فَهُوَ لَهُمَا وَ إِلَّا) فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَ نَکَلَ الْآخَرُ (فَهُوَ لِلْحَالِفِ وَ لَوْ اتَّصَلَ بِأَحَدِهِمَا) خَاصَّهً (حَلَفَ) وَ قُضِیَ لَهُ بِهِ.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ کَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَیْهِ قُبَّهٌ، أَوْ غُرْفَهٌ، أَوْ سُتْرَهٌ لِصَیْرُورَتِهِ بِجَمِیعِ ذَلِکَ ذَا یَدٍ فَعَلَیْهِ الْیَمِینُ مَعَ فَقْدِ الْبَیِّنَهِ.

(وَ کَذَا لَوْ کَانَ) لِأَحَدِهِمَا خَاصَّهً (عَلَیْهِ جِذْعٌ) فَإِنَّهُ یُقْضَی لَهُ بِهِ بِیَمِینِهِ، أَوْ لَهُمَا فَلَهُمَا وَ لَوْ اتَّصَلَ بِأَحَدِهِمَا و کان لِلْآخَرِ عَلَیْهِ جِذْعٌ تَسَاوَیَا عَلَی الْأَقْوَی وَ کَذَا لَوْ کَانَ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدَهٌ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ و مع الْآخَرِ الْبَاقِیَهُ، إذْ لَا أَثَرَ لِزِیَادَهِ الْیَدِ کَمَا سَلَف (أَمَّا الْخَوَارِجُ) مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَیْنِ أَوْ مِنْهُمَا مِنْ نَقْشٍ، أَوْ وَتَدٍ، أَوْ رَفٍّ وَ نَحْوِهَا (وَ الرَّوَازَنُ) کَالطَّاقَاتِ (فَلَا تَرْجِیحَ بِهَا)؛ لِإِمْکَانِ إحْدَاثِهَا مِنْ جِهَهِ وَاضِعِهَا مِنْ غَیْرِ شُعُورِ الْآخَرِ (إلَّا مَعَاقِدَ الْقِمْطِ) بِالْکَسْرِ وَ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِی یُشَدُّ بِهِ الْخُصُّ وَ بِالضَّمِّ جَمْعُ قِمَاطٍ وَ هِیَ شِدَادُ الْخُصِّ مِنْ لِیفٍ وَ خُوصٍ وَ غَیْرِهَا فَإِنَّهُ یُقْضَی بِهَا فَیُرَجَّحُ مَنْ إلَیْهِ مَعَاقِدُ الْقِمْطِ لَوْ تَنَازَعَا (فِی الْخُصِّ) بِالضَّمِّ وَ هُوَ الْبَیْتُ الَّذِی یُعْمَلُ مِنْ الْقَصَبِ وَ نَحْوِهِ عَلَی الْمَشْهُورِ بَیْنَ الْأَصْحَابِ وَ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ حُکْمَ الْخُصِّ کَالْجِدَارِ بَیْنَ الْمِلْکَیْنِ.

وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ.

22 کتاب الشرکه

(22) کتاب الشرکه

کِتَابُ الشَّرِکَهِ

الشَّرِکَهُ بِفَتْحِ الشِّینِ فَکَسْرِ الرَّاءِ وَ حُکِیَ فِیهَا کَسْرُ الشِّینِ فَسُکُونُ الرَّاءِ (وَسَبَبُهَا قَدْ یَکُونُ إرْثًا) لِعَیْنٍ، أَوْ مَنْفَعَهٍ، أَوْ حَقٍّ بِأَنْ یَرِثَا مَالًا أَوْ مَنْفَعَهَ دَارٍ اسْتَأْجَرَهَا مُورَثُهُمْ، أَوْ حَقَّ شُفْعَهٍ وَ خِیَارٍ، (وَعَقْدًا) بِأَنْ یَشْتَرِیَا دَارًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ یَشْتَرِیَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهَا وَ لَوْ عَلَی التَّعَاقُبِ، أَوْ یَسْتَأْجِرَاهَا، أَوْ یَشْتَرِیَا بِخِیَارٍ لَهُمَا، (وَحِیَازَهً) لِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ (دَفْعَهً) بِأَنْ یَشْتَرِکَا فِی نَصْبِ حِبَالَهٍ وَ رَمْیِ سَهْمٍ مُثَبَّتٍ فَیَشْتَرِکَا فِی مِلْکِ الصَّیْدِ وَ لَوْ حَازَ کُلُّ وَاحِدٍ شَیْئًا مِنْ الْمُبَاحِ مُنْفَرِدًا عَنْ صَاحِبِهِ اخْتَصَّ کُلٌّ بِمَا حَازَهُ إنْ لَمْ یَکُنْ عَمَلُ کُلِّ وَاحِدٍ بِنِیَّهِ الْوَکَالَهِ عَنْ صَاحِبِهِ فِی تَمَلُّکِ نِصْفِ مَا یَحُوزُهُ وَ إِلَّا اشْتَرَکَا أَیْضًا عَلَی الْأَقْوَی، فَالْحِیَازَهُ قَدْ تُوجِبُ الِاشْتِرَاکَ مَعَ التَّعَاقُبِ و قد لَا تُوجِبُهُ فِی الدَّفْعَهِ، (وَمَزْجًا) لِأَحَدِ مَالَیْهِمَا بِالْآخَرِ بِحَیْثُ (لَا یَتَمَیَّزُ) کُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِأَنْ یَکُونَا مُتَّفِقَیْنِ جِنْسًا وَ وَصْفًا، فَلَوْ امْتَزَجَا بِحَیْثُ یُمْکِنُ التَّمْیِیزُ وَ إِنْ عَسُرَ کَالْحِنْطَهِ بِالشَّعِیرِ، أَوْ الْحَمْرَاءِ مِنْ الْحِنْطَهِ بِغَیْرِهَا، أَوْ الْکَبِیرَهِ الْحَبِّ بِالصَّغِیرَهِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ فَلَا اشْتَرَاک.

وَلَا فَرْقَ هُنَا بَیْنَ وُقُوعِهِ اخْتِیَارًا، أَوْ اتِّفَاقًا.

(وَ الشَّرِکَهُ قَدْ تَکُونُ عَیْنًا) أَیْ فِی عَیْنٍ کَمَا لَوْ اتَّفَقَ الِاشْتِرَاکُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ السَّابِقَهِ فِی شَیْءٍ مِنْ أَعْیَانِ الْأَمْوَالِ، (وَمَنْفَعَهً) کَالِاشْتِرَاکِ فِی مَنْفَعَهِ دَارِ اسْتَأْجَرَاهَا، أَوْ عَبْدٍ، أُوصِیَ لَهُمَا بِخِدْمَتِهِ، (وَحَقًّا) کَشُفْعَهٍ وَ خِیَارٍ وَ رَهْنٍ وَ هَذِهِ الثَّلَاثَهُ تَجْرِی فِی الْأَوَّلَیْنِ وَ أَمَّا الْأَخِیرَانِ فَلَا یَتَحَقَّقَانِ إلَّا فِی الْعَیْنِ وَ یُمْکِنُ فَرْضُ الِامْتِزَاجِ فِی الْمَنْفَعَهِ بِأَنْ یَسْتَأْجِرَ کُلٌّ مِنْهُمَا دَرَاهِمَ لِلتَّزَیُّنِ بِهَا، حَیْثُ نُجَوِّزُهُ مُتَمَیِّزَهً ثُمَّ امْتَزَجَتْ بِحَیْثُ لَا تَتَمَیَّزُ. (وَ الْمُعْتَبَرُ) مِنْ الشَّرِکَهِ شَرْعًا عِنْدَنَا

(شَرِکَهُ الْعِنَانِ)

بِکَسْرِ الْعَیْنِ وَ هِیَ شَرِکَهُ الْأَمْوَالُ، نُسِبَتْ إلَی الْعِنَانِ وَ هُوَ سَیْرُ اللِّجَامِ الَّذِی یُمْسَکُ بِهِ الدَّابَّهُ؛ لِاسْتِوَاءِ الشَّرِیکَیْنِ فِی وِلَایَهِ الْفَسْخِ وَ التَّصَرُّفِ وَ اسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ عَلَی قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ کَاسْتِوَاءِ طَرَفَیْ الْعِنَانِ، أَوْ تَسَاوِی الْفَارِسَیْنِ فِیهِ إذَا تَسَاوَیَا فِی السَّیْرِ، أَوْ لِأَنَّ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَمْنَعُ الْآخَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ حَیْثُ یَشَاءُ کَمَا یَمْنَعُ الْعِنَانُ الدَّابَّهَ، أَوْ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِعِنَانِهَا یَحْبِسُ إحْدَی یَدَیْهِ عَلَیْهِ وَ یُطْلِقُ الْأُخْرَی کَالشَّرِیکِ یَحْبِسُ یَدَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِی الْمُشْتَرَکِ مَعَ انْطِلَاقِ یَدِهِ فِی سَائِرِ مَالِهِ.

وَقِیلَ: مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ؛ لِظُهُورِ مَالِ کُلٍّ مِنْ الشَّرِیکَیْنِ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ أَنْوَاعِ الشَّرِکَهِ.

وَقِیلَ: مِنْ الْمُعَانَهِ وَ هِیَ الْمُعَارَضَهِ، لِمُعَارَضَهِ کُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ.

(لَا شَرِکَهَ الْأَعْمَالِ) بِأَنْ یَتَعَاقَدَا عَلَی أَنْ یَعْمَلَ کُلٌّ مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ وَ یَشْتَرِکَا فِی الْحَاصِلِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ عَمَلُهُمَا قَدْرًا وَ نَوْعًا أَمْ اخْتَلَفَ فِیهِمَا أَمْ فِی أَحَدِهِمَا وَ سَوَاءٌ عَمِلَا فِی مَالِ مَمْلُوکٍ أَمْ فِی تَحْصِیلِ مُبَاحٍ، لِأَنَّ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَیِّزٌ بِبَدَنِهِ وَ عَمَلِهِ فَیَخْتَصُّ بِفَوَائِدِهِ، کَمَا لَوْ اشْتَرَکَا فِی مَالَیْنِ وَ هُمَا مُتَمَیِّزَانِ.

(وَ لَا) شَرِکَهَ (الْمُفَاوَضَهِ) وَ هِیَ أَنْ یَشْتَرِکَ شَخْصَانِ فَصَاعِدًا بِعَقْدٍ لَفْظِیٍّ عَلَی أَنْ یَکُونَ بَیْنَهُمَا مَا یَکْتَسِبَانِ وَ یَرْبَحَانِ وَ یَلْتَزِمَانِ مِنْ غُرْمٍ وَ یَحْصُلُ لَهُمَا مِنْ غُنْمٍ، فَیَلْتَزِمُ کُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مِثْلَ مَا یَلْتَزِمُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَایَهِ وَ ضَمَانِ غَصْبٍ وَ قِیمَهِ مُتْلَفٍ وَ غَرَامَهِ ضَمَانٍ وَ کَفَالَهٍ وَ یُقَاسِمُهُ فِیمَا یَحْصُلُ لَهُ مِنْ مِیرَاثٍ، أَوْ یَجِدُهُ مِنْ رِکَازٍ وَ لُقَطَهٍ وَ یَکْتَسِبُهُ فِی تِجَارَهٍ وَ نَحْوِ ذَلِکَ. وَ لَا یَسْتَثْنِیَانِ مِنْ ذَلِکَ إلَّا قُوتَ الْیَوْمِ وَ ثِیَابَ الْبَدَنِ وَ جَارِیَهً یَتَسَرَّی بِهَا، فَإِنَّ الْآخَرَ لَا یُشَارِکُ فِیهَا.

وَکَذَا یُسْتَثْنَی فِی هَذِهِ الشَّرِکَهِ مِنْ الْغُرْمِ: الْجِنَایَهِ عَلَی الْحُرِّ وَ بَذْلُ الْخُلْعِ وَ الصَّدَاقِ إذَا لَزِمَ أَحَدُهُمَا.

(وَ) لَا شَرِکَهَ (الْوُجُوهِ) وَ هِیَ أَنْ یَشْتَرِک اثْنَانِ وَجِیهَانِ لَا مَالَ لَهُمَا بِعَقْدٍ لَفْظِیٍّ لِیَبْتَاعَا فِی الذِّمَّهِ عَلَی أَنَّ مَا یَبْتَاعَهُ کُلٌّ مِنْهُمَا یَکُونُ بَیْنَهُمَا فَیَبِیعَانِ وَ یُؤَدِّیَانِ الْأَثْمَانَ وَ مَا فَضَلَ فَهُوَ بَیْنَهُمَا، أَوْ أَنْ یَبْتَاعَ وَجِیهٌ فِی الذِّمَّهِ وَ یُفَوِّضَ بَیْعَهُ إلَی خَامِلٍ عَلَی أَنْ یَکُونَ الرِّبْحُ بَیْنَهُمَا، أَوْ أَنْ یَشْتَرِکَ وَجِیهٌ لَا مَالَ لَهُ وَ خَامِلٌ ذُو مَالٍ لِیَکُونَ الْعَمَلُ مِنْ الْوَجِیهِ وَ الْمَالُ مِنْ الْخَامِلِ وَ یَکُونَ الْمَالُ فِی یَدِهِ لَا یُسَلِّمُهُ إلَی الْوَجِیهِ وَ الرِّبْحُ بَیْنَهُمَا.

أَوْ أَنْ یَبِیعَ الْوَجِیهُ مَالَ الْخَامِلِ بِزِیَادَهِ رِبْحٍ لِیَکُونَ بَعْضُهُ لَهُ وَ هَذِهِ الثَّلَاثَهُ بِمَعَانِیهَا عِنْدَنَا بَاطِلَهٌ.

(وَ) الْمُشْتَرِکَانِ شَرِکَهَ الْعِنَانِ

(یَتَسَاوَیَانِ فِی الرِّبْحِ وَ الْخُسْرَانِ مَعَ تَسَاوِی الْمَالَیْنِ وَ لَوْ اخْتَلَفَا) فِی مِقْدَارِ الْمَالِ (اخْتَلَفَ الرِّبْحُ) بِحَسَبِهِ وَ الضَّابِطُ أَنَّ الرِّبْحَ بَیْنَهُمَا عَلَی نِسْبَهِ الْمَالِ مُتَسَاوِیًا وَ مُتَفَاوِتًا، فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَکَانَ أَخْصَرَ وَ أَدَلَّ عَلَی الْمَقْصُودِ، إذْ لَا یَلْزَمُ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّبْحِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالَیْنِ کَوْنُهُ عَلَی النِّسْبَهِ.

(وَ لَوْ شَرَطَا غَیْرَهُمَا) أَیْ غَیْرَ التَّسَاوِی فِی الرِّبْحِ عَلَی تَقْدِیرِ تَسَاوِی الْمَالَیْنِ بِأَنْ شَرَطَا فِیهِ تَفَاوُتًا حِینَئِذٍ، أَوْ غَیْرَ اخْتِلَافِ اسْتِحْقَاقِهِمَا فِی الرِّبْحِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالَیْنِ کَمِّیَّهً (فَالْأَظْهَرُ الْبُطْلَانُ) أَیْ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَ یَتْبَعُهُ بُطْلَانُ الشَّرِکَهِ بِمَعْنَی الْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ، فَإِنْ عَمِلَا کَذَلِکَ فَالرِّبْحُ تَابِعٌ لِلْمَالِ وَ إِنْ خَالَفَ الشَّرْطَ وَ یَکُونُ لِکُلٍّ مِنْهُمَا أُجْرَهُ عَمَلِهِ بَعْدَ وَضْعِ مَا قَابَلَ عَمَلَهُ فِی مَالِهِ.

وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ بِهَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الزِّیَادَهَ الْحَاصِلَهَ فِی الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا لَیْسَ فِی مُقَابِلِهَا عِوَضٌ وَ لَا وَقَعَ اشْتِرَاطُهَا فِی عَقْدِ مُعَاوَضَهٍ لِتُضَمَّ إلَی أَحَدِ الْعِوَضَیْنِ وَ لَا اقْتَضَی تَمَلُّکَهَا عَقْدَ هِبَهٍ وَ الْأَسْبَابُ الْمُثَمِّرَهُ لِلْمِلْکِ مَعْدُودَهٌ وَ لَیْسَ هَذَا أَحَدَهَا فَیَبْطُلُ الشَّرْطُ وَ یَتْبَعُهُ الْعَقْدُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ؛ لِعَدَمِ تَرَاضِیهِمَا إلَّا عَلَی ذَلِکَ التَّقْدِیرِ وَ لَمْ یَحْصُلْ.

وَیَنْبَغِی تَقْیِیدُهُ بِعَدَمِ زِیَادَهِ عَمَلٍ مِمَّنْ شُرِطَتْ لَهُ الزِّیَادَهُ وَ إِلَّا اتَّجَهَ الْجَوَازُ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَ أَصَالَهُ الْإِبَاحَهِ وَ بِنَاءُ الشَّرِکَهِ عَلَی الْإِرْفَاقِ وَ مِنْهُ مَوْضِعُ النِّزَاعِ. (وَ لَیْسَ لِأَحَدِ الشُّرَکَاءِ التَّصَرُّفُ) فِی الْمَالِ الْمُشْتَرَکِ (إلَّا بِإِذْنِ الْجَمِیعِ) لِقُبْحِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ عَقْلًا وَ شَرْعًا، (وَیَقْتَصِرُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَی الْمَأْذُونِ) عَلَی تَقْدِیرِ حُصُولِ الْإِذْنِ (فَإِنْ تَعَدَّی) الْمَأْذُونَ (ضَمِنَ).

تطلق الشرکه علی العقد المثمر

وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّرِکَهَ کَمَا تُطْلَقُ عَلَی اجْتِمَاعِ حُقُوقِ الْمُلَّاکِ فِی الْمَالِ الْوَاحِدِ عَلَی أَحَدِ الْوُجُوهِ السَّابِقَهِ، کَذَلِکَ تُطْلَقُ عَلَی الْعَقْدِ الْمُثْمَرِ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْمُلَّاکِ فِی الْمَالِ الْمُشْتَرَکِ وَ بِهَذَا الْمَعْنَی انْدَرَجَتْ الشَّرِکَهُ فِی قِسْمِ الْعُقُودِ وَ قَبِلَتْ الْحُکْمَ بِالصِّحَّهِ وَ الْفَسَادِ، لَا بِالْمَعْنَی الْأَوَّلِ.

وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَشَارَ إلَی الْمَعْنَی الْأَوَّلِ بِمَا افْتَتَحَ بِهِ مِنْ الْأَقْسَامِ وَ إِلَی الثَّانِی بِالْإِذْنِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُ هُنَا، (وَلِکُلٍّ) مَنْ الشُّرَکَاءِ (الْمُطَالَبَهُ بِالْقِسْمَهِ عَرْضًا) بِالسُّکُونِ وَ هُوَ مَا عَدَا النَّقْدَیْنِ (کَانَ الْمَالُ، أَوْ نَقْدًا.

وَالشَّرِیکُ أَمِینٌ) عَلَی مَا تَحْتَ یَدِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَکِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِی وَضْعِ یَدِهِ عَلَیْهِ (لَا یَضْمَنُ إلَّا بِتَعَدٍّ) وَ هُوَ فِعْلُ مَا لَا یَجُوزُ فِعْلُهُ فِی الْمَالِ، (أَوْ تَفْرِیطٍ) وَ هُوَ التَّقْصِیرُ فِی حِفْظِهِ وَ مَا یَتِمُّ بِهِ صَلَاحُهُ (وَیُقْبَلُ یَمِینُهُ فِی التَّلَفِ) لَوْ ادَّعَاهُ بِتَفْرِیطٍ وَ غَیْرِهِ (وَ إِنْ کَانَ السَّبَبُ ظَاهِرًا) کَالْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ.

وَإِنَّمَا خَصَّهُ لِإِمْکَانِ إقَامَهِ الْبَیِّنَهِ عَلَیْهِ، فَرُبَّمَا احْتَمَلَ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ فِیهِ کَمَا ذَهَبَ إلَیْهِ بَعْضُ الْعَامَّهِ، أَمَّا دَعْوَی تَلَفِهِ بِأَمْرٍ خَفِیٍّ کَالسَّرَقِ فَمَقْبُولٌ إجْمَاعًا.

(وَیُکْرَهُ مُشَارَکَهُ الذِّمِّیِّ وَ إِبْضَاعُهُ)

وَهُوَ أَنْ یَدْفَعَ إلَیْهِ مَالًا یَتَّجِرُ فِیهِ وَ الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ خَاصَّهً، (وَإِیدَاعُهُ) لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: " لَا یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ یُشَارِکَ الذِّمِّیَّ وَ لَا یُبْضِعَهُ بِضَاعَهً وَ لَا یُودِعَهُ وَدِیعَهً وَ لَا یُصَافِیَهُ الْمَوَدَّهَ ". (وَ لَوْ بَاعَ الشَّرِیکَانِ سِلْعَهً صَفْقَهً وَ قَبَضَ أَحَدُهُمَا مَنْ ثَمَنِهَا شَیْئًا شَارَکَهُ الْآخَرُ) فِیهِ عَلَی الْمَشْهُورِ وَ بِهِ أَخْبَارٌ کَثِیرَهٌ؛ وَ لِأَنَّ کُلَّ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ مُشْتَرَکٌ بَیْنَهُمَا، فَکُلُّ مَا حَصَلَ مِنْهُ بَیْنَهُمَا کَذَلِکَ وَ قِیلَ: لَا یُشَارِکُ لِجَوَازِ أَنْ یُبْرِئَ الْغَرِیمَ مِنْ حَقِّهِ وَ یُصَالِحَهُ عَلَیْهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَسْرِیَ إلَی الْآخَرِ، فَکَذَا الِاسْتِیفَاءُ وَ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الشَّرِکَهِ هُوَ الْعَیْنُ و قد ذَهَبَتْ وَ الْعِوَضُ أَمْرٌ کُلِّیٌّ لَا یَتَعَیَّنُ إلَّا بِقَبْضِ الْمَالِکِ، أَوْ وَکِیلِهِ وَ لَمْ یَتَحَقَّقْ هُنَا بِالنِّسْبَهِ إلَی الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ.

وَعَلَی الْمَشْهُورِ لَا یَتَعَیَّنُ عَلَی الشَّرِیکِ غَیْرِ الْقَابِضِ مُشَارَکَتُهُ، بَلْ یَتَخَیَّرُ بَیْنَهَا و بین مُطَالَبَهِ الْغَرِیمِ بِحَقِّهِ وَ یَکُونُ قَدْرُ حِصَّهِ الشَّرِیکِ فِی یَدِ الْقَابِضِ کَقَبْضِ الْفُضُولِیِّ إنْ أَجَازَهُ، مَلَکَهُ وَ یَتْبَعُهُ النَّمَاءُ وَ إِنْ رَدَّهُ مَلَکَهُ الْقَابِضُ وَ یَکُونُ مَضْمُونًا عَلَیْهِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ.

وَلَوْ أَرَادَ الِاخْتِصَاصَ بِالْمَقْبُوضِ بِغَیْرِ إشْکَالٍ فَلْیَبِعْ حَقَّهُ لِلْمَدْیُونِ عَلَی وَجْهٍ یَسْلَمُ مِنْ الرِّبَا بِثَمَنٍ مُعَیَّنٍ فَیَخْتَصُّ بِهِ وَ أَوْلَی مِنْهُ الصُّلْحُ عَلَیْهِ، أَوْ یُبْرِئُهُ مِنْ حَقِّهِ وَ یَسْتَوْهِبُ عِوَضَهُ، أَوْ یُحِیلُ بِهِ عَلَی الْمَدْیُونِ، أَوْ یَضْمَنُهُ لَهُ ضَامِنٌ.

وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَعَ حُلُولِ الْحَقَّیْنِ فَلَوْ کَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا لَمْ یُشَارِکْ فِیمَا قَبَضَهُ الْآخَرُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَ احْتَرَزَ بِبَیْعِهِمَا صَفْقَهً عَمَّا لَوْ بَاعَ کُلُّ وَاحِدٍ نَصِیبَهُ بِعَقْدٍ وَ إِنْ کَانَ لِوَاحِدٍ، کَمَا لَا فَرْقَ فِی الصَّفْقَهِ بَیْنَ کَوْنِ الْمُشْتَرِی وَاحِدًا وَ مُتَعَدِّدًا، لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلشَّرِکَهِ هُوَ الْعَقْدُ الْوَاحِدُ عَلَی الْمَالِ الْمُشْتَرَکِ وَ فِی حُکْمِ الصَّفْقَهِ مَا اتَّحَدَ سَبَبُ شَرِکَتِهِ کَالْمِیرَاثِ وَ الْإِتْلَافِ وَ الِاقْتِرَاضِ مِنْ الْمُشْتَرَکِ. (وَ لَوْ ادَّعَی الْمُشْتَرِی مِنْ الْمُشْتَرِکَیْنِ) الْمَأْذُونَیْنِ (شِرَاءَ شَیْءٍ لِنَفْسِهِ، أَوْ لَهُمَا حَلَفَ) وَ قُبِلَ بِیَمِینِهِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ ذَلِکَ إلَی قَصْدِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ.

وَالِاشْتِرَاکُ لَا یُعَیِّنُ التَّصَرُّفَ بِدُونِ الْقَصْدِ وَ إِنَّمَا لَزِمَهُ الْحَلِفُ مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَهِ الَّتِی لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ لِإِمْکَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَیْهِ بِإِقْرَارِهِ.

23 کتاب المضاربه

(23) کتاب المضاربه

کِتَابُ الْمُضَارَبَهِ

الْمُضَارَبَهُ (وَ هِیَ أَنْ یَدْفَعَ مَالًا إلَی غَیْرِهِ لِیَعْمَل فِیهِ بِحِصَّهٍ مُعَیَّنَهٍ مِنْ رِبْحِهِ) مَأْخُوذَهٌ مِنْ الضَّرْبِ فِی الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ یَضْرِبُ فِیهَا لِلسَّعْیِ عَلَی التِّجَارَهِ وَ ابْتِغَاءِ الرِّبْحِ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَکَأَنَّ الضَّرْبَ مُسَبَّبٌ عَنْهُمَا فَتَحَقَّقَتْ الْمُفَاعَلَهُ لِذَلِکَ، أَوْ مِنْ ضَرَبَ کُلٌّ مِنْهُمَا فِی الرِّبْحِ بِسَهْمٍ، أَوْ لِمَا فِیهِ مِنْ الضَّرْبِ بِالْمَالِ وَ تَقْلِیبِهِ.

وَأَهْلُ الْحِجَازِ یُسَمُّونَهَا قِرَاضًا مِنْ الْقَرْضِ وَ هُوَ الْقَطْعُ، کَأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ اقْتَطَعَ مِنْهُ قِطْعَهً وَ سَلَّمَهَا إلَی الْعَامِلِ، أَوْ اقْتَطَعَ لَهُ قِطْعَهً مِنْ الرِّبْحِ فِی مُقَابَلَهِ عَمَلِهِ، أَوْ مِنْ الْمُقَارَضَهِ وَ هِیَ الْمُسَاوَاهُ وَ مِنْهُ: " قَارِضْ النَّاسَ مَا قَارَضُوکَ فَإِنْ تَرَکْتَهُمْ لَمْ یَتْرُکُوکَ ".

وَوَجْهُ التَّسَاوِی هُنَا أَنَّ الْمَالَ مِنْ جِهَهٍ وَ الْعَمَلَ مِنْ أُخْرَی وَ الرِّبْحَ فِی مُقَابِلِهِمَا فَقَدْ تَسَاوَیَا فِی قِوَامِ الْعَقْدِ، أَوْ أَصْلِ اسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ وَ إِنْ اخْتَلَفَا فِی کَمِّیَّتِهِ.

(وَهِیَ جَائِزَهٌ مَنْ الطَّرَفَیْنِ)

سَوَاءٌ نَضَّ الْمَالُ أَمْ کَانَ بِهِ عُرُوضٌ یَجُوزُ لِکُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَ مِنْ لَوَازِمِ جَوَازِهَا مِنْهُمَا وُقُوعُ الْعَقْدِ بِکُلِّ لَفْظٍ یَدُلُّ عَلَیْهِ.

وَفِی اشْتِرَاطِ وُقُوعِ قَبُولِهِ لَفْظِیًّا، أَوْ جَوَازِهِ بِالْفِعْلِ أَیْضًا قَوْلَانِ؟ لَا یَخْلُو ثَانِیهِمَا مِنْ قُوَّهٍ.

(وَ لَا یَصِحُّ اشْتِرَاطُ اللُّزُومِ، أَوْ الْأَجَلِ فِیهَا) بِمَعْنَی أَنَّهُ لَا یَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَ لَا تَصِیرُ لَازِمَهً بِذَلِکَ وَ لَا فِی الْأَجَلِ بَلْ یَجُوزُ فَسْخُهَا فِیهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، (وَلَکِنَّ) اشْتِرَاطَ الْأَجَلِ (یُثْمِرُ الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِیدٍ)؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ تَابِعٌ لِلْإِذْنِ وَ لَا إذْنَ بَعْدَهُ وَ کَذَا لَوْ أَجَّلَ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ کَالْبَیْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ خَاصَّهً، أَوْ نَوْعًا خَاصًّا.

وَیُفْهَمُ مِنْ تَشْرِیکِهِ بَیْنَ اشْتِرَاطِ اللُّزُومِ وَ الْأَجَلِ، تَسَاوِیهِمَا فِی الصِّحَّهِ وَ عَدَمِ لُزُومِ الشَّرْطِ.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّ اشْتِرَاطَ اللُّزُومِ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِمُقْتَضَی الْعَقْدِ فَإِذَا فَسَدَ الشَّرْطُ تَبِعَهُ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ شَرْطِ الْأَجَلِ، فَإِنَّ مَرْجِعَهُ إلَی تَقْیِیدِ التَّصَرُّفِ بِوَقْتٍ خَاصٍّ وَ هُوَ غَیْرُ مُنَافٍ وَ یُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ الْمُصَنِّفُ ذَلِکَ وَ إِنَّمَا شَرَکَ بَیْنَهُمَا فِی عَدَمِ صِحَّهِ الشَّرْطِ مُطْلَقًا وَ إِنْ افْتَرَقَا فِی أَمْرٍ آخَرَ.

(وَیَقْتَصِرُ الْعَامِلُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَی مَا أَذِنَ الْمَالِکُ لَهُ)

مِنْ نَوْعِ التِّجَارَهِ وَ مَکَانِهَا وَ زَمَانِهَا وَ مَنْ یَشْتَرِی مِنْهُ وَ یَبِیعُ عَلَیْهِ وَ غَیْرُ ذَلِکَ.

فَإِنْ خَالَفَ مَا عَیَّنَ لَهُ ضَمِنَ الْمَالَ، لَکِنْ لَوْ رَبِحَ کَانَ بَیْنَهُمَا بِمُقْتَضَی الشَّرْطِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ وَ لَوْلَاهَا لَکَانَ التَّصَرُّفُ بَاطِلًا، أَوْ مَوْقُوفًا عَلَی الْإِجَازَهِ.

(وَ لَوْ أَطْلَقَ) لَهُ الْإِذْنَ (تَصَرَّفَ بِالِاسْتِرْبَاحِ) فِی کُلِّ مَا یَظُنُّ فِیهِ حُصُولَ الرِّبْحِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَتَقَیَّدَ بِنَوْعٍ، أَوْ زَمَانٍ، أَوْ مَکَان وَ یَتَوَلَّی أَیْضًا بِالْإِطْلَاقِ مَا یَتَوَلَّاهُ الْمَالِکُ فِی التِّجَارَهِ بِنَفْسِهِ مِنْ عَرْضِ الْقُمَاشِ عَلَی الْمُشْتَرِی وَ نَشْرِهِ، وَطَیِّهِ وَ إِحْرَازِهِ وَ بَیْعِهِ وَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَ لَا أُجْرَهَ لَهُ عَلَی مِثْلِ ذَلِکَ، حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَی الْمُتَعَارَفِ وَ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَی مَا جَرَتْ الْعَادَهُ بِهِ کَالدَّلَالَهِ وَ وَزْنِ الْأَمْتِعَهِ الثَّقِیلَهِ الَّتِی لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِمُبَاشَرَهِ مِثْلِهَا.

(وَیُنْفِقُ فِی السَّفَرِ کَمَالَ نَفَقَتِهِ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ)

وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَهِ مَا یَحْتَاجُ فِیهِ إلَیْهِ مِنْ مَأْکُولٍ وَ مَلْبُوسٍ وَ مَشْرُوبٍ وَ مَرْکُوبٍ وَ آلَاتِ ذَلِکَ وَ أُجْرَهِ الْمَسْکَنِ وَ نَحْوِهَا وَ یُرَاعِی فِیهَا مَا یَلِیقُ بِهِ عَادَهً مُقْتَصِدًا، فَإِنْ أَسْرَفَ حُسِبَ عَلَیْهِ وَ إِنْ قَتَّرَ لَمْ یُحْسَبْ لَهُ.

وَإِذَا عَادَ مِنْ السَّفَرِ فَمَا بَقِیَ مِنْ أَعْیَانِهَا وَ لَوْ مِنْ الزَّادِ یَجِبُ رَدُّهُ إلَی التِّجَارَهِ، أَوْ تَرْکِهِ إلَی أَنْ یُسَافِرَ إنْ کَانَ مِمَّنْ یَعُودُ إلَیْهِ قَبْلَ فَسَادِهِ.

وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهَا لَزِمَ وَ لَوْ أَذِنَ لَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ وَ لَوْ شَرَطَهَا فَهُوَ تَأْکِیدٌ.

وَیُشْتَرَطُ حِینَئِذٍ تَعْیِینُهَا لِئَلَّا یَتَجَهَّلَ الشَّرْطَ، بِخِلَافِ مَا ثَبَتَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَ لَا یُعْتَبَرُ فِی ثُبُوتِهَا حُصُولُ رِبْحٍ، بَلْ یُنْفِقُ وَ لَوْ مِنْ الْأَصْلِ إنْ لَمْ یَرْبَحْ وَ إِلَّا کَانَتْ مِنْهُ.

وَمُؤْنَهُ الْمَرَضِ فِی السَّفَرِ عَلَی الْعَامِلِ وَ کَذَا سَفَرٌ لَمْ یُؤْذَنْ فِیهِ وَ إِنْ اسْتَحَقَّ الْحِصَّهَ وَ الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ: الْعُرْفِیُّ، لَا الشَّرْعِیُّ وَ هُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَی الْمَسَافَهِ فَیُنْفِقُ وَ إِنْ کَانَ قَصِیرًا أَوْ أَتَمَّ الصَّلَاهَ إلَّا أَنْ یَخْرُجَ عَنْ اسْمِ الْمُسَافِرِ، أَوْ یَزِیدَ عَمَّا تَحْتَاجُ التِّجَارَهُ إلَیْهِ فَیُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ إلَی أَنْ یُصَدِّقَ الْوَصْفَ.

وَاحْتَرَزَ بِکَمَالِ النَّفَقَهِ عَنْ الْقَدْرِ الزَّائِدِ عَنْ نَفَقَهِ الْحَضَرِ، فَقَدْ قِیلَ: إنَّهُ لَا یُنْفِقُ فِیهِ سِوَاهُ وَ نَبَّهَ بِأَصْلِ الْمَالِ عَلَی أَنَّهُ لَا یُشْتَرَطُ حُصُولُ رِبْحٍ کَمَا مَرَّ.

(وَلْیَشْتَرِ نَقْدًا بِنَقْدِ الْبَلَدِ، بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَمَا دُونُ)

فَلَوْ اشْتَرَی نَسِیئَهً أَوْ بِغَیْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ بِأَزْیَدَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ کَانَ فُضُولِیًّا، فَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِکُ صَحَّ وَ إِلَّا بَطَلَ، لِمَا فِی النَّسِیئَهِ مِنْ احْتِمَالِ الضَّرَرِ بِتَلَفِ رَأْسِ الْمَالِ فَیَبْقَی عُهْدَهُ الثَّمَنِ مُتَعَلِّقَهً بِالْمَالِکِ وَ قَدْ لَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ، أَوْ لَا یَکُونُ لَهُ غَرَضٌ فِی غَیْرِ مَا دَفَعَ.

وَحُمِلَا فِی الْأَخِیرَیْنِ عَلَی الْمُتَعَارَفِ.

وَمَا فِیهِ الْغِبْطَهُ کَالْوَکِیلِ.

(وَلْیَبِعْ کَذَلِکَ) بِنَقْدِ الْبَلَدِ نَقْدًا

(بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَمَا فَوْقَهُ) لِمَا فِی النَّسِیئَهِ مِنْ التَّغْرِیرِ بِمَالِ الْمِلْکِ وَ حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَی الْمُتَعَارَفِ وَ هُوَ نَقْدُ الْبَلَدِ کَالْوَکَالَهِ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ بِغَیْرِهِ وَ بِالْعَرْضِ مَعَ کَوْنِهِ مَظِنَّهً لِلرِّبْحِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَقْصَی مِنْهَا ذَلِکَ، بِخِلَافِ الْوَکَالَه.

وَفِیهِ قُوَّهٌ وَ لَوْ أَذِنَ الْمَالِکُ فِی شَیْءٍ مِنْ ذَلِکَ خُصُوصًا، أَوْ عُمُومًا کَتَصَرَّفْ بِرَأْیِک، أَوْ کَیْفَ شِئْت جَازَ بِالْعَرْضِ قَطْعًا، أَمَّا النَّقْدُ وَ ثَمَنُ الْمِثْلِ فَلَا یُخَالِفُهُمَا إلَّا مَعَ التَّصْرِیحِ.

نَعَمْ یُسْتَثْنَی مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ نُقْصَانٌ یُتَسَامَحُ بِهِ عَادَهً.

(وَلْیَشْتَرِ بِعَیْنِ الْمَالِ)، لَا بِالذِّمَّهِ (إلَّا مَعَ الْإِذْنِ فِی الذِّمَّهِ) وَ لَوْ بِالْإِجَازَهِ، فَإِنْ اشْتَرَی فِیهَا بِدُونِهِ وَ لَمْ یَذْکُرْ الْمَالِکُ لَفْظًا وَ لَا نِیَّهً وَقَعَ لَهُ وَ لَوْ ذَکَرَهُ لَفْظًا فَهُوَ فُضُولِیٌّ وَ نِیَّهً خَاصَّهً فَهُوَ لِلْعَامِلِ ظَاهِرًا وَ مَوْقُوفًا بَاطِنًا، فَیَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ (وَ لَوْ تَجَاوَزَ مَا حَدَّ لَهُ الْمَالِکُ) مِنْ الزَّمَانِ وَ الْمَکَانِ وَ الصِّنْفِ (ضَمِنَ وَ الرِّبْحُ عَلَی الشَّرْطِ) کَمَا مَرَّ، أَمَّا لَوْ تَجَاوَزَ بِالْعَیْنِ وَ الْمِثْلِ وَ النَّقْدِ وَقَفَ عَلَی الْإِجَازَهِ فَإِنْ لَمْ یُجِزْ بَطَلَ.

(وَ إِنَّمَا تَجُوزُ) الْمُضَارَبَهُ (بِالدَّرَاهِمِ وَ الدَّنَانِیرِ) إجْمَاعًا وَ لَیْسَ ثَمَّهَ عِلَّهٌ مُقْنِعَهٌ غَیْرُهُ فَلَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ وَ لَا الْفُلُوسِ وَ لَا الدَّیْنِ وَ غَیْرِهَا وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ الْمُعَیَّنِ وَ الْمُشَاعِ.

(وَتَلْزَمُ الْحِصَّهُ بِالشَّرْطِ)، دُونَ الْأُجْرَهِ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَهٌ صَحِیحَهٌ فَیَلْزَمُ مُقْتَضَاهَا وَ هُوَ مَا شُرِطَ لِلْعَامِلِ مِنْ الْحِصَّهِ وَ فِی قَوْلٍ نَادِرٍ أَنَّ اللَّازِمَ أُجْرَهُ الْمِثْلِ وَ أَنَّ الْمُعَامَلَهَ فَاسِدَهٌ، لِجَهَالَهِ الْعِوَضِ وَ النُّصُوصُ الصَّحِیحَهُ عَلَی صِحَّتِهَا، بَلْ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِینَ یَدْفَعُهُ.

(وَ الْعَامِلُ أَمِینٌ لَا یَضْمَنُ إلَّا بِتَعَدٍّ، أَوْ تَفْرِیطٍ) وَ مَعَهُمَا یَبْقَی الْعَقْدُ وَ یَسْتَحِقُّ مَا شُرِطَ لَهُ وَ إِنْ ضَمِنَ الْمَالَ.

(وَ لَوْ فَسَخَ الْمَالِکُ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَهُ مِثْلِهِ إلَی ذَلِکَ الْوَقْتِ) الَّذِی فَسَخَ فِیهِ (إنْ لَمْ یَکُنْ) ظَهَرَ (رِبْحٌ) وَ إِلَّا فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَ رُبَّمَا أَشْکَلَ الْحُکْمُ بِالْأُجْرَهِ عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِ الرِّبْحِ بِأَنَّ مُقْتَضَی الْعَقْدِ اسْتِحْقَاقُ الْحِصَّهِ إنْ حَصَلَتْ لَا غَیْرُهَا وَ تَسَلُّطُ الْمَالِکِ عَلَی الْفَسْخِ مِنْ مُقْتَضَیَاتِهَا فَالْعَامِلُ قَادِمٌ عَلَی ذَلِکَ فَلَا شَیْءَ لَهُ سِوَی مَا عَیَّنَ.

وَلَوْ کَانَ الْمَالُ عُرُوضًا عِنْدَ الْفَسْخِ فَإِنْ کَانَ بِهِ رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ بَیْعُهُ إنْ لَمْ یَدْفَعْ الْمَالِکُ إلَیْهِ حَقَّهُ مِنْهُ وَ إِلَّا لَمْ یَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِکِ وَ إِنْ رَجَی الرِّبْحَ حَیْثُ لَا یَکُونُ بِالْفِعْلِ.

وَلَوْ طَلَبَ الْمَالِکُ إنْضَاضَهُ فَفِی إجْبَارِ الْعَامِلِ عَلَیْهِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ وَ لَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ مِنْ غَیْرِ الْمَالِکِ إمَّا بِعَارِضٍ یُفْسِدُ الْعَقْدَ الْجَائِزَ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلَا أُجْرَهَ لَهُ، بَلْ الْحِصَّهُ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ.

وَقِیلَ: لَهُ الْأُجْرَهُ أَیْضًا.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ فِی قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ)

، لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ لِلزَّائِدِ وَ الْأَصْلُ مَعَهُ.

(وَ) فِی (قَدْرِ الرِّبْحِ) لِأَنَّهُ أَمِینٌ فَیُقْبَلُ قَوْلُهُ فِیهِ.

(وَیَنْبَغِی أَنْ یَکُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ) لِتَرْتَفِعَ الْجَهَالَهُ عَنْهُ وَ لَا یُکْتَفَی بِمُشَاهَدَتِهِ.

وَقِیلَ تَکْفِی الْمُشَاهَدَهُ.

وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِیَارِهِ هُنَا وَ هُوَ مَذْهَبُ الشَّیْخِ وَ الْعَلَّامَهِ فِی الْمُخْتَلَفِ، لِزَوَالِ مُعْظَمِ الْغَرَرِ بِالْمُشَاهَدَهِ وَ لِلْأَصْلِ وَ لِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ }، فَإِنْ قُلْنَا بِهِ وَ اخْتَلَفَا فِی قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ کَمَا تَقَدَّمَ، لِلْأَصْلِ وَ الْأَقْوَی الْمَنْعُ. (وَ لَیْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ یَشْتَرِیَ مَا فِیهِ ضَرَرٌ عَلَی الْمَالِکِ، کَمَنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ) أَیْ عَلَی الْمَالِکِ، لِأَنَّهُ تَخْسِیرٌ مَحْضٌ وَ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَامَلَهِ الِاسْتِرْبَاحُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِدُونِ إذْنِهِ کَانَ فُضُولِیًّا مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّسَبِ وَ الْحُکْمِ أَمَّا مَعَ جَهْلِهِ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَفِی صِحَّتِهِ وَ عِتْقِهِ عَنْ الْمَالِکِ، أَوْ إلْحَاقِهِ بِالْعَالِمِ وَجْهَانِ، مَأْخَذُهُمَا: انْصِرَافُ الْإِذْنِ إلَی مَا یُمْکِنُ بَیْعُهُ وَ الِاسْتِرْبَاحُ بِهِ فَلَا یَدْخُلُ هَذَا فِیهِ مُطْلَقًا وَ مِنْ کَوْنِ الشَّرْطِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، لِاسْتِحَالَهِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَی الْغَافِلِ کَمَا لَوْ اشْتَرَی مَعِیبًا لَا یَعْلَمُ بِعَیْبِهِ فَتَلِفَ بِهِ، (وَ) کَذَا (لَا یَشْتَرِی مِنْ رَبِّ الْمَالِ شَیْئًا)؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ وَ لَا یُشْتَرَی مَالُ الْإِنْسَانِ بِمَالِهِ.

(وَ لَوْ أَذِنَ فِی شِرَاءِ أَبِیهِ) وَ غَیْرِهِ مِمَّنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ (صَحَّ وَ انْعَتَقَ) کَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَکِیلِهِ وَ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَهُ فِی ثَمَنِهِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَهِ التَّالِفِ وَ صَارَ الْبَاقِی رَأْسَ الْمَالِ إنْ کَانَ (وَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَهُ) سَوَاءٌ ظَهَرَ فِیهِ رِبْحٌ أَمْ لَا، أَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَظَاهِرٌ إلَّا عَلَی الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ فِیمَا لَوْ فَسَخَ الْمَالِکُ بِنَفْسِهِ وَ أَمَّا مَعَ ظُهُورِهِ فَلِبُطْلَانِ الْمُضَارَبَهِ بِهَذَا الشِّرَاءِ؛ لِعَدَمِ کَوْنِهِ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ مَا فِیهِ رِبْحٌ وَ لَوْ بِالْمَظِنَّهِ وَ هُوَ مَنْفِیٌّ هُنَا، لِکَوْنِهِ مُسْتَعْقَبًا لِلْعِتْقِ فَإِذَا صَرَفَ الثَّمَنَ فِیهِ بَطَلَتْ وَ یُحْتَمَلُ ثُبُوتُ الْحِصَّهِ إنْ قُلْنَا بِمِلْکِهَا بِالظُّهُورِ لِتَحَقُّقِهِ وَ لَا یَقْدَحُ عِتْقُهُ الْقَهْرِیُّ، لِصُدُورِهِ بِإِذْنِ الْمَالِکِ، کَمَا اسْتَرَدَّ طَائِفَهً مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَ حِینَئِذٍ فَیَسْرِی عَلَی الْعَامِلِ مَعَ یَسَارِ الْمَالِکِ إنْ قُلْنَا بِالسِّرَایَهِ فِی الْعِتْقِ الْقَهْرِیِّ، أَوْ مَعَ اخْتِیَارِ الشَّرِیکِ السَّبَبَ.

(وَلَوْ اشْتَرَی) الْعَامِلُ (أَبَا نَفْسِهِ)

وَ غَیْرَهُ مِمَّنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ (صَحَّ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَی الْمَالِکِ (فَإِنْ ظَهَرَ فِیهِ رِبْحٌ) حَالَ الشِّرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ (انْعَتَقَ نَصِیبُهُ) أَیْ نَصِیبُ الْعَامِلِ، لِاخْتِیَارِهِ السَّبَبَ الْمُفْضِیَ إلَیْهِ کَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ، (وَیَسْعَی الْمُعْتَقُ) وَ هُوَ الْأَبُ (فِی الْبَاقِی) وَ إِنْ کَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا، لِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْحَاکِمَهِ بِاسْتِسْعَائِهِ مِنْ غَیْرِ اسْتِفْصَالٍ.

وَقِیلَ: یَسْرِی عَلَی الْعَامِلِ مَعَ یَسَارِهِ، لِاخْتِیَارِهِ السَّبَبَ وَ هُوَ مُوجِبٌ لَهَا کَمَا سَیَأْتِی إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ حُمِلَتْ الرِّوَایَهُ عَلَی إعْسَارِهِ جَمْعًا بَیْنَ الْأَدِلَّهِ.

وَرُبَّمَا فَرَّقَ بَیْنَ ظُهُورِ الرِّبْحِ حَالَهَ الشِّرَاءِ وَ تَجَدُّدِهِ فَیَسْرِی فِی الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِی وَ یُمْکِنُ حَمْلُ الرِّوَایَهِ عَلَیْهِ أَیْضًا.

وَفِی وَجْهٍ ثَالِثٍ بُطْلَانُ الْبَیْعِ، لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِمَقْصُودِ الْقِرَاضِ إذْ الْغَرَضُ هُوَ السَّعْیُ لِلتِّجَارَهِ الَّتِی تَقْبَلُ التَّقْلِیبَ لِلِاسْتِرْبَاحِ وَ الشِّرَاءُ الْمُتَعَقِّبُ لِلْعِتْقِ یُنَافِیهِ وَ الْوَسَطُ قَوِیٌّ لَوْلَا مُعَارَضَهُ إطْلَاقِ النَّصِّ الصَّحِیحِ.

24 کتاب الودیعه

(24) کتاب الودیعه

کِتَابُ الْوَدِیعَهِ

الْوَدِیعَهُ (وَ هِیَ اسْتِنَابَهٌ فِی الْحِفْظِ) أَیْ اسْتِنَابَهٌ فِیهِ بِالذَّاتِ، فَلَا یَرِدُ مِثْلُ الْوَکَالَهِ فِی بَیْعِ شَیْءٍ، أَوْ شِرَائِهِ مَعَ إثْبَاتِ الْیَدِ عَلَیْهِ، فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الِاسْتِنَابَهَ فِیهِ إلَّا أَنَّهَا بِالْعَرْضِ وَ الْقَصْدُ بِالذَّاتِ الْإِذْنُ فِیمَا وُکِّلَ فِیهِ.

ثُمَّ الِاسْتِنَابَهُ إنَّمَا تَکُونُ مِنْ الْمُودَعِ.

الْوَدِیعَهُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْمُتَعَاقِدِینَ فَلَا تَکُونُ الْوَدِیعَهُ هِیَ الِاسْتِنَابَهَ، بَلْ هِیَ وَ قَبُولُهَا وَ إِنْ اکْتَفَیْنَا بِالْقَبُولِ الْفِعْلِیِّ.

وَکَأَنَّ التَّعْرِیفَ، لَمَّا کَانَ لِعَقْدِهَا کَمَا عُلِمَ مِنْ مَذْهَبِ الْمُصَنِّفِ و کان الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ الْإِیجَابَ تَسَامَحَ فِی إطْلَاقِهَا عَلَیْهِ، أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِنَابَهَ تَسْتَلْزِمُ قَبُولَهَا فَإِنَّهَا لَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْهُ لَمْ یُؤَثِّرْ.

(وَتَفْتَقِرُ إلَی إیجَابٍ وَ قَبُولٍ) کَغَیْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ، (وَ لَا حَصْرَ فِی الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَیْهَا) کَمَا هُوَ شَأْنُ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ مِنْ الطَّرَفَیْنِ، فَیَکْفِی کُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَیْهَا، بَلْ التَّلْوِیحُ وَ الْإِشَارَهُ الْمُفْهِمَهُ لِمَعْنَاهَا اخْتِیَارًا.

(وَیَکْفِی فِی الْقَبُولِ الْفِعْلُ)؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الرِّضَا بِهَا.

وَرُبَّمَا کَانَ الْفِعْلُ وَ هُوَ قَبْضُهَا أَقْوَی مِنْ الْقَوْلِ، بِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا فِی ضَمَانِهِ وَ الْتِزَامِهِ بِحِفْظِهَا بِوَاسِطَهِ الْقَبْضِ وَ إِنْ لَمْ یَحْصُلْ الْإِیجَابُ فِیهِ أَوْلَی، إلَّا أَنَّ فِیهِ خُرُوجًا عَنْ بَابِ الْعُقُودِ الَّتِی لَا تَتِمُّ إلَّا بِصِیغَهٍ مِنْ الطَّرَفَیْنِ.

وَمِنْ ثَمَّ قِیلَ: إنَّهَا إذْنٌ مُجَرَّدٌ، لَا عَقْدٌ وَ کَیْفَ کَانَ لَا تَجِبُ مُقَارَنَهُ الْقَبُولِ لِلْإِیجَابِ قَوْلِیًّا کَانَ، أَمْ فِعْلِیًّا.

(وَ لَوْ طَرَحَهَا عِنْدَهُ) وَ لَمْ یَحْصُلْ مِنْهُ مَا یَدُلُّ عَلَی الرِّضَا وَ لَا قَبْضِهَا، (أَوْ أَکْرَهَهُ عَلَی قَبْضِهَا لَمْ تَصِرْ وَدِیعَهً)؛ لِانْتِفَاءِ الْقَبُولِ الشَّرْعِیِّ فِیهِمَا.

وَأَمَّا الْإِیجَابُ فَقَدْ یَحْصُلُ بِالطَّرْحِ بِأَنْ یَضُمَّ إلَیْهِ قَوْلًا، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ یُفِیدُهُ وَ قَدْ لَا یَحْصُلُ بِأَنْ یَقْتَصِرَ عَلَی مُجَرَّدِ الطَّرْحِ وَ فِی الثَّانِی لَا تَصِیرُ وَدِیعَهً وَ إِنْ قَبِلَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا لَکِنْ فِی الثَّانِی یَجِبُ عَلَیْهِ الْحِفْظُ لِلْیَدِ، لَا لِلْوَدِیعَهِ وَ فِی الْأَوَّلِ تَتِمُّ بِالْقَبُولِ بِهِمَا فَیَجِبُ عَلَیْهِ الْحِفْظُ.

وَحَیْثُ لَا یَجِبُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ قَدْ یَجِبُ لِأَمْرٍ آخَرَ کَمَا لَوْ غَابَ الْمَالِکُ وَ تَرَکَهَا وَ خِیفَ عَلَیْهَا الذَّهَابُ فَیَجِبُ مِنْ بَابِ الْمُعَاوَنَهِ عَلَی الْبِرِّ کِفَایَهً لَکِنْ لَا ضَمَانَ بِتَرْکِهِ.

وَأَمَّا مَعَ الْإِکْرَاهِ (فَلَا یَجِبُ حِفْظُهَا) مُطْلَقًا، بَلْ یَجُوزُ تَرْکُهَا وَ إِنْ قَبَضَهَا بِهِ فِی حُضُورِ الْمَالِکِ وَ غَیْبَتِهِ، إلَّا أَنْ یَکُونَ الْمُکْرَهُ، مُضْطَرًّا إلَی الْإِیدَاعِ فَیَجِبُ إعَانَتُهُ عَلَیْهِ کَالسَّابِقِ.

فَقوله:

" فَلَا یَجِبُ حِفْظُهَا " مُطْلَقٌ فِی الثَّانِی مِنْ حَیْثُ الْوَدِیعَهُ و مع عَدَمِ الْقَبُولِ، أَوْ الْقَبْضِ فِی الْأَوَّلِ عَلَی مَا فُصِّلَ.

(وَلَوْ قَبِلَ) الْوَدِیعَهَ قَوْلًا، أَوْ فِعْلًا (وَجَبَ) عَلَیْهِ (الْحِفْظُ)

مَا دَامَ مُسْتَوْدَعًا وَ کَذَا بَعْدَهُ إلَی أَنْ یُؤَدِّیَ إلَی الْمَالِکِ، أَوْ مَنْ فِی حُکْمِهِ وَ بِذَلِکَ یَظْهَرُ عَدَمُ الْمُنَافَاهِ بَیْنَ وجوب الْحِفْظِ وَ عَدَمِ وجوب الْبَقَاءِ عَلَی الْوَدِیعَهِ مِنْ حَیْثُ إنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ.

(وَ لَا ضَمَانَ عَلَیْهِ) لَوْ تَلِفَتْ، أَوْ عَابَتْ (إلَّا بِالتَّعَدِّی فِیهَا) بِأَنْ رَکِبَ الدَّابَّهَ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ، أَوْ فَتَحَ الْکِیسَ الْمَخْتُومَ، أَوْ الْمَشْدُودَ (أَوْ التَّفْرِیطِ) بِأَنْ قَصَّرَ فِی الْحِفْظِ عَادَهً (فَلَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ قَهْرًا فَلَا ضَمَانَ) إنْ لَمْ یَکُنْ سَبَبًا فِی الْأَخْذِ الْقَهْرِیِّ بِأَنْ سَعَی بِهَا إلَی الظَّالِمِ، أَوْ أَظْهَرَهَا فَوَصَلَ إلَیْهِ خَبَرُهَا مَعَ مَظِنَّتِهِ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَ بِهَا اللِّصَّ فَسَرَقَهَا.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ أَخْذِ الْقَاهِرِ لَهَا بِیَدِهِ وَ أَمْرِهِ لَهُ بِدَفْعِهَا إلَیْهِ کَرْهًا؛ لِانْتِفَاءِ التَّفْرِیطِ فِیهِمَا فَیَنْحَصِرُ الرُّجُوعُ عَلَی الظَّالِمِ فِیهِمَا عَلَی الْأَقْوَی.

وَقِیلَ: یَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَی الْمُسْتَوْدِعِ فِی الثَّانِی وَ إِنْ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَی الظَّالِمِ.

(وَ لَوْ تَمَکَّنَ) الْمُسْتَوْدَعُ (مِنْ الدَّفْعِ) عَنْهَا بِالْوَسَائِلِ الْمُوجِبَهِ لِسَلَامَتِهَا (وَجَبَ مَا لَمْ یُؤَدِّ إلَی تَحَمُّلِ الضَّرَرِ الْکَثِیرِ، کَالْجُرْحِ وَ أَخْذِ الْمَالِ) فَیَجُوزُ تَسْلِیمُهَا حِینَئِذٍ وَ إِنْ قَدَرَ عَلَی تَحَمُّلِهِ.

وَالْمَرْجِعُ فِی الْکَثْرَهِ وَ الْقِلَّهِ إلَی حَالِ الْمُکْرَهِ، فَقَدْ تُعَدُّ الْکَلِمَهُ الْیَسِیرَهُ مِنْ الْأَذَی کَثِیرًا فِی حَقِّهِ، لِکَوْنِهِ جَلِیلًا لَا یَلِیقُ بِحَالِهِ ذَلِکَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَا یُعْتَدُّ بِمِثْلِهِ وَ أَمَّا أَخْذُ الْمَالِ فَإِنْ کَانَ مَالُ الْمُسْتَوْدِعِ لَمْ یَجِبْ بَذْلُهُ مُطْلَقًا وَ إِنْ کَانَ مِنْ الْوَدِیعَهِ فَإِنْ لَمْ یَسْتَوْعِبْهَا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْهَا بِبَعْضِهَا مَا أَمْکَنَ، فَلَوْ تَرَکَ مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی سَلَامَهِ الْبَعْضِ فَأُخِذَ الْجَمِیعُ ضَمِنَ مَا یُمْکِنُ سَلَامَتُهُ وَ إِنْ لَمْ یُمْکِنْ إلَّا بِأَخْذِهَا أَجْمَعَ فَلَا تَقْصِیرَ وَ لَوْ أَمْکَنَ الدَّفْعُ عَنْهَا بِشَیْءٍ مِنْ مَالِهِ لَا یَسْتَوْعِبُ قِیمَتَهَا جَازَ وَ رَجَعَ مَعَ نِیَّتِهِ.

[وَفِی و جوبهِ نَظَرٌ] وَ لَوْ أَمْکَنَ حِفْظُهَا عَنْهُ بِالِاسْتِتَارِ مِنْهُ وَجَبَ فَیَضْمَنُ بِتَرْکِهِ (نَعَمْ یَجِبُ عَلَیْهِ الْیَمِینُ لَوْ قَنِعَ بِهَا الظَّالِمُ فَیُوَرِّی) بِمَا یُخْرِجُهُ عَنْ الْکَذِبِ بِأَنْ یَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اسْتَوْدَعَ مِنْ فُلَانٍ وَ یَخُصُّهُ بِوَقْتٍ أَوْ جِنْسٍ، أَوْ مَکَان، أَوْ نَحْوِهَا، مُغَایِرٍ لِمَا اُسْتُوْدِعَ وَ إِنَّمَا تَجِبُ التَّوْرِیَهُ عَلَیْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا وَ إِلَّا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ کَذِبٌ مُسْتَثْنًی لِلضَّرُورَهِ تَرْجِیحًا لِأَخَفِّ الْقَبِیحَیْنِ حَیْثُ تَعَارَضَا

(وَتَبْطُلُ) الْوَدِیعَهُ (بِمَوْتِ کُلٍّ مِنْهُمَا)

الْمُودِعُ وَ الْمُسْتَوْدَعِ، کَغَیْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ، (وَجُنُونِهِ وَ إِغْمَائِهِ) وَ إِنْ قَصُرَ وَقْتُهُمَا (فَتَبْقَی) فِی یَدِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَی تَقْدِیرِ عُرُوضِ ذَلِکَ لِلْمُودِعِ، أَوْ یَدِ وَارِثِهِ أَوْ وَلِیِّهِ، أَوْ یَدِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ عَلَی تَقْدِیرِ عُرُوضِهِ لَهُ (أَمَانَهً شَرْعِیَّهً) أَیْ مَأْذُونًا فِی حِفْظِهَا مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ، لَا الْمَالِکِ؛ لِبُطْلَانِ إذْنِهِ بِذَلِکَ.

وَمِنْ حُکْمِ الْأَمَانَهِ الشَّرْعِیَّهِ وجوب الْمُبَادَرَهِ إلَی رَدِّهَا وَ إِنْ لَمْ یَطْلُبْهَا الْمَالِکُ.

(وَ لَا یُقْبَلُ قَوْلُ الْوَدَعِیِّ) وَ غَیْرِهِ مِمَّنْ هِیَ فِی یَدِهِ (فِی رَدِّهَا إلَّا بِبَیِّنَهٍ)، بِخِلَافِ الْأَمَانَهِ الْمُسْتَنِدَهِ إلَی الْمَالِکِ فَإِنَّهُ لَا یَجِبُ رَدُّهَا بِدُونِ الطَّلَبِ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ کَانْقِضَاءِ الْمُدَّهِ الْمَأْذُونِ فِیهَا وَ قَدْ یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی رَدِّهَا کَالْوَدِیعَهِ وَ قَدْ لَا یُقْبَلُ کَمَا إذَا قَبَضَهَا لِمَصْلَحَتِهِ کَالْعَارِیَّهِ وَ الْمُضَارَبَهِ.

وَمِنْ الْأَمَانَهِ الشَّرْعِیَّهِ مَا بَطَلَ مِنْ الْأَمَانَهِ الْمَالِکِیَّهِ کَالشَّرِکَهِ وَ الْمُضَارَبَهِ بِمَوْتٍ وَ نَحْوِهِ وَ مَا تُطَیِّرُهُ الرِّیحُ إلَی دَارِ الْغَیْرِ مِنْ الْأَمْتِعَهِ وَ مَا یُنْزَعُ مِنْ الْغَاصِبِ بِطَرِیقِ الْحِسْبَهِ وَ مَا یُؤْخَذُ مِنْ الصَّبِیِّ وَ الْمَجْنُونِ مِنْ مَالِ الْغَیْرِ وَ إِنْ کَانَ کَسْبًا مِنْ قِمَارٍ کَالْجَوْزِ وَ الْبَیْضِ وَ مَا یُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِمَا وَدِیعَهً عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِهِ بِأَیْدِیهِمَا وَ مَا یَتَسَلَّمُهُ مِنْهُمَا نِسْیَانًا وَ مَا یُوجَدُ فِیمَا یَشْتَرِی مِنْ الْأَمْتِعَهِ کَالصُّنْدُوقِ مِنْ مَالٍ لَا یَدْخُلُ فِی الْمَبِیعِ وَ اللُّقَطَهِ فِی یَدِ الْمُلْتَقِطِ مَعَ ظُهُورِ الْمَالِکِ.

وَضَابِطُهُ: مَا أُذِنَ فِی الِاسْتِیلَاءِ عَلَیْهِ شَرْعًا وَ لَمْ یَأْذَنْ فِیهِ الْمَالِکُ. (وَ لَوْ عَیَّنَ) الْمُودِعُ (مَوْضِعًا لِلْحِفْظِ اقْتَصَرَ) الْمُسْتَوْدَعُ (عَلَیْهِ) فَلَا یَجُوزُ نَقْلُهَا إلَی غَیْرِهِ وَ إِنْ کَانَ أَحْفَظَ عَمَلًا بِمُقْتَضَی التَّعْیِینِ وَ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِی ذَلِکَ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ إلَی الْأَحْفَظِ لِدَلَالَتِهِ عَلَیْهِ بِطَرِیقِ أَوْلَی.

وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَ جَوَّزَ آخَرُونَ التَّخَطِّیَ إلَی الْمُسَاوِی وَ هُوَ قِیَاسٌ بَاطِلٌ.

وَحِینَئِذٍ فَیَضْمَنُ بِنَقْلِهَا عَنْ الْمُعَیَّنِ مُطْلَقًا (إلَّا أَنْ یَخَافَ تَلَفَهَا فِیهِ فَیَنْقُلُهَا) عَنْهُ إلَی الْأَحْفَظِ، أَوْ الْمُسَاوِی مَعَ الْإِمْکَانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْأَدْوَنِ، (وَ لَا ضَمَانَ) حِینَئِذٍ لِلْإِذْنِ فِیهِ شَرْعًا وَ إِنَّمَا جَازَ الْمُسَاوِی هُنَا لِسُقُوطِ حُکْمِ الْمُعَیَّنِ بِتَعَذُّرِهِ فَیَنْتَقِلُ إلَی مَا فِی حُکْمِهِ وَ هُوَ الْمُسَاوِی، أَوْ مَا فَوْقَهُ وَ یُمْکِنُ شُمُولُ کَلَامِهِ لِلْأَدْوَنِ عِنْدَ الْخَوْفِ وَ إِنْ وُجِدَ الْمُسَاوِی، کَمَا یَشْمَلُ الْمَنْعَ، مِنْ الْأَعْلَی عِنْدَ عَدَمِهِ وَ یَشْمَلُ أَیْضًا فِیهِمَا مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ غَیْرِ الْمُعَیَّنِ وَ عَدَمِهِ.

وَهُوَ کَذَلِکَ.

(ویَحْفَظُ) الْوَدِیعَهَ

(بِمَا جَرَتْ الْعَادَهُ بِهِ) فِی مَکَانِ الْوَدِیعَهِ وَ زَمَانِهَا، لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ یَحُدَّ لَهَا حَدًّا، فَیَرْجِعُ إلَی الْعَادَهِ (کَالثَّوْبِ وَ النَّقْدِ فِی الصُّنْدُوقِ) الْمُقْفَلِ، أَوْ الْمَوْضُوعِ فِی بَیْتٍ مُحْرَزٍ عَنْ الْغَیْرِ، (وَ الدَّابَّهِ فِی الْإِصْطَبْلِ) الْمَضْبُوطِ بِالْغَلْقِ، (وَ الشَّاهِ فِی الْمَرَاحِ) کَذَلِکَ أَوْ الْمَحْفُوظِ بِنَظَرِ الْمُسْتَوْدَعِ.

وَهَذِهِ الثَّلَاثَهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَهُ بِکَوْنِهَا حِرْزًا لِمَا ذُکِرَ وَ قَدْ یَفْتَقِرُ إلَی أَمْرٍ آخَرَ، أَوْ یَقُومُ غَیْرُهَا مَقَامَهَا عَادَهً.

وَلَا فَرْقَ فِی وجوب الْحِرْزِ عَلَی الْمُسْتَوْدَعِ بَیْنَ مَنْ یَمْلِکُهُ وَ غَیْرِهِ وَ لَا بَیْنَ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حِرْزَ لَهُ وَ غَیْرِهِ

(وَلَوْ اسْتَوْدَعَ مِنْ طِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ ضَمِنَ)

؛ لِأَنَّهُمَا لَیْسَا أَهْلًا لِلْإِذْنِ فَیَکُونُ وَضْعُ یَدِهِ عَلَی مَالِهِمَا بِغَیْرِ إذْنٍ شَرْعِیٍّ فَیَضْمَنُ، إلَّا أَنْ یَخَافَ تَلَفَهَا فِی أَیْدِیهِمَا فَیَقْبِضَهَا بِنِیَّهِ الْحِسْبَهِ، فَالْأَقْوَی عَدَمُ الضَّمَانِ، لَکِنْ یَجِبُ مُرَاجَعَهُ الْوَلِیِّ مَا أَمْکَنَ.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِ الْمَالِ لَهُمَا، أَوْ لِغَیْرِهِمَا وَ إِنْ ادَّعَیَا إذْنَهُ لَهُمَا فِی الْإِیدَاعِ.

(وَ) حَیْثُ یَقْبِضُ الْوَدِیعَهَ مِنْهُمَا مَعَ جَوَازِهِ.

أَوْ لَا مَعَهُ (یَبْرَأُ بِالرَّدِّ إلَی وَلِیِّهِمَا) الْخَاصِّ، أَوْ الْعَامِّ مَعَ تَعَذُّرِهِ، لَا إلَیْهِمَا

(وَیَجِبُ إعَادَهُ الْوَدِیعَهِ عَلَی الْمُودِعِ)

مَعَ الْمُطَالَبَهِ فِی أَوَّلِ وَقْتِ الْإِمْکَانِ بِمَعْنَی رَفْعِ یَدِهِ عَنْهَا وَ التَّخْلِیَهِ بَیْنَ الْمَالِکِ وَ بَیْنَهُمَا، فَلَوْ کَانَتْ فِی صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ فَفَتَحَهُ عَلَیْهِ، أَوْ بَیْتٍ مُحْرَزٍ فَکَذَلِکَ، لَا نَقْلُهَا إلَی الْمَالِکِ زِیَادَهً عَلَی ذَلِکَ.

وَالْعُذْرُ الشَّرْعِیُّ کَإِکْمَالِ الصَّلَاهِ وَ إِنْ کَانَتْ نَفْلًا عَلَی الْأَقْوَی مَا لَمْ یَتَضَرَّرْ الْمَالِکُ بِالتَّأْخِیرِ وَ الْعَادِیُّ کَانْتِظَارِ انْقِطَاعِ الْمَطَرِ وَ نَحْوِهِ کَالْعَقْلِیِّ وَ فِی إکْمَالِ الطَّعَامِ وَ الْحَمَّامِ وَجْهَانِ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِی السَّعْیِ الْقَصْدُ وَ إِنْ قَدَرَ عَلَی الزِّیَادَهِ.

وَالْحُکْمُ ثَابِتٌ کَذَلِکَ (وَ إِنْ کَانَ) الْمُودِعُ (کَافِرًا) مُبَاحَ الْمَالِ کَالْحَرْبِیِّ، لِلْأَمْرِ بِأَدَاءِ الْأَمَانَهِ إلَی أَهْلِهَا مِنْ غَیْرِ قَیْدٍ.

وَرَوَی الْفُضَیْلُ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قال:

" سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا مِنْ مَوَالِیک مَالًا لَهُ قِیمَهٌ وَ الرَّجُلُ الَّذِی عَلَیْهِ الْمَالُ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ یَقْدِرُ أَنْ لَا یُعْطِیَهُ شَیْئًا وَ الْمُودِعُ رَجُلٌ خَارِجِیٌّ شَیْطَانٌ، فَلَمْ أَدَعْ شَیْئًا فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ: قُلْ لَهُ: یَرُدُّ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ ائْتَمَنَهُ عَلَیْهِ بِأَمَانَهِ اللَّهِ " وَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " أَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَی أَهْلِهَا وَ إِنْ کَانُوا مَجُوسًا ".

(وَیَضْمَنُ لَوْ أَهْمَلَ) الرَّدَّ (بَعْدَ الْمُطَالَبَهِ) وَ إِمْکَانُ الرَّدِّ عَلَی الْوَجْهِ السَّابِقِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِیرِ وَ لَوْ کَانَ التَّأْخِیرُ لِعُذْرٍ وَجَبَ فِی أَوَّلِ أَوْقَاتِ إمْکَانِهِ، (أَوْ أَوْدَعَهَا) لِغَیْرِهِ وَ لَوْ لِزَوْجَتِهِ، أَوْ ثِقَهٍ (مَنْ غَیْرِ ضَرُورَهٍ) إلَی الْإِیدَاعِ، فَلَوْ اُضْطُرَّ إلَیْهِ بِأَنْ خَافَ عَلَیْهَا مِنْ حَرْقٍ، أَوْ سَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ لَوْ بَقِیَتْ فِی یَدِهِ وَ تَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَی الْمَالِکِ وَ الْحَاکِمِ أَوْدَعَهَا الْعَدْلَ.

وَفِی حُکْمِ إیدَاعِهَا اخْتِیَارًا إشْرَاکُ الْغَیْرِ فِی الْیَدِ وَ لَوْ زَوْجَهً وَ وَلَدًا وَ وَضَعَهَا فِی مَحَلٍّ مُشْتَرَکٍ فِی التَّصَرُّفِ بِحَیْثُ لَا یُلَاحِظُهَا فِی سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، (أَوْ سَافَرَ بِهَا کَذَلِکَ) أَیْ مِنْ غَیْرِ ضَرُورَهٍ إلَی اسْتِصْحَابِهَا فِی السَّفَرِ بِأَنْ أَمْکَنَهُ عِنْدَ إرَادَهِ السَّفَرِ إیصَالُهَا إلَی الْمَالِکِ، أَوْ وَکِیلِهِ عَامًّا، أَوْ خَاصًّا، أَوْ إیدَاعُهَا الْعَدْلَ فَتَرَکَ وَ أَخَذَهَا مَعَهُ فَیَضْمَنُ.

أَمَّا مَعَ الضَّرُورَهِ بِأَنْ تَعَذَّرَ جَمِیعُ مَا تَقَدَّمَ وَ خَافَ عَلَیْهَا فِی الْبَلَدِ، أَوْ اُضْطُرَّ إلَی السَّفَرِ فَلَا ضَمَانَ، بَلْ قَدْ یَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضُرُوبِ الْحِفْظِ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِی تَعَذُّرِ التَّوَصُّلِ إلَی الْمَالِکِ وَ مَنْ بِحُکْمِهِ الْمَشَقَّهُ الْکَثِیرَهُ عُرْفًا وَ فِی السَّفَرِ الْعُرْفِیِّ أَیْضًا فَمَا قَصُرَ عَنْهُ کَالتَّرَدُّدِ إلَی حُدُودِ الْبَلَدِ وَ قُرًی لَا یُطْلَقُ عَلَی الذَّهَابِ إلَیْهَا السَّفَرُ یَجُوزُ فِیهِ مُصَاحَبَتُهَا مَعَ أَمْنِ الطَّرِیقِ وَ لَا یَجُوزُ إیدَاعُهَا فِی مِثْلِهِ مَعَ إمْکَانِ اسْتِصْحَابِهَا وَ اسْتَثْنَی مِنْهُ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ مُسَافِرًا، أَوْ کَانَ الْمُسْتَوْدَعُ مُنْتَجِعًا، فَإِنَّهُ یُسَافِرُ بِهَا مِنْ غَیْرِ ضَمَانٍ، لِقُدُومِ الْمَالِکِ عَلَیْهِ.

(أَوْ طَرَحَهَا فِی مَوْضِعٍ تَتَعَفَّنُ فِیهِ) وَ إِنْ کَانَ حِرْزًا لِمِثْلِهَا، لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْحِرْزَ مَشْرُوطٌ بِأُمُورٍ أُخَرَ هَذَا مِنْهَا.

وَفِی حُکْمِ الْعَفَنِ الْمُوضِعِ الْمُفْسِدِ کَالنَّدَی لِلْکُتُبِ.

وَضَابِطُهُ مَا لَا یَصْلُحُ لِتِلْکَ الْوَدِیعَهِ عُرْفًا بِحَسَبِ مُدَّهِ إقَامَتِهَا فِیهِ، (أَوْ تَرَکَ سَقْیَ الدَّابَّهِ، أَوْ عَلَفَهَا مَا لَا تَصْبِرُ عَلَیْهِ عَادَهً) وَ مِثْلُهَا الْمَمْلُوکُ وَ الْمُعْتَبَرُ السَّقْیُ وَ الْعَلَفُ بِحَسَبِ الْمُعْتَادِ لِأَمْثَالِهَا، فَالنُّقْصَانُ عَنْهُ تَفْرِیطٌ وَ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَدَمِ صَبْرِهَا عَلَیْهِ فَیَضْمَنُهَا حِینَئِذٍ وَ إِنْ مَاتَتْ بِغَیْرِهِ.

وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ أَنْ یَأْمُرَهُ بِهِمَا وَ یُطْلِقَ وَ یَنْهَاهُ، لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ عَنْ التَّلَفِ، هَذَا هُوَ الَّذِی یَقْتَضِیهِ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ وَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ فِی الْمَسْأَلَهِ.

وَالْأَقْوَی أَنَّهُ مَعَ النَّهْیِ لَا یَضْمَنُ بِالتَّرْکِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمَالِ إنَّمَا یَجِبُ عَلَی مَالِکِهِ لَا عَلَی غَیْرِهِ، نَعَمْ یَجِبُ فِی الْحَیَوَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ ذُو رُوحٍ لَکِنْ لَا یَضْمَنُ بِتَرْکِهِ کَغَیْرِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُسْتَوْدَعَ الْحَیَوَانِ إنْ أَمَرَهُ الْمَالِکُ بِالْإِنْفَاقِ أَنْفَقَ وَ رَجَعَ عَلَیْهِ بِمَا غَرِمَ وَ إِنْ أَطْلَقَ تَوَصَّلَ إلَی اسْتِئْذَانِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَفْعُ أَمْرِهِ إلَی الْحَاکِمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَنْفَقَ هُوَ وَ أَشْهَدَ عَلَیْهِ وَ رَجَعَ بِهِ وَ لَوْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ اقْتَصَرَ عَلَی نِیَّهِ الرُّجُوعِ إنْ أَرَادَهُ وَ قُبِلَ قَوْلُهُ فِیهَا وَ فِی الْقَدْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ کَذَا الْقَوْلُ مَعَ نَهْیِ الْمَالِکِ لَهُ عَنْهُ.

وَفِی حُکْمِ النَّفَقَهِ مَا نَفْتَقِرُ إلَیْهِ مِنْ الدَّوَاءِ وَ غَیْرِهِ وَ فِی حُکْمِ الْحَیَوَانِ الشَّجَرُ الْمُفْتَقِرُ إلَی الْحَرْثِ وَ السَّقْیِ وَ غَیْرِهِمَا.

(أَوْ تَرَکَ نَشْرَ الثَّوْبِ) الَّذِی یُفْسِدُهُ طُولُ مُکْثِهِ کَالصُّوفِ وَ الْإِبْرَیْسَمِ (لِلرِّیحِ) حَتَّی لَوْ لَمْ یَنْدَفِعْ بِنَشْرِهِ وَجَبَ لُبْسُهُ بِمِقْدَارِ مَا یَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُ وَ کَذَا عَرْضُهُ عَلَی الْبَرْدِ.

وَمِثْلُهُ تَوَقُّفُ نَقْلِ الدَّابَّهِ إلَی الْحِرْزِ، أَوْ الْعَلَفِ، أَوْ السَّقْیِ عَلَی الرُّکُوبِ وَ الْکِتَابِ عَلَی تَقْلِیبِهِ وَ النَّظَرِ فِیهِ فَیَجِبُ ذَلِکَ کُلُّهُ وَ یَحْرُمُ بِدُونِهِ، (أَوْ انْتَفَعَ بِهَا) لَا لِذَلِکَ.

(أَوْ مَزَجَهَا) بِمَالِهِ، أَوْ بِمَالِ غَیْرِهِ بِحَیْثُ لَا یَتَمَیَّزُ، سَوَاءٌ مَزَجَهَا بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَدْوَنَ، بَلْ لَوْ مَزَجَ إحْدَی الْوَدِیعَتَیْنِ بِالْأُخْرَی ضَمِنَهُمَا مَعًا وَ إِنْ کَانَا لِوَاحِدٍ وَ مِثْلُهُ لَوْ خَلَطَهَا بِمَالٍ لِمَالِکِهَا غَیْرِ مُودَعٍ عِنْدَهُ، لِلتَّعَدِّی فِی الْجَمِیعِ.

(وَلْیَرُدَّ) الْوَدِیعَهَ حَیْثُ یُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ یُرِیدُهُ هُوَ (إلَی الْمَالِکِ أَوْ وَکِیلِهِ) الْمُتَنَاوِلِ وَکَالَتَهُ مِثْلُ ذَلِکَ مُخَیَّرًا فِیهِمَا، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمَالِکُ، أَوْ وَکِیلُهُ (فَالْحَاکِمُ) الشَّرْعِیُّ (عِنْدَ الضَّرُورَهِ إلَی رَدِّهَا)، لَا بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاکِمَ لَا وِلَایَهَ لَهُ عَلَی مَنْ لَهُ وَکِیلٌ وَ الْوَدِیعُ بِمَنْزِلَتِهِ.

وَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ إلَیْهِ عِنْدَ الضَّرُورَهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَ الْإِضْرَارِ وَ تَنْزِیلًا لَهُ حِینَئِذٍ مَنْزِلَهَ مَنْ لَا وَکِیلَ لَهُ وَ تَتَحَقَّقُ الضَّرُورَهُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْحِفْظِ وَ عُرُوضِ خَوْفٍ یَفْتَقِرُ مَعَهُ إلَی التَّسَتُّرِ الْمُنَافِی لِرِعَایَتِهَا، أَوْ الْخَوْفِ عَلَی أَخْذِ الْمُتَغَلِّبِ لَهَا تَبَعًا لِمَالِهِ، أَوْ اسْتِقْلَالًا، أَوْ الْخَوْفِ عَلَیْهَا مِنْ السَّرَقِ، أَوْ الْحَرَقِ، أَوْ النَّهْبِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ.

فَإِنْ تَعَذَّرَ الْحَاکِمُ حِینَئِذٍ أَوْدَعَهَا الثِّقَهَ.

وَلَوْ دَفَعَهَا إلَی الْحَاکِمِ مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی الْمَالِکِ ضَمِنَ کَمَا یَضْمَنُ لَوْ دَفَعَهَا إلَی الثِّقَهِ مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی الْحَاکِمِ، أَوْ الْمَالِکِ.

(وَلَوْ أَنْکَرَ الْوَدِیعَهَ حَلَفَ)

لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ، (وَ لَوْ أَقَامَ) الْمَالِکُ (بِهَا بَیِّنَهً قَبْلَ حَلِفِهِ ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِجُحُودِهِ لَهَا (إلَّا أَنْ یَکُونَ جَوَابُهُ: لَا تَسْتَحِقُّ عِنْدِی شَیْئًا وَ شَبَهُهُ) کَقوله:

لَیْسَ لَک عِنْدِی وَدِیعَهٌ یَلْزَمُنِی رَدُّهَا وَ لَا عِوَضُهَا، فَلَا یَضْمَنُ بِالْإِنْکَارِ، بَلْ یَکُونُ کَمُدَّعِی التَّلَفِ یُقْبَلُ قَوْلُهُ بِیَمِینِهِ أَیْضًا؛ لِإِمْکَانِ تَلَفِهَا بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ فَلَا تَکُونُ مُسْتَحَقَّهً عِنْدَهُ وَ لَا یُنَاقِضُ قَوْلَهُ الْبَیِّنَهَ وَ لَوْ أَظْهَرَ لِإِنْکَارِهِ الْأَوَّلِ تَأْوِیلًا کَقوله:

لَیْسَ لَک عِنْدِی وَدِیعَهٌ یَلْزَمُنِی رَدُّهَا، أَوْ ضَمَانُهَا وَ نَحْوُ ذَلِکَ فَالْأَقْوَی الْقَبُولُ أَیْضًا وَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ.

(وَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَدِیعِ فِی الْقِیمَهِ لَوْ فَرَّطَ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزِّیَادَهِ عَمَّا یَعْتَرِفُ بِهِ.

وَقِیلَ: قَوْلُ الْمَالِکِ؛ لِخُرُوجِهِ بِالتَّفْرِیطِ عَنْ الْأَمَانَهِ وَ یَضْعُفُ بِأَنَّهُ لَیْسَ مَأْخَذَ الْقَبُولِ.

(وَإِذَا مَاتَ الْمُودِعُ سَلَّمَهَا)

الْمُسْتَوْدَعُ (إلَی وَارِثِهِ) إنْ اتَّحَدَ، (أَوْ إلَی مَنْ یَقُومُ مَقَامَهُ) مِنْ وَکِیلٍ وَ وَلِیٍّ، فَإِنْ تَعَدَّدَ سَلَّمَهَا إلَی الْجَمِیعِ إنْ اتَّفَقُوا فِی الْأَهْلِیَّهِ وَ إِلَّا فَإِلَی الْأَهْلِ وَ وَلِیِّ النَّاقِصِ، (وَ لَوْ سَلَّمَهَا إلَی الْبَعْضِ) مِنْ دُونِ إذْنِ الْبَاقِینَ (ضَمِنَ لِلْبَاقِی) بِنِسْبَهِ حِصَّتِهِمْ؛ لِتَعَدِّیهِ فِیهَا بِتَسْلِیمِهَا إلَی غَیْرِ الْمَالِکِ وَ تَجِبُ الْمُبَادَرَهُ إلَی رَدِّهَا إلَیْهِمْ حِینَئِذٍ کَمَا سَلَفَ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَارِثُ بِهَا أَمْ لَا. (وَ لَا یَبْرَأُ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِإِعَادَتِهَا إلَی الْحِرْزِ لَوْ تَعَدَّی) فَأَخْرَجَهَا مِنْهُ، (أَوْ فَرَّطَ) بِتَرْکِهِ غَیْرَ مُقْفَلٍ، ثُمَّ قَفَلَهُ وَ نَحْوُهُ، لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَهِ الْغَاصِبِ فَیُسْتَصْحَبُ حُکْمُ الضَّمَانِ إلَی أَنْ یَحْصُلَ مِنْ الْمَالِکِ مَا یَقْتَضِی زَوَالَهُ بِرَدِّهِ عَلَیْهِ، ثُمَّ یُجَدِّدُ لَهُ الْوَدِیعَهَ، أَوْ یُجَدِّدُ لَهُ الِاسْتِئْمَانَ بِغَیْرِ رَدٍّ کَأَنْ یَقُولَ لَهُ: أَوْدَعْتُکهَا، أَوْ اسْتَأْمَنْتُک عَلَیْهَا وَ نَحْوُهُ عَلَی الْأَقْوَی.

وَقِیلَ: لَا یَعُودُ بِذَلِکَ، کَمَا لَا یَزُولُ الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ بِإِیدَاعِهِ، أَوْ یُبْرِئُهُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَی قَوْلٍ قَوِیٍّ.

(وَیُقْبَلُ قَوْلُهُ بِیَمِینِهِ فِی الرَّدِّ) وَ إِنْ کَانَ مُدَّعِیًا بِکُلِّ وَجْهٍ عَلَی الْمَشْهُورِ، لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وَ قَابِضٌ لِمَحْضِ مَصْلَحَهِ الْمَالِکِ وَ الْأَصْلُ بَرَاءَهُ ذِمَّتِهِ هَذَا إذَا ادَّعَی رَدَّهَا عَلَی مَنْ ائْتَمَنَهُ، أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ عَلَی غَیْرِهِ کَوَارِثِهِ فَکَغَیْرِهِ مِنْ الْأُمَنَاءِ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ وَ هُوَ لَمْ یَأْتَمِنْهُ فَلَا یُکَلَّفُ تَصْدِیقَهُ.

وَدَعْوَی رَدِّهَا عَلَی الْوَکِیلِ کَدَعْوَاهُ عَلَی الْمُوَکِّلِ، لِأَنَّ یَدَهُ کَیَدِهِ

25 کتاب العاریه

(25) کتاب العاریه

کِتَابُ الْعَارِیَّهِ

الْعَارِیَّهُ بِتَشْدِیدِ الْیَاءِ وَ تُخَفَّفُ، نِسْبَهً إلَی الْعَارِ، لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ، أَوْ إلَی الْعَارَهِ مَصْدَرٌ ثَانٍ لَأَعَرْتُهُ إعَارَهً، کَالْجَابَّهِ لِلْإِجَابَهِ، أَوْ مِنْ عَارَ إذَا جَاءَ وَ ذَهَبَ لِتَحَوُّلِهَا مِنْ یَدٍ إلَی أُخْرَی، أَوْ مِنْ التَّعَاوُرِ وَ هُوَ التَّدَاوُلُ.

وَهِیَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ تُثْمِرُ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِی الْعَیْنِ بِالِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ غَالِبًا.

(وَ لَا حَصْرَ أَیْضًا) أَیْ عَوْدًا إلَی مَا ذَکَرَ فِی الْوَدِیعَهِ (فِی أَلْفَاظِهَا) وَ إِیجَابًا وَ قَبُولًا، بَلْ کُلُّ مَا دَلَّ عَلَی الْإِذْنِ مِنْ طَرَفِ الْمُعِیرِ فَهُوَ إیجَابٌ.

وَیَکْفِی الْفِعْلُ فِی الْقَبُولِ، بَلْ لَوْ اُسْتُفِیدَ رِضَاهُ مِنْ غَیْرِ الْأَلْفَاظِ کَالْکِتَابَهِ وَ الْإِشَارَهِ وَ لَوْ مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَی النُّطْقِ کَفَی.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ دَفَعَ إلَیْهِ ثَوْبًا حَیْثُ وَجَدَهُ عَارِیًّا، أَوْ مُحْتَاجًا إلَی لُبْسِهِ، أَوْ فَرَشَ لِضَیْفِهِ فِرَاشًا، أَوْ أَلْقَی إلَیْهِ وِسَادَهً، أَوْ مِخَدَّهً.

وَاکْتَفَی فِی التَّذْکِرَهِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالصَّدِیقِ فِی جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَتَاعِهِ.

وَیَنْبَغِی تَقْیِیدُهُ بِکَوْنِ مَنْفَعَتِهِ مِمَّا یَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ الْوَارِدُ فِی الْآیَهِ بِجَوَازِ الْأَکْلِ مِنْ بَیْتِهِ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَهِ وَ تَعَدِّیهِ إلَی مَنْ تَنَاوَلَتْهُ مِنْ الْأَرْحَامِ، لَا مُطْلَقِ حُسْنِ الظَّنِّ، لِعَدَمِ الدَّلِیلِ، إذْ الْمُسَاوِی قِیَاسٌ وَ الْأَضْعَفُ مُمْتَنِعٌ بِطَرِیقٍ أَوْلَی. (وَیُشْتَرَطُ کَوْنُ الْمُعِیرِ کَامِلًا جَائِزَ التَّصَرُّفِ،

وَیَجُوزُ إعَارَهُ الصَّبِیِّ بِإِذْنِ الْوَلِیِّ

لِمَالِ نَفْسِهِ وَ وَلِیِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ الْوَلِیِّ وَ هُوَ کَافٍ فِی تَحَقُّقِ هَذَا الْعَقْدِ.

هَذَا إذَا عَلِمَ الْمُسْتَعِیرُ بِإِذْنِ الْوَلِیِّ وَ إِلَّا لَمْ یُقْبَلْ قَوْلُ الصَّبِیِّ فِی حَقِّهِ، إلَّا أَنْ تَنْضَمَّ إلَیْهِ قَرَائِنُ تُفِیدُ الظَّنَّ الْمُتَاخِمَ لِلْعِلْمِ بِهِ، کَمَا إذَا طَلَبَهَا مِنْ الْوَلِیِّ فَجَاءَ بِهَا الصَّبِیُّ وَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ بِهَا وَ نَحْوُ ذَلِکَ، کَمَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی الْهَدِیَّهِ وَ الْإِذْنُ فِی دُخُولِ الدَّارِ بِالْقَرَائِنِ وَ لَا بُدَّ مَعَ إذْنِ الْوَلِیِّ لَهُ فِی إعَارَهِ مَالِهِ مِنْ وُجُودِ الْمَصْلَحَهِ بِهَا بِأَنْ تَکُونَ یَدُ الْمُسْتَعِیرِ أَحْفَظَ مِنْ یَدِ الْوَلِیِّ فِی ذَلِکَ الْوَقْتِ، أَوْ لِانْتِفَاعِ الصَّبِیِّ بِالْمُسْتَعِیرِ بِمَا یَزِیدُ عَنْ مَنْفَعَهِ مَالِهِ، أَوْ تَکُونُ الْعَیْنُ یَنْفَعُهَا الِاسْتِعْمَالُ وَ یَضُرُّهَا الْإِهْمَالُ وَ نَحْوُ ذَلِکَ.

(وَکَوْنُ الْعَیْنِ مِمَّا یَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا) فَلَا یَصِحُّ إعَارَهُ مَا لَا یَتِمُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِذَهَابِ عَیْنِهِ کَالْأَطْعِمَهِ.

وَیُسْتَثْنَی مِنْ ذَلِکَ الْمِنْحَهُ وَ هِیَ الشَّاهُ الْمُسْتَعَارَهُ لِلْحَلْبِ، لِلنَّصِّ.

وَفِی تَعَدِّیهِ إلَی غَیْرِهَا مِنْ الْحَیَوَانِ الْمُتَّخَذِ لِلْحَلْبِ وَجْهَانِ وَ الِاقْتِصَارُ فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ أَجْوَدُ.

(وَلِلْمَالِکِ الرُّجُوعُ فِیهَا مَتَی شَاءَ) لِاقْتِضَاءِ جَوَازِ الْعَقْدِ ذَلِکَ، (إلَّا فِی الْإِعَارَهِ لِلدَّفْنِ) أَیْ دَفْنِ الْمَیِّتِ الْمُسْلِمِ وَ مَنْ بِحُکْمِهِ فَلَا یَجُوزُ الرُّجُوعُ فِیهِ (بَعْدَ الطَّمِّ)؛ لِتَحْرِیمِ نَبْشِهِ وَ هَتْکِ حُرْمَتِهِ، إلَی أَنْ تَنْدَرِسَ عِظَامُهُ.

وَلَوْ رَجَعَ قَبْلَهُ جَازَ وَ إِنْ کَانَ الْمَیِّتُ قَدْ وُضِعَ عَلَی الْأَقْوَی، لِلْأَصْلِ فَمُؤْنَهُ الْحَفْرِ لَازِمَهٌ لِوَلِیِّ الْمَیِّتِ؛ لِقُدُومِهِ عَلَی ذَلِکَ إلَّا أَنْ یَتَعَذَّرَ عَلَیْهِ غَیْرُهُ، مِمَّا لَا یَزِیدُ عِوَضُهُ عَنْهُ فَیَقْوَی کَوْنُهُ مِنْ مَالِ الْمَیِّتِ، لِعَدَمِ التَّقْصِیرِ وَ لَا یَلْزَمُ وَلِیَّهُ طَمُّهُ، لِلْإِذْنِ فِیهِ.

وَیُسْتَثْنَی آخَرَانِ أَیْضًا: أَحَدُهُمَا إذَا حَصَلَ بِالرُّجُوعِ ضَرَرٌ عَلَی الْمُسْتَعِیرِ لَا یُسْتَدْرَکُ کَمَا لَوْ أَعَارَهُ لَوْحًا رَقَعَ بِهِ سَفِینَتَهُ وَ لَجَّجَ فِی الْبَحْرِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُعِیرِ إلَی أَنْ یُمْکِنَهُ الْخُرُوجُ إلَی الشَّاطِئِ، أَوْ إصْلَاحِهَا مَعَ نَزْعِهِ مِنْ غَیْرِ ضَرَرٍ وَ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ دُخُولِ السَّفِینَهِ، أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا فَلَا إشْکَالَ فِی الْجَوَازِ، مَعَ احْتِمَالِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَ إِنْ وَجَبَ الصَّبْرُ بِقَبْضِهِ إلَی أَنْ یَزُولَ الضَّرَرُ وَ الثَّانِی الِاسْتِعَارَهُ لِلرَّهْنِ بَعْدَ وُقُوعِهِ و قد تَقَدَّمَ.

(وَ هِیَ أَمَانَهٌ) فِی یَدِ الْمُسْتَعِیرِ (لَا یَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّی، أَوْ التَّفْرِیطِ) إلَّا مَا اُسْتُثْنِیَ (وَ إِذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا) صَالِحَهً لِلزَّرْعِ وَ الْغَرْسِ وَ الْبِنَاءِ عَادَهً (غَرَسَ، أَوْ زَرَعَ، أَوْ بَنَی) مُخَیَّرًا فِیهَا مَعَ الْإِطْلَاقِ، أَوْ التَّصْرِیحِ بِالتَّعْمِیمِ وَ لَهُ الْجَمْعُ بَیْنَهَا بِحَسَبِ الْإِمْکَانِ، لِأَنَّ ذَلِکَ کُلَّهُ انْتِفَاعٌ بِتِلْکَ الْعَیْنِ یَدْخُلُ فِی الْإِطْلَاقِ، أَوْ التَّعْمِیمِ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّهً صَالِحَهً لِلرُّکُوبِ وَ الْحَمْلِ.

(وَ لَوْ عَیَّنَ لَهُ جِهَهً لَمْ یَتَجَاوَزْهَا) وَ لَوْ إلَی الْمُسَاوِی وَ الْأَدْوَنِ عَمَلًا بِمُقْتَضَی التَّعْیِینِ وَ اقْتِصَارًا عَلَی الْمَأْذُونِ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ التَّخَطِّی إلَی الْمُسَاوِی وَ الْأَقَلِّ ضَرَرًا وَ هُوَ ضَعِیفٌ.

وَدُخُولُ الْأَدْوَنِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی مَمْنُوعٌ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِی ذَلِکَ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ انْتِفَاءَ الْغَرَضِ بِالْمُعَیَّنِ اتَّجَهَ جَوَازُ التَّخَطِّی إلَی الْأَقَلِّ، أَمَّا الْمُسَاوِی فَلَا مُطْلَقًا، کَمَا أَنَّهُ مَعَ النَّهْیِ عَنْ التَّخَطِّی یَحْرُمُ مُطْلَقًا.

وَحَیْثُ یَتَعَیَّنُ الْمُعَیَّنُ فَتَعَدَّی إلَی غَیْرِهِ ضَمِنَ الْأَرْضَ وَ لَزِمَهُ الْأُجْرَهُ لِمَجْمُوعِ مَا فَعَلَ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُسْقِطَ مِنْهَا مَا قَابَلَ الْمَأْذُونَ عَلَی الْأَقْوَی، لِکَوْنِهِ تَصَرُّفًا بِغَیْرِ إذْنِ الْمَالِکِ فَیُوجِبُ الْأُجْرَهَ وَ الْقَدْرُ الْمَأْذُونُ فِیهِ لَمْ یَفْعَلْهُ فَلَا مَعْنَی لِإِسْقَاطِ قَدْرِهِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْمَأْذُونُ فِیهِ دَاخِلًا فِی ضِمْنِ الْمَنْهِیِّ عَنْهُ، کَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِی تَحْمِیلِ الدَّابَّهِ قَدْرًا مُعَیَّنًا فَتَجَاوَزَهُ، أَوْ فِی رُکُوبِهَا بِنَفْسِهِ فَأَرْدَفَ غَیْرَهُ تَعَیَّنَ إسْقَاطُ قَدْرِ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا اسْتَوْفَی مِنْ الْمَنْفَعَهِ وَ إِنْ ضَمِنَ الدَّابَّهَ أَجْمَعَ.

(وَیَجُوزُ لَهُ بَیْعُ غُرُوسِهِ وَ أَبْنِیَتِهِ وَ لَوْ عَلَی غَیْرِ الْمَالِکِ) عَلَی الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مَالِکٌ غَیْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِیهِ فَیَبِیعُهُ مِمَّنْ یَشَاءُ وَ قِیلَ: لَا یَجُوزُ بَیْعُهُ عَلَی غَیْرِ الْمُعِیرِ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْکِهِ بِرُجُوعِ الْمُعِیرِ وَ هُوَ غَیْرُ مَانِعٍ مِنْ الْبَیْعِ، کَمَا یُبَاعُ الْمُشْرِفُ عَلَی التَّلَفِ وَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ قِصَاصًا ثُمَّ إنْ کَانَ الْمُشْتَرِی جَاهِلًا بِحَالِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ لِلْعَیْبِ، لَا إنْ کَانَ عَالِمًا بَلْ یَنْزِلُ مَنْزِلَهَ الْمُسْتَعِیرِ.

وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَی بَیْعِ مِلْکِهِمَا مَعًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَ وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَیْهِمَا، فَیُقَسَّطُ عَلَی أَرْضٍ مَشْغُولَهٍ بِهِ عَلَی وَجْهِ الْإِعَارَهِ مُسْتَحِقٌّ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ، أَوْ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَهِ، أَوْ التَّمَلُّکَ بِالْقِیمَهِ مَعَ التَّرَاضِی وَ عَلَی مَا فِیهَا مُسْتَحِقَّ الْقَلْعَ عَلَی أَحَدِ الْوُجُوهِ فَلِکُلِّ قِسْطٍ مَا یَمْلِکُهُ.

(وَلَوْ نَقَصَتْ) الْعَیْنُ الْمُعَارَهُ

(بِالِاسْتِعْمَالِ لَمْ یَضْمَنْ) الْمُسْتَعِیرُ النَّقْصَ؛ لِاسْتِنَادِ التَّلَفِ إلَی فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِیهِ وَ لَوْ مِنْ جِهَهِ الْإِطْلَاقِ وَ تَقْیِیدُهُ بِالنَّقْصِ قَدْ یُفْهِمُ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِهِ ضَمِنَهَا وَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ فِی الْمَسْأَلَهِ، لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْإِذْنِ لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُتْلَفِ عُرْفًا وَ إِنْ دَخَلَ فِی الْإِطْلَاقِ، فَیَضْمَنُهَا آخِرَ حَالَاتِ التَّقْوِیمِ.

وَقِیلَ: لَا یَضْمَنُ أَیْضًا کَالنَّقْصِ، لِمَا ذُکِرَ مِنْ الْوَجْهِ وَ هُوَ الْوَجْهُ.

(وَیَضْمَنُ الْعَارِیَّهَ بِاشْتِرَاطِ الضَّمَانِ)

عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَأْمُورِ بِالْکَوْنِ مَعَهُ سَوَاءٌ شَرَطَ ضَمَانَ الْعَیْنِ أَمْ الْأَجْزَاءِ أَمْ هُمَا فَیَتْبَعُ شَرْطَهُ.

(وَبِکَوْنِهَا ذَهَبًا، أَوْ فِضَّهً) سَوَاءٌ کَانَا دَنَانِیرَ وَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ؛ لِأَنَّ فِیهِ جَمْعًا بَیْنَ النُّصُوصِ الْمُخْتَلِفَهِ.

وَقِیلَ: یَخْتَصُّ بِالنَّقْدَیْنِ اسْتِنَادًا إلَی الْجَمْعِ أَیْضًا وَ إِلَی الْحِکْمَهِ الْبَاعِثَهِ عَلَی الْحُکْمِ وَ هِیَ ضَعْفُ الْمَنْفَعَهِ الْمَطْلُوبَهِ مِنْهُمَا بِدُونِ الْإِنْفَاقِ، فَکَانَتْ عَارِیَّتُهُمَا مُوجِبَهً بِالذَّاتِ لِمَا یُوجِبُ التَّلَفَ فَیُضْمَنَانِ بِهِمَا.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا مَعَ بَقَائِهِمَا، وَضَعْفُ الْمَنْفَعَهِ حِینَئِذٍ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی اخْتِلَافِ الْحُکْمِ وَ تَقْدِیرُ مَنْفَعَهِ الْإِنْفَاقِ حُکْمٌ بِغَیْرِ الْوَاقِعِ

(وَلَوْ ادَّعَی) الْمُسْتَعِیرُ

(التَّلَفَ حَلَفَ) لِأَنَّهُ أَمِینٌ فَیُقْبَلُ قَوْلُهُ فِیهِ کَغَیْرِهِ، سَوَاءٌ ادَّعَاهُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ أَمْ خَفِیٍّ وَ لِإِمْکَانِ صِدْقِهِ، فَلَوْ لَمْ یُقْبَلْ قَوْلُهُ لَزِمَ تَخْلِیدُهُ الْحَبْسَ.

(وَ لَوْ ادَّعَی الرَّدَّ حَلَفَ الْمَالِکُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ وَ قَدْ قَبَضَهُ لِمَصْلَحَهِ نَفْسِهِ فَلَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِیهِ، بِخِلَافِ الْوَدِیعِ.

وَمَعْنَی عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِیهِ الْحُکْمُ بِضَمَانِهِ لِلْمِثْلِ، أَوْ الْقِیمَهِ حَیْثُ یَتَعَذَّرُ الْعَیْنُ، لَا الْحُکْمُ بِالْعَیْنِ مُطْلَقًا، لِمَا تَقَدَّمَ فِی دَعْوَی التَّلَفِ (وَلِلْمُسْتَعِیرِ الِاسْتِظْلَالُ بِالشَّجَرِ) الَّذِی غَرَسَهُ فِی الْأَرْضِ الْمُعَارَهِ لِلْغَرْسِ وَ إِنْ اسْتَلْزَمَ التَّصَرُّفَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْغَرْسِ، لِقَضَاءِ الْعَادَهِ بِهِ.

کَمَا یَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَیْهَا لِسَقْیِهِ وَ حَرْثِهِ وَ حِرَاسَتِهِ وَ غَیْرِهَا وَ لَیْسَ لَهُ الدُّخُولُ لِغَیْرِ غَرَضٍ یَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ کَالتَّفَرُّجِ، (وَ کَذَا) یَجُوزُ (لِلْمُعِیرِ) الِاسْتِظْلَالُ بِالشَّجَرِ الْمَذْکُورِ وَ إِنْ کَانَ مِلْکًا لِغَیْرِهِ، لِأَنَّهُ جَالِسٌ فِی مِلْکِهِ کَمَا لَوْ جَلَسَ فِی غَیْرِهِ مِنْ أَمْلَاکِهِ فَاتَّفَقَ لَهُ التَّظَلُّلُ بِشَجَرِ غَیْرِهِ، أَوْ فِی الْمُبَاحِ کَذَلِکَ وَ کَذَا یَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِکُلِّ مَا لَا یَسْتَلْزِمُ التَّصَرُّفَ فِی الشَّجَرِ.

(وَلَا یَجُوزُ) لِلْمُسْتَعِیرِ

(إعَارَهُ الْعَیْنِ الْمُسْتَعَارَهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِکِ)؛ لِأَنَّ الْإِعَارَهَ إنَّمَا تَنَاوَلَتْ الْإِذْنَ لَهُ خَاصَّهً.

نَعَمْ یَجُوزُ لَهُ اسْتِیفَاءُ الْمَنْفَعَهِ بِنَفْسِهِ وَ وَکِیلِهِ، لَکِنْ لَا یُعَدُّ ذَلِکَ إعَارَهً؛ لِعَوْدِ الْمَنْفَعَهِ إلَیْهِ، لَا إلَی الْوَکِیلِ.

وَحَیْثُ یُعِیرُ یَضْمَنُ الْعَیْنَ وَ الْمَنْفَعَهَ وَ یَرْجِعُ الْمَالِکُ عَلَی مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَجَعَ عَلَی الْمُسْتَعِیرِ الْأَوَّلِ لَمْ یَرْجِعْ عَلَی الثَّانِی الْجَاهِلِ، إلَّا أَنْ تَکُونَ الْعَارِیَّهُ مَضْمُونَهً فَیَرْجِعُ عَلَیْهِ بِبَدَلِ الْعَیْنِ خَاصَّهً وَ لَوْ کَانَ عَالِمًا اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَیْهِ کَالْغَاصِبِ وَ إِنْ رَجَعَ عَلَی الثَّانِی رَجَعَ عَلَی الْأَوَّلِ بِمَا لَا یَرْجِعُ، عَلَیْهِ بِهِ لَوْ رَجَعَ عَلَیْهِ، لِغُرُورِهِ، (وَ لَوْ شَرَطَ سُقُوطَ الضَّمَانِ فِی الذَّهَبِ وَ الْفِضَّهِ صَحَّ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ.

(وَ لَوْ شَرَطَ سُقُوطَهُ مَعَ التَّعَدِّی أَوْ التَّفْرِیطِ احْتَمَلَ الْجَوَازَ) لِأَنَّهُ فِی قُوَّهِ الْإِذْنِ لَهُ فِی الْإِتْلَافِ فَلَا یَسْتَعْقِبُ الضَّمَانَ (کَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِإِلْقَاءِ مَتَاعِهِ فِی الْبَحْرِ).

وَیَحْتَمِلُ عَدَمَ صِحَّهِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الضَّمَانِ فَلَا یُعْقَلُ إسْقَاطُهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ، لِأَنَّهُ کَالْبَرَاءَهِ وَ مِمَّا لَمْ یَجِبْ وَ الْأَوَّلُ أَقْوَی. (وَ لَوْ قَالَ الرَّاکِبُ: أَعَرْتَنِیهَا و قال الْمَالِکُ: آجَرْتُکهَا حَلَفَ الرَّاکِبُ)؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَی أَنَّ تَلَفَ الْمَنَافِعِ وَقَعَ عَلَی مِلْکِ الْمُسْتَعِیرِ وَ إِنَّمَا یَخْتَلِفَانِ فِی الْأُجْرَهِ وَ الْأَصْلُ بَرَاءَهُ ذِمَّتِهِ مِنْهَا.

(وَ قِیلَ): یَحْلِفُ (الْمَالِکُ)، لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ کَالْأَعْیَانِ فَهِیَ بِالْأَصَالَهِ لِمَالِکِ الْعَیْنِ فَادِّعَاءُ الرَّاکِبِ مِلْکِیَّتَهَا بِغَیْرِ عِوَضٍ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ وَ أَصَالَهً بَرَاءَهُ ذِمَّتِهِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ خُصُوصِ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِکُ، لَا مِنْ مُطْلَقِ الْحَقِّ بَعْدَ اسْتِیفَائِهِ مَنْفَعَهَ مِلْکِ غَیْرِهِ.

(وَ هُوَ أَقْوَی) و لکن لَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِیمَا یَدَّعِیهِ مِنْ الْأُجْرَهِ؛ لِأَنَّهُ فِیهَا مُدَّعٍ، کَمَا أَنَّ الرَّاکِبَ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْعَارِیَّهِ مُدَّعٍ، بَلْ یَحْلِفُ عَلَی نَفْیِ الْعَارِیَّهِ، (وَیَثْبُتُ لَهُ أُجْرَهُ الْمِثْلِ)، لِثُبُوتِ أَنَّ الرَّاکِبَ تَصَرَّفَ فِی مِلْکِ غَیْرِهِ بِغَیْرِ تَبَرُّعٍ مِنْهُ، (إلَّا أَنْ تَزِیدَ) أُجْرَهُ الْمِثْلِ (عَلَی مَا ادَّعَاهُ) الْمَالِکُ (مِنْ الْمُسَمَّی) فَیَثْبُتُ الْمُسَمَّی، لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ سِوَاهُ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّ الْمَالِکَ یَدَّعِی الزَّائِدَ مِنْ الْأُجْرَهِ عَلَی تَقْدِیرِ زِیَادَهِ مَا یَدَّعِیهِ عَنْ أُجْرَهِ الْمِثْلِ وَ الرَّاکِبُ یَنْفِیهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَجْهٍ شَرْعِیٍّ یَقْتَضِی نَفْیَهُ وَ حَلِفُهُ عَلَی نَفْیِ الْإِعَارَهِ لَمْ یَدُلَّ عَلَی نَفْیِ الْإِجَارَهِ، کَمَا لَمْ یَدُلَّ عَلَی إثْبَاتِهَا وَ إِثْبَاتُ أَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ بِالْیَمِینِ مُسَلَّمٌ، لَکِنْ یَبْقَی النِّزَاعُ فِی الزَّائِدِ عَلَی تَقْدِیرِهِ لَا یَنْدَفِعُ إلَّا بِحَلِفِ الرَّاکِبِ عَلَی نَفْیِ الْإِجَارَهِ، أَوْ نُکُولِهِ فَیَحْلِفُ الْمَالِکُ عَلَیْهَا وَ یَأْخُذُ الزِّیَادَهَ.

فَالْأَقْوَی حِینَئِذٍ أَنَّهُمَا یَتَحَالَفَانِ لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَ مُدَّعًی عَلَیْهِ فَیَحْلِفُ الْمَالِکُ عَلَی نَفْیِ الْإِعَارَهِ وَ الرَّاکِبُ عَلَی نَفْیِ الْإِجَارَهِ وَ یَثْبُتُ أَقَلُّ الْأَمْرَیْنِ، لِانْتِفَاءِ الزَّائِدِ مِنْ الْمُسَمَّی.

بِیَمِینِ الْمُسْتَعِیرِ وَ الزَّائِدِ عَنْ أُجْرَهِ الْمِثْلِ بِاعْتِرَافِ الْمَالِکِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ.

هَذَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّهٍ لَهَا أُجْرَهٌ عَادَهً، أَوْ مَا یَدَّعِی کَوْنَهَا مُدَّهَ الْإِجَارَهِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاکِبِ فِی نَفْیِ الْإِجَارَهِ وَ تُسْتَرَدُّ الْعَیْنُ.

26 کتَاب الْمُزَارَعَهِ

(26) کِتَابُ الْمُزَارَعَهِ

کِتَابُ الْمُزَارَعَهِ

(وَ هِیَ) لُغَهً مُفَاعَلَهٌ مِنْ الزَّرْعِ وَ هِیَ تَقْتَضِی وُقُوعَهُ مِنْهُمَا مَعًا، لَکِنَّهَا فِی الشَّرْعِ صَارَتْ (مُعَامَلَهً عَلَی الْأَرْضِ بِحِصَّهٍ مِنْ حَاصِلِهَا إلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ) وَ نُسِبَ الْفِعْلُ إلَیْهِمَا بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا مَعَ طَلَبِ الْآخَرِ فَکَأَنَّهُ لِذَلِکَ فَاعِلٌ کَالْمُضَارَبَهِ وَ خَرَجَ بِالْمُعَامَلَهِ عَلَی الْأَرْضِ الْمُسَاقَاهُ، فَإِنَّهَا بِالذَّاتِ عَلَی الْأُصُولِ وَ بِالْحِصَّهِ إجَارَهُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَهِ، أَوْ الْأَعَمِّ، إذْ لَا تَصِحُّ بِحِصَّهٍ مِنْ الْحَاصِلِ.

وَقُیِّدَ الْأَجَلُ لِبَیَانِ الْوَاقِعِ، أَوْ تَخْصِیصٌ لِلصَّحِیحَهِ، أَوْ اسْتِطْرَادٌ لِبَعْضِ الشَّرَائِطِ الَّتِی یَحْصُلُ بِهَا الْکَشْفُ عَنْ الْمَاهِیَّهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ ذِکْرُهَا مِنْ وَظَائِفِ التَّعْرِیفِ.

(وَعِبَارَتُهَا: زَارَعْتُکَ، أَوْ عَامَلْتُک أَوْ سَلَّمْتُهَا إلَیْک وَ شِبْهُهُ) کَقَبِلْتُکَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَ نَحْوِهِ مِنْ صِیَغِ الْمَاضِی الدَّالَّهِ عَلَی إنْشَاءِ الْعَقْدِ صَرِیحًا.

وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهَا بِصِیغَهِ ازْرَعْ هَذِهِ الْأَرْضَ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ قَاصِرَهِ الدَّلَالَهِ عَنْ إخْرَاجِ هَذَا الْعَقْدِ اللَّازِمِ عَنْ نَظَائِرِهِ فَالْمَنْعُ أَوْجَهُ (فَیَقْبَلُ) الزَّارِعُ (لَفْظًا) عَلَی الْأَقْوَی کَغَیْرِهِ.

(وَعَقْدُهَا لَازِمٌ)

؛ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِیلُ.

وَلَیْسَ هَذَا مِنْهُ إجْمَاعًا. (وَیَصِحُّ التَّقَایُلُ فِیهِ)، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَهٌ مَحْضَهٌ فَیَقْبَلُهَا کَالْبَیْعِ، (وَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا)؛ لِأَنَّ ذَلِکَ مِنْ مُقْتَضَی اللُّزُومِ.

ثُمَّ إنْ کَانَ الْمَیِّتُ الْعَامِلُ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِی الْعَمَلِ وَ إِلَّا اسْتَأْجَرَ الْحَاکِمُ عَلَیْهِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ عَلَی مَا یَخْرُجُ مِنْ حِصَّتِهِ وَ إِنْ کَانَ الْمَالِکَ بَقِیَتْ بِحَالِهَا وَ عَلَی الْعَامِلِ الْقِیَامُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَ اسْتُثْنِیَ مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَیْهِ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ قَبْلَهُ.

وَیَشْکُلُ لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ خُصُوصًا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَهِ وَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَکَ الْحِصَّهَ. (وَ لَا بُدَّ مِنْ کَوْنِ النَّمَاءِ مُشَاعًا) بَیْنَهُمَا (تَسَاوَیَا فِیهِ، أَوْ تَفَاضَلَا) فَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا شَیْءٌ مُعَیَّنٌ وَ إِنْ کَانَ الْبَذْرُ وَ لِلْآخَرِ الْبَاقِی، أَوْ لَهُمَا بَطَلَ سَوَاءٌ کَانَ الْغَالِبُ أَنْ یَخْرُجَ مِنْهَا مَا یَزِیدُ عَلَی الْمَشْرُوطِ وَ عَدَمِهِ. (وَ لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ شَیْئًا یَضْمَنُهُ مُضَافًا إلَی الْحِصَّهِ) مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّهٍ، أَوْ غَیْرِهِمَا (صَحَّ) عَلَی الْمَشْهُورِ وَ یَکُونُ قَرَارُهُ مَشْرُوطًا بِالسَّلَامَهِ کَاسْتِثْنَاءِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَهٍ مِنْ الثَّمَرَهِ فِی الْبَیْعِ وَ لَوْ تَلِفَ الْبَعْضُ سَقَطَ مِنْ الشَّرْطِ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّهُ کَالشَّرِیکِ وَ إِنْ کَانَتْ حِصَّتُهُ مُعَیَّنَهً مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا یَسْقُطَ شَیْءٌ بِذَلِکَ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الشَّرْطِ. (وَ لَوْ مَضَتْ الْمُدَّهُ وَ الزَّرْعُ بَاقٍ فَعَلَی الْعَامِلِ الْأُجْرَهُ) لِمَا بَقِیَ مِنْ الْمُدَّهِ، (وَلِلْمَالِکِ قَلْعُهُ) إذْ لَا حَقَّ لِلزَّارِعِ بَعْدَهَا فَیَتَخَیَّرُ الْمَالِکُ بَیْنَ الْقَلْعِ وَ الْإِبْقَاءِ بِالْأُجْرَهِ إنْ رَضِیَ الْعَامِلُ بِهَا وَ إِلَّا قَلَعَ وَ لَا أُجْرَهَ لِلْمَالِکِ عَلَی مَا مَضَی مِنْ الْمُدَّهِ لَوْ لَمْ یَنْتَفِعْ بِالْمَقْلُوعِ لِأَنَّ مُقْتَضَی الْعَقْدِ قَصْرُ الْحَقِّ عَلَی الْحِصَّهِ، مَعَ احْتِمَالِ و جوبهَا عَلَی الزَّارِعِ لَوْ کَانَ التَّأْخِیرُ بِتَفْرِیطِهِ؛ لِتَضْیِیعِهِ مَنْفَعَهَ الْأَرْضِ بِتَأْخِیرِهِ وَ لَا فَرْقَ فِی کَوْنِ الْمَقْلُوعِ بَیْنَهُمَا و بین کَوْنِ الْبَذْرِ مِنْ مَالِکِ الْأَرْضِ، أَوْ الزَّارِعِ.

وَهَلْ یَسْتَحِقُّ الْمَالِکُ قَلْعَهُ بِالْأَرْشِ، أَوْ مَجَّانًا قَوْلَانِ وَ ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ کَکَثِیرٍ عَدَمُهُ وَ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ، فَطَرِیقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ یُقَوَّمَ الزَّرْعُ قَائِمًا بِالْأُجْرَهِ إلَی أَوَانِ حَصَادِهِ وَ مَقْلُوعًا. (وَ لَا بُدَّ مِنْ إمْکَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ) فِی الزِّرَاعَهِ الْمَقْصُودَهِ مِنْهَا، أَوْ فِی نَوْعٍ مِنْهَا مَعَ الْإِطْلَاقِ (بِأَنْ یَکُونَ لَهَا مَاءٌ مِنْ نَهْرٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ مَصْنَعٍ أَوْ تَسْقِیَهَا الْغُیُوثُ غَالِبًا)، أَوْ الزِّیَادَهُ کَالنِّیلِ.

وَالضَّابِطُ إمْکَانُ الِانْتِفَاعِ بِزَرْعِهَا الْمَقْصُودِ عَادَهً، فَإِنْ لَمْ یُمْکِنْ بَطَلَتْ الْمُزَارَعَهُ وَ إِنْ رَضِیَ الْعَامِلُ، (وَ لَوْ انْقَطَعَ) الْمَاءُ (فِی جَمِیعِ الْمُدَّهِ) مَعَ کَوْنِهِ مُعْتَادًا لَهَا قَبْلَ ذَلِکَ (انْفَسَخَتْ) الْمُزَارَعَهُ، (وَ فِی الْأَثْنَاءِ یَتَخَیَّرُ الْعَامِلُ) لِطُرُوِّ الْعَیْبِ وَ لَا یَبْطُلُ الْعَقْدُ، لِسَبْقِ الْحُکْمِ بِصِحَّتِهِ فَیُسْتَصْحَبُ وَ الضَّرَرُ یَنْدَفِعُ بِالْخِیَارِ، (فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَیْهِ) مِنْ الْأُجْرَهِ (بِنِسْبَهِ مَا سَلَفَ) مِنْ الْمُدَّهِ، لِانْتِفَاعِهِ بِأَرْضِ الْغَیْرِ بِعِوَضٍ لَمْ یُسَلَّمْ لَهُ وَ زَوَالُهُ بِاخْتِیَارِهِ الْفَسْخَ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّ فَسْخَهُ لِعَدَمِ إمْکَانِ الْإِکْمَالِ وَ عَمَلُهُ الْمَاضِی مَشْرُوطٌ بِالْحِصَّهِ، لَا بِالْأُجْرَهِ فَإِذَا فَاتَتْ بِالِانْقِطَاعِ یَنْبَغِی أَنْ لَا یَلْزَمَهُ شَیْءٌ آخَرُ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَهِ تَوَجَّهَ ذَلِکَ.

(وَإِذَا أَطْلَقَ الْمُزَارَعَهَ)

(زَرَعَ) الْعَامِلُ (مَا شَاءَ) إنْ کَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ کَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَوْ بَذَلَ الْمَالِکُ مَا شَاءَ إنْ شُرِطَ عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا تَخَیَّرَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، لِدَلَالَهِ الْمُطْلَقِ عَلَی الْمَاهِیَّهِ مِنْ حَیْثُ هِیَ وَ کُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الزَّرْعِ یَصْلُحُ أَنْ یُوجَدَ الْمُطْلَقُ فِی ضِمْنِهِ وَ أَوْلَی مِنْهُ لَوْ عُمِّمَ الْإِذْنُ، لِدَلَالَتِهِ عَلَی کُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ.

وَرُبَّمَا فُرِّقَ بَیْنَ الْإِطْلَاقِ وَ التَّعْمِیمِ بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا یَقْتَضِی تَجْوِیزَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَکِ بَیْنَ الْأَفْرَادِ وَ لَا یَلْزَمُ مِنْ الرِّضَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَکِ الرِّضَا بِالْأَقْوَی، بِخِلَافِ التَّعْمِیمِ.

وَمِمَّا ذَکَرْنَاهُ یَظْهَرُ ضَعْفُهُ. (وَ لَوْ عَیَّنَ) شَیْئًا مِنْ الزَّرْعِ (لَمْ یَتَجَاوَزْ مَا عُیِّنَ لَهُ)، سَوَاءٌ کَانَ الْمُعَیِّنُ شَخْصِیًّا کَهَذَا الْحَبِّ أَمْ صِنْفِیًّا کَالْحِنْطَهِ الْفُلَانِیَّهِ، أَمْ نَوْعِیًّا أَمْ غَیْرَهُ؛ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِهِ فَیَتَعَیَّنُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، (فَلَوْ) خَالَفَ وَ (زَرَعَ الْأَضَرَّ قِیلَ: تَخَیَّرَ الْمَالِکُ بَیْنَ الْفَسْخِ فَلَهُ أُجْرَهُ الْمِثْلِ) عَمَّا زَرَعَهُ، (وَبَیْنَ الْإِبْقَاءِ، فَلَهُ الْمُسَمَّی مَعَ الْأَرْشِ).

وَوَجْهُ التَّخْیِیرِ: أَنَّ مِقْدَارَ الْمَنْفَعَهِ الْمَعْقُودِ عَلَیْهَا قَدْ اُسْتُوْفِیَ بِزِیَادَهٍ فِی ضِمْنِ زَرْعِ الْأَضَرِّ، فَیَتَخَیَّرُ بَیْنَ الْفَسْخِ لِذَلِکَ فَیَأْخُذُ الْأُجْرَهَ لِمَا زَرَعَ، لِوُقُوعِهِ أَجْمَعَ بِغَیْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ غَیْرُ الْمَعْقُودِ عَلَیْهِ و بین أَخْذِ الْمُسَمَّی فِی مُقَابَلَهِ مِقْدَارِ الْمَنْفَعَهِ الْمُعَیَّنَهِ مَعَ أَخْذِ الْأَرْشِ فِی مُقَابَلَهِ الزَّائِدِ الْمُوجِبِ لِلضَّرَرِ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّ الْحِصَّهَ الْمُسَمَّاهَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِی مُقَابَلَهِ الزَّرْعِ الْمُعَیَّنِ وَ لَمْ یَحْصُلْ وَ اَلَّذِی زَرَعَ لَمْ یَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ وَ لَا الْإِذْنُ، فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِکِ فِیهِ الْحِصَّهَ وَ مِنْ ثَمَّ نَسَبَهُ إلَی الْقِیلِ تَنْبِیهًا عَلَی تَمْرِیضِهِ.

وَالْأَقْوَی وجوب أُجْرَهِ الْمِثْلِ خَاصَّهً.

(وَ لَوْ کَانَ) الْمَزْرُوعُ (أَقَلَّ ضَرَرًا) مِنْ الْمُعَیَّنِ (جَازَ) فَیَسْتَحِقُّ مَا سَمَّاهُ مِنْ الْحِصَّهِ وَ لَا أَرْشَ وَ لَا خِیَارَ؛ لِعَدَمِ الضَّرَرِ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّهُ غَیْرُ مَعْقُودٍ عَلَیْهِ أَیْضًا فَکَیْفَ یَسْتَحِقُّ فِیهِ شَیْئًا، مَعَ أَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِ الْعَامِلِ الَّذِی لَا دَلِیلَ عَلَی انْتِقَالِهِ عَنْ مِلْکِهِ.

وَالْأَقْوَی ثُبُوتُ أُجْرَهِ الْمِثْلِ أَیْضًا کَالسَّابِقِ (وَیَجُوزُ أَنْ یَکُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ حَسْبُ وَ مِنْ الْآخَرِ الْبَذْرُ وَ الْعَمَلُ وَ الْعَوَامِلُ) وَ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِی الْمُزَارَعَهِ وَ یَجُوزُ جَعْلُ اثْنَیْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ الْبَاقِی مِنْ الْآخَرِ وَ کَذَا وَاحِدٌ وَ بَعْضُ الْآخَرِ وَ یَتَشَعَّبُ مِنْ الْأَرْکَانِ الْأَرْبَعَهِ صُوَرٌ کَثِیرَهٌ لَا حَصْرَ لَهَا بِحَسَبِ شَرْطِ بَعْضِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَ الْبَاقِی مِنْ الْآخَرِ.

(وَکُلُّ وَاحِدَهٍ مِنْ الصُّوَرِ الْمُمْکِنَهِ جَائِزَهٌ) مَتَی کَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْضُهَا وَ لَوْ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْبَعَهِ وَ مِنْ الْآخَر الْبَاقِی، مَعَ ضَبْطِ مَا عَلَی کُلِّ وَاحِدٍ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الْمُدَّهِ حَلَفَ مُنْکِرُ الزِّیَادَهِ)

، لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا، فَإِنْ بَقِیَ الزَّرْعُ بَعْدَمَا ثَبَتَ مِنْهَا فَکَمَا سَبَقَ.

(وَ) لَوْ اخْتَلَفَا (فِی الْحِصَّهِ)

حَلَفَ (صَاحِبُ الْبَذْرِ)؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لَهُ، فَیُقَدَّمُ قَوْلُ مَالِکِهِ فِی حِصَّهِ الْآخَرِ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ خُرُوجِ مَا زَادَ عَنْ مِلْکِهِ وَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْآخَرِ لَهُ وَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَی عَقْدٍ تَضَمَّنَ حِصَّهً إنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ فِی أَصْلِ الْحِصَّهِ، لَا فِی الْحِصَّهِ الْمُعَیَّنَهِ فَیَبْقَی حُکْمُ إنْکَارِ الزَّائِدِ بِحَالِهِ لَمْ یَخْرُجْ عَنْ الْأَصْلِ.

(وَ لَوْ أَقَامَا بَیِّنَهً قُدِّمَتْ بَیِّنَهُ الْآخَرِ) فِی الْمَسْأَلَتَیْنِ وَ هُوَ الْعَامِلُ فِی الْأُولَی؛ لِأَنَّ مَالِکَ الْأَرْضِ یَدَّعِی تَقْلِیلَ الْمُدَّهِ فَیَکُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَ الْبَیِّنَهُ بَیِّنَهَ غَرِیمِهِ الْعَامِلِ وَ مَنْ لَیْسَ لَهُ بَذْرٌ فِی الثَّانِیَهِ مِنْ الْعَامِلِ وَ مَالِکُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْخَارِجُ بِالنَّظَرِ إلَی الْبَاذِرِ حَیْثُ قُدِّمَ قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ الْبَیِّنَهِ.

(وَ قِیلَ یُقْرَعُ)، لِأَنَّهَا لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْکِلٍ.

وَیَشْکُلُ بِأَنَّهُ لَا إشْکَالَ هُنَا فَإِنَّ مَنْ کَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَالْبَیِّنَهُ بَیِّنَهُ صَاحِبِهِ فَالْقَوْلُ بِتَقْدِیمِ بَیِّنَهِ الْمُدَّعِی فِیهِمَا أَقْوَی. (وَلِلْمُزَارِعِ أَنْ یُزَارِعَ غَیْرَهُ أَوْ یُشَارِکَ غَیْرَهُ)، لِأَنَّهُ یَمْلِکُ مَنْفَعَهَ الْأَرْضِ بِالْعَقْدِ اللَّازِمِ فَیَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا وَ مُشَارَکَهُ غَیْرِهِ عَلَیْهَا، لِأَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَی أَمْوَالِهِمْ.

نَعَمْ لَا یَجُوزُ لَهُ تَسْلِیمُ الْأَرْضِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِکِهَا.

وَرُبَّمَا اشْتَرَطَ کَوْنَ الْبَذْرِ مِنْهُ لِیَکُونَ تَمْلِیکُ الْحِصَّهِ مَنُوطًا بِهِ وَ بِهِ یُفَرَّقُ بَیْنَهُ و بین عَامِلِ الْمُسَاقَاهِ حَیْثُ لَمْ یَجُزْ لَهُ أَنْ یُسَاقِیَ غَیْرَهُ.

وَهُوَ یَتِمُّ فِی مُزَارَعَهِ غَیْرِهِ، لَا فِی مُشَارَکَتِهِ.

وَیُمْکِنُ الْفَرْقُ بَیْنَهُمَا بِأَنَّ عَمَلَ الْأُصُولِ فِی الْمُسَاقَاهِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ کَالثَّمَرَهِ فَلَا یَتَسَلَّطُ عَلَیْهِ مَنْ لَا یُسَلِّطُهُ الْمَالِکُ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ فِی الْمُزَارَعَهِ، فَإِنَّ الْغَرَضَ فِیهَا لَیْسَ إلَّا الْحِصَّهُ فَلِمَالِکِهَا أَنْ یَنْقُلَهَا إلَی مَنْ شَاءَ.

(إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ عَلَیْهِ الْمَالِکُ الزَّرْعَ بِنَفْسِهِ) فَلَا یَجُوزُ لَهُ إدْخَالُ غَیْرِهِ مُطْلَقًا؛ عَمَلًا بِمُقْتَضَی الشَّرْطِ. (وَ الْخَرَاجُ عَلَی الْمَالِکِ)؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ عَلَی الْأَرْضِ ابْتِدَاءً، لَا عَلَی الزَّرْعِ، (إلَّا مَعَ الشَّرْطِ) فَیَتْبَعُ شَرْطَهُ فِی جَمِیعِهِ وَ بَعْضِهِ، مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ، أَوْ شُرِطَ قَدْرٌ مُعَیَّنٌ مِنْهُ وَ لَوْ شُرِطَ الْخَرَاجُ عَلَی الْعَامِلِ فَزَادَ السُّلْطَانُ فِیهِ زِیَادَهً فَهِیَ عَلَی صَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ یَتَنَاوَلْهَا.

(وَ إِذَا بَطَلَتْ الْمُزَارَعَهُ)

(فَالْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَ عَلَیْهِ الْأُجْرَهُ) لِلْبَاقِی، فَإِنْ کَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَعَلَیْهِ أُجْرَهُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَ الْعَوَامِلِ وَ لَوْ کَانَ مِنْ الزُّرَّاعِ فَعَلَیْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أُجْرَهُ مِثْلِهَا وَ لِمَا شُرِطَ عَلَیْهِ مِنْ الْآخَرَیْنِ وَ لَوْ کَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَالْحَاصِلُ بَیْنَهُمَا وَ لِکُلٍّ مِنْهُمَا عَلَی الْآخَرِ أُجْرَهُ مِثْلِ مَا یَخُصُّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَ بَاقِی الْأَعْمَالِ.

(وَیَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْخَرْصُ عَلَی الزَّارِعِ)

بِأَنْ یُقَدِّرَ مَا یَخُصُّهُ مِنْ الْحِصَّهِ تَخْمِینًا وَ یُقَبِّلَهُ بِهِ بِحَبٍّ وَ لَوْ مِنْهُ بِمَا خَرَصَهُ بِهِ (مَعَ الرِّضَا).

وَهَذِهِ مُعَامَلَهٌ خَاصَّهٌ مُسْتَثْنَاهٌ مِنْ الْمُحَاقَلَهِ إنْ کَانَتْ بَیْعًا، أَوْ صُلْحًا (فَیَسْتَقِرُّ) مَا اتَّفَقَا عَلَیْهِ (بِالسَّلَامَهِ، فَلَوْ تَلِفَ الزَّرْعُ) أَجْمَعُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی (فَلَا شَیْءَ) عَلَی الزَّارِعِ وَ لَوْ تَلِفَ الْبَعْضُ سَقَطَ مِنْهُ بِالنِّسْبَهِ وَ لَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ ضَامِنٌ لَمْ تَتَغَیَّرْ الْمُعَامَلَهُ وَ طَالَبَ الْمُتَقَبِّلُ الْمُتْلِفَ بِالْعِوَضِ وَ لَوْ زَادَ فَالزَّائِدُ لِلْمُتَقَبِّلِ وَ لَوْ نَقَصَ بِسَبَبِ الْخَرْصِ لَمْ یَسْقُطْ بِسَبَبِهِ شَیْءٌ.

هَذَا إذَا وَقَعَتْ الْمُعَامَلَهُ بِالتَّقْبِیلِ وَ لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَیْعِ اُشْتُرِطَ فِیهِ شَرَائِطُهُ، مَعَ احْتِمَالِ کَوْنِهِ کَذَلِکَ وَ لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ کَالْبَیْعِ وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ و قد تَقَدَّمَ الْکَلَامُ عَلَی هَذِهِ الْقُبَالَهِ فِی الْبَیْعِ.

27 کتاب المساقاه

(27) کتاب المساقاه

کِتَابُ الْمُسَاقَاهِ

(وَهِیَ لُغَهً) مُفَاعَلَهٌ مِنْ السَّقْیِ وَ اشْتُقَّ مِنْهُ، دُونَ بَاقِی أَعْمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُهَا وَ أَظْهَرُهَا فِی أَصْلِ الشَّرْعِیَّهِ وَ هُوَ نَخْلُ الْحِجَازِ الَّذِی یُسْقَی مِنْ الْآبَارِ مَعَ کَثْرَهِ مُؤْنَتِهِ.

وَشَرْعًا (مُعَامَلَهٌ عَلَی الْأُصُولِ بِحِصَّهٍ مِنْ ثَمَرِهَا).

فَخَرَجَتْ بِالْأُصُولِ الْمُزَارَعَهُ وَ بِالْحِصَّهِ الْإِجَارَهُ الْمُتَعَلِّقَهُ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَقَعُ بِالْحِصَّهِ وَ الْمُرَادُ بِالثَّمَرَهِ مَعْنَاهَا الْمُتَعَارَفُ لِتَرَدُّدِهِ فِی الْمُعَامَلَهِ عَلَی مَا یُقْصَدُ وَرَقُهُ وَ وَرْدُهُ وَ لَوْ لُوحِظَ إدْخَالُهُ أُرِیدَ بِالثَّمَرَهِ نَمَاءُ الشَّجَرِ، لِیَدْخُلَ فِیهِ الْوَرَقُ الْمَقْصُودُ وَ الْوَرْدُ وَ لَمْ یُقَیِّدْ الْأُصُولَ بِکَوْنِهَا ثَابِتَهً کَمَا فَعَلَ غَیْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ شَرْطٌ لَهَا وَ ذِکْرُهُ فِی التَّعْرِیفِ غَیْرُ لَازِمٍ، أَوْ مَعِیبٌ وَ مَنْ قَیَّدَ بِهِ جَعَلَهُ وَصْفًا لِلشَّجَرِ مُخَصَّصًا لِمَوْضِعِ الْبَحْثِ، لَا شَرْطًا (وَ هِیَ لَازِمَهٌ مِنْ الطَّرَفَیْنِ) لَا تَنْفَسِخُ اخْتِیَارًا، إلَّا بِالتَّقَایُلِ.

(وَإِیجَابُهَا سَاقَیْتُک، أَوْ عَامَلْتُک، أَوْ سَلَّمْت إلَیْک، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ) مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَی إنْشَاءِ هَذَا الْعَقْدِ صَرِیحًا، کَقَبِلْتُکَ عَمَلَ کَذَا، أَوْ عَقَدْت مَعَک عَقْدَ الْمُسَاقَاهِ وَ نَحْوُهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْوَاقِعَهِ بِلَفْظِ الْمَاضِی وَ زَادَ فِی التَّذْکِرَهِ تَعَهَّدْ نَخْلِی، أَوْ اعْمَلْ فِیهِ.

وَإِخْرَاجُ هَذَا الْعَقْدِ عَنْ نَظَائِرِهِ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ بِوُقُوعِهِ بِصِیغَهِ الْأَمْرِ مِنْ غَیْرِ نَصٍّ مُخَصِّصٍ مُشْکِلٌ.

وَقَدْ نُوقِشَ فِی أَمْرِ الْمُزَارَعَهِ مَعَ النَّصِّ عَلَیْهِ، فَکَیْفَ هَذَا.

(وَ الْقَبُولُ الرِّضَا بِهِ) وَ ظَاهِرُهُ الِاکْتِفَاءُ بِالْقَبُولِ الْفِعْلِیِّ، کَمَا مَرَّ فِی الْمُزَارَعَهِ إذْ الرِّضَا یَحْصُلُ بِدُونِ الْقَوْلِ.

وَالْأَجْوَدُ الِاقْتِصَارُ عَلَی اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَیْهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ بَاطِنِیٌّ لَا یُعْلَمُ إلَّا بِالْقَوْلِ الْکَاشِفِ عَنْهُ.

وَهُوَ السِّرُّ فِی اعْتِبَارِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِیحَهِ الدَّالَّهِ عَلَی الرِّضَا بِالْعُقُودِ، مَعَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الرِّضَا، لَکِنَّهُ أَمْرٌ بَاطِنِیٌّ لَا یُعْلَمُ إلَّا بِهِ وَ یُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ هُنَا ذَلِکَ.

(وَتَصِحُّ) الْمُسَاقَاهُ

(إذَا بَقِیَ لِلْعَامِلِ عَمَلٌ تَزِیدُ بِهِ الثَّمَرَهُ)، سَوَاءٌ (ظَهَرَتْ) قَبْلَ الْعَقْدِ (أَوْ لَا).

وَالْمُرَادُ بِمَا فِیهِ مُسْتَزَادُ الثَّمَرَهِ نَحْوُ الْحَرْثِ وَ السَّقْیِ وَ رَفْعِ أَغْصَانِ الْکَرْمِ عَلَی الْخَشَبِ وَ تَأْبِیرِ ثَمَرَهِ النَّخْلِ.

وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ الْجُذَاذِ وَ الْحِفْظِ وَ النَّقْلِ وَ قَطْعِ الْحَطَبِ الَّذِی یُعْمَلُ بِهِ الدُّبْسُ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِی لَا یُسْتَزَادُ بِهَا الثَّمَرَهُ، فَإِنَّ الْمُسَاقَاهَ لَا تَصِحُّ بِهَا إجْمَاعًا نَعَمْ تَصِحُّ الْإِجَارَهُ حِینَئِذٍ عَلَی بَقِیَّهِ الْأَعْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَهِ وَ الْجِعَالَهُ وَ الصُّلْحُ.

(وَلَا بُدَّ) فِی صِحَّهِ الْمُسَاقَاهِ

(مِنْ کَوْنِ الشَّجَرِ) الْمُسَاقَی عَلَیْهِ (نَابِتًا) بِالنُّونِ، أَوْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَهِ وَ یَخْرُجُ عَلَی الْأَوَّلِ الْمُسَاقَاهُ عَلَی الْوَدِیِّ غَیْرِ الْمَغْرُوسِ، أَوْ الْمَغْرُوسِ الَّذِی لَمْ یَعْلَقْ بِالْأَرْضِ وَ الْمُغَارَسَهُ وَ بِالثَّانِی ذَلِکَ وَ مَا لَا یَبْقَی غَالِبًا کَالْخَضْرَاوَاتِ.

وَیُمْکِنُ خُرُوجُهَا بِالشَّجَرِ فَیَتَّحِدُ الْمَعْنَیَانِ، (یَنْتَفِعُ بِثَمَرَتِهِ مَعَ بَقَاءِ عَیْنِهِ) بَقَاءً یَزِیدُ عَنْ سَنَهٍ غَالِبًا.

وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ الْبِطِّیخِ وَ الْبَاذِنْجَانِ وَ الْقُطْنِ وَ قَصَبِ السُّکَّرِ فَإِنَّهَا لَیْسَتْ کَذَلِکَ وَ إِنْ تَعَدَّدَتْ اللُّقَطَاتُ مَعَ بَقَاءِ عَیْنِهِ ذَلِکَ الْوَقْتَ وَ بَقِیَ الْقُطْنُ أَزْیَدَ مِنْ سَنَهٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ.

(وَفِیمَا لَهُ وَرَقٌ) لَا یُقْصَدُ مِنْ عَمَلِهِ بِالذَّاتِ إلَّا وَرَقَهُ (کَالْحِنَّاءِ نَظَرٌ) مِنْ أَنَّهُ فِی مَعْنَی الثَّمَرَهِ فَیَکُونُ مَقْصُودُ الْمُسَاقَاهِ حَاصِلًا بِهِ وَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَهَ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِاشْتِمَالِهَا عَلَی جَهَالَهِ الْعِوَضِ فَیُقْتَصَرُ بِهَا عَلَی مَوْضِعِ الْوِفَاقِ وَ مِثْلُهُ مَا یُقْصَدُ وَرْدُهُ وَ أَمَّا التُّوتُ فَمِنْهُ مَا یُقْصَدُ وَرَقُهُ وَ حُکْمُهُ کَالْحِنَّاءِ وَ مِنْهُ مَا یُقْصَدُ ثَمَرُهُ وَ لَا شُبْهَهَ فِی إلْحَاقِهِ بِغَیْرِهِ مِنْ شَجَرِ الثَّمَرِ وَ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِی الْجَمِیعِ مُتَّجَهٌ.

(وَیُشْتَرَطُ تَعْیِینُ الْمُدَّهِ) بِمَا لَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَ النُّقْصَانَ وَ لَا حَدَّ لَهَا فِی جَانِبِ الزِّیَادَهِ وَ فِی جَانِبِ النُّقْصَانِ أَنْ یَغْلِبَ فِیهَا حُصُولُ الثَّمَرَهِ.

(وَیَلْزَمُ الْعَامِلَ مَعَ الْإِطْلَاقِ)

أَیْ إطْلَاقِ الْمُسَاقَاهِ بِأَنْ قال:

سَاقَیْتُک عَلَی الْبُسْتَانِ الْفُلَانِیِّ سَنَهً بِنِصْفِ حَاصِلِهِ فَقَبِلَ (کُلَّ عَمَلٍ یَتَکَرَّرُ کُلَّ سَنَهٍ) مِمَّا فِیهِ صَلَاحُ الثَّمَرَهِ، أَوْ زِیَادَتُهَا کَالْحَرْثِ وَ الْحَفْرِ حَیْثُ یُحْتَاجُ إلَیْهِ وَ مَا یَتَوَقَّفُ عَلَیْهِ مِنْ الْآلَاتِ وَ الْعَوَامِلِ وَ تَهْذِیبِ الْجَرِیدِ بِقَطْعِ مَا یُحْتَاجُ إلَی قَطْعِهِ مِنْهُ وَ مِثْلُهُ أَغْصَانُ الشَّجَرِ الْمُضِرِّ بَقَاؤُهَا بِالثَّمَرَهِ، أَوْ الْأَصْلِ، (وَ مِنْهُ زِیَادَهُ الْکَرْمِ) وَ السَّقْیِ وَ مُقَدِّمَاتُهُ الْمُتَکَرِّرَهُ کَالدَّلْوِ وَ الرِّشَا وَ إِصْلَاحِ طَرِیقِ الْمَاءِ وَ اسْتِقَائِهِ وَ إِدَارَهِ الدُّولَابِ وَ فَتْحِ رَأْسِ السَّاقِیَهِ وَ سَدِّهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ وَ تَعْدِیلِ الثَّمَرَهِ بِإِزَالَهِ مَا یَضُرُّهَا مِنْ الْأَغْصَانِ وَ الْوَرَقِ لِیَصِلَ إلَیْهَا الْهَوَاءُ وَ مَا یُحْتَاجُ إلَیْهِ مِنْ الشَّمْسِ وَ لِیَتَیَسَّرَ قَطْعُهَا عِنْدَ الْإِدْرَاکِ وَ وَضْعِ الْحَشِیشِ وَ نَحْوِهِ فَوْقَ الْعَنَاقِیدِ صَوْنًا لَهَا عَنْ الشَّمْسِ الْمُضِرَّهِ بِهَا وَ رَفْعِهَا عَنْ الْأَرْضِ حَیْثُ تَضُرُّهَا وَ لُقَاطِهَا بِمَجْرَی الْعَادَهِ بِحَسَبِ نَوْعِهَا، فَمَا یُؤْخَذُ لِلزَّبِیبِ یُقْطَعُ فِی الْوَقْتِ الصَّالِحِ لَهُ وَ مَا یُعْمَلُ دُبْسًا فَکَذَلِکَ وَ هَکَذَا وَ إِصْلَاحِ مَوْضِعِ التَّشْمِیسِ وَ نَقْلِ الثَّمَرَهِ إلَیْهِ وَ تَقْلِیبِهَا وَ وَضْعِهَا عَلَی الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَ غَیْرِ ذَلِکَ مِنْ الْأَعْمَالِ (وَ لَوْ شُرِطَ بَعْضُهُ عَلَی الْمَالِکِ صَحَّ) بَعْدَ أَنْ یَکُونَ مَضْبُوطًا (لَا جَمِیعُهُ)؛ لِأَنَّ الْحِصَّهَ لَا یَسْتَحِقُّهَا الْعَامِلُ إلَّا بِالْعَمَلِ فَلَا بُدَّ أَنْ یَبْقَی عَلَیْهِ مِنْهُ شَیْءٌ فِیهِ مُسْتَزَادُ الثَّمَرَهِ وَ إِنْ قَلَّ. (وَتَعْیِینُ الْحِصَّهِ بِالْجُزْءِ الْمُشَاعِ) کَالنِّصْفِ وَ الثُّلُثِ، (لَا الْمُعَیَّنِ) کَمِائَهِ رِطْلٍ وَ الْبَاقِی لِلْآخَرِ، أَوْ بَیْنَهُمَا.

(وَیَجُوزُ اخْتِلَافُ الْحِصَّهِ فِی الْأَنْوَاعِ) کَالنِّصْفِ مِنْ الْعِنَبِ وَ الثُّلُثِ مِنْ الرُّطَبِ، أَوْ النَّوْعِ الْفُلَانِیِّ (إذَا عَلِمَاهَا) أَیْ الْأَنْوَاعَ حَذَرًا مِنْ وُقُوعِ أَقَلِّ الْجُزْءَیْنِ لِأَکْثَرَ الْجِنْسَیْنِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِمَا فَیَحْصُلُ الْغَرَرُ. (وَیُکْرَهُ أَنْ یَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَی الْعَامِلِ) مَعَ الْحِصَّهِ (ذَهَبًا، أَوْ فِضَّهً) وَ لَا یُکْرَهُ غَیْرُهُمَا، لِلْأَصْلِ.

(فَلَوْ شَرَطَ) أَحَدُهُمَا (وَجَبَ) مَا شَرَطَهُ (بِشَرْطِ سَلَامَهِ الثَّمَرَهِ) فَلَوْ تَلِفَتْ أَجْمَعُ، أَوْ لَمْ تَخْرُجْ لَمْ یَلْزَمْ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ أَکْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، فَإِنَّ الْعَامِلَ لَمْ یَحْصُلْ لَهُ عِوَضُ مَا عَمِلَ، فَکَیْفَ یَخْسَرُ مَعَ عَمَلِهِ الْفَائِتِ شَیْئًا آخَرَ وَ لَوْ تَلِفَ الْبَعْضُ فَالْأَقْوَی عَدَمُ سُقُوطِ شَیْءٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، کَمَا لَا یَسْقُطُ مِنْ الْعَمَلِ شَیْءٌ بِتَلَفِ بَعْضِ الثَّمَرَهِ.

(وَکُلَّمَا فَسَدَ الْعَقْدُ فَالثَّمَرَهُ لِلْمَالِکِ)

؛ لِأَنَّهَا تَابِعَهٌ لِأَصْلِهَا، (وَ عَلَیْهِ أُجْرَهُ مِثْلِ الْعَامِلِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ یَتَبَرَّعْ بِعَمَلِهِ وَ لَمْ یَحْصُلْ لَهُ الْعِوَضُ الْمَشْرُوطُ فَیُرْجَعُ إلَی الْأُجْرَهِ.

هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ عَالِمًا بِالْفَسَادِ وَ لَمْ یَکُنْ الْفَسَادُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْحِصَّهِ لِلْعَامِلِ وَ إِلَّا فَلَا شَیْءَ لَهُ، لِدُخُولِهِ عَلَی ذَلِکَ. (وَ لَوْ شَرَطَ عَقْدَ مُسَاقَاهٍ فِی عَقْدِ مُسَاقَاهٍ فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّهُ)؛ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِی وَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ اشْتِرَاطُ عَقْدٍ سَائِغٍ فِی عَقْدٍ سَائِغٍ لَازِمٍ فَیَدْخُلُ فِی عُمُومِ { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } وَ أَمَّا الثَّانِی فَلِأَنَّ الْمَانِعَ لَا یُتَخَیَّلُ إلَّا کَوْنُهُ لَمْ یَرْضَ أَنْ یُعْطِیَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِصَّهِ إلَّا بِأَنْ یَرْضَی مِنْهُ مِنْ الْآخَرِ بِالْحِصَّهِ الْأُخْرَی.

وَمِثْلُ هَذَا لَا یَصْلُحُ لِلْمَنْعِ کَغَیْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ السَّائِغَهِ الْوَاقِعَهِ فِی الْعُقُودِ وَ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ لِلشَّیْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِنَادًا إلَی وَجْهٍ ضَعِیفٍ یَظْهَرُ ضَعْفُهُ مِمَّا ذَکَرَ فِی وَجْهِ الصِّحَّهِ. (وَ لَوْ تَنَازَعَا فِی خِیَانَهِ الْعَامِلِ حَلَفَ الْعَامِلُ)؛ لِأَنَّهُ أَمِینٌ فَیُقْبَلُ قَوْلُهُ بِیَمِینِهِ فِی عَدَمِهَا وَ لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا.

(وَلَیْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ یُسَاقِیَ غَیْرَهُ)

؛ لِأَنَّ فِی الْمُسَاقَاهِ تَسْلِیطًا عَلَی أُصُولِ الْغَیْرِ وَ عَمَلِهَا وَ النَّاسُ یَخْتَلِفُونَ فِی ذَلِکَ اخْتِلَافًا کَثِیرًا، فَلَیْسَ لِمَنْ رَضِیَ الْمَالِکُ بِعَمَلِهِ وَ أَمَانَتِهِ أَنْ یُوَلِّیَ مَنْ لَمْ یَرْضَهُ الْمَالِکُ لَهُ، بِخِلَافِ الْمُزَارَعَهِ، فَإِنَّ عَمَلَ الْأَرْضِ غَیْرُ مَقْصُودٍ وَ حِصَّهُ الْمَالِکِ مَحْفُوظَهٌ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ وَ أَمَّا الْفَرْقُ بِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَ هُوَ مِنْ مَالِکِ الْأُصُولِ فِی الْمُسَاقَاهِ وَ مِنْ الزَّارِعِ فِی الْمُزَارَعَهِ فَلِمَالِکِ الْأَصْلِ تَسْلِیطُ مَنْ شَاءَ دُونَ غَیْرِهِ فَإِنَّمَا یَتِمُّ مَعَ کَوْنِ الْبَذْرِ مِنْ الْعَامِلِ.

وَالْمَسْأَلَهُ مَفْرُوضَهٌ فِی کَلَامِهِمْ أَعَمُّ مِنْهُ و مع ذَلِکَ فَإِنَّ الْعَقْدَ اللَّازِمَ یُوجِبُ الْحِصَّهَ الْمَخْصُوصَهَ لِکُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَهُ نَقْلُهَا إلَی مَنْ شَاءَ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ الْبَذْرُ وَ کَوْنُهَا غَیْرَ مَوْجُودَهٍ حِینَ الْمُزَارَعَهِ الثَّانِیَهِ غَیْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَهَ لَیْسَتْ عَلَی نَفْسِ الْحِصَّهِ، بَلْ عَلَی الْأَرْضِ وَ الْعَمَلِ وَ الْعَوَامِلِ وَ الْبَذْرِ بِالْحِصَّهِ، فَمَنْ اسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ اللَّازِمِ شَیْئًا تَسَلَّطَ عَلَی نَقْلِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ.

(وَالْخَرَاجُ عَلَی الْمَالِکِ)

، لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ عَلَی الْأَرْضِ وَ الشَّجَرِ فَیَکُونُ عَلَی مَالِکِهِمَا، (إلَّا مَعَ الشَّرْطِ) بِأَنْ یَکُونَ عَلَی الْعَامِلِ، أَوْ بَعْضُهُ فَیَصِحُّ مَعَ ضَبْطِ الْمَشْرُوطِ، (وَتُمْلَکُ الْفَائِدَهُ بِظُهُورِ الثَّمَرَهِ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَی أَنْ یَکُونَ بَیْنَهُمَا فَمَتَی تَحَقَّقَتْ مُلِّکَتْ کَذَلِکَ. (وَتَجِبُ الزَّکَاهُ عَلَی مَنْ بَلَغَ نَصِیبُهُ النِّصَابَ) مِنْ الْمَالِکِ وَ الْعَامِلِ، لِوُجُودِ شَرْطِ الْوُجُوبِ وَ هُوَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِهَا عَلَی مِلْکِهِ (وَ لَوْ کَانَتْ الْمُسَاقَاهُ بَعْدَ تَعَلُّقِ الزَّکَاهِ وَ جَوَّزْنَاهَا) بِأَنْ بَقِیَ مِنْ الْعَمَلِ مَا فِیهِ مُسْتَزَادُ الثَّمَرَهِ حَیْثُ جَوَّزْنَاهَا مَعَ ذَلِکَ (فَالزَّکَاهُ عَلَی الْمَالِکِ)، لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا عَلَی مِلْکِهِ.

(وَأَثْبَتَ السَّیِّدُ) أَبُو الْمَکَارِمِ حَمْزَهُ (بْنُ زُهْرَهَ الزَّکَاهَ عَلَی الْمَالِکِ فِی الْمُزَارَعَهِ وَ الْمُسَاقَاهِ، دُونَ الْعَامِلِ) مُطْلَقًا، مُحْتَجًّا بِأَنَّ حِصَّتَهُ کَالْأُجْرَهِ وَ هُوَ ضَعِیفٌ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَهَ إذَا کَانَتْ ثَمَرَهً، أَوْ زَرْعًا قَبْلَ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ وَجَبَتْ الزَّکَاهُ عَلَی الْأَجِیرِ، کَمَا لَوْ مَلَکَهَا کَذَلِکَ بِأَیِّ وَجْهٍ کَانَ وَ إِنْ أَرَادَ کَالْأُجْرَهِ بَعْدَ ذَلِکَ فَلَیْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ، إلَّا أَنْ یَذْهَبَ إلَی أَنَّ الْحِصَّهَ لَا یَمْلِکُهَا الْعَامِلُ بِالظُّهُورِ، بَلْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَ تَعَلُّقِ الزَّکَاهِ لَکِنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَ مَعَهُ لَا یَتِمُّ التَّعْلِیلُ بِالْأُجْرَهِ بَلْ یَتَأَخَّرُ مِلْکُهُ عَنْ الْوُجُوبِ.

(وَالْمُغَارَسَهُ بَاطِلَهٌ)

وَهِیَ أَنْ یَدْفَعَ أَرْضًا إلَی غَیْرِهِ لِیَغْرِسَهَا عَلَی أَنَّ الْغَرْسَ بَیْنَهُمَا، (وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَ لَهُ الْأُجْرَهُ) عَنْ الْأَرْضِ، (لِطُولِ بَقَائِهِ) فِیهَا، (وَ لَوْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ ضَمِنَ أَرْشَهُ) وَ هُوَ تَفَاوُتُ مَا بَیْنَ قِیمَتِهِ مَقْلُوعًا وَ بَاقِیًا فِی الْأَرْضِ بِالْأُجْرَهِ وَ لَوْ کَانَ الْغَرْسُ مِنْ مَالِکِ الْأَرْضِ وَ قَدْ شَرَطَ عَلَی الْعَامِلِ غَرْسَهُ وَ عَمَلَهُ بِالْحِصَّهِ فَهُوَ لِمَالِکِهِ وَ عَلَیْهِ أُجْرَهُ الْغَارِسِ وَ مَا عُمِلَ فِیهِ مِنْ الْأَعْمَالِ. (وَ) عَلَی تَقْدِیرِ کَوْنِهِ مِنْ الْعَامِلِ (لَوْ طَلَبَ کُلٌّ مِنْهُمَا مَا لِصَاحِبِهِ) فَطَلَبَ الْغَارِسُ الْأَرْضَ بِالْأُجْرَهِ عَلَی أَنْ یَبْقَی الْغَرْسُ فِیهَا، أَوْ أَنْ تَکُونَ مِلْکَهُ (بِعِوَضٍ)، أَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْغَرْسَ بِقِیمَتِهِ (لَمْ یَجِبْ عَلَی الْآخَرِ إجَابَتُهُ)؛ لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُسَلَّطٌ عَلَی مَالِهِ.

وَحَیْثُ یَقْلَعُهُ الْغَارِسُ یَجِبُ عَلَیْهِ طَمُّ الْحَفْرِ وَ أَرْشُ الْأَرْضِ لَوْ نَقَصَتْ بِهِ وَ قَلْعُ الْعُرُوقِ الْمُتَخَلِّفَهِ عَنْ الْمَقْلُوعِ فِی الْأَرْضِ.

وَلَمْ یُفَرِّقْ الْمُصَنِّفُ کَالْأَکْثَرِ فِی إطْلَاقِ کَلَامِهِ بَیْنَ الْعَالِمِ بِالْفَسَادِ وَ الْجَاهِلِ، فِی اسْتِحْقَاقِ الْأَرْشِ وَ ثُبُوتِ أُجْرَتِهِ لَوْ کَانَ الْغَرْسُ لِمَالِکِ الْأَرْضِ وَ لَیْسَ بِبَعِیدِ الْفَرْقِ؛ لِتَبَرُّعِ الْعَالِمِ بِالْعَمَلِ وَ وَضْعِهِ الْغَرْسَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ بِهِ فَارَقَ الْمُسْتَعِیرَ لِلْغَرْسِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ وَ إِذْنٍ صَحِیحَهٍ شَرْعًا، بِخِلَافِ هَذَا الْغَرْسِ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الْحِصَّهِ حَلَفَ الْمَالِکُ)

؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فَیُرْجَعُ إلَی مَالِکِهِ فِی مِقْدَارِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ عَنْ مِلْکِهِ، مَعَ أَصَالَهِ بَقَاءِ غَیْرِهِ وَ عَدَمِ انْتِقَالِهِ وَ مِلْکِ الْغَیْرِ لَهُ (وَ فِی الْمُدَّهِ یَحْلِفُ الْمُنْکِرُ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ مَا یَدَّعِیهِ الْآخَرُ مِنْ الزِّیَادَهِ.

28 کتاب الاجاره

(28) کتاب الاجاره

کِتَابُ الْإِجَارَهِ

(الْإِجَارَهُ - وَ هِیَ الْعَقْدُ عَلَی تَمَلُّکِ الْمَنْفَعَهِ الْمَعْلُومَهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ) فَالْعَقْدُ بِمَنْزِلَهِ الْجِنْسِ یَشْمَلُ سَائِرَ الْعُقُودِ وَ خَرَجَ بِتَعَلُّقِهِ بِالْمَنْفَعَهِ الْبَیْعُ وَ الصُّلْحُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْأَعْیَانِ وَ بِالْعِوَضِ الْوَصِیَّهُ بِالْمَنْفَعَهِ وَ بِالْمَعْلُومِ إصْدَاقُهَا إذْ لَیْسَ فِی مُقَابِلِهَا عِوَضٌ مَعْلُومٌ وَ إِنَّمَا هُوَ الْبُضْعُ و لکن یُنْتَقَضُ فِی طَرْدِهِ بِالصُّلْحِ عَلَی الْمَنْفَعَهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ لَیْسَ إجَارَهً بِنَاءً عَلَی جَعْلِهِ أَصْلًا.

(وَإِیجَابُهَا آجَرْتُک وَ أَکْرَیْتُکَ، أَوْ مَلَّکْتُک مَنْفَعَتَهَا سَنَهً) قَیَّدَ التَّمْلِیکَ بِالْمَنْفَعَهِ؛ لِیَحْتَرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْإِیجَارِ وَ الْإِکْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا یَصِحُّ تَعَلُّقُهُ إلَّا بِالْعَیْنِ فَلَوْ أَوْرَدَهُمَا عَلَی الْمَنْفَعَهِ فَقال:

آجَرْتُکَ مَنْفَعَهَ هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا لَمْ یَصِحَّ، بِخِلَافِ التَّمْلِیکِ؛ لِأَنَّهُ یُفِیدُ نَقْلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ فَإِنْ وَرَدَ عَلَی الْأَعْیَانِ أَفَادَ مِلْکَهَا وَ لَیْسَ ذَلِکَ مَوْرِدَ الْإِجَارَهِ؛ لِأَنَّ الْعَیْنَ تَبْقَی عَلَی مِلْکِ الْمُؤَجِّرِ فَیَتَعَیَّنُ فِیهَا إضَافَتُهُ إلَی الْمَنْفَعَهِ؛ لِیُفِیدَ نَقْلَهَا إلَی الْمُسْتَأْجِرِ حَیْثُ یُعَبَّرُ بِالتَّمْلِیکِ.

(وَ لَوْ) عَبَّرَ بِالْبَیْعِ

وَ (نَوَی بِالْبَیْعِ الْإِجَارَهَ فَإِنْ أَوْرَدَهُ عَلَی الْعَیْنِ) فَقال:

بِعْتُک هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا مَثَلًا بِکَذَا (بَطَلَ)، لِإِفَادَتِهِ نَقْلَ الْعَیْنِ وَ هُوَ مُنَافٍ لِلْإِجَارَهِ (وَ إِنْ قال:

بِعْتُک سُکْنَاهَا سَنَهً مَثَلًا فَفِی الصِّحَّهِ وَجْهَانِ): مَأْخَذُهُمَا أَنَّ الْبَیْعَ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْأَعْیَانِ وَ الْمَنَافِعُ تَابِعَهٌ لَهَا فَلَا یُثْمِرُ الْمِلْکُ لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ فِی نَقْلِ الْمَنَافِعِ مُنْفَرِدَهً وَ إِنْ نَوَی بِهِ الْإِجَارَهَ وَ إِنَّهُ یُفِیدُ نَقْلَ الْمَنْفَعَهِ أَیْضًا فِی الْجُمْلَهِ وَ لَوْ بِالتَّبَعِ فَیَقُومُ مَقَامَ الْإِجَارَهِ مَعَ قَصْدِهَا وَ الْأَصَحُّ الْمَنْعُ.

(وَهِیَ لَازِمَهٌ مِنْ الطَّرَفَیْنِ)

لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالتَّقَایُلِ، أَوْ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِیَهِ لِلْفَسْخِ و سیأتی بَعْضُهَا، (وَ لَوْ تَعَقَّبَهَا الْبَیْعُ لَمْ تَبْطُلْ) لِعَدَمِ الْمُنَافَاهِ فَإِنَّ الْإِجَارَهَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَنَافِعِ وَ الْبَیْعُ بِالْعَیْنِ وَ إِنْ تَبِعَتْهَا الْمَنَافِعُ حَیْثُ یُمْکِنُ (سَوَاءٌ کَانَ الْمُشْتَرِی هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ غَیْرُهُ) فَإِنْ کَانَ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَهُ عَلَی الْأَقْوَی، بَلْ یَجْتَمِعُ عَلَیْهِ الْأُجْرَهُ وَ الثَّمَنُ وَ إِنْ کَانَ غَیْرَهُ وَ هُوَ عَالِمٌ بِهَا صَبَرَ إلَی انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ وَ لَمْ یَمْنَعْ ذَلِکَ مِنْ تَعْجِیلِ الثَّمَنِ وَ إِنْ کَانَ جَاهِلًا بِهَا تَخَیَّرَ بَیْنَ فَسْخِ الْبَیْعِ وَ إِمْضَائِهِ مَجَّانًا مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَهِ إلَی انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ، ثُمَّ لَوْ تَجَدَّدَ فَسْخُ الْإِجَارَهِ عَادَتْ الْمَنْفَعَهُ إلَی الْبَائِعِ، لَا إلَی الْمُشْتَرِی. (وَعُذْرُ الْمُسْتَأْجِرِ لَا یُبْطِلُهَا) وَ إِنْ بَلَغَ حَدًّا یَتَعَذَّرُ عَلَیْهِ الِانْتِفَاعُ بِهَا (کَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فَسُرِقَ مَتَاعُهُ) وَ لَا یَقْدِرُ عَلَی إبْدَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَیْنَ تَامَّهٌ صَالِحَهٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَیُسْتَصْحَبُ اللُّزُومُ، (وَ أَمَّا لَوْ عَمَّ الْعُذْرُ کَالثَّلْجِ الْمَانِعِ مِنْ قَطْعِ الطَّرِیقِ) الَّذِی اسْتَأْجَرَ الدَّابَّهَ لِسُلُوکِهِ مَثَلًا (فَالْأَقْرَبُ جَوَازُ الْفَسْخِ لِکُلٍّ مِنْهُمَا) لِتَعَذُّرِ اسْتِیفَاءِ الْمَنْفَعَهِ الْمَقْصُودَهِ حِسًّا فَلَوْ لَمْ یُجْبَرْ بِالْخِیَارِ لَزِمَ الضَّرَرُ الْمَنْفِیُّ وَ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَرَضَ مَانِعٌ شَرْعِیٌّ کَخَوْفِ الطَّرِیقِ، لِتَحْرِیمِ السَّفَرِ حِینَئِذٍ، أَوْ اسْتِئْجَارِ امْرَأَهٍ لِکَنْسِ الْمَسْجِدِ فَحَاضَتْ وَ الزَّمَانُ مُعَیَّنٌ یَنْقَضِی مُدَّهَ الْعُذْرِ وَ یُحْتَمَلُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ، تَنْزِیلًا لِلتَّعَذُّرِ مَنْزِلَهَ تَلَفِ الْعَیْنِ.

(وَلَا تَبْطُلُ) الْإِجَارَهُ (بِالْمَوْتِ)

کَمَا یَقْتَضِیهِ لُزُومُ الْعَقْدِ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ مَوْتُ الْمُؤَجِّرِ وَ الْمُسْتَأْجِرِ، (إلَّا أَنْ تَکُونَ الْعَیْنُ مَوْقُوفَهً) عَلَی الْمُؤَجِّرِ وَ عَلَی مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْبُطُونِ فَیُؤَجِّرُهَا مُدَّهً وَ یَتَّفِقُ مَوْتُهُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَتَبْطُلُ؛ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَی غَیْرِهِ وَ لَیْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِیهَا إلَّا زَمَنَ اسْتِحْقَاقِهِ وَ لِهَذَا لَا یَمْلِکُ نَقْلَهَا وَ لَا إتْلَافَهَا.

نَعَمْ لَوْ کَانَ نَاظِرًا وَ آجَرَهَا لِمَصْلَحَهِ الْبُطُونِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ، لَکِنَّ الصِّحَّهَ حِینَئِذٍ لَیْسَتْ مِنْ حَیْثُ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَیْهِ، بَلْ مِنْ حَیْثُ إنَّهُ نَاظِرٌ وَ مِثْلُهُ الْمُوصَی لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا مُدَّهَ حَیَاتِهِ فَیُؤَجِّرُهَا کَذَلِکَ وَ لَوْ شَرَطَ عَلَی الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِیفَاءَ الْمَنْفَعَهِ بِنَفْسِهِ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ أَیْضًا. (وَکُلُّ مَا یَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَیْنِهِ تَصِحُّ إعَارَتُهُ وَ إِجَارَتُهُ) وَ یَنْعَکِسُ فِی الْإِجَارَهِ کُلِّیًّا، دُونَ الْإِعَارَهِ؛ لِجَوَازِ إعَارَهِ الْمَنْفَعَهِ، مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا وَ هُوَ اللَّبَنُ لَا تَبْقَی عَیْنُهُ وَ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا لِذَلِکَ (مُنْفَرِدًا کَانَ) مَا یُؤَجَّرُ، (أَوْ مُشَاعًا) إذْ لَا مَانِعَ مِنْ الْمُشَاعِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْقِسْمَهِ؛ لِإِمْکَانِ اسْتِیفَاءِ الْمَنْفَعَهِ بِمُوَافَقَهِ الشَّرِیکِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ أَنْ یُؤَجِّرَهُ مِنْ شَرِیکِهِ وَ غَیْرِهِ عِنْدَنَا.

(وَلَا یَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَیْنَ إلَّا بِالتَّعَدِّی) فِیهَا

، (أَوْ التَّفْرِیطِ)؛ لِأَنَّهَا مَقْبُوضَهٌ بِإِذْنِ الْمَالِکِ لِحَقِّ الْقَابِضِ.

وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ مُدَّهِ الْإِجَارَهِ وَ بَعْدَهَا قَبْلَ طَلَبِ الْمَالِکِ وَ بَعْدَهُ إذَا لَمْ یُؤَخَّرْ مَعَ طَلَبِهَا اخْتِیَارًا، (وَ لَوْ شَرَطَ) فِی عَقْدِ الْإِجَارَهِ (ضَمَانَهَا بِدُونِهِمَا فَسَدَ الْعَقْدُ)؛ لِفَسَادِ الشَّرْطِ مِنْ حَیْثُ مُخَالَفَتُهُ لِلْمَشْرُوعِ وَ مُقْتَضَی الْإِجَارَهِ، (وَیَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِیَارِ لَهُمَا وَ لِأَحَدِهِمَا) مُدَّهً مَضْبُوطَهً، لِعُمُومِ { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ الْمُعَیَّنَهِ وَ الْمُطْلَقَهِ عِنْدَنَا.

(نَعَمْ لَیْسَ لِلْوَکِیلِ وَ الْوَصِیِّ فِعْلُ ذَلِکَ) وَ هُوَ اشْتِرَاطُ الْخِیَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لِلْأَعَمِّ بِحَیْثُ یَفْسَخُ إذَا أَرَادَ (إلَّا مَعَ الْإِذْنِ، أَوْ ظُهُورِ الْغِبْطَهِ) فِی الْفَسْخِ فَیَفْسَخُ حَیْثُ یَشْتَرِطُهَا لِنَفْسِهِ، لَا بِدُونِ الْإِذْنِ فِی الْوَکِیلِ وَ لَا الْغِبْطَهِ فِی الْوَصِیِّ، لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ إطْلَاقِ التَّوْکِیلِ فِیهَا إضَافَهَ الْخِیَارِ الْمُقْتَضِی لِلتَّسَلُّطِ عَلَی إبْطَالِهَا وَ کَذَا الْوِصَایَهُ، فَإِنَّ فِعْلَ الْوَصِیِّ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَهِ.

(وَلَا بُدَّ مِنْ کَمَالِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ و جواز تَصَرُّفِهِمَا)

فَلَا تَصِحُّ إجَارَهُ الصَّبِیِّ وَ إِنْ کَانَ مُمَیِّزًا، أَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِیُّ وَ لَا الْمَجْنُونِ مُطْلَقًا وَ لَا الْمَحْجُورِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِیِّ، أَوْ مَنْ فِی حُکْمِهِ (وَ مِنْ کَوْنِ الْمَنْفَعَهِ) الْمَقْصُودَهِ مِنْ الْعَیْنِ، (وَ الْأُجْرَهِ مَعْلُومَتَیْنِ).

وَیَتَحَقَّقُ الْعِلْمُ بِالْمَنْفَعَهِ بِمُشَاهَدَهِ الْعَیْنِ الْمُسْتَأْجَرَهِ الَّتِی هِیَ مُتَعَلِّقَهٌ بِالْمَنْفَعَهِ أَوْ وَصْفِهَا بِمَا یَرْفَعُ الْجَهَالَهَ وَ تَعْیِینُ الْمَنْفَعَهِ إنْ کَانَتْ مُتَعَدِّدَهً فِی الْعَیْنِ وَ لَمْ یُرِدْ الْجَمِیعَ وَ فِی الْأُجْرَهِ بِکَیْلِهَا، أَوْ وَزْنِهَا، أَوْ عَدِّهَا إنْ کَانَتْ مِمَّا یُعْتَبَرُ بِهَا فِی الْبَیْعِ، أَوْ مُشَاهَدَتِهَا إنْ لَمْ تَکُنْ کَذَلِکَ.

(وَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تَکْفِی الْمُشَاهَدَهُ فِی الْأُجْرَهِ عَنْ اعْتِبَارِهَا) بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَهِ إنْ کَانَتْ مِمَّا یُعْتَبَرُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَهَ مُعَاوَضَهٌ لَازِمَهٌ مَبْنِیَّهٌ عَلَی الْمُغَابَنَهِ فَلَا بُدَّ فِیهَا مِنْ انْتِفَاءِ الْغَرَرِ عَنْ الْعِوَضَیْنِ، أَمَّا لَوْ کَانَتْ الْأُجْرَهُ مِمَّا یَکْفِی فِی بَیْعِهَا الْمُشَاهَدَهُ کَالْعَقَارِ کَفَتْ فِیهَا هُنَا قَطْعًا وَ هُوَ خَارِجٌ بِقَرِینَهِ الِاعْتِبَارِ.

(وَتُمْلَکُ) الْأُجْرَهُ (بِالْعَقْدِ)

، لِاقْتِضَاءِ صِحَّهِ الْمُعَاوَضَهِ انْتِقَالَ کُلٍّ مِنْ الْعِوَضَیْنِ إلَی الْآخَرِ، لَکِنْ لَا یَجِبُ تَسْلِیمُهَا قَبْلَ الْعَمَلِ.

وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی ثُبُوتِ أَصْلِ الْمِلْکِ فَیَتْبَعُهَا النَّمَاءُ مُتَّصِلًا وَ مُنْفَصِلًا، (وَیَجِبُ تَسْلِیمُهَا بِتَسْلِیمِ الْعَیْنِ) الْمُؤَجَّرَهِ (وَ إِنْ کَانَتْ عَلَی عَمَلٍ فَبَعْدَهُ)، لَا قَبْلَ ذَلِکَ حَتَّی لَوْ کَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَصِیًّا، أَوْ وَکِیلًا لَمْ یَجُزْ لَهُ التَّسْلِیمُ قَبْلَهُ، إلَّا مَعَ الْإِذْنِ صَرِیحًا، أَوْ بِشَاهِدِ الْحَالِ وَ لَوْ فُرِضَ تَوَقُّفُ الْفِعْلِ عَلَی الْأُجْرَهِ کَالْحَجِّ وَ امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ التَّسْلِیمِ تَسَلَّطَ الْأَجِیرُ عَلَی الْفَسْخِ. (وَ لَوْ ظَهَرَ فِیهَا) أَیْ فِی الْأُجْرَهِ (عَیْبٌ فَلِلْأَجِیرِ الْفَسْخُ، أَوْ الْأَرْشُ مَعَ التَّعْیِینِ) لِلْأُجْرَهِ فِی مَتْنِ الْعَقْدِ، لِاقْتِضَاءِ الْإِطْلَاقِ السَّلِیمَ وَ تَعْیِینُهُ مَانِعٌ مِنْ الْبَدَلِ کَالْبَیْعِ فَیُجْبَرُ الْعَیْبُ بِالْخِیَارِ (وَمَعَ عَدَمِهِ) أَیْ عَدَمِ التَّعْیِینِ (یُطَالَبُ بِالْبَدَلِ)؛ لِعَدَمِ تَعْیِینِ الْمَعِیبِ أُجْرَهً فَإِنْ أُجِیبَ إلَیْهِ وَ إِلَّا جَازَ لَهُ الْفَسْخُ وَ الرِّضَا بِالْمَعِیبِ فَیُطَالَبُ بِالْأَرْشِ، لِتَعْیِینِ الْمَدْفُوعِ عِوَضًا بِتَعَذُّرِ غَیْرِهِ.

(وَ قِیلَ: لَهُ الْفَسْخُ) فِی الْمُطْلَقَهِ مُطْلَقًا (وَ هُوَ قَرِیبٌ إنْ تَعَذَّرَ الْإِبْدَالُ) کَمَا ذَکَرْنَاهُ، لَا مَعَ بَدَلِهِ؛ لِعَدَمِ انْحِصَارِ حَقِّهِ فِی الْمَعِیبِ. (وَ لَوْ جَعَلَ أُجْرَتَیْنِ عَلَی تَقْدِیرَیْنِ کَنَقْلِ الْمَتَاعِ فِی یَوْمٍ بِعَیْنِهِ بِأُجْرَهٍ وَ فِی) یَوْمٍ (آخَرَ) بِأُجْرَهٍ (أُخْرَی، أَوْ) جَعَلَ أُجْرَتَیْنِ (إحْدَاهُمَا فِی الْخِیَاطَهِ الرُّومِیَّهِ) وَ هِیَ الَّتِی بِدَرْزَیْنِ، (وَ الْأُخْرَی عَلَی) الْخِیَاطَهِ (الْفَارِسِیَّهِ وَ هِیَ الَّتِی بِوَاحِدٍ فَالْأَقْرَبُ الصِّحَّهُ)؛ لِأَنَّ کِلَا الْفِعْلَیْنِ مَعْلُومٌ وَ أُجْرَتُهُ مَعْلُومَهٌ وَ الْوَاقِعُ لَا یَخْلُو مِنْهُمَا وَ لِأَصَالَهِ الْجَوَازِ.

وَیَشْکُلُ بِمَنْعِ مَعْلُومِیَّتِهِ إذْ لَیْسَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَیْهِ الْمَجْمُوعَ وَ لَا کُلَّ وَاحِدٍ وَ إِلَّا لَوَجَبَا فَیَکُونُ وَاحِدًا غَیْرَ مُعَیَّنٍ وَ ذَلِکَ غَرَرٌ مُبْطِلٌ لَهَا کَالْبَیْعِ بِثَمَنَیْنِ عَلَی تَقْدِیرَیْنِ وَ لَوْ تَحَمَّلَ مِثْلَ هَذَا الْغَرَرِ لَزِمَ مِثْلُهُ فِی الْبَیْعِ بِثَمَنَیْنِ لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الْعَقْدِ اللَّازِمِ الْمُشْتَمِلِ عَلَی الْمُعَاوَضَهِ.

نَعَمْ لَوْ وَقَعَ ذَلِکَ جَعَالَهً تَوَجَّهَتْ الصِّحَّهُ، لِاحْتِمَالِهَا مِنْ الْجَهَالَهِ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ الْإِجَارَهُ (وَ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ الْأُجْرَهِ عَلَی التَّقْدِیرِ الْآخَرِ لَمْ تَصِحَّ فِی مَسْأَلَهِ النَّقْلِ) فِی الْیَوْمَیْنِ وَ تَثْبُتُ أُجْرَهُ الْمِثْلِ عَلَی الْمَشْهُورِ.

وَمُسْتَنَدُ الْحُکْمَیْنِ خَبَرَانِ أَحَدُهُمَا: صَحِیحٌ وَ لَیْسَ بِصَرِیحٍ فِی الْمَطْلُوبِ وَ الْآخَرُ ضَعِیفٌ، أَوْ مُوَثَّقٌ فَالرُّجُوعُ فِیهِمَا إلَی الْأُصُولِ الشَّرْعِیَّهِ أَوْلَی.

وَلِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْحُکْمِ الثَّانِی بَحْثٌ نَبَّهَ عَلَیْهِ بِقوله:

(وَ فِی ذَلِکَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَضِیَّهَ کُلِّ إجَارَهٍ الْمَنْعُ مِنْ نَقِیضِهَا) فَیُمْکِنُ أَنْ یَجْعَلَ مَوْرِدَ الْإِجَارَهِ هُنَا الْقِسْمَ الَّذِی فَرَضَ فِیهِ أُجْرَهً وَ التَّعَرُّضَ لِلْقِسْمِ الْآخَرِ الْخَالِی عَنْهَا تَعَرُّضًا فِی الْعَقْدِ لِحُکْمٍ یَقْتَضِیهِ، فَإِنَّ قَضِیَّهَ الْإِجَارَهِ بِالْأُجْرَهِ الْمَخْصُوصَهِ فِی الزَّمَنِ الْمُعَیَّنِ حَیْثُ یُطْلَقُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ شَیْءٍ لَوْ لَمْ یُنْقَلُ، أَوْ نُقِلَ فِی غَیْرِهِ (فَیَکُونُ) عَلَی تَقْدِیرِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْأُجْرَهِ لَوْ نَقَلَهُ فِی غَیْرِ الْمُعَیَّنِ (قَدْ شَرَطَ قَضِیَّهَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَبْطُلْ) الْإِجَارَهُ (فِی مَسْأَلَهِ النَّقْلِ، أَوْ فِی غَیْرِهَا) مِمَّا شَارَکَهَا فِی هَذَا الْمَعْنَی وَ هُوَ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْأُجْرَهِ عَلَی تَقْدِیرِ مُخَالَفَهِ مُقْتَضَی الْإِجَارَهِ الْخَاصَّهِ (غَایَهُ مَا فِی الْبَابِ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِالْمَشْرُوطِ) وَ هُوَ نَقْلُهُ فِی الْیَوْمِ الْمُعَیَّنِ (یَکُونُ الْبُطْلَانُ مَنْسُوبًا إلَی الْأَجِیرِ) حَیْثُ فَوَّتَ الزَّمَانَ الْمُعَیَّنَ وَ لَمْ یَفْعَلْ فِیهِ مَا شُرِطَ عَلَیْهِ فَلَا یَسْتَحِقُّ شَیْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ یَفْعَلْ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَیْهِ.

(وَ لَا یَکُونُ) الْبُطْلَانُ (حَاصِلًا مِنْ جِهَهِ الْعَقْدِ) فَلَا وَجْهَ لِلْحُکْمِ بِبُطْلَانِ الْإِجَارَهِ عَلَی هَذَا التَّقْدِیرِ وَ إِثْبَاتِ أُجْرَهِ الْمِثْلِ، بَلْ اللَّازِمُ عَدَمُ ثُبُوتِ شَیْءٍ وَ إِنْ نَقَلَ الْمَتَاعَ إلَی الْمَکَانِ الْمُعَیَّنِ فِی غَیْرِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَمْ یُؤْمَرْ بِهِ وَ لَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَیْهِ.

وَهَذَا النَّظَرُ مِمَّا لَمْ یَتَعَرَّضْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَ لَا ذَکَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِی غَیْرِ هَذَا الْکِتَابِ.

وَهُوَ نَظَرٌ مُوَجَّهٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا یَتِمُّ إلَّا إذَا فُرِضَ کَوْنُ مَوْرِدِ الْإِجَارَهِ هُوَ الْفِعْلُ فِی الزَّمَنِ الْمُعَیَّنِ وَ مَا خَرَجَ عَنْهُ خَارِجٌ عَنْهَا.

وَ ظَاهِرُ الرِّوَایَهِ وَ کَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَوْرِدَ الْإِجَارَهِ کِلَا الْقِسْمَیْنِ وَ مِنْ ثَمَّ حَکَمُوا بِصِحَّتِهَا مَعَ إثْبَاتِ الْأُجْرَهِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ نَظَرًا إلَی حُصُولِ الْمُقْتَضِی وَ هُوَ الْإِجَارَهُ الْمُعَیَّنَهُ الْمُشْتَمِلَهُ عَلَی الْأُجْرَهِ الْمُعَیَّنَهِ وَ إِنْ تَعَدَّدَتْ وَ اخْتَلَفَتْ؛ لِانْحِصَارِهَا وَ تَعَیُّنِهَا کَمَا تَقَدَّمَ.

وَبُطْلَانِهَا عَلَی التَّقْدِیرِ الْآخَرِ.

وَلَوْ فُرِضَ کَوْنُ مَوْرِدِ الْإِجَارَهِ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ خَاصَّهً وَ هُوَ النَّقْلُ فِی الزَّمَنِ الْمُعَیَّنِ لَکَانَ الْحُکْمُ بِالْبُطْلَانِ عَلَی تَقْدِیرِ فَرْضِ أُجْرَهٍ مَعَ نَقْلِهِ فِی غَیْرِهِ أَوْلَی؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِیَّهِ الْإِجَارَهِ وَ خِلَافُ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ، فَکَانَ أَوْلَی بِثُبُوتِ أُجْرَهِ الْمِثْلِ.

وَجَعَلَ الْقِسْمَیْنِ مُتَعَلِّقَهَا عَلَی تَقْدِیرِ ذِکْرِ الْأُجْرَهِ وَ الْأَوَّلُ خَاصَّهً عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِهِ فِی الثَّانِی مَعَ کَوْنِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ مُوجِبٌ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِغَیْرِ دَلِیلٍ.

وَیُمْکِنُ الْفَرْقُ بِکَوْنِ تَعْیِینِ الْأُجْرَهِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ قَرِینَهَ جَعْلِهِمَا مَوْرِدَ الْإِجَارَهِ حَیْثُ أَتَی بِلَازِمِهَا وَ هُوَ الْأُجْرَهُ فِیهِمَا وَ إِسْقَاطُهَا فِی التَّقْدِیرِ الْآخَرِ قَرِینَهُ عَدَمِ جَعْلِهِ مَوْرِدًا مِنْ حَیْثُ نَفْیُ اللَّازِمِ الدَّالِّ عَلَی نَفْیِ الْمَلْزُومِ وَ حِینَئِذٍ فَتَنْزِیلُهُ عَلَی شَرْطِ قَضِیَّهِ الْعَقْدِ أَوْلَی مِنْ جَعْلِهِ، أَجْنَبِیًّا مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ بِتَخَلُّلِهِ بَیْنَ الْإِیجَابِ وَ الْقَبُولِ. (وَ لَا بُدَّ) فِی صِحَّهِ الْإِجَارَهِ عَلَی وَجْهِ اللُّزُومِ (مِنْ کَوْنِ الْمَنْفَعَهِ مَمْلُوکَهً لَهُ) أَیْ لِلْمُؤَجِّرِ، (أَوْ لِمَوْلَاهُ) وَ هُوَ مَنْ یَدْخُلُ تَحْتَ وِلَایَتِهِ بِبُنُوَّهٍ، أَوْ وِصَاءَهٍ، أَوْ حُکْمٍ (سَوَاءٌ کَانَتْ مَمْلُوکَهً لَهُ بِالْأَصَالَهِ) کَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَیْنَ فَمَلَکَ مَنْفَعَتَهَا بِالْأَصَالَهِ لَا بِالتَّبَعِیَّهِ لِلْعَیْنِ، ثُمَّ آجَرَهَا، أَوْ أَوْصَی لَهُ بِهَا، (أَوْ بِالتَّبَعِیَّهِ) لِمِلْکِهِ الْعَیْنَ.

(وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ یُؤَجِّرَ) الْعَیْنَ الَّتِی اسْتَأْجَرَهَا

، (إلَّا مَعَ شَرْطِ) الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ عَلَیْهِ (اسْتِیفَاءَ الْمَنْفَعَهِ بِنَفْسِهِ) فَلَا یَصِحُّ لَهُ حِینَئِذٍ أَنْ یُؤَجِّرَ، إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَی الثَّانِی اسْتِیفَاءَهُ الْمَنْفَعَهَ لَهُ بِنَفْسِهِ فَیَصِحُّ أَنْ یُؤَجِّرَ أَیْضًا؛ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهَا لِشَرْطِ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ اسْتِیفَاءَهُ الْمَنْفَعَهَ بِنَفْسِهِ أَعَمُّ مِنْ اسْتِیفَائِهَا لِنَفْسِهِ وَ عَلَی تَقْدِیرِ جَوَازِ إیجَارِهِ لِغَیْرِهِ هَلْ یَتَوَقَّفُ تَسْلِیمُ الْعَیْنِ عَلَی إذْنِ مَالِکِهَا؟ قِیلَ: نَعَمْ؛ إذْ لَا یَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ اسْتِیفَاءُ الْمَنْفَعَهِ وَ الْإِذْنِ لَهُ فِی التَّسَلُّمِ جَوَازُ تَسْلِیمِهَا لِغَیْرِهِ فَیَضْمَنُ لَوْ سَلَّمَهَا بِغَیْرِ إذْنٍ.

وَقِیلَ: یَجُوزُ تَسْلِیمُهَا مِنْ غَیْرِ ضَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِجَارَهِ لِلْعَیْنِ و قد حَکَمَ بِجَوَازِهَا وَ الْإِذْنُ فِی الشَّیْءِ إذْنٌ فِی لَوَازِمِهِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِی رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ حَوَاشِیهِ و فیه قُوَّهٌ وَ یُؤَیِّدُهُ صَحِیحَهٌ عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی عَدَمِ ضَمَانِ الدَّابَّهِ الْمُسْتَأْجَرَهِ بِالتَّسْلِیمِ إلَی الْغَیْرِ وَ غَیْرُهَا أَوْلَی.

(وَلَوْ آجَرَ الْفُضُولِیُّ فَالْأَقْرَبُ الْوُقُوفُ عَلَی الْإِجَازَهِ)

کَمَا یَقِفُ غَیْرُهَا مِنْ الْعُقُودِ وَ خَصَّهَا بِالْخِلَافِ؛ لِعَدَمِ النَّصِّ فِیهَا بِخُصُوصِهِ، بِخِلَافِ الْبَیْعِ، فَإِنَّ قِصَّهَ عُرْوَهَ الْبَارِقِیِّ مَعَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِی شِرَاءِ الشَّاهِ تَدُلُّ عَلَی جَوَازِ بَیْعِ الْفُضُولِیِّ وَ شِرَائِهِ، فَقَدْ یُقَالُ بِاخْتِصَاصِ الْجَوَازِ بِمَوْرِدِ النَّصِّ وَ الْأَشْهَرُ تَوَقُّفُهُ عَلَی الْإِجَازَهِ مُطْلَقًا. (وَ لَا بُدَّ مِنْ کَوْنِهَا) أَیْ الْمَنْفَعَهِ (مَعْلُومَهً إمَّا بِالزَّمَانِ) فِیمَا لَا یُمْکِنُ ضَبْطُهُ إلَّا بِهِ (کَالسُّکْنَی) وَ الْإِرْضَاعِ (وَ إِمَّا بِهِ أَوْ بِالْمَسَافَهِ) فِیمَا یُمْکِنُ ضَبْطُهُ بِهِمَا (کَالرُّکُوبِ) فَإِنَّهُ یُمْکِنُ ضَبْطُهُ بِالزَّمَانِ کَرُکُوبِ شَهْرٍ وَ بِالْمَسَافَهِ کَالرُّکُوبِ إلَی الْبَلَدِ الْمُعَیَّنِ، (وَ إِمَّا بِهِ أَوْ بِالْعَمَلِ) کَاسْتِئْجَارِ الْآدَمِیِّ لِعَمَلٍ (کَالْخِیَاطَهِ) فَإِنَّهُ یُمْکِنُ ضَبْطُهُ بِالزَّمَانِ کَخِیَاطَهِ شَهْرٍ وَ بِالْعَمَلِ کَخِیَاطَهِ هَذَا الثَّوْبِ.

(وَ لَوْ جَمَعَ بَیْنَ الْمُدَّهِ وَ الْعَمَلِ) کَخِیَاطَهِ الثَّوْبِ فِی هَذَا الْیَوْمِ (فَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ إنْ قَصَدَ التَّطْبِیقَ) بَیْنَ الْعَمَلِ وَ الزَّمَانِ بِحَیْثُ یَبْتَدِئُ بِابْتِدَائِهِ وَ یَنْتَهِی بِانْتِهَائِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ مِمَّا لَا یَتَّفِقُ غَالِبًا، بَلْ یُمْکِنُ انْتِهَاءُ الزَّمَانِ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْعَمَلِ وَ بِالْعَکْسِ، فَإِنْ أَمَرَ بِالْإِکْمَالِ فِی الْأَوَّلِ لَزِمَ الْعَمَلُ فِی غَیْرِ الْمُدَّهِ الْمَشْرُوطَهِ وَ إِلَّا کَانَ تَارِکًا لِلْعَمَلِ الَّذِی وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ وَ إِنْ أَمَرَ فِی الثَّانِی بِالْعَمَلِ إلَی أَنْ تَنْتَهِیَ الْمُدَّهُ لَزِمَ الزِّیَادَهُ عَلَی مَا وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ وَ إِنْ لَمْ یَعْمَلْ کَانَ تَارِکًا لِلْعَمَلِ فِی الْمُدَّهِ الْمَشْرُوطَهِ وَ لَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ وُقُوعِ الْفِعْلِ فِی ذَلِکَ الزَّمَانِ صَحَّ مَعَ إمْکَانِ وُقُوعِهِ فِیهِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ فِیهِ مَلَکَ الْأُجْرَهَ؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَ إِنْ خَرَجَتْ الْمُدَّهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ کَانَ، قَبْلَ الشُّرُوعِ فِیهِ بَطَلَتْ وَ إِنْ خَرَجَتْ فِی أَثْنَائِهِ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّی لِمَا فَعَلَ وَ فِی بُطْلَانِهَا فِی الْبَاقِی، أَوْ تَخْیِیرِ الْمُسْتَأْجِرِ بَیْنَ الْفَسْخِ فِی الْبَاقِی، أَوْ الْإِجَازَهِ فَیَکْمُلُ خَارِجَهُ وَ یَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّی وَجْهَانِ وَ قِیلَ: یَسْتَحِقُّ مَعَ الْفَسْخِ أُجْرَهَ مِثْلِ مَا عَمِلَ، لَا الْمُسَمَّی وَ الْأَوْسَطُ أَجْوَدُ.

(وَلَا یَعْمَلُ الْأَجِیرُ الْخَاصُّ)

وَهُوَ الَّذِی یَسْتَأْجِرُهُ لِلْعَمَلِ بِنَفْسِهِ مُدَّهً مُعَیَّنَهً حَقِیقَهً أَوْ حُکْمًا کَمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ مُعَیَّنٍ أَوَّلُ زَمَانِهِ الْیَوْمُ الْمُعَیَّنُ بِحَیْثُ لَا یَتَوَانَی فِیهِ بَعْدَهُ (لِغَیْرِ الْمُسْتَأْجِرِ) إلَّا بِإِذْنِهِ، لِانْحِصَارِ مَنْفَعَتِهِ فِیهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْوَقْتِ الَّذِی جَرَتْ عَادَتُهُ بِالْعَمَلِ فِیهِ کَالنَّهَارِ، أَمَّا غَیْرُهُ کَاللَّیْلِ فَیَجُوزُ الْعَمَلُ فِیهِ لِغَیْرِهِ إذَا لَمْ یُؤَدِّ إلَی ضَعْفٍ فِی الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَیْهِ.

وَفِی جَوَازِ عَمَلِهِ لِغَیْرِهِ فِی الْمُعَیَّنِ عَمَلًا لَا یُنَافِی حَقَّهُ کَإِیقَاعِ عَقْدٍ فِی حَالِ اشْتِغَالِهِ بِحَقِّهِ وَجْهَانِ.

مِنْ التَّصَرُّفِ فِی حَقِّ الْغَیْرِ.

وَشَهَادَهِ الْحَالِ.

وَمِثْلُهُ عَمَلُ مَمْلُوکِ غَیْرِهِ کَذَلِکَ.

وَبِاعْتِبَارِ هَذَا الِانْحِصَارِ سُمِّیَ خَاصًّا؛ إذْ لَا یُمْکِنُهُ أَنْ یُشَرِّکَ غَیْرَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِی الْعَمَلِ فِی الزَّمَانِ الْمَعْهُودِ، فَإِنْ عَمِلَ لِغَیْرِهِ فِی الْوَقْتِ الْمُخْتَصِّ فَلَا یَخْلُو إمَّا أَنْ یَکُونَ بِعَقْدِ إجَارَهٍ، أَوْ جَعَالَهٍ، أَوْ تَبَرُّعًا، فَفِی الْأَوَّلِ یَتَخَیَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَیْنَ فَسْخِ عَقْدِ نَفْسِهِ لِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الَّتِی عَلَیْهَا الْعَقْدُ، أَوْ بَعْضِهَا و بین إبْقَائِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ و کان ذَلِکَ قَبْلَ أَنْ یَعْمَلَ الْأَجِیرُ شَیْئًا فَلَا شَیْءَ عَلَیْهِ وَ إِنْ کَانَ بَعْدَهُ تَبَعَّضَتْ الْإِجَارَهُ وَ لَزِمَهُ مِنْ الْمُسَمَّی بِالنِّسْبَهِ وَ إِنْ بَقِیَ عَلَی الْإِجَارَهِ تَخَیَّرَ فِی فَسْخِ الْعَقْدِ الطَّارِئِ وَ إِجَازَتِهِ إذْ الْمَنْفَعَهُ مَمْلُوکَهٌ لَهُ فَالْعَاقِدُ عَلَیْهَا فُضُولِیٌّ، فَإِنْ فَسَخَهُ رَجَعَ إلَی أُجْرَهِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّهِ الْفَائِتَهِ؛ لِأَنَّهَا قِیمَهُ الْعَمَلِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَهِ و قد أُتْلِفَ عَلَیْهِ وَ یَتَخَیَّرُ فِی الرُّجُوعِ بِهَا عَلَی الْأَجِیرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِی وَ إِنْ أَجَازَهُ ثَبَتَ لَهُ الْمُسَمَّی فِیهِ، فَإِنْ کَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْأَجِیرِ لَهُ فَالْمُطَالَبُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّ الْأَجِیرَ هُنَا بِمَنْزِلَهِ فُضُولِیٍّ بَاعَ مِلْکَ غَیْرِهِ فَأَجَازَ الْمَالِکُ، فَإِنَّ الْفُضُولِیَّ لَا یُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَ إِنْ کَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَ کَانَتْ الْأُجْرَهُ مُعَیَّنَهً فَالْمُطَالَبُ بِهَا مَنْ هِیَ فِی یَدِهِ وَ إِنْ کَانَتْ مُطْلَقَهً فَإِنْ أَجَازَ الْقَبْضَ أَیْضًا فَالْمُطَالَبُ الْأَجِیرُ وَ إِلَّا الْمُسْتَأْجِرُ، ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ یَرْجِعُ عَلَی الْأَجِیرِ بِمَا قَبَضَ مَعَ جَهْلِهِ، أَوْ عِلْمِهِ وَ بَقَاءِ الْعَیْنِ وَ إِنْ کَانَ عَمَلُهُ بِجَعَالَهٍ تَخَیَّرَ مَعَ عَدَمِ فَسْخِ إجَارَتِهِ بَیْنَ إجَازَتِهِ فَیَأْخُذُ الْمُسَمَّی وَ عَدَمِهِ فَیَرْجِعُ بِأُجْرَهِ الْمِثْلِ وَ إِنْ عَمِلَ تَبَرُّعًا و کان الْعَمَلُ مِمَّا لَهُ أُجْرَهٌ فِی الْعَادَهِ تَخَیَّرَ مَعَ عَدَمِ فَسْخِ عَقْدِهِ بَیْنَ مُطَالَبَهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِأُجْرَهِ الْمِثْلِ وَ إِلَّا فَلَا شَیْءَ وَ فِی مَعْنَاهُ عَمَلُهُ لِنَفْسِهِ وَ لَوْ حَازَ شَیْئًا مِنْ الْمُبَاحَاتِ بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ مَلَکَهُ و کان حُکْمُ الزَّمَانِ الْمَصْرُوفِ فِی ذَلِکَ مَا ذَکَرْنَاهُ. (وَیَجُوزُ لِلْمُطْلَقِ) وَ هُوَ الَّذِی یُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ مُجَرَّدٍ عَنْ الْمُبَاشَرَهِ مَعَ تَعْیِینِ الْمُدَّهِ کَتَحْصِیلِ الْخِیَاطَهِ یَوْمًا، أَوْ عَنْ الْمُدَّهِ مَعَ تَعْیِینِ الْمُبَاشَرَهِ کَأَنْ یَخِیطَ لَهُ ثَوْبًا بِنَفْسِهِ مِنْ غَیْرِ تَعَرُّضٍ إلَی وَقْتٍ، أَوْ مُجَرَّدٍ عَنْهُمَا کَخِیَاطَهِ ثَوْبٍ مُجَرَّدٍ عَنْ تَعْیِینِ الزَّمَانِ وَ سُمِّیَ مُطْلَقًا، لِعَدَمِ انْحِصَارِ مَنْفَعَتِهِ فِی شَخْصٍ مُعَیَّنٍ، فَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ أَنْ یَعْمَلَ لِنَفْسِهِ وَ غَیْرِهِ.

وَتَسْمِیَتُهُ بِذَلِکَ أَوْلَی مِنْ تَسْمِیَتِهِ مُشْتَرَکًا کَمَا صَنَعَ غَیْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فِی مُقَابَلَهِ الْمُقَیَّدِ وَ هُوَ الْخَاصُّ وَ یُبَایِنُ هَذَا الْخَاصَّ بِاعْتِبَارَاتِهِ الثَّلَاثَهِ إذْ الْأَوَّلُ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُبَاشَرَهِ.

وَالثَّانِی بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُدَّهِ.

وَالثَّالِثُ فِیهِمَا مَعًا.

وَلِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلٌ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ فِی کُلِّ الْإِجَارَاتِ یَقْتَضِی التَّعْجِیلَ وَ إِنَّهُ یَجِبُ الْمُبَادَرَهُ إلَی ذَلِکَ الْفِعْلِ، فَإِنْ کَانَ مُجَرَّدًا عَنْ الْمُدَّهِ خَاصَّهً فَبِنَفْسِهِ وَ إِلَّا تَخَیَّرَ بَیْنَهُ و بین غَیْرِهِ وَ حِینَئِذٍ فَیَقَعُ التَّنَافِی بَیْنَهُ و بین عَمَلٍ آخَرَ فِی صُورَهِ الْمُبَاشَرَهِ وَ فَرَّعَ عَلَیْهِ عَدَمَ صِحَّهِ الْإِجَارَهِ الثَّانِیَهِ فِی صُورَهِ التَّجَرُّدِ عَنْ الْمُدَّهِ مَعَ تَعْیِینِ الْمُبَاشَرَهِ کَمَا مُنِعَ الْأَجِیرُ الْخَاصُّ وَ یُرْشِدُ إلَیْهِ مَا تَقَدَّمَ فِی الْحَجِّ مِنْ عَدَمِ صِحَّهِ الْإِجَارَهِ الثَّانِیَهِ مَعَ اتِّحَادِ زَمَانِ الْإِیقَاعِ نَصًّا، أَوْ حُکْمًا، کَمَا لَوْ أُطْلِقَ فِیهِمَا، أَوْ عَیَّنَ فِی أَحَدَیْهِمَا بِالسَّنَهِ الْأُولَی وَ أُطْلِقَ فِی الْأُخْرَی وَ مَا ذَکَرَهُ، أَحْوَطُ، لَکِنْ لَا دَلِیلَ عَلَیْهِ إنْ لَمْ نَقُلْ (بِاقْتِضَاءِ) مُطْلَقِ الْأَمْرِ الْفَوْرِ. (وَ إِذَا تَسَلَّمَ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْعَیْنَ وَ مَضَتْ مُدَّهٌ یُمْکِنُ فِیهَا الِانْتِفَاعُ) بِهَا فِیمَا اسْتَأْجَرَهَا لَهُ (اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَهُ) وَ إِنْ لَمْ یَسْتَعْمِلْهَا وَ فِی حُکْمِ التَّسْلِیمِ مَا لَوْ بَذَلَ الْمُؤَجِّرُ الْعَیْنَ فَلَمْ یَأْخُذْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّی انْقَضَتْ الْمُدَّهُ أَوْ مَضَتْ مُدَّهٌ یُمْکِنُهُ الِاسْتِیفَاءُ فَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَهُ، (وَ لَا بُدَّ مِنْ کَوْنِهَا) أَیْ الْمَنْفَعَهِ (مُبَاحَهً فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِیمِ کُفْرٍ، أَوْ غِنَاءٍ) وَ نَحْوِهِ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ الْبَاطِلَهِ، (أَوْ حَمْلِ مُسْکِرٍ بَطَلَ) الْعَقْدُ وَ یُسْتَثْنَی مِنْ حَمْلِ الْمُسْکِرِ الْخَمْرُ بِقَصْدِ الْإِرَاقَهِ أَوْ التَّخْلِیلِ، فَإِنَّ الْإِجَارَهَ لَهُمَا جَائِزَهٌ، (وَ أَنْ یَکُونَ مَقْدُورًا عَلَی تَسْلِیمِهَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَهُ الْآبِقِ)، لِاشْتِمَالِهَا فِیهِ عَلَی الْغَرَرِ (وَ إِنْ ضَمَّ إلَیْهِ) شَیْئًا مُتَمَوَّلًا (أَمْکَنَ الْجَوَازُ)، کَمَا یَجُوزُ فِی الْبَیْعِ، لَا بِالْقِیَاسِ، بَلْ لِدُخُولِهَا فِی الْحُکْمِ بِطَرِیقٍ أَوْلَی؛ لِاحْتِمَالِهَا مِنْ الْغَرَرِ مَا لَا یَحْتَمِلُهُ.

وَبِهَذَا الْإِمْکَانِ أَفْتَی الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ فَوَائِدِهِ.

وَوَجْهُ الْمَنْعِ فَقْدُ النَّصِّ الْمُجَوِّزِ هُنَا فَیُقْتَصَرُ فِیهِ عَلَی مَوْرِدِهِ وَ هُوَ الْبَیْعُ وَ مَنْعُ الْأَوْلَوِیَّهِ.

وَعَلَی الْجَوَازِ هَلْ یُعْتَبَرُ فِی الضَّمِیمَهِ إمْکَانُ إفْرَادِهَا بِالْإِجَارَهِ، أَمْ بِالْبَیْعِ، أَمْ یَکْفِی کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِی کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْجُهٌ: مِنْ حُصُولِ الْمَعْنَی فِی کُلٍّ مِنْهُمَا وَ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ ضَمِیمَهُ کُلِّ شَیْءٍ إلَی جِنْسِهِ وَ قَوَّی الْمُصَنِّفُ الثَّانِیَ وَ لَوْ آجَرَهُ مِمَّنْ یَقْدِرُ عَلَی تَحْصِیلِهِ صَحَّ مِنْ غَیْرِ ضَمِیمَهٍ.

وَمِثْلُهُ الْمَغْصُوبُ لَوْ أَجَّرَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ مَنْ یَتَمَکَّنُ مِنْ قَبْضِهِ. (وَ لَوْ طَرَأَ الْمَنْعُ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَیْنِ الْمُؤَجَّرَهِ فِیمَا أُجِرَتْ لَهُ، (فَإِنْ کَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ الْفَسْخُ)؛ لِأَنَّ الْعَیْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونَهٌ عَلَی الْمُؤَجِّرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ عِنْدَ تَعَذُّرِهَا وَ مُطَالَبَهُ الْمُؤَجِّرِ بِالْمُسَمَّی لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَهِ وَ لَهُ الرِّضَا بِهَا وَ انْتِظَارُ زَوَالِ الْمَانِعِ، أَوْ مُطَالَبَهُ الْمَانِعِ بِأُجْرَهِ الْمِثْلِ لَوْ کَانَ غَاصِبًا، بَلْ یُحْتَمَلُ مُطَالَبَهُ الْمُؤَجِّرِ بِهَا أَیْضًا؛ لِکَوْنِ الْعَیْنِ مَضْمُونَهً عَلَیْهِ حَتَّی یَقْبِضَ وَ لَا یَسْقُطَ التَّخْیِیرُ بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِی أَثْنَاءِ الْمُدَّهِ، لِأَصَالَهِ بَقَائِهِ، (وَ إِنْ کَانَ) الْمَنْعُ (بَعْدَهُ) أَیْ بَعْدَ الْقَبْضِ، (فَإِنْ کَانَ تَلَفًا بَطَلَتْ) الْإِجَارَهُ، لِتَعَذُّرِ تَحْصِیلِ الْمَنْفَعَهِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَیْهَا، (وَ إِنْ کَانَ غَصْبًا لَمْ تَبْطُلْ)؛ لِاسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ.

وَبَرَاءَهِ الْمُؤَجِّرِ وَ الْحَالُ أَنَّ الْعَیْنَ مَوْجُودَهٌ یُمْکِنُ تَحْصِیلُ الْمَنْفَعَهِ مِنْهَا وَ إِنَّمَا الْمَانِعُ عَارِضٌ، (وَیَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَی الْغَاصِبِ) بِأُجْرَهِ مِثْلِ الْمَنْفَعَهِ الْفَائِتَهِ فِی یَدِهِ وَ لَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَیْنَ وُقُوعِ الْغَصْبِ فِی ابْتِدَاءِ الْمُدَّهِ وَ خِلَالَهَا.

وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَیْنَ کَوْنِ الْغَاصِبِ الْمُؤَجِّرَ وَ غَیْرَهُ. (وَ لَوْ ظَهَرَ فِی الْمَنْفَعَهِ عَیْبٌ فَلَهُ الْفَسْخُ)؛ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَالِیَّهِ بِسَبَبِهِ فَیُجْبَرُ بِالْخِیَارِ؛ وَ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَلَی الْعَیْبِ ضَرَرٌ مَنْفِیٌّ.

(وَ فِی الْأَرْشِ) لَوْ اخْتَارَ الْبَقَاءَ عَلَی الْإِجَارَهِ (نَظَرٌ) مِنْ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَی هَذَا الْمَجْمُوعِ وَ هُوَ بَاقٍ فَإِمَّا أَنْ یَفْسَخَ، أَوْ یَرْضَی بِالْجَمِیعِ وَ مِنْ کَوْنِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ، أَوْ الْوَصْفِ مَقْصُودًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَ لَمْ یَحْصُلْ وَ هُوَ یَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الْمَنْفَعَهِ الَّتِی هِیَ أَحَدُ الْعِوَضَیْنِ فَیُجْبَرُ بِالْأَرْشِ وَ هُوَ حَسَنٌ.

وَطَرِیقَهُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ یَنْظُرَ إلَی أُجْرَهِ مِثْلِ الْعَیْنِ سَلِیمَهً وَ مَعِیبَهً وَ یَرْجِعُ مِنْ الْمُسَمَّی بِمِثْلِ نِسْبَهِ الْمَعِیبَهِ إلَی الصَّحِیحَهِ وَ إِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ و کان قَبْلَ مُضِیِّ شَیْءٍ مِنْ الْمُدَّهِ فَلَا شَیْءَ عَلَیْهِ وَ إِلَّا فَعَلَیْهِ مِنْ الْمُسَمَّی بِنِسْبَهِ مَا مَضَی إلَی الْمَجْمُوعِ.

(وَ لَوْ طَرَأَ) الْعَیْبُ (بَعْدَ الْعَقْدِ فَکَذَلِکَ کَانْهِدَامِ الْمَسْکَنِ) وَ إِنْ کَانَ بَعْدَ اسْتِیفَاءِ شَیْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَهِ وَ لَا یُمْنَعُ مِنْ ذَلِکَ کَوْنُ التَّصَرُّفِ مُسْقِطًا لِلْخِیَارِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْهُ مَا وَقَعَ فِی الْعِوَضِ الْمَعِیبِ الَّذِی تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمُعَاوَضَهُ وَ هُوَ هُنَا الْمَنْفَعَهُ وَ هِیَ تَتَجَدَّدُ شَیْئًا فَشَیْئًا وَ مَا لَمْ یَسْتَوْفِهِ مِنْهَا لَا یَتَحَقَّقُ فِیهِ التَّصَرُّفُ وَ إِنَّمَا یَتَخَیَّرُ مَعَ انْهِدَامِ الْمَسْکَنِ إذَا أَمْکَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ، أَوْ أَمْکَنَ إزَالَهُ الْمَانِعِ وَ إِلَّا بَطَلَتْ وَ لَوْ أَعَادَهُ الْمُؤَجِّرُ بِسُرْعَهٍ بِحَیْثُ لَا یَفُوتُ عَلَیْهِ شَیْءٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فَفِی زَوَالِ الْخِیَارِ نَظَرٌ، مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ وَ ثُبُوتِ الْخِیَارِ بِالِانْهِدَامِ فَیُسْتَصْحَبُ وَ هُوَ أَقْوَی. (وَیُسْتَحَبُّ أَنْ یُقَاطِعَ مَنْ یَسْتَعْمِلُهُ عَلَی الْأُجْرَهِ أَوَّلًا) لِلْأَمْرِ بِهِ فِی الْأَخْبَارِ فَعَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " مَنْ کَانَ یُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَلَا یَسْتَعْمِلَن أَجِیرًا حَتَّی یُعْلِمَهُ مَا أَجْرُهُ " وَ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ ضَرَبَ غِلْمَانَهُ حَیْثُ اسْتَعْمَلُوا رَجُلًا بِغَیْرِ مُقَاطَعَهٍ وَ قال:

إنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ یَعْمَلُ لَک شَیْئًا بِغَیْرِ مُقَاطَعَهٍ ثُمَّ زِدْته لِذَلِکَ الشَّیْءِ ثَلَاثَهَ أَضْعَافٍ عَلَی أُجْرَتِهِ إلَّا ظَنَّ أَنَّک قَدْ نَقَصْت أُجْرَتَهُ وَ إِذَا قَاطَعْته ثُمَّ أَعْطَیْته أُجْرَتَهُ حَمِدَک عَلَی الْوَفَاءِ، فَإِنْ زِدْته حَبَّهً عَرَفَ ذَلِکَ لَک وَ رَأَی أَنَّک قَدْ زِدْته (وَ أَنْ تُوَفِّیَهُ) أُجْرَتَهُ (عَقِیبَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْعَمَلِ قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْحَمَّالِ وَ الْأَجِیرِ: " لَا یَجِفُّ عَرَقُهُ حَتَّی تُعْطِیَهُ أُجْرَتَهُ " وَ عَنْ حَنَانَ بْنِ شُعَیْبٍ قال:

تَکَارَیْنَا لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَوْمًا یَعْمَلُونَ فِی بُسْتَانٍ لَهُ و کان أَجَلُهُمْ إلَی الْعَصْرِ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ لِمُعَتِّبٍ: أَعْطِهِمْ أُجُورَهُمْ قَبْلَ أَنْ یَجِفَّ عَرَقُهُمْ.

(وَیُکْرَهُ أَنْ یُضَمَّنَ) أَیْ یُغَرَّمَ عِوَضَ مَا تَلِفَ بِیَدِهِ بِنَاءً عَلَی ضَمَانِ الصَّانِعِ مَا یَتْلَفُ بِیَدِهِ، أَوْ مَعَ قِیَامِ الْبَیِّنَهِ عَلَی تَفْرِیطِهِ أَوْ مَعَ نُکُولِهِ عَنْ الْیَمِینِ حَیْثُ یَتَوَجَّهُ عَلَیْهِ لَوْ قَضَیْنَا بِالنُّکُولِ (إلَّا مَعَ التُّهْمَهِ لَهُ) بِتَقْصِیرِهِ عَلَی وَجْهٍ یُوجِبُ الضَّمَانَ.

مَسَائِلُ:

الْأُولَی -

(مَنْ تَقَبَّلَ عَمَلًا فَلَهُ تَقْبِیلُهُ غَیْرَهُ بِأَقَلَّ) مِمَّا تَقَبَّلَهُ بِهِ (عَلَی الْأَقْرَبِ)، لِأَصَالَهِ الْجَوَازِ وَ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَخْبَارِ دَالًّا عَلَی النَّهْیِ عَنْهُ یُحْمَلُ عَلَی الْکَرَاهِیَهِ جَمْعًا بَیْنَهَا و بین مَا یَدُلُّ عَلَی الْجَوَازِ هَذَا إذَا لَمْ یَشْتَرِطْ عَلَیْهِ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ وَ إِلَّا فَلَا إشْکَالَ فِی الْمَنْعِ وَ إِذَا لَمْ یَحْدُثْ فِیهِ حَدَثًا وَ إِنْ قَلَّ، (وَ لَوْ أَحْدَثَ فِیهِ حَدَثًا فَلَا بَحْثَ) فِی الْجَوَازِ؛ لِلِاتِّفَاقِ عَلَیْهِ حِینَئِذٍ.

وَعَلَی تَقْدِیرِ الْجَوَازِ فَالْمَشْهُورُ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْمَالِکِ فِی تَسْلِیمِ الْعَیْنِ لِلْمُتَقَبِّلِ؛ لِأَنَّهَا مَالُ الْغَیْرِ فَلَا یَصِحُّ تَسْلِیمُهُ لِغَیْرِهِ بِغَیْرِ إذْنِهِ و جواز إجَارَتِهِ لَا یُنَافِیهِ فَیُسْتَأْذَنُ الْمَالِکُ فِیهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَی الْحَاکِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفِی جَوَازِهِ بِغَیْرِ إذْنِهِ، أَوْ تَسَلُّطِهِ عَلَی الْفَسْخِ وَجْهَانِ و جواز التَّسْلِیمِ بِغَیْرِ إذْنِهِ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا کَانَ الْمُتَقَبِّلُ ثِقَهً قَوِیًّا.

الثَّانِیَهُ -

(لَوْ اسْتَأْجَرَ عَیْنًا فَلَهُ إجَارَتُهَا بِأَکْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ)، لِلْأَصْلِ وَ عُمُومُ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ.

(وَ قِیلَ: بِالْمَنْعِ إلَّا أَنْ تَکُونَ) إجَارَتُهَا (بِغَیْرِ جِنْسِ الْأُجْرَهِ، أَوْ یَحْدُثُ فِیهَا صِفَهُ کَمَالٍ) اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَتَیْنِ ظَاهِرَتَیْنِ فِی الْکَرَاهَهِ وَ إِلَی اسْتِلْزَامِهِ الرِّبَا.

وَهُوَ ضَعِیفٌ إذْ لَا مُعَاوَضَهَ عَلَی الْجِنْسِ الْوَاحِدِ.

الثَّالِثَهُ -

(إذَا فَرَّطَ فِی الْعَیْنِ) الْمُسْتَأْجَرَهِ (ضَمِنَ قِیمَتَهَا یَوْمَ التَّفْرِیطِ)؛ لِأَنَّهُ یَوْمُ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ، کَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ یَضْمَنُ الْقِیمَهَ یَوْمَ الْغَصْبِ هَذَا قَوْلُ الْأَکْثَرِ.

(وَ الْأَقْرَبُ) ضَمَانُ قِیمَتِهَا (یَوْمَ التَّلَفِ) لِأَنَّهُ یَوْمُ الِانْتِقَالِ إلَی الْقِیمَهِ، لَا قَبْلَهُ وَ إِنْ حُکِمَ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ بَقَاءُ الْعَیْنِ فَلَا یَنْتَقِلُ إلَی الْقِیمَهِ وَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا کَانَ الِاخْتِلَافُ بِتَفَاوُتِ الْقِیمَهِ، أَمَّا لَوْ کَانَ بِسَبَبِ نَقْصٍ فِی الْعَیْنِ فَلَا شُبْهَهَ فِی ضَمَانِهِ، (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی الْقِیمَهِ حَلَفَ الْغَارِمُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزِّیَادَهِ؛ وَ لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ وَ قِیلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِکِ إنْ کَانَتْ دَابَّهً وَ هُوَ ضَعِیفٌ.

الرَّابِعَهُ -

(مُؤْنَهُ الْعَبْدِ وَ الدَّابَّهِ عَلَی الْمَالِکِ) لَا الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَهٌ لِلْمِلْکِ وَ أَصَالَهُ عَدَمِ و جوبهَا عَلَی غَیْرِ الْمَالِکِ وَ قِیلَ: عَلَی الْمُسْتَأْجِرِ مُطْلَقًا.

وَهُوَ ضَعِیفٌ، ثُمَّ إنْ کَانَ الْمَالِکُ حَاضِرًا عِنْدَهَا أَنْفَقَ وَ إِلَّا اسْتَأْذَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِی الْإِنْفَاقِ وَ رَجَعَ عَلَیْهِ، (وَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَیْهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ) عَلَی الْمَالِکِ (صَحَّ مَعَ تَعَذُّرِ إذْنِ الْمَالِکِ، أَوْ الْحَاکِمِ) وَ إِنْ لَمْ یُشْهِدْ عَلَی الْإِنْفَاقِ عَلَی الْأَقْوَی وَ لَوْ أَهْمَلَ مَعَ غَیْبَهِ الْمَالِکِ ضَمِنَ لِتَفْرِیطِهِ إلَّا أَنْ یَنْهَاهُ الْمَالِکُ. (وَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِیرًا لِیُنْفِذَهُ فِی حَوَائِجِهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَی الْمُسْتَأْجِرِ فِی الْمَشْهُورِ) اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهِ سُلَیْمَانَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ.

وَلِاسْتِحْقَاقِ مَنَافِعِهِ الْمَانِعُ مِنْ ثُبُوتِ النَّفَقَهِ عَلَیْهِ.

وَالْأَقْوَی أَنَّهُ کَغَیْرِهِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ وَ تُحْمَلُ الرِّوَایَهُ مَعَ سَلَامَهِ سَنَدِهَا عَلَیْهِ وَ اسْتِحْقَاقُ مَنَافِعِهِ لَا یَمْنَعُ مِنْ وجوب النَّفَقَهِ فِی مَالِهِ الَّذِی مِنْ جُمْلَتِهِ الْأُجْرَهُ.

وَحَیْثُ یُشْتَرَطُ فِیهِ وَ فِی غَیْرِهِ مِنْ الْحَیَوَانِ عَلَی الْمُسْتَأْجِرِ یُعْتَبَرُ بَیَانُ قَدْرِهَا وَ وَصْفِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قِیلَ بِوُجُوبِهَا عَلَیْهِ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ یَکْفِی الْقِیَامُ بِعَادَهِ أَمْثَالِهِ.

الْخَامِسَهُ -

(لَا یَجُوزُ إسْقَاطُ الْمَنْفَعَهِ الْمُعَیَّنَهِ) أَیْ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا سَوَاءٌ کَانَ بِلَفْظِ الْإِسْقَاطِ أَمْ الْإِبْرَاءِ أَمْ غَیْرِهِمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ عِبَارَهٌ عَنْ إسْقَاطِ مَا فِی الذِّمَّهِ فَلَا یَتَعَلَّقُ بِالْأَعْیَانِ وَ لَا بِالْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَهِ بِهَا. (وَیَجُوزُ إسْقَاطُ) الْمَنْفَعَهِ (الْمُطْلَقَهِ) الْمُتَعَلِّقَهِ بِالذِّمَّهِ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَحِقَّ الْمُطَالَبَهَ بِهَا، (وَ کَذَا الْأُجْرَهُ) یَصِحُّ إسْقَاطُهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّهِ، لَا إنْ کَانَتْ عَیْنًا. (وَ إِذَا تَسَلَّمَ) أَجِیرًا لِیَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا (فَتَلِفَ لَمْ یَضْمَنْ) صَغِیرًا کَانَ، أَمْ کَبِیرًا، حُرًّا کَانَ، أَمْ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِاسْتِیفَاءِ مَنْفَعَهٍ مُسْتَحَقَّهٍ لَا یُمْکِنُ تَحْصِیلُهَا إلَّا بِإِثْبَاتِ الْیَدِ عَلَیْهِ فَکَانَ أَمَانَهً فِی یَدِهِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ تَلَفِهِ مُدَّهَ الْإِجَارَهِ وَ بَعْدَهَا، إلَّا أَنْ یَحْبِسَهُ مَعَ الطَّلَبِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ فَیَصِیرَ بِمَنْزِلِهِ الْمَغْصُوبِ و سیأتی إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ لَا یَضْمَنُ مُطْلَقًا.

وَمَا عَلَیْهِ مِنْ الثِّیَابِ تَابِعٌ لَهُ وَ لَوْ کَانَ صَغِیرًا أَوْ عَبْدًا ضَمِنَهُ.

السَّادِسَهُ -

(کُلُّ مَا یَتَوَقَّفُ عَلَیْهِ تَوْفِیَهُ الْمَنْفَعَهِ فَعَلَی الْمُؤَجِّرِ کَالْقَتَبِ وَ الزِّمَامِ وَ الْحِزَامِ) وَ السَّرْجِ وَ الْبَرْذعَهِ وَ رَفْعِ الْمَحْمِلِ وَ الْأَحْمَالِ وَ شَدِّهَا وَ حَطِّهَا وَ الْقَائِدِ وَ السَّائِقِ إنْ شَرَطَ مُصَاحَبَتَهُ، (وَ الْمِدَادَ فِی النَّسْخِ) لِتَوَقُّفِ إیفَاءِ الْمَنْفَعَهِ الْوَاجِبَهِ عَلَیْهِ بِالْعَقْدِ اللَّازِمِ فَیَجِبُ مِنْ بَابِ الْمُقَدِّمَهِ.

وَالْأَقْوَی الرُّجُوعُ فِیهِ إلَی الْعُرْفِ فَإِنْ انْتَفَی أَوْ اضْطَرَبَ فَعَلَی الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَی الْمُؤَجِّرِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ إجَارَهِ الْعَیْنِ أَمَّا الْأَعْیَانُ فَلَا تَدْخُلُ فِی مَفْهُومِ الْإِجَارَهِ عَلَی وَجْهٍ یَجِبُ إذْهَابُهَا لِأَجْلِهَا، إلَّا فِی مَوَاضِعَ نَادِرَهٍ تَثْبُتُ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ کَالرَّضَاعِ وَ الِاسْتِحْمَامِ.

وَمِثْلُهُ الْخُیُوطُ لِلْخِیَاطَهِ وَ الصِّبْغُ لِلصِّبَاغَهِ وَ الْکُشُّ لِلتَّلْقِیحِ، (وَ کَذَا یَجِبُ) عَلَی الْمُؤَجِّرِ (الْمِفْتَاحُ فِی الدَّارِ)؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ الَّذِی یَدْخُلُ فِی الْإِجَارَهِ، بَلْ هُوَ کَالْجُزْءِ مِنْهُ وَ إِنْ کَانَ مَنْقُولًا وَ مِنْ شَأْنِ الْمَنْقُولِ أَنْ لَا یَدْخُلَ فِی إجَارَهِ الْعَقَارِ الثَّابِتِ.

وَأَمَّا مِفْتَاحُ الْقُفْلِ فَلَا یَجِبُ تَسْلِیمُهُ کَمَا لَا یَجِبُ تَسْلِیمُ الْقُفْلِ، لِانْتِفَاءِ التَّبَعِیَّهِ عُرْفًا.

السَّابِعَهُ -

(لَوْ اخْتَلَفَا فِی عَقْدِ الْإِجَارَهِ حَلَفَ الْمُنْکِرُ) لَهَا، سَوَاءٌ کَانَ هُوَ الْمَالِکَ أَمْ غَیْرَهُ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا.

ثُمَّ إنْ کَانَ النِّزَاعُ قَبْلَ اسْتِیفَاءِ شَیْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ رَجَعَ کُلُّ مَالٍ إلَی صَاحِبِهِ وَ إِنْ کَانَ بَعْدَ اسْتِیفَاءِ شَیْءٍ مِنْهَا، أَوْ الْجَمِیعِ الَّذِی یَزْعُمُ مَنْ یَدَّعِی وُقُوعَ الْإِجَارَهِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْعَقْدِ و کان الْمُنْکِرُ الْمَالِکَ، فَإِنْ أَنْکَرَ مَعَ ذَلِکَ الْإِذْنِ فِی التَّصَرُّفِ وَ حَلَفَ اسْتَحَقَّ أُجْرَهَ الْمِثْلِ وَ إِنْ زَادَتْ عَنْ الْمُسَمَّی بِزَعْمِ الْآخَرِ وَ لَوْ کَانَ الْمُتَصَرِّفُ یَزْعُمُ تَعَیُّنَهَا فِی مَالٍ مَخْصُوصٍ و کان مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الْغَالِبِ لَزِمَ الْمَالِکَ قَبْضُهُ عَنْ أُجْرَهِ الْمِثْلِ فَإِنْ سَاوَاهَا أَخَذَهُ وَ إِنْ نَقَصَ وَجَبَ عَلَی الْمُتَصَرِّفِ الْإِکْمَالُ وَ إِنْ زَادَ صَارَ الْبَاقِی مَجْهُولَ الْمَالِکِ، لِزَعْمِ الْمُتَصَرِّفِ اسْتِحْقَاقَ الْمَالِکِ وَ هُوَ یُنْکِرُ وَ إِنْ کَانَ مُغَایِرًا لَهُ وَ لَمْ یَرْضَ الْمَالِکُ بِهِ وَجَبَ عَلَیْهِ الدَّفْعُ مِنْ الْغَالِبِ وَ بَقِیَ ذَلِکَ بِأَجْمَعِهِ مَجْهُولًا وَ یَضْمَنُ الْعَیْنَ بِإِنْکَارِ الْإِذْنِ وَ لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ فَلَا ضَمَانَ.

وَإِنْ کَانَ الْمُنْکِرُ الْمُتَصَرِّفَ وَ حَلَفَ وَجَبَ عَلَیْهِ أُجْرَهُ الْمِثْلِ، فَإِنْ کَانَتْ أَزْیَدَ مِنْ الْمُسَمَّی بِزَعْمِ الْمَالِکِ لَمْ یَکُنْ لَهُ الْمُطَالَبَهُ بِهِ إنْ کَانَ دَفَعَهُ، لِاعْتِرَافِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِکِ لَهُ وَ وَجَبَ عَلَیْهِ دَفْعُهُ إنْ لَمْ یَکُنْ دَفَعَهُ وَ لَیْسَ لِلْمَالِکِ قَبْضُهُ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَا یَسْتَحِقُّ أَزْیَدَ مِنْ الْمُسَمَّی وَ إِنْ زَادَ الْمُسَمَّی عَنْ أُجْرَهِ الْمِثْلِ کَانَ لِلْمُنْکِرِ الْمُطَالَبَهُ بِالزَّائِدِ إنْ کَانَ دَفَعَهُ وَ سَقَطَ إنْ لَمْ یَکُنْ وَ الْعَیْنُ لَیْسَتْ مَضْمُونَهً عَلَیْهِ هُنَا؛ لِاعْتِرَافِ الْمَالِکِ بِکَوْنِهَا أَمَانَهً بِالْإِجَارَهِ.

(وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی قَدْرِ الشَّیْءِ الْمُسْتَأْجَرِ)

بِفَتْحِ الْجِیمِ وَ هُوَ الْعَیْنُ الْمُسْتَأْجَرَهُ بِأَنْ قال:

آجَرْتُک الْبَیْتَ بِمِائَهٍ، فَقال:

بَلْ الدَّارَ أَجْمَعَ بِهَا (حَلَفَ النَّافِی)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ وُقُوعِ الْإِجَارَهِ عَلَی مَا زَادَ عَمَّا اتَّفَقَا عَلَیْهِ.

وَقِیلَ: یَتَحَالَفَانِ وَ تَبْطُلُ الْإِجَارَهُ؛ لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَ مُنْکِرٌ، (وَ فِی رَدِّ الْعَیْنِ حَلَفَ الْمَالِکُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ وَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبَضَ لِمَصْلَحَهِ نَفْسِهِ فَلَا یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِیهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ.

(وَ فِی هَلَاکِ الْمَتَاعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَیْهِ حَلَفَ الْأَجِیرُ)؛ لِأَنَّهُ أَمِینٌ؛ وَ لِإِمْکَانِ صِدْقِهِ فِیهِ، فَلَوْ لَمْ یُقْبَلْ قَوْلُهُ فِیهِ لَزِمَ تَخْلِیدُهُ فِی الْحَبْسِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ دَعْوَاهُ تَلَفَهُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ کَالْغَرَقِ، أَوْ خَفِیٍّ کَالسَّرَقِ. (وَ فِی کَیْفِیَّهِ الْإِذْنِ) فِی الْفِعْلِ (کَالْقَبَاءِ وَ الْقَمِیصِ) بِأَنْ قَطَعَهُ الْخَیَّاطُ قَبَاءً فَقَالَ الْمَالِکُ: أَمَرْتُک بِقَطْعِهِ قَمِیصًا (حَلَفَ الْمَالِکُ)؛ لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ لِمَا یَدَّعِیهِ الْخَیَّاطُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِی مَالِهِ وَ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا یَدَّعِیهِ الْخَیَّاطُ مِنْ الْإِذْنِ وَ لِقَبُولِ قَوْلِ الْمَالِکِ فِی أَصْلِ الْإِذْنِ وَ کَذَا فِی صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ هَذَا النِّزَاعِ إلَی الْإِذْنِ عَلَی وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

وَقِیلَ: یَحْلِفُ الْخَیَّاطُ لِدَعْوَی الْمَالِکِ عَلَیْهِ مَا یُوجِبُ الْأَرْشَ وَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ.

وَعَلَی الْمُخْتَارِ إذَا حَلَفَ الْمَالِکُ یَثْبُتُ عَلَی الْخَیَّاطِ أَرْشُ الثَّوْبِ مَا بَیْنَ کَوْنِهِ مَقْطُوعًا قَمِیصًا وَ قَبَاءً وَ لَا أُجْرَهَ لَهُ عَلَی عَمَلِهِ وَ لَیْسَ لَهُ فَتْقُهُ لِیَرْفَعَ مَا أَحْدَثَهُ مِنْ الْعَمَلِ إنْ کَانَتْ الْخُیُوطُ لِلْمَالِکِ، إذْ لَا عَیْنَ لَهُ یَنْزِعُهَا وَ الْعَمَلُ لَیْسَ بِعَیْنٍ و قد صَدَرَ عُدْوَانًا ظَاهِرًا.

وَلَوْ کَانَتْ الْخُیُوطُ لِلْخَیَّاطِ فَالْأَقْوَی أَنَّ لَهُ نَزْعَهَا کَالْمَغْصُوبِ.

وَوَجْهُ الْمَنْعِ اسْتِلْزَامُهُ التَّصَرُّفَ فِی مَالِ الْغَیْرِ وَ لَوْ طَلَبَ الْمَالِکُ أَنْ یَشُدَّ فِی طَرَفِ کُلِّ خَیْطٍ مِنْهَا خَیْطًا لِتَصِیرَ خُیُوطُهُ فِی مَوْضِعِ خُیُوطِ الْخَیَّاطِ إذَا سَلَّهَا لَمْ یَجِبْ إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِی مَالِ الْغَیْرِ یَتَوَقَّفُ عَلَی إذْنِهِ، کَمَا لَا یَجِبُ عَلَیْهِ الْقَبُولُ لَوْ بَذَلَ لَهُ الْمَالِکُ قِیمَهَ الْخُیُوطِ.

(وَ فِی قَدْرِ الْأُجْرَهِ حَلْفُ الْمُسْتَأْجِرِ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزَّائِدِ وَ قِیلَ: یَتَحَالَفَانِ کَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِی قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ؛ لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَ مُنْکِرٌ.

وَهُوَ ضَعِیفٌ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَی وُقُوعِ الْعَقْدِ وَ مِقْدَارِ الْعَیْنِ وَ الْمُدَّهِ وَ إِنَّمَا تَخَالَفَا عَلَی الْقَدْرِ الزَّائِدِ عَمَّا یَتَّفِقَانِ عَلَیْهِ فَیَحْلِفُ مُنْکِرُهُ.

29 کتاب الوکاله

(29) کتاب الوکاله

کِتَابُ الْوَکَالَهِ:

" الْوَکَالَهُ " بِفَتْحِ الْوَاوِ وَ کَسْرِهَا (وَ هِیَ اسْتِنَابَهٌ فِی التَّصَرُّفِ) بِالذَّاتِ، لِئَلَّا یَرِدَ الِاسْتِنَابَهُ فِی نَحْوِ الْقِرَاضِ وَ الْمُزَارَعَهِ وَ الْمُسَاقَاهِ.

وَخَرَجَ بِقَیْدِ الِاسْتِنَابَهِ الْوَصِیَّهُ بِالتَّصَرُّفِ، فَإِنَّهَا إحْدَاثُ وِلَایَهٍ، لَا اسْتِنَابَهٌ وَ بِالتَّصَرُّفِ الْوَدِیعَهُ، فَإِنَّهَا اسْتِنَابَهٌ فِی الْحِفْظِ خَاصَّهً وَ تَفْتَقِرُ إلَی إیجَابٍ وَ قَبُولٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَهِ الْعُقُودِ وَ إِنْ کَانَتْ جَائِزَهً.

(وَإِیجَابُهَا وَکَّلْتُک، أَوْ اسْتَنَبْتُکَ، أَوْ مَا شَاکَلَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهِ عَلَی الِاسْتِنَابَهِ فِی التَّصَرُّفِ) وَ إِنْ لَمْ تَکُنْ عَلَی نَهْجِ الْأَلْفَاظِ الْمُعْتَبَرَهِ فِی الْعُقُودِ، (أَوْ الِاسْتِیجَابُ) وَ الْإِیجَابُ کَقوله:

وَکِّلْنِی فِی کَذَا، فَیقول:

وَکَّلْتُک، (أَوْ الْأَمْرُ بِالْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ) کَمَا دَلَّ عَلَیْهِ قَوْلُ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِعُرْوَهِ الْبَارِقِیِّ: { اشْتَرِ لَنَا شَاهً } (وَقَبُولُهَا قَوْلِیٌّ) کَقَبِلْت وَ رَضِیتُ وَ مَا أَشْبَهَهُ، (وَفِعْلِیٌّ) کَفِعْلِهِ مَا أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ، (وَ لَا یُشْتَرَطُ فِیهِ) أَیْ فِی الْقَبُولِ (الْفَوْرِیَّهُ) بَلْ یَجُوزُ تَرَاخِیهِ عَنْ الْإِیجَابِ وَ إِنْ طَالَتْ الْمُدَّهُ، (فَإِنَّ الْغَائِبَ یُوَکِّلُ) وَ الْقَبُولُ مُتَأَخِّرٌ و کان جَوَازَ تَوْکِیلِ الْغَائِبِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ فَلِذَا جَعَلَهُ شَاهِدًا عَلَی الْجَوَازِ وَ إِلَّا فَهُوَ فَرْعُ الْمُدَّعَی.

(وَیُشْتَرَطُ فِیهَا التَّنْجِیزُ)

فَلَوْ عُلِّقَتْ عَلَی شَرْطٍ مُتَوَقَّعٍ کَقُدُومِ الْمُسَافِرِ، أَوْ صِفَهٍ مُتَرَقَّبَهٍ کَطُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ یَصِحَّ.

وَفِی صِحَّهِ التَّصَرُّفِ بَعْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ، أَوْ الصِّفَهِ بِالْإِذْنِ الضِّمْنِیِّ قَوْلَانِ مَنْشَأَهُمَا: کَوْنُ الْفَاسِدِ بِمِثْلِ ذَلِکَ إنَّمَا هُوَ الْعَقْدُ، أَمَّا الْإِذْنُ الَّذِی هُوَ مُجَرَّدُ إبَاحَهِ تَصَرُّفٍ فَلَا، کَمَا لَوْ شَرَطَ فِی الْوَکَالَهِ عِوَضًا مَجْهُولًا فَقال:

بِعْ کَذَا عَلَی أَنَّ لَک الْعُشْرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَتَفْسُدُ الْوَکَالَهُ، دُونَ الْإِذْنِ؛ وَ لِأَنَّ الْوَکَالَهَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْإِذْنِ وَ عَدَمُ الْأَخَصِّ أَعَمُّ مِنْ عَدَمِ الْأَعَمِّ وَ أَنَّ الْوَکَالَهَ لَیْسَتْ أَمْرًا زَائِدًا عَلَی الْإِذْنِ وَ مَا یَزِیدُ عَنْهُ مِنْ مِثْلِ الْجُعْلِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَیْهِ، لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ فَلَا یُعْقَلُ فَسَادُهَا مَعَ صِحَّتِهِ.

(وَیَصِحُّ تَعْلِیقُ التَّصَرُّفِ)

مَعَ تَنْجِیزِ الْوَکَالَهِ، بِأَنْ یقول:

وَکَّلْتُک فِی کَذَا وَ لَا تَتَصَرَّفْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ.

لِأَنَّهُ بِمَعْنَی اشْتِرَاطِ أَمْرٍ سَائِغٍ زَائِدٍ عَلَی أَصْلِهَا الْجَامِعِ لِشَرَائِطِهَا الَّتِی مِنْ جُمْلَتِهَا التَّنْجِیزُ وَ إِنْ کَانَ فِی مَعْنَی التَّعْلِیقِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ الْمُتَلَقَّاهَ مِنْ الشَّارِعِ مَنُوطَهٌ بِضَوَابِطَ فَلَا تَقَعُ بِدُونِهَا وَ إِنْ أَفَادَ فَائِدَتَهَا.

(وَ هِیَ جَائِزَهٌ مِنْ الطَّرَفَیْنِ) فَلِکُلٍّ مِنْهُمَا إبْطَالُهَا فِی حُضُورِ الْآخَرِ وَ غَیْبَتِهِ.

لَکِنْ إنْ عَزَلَ الْوَکِیلُ نَفْسَهُ بَطَلَتْ مُطْلَقًا، (وَ لَوْ عَزَلَهُ) الْمُوَکِّلُ (اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ) بِالْعَزْلِ فَلَا یَنْعَزِلُ بِدُونِهِ فِی أَصَحِّ الْأَقْوَالِ.

وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا بُلُوغُهُ الْخَبَرُ بِقَوْلِ مَنْ یُقْبَلُ خَبَرُهُ وَ إِنْ کَانَ عَدْلًا وَاحِدًا، لِصَحِیحَهِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَا عِبْرَهَ بِخَبَرِ غَیْرِهِ وَ إِنْ تَعَدَّدَ، مَا لَمْ یَحْصُلْ بِهِ الْعِلْمُ، أَوْ الظَّنُّ الْمُتَاخِمُ لَهُ، (وَ لَا یَکْفِی) فِی انْعِزَالِهِ (الْإِشْهَادُ) مِنْ الْمُوَکِّلِ عَلَی عَزْلِهِ عَلَی الْأَقْوَی، لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، خِلَافًا لِلشَّیْخِ وَ جَمَاعَهٍ. (وَ) حَیْثُ کَانَتْ جَائِزَهً (تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَ الْجُنُونِ وَ الْإِغْمَاءِ) مِنْ کُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ طَالَ زَمَانُ الْإِغْمَاءِ أَمْ قَصُرَ وَ سَوَاءٌ أَطْبَقَ الْجُنُونُ أَمْ کَانَ أَدْوَارًا وَ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوَکِّلُ بِعُرُوضِ الْمُبْطِلِ أَمْ لَمْ یَعْلَمْ، (وَبِالْحَجَرِ عَلَی الْمُوَکِّلِ فِیمَا وَکَّلَ فِیهِ) بِالسَّفَهِ وَ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ مُبَاشَرَهِ الْفِعْلِ یَقْتَضِی مَنْعَهُ مِنْ التَّوْکِیلِ فِیهِ.

وَفِی حُکْمِ الْحَجْرِ طُرُوُّ الرِّقِّ عَلَی الْمُوَکِّلِ بِأَنْ کَانَ حَرْبِیًّا فَاسْتُرِقَّ وَ لَوْ کَانَ وَکِیلًا أَصْبَحَ بِمَنْزِلَهِ تَوْکِیلِ عَبْدِ الْغَیْرِ.

(وَ لَا تَبْطُلُ بِالنَّوْمِ وَ لَوْ تَطَاوَلَ)، لِبَقَاءِ أَهْلِیَّهِ التَّصَرُّفِ (مَا لَمْ یُؤَدِّ إلَی الْإِغْمَاءِ) فَتَبْطُلُ مِنْ حَیْثُ الْإِغْمَاءُ، لَا مِنْ حَیْثُ النَّوْمُ.

وَمِثْلُهُ السُّکْرُ، إلَّا أَنْ یَشْتَرِطَ عَدَالَتَهُ کَوَکِیلِ الْوَکِیلِ وَ الْوَلِیِّ (وَتَبْطُلُ بِفِعْلِ الْمُوَکِّلِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْوَکَالَهُ) کَمَا لَوْ وَکَّلَهُ فِی بَیْعِ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ وَ فِی حُکْمِهِ فِعْلُهُ مَا یُنَافِیهَا کَعِتْقِهِ.

(وَإِطْلَاقُ الْوَکَالَهِ فِی الْبَیْعِ یَقْتَضِی الْبَیْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ)

وَ إِلَّا بِنُقْصَانٍ عَنْهُ یُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ عَادَهً کَدِرْهَمٍ فِی مِائَهٍ وَ إِلَّا مَعَ وُجُودِ بَاذِلٍ لِأَزِیدَ مِنْهُ فَلَا یَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَیْهِ حَتَّی لَوْ بَاعَ بِخِیَارٍ لِنَفْسِهِ فَوَجَدَ فِی مُدَّهِ الْخِیَارِ بَاذِلًا لِلزِّیَادَهِ وَجَبَ عَلَیْهِ الْفَسْخُ إنْ تَنَاوَلَتْ وَکَالَتُهُ لَهُ، إلَّا أَنْ یُعَیِّنَ لَهُ قَدْرًا فَلَا یَجِبُ تَحْصِیلُ الزَّائِدِ وَ إِنْ بَذَلَ (حَالًّا) فَلَا یَجُوزُ بِالْمُؤَجَّلِ مُطْلَقًا (بِنَقْدِ الْبَلَدِ)، فَإِنْ اتَّحَدَ تَعَیَّنَ وَ إِنْ تَعَدَّدَ بَاعَ بِالْأَغْلَبِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ النُّقُودُ بَاعَ بِالْأَنْفَعِ لِلْمُوَکِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ نَفْعًا تَخَیَّرَ (وَ کَذَا) التَّوْکِیلُ (فِی الشِّرَاءِ) یَقْتَضِیه بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ، (وَ لَوْ خَالَفَ) مَا اقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ، أَوْ التَّنْصِیصُ (فَفُضُولِیٌّ) یَتَوَقَّفُ بَیْعُهُ وَ شِرَاؤُهُ عَلَی إجَازَهِ الْمَالِکِ. (وَ إِنَّمَا تَصِحُّ الْوَکَالَهُ فِیمَا لَا یَتَعَلَّقُ غَرَضُ الشَّارِعِ بِإِیقَاعِهِ مِنْ مُبَاشِرٍ بِعَیْنِهِ کَالْعِتْقِ) فَإِنَّ غَرَضَهُ فِیهِ فَکُّ الرَّقَبَهِ سَوَاءٌ أَحْدَثَهُ الْمَالِکُ أَمْ غَیْرُهُ، (وَ الطَّلَاقِ) فَإِنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ رَفْعُ الزَّوْجِیَّهِ کَذَلِکَ.

وَمِثْلُهُ النِّکَاحُ، (وَ الْبَیْعِ) وَ غَیْرِهِمَا مِنْ الْعُقُودِ وَ الْإِیقَاعَاتِ (لَا فِیمَا یَتَعَلَّقُ) غَرَضُهُ بِإِیقَاعِهِ مِنْ مُبَاشِرٍ بِعَیْنِهِ وَ مَرْجِعُ مَعْرِفَهِ غَرَضِهِ فِی ذَلِکَ وَ عَدَمِهِ إلَی النَّقْلِ وَ لَا قَاعِدَهَ لَهُ لَا تَنْخَرِمُ.

فَقَدْ عَلِمَ تَعَلُّقَ غَرَضِهِ بِجُمْلَهٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا امْتِثَالُ الْمُکَلَّفِ مَا أُمِرَ بِهِ وَ انْقِیَادُهُ وَ تَذَلُّلُهُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَ لَا یَحْصُلُ ذَلِکَ بِدُونِ الْمُبَاشَرَهِ (کَالطَّهَارَهِ) فَلَیْسَ لَهُ الِاسْتِنَابَهُ فِیهَا أَجْمَعَ وَ إِنْ جَازَ فِی غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَ مَسْحِهَا حَیْثُ یَعْجِزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهَا، مَعَ تُوَلِّیهِ النِّیَّهَ وَ مِثْلُ هَذَا لَا یُعَدُّ تَوْکِیلًا حَقِیقِیًّا وَ مِنْ ثَمَّ یَقَعُ مِمَّنْ لَا یَجُوزُ تَوْکِیلُهُ کَالْمَجْنُونِ، بَلْ اسْتِعَانَهٌ عَلَی إیصَالِ الْمُطَهِّرِ إلَی الْعُضْوِ کَیْفَ اتَّفَقَ (وَ الصَّلَاهِ الْوَاجِبَهِ فِی) حَالِ (الْحَیَاهِ) فَلَا یُسْتَنَابُ فِیهَا مُطْلَقًا إلَّا رَکْعَتَا الطَّوَافِ، حَیْثُ یَجُوزُ اسْتِنَابَهُ الْحَیِّ فِی الْحَجِّ الْوَاجِبِ، أَوْ فِیهِمَا خَاصَّهً عَلَی بَعْضِ الْوُجُوهِ.

وَاحْتَرَزَ بِالْوَاجِبَهِ عَنْ الْمَنْدُوبَهِ، فَیَصِحُّ الِاسْتِنَابَهُ فِیهَا فِی الْجُمْلَهِ کَصَلَاهِ الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ، أَوْ فِی الْحَجِّ الْمَنْدُوبِ وَ إِنْ وَجَبَ وَ صَلَاهِ الزِّیَارَهِ.

وَفِی جَوَازِ الِاسْتِنَابَهِ فِی مُطْلَقِ النَّوَافِلِ وَجْهٌ.

وَبِالْجُمْلَهِ فَضَبْطُ مُتَعَلَّقِ غَرَضِ الشَّارِعِ فِی الْعِبَادَاتِ وَ غَیْرِهَا یَحْتَاجُ إلَی تَفْصِیلٍ وَ مُسْتَنَدٍ نَقْلِیٍّ.

(وَ لَا بُدَّ مِنْ کَمَالِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ) بِالْبُلُوغِ وَ الْعَقْلِ.

فَلَا یُوَکِّلُ وَ لَا یَتَوَکَّلُ الصَّبِیُّ وَ الْمَجْنُونُ مُطْلَقًا، (و جواز تَصَرُّفِ الْمُوَکِّلِ) فَلَا یُوَکِّلُ الْمَحْجُورُ عَلَیْهِ فِیمَا لَیْسَ لَهُ مُبَاشَرَتُهُ.

وَخَصَّ الْمُوَکِّلَ، لِجَوَازِ کَوْنِ الْمَحْجُورِ فِی الْجُمْلَهِ وَکِیلًا لِغَیْرِهِ فِیمَا حُجِرَ عَلَیْهِ فِیهِ مِنْ التَّصَرُّفِ کَالسَّفِیهِ وَ الْمُفْلِسِ مُطْلَقًا وَ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَیِّدِهِ.

(وَتَجُوزُ الْوَکَالَهُ فِی الطَّلَاقِ لِلْحَاضِرِ)

فِی مَجْلِسِهِ (کَالْغَائِبِ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَابِلٌ لِلنِّیَابَهِ وَ إِلَّا لَمَا صَحَّ تَوْکِیلُ الْغَائِبِ.

وَمَنْعُ الشَّیْخِ مِنْ تَوْکِیلِ الْحَاضِرِ فِیهِ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ ضَعِیفَهِ السَّنَدِ قَاصِرَهِ الدَّلَالَهِ (وَ لَا یَجُوزُ لِلْوَکِیلِ أَنْ یُوَکِّلَ إلَّا مَعَ الْإِذْنِ صَرِیحًا) وَ لَوْ بِالتَّعْمِیمِ کَاصْنَعْ مَا شِئْت، (أَوْ فَحْوًی، کَاتِّسَاعِ مُتَعَلَّقِهَا) بِحَیْثُ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ عَلَی الْإِذْنِ لَهُ فِیهِ کَالزِّرَاعَهِ فِی أَمَاکِنَ مُتَبَاعِدَهٍ لَا تَقُومُ إلَّا بِمُسَاعِدٍ وَ مِثْلُهُ عَجْزُهُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ وَ إِنْ لَمْ یَکُنْ مُتَّسِعًا مَعَ عِلْمِ الْمُوَکِّلِ بِهِ (وَتَرَفُّعِ الْوَکِیلِ عَمَّا وَکَّلَ فِیهِ عَادَهً) فَإِنَّ تَوْکِیلَهُ حِینَئِذٍ یَدُلُّ بِفَحْوَاهُ عَلَی الْإِذْنِ لَهُ فِیهِ، مَعَ عِلْمِ الْمُوَکِّلِ بِتَرَفُّعِهِ عَنْ مِثْلِهِ وَ إِلَّا لَمْ یَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْقَرَائِنِ و مع جَهْلِ الْمُوَکِّلِ بِحَالِهِ یَنْتَفِی.

وَحَیْثُ أَذِنَ لَهُ فِی التَّوْکِیلِ فَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِکَوْنِ وَکِیلِهِ وَکِیلًا عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْمُوَکِّلِ لَزِمَهُ حُکْمُ مَنْ وَکَّلَهُ فَیَنْعَزِلُ فِی الْأَوَّلِ بِانْعِزَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ وَ بِعَزْلِ کُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ وَ فِی الثَّانِی لَا یَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ الْمُوَکِّلِ، أَوْ بِمَا أَبْطَلَ تَوْکِیلَهُ.

وَإِنْ أَطْلَقَ فَفِی کَوْنِهِ وَکِیلًا عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْمُوَکِّلِ، أَوْ تَخَیَّرَ الْوَکِیلُ فِی تَوْکِیلِهِ عَنْ أَیِّهِمَا شَاءَ أَوْجَهُ.

وَکَذَا مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ الْفَحْوَی، إلَّا أَنَّ کَوْنَهُ هُنَا وَکِیلًا عَنْ الْوَکِیلِ أَوْجَهُ. (وَیُسْتَحَبُّ أَنْ یَکُونَ الْوَکِیلُ تَامَّ الْبَصِیرَهِ) فِیمَا وُکِّلَ فِیهِ لِیَکُونَ مَلِیًّا بِتَحْقِیقِ مُرَادِ الْمُوَکِّلِ، (عَارِفًا بِاللُّغَهِ الَّتِی یُحَاوِرُ بِهَا) فِیمَا وُکِّلَ فِیهِ، لِیَحْصُلَ الْغَرَضُ مِنْ تَوْکِیلِهِ.

وَقِیلَ إنَّ ذَلِکَ وَاجِبٌ وَ هُوَ مُنَاسِبٌ لِمَعْنَی الشَّرْطِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْأَخِیرِ. (وَیُسْتَحَبُّ لِذَوِی الْمُرُوءَاتِ) وَ هُمْ أَهْلُ الشَّرَفِ وَ الرِّفْعَهِ وَ الْمُرُوءَهِ (التَّوْکِیلُ فِی الْمُنَازَعَاتِ) وَ یُکْرَهُ أَنْ یَتَوَلَّوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ لِمَا یَتَضَمَّنُ مِنْ الِامْتِهَانِ وَ الْوُقُوعِ فِیمَا یُکْرَهُ، رُوِیَ " أَنَّ عَلِیًّا عَلَیْهِ السَّلَامُ وَکَّلَ عَقِیلًا فِی خُصُومَهٍ وَ قال:

إنَّ لِلْخُصُومَهِ قُحْمًا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَحْضُرُهَا وَ إِنِّی لَأَکْرَهَ أَنْ أَحْضُرَهَا " - وَ الْقُحْمُ بِالضَّمِّ الْمَهْلَکَهُ - وَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهَا تُقْحِمُ بِصَاحِبِهَا إلَی مَا لَا یُرِیدُهُ.

(وَلَا تَبْطُلُ الْوَکَالَهُ بِارْتِدَادِ الْوَکِیلِ)

مِنْ حَیْثُ إنَّهُ ارْتِدَادٌ وَ إِنْ کَانَتْ قَدْ تَبْطُلُ مِنْ جِهَهٍ أُخْرَی فِی بَعْضِ الْمَوَارِدِ، کَکَوْنِهِ وَکِیلًا عَلَی مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ فِی ذَلِکَ بِحُکْمِ الْکَافِرِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ الْفِطْرِیِّ وَ غَیْرِهِ وَ إِنْ حَکَمَ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفَاتِهِ لِنَفْسِهِ.

(وَ لَا یَتَوَکَّلُ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّیِّ عَلَی الْمُسْلِمِ،)

(عَلَی قَوْلِ) الشَّیْخِ وَ الْأَقْوَی الْجَوَازُ عَلَی کَرَاهِیَهٍ، لِلْأَصْلِ، (وَ لَا الذِّمِّیُّ عَلَی الْمُسْلِمِ لِمُسْلِمٍ وَ لَا لِذِمِّیٍّ قَطْعًا) فِیهِمَا، لِاسْتِلْزَامِهِمَا إثْبَاتَ السَّبِیلِ لِلْکَافِرِ عَلَی الْمُسْلِمِ الْمَنْفِیِّ بِالْآیَهِ، (وَبَاقِی الصُّوَرِ جَائِزَهٌ وَ هِیَ ثَمَانٌ) بِإِضَافَهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدَّمَهِ إلَی بَاقِیهَا.

وَتَفْصِیلُهَا: أَنَّ کُلًّا مِنْ الْمُوَکِّلِ وَ الْوَکِیلِ وَ الْمُوَکِّلِ عَلَیْهِ إمَّا مُسْلِمٌ، أَوْ کَافِرٌ وَ مِنْهُ تَتَشَعَّبُ الثَّمَانُ بِضَرْبِ قِسْمَیْ الْوَکِیلِ فِی قِسْمَیْ الْمُوَکِّلِ، ثُمَّ الْمُجْتَمِعُ فِی قِسْمَیْ الْمُوَکِّلِ عَلَیْهِ وَ لَا فَرْقَ فِی الْکَافِرِ بَیْنَ الذِّمِّیِّ وَ غَیْرِهِ کَمَا یَقْتَضِیهِ التَّعْلِیلُ (وَ لَا یَتَجَاوَزُ الْوَکِیلُ مَا حُدَّ لَهُ) فِی طَرَفِ الزِّیَادَهِ وَ النُّقْصَانِ (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَهُ بِدُخُولِهِ) - أَیْ دُخُولِ مَا تَجَاوَزَ - فِی الْإِذْنِ (کَالزِّیَادَهِ فِی ثَمَنِ مَا وُکِّلَ فِی بَیْعِهِ) بِثَمَنٍ مُعَیَّنٍ، إنْ لَمْ یُعْلَمْ مِنْهُ الْغَرَضُ فِی التَّخْصِیصِ بِهِ، (وَ النَّقِیصَهِ فِی ثَمَنِ مَا وُکِّلَ فِی شِرَائِهِ) بِثَمَنٍ مُعَیَّنٍ؛ لِشَهَادَهِ الْحَالِ غَالِبًا بِالرِّضَا بِذَلِکَ فِیهَا لَکِنْ قَدْ یَتَخَلَّفُ بِأَنْ لَا یُرِیدَ الْإِشْطَاطَ فِی الْبَیْعِ، أَوْ غَیْرِهِ مِنْ الْأَغْرَاضِ

(وَتَثْبُتُ الْوَکَالَهُ بِعَدْلَیْنِ)

کَمَا یَثْبُتُ بِهِمَا غَیْرُهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِیَّهِ وَ غَیْرِهَا، (وَ لَا تُقْبَلُ فِیهَا شَهَادَهُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ)، لِاخْتِصَاصِهَا بِمَا یَعْسُرُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَیْهِ وَ الْوَصِیَّهِ کَمَا سَلَفَ فِی بَابِهِ، (وَ لَا مُنْضَمَّاتٍ) إلَی الرِّجَالِ؛ لِاخْتِصَاصِهَا حِینَئِذٍ بِالْمَالِ.

وَمَا فِی حُکْمِهِ وَ الْوَکَالَهُ وِلَایَهٌ عَلَی التَّصَرُّفِ وَ إِنْ تَرَتَّبَ عَلَیْهَا الْمَالُ لَکِنَّهُ غَیْرُ مَقْصُودٍ.

(وَ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَ یَمِینٍ)، لِمَا ذُکِرَ، إلَّا أَنْ یَشْتَمِلَ عَلَی جِهَتَیْنِ کَمَا لَوْ ادَّعَی شَخْصٌ عَلَی آخَرَ وَکَالَهً بِجُعَلٍ وَ أَقَامَ شَاهِدًا وَ امْرَأَتَیْنِ، أَوْ شَاهِدًا وَ حَلَفَ مَعَهُ، فَالْأَقْوَی ثُبُوتُ الْمَالِ، لَا الْوَکَالَهِ وَ إِنْ تَبَعَّضَتْ الشَّهَادَهُ، کَمَا لَوْ أَقَامَ ذَلِکَ بِالسَّرِقَهِ، یَثْبُتُ الْمَالُ لَا الْقَطْعُ نَعَمْ لَوْ کَانَ ذَلِکَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَمْ یَثْبُتْ شَیْءٌ، (وَ لَا بِتَصْدِیقِ الْغَرِیم) لِمُدَّعِی الْوَکَالَهِ عَلَیْهَا فِی أَخْذِ حَقٍّ مِنْهُ لِغَیْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصْدِیقٌ فِی حَقِّ غَیْرِهِ.

هَذَا إذَا کَانَ الْحَقُّ الَّذِی یَدَّعِی الْوَکَالَهَ فِیهِ عَیْنًا، أَمَّا لَوْ کَانَ دَیْنًا فَفِی وجوب دَفْعِهِ إلَیْهِ بِتَصْدِیقِهِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا ذَلِکَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِی حَقِّ نَفْسِهِ خَاصَّهً، إذْ الْحَقُّ لَا یَتَعَیَّنُ إلَّا بِقَبْضِ مَالِکِهِ، أَوْ وَکِیلِهِ فَإِذَا حَضَرَ وَ أَنْکَرَ بَقِیَ دَیْنُهُ فِی ذِمَّهِ الْغَرِیمِ فَلَا ضَرَرَ عَلَیْهِ فِی ذَلِکَ وَ إِنَّمَا أُلْزِمَ الْغَرِیمُ بِالدَّفْعِ لِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِهِ لَهُ وَ بِهَذَا یَظْهَرُ الْفَرْقُ بَیْنَهُ و بین الْعَیْنِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مَحْضٌ لِغَیْرِهِ وَ فَائِتُهَا لَا یُسْتَدْرَکُ.

نَعَمْ یَجُوزُ لَهُ تَسْلِیمُهَا إلَیْهِ مَعَ تَصْدِیقِهِ لَهُ، إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ الْآنَ وَ یَبْقَی الْمَالِکُ عَلَی حُجَّتِهِ، فَإِذَا حَضَرَ وَ صَدَّقَ الْوَکِیلَ بَرِئَ الدَّافِعُ وَ إِنْ کَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ یَمِینِهِ، فَإِنْ کَانَتْ الْعَیْنُ مَوْجُودَهً أَخَذَهَا وَ لَهُ مُطَالَبَهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِرَدِّهَا، لِتَرَتُّبِ أَیْدِیهِمَا عَلَی مَالِهِ وَ لِلدَّافِعِ مُطَالَبَهُ الْوَکِیلِ بِإِحْضَارِهَا لَوْ طُولِبَ بِهِ " دُونَ الْعَکْسِ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا، بِتَلَفٍ وَ غَیْرِهِ تَخَیَّرَ فِی الرُّجُوعِ عَلَی مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَجَعَ عَلَی الْوَکِیلِ لَمْ یَرْجِعْ عَلَی الْغَرِیمِ مُطْلَقًا، لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ بِدَفْعِهَا إلَیْهِ وَ إِنْ رَجَعَ عَلَی الْغَرِیمِ لَمْ یَرْجِعْ عَلَی الْوَکِیلِ مَعَ تَلَفِهَا فِی یَدِهِ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ؛ لِأَنَّهُ بِتَصْدِیقِهِ لَهُ أَمِینٌ عِنْدَهُ وَ إِلَّا رَجَعَ عَلَیْهِ.

(وَالْوَکِیلُ أَمِینٌ لَا یَضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْرِیطِ)

(، أَوْ التَّعَدِّی) وَ هُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ.

(وَیَجِبُ عَلَیْهِ تَسْلِیمُ مَا فِی یَدِهِ إلَی الْمُوَکِّلِ إذَا طُولِبَ بِهِ)، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الْمَالُ الَّذِی وُکِّلَ فِی بَیْعِهِ وَ ثَمَنِهِ وَ الْمَبِیعُ الَّذِی اشْتَرَاهُ وَ ثَمَنُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَ غَیْرُهَا.

وَنَبَّهَ بِقوله:

إذَا طُولِبَ عَلَی أَنَّهُ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ دَفْعُهُ إلَیْهِ قَبْلَ طَلَبِهِ، بَلْ مَعَهُ و مع إمْکَانِ الدَّفْعِ شَرْعًا وَ عُرْفًا کَالْوَدِیعَهِ (فَلَوْ أَخَّرَ مَعَ الْإِمْکَانِ) أَیْ إمْکَانِ الدَّفْعِ شَرْعًا بِأَنْ لَا یَکُونَ فِی صَلَاهٍ وَاجِبَهٍ مُطْلَقًا وَ لَا مُرِیدًا لَهَا مَعَ تَضَیُّقِ وَقْتِهَا وَ نَحْوِ ذَلِکَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُنَافِیَهِ، أَوْ عُرْفًا بِأَنْ لَا یَکُونَ عَلَی حَاجَهٍ یُرِیدُ قَضَاءَهَا وَ لَا فِی حَمَّامٍ أَوْ أَکْلِ طَعَامٍ وَ نَحْوِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْعُرْفِیَّهِ (ضَمِنَ وَ لَهُ أَنْ یَمْتَنِعَ) مِنْ التَّسْلِیمِ (حَتَّی یُشْهِدَ) عَلَی الْمُوَکِّلِ بِقَبْضِ حَقِّهِ حَذَرًا مِنْ إنْکَارِهِ فَیَضْمَنُ لَهُ ثَانِیًا، أَوْ یَلْزَمُهُ الْیَمِینُ.

(وَ کَذَا) حُکْمُ (کُلِّ مَنْ عَلَیْهِ حَقٌّ وَ إِنْ کَانَ وَدِیعَهً یُقْبَلُ قَوْلُهُ) فِی رَدِّهَا؛ لِافْتِقَارِهِ إلَی الْیَمِینِ فَلَهُ دَفْعُهَا بِالْإِشْهَادِ وَ إِنْ کَانَ صَادِقًا.

وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ مَنْ یَکُونُ لَهُ عَلَی الْحَقِّ بَیِّنَهٌ وَ غَیْرِهِ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْوَجْهِ، هَذَا هُوَ أَجْوَدُ الْأَقْوَالِ فِی الْمَسْأَلَهِ.

وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَیْنَ مَنْ یُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی الرَّدِّ وَ غَیْرِهِ وَ آخَرُونَ بَیْنَ مَنْ عَلَیْهِ بِقَبْضِ الْحَقِّ بَیِّنَهٌ وَ غَیْرِهِ وَ دَفْعُ ضَرَرِ الْیَمِینِ یَدْفَعُ ذَلِکَ کُلَّهُ خُصُوصًا فِی بَعْضِ النَّاسِ، فَإِنَّ ضَرَرَ الْغَرَامَهِ عَلَیْهِمْ أَسْهَلُ مِنْ الْیَمِینِ.

(وَالْوَکِیلُ فِی الْوَدِیعَهِ)

لِمَالِ شَخْصٍ عِنْدَ آخَرَ (لَا یَجِبُ عَلَیْهِ الْإِشْهَادُ) عَلَی الْمُسْتَوْدِعِ، (بِخِلَافِ الْوَکِیلِ فِی قَضَاءِ الدَّیْنِ وَ تَسْلِیمِ الْمَبِیعِ) فَلَیْسَ لَهُ ذَلِکَ (حَتَّی یُشْهِدَ).

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَدِیعَهَ مَبْنِیَّهٌ عَلَی الْإِخْفَاءِ، بِخِلَافِ غَیْرِهَا؛ وَ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَی الْوَدِیع لَا یُفِیدُ ضَمَانَهُ لِقَبُولِ قَوْله فِی الرَّدِّ، بِخِلَافِ غَیْرِهِ (فَلَوْ لَمْ یُشْهِدْ) عَلَی غَیْرِ الْوَدِیعَهِ (ضَمِنَ)، لِتَفْرِیطِهِ إذَا لَمْ یَکُنْ الْأَدَاءُ بِحَضْرَهِ الْمُوَکِّلِ وَ إِلَّا انْتَفَی الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ التَّفْرِیطَ حِینَئِذٍ مُسْتَنَدٌ إلَیْهِ. (وَیَجُوزُ لِلْوَکِیلِ تَوَلِّی طَرَفَیْ الْعَقْدِ بِإِذْنِ الْمُوَکِّلِ)؛ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ حِینَئِذٍ وَ مُغَایِرَهُ الْمُوجِبِ لِلْقَابِلِ یَکْفِی فِیهَا الِاعْتِبَارُ.

وَلَوْ أَطْلَقَ لَهُ الْإِذْنَ فَفِی جَوَازِ تَوَلِّیهمَا لِنَفْسِهِ قَوْلَانِ مَنْشَأَهُمَا: دُخُولُهُ فِی الْإِطْلَاقِ.

وَمِنْ ظَاهِرِ الرِّوَایَاتِ الدَّالَّهِ عَلَی الْمَنْعِ.

وَهُوَ أَوْلَی وَ اعْلَمْ أَنَّ تَوَلِّیهِ طَرَفَیْ الْعَقْدِ أَعَمُّ مِنْ کَوْنِ الْبَیْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ تَوَلِّیهِ لِنَفْسِهِ، أَمَّا لِغَیْرِهِ بِأَنْ یَکُونَ وَکِیلًا لَهُمَا فَلَا إشْکَالَ إلَّا عَلَی الْقَوْلِ بِمَنْعِ کَوْنِهِ مُوجِبًا قَابِلًا وَ ذَلِکَ لَا یُفَرَّقُ فِیهِ بَیْنَ إذْنِ الْمُوَکِّلِ وَ عَدَمِهِ (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی أَصْلِ الْوَکَالَهِ حَلَفَ الْمُنْکِرُ) لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا، سَوَاءٌ کَانَ مُنْکَرُهَا الْمُوَکِّلُ أَمْ الْوَکِیلَ.

وَتَظْهَرُ فَائِدَهُ إنْکَارِ الْوَکِیلِ فِیمَا لَوْ کَانَتْ الْوَکَالَهُ مَشْرُوطَهً فِی عَقْدٍ لَازِمٍ لِأَمْرٍ لَا یُتَلَافَی حِینَ النِّزَاعِ فَیَدَّعِی الْمُوَکِّلُ حُصُولَهَا لِیَتِمَّ لَهُ الْعَقْدُ وَ یُنْکِرُهَا الْوَکِیلُ لِیَتَزَلْزَلَ وَ یَتَسَلَّطَ عَلَی الْفَسْخِ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الرَّدِّ حَلَفَ الْمُوَکِّلُ)

، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ، سَوَاءٌ کَانَتْ الْوَکَالَهُ بِجُعَلٍ أَمْ لَا.

(وَ قِیلَ): یَحْلِفُ (الْوَکِیلُ، إلَّا أَنْ تَکُونَ بِجُعَلٍ) فَالْمُوَکِّلُ.

أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ أَمِینٌ و قد قَبَضَ الْمَالَ لِمَصْلَحَهِ الْمَالِکِ فَکَانَ مُحْسِنًا مَحْضًا کَالْوَدِیعِ وَ أَمَّا الثَّانِی فَلِمَا مَرَّ؛ وَ لِأَنَّهُ قَبَضَ لِمَصْلَحَهِ نَفْسِهِ کَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَ الْمُسْتَأْجِرِ.

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ الْأَمَانَهَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْقَبُولَ، کَمَا لَا یَسْتَلْزِمُهُ فِی الثَّانِی مَعَ اشْتِرَاکِهَا فِی الْأَمَانَهِ وَ کَذَلِکَ الْإِحْسَانُ وَ السَّبِیلُ الْمَنْفِیُّ مَخْصُوصٌ، فَإِنَّ الْیَمِینَ سَبِیلٌ. (وَ) لَوْ اخْتَلَفَا (فِی التَّلَفِ) أَیْ تَلَفِ الْمَالِ الَّذِی بِیَدِ الْوَکِیلِ کَالْعَیْنِ الْمُوَکِّلِ فِی بَیْعِهَا وَ شِرَائِهَا، أَوْ الثَّمَنِ، أَوْ غَیْرِهِ (حَلَفَ الْوَکِیلُ)؛ لِأَنَّهُ أَمِینٌ وَ قَدْ یَتَعَذَّرُ إقَامَهُ الْبَیِّنَهِ عَلَی التَّلَفِ فَاقْتُنِعَ بِقَوْلِهِ وَ إِنْ کَانَ مُخَالِفًا لِلْأَصْلِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ وَ خَفِیٍّ، (وَ کَذَا) یَحْلِفُ لَوْ اخْتَلَفَا (فِی التَّفْرِیطِ).

وَالْمُرَادُ بِهِ مَا یَشْمَلُ التَّعَدِّیَ؛ لِأَنَّهُ مُنْکِرٌ، (وَ) کَذَا یَحْلِفُ لَوْ اخْتَلَفَا (فِی الْقِیمَهِ) عَلَی تَقْدِیرِ ثُبُوتِ الضَّمَانِ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الزَّائِدِ.

(وَ لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَهً بِدَعْوَی الْوَکَالَهِ)

مِنْهُ (فَأَنْکَرَ الزَّوْجُ) الْوَکَالَهَ (حَلَفَ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا (وَ عَلَی الْوَکِیلِ نِصْفُ الْمَهْرِ) لِرِوَایَهِ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَهَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ؛ وَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فَیَجِبُ مَعَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ کَالطَّلَاقِ، (وَلَهَا التَّزْوِیجُ) بِغَیْرِهِ لِبُطْلَانِ نِکَاحِهِ بِإِنْکَارِهِ لِلْوَکَالَهِ (وَیَجِبُ عَلَی الزَّوْجِ) فِیمَا بَیْنَهُ و بین اللَّهِ تَعَالَی (الطَّلَاقُ إنْ کَانَ وَکَّلَ) فِی التَّزْوِیجِ؛ لِأَنَّهَا حِینَئِذٍ زَوْجَتُهُ فَإِنْکَارُهَا وَ تَعْرِیضُهَا لِلتَّزْوِیجِ بِغَیْرِهِ مُحَرَّمٌ، (وَیَسُوقُ نِصْفَ الْمَهْرِ إلَی الْوَکِیلِ)، لِلُزُومِهِ بِالطَّلَاقِ وَ غَرِمَ الْوَکِیلُ بِسَبَبِهِ.

(وَ قِیلَ: یَبْطُلُ) الْعَقْدُ (ظَاهِرًا وَ لَا غُرْمَ عَلَی الْوَکِیلِ)، لِعَدَمِ ثُبُوتِ عَقْدٍ حَتَّی یُحْکَمَ بِالْمَهْرِ، أَوْ نِصْفِهِ؛ وَ لِأَنَّهُ عَلَی تَقْدِیرِ ثُبُوتِهِ إنَّمَا یَلْزَمُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الْبُضْعِ.

وَالْوَکِیلُ لَیْسَ بِزَوْجٍ وَ الْحَدِیثُ ضَعِیفُ السَّنَدِ وَ إِلَّا لَمَا کَانَ عَنْهُ عُدُولٌ مَعَ عَمَلِ الْأَکْثَرِ بِمَضْمُونِهِ وَ التَّعْلِیلُ بِالْفَسْخِ فَاسِدٌ فَالْقَوْلُ الْأَخِیرُ أَقْوَی.

نَعَمْ لَوْ ضَمِنَ الْوَکِیلُ الْمَهْرَ کُلَّهُ، أَوْ نِصْفَهُ لَزِمَهُ حَسَبَ مَا ضَمِنَ،

وَإِنَّمَا یَجُوزُ لِلْمَرْأَهِ التَّزْوِیجُ

إذَا لَمْ تُصَدِّقْ الْوَکِیلَ عَلَیْهَا وَ إِلَّا لَمْ یَجُزْ لَهَا التَّزْوِیجُ قَبْلَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا بِزَعْمِهَا زَوْجَهً، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَکُنْ عَالِمَهً بِالْحَالِ وَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّلَاقِ حِینَئِذٍ لَمْ یُجْبَرْ عَلَیْهِ؛ لِانْتِفَاءِ النِّکَاحِ ظَاهِرًا وَ حِینَئِذٍ فَفِی تَسَلُّطِهَا عَلَی الْفَسْخِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، أَوْ تَسَلُّطِ الْحَاکِمِ عَلَیْهِ أَوْ عَلَی الطَّلَاقِ، أَوْ بَقَاؤُهَا کَذَلِکَ حَتَّی یُطَلِّقَ أَوْ یَمُوتَ، أَوْجَهُ.

وَلَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا عَلَی الشَّرْطِ کَإِنْ کَانَتْ زَوْجَتِی فَهِیَ طَالِقٌ صَحَّ وَ لَمْ یَکُنْ إقْرَارًا وَ لَا تَعْلِیقًا مَانِعًا، لِأَنَّهُ أَمْرٌ یُعْلَمُ حَالُهُ وَ کَذَا فِی نَظَائِرِهِ کَقَوْلِ مَنْ یَعْلَمُ أَنَّ الْیَوْمَ الْجُمُعَهُ: إنْ کَانَ الْیَوْمُ الْجُمُعَهَ فَقَدْ بِعْتُک کَذَا، أَوْ غَیْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ. (وَ لَوْ اخْتَلَفَا فِی تَصَرُّفِ الْوَکِیلِ) بِأَنْ قال:

بِعْتُ، أَوْ قَبَضْتُ، أَوْ اشْتَرَیْتُ (حَلَفَ) الْوَکِیلُ، لِأَنَّهُ أَمِینٌ وَ قَادِرٌ عَلَی الْإِنْشَاءِ وَ التَّصَرُّفِ إلَیْهِ وَ مَرْجِعُ الِاخْتِلَافِ إلَی فِعْلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ.

(وَ قِیلَ): یَحْلِفُ (الْمُوَکِّلُ)، لِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّصَرُّفِ وَ بَقَاءِ الْمِلْکِ عَلَی مَالِکِهِ وَ الْأَقْوَی الْأَوَّلُ.

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ قَوْلِهِ فِی دَعْوَی التَّصَرُّفِ: بِعْت وَ قَبَضْت الثَّمَنَ.

وَتَلِفَ فِی یَدِی وَ غَیْرُهُ؛ لِاشْتِرَاکِ الْجَمِیعِ فِی الْمَعْنَی وَ دَعْوَی التَّلَفِ أَمْرٌ آخَرُ. (وَ کَذَا الْخِلَافُ لَوْ تَنَازَعَا فِی قَدْرِ الثَّمَنِ الَّذِی اُشْتُرِیَتْ بِهِ السِّلْعَهُ) کَأَنْ قَالَ الْوَکِیلُ: اشْتَرَیْته بِمِائَهٍ وَ الْحَالُ أَنَّهُ یُسَاوِی مِائَهً، لِیُمْکِنَ صِحَّهَ الْبَیْعِ فَقَالَ الْمُوَکِّلُ: بَلْ بِثَمَانِینَ، یُقَدَّمُ قَوْلُ الْوَکِیلِ؛ لِأَنَّهُ أَمِینٌ وَ الِاخْتِلَافُ فِی فِعْلِهِ وَ دَلَالَهُ الظَّاهِرِ عَلَی کَوْنِ الشَّیْءِ إنَّمَا یُبَاعُ بِقِیمَتِهِ وَ هُوَ الْأَقْوَی وَ قِیلَ: قَوْلُ الْمُوَکِّلِ، لِأَصَالَهِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الزَّائِدِ؛ وَ لِأَنَّ فِی ذَلِکَ إثْبَاتَ حَقِّ الْبَائِعِ عَلَیْهِ فَلَا یُسْمَعُ.

30 کتاب الشفعه

(30) کتاب الشفعه

کِتَابُ الشُّفْعَهِ

(الشُّفْعَهُ - وَ هِیَ) فُعْلَهٌ مِنْ قَوْلِک: شَفَعْتُ کَذَا بِکَذَا إذَا جَعَلْته شَفْعًا بِهِ أَیْ زَوْجًا کَأَنَّ الشَّفِیعَ یَجْعَلُ نَصِیبَهُ شَفْعًا بِنَصِیبِ شَرِیکِهِ وَ أَصْلُهَا التَّقْوِیَهُ وَ الْإِعَانَهُ.

وَمِنْهُ الشَّفَاعَهُ وَ الشَّفْعُ.

وَشَرْعًا (اسْتِحْقَاقُ الشَّرِیکِ الْحِصَّهَ الْمَبِیعَهَ فِی شَرِکَتِهِ) وَ لَا یَحْتَاجُ إلَی قَیْدِ الِاتِّحَادِ وَ غَیْرِهِ مِمَّا یُعْتَبَرُ فِی الِاسْتِحْقَاقِ، لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لَهُ.

وَإِنَّمَا یَفْتَقِرُ إلَی ذِکْرِهَا فِی الْأَحْکَامِ وَ لَا یَرِدُ النَّقْضُ فِی طَرْدِهِ بِشِرَاءِ الشَّرِیکِ حِصَّهَ شَرِیکِهِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْبَیْعِ یَصْدُقُ اسْتِحْقَاقِ الشَّرِیکِ الْحِصَّهَ الْمَبِیعَهَ فِی شَرِکَتِهِ، إذْ لَیْسَ فِی التَّعْرِیفِ أَنَّهَا مَبِیعَهٌ لِغَیْرِهِ أَوْ لَهُ وَ کَمَا یَصْدُقُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْأَخْذِ یَصْدُقُ بِنَفْسِ الْمِلْکِ.

وَوَجْهُ دَفْعِهِ: أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَذْکُورَ هُنَا لِلشَّرِیکِ الْمُقْتَضِی لِکَوْنِهِ شَرِیکًا حَالَ شَرِکَتِهِ وَ الْأَمْرُ فِی الْبَیْعِ لَیْسَ کَذَلِکَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الشَّرِکَهِ غَیْرُ مُسْتَحِقٍّ وَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَیْسَ بِشَرِیکٍ، إذْ الْمُرَادُ بِالشَّرِیکِ هُنَا الشَّرِیکُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، لَا مَا کَانَ فِیهِ شَرِیکًا مَعَ ارْتِفَاعِ الشَّرِکَهِ، نَظَرًا إلَی عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْمَعْنَی الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فِی الْمُشْتَقِّ.

نَعَمْ یُمْکِنُ وُرُودُ ذَلِکَ مَعَ تَعَدُّدِ الشُّرَکَاءِ إذَا اشْتَرَی أَحَدُهُمْ نَصِیبَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَقَاءِ الشَّرِکَهِ فِی غَیْرِ الْحِصَّهِ الْمَبِیعَهِ وَ لَوْ قَیَّدَ الْمَبِیعَ بِکَوْنِهِ لِغَیْرِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِتَمَلُّکِ الْحِصَّهِ فَقال:

اسْتِحْقَاقُ الشَّرِیکِ تَمَلُّکَ الْحِصَّهِ الْمَبِیعَهِ إلَی آخِرِهِ سَلِمَ مِنْ ذَلِکَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ التَّمَلُّکِ غَیْرُ اسْتِحْقَاقِ الْمِلْکِ.

(وَ لَا تَثْبُتُ لِغَیْرِ) الشَّرِیکِ (الْوَاحِدِ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ.

وَصَحِیحُ الْأَخْبَارِ یَدُلُّ عَلَیْهِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَی ثُبُوتِهَا مَعَ الْکَثْرَهِ، اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَاتٍ مُعَارَضَهٍ بِأَقْوَی مِنْهَا

(وَمَوْضُوعُهَا)

وَهُوَ الْمَالُ الَّذِی تَثْبُتُ فِیهِ عَلَی تَقْدِیرِ بَیْعِهِ: (مَا لَا یُنْقَلُ کَالْأَرْضِ وَ الشَّجَرِ) إذَا بِیعَ مُنْضَمًّا إلَی مَغْرِسِهِ، لَا مُنْفَرِدًا.

وَمِثْلُهُ الْبِنَاءُ، فَلَوْ اشْتَرَکَتْ غُرْفَهٌ بَیْنَ اثْنَیْنِ دُونَ قَرَارِهَا فَلَا شُفْعَهَ فِیهَا وَ إِنْ انْضَمَّتْ إلَی أَرْضِ غَیْرِهِ کَالشَّجَرِ إذَا انْضَمَّ إلَی غَیْرِ مَغْرِسِهِ. (وَ فِی اشْتِرَاطِ إمْکَانِ قِسْمَتِهِ قَوْلَانِ) أَجْوَدُهُمَا اشْتِرَاطُهُ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ ثُبُوتِهَا فِی مَحَلِّ النِّزَاعِ وَ عَلَیْهِ شَوَاهِدُ مِنْ الْأَخْبَارِ، لَکِنْ فِی طَرِیقِهَا ضَعْفٌ.

وَمَنْ لَمْ یَشْتَرِطْ نَظَرَ إلَی عُمُومِ أَدِلَّهِ ثُبُوتِهَا، مَعَ ضَعْفِ الْمُخَصِّصِ وَ عَلَی الْأَوَّلِ فَلَا شُفْعَهَ فِی الْحَمَّامِ الصَّغِیرِ وَ الْعَضَائِدِ الضَّیِّقَهِ وَ النَّهْرِ وَ الطَّرِیقِ الضَّیِّقَیْنِ وَ الرَّحَی حَیْثُ لَا یُمْکِنُ قِسْمَهُ أَحْجَارِهَا وَ بَیْتِهَا.

وَفِی حُکْمِ الضَّیِّقِ قِلَّهُ النَّصِیبِ بِحَیْثُ یَتَضَرَّرُ صَاحِبُ الْقَلِیلِ بِالْقِسْمَهِ (وَ لَا تَثْبُتُ) الشُّفْعَهُ (فِی الْمَقْسُومِ) بَلْ غَیْرِ الْمُشْتَرَکِ مُطْلَقًا، (إلَّا مَعَ الشَّرِکَهِ فِی الْمَجَازِ) وَ هُوَ الطَّرِیقُ، (وَ الشِّرْبِ) إذَا ضَمَّهُمَا فِی الْبَیْعِ إلَی الْمَقْسُومِ.

وَهَلْ یُشْتَرَطُ قَبُولُهُمَا الْقِسْمَهَ کَالْأَصْلِ؟ إطْلَاقُ الْعِبَارَهِ یَقْتَضِی عَدَمَهُ وَ فِی الدُّرُوسِ اشْتَرَطَهُ وَ الْأَقْوَی الِاکْتِفَاءُ بِقَبُولِ الْمَقْسُومِ الْقِسْمَهَ.

نَعَمْ لَوْ بِیعَا مُنْفَرِدَیْنِ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُمَا کَالْأَصْلِ.

(وَیُشْتَرَطُ قُدْرَهُ الشَّفِیعِ عَلَی الثَّمَنِ)

وَ بَذْلُهُ لِلْمُشْتَرِی، فَلَا شُفْعَهَ لِلْعَاجِزِ وَ لَا لِلْمُمْتَنِعِ مَعَ قُدْرَتِهِ وَ الْمُمَاطِلُ وَ یُرْجَعُ فِی الْعَجْزِ إلَی اعْتِرَافِهِ، لَا إلَی حَالِهِ؛ لِإِمْکَانِ اسْتِدَانَتِهِ وَ لَا یَجِبُ عَلَی الْمُشْتَرِی قَبُولُ الرَّهْنِ وَ الضَّامِنِ وَ الْعِوَضِ، (وَإِسْلَامُهُ إذَا کَانَ الْمُشْتَرِی مُسْلِمًا) فَلَا شُفْعَهَ لِکَافِرٍ مُطْلَقًا عَلَی مُسْلِمٍ، (وَ لَوْ ادَّعَی غِیبَهَ الثَّمَنِ أُجِّلَ ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ) وَ لَوْ مُلَفَّقَهٌ وَ فِی دُخُولِ اللَّیَالِی وَجْهَانِ.

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْأَخْذُ عَشِیَّهً دَخَلَتْ اللَّیْلَهُ تَبَعًا وَ لَا إشْکَال فِی دُخُول اللَّیْلَتَیْنِ الْمُتَوَسِّطَتَیْنِ کَالِاعْتِکَافِ وَ لَوْ ادَّعَی أَنَّهُ فِی بَلَدٍ آخَرَ أُجِّلَ زَمَانًا یَسَعُ ذَهَابُهُ وَ إِیَابُهُ وَ ثَلَاثَهً (مَا لَمْ یَتَضَرَّر الْمُشْتَرِی) لِبُعْدِ الْبَلَد عَادَه کَالْعِرَاقِ مِنْ الشَّامِ.

وَفِی الْعِبَارَه أَنَّ تَضَرُّرَ الْمُشْتَرِی یُسْقِطُ الْإِمْهَالَ ثَلَاثَهً مُطْلَقًا وَ الْمَوْجُودُ فِی کَلَامِهِ فِی الدُّرُوسِ وَ کَلَامِ غَیْرِهِ اعْتِبَارُهُ فِی الْبَلَدِ النَّائِی خَاصَّهً.

(وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَهُ (لِلْغَائِبِ)

وَإِنْ طَالَتْ غِیبَتُهُ (فَإِذَا قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ (أَخَذَ) إنْ لَمْ یَتَمَکَّنْ مِنْ الْأَخْذِ فِی الْغَیْبَهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَکِیلِهِ وَ لَا عِبْرَهَ بِتَمَکُّنِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ وَ فِی حُکْمِهِ الْمَرِیضُ وَ الْمَحْبُوسُ ظُلْمًا، أَوْ بِحَقٍّ یَعْجِزُ عَنْهُ وَ لَوْ قَدَرَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُطَالِبْ بَعْدَ مُضِیِّ زَمَانٍ یَتَمَکَّنُ مِنْ التَّخَلُّصِ وَ الْمُطَالَبَهِ بَطَلَتْ. (وَ) کَذَا تَثْبُتُ (لِلصَّبِیِّ وَ الْمَجْنُونِ وَ السَّفِیهِ وَ یَتَوَلَّی الْأَخْذَ) لَهُمْ (الْوَلِیُّ مَعَ الْغِبْطَهِ) فِی الْأَخْذِ کَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَ لَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِ الشَّرِیکِ الْبَائِعِ هُوَ الْوَلِیَّ، أَوْ غَیْرَهُ وَ کَمَا یَأْخُذُ لَهُمْ یَأْخُذُ مِنْهُمْ لَوْ بَاعَ عَنْهُمْ مَا هُوَ بِشَرِکَتِهِ وَ کَذَا یَأْخُذُ لِأَحَدِ الْمَوْلَیَیْنِ نَصِیبَ الْآخَرِ لَوْ بَاعَهُ بِشَرِکَتِهِ (فَإِنْ تَرَکَ) فِی مَوْضِعِ الثُّبُوتِ (فَلَهُمْ عِنْدَ الْکَمَالِ الْأَخْذُ)، إلَّا إنْ تَرَکَ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَهِ وَ لَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَفِی اسْتِحْقَاقِهِمْ الْأَخْذَ نَظَرًا إلَی وُجُودِ السَّبَبِ فَیُسْتَصْحَبُ، أَمْ لَا، الْتِفَاتًا إلَی أَنَّهُ مُقَیَّدٌ بِالْمَصْلَحَهِ وَ لَمْ تُعْلَمْ، وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا الثَّانِی.

أَمَّا الْمُفْلِسُ فَتَثْبُتُ لَهُ أَیْضًا

، لَکِنْ لَا یَجِبُ عَلَی الْغُرَمَاءِ تَمْکِینُهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ بَذَلُوهُ، أَوْ رَضِیَ الْمُشْتَرِی بِذِمَّتِهِ فَأَخَذَ، تَعَلَّقَ بِالشِّقْصِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ الْأَخْذُ وَ لَوْ طَلَبُوهُ مِنْهُ مُطْلَقًا (وَیَسْتَحِقُّ) الْأَخْذَ بِالشُّفْعَهِ (بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَ إِنْ کَانَ فِیهِ خِیَارٌ) بِنَاءً عَلَی انْتِقَالِ الْمَبِیعِ إلَی مِلْکِ الْمُشْتَرِی بِهِ، فَلَوْ أَوْقَفْنَاهُ عَلَی انْقِضَاءِ الْخِیَارِ کَالشَّیْخِ تَوَقَّفَ عَلَی انْقِضَائِهِ.

(وَ) عَلَی الْمَشْهُورِ (لَا یُمْنَعُ) الْأَخْذُ (مِنْ التَّخَایُرِ)، لِأَصَالَهِ بَقَاءِ الْخِیَارِ (فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِی، أَوْ الْبَائِعُ الْفَسْخَ بَطَلَتْ) الشُّفْعَهُ وَ إِلَّا اسْتَقَرَّ الْأَخْذُ.

وَجَعَلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْأَخْذَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِیَارِ مَعَ حُکْمِهِ بِمِلْکِهِ بِالْعَقْدِ، نَظَرًا إلَی عَدَمِ الْفَائِدَهِ بِهِ قَبْلَهُ، إذْ لَیْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الْعَیْنِ قَبْلَ مُضِیِّ مُدَّهِ الْخِیَارِ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْکِهِ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِکَ جَائِزٌ، لَا لَازِمٌ، بَلْ یَجُوزُ قَبْلَهُ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْ الْعَیْنِ وَ الْفَائِدَهُ تَظْهَرُ فِی النَّمَاءِ وَ غَیْرِهِ.

وَاحْتَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ بُطْلَانَ خِیَارِ الْمُشْتَرِی بِالْأَخْذِ؛ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ، إذْ الْغَرَضُ الثَّمَنُ و قد حَصَلَ مِنْ الشَّفِیعِ، کَمَا لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ بِالْعَیْبِ فَأَخَذَ الشَّفِیعُ.

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْفَائِدَهَ لَیْسَتْ مُنْحَصِرَهً فِی الثَّمَنِ فَجَازَ أَنْ یُرِیدَ دَفْعَ الدَّرَکِ عَنْهُ. (وَ لَیْسَ لِلشَّفِیعِ أَخْذُ الْبَعْضِ، بَلْ یَأْخُذُ الْجَمِیعَ، أَوْ یَدَعُ) لِئَلَّا یَتَضَرَّرَ الْمُشْتَرِی بِتَبْعِیضِ الصَّفْقَهِ؛ وَ لِأَنَّ حَقَّهُ فِی الْمَجْمُوعِ مِنْ حَیْثُ هُوَ الْمَجْمُوعُ کَالْخِیَارِ، حَتَّی لَوْ قال:

أَخَذْت نِصْفَهُ مَثَلًا بَطَلَتْ الشُّفْعَهُ، لِمُنَافَاتِهِ الْفَوْرِیَّهَ، حَیْثُ تُعْتَبَرُ. (وَیَأْخُذُ بِالثَّمَنِ الَّذِی وَقَعَ عَلَیْهِ الْعَقْدُ) أَیْ بِمِثْلِهِ؛ لِعَدَمِ إمْکَانِ الْأَخْذِ بِعَیْنِهِ إلَّا أَنْ یَتَمَلَّکَهُ وَ لَیْسَ بِلَازِمٍ، (وَ لَا یَلْزَمُهُ غَیْرُهُ مِنْ دَلَالَهٍ، أَوْ وَکَالَهٍ)، أَوْ أُجْرَهِ نَقْدٍ وَ وَزْنٍ وَ غَیْرِهَا؛ لِأَنَّهَا لَیْسَتْ مِنْ الثَّمَنِ وَ إِنْ کَانَتْ مِنْ تَوَابِعِهِ، (ثُمَّ إنْ کَانَ) الثَّمَنُ (مِثْلِیًّا فَعَلَیْهِ مِثْلُهُ وَ إِنْ کَانَ قِیَمِیًّا فَقِیمَتُهُ).

وَقِیلَ: لَا شُفْعَهَ هُنَا، لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ بِالثَّمَنِ وَ عَمَلًا بِرِوَایَهٍ لَا تَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ وَ قُصُورٍ عَنْ الدَّلَالَهِ.

وَعَلَی الْأَوَّلِ یَعْتَبِرُ قِیمَتَهُ (یَوْمَ الْعَقْدِ)؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ، فَحَیْثُ لَا یُمْکِنُ الْأَخْذُ بِهِ تُعْتَبَرُ قِیمَتُهُ حِینَئِذٍ.

وَقِیلَ: أَعْلَی الْقِیَمِ مِنْ حِینِهِ إلَی حِینِ دَفَعَهَا کَالْغَاصِبِ.

وَهُوَ ضَعِیفٌ (وَ هِیَ عَلَی الْفَوْرِ) فِی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ، اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَحَلِّ الْوِفَاقِ وَ لِمَا رُوِیَ أَنَّهَا کَحَلِّ الْعِقَالِ،؛ وَ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَ رُبَّمَا جَاءَ مِنْ التَّرَاخِی عَلَی الْمُشْتَرِی ضَرَرٌ أَقْوَی؛ لِأَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ کَانَ مُعَرَّضًا لِلنَّقْصِ وَ إِنْ أَهْمَلَ انْتَفَتْ فَائِدَهُ الْمِلْکِ.

وَقِیلَ: عَلَی التَّرَاخِی، اسْتِصْحَابًا لِمَا ثَبَتَ وَ أَصَالَهُ عَدَمِ الْفَوْرِیَّهِ فَهُوَ مَخْرَجٌ، عَنْ الْأَصْلِ وَ الرِّوَایَهُ عَامِّیَّهٌ.

نَعَمْ رَوَی عَلِیُّ بْنُ مِهْزِیَار عَنْ الْجَوَادِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إنْظَارَهُ بِالثَّمَنِ ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ.

وَهُوَ یُؤْذِنُ بِعَدَمِ التَّرَاخِی مُطْلَقًا وَ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَ هَذَا حَسَنٌ.

وَعَلَیْهِ (فَإِذَا عَلِمَ وَ أَهْمَلَ) عَالِمًا مُخْتَارًا (بَطَلَتْ) وَ یُعْذَرُ جَاهِلُ الْفَوْرِیَّهِ کَجَاهِلِ الشُّفْعَهِ وَ نَاسِیهِمَا.

وَتُقْبَلُ دَعْوَی الْجَهْلِ مِمَّنْ یُمْکِنُ فِی حَقِّهِ عَادَهً وَ کَذَا یُعْذَرُ مُؤَخِّرُ الطَّلَبِ إلَی الصُّبْحِ لَوْ بَلَغَهُ لَیْلًا وَ إِلَی الطَّهَارَهِ وَ الصَّلَاهِ وَ لَوْ بِالْأَذَانِ وَ الْإِقَامَهِ وَ السُّنَنِ الْمَعْهُودَهِ وَ انْتِظَارِ الْجَمَاعَهِ لَهَا وَ الْأَکْلِ وَ الشُّرْبِ وَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ بَعْدَ قَضَاءِ وَ طَرِهِ مِنْهُ وَ تَشْیِیعِ الْمُسَافِرِ وَ شُهُودِ الْجِنَازَهِ وَ قَضَاءِ حَاجَهِ طَالِبِهَا وَ عِیَادَهِ الْمَرِیضِ وَ نَحْوِ ذَلِکَ، لِشَهَادَهِ الْعُرْفِ بِهِ، إلَّا أَنْ یَکُونَ الْمُشْتَرِی حَاضِرًا عِنْدَهُ بِحَیْثُ لَا یَمْنَعُهُ مِنْ شُغْلِهِ وَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْبَیْعِ عِنْدَهُ بِشَهَادَهِ عَدْلَیْنِ، أَوْ الشِّیَاعِ فَلَا عِبْرَهَ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ وَ الْمَجْهُولِ وَ الصَّبِیِّ وَ الْمَرْأَهِ مُطْلَقًا وَ فِی شَهَادَهِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ وَجْهٌ وَ اکْتَفَی بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ مَعَ الْقَرِینَهِ، نَعَمْ لَوْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ کَانَ کَثُبُوتِهِ فِی حَقِّهِ وَ کَذَا لَوْ عَلِمَ صِدْقَهُ بِأَمْرٍ خَارِجٍ.

(وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَهُ بِالْفَسْخِ الْمُتَعَقِّبِ لِلْبَیْعِ بِتَقَایُلٍ، أَوْ فَسْخٍ بِعَیْبٍ)

أَمَّا مَعَ التَّقَایُلِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَقْدِ.

وَالشُّفْعَهُ تَثْبُتُ بِهِ فَتُقَدَّمُ وَ أَمَّا مَعَ الْعَیْبِ؛ فَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْفَسْخِ بِهِ فَرْعُ دُخُولِ الْمَعِیبِ فِی مِلْکِهِ، إذْ لَا یُعْقَلُ رَدُّ مَا کَانَ مِلْکًا لِلْغَیْرِ وَ دُخُولُهُ فِی مِلْکِهِ إنَّمَا یَتَحَقَّقُ بِوُقُوعِ الْعَقْد صَحِیحًا وَ فِی هَذَا الْوَقْتِ تَثْبُتُ الشُّفْعَهُ فَیَقْتَرِنَانِ وَ یُقَدَّمُ حَقُّ الشَّفِیعِ، لِعُمُومِ أَدِلَّهِ الشُّفْعَهِ لِلشَّرِیکِ وَ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَ لِأَنَّ فِیهِ جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ، لِأَنَّ الْعَیْبَ إنْ کَانَ فِی الثَّمَنِ الْمُعَیَّنِ فَالْبَائِعُ یَرْجِعُ إلَی قِیمَهِ الشِّقْصِ وَ إِنْ کَانَ فِی الشِّقْصِ فَالْمُشْتَرِی یَطْلُبُ الثَّمَنَ وَ هُوَ حَاصِلٌ لَهُ مِنْ الشَّفِیعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمْنَا الْبَائِعَ فِی الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ یَقْتَضِی سُقُوطَ حَقِّ الشَّفِیعِ مِنْ الشِّقْصِ عَیْنًا وَ قِیمَهً وَ کَذَا لَوْ قَدَّمْنَا الْمُشْتَرِیَ.

وَرُبَّمَا فَرَّقَ بَیْنَ أَخْذِ الشَّفِیعِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَ بَعْدَهُ، لِتَسَاوِیهِمَا فِی الثُّبُوتِ فَیُقَدَّمُ السَّابِقُ فِی الْأَخْذِ وَ یَضْعُفُ بِمَا ذَکَرْنَاهُ وَ قِیلَ بِتَقْدِیمِ حَقِّ الْمُتَبَایِعَیْنِ، لِاسْتِنَادِ الْفَسْخِ إلَی الْعَیْبِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ وَ الشُّفْعَهُ تَثْبُتُ بَعْدَهُ فَیَکُونُ الْعَیْبُ أَسْبَقَ.

وَفِیهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الْعَیْبِ غَیْرُ کَافٍ فِی السَّبَبِیَّهِ، بَلْ هُوَ مَعَ الْعَقْدِ، کَمَا أَنَّ الشَّرِکَهَ غَیْرُ کَافِیَهٍ فِی سَبَبِیَّهِ الشُّفْعَهِ، بَلْ هِیَ مَعَ الْعَقْدِ فَهُمَا مُتَسَاوِیَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَ إِنْ کَانَ جَانِبُ الْعَیْبِ لَا یَخْلُو مِنْ قُوَّهٍ إلَّا أَنَّهَا لَا تُوجِبُ التَّقْدِیمَ فَالْعَمَلُ عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَی. وَ لَوْ اخْتَارَ الْبَائِعُ أَخْذَ أَرْشِ الثَّمَنِ الْمَعِیبِ مِنْ الْمُشْتَرِی رَجَعَ الْمُشْتَرِی بِهِ عَلَی الشَّفِیعِ إنْ کَانَ أَخَذَ بِقِیمَهِ الْمَعِیبِ، أَوْ بِمَعِیبٍ مِثْلِهِ وَ إِلَّا فَلَا وَ لَوْ تَرَکَ الْبَائِعُ الرَّدَّ وَ الْأَرْشَ " مَعًا " مَعَ أَخْذِ الشَّفِیعِ لَهُ بِقِیمَهِ الْمَعِیبِ، أَوْ مِثْلِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَیْءٍ؛ لِأَنَّهُ کَإِسْقَاطِ بَعْضِ الثَّمَنِ.

وَکَذَا لَوْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِی أَخْذَ أَرْشِ