پایه ششم-الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

 

الروضه البهیه فی شرح اللمعه الدمشقیه

(35) کتاب الطلاق

(35) کتاب الطلاق

کِتَابُ الطَّلَاقِ

( الطَّلَاقُ ) وَهُوَ إزَالَهُ قَیْدِ النِّکَاحِ بِغَیْرِ عِوَضٍ بِصِیغَهِ " طَالِقٌ " ( وَفِیهِ فُصُولٌ ) :

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ : ( فِی أَرْکَانِهِ وَهِیَ )

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ : ( فِی أَرْکَانِهِ وَهِیَ ) أَرْبَعَهٌ

( الصِّیغَهُ ، وَالْمُطَلِّقُ ، وَالْمُطَلَّقَهُ ، وَالْإِشْهَادُ ) عَلَی الصِّیغَهِ ، ( وَاللَّفْظُ الصَّرِیحُ ) مِنْ الصِّیغَهِ ( أَنْتِ ، أَوْ هَذِهِ ، أَوْ فُلَانَهُ ) وَیَذْکُرُ اسْمَهَا ، أَوْ مَا یُفِیدُ التَّعْیِینَ ، ( أَوْ زَوْجَتِی مَثَلًا طَالِقٌ ) .

وَیَنْحَصِرُ عِنْدَنَا فِی هَذِهِ اللَّفْظَهِ ( فَلَا یَکْفِی أَنْتِ طَلَاقٌ ) وَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَی اسْمِ الْفَاعِلِ وَقَصَدَهُ فَصَارَ بِمَعْنَی طَالِقٍ وُقُوفًا عَلَی مَوْضِعِ النَّصِّ ، وَالْإِجْمَاعِ ، وَاسْتِصْحَابًا لِلزَّوْجِیَّهِ ؛ وَلِأَنَّ الْمَصَادِرَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِی غَیْرِ مَوْضُوعِهَا مَجَازًا ، وَإِنْ کَانَ فِی اسْمِ الْفَاعِلِ شَهِیرًا ، وَهُوَ غَیْرُ کَافٍ فِی اسْتِعْمَالِهَا فِی مِثْلِ الطَّلَاقِ وَلَا مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ ، ( وَلَا مُطَلَّقَهٌ ، وَلَا طَلَّقْت فُلَانَهَ عَلَی قَوْلٍ مَشْهُورٍ ) لِأَنَّهُ لَیْسَ بِصَرِیحٍ فِیهِ ؛ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ ، وَنَقْلُهُ إلَی الْإِنْشَاءِ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ فَیُقْتَصَرُ فِیهِ عَلَی مَوْضِعِ الْوِفَاقِ ، وَهُوَ صِیَغُ الْعُقُودِ فَاطِّرَادُهُ فِی الطَّلَاقِ قِیَاسٌ ، وَالنَّصُّ دَلَّ فِیهِ عَلَی طَالِقٍ ، وَلَمْ یَدُلَّ عَلَی غَیْرِهِ فَیُقْتَصَرُ عَلَیْهِ ، وَمِنْهُ یَظْهَرُ جَوَابُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُ بِالْوُقُوعِ وَهُوَ الشَّیْخُ فِی أَحَدِ قَوْلَیْهِ اسْتِنَادًا إلَی کَوْنِ صِیغَهِ الْمَاضِی فِی غَیْرِهِ مَنْقُولَهً إلَی الْإِنْشَاءِ وَنِسْبَهُ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانَ إلَی الْقَوْلِ مُشْعِرٌ بِمَیْلِهِ إلَی الصِّحَّهِ .

( وَلَا عِبْرَهَ ) عِنْدَنَا ( بِالسَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ ) وَإِنْ عَبَّرَ عَنْ الطَّلَاقِ بِهِمَا فِی الْقُرْآنِ الْکَرِیمِ بِقَوْلِهِ : { أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسَانٍ } { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } ؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا یُطْلَقَانِ عَلَیْهِ فَکَانَا کِنَایَهً عَنْهُ ، لَا صَرَاحَهً فِیهِمَا ، وَالتَّعْبِیرُ بِهِمَا لَا یَدُلُّ عَلَی جَوَازِ إیقَاعِهِ بِهِمَا .

( وَ ) کَذَا ( الْخَلِیَّهُ وَالْبَرِیَّهُ ) وَغَیْرُهُمَا مِنْ الْکِنَایَاتِ کَالْبَتَّهِ ، وَالْبَتْلَهِ ، وَحَرَامٌ ، وَبَائِنٌ ، وَاعْتَدِّی ( وَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ ) لِأَصَالَهِ بَقَاءِ النِّکَاحِ إلَی أَنْ یَثْبُتَ شَرْعًا مَا یُزِیلُهُ .

(وَطَلَاقُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَهِ )الْمُفْهِمَهِ لَهُ ،

( وَإِلْقَاءِ الْقِنَاعِ ) عَلَی رَأْسِهَا لِیَکُونَ قَرِینَهً عَلَی وُجُوبِ سَتْرِهَا مِنْهُ ، وَالْمَوْجُودُ فِی کَلَامِ الْأَصْحَابِ الْإِشَارَهُ خَاصَّهً ، وَفِی الرِّوَایَهِ إلْقَاءُ الْقِنَاعِ فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَیْنَهُمَا ، وَهُوَ أَقْوَی دَلَالَهً .

وَالظَّاهِرُ : أَنَّ إلْقَاءَ الْقِنَاعِ مِنْ جُمْلَهِ الْإِشَارَاتِ وَیَکْفِی مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَی قَصْدِهِ الطَّلَاقَ کَمَا یَقَعُ غَیْرُهُ مِنْ الْعُقُودِ ، وَالْإِیقَاعَاتِ ، وَالدَّعَاوَی ، وَالْأَقَارِیرِ .

(وَلَا یَقَعُ )الطَّلَاقُ(بِالْکَتْبِ)

بِفَتْحِ الْکَافِ مَصْدَرُ کَتَبَ کَالْکِتَابَهِ مِنْ دُونِ تَلَفُّظٍ مِمَّنْ یُحْسِنُهُ ( حَاضِرًا ) کَانَ الْکَاتِبُ ، ( أَوْ غَائِبًا ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ ، لِأَصَالَهِ بَقَاءِ النِّکَاحِ ، وَلِحَسَنَهَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إنَّمَا الطَّلَاقُ أَنْ یَقُولَ : أَنْتِ طَالِقٌ " الْخَبَرَ ، وَحَسَنَهَ زُرَارَهَ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ کَتَبَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ قَالَ : " لَیْسَ ذَلِکَ بِطَلَاقٍ " .

وَلِلشَّیْخِ قَوْلٌ بِوُقُوعِهِ بِهِ لِلْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ ، لِصَحِیحَهِ أَبِی حَمْزَهَ الثُّمَالِیِّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْغَائِبِ لَا یَکُونُ طَلَاقٌ حَتَّی یَنْطِقَ بِهِ لِسَانُهُ ، أَوْ یَخُطَّهُ بِیَدِهِ وَهُوَ یُرِیدُ بِهِ الطَّلَاقَ " .

وَحُمِلَ عَلَی حَالَهِ الِاضْطِرَارِ جَمْعًا .

ثُمَّ عَلَی تَقْدِیرِ وُقُوعِهِ لِلضَّرُورَهِ ، أَوْ مُطْلَقًا عَلَی وَجْهٍ یَعْتَبِرُ رُؤْیَهَ الشَّاهِدَیْنِ لِکِتَابَتِهِ حَالَتَهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ بِمَنْزِلَهِ النُّطْقِ بِالطَّلَاقِ فَلَا یَتِمُّ إلَّا بِالشَّاهِدَیْنِ ، وَکَذَا یَعْتَبِرُ رُؤْیَتَهُمَا إشَارَهَ الْعَاجِزِ ، ( وَلَا بِالتَّخْیِیرِ ) لِلزَّوْجَهِ بَیْنَ الطَّلَاقِ وَالْبَقَاءِ ، بِقَصْدِ الطَّلَاقِ ( وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِی الْحَالِ ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ .

لِمَا مَرَّ ، وَقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " مَا لِلنَّاسِ وَالْخِیَارِ إنَّمَا هَذَا شَیْءٌ خَصَّ اللَّهُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " وَذَهَبَ ابْنُ الْجُنَیْدِ إلَی وُقُوعِهِ بِهِ لِصَحِیحَهِ حُمْرَانَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " الْمُخَیَّرَهُ تَبِینُ مِنْ سَاعَتِهَا مِنْ غَیْرِ طَلَاقٍ " وَحُمِلَتْ عَلَی تَخْیِیرِهَا بِسَبَبٍ غَیْرِ الطَّلَاقِ کَتَدْلِیسٍ ، وَعَیْبٍ جَمْعًا .

( وَلَا مُعَلَّقًا عَلَی شَرْطٍ ) وَهُوَ مَا أَمْکَنَ وُقُوعُهُ ، وَعَدَمُهُ کَقُدُومِ الْمُسَافِرِ ، وَدُخُولِهَا الدَّارَ ، ( أَوْ صِفَهٍ ) وَهُوَ مَا قُطِعَ بِحُصُولِهِ عَادَهً کَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا .

وَهُوَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ مِنَّا ، إلَّا أَنْ یَکُونَ الشَّرْطُ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ لَهُ حَالَ الصِّیغَهِ کَمَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ کَانَ الطَّلَاقُ یَقَعُ بِکِ ، وَهُوَ یَعْلَمُ وُقُوعَهُ عَلَی الْأَقْوَی ؛ ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ غَیْرُ مُعَلَّقٍ ، وَمِنْ الشَّرْطِ تَعْلِیقُهُ عَلَی مَشِیئَهِ اللَّهِ تَعَالَی . ( وَلَوْ فَسَّرَ الطَّلْقَهَ بِأَزْیَدَ مِنْ الْوَاحِدَهِ ) کَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ( لَغَا التَّفْسِیرُ ) وَوَقَعَ وَاحِدَهٌ ؛ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِی وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ ؛ إذْ لَیْسَ إلَّا الضَّمِیمَهُ وَهِیَ تُؤَکِّدُهُ وَلَا تُنَافِیهِ ، وَلِصَحِیحَهِ جَمِیلٍ ، وَغَیْرِهَا فِی الَّذِی یُطَلِّقُ فِی مَجْلِسٍ ثَلَاثًا .

قَالَ : هِیَ وَاحِدَهٌ .

وَقِیلَ : یَبْطُلُ الْجَمِیعُ ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَهٌ لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِی مَجْلِسٍ فَلَیْسَ بِشَیْءٍ ، مَنْ خَالَفَ کِتَابَ اللَّهِ رُدَّ إلَی کِتَابِ اللَّهِ ، وَحُمِلَ عَلَی إرَادَهِ عَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ الَّتِی أَرَادَهَا ( وَیُعْتَبَرُ فِی الْمُطَلِّقِ الْبُلُوغُ ) فَلَا یَصِحُّ طَلَاقُ الصَّبِیِّ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِیُّ ، أَوْ بَلَغَ عَشْرًا عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ( وَالْعَقْلُ ) فَلَا یَصِحُّ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ مُطْلَقًا ، وَلَا غَیْرِهِ حَالَ جُنُونِهِ ( وَیُطَلِّقُ الْوَلِیُّ ) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ لَهُ مَعَ اتِّصَالِ جُنُونِهِ بِصِغَرِهِ ، وَالْحَاکِمُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا ، أَوْ مَعَ عَدَمِهِ ( عَنْ الْمَجْنُونِ ) الْمُطْبِقِ مَعَ الْمَصْلَحَهِ ( لَا عَنْ الصَّبِیِّ ) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا یُرْتَقَبُ وَیَزُولُ نَقْصُهُ فِیهِ ، وَکَذَا الْمَجْنُونُ ذُو الْأَدْوَارِ ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِیُّ فَاسِدَ الْعَقْلِ طَلَّقَ عَنْهُ الْوَلِیُّ حِینَئِذٍ ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ طَلَاقِ الْوَلِیِّ عَنْ الْمَجْنُونِ مِنْ غَیْرِ فَرْقٍ بَیْنَ الْمُطْبِقِ ، وَغَیْرِهِ .

وَفِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ وَالتَّفْصِیلُ مُتَوَجِّهٌ ، وَبِهِ قَطَعَ فِی الْقَوَاعِدِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَخْبَارَ غَیْرُ صَرِیحَهٍ فِی جَوَازِهِ مِنْ وَلِیِّهِ ، وَلَکِنَّ فَخْرَ الْمُحَقِّقِینَ ادَّعَی الْإِجْمَاعَ عَلَی جَوَازِهِ فَکَانَ أَقْوَی فِی حُجِّیَّتِهِ مِنْهَا .

وَالْعَجَبُ أَنَّ الشَّیْخَ فِی الْخِلَافِ ادَّعَی الْإِجْمَاعَ عَلَی عَدَمِهِ .

( وَ ) کَذَا ( لَا ) یُطَلِّقُ الْوَلِیُّ ( عَنْ السَّکْرَانِ ) ، وَکَذَا الْمُغْمَی عَلَیْهِ ، وَشَارِبُ الْمُرْقِدِ کَالنَّائِمِ ؛ لِأَنَّ عُذْرَهُمْ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ ( وَالِاخْتِیَارُ )

(فَلَا یَقَعُ طَلَاقُ الْمُکْرَهِ )

کَمَا لَا یَقَعُ شَیْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ عَدَا مَا اسْتَثْنَی وَیَتَحَقَّقُ الْإِکْرَاهُ بِتَوَعُّدِهِ بِمَا یَکُونُ مُضِرًّا بِهِ فِی نَفْسِهِ ، أَوْ مَنْ یَجْرِی مَجْرَاهُ بِحَسَبِ حَالِهِ مَعَ قُدْرَهِ الْمُتَوَعِّدِ عَلَی فِعْلِ مَا تَوَعَّدَ بِهِ ، وَالْعِلْمِ ، أَوْ الظَّنِّ أَنَّهُ یَفْعَلُهُ بِهِ لَوْ لَمْ یَفْعَلْ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِ الْمُتَوَعَّدِ بِهِ قَتْلًا ، وَجُرْحًا ، وَأَخْذَ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ ، وَشَتْمًا ، وَضَرْبًا ، وَحَبْسًا ، وَیَسْتَوِی فِی الثَّلَاثَهِ الْأُوَلِ جَمِیعُ النَّاسِ .

أَمَّا الثَّلَاثَهُ الْأَخِیرَهُ فَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَقَدْ یُؤَثِّرُ قَلِیلُهَا فِی الْوَجِیهِ الَّذِی یَنْقُصُهُ ذَلِکَ ، وَقَدْ یَحْتَمِلُ بَعْضُ النَّاسِ شَیْئًا مِنْهَا لَا یُؤَثِّرُ فِی قَدْرِهِ ، وَالْمَرْجِعُ فِی ذَلِکَ إلَی الْعُرْفِ ، وَلَوْ خَیَّرَهُ الْمُکْرِهُ بَیْنَ الطَّلَاقِ ، وَدَفْعِ مَالٍ غَیْرِ مُسْتَحَقٍّ فَهُوَ إکْرَاهٌ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَیَّرَهُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ فِعْلٍ یَسْتَحِقُّهُ الْآمِرُ مِنْ مَالٍ ، وَغَیْرِهِ ، وَإِنْ حَتَّمَ أَحَدَهُمَا عَلَیْهِ ، کَمَا لَا إکْرَاهَ لَوْ أَلْزَمَهُ بِالطَّلَاقِ فَفَعَلَهُ قَاصِدًا إلَیْهِ ، أَوْ عَلَی طَلَاقِ مُعَیَّنَهٍ فَطَلَّقَ غَیْرَهَا ، أَوْ عَلَی طَلْقَهٍ فَطَلَّقَ أَزْیَدَ .

وَلَوْ أَکْرَهَهُ عَلَی طَلَاقِ إحْدَی الزَّوْجَتَیْنِ فَطَلَّقَ مُعَیَّنَهً فَالْأَقْوَی أَنَّهُ إکْرَاهٌ ؛ إذْ لَا یَتَحَقَّقُ فِعْلُ مُقْتَضَی أَمْرِهِ بِدُونِ أَحَدَیْهِمَا ، وَکَذَا الْقَوْلُ فِی غَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْإِیقَاعِ ، وَلَا یَشْتَرِطُ التَّوْرِیَهَ بِأَنْ یَنْوِیَ غَیْرَهَا وَإِنْ أَمْکَنَتْ .

( وَالْقَصْدُ ، فَلَا عِبْرَهَ بِعِبَارَهِ السَّاهِی ، وَالنَّائِمِ ، وَالْغَالِطِ .

) وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِیرِ : أَنَّ الْأَوَّلَ لَا قَصْدَ لَهُ مُطْلَقًا وَالثَّانِیَ لَهُ قَصْدٌ إلَی غَیْرِ مَنْ طَلَّقَهَا فَغَلِطَ وَتَلَفَّظَ بِهَا .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ظَنَّ زَوْجَتَهُ أَجْنَبِیَّهً بِأَنْ کَانَتْ فِی ظُلْمَهٍ ، أَوْ أَنْکَحَهَا لَهُ وَلِیُّهُ ، أَوْ وَکِیلُهُ وَلَمْ یَعْلَمْ ، وَیُصَدَّقُ فِی ظَنِّهِ ظَاهِرًا وَفِی عَدَمِ الْقَصْدِ لَوْ ادَّعَاهُ مَا لَمْ تَخْرُجْ الْعِدَّهُ الرَّجْعِیَّهُ ، وَلَا یُقْبَلُ فِی غَیْرِهَا ، إلَّا مَعَ اتِّصَالِ الدَّعْوَی بِالصِّیغَهِ ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ قَبُولَ قَوْلِهِ فِی الْعِدَّهِ مِنْ غَیْرِ تَفْصِیلٍ .

(وَیَجُوزُ تَوْکِیلُ الزَّوْجَهِ فِی طَلَاقِ نَفْسِهَا ، وَغَیْرِهَا )

کَمَا یَجُوزُ تَوَلِّیهَا غَیْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ ؛ لِأَنَّهَا کَامِلَهٌ فَلَا وَجْهَ لِسَلْبِ عِبَارَتِهَا فِیهِ ، وَلَا یَقْدَحُ کَوْنُهَا بِمَنْزِلَهِ مُوجِبَهٍ وَقَابِلَهٍ عَلَی تَقْدِیرِ طَلَاقِ نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُغَایَرَهَ الِاعْتِبَارِیَّهَ کَافِیَهٌ ، وَهُوَ مِمَّا یَقْبَلُ النِّیَابَهُ فَلَا خُصُوصِیَّهَ لِلنَّائِبِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { الطَّلَاقُ بِیَدِ مَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ } لَا یُنَافِیهِ ؛ لِأَنَّ یَدَهَا مُسْتَفَادَهٌ مِنْ یَدِهِ ، مَعَ أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَی الْحَصْرِ ضَعِیفَهٌ . ( وَیُعْتَبَرُ فِی الْمُطَلَّقَهِ الزَّوْجِیَّهُ ) فَلَا یَقَعُ بِالْأَجْنَبِیَّهِ ، وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَی النِّکَاحِ ، وَلَا بِالْأَمَهِ ، ( وَالدَّوَامُ ) فَلَا یَقَعُ بِالْمُتَمَتِّعِ بِهَا ، ( وَالطُّهْرُ مَنْ الْحَیْضِ ، وَالنِّفَاسِ إذَا کَانَتْ الْمُطَلَّقَهُ مَدْخُولًا بِهَا حَائِلًا حَاضِرًا زَوْجُهَا مَعَهَا ) فَلَوْ اخْتَلَّتْ أَحَدُ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَهِ بِأَنْ کَانَتْ غَیْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ، أَوْ حَامِلًا إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ حَیْضِهَا ، أَوْ زَوْجُهَا غَائِبًا عَنْهَا ، صَحَّ طَلَاقُهَا وَإِنْ کَانَتْ حَائِضًا ، أَوْ نُفَسَاءَ ، لَکِنْ لَیْسَ مُطْلَقُ الْغَیْبَهِ کَافِیًا فِی صِحَّهِ طَلَاقِهَا ، بَلْ الْغَیْبَهُ عَلَی وَجْهٍ مَخْصُوصٍ .

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِی حَدِّ الْغَیْبَهِ الْمُجَوِّزَهِ لَهُ عَلَی أَقْوَالٍ أَجْوَدُهَا مُضِیُّ مُدَّهٍ یَعْلَمُ أَوْ یَظُنُّ انْتِقَالَهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِی وَاقَعَهَا فِیهِ إلَی غَیْرِهِ .

وَیَخْتَلِفُ ذَلِکَ بِاخْتِلَافِ عَادَتِهَا فَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ الْأَخْبَارُ فِی تَقْدِیرِهَا ، وَاخْتَلَفَ بِسَبَبِهَا الْأَقْوَالُ ، فَإِذَا حَصَلَ الظَّنُّ بِذَلِکَ جَازَ طَلَاقُهَا وَإِنْ اتَّفَقَ کَوْنُهَا حَائِضًا حَالَ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ یَعْلَمْ بِحَیْضِهَا حِینَئِذٍ وَلَوْ بِخَبَرِ مَنْ یُعْتَمَدُ عَلَی خَبَرِهِ شَرْعًا ، وَإِلَّا بَطَلَ ، وَفِی حُکْمِ عِلْمِهِ بِحَیْضِهَا عِلْمُهُ بِکَوْنِهَا فِی طُهْرِ الْمُوَاقَعَهِ عَلَی الْأَقْوَی .

وَفِی الْمَسْأَلَهِ بَحْثٌ عَرِیضٌ قَدْ حَقَّقْنَاهُ فِی رِسَالَهٍ مُفْرَدَهٍ مَنْ أَرَادَ تَحْقِیقَ الْحَالِ فَلْیَقِفْ عَلَیْهَا ، وَفِی حُکْمِ الْغَائِبِ مَنْ لَا یُمْکِنُهُ مَعْرِفَهُ حَالِهَا لِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ مَعَ حُضُورِهِ ، کَمَا أَنَّ الْغَائِبَ الَّذِی یُمْکِنُهُ مَعْرِفَهُ حَالِهَا ، أَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ الْمُعْتَبَرَهِ ، فِی حُکْمِ الْحَاضِرِ .

وَیَتَحَقَّقُ ظَنُّ انْقِضَاءِ نِفَاسِهَا بِمُضِیِّ زَمَانٍ تَلِدُ فِیهِ عَادَهً وَأَکْثَرُ النِّفَاسِ بَعْدَهَا ، أَوْ عَادَتُهَا فِیهِ وَلَوْ لَمْ یَعْلَمْ ذَلِکَ کُلَّهُ وَلَمْ یَظُنَّهُ تَرَبَّصَ ثَلَاثَهَ أَشْهُرٍ کَالْمُسْتَرَابَهِ . ( وَالتَّعْیِینُ ) أَیْ تَعْیِینُ الْمُطَلَّقَهِ لَفْظًا ، أَوْ نِیَّهً ، فَلَوْ طَلَّقَ إحْدَی زَوْجَتَیْهِ لَا بِعَیْنِهَا بَطَلَ ( عَلَی الْأَقْوَی ) لِأَصَالَهِ بَقَاءِ النِّکَاحِ فَلَا یَزُولُ إلَّا بِسَبَبٍ مُحَقَّقِ السَّبَبِیَّهِ ؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ أَمْرٌ مُعَیَّنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ مُعَیَّنٍ ، وَحَیْثُ لَا مَحَلَّ فَلَا طَلَاقَ ؛ وَلِأَنَّ الْأَحْکَامَ مِنْ قَبِیلِ الْأَعْرَاضِ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَحَلٍّ تَقُومُ بِهِ ؛ وَلِأَنَّ تَوَابِعَ الطَّلَاقِ مِنْ الْعِدَّهِ وَغَیْرِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَحَلٍّ مُعَیَّنٍ .

وَقِیلَ : لَا یُشْتَرَطُ وَتُسْتَخْرَجُ الْمُطَلَّقَهُ بِالْقُرْعَهِ أَوْ یُعَیِّنُ مَنْ شَاءَ ؛ لِعُمُومِ مَشْرُوعِیَّهِ الطَّلَاقِ ، وَمَحَلُّ الْمُبْهَمِ جَازَ أَنْ یَکُونَ مُبْهَمًا ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَیْهِمَا زَوْجَهٌ وَکُلُّ زَوْجَهٍ یَصِحُّ طَلَاقُهَا ، وَقَوَّاهُ الْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَی ذَلِکَ الْعِدَّهُ فَقِیلَ : ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِینِ الْإِیقَاعِ .

وَقِیلَ : مِنْ حِینِ التَّعْیِینِ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَیْهِ أَیْضًا فُرُوعٌ کَثِیرَهٌ لَیْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِکْرِهَا

الْفَصْلُ الثَّانِی (فِی أَقْسَامِهِ )

الْفَصْلُ الثَّانِی (فِی أَقْسَامِهِ )

وَهُوَ یَنْقَسِمُ أَرْبَعَهَ أَقْسَامٍ ( وَهِیَ ) مَا عَدَا الْمُبَاحَ ، وَهُوَ مُتَسَاوِی الطَّرَفَیْنِ مِنْ الْأَحْکَامِ الْخَمْسَهِ فَإِنَّهُ لَا یَکُونُ کَذَلِکَ بَلْ إمَّا رَاجِحٌ ، أَوْ مَرْجُوحٌ مَعَ الْمَنْعِ مِنْ النَّقِیضِ وَتَعَیُّنِهِ أَمْ لَا ، وَتَفْصِیلُهَا أَنَّهُ : ( إمَّا حَرَامٌ وَهُوَ طَلَاقُ الْحَائِضِ ، لَا مَعَ الْمُصَحِّحِ لَهُ ) وَهُوَ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَهِ السَّابِقَهِ أَعْنِی : عَدَمَ الدُّخُولِ أَوَّلَ الْحَمْلِ ، أَوْ الْغَیْبَهَ ، ( وَ ) کَذَا ( النُّفَسَاءُ ، وَفِی طُهْرٍ جَامَعَهَا فِیهِ ) وَهِیَ غَیْرُ صَغِیرَهٍ ، وَلَا یَائِسَهٍ ، وَلَا حَامِلٍ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا أَوْ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَی أَنَّهُ لَا یُسْتَثْنَی لِلْغَائِبِ إلَّا کَوْنُهَا حَائِضًا عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّصِّ .

( وَالثَّلَاثُ مِنْ غَیْرِ رَجْعَهٍ ) وَالتَّحْرِیمُ هُنَا یَرْجِعُ إلَی الْمَجْمُوعِ مِنْ حَیْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ ، وَذَلِکَ لَا یُنَافِی تَحْلِیلَ بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ الطَّلْقَهُ الْأُولَی إذْ لَا مَنْعَ مِنْهَا إذَا اجْتَمَعَتْ الشَّرَائِطُ .

( وَکُلُّهُ ) أَیْ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ بِجَمِیعِ أَقْسَامِهِ ( لَا یَقَعُ ) بَلْ یَبْطُلُ ( لَکِنْ یَقَعُ فِی ) الطَّلْقَاتِ ( الثَّلَاثِ ) مِنْ غَیْرِ رَجْعَهٍ ( وَاحِدَهً ) وَهِیَ الْأُولَی ، أَوْ الثَّانِیَهُ عَلَی تَقْدِیرِ وُقُوعِ خَلَلٍ فِی الْأُولَی ، أَوْ الثَّالِثَهِ عَلَی تَقْدِیرِ فَسَادِ الْأُولَیَیْنِ .

( وَإِمَّا مَکْرُوهٌ ، وَهُوَ الطَّلَاقُ مَعَ الْتِئَامِ الْأَخْلَاقِ ) أَیْ أَخْلَاقِ الزَّوْجَیْنِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ شَیْءٍ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَی أَبْغَضُ إلَیْهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَذَلِکَ حَیْثُ لَا مُوجِبَ لَهُ .

( وَإِمَّا وَاجِبٌ ، وَهُوَ طَلَاقُ الْمَوْلَی ، وَالْمُظَاهِرِ ) فَإِنَّهُ یَجِبُ عَلَیْهِ أَحَدُ الْأَمْرَیْنِ : الْفِئَهُ ، أَوْ الطَّلَاقُ کَمَا سَیَأْتِی ، فَکُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یُوصَفُ بِالْوُجُوبِ التَّخْیِیرِیِّ ، وَهُوَ وَاجِبٌ بِقَوْلِ مُطْلَقٍ .

( وَإِمَّا سُنَّهٌ ، وَهُوَ الطَّلَاقُ مَعَ الشِّقَاقِ ) بَیْنَهُمَا ، ( وَعَدَمِ رَجَاءِ الِاجْتِمَاعِ ) وَالْوِفَاقِ ، ( وَالْخَوْفِ مَنْ الْوُقُوعِ فِی الْمَعْصِیَهِ ) یُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّهِ شَرَائِطِ سُنَّتِهِ عَلَی تَقْدِیرِ الشِّقَاقِ ، وَیُمْکِنُ کَوْنُهُ فَرْدًا بِرَأْسِهِ .

وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، فَإِنَّ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِی الْمَعْصِیَهِ قَدْ یُجَامِعُ اتِّفَاقَهُمَا فَیُسَنُّ تَخَلُّصًا مِنْ الْخَوْفِ الْمَذْکُورِ إنْ لَمْ یَجِبْ کَمَا وَجَبَ النِّکَاحُ لَهُ .

(وَیُطْلَقُ الطَّلَاقُ السُّنِّیُّ )

الْمَنْسُوبُ إلَی السُّنَّهِ ( عَلَی کُلِّ طَلَاقٍ جَائِزٍ شَرْعًا ) .

وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَائِزُ بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ ( وَهُوَ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ ) وَیُقَالُ لَهُ طَلَاقُ السُّنَّهِ بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ ، وَیُقَابِلُهُ الْبِدْعِیُّ وَهُوَ الْحَرَامُ ، وَیُطْلَقُ السُّنِّیُّ عَلَی مَعْنًی أَخَصَّ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنْ یُطَلِّقَ عَلَی الشَّرَائِطِ ، ثُمَّ یَتْرُکَهَا حَتَّی تَخْرُجَ مِنْ الْعِدَّهِ ، وَیَعْقِدَ عَلَیْهَا ثَانِیًا ، وَیُقَالُ لَهُ : طَلَاقُ السُّنَّهِ بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ ، وَسَیَأْتِی مَا یَخْتَلِفُ مِنْ حُکْمِهِمَا ( وَهُوَ ) أَیْ الطَّلَاقُ السُّنِّیُّ بِالْمَعْنَی الْأَعَمِّ ( ثَلَاثَهُ ) أَقْسَامٍ : ( بَائِنٌ ) لَا یُمْکِنُ لِلْمُطَلِّقِ الرُّجُوعُ فِیهِ ابْتِدَاءً ( وَهُوَ سِتَّهٌ : طَلَاقُ غَیْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ) دُخُولًا یُوجِبُ الْغُسْلَ فِی قُبُلٍ ، أَوْ دُبُرٍ .

( وَالْیَائِسَهِ ) مِنْ الْحَیْضِ ، وَمِثْلُهَا لَا یَحِیضُ ( وَالصَّغِیرَهِ ) إذْ لَا عِدَّهَ لِهَذِهِ الثَّلَاثِ ، وَلَا رُجُوعَ إلَّا فِی عِدَّهٍ ( وَ ) طَلَاقُ ( الْمُخْتَلِعَهِ .

وَالْمُبَارَأَهِ .

مَا لَمْ تُرْجَعَا فِی الْبَذْلِ ) فَإِذَا رُجِعَتَا صَارَ رَجْعِیًّا ( وَالْمُطَلَّقَهِ ثَالِثَهَ ) ثَلَاثَهٍ ( بَعْدَ رَجْعَتَیْنِ ) کُلُّ وَاحِدَهٍ عَقِیبَ طَلْقَهٍ إنْ کَانَتْ حُرَّهً ، وَثَانِیَهً بَیْنَهَا وَبَیْنَ الْأُولَی رَجْعَهٌ إنْ کَانَتْ أَمَهً ( وَرَجْعِیٌّ وَهُوَ مَا لِلْمُطَلِّقِ فِیهِ الرَّجْعَهُ ) ، سَوَاءٌ ( رَجَعَ أَوْ لَا ) فَإِطْلَاقُ الرَّجْعِیِّ عَلَیْهِ بِسَبَبِ جَوَازِهَا فِیهِ کَإِطْلَاقِ الْکَاتِبِ عَلَی مُطْلَقِ الْإِنْسَانِ مِنْ حَیْثُ صَلَاحِیَّتُهُ لَهَا .

( وَ ) الثَّالِثُ ( طَلَاقُ الْعِدَّهِ ، وَهُوَ أَنْ یُطَلِّقَ عَلَی الشَّرَائِطِ ثُمَّ یَرْجِعَ فِی الْعِدَّهِ ، وَیَطَأَ ، ثُمَّ یُطَلِّقَ فِی طُهْرٍ آخَرَ ) ، وَإِطْلَاقُ الْعِدِّیِّ عَلَیْهِ مِنْ حَیْثُ الرُّجُوعُ فِیهِ فِی الْعِدَّهِ ، وَجَعْلُهُ قَسِیمًا لِلْأَوَّلَیْنِ یَقْتَضِی مُغَایَرَتَهُ لَهُمَا مَعَ أَنَّهُ أَخُصُّ مِنْ الثَّانِی فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَهِ إفْرَادِهِ ، بَلْ أَظْهَرُهَا حَیْثُ رَجَعَ فِی الْعِدَّهِ ، فَلَوْ جَعَلَهُ قِسْمَیْنِ ثُمَّ قَسَّمَ الرَّجْعِیَّ إلَیْهِ وَإِلَی غَیْرِهِ کَانَ أَجْوَدَ .

( وَهَذِهِ ) أَعْنِی : الْمُطَلَّقَهَ لِلْعِدَّهِ ( تُحَرَّمُ فِی التَّاسِعَهِ أَبَدًا ) إذَا کَانَتْ حُرَّهً ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُحَرَّمُ فِی کُلِّ ثَالِثَهٍ حَتَّی تَنْکِحَ زَوْجًا غَیْرَهُ ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ طَلَاقُهَا لِلْعِدَّهِ مَرَّتَیْنِ مِنْ کُلِّ ثَلَاثَهٍ ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ لَا یَکُونُ عِدِّیًا حَیْثُ لَا رُجُوعَ فِیهَا فِیهِ ( وَمَا عَدَاهُ ) مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ الصَّحِیحِ ، وَهُوَ مَا إذَا رَجَعَ فِیهَا وَتَجَرَّدَ عَنْ الْوَطْءِ ، أَوْ بَعْدَهَا بِعَقْدٍ جَدِیدٍ وَإِنْ وَطِئَ ( تُحَرَّمُ ) الْمُطَلَّقَهُ ( فِی کُلِّ ثَالِثَهٍ لِلْحُرَّهِ ، وَفِی کُلِّ ثَانِیَهٍ لِلْأَمَهِ ) .

وَفِی إلْحَاقِ طَلَاقِ الْمُخْتَلِعَهِ إذَا رَجَعَ فِی الْعِدَّهِ بَعْدَ رُجُوعِهَا فِی الْبَذْلِ وَالْمَعْقُودِ عَلَیْهَا فِی الْعِدَّهِ الرَّجْعِیَّهِ بِهِ قَوْلَانِ : مَنْشَؤُهُمَا مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ أَقْسَامِ الْبَائِنِ وَالْعِدِّیِّ مِنْ أَقْسَامِ الرَّجْعِیِّ ، وَأَنَّ شَرْطَهُ الرُّجُوعُ فِی الْعِدَّهِ ، وَالْعَقْدُ الْجَدِیدُ لَا یُعَدُّ رُجُوعًا وَمِنْ أَنَّ رُجُوعَهَا فِی الْبَذْلِ صَیَّرَهُ رَجْعِیًّا وَأَنَّ الْعَقْدَ فِی الرَّجْعِیِّ بِمَعْنَی الرَّجْعَهِ وَالْأَقْوَی إلْحَاقُ الْأَوَّلِ بِهِ دُونَ الثَّانِی لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ وَمَنْعِ إلْحَاقِ الْمُسَاوِی بِمِثْلِهِ ( وَالْأَفْضَلُ فِی الطَّلَاقِ أَنْ یُطَلِّقَ عَلَی الشَّرَائِطِ ) الْمُعْتَبَرَهِ فِی صِحَّتِهِ ، ( ثُمَّ یَتْرُکَهَا حَتَّی تَخْرُجَ مِنْ الْعِدَّهِ ، ثُمَّ یَتَزَوَّجَهَا إنْ شَاءَ وَعَلَی هَذَا ) .

وَهَذَا هُوَ طَلَاقُ السُّنَّهِ بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ ، وَلَا تُحَرَّمُ الْمُطَلَّقَهُ بِهِ مُؤَبَّدًا أَبَدًا ، وَإِنَّمَا کَانَ أَفْضَلَ لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ ، وَإِنَّمَا یَکُونُ أَفْضَلَ حَیْثُ تَشْتَرِکُ أَفْرَادُهُ فِی أَصْلِ الْأَفْضَلِیَّهِ وُجُوبًا ، أَوْ نَدْبًا ، لِاقْتِضَاءِ أَفْعَلِ التَّفْضِیلِ الِاشْتِرَاکَ فِی أَصْلِ الْمَصْدَرِ ، وَمَا یَکُونُ مَکْرُوهًا ، أَوْ حَرَامًا لَا فَضِیلَهَ فِیهِ .

( وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُکَیْرٍ : ( إنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا یَحْتَاجُ إلَی مُحَلِّلٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ ) ، بَلْ اسْتِیفَاءُ الْعِدَّهِ الثَّالِثَهِ یَهْدِمُ التَّحْرِیمَ اسْتِنَادًا إلَی رِوَایَهٍ أَسْنَدَهَا إلَی زُرَارَهَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقُولُ : " الطَّلَاقُ الَّذِی یُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَی وَاَلَّذِی یُطَلِّقُ الْفَقِیهُ وَهُوَ الْعَدْلُ بَیْنَ الْمَرْأَهِ وَالرَّجُلِ أَنْ یُطَلِّقَهَا فِی اسْتِقْبَالِ الطُّهْرِ بِشَهَادَهِ شَاهِدَیْنِ وَإِرَادَهٍ مِنْ الْقَلْبِ ، ثُمَّ یَتْرُکَهَا حَتَّی تَمْضِیَ ثَلَاثَهُ قُرُوءٍ إذَا رَأَتْ الدَّمَ فِی أَوَّلِ قَطْرَهٍ مِنْ الثَّالِثَهِ ، وَهُوَ آخِرُ الْقُرْءِ ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِیَ الْأَطْهَارُ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ ، وَهِیَ أَمْلَکُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ شَاءَتْ تَزَوَّجَتْهُ وَحَلَّتْ لَهُ ، فَإِنْ فَعَلَ هَذَا بِهَا مِائَهَ مَرَّهٍ هَدَمَ مَا قَبْلَهُ وَحَلَّتْ بِلَا زَوْجٍ " الْحَدِیثَ .

وَإِنَّمَا کَانَ ذَلِکَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حِینَ سُئِلَ عَنْهُ : هَذَا مِمَّا رَزَقَ اللَّهُ مِنْ الرَّأْیِ .

وَمَعَ ذَلِکَ رَوَاهُ بِسَنَدٍ صَحِیحٍ ، وَقَدْ قَالَ الشَّیْخُ : إنَّ الْعِصَابَهَ أَجْمَعَتْ عَلَی تَصْحِیحِ مَا یَصِحُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُکَیْرٍ ، وَأَقَرُّوا لَهُ بِالْفِقْهِ وَالثِّقَهِ .

، وَفِیهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ فَطْحِیُّ الْمَذْهَبِ ، وَلَوْ کَانَ مَا رَوَاهُ حَقًّا لَمَا جَعَلَهُ رَأْیًا لَهُ ، وَمَعَ ذَلِکَ فَقَدْ اخْتَلَفَ سَنَدُ الرِّوَایَهِ عَنْهُ فَتَارَهً أَسْنَدَهَا إلَی رِفَاعَهَ ، وَأُخْرَی إلَی زُرَارَهَ ، وَمَعَ ذَلِکَ نَسَبَهُ إلَی نَفْسِهِ .

وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّیْخِ - مَعَ دَعْوَاهُ الْإِجْمَاعَ الْمَذْکُورَ - أَنَّهُ قَالَ : إنَّ إسْنَادَهُ إلَی زُرَارَهَ وَقَعَ نُصْرَهً لِمَذْهَبِهِ الَّذِی أَفْتَی بِهِ لَمَّا رَأَی أَنَّ أَصْحَابَهُ لَا یَقْبَلُونَ مَا یَقُولُهُ بِرَأْیِهِ قَالَ : وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ مِنْ الْعُدُولِ عَنْ اعْتِقَادِ مَذْهَبِ الْحَقِّ إلَی الْفَطْحِیَّهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ .

وَالْغَلَطُ فِی ذَلِکَ أَعْظَمُ مِنْ الْغَلَطِ فِی إسْنَادِ فُتْیَا یَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ لِشُبْهَهٍ دَخَلَتْ عَلَیْهِ إلَی بَعْضِ أَصْحَابِ الْأَئِمَّهِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ ( وَالْأَصَحُّ احْتِیَاجُهُ إلَیْهِ ) أَیْ إلَی الْمُحَلِّلِ ؛ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ ، وَعُمُومِ الْقُرْآنِ الْکَرِیمِ ، بَلْ لَا یَکَادُ یَتَحَقَّقُ فِی ذَلِکَ خِلَافٌ لِأَنَّهُ لَمْ یَذْهَبْ إلَی الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَی مَا ذَکَرَهُ جَمَاعَهٌ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُکَیْرٍ لَیْسَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْإِمَامِیَّهِ ، وَنِسْبَهُ الْمُصَنِّفِ لَهُ إلَی أَصْحَابِنَا الْتِفَاتًا مِنْهُ إلَی أَنَّهُ مِنْ الشِّیعَهِ فِی الْجُمْلَهِ ، بَلْ مِنْ فُقَهَائِهِمْ عَلَی مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الشَّیْخِ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ إمَامِیًّا ، وَلَقَدْ کَانَ تَرْکُ حِکَایَهِ قَوْلِهِ فِی هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَوْلَی .

(وَیَجُوزُ طَلَاقُ الْحَامِلِ أَزْیَدَ مَنْ مَرَّهٍ )

مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی ( وَیَکُونُ طَلَاقَ عِدَّهٍ إنْ وَطِئَ ) بَعْدَ الرَّجْعَهِ ثُمَّ طَلَّقَ ، وَإِلَّا یَطَأْ بَعْدَهَا ( فَسُنَّهٌ بِمَعْنَاهُ الْأَعَمِّ ) .

وَأَمَّا طَلَاقُ السُّنَّهِ بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ فَلَا یَقَعُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّهِ ، ثُمَّ تَزْوِیجِهَا ثَانِیًا کَمَا سَبَقَ ، وَعِدَّهُ الْحَامِلِ لَا تَنْقَضِی إلَّا بِالْوَضْعِ ، وَبِهِ تَخْرُجُ عَنْ کَوْنِهَا حَامِلًا فَلَا یُصَدَّقُ أَنَّهَا طَلُقَتْ طَلَاقَ السُّنَّهِ بِالْمَعْنَی الْأَخَصِّ مَا دَامَتْ حَامِلًا ، إلَّا أَنْ یَجْعَلَ وَضَعْهَا قَبْلَ الرَّجْعَهِ کَاشِفًا عَنْ کَوْنِ طَلَاقِهَا السَّابِقِ طَلَاقَ سُنَّهٍ بِذَلِکَ الْمَعْنَی ، وَالْأَقْوَالُ هُنَا مُخْتَلِفَهٌ کَالْأَخْبَارِ ، وَالْمُحَصَّلُ مَا ذَکَرْنَاهُ ( وَالْأَوْلَی تَفْرِیقُ الطَّلْقَاتِ عَلَی الْأَطْهَارِ ) بِأَنْ یُوقِعَ کُلَّ طَلْقَهٍ فِی طُهْرٍ غَیْرِ طُهْرِ الطَّلْقَهِ السَّابِقَهِ ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ یُطَلِّقَ وَیُرَاجِعَ ) أَزْیَدَ مِنْ مَرَّهٍ .

وَهَذِهِ الْأَوْلَوِیَّهُ بِالْإِضَافَهِ إلَی مَا یَأْتِی بَعْدَهُ ، وَإِلَّا فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ ، وَإِنْ کَانَ أَصَحُّ الرِّوَایَتَیْنِ صِحَّتَهُ ، وَإِنَّمَا الْأَوْلَی الْمُخْرِجُ مِنْ الْخِلَافِ أَنْ یُرَاجِعَ ، وَیَطَأَ ، ثُمَّ یُطَلِّقَ فِی طُهْرٍ آخَرَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ هُنَا یَقَعُ إجْمَاعًا .

(وَلَا یَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِالشَّکِّ )

فِیهِ لِتَنْدَفِعَ الشُّبْهَهُ النَّاشِئَهُ مِنْ احْتِمَالِ وُقُوعِهِ ، بَلْ تَبْقَی عَلَی حُکْمِ الزَّوْجِیَّهِ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ ، وَبَقَاءِ النِّکَاحِ .

لَکِنْ لَا یَخْفَی الْوَرَعُ فِی ذَلِکَ فَیُرَاجِعُ إنْ کَانَ الشَّکُّ فِی طَلَاقٍ رَجْعِیٍّ ؛ لِیَکُونَ عَلَی یَقِینٍ مِنْ الْحِلِّ ، أَوْ فِی الْبَائِنِ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّکَاحَ ، أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَکَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَیْرِهِ یَقِینًا ، وَکَذَا یَبْنِی عَلَی الْأَقَلِّ لَوْ شَکَّ فِی عَدَدِهِ ، وَالْوَرَعُ الْأَکْثَرُ .

(وَیُکْرَهُ لِلْمَرِیضِ الطَّلَاقُ )

لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْمَحْمُولَهِ عَلَی الْکَرَاهَهِ جَمْعًا بَیْنَهَا ، وَبَیْنَ مَا دَلَّ عَلَی وُقُوعِهِ ، صَرِیحًا ( فَإِنْ فَعَلَ تَوَارَثَا ) فِی الْعِدَّهِ ( الرَّجْعِیَّهِ ) مِنْ الْجَانِبَیْنِ کَغَیْرِهِ ، ( وَتَرِثُهُ هِیَ فِی الْبَائِنِ ، وَالرَّجْعِیِّ إلَی سَنَهٍ ) مِنْ حِینِ الطَّلَاقِ ؛ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ .

وَرُبَّمَا عَلَّلَ بِالتُّهْمَهِ بِإِرَادَهِ إسْقَاطِ إرْثِهَا فَیُؤَاخَذُ بِنَقِیضِ مَطْلُوبِهِ وَهُوَ لَا یَتِمُّ حَیْثُ تَسْأَلُهُ الطَّلَاقَ ، أَوْ تُخَالِعُهُ ، أَوْ تُبَارِئُهُ .

وَالْأَقْوَی عُمُومُ الْحُکْمِ ؛ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) بِغَیْرِهِ ، ( أَوْ یَبْرَأْ مِنْ مَرَضِهِ ) فَیَنْتَفِی إرْثُهَا بَعْدَ الْعِدَّهِ الرَّجْعِیَّهِ وَإِنْ مَاتَ فِی أَثْنَاءِ السَّنَهِ .

وَعَلَی هَذَا لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا فِی مَرَضِهِ ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَدَخَلَ بِهِنَّ وَمَاتَ فِی السَّنَهِ مَرِیضًا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَاتُ وَرِثَ الثَّمَانِ الثُّمُنَ ، أَوْ الرُّبُعَ بِالسَّوِیَّهِ ، وَلَا یَرِثُ أَزْیَدَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ اتِّفَاقًا إلَّا هُنَا وَلَا یَلْحَقُ الْفَسْخُ فِی الْمَرَضِ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ .

( وَالرَّجْعَهُ تَکُونُ بِالْقَوْلِ مِثْلِ رَجَعْتُ وَارْتَجَعْتُ ) مُتَّصِلًا بِضَمِیرِهَا فَیَقُولُ رَجَعْتُکِ وَارْتَجَعْتُکِ ، وَمِثْلُهُ رَاجَعْتُکِ .

وَهَذِهِ الثَّلَاثَهُ صَرِیحَهٌ ، وَیَنْبَغِی إضَافَهُ إلَیَّ ، أَوْ إلَی نِکَاحِی ، وَفِی مَعْنَاهَا رَدَدْتُکِ وَأَمْسَکْتُکِ لِوُرُودِهِمَا فِی الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَی : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِی ذَلِکَ } { فَإِمْسَاکٌ بِمَعْرُوفٍ } وَلَا یَفْتَقِرُ إلَی نِیَّهِ الرَّجْعَهِ ؛ لِصَرَاحَهِ الْأَلْفَاظِ .

وَقِیلَ : یَفْتَقِرُ إلَیْهَا فِی الْأَخِیرَیْنِ ؛ لِاحْتِمَالِهِمَا غَیْرَهَا کَالْإِمْسَاکِ بِالْیَدِ ، أَوْ فِی الْبَیْتِ ، وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ حَسَنٌ ( وَبِالْفِعْلِ کَالْوَطْءِ ، وَالتَّقْبِیلِ ، وَاللَّمْسِ بِشَهْوَهٍ ) ، لِدَلَالَتِهِ عَلَی الرَّجْعَهِ کَالْقَوْلِ .

وَرُبَّمَا کَانَ أَقْوَی مِنْهُ ، وَلَا تَتَوَقَّفُ إبَاحَتُهُ عَلَی تَقَدُّمِ رَجْعَهٍ لِأَنَّهَا زَوْجَهٌ ، وَیَنْبَغِی تَقْیِیدُهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ بِهِ ، أَوْ بِعَدَمِ قَصْدِ غَیْرِهِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ خُصُوصًا لَوْ وَقَعَ مِنْهُ سَهْوًا ، وَالْأَجْوَدُ اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ .

( وَإِنْکَارُ الطَّلَاقِ رَجْعَهٌ ) لِدَلَالَتِهِ عَلَی ارْتِفَاعِهِ فِی الْأَزْمِنَهِ الثَّلَاثَهِ ، وَدَلَالَهِ الرَّجْعَهِ عَلَی رَفْعِهِ فِی غَیْرِ الْمَاضِی فَیَکُونُ أَقْوَی دَلَالَهً عَلَیْهَا ضِمْنًا ، وَلَا یَقْدَحُ فِیهِ کَوْنُ الرَّجْعَهِ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ فَتَنْتَفِی حَیْثُ یَنْتَفِی الْمَتْبُوعُ لِأَنَّ غَایَتَهَا الْتِزَامُ ثُبُوتِ النِّکَاحِ ، وَالْإِنْکَارُ یَدُلُّ عَلَیْهِ فَیَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ مِنْهَا ، وَإِنْ أَنْکَرَ سَبَبَ شَرْعِیَّتِهَا . ( وَلَوْ طَلَّقَ الذِّمِّیَّهَ جَازَ مُرَاجَعَتُهَا وَلَوْ مَنَعْنَا مِنْ ابْتِدَاءِ نِکَاحِهَا دَوَامًا ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّجْعَهَ تَرْفَعُ حُکْمَ الطَّلَاقِ فَیُسْتَصْحَبُ حُکْمُ الزَّوْجِیَّهِ السَّابِقَهِ ، لَا أَنَّهَا تُحْدِثُ حُکْمَ نِکَاحٍ جَدِیدٍ ، وَمِنْ ثَمَّ أَمْکَنَ طَلَاقُهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَهَا اسْتِصْحَابًا لِحُکْمِ الدُّخُولِ السَّابِقِ ؛ وَلِأَنَّ الرَّجْعِیَّهَ زَوْجَهٌ ، وَلِهَذَا یَثْبُتُ لَهَا أَحْکَامُ الزَّوْجِیَّهِ ، وَلِجَوَازِ وَطْئِهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَیْرِ تَلَفُّظٍ بِشَیْءٍ .

وَرُبَّمَا یُخَیَّلُ الْمَنْعُ هُنَا مِنْ حَیْثُ إنَّ الطَّلَاقَ إزَالَهُ قَیْدِ النِّکَاحِ ، وَالرَّجْعَهُ تَقْتَضِی ثُبُوتَهُ ، فَإِمَّا أَنْ یُثْبِتَ بِالرَّجْعَهِ عَیْنَ النِّکَاحِ الْأَوَّلِ أَوْ غَیْرَهُ ، وَالْأَوَّلُ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَهِ إعَادَهِ الْمَعْدُومِ ، وَالثَّانِی یَکُونُ ابْتِدَاءً ، لَا اسْتِدَامَهً ، وَیَضْعُفُ بِمَنْعِ زَوَالِ النِّکَاحِ أَصْلًا ، بَلْ إنَّمَا یَزُولُ بِالطَّلَاقِ ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّهِ ، وَلَمْ یَحْصُلْ .

( وَلَوْ أَنْکَرَتْ الدُّخُولَ عَقِیبَ الطَّلَاقِ ) لِتَمْنَعَهُ مِنْ الرَّجْعَهِ قُدِّمَ قَوْلُهَا ( وَحَلَفَتْ ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ الدُّخُولِ ، کَمَا یُقَدَّمُ قَوْلُهُ لَوْ أَنْکَرَهُ لِیَسْقُطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ .

ثُمَّ مَعَ دَعْوَاهُ الدُّخُولَ یَکُونُ مُقِرًّا بِالْمَهْرِ وَهِیَ مُقِرَّهٌ عَلَی نَفْسِهَا بِسُقُوطِ نِصْفِهِ ، فَإِنْ کَانَتْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَیْءٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ ، وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبْهُ إلَّا بِنِصْفِهِ عَمَلًا بِإِنْکَارِهَا ، وَلَوْ رَجَعَتْ إلَی الْإِقْرَارِ بِالدُّخُولِ لِتَأْخُذَ النِّصْفَ فَفِی ثُبُوتِهِ لَهَا ، أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَی إقْرَارٍ جَدِیدٍ مِنْهُ وَجْهَانِ ، وَأَوْلَی بِالْعَدَمِ لَوْ کَانَ رُجُوعُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّهِ عَلَی تَقْدِیرِ الدُّخُولِ

(وَرَجْعَهُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَهِ )

الْمُفْهِمَهِ لَهَا ، ( وَأَخْذِ الْقِنَاعِ ) عَنْ رَأْسِهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وَضْعَهُ عَلَیْهِ إشَارَهٌ إلَی الطَّلَاقِ ، وَضِدُّ الْعَلَامَهِ عَلَامَهُ الضِّدِّ ، وَلَا نَصَّ هُنَا عَلَیْهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا یَجِبُ الْجَمْعُ بَیْنَهُمَا ، بَلْ یَکْفِی الْإِشَارَهُ مُطْلَقًا ( وَیُقْبَلُ قَوْلُهَا فِی انْقِضَاءِ الْعِدَّهِ فِی الزَّمَانِ الْمُحْتَمَلِ ) ؛ لِانْقِضَائِهَا فِیهِ ( وَأَقَلُّهُ سِتَّهٌ وَعِشْرُونَ یَوْمًا وَلَحْظَتَانِ ) إنْ کَانَتْ مُعْتَدَّهً بِالْأَقْرَاءِ ، وَذَلِکَ بِأَنْ یُطَلِّقَ ، وَقَدْ بَقِیَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَهٌ ، ثُمَّ تَحِیضُ أَقَلَّ الْحَیْضِ ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ ، ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ عَشَرَهً ، ثُمَّ تَحِیضُ وَتَطْهُرُ کَذَلِکَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِی الْحَیْضِ لَحْظَهً .

( وَ ) هَذِهِ اللَّحْظَهُ ( الْأَخِیرَهُ دَلَالَهٌ عَلَی الْخُرُوجِ ) مِنْ الْعِدَّهِ ، أَوْ مِنْ الطُّهْرِ الثَّالِثِ ؛ لِاسْتِبَانَتِهِ بِهَا ( لَا جُزْءٌ ) مِنْ الْعِدَّهِ لِأَنَّهَا ثَلَاثَهُ قُرُوءٍ وَقَدْ انْقَضَتْ قَبْلَهَا فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَهُ فِیهَا ، وَیَصِحُّ الْعَقْدُ .

وَقِیلَ : هِیَ مِنْهَا لِأَنَّ الْحُکْمَ بِانْقِضَائِهَا مَوْقُوفٌ عَلَی تَحَقُّقِهَا وَهُوَ لَا یَدُلُّ عَلَی الْمُدَّعِی .

هَذَا إذَا کَانَتْ حُرَّهً ، وَلَوْ کَانَتْ أَمَهً فَأَقَلُّ عِدَّتِهَا ثَلَاثَهَ عَشَرَ یَوْمًا وَلَحْظَتَانِ ، وَقَدْ یَتَّفِقُ نَادِرًا انْقِضَاؤُهَا فِی الْحُرَّهِ بِثَلَاثَهٍ وَعِشْرِینَ یَوْمًا وَثَلَاثِ لَحَظَاتٍ ، وَفِی الْأَمَهِ بِعَشَرَهٍ وَثَلَاثٍ بِأَنْ یُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ وَقَبْلَ رُؤْیَهِ دَمِ النِّفَاسِ بِلَحْظَهٍ ، ثُمَّ تَرَاهُ لَحْظَهً ، ثُمَّ تَطْهُرُ عَشَرَهً ، ثُمَّ تَحِیضُ ثَلَاثَهً ، ثُمَّ تَطْهُرُ عَشَرَهً ، ثُمَّ تَرَی الْحَیْضَ لَحْظَهً ، وَالنِّفَاسُ مَعْدُودٌ بِحَیْضَهٍ .

وَمِنْهُ یُعْلَمُ حُکْمُ الْأَمَهِ ، وَلَوْ ادَّعَتْ وِلَادَهَ تَامٍّ فَإِمْکَانُهُ بِسِتَّهِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَیْنِ مِنْ وَقْتِ النِّکَاحِ لَحْظَهٌ لِلْوَطْءِ ، وَلَحْظَهٌ لِلْوِلَادَهِ ، وَإِنْ ادَّعَتْهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَهٍ ، وَلَوْ ادَّعَتْ وِلَادَهَ سَقْطٍ مُصَوَّرٍ ، أَوْ مُضْغَهٍ ، أَوْ عَلَقَهٍ اُعْتُبِرَ إمْکَانُهُ عَادَهً .

وَرُبَّمَا قِیلَ : إنَّهُ مِائَهٌ وَعِشْرُونَ یَوْمًا وَلَحْظَتَانِ فِی الْأَوَّلِ ، وَثَمَانُونَ یَوْمًا وَلَحْظَتَانِ فِی الثَّانِی ، وَأَرْبَعُونَ کَذَلِکَ ، فِی الثَّالِثِ وَلَا بَأْسَ بِهِ .

( وَظَاهِرُ الرِّوَایَاتِ أَنَّهُ لَا یُقْبَلُ مِنْهَا غَیْرُ الْمُعْتَادِ إلَّا بِشَهَادَهِ أَرْبَعٍ مِنْ النِّسَاءِ الْمُطَّلِعَاتِ عَلَی بَاطِنِ أَمْرِهَا وَهُوَ قَرِیبٌ ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ ، وَاسْتِصْحَابًا لِحُکْمِ الْعِدَّهِ ، وَلِإِمْکَانِ إقَامَتِهَا الْبَیِّنَهَ عَلَیْهِ .

وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ : أَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَی أَرْحَامِهِنَّ وَلَا یُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِنَّ غَالِبًا ، وَإِقَامَهُ الْبَیِّنَهِ عُسْرَهٌ عَلَی ذَلِکَ ، غَالِبًا ، وَرَوَی زُرَارَهُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

قَالَ : " الْعِدَّهُ وَالْحَیْضُ لِلنِّسَاءِ إذَا ادَّعَتْ صُدِّقَتْ " وَالْأَقْوَی الْمَشْهُورُ .

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِی الْعِدَدِ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِی الْعِدَدِ

( الْعِدَدُ ) جَمْعُ عِدَّهٍ ، وَهِیَ مُدَّهٌ تَتَرَبَّصُ فِیهَا الْمَرْأَهُ لِتَعْرِفَ بَرَاءَهَ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ ، أَوْ تَعَبُّدًا ، ( وَلَا عِدَّهَ عَلَی مَنْ لَمْ یَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ ) مَنْ الطَّلَاقِ ، وَالْفَسْخِ ( إلَّا فِی الْوَفَاهِ فَیَجِبُ ) عَلَی الزَّوْجَهِ مُطْلَقًا الِاعْتِدَادُ ( أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَهَ أَیَّامٍ إنْ کَانَتْ حُرَّهً ) وَإِنْ کَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا ( وَنِصْفُهَا ) شَهْرَانِ وَخَمْسَهُ أَیَّامٍ ( إنْ کَانَتْ أَمَهً ) وَإِنْ کَانَ زَوْجُهَا حُرًّا عَلَی الْأَشْهَرِ ، وَمُسْتَنَدُهُ صَحِیحَهُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : " الْأَمَهُ إذَا تُوُفِّیَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَهُ أَیَّامٍ " .

وَقِیلَ : کَالْحُرَّهِ اسْتِنَادًا إلَی عُمُومِ الْآیَهِ ، وَبَعْضِ الرِّوَایَاتِ وَتَخْصِیصُهُمَا بِغَیْرِهَا طَرِیقُ الْجَمْعِ ، ( سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا ) صَغِیرَهً کَانَتْ أَمْ کَبِیرَهً وَلَوْ یَائِسَهً ، دَائِمًا کَانَ النِّکَاحُ أَمْ مُنْقَطِعًا .

( وَفِی بَاقِی الْأَسْبَابِ ) الْمُوجِبَهِ لِلْفُرْقَهِ ( تَعْتَدُّ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ ) جَمْعُ قَرْءٍ بِالْفَتْحِ ، وَالضَّمِّ وَهُوَ الطُّهْرُ ، أَوْ الْحَیْضُ ( الْمُسْتَقِیمَهُ الْحَیْضِ ) بِأَنْ یَکُونَ لَهَا فِیهِ عَادَهٌ مَضْبُوطَهٌ وَقْتًا ، سَوَاءٌ انْضَبَطَ عَدَدًا أَمْ لَا ( مَعَ الدُّخُولِ ) بِهَا الْمُتَحَقِّقِ بِإِیلَاجِ الْحَشَفَهِ ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا قُبُلًا أَوْ دُبُرًا عَلَی الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ یُنْزِلْ ( بِثَلَاثَهِ أَطْهَارٍ ) أَحَدُهَا مَا بَقِیَ مِنْ طُهْرِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ وَإِنْ قَلَّ ، وَغَیْرُ مُسْتَقِیمَهِ الْحَیْضِ تَرْجِعُ إلَی التَّمْیِیزِ ، ثُمَّ إلَی عَادَهِ نِسَائِهَا إنْ کَانَتْ مُبْتَدَأَهً ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ .

( وَذَاتُ الشُّهُورِ وَهِیَ الَّتِی لَا یَحْصُلُ لَهَا الْحَیْضُ بِالْمُعْتَادِ وَهِیَ فِی سِنِّ مَنْ تَحِیضُ ) سَوَاءٌ کَانَتْ مُسْتَرَابَهً کَمَا عَبَّرَ بِهِ کَثِیرٌ أَمْ انْقَطَعَ عَنْهَا الْحَیْضُ لِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ ، وَحَمْلٍ ، وَرَضَاعٍ ، وَغَیْرِهَا تَعْتَدُّ ( بِثَلَاثَهِ أَشْهُرٍ ) هِلَالِیَّهٍ إنْ طَلَّقَهَا عِنْدَ الْهِلَالِ ، وَإِلَّا أَکْمَلَتْ الْمُنْکَسِرَ ثَلَاثِینَ بَعْدَ الْهِلَالَیْنِ عَلَی الْأَقْوَی .

( وَالْأَمَهُ ) تَعْتَدُّ ( بِطُهْرَیْنِ ) إنْ کَانَتْ مُسْتَقِیمَهَ الْحَیْضِ ، ( أَوْ خَمْسَهٍ وَأَرْبَعِینَ یَوْمًا ) إنْ لَمْ تَکُنْ . ( وَلَوْ رَأَتْ ) الْحُرَّهُ ( الدَّمَ فِی الْأَشْهُرِ ) الثَّلَاثَهِ ( مَرَّهً أَوْ مَرَّتَیْنِ ) ثُمَّ احْتَبَسَ إلَی أَنْ انْقَضَتْ الْأَشْهُرُ ( انْتَظَرَتْ تَمَامَ الْأَقْرَاءِ ) ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَرَابَتْ بِالْحَمْلِ غَالِبًا ( فَإِنْ تَمَّتْ ) الْأَقْرَاءُ قَبْلَ أَقْصَی الْحَمْلِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، ( وَإِلَّا صَبَرَتْ تِسْعَهَ أَشْهُرٍ ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ ، ( أَوْ سَنَهً ) عَلَی قَوْلٍ ، ( فَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدًا ، أَوْ اجْتَمَعَتْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَهُ ) فَذَاکَ هُوَ الْمَطْلُوبُ فِی انْقِضَاءِ الْعِدَّهِ ، ( وَإِلَّا یَتَّفِقْ ) أَحَدُ الْأَمْرَیْنِ ( اعْتَدَّتْ بَعْدَهَا ) أَیْ بَعْدَ التِّسْعَهِ ، أَوْ السَّنَهِ ( بِثَلَاثَهِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ یَتِمَّ الْأَقْرَاءُ قَبْلَهَا ) فَتَکْتَفِی بِهَا .

وَقِیلَ : لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثَهِ الْأَقْرَاءِ بَعْدَ أَقْصَی الْحَمْلِ کَالثَّلَاثَهِ الْأَشْهُرِ .

وَالْأَوَّلُ أَقْوَی ، وَإِطْلَاقُ النَّصِّ وَالْفَتْوَی یَقْتَضِی عَدَمَ الْفَرْقِ بَیْنَ اسْتِرَابَتِهَا بِالْحَمْلِ ، وَعَدَمِهِ فِی وُجُوبِ التَّرَبُّصِ تِسْعَهً ، أَوْ سَنَهً ، ثُمَّ الِاعْتِدَادُ بَعْدَهَا حَتَّی لَوْ کَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا عَنْهَا فَحُکْمُهَا کَذَلِکَ وَإِنْ کَانَ ظَاهِرُ الْحِکْمَهِ یَقْتَضِی اخْتِصَاصَهُ بِالْمُسْتَرَابَهِ .

وَاحْتَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ الِاکْتِفَاءَ بِالتِّسْعَهِ لِزَوْجَهِ الْغَائِبِ مُحْتَجًّا بِحُصُولِ مُسَمَّی الْعِدَّهِ ، وَالدَّلِیلُ فِی مَحَلِّ النِّزَاعِ ، وَهَذِهِ أَطْوَلُ عِدَّهٍ تُفْرَضُ .

وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمُعْتَدَّهَ الْمَذْکُورَهَ إنْ مَضَی لَهَا ثَلَاثَهُ أَقْرَاءٍ قَبْلَ ثَلَاثَهِ أَشْهُرٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهَا ، وَإِنْ مَضَی عَلَیْهَا ثَلَاثَهُ أَشْهُرٍ لَمْ تَرَ فِیهَا دَمَ حَیْضٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ وَإِنْ کَانَ لَهَا عَادَهٌ مُسْتَقِیمَهٌ فِیمَا زَادَ عَلَیْهَا بِأَنْ کَانَتْ تَرَی الدَّمَ فِی کُلِّ أَرْبَعَهِ أَشْهُرٍ مَرَّهً ، أَوْ مَا زَادَ ، أَوْ نَقَصَ بِحَیْثُ یَزِیدُ عَنْ ثَلَاثَهٍ وَلَوْ بِلَحْظَهٍ ، وَمَتَی رَأَتْ فِی الثَّلَاثَهِ دَمًا وَلَوْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِلَحْظَهٍ فَحُکْمُهَا مَا فُصِّلَ سَابِقًا مِنْ انْتِظَارِ أَقْرَبِ الْأَمْرَیْنِ مِنْ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ ، وَوَضْعِ الْوَلَدِ ، فَإِنْ انْتَفَیَا اعْتَدَّتْ بَعْدَ تِسْعَهِ أَشْهُرٍ بِثَلَاثَهِ أَشْهُرٍ ، إلَّا أَنْ یَتِمَّ لَهَا ثَلَاثَهُ أَقْرَاءٍ قَبْلَهَا وَلَوْ مَبْنِیَّهً عَلَی مَا سَبَقَ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ أَنْ یَتَجَدَّدَ لَهَا دَمُ حَیْضٍ آخَرَ فِی الثَّلَاثَهِ ، أَوْ قَبْلَهَا وَعَدَمُهُ .

(وَعِدَّهُ الْحَامِلِ وَضْعُ الْحَمْلِ )

أَجْمَعَ کَیْفَ وَقَعَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ نَشْءُ آدَمِیٍّ ( وَإِنْ کَانَ عَلَقَهً ) وَوَضَعَتْهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَهٍ ، وَلَا عِبْرَهَ بِالنُّطْفَهِ ( فِی غَیْرِ الْوَفَاهِ ، وَفِیهَا بِأَبْعَدِ الْأَجَلَیْنِ مِنْ وَضْعِهِ ، وَمِنْ الْأَشْهُرِ ) الْأَرْبَعَهِ وَالْعَشَرَهِ الْأَیَّامِ فِی الْحُرَّهِ ، وَالشَّهْرَیْنِ وَالْخَمْسَهِ الْأَیَّامِ فِی الْأَمَهِ . ( وَیَجِبُ الْحِدَادُ عَلَی الزَّوْجَهِ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا زَوْجُهَا ) فِی جَمِیعِ مُدَّهِ الْعِدَّهِ ( وَهُوَ تَرْکُ الزِّینَهِ مِنْ الثِّیَابِ ، وَالْأَدْهَانِ ، وَالطِّیبِ ، وَالْکُحْلِ الْأَسْوَدِ ) ، وَالْحِنَّاءِ ، وَخَضْبِ الْحَاجِبَیْنِ بِالسَّوَادِ ، وَاسْتِعْمَالِ الْإِسْفِیدَاجِ فِی الْوَجْهِ ، وَغَیْرِ ذَلِکَ مِمَّا یُعَدُّ زِینَهً عُرْفًا .

وَلَا یَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِلَوْنٍ خَاصٍّ مِنْ الثِّیَابِ ، بَلْ تَخْتَلِفُ ذَلِکَ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ ، وَالْأَزْمَانِ وَالْعَادَاتِ ، فَکُلُّ لَوْنٍ یُعَدُّ زِینَهً عُرْفًا یَحْرُمُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِهِ ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَی الِاکْتِحَالِ بِالسَّوَادِ لِعِلَّهٍ جَازَ ، فَإِنْ تَأَدَّتْ الضَّرُورَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ لَیْلًا وَمَسْحِهِ نَهَارًا وَجَبَ ، وَإِلَّا اقْتَصَرَتْ عَلَی مَا تَتَأَدَّی بِهِ الضَّرُورَهُ ، وَلَا یَحْرُمُ عَلَیْهَا التَّنْظِیفُ ، وَلَا دُخُولُ الْحَمَّامِ ، وَلَا تَسْرِیحُ الشَّعْرِ ، وَلَا السِّوَاکُ ، وَلَا قَلْمُ الْأَظْفَارِ ، وَلَا السُّکْنَی فِی الْمَسَاکِنِ الْعَالِیَهِ ، وَلَا اسْتِعْمَالُ الْفُرُشِ الْفَاخِرَهِ ، وَلَا تَزْیِینُ أَوْلَادِهَا وَخَدَمِهَا ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الزَّوْجَهِ الْکَبِیرَهِ ، وَالصَّغِیرَهِ الْحَائِلِ وَالْحَامِلِ إذَا کَانَتْ حُرَّهً .

( وَفِی الْأَمَهِ قَوْلَانِ الْمَرْوِیُّ ) صَحِیحًا عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ( أَنَّهَا لَا تُحِدُّ ) لِأَنَّهُ قَالَ : " إنَّ الْحُرَّهَ وَالْأَمَهَ کِلْتَیْهِمَا إذَا مَاتَ عَنْهُمَا زَوْجُهُمَا سَوَاءٌ فِی الْعِدَّهِ إلَّا أَنَّ الْحُرَّهَ تُحِدُّ وَالْأَمَهَ لَا تُحِدُّ " .

وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَی ، وَذَهَبَ الشَّیْخُ فِی أَحَدِ قَوْلَیْهِ ، وَجَمَاعَهٌ إلَی وُجُوبِ الْحِدَادِ عَلَیْهَا ؛ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ { لَا یَحِلُّ لِامْرَأَهِ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَی مَیِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَیَالٍ إلَّا عَلَی زَوْجٍ أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } .

وَفِیهِ مَعَ سَلَامَهِ السَّنَدِ أَنَّهُ عَامٌّ ، وَذَاکَ خَاصٌّ فَیَجِبُ التَّوْفِیقُ بَیْنَهُمَا بِتَخْصِیصِ الْعَامِّ ، وَلَا حِدَادَ عَلَی غَیْرِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا ، وَفِی الْحَدِیثِ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ ، بَلْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالْأَوْلَی حَمْلُهُ عَلَی الْمُبَالَغَهِ فِی النَّفْیِ وَالْکَرَاهَهِ . ( وَالْمَفْقُودُ إذَا جُهِلَ خَبَرُهُ ) وَکَانَ لِزَوْجَتِهِ مَنْ یُنْفِقُ عَلَیْهَا ( وَجَبَ عَلَیْهَا التَّرَبُّصُ ) إلَی أَنْ یَحْضُرَ ، أَوْ تَثْبُتَ وَفَاتُهُ ، أَوْ مَا یَقُومُ مَقَامَهَا ( وَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ یُنْفِقُ عَلَیْهَا ) وَلَا مُتَبَرِّعٌ ، فَإِنْ صَبَرَتْ فَلَا کَلَامَ وَإِنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَی الْحَاکِمِ بَحَثَ عَنْ أَمْرِهِ ( وَطَلَبَ أَرْبَعَ سِنِینَ ) مِنْ حِینِ رَفْعِ أَمْرِهَا إلَیْهِ فِی الْجِهَهِ الَّتِی فُقِدَ فِیهَا إنْ کَانَتْ مُعَیَّنَهً ، وَإِلَّا فَفِی الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ حَیْثُ یُحْتَمَلُ الْأَرْبَعُ ، ( ثُمَّ یُطَلِّقُهَا الْحَاکِمُ ) بِنَفْسِهِ ، أَوْ یَأْمُرُ الْوَلِیَّ بِهِ .

وَالْأَجْوَدُ تَقْدِیمُ أَمْرِ الْوَلِیِّ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ طَلَّقَ الْحَاکِمُ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ ( بَعْدَهَا ) أَیْ بَعْدَ الْمُدَّهِ ، وَرُجُوعِ الرُّسُلِ ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِ .

( وَتَعْتَدُّ ) بَعْدَهُ ( وَالْمَشْهُورُ ) بَیْنَ الْأَصْحَابِ ( أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّهَ الْوَفَاهِ ) ، وَفِی خَبَرِ سِمَاعَهَ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ لَمْ یَذْکُرْ الطَّلَاقَ وَقَالَ : " بَعْدَ مُضِیِّ أَرْبَعِ سِنِینَ أَمْرُهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " وَبَاقِی الْأَخْبَارِ مُطْلَقَهٌ ، إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ الْعِدَّهَ عِدَّهُ الطَّلَاقِ حَیْثُ حُکِمَ فِیهَا بِأَنَّهُ یُطَلِّقُهَا ، ثُمَّ تَعْتَدُّ ، وَفِی حَسَنَهِ بُرَیْدٍ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِیهَا : " فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِیَ عِدَّتُهَا فَبَدَا لَهُ أَنْ یُرَاجِعَهَا فَهِیَ امْرَأَتُهُ ، وَهِیَ عِنْدَهُ عَلَی تَطْلِیقَتَیْنِ ، وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّهُ قَبْلَ أَنْ یَجِیءَ وَیُرَاجِعَ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ ، وَلَا سَبِیلَ لِلْأَوَّلِ عَلَیْهَا " ، وَفِی الرِّوَایَهِ دَلَالَهٌ عَلَی أَنَّهُ إذَا جَاءَ فِی الْعِدَّهِ لَا یَصِیرُ أَحَقَّ بِهَا إلَّا مَعَ الرَّجْعَهِ ، فَلَوْ لَمْ یَرْجِعْ بَانَتْ مِنْهُ .

وَوَجْهُهُ : أَنَّ ذَلِکَ لَازِمُ حُکْمِ الطَّلَاقِ الصَّحِیحِ ، وَإِنَّمَا نَسَبَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ إلَی الشُّهْرَهِ لِضَعْفِ مُسْتَنَدِهِ .

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی الْمِقْدَارِ وَالْحِدَادِ وَالنَّفَقَهِ ( وَتُبَاحُ ) بَعْدَ الْعِدَّهِ ( لِلْأَزْوَاجِ ) ، لِدَلَالَهِ الْأَخْبَارِ عَلَیْهِ ؛ وَلِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ فَائِدَهُ الطَّلَاقِ ( فَإِنْ جَاءَ ) الْمَفْقُودُ ( فِی الْعِدَّهِ فَهُوَ أَمْلَکُ بِهَا ) وَإِنْ حُکِمَ بِکَوْنِهَا عِدَّهَ وَفَاهٍ بَائِنَهٍ ؛ لِلنَّصِّ ( وَإِلَّا ) یَجِئْ فِی الْعِدَّهِ ( فَلَا سَبِیلَ لَهُ عَلَیْهَا ) سَوَاءٌ وَجَدَهَا قَدْ ( تَزَوَّجَتْ ) بِغَیْرِهِ ، ( أَوْ لَا ) أَمَّا مَعَ تَزْوِیجِهَا فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ وَأَمَّا بِدُونِهِ فَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَیْنِ ، وَفِی الرِّوَایَهِ السَّابِقَهِ دَلَالَهٌ عَلَیْهِ ؛ وَلِأَنَّ حُکْمَ الشَّارِعِ بِالْبَیْنُونَهِ بِمَنْزِلَهِ الطَّلَاقِ ، فَکَیْفَ مَعَ الطَّلَاقِ ، وَالْحُکْمُ بِالتَّسَلُّطِ بَعْدَ قَطْعِ السَّلْطَنَهِ یَحْتَاجُ إلَی دَلِیلٍ وَهُوَ مَنْفِیٌّ .

وَوَجْهُ الْجَوَازِ بُطْلَانُ ظَنِّ وَفَاتِهِ فَیَبْطُلُ مَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَمْ نُوجِبْ طَلَاقَهَا بَعْدَ الْبَحْثِ ، أَمَّا مَعَهُ فَلَا .

( وَعَلَی الْإِمَامِ أَنْ یُنْفِقَ عَلَیْهَا مِنْ بَیْتِ الْمَالِ طُولَ الْمُدَّهِ ) أَیْ مُدَّهِ الْغَیْبَهِ إنْ صَبَرَتْ ، وَمُدَّهِ الْبَحْثِ إنْ لَمْ تَصْبِرْ ، هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ لَهُ مَالٌ ، وَإِلَّا أَنْفَقَ الْحَاکِمُ مِنْهُ مُقَدَّمًا عَلَی بَیْتِ الْمَالِ .

( وَلَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَهُ فِی أَثْنَاءِ الْعِدَّهِ أَکْمَلَتْ عِدَّهَ الْحُرَّهِ إنْ کَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا ، أَوْ عِدَّهَ وَفَاهٍ ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهَا فِی حُکْمِ الزَّوْجَهِ وَقَدْ أُعْتِقَتْ ، وَأَمَّا الثَّانِی فَلِرِوَایَهِ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ، وَلَوْ کَانَ بَائِنًا أَتَمَّتْ عِدَّهَ الْأَمَهِ ؛ لِلْحُکْمِ بِهَا ابْتِدَاءً ، وَصَیْرُورَتِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ أَجْنَبِیَّهً مِنْهُ فَلَا یَقْدَحُ عِتْقُهَا فِی الْعِدَّهِ .

( وَالذِّمِّیَّهُ کَالْحُرَّهِ فِی الطَّلَاقِ ، وَالْوَفَاهِ عَلَی الْأَشْهَرِ ) بَلْ لَا نَعْلَمُ الْقَائِلَ بِخِلَافِهِ ، نَعَمْ رَوَی زُرَارَهُ فِی الصَّحِیحِ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ نَصْرَانِیَّهٍ کَانَتْ تَحْتَ نَصْرَانِیٍّ فَطَلَّقَهَا هَلْ عَلَیْهَا عِدَّهٌ مِثْلُ عِدَّهِ الْمُسْلِمَهِ فَقَالَ : لَا ، إلَی قَوْلِهِ : قُلْتُ فَمَا عِدَّتُهَا إنْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا قَالَ : " عِدَّتُهَا عِدَّهُ الْأَمَهِ حَیْضَتَانِ ، أَوْ خَمْسَهٌ وَأَرْبَعُونَ یَوْمًا " الْحَدِیثَ .

وَالْعَمَلُ عَلَی الْمَشْهُورِ ، وَتَظْهَرُ فَائِدَهُ الْخِلَافِ لَوْ جَعَلْنَا عِدَّهَ الْأَمَهِ فِی الْوَفَاهِ نِصْفَ عِدَّهِ الْحُرَّهِ کَمَا سَلَفَ ، وَلَوْ جَعَلْنَاهَا کَالْحُرَّهِ فَلَا إشْکَالَ هُنَا فِی عِدَّهِ الْوَفَاهِ لِلذِّمِّیَّهِ ، وَیَبْقَی الْکَلَامُ مَعَ الطَّلَاقِ .

(وَتَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاهِ زَوْجِهَا )

لَوْ کَانَ مَوْلَاهَا قَدْ زَوَّجَهَا مِنْ غَیْرِهِ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ ، ( أَوْ مِنْ وَفَاهِ سَیِّدِهَا ) لَوْ لَمْ یَکُنْ حِینَ وَفَاتِهِ مُزَوِّجًا لَهَا ( عِدَّهَ الْحُرَّهِ ) لِرِوَایَهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْأَمَهِ یَمُوتُ سَیِّدُهَا قَالَ : " تَعْتَدُّ عِدَّهَ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا زَوْجُهَا " .

وَقِیلَ : لَا عِدَّهَ عَلَیْهَا مِنْ وَفَاهِ سَیِّدِهَا لِأَنَّهَا لَیْسَتْ زَوْجَهً کَغَیْرِهَا مِنْ إمَائِهِ الْمَوْطُوآتِ مِنْ غَیْرِ وَلَدٍ فَإِنَّ عِدَّتَهُنَّ مِنْ وَفَاهِ الْمَوْلَی الْوَاطِئِ قُرْءٌ وَاحِدٌ .

وَهَذَا الْقَوْلُ لَیْسَ بِبَعِیدٍ لِمَنْ لَمْ یَعْمَلْ بِالْخَبَرِ الْمُوَثَّقِ فَإِنَّ خَبَرَ إِسْحَاقَ کَذَلِکَ وَالْأَجْوَدُ الْأَوَّلُ وَلَوْ مَاتَ سَیِّدُهَا وَهِیَ مُزَوَّجَهٌ مِنْ غَیْرِهِ فَلَا عِدَّهَ عَلَیْهَا قَطْعًا وَلَا اسْتِبْرَاءَ .

وَکَذَا لَوْ مَاتَ سَیِّدُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ دُخُولِهِ فَفِی اعْتِدَادِهَا مِنْهُ أَوْ اسْتِبْرَائِهَا نَظَرٌ مِنْ إطْلَاقِ النَّصِّ بِاعْتِدَادِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَیِّدِهَا وَانْتِفَاءِ حِکْمَهِ الْعِدَّهِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ .

وَسُقُوطِ حُکْمِ السَّابِقِ بِتَوَسُّطِ التَّزْوِیجِ ( وَلَوْ أَعْتَقَ السَّیِّدُ أَمَتَهُ ) الْمَوْطُوءَهَ سَوَاءٌ کَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا ( فَثَلَاثَهُ أَقْرَاءٍ ) لِوَطْئِهِ إنْ کَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَیْضِ ، وَإِلَّا فَثَلَاثَهُ أَشْهُرٍ .

( ، وَیَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ ) لِلْأَمَهِ ( بِحُدُوثِ الْمِلْکِ ) عَلَی الْمُتَمَلِّکِ ، ( وَزَوَالُهُ ) عَلَی النَّاقِلِ بِأَیِّ وَجْهٍ کَانَ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْکِ إنْ کَانَ قَدْ وَطِئَ ( بِحَیْضَهٍ ) وَاحِدَهٍ ( إنْ کَانَتْ تَحِیضُ ، أَوْ بِخَمْسَهٍ وَأَرْبَعِینَ یَوْمًا إذَا کَانَتْ لَا تَحِیضُ ، وَهِیَ فِی سِنِّ مَنْ تَحِیضُ ) .

وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ تَرْکُ وَطْئِهَا قُبُلًا وَدُبُرًا فِی الْمُدَّهِ الْمَذْکُورَهِ دُونَ غَیْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِی ذَلِکَ مُسْتَوْفًی ، وَمَا یَسْقُطُ مَعَهُ الِاسْتِبْرَاءُ فِی بَابِ الْبَیْعِ فَلَا حَاجَهَ إلَی الْإِعَادَهِ فِی الْإِفَادَهِ .

(یَجِبُ الْإِنْفَاقُ )عَلَی الزَّوْجَهِ

( فِی الْعِدَّهِ الرَّجْعِیَّهِ مَعَ عَدَمِ نُشُوزِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ، وَفِی زَمَنِ الْعِدَّهِ کَمَا کَانَ فِی صُلْبِ النِّکَاحِ ) شُرُوطًا وَکَمِّیَّهً وَکَیْفِیَّهً ( ، وَیَحْرُمُ عَلَیْهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِ الطَّلَاقِ ) وَهُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِی طَلُقَتْ وَهِیَ فِیهِ إذَا کَانَ مَسْکَنَ أَمْثَالِهَا ، وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مَسْکَنَهَا الْأَوَّلَ ، فَإِنْ کَانَ دُونَ حَقِّهَا فَلَهَا طَلَبُ الْمُنَاسِبِ ، أَوْ فَوْقَهُ فَلَهُ ذَلِکَ ، وَإِنَّمَا یَحْرُمُ الْخُرُوجُ مَعَ الِاخْتِیَارِ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ مَنْزِلِ الْحَضَرِیَّهِ وَالْبَدْوِیَّهِ الْبَرِّیَّهِ وَالْبَحْرِیَّهِ ، وَلَوْ اُضْطُرَّتْ إلَیْهِ لِحَاجَهٍ خَرَجَتْ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّیْلِ وَعَادَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ مَعَ تَأَدِّیهَا بِذَلِکَ ، وَإِلَّا خَرَجَتْ بِحَسَبِ الضَّرُورَهِ ، وَلَا فَرْقَ فِی تَحْرِیمِ الْخُرُوجِ بَیْنَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَیْهِ وَعَدَمِهِ عَلَی الْأَقْوَی ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَی - وَقَدْ قَالَ - تَعَالَی : { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ وَلَا یَخْرُجْنَ } بِخِلَافِ زَمَنِ الزَّوْجِیَّهِ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ، وَاسْتَقْرَبَ فِی التَّحْرِیرِ جَوَازَهُ بِإِذْنِهِ وَهُوَ بَعِیدٌ .

وَلَوْ لَمْ تَکُنْ حَالَ الطَّلَاقِ فِی مَسْکَنٍ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَیْهِ عَلَی الْفَوْرِ إلَّا أَنْ تَکُونَ فِی وَاجِبٍ کَحَجٍّ فَتُتِمَّهُ کَمَا یَجُوزُ لَهَا ابْتِدَاؤُهُ ، وَلَوْ کَانَتْ فِی سَفَرٍ مُبَاحٍ ، أَوْ مَنْدُوبِ فَفِی وُجُوبِ الْعَوْدِ إنْ أَمْکَنَ إدْرَاکُهَا جُزْءًا مِنْ الْعِدَّهِ أَوْ مُطْلَقًا ، أَوْ تَتَخَیَّرُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ الِاعْتِدَادِ فِی السَّفَرِ أَوْجُهٌ مِنْ إطْلَاقِ النَّهْیِ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ بَیْتِهَا فَیَجِبُ عَلَیْهَا تَحْصِیلُ الْکَوْنِ بِهِ وَمِنْ عَدَمِ صِدْقِ النَّهْیِ هُنَا ؛ لِأَنَّهَا غَیْرُ مُسْتَوْطِنَهٍ ، وَلِلْمَشَقَّهِ فِی الْعَوْدِ ، وَانْتِفَاءِ الْفَائِدَهِ حَیْثُ لَا تُدْرِکُ جُزْءًا مِنْ الْعِدَّهِ ، کُلُّ ذَلِکَ مَعَ إمْکَانِ الرُّجُوعِ ، وَعَدَمِ الضَّرُورَهِ إلَی عَدَمِهِ .

( وَ ) کَمَا یَحْرُمُ عَلَیْهَا الْخُرُوجُ ( یَحْرُمُ عَلَیْهِ الْإِخْرَاجُ ) ، لِتَعَلُّقِ النَّهْیِ بِهِمَا فِی الْآیَهِ ( إلَّا أَنْ تَأْتِیَ بِفَاحِشَهٍ ) مُبَیِّنَهٍ ( یَجِبُ بِهَا الْحَدُّ ، أَوْ تُؤْذِیَ أَهْلَهُ ) بِالْقَوْلِ ، أَوْ الْفِعْلِ فَتَخْرُجَ فِی الْأَوَّلِ لِإِقَامَتِهِ ثُمَّ تُرَدَّ إلَیْهِ عَاجِلًا وَفِی الثَّانِی تَخْرُجُ إلَی مَسْکَنٍ آخَرَ یُنَاسِبُ حَالَهَا مِنْ غَیْرِ عَوْدٍ إنْ لَمْ تَتُبْ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَجْوَدُهُمَا جَوَازُ إبْقَائِهَا فِی الثَّانِی لِلْإِذْنِ فِی الْإِخْرَاجِ مَعَهَا مُطْلَقًا ، وَلِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِتَوْبَتِهَا ، لِنُقْصَانِ عَقْلِهَا وَدِینِهَا نَعَمْ یَجُوزُ الرَّدُّ فَإِنْ اسْتَمَرَّتْ عَلَیْهَا وَإِلَّا أُخْرِجَتْ وَهَکَذَا .

وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْسِیرَ الْفَاحِشَهِ فِی الْعِبَارَهِ بِالْأَوَّلِ هُوَ ظَاهِرُ الْآیَهِ ، وَمَدْلُولُهَا لُغَهً مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ ، وَأَمَّا الثَّانِی فَفِیهِ رِوَایَتَانِ مُرْسَلَتَانِ وَالْآیَهُ غَیْرُ ظَاهِرَهٍ فِیهِ ، لَکِنَّهُ مَشْهُورٌ بَیْنَ الْأَصْحَابِ ، وَتَرَدَّدَ فِی الْمُخْتَلِفِ لِمَا ذَکَرْنَاهُ وَلَهُ وَجْهٌ . ( وَیَجِبُ الْإِنْفَاقُ ) فِی الْعِدَّهِ ( الرَّجْعِیَّهِ عَلَی الْأَمَهِ ) کَمَا یَجِبُ عَلَی الْحُرَّهِ ( إذَا أَرْسَلَهَا مَوْلَاهَا لَیْلًا وَنَهَارًا ) لِیَتَحَقَّقَ بِهِ تَمَامُ التَّمْکِینِ کَمَا یُشْتَرَطُ ذَلِکَ فِی وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَیْهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ، فَلَوْ مَنَعَهَا لَیْلًا ، أَوْ نَهَارًا ، أَوْ بَعْضَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا نَفَقَهَ لَهَا وَلَا سُکْنَی ، لَکِنْ لَا یَحْرُمُ عَلَیْهِ إمْسَاکُهَا نَهَارًا لِلْخِدْمَهِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَیْهِ النَّفَقَهُ ، وَإِنَّمَا یَجِبُ عَلَیْهِ إرْسَالُهَا لَیْلًا وَکَذَا الْحُکْمُ قَبْلَ الطَّلَاقِ . ( وَلَا نَفَقَهَ لِلْبَائِنٍ ) طَلَاقُهَا ( إلَّا أَنْ تَکُونَ حَامِلًا ) فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَهُ وَالسُّکْنَی حَتَّی تَضَعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَی : { وَإِنْ کُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَیْهِنَّ حَتَّی یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وَلَا شُبْهَهَ فِی کَوْنِ النَّفَقَهِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ ، لَکِنْ هَلْ هِیَ لَهُ أَوْ لَهَا قَوْلَانِ أَشْهُرُهَا الْأَوَّلُ لِلدَّوَرَانِ وُجُودًا وَعَدَمًا کَالزَّوْجِیَّهِ .

وَوَجْهُ الثَّانِی أَنَّهَا لَوْ کَانَتْ لِلْوَلَدِ لَسَقَطَتْ عَنْ الْأَبِ بِیَسَارِهِ کَمَا لَوْ وَرَّثَ أَخَاهُ لِأَبِیهِ وَأَبُوهُ قَاتِلٌ لَا یَرِثُ وَلَا وَارِثَ غَیْرُ الْحَمْلِ وَلَوَجَبَتْ عَلَی الْجَدِّ مَعَ فَقْرِ الْأَبِ ، لَکِنَّ التَّالِیَ فِیهِمَا بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ .

وَأُجِیبَ بِمَنْعِ الْبُطْلَانِ فِیهِمَا وَتَظْهَرُ فَائِدَهُ الْقَوْلَیْنِ فِی مَوَاضِعَ مِنْهَا إذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ أَمَهً شَرَطَ مَوْلَاهَا رِقَّ الْوَلَدِ وَجَوَّزْنَاهُ .

وَفِی الْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ أَمَهً أَوْ حُرَّهً وَشَرَطَ مَوْلَاهُ الِانْفِرَادَ بِرِقِّ الْوَلَدِ ، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِلْحَمْلِ فَلَا نَفَقَهَ عَلَی الزَّوْجِ ، أَمَّا فِی الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ مِلْکٌ لِغَیْرِهِ وَأَمَّا فِی الثَّانِی فَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ نَفَقَهُ أَقَارِبِهِ ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِلْحَامِلِ وَجَبَتْ وَهُوَ فِی الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَفِی الثَّانِی فِی کَسْبِ الْعَبْدِ ، أَوْ ذِمَّهِ مَوْلَاهُ عَلَی الْخِلَافِ .

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ أَیْضًا فِیمَا لَوْ کَانَ النِّکَاحُ فَاسِدًا وَالزَّوْجُ حُرًّا فَمَنْ جَعَلَ النَّفَقَهَ لَهَا نَفَاهَا هُنَا ؛ إذْ لَا نَفَقَهَ لِلْمُعْتَدَّهِ عَنْ غَیْرِ نِکَاحٍ لَهُ حُرْمَهٌ ، وَمَنْ جَعَلَهَا لِلْحَمْلِ فَعَلَیْهِ لِأَنَّهَا نَفَقَهُ وَلَدِهِ .

( وَلَوْ انْهَدَمَ الْمَسْکَنُ ) الَّذِی طَلُقَتْ فِیهِ ( أَوْ کَانَ مُسْتَعَارًا فَرَجَعَ مَالِکُهُ ) فِی الْعَارِیَّهِ ، ( أَوْ مُسْتَأْجَرًا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ أَخْرَجَهَا إلَی مَسْکَنٍ یُنَاسِبُهَا ) ، وَیَجِبُ تَحَرِّی الْأَقْرَبِ إلَی الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ فَالْأَقْرَبُ اقْتِصَارًا عَلَی مَوْضِعِ الضَّرُورَهِ ، وَظَاهِرُهُ کَغَیْرِهِ أَنَّهُ لَا یَجِبُ تَجْدِیدُ اسْتِئْجَارِهِ ثَانِیًا ، وَإِنْ أَمْکَنَ ، وَلَیْسَ بِبَعِیدٍ وُجُوبُهُ مَعَ إمْکَانِهِ ، تَحْصِیلًا لِلْوَاجِبِ بِحَسَبِ الْإِمْکَانِ وَقَدْ قَطَعَ فِی التَّحْرِیرِ بِوُجُوبِ تَحَرِّی الْأَقْرَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَتَحْصِیلُ نَفْسِهِ أَوْلَی .

( وَکَذَا لَوْ طَلُقَتْ فِی مَسْکَنٍ لَا یُنَاسِبُهَا أَخْرَجَهَا إلَی مَسْکَنٍ مُنَاسِبٍ ) مُتَحَرِّیًا لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ کَمَا ذُکِرَ ( وَلَوْ مَاتَ فَوَرِثَ الْمَسْکَنَ جَمَاعَهٌ لَمْ یَکُنْ لَهُمْ قِسْمَتُهُ ) حَیْثُ یُنَافِی الْقِسْمَهَ سُکْنَاهَا ، لِسَبْقِ حَقِّهَا إلَّا مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( هَذَا إذَا کَانَتْ حَامِلًا وَقُلْنَا لَهَا السُّکْنَی ) مَعَ مَوْتِهِ کَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ فِی الْمَسْأَلَهِ .

وَأَشْهَرُ الرِّوَایَتَیْنِ أَنَّهُ لَا نَفَقَهَ لِلْمُتَوَفَّی عَنْهَا وَلَا سُکْنَی مُطْلَقًا فَیَبْطُلُ حَقُّهَا مِنْ الْمَسْکَنِ ، وَجَمَعَ فِی الْمُخْتَلِفِ بَیْنَ الْأَخْبَارِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّی ( وَإِلَّا ) تَکُنْ حَامِلًا أَوْ قُلْنَا : لَا سُکْنَی لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا ( جَازَتْ الْقِسْمَهُ ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهَا حِینَئِذٍ ( وَتَعْتَدُّ زَوْجَهُ الْحَاضِرِ مِنْ حِینِ السَّبَبِ ) الْمُوجِبِ لِلْعِدَّهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ ( وَزَوْجَهُ الْغَائِبِ فِی الْوَفَاهِ مِنْ حِینِ بُلُوغِ الْخَبَرِ بِمَوْتِهِ ) وَإِنْ لَمْ یَثْبُتْ شَرْعًا ، لَکِنْ لَا یَجُوزُ لَهَا التَّزْوِیجُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ ( وَفِی الطَّلَاقِ مِنْ حِینِ الطَّلَاقِ ) وَالْفَرْقُ مَعَ النَّصِّ ثُبُوتُ الْحِدَادِ عَلَی الْمُتَوَفَّی عَنْهَا ، وَلَا یَتِمُّ إلَّا مَعَ بُلُوغِهَا الْخَبَرَ بِمَوْتِهِ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ، فَعَلَی هَذَا لَوْ لَمْ یَبْلُغْهَا الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَ مُضِیِّ مِقْدَارِ الْعِدَّهِ جَازَ لَهَا التَّزْوِیجُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا .

وَقِیلَ : تَشْتَرِکَانِ فِی الِاعْتِدَادِ مِنْ حِینِ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَبِهِ رِوَایَاتٌ وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ ، وَلَوْ لَمْ نُوجِبْ الْحِدَادَ عَلَی الْأَمَهِ فَهِیَ کَالْمُطَلَّقَهِ عَمَلًا بِالْعِلَّهِ الْمَنْصُوصَهِ .

(36) کتاب الخلع والمباراه

(36) کتاب الخلع والمباراه

کِتَابُ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَهِ

وَهُوَ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ ، لَازِمٍ لِجِهَهِ الزَّوْجِ ، وَیَفْتَرِقَانِ بِأُمُورٍ تَأْتِیَ .

وَالْخُلْعُ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِذَلِکَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَبِالْفَتْحِ اسْتِعَارَهٌ مِنْ خَلْعِ الثَّوْبِ وَهُوَ نَزْعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَی { هُنَّ لِبَاسٌ لَکُمْ } ( وَصِیغَهُ الْخُلْعِ أَنْ یَقُولَ الزَّوْجُ : خَلَعْتُکِ عَلَی کَذَا ، أَوْ أَنْتِ مُخْتَلِعَهٌ عَلَی کَذَا ) أَوْ خَلَعْتُ فُلَانَهَ أَوْ هِیَ مُخْتَلِعَهٌ عَلَی کَذَا ( ثُمَّ یُتْبِعَهُ بِالطَّلَاقِ ) عَلَی الْفَوْرِ فَیَقُولَ بَعْدَ ذَلِکَ : فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فِی الْقَوْلِ الْأَقْوَی ) لِرِوَایَهِ مُوسَی بْنِ بَکْرٍ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : الْمُخْتَلِعَهُ یُتْبِعُهَا بِالطَّلَاقِ مَا دَامَتْ فِی الْعِدَّهِ " .

وَقِیلَ : یَقَعُ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَیْرِ إتْبَاعِهِ بِهِ ، ذَهَبَ إلَیْهِ الْمُرْتَضَی وَابْنُ الْجُنَیْدِ وَتَبِعَهُمْ الْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ وَالتَّحْرِیرِ وَالْمُصَنِّفُ فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ ، لِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِیلَ بْنِ نُوحِ بْنِ بَزِیعٍ أَنَّهُ قَالَ لِلرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ : فِی حَدِیثٍ قَدْ رُوِیَ لَنَا أَنَّهَا لَا تَبِینُ حَتَّی یُتْبِعَهَا بِالطَّلَاقِ قَالَ : " لَیْسَ ذَلِکَ إذَنْ خُلْعًا " فَقُلْتُ : تَبِینُ مِنْهُ قَالَ : " نَعَمْ " وَغَیْرِهَا مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْخَبَرُ السَّابِقُ ضَعِیفُ السَّنَدِ مَعَ إمْکَانِ حَمْلِهِ عَلَی الْأَفْضَلِیَّهِ ، وَمُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِ الْعَامَّهِ فَیَکُونُ أَبْعَدَ عَنْ التَّقِیَّهِ مَعَ تَسْلِیمِهِ لَا یَکْفِی فِی الْمَصِیرِ إلَیْهِ ، وَتَرْکُ الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ ، وَهُوَ عَلَی مَا وَصَفْنَاهُ فَالْقَوْلُ الثَّانِی أَصَحُّ .

ثُمَّ إنْ اعْتَبَرْنَا إتْبَاعَهُ بِالطَّلَاقِ فَلَا شُبْهَهَ فِی عَدِّهِ طَلَاقًا ، وَعَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ هَلْ یَکُونُ فَسْخًا ، أَوْ طَلَاقًا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِی ؛ لِدَلَالَهِ الْأَخْبَارِ الْکَثِیرَهِ عَلَیْهِ فَیُعَدُّ فِیهَا ، وَیَفْتَقِرُ إلَی الْمُحَلِّلِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَعَلَی الْقَوْلَیْنِ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمَرْأَهِ عَقِیبَهُ ، بِلَا فَصْلٍ مُعْتَدٍّ بِهِ ، أَوْ تَقَدُّمِ سُؤَالِهَا لَهُ قَبْلَهُ کَذَلِکَ ( وَلَوْ أَتَی بِالطَّلَاقِ مَعَ الْعِوَضِ ) فَقَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ عَلَی کَذَا مَعَ سَبْقِ سُؤَالِهَا لَهُ ، أَوْ مَعَ قَبُولِهَا بَعْدَهُ کَذَلِکَ ( أَغْنَی عَنْ لَفْظِ الْخُلْعِ ) وَأَفَادَ فَائِدَتَهُ ، وَلَمْ یَفْتَقِرْ إلَی مَا یَفْتَقِرُ إلَیْهِ الْخُلْعُ مِنْ کَرَاهَتِهَا لَهُ خَاصَّهً لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ لَا خُلْعٌ . ( وَکُلُّ مَا صَحَّ أَنْ یَکُونَ مَهْرًا ) مِنْ الْمَالِ الْمَعْلُومِ ، وَالْمَنْفَعَهِ ، وَالتَّعْلِیمِ ، وَغَیْرِهَا ( صَحَّ أَنْ یَکُونَ فِدْیَهً ) فِی الْخُلْعِ ، ( وَلَا تَقْدِیرَ فِیهِ ) أَیْ فِی الْمَجْعُولِ فِدْیَهً فِی طَرَفِ الزِّیَادَهِ وَالنُّقْصَانِ بَعْدَ أَنْ یَکُونَ مُتَمَوِّلًا ( فَیَجُوزُ عَلَی أَزْیَدَ مِمَّا وَصَلَ إلَیْهَا مِنْهُ ) مِنْ مَهْرٍ ، وَغَیْرِهِ لِأَنَّ الْکَرَاهَهَ مِنْهَا فَلَا یَتَقَدَّرُ عَلَیْهَا فِی جَانِبِ الزِّیَادَهِ ،

(وَیَصِحُّ بَذْلُ الْفِدْیَهِ مِنْهَا ، وَمِنْ وَک

(وَیَصِحُّ بَذْلُ الْفِدْیَهِ مِنْهَا ، وَمِنْ وَکِیلِهَا )

الْبَاذِلِ لَهُ مِنْ مَالِهَا ، ( وَمِمَّنْ یَضْمَنُهُ ) فِی ذِمَّتِهِ ( بِإِذْنِهَا ) فَیَقُولُ لِلزَّوْجِ : طَلِّقْ زَوْجَتَکَ عَلَی مِائَهٍ وَعَلَیَّ ضَمَانُهَا .

وَالْفَرْقُ بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْوَکِیلِ أَنَّ الْوَکِیلَ یَبْذُلُ مِنْ مَالِهَا بِإِذْنِهَا وَهَذَا مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِهَا .

وَقَدْ یَشْکُلُ هَذَا بِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ یَجِبْ ، لَکِنْ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهُ صَحِیحًا فِیمَا لَوْ قَالَ رَاکِبُ الْبَحْرِ لِذِی الْمَتَاعِ : أَلْقِ مَتَاعَکَ فِی الْبَحْرِ وَعَلَیَّ ضَمَانُهُ ، وَفِی ضَمَانِ مَا یُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِی مِنْ بِنَاءٍ ، أَوْ غَرْسٍ عَلَی قَوْلٍ ، وَفِی أَخْذِ الطَّبِیبِ الْبَرَاءَهَ قَبْلَ الْفِعْلِ .

( وَفِی ) صِحَّتِهِ مِنْ ( الْمُتَبَرِّعِ ) بِالْبَذْلِ مِنْ مَالِهِ ( قَوْلَانِ أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ ) ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَلَا یَجُوزُ لُزُومُ الْعِوَضِ لِغَیْرِ صَاحِبِ الْمُعَوَّضِ کَالْبَیْعِ ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَالَی أَضَافَ الْفِدْیَهَ إلَیْهَا فِی قَوْلِهِ : { فَلَا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا فِیمَا افْتَدَتْ بِهِ } وَبَذْلُ الْوَکِیلِ وَالضَّامِنِ بِإِذْنِهَا کَبَذْلِهَا فَیَبْقَی الْمُتَبَرِّعُ عَلَی أَصْلِ الْمَنْعِ .

وَلِأَصَالَهِ بَقَاءِ النِّکَاحِ إلَی أَنْ یَثْبُتَ الْمُزِیلُ ، وَلَوْ قُلْنَا بِمَفْهُومِ الْخِطَابِ فَالْمَنْعُ أَوْضَحُ وَحِینَئِذٍ فَلَا یَمْلِکُ الزَّوْجُ الْبَذْلَ ، وَلَا یَقَعُ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ یُتْبِعْ بِهِ ، فَإِنْ أَتْبَعَ بِهِ کَانَ رَجْعِیًّا .

وَوَجْهُ الصِّحَّهِ أَنَّهُ افْتِدَاءٌ وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ الْأَجْنَبِیِّ کَمَا تَقَعُ الْجَعَالَهُ مِنْهُ عَلَی الْفِعْلِ لِغَیْرِهِ وَإِنْ کَانَ طَلَاقًا .

وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْجَعَالَهِ ، وَالْبَذْلِ تَبَرُّعًا : أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَذْلِ جَعْلُ الْوَاقِعِ خُلْعًا لِیَتَرَتَّبَ عَلَیْهِ أَحْکَامُهُ الْمَخْصُوصَهُ ، لَا مُجَرَّدُ بَذْلِ الْمَالِ فِی مُقَابَلَهِ الْفِعْلِ ، بِخِلَافِ الْجَعَالَهِ فَإِنَّ غَرَضَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَنْ یَقُولَ : طَلِّقْهَا وَعَلَیَّ أَلْفٌ ، وَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ حَتَّی لَا یُشْتَرَطَ فِی إجَابَتِهِ الْفَوْرِیَّهُ وَالْمُقَارَنَهُ لِسُؤَالِهِ ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ ، وَلَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ مِنْ الْأَجْنَبِیِّ فَهُوَ خُلْعٌ لَفْظًا وَحُکْمًا ، فَلِلْأَجْنَبِیِّ أَنْ یَرْجِعَ فِی الْبَذْلِ مَا دَامَتْ فِی الْعِدَّهِ فَلِلزَّوْجِ حِینَئِذٍ أَنْ یَرْجِعَ فِی الطَّلَاقِ وَلَیْسَ لِلزَّوْجَهِ هُنَا رُجُوعٌ فِی الْبَذْلِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِکُهُ فَلَا مَعْنَی لِرُجُوعِهَا فِیهِ .

وَیُحْتَمَلُ عَدَمُ جَوَازِ الرُّجُوعِ هُنَا مُطْلَقًا اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ ، وَهُوَ رُجُوعُ الزَّوْجَهِ فِیمَا بَذَلَتْهُ خَاصَّهً .

وَفِی مَعْنَی التَّبَرُّعِ مَا لَوْ قَالَ : طَلِّقْهَا عَلَی أَلْفٍ مِنْ مَالِهَا وَعَلَیَّ ضَمَانُهَا ، أَوْ عَلَی عَبْدِهَا هَذَا کَذَلِکَ فَلَا یَقَعُ الْخُلْعُ وَلَا یَضْمَنُ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ یَجِبْ وَإِنْ جَازَ أَلْقِ مَتَاعَکَ فِی الْبَحْرِ وَعَلَیَّ ضَمَانُهُ ؛ لِمَسِیسِ الْحَاجَهِ بِحِفْظِ النَّفْسِ ثَمَّ دُونَ هَذَا ، أَوْ لِلْإِنْفَاقِ عَلَی ذَلِکَ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ فَیُقْتَصَرُ عَلَیْهِ .

( وَلَوْ تَلِفَ الْعِوَضُ ) الْمُعَیَّنُ الْمَبْذُولُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَیْهِ ضَمَانُهُ مِثْلًا ) أَیْ بِمِثْلِهِ إنْ کَانَ مِثْلِیًّا ، ( أَوْ قِیمَهً ) إنْ کَانَ قِیَمِیًّا ، سَوَاءٌ أَتْلَفَتْهُ بِاخْتِیَارِهَا أَمْ تَلِفَ بِآفَهٍ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَی - أَمْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِیٌّ ، لَکِنْ فِی الثَّالِثِ یَتَخَیَّرُ الزَّوْجُ بَیْنَ الرُّجُوعِ عَلَیْهَا وَعَلَی الْأَجْنَبِیِّ وَتَرْجِعُ هِیَ عَلَی الْأَجْنَبِیِّ لَوْ رَجَعَ عَلَیْهَا إنْ أَتْلَفَهُ بِغَیْرِ إذْنِهَا ، وَلَوْ عَابَ فَلَهُ أَرْشُهُ ، ( وَکَذَا تَضْمَنُ ) مِثْلَهُ أَوْ قِیمَتَهُ ( لَوْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهُ لِغَیْرِهَا ) وَلَا یَبْطُلُ الْخُلْعُ ؛ لِأَصَالَهِ الصِّحَّهِ ، وَالْمُعَاوَضَهُ هُنَا لَیْسَتْ حَقِیقِیَّهً کَمَا فِی الْبَیْعِ فَلَا یُؤَثِّرُ بُطْلَانُ الْعِوَضِ الْمُعَیَّنِ فِی بُطْلَانِهِ ، بَلْ یَنْجَبِرُ بِضَمَانِهَا الْمِثْلَ ، أَوْ الْقِیمَهَ .

وَیَشْکُلُ مَعَ عِلْمِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ حَالَهَ الْخُلْعِ ، لِقُدُومِهِ عَلَی مُعَاوَضَهٍ فَاسِدَهٍ إنْ لَمْ یُتْبِعْهُ بِالطَّلَاقِ ، وَمُطْلَقًا مِنْ حَیْثُ إنَّ الْعِوَضَ لَازِمٌ لِمَاهِیَّتِهِ وَبُطْلَانُ اللَّازِمِ یَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْمَلْزُومِ .

وَالْمُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا إنْ لَمْ یُتْبِعْهُ بِالطَّلَاقِ ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِیًّا .

(وَیَصِحُّ الْبَذْلُ مِنْ الْأَمَهِ بِإِذْنِ الْمَ

(وَیَصِحُّ الْبَذْلُ مِنْ الْأَمَهِ بِإِذْنِ الْمَوْلَی )

فَإِنْ أَذِنَ فِی عَیْنٍ مِنْ أَعْیَانِ مَالِهِ تَعَیَّنَتْ ، فَإِنْ زَادَتْ عَنْهَا شَیْئًا مِنْ مَالِهِ وَقَفَ عَلَی إجَازَتِهِ فَإِنْ رَدَّ بَطَلَ فِیهِ وَفِی صِحَّهِ الْخُلْعِ ، وَیَلْزَمُهَا مِثْلُهُ أَوْ قِیمَتُهُ تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ، أَوْ بُطْلَانُهُ الْوَجْهَانِ ، وَکَذَا لَوْ بَذَلَتْ شَیْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ یُجِزْهُ ، وَلَوْ أَجَازَ فَکَالْإِذْنِ الْمُبْتَدَأِ .

وَإِنْ أَذِنَ فِی بَذْلِهَا فِی الذِّمَّهِ ، أَوْ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَیْرِ تَعْیِینٍ ( فَإِنْ عَیَّنَ قَدْرًا ) تَعَیَّنَ وَکَانَ الْحُکْمُ مَعَ تَخَطِّیهِ مَا سَبَقَ ، ( وَإِلَّا ) یُعَیِّنْ قَدْرًا ( انْصَرَفَ ) إطْلَاقُ الْإِذْنِ ( إلَی ) بَذْلِ ( مَهْرِ الْمِثْلِ ) کَمَا یَنْصَرِفُ الْإِذْنُ فِی الْبَیْعِ إلَی ثَمَنِ الْمِثْلِ نَظَرًا إلَی أَنَّهُ فِی مَعْنَی الْمُعَاوَضَهِ وَإِنْ لَمْ تَکُنْ حَقِیقِیَّهً ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ عِوَضُ الْبُضْعِ فَیُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَیْهِ ( وَلَوْ لَمْ یَأْذَنْ ) لَهَا فِی الْبَذْلِ مُطْلَقًا ( صَحَّ ) الْخُلْعُ فِی ذِمَّتِهَا دُونَ کَسْبِهَا ( وَتُبِعَتْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ) کَمَا لَوْ عَامَلَهَا بِإِقْرَاضٍ وَغَیْرِهِ وَلَا إشْکَالَ هُنَا ، وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ لِأَنَّ الْعِوَضَ صَحِیحٌ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهَا ، وَإِنْ امْتَنَعَ قَبْضُهُ حَالًّا خُصُوصًا مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُکْمِ لِقُدُومِهِ عَلَیْهِ ، وَثُبُوتِ الْعِوَضِ فِی الْجُمْلَهِ ، بِخِلَافِ بَذْلِ الْعَیْنِ حَیْثُ لَا یَصِحُّ لِخُلُوِّ الْخُلْعِ عَنْ الْعِوَضِ ، وَلَوْ بَذَلَتْ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَزْیَدَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالزَّائِدُ کَالْمُبْتَدَأِ بِغَیْرِ إذْنٍ .

( وَالْمُکَاتَبَهُ الْمَشْرُوطَهُ کَالْقِنِّ ) فَیَتَعَلَّقُ الْبَذْلُ بِمَا فِی یَدِهَا مَعَ الْإِذْنِ وَبِذِمَّتِهَا مَعَ عَدَمِهِ إنْ کَانَ مُطْلَقًا ، وَإِنْ کَانَ مُعَیَّنًا ، وَلَمْ یُجِزْ الْمَوْلَی بَطَلَ ، وَفِی صِحَّهِ الْخُلْعِ ، وَلُزُومِ الْمِثْلِ ، أَوْ الْقِیمَهِ تُتْبَعُ بِهِ الْوَجْهَانِ ( وَأَمَّا ) الْمُکَاتَبَهُ ( الْمُطَلَّقَهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَیْهَا ) لِلْمَوْلَی مُطْلَقًا هَکَذَا أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَبَعًا لِلشَّیْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

وَفِی الْفَرْقِ نَظَرٌ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَیْهِ فِی بَابِ الْکِتَابَهِ مِنْ أَنَّ الْمُکَاتَبَ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمُنَافِی لِلِاکْتِسَابِ وَمُسَوَّغٌ فِیهِ مِنْ غَیْرِ فَرْقٍ بَیْنَهُمَا ، فَالْفِدْیَهُ إنْ کَانَتْ غَیْرَ اکْتِسَابٍ کَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ إلَیْهَا الْبُضْعُ ، وَهُوَ غَیْرُ مَالِیٍّ لَمْ یَصِحَّ فِیهِمَا ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ کَوْنُهُ مُعَاوَضَهً وَأَنَّهُ کَالْمَالِ مِنْ وَجْهٍ وَجَبَ الْحُکْمُ بِالصِّحَّهِ فِیهِمَا ، وَالْأَصْحَابُ لَمْ یَنْقُلُوا فِی ذَلِکَ خِلَافًا .

لَکِنَّ الشَّیْخَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْمَبْسُوطِ حَکَی فِی الْمَسْأَلَهِ أَقْوَالًا : الصِّحَّهُ مُطْلَقًا .

وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا .

وَاخْتَارَ التَّفْصِیلَ وَجَعَلَهُ الْمُوَافِقَ لِأُصُولِنَا وَتَبِعَهُ الْجَمَاعَهُ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَقْوَالَ الَّتِی نَقَلَهَا لِلْعَامَّهِ کَمَا هِیَ عَادَتُهُ ، فَإِنْ لَمْ تَکُنْ الْمَسْأَلَهُ إجْمَاعِیَّهً فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّهِ فِیهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَی .

(وَلَا یَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا مَعَ کَرَاهَتِهَا )

(وَلَا یَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا مَعَ کَرَاهَتِهَا )لَهُ

( فَلَوْ طَلَّقَهَا ) وَالْأَخْلَاقُ مُلْتَئِمَهٌ ( وَلَمْ تُکْرَهْ بَطَلَ الْبَذْلُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا ) مِنْ حَیْثُ الْبَذْلُ .

وَقَدْ یَکُونُ بَائِنًا مِنْ جِهَهٍ أُخْرَی کَکَوْنِهَا غَیْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ، أَوْ کَوْنِ الطَّلْقَهِ ثَالِثَهً ( وَلَوْ أَکْرَهَهَا عَلَی الْفِدْیَهِ فَعَلَ حَرَامًا ) لِلْإِکْرَاهِ بِغَیْرِ حَقٍّ ( وَلَمْ یَمْلِکْهَا بِالْبَذْلِ ) لِبُطْلَانِ تَصَرُّفِ الْمُکْرَهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِیَ ( وَطَلَاقُهَا رَجْعِیٌّ ) مِنْ هَذِهِ الْجِهَهِ لِبُطْلَانِ الْفِدْیَهِ ، فَلَا یُنَافِی کَوْنُهُ بَائِنًا مِنْ جِهَهٍ أُخْرَی إنْ اتَّفَقَتْ .

( نَعَمْ لَوْ أَتَتْ بِفَاحِشَهٍ مُبَیِّنَهٍ ) وَهِیَ الزِّنَا .

وَقِیلَ : مَا یُوجِبُ الْحَدَّ مُطْلَقًا .

وَقِیلَ : کُلُّ مَعْصِیَهٍ ( جَازَ عَضْلُهَا ) وَهُوَ مَنْعُهَا بَعْضَ حُقُوقِهَا أَوْ جَمِیعَهَا مِنْ غَیْرِ أَنْ یُفَارِقَهَا ( لِتَفْتَدِیَ نَفْسَهَا ) : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَیْتُمُوهُنَّ إلَّا أَنْ یَأْتِینَ بِفَاحِشَهٍ مُبَیِّنَهٍ } وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّهْیِ إبَاحَهٌ ؛ وَلِأَنَّهَا إذَا زَنَتْ لَمْ یُؤْمَنْ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدًا مِنْ غَیْرِهِ وَتُفْسِدَ فِرَاشَهُ ، فَلَا تُقِیمَ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَی فِی حَقِّهِ فَتَدْخُلَ فِی قَوْله تَعَالَی : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا یُقِیمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَیْهِمَا فِیمَا افْتَدَتْ بِهِ } .

وَقِیلَ : لَا یَصِحُّ ذَلِکَ وَلَا یَسْتَبِیحُ الْمَبْذُولَ مَعَ الْعَضْلِ لِأَنَّهُ فِی مَعْنَی الْإِکْرَاهِ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَی : { فَإِنْ طِبْنَ لَکُمْ عَنْ شَیْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَکُلُوهُ هَنِیئًا مَرِیئًا } .

وَالْمَشْرُوطُ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِهِ وَقِیلَ : إنَّ الْآیَهَ الْأُولَی مَنْسُوخَهٌ بِآیَهِ الْحَدِّ وَلَمْ یَثْبُتْ ؛ إذْ لَا مُنَافَاهَ بَیْنَهُمَا ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّسْخِ ، وَعَلَی الْأَوَّلِ هَلْ یَتَقَیَّدُ جَوَازُ الْعَضْلِ بِبَذْلِ مَا وَصَلَ إلَیْهَا مِنْهُ مِنْ مَهْرٍ ، وَغَیْرِهِ فَلَا یَجُوزُ الزِّیَادَهُ عَلَیْهِ أَمْ لَا یَتَقَیَّدُ إلَّا بِرِضَاهُ ، اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ حَذَرًا مِنْ الضَّرَرِ الْعَظِیمِ ، وَاسْتِنَادًا إلَی { قَوْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لِجَمِیلَهَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ لَمَّا کَرِهَتْ زَوْجَهَا ثَابِتَ بْنَ قَیْسٍ وَقَالَ لَهَا : أَتَرُدِّینَ عَلَیْهِ حَدِیقَتَهُ قَالَتْ : نَعَمْ وَأَزِیدُهُ لَا حَدِیقَتَهُ فَقَطْ } .

وَوَجْهُ الثَّانِی إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّامِلِ لِلزَّائِدِ ، وَعَدَّ الْأَصْحَابُ مِثْلَ هَذَا خُلْعًا وَهُوَ غَیْرُ مُقَیَّدٍ .

، وَفِیهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ إذْهَابُ بَعْضِ مَا أَعْطَاهَا فَالْمُسْتَثْنَی هُوَ ذَلِکَ الْبَعْضُ فَیَبْقَی الْمُسَاوِی وَالزَّائِدُ عَلَی أَصْلِ الْمَنْعِ ، فَإِنْ خَرَجَ الْمُسَاوِی بِدَلِیلٍ آخَرَ بَقِیَ الزَّائِدُ ، وَإِطْلَاقُ الْخُلْعِ عَلَیْهِ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّهَا لَیْسَتْ کَارِهَهً ، أَوْ الْکَرَاهَهُ غَیْرُ مُخْتَصَّهٍ بِهَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ، وَذِکْرُهَا فِی بَابِ الْخُلْعِ لَا یَدُلُّ عَلَی کَوْنِهَا مِنْهُ . ( وَإِذَا تَمَّ الْخُلْعُ فَلَا رَجْعَهَ لِلزَّوْجِ ) قَبْلَ رُجُوعِهَا فِی الْبَذْلِ ( وَلِلزَّوْجَهِ الرُّجُوعُ فِی الْبَذْلِ مَا دَامَتْ فِی الْعِدَّهِ ) إنْ کَانَتْ ذَاتَ عِدَّهٍ ، فَلَوْ خَرَجَتْ عِدَّتُهَا ، أَوْ لَمْ یَکُنْ لَهَا عِدَّهٌ کَغَیْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَالصَّغِیرَهِ ، وَالْیَائِسَهِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا مُطْلَقًا ( فَإِذَا رَجَعَتْ ) هِیَ حَیْثُ یَجُوزُ لَهَا الرُّجُوعُ صَارَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ أَحْکَامُهُ مِنْ النَّفَقَهِ ، وَتَحْرِیمِ الْأُخْتِ وَالرَّابِعَهِ ( وَرَجَعَ هُوَ إنْ شَاءَ ) مَا دَامَتْ الْعِدَّهُ بَاقِیَهً ، وَلَمْ یَمْنَعْ مِنْ رُجُوعِهِ مَانِعٌ کَمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا ، أَوْ رَابِعَهً قَبْلَ رُجُوعِهَا إنْ جَوَّزْنَاهُ .

نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِی الْعِدَّهِ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ حِینَئِذٍ فِیهَا ، لِزَوَالِ الْمَانِعِ ، وَلَوْ کَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا مَعَ وُجُودِ الْعِدَّهِ کَالطَّلْقَهِ الثَّالِثَهِ فَفِی جَوَازِ رُجُوعِهَا فِی الْعِدَّهِ وَجْهَانِ مِنْ إطْلَاقِ الْإِذْنِ فِیهِ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ .

وَمِنْ أَنَّ جَوَازَ رُجُوعِهَا فِی الْبَذْلِ مَشْرُوطٌ بِإِمْکَانِ رُجُوعِهِ فِی النِّکَاحِ بِالنَّظَرِ إلَی الْخُلْعِ ، لَا بِسَبَبِ أَمْرٍ خَارِجِیٍّ یُمْکِنُ زَوَالُهُ کَتَزْوِیجِهِ بِأُخْتِهَا ، ؛ وَلِأَنَّهُ بِرُجُوعِهَا یَصِیرُ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا ، وَهَذَا لَا یُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ رَجْعِیًّا وَلَا یَخْفَی أَنَّ هَذَیْنِ مُصَادَرَهٌ عَلَی الْمَطْلُوبِ ، لَکِنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ .

وَالْوَجْهَانِ آتِیَانِ فِیمَا لَوْ رَجَعَتْ وَلَمَّا یَعْلَمْ حَتَّی خَرَجَتْ الْعِدَّهُ حَیْثُ یُمْکِنُهُ الرُّجُوعُ لَوْ عَلِمَ مِنْ إطْلَاقِ الْإِذْنِ لَهَا فِی الرُّجُوعِ ، وَلُزُومِ الْإِضْرَارِ بِهِ وَالْأَقْوَی الْجَوَازُ هُنَا لِلْإِطْلَاقِ ؛ وَلِأَنَّ جَوَازَ رُجُوعِهِ مَشْرُوطٌ بِتَقْدِیمِ رُجُوعِهَا فَلَا یَکُونُ شَرْطًا فِیهِ ، وَإِلَّا دَارَ .

وَالْإِضْرَارُ حَصَلَ بِاخْتِیَارِهِ حَیْثُ أَقْدَمَ عَلَی ذَلِکَ مَعَ أَنَّ لَهُ طَرِیقًا إلَی الرَّجْعَهِ فِی الْأَوْقَاتِ الْمُحْتَمَلَهِ إلَی آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْعِدَّهِ .

(وَلَوْ تَنَازَعَا فِی الْقَدْرِ )

(وَلَوْ تَنَازَعَا فِی الْقَدْرِ )

أَیْ : قَدْرِ الْفِدْیَهِ ( حَلَفَتْ ) لِأَصَالَهِ عَدَمِ زِیَادَتِهَا عَمَّا تَعْتَرِفُ بِهِ مِنْهَا ، ( وَکَذَا ) یُقَدَّمُ قَوْلُهَا مَعَ الْیَمِینِ ( لَوْ تَنَازَعَا فِی الْجِنْسِ ) مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَی الْقَدْرِ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَی أَنَّهَا مِائَهٌ لَکِنْ ادَّعَی أَنَّهَا دَنَانِیرُ ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا دَرَاهِمُ ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ مَا یَدَّعِیهِ ؛ وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَعَلَیْهِ الْبَیِّنَهُ فَتَحْلِفُ یَمِینًا جَامِعَهً بَیْنَ نَفْیِ مَا یَدَّعِیهِ ، وَإِثْبَاتِ مَا تَدَّعِیهِ فَیَنْتَفِی مُدَّعَاهُ ، وَلَیْسَ لَهُ أَخْذُ مَا تَدَّعِیهِ ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَا یَسْتَحِقُّهُ ، وَیَنْبَغِی جَوَازُ أَخْذِهِ مُقَاصَّهً ، لَا أَصْلًا .

وَیُحْتَمَلُ تَحَالُفُهُمَا لِأَنَّ کُلًّا مِنْهُمَا مُنْکِرٌ لِمَا یَدَّعِیهِ صَاحِبُهُ ، وَهِیَ قَاعِدَهُ التَّحَالُفِ ، وَحِینَئِذٍ فَیَسْقُطُ مَا تَدَاعَیَاهُ بِالْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ ، وَیَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا أَعْرَضُوا عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ رَأْسًا ، وَمُخَالِفُونَا جَزَمُوا بِهِ ( أَوْ الْإِرَادَهُ ) مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَیْهَا بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَی ذِکْرِ الْقَدْرِ وَعَدَمِ ذِکْرِ الْجِنْسِ لَفْظًا ، وَعَلَی إرَادَهِ جِنْسٍ مُعَیَّنٍ لَکِنْ اخْتَلَفَا فِی الْجِنْسِ الْمُرَادِ .

وَإِنَّمَا کَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِیهَا لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِی إرَادَتِهَا وَلَا یُطَّلَعُ عَلَیْهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهَا فَیُقَدَّمُ قَوْلُهَا فِیهَا ، وَیَشْکُلُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إرَادَتُهُمَا مَعًا لِلْجِنْسِ الْمُعَیَّنِ ، وَلَا تَکْفِی إرَادَتُهَا خَاصَّهً ، وَإِرَادَهُ کُلٍّ مِنْهُمَا لَا یُطَّلَعُ عَلَیْهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهِ .

وَلَوْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْإِرَادَهَ إذَا کَانَتْ کَافِیَهً عَنْ ذِکْرِ الْجِنْسِ الْمُعَیَّنِ کَانَ الِاخْتِلَافُ فِیهَا اخْتِلَافًا فِی الْجِنْسِ الْمُعَیَّنِ فَتَقْدِیمُ قَوْلِهَا مِنْ هَذِهِ الْحَیْثِیَّهِ لَا مِنْ جِهَهِ تَخْصِیصِ الْإِرَادَهِ ، وَقَالَ الشَّیْخُ : یَبْطُلُ الْخُلْعُ هُنَا مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَی السَّابِقِ وَلِلْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ هُنَا وَجْهٌ کَالسَّابِقِ .

وَلَوْ کَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِی أَصْلِ الْإِرَادَهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَی عَدَمِ ذِکْرِ الْجِنْسِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَرَدْنَا جِنْسًا مُعَیَّنًا ، وَقَالَ الْآخَرُ : إنَّا لَمْ نُرِدْ ، بَلْ أَطْلَقْنَا رَجَعَ النِّزَاعُ إلَی دَعْوَی الصِّحَّهِ وَالْفَسَادِ وَمُقْتَضَی الْقَاعِدَهِ تَقْدِیمُ مُدَّعِیهَا مِنْهُمَا مَعَ یَمِینِهِ وَیُحْتَمَلُ تَقْدِیمُ مُنْکِرِهَا ، وَالْبُطْلَانُ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْقَوَاعِدِ ، وَتَقْدِیمُ قَوْلِ الْمَرْأَهِ ؛ لِرُجُوعِ النِّزَاعِ إلَی إرَادَتِهَا کَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّحْرِیرِ .

، وَفِیهِ مَا ذُکِرَ .

( وَلَوْ قَالَ خَلَعْتُکِ عَلَی أَلْفٍ فِی ذِمَّتَ

( وَلَوْ قَالَ خَلَعْتُکِ عَلَی أَلْفٍ فِی ذِمَّتَک

فَقَالَتْ : بَلْ فِی ذِمَّهِ زَیْدٍ حَلَفَتْ عَلَی الْأَقْوَی ) لِأَنَّهُ مُدَّعٍ وَهِیَ مُنْکِرَهٌ لِثُبُوتِ شَیْءٍ فِی ذِمَّتِهَا فَکَانَتْ الْیَمِینُ عَلَیْهَا .

وَقَالَ ابْنُ الْبَرَّاجِ : عَلَیْهِ الْیَمِینُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِی مَالِ الْخُلْعِ أَنْ یَکُونَ فِی ذِمَّتِهَا فَإِذَا ادَّعَتْ کَوْنَهُ فِی ذِمَّهِ غَیْرِهَا لَمْ تُسْمَعْ ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ انْتِقَالِهَا عَنْ ذِمَّتِهَا .

وَعَلَی الْأَوَّلِ لَا عِوَضَ عَلَیْهَا ، وَلَا عَلَی زَیْدٍ ، إلَّا بِاعْتِرَافِهِ ، وَتَبِینُ مِنْهُ بِمُقْتَضَی دَعْوَاهُ .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ : بَلْ خَالَعَکَ فُلَانٌ وَالْعِوَضُ عَلَیْهِ ؛ لِرُجُوعِهِ إلَی إنْکَارِهَا الْخُلْعَ مِنْ قِبَلِهَا ، أَمَّا لَوْ قَالَتْ : خَالَعْتُکَ عَلَی أَلْفٍ ضَمِنَهَا فُلَانٌ عَنِّی ، أَوْ دَفَعَتْهَا ، أَوْ أَبْرَأْتَنِی ، وَنَحْوَ ذَلِکَ فَعَلَیْهَا الْمَالُ مَعَ عَدَمِ الْبَیِّنَهِ . ( وَالْمُبَارَأَهُ ) وَأَصْلُهَا الْمُفَارَقَهُ .

قَالَ الْجَوْهَرِیُّ : تَقُولُ : بَارَأْتُ شَرِیکِی إذَا فَارَقْتَهُ ، وَبَارَأَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ( وَهِیَ کَالْخُلْعِ ) فِی الشَّرَائِطِ وَالْأَحْکَامِ ( إلَّا أَنَّهَا ) تُفَارِقُهُ فِی أُمُورٍ : مِنْهَا : أَنَّهَا ( تَتَرَتَّبُ عَلَی کَرَاهِیَهِ کُلٍّ مِنْ الزَّوْجَیْنِ ) لِصَاحِبِهِ .

فَلَوْ کَانَتْ الْکَرَاهَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا خَاصَّهً ، أَوْ خَالِیَهً عَنْهُمَا لَمْ تَصِحَّ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَهِ .

وَحَیْثُ کَانَتْ الْکَرَاهَهُ مِنْهُمَا ( فَلَا تَجُوزُ الزِّیَادَهُ ) فِی الْفِدْیَهِ ( عَلَی مَا أَعْطَاهَا ) مِنْ الْمَهْرِ ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ حَیْثُ کَانَتْ الْکَرَاهَهُ مِنْهَا فَجَازَتْ الزِّیَادَهُ .

وَنَبَّهَ بِالْفَاءِ عَلَی کَوْنِ هَذَا الْحُکْمِ مُرَتَّبًا عَلَی الْکَرَاهَهِ مِنْهُمَا ، وَإِنْ کَانَ حُکْمًا آخَرَ یَحْصُلُ بِهِ الْفَرْقُ بَیْنَهَا ، وَبَیْنَ الْخُلْعِ .

( وَ ) مِنْهَا أَنَّهُ ( لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْإِتْبَاعِ بِالطَّلَاقِ ) عَلَی الْمَشْهُورِ ، بَلْ لَا نَعْلَمُ فِیهِ مُخَالِفًا ، وَادَّعَی جَمَاعَهٌ أَنَّهُ إجْمَاعٌ ، ( وَلَوْ قُلْنَا فِی الْخُلْعِ : لَا یَجِبُ ) إتْبَاعُهُ بِالطَّلَاقِ ، وَرُوِیَ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ أَیْضًا إلَی الْإِتْبَاعِ ، وَرُبَّمَا کَانَ بِهِ قَائِلٌ ؛ لِأَنَّ الشَّیْخَ نَسَبَ فِی کِتَابَیْ الْحَدِیثِ الْقَوْلَ بِلُزُومِ إتْبَاعِهَا بِالطَّلَاقِ إلَی الْمُحَصِّلِینَ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ یَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَی مُخَالِفٍ مِنْهُمْ غَیْرِ مُحَصِّلٍ .

وَالْمُحَقَّقُ فِی النَّافِعِ نَسَبُهُ إلَی الشُّهْرَهِ وَکَیْفَ کَانَ فَالْعَمَلُ بِهِ مُتَعَیِّنٌ وَصِیغَتُهَا ( بَارَأْتُکِ ) بِالْهَمْزَهِ ( عَلَی کَذَا ) فَأَنْتِ طَالِقٌ .

وَمِنْهَا أَنَّ صِیغَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِی لَفْظِهَا ، بَلْ تَقَعُ بِالْکِنَایَاتِ الدَّالَّهِ عَلَیْهَا کَفَاسَخْتُکِ عَلَی کَذَا أَوْ أَبَنْتُکِ ، أَوْ بَتَتُّکِ ؛ لِأَنَّ الْبَیْنُونَهَ تَحْصُلُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ صَرِیحٌ ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَی الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِیهِ ، وَیَنْبَغِی عَلَی الْقَوْلِ بِافْتِقَارِهِ إلَی الطَّلَاقِ أَنْ یَکُونَ کَالْمُبَارَأَهِ .

( وَیُشْتَرَطُ فِی الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَهِ شُرُوطُ الطَّلَاقِ ) مِنْ کَمَالِ الزَّوْجِ ، وَقَصْدِهِ ، وَاخْتِیَارِهِ ، وَکَوْنِ الْمَرْأَهِ طَاهِرًا طُهْرًا لَمْ یُقَارِبْهَا فِیهِ بِجِمَاعٍ إنْ کَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا حَائِلًا غَیْرَ یَائِسَهٍ ، وَالزَّوْجُ حَاضِرًا ، أَوْ فِی حُکْمِهِ ، وَغَیْرُهَا مِنْ الشُّرُوطِ .

(37) کتاب الظهار

(37) کتاب الظهار

کتاب الظهار

وهو فعال من الظهر، اختص به(1) الاشتقاق، لانه محل الرکوب فی المرکوب، والمراد به هنا تشبیه المکلف من یملک نکاحها یظهر محرمه علیه ابدا بنسب، او رضاع. قیل: او مصاهره، وهو(2) محرم وان ترتبت علیه الاحکام لقوله تعالی: " وانهم لیقولون منکرا من القول وزورا(3) "، لکن قیل: إنه لا عقاب فیه، لتعقبه بالعفو(4). ویضعف(5) بأنه وصف مطلق فلا یتعین کونه عن هذا الذنب بالام صحیحتا(1) زراره، وجمبل عن الباقر والصادق علیهما الصلاه والسلام (6) هذه الجمله من قول الامام علیه السلام ای جمله (کظهر عمتی او اختی او خالتی) تدل علی الحرمه التکلیفیه، من دون دلالتها علی الحرمه الوضعیه بمعنی عدم ترتب الاثر علی قول الرجل لو قال هکذا.

(7) ای عدم ذکر الله عزوجل غیر الامهات لا یدل علی الاختصاص.

[122]

او الخطاب، لانه علیه السلام اجاب بالتحریم(1)، ولعل السائل استفاد مقصوده منه(2) اذ لیس فی السؤال ما یدل علی موضع حاجته(3). ومستند عمومه فی الثانی(4) قوله صلی الله علیه وآله: " یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب(5) "، وقول الباقر علیه السلام فی صحیحه زراره: " هو من کل ذی محرم من أم، او اخت، او عمه، او خاله " الحدیث، وکل(6) من الفاظ العموم یشمل المحرمه رضاعا. ومن(7) (2) هذا بعض مصرع البیت وتمامه: " یغضی حیاء ویغضی من مهابته فما یکلم الا حین یبتسم ". هذا البیت من قصیده طویله قالها (الفرزدق الشاعر) المعروف فی واقعه وخلاصتها: (ان هشام بن عبدالملک) فی ایام ابیه جاء للحج فحج وطاف وجهد ان یصل إلی الحج الاسود لیستلمه فلم یقدر علیه لکثره الزحام. فنصب له منبر وجلس علیه ینظر إلی الناس ومعه جماعه من اعیان اهل الشام فبینما هو کذلک اذ أقبل (الامام زین العابدین علی بن الحسین بن علی بن ابی طالب صلوات الله وسلامه علیهم) وکان من احسن الناس وجها واطیبهم ارجا فطاف. فلما انتهی إلی الحجر لیستلم تنحی له الناس فاستلم. فقال رجل من اهل الشام: من هذا الذی قد هابه الناس هذه الهیبه فقال هشام: لا اعرفه مخافه ان یرغب فیه اهل الشام فیملکوه. وکان الفرزدق حاضرا فقال: انا اعرفه. فقال الشامی: من هو یا (ابا فراس) فقال تلک القصیده المعروفه المشهوره المدونه فی کتب الفریقین من جملتها.

هذا الذی تعرف البطحاء وطأته * * والبیت یعرفه والحل والرحم

هذا ابن خیر عباد الله کلهم * هذا التقی النفی الطاهر العلم

اذا رأته قریش قال قائلها * إلی مکارم هذا ینتهی الکرم

ینمی إلی ذروه العز التی قصرت * عن نیلها عرب الاسلام والعجم

فی کفه خیزران ریحه عبق * من کف اروع فی عرنینه شمم

یغضی حیاء ویغضی من مهابته * فما یکلم الا حین یبتسم

إلی آخر القصیده. والشاهد فی " من " التی فی (ویغضی من مهابته) حیث إنها للتعلیل ای الناس تغمض عیونها لاجل هیبه الامام علیه السلام وانه مهاب عندهم.

[124]

او بمعنی الباء(1) مثلها(2) فی قوله تعالی: " ینظرون من طرف خفی ". والتقدیر یحرم لاجل(3).(3) بناء علی أن (من تعلیلیه).

[125]

الرضاع، او بسببه(1) ما یحرم لاجل النسب، او بسببه، والتحریم فی الظهار بسبب النسب ثابت فی الجمله اجماعا فیثبت بسبب الرضاع کذلک(2) وحینئذ(3) فیندفع ما قیل: من أن الظهار سببه(4) التشبیه بالنسب، لا نفس النسب، فلا یلزم من کون التشبیه بالنسب سببا فی التحریم کون التشبیه بالرضاع سببا فیه، لما(5) قد عرفت من الملازمه(6)، ویمکن ان ینبه بالاشهر(7) علی ثالث(8) وهو اختصاص التشبیه بمن ذکر وهو محرمات النسب والرضاع، دون غیرهن، لتخرج المحرمات مؤبدا بالمصاهره (ولا اعتبار بغیر لفظ الظهر) من أجزاء البدن کقوله: انت علی کبطن امی، او یدها، او رجلها، او فرجها، لاصاله الاباحه، وعدم التحریم بشئ من الاقوال، إلا ما اخرجه الدلیل، ولدلاله الآیه(6)، والروایه(7) علی الظهر، ولانه(8) مشتق منه فلا یصدق بدونه.(5) وهما: عدم الوقوع، لاصاله الاباحه، وعدم التحریم بشئ من الاقوال الا ما اخرجه الدلیل. والوقوع استنادا إلی الروایه الضعیفه المشار الیها فی الهامش رقم 2.

(6) ای هنا.

(7) ای میل المصنف بالتحریم بالمصاهره.

(8) ای وان لم یکن المصنف مائلا إلی التحریم بالمصاهره.

(9) کام الزوجه وبنتها.

(10) ای لا اعتبار بمظاهره الزوجه من الزوج فی قولها انت علی کظهر امی، او ابی مثلا.

[128]

وکون(1) التحریم حکما شرعیا یقف علی مورده(2)

(ولا یقع إلا منجزا)

غیر معلق علی شرط، ولا صفه کقدوم زید(3)، وطلوع الشمس(4) کما لا یقع الطلاق معلقا اجماعا، وانما کان(5) مثله لقول(6) الصادق علیه السلام " لا یکون الظهار إلا علی مثل موقع الطلاق "، ولروایه القاسم ابن محمد قال: قلت لابی الحسن الرضا علیه السلام، انی ظاهرت من امرأتی فقال: " کیف قلت " قال: قلت انت علی کظهر امی ان فعلت کذا وکذا. فقال: " لا شئ علیک ولا تعد(7) ". ومثله روی(8) ابن بکیر عن ابی الحسن علیه السلام.

(وقیل) والقائل الشیخ وجماعه: (یصح تعلیقه علی الشرط) وهو ما یجوز وقوعه فی الحال وعدمه کدخول الدار، (لا علی الصفه) وهی ما لا یقع فی الحال قطعا، بل فی المستقبل کانقضاء الشهر.

(وهو قوی) لصحیحه حریز عن الصادق علیه السلام قال: " الظهار ظهاران فاحدهما (4) هذا فی الصفه.

(5) اسم کان مستتر یرجع إلی الظهار فالمعنی انه إنما کان الظهار مثل الطلاق فی عدم وقوعه معلقا لقول (الصادق) علیه السلام.

(6) الوسائل کتاب الظهار باب 2 من ابواب الظهار الحدیث 3.

(7) الوسائل کتاب الظهار باب 16 من ابواب الظهار الحدیث 4.

(8) نفس المصدر الحدیث 3.

[129]

ان یقول: انت علی کظهر امی ثم یسکت فذلک الذی یکفر قبل ان یواقع، فإذا قال انت علی کظهر امی إن فعلت کذا وکذا ففعل وجبت علیه الکفاره حین یحنث(1) " وقریب منها(2) صحیحه عبدالرحمان بن الحجاج عنه(3) علیه السلام فخرج الشرط عن المنع بهما(4) وبقی غیره(5) علی اصل المنع. وأما اخبار المنع من التعلیق مطلقا(6) فضعیفه جدا، لا تعارض الصحیح(7) مع امکان حملها(8) علی اختلال بعض الشروط غیر الصیغه کسماع الشاهدین فانه(9) لو لم یکن ظاهرا لوجب، جمعا بینهما(10) (والاقرب صحه توقیته بمده) کأن یقول: انت علی کظهر امی إلی سته اشهر مثلا، لعموم الآیات(2)، والروایات(3)، ولان الظهار کالیمین القابله للاقتران بالمده، وللاصل(4)، ولحدیث(5) سلمه بن صخر انه ظاهر من امرأته إلی سلخ رمضان واقره النبی صلی الله علیه وآله وامره بالتکفیر(6) للمواقعه قبله، واقراره حجه کفعله، وقوله صلی الله علیه وآله وسلم. وقیل: لا یقع مطلقا(7) لان الله تعالی علق حل الوطئ فی کل المظاهرین بالتکفیر(8) ولو وقع(9) مؤقتا أفضی الی الحل بغیره(10)، (1) وهو أن افضاء الظهار إلی الحل بغیر التکفیر باطل فکذا الملزوم وهو التوقیت إلی وقت معین.

(2) ای وغیر المده الزائده، فان زادت المده علی ثلاثه اشهر لا یجوز الظهار وان لم تزد جاز.

(3) ای لعدم مطالبه الزوجه الزوج بالوطی قبل ثلاثه اشهر.

(4) ای والحال ان مطالبه الزوجه الزوج بالوطی فی تلک المده من لوازم وقوع الظهار فیها.

(5) مرجع الضمیر (الظهار).

(6) رد من (الشارح) رحمه الله علی الفرق بین المده القلیله فیصح فیها الظهار لعدم مطالبه الزوجه الوطی فیها. وبین المده الکثیره فلا یصح الظهار فیها، لمطالبه الزوجه الوطی فیها.

حاصل الرد: أن هذا المقدار من الفرق غیر کاف فی تخصیص عموم الادله من الآیات والاخبار الصحیحه التی مضت الاشاره الیهما فی الهامش السابقه

[132]

فی ذلک الطهر) مع حضوره ایضا کما سبق(1) فلو غاب وظن انتقالها منه إلی غیره وقع منه مطلقا(2)

(وان یکون المظاهر کاملا)

بالبلوغ، والعقل (قاصدا) فلا یقع ظهار الصبی، والمجنون، وفاقد القصد بالاکراه والسکر، والاغماء، والغضب إن اتفق(3).

(ویصح من الکافر) علی اصح القولین، للاصل(4)، والعموم(5)، وعدم المانع، اذ لیس عباده یمتنع وقوعها منه، ومنعه الشیخ، لانه لا یقر بالشرع، والظهار حکم شرعی، ولانه لا تصح منه الکفاره لاشتراط نیه القربه فیها فیمتنع منه الفئه وهی من لوازم وقوعه. ویضعف بأنه(6) من قبیل الاسباب وهی(7) لا تتوقف علی اعتقادها والتمکن من التکفیر متحقق بتقدیمه الاسلام، لانه قادر علیه، ولو لم یقدر علی العبادات لامتنع تکلیفه بها عندنا، وإنما تقع منه باطله لفقد شرط(8) مقدور.

(والاقرب صحته بملک الیمین) ولو مدبره، او ام ولد، لدخولها (7) ای اسباب التحریم لا تتوقف علی اعتقاد سببیتها.

(8) وهو الاسلام.

[133]

فی عموم " والذین یظاهرون من نسائهم "(1) کدخولها(2) فی قوله تعالی: " وامهات نسائکم "(3) فحرمت ام الموطوء ه بالملک، ولصحیحه(4) محمد بن مسلم عن احدهما علیه السلام قال: وسألته عن الظهار علی الحره والامه فقال: نعم. وهی تشمل الموطوء ه بالملک، والزوجیه وذهب جماعه إلی عدم وقوعه علی ما لا یقع علی الطلاق، لان المفهوم من النساء الزوجه، ولورود السبب فیها(5)، ولروایه(6) حمزه بن حمران عن الصادق علیه السلام فیمن یظاهر أمته. قال: " یأتیها ولیس علیه شئ "، ولان الظهار کان فی الجاهلیه طلاقا وهو لا یقع بها، وللاصل(7). ویضعف(8) بمنع الحمل علی الزوجه وقد سلف(9)، والسبب(10) لا یخصص، وقد حقق فی الاصول، والروایه(11) ضعیفه (والمروی) صحیحا (اشتراط الدخول) روی(5) محمد بن مسلم فی الصحیح عن احدهما قال: " لا یکون ظهارا، ولا إیلاء حتی یدخل بها "، وفی صحیحه(6) الفضل بن یسار أن الصادق علیه السلام قال: " لا یکون ظهارا، ولا إیلاء حتی یدخل بها " وهذا هو الاصح، وهو(7) مخصص للعموم(8) بناء علی أن خبر الواحد حجه ویخصص عموم الکتاب (ویکفی الدبر(9)، لصدق الوطء به کالقبل.

(ویقع الظهار بالرتقاء)

والقرناء(11) والمریضه التی لا توطء) (3) ای الدخول فی حق الزوج.

(4) ای ومن غیر فرق بین من لا یمکن الدخول فی حقه لمانع منه کأن یکون عنینا، او منها کأن تکون رتقاء او قرناء.

(5) ای وقوع الظهار بالرتقاء والقرناء.

(6) ای وذکر وقوع الظهار بالرتقاء والقرناء من توقف فی اشتراط الدخول.

(7) ای یکون قول المصنف من هذا القبیل وهو (وقوع الظهار بالرتقاء والقرناء) مع ان المصنف یشترط الدخول. ولعل المصنف انما ذکر وقوع الظهار بالرتقاء والقرناء، لانه لا یشترط الدخول حیث إنه اسند اشتراط الدخول إلی الروایه المشار الیها فی الهامش رقم 5 ص 134 بقوله: (والمروی).

[136]

کان فبناء الحکم(1) علی اشتراط الدخول غیر واضح(2)، والقول بأنه انما یشترط حیث یمکن(3) تحکم، ومثله(4) حکمهم بوقوعه من الخصی والمجبوب حیث یمتنع الوطء منهما.

(وتجب الکفاره بالعود وهی) أنث الضمیر لتوسطه بین مذکر ومؤنث احدهما مفسر للاخر قاعده مطرده(5)، ای المراد من العود (اراده الوطء) لا بمعنی وجوبها(6) مستقرا بارادته، بل (بمعنی تحریم وطئها حتی یکفر) فلو عزم(7) ولم یفعل ولم یکفر، ثم بدا له فی ذلک(1) فطلقها سقطت عنه الکفاره، ورجح(2) فی التحریر استقرارها(3) به محتجا بدلاله الآیه. وهی قوله تعالی " ثم یعودون لما قالوا فتحریر رقبه " علیه(4). وفی الدلاله(5) علیه نظر، وانما ظاهرها(6) وجوبها بالعود قبل ان یتماسا، لا مطلقا(7)، وانما یحرم الوطء علیه به(8) لا علیها، إلا ان تکون معاونه له علی الاثم فیحرم لذلک(9)، لا للظهار، فلو تشبهت علیه علی وجه لا یحرم علیه، او استدخلته وهو نائم لم یحرم علیها، لثبوت الحل لها قبله(10) والاصل(11) بقاؤه، ویفهم من قوله(12): بمعنی تحریم وطئها حتی یکفر، أن(13) غیر الوطء من ضروب الاستمتاع لا یحرم علیه (1) ای عدم حرمه ضروب الاستمتاع فی مسأله الظهار.

(2) ای المس اعم من الوطی.

(3) ای القول بکون المس اعم من الوطی فرارا من الاشتراک اللفظی بمعنی وضعه للجماع تاره بوضع مستقل علی حده، واخری بوضعه لسائر الاستمتاعات ایضا بوضع مستقل علی حده، والاشتراک خلاف الاصل.

(4) دفع وهم حاصل الوهم: ان المس موضوع فی اللغه للاعم فاذا قلنا باختصاصه بالوطی یلزم احد الامرین إما القول بالاشتراک اللفظی، او النقل بمعنی نقله من المعنی العام إلی المعنی الخاص مع ان الاشتراک اولی، لانه خیر من النقل.

(5) ای نجعل المس متواطیا. هذا جواب عن التوهم الوارد المشار الیه فی الهامش رقم 4.

(6) بالجماع، او غیره.

(7) ای واطلاق المس علی الوطأ بعد ان فرضناه متواطیا ای کلیا یطلق علی أفراده بالتساوی.

(8) ای استعمال اللفظ فی بعض افراده اولی من الاشتراک اللفظی والنقل ومن المجاز.

(9) ای ومما قلنا: وهو أن المس ظاهر فی الجماع.

[139]

یظهر جواب ما احتج به الشیخ علی تحریم الجمیع(1) استنادا إلی اطلاق المسیس(2). وأما الاستناد إلی تنزیلها(3) منزله المحرمه مؤبدا فهو مصادره. هذا(4) کله اذا کان الظهار مطلقا، اما لو کان مشروطا(5) لم یحرم حتی یقع الشرط، سواء کان الشرط الوطء ام غیره. ثم ان کان هو(6) الوطء تحقق بالنزع فتحرم المعاوده قبلها(7) ولا تجب قبله(8) وان طالت مدته علی اصح القولین حملا علی المتعارف(9).

(ولو وطء قبل التکفیر عامدا) حیث یتحقق التحریم(10) (فکفارتان) (5) کما لو قال انت علی کظهر امی لو فعلت کذا مثلا، فانه حینئذ لا تجب الکفاره قبل الوطی ما لم یتحقق الشرط.

(6) ای کان الشرط هو الوطأ تحقق الشرط بالاخراج.

(7) ای قبل الکفاره.

(8) ای لا تجب الکفاره قبل النزع وان طالت مده الادخال.

(9) وهو عدم تمامیه الوطی الا بالاخراج.

(10) بان کان الظهار مطلقا، او مشروطا تحقق شرطه.

[140]

احدیها للوطء، والاخری للظهار، وهی الواجبه بالعزم(1)، ولا شئ علی الناسی(2)،

وفی الجاهل وجهان:

من(3) انه عامد. وعذره(4) فی کثیر من نظائره.

(ولو کرر الوطء) قبل التکفیر عن الظهار وإن کان قد کفر عن الاول(5) (تکررت الواحده(6) وهی التی وجبت للوطء، دون کفاره الظهار فیجب علیه ثلاث للوطء الثانی(7)، واربع للثالث(8) وهکذا(9)، ویتحقق تکراره(10) بالعوده بعد النزع التام، (وکفاره الظهار بحالها) لا تتکرر بتکرر الوطء.

(ولو طلقها طلاقا بائنا، او رجعیا وانقضت العده حلت له من غیر تکفیر)، لروایه(1) برید العجلی وغیره(2)، ولصیرورته(3) بذلک(4) کالاجنبی، واستباحه الوطء(5) لیس بالعقد الذی لحقه التحریم، وروی(6) أن ذلک(7) لا یسقطها، وحملت(8) علی الاستحباب، ولو راجع فی الرجعیه عاد التحریم(9) قطعا.

(وکذا(10) لو ظاهر من أمه) هی زوجته (ثم اشتراها) من مولاها، لاستباحتها حینئذ(11) بالملک، وبطلان حکم العقد کما بطل حکم السابق(12) فی السابق(13) وکذا (ویجب تقدیم الکفاره علی المسیس) لقوله تعالی: " من قبل ان یتماسا " (ولو ماطل(4) بالعود، او(5) التکفیر (رافعته إلی الحاکم فینظره ثلاثه اشهر) من حین المرافعه (حتی یکفر ویفئ) ای یرجع عن الظهار مقدما للرجعه(6) علی الکفاره کما مر(7) (او یطلق ویجبره علی ذلک(8) بعدها) ای بعد المده(9) (لو امتنع) فان لم یختر احدهما ضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یختار احدهما، ولا یجبره علی احدهما عینا، ولا یطلق(10) عنه کما لا یعترضه(11) لو صبرت .

(38) کتاب الایلاء

(38) کتاب الایلاء

کِتَابُ الْإِیلَاءِ

الْإِیلَاءُ ( وَ ) هُوَ مَصْدَرُ آلَی یُولِی إذَا حَلَفَ مُطْلَقًا وَشَرْعًا ( هُوَ الْحَلِفُ عَلَی تَرْکِ وَطْءِ الزَّوْجَهِ الدَّائِمَهِ ) الْمَدْخُولِ بِهَا قُبُلًا أَوْ مُطْلَقًا ( أَبَدًا ، أَوْ مُطْلَقًا ) مِنْ غَیْرِ تَقْیِیدٍ بِزَمَانٍ ، ( أَوْ زِیَادَهً عَلَی أَرْبَعَهِ أَشْهُرٍ ؛ لِلْإِضْرَارِ بِهَا ) فَهُوَ جُزْئِیٌّ مِنْ جُزْئِیَّاتِ الْإِیلَاءِ الْکُلِّیِّ أُطْلِقَ عَلَیْهِ .

وَالْحَلِفُ فِیهِ کَالْجِنْسِ یَشْمَلُ الْإِیلَاءَ الشَّرْعِیَّ وَغَیْرَهُ ، وَالْمُرَادُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ - تَعَالَی - کَمَا سَیَأْتِی .

وَتَقْیِیدُهُ بِتَرْکِ وَطْءِ الزَّوْجَهِ یُخْرِجُ الْیَمِینَ عَلَی غَیْرِهِ فَإِنَّهُ لَا یَلْحَقُهُ أَحْکَامُ الْإِیلَاءِ الْخَاصَّهُ بِهِ ، بَلْ حُکْمُ مُطْلَقِ الْیَمِینِ ، وَإِطْلَاقُ الزَّوْجَهِ یَشْمَلُ الْحُرَّهَ ، وَالْأَمَهَ الْمُسْلِمَهَ ، وَالْکَافِرَهَ ، وَخَرَجَ بِهَا الْحَلِفُ عَلَی تَرْکِ وَطْءِ الْأَمَهِ الْمَوْطُوءَهِ بِالْمِلْکِ ، وَتَقْیِیدِهَا بِالدَّائِمَهِ ، الْمُتَمَتَّعِ بِهَا فَإِنَّ الْحَلِفَ عَلَی وَطْئِهِمَا لَا یُعَدُّ إیلَاءً ، بَلْ یَمِینًا مُطْلَقًا فَیُتْبِعُ الْأُولَی فِی الدِّینِ ، أَوْ الدُّنْیَا ، فَإِنْ تَسَاوَیَا انْعَقَدَ یَمِینًا یَلْزَمُهُ حُکْمُهُ ، وَکَذَا الْحَلِفُ عَلَی تَرْکِ وَطْءِ الدَّائِمَهِ مُدَّهً لَا تَزِیدُ عَنْ أَرْبَعَهِ أَشْهُرٍ .

وَزِدْنَا فِی التَّعْرِیفِ قَیْدَ الْمَدْخُولِ بِهَا لِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَیْنَ الْأَصْحَابِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ مِنْ غَیْرِ نَقْلِ الْخِلَافِ فِیهِ ، وَقَدْ اعْتَرَفَ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ تَحْقِیقَاتِهِ بِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَی خِلَافٍ فِیهِ ، وَالْأَخْبَارُ الصَّحِیحَهُ مُصَرِّحَهٌ بِاشْتِرَاطِهِ فِیهِ وَفِی الظِّهَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا ، وَقَیَّدَ الْقُبُلَ ، أَوْ مُطْلَقًا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَی تَرْکِ وَطْئِهَا دُبُرًا فَإِنَّهُ لَا یَنْعَقِدُ إیلَاءً کَمَا لَا تَحْصُلُ الْفَیْئَهُ بِهِ .

وَاعْلَمْ أَنَّ کُلَّ مَوْضِعٍ لَا یَنْعَقِدُ إیلَاءً مَعَ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْیَمِینِ یَکُونُ یَمِینًا .

وَالْفَرْقُ بَیْنَ الْیَمِینِ ، وَالْإِیلَاءِ مَعَ اشْتِرَاکِهِمَا فِی أَصْلِ الْحَلِفِ وَالْکَفَّارَهِ الْخَاصَّهِ .

جَوَازُ مُخَالَفَهِ الْیَمِینِ فِی الْإِیلَاءِ ، بَلْ وُجُوبُهَا عَلَی وَجْهٍ مَعَ الْکَفَّارَهِ دُونَ الْیَمِینِ الْمُطْلَقَهِ ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ انْعِقَادِهِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِالْمُبَاحِ بِأَوْلَوِیَّتِهِ دِینًا ، أَوْ دُنْیَا ، أَوْ تَسَاوِی طَرَفَیْهِ ، بِخِلَافِ الْیَمِینِ وَاشْتِرَاطِهِ بِالْإِضْرَارِ بِالزَّوْجَهِ کَمَا عُلِمَ مِنْ تَعْرِیفِهِ فَلَوْ حَلَفَ عَلَی تَرْکِ وَطْئِهَا لِمَصْلَحَتِهَا کَإِصْلَاحِ لَبَنِهَا ، أَوْ کَوْنِهَا مَرِیضَهً کَانَ یَمِینًا ، لَا إیلَاءً ، وَاشْتِرَاطِهِ بِدَوَامِ عَقْدِ الزَّوْجَهِ دُونَ مُطْلَقِ الْیَمِینِ ، وَانْحِلَالِ الْیَمِینِ عَلَی تَرْکِ وَطْئِهَا بِالْوَطْءِ دُبُرًا مَعَ الْکَفَّارَهِ دُونَ الْإِیلَاءِ إلَی غَیْرِ ذَلِکَ مِنْ الْأَحْکَامِ الْمُخْتَصَّهِ بِالْإِیلَاءِ الْمَذْکُورَهِ فِی بَابِهِ . ( وَلَا یَنْعَقِدُ الْإِیلَاءُ ) کَمُطْلَقِ الْیَمِینِ ( إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَی ) الْمُخْتَصِّ بِهِ أَوْ الْغَالِبِ کَمَا سَبَقَ تَحْقِیقُهُ فِی الْیَمِینِ ، لَا بِغَیْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ کَانَتْ مُعَظَّمَهً ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ خَاصٌّ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ { : وَمَنْ کَانَ حَالِفًا فَلْیَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَی ، أَوْ فَلْیَصْمُتْ } وَلَا تَکْفِی نِیَّتُهُ ، بَلْ یُعْتَبَرُ کَوْنُهُ ( مُتَلَفِّظًا بِهِ ) وَلَا یَخْتَصُّ بِلُغَهٍ ، بَلْ یَنْعَقِدُ ( بِالْعَرَبِیَّهِ وَغَیْرِهَا ) لِصِدْقِهِ عُرْفًا بِأَیِّ لِسَانٍ اتَّفَقَ ،

(وَلَا بُدَّ فِی الْمَحْلُوفِ عَلَیْهِ )

وَهُوَ الْجِمَاعُ فِی الْقُبُلِ ( مِنْ اللَّفْظِ الصَّرِیحِ ) الدَّالِّ عَلَیْهِ ( کَإِدْخَالِ الْفَرْجِ فِی الْفَرْجِ ) ، أَوْ تَغَیُّبِ الْحَشَفَهِ فِیهِ ، ( أَوْ اللَّفْظَهِ الْمُخْتَصَّهِ بِذَلِکَ ) لُغَهً وَعُرْفًا وَهِیَ مَشْهُورَهٌ ، ( وَلَوْ تَلَفَّظَ بِالْجِمَاعِ ، أَوْ الْوَطْءِ وَأَرَادَ الْإِیلَاءَ صَحَّ ) ، وَإِلَّا فَلَا ، لِاحْتِمَالِهِمَا إرَادَهَ غَیْرِهِ ، فَإِنَّهُمَا وُضِعَا لُغَهً لِغَیْرِهِ وَإِنَّمَا کُنِّیَ بِهِمَا عَنْهُ عُدُولًا عَمَّا یُسْتَهْجَنُ إلَی بَعْضِ لَوَازِمِهِ ثُمَّ اشْتَهَرَ فِیهِ عُرْفًا فَوَقَعَ بِهِ مَعَ قَصْدِهِ .

وَالتَّحْقِیقُ أَنَّ الْقَصْدَ مُعْتَبَرٌ فِی جَمِیعِ الْأَلْفَاظِ وَإِنْ کَانَتْ صَرِیحَهً ، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِیصِ اللَّفْظَیْنِ بِهِ .

وَاشْتِرَاکُهُمَا أَوْ إطْلَاقُهُمَا لُغَهً عَلَی غَیْرِهِ لَا یَضُرُّ مَعَ إطْبَاقِ الْعُرْفِ عَلَی انْصِرَافِهِمَا إلَیْهِ .

وَقَدْ رَوَی أَبُو بَصِیرٍ فِی الصَّحِیحِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ الْإِیلَاءِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : " هُوَ أَنْ یَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ : وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُکِ کَذَا وَکَذَا " الْحَدِیثَ وَلَمْ یُقَیِّدْهُ بِالْقَصْدِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا ، بَلْ أَجَابَ بِهِ فِی جَوَابِ " مَا هُوَ " الْمَحْمُولِ عَلَی نَفْسِ الْمَاهِیَّهِ ، فَیَکُونُ حَقِیقَهَ الْإِیلَاءِ ، وَدُخُولَ غَیْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِیحَهِ حِینَئِذٍ بِطَرِیقٍ أَوْلَی فَلَا یُنَافِیهِ خُرُوجُهَا عَنْ الْمَاهِیَّهِ الْمُجَابِ بِهَا .

نَعَمْ یُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا یَقَعُ بِمِثْلِ الْمُبَاضَعَهِ ، وَالْمُلَامَسَهِ وَالْمُبَاشَرَهِ الَّتِی یُعَبَّرُ بِهَا عَنْهُ کَثِیرًا وَإِنْ قَصَدَهُ ؛ لِاشْتِهَارِ اشْتِرَاکِهَا ، خِلَافًا لِجَمَاعَهٍ حَیْثُ حَکَمُوا بِوُقُوعِهِ بِهَا .

نَعَمْ لَوْ تَحَقَّقَ فِی الْعُرْفِ انْصِرَافُهَا ، أَوْ بَعْضُهَا إلَیْهِ وَقَعَ بِهِ .

وَیُمْکِنُ أَنْ تَکُونَ فَائِدَهُ تَقْیِیدِهِ

بِالْإِرَادَهِ أَنَّهُ لَا یَقَعُ عَلَیْهِ ظَاهِرًا بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ مُوَقِّعًا لِلصِّیغَهِ بِهِمَا ، بَلْ یُرْجَعُ إلَیْهِ فِی قَصْدِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِإِرَادَتِهِ حُکِمَ عَلَیْهِ بِهِ ، وَإِنْ ادَّعَی عَدَمَهُ قُبِلَ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمِعَ مِنْهُ الصِّیغَهَ الصَّرِیحَهَ فَإِنَّهُ لَا یَقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَی عَدَمِ الْقَصْدِ ، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الْعَاقِلِ الْمُخْتَارِ ، وَأَمَّا فِیمَا بَیْنَهُ وَبَیْنَ اللَّهِ تَعَالَی فَیَرْجِعُ إلَی نِیَّتِهِ . ( وَلَوْ کَنَّی بِقَوْلِهِ : لَا جَمَعَ رَأْسِی وَرَأْسَکِ مِخَدَّهٌ وَاحِدَهٌ ، أَوْ لَا سَاقَفْتُکِ ) بِمَعْنَی لَا جَمَعَنِی وَإِیَّاکِ سَقْفٌ ( وَقَصَدَ الْإِیلَاءَ ) أَیْ الْحَلِفَ عَلَی تَرْکِ وَطْئِهَا ( حَکَمَ الشَّیْخُ ) وَالْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ ( بِالْوُقُوعِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ عُرْفًا فِیمَا نَوَاهُ فَیُحْمَلُ عَلَیْهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَلِدَلَالَهِ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ عَلَیْهِ حَیْثُ دَلَّتْ عَلَی وُقُوعِهِ بِقَوْلِهِ : لَأُغِیضَنَّکَ ، فَهَذِهِ أَوْلَی ، وَفِی حَسَنَهِ بُرَیْدٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : " إذَا آلَی الرَّجُلُ أَنْ لَا یَقْرَبَ امْرَأَتَهُ ، وَلَا یَمَسَّهَا ، وَلَا یُجْمَعُ رَأْسُهُ وَرَأْسُهَا فَهُوَ فِی سَعَهٍ مَا لَمْ تَمْضِ الْأَرْبَعَهُ أَشْهُرٍ " .

وَالْأَشْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ ؛ لِأَصَالَهِ الْحِلِّ ، وَاحْتِمَالِ الْأَلْفَاظِ لِغَیْرِهِ احْتِمَالًا ظَاهِرًا فَلَا یَزُولُ الْحِلُّ الْمُتَحَقَّقُ بِالْمُحْتَمَلِ ، وَالرِّوَایَاتُ لَیْسَتْ صَرِیحَهً فِیهِ .

وَیُمْکِنُ کَوْنُ الْوَاوِ فِی الْأَخِیرَهِ لِلْجَمْعِ فَیَتَعَلَّقُ الْإِیلَاءُ بِالْجَمِیعِ ، وَلَا یَلْزَمُ تَعَلُّقُهُ بِکُلِّ وَاحِدٍ .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْیَمِینَ فِی جَمِیعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَقَعُ عَلَی وَفْقِ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَدْلُولَاتِهَا لِأَنَّ الْیَمِینَ تَتَعَیَّنُ بِالنِّیَّهِ حَیْثُ تَقَعُ الْأَلْفَاظُ مُحْتَمَلَهً ، فَإِنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ : لَا جَمَعَ رَأْسِی وَرَأْسَکِ مِخَدَّهٌ نَوْمَهُمَا مُجْتَمِعَیْنِ عَلَیْهَا انْعَقَدَتْ کَذَلِکَ حَیْثُ لَا أَوْلَوِیَّهَ فِی خِلَافِهَا ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْجِمَاعَ انْعَقَدَ کَذَلِکَ ، وَکَذَا غَیْرُهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ حَیْثُ لَا یَقَعُ الْإِیلَاءُ بِهِ .

( وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْرِیدِهِ عَنْ الشَّرْطِ وَالصِّفَهِ ) عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ : لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِی غَیْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ وَهُوَ الْمُجَرَّدُ عَنْهُمَا .

وَقَالَ الشَّیْخُ فِی الْمَبْسُوطِ وَالْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ : یَقَعُ مُعَلَّقًا عَلَیْهِمَا ، لِعُمُومِ الْقُرْآنِ السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ وَالسَّلَامَهُ عَزِیزَهٌ .

( وَلَا یَقَعُ لَوْ جَعَلَهُ یَمِینًا ) کَأَنْ یَقُولَ : " إنْ فَعَلْتِ کَذَا فَوَاَللَّهِ لَا جَامَعْتُکِ " قَاصِدًا تَحْقِیقَ الْفِعْلِ عَلَی تَقْدِیرِ الْمُخَالَفَهِ زَجْرًا لَهَا عَنْ مَا عَلَّقَهُ عَلَیْهِ ، وَبِهَذَا یَمْتَازُ عَنْ الشَّرْطِ مَعَ اشْتِرَاکِهِمَا فِی مُطْلَقِ التَّعْلِیقِ فَإِنَّهُ لَا یُرِیدُ مِنْ الشَّرْطِ إلَّا مُجَرَّدَ التَّعْلِیقِ ، لَا الِالْتِزَامَ فِی الْمُعَلَّقِ عَلَیْهِ .

وَیَتَمَیَّزَانِ أَیْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ أَعَمُّ مِنْ فِعْلِهِمَا ، وَالْیَمِینُ لَا تَکُونُ مُتَعَلِّقَهً إلَّا بِفِعْلِهَا ، أَوْ فِعْلِهِ .

وَعَدَمُ وُقُوعِهِ یَمِینًا ، بَعْدَ اعْتِبَارِ تَجْرِیدِهِ عَنْ الشَّرْطِ ، وَاخْتِصَاصِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ - تَعَالَی - وَاضِحٌ .

( أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ ) بِأَنْ قَالَ : إنْ وَطِئْتُکِ فَفُلَانَهُ - إحْدَی زَوْجَاتِهِ - طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ لِأَنَّهُ یَمِینٌ بِغَیْرِ اللَّهِ تَعَالَی .

(وَیُشْتَرَطُ فِی الْمُولِی الْکَمَالُ

بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالِاخْتِیَارِ وَالْقَصْدِ ) إلَی مَدْلُولِ لَفْظِهِ ، فَلَا یَقَعُ مِنْ الصَّبِیِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُکْرَهِ وَالسَّاهِی وَالْعَابِثِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَا یَقْصِدُ الْإِیلَاءَ ( ، وَیَجُوزُ مِنْ الْعَبْدِ ) بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهُ اتِّفَاقًا حُرَّهً کَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمْ أَمَهً ؛ إذْ لَا حَقَّ لِسَیِّدِهِ فِی وَطْئِهِ لَهَا ، بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ ( وَمِنْ ) الْکَافِرِ ( الذِّمِّیِّ ) لِإِمْکَانِ وُقُوعِهِ مِنْهُ حَیْثُ یُقِرُّ بِاَللَّهِ - تَعَالَی - ، وَلَا یُنَافِیهِ وُجُوبُ الْکَفَّارَهِ الْمُتَعَذِّرَهِ مِنْهُ حَالَ کُفْرِهِ لِإِمْکَانِهَا فِی الْجُمْلَهِ کَمَا تَقَدَّمَ فِی الظِّهَارِ ، وَکَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَکُونَ فِیهِ خِلَافٌ مِثْلُهُ لِلِاشْتِرَاکِ فِی الْعِلَّهِ ، لَکِنْ لَمْ یُنْقَلْ هُنَا ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّقْیِیدِ بِالذِّمِّیِّ ، بَلْ الضَّابِطُ الْکَافِرُ الْمُقِرُّ بِاَللَّهِ - تَعَالَی - لِیُمْکِنَ حَلِفُهُ بِهِ . ( وَإِذَا تَمَّ الْإِیلَاءُ ) بِشَرَائِطِهِ ( فَلِلزَّوْجَهِ الْمُرَافَعَهُ ) إلَی الْحَاکِمِ ( مَعَ امْتِنَاعِهِ عَنْ الْوَطْءِ فَیُنْظِرُهُ الْحَاکِمُ أَرْبَعَهَ أَشْهُرٍ ثُمَّ یُجْبِرُهُ بَعْدَهَا عَلَی الْفِئَهِ ) وَهِیَ وَطْؤُهَا قُبُلًا وَلَوْ بِمُسَمَّاهُ بِأَنْ تَغَیَّبَتْ الْحَشَفَهُ وَإِنْ لَمْ یُنْزِلْ مَعَ الْقُدْرَهِ أَوْ إظْهَارِ الْعَزْمِ عَلَیْهِ أَوَّلَ أَوْقَاتِ الْإِمْکَانِ مَعَ الْعَجْزِ ( أَوْ الطَّلَاقِ ) فَإِنْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا ، وَإِنْ کَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا خَرَجَ مِنْ حَقِّهَا وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا ضَیَّقَ عَلَیْهِ فِی الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَلَوْ بِالْحَبْسِ حَتَّی یَفْعَلَ أَحَدَهُمَا وَرُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ " کَانَ یَحْبِسُهُ فِی حَظِیرَهٍ مِنْ قَصَبٍ وَیُعْطِیهِ رُبُعَ قُوتِهِ حَتَّی یُطَلِّقَ ( وَلَا یُجْبِرُهُ ) الْحَاکِمُ ( عَلَی أَحَدِهِمَا عَیْنًا ) وَلَا یُطَلِّقُ عَنْهُ بَلْ یُخَیِّرُهُ بَیْنَهُمَا . ( وَلَوْ آلَی مُدَّهً مُعَیَّنَهً ) تَزِیدُ عَنْ الْأَرْبَعَهِ ( وَدَافَعَ ) فَلَمْ یَفْعَلْ أَحَدَ الْأَمْرَیْنِ ( حَتَّی انْقَضَتْ ) الْمُدَّهُ ( سَقَطَ حُکْمُ الْإِیلَاءِ ) لِانْحِلَالِ الْیَمِینِ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ وَلَمْ تَلْزَمْهُ الْکَفَّارَهُ مَعَ الْوَطْءِ وَإِنْ أَثِمَ بِالْمُدَافَعَهِ

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی انْقِضَاءِ الْمُدَّهِ )

الْمَضْرُوبَهِ ( قُدِّمَ قَوْلُ مُدَّعِی الْبَقَاءِ ) مَعَ یَمِینِهِ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الِانْقِضَاءِ ( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی زَمَانِ وُقُوعِ الْإِیلَاءِ حَلَفَ مَنْ یَدَّعِی تَأَخُّرَهُ ) ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّقَدُّمِ ، وَالْمُدَّعِی لِلِانْقِضَاءِ فِی الْأَوَّلِ هُوَ الزَّوْجَهُ ؛ لِتُطَالِبَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَیْنِ ، وَلَا یَتَوَجَّهُ کَوْنُهَا مِنْهُ ، أَمَّا الثَّانِی فَیُمْکِنُ وُقُوعُهَا مِنْ کُلٍّ مِنْهُمَا فَتَدَّعِی هِیَ تَأَخُّرَ زَمَانِهِ إذَا کَانَ مُقَدَّرًا بِمُدَّهٍ لَمْ تَمْضِ قَبْلَ الْمُدَّهِ الْمَضْرُوبَهِ فَتُرَافِعُهُ لِیُلْزَمَ بِأَحَدِهِمَا ، وَیَدَّعِی تَقَدُّمَهُ عَلَی وَجْهٍ تَنْقَضِی مُدَّتُهُ قَبْلَ الْمُدَّهِ الْمَضْرُوبَهِ لِیَسْلَمَ مِنْ الْإِلْزَامِ بِأَحَدِهِمَا وَقَدْ یَدَّعِی تَأَخُّرَهُ عَلَی وَجْهٍ لَا تَتِمُّ الْأَرْبَعَهُ الْمَضْرُوبَهُ لِئَلَّا یُلْزَمَ إذَا جَعَلْنَا مَبْدَأَهَا مِنْ حِینِ الْإِیلَاءِ .

وَتَدَّعِی هِیَ تَقَدُّمَهُ لِتَتِمَّ . ( وَیَصِحُّ الْإِیلَاءُ مِنْ الْخَصِیِّ وَالْمَجْبُوبِ ) إذَا بَقِیَ مِنْهُ قَدْرٌ یُمْکِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ إجْمَاعًا وَلَوْ لَمْ یَبْقَ ذَلِکَ فَکَذَلِکَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَهٍ ؛ لِعُمُومِ الْآیَاتِ ، وَإِطْلَاقِ الرِّوَایَاتُ ، وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الْیَمِینِ مُمْتَنَعٌ کَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا یَصْعَدَ إلَی السَّمَاءِ ؛ وَلِأَنَّ شَرْطَهُ الْإِضْرَارُ بِهَا ، وَهُوَ غَیْرُ مُتَصَوَّرٍ هُنَا ( وَفِئَتُهُ ) عَلَی تَقْدِیرِ وُقُوعِهِ مِنْهُ ( الْعَزْمُ عَلَی الْوَطْءِ مُظْهِرًا لَهُ ) أَیْ : لِلْعَزْمِ عَلَیْهِ ( مُعْتَذِرًا مِنْ عَجْزِهِ ) ، وَکَذَا فِئَهُ الصَّحِیحِ ( لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّهُ ، وَلَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ ) عَقْلِیٌّ کَالْمَرَضِ ، أَوْ شَرْعِیٌّ کَالْحَیْضِ ، أَوْ عَادِیٌّ کَالتَّعَبِ ، وَالْجُوعِ ، وَالشِّبَعِ . ( وَمَتَی وَطِئَ ) الْمُولِی ( لَزِمَتْهُ الْکَفَّارَهُ ، سَوَاءٌ کَانَ فِی مُدَّهِ التَّرَبُّصِ ) أَوْ قَبْلَهَا لَوْ جَعَلْنَاهَا مِنْ حِینِ الْمُرَافَعَهِ ( أَوْ بَعْدَهَا ) لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ فِی الْجَمِیعِ وَهُوَ فِی غَیْرِ الْأَخِیرِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ ، وَنَفَاهَا فِیهِ الشَّیْخُ فِی الْمَبْسُوطِ ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، وَأَمْرِهِ بِهِ الْمُنَافِی لِلتَّحْرِیمِ الْمُوجِبِ لِلْکَفَّارَهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ کَغَیْرِهِ ؛ لِمَا ذُکِرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَی : { ذَلِکَ کَفَّارَهُ أَیْمَانِکُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } وَلَمْ یُفَصِّلْ ، وَلِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مَنْ آلَی مِنْ امْرَأَتِهِ فَمَضَتْ أَرْبَعَهُ أَشْهُرٍ : " یُوقَفُ فَإِنْ عَزَمَ الطَّلَاقَ بَانَتْ مِنْهُ ، وَإِلَّا کَفَّرَ یَمِینَهُ وَأَمْسَکَهَا . ( وَمُدَّهُ الْإِیلَاءِ مِنْ حِینِ التَّرَافُعِ ) فِی الْمَشْهُورِ کَالظِّهَارِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمُدَّهِ إلَی الْحَاکِمِ فَلَا یَحْکُمُ بِهَا قَبْلَهَا ؛ وَلِأَنَّهُ حَقُّهَا فَیَتَوَقَّفُ عَلَی مُطَالَبَتِهَا ، وَلِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّسَلُّطِ عَلَی الزَّوْجِ بِحَبْسٍ ، وَغَیْرِهِ قَبْلَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ .

وَقِیلَ مِنْ حِینِ الْإِیلَاءِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآیَهِ حَیْثُ رَتَّبَ التَّرَبُّصَ عَلَیْهِ مِنْ غَیْرِ تَعَرُّضٍ لِلْمُرَافَعَهِ ، وَکَذَا الْأَخْبَارُ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِی الْخَبَرِ السَّابِقِ مَا یَدُلُّ عَلَیْهِ .

وَفِی حَسَنَهِ بُرَیْدٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : " لَا یَکُونُ إیلَاءً مَا لَمْ یَمْضِ أَرْبَعَهُ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا مَضَتْ وُقِفَ ، فَإِمَّا أَنْ یَفِیءَ ، وَإِمَّا أَنْ یَعْزِمَ عَلَی الطَّلَاقِ " .

فَعَلَی هَذَا لَوْ لَمْ تُرَافِعْهُ حَتَّی انْقَضَتْ الْمُدَّهُ أَمَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَیْنِ مُنَجَّزًا

(، وَیَزُولُ حُکْمُ الْإِیلَاءِ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ )

لِخُرُوجِهَا عَنْ حُکْمِ الزَّوْجِیَّهِ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحُکْمَ ثَابِتٌ ، وَإِنْ عَقَدَ عَلَیْهَا ثَانِیًا فِی الْعِدَّهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ یَرْفَعْ حُکْمَ الطَّلَاقِ ، بَلْ أَحْدَثَ نِکَاحًا جَدِیدًا ، کَمَا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ الْعِدَّهِ ، بِخِلَافِ الرَّجْعَهِ فِی الرَّجْعِیِّ وَلَوْ کَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا خَرَجَ مِنْ حَقِّهَا ، لَکِنْ لَا یَزُولُ حُکْمُ الْإِیلَاءِ إلَّا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّهِ ، فَلَوْ رَاجَعَ فِیهَا بَقِیَ التَّحْرِیمُ .

وَهَلْ یُلْزَمُ حِینَئِذٍ بِأَحَدِ الْأَمْرَیْنِ بِنَاءً عَلَی الْمُدَّهِ السَّابِقَهِ أَمْ یُضْرَبُ لَهُ مُدَّهٌ ثَانِیَهٌ ، ثُمَّ یُوقَفُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا ؟ وَجْهَانِ .

مِنْ بُطْلَانِ حُکْمِ الطَّلَاقِ ، وَعَوْدِ النِّکَاحِ الْأَوَّلِ بِعَیْنِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ طَلَاقُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَکَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِیًّا ، بِنَاءً عَلَی عَوْدِ النِّکَاحِ الْأَوَّلِ ، وَأَنَّهَا فِی حُکْمِ الزَّوْجَهِ ، وَمِنْ سُقُوطِ الْحُکْمِ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ فَیَفْتَقِرُ إلَی حُکْمٍ جَدِیدٍ اسْتِصْحَابًا ؛ لِمَا قَدْ ثَبَتَ وَبِهَذَا جَزَمَ فِی التَّحْرِیرِ .

ثُمَّ إنْ طَلَّقَ وَفَّی ، وَإِنْ رَاجَعَ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّهٌ أُخْرَی وَهَکَذَا .

(وَکَذَا یَزُولُ حُکْمُ الْإِیلَاءِ بِشِرَاءِ الْأَمَهِ

ثُمَّ عِتْقِهَا وَتَزَوُّجِهَا ) بَعْدَهُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِشِرَائِهَا ، وَتَزْوِیجُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حُکْمٌ جَدِیدٌ کَتَزْوِیجِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ ، بَلْ أَبْعَدُ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ تَزْوِیجِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَتَزْوِیجِهَا بِهِ جَاعِلًا لَهُ مَهْرًا ؛ لِاتِّحَادِ الْعِلَّهِ ، وَهَلْ یَزُولُ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا مِنْ غَیْرِ عِتْقٍ ؟ الظَّاهِرُ ذَلِکَ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ بِالشِّرَاءِ ، وَاسْتِبَاحَتِهَا حِینَئِذٍ بِالْمِلْکِ .

وَهُوَ حُکْمٌ جَدِیدٌ غَیْرُ الْأَوَّلِ ، وَلَکِنَّ الْأَصْحَابَ فَرَضُوا الْمَسْأَلَهَ کَمَا هُنَا .

نَعَمْ لَوْ انْعَکَسَ الْفَرْضُ بِأَنْ کَانَ الْمُؤْلِی عَبْدًا فَاشْتَرَتْهُ الزَّوْجَهُ تَوَقَّفَ حِلُّهَا لَهُ عَلَی عِتْقِهِ ، وَتَزْوِیجِهِ ثَانِیًا .

وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْإِیلَاءِ هُنَا أَیْضًا بِالشِّرَاءِ ، وَإِنْ تَوَقَّفَ حِلُّهَا لَهُ عَلَی الْأَمْرَیْنِ کَمَا بَطَلَ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ ، وَإِنْ لَمْ یَتَزَوَّجْهَا .

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِیمَا لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِکَ بِشُبْهَهٍ ، أَوْ حَرَامًا فَإِنَّهُ لَا کَفَّارَهَ إنْ أَبْطَلْنَاهُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْکِ وَالطَّلَاقِ .

(وَلَا تَتَکَرَّرُ الْکَفَّارَهُ بِتَکَرُّرِ الْیَمِینِ )

، سَوَاءٌ ( قَصَدَ التَّأْکِیدَ ) وَهُوَ تَقْوِیَهُ الْحُکْمِ السَّابِقِ ، ( أَوْ التَّأْسِیسَ ) وَهُوَ إحْدَاثُ حُکْمٍ آخَرَ ، أَوْ أَطْلَقَ ( إلَّا مَعَ تَغَایُرِ الزَّمَانِ ) أَیْ : زَمَانِ الْإِیلَاءِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَحْلُوفُ عَلَی تَرْکِ الْوَطْءِ فِیهِ ، لَا زَمَانِ الصِّیغَهِ ، بِأَنْ یَقُولَ : وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُکِ سِتَّهَ أَشْهُرٍ فَإِذَا انْقَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُکِ سَنَهً فَیَتَعَدَّدُ الْإِیلَاءُ إنْ قُلْنَا بِوُقُوعِهِ مُعَلَّقًا عَلَی الصِّفَهِ .

وَحِینَئِذٍ فَلَهَا الْمُرَافَعَهُ لِکُلٍّ مِنْهُمَا ، فَلَوْ مَاطَلَ فِی الْأَوَّلِ حَتَّی انْقَضَتْ مُدَّتُهُ انْحَلَّ ، وَدَخَلَ الْآخَرُ وَعَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا مِنْ اشْتِرَاطِ تَجْرِیدِهِ عَنْ الشَّرْطِ وَالصِّفَهِ یَبْطُلُ الثَّانِی ، وَلَا یَتَحَقَّقُ تَعَدُّدُ الْکَفَّارَهِ بِتَعَدُّدِهِ ، وَلَا یَقَعُ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْقِعَهُ .

( وَفِی الظِّهَارِ خِلَافٌ أَقْرَبُهُ التَّکْرَارُ ) بِتَکَرُّرِ الصِّیغَهِ سَوَاءٌ فَرَّقَ الظِّهَارَ أَمْ تَابَعَهُ فِی مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْسِیسَ أَمْ لَمْ یَقْصِدْ مَا لَمْ یَقْصِدْ التَّأْکِیدَ ؛ لِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، أَوْ أَکْثَرَ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " قَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ : مَکَانَ کُلِّ مَرَّهٍ کَفَّارَهٌ " وَغَیْرِهَا مِنْ الْأَخْبَارِ .

وَقَالَ ابْنُ الْجُنَیْدِ : لَا تَتَکَرَّرُ إلَّا مَعَ تَغَایُرِ الْمُشَبَّهَهِ بِهَا ، أَوْ تَخَلُّلِ التَّکْفِیرِ ، اسْتِنَادًا إلَی خَبَرٍ لَا دَلَالَهَ فِیهِ عَلَی مَطْلُوبِهِ . ( وَإِذَا وَطِئَ الْمُؤْلِی سَاهِیًا ، أَوْ مَجْنُونًا ، أَوْ لِشُبْهَهٍ ) لَمْ تَلْزَمْهُ کَفَّارَهٌ لِعَدَمِ الْحِنْثِ ( وَبَطَلَ حُکْمُ الْإِیلَاءِ عِنْدَ الشَّیْخِ ) لِتَحَقُّقِ الْإِصَابَهِ ، وَمُخَالَفَهِ مُقْتَضَی الْیَمِینِ ، کَمَا یَبْطُلُ لَوْ وَطِئَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِکَ وَإِنْ وُجِّهَتْ الْکَفَّارَهُ .

وَتَبِعَهُ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَهٌ .

وَنِسْبَهُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ إلَیْهِ یُشْعِرُ بِتَمْرِیضِهِ .

وَوَجْهُهُ أَصَالَهُ الْبَقَاءِ ، وَاغْتِفَارُ الْفِعْلِ بِالْإِعْذَارِ ، وَکَوْنُ الْإِیلَاءِ یَمِینًا وَهِیَ فِی النَّفْیِ تَقْتَضِی الدَّوَامَ ، وَالنِّسْیَانُ وَالْجَهْلُ لَمْ یَدْخُلَا تَحْتَ مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْبَعْثِ وَالزَّجْرِ فِی الْیَمِینِ إنَّمَا یَکُونُ عِنْدَ ذِکْرِهَا ، وَذِکْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَیْهِ حَتَّی یَکُونَ تَرْکُهُ لِأَجْلِ الْیَمِینِ .

مَعَ أَنَّهُ فِی قَوَاعِدِهِ اسْتَقْرَبَ انْحِلَالَ الْیَمِینِ مُطْلَقًا بِمُخَالَفَهِ مُقْتَضَاهَا نِسْیَانًا وَجَهْلًا وَإِکْرَاهًا مَعَ عَدَمِ الْحِنْثِ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمُخَالَفَهَ قَدْ حَصَلَتْ ، وَهِیَ لَا تَتَکَرَّرُ ، وَبِحُکْمِ الْأَصْحَابِ بِبُطْلَانِ الْإِیلَاءِ بِالْوَطْءِ سَاهِیًا مَعَ أَنَّهَا یَمِینٌ .

فَنَسَبَ الْحُکْمَ الْمَذْکُورَ هُنَا إلَی الْأَصْحَابِ ، لَا إلَی الشَّیْخِ وَحْدَهُ .

وَلِلتَّوَقُّفِ وَجْهٌ .

(وَلَوْ تَرَافَعَ الذِّمِّیَّانِ إلَیْنَا )

فِی حُکْمِ الْإِیلَاءِ ( تَخَیَّرَ الْإِمَامُ ، أَوْ الْحَاکِمُ ) الْمُتَرَافَعُ إلَیْهِ ( بَیْنَ الْحُکْمِ بَیْنَهُمْ بِمَا یَحْکُمُ عَلَی الْمُؤْلِی الْمُسْلِمِ ، وَبَیْنَ رَدِّهِمْ إلَی أَهْلِ مِلَّتِهِمْ ) جَمَعَ الضَّمِیرَ لِلِاسْمِ الْمُثَنَّی تَجَوُّزًا ، أَوْ بِنَاءً عَلَی وُقُوعِ الْجَمْعِ عَلَیْهِ حَقِیقَهً کَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ ( وَلَوْ آلَی ثُمَّ ارْتَدَّ ) عَنْ مِلَّهٍ ( حُسِبَ عَلَیْهِ مِنْ الْمُدَّهِ ) الَّتِی تُضْرَبُ لَهُ ( زَمَانُ الرِّدَّهِ عَلَی الْأَقْوَی ) لِتَمَکُّنِهِ مِنْ الْوَطْءِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الرِّدَّهِ فَلَا تَکُونُ عُذْرًا لِانْتِفَاءِ مَعْنَاهُ .

وَقَالَ الشَّیْخُ : لَا یُحْتَسَبُ عَلَیْهِ مُدَّهُ الرِّدَّهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ بِسَبَبِ الِارْتِدَادِ ، لَا بِسَبَبِ الْإِیلَاءِ ، کَمَا لَا یُحْتَسَبُ مُدَّهُ الطَّلَاقِ مِنْهَا لَوْ رَاجَعَ وَإِنْ کَانَ یُمْکِنُهُ الْمُرَاجَعَهُ فِی کُلِّ وَقْتٍ .

وَأُجِیبَ بِالْفَرْقِ بَیْنَهُمَا فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا عَادَ إلَی الْإِسْلَامِ تَبَیَّنَ أَنَّ النِّکَاحَ لَمْ یَرْتَفِعْ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ، فَإِنَّهُ لَا یَنْهَدِمُ بِالرَّجْعَهِ وَإِنْ عَادَ حُکْمُ النِّکَاحِ السَّابِقِ کَمَا سَبَقَ .

وَلِهَذَا لَوْ رَاجَعَ الْمُطَلَّقَهَ تَبْقَی مَعَهُ عَلَی طَلْقَتَیْنِ .

وَلَوْ کَانَ ارْتِدَادُهُ عَنْ فِطْرَهٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَهِ الْمَوْتِ یَبْطُلُ مَعَهَا التَّرَبُّصُ ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ ؛ لِظُهُورِ حُکْمِ الِارْتِدَادَیْنِ

(39) کتاب اللعان

(39) کتاب اللعان

کِتَابُ اللِّعَانِ

وَهُوَ لُغَهً : الْمُبَاهَلَهُ الْمُطْلَقَهُ ، أَوْ فِعَالٌ مِنْ اللَّعْنِ ، أَوْ جَمْعٌ لَهُ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ مِنْ الْخَیْرِ ، وَالِاسْمُ اللَّعْنَهُ .

وَشَرْعًا هُوَ الْمُبَاهَلَهُ بَیْنَ الزَّوْجَیْنِ فِی إزَالَهِ حَدٍّ ، أَوْ نَفْیِ وَلَدٍ بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ عِنْدَ الْحَاکِمِ

(وَلَهُ سَبَبَانِ :)

( أَحَدُهُمَا رَمْیُ الزَّوْجَهِ الْمُحْصَنَهِ )

( أَحَدُهُمَا رَمْیُ الزَّوْجَهِ الْمُحْصَنَهِ )

بِفَتْحِ الصَّادِ وَکَسْرِهَا ( الْمَدْخُولِ بِهَا ) دُخُولًا یُوجِبُ تَمَامَ الْمَهْرِ ، وَسَیَأْتِی الْخِلَافُ فِی اشْتِرَاطِهِ ( بِالزِّنَا قُبُلًا ، أَوْ دُبُرًا مَعَ دَعْوَی الْمُشَاهَدَهِ ) لِلزِّنَا ، وَسَلَامَتِهَا مِنْ الصَّمَمِ وَالْخَرَسِ ، وَلَوْ انْتَفَی أَحَدُ الشَّرَائِطِ ثَبَتَ الْحَدُّ مِنْ غَیْرِ لِعَانٍ ، إلَّا مَعَ عَدَمِ الْإِحْصَانِ فَالتَّعْزِیرُ کَمَا سَیَأْتِی .

( وَالْمُطَلَّقَهُ رَجْعِیَّهً زَوْجَهٌ ) بِخِلَافِ الْبَائِنِ وَشَمَلَ إطْلَاقُ رَمْیِهَا مَا إذَا ادَّعَی وُقُوعَهُ زَمَنَ الزَّوْجِیَّهِ وَقَبْلَهُ ، وَهُوَ فِی الْأَوَّلِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ ، وَفِی الثَّانِی قَوْلَانِ .

أَجْوَدُهُمَا ذَلِکَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْقَذْفِ .

( وَقِیلَ ) وَالْقَائِلُ الشَّیْخُ وَالْمُحَقِّقُ وَالْعَلَّامَهُ وَجَمَاعَهٌ : ( وَ ) یُشْتَرَطُ زِیَادَهً عَلَی مَا تَقَدَّمَ ( عَدَمُ الْبَیِّنَهِ ) عَلَی الزِّنَا عَلَی وَجْهٍ یَثْبُتُ بِهَا ، فَلَوْ کَانَ لَهُ بَیِّنَهٌ لَمْ یُشْرَعْ اللِّعَانُ ، لِاشْتِرَاطِهِ فِی الْآیَهِ بِعَدَمِ الشُّهَدَاءِ ، وَالْمَشْرُوطُ عَدَمٌ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِهِ ؛ وَلِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّهٌ ضَعِیفَهٌ لِأَنَّهُ إمَّا شَهَادَهٌ لِنَفْسِهِ ، أَوْ یَمِینٌ فَلَا یُعْمَلُ بِهِ مَعَ الْحُجَّهِ الْقَوِیَّهِ ، وَهِیَ الْبَیِّنَهُ ؛ وَلِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا مَبْنِیٌّ عَلَی التَّخْفِیفِ فَنَاسَبَ نَفْیَ الْیَمِینِ فِیهِ ، وَنِسْبَتُهُ إلَی الْقَوْلِ یُؤْذِنُ بِتَوَقُّفِهِ فِیهِ .

وَوَجْهُهُ أَصَالَهُ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ ، وَالْحُکْمُ فِی الْآیَهِ وَقَعَ مُقَیَّدًا بِالْوَصْفِ وَهُوَ لَا یَدُلُّ عَلَی نَفْیِهِ عَمَّا عَدَاهُ ، وَجَازَ خُرُوجُهُ مَخْرَجَ الْأَغْلَبِ ، وَقَدْ رُوِیَ { أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لَاعَنَ بَیْنَ عُوَیْمِرٍ الْعَجْلَانِیِّ ، وَزَوْجَتِهِ ، وَلَمْ یَسْأَلْهُمَا عَنْ الْبَیِّنَهِ } ( وَالْمَعْنِیُّ بِالْمُحْصَنَهِ الْعَفِیفَهُ ) عَنْ وَطْءٍ مُحَرَّمٍ لَا یُصَادِفُ مِلْکًا وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَی عَقْدٍ ، لَا مَا صَادَفَهُ وَإِنْ حَرُمَ کَوَقْتِ الْحَیْضِ ، وَالْإِحْرَامِ ، وَالظِّهَارِ فَلَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِحْصَانِ ، وَکَذَا وَطْءُ الشُّبْهَهِ ، وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ مُطْلَقًا ( فَلَوْ رَمَی الْمَشْهُورَهَ بِالزِّنَا ) وَلَوْ مَرَّهً ( فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ ) بَلْ یُعَزَّرُ ( وَلَا یَجُوزُ الْقَذْفُ إلَّا مَعَ الْمُعَایَنَهِ لِلزِّنَا کَالْمِیلِ فِی الْمُکْحُلَهِ ) لِیَتَرَتَّبَ عَلَیْهِ اللِّعَانُ ؛ إذْ هُوَ شَهَادَهٌ ، أَوْ فِی مَعْنَاهَا ( لَا بِالشِّیَاعِ ، أَوْ غَلَبَهِ الظَّنِّ ) بِالْفِعْلِ فَإِنَّ ذَلِکَ لَا یَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَیْهِ فِی ثُبُوتِ الزِّنَا .

هَذَا إذَا لَمْ یُشْتَرَطْ فِی الشِّیَاعِ حُصُولُ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ فَإِنَّهُ حِینَئِذٍ یَکُونُ کَالْبَیِّنَهِ ، وَهِیَ لَا تُجَوِّزُ الْقَذْفَ أَیْضًا أَمَّا لَوْ اشْتَرَطْنَا فِیهِ الْعِلْمَ لَمْ یَبْعُدْ الْجَوَازُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ کَالْمُشَاهَدَهِ .

(الثَّانِی إنْکَارُ مَنْ وُلِدَ عَلَی فِرَاشِهِ بِ

(الثَّانِی إنْکَارُ مَنْ وُلِدَ عَلَی فِرَاشِهِ بِالشَّرَائِطِ السَّابِقَهِ )

الْمُعْتَبَرَهِ فِی إلْحَاقِ الْوَلَدِ بِهِ ، وَهِیَ وَضْعُهُ لِسِتَّهِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ حِینِ وَطْئِهِ ، وَلَمْ یَتَجَاوَزْ حَمْلُهَا أَقْصَی مُدَّتِهِ ، وَکَوْنُهَا مَوْطُوءَتَهُ بِالْعَقْدِ الدَّائِمِ ( وَإِنْ سَکَتَ حَالَ الْوِلَادَهِ ) وَلَمْ یَنْفِهِ ( عَلَی الْأَقْوَی ) لِأَنَّ السُّکُوتَ أَعَمُّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهِ فَلَا یَدُلُّ عَلَیْهِ .

وَقَالَ الشَّیْخُ : لَیْسَ لَهُ إنْکَارُهُ حِینَئِذٍ لِحُکْمِ الشَّارِعِ بِإِلْحَاقِهِ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَهِ الْعَارِی عَنْ النَّفْیِ ؛ إذْ اللُّحُوقُ لَا یَحْتَاجُ إلَی غَیْرِ الْفِرَاشِ فَیُمْتَنَعُ أَنْ یُزِیلَ إنْکَارُهُ حُکْمَ الشَّارِعِ ، وَلِأَدَائِهِ إلَی عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْأَنْسَابِ ، وَفِیهِ أَنَّ حُکْمَ الشَّارِعِ بِالْإِلْحَاقِ مَبْنِیٌّ عَلَی أَصَالَهِ عَدَمِ النَّفْیِ .

أَوْ عَلَی الظَّاهِرِ وَقَدْ ظَهَرَ خِلَافُهُ ، وَلَوْ لَمْ یُمْکِنْهُ النَّفْیُ حَالَهَ الْوِلَادَهِ إمَّا لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَیْهِ لِمَرَضٍ ، أَوْ حَبْسٍ ، أَوْ اشْتِغَالٍ بِحِفْظِ مَالِهِ مِنْ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ ، أَوْ لِصٍّ وَلَمْ یُمْکِنْهُ الْإِشْهَادُ ، وَنَحْوُ ذَلِکَ ، أَوْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ النَّفْیَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ ، أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْأَحْکَامِ فَلَا إشْکَالَ فِی قَبُولِهِ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ ، وَلَوْ ادَّعَی عَدَمَ الْعِلْمِ بِهِ قُبِلَ مَعَ إمْکَانِهِ فِی حَقِّهِ وَإِنَّمَا یَجُوزُ لَهُ نَفْیُهُ بِاللِّعَانِ عَلَی أَیِّ وَجْهٍ کَانَ ( مَا لَمْ یَسْبِقْ الِاعْتِرَافُ مِنْهُ بِهِ صَرِیحًا ، أَوْ فَحْوًی ) فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِی أَنْ یُجِیبَ الْمُبَشِّرَ بِمَا یَدُلُّ عَلَی الرِّضَا بِهِ وَالِاعْتِرَافِ ( مِثْلُ أَنْ یُقَالَ لَهُ : بَارَکَ اللَّهُ لَکَ فِی هَذَا الْوَلَدِ فَیُؤَمِّنَ ، أَوْ یَقُولَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ ، بِخِلَافِ ) قَوْلِهِ فِی الْجَوَابِ ( بَارَکَ اللَّهُ فِیکَ وَشَبَهِهِ ) کَأَحْسَنَ اللَّهُ إلَیْکَ وَرَزَقَکَ اللَّهُ مِثْلَهُ فَإِنَّهُ لَا یَقْتَضِی الْإِقْرَارَ ؛ لِاحْتِمَالِهِ غَیْرَهُ احْتِمَالًا ظَاهِرًا .

(وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَنَفَی الْوَلَدَ

وَأَقَامَ بَیِّنَهً )بِزِنَاهَا ( سَقَطَ الْحَدُّ ) عَنْهُ ؛ لِأَجْلِ الْقَذْفِ بِالْبَیِّنَهِ ( وَلَمْ یَنْتَفِ عَنْهُ الْوَلَدُ إلَّا بِاللِّعَانِ ) لِأَنَّهُ لَاحِقٌ بِالْفِرَاشِ ، وَإِنْ زَنَتْ أُمُّهُ کَمَا مَرَّ ، وَلَوْ لَمْ یُقِمْ بَیِّنَهً کَانَ لَهُ اللِّعَانُ لِلْأَمْرَیْنِ مَعًا ، وَهَلْ یَکْتَفِی بِلِعَانٍ وَاحِدٍ أَمْ یَتَعَدَّدُ .

وَجْهَانِ مِنْ أَنَّهُ کَالشَّهَادَهِ أَوْ الْیَمِینِ وَهُمَا کَافِیَانِ عَلَی مَا سَبَقَ عَلَیْهِمَا مِنْ الدَّعْوَی .

وَمِنْ تَعَدُّدِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِتَعَدُّدِ الْمُسَبَّبِ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِیلُ . ( وَلَا بُدَّ مِنْ کَوْنِ الْمُلَاعِنِ کَامِلًا ) بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ ، وَلَا یُشْتَرَطُ الْعَدَالَهُ ، وَلَا الْحُرِّیَّهُ ، وَلَا انْتِفَاءُ الْحَدِّ عَنْ قَذْفٍ ، وَلَا الْإِسْلَامُ ، بَلْ یُلَاعِنُ ( وَلَوْ کَانَ کَافِرًا ) ، أَوْ مَمْلُوکًا ، أَوْ فَاسِقًا ؛ لِعُمُومِ الْآیَهِ ، وَدَلَالَهِ الرِّوَایَاتِ عَلَیْهِ .

وَقِیلَ : لَا یُلَاعِنُ الْکَافِرُ ، وَلَا الْمَمْلُوکُ بِنَاءً عَلَی أَنَّهُ شَهَادَاتٌ کَمَا یَظْهَرُ مِنْ قَوْله تَعَالَی : { فَشَهَادَهُ أَحَدِهِمْ } وَهُمَا لَیْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ کَوْنِهِ أَیْمَانًا ؛ لِافْتِقَارِهِ إلَی ذِکْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَی ، وَالْیَمِینُ یَسْتَوِی فِیهِ الْعَدْلُ وَالْفَاسِقُ ، وَالْحُرُّ ، وَالْعَبْدُ ، وَالْمُسْلِمُ ، وَالْکَافِرُ ، وَالذَّکَرُ ، وَالْأُنْثَی وَمَا ذَکَرَهُ مُعَارَضٌ بِوُقُوعِهِ مِنْ الْفَاسِقِ إجْمَاعًا . ( وَیَصِحُّ لِعَانُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَهِ الْمَعْقُولَهِ إنْ أَمْکَنَ مَعْرِفَتُهُ اللِّعَانَ ) کَمَا یَصِحُّ مِنْهُ إقَامَهُ الشَّهَادَهِ ، وَالْأَیْمَانِ ، وَالْإِقْرَارِ ، وَغَیْرِهَا مِنْ الْأَحْکَامِ ، وَلِعُمُومِ الْآیَهِ .

وَقِیلَ : بِالْمَنْعِ ، وَالْفَرْقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالْأَلْفَاظِ الْخَاصَّهِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَهِ فَإِنَّهُمَا یَقَعَانِ بِأَیِّ عِبَارَهٍ اتَّفَقَتْ ، وَلِأَصَالَهِ عَدَمِ ثُبُوتِهِ إلَّا مَعَ تَیَقُّنِهِ ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا .

وَأُجِیبَ بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْخَاصَّهَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ مَعَ الْإِمْکَانِ ، وَإِشَارَتُهُ قَائِمَهٌ مَقَامَهَا کَمَا قَامَتْ فِی الطَّلَاقِ وَغَیْرِهِ مِنْ الْأَحْکَامِ الْمُعْتَبَرَهِ بِالْأَلْفَاظِ الْخَاصَّهِ .

نَعَمْ اسْتِبْعَادُ فَهْمِهِ لَهُ مُوَجَّهٌ ، لَکِنَّهُ غَیْرُ مَانِعٍ ؛ لِأَنَّ الْحُکْمَ مَبْنِیٌّ عَلَیْهِ .

(وَیَجِبُ ) عَلَی ذِی الْفِرَاشِ مُطْلَقًا ( نَفْی

(وَیَجِبُ ) عَلَی ذِی الْفِرَاشِ مُطْلَقًا ( نَفْیُ الْوَلَدِ )

الْمَوْلُودِ عَلَی فِرَاشِهِ ( إذَا عُرِفَ اخْتِلَالُ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ ) فَیُلَاعِنُ وُجُوبًا لِأَنَّهُ لَا یَنْتَفِی بِدُونِهِ ( وَیَحْرُمُ ) عَلَیْهِ نَفْیُهُ ( بِدُونِهِ ) أَیْ : بِدُونِ عِلْمِهِ بِاخْتِلَالِ شُرُوطِ الْإِلْحَاقِ ( وَإِنْ ظَنَّ انْتِفَاءَهُ عَنْهُ ) بِزِنَا أُمِّهِ ، أَوْ غَیْرِهِ ( أَوْ خَالَفَتْ صِفَاتُهُ صِفَاتِهِ ) لِأَنَّ ذَلِکَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی الْإِلْحَاقِ ، وَالْخَالِقُ عَلَی کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ ، وَالْحُکْمُ مَبْنِیٌّ عَلَی الظَّاهِرِ وَیُلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْفِرَاشِ دُونَ غَیْرِهِ ، وَلَوْ لَمْ یَجِدْ مَنْ عَلِمَ انْتِفَاءَهُ مَنْ یُلَاعِنُ بَیْنَهُمَا لَمْ یُفِدْهُ نَفْیُهُ مُطْلَقًا .

وَفِی جَوَازِ التَّصْرِیحِ بِهِ نَظَرٌ ؛ لِانْتِفَاءِ الْفَائِدَهِ .

مَعَ التَّعْرِیضِ بِالْقَذْفِ إنْ لَمْ یَحْصُلْ التَّصْرِیحُ . ( وَیُعْتَبَرُ فِی الْمُلَاعَنَهِ الْکَمَالُ ، وَالسَّلَامَهُ مِنْ الصَّمَمِ وَالْخَرَسِ ) فَلَوْ قَذَفَ الصَّغِیرَهَ فَلَا لِعَانَ ، بَلْ یُحَدُّ إنْ کَانَتْ فِی مَحَلِّ الْوَطْءِ کَبِنْتِ الثَّمَانِی ، وَإِلَّا عُزِّرَ خَاصَّهً لِلسَّبِّ الْمُتَیَقَّنِ کَذِبُهُ وَلَوْ قَذَفَ الْمَجْنُونَهَ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَی حَالَهِ الْجُنُونِ عُزِّرَ ، أَوْ حَالَهِ الصِّحَّهِ فَالْحَدُّ ، وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ بَعْدَ إفَاقَتِهَا ، وَکَذَا لَوْ نَفَی وَلَدَهَا وَلَوْ قَذَفَ الصَّمَّاءَ وَالْخَرْسَاءَ حَرُمَتَا عَلَیْهِ أَبَدًا وَلَا لِعَانَ ، وَفِی لِعَانِهِمَا لِنَفْیِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ .

مِنْ عَدَمِ النَّصِّ فَیُرْجَعُ إلَی الْأَصْلِ وَمُسَاوَاتِهِ لِلْقَذْفِ فِی الْحُکْمِ .

وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ؛ لِعُمُومِ النَّصِّ ، وَمَنْعِ الْمُسَاوَاهِ مُطْلَقًا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِی ذَلِکَ .

( وَالدَّوَامُ ) فَلَا یَقَعُ بِالْمُتَمَتِّعِ بِهَا ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا یَنْتَفِی بِنَفْیِهِ مِنْ غَیْرِ لِعَانٍ ( إلَّا أَنْ یَکُونَ اللِّعَانُ لِنَفْیِ الْحَدِّ ) بِسَبَبِ الْقَذْفِ فَیَثْبُتُ ؛ لِعَدَمِ الْمَانِعِ ، مَعَ عُمُومِ النَّصِّ ، وَهَذَا جَزْمٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ التَّرَدُّدِ لِأَنَّهُ فِیمَا سَلَفَ نَسَبَ الْحُکْمَ بِهِ إلَی قَوْلٍ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَقْوَی عَدَمُ ثُبُوتِ اللِّعَانِ بِالْمُتَمَتَّعِ بِهَا مُطْلَقًا وَأَنَّ الْمُخَصِّصَ لِلْآیَهِ صَحِیحَهُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ . ( وَفِی اشْتِرَاطِ الدُّخُولِ ) بِالزَّوْجَهِ فِی لِعَانِهِمَا ( قَوْلَانِ ) مَأْخَذُهُمَا عُمُومُ الْآیَهِ فَإِنَّ أَزْوَاجَهُمْ ، فِیهَا جَمْعٌ مُضَافٌ فَیَعُمُّ الْمَدْخُولَ بِهَا ، وَغَیْرَهَا ، وَتَخْصِیصُهَا بِرِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُضَارِبٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ بِهَا .

قَالَ : " لَا یَکُونُ مُلَاعِنًا حَتَّی یَدْخُلَ بِهَا یُضْرَبُ حَدًّا وَهِیَ امْرَأَتُهُ " وَالْمُسْتَنَدُ إلَیْهِ ضَعِیفٌ ، أَوْ مُتَوَقَّفٌ فِیهِ ، فَالتَّخْصِیصُ غَیْرُ مُتَحَقِّقٍ ، وَلَکِنْ یُشْکَلُ ثُبُوتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وَلَدَ غَیْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا یَلْحَقُ بِالزَّوْجِ فَکَیْفَ یَتَوَقَّفُ نَفْیُهُ عَلَی اللِّعَانِ .

نَعَمْ یَتِمُّ ذَلِکَ فِی الْقَذْفِ بِالزِّنَا .

فَالتَّفْصِیلُ کَمَا ذَهَبَ إلَیْهِ ابْنُ إدْرِیسَ حَسَنٌ ، لَکِنَّهُ حَمَلَ اخْتِلَافَ الْأَصْحَابِ عَلَیْهِ .

وَهُوَ صُلْحٌ مِنْ غَیْرِ تَرَاضِی الْخَصْمَیْنِ لِأَنَّ النِّزَاعَ مَعْنَوِیٌّ ، لَا لَفْظِیٌّ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ ، بَلْ النِّزَاعُ لَا یَتَحَقَّقُ إلَّا فِی الْقَذْفِ ؛ لِلْإِجْمَاعِ عَلَی انْتِفَاءِ الْوَلَدِ عِنْدَ عَدَمِ اجْتِمَاعِ شُرُوطِ اللُّحُوقِ بِغَیْرِ لِعَانٍ ، وَإِنْ کَانَ کَلَامُهُمْ هُنَا مُطْلَقًا .

(وَیَثْبُتُ )اللِّعَانُ

(وَیَثْبُتُ )اللِّعَانُ

( بَیْنَ الْحُرِّ وَ ) زَوْجَتِهِ ( الْمَمْلُوکَهِ لِنَفْیِ الْوَلَدِ أَوْ ) نَفْیِ ( التَّعْزِیرِ ) بِقَذْفِهَا ، لِلْعُمُومِ ، وَصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ الْحُرِّ یُلَاعِنُ الْمَمْلُوکَهَ قَالَ : " نَعَمْ إذَا کَانَ مَوْلَاهَا الَّذِی زَوَّجَهَا إیَّاهُ لَاعَنَهَا " ، وَغَیْرِهَا .

وَقِیلَ : لَا لِعَانَ بَیْنَهُمَا مُطْلَقًا اسْتِنَادًا إلَی أَخْبَارٍ دَلَّتْ عَلَی نَفْیِهِ بَیْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوکَهِ ، وَحَمْلُهَا عَلَی کَوْنِهَا مَمْلُوکَهً لِلْقَاذِفِ طَرِیقُ الْجَمْعِ بَیْنَهَا ، وَبَیْنَ مَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ وُقُوعِهِ بِالزَّوْجَهِ الْمَمْلُوکَهِ صَرِیحًا .

وَفَصْلُ ابْنِ إدْرِیسَ هُنَا غَیْرُ جَیِّدٍ فَأَثْبَتَهُ مَعَ نَفْیِ الْوَلَدِ دُونَ الْقَذْفِ ، نَظَرًا إلَی عَدَمِ الْحَدِّ بِهِ لَهَا .

وَلَکِنَّ دَفْعَ التَّعْزِیرِ بِهِ کَافٍ مُضَافًا إلَی مَا دَلَّ عَلَیْهِ مُطْلَقًا .

وَوَافَقَهُ عَلَیْهِ فَخْرُ الْمُحَقِّقِینَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ جَامِعٌ بَیْنَ الْأَخْبَارِ ، وَالْجَمْعُ بَیْنَهُمَا بِمَا ذَکَرْنَاهُ أَوْلَی

(وَلَا یَلْحَقُ وَلَدُ الْمَمْلُوکَهِ بِمَالِکِهَا

(وَلَا یَلْحَقُ وَلَدُ الْمَمْلُوکَهِ بِمَالِکِهَا إلَّا بِالْإِقْرَارِ بِهِ )

عَلَی أَشْهَرِ الْقَوْلَیْنِ ، وَالرِّوَایَتَیْنِ ( وَلَوْ اعْتَرَفَ بِوَطْئِهَا ، وَلَوْ نَفَاهُ انْتَفَی بِغَیْرِ لِعَانٍ ) إجْمَاعًا ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِی أَنَّهُ هَلْ یَلْحَقُ بِهِ بِمُجَرَّدِ إمْکَانِ کَوْنِهِ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ یُقِرَّ بِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِوَطْئِهِ ، وَإِمْکَانِ لُحُوقِهِ بِهِ ، أَوْ إقْرَارِهِ بِهِ فَعَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَکْثَرُ ، لَا یُلْحَقُ بِهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ ، وَوَطْئِهِ وَإِمْکَانِ لُحُوقِهِ بِهِ ، وَعَلَی الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا یَنْتَفِی إلَّا بِنَفْیِهِ ، أَوْ الْعِلْمِ بِانْتِفَائِهِ عَنْهُ .

، وَیَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ وَغَیْرِهَا مِنْ عِبَارَهِ الْمُحَقِّقِ وَالْعَلَّامَهِ : أَنَّهُ لَا یَلْحَقُ بِهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ ، فَلَوْ سَکَتَ ، وَلَمْ یَنْفِهِ وَلَمْ یُقِرَّ بِهِ لَمْ یَلْحَقْ بِهِ ، وَجَعَلُوا ذَلِکَ فَائِدَهَ عَدَمِ کَوْنِ الْأَمَهِ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ . وَاَلَّذِی حَقَّقَهُ جَمَاعَهٌ أَنَّهُ یَلْحَقُ بِهِ بِإِقْرَارِهِ ، أَوْ الْعِلْمِ بِوَطْئِهِ ، وَإِمْکَانِ لُحُوقِهِ بِهِ وَإِنْ لَمْ یُقِرَّ بِهِ وَجَعَلُوا الْفَرْقَ بَیْنَ الْفِرَاشِ وَغَیْرِهِ : أَنَّ الْفِرَاشَ یَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ ، وَإِنْ لَمْ یُعْلَمْ وَطْؤُهُ ، مَعَ إمْکَانِهِ إلَّا مَعَ النَّفْیِ ، وَاللِّعَانُ ، وَغَیْرُهُ مِنْ الْأَمَهِ وَالْمُتَمَتَّعِ بِهَا یَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ إلَّا مَعَ النَّفْیِ ، وَحَمَلُوا عَدَمَ لُحُوقِهِ إلَّا بِالْإِقْرَارِ عَلَی اللُّحُوقِ اللَّازِمِ لِأَنَّهُ بِدُونِ الْإِقْرَارِ یَنْتَفِی بِنَفْیِهِ مِنْ غَیْرِ لِعَانٍ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ اسْتَقَرَّ ، وَلَمْ یَکُنْ لَهُ نَفْیُهُ بَعْدَهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ .

وَقَدْ سَبَقَ فِی أَحْکَامِ الْأَوْلَادِ مَا یُنَبِّهُ عَلَیْهِ ، وَلَوْلَا هَذَا الْمَعْنَی لَنَافَی مَا ذَکَرُوهُ هُنَا مَا حَکَمُوا بِهِ فِیمَا سَبَقَ مِنْ لُحُوقِهِ بِهِ بِشَرْطِهِ .

(الْقَوْلُ فِی کَیْفِیَّهِ اللِّعَانِ وَأَحْکَامِه

(الْقَوْلُ فِی کَیْفِیَّهِ اللِّعَانِ وَأَحْکَامِهِ

، یَجِبُ کَوْنُهُ عِنْدَ الْحَاکِمِ ) وَهُوَ هُنَا الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ ( أَمْ مَنْ نَصَّبَهُ ) لِلْحُکْمِ ، أَوْ اللِّعَانِ بِخُصُوصِهِ ( وَیَجُوزُ التَّحْکِیمُ فِیهِ ) مِنْ الزَّوْجَیْنِ ( لِلْعَالِمِ الْمُجْتَهِدِ ) وَإِنْ کَانَ الْإِمَامُ وَمَنْ نَصَبَهُ مَوْجُودَیْنِ ، کَمَا یَجُوزُ التَّحْکِیمُ فِی غَیْرِهِ مِنْ الْأَحْکَامِ .

وَرُبَّمَا أَطْلَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَی الْمُحَکَّمِ هُنَا کَوْنَهُ عَامِّیًّا نَظَرًا إلَی أَنَّهُ غَیْرُ مَنْصُوبٍ بِخُصُوصِهِ ، فَعَامِّیَّتُهُ إضَافِیَّهٌ ، لَا أَنَّ الْمَسْأَلَهَ خِلَافِیَّهٌ ، بَلْ الْإِجْمَاعُ عَلَی اشْتِرَاطِ اجْتِهَادِ الْحَاکِمِ مُطْلَقًا ، نَعَمْ مَنَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ التَّحْکِیمِ هُنَا لِأَنَّ أَحْکَامَ اللِّعَانِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُتَلَاعِنِینَ فَإِنَّ نَفْیَ الْوَلَدِ یَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَصَادَقَا عَلَی نَفْیِهِ لَمْ یَنْتَفِ بِدُونِ اللِّعَانِ ، خُصُوصًا عِنْدَ مَنْ یَشْتَرِطُ تَرَاضِیهِمَا بِحُکْمِهِ بَعْدَهُ .

وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ .

هَذَا کُلُّهُ فِی حَالِ حُضُورِ الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِی بَابِ الْقَضَاءِ : مِنْ أَنَّ قَاضِیَ التَّحْکِیمِ لَا یَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ حُضُورِهِ ، أَمَّا مَعَ غَیْبَتِهِ فَیَتَوَلَّی ذَلِکَ الْفَقِیهُ الْمُجْتَهِدُ لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ عُمُومًا کَمَا یَتَوَلَّی غَیْرُهُ مِنْ الْأَحْکَامِ وَلَا یَتَوَقَّفُ عَلَی تَرَاضِیهِمَا بَعْدَهُ بِحُکْمِهِ لِاخْتِصَاصِ ذَلِکَ عَلَی الْقَوْلِ بِهِ بِقَاضِی التَّحْکِیمِ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ اعْتِبَارِهِ مُطْلَقًا .

وَإِذَا حَضَرَا بَیْنَ یَدَیْ الْحَاکِمِ فَلْیَبْدَأْ الرَّجُلُ بَعْدَ تَلْقِینِ الْحَاکِمِ لَهُ الشَّهَادَهَ ( فَیَشْهَدُ الرَّجُلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِینَ فِیمَا رَمَاهَا بِهِ ) مُتَلَفِّظًا بِمَا رَمَی بِهِ فَیَقُولُ لَهُ : قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّی لَمِنْ الصَّادِقِینَ فِیمَا رَمَیْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا ، فَیَتْبَعُهُ فِیهِ ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ یَمِینٌ فَلَا یُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ اسْتِحْلَافِ الْحَاکِمِ ، وَإِنْ کَانَ فِیهَا شَائِبَهُ الشَّهَادَهِ ، أَوْ شَهَادَهٌ فَهِیَ لَا تُؤَدَّی إلَّا بِإِذْنِهِ أَیْضًا ، وَإِنْ نَفَی الْوَلَدَ زَادَ " وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زِنًا وَلَیْسَ مِنِّی " کَذَا عَبَّرَ فِی التَّحْرِیرِ ، وَزَادَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَی أَحَدِهِمَا لَمْ یَجُزْ ، وَیُشْکَلُ فِیمَا لَوْ کَانَ اللِّعَانُ لِنَفْیِ الْوَلَدِ خَاصَّهً مِنْ غَیْرِ قَذْفٍ فَإِنَّهُ لَا یَلْزَمُ إسْنَادُهُ إلَی الزِّنَا ؛ لِجَوَازِ الشُّبْهَهِ فَیَنْبَغِی أَنْ یَکْتَفِیَ بِقَوْلِهِ : إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِینَ فِی نَفْیِ الْوَلَدِ الْمُعَیَّنِ ( ثُمَّ یَقُولُ ) بَعْدَ شَهَادَتِهِ أَرْبَعًا : کَذَلِکَ ( أَنَّ لَعْنَهَ اللَّهِ عَلَیْهِ ) جَاعِلًا الْمَجْرُورَ بِعَلَی یَاءَ الْمُتَکَلِّمِ ( إنْ کَانَ مِنْ الْکَاذِبِینَ ) فِیمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا أَوْ نَفْیِ الْوَلَدِ کَمَا ذُکِرَ فِی الشَّهَادَات .

( ثُمَّ تَشْهَدُ الْمَرْأَهُ ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الشَّهَادَهِ وَاللَّعْنَهِ ( أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْکَاذِبِینَ فِیمَا رَمَاهَا بِهِ ) فَتَقُولُ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْکَاذِبِینَ فِیمَا رَمَانِی بِهِ مِنْ الزِّنَا ( ثُمَّ تَقُولُ : إنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَیْهَا إنْ کَانَ مِنْ الصَّادِقِینَ ) فِیهِ مُقْتَصِرَهً عَلَی ذَلِکَ فِیهِمَا .

(وَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَهِ عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکُورِ )

فَلَوْ أَبْدَلَهَا بِمَعْنَاهَا کَأُقْسِمُ ، أَوْ أَحْلِفُ ، أَوْ شَهِدْتُ ، أَوْ أَبْدَلَ الْجَلَالَهَ بِغَیْرِهَا مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَی أَوْ أَبْدَلَ اللَّعْنَ ، وَالْغَضَبَ ، وَالصِّدْقَ ، وَالْکَذِبَ بِمُرَادِفِهَا ، أَوْ حَذَفَ لَامَ التَّأْکِیدِ ، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَی غَیْرِ مِنْ کَقَوْلِهِ إنِّی لَصَادِقٌ ، وَنَحْوِ ذَلِکَ مِنْ التَّعْبِیرَاتِ لَمْ یَصِحَّ .

( وَأَنْ یَکُونَ الرَّجُلُ قَائِمًا عِنْدَ إیرَادِهِ ) الشَّهَادَهَ وَاللَّعْنَ وَإِنْ کَانَتْ الْمَرْأَهُ حِینَئِذٍ جَالِسَهً .

( وَکَذَا ) تَکُونُ ( الْمَرْأَهُ ) قَائِمَهً عِنْدَ إیرَادِهَا الشَّهَادَهَ وَالْغَضَبَ ، وَإِنْ کَانَ الرَّجُلُ حِینَئِذٍ جَالِسًا .

( وَقِیلَ : یَکُونَانِ مَعًا قَائِمَیْنِ فِی الْإِیرَادَیْنِ ) .

وَمَنْشَأُ الْقَوْلَیْنِ اخْتِلَافُ الرِّوَایَاتِ ، وَأَشْهَرُهَا وَأَصَحُّهَا مَا دَلَّ عَلَی الثَّانِی .

( وَأَنْ یَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ أَوَّلًا ) فَلَوْ تَقَدَّمَتْ الْمَرْأَهُ لَمْ یَصِحَّ عَمَلًا بِالْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، وَظَاهِرِ الْآیَهِ ؛ وَلِأَنَّ لِعَانَهَا لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ الَّذِی وَجَبَ عَلَیْهَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ ( وَأَنْ یُمَیِّزَ الزَّوْجَهَ مِنْ غَیْرِهَا تَمْیِیزًا یَمْنَعُ الْمُشَارَکَهَ ) إمَّا بِأَنْ یَذْکُرَ اسْمَهَا ، وَیَرْفَعَ نَسَبَهَا بِمَا یُمَیِّزُهَا ، أَوْ یَصِفُهَا بِمَا یُمَیِّزُهَا عَنْ غَیْرِهَا ، أَوْ یُشِیرُ إلَیْهَا إنْ کَانَتْ حَاضِرَهً .

( وَأَنْ یَکُونَ الْإِیرَادُ ) بِجَمِیعِ مَا ذُکِرَ ( بِاللَّفْظِ الْعَرَبِیِّ الصَّحِیحِ إلَّا مَعَ التَّعَذُّرِ ) فَیَجْتَزِی بِمَقْدُورِهِمَا مِنْهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَلَفُّظُهُمَا بِالْعَرَبِیَّهِ أَصْلًا أَجْزَأَ غَیْرُهَا مِنْ اللُّغَاتِ مِنْ غَیْرِ تَرْجِیحٍ ( فَیَفْتَقِرُ الْحَاکِمُ إلَی مُتَرْجِمَیْنِ عَدْلَیْنِ ) یُلْقِیَانِ عَلَیْهِمَا الصِّیغَهَ بِمَا یُحْسِنَانِهِ مِنْ اللُّغَهِ ( إنْ لَمْ یَعْرِفْ ) الْحَاکِمُ ( تِلْکَ اللُّغَهَ ) ، وَإِلَّا بَاشَرَهَا بِنَفْسِهِ وَلَا یَکْفِی أَقَلُّ مِنْ عَدْلَیْنِ حَیْثُ یَفْتَقِرُ إلَی التَّرْجَمَهِ ، وَلَا یَحْتَاجُ إلَی الْأَزْیَدِ .

( وَتَجِبُ الْبَدْأَهُ ) مِنْ الرَّجُلِ ( بِالشَّهَادَهِ ، ثُمَّ اللَّعْنِ ) کَمَا ذُکِرَ ( وَفِی الْمَرْأَهِ بِالشَّهَادَهِ ثُمَّ الْغَضَبِ ) وَکَمَا یَجِبُ التَّرْتِیبُ الْمَذْکُورُ تَجِبُ الْمُوَالَاهُ بَیْنَ کَلِمَاتِهِمَا ، فَلَوْ تَرَاخَی بِمَا یُعَدُّ فَصْلًا ، أَوْ تَکَلَّمَ بِخِلَالِهِ بِغَیْرِهِ بَطَلَ .

( وَیُسْتَحَبُّ أَنْ یَجْلِسَ الْحَاکِمُ مُسْتَدْبِرًا الْقِبْلَهَ ) لِیَکُونَ وَجْهُهُمَا إلَیْهَا .

( وَأَنْ یَقِفَ الرَّجُلُ عَنْ یَمِینِهِ ، وَالْمَرْأَهُ عَنْ یَمِینِ الرَّجُلِ وَأَنْ یَحْضُرَ ) مِنْ النَّاسِ ( مَنْ یَسْتَمِعُ اللِّعَانَ ) وَلَوْ أَرْبَعَهً عَدَدَ شُهُودِ الزِّنَا ( وَأَنْ یَعِظَهُ الْحَاکِمُ قَبْلَ کَلِمَهِ اللَّعْنَهِ ) وَیُخَوِّفَهُ اللَّهَ - تَعَالَی - وَیَقُولَ لَهُ : إنَّ عَذَابَ الْآخِرَهِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْیَا ، وَیَقْرَأَ عَلَیْهِ { إنَّ الَّذِینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَیْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِیلًا } الْآیَهَ ، وَإِنَّ لَعْنَهُ لِنَفْسِهِ یُوجِبُ اللَّعْنَهَ إنْ کَانَ کَاذِبًا وَنَحْوَ ذَلِکَ ( وَیَعِظَهَا قَبْلَ کَلِمَهِ الْغَضَبِ ) بِنَحْوِ ذَلِکَ .

( وَأَنْ یُغَلِّظَ بِالْقَوْلِ ) وَهُوَ تَکْرَارُ الشَّهَادَاتِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، وَهُوَ وَاجِبٌ ، لَکِنَّهُ أَطْلَقَ الِاسْتِحْبَابَ نَظَرًا إلَی التَّغْلِیظِ بِمَجْمُوعِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَهِ مِنْ حَیْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ صَرَّحَ فِی التَّحْرِیرِ .

وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَی زِیَادَهِ لَفْظٍ فِی الشَّهَادَهِ ، أَوْ الْغَضَبِ عَلَی نَحْوِ مَا یُذْکَرُ فِی الْیَمِینِ الْمُطْلَقَهِ ، کَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ الْغَالِبِ الطَّالِبِ الْمُهْلِکِ ، وَنَحْوِ ذَلِکَ فَإِنَّهُ وَإِنْ کَانَ مُمْکِنًا لَوْ نُصَّ عَلَیْهِ ، إلَّا أَنَّهُ یُشْکَلُ بِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاهِ الْمُعْتَبَرَهِ فِی اللَّفْظِ الْمَنْصُوصِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِی تَخَلُّلِ الْمَذْکُورِ بِالْخُصُوصِ .

( وَالْمَکَانِ ) بِأَنْ یُلَاعِنَ بَیْنَهُمَا فِی مَوْضِعٍ شَرِیفٍ ( کَبَیْنَ الرُّکْنِ ) الَّذِی فِیهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ، ( وَالْمَقَامِ ) مَقَامِ إبْرَاهِیمَ عَلَی نَبِیِّنَا وَآلِهِ وَعَلَیْهِ السَّلَامُ وَهُوَ الْمُسَمَّی بِالْحَطِیمِ ( بِمَکَّهَ ، وَفِی الرَّوْضَهِ ) وَهِیَ مَا بَیْنَ الْقَبْرِ الشَّرِیفِ وَالْمِنْبَرِ ( بِالْمَدِینَهِ ، وَتَحْتَ الصَّخْرَهِ فِی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی ، وَفِی الْمَسَاجِدِ بِالْأَمْصَارِ ) غَیْرُ مَا ذُکِرَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ( أَوْ الْمَشَاهِدِ الشَّرِیفَهِ ) لِلْأَئِمَّهِ وَالْأَنْبِیَاءِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ إنْ اتَّفَقَ ، وَلَوْ کَانَتْ الْمَرْأَهُ حَائِضًا فَبَابُ الْمَسْجِدِ فَیَخْرُجُ الْحَاکِمُ إلَیْهَا ، أَوْ یَبْعَثُ نَائِبًا ، أَوْ کَانَا ذِمِّیَّیْنِ فَبِبِیعَهٌ أَوْ کَنِیسَهٌ أَوْ مَجُوسِیَّیْنِ فَبَیْتُ نَارٍ ، لَا بَیْتُ صَنَمٍ لِوَثَنِیٍّ إذْ لَا حُرْمَهَ لَهُ ، وَاعْتِقَادُهُمْ غَیْرُ مَرْعِیٍّ . ( وَإِذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَوَجَبَ عَلَی الْمَرْأَهِ ) ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ حُجَّهٌ کَالْبَیِّنَهِ ( فَإِذَا أَقَرَّتْ بِالزِّنَا ، أَوْ ) لَمْ تُقِرَّ وَلَکِنْ ( نَکَلَتْ ) عَنْ اللِّعَانِ ( وَجَبَ عَلَیْهَا ) الْحَدُّ ( وَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا )

(وَیَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِمَا ) مَعًا

( أَحْکَامٌ أَرْبَعَهٌ ) فِی الْجُمْلَهِ ، لَا فِی کُلِّ لِعَانٍ ( سُقُوطُ الْحَدَّیْنِ عَنْهُمَا ، وَزَوَالُ الْفِرَاشِ ) وَهَذَانِ ثَابِتَانِ فِی کُلِّ لِعَانٍ ( وَنَفْیُ الْوَلَدِ عَنْ الرَّجُلِ ) ، لَا عَنْ الْمَرْأَهِ إنْ کَانَ اللِّعَانُ لِنَفْیِهِ ( وَالتَّحْرِیمُ الْمُؤَبَّدُ ) وَهُوَ ثَابِتٌ مُطْلَقًا کَالْأَوَّلَیْنِ ، وَلَا یَنْتَفِی عَنْهُ الْحَدُّ إلَّا بِمَجْمُوعِ لِعَانِهِ ، وَکَذَا الْمَرْأَهُ ، وَلَا تَثْبُتُ الْأَحْکَامُ أَجْمَعُ إلَّا بِمَجْمُوعِ لِعَانِهِمَا .

( وَ ) عَلَی هَذَا ( لَوْ أَکْذَبَ نَفْسَهُ فِی أَثْنَاءِ اللِّعَانِ وَجَبَ عَلَیْهِ حَدُّ الْقَذْفِ ) وَلَمْ یَثْبُتْ شَیْءٌ مِنْ الْأَحْکَامِ ، ( وَ ) لَوْ أَکْذَبَ نَفْسَهُ ( بَعْدَ لِعَانِهِ ) وَقَبْلَ لِعَانِهَا فَفِی وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَیْهِ ( قَوْلَانِ ) مَنْشَؤُهُمَا .

مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ بِلِعَانِهِ ، وَلَمْ یَتَجَدَّدْ مِنْهُ قَذْفٌ بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِهِ ، وَمِنْ أَنَّهُ قَدْ أَکَّدَ الْقَذْفَ السَّابِقَ بِاللِّعَانِ لِتَکْرَارِهِ إیَّاهُ فِیهِ ، وَالسُّقُوطُ إنَّمَا یَکُونُ مَعَ عِلْمِ صِدْقِهِ ، أَوْ اشْتِبَاهِ حَالِهِ ، وَاعْتِرَافِهِ بِکَذِبِهِ یَنْفِیهِمَا فَیَکُونُ لِعَانُهُ قَذْفًا مَحْضًا فَکَیْفَ یَکُونُ مُسْقِطًا .

( وَکَذَا ) الْقَوْلَانِ لَوْ أَکْذَبَ نَفْسَهُ ( بَعْدَ لِعَانِهِمَا ) لِعَیْنِ مَا ذُکِرَ فِی الْجَانِبَیْنِ .

وَالْأَقْوَی ثُبُوتُهُ فِیهِمَا لِمَا ذُکِرَ ، وَلِرِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَانْتَفَی مِنْ وَلَدِهَا ثُمَّ أَکْذَبَ نَفْسَهُ هَلْ یُرَدُّ عَلَیْهِ وَلَدُهُ .

قَالَ : " إذَا أَکْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَرُدَّ عَلَیْهِ ابْنُهُ ، وَلَا تَرْجِعُ إلَیْهِ امْرَأَتُهُ أَبَدًا " لَکِنْ لَوْ کَانَ رُجُوعُهُ بَعْدَ لِعَانِهِمَا ( لَا یَعُودُ الْحِلُّ ) ؛ لِلرِّوَایَهِ ، وَلِلْحُکْمِ بِالتَّحْرِیمِ شَرْعًا ، وَاعْتِرَافُهُ لَا یَصْلُحُ لِإِزَالَتِهِ . ( وَلَا یَرِثُ الْوَلَدَ ) لِمَا ذُکِرَ ( وَإِنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ ) ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ إقْرَارٌ فِی حَقِّ نَفْسِهِ بِإِرْثِهِ مِنْهُ ، وَدَعْوَی وِلَادَتِهِ قَدْ انْتَفَتْ شَرْعًا فَیَثْبُتُ إقْرَارُهُ عَلَی نَفْسِهِ وَلَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ عَلَی غَیْرِهِ ، وَکَذَا لَا یَرِثُ الْوَلَدُ أَقْرِبَاءَ الْأَبِ وَلَا یَرِثُونَهُ إلَّا مَعَ تَصْدِیقِهِمْ عَلَی نَسَبِهِ فِی قَوْلٍ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا یَتَعَدَّی الْمُقِرَّ . ( وَلَوْ أَکْذَبَتْ ) الْمَرْأَهُ ( نَفْسَهَا بَعْدَ لِعَانِهَا فَکَذَلِکَ ) لَا یَعُودُ الْفِرَاشُ وَلَا یَزُولُ التَّحْرِیمُ ( وَلَا حَدَّ عَلَیْهَا ) بِمُجَرَّدِ إکْذَابِهَا نَفْسَهَا ، لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالزِّنَا ، وَهُوَ لَا یَثْبُتُ ( إلَّا أَنْ تُقِرَّ أَرْبَعًا ) کَمَا سَیَأْتِی إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَی ، فَإِذَا أَقَرَّتْ أَرْبَعًا حُدَّتْ ( عَلَی خِلَافٍ ) فِی ذَلِکَ مَنْشَؤُهُ مَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا أَرْبَعًا مِنْ الْکَامِلِ الْحُرِّ الْمُخْتَارِ یَثْبُتُ حَدُّهُ وَمِنْ سُقُوطِهِ بِلِعَانِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَی : { وَیَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } الْآیَهَ فَلَا یَعُودُ ( وَلَوْ قَذَفَهَا ) الزَّوْجُ ( بِرَجُلٍ ) مُعَیَّنٍ ( وَجَبَ عَلَیْهِ حَدَّانِ ) أَحَدُهُمَا لَهَا ، وَالْآخَرُ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِاثْنَیْنِ ( وَلَهُ إسْقَاطُ حَدِّهَا بِاللِّعَانِ ) دُونَ حَدِّ الرَّجُلِ .

( وَلَوْ أَقَامَ بَیِّنَهً ) بِذَلِکَ ( سَقَطَ الْحَدَّانِ ) کَمَا یَسْقُطُ حَدُّ کُلِّ قَذْفٍ بِإِقَامَهِ الْبَیِّنَهِ بِالْفِعْلِ الْمَقْذُوفِ بِهِ ، وَکَذَا یَسْقُطُ الْحَدُّ لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ ، أَوْ صَدَّقَ عَلَی الْفِعْلِ ، لَکِنْ إنْ کَانَتْ هِیَ الْمُصَدَّقَهَ ، وَهُنَاکَ نَسَبٌ لَمْ یَنْتَفِ بِتَصْدِیقِهَا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِی حَقِّ الْغَیْرِ وَهَلْ لَهُ أَنْ یُلَاعِنَ لِنَفْیِهِ قَوْلَانِ مِنْ عُمُومِ ثُبُوتِهِ لِنَفْیِ الْوَلَدِ ، وَکَوْنِهِ غَیْرَ مُتَصَوَّرٍ هُنَا ؛ إذْ لَا یُمْکِنُ الزَّوْجَهَ أَنْ تَشْهَدَ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْکَاذِبِینَ بَعْدَ تَصْدِیقِهَا إیَّاهُ .

نَعَمْ لَوْ صَادَقَتْهُ عَلَی أَصْلِ الزِّنَا دُونَ کَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ تَوَجَّهَ اللِّعَانُ مِنْهَا ؛ لِإِمْکَانِ شَهَادَتِهَا بِکَذِبِهِ فِی نَفْیِهِ ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهَا .

(وَلَوْ قَذَفَهَا فَمَاتَتْ قَبْلَ اللِّعَانِ سَقَطَ اللِّعَانُ )

لِتَعَذُّرِهِ بِمَوْتِهَا ( وَوَرِثَهَا ) لِبَقَاءِ الزَّوْجِیَّهِ ( وَعَلَیْهِ الْحَدُّ لِلْوَارِثِ ) بِسَبَبِ الْقَذْفِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ مُسْقِطِهِ ( وَلَهُ أَنْ یُلَاعِنَ لِسُقُوطِهِ ) وَإِنْ لَمْ یَکُنْ بِحُضُورِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ إمَّا شَهَادَاتٌ ، أَوْ أَیْمَانٌ .

وَکِلَاهُمَا لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی حَیَاهِ الْمَشْهُودِ عَلَیْهِ ، وَالْمَحْلُوفِ لِأَجْلِهِ ، وَلِعُمُومِ الْآیَهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِعَانَهُ یُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ ، وَیُوجِبُ الْحَدَّ عَلَیْهَا ، وَلِعَانُهُمَا یُوجِبُ الْأَحْکَامَ الْأَرْبَعَهَ فَإِذَا انْتَفَی الثَّانِی بِمَوْتِهَا بَقِیَ الْأَوَّلُ خَاصَّهً فَیَسْقُطُ الْحَدُّ ( وَلَا یَنْتَفِی الْإِرْثُ بِلِعَانِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ ) کَمَا لَا تَنْتَفِی الزَّوْجِیَّهُ بِلِعَانِهِ قَبْلَهُ ( إلَّا عَلَی رِوَایَهِ أَبِی بَصِیرٍ ) عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : " إنْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا فَلَاعَنَهُ فَلَا مِیرَاثَ لَهُ ، وَإِنْ أَبَی أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَهُ الْمِیرَاثُ " .

وَمِثْلُهُ رَوَی عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ زَیْدٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ ، وَبِمَضْمُونِهَا عَمِلَ جَمَاعَهٌ .

وَالرِّوَایَتَانِ مَعَ إرْسَالِ الْأُولَی ، وَضَعْفِ سَنَدِ الثَّانِیَهِ مُخَالِفَتَانِ لِلْأَصْلِ مِنْ حَیْثُ إنَّ اللِّعَانَ شُرِعَ بَیْنَ الزَّوْجَیْنِ فَلَا یَتَعَدَّی ، وَإِنَّ لِعَانَ الْوَارِثِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ إنْ أُرِیدَ مُجَرَّدُ حُضُورِهِ فَلَیْسَ بِلِعَانٍ حَقِیقِیٍّ ، وَإِنْ أُرِیدَ إیقَاعُ الصِّیَغِ الْمَعْهُودَهِ مِنْ الزَّوْجَهِ فَبَعِیدٌ ؛ لِتَعَذُّرِ الْقَطْعِ مِنْ الْوَارِثِ عَلَی نَفْیِ فِعْلِ غَیْرِهِ غَالِبًا ، وَإِیقَاعُهُ عَلَی نَفْیِ الْعِلْمِ تَغْیِیرٌ لِلصُّورَهِ الْمَنْقُولَهِ شَرْعًا ؛ وَلِأَنَّ الْإِرْثَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ فَلَا وَجْهَ لِإِسْقَاطِ اللِّعَانِ الْمُتَجَدِّدِ لَهُ . ( وَلَوْ کَانَ الزَّوْجُ أَحَدَ الْأَرْبَعَهِ ) الشُّهُودِ بِالزِّنَا ( فَالْأَقْرَبُ حَدُّهَا ) لِأَنَّ شَهَادَهَ الزَّوْجِ مَقْبُولَهٌ عَلَی زَوْجَتِهِ ( إنْ لَمْ تَخْتَلَّ الشَّرَائِطُ ) الْمُعْتَبَرَهُ فِی الشَّهَادَهِ ( بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ الزَّوْجُ بِالْقَذْفِ ) فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ لِذَلِکَ ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَهِ اخْتِلَالِ الشَّرَائِطِ ، ( أَوْ اخْتَلَّ غَیْرُهُ مِنْ الشَّرَائِطِ ) کَاخْتِلَافِ کَلَامِهِمْ فِی الشَّهَادَهِ ، أَوْ أَدَائِهِمْ الشَّهَادَهَ مُخْتَلِفِی الْمَجْلِسِ ، أَوْ عَدَاوَهِ أَحَدِهِمْ لَهَا ، أَوْ فِسْقِهِ ، أَوْ غَیْرِ ذَلِکَ ( فَإِنَّهَا ) حِینَئِذٍ ( لَا تُحَدُّ ) ؛ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ ثُبُوتِ الزِّنَا ( وَیُلَاعِنُ الزَّوْجُ ) ؛ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُ بِالْقَذْفِ ، ( وَإِلَّا ) یُلَاعِنْ ( حُدَّ ) ، وَیُحَدُّ بَاقِی الشُّهُودِ لِلْفِرْیَهِ .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَخْبَارَ ، وَکَلَامَ بَاقِی الْأَصْحَابِ اخْتَلَفَ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ فَرَوَی إبْرَاهِیمُ بْنُ نُعَیْمٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ جَوَازَ شَهَادَهِ الْأَرْبَعَهِ الَّذِینَ أَحَدُهُمْ الزَّوْجُ ، وَلَا مَعْنَی لِلْجَوَازِ هُنَا إلَّا الصِّحَّهُ الَّتِی یَتَرَتَّبُ عَلَیْهَا أَثَرُهَا ، وَهُوَ حَدُّ الْمَرْأَهِ وَعَمِلَ بِهَا جَمَاعَهٌ ، وَیُؤَیِّدُهَا قَوْله تَعَالَی : { وَلَمْ یَکُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ } فَإِنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ إذَا کَانَ غَیْرُهُ فَلَا لِعَانَ وقَوْله تَعَالَی { وَاَللَّاتِی یَأْتِینَ الْفَاحِشَهَ مِنْ نِسَائِکُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَیْهِنَّ أَرْبَعَهً مِنْکُمْ } فَإِنَّ الظَّاهِرَ کَوْنُ الْخِطَابِ لِلْحَاکِمِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَرْجِعُ فِی الشَّهَادَهِ فَیَشْمَلُ الزَّوْجَ وَغَیْرَهُ ، وَرَوَی زُرَارَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ فِی أَرْبَعَهٍ شَهِدُوا عَلَی امْرَأَهٍ بِالزِّنَا أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا قَالَ : " یُلَاعِنُ وَیُجْلَدُ الْآخَرُونَ " وَعَمِلَ بِهَا الصَّدُوقُ وَجَمَاعَهٌ ، وَیُؤَیِّدُهَا قَوْله تَعَالَی : { لَوْلَا جَاءُوا عَلَیْهِ بِأَرْبَعَهِ شُهَدَاءَ } .

وَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ .

وَیُمْکِنُ الْجَمْعُ بَیْنَ الرِّوَایَتَیْنِ مَعَ تَسْلِیمِ إسْنَادِهِمَا بِحَمْلِ الثَّانِیَهِ عَلَی اخْتِلَالِ شَرَائِطِ الشَّهَادَهِ کَسَبْقِ الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ ، أَوْ غَیْرِهِ کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : إنْ لَمْ تَخْتَلَّ الشَّرَائِطُ ، وَأَمَّا تَعْلِیلُهَا بِکَوْنِ الزَّوْجِ خَصْمًا لَهَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَیْهَا ، فَهُوَ فِی حَیِّزِ الْمَنْعِ .

(40) کتاب العتق

(40) کتاب العتق

کتاب العتق

الرِّقِّیَّهُ فِی الْإِسْلَامِ هُنَاکَ اعْتِرَاضٌ عَلَی الْإِسْلَامِ مِنْ نَاحِیَهِ اعْتِرَافِهِ بِقَانُونِ ( الرِّقِّیَّهِ ) - اسْتِعْبَادُ إنْسَانٍ لِمِثْلِهِ - الْأَمْرُ الَّذِی یَتَنَافَی وَالْمَعْهُودُ مِنْ رُوحِ " الْعَدَالَهِ " الْإِسْلَامِیَّهِ الَّتِی تَتَحَکَّمُ فِی جَمِیعِ قَوَانِینِهِ وَأَحْکَامِهِ وَانْتِظَامَاتِهِ : { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِی الْإِسْلَامِ } .

{ الْبَشَرُ کُلُّهُمْ سَوَاسِیَهٌ لَا فَضْلَ لِعَرَبِیٍّ عَلَی عَجَمِیٍّ وَلَا لِعَجَمِیٍّ عَلَی عَرَبِیٍّ وَلَا لِأَبْیَضَ عَلَی أَسْوَدَ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَی أَبْیَضَ } .

حَدِیثًا مَشْهُورًا عَنْ الرَّسُولِ الْأَکْرَمِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَالنَّاسُ کُلُّهُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إخْوَهٌ سَوَاءٌ .

وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { یَا أَیُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثَی وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ } { وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ } .

کَانَتْ جُیُوشُ الْمُسْلِمِینَ تَتَّجِهُ إلَی أَکْنَافِ الْعَالَمِ صَارِخَهً بِالدَّعْوَهِ إلَی الْحُرِّیَّهِ وَالْعَدَالَهِ وَالْعِلْمِ لِتُحَرِّرَ الشُّعُوبَ مِنْ نِیرِ الِاسْتِعْبَادِ ، وَمِنْ ضَغْطِ الظُّلْمِ ، وَظُلْمَهِ الْجَهَالَهِ .

کَانَتْ الْأُمَمُ تُرَحِّبُ بِهَذِهِ الدَّعْوَهِ الْإِنْسَانِیَّهِ ، وَتَجِدُ آمَالَهَا مُتَحَقِّقَهً فِی ظِلِّ الْإِسْلَامِ الْعَادِلِ فَتَدْخُلُ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْوَاجًا أَفْوَاجًا مِنْ غَیْرِ إکْرَاهٍ ، أَوْ عُنْفٍ { لَا إکْرَاهَ فِی الدِّینِ قَدْ تَبَیَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الْغَیِّ } .

هَکَذَا عَرَّفَ الْإِسْلَامُ نَفْسَهُ وَهَکَذَا عَرَفَتْهُ الْأُمَمُ فَأَقْبَلَتْ تَعْتَنِقُهُ عَنْ طُلُوعٍ وَرَغْبَهٍ .

الْإِسْلَامُ دِینٌ یَنْبُذُ الْعُنْصُرِیَّهَ وَیُحَارِبُهَا حَرْبًا شَعْوَاءَ لَا هَوَادَهَ فِیهَا إنَّ الْقَوْمِیَّاتِ تَنْصَهِرُ فِی بَوْتَقَهِ الدِّینِ الْإِسْلَامِیِّ لِتَکْوِینِ أُمَّهٍ وَاحِدَهٍ تَبْتَنِی وَحْدَتُهَا عَلَی أَسَاسِ الْعَقِیدَهِ وَالْإِیمَانِ بِاَللَّهِ .

فَکَلِمَهُ التَّوْحِیدِ هِیَ الْأَسَاسُ لِتَوْحِیدِ الْکَلِمَهِ .

نَعَمْ إنَّ الشُّعُوبِیَّهَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْیَهُودِ ، أَنَّهُمْ شُعُوبِیُّونَ وَأَتْحَفُوا الْعَالَمَ بِالشُّعُوبِیَّهِ ، کَمَا أَنَّ الْقَوْمِیَّهَ الْعُنْصُرِیَّهَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ ( بَنِی أُمَیَّهَ ) دُخَلَاءِ الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ .

فَأَطَاحَتْ بِهَیْکَلِ الْإِسْلَامِ وَشَوَّهَتْ سُمْعَتَهُ الْبَرِیئَهَ .

فَیَا لَسَخَافَهِ الرَّأْیِ مِنْ قَبُولِ شَرِیعَهِ الدُّخَلَاءِ ، وَرَفْضِ شَرِیعَهِ الْکُرَمَاءِ .

وَکَلِمَتُنَا الْأَخِیرَهُ : الْإِسْلَامُ بَرِیءٌ مِنْ الشُّعُوبِیَّهِ وَالْعُنْصُرِیَّهِ إنَّمَا هُوَ دِینُ الْعَقِیدَهِ وَالْإِیمَانِ .

( کَلِمَهُ التَّوْحِیدِ وَتَوْحِیدُ الْکَلِمَهِ ) .

هَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ .

وَهَذِهِ رَوْحُهُ ، وَتِلْکَ دَعْوَتُهُ .

هَکَذَا عَرَّفَهُ اللَّهُ وَعَرَفَتْهَا الشُّعُوبُ حَقِیقَهً وَاقِعِیَّهً لَا مِرْیَهَ فِیهَا : إذَنْ فَمَا سَبَبُ اعْتِرَافِهِ بِقَانُونِ الِاسْتِعْبَادِ الْبَشَرِیِّ الَّذِی یَتَنَاقَضُ مَعَ قَانُونِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ ، وَیَسْتَبْشِعُهُ الْعَقْلُ الْحَکِیمُ ؟ ، وَالْجَوَابُ أَوَّلًا بِصُورَهٍ إجْمَالِیَّهٍ - : أَنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ یَعْتَرِفْ بِقَانُونِ الِاسْتِعْبَادِ الْبَشَرِیِّ إطْلَاقًا - عَلَی مَا کَانَ الْمُتَدَاوَلُ عِنْدَ الْأُمَمِ الْمُتَمَدِّنَهِ آنَذَاکَ ؛ تَدُلُّنَا عَلَی ذَلِکَ مُرَاجَعَهٌ عَابِرَهٌ لِلتَّارِیخِ الْقَدِیمِ وَاسْتِجْوَابُ فَلْسَفَهِ الِاسْتِعْبَادِ الْبَشَرِیِّ حِینَذَاکَ : - کَانَتْ الرُّومَانُ تَعْتَقِدُ - فَلْسَفِیًّا - : أَنَّ الْعُنْصُرَ الْأَبْیَضَ غَیْرُ الْعُنْصُرِ الْأَسْوَدِ جِنْسًا ، وَدَمًا ، وَخِلْقَهً .

فَالدَّمُ الَّذِی یَجْرِی فِی عُرُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَبْیَضِ یَخْتَلِفُ عَنْ الَّذِی یَجْرِی فِی عُرُوقِ الْأَسْوَدِ کَمَا أَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ أَصْلَیْنِ مُتَبَایِنَیْنِ ، وَقَدْ خُلِقَ الْأَسْوَدُ لِکَیْ یَخْدُمَ الْأَبْیَضَ ، فَوُجُودُهُ لِوُجُودِهِ ، عَلَی غِرَارِ سَائِرِ الْحَیَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالْأَحْجَارِ ، فَالْإِنْسَانُ الْکَرِیمُ هُوَ الْأَبْیَضُ أَمَّا الْأَسْوَدُ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لِخِدْمَهِ الْأَبْیَضِ ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهُ فِی أَصْلِ خِلْقَتِهِ ، وَلِلْإِنْسَانِ الْأَبْیَضِ أَنْ یَسْتَغِلَّ الْإِنْسَانَ الْأَسْوَدَ أَیْنَمَا وَجَدَهُ أَوْ عَثَرَ عَلَیْهِ ، فَهُوَ مِلْکٌ لَهُ وَهُوَ مَالِکُهُ وَفْقَ الْقَانُونِ .

تِلْکَ کَانَتْ نَظْرَهَ الْأُمَمِ الْمُتَمَدِّنَهِ - أَمْثَالَ الرُّومَانِ وَالْفُرْسِ وَالْیُونَانِ وَغَیْرِهِمْ - إلَی الْجِنْسِ الْأَسْوَدِ إطْلَاقًا .

وَلِذَلِکَ کَانَ النَّخَّاسُونَ یُغِیرُونَ عَلَی الْمَنَاطِقِ الْأَفْرِیقِیَّهِ لِصَیْدِ الْإِنْسَانِ الْأَسْوَدِ زَرَافَاتٍ ، یَحْمِلُونَهُمْ فِی السُّفُنِ ، وَیَأْتُونَ بِهِمْ إلَی الْأَسْوَاقِ فَیَبِیعُونَهُمْ کَمَا تُبَاعُ الْأَغْنَامُ وَالْمَوَاشِی ، بَلْ وَبِصُورَهٍ أَفْجَعَ .

وَکَانَتْ الْمَوَالِی تُعَامِلُ الْعَبِیدَ مُعَامَلَهً سَیِّئَهً ، یَسْتَغِلُّونَ مَنَافِعَهُمْ وَمَوَارِدَهُمْ ، وَیَفْرِضُونَ عَلَیْهِمْ الْإِتَاوَاتِ الثَّقِیلَهَ ، وَیُکَلِّفُونَهُمْ مَا لَا یُطِیقُونَ ، أَوْ یَعْبَثُونَ بِأَرْوَاحِهِمْ غَایَهَ التَّفْرِیحِ وَتَرْوِیحِ النَّفْسِ ، کَأَدَاهٍ صَامِتَهٍ یَعْمَلُ صَاحِبُهَا بِهَا مَا شَاءَ .

جَاءَ الْإِسْلَامُ - وَالْعَالَمُ مُنْهَمِکٌ فِی مَهَاوِی الْغَیِّ وَالْفَسَادِ - جَاءَ لِیَجْعَلَ حَدًّا لِتِلْکَ الْمَظَالِمِ ، وَنِهَایَهً لِلْعَبَثِ وَالْفَسَادِ ، وَلِیُوقِظَ الْعَقْلَ الْبَشَرِیَّ الَّذِی أَخَذَهُ السُّبَاتُ الْعَمِیقُ مُنْذُ فَتْرَهٍ سَحِیقَهٍ ، وَلِیُنِیرَ دَرْبَ الْحَیَاهِ مِنْ جَدِیدٍ " فَتَنْتَهِی الْأُمَمُ عَنْ غَیِّهَا وَجَهْلِهَا ، وَتَهْتَدِی إلَی سُبُلِ الصَّلَاحِ وَالسَّلَامِ وَالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ : سَبِیلِ الْإِنْسَانِیَّهِ الْفَاضِلَهِ .

فَأَخَذَ الْإِسْلَامُ فِی مُبَارَزَهِ الْأَفْکَارِ قَبْلَ مُبَارَزَهِ الْأَشْخَاصِ فَالْحَرْبُ الْفِکْرِیَّهُ أَصْعَبُ ، وَلَکِنَّهَا أَمْتَنُ وَأَبْلَغُ إلَی الْهَدَفِ ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَرْبُ وَالْقِتَالُ تَمْهِیدًا لِلْأُولَی وَلِرَفْعِ حَوَاجِزَ سُدَّتْ دُونَ بُلُوغِ الدَّعْوَهِ : " صَرْخَهِ الْعَدَالَهِ " إلَی الْأُمَمِ .

وَمِمَّا أَخَذَهُ الْإِسْلَامُ تَدْبِیرًا لِمُبَارَزَهِ قَانُونِ الِاسْتِبْعَادِ الْبَشَرِیِّ أَنْ حَارَبَ فَلْسَفَتَهُ الدَّارِجَهَ ، فَقَالَ : { یَا أَیُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثَی } - أَیْ : کُلُّکُمْ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَمِنْ أُمٍّ وَاحِدَهٍ ، وَکُلُّکُمْ إخْوَهٌ وَبَنُو أَبٍ وَاحِدٍ .

- وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ - مُخْتَلِفَهً فِی الْعَادَاتِ ، وَفْقَ اخْتِلَافِ الْأَصْقَاعِ وَالْبِیئَاتِ - لِتَعَارَفُوا لِیَتَعَرَّفَ بَعْضُکُمْ إلَی بَعْضٍ ، وَیَسْعَی کُلُّ أُمَّهٍ فِی تَرْفِیعِ مُسْتَوَاهَا عَلَی أُخْتِهَا ، وَبِذَلِکَ .

یَتَدَرَّجُ الْإِنْسَانُ عَلَی مَدَارِجِ الْمَدَنِیَّهِ الرَّاقِیَهِ إلَی غَیْرِهَا مِنْ آیَاتٍ .

وَأَعْلَنَ الرَّسُولُ الْأَعْظَمُ : { لَا فَضْلَ لِأَبْیَضِکُمْ عَلَی أَسْوَدِکُمْ ، کَمَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِیٍّ عَلَی عَجَمِیٍّ } .

وَالْبَشَرُ سَوَاسِیَهٌ مِنْ وَلَدِ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَهٍ .

إلَی غَیْرِهَا مِنْ مَضَامِینَ مُتَّحِدَهِ الْهَدَفِ مَأْثُورَهٍ عَنْ النَّبِیِّ وَالْأَئِمَّهِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ .

هَکَذَا حَارَبَ الْإِسْلَامُ فِکْرَهَ الِاسْتِبْعَادَ فَلْسَفِیًّا ، وَهِیَ مُبَارَزَهٌ جَذْرِیَّهٌ ، تَقْطَعُ أُصُولَ الِاسْتِبْعَادِ ، وَتَذْهَبُ بِفُرُوعِهَا هَبَاءً .

وَبِذَلِکَ أَلْغَی قَانُونَ " الرِّقِّیَّهِ " الَّذِی کَانَ یَعْتَرِفُ بِهِ الْعَالَمُ الْمُتَمَدِّنُ إلَی حَدِّ ذَاکَ .

نَعَمْ اسْتَثْنَی وَاحِدَهً مِنْ مَوَارِدِ الِاسْتِعْبَادِ الَّتِی کَانَتْ دَارِجَهً حِینَذَاکَ ، وَهَذَا مِمَّا لَا بُدَّ فِی قَانُونِ الِاجْتِمَاعِ الْعَامِّ ، وَبِصَالِحِ الْعَبِیدِ أَنْفُسِهِمْ ، وَهَذَا مَا نَرُومُ تَفْصِیلَهُ فِی هَذَا الْمَجَالِ : - ثَانِیًا - الْإِسْلَامُ اعْتَرَفَ بِقَانُونِ الِاسْتِعْبَادِ فِی مَجَالٍ وَاحِدٍ فَقَطْ ، لَا ثَانِیَ لَهُ وَإِنَّ حِکْمَتَهُ لَتَرْجِعُ إلَی مَصْلَحَهِ الْعَبِیدِ أَنْفُسِهِمْ ، وَذَلِکَ : إذَا قَامَتْ الْحَرْبُ بَیْنَ الْفِئَهِ الْکَافِرَهِ وَالْمُسْلِمِینَ ، فَشَحَنَ الْکُفْرُ جُیُوشَهُ لِمُحَارَبَهِ الْإِسْلَامِ وَمُنَابَذَتِهِ بِکُلِّ قُوَاهُ ، وَهُنَا یَغْلِبُ الْمُسْلِمُونَ جُیُوشَ الْکُفَّارِ وَیُطَارِدُونَهُمْ ، وَیَقْبِضُونَ عَلَی عَدَدٍ مِنْ الْأَسْرَی .

وَالْمُعَامَلَهُ الْمُتَصَوَّرَهُ مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَسْرَی إحْدَی ثَلَاثٍ لَا رَابِعَ لَهَا : تَخْلِیَهُ سَبِیلِهِمْ لِیَرْجِعُوا إلَی مَا کَانُوا فِیهِ مِنْ مُنَابَذَهِ الْإِسْلَامِ مِنْ جَدِیدٍ .

قَتْلُهُمْ جَمِیعًا ، لِیَرْتَاحَ الْعَالَمُ مِنْ شَرِّ وُجُودِهِمْ الْمَانِعِ عَنْ نَشْرِ الْعَدَالَهِ الْإِنْسَانِیَّهِ .

إبْقَاؤُهُمْ تَحْتَ تَرْبِیَهِ الْمُسْلِمِینَ فِی مُعَامَلَهٍ حَسَنَهٍ مَحْدُودَهٍ شَرْعِیًّا ، لَا یَتَجَاوَزُونَهَا ، مُعَامَلَهً عَادِلَهً یُحَدِّدُهَا الْإِسْلَامُ وَفْقَ رَوْحِهِ الْعَادِلَهِ الرَّحِیمَهِ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ إلَی مَعَالِمِ الْإِنْسَانِیَّهِ ، وَیَنْقَلِبُونَ أَفْرَادًا صَالِحِینَ بَعْدَ مَا کَانُوا فَاسِدِینَ .

فَیَسْتَفِیدُ مِنْهُمْ الِاجْتِمَاعُ الْإِنْسَانِیُّ کَعُضْوٍ صَالِحٍ فَعَّالٍ ، بَعْدَ مَا کَانَ الْمُجْتَمَعُ الْبَشَرِیُّ یَخْشَی غَیَّهُمْ وَفَسَادَهُمْ وَإِفْسَادَهُمْ .

تِلْکَ طُرُقٌ ثَلَاثٌ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِیَارِ أَحَدِهَا بِشَأْنِ الْأَسْرَی الَّذِینَ جَاءُوا مُنَابِذِینَ لِلْعَدَالَهِ ، فَأَطَاحَ بِهِمْ الْقَدَرُ فِی أَیْدِی دُعَاهِ الْعَدَالَهِ : الْمُسْلِمِینَ أَمَّا اخْتِیَارُ الطَّرِیقِ الْأَوَّلِ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْغَرَضِ وَکَرٌّ عَلَی مَا فَرَّ مِنْهُ .

حَیْثُ مُحَارِبُ الْإِسْلَامِ ، یَمْلِکُ رُوحًا خَبِیثَهً ، دَعَتْهُ إلَی مُنَابَذَهِ دَاعِی الْعَدَالَهِ وَسَحْقِ حَامِلِ مِشْعَلِ الْإِنْسَانِیَّهِ ، فَلَا یَسْتَحِقُّ هَکَذَا إنْسَانٌ أَنْ یَکُونَ مَبْسُوطَ الْیَدِ یَفْعَلُ مَا یَشَاءُ مِنْ غَیٍّ ، وَعَبَثٍ ، وَفَسَادٍ ، وَیَعْمَلُ فِی ضِدِّ مَصْلَحَهِ الْإِنْسَانِ وَفِی مُنَاقَضَهِ الصَّالِحِ الْعَامِّ کَلًّا إنَّهُ طَرِیقٌ لَا یَسْتَحْسِنُهُ الْعَقْلُ الْحَکِیمُ وَلَا یُحَبِّذُهُ سُلُوکُ الْعُقَلَاءِ مَعَ الْأَبَدِ فَیَبْقَی الِاخْتِیَارُ بَیْنَ الطَّرِیقَیْنِ الْآخَرَیْنِ : الْقَتْلُ أَوْ الِاسْتِعْبَادُ وَلَا شَکَّ أَنَّ الثَّانِیَ أَرْجَحُ فِی نَظَرِ الْعَقْلِ ؛ لِأَنَّ الْوُجُودَ مَهْمَا کَانَ فَهُوَ أَوْلَی مِنْ الْعَدَمِ ، وَلَا سِیَّمَا إذَا کَانَ وَاقِعًا فِی طَرِیقِ الْإِصْلَاحِ .

فَإِنَّ وُجُودَ هَذَا الْکَافِرِ الْمَنَابِذِ لِلْإِسْلَامِ وَإِنْ کَانَ فَاسِدًا وَمُضِرًّا بِالْعَدَالَهِ الْإِنْسَانِیَّهِ ، لَکِنَّهُ حِینَئِذٍ مُقَیَّدٌ بِتَرْبِیَهٍ إسْلَامِیَّهٍ ، فَلَا یُمْکِنُهُ التَّخَلُّفُ عَنْ تَعَالِیمِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَعْدِ ذَلِکَ فَهُوَ مُنْصَاعٌ لَا مَحَالَهَ لِمَا یَتَلَقَّاهُ أَوْ یَدُورُ حَوْلَهُ مِنْ أَوْضَاعٍ صَحِیحَهٍ ، إذْ یُلَامِسُ حَقِیقَهَ الْإِسْلَامِ وَحَقِیقَهَ الْعَدَالَهِ وَوَاقِعَ الْإِنْسَانِیَّهِ الْفَاضِلَهِ فَیَرْغَبُ إلَیْهَا عَنْ طِیبِ نَفْسٍ ، وَیَسْتَسْلِمُ لِلدِّینِ طَوْعَ رَغْبَتِهِ هَکَذَا یَعْمَلُ الْإِسْلَامُ مَعَ الْأَسْرَی ، أَیْ : یَفْتَحُ لَهُمْ مَدْرَسَهً تَرْبَوِیَّهً فَیُقْلَبُ بِهِمْ مِنْ ذَوَاتٍ خَبِیثَهٍ إلَی ذَوَاتٍ طَیِّبَهٍ .

وَمِنْ فَرْدٍ طَالِحٍ ضَارٍ إلَی فَرْدٍ صَالِحٍ نَافِعٍ انْقِلَابًا فِی الْمَاهِیَّهِ ، لَا مَا کَانَتْ تَفْعَلُهُ الْأُمَمُ مَعَ أَسْرَاهَا بِالْقَتْلِ الْجَمَاعِیِّ أَوْ أَوْ إهْلَاکِهِمْ تَحْتَ قَیْدِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ .

وَلَا تَزَالُ تَعْمَلُ الْأُمَمُ الْغَالِبَهُ مَعَ الْمَسَاکِینِ : الْأُمَمِ الْمَغْلُوبَهِ ، وَمَعَ أَسْرَاهَا أَبْشَعَ مُعَامَلَهً سَیِّئَهً ، بِحُجَّهِ أَنَّهَا لَا تُطِیقُ تَحَمُّلَ مُؤْنَتِهَا فَتُهْلِکُهُمْ زَرَافَاتٍ ، کَمَا شَاهَدْنَا ذَلِکَ فِی الْحَرْبِ الْعَالَمِیَّهِ الثَّانِیَهِ ، فَمَا أَرُوعَ وَأَجْمَلَ مُعَامَلَهَ الْإِسْلَامِ مَعَ أَسْرَاهُ ، أَنَّهَا تُسَمَّی " اسْتِعْبَادَ الْأَسْرَی " وَلَکِنَّهَا فِی الْوَاقِعِ تَرْبِیَهُ النُّفُوسِ الشِّرِّیرَهِ ، وَجَعْلُ الْعُضْوِ الْفَاسِدِ عُضْوًا صَالِحًا .

فَمَا أَحْسَنَهُ مِنْ مُعَامَلَهٍ طَیِّبَهٍ یَرْتَضِیهَا الْعَقْلُ وَیُقِرُّ عَلَیْهَا الْعُقَلَاءُ ، عَبَرَ الْعُصُورِ ؟ ، وَالْخُلَاصَهُ : أَنَّ قَانُونَ الِاسْتِبْعَادِ الَّذِی یُقِرُّهُ الْإِسْلَامُ قَانُونٌ عَقْلَانِیٌّ وَفِی صَالِحِ الْعَبِیدِ أَنْفُسِهِمْ ، کَمَا هُوَ فِی صَالِحِ الْإِنْسَانِیَّهِ الْکُبْرَی هَذَا فَحَسْبُ .

رَابِعًا : أَنَّ الْإِسْلَامَ - بِرُوحِهِ الْعَادِلَهِ وَعَلَی وَفْقِ قَانُونِ الْإِنْصَافِ - لَمْ یَرْتَضِ إبْقَاءَ هَؤُلَاءِ الْعَبِیدِ تَحْتَ نِیرِ الْعُبُودِیَّهِ ، وَلَوْ کَانَ قَدْ ضَیَّقَ مَجَالَ الِاسْتِبْعَادِ ، بِشَکْلٍ تَقِلُّ الرِّقِّیَّهُ الْعَالَمِیَّهُ بِنِسْبَهِ تِسْعِینَ بِالْمِائَهِ لَکِنَّهُ مَعَ ذَلِکَ جَعَلَ وَسَائِلَ تَحْرِیرِ الْعَبِیدِ بِطُرُقٍ شَتَّی کَثِیرَهٍ ، مِنْهَا قَهْرِیَّهٌ وَأُخْرَی اخْتِیَارِیَّهٌ : اخْتِیَارُ الْمَوَالِی أَوْ اخْتِیَارُ الْعَبِیدِ .

وَلِذَلِکَ کُلِّهِ تَجِدُ النِّظَامَ الِاجْتِمَاعِیَّ الْإِسْلَامِیَّ ( الْفِقْهَ الْإِسْلَامِیَّ ) الْعَرِیضَ قَدْ فَتَحَ بَابًا خَاصًّا لِلتَّحْرِیرِ ( کِتَابُ الْعِتْقِ ) أَمَّا الرِّقِّیَّهُ فَلَا یُوجَدُ لَهُ کِتَابٌ خَاصٌّ فِی الْفِقْهِ الْإِسْلَامِیِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَسْطُرًا فِی کِتَابِ الْجِهَادِ .

وَإِلَیْکَ الْإِشَارَهَ إلَی بَعْضِ الْقَوَانِین الَّتِی سَنَّهَا الْإِسْلَامُ فِی سَبِیلِ تَحْرِیرِ الْعَبِیدِ : - قَانُونُ ( عِتْقِ الصَّدَقَهِ ) قَالَ الرَّسُولُ الْأَعْظَمُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ : { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَهً مُؤْمِنَهً کَانَتْ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ } قَانُونُ ( عِتْقِ الْکَفَّارَهِ ) : کَفَّارَهُ الظِّهَارِ .

کَفَّارَهُ الْإِیلَاءِ کَفَّارَهُ الْإِفْطَارِ ، کَفَّارَهُ خُلْفِ النَّذْرِ ، أَوْ الْعَهْدِ ، أَوْ الْیَمِینِ ، کَفَّارَهُ الْجَزَعِ الْمُحَرَّمِ فِی الْمُصَابِ ، کَفَّارَهُ ضَرْبِ الْعَبْدِ ، کَفَّارَهُ الْقَتْلِ .

قَانُونُ ( الْخِدْمَهِ ) : إذَا خَدَمَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ مَوْلَاهُ سَبْعَ سِنِینَ فَهُوَ حُرٌّ .

قَانُونُ ( الْإِقْعَادِ ، وَالْعَمَی وَالْجُذَامِ ) : إنَّهَا أَسْبَابٌ قَهْرِیَّهٌ لِانْعِتَاقِ الرَّقِیقِ .

قَانُونُ ( الِاسْتِیلَادِ ) .

قَانُونُ ( التَّدْبِیرِ ) .

قَانُونُ ( الْکِتَابَهِ ) الْمَشْرُوطَهِ وَالْمُطْلَقَهِ .

قَانُونُ ( السِّرَایَهِ ) أَیْ : سِرَایَهِ الْعِتْقِ إلَی بَقِیَّهِ أَجْزَاءِ الْعَبْدِ لَوْ عَتَقَ مِنْهُ بَعْضُهُ .

قَانُونُ ( تَمَلُّکِ الذَّکَرِ أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ أَوْ الْمَحَارِمَ مِنْ النِّسَاءِ ) .

قَانُونُ ( تَمَلُّکِ الْأُنْثَی أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ ) قَانُونُ ( إسْلَامِ الْمَمْلُوکِ قَبْلَ إسْلَامِ مَوْلَاهُ ) .

قَانُونُ ( تَبَعِیَّهِ أَشْرَفِ الْأَبَوَیْنِ ) .

قَانُونُ ( التَّنْکِیلِ ) .

تِلْکَ قَوَانِینُ سَنَّهَا الْإِسْلَامُ بِصَدَدِ تَحْرِیرِ الْعَبِیدِ وَهِیَ کَثِیرَهٌ سَوْفَ نَدْرُسُهَا فِی هَذَا الْکِتَابِ .

هَذَا فَضْلًا عَنْ الْقَوَانِینِ الَّتِی سَنَّهَا الْإِسْلَامُ لِشِرَاءِ الْعَبِیدِ وَإِعْتَاقِهِمْ کَمَا فِی بَابِ الزَّکَاهِ یَشْتَرِی بِمَالِ الزَّکَاهِ مَا أَمْکَنَ مِنْ الْأَرِقَّاءِ وَیُعْتَقُونَ .

وَفِی بَابِ الْمِیرَاثِ إذَا مَاتَ أَحَدٌ ، وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَی مَمْلُوکٍ لِلْغَیْرِ یَشْتَرِی مِنْهُ لِیَرِثَ .

وَأَمْثَالُ ذَلِکَ أَیْضًا کَثِیرَهٌ .

کِتَابُ الْعِتْقِ وَهُوَ لُغَهً الْخُلُوصُ

کِتَابُ الْعِتْقِ وَهُوَ لُغَهً الْخُلُوصُ

وَمِنْهُ سُمِّیَتْ جِیَادُ الْخَیْلِ عَتَاقًا ، وَالْبَیْتُ الشَّرِیفُ عَتِیقًا .

وَشَرْعًا خُلُوصُ الْمَمْلُوکِ الْآدَمِیِّ ، أَوْ بَعْضِهِ مِنْ الرِّقِّ ، وَبِالنِّسْبَهِ إلَی عِتْقِ الْمُبَاشَرَهِ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ مِنْ الْکِتَابِ تَخَلُّصُ الْمَمْلُوکِ الْآدَمِیِّ ، أَوْ بَعْضِهِ مِنْ الرِّقِّ مُنْجَزًا بِصِیغَهٍ مَخْصُوصَهٍ .

( وَفِیهِ أَجْرٌ عَظِیمٌ ) قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ أَعْتَقَ مُؤْمِنًا أَعْتَقَ اللَّهُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ بِکُلِّ عُضْوٍ عُضْوًا لَهُ مِنْ النَّارِ فَإِنْ کَانَ أُنْثَی أَعْتَقَ اللَّهُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ بِکُلِّ عُضْوَیْنِ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ النَّارِ لِأَنَّ الْمَرْأَهَ نِصْفُ الرَّجُلِ } .

وَقَالَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَهً مُؤْمِنَهً کَانَتْ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ } ، وَلِمَا فِیهِ مِنْ تَخْلِیصِ الْآدَمِیِّ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ وَتَمَلُّکِهِ مَنَافِعَهُ ، وَتَکَمُّلِ أَحْکَامِهِ .

، وَیَحْصُلُ الْعِتْقُ بِاخْتِیَارِ سَبَبِهِ ، وَغَیْرِهِ .

فَالْأَوَّلُ بِالصِّیغَهِ الْمُنْجَزَهِ ، وَالتَّدْبِیرِ ، وَالْکِتَابَهِ ، وَالِاسْتِیلَادِ ، وَشِرَاءِ الذَّکَرِ أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ ، أَوْ الْمَحَارِمِ مِنْ النِّسَاءِ ، وَالْأُنْثَی أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ ، وَإِسْلَامِ الْمَمْلُوکِ فِی دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ مَوْلَاهُ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْهَا قَبْلَهُ ، وَتَنْکِیلِ الْمَوْلَی بِهِ .

وَالثَّانِی بِالْجُذَامِ ، وَالْعَمَی ، وَالْإِقْعَادِ ، وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ، وَکَوْنِ أَحَدِ الْأَبَوَیْنِ حُرًّا إلَّا أَنْ یُشْتَرَطَ رِقُّهُ عَلَی الْخِلَافِ .

وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ مِنْهَا تَامَّهٌ فِی الْعِتْقِ کَالْإِعْتَاقِ بِالصِّیغَهِ ، وَشِرَاءِ الْقَرِیبِ ، وَالتَّنْکِیلِ ، وَالْجُذَامِ وَالْإِقْعَادِ .

وَمِنْهَا نَاقِصَهٌ تَتَوَقَّفُ عَلَی أَمْرٍ آخَرَ کَالِاسْتِیلَادِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَی مَوْتِ الْمَوْلَی وَأُمُورٍ أُخَرَ ، وَالْکِتَابَهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَی أَدَاءِ الْمَالِ ، وَالتَّدْبِیرِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَی مَوْتِ الْمَوْلَی ، وَنُفُوذِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَی دَفْعِ الْقِیمَهِ إلَی مَالِکِهِ ، وَغَیْرِهِ مِمَّا یُفَصَّلُ فِی مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی .

وَیَفْتَقِرُ الْأَوَّلُ إلَی صِیغَهٍ مَخْصُوصَهٍ . ( وَعِبَارَتُهُ الصَّرِیحَهُ التَّحْرِیرُ مِثْلُ أَنْتَ ) مَثَلًا ، أَوْ هَذَا ، أَوْ فُلَانٌ ( حُرٌّ ) وَوُقُوعُهُ بِلَفْظِ التَّحْرِیرِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ ، وَصَرَاحَتُهُ فِیهِ وَاضِحَهٌ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَی : { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَهٍ مُؤْمِنَهٍ } ( وَفِی قَوْلِهِ : أَنْتَ عَتِیقٌ ، أَوْ مُعْتَقٌ خِلَافٌ ) مَنْشَؤُهُ الشَّکُّ فِی کَوْنِهِ مُرَادِفًا لِلتَّحْرِیرِ فَیَدُلُّ عَلَیْهِ صَرِیحًا أَوْ کِنَایَهً عَنْهُ فَلَا یَقَعُ بِهِ .

(وَالْأَقْرَبُ وُقُوعُهُ )بِهِ

، لِغَلَبَهِ اسْتِعْمَالِهِ فِیهِ فِی اللُّغَهِ ، وَالْحَدِیثِ ، وَالْعُرْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَی صِحَّتِهِ فِی قَوْلِ السَّیِّدِ لِأَمَتِهِ : أَعْتَقْتُکِ وَتَزَوَّجْتُکِ إلَخْ .

( وَلَا عِبْرَهَ بِغَیْرِ ذَلِکَ مِنْ الْأَلْفَاظِ ) الَّتِی لَمْ تُوضَعْ لَهُ شَرْعًا ( صَرِیحًا کَانَ ) فِی إزَالَهِ الرِّقِّ ( مِثْلَ أَزَلْتُ عَنْکَ الرِّقَّ ، أَوْ فَکَکْتُ رَقَبَتَکَ ، أَوْ کِنَایَهً عَنْهُ ) تَحْتَمِلُ غَیْرَ الْعِتْقِ ( مِثْلَ أَنْتَ ) بِفَتْحِ التَّاءِ ( سَائِبَهٌ ) ، أَوْ لَا مِلْکَ لِی عَلَیْک ، أَوْ لَا سُلْطَانَ ، أَوْ لَا سَبِیلَ ، أَوْ أَنْتَ مَوْلَایَ ، وَیَدْخُلُ فِی غَیْرِ ذَلِکَ مَا دَلَّ عَلَی الْإِعْتَاقِ بِلَفْظِ الْمَاضِی الَّذِی یَقَعُ بِهِ غَیْرُهُ کَأَعْتَقْتُکَ ، بَلْ الصَّرِیحُ مُخِصًّا کَحَرَّرْتُکَ .

وَظَاهِرُهُمْ عَدَمُ وُقُوعِهِ بِهِمَا .

وَلَعَلَّهُ لِبُعْدِ الْمَاضِی عَنْ الْإِنْشَاءِ وَقِیَامِهِ مَقَامَهُ فِی الْعُقُودِ عَلَی وَجْهِ النَّقْلِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَیَقْتَصِرُ فِیهِ عَلَی مَحَلِّهِ ، مَعَ احْتِمَالِ الْوُقُوعِ بِهِ هُنَا ، لِظُهُورِهِ فِیهِ .

( وَکَذَا لَا عِبْرَهَ بِالنِّدَاءِ مِثْلَ یَا حُرُّ ) ، وَیَا عَتِیقُ ، وَیَا مُعْتَقُ

(وَإِنْ قَصَدَ التَّحْرِیرَ بِذَلِکَ )

الْمَذْکُورِ اللَّفْظِ غَیْرِ الْمَنْقُولِ شَرْعًا ، وَمِنْهُ الْکِنَایَهُ ، وَالنِّدَاءُ ( کُلِّهِ ) اقْتِصَارًا فِی الْحُکْمِ بِالْحُرِّیَّهِ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ ، وَلِبُعْدِ النِّدَاءِ عَنْ الْإِنْشَاءِ .

وَرُبَّمَا احْتَمَلَ الْوُقُوعَ بِهِ مِنْ حَیْثُ إنَّ حَرْفَ الْإِشَارَهَ إلَی الْمَمْلُوکِ لَمْ یَعْتَبِرْهُ الشَّارِعُ بِخُصُوصِهِ ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالتَّحْرِیرِ ، وَالْإِعْتَاقِ وَاسْتِعْمَالِ یَا بِمَعْنَی أَنْتَ ، أَوْ فُلَانٌ مَعَ الْقَصْدِ جَائِزٌ .

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ غَایَهَ ذَلِکَ أَنْ یَکُونَ کِنَایَهً ، لَا صَرِیحًا فَلَا یَقَعُ بِهِ ، وَلَا یَخْرُجُ الْمِلْکُ الْمَعْلُومُ عَنْ أَصْلِهِ .

وَحَیْثُ لَا یَکُونُ اللَّفْظُ مُؤَثِّرًا شَرْعًا فِی الْحُکْمِ لَا یَنْفَعُهُ ضَمُّ الْقَصْدِ إلَیْهِ .

وَنَبَّهَ بِالْغَایَهِ عَلَی خِلَافِ مَنْ اکْتَفَی بِغَیْرِ الصَّرِیحِ إذَا انْضَمَّ إلَی النِّیَّهِ مِنْ الْعَامَّهِ .

وَیَقْوَی الْإِشْکَالُ لَوْ کَانَ اسْمُهَا حُرَّهً فَقَالَ : أَنْتِ حُرَّهٌ وَشَکَّ فِی قَصْدِهِ ، لِمُطَابَقَهِ اللَّفْظِ لِلْمُتَّفَقِ عَلَی التَّحْرِیرِ بِهِ ، وَاحْتِمَالِ الْإِخْبَارِ بِالِاسْمِ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْوُقُوعِ نَعَمْ لَوْ صَرَّحَ بِقَصْدِ الْإِنْشَاءِ صَحَّ ، کَمَا أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ قُبِلَ وَلَمْ یُعْتِقْ . ( وَفِی اعْتِبَارِ التَّعْیِینِ ) لِلْمُعْتَقِ ( نَظَرٌ ) مَنْشَؤُهُ : النَّظَرُ إلَی عُمُومِ الْأَدِلَّهِ الدَّالَّهِ عَلَی وُقُوعِهِ بِالصِّیغَهِ الْخَاصَّهِ ، وَأَصَالَهُ عَدَمِ التَّعْیِینِ ، وَعَدَمِ مَانِعِیَّهِ الْإِبْهَامِ فِی الْعِتْقِ شَرْعًا مِنْ حَیْثُ وَقَعَ لِمَرِیضٍ أَعْتَقَ عَبِیدًا یَزِیدُونَ عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ یُجِزْ الْوَرَثَهُ ، وَالِالْتِفَاتُ إلَی أَنَّ الْعِتْقَ أَمْرٌ مُعَیَّنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ مُعَیَّنٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِی الطَّلَاقِ ، وَالْمُصَنِّفُ رَجَّحَ فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْوُقُوعَ ، وَهُنَا تَوَقَّفَ .

وَلَهُ وَجْهٌ إنْ لَمْ یَتَرَجَّحْ اعْتِبَارُهُ ، فَإِنْ لَمْ یُعْتَبَرْ التَّعْیِینُ فَقَالَ : أَحَدُ عَبِیدِی حُرٌّ صَحَّ ، وَعَیَّنَ مَنْ شَاءَ .

وَفِی وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَیْهِمْ قَبْلَهُ ، وَالْمَنْعُ مِنْ اسْتِخْدَامِ أَحَدِهِمْ ، وَبَیْعِهِ وَجْهَانِ مِنْ ثُبُوتِ النَّفَقَهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ یَتَحَقَّقْ بِالنِّسْبَهِ إلَی کُلِّ وَاحِدٍ فَیَسْتَصْحِبُ ، وَاشْتِبَاهُ الْحُرِّ مِنْهُمْ بِالرِّقِّ مَعَ انْحِصَارِهِمْ فَیَحْرُمُ اسْتِخْدَامُهُمْ وَبَیْعُهُمْ ، وَمِنْ اسْتِلْزَامِ ذَلِکَ الْإِنْفَاقُ عَلَی الْحُرِّ بِسَبَبِ الْمِلْکِ ، وَالْمَنْعُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَمْلُوکِ .

وَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ ، وَاحْتَمَلَ الْمُصَنِّفُ اسْتِخْرَاجَ الْمُعْتَقِ بِالْقُرْعَهِ ، وَقَطَعَ بِهَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْیِینِ .

وَیَشْکُلُ کُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْقُرْعَهَ لِاسْتِخْرَاجِ مَا هُوَ مُعَیَّنٌ فِی نَفْسِهِ غَیْرُ مُتَعَیَّنٍ ظَاهِرًا ، لَا لِتَحْصِیلِ التَّعْیِینِ .

فَالْأَقْوَی الرُّجُوعُ إلَیْهِ فِیهِ أَوْ إلَی وَارِثِهِ بَعْدَهُ ، وَلَوْ عَدَلَ الْمُعَیِّنُ عَنْ مَنْ عَیَّنَهُ لَمْ یُقْبَلْ وَلَمْ یَنْعَتِقْ الثَّانِی إذْ لَمْ یَبْقَ لِلْعِتْقِ مَحَلٌّ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ مُعَیَّنًا وَاشْتَبَهَ ، ثُمَّ عَدَلَ فَإِنَّهُمَا یَنْعَتِقَانِ .

(وَیُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمَوْلَی )الْمُعْتِقِ ،

( وَاخْتِیَارُهُ وَرُشْدُهُ ، وَقَصْدُهُ ) إلَی الْعِتْقِ ، ( وَالتَّقَرُّبُ بِهِ إلَی اللَّهِ تَعَالَی ) ، لِأَنَّهُ عِبَادَهٌ ، وَلِقَوْلِهِمْ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ : " لَا عِتْقَ إلَّا مَا أُرِیدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَی " ( وَکَوْنُهُ غَیْرَ مَحْجُورٍ عَلَیْهِ بِفَلَسٍ ، أَوْ مَرَضٍ فِیمَا زَادَ عَلَی الثُّلُثِ ) فَلَا یَقَعُ مِنْ الصَّبِیِّ وَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا ، وَلَا مِنْ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ ، وَلَا غَیْرِهِ فِی غَیْرِ وَقْتٍ کَمَالِهِ ، وَلَا الْمُکْرَهِ ، وَلَا السَّفِیهِ ، وَلَا النَّاسِی ، وَالْغَافِلِ وَالسَّکْرَانِ ، وَلَا مِنْ غَیْرِ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ إلَی اللَّهِ - تَعَالَی ، سَوَاءٌ قَصَدَ الرِّیَاءَ أَمْ لَمْ یَقْصِدْ شَیْئًا ، وَلَا مِنْ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَیْهِ .

أَمَّا قَبْلَهُ فَیَجُوزُ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ دَیْنُهُ مَالَهُ ، وَلَا مِنْ الْمَرِیضِ إذَا اسْتَغْرَقَ دَیْنُهُ تَرِکَتَهُ ، أَوْ زَادَ الْمُعْتَقُ عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ الدَّیْنِ إنْ کَانَ ، إلَّا مَعَ إجَازَهِ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَهِ .

وَفِی الِاکْتِفَاءِ بِإِجَازَهِ الْغُرَمَاءِ فِی الصُّورَهِ الْأُولَی وَجْهَانِ .

مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْعِتْقِ لِحَقِّهِمْ وَمِنْ اخْتِصَاصِ الْوَارِثِ بِعَیْنِ التَّرِکَهِ .

وَالْأَقْوَی التَّوَقُّفُ عَلَی إجَازَهِ الْجَمِیعِ . ( وَالْأَقْرَبُ صِحَّهُ مُبَاشَرَهِ الْکَافِرِ ) لِلْعِتْقِ ، لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّهِ ، أَوْ عُمُومِهَا ؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ إزَالَهُ مِلْکٍ ، وَمِلْکُ الْکَافِرِ أَضْعَفُ مِنْ مِلْکِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ أَوْلَی بِقَبُولِ الزَّوَالِ ، وَاشْتِرَاطُهُ بِنِیَّهِ الْقُرْبَهِ لَا یُنَافِیهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ السَّالِفِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا إرَادَهُ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَی ، سَوَاءٌ حَصَلَ الثَّوَابُ أَمْ لَمْ یَحْصُلْ .

وَهَذَا الْقَدْرُ مُمْکِنٌ مِمَّنْ یُقِرُّ بِاَللَّهِ تَعَالَی .

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْکُفْرُ بِجَحْدِ الْأُلُوهِیَّهِ مُطْلَقًا تَوَجَّهَ إلَیْهِ الْمَنْعُ ، وَکَوْنُهُ عِبَادَهً مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ ، بَلْ هُوَ عِبَادَهٌ خَاصَّهٌ یَغْلِبُ فِیهَا فَکُّ الْمِلْکِ فَلَا یَمْتَنِعُ مِنْ الْکَافِرِ مُطْلَقًا .

وَقِیلَ : لَا یَقَعُ مِنْ الْکَافِرِ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَی أَنَّهُ عِبَادَهٌ تَتَوَقَّفُ عَلَی الْقُرْبَهِ ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ الْقُرْبَهِ تَرَتُّبُ أَثَرِهَا مِنْ الثَّوَابِ ، لَا مُطْلَقُ طَلَبِهَا کَمَا یُنَبِّهُ عَلَیْهِ حُکْمُهُمْ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ ، وَصَوْمِهِ ؛ لِتَعَذُّرِ الْقُرْبَهِ مِنْهُ فَإِنَّ الْقَدْرَ الْمُتَعَذَّرَ هُوَ هَذَا الْمَعْنَی ، لَا مَا ادَّعَوْهُ أَوَّلًا ؛ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ شَرْعًا مَلْزُومٌ لِلْوَلَاءِ وَلَا یَثْبُتُ وَلَاءُ الْکَافِرِ عَلَی الْمُسْلِمِ ؛ لِأَنَّهُ ، سَبِیلٌ مَنْفِیٌّ عَنْهُ ، وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ یَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ .

وَفِی الْأَوَّلِ مَا مَرَّ وَفِی الثَّانِی أَنَّ الْکُفْرَ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ کَالْقَتْلِ کَمَا هُوَ مَانِعٌ فِی النَّسَبِ .

وَالْحَقُّ أَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَی بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ مِنْ الصَّلَاهِ ، وَنَحْوِهَا ، وَاخْتِلَافَهُمْ فِی عِتْقِهِ ، وَصَدَقَتِهِ ، وَوَقْفِهِ عِنْدَ مِنْ یَعْتَبِرُ نِیَّهَ الْقُرْبَهِ فِیهِ یَدُلُّ عَلَی أَنَّ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِیِّ حُکْمًا نَاقِصًا عَنْ مُطْلَقِ الْعِبَادَاتِ مِنْ حَیْثُ الْمَالِیَّهُ ، وَکَوْنُ الْغَرَضِ مِنْهَا نَفْعُ الْغَیْرِ فَجَانِبُ الْمَالِیَّهِ فِیهَا أَغْلَبُ مِنْ جَانِبِ الْعِبَادَهِ ، فَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فِیهَا دُونَ غَیْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ ، وَالْقَوْلُ بِصِحَّهِ عِتْقِهِ مُتَّجَهٌ مَعَ تَحَقُّقِ قَصْدِهِ إلَی الْقُرْبَهِ ، وَإِنْ لَمْ یَحْصُلْ لَازِمُهَا .

( وَکَوْنِهِ ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَی مُبَاشَرَهِ الْکَافِرِ أَیْ : وَالْأَقْرَبُ صِحَّهُ کَوْنِ الْکَافِرِ ( مَحَلًّا ) لِلْعِتْقِ بِأَنْ یَکُونَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ کَافِرًا ، لَکِنْ ( بِالنَّذْرِ لَا غَیْرِهِ ) بِأَنْ یُنْذِرَ عِتْقَ مَمْلُوکٍ بِعَیْنِهِ وَهُوَ کَافِرٌ ، أَمَّا الْمَنْعُ مِنْ عِتْقِهِ مُطْلَقًا فَلِأَنَّهُ خَبِیثٌ ، وَعِتْقُهُ إنْفَاقٌ لَهُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَقَدْ نَهَی اللَّهُ - تَعَالَی - عَنْهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } ، وَلِاشْتِرَاطِ الْقُرْبَهِ فِیهِ کَمَا مَرَّ ، وَلَا قُرْبَهَ فِی الْکَافِرِ ، وَلِرِوَایَهِ سَیْفِ بْنِ عُمَیْرَهَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ أَیَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ یُعْتِقَ مَمْلُوکًا مُشْرِکًا قَالَ : " لَا " .

وَأَمَّا جَوَازُهُ بِالنَّذْرِ فَلِلْجَمْعِ بَیْنَ ذَلِکَ ، وَبَیْنَ مَا رُوِیَ أَنَّ عَلِیًّا عَلَیْهِ السَّلَامُ أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِیًّا فَأَسْلَمَ حِینَ أَعْتَقَهُ بِحَمْلِهِ عَلَی النَّذْرِ ، وَالْأُولَی عَلَی عَدَمِهِ ، وَفِیهِ مَا مَعًا نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآیَهِ ، وَقَوْلَ الْمُفَسِّرِینَ أَنَّ الْخَبِیثَ هُوَ الرَّدِیءُ مِنْ الْمَالِ یُعْطَی الْفَقِیرَ ، وَرُبَّمَا کَانَتْ الْمَالِیَّهُ فِی الْکَافِرِ خَیْرًا مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ، وَالْإِنْفَاقِ لِمَالِیَّتِهِ ، لَا لِمُعْتَقَدِهِ الْخَبِیثِ ، وَمَعَ ذَلِکَ فَالنَّهْیُ مَخْصُوصٌ بِالصَّدَقَهِ الْوَاجِبَهِ ، لِعَدَمِ تَحْرِیمِ الصَّدَقَهِ الْمَنْدُوبَهِ بِمَا قَلَّ وَرَدَأَ حَتَّی بِشِقِّ تَمْرَهٍ إجْمَاعًا .

وَالْقُرْبَهُ یُمْکِنُ تَحَقُّقُهَا فِی عِتْقِ الْمَوْلَی الْکَافِرِ الْمُقِرِّ بِاَللَّهِ تَعَالَی الْمُوَافِقِ لَهُ فِی الِاعْتِقَادِ فَإِنَّهُ یَقْصِدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَی کَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ یُحَصِّلْ الثَّوَابَ ، وَفِی الْمُسْلِمِ إذَا ظَنَّ الْقُرْبَهَ بِالْإِحْسَانِ إلَیْهِ ، وَفَکِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ ، وَتَرْغِیبِهِ فِی الْإِسْلَامِ کَمَا رُوِیَ مِنْ فِعْلِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ الصَّلَاهُ وَالسَّلَامُ ، وَخَبَرِ سَیْفٍ مَعَ ضَعْفِ سَنَدِهِ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَی ، وَلَا ضَرُورَهَ لِلْجَمْعِ حِینَئِذٍ بِمَا لَا یَدُلُّ عَلَیْهِ اللَّفْظُ أَصْلًا فَالْقَوْلُ بِالصِّحَّهِ مُطْلَقًا مَعَ تَحَقُّقِ الْقُرْبَهِ مُتَّجَهٌ ، وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ فِی الشَّرْحِ . ( وَلَا یَقِفُ الْعِتْقُ عَلَی إجَازَهِ الْمَالِکِ ) لَوْ وَقَعَ مِنْ غَیْرِهِ ، ( بَلْ یَبْطُلُ عِتْقُ الْفُضُولِیِّ ) مِنْ رَأْسٍ إجْمَاعًا ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { لَا عِتْقَ إلَّا فِی مِلْکٍ } ، وَوُقُوعُهُ مِنْ غَیْرِهِ بِالسِّرَایَهِ خُرُوجٌ عَنْ الْمُتَنَازَعِ وَاسْتِثْنَاؤُهُ إمَّا مُنْقَطِعٌ ، أَوْ نَظَرًا إلَی مُطْلَقِ الِانْعِتَاقِ ، وَلَوْ عَلَّقَ غَیْرُ الْمَالِکِ الْعِتْقَ بِالْمِلْکِ لَغَی ، إلَّا أَنْ یَجْعَلَهُ نَذْرًا ، أَوْ مَا فِی مَعْنَاهُ ، کَلِلَّهِ عَلَیَّ إعْتَاقُهُ إنْ مَلَکْته ، فَیَجِبُ عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ ، وَیَفْتَقِرُ إلَی صِیغَهِ الْعِتْقِ وَإِنْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَیَّ أَنَّهُ حُرٌّ إنْ مَلَکْتُهُ عَلَی الْأَقْوَی .

وَرُبَّمَا قِیلَ : بِالِاکْتِفَاءِ هُنَا بِالصِّیغَهِ الْأُولَی ، اکْتِفَاءً بِالْمِلْکِ الضِّمْنِیِّ کَمِلْکِ الْقَرِیبِ آنًا ثُمَّ یُعْتَقُ ( وَلَا یَجُوزُ تَعْلِیقُهُ عَلَی شَرْطٍ ) کَقَوْلِهِ : أَنْتَ حُرٌّ إنْ فَعَلْتَ کَذَا ، أَوْ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ ، ( إلَّا فِی التَّدْبِیرِ فَإِنَّهُ ) یَجُوزُ أَنْ ( یُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ ) کَمَا سَیَأْتِی ( لَا بِغَیْرِهِ ) ، وَإِلَّا فِی النَّذْرِ حَیْثُ لَا یَفْتَقِرُ إلَی صِیغَهٍ إنْ قُلْنَا بِهِ .

( نَعَمْ لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِهِ عِنْدَ شَرْطٍ ) سَائِغٍ عَلَی مَا فُصِّلَ ( انْعَقَدَ ) النَّذْرُ وَانْعَتَقَ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ إنْ کَانَتْ الصِّیغَهُ أَنَّهُ إنْ کَانَ کَذَا مِنْ الشُّرُوطِ السَّائِغَهِ فَعَبْدِی حُرٌّ وَوَجَبَ عِتْقُهُ إنْ قَالَ : فَلِلَّهِ عَلَیَّ أَنْ أُعْتِقَهُ .

وَالْمُطَابِقُ لِلْعِبَارَهِ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقِ ، لَا الثَّانِی فَإِنَّهُ الْإِعْتَاقُ .

وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ فِیمَا إذَا نَذَرَ أَنْ یَکُونَ مَالُهُ صَدَقَهً ، أَوْ لِزَیْدٍ أَوْ أَنْ یَتَصَدَّقَ بِهِ ، أَوْ یُعْطِیَهُ لِزَیْدٍ فَإِنَّهُ یَنْتَقِلُ عَنْ مِلْکِهِ بِحُصُولِ الشَّرْطِ فِی الْأَوَّلِ ، وَیَصِیرُ مِلْکًا لِزَیْدٍ قَهْرِیًّا ، بِخِلَافِ الْأَخِیرِ ، فَإِنَّهُ لَا یَزُولُ مِلْکُهُ بِهِ ، وَإِنَّمَا یَجِبُ أَنْ یَتَصَدَّقَ ، أَوْ یُعْطِیَ زَیْدًا فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ بَقِیَ عَلَی مِلْکِهِ ، وَإِنْ حَنِثَ .

وَیَتَفَرَّعُ عَلَی ذَلِکَ إبْرَاؤُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَیَصِحُّ فِی الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِی .

(وَلَوْ شَرَطَ عَلَیْهِ )

(وَلَوْ شَرَطَ عَلَیْهِ )

فِی صِیغَهِ الْعِتْقِ ( خِدْمَتَهُ ) مُدَّهً مَضْبُوطَهً مُتَّصِلَهً بِالْعِتْقِ ، أَوْ مُنْفَصِلَهً ، أَوْ مُتَفَرِّقَهٌ مَعَ الضَّبْطِ ( صَحَّ ) الشَّرْطُ وَالْعِتْقُ ، لِعُمُومِ { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } ؛ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُ الْمُتَجَدِّدَهَ وَرَقَبَتَهُ مِلْکٌ لِلْمَوْلَی فَإِذَا أَعْتَقَهُ بِالشَّرْطِ فَقَدْ فَکَّ رَقَبَتَهُ ، وَغَیْرُ الْمُشْتَرَطِ مِنْ الْمَنَافِعِ ، وَأَبْقَی الْمُشْتَرَطَ عَلَی مِلْکِهِ فَیَبْقَی اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْکِ ، وَوَفَاءً بِالشَّرْطِ .

وَهَلْ یُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَبْدِ الْأَقْوَی الْعَدَمَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْعِبَارَهِ لِمَا ذَکَرْنَاهُ .

وَوَجْهُ اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ أَنَّ الْإِعْتَاقَ یَقْتَضِی التَّحْرِیرَ ، وَالْمَنَافِعُ تَابِعَهٌ فَلَا یَصِحُّ شَرْطُ شَیْءٍ مِنْهَا ، إلَّا بِقَبُولِهِ .

وَهَلْ تَجِبُ عَلَی الْمَوْلَی نَفَقَتُهُ فِی الْمُدَّهِ الْمُشْتَرَطَهِ قِیلَ : نَعَمْ ؛ لِقَطْعِهِ بِهَا عَنْ التَّکَسُّبِ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّهُ لَا یَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ النَّفَقَهِ کَالْأَجِیرِ ، وَالْمُوصَی بِخِدْمَتِهِ .

وَالْمُنَاسِبُ لِلْأَصْلِ ثُبُوتُهَا مِنْ بَیْتِ الْمَالِ ، أَوْ مِنْ الصَّدَقَاتِ لِأَنَّ أَسْبَابَ النَّفَقَهِ مَضْبُوطَهٌ شَرْعًا ، وَلَیْسَ هَذَا مِنْهَا ، وَلِلْأَصْلِ وَکَمَا یَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْخِدْمَهِ یَصِحُّ اشْتِرَاطُ شَیْءٍ مُعَیَّنٍ مِنْ الْمَالِ ، لِلْعُمُومِ لَکِنَّ الْأَقْوَی هُنَا اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ لِأَنَّ الْمَوْلَی لَا یَمْلِکُ إثْبَاتَ مَالٍ فِی ذِمَّهِ الْعَبْدِ ، وَلِصَحِیحَهِ حُرَیْزٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

وَقِیلَ : لَا یُشْتَرَطُ کَالْخِدْمَهِ ، لِاسْتِحْقَاقِهِ عَلَیْهِ رِقًّا السَّعْیُ فِی الْکَسْبِ کَمَا یَسْتَحِقُّ الْخِدْمَهَ ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَیْهِ مَالًا فَقَدْ اسْتَثْنَی مِنْ مَنَافِعِهِ بَعْضَهَا .

وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ .

وَحَیْثُ یَشْتَرِطُ الْخِدْمَهَ لَا یَتَوَقَّفُ انْعِتَاقُهُ عَلَی اسْتِیفَائِهَا فَإِنْ وَفَّی بِهَا فِی وَقْتِهَا وَإِلَّا اسْتَقَرَّتْ أُجْرَهُ مِثْلِهَا فِی ذِمَّتِهِ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّهٌ عَلَیْهِ وَقَدْ فَاتَتْ فَیَرْجِعُ إلَی أُجْرَتِهَا ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الْمُعْتَقِ ، وَوَارِثِهِ فِی ذَلِکَ . ( وَلَوْ شَرَطَ عَوْدَهُ فِی الرِّقِّ إنْ خَالَفَ شَرْطًا ) شَرَطَهُ عَلَیْهِ فِی صِیغَهِ الْعِتْقِ ( فَالْأَقْرَبُ بُطْلَانُ الْعِتْقِ ) ؛ لِتَضَمُّنِ الشَّرْطِ عَوْدَ مَنْ تُثْبِتُ حُرِّیَّتُهُ رِقًّا ، وَهُوَ غَیْرُ جَائِزٍ وَلَا یُرَدُّ مِثْلُهُ فِی الْمُکَاتَبِ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّهُ لَمْ یَخْرُجْ عَنْ الرِّقِّیَّهِ وَإِنْ تَشَبَّثَ بِالْحُرِّیَّهِ بِوَجْهٍ ضَعِیفٍ ، بِخِلَافِ الْمُعْتَقِ بِشَرْطٍ .

وَقَوْلُ السَّیِّدِ لِلْمُکَاتَبِ فَأَنْتَ رَدٌّ فِی الرِّقِّ یُرِیدُ بِهِ الرِّقَّ الْمَحْضَ ، لَا مُطْلَقَ الرِّقِّ .

وَقِیلَ : یَصِحُّ الشَّرْطُ ، وَیَرْجِعُ بِالْإِخْلَالِ لِلْعُمُومِ ، وَرِوَایَهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُلِ یُعْتِقُ مَمْلُوکَهُ ، وَیُزَوِّجُهُ ابْنَتَهُ ، وَیَشْتَرِطُ عَلَیْهِ إنْ أَغَارَهَا أَنْ یَرُدَّهُ فِی الرِّقِّ .

قَالَ : " لَهُ شَرْطُهُ " .

وَطَرِیقُ الرِّوَایَهِ ضَعِیفٌ وَمَتْنُهَا مُنَافٍ لِلْأُصُولِ ، فَالْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ أَقْوَی ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَی صِحَّهِ الْعِتْقِ ، وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ ، لِبِنَائِهِ عَلَی التَّغْلِیبِ ، وَیَضْعُفُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ إلَیْهِ مُجَرَّدًا عَنْ الشَّرْطِ وَهُوَ شَرْطُ الصِّحَّهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ . ( وَیُسْتَحَبُّ عِتْقُ ) الْمَمْلُوکِ ( الْمُؤْمِنِ ) ذَکَرًا کَانَ أَمْ أُنْثَی ( إذَا أَتَی عَلَیْهِ ) فِی مِلْکِ الْمَوْلَی الْمَنْدُوبِ إلَی عِتْقِهِ ( سَبْعُ سِنِینَ ) ؛ لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " مَنْ کَانَ مُؤْمِنًا فَقَدْ عَتَقَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِینَ أَعْتَقَهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَمْ یُعْتِقْهُ ، وَلَا تَحِلُّ خِدْمَهُ مَنْ کَانَ مُؤْمِنًا بَعْدَ سَبْعِ سِنِینَ " .

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَی تَأَکُّدِ اسْتِحْبَابِ عِتْقِهِ ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَی أَنَّهُ لَا یُعْتَقُ بِدُونِ الْإِعْتَاقِ ( بَلْ یُسْتَحَبُّ ) الْعِتْقُ ( مُطْلَقًا ) خُصُوصًا لِلْمُؤْمِنِ . ( وَیُکْرَهُ عِتْقُ الْعَاجِزِ عَنْ الِاکْتِسَابِ إلَّا أَنْ یُعَیِّنَهُ ) بِالْإِنْفَاقِ قَالَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ : " مَنْ أَعْتَقَ مَمْلُوکًا لَا حِیلَهَ لَهُ فَإِنَّ عَلَیْهِ أَنْ یَعُولَهُ حَتَّی یَسْتَغْنِیَ عَنْهُ " وَکَذَلِکَ کَانَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَفْعَلُ إذَا أَعْتَقَ الصِّغَارَ ، وَمَنْ لَا حِیلَهَ لَهُ . ( وَ ) کَذَا یُکْرَهُ ( عِتْقُ الْمُخَالِفِ ) لِلْحَقِّ فِی الِاعْتِقَادِ ؛ لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی الْأَخْبَارِ الْمَحْمُولَهِ عَلَی الْکَرَاهَهِ جَمْعًا .

قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ : مَا أَغْنَی اللَّهُ عَنْ عِتْقِ أَحَدِکُمْ تُعْتِقُونَ الْیَوْمَ یَکُونُ عَلَیْنَا غَدًا ، لَا یَجُوزُ لَکُمْ أَنْ تُعْتِقُوا إلَّا عَارِفًا " ( وَلَا ) یُکْرَهُ عِتْقُ ( الْمُسْتَضْعَفِ ) الَّذِی لَا یَعْرِفُ الْحَقَّ ، وَلَا یُعَانِدُ فِیهِ ، وَلَا یُوَالِی أَحَدًا بِعَیْنِهِ ؛ لِرِوَایَهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : قُلْتُ لَهُ : الرَّقَبَهُ تَعْتِقُ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِینَ ؟ قَالَ : نَعَمْ

(وَمِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ السِّرَایَهُ )

وَهُوَ انْعِتَاق بَاقِی الْمَمْلُوکِ إذَا أُعْتِقَ بَعْضُهُ بِشَرَائِطَ خَاصَّهٍ ( فَمَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا ) بِکَسْرِ الشِّینِ أَیْ : جُزْءًا ( مِنْ عَبْدِهِ ) أَوْ أَمَتِهِ وَإِنْ قَلَّ الْجُزْءُ سَرَی الْعِتْقُ فِیهِ أَجْمَعَ وَ ( عَتَقَ کُلُّهُ ) وَإِنْ لَمْ یَمْلِکْ سِوَاهُ ، ( إلَّا أَنْ یَکُونَ ) الْمُعْتِقُ ( مَرِیضًا وَلَمْ یَبْرَأْ ) مِنْ مَرَضِهِ الَّذِی أَعْتَقَ فِیهِ ، ( وَلَمْ یَخْرُجْ ) الْمَمْلُوکُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) أَیْ : ثُلُثِ مَالِ الْمُعْتِقِ فَلَا یَعْتِقُ حِینَئِذٍ أَجْمَعُ ، بَلْ مَا یَسَعُهُ الثُّلُثُ ( إلَّا مَعَ الْإِجَازَهِ ) مِنْ الْوَارِثِ فَیَعْتِقُ أَجْمَعُ إنْ أَجَازَهُ ، وَإِلَّا فَبِحَسَبِ مَا أَجَازَهُ .

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بَیْنَ الْأَصْحَابِ ، وَرُبَّمَا کَانَ إجْمَاعًا ، وَمُسْتَنَدُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ ضَعِیفٌ ، وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ السَّیِّدُ جَمَالُ الدِّینِ بْنُ طَاوُسٍ إلَی عَدَمِ السِّرَایَهِ بِعِتْقِ الْبَعْضِ مُطْلَقًا ، اسْتِضْعَافًا لِلدَّلِیلِ الْمُخَرَّجِ عَنْ حُکْمِ الْأَصْلِ ، وَلِمُوَافَقَتِهِ لِمَذْهَبِ الْعَامَّهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَی حَمْزَهُ بْنُ حُمْرَانَ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ أَعْتَقَ نِصْفَ جَارِیَتِهِ ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا قَالَ : فَقَالَ : " أَرَی أَنَّ عَلَیْهِ خَمْسِینَ جَلْدَهً ، وَیَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ " الْحَدِیثَ .

وَفِی مَعْنَاهُ خَبَرَانِ آخَرَانِ ، وَحَمَلَهَا الشَّیْخُ عَلَی أَنَّهُ لَا یَمْلِکُ نِصْفَهَا الْآخَرَ مَعَ إعْسَارِهِ .

( وَلَوْ کَانَ لَهُ فِیهِ ) أَیْ : فِی الْمَمْلُوکِ الَّذِی أَعْتَقَ بَعْضَهُ ( شَرِیکٌ قُوِّمَ عَلَیْهِ نَصِیبُهُ ) ( وَعَتَقَ ) أَجْمَعُ ( مَعَ یَسَارِهِ ) أَیْ : یَسَارِ الْمُعْتِقِ بِأَنْ یَمْلِکَ حَالَ الْعِتْقِ زِیَادَهً عَمَّا یُسْتَثْنَی فِی الدَّیْنِ مِنْ دَارِهِ ، وَخَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ ، وَثِیَابِهِ اللَّائِقَهِ بِحَالِهِ کَمِّیَّهً وَکَیْفِیَّهً وَقُوتِ یَوْمِهِ لَهُ ، وَلِعِیَالِهِ مَا یَسَعُ قِیمَهَ نَصِیبِ الشَّرِیکِ فَتُدْفَعُ إلَیْهِ ، وَیَعْتِقُ .

وَلَوْ کَانَ مَدْیُونًا یَسْتَغْرِقُ دَیْنُهُ مَالَهُ الَّذِی یُصْرَفُ فِیهِ فَفِی کَوْنِهِ مُوسِرًا ، أَوْ مُعْسِرًا قَوْلَانِ أَوْجُهُهُمَا الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الْمِلْکِ مَعَهُ وَهَلْ تَنْعَتِقُ حِصَّهُ الشَّرِیکِ بِعِتْقِ الْمَالِکِ حِصَّتَهُ ، أَوْ بِأَدَاءِ قِیمَتِهَا إلَیْهِ ، أَوْ بِالْعِتْقِ مُرَاعًی بِالْأَدَاءِ ؟ أَقْوَالٌ .

وَفِی الْأَخْبَارِ مَا یَدُلُّ عَلَی الْأَوَّلَیْنِ وَالْأَخِیرُ طَرِیقُ الْجَمْعِ .

وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ

فِیمَا لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِیکُ حِصَّتَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَیَصِحُّ عَلَی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ ، وَفِی اعْتِبَارِ الْقِیمَهِ فَعَلَی الْأَوَّلِ یَوْمَ الْعِتْقِ ، وَعَلَی الثَّانِی یَوْمَ الْأَدَاءِ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّالِثَ کَالْأَوَّلِ .

وَفِیمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَیَمُوتُ حُرًّا عَلَی الْأَوَّلِ ، وَیَرِثُهُ وَارِثُهُ دُونَ الثَّانِی وَیُعْتَبَرُ الْأَدَاءُ فِی ظُهُورِ حُرِّیَّتِهِ عَلَی الثَّالِثِ .

وَفِیمَا لَوْ وَجَبَ عَلَیْهِ حَدٌّ قَبْلَهُ فَکَالْحُرِّ عَلَی الْأَوَّلِ ، وَالْمُبَعَّضِ عَلَی الثَّانِی ، وَفِی الْحُکْمِ عَلَی الثَّالِثِ نَظَرٌ وَفِیمَا لَوْ أَیْسَرَ الْمُبَاشِرُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ ، فَعَلَی الْأَوَّلِ لَا یَجِبُ عَلَیْهِ الْفَکُّ ، وَعَلَی الثَّانِی یَجِبُ .

وَفِی الثَّالِثِ نَظَرٌ ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ مُطْلَقًا حَسَنٌ . ( وَسَعَی الْعَبْدُ فِی بَاقِی قِیمَتِهِ ) بِجَمِیعِ سَعْیِهِ ، لَا بِنَصِیبِ الْحُرِّیَّهِ خَاصَّهً ( مَعَ إعْسَارِهِ ) عَنْهُ أَجْمَعَ ، فَإِذَا أَدَّی عَتَقَ کَالْمُکَاتَبِ الْمُطْلَقِ ، وَلَوْ أَیْسَرَ بِالْبَعْضِ سَرَی عَلَیْهِ بِقَدْرِهِ عَلَی الْأَقْوَی وَسَعَی الْعَبْدُ فِی الْبَاقِی .

وَلَا فَرْقَ فِی عِتْقِ الشَّرِیکِ بَیْنَ وُقُوعِهِ لِلْإِضْرَارِ بِالشَّرِیکِ ، وَعَدَمِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْقُرْبَهِ الْمُشْتَرَطَهِ ، خِلَافًا لِلشَّیْخِ حَیْثُ شَرَطَ فِی السِّرَایَهِ مَعَ الْیَسَارِ قَصْدَ الْإِضْرَارِ ، وَأَبْطَلَ الْعِتْقَ بِالْإِعْسَارِ مَعَهُ وَحَکَمَ بِسَعْیِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا مَعَ قَصْدِ الْقُرْبَهِ ، اسْتِنَادًا إلَی أَخْبَارٍ تَأْوِیلُهَا بِمَا یَدْفَعُ الْمُنَافَاهَ بَیْنَهَا وَبَیْنَ مَا دَلَّ عَلَی الْمَشْهُورِ طَرِیقُ الْجَمْعِ . ( وَلَوْ عَجَزَ الْعَبْدُ ) عَنْ السَّعْیِ ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَلَمْ یُمْکِنْ إجْبَارُهُ ، أَوْ مُطْلَقًا فِی ظَاهِرِ کَلَامِهِمْ ( فَالْمُهَایَأَهُ ) بِالْهَمْزِ ( فِی کَسْبِهِ ) بِمَعْنَی أَنَّهُمَا یَقْتَسِمَانِ الزَّمَانَ بِحَسَبِ مَا یَتَّفِقَانِ عَلَیْهِ ، وَیَکُونُ کَسْبُهُ فِی کُلِّ وَقْتٍ لِمَنْ ظَهَرَ لَهُ بِالْقِسْمَهِ ( وَتَتَنَاوَلُ ) الْمُهَایَأَهُ ( الْمُعْتَادَ مِنْ الْکَسْبِ ) کَالِاحْتِطَابِ ( وَالنَّادِرَ ) کَالِالْتِقَاطِ .

وَرُبَّمَا قِیلَ : لَا یَتَنَاوَلُ النَّادِرَ ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَهٌ فَلَوْ تَنَاوَلَتْهُ لَجُهِلَتْ ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ ، وَالْأَدِلَّهُ عَامَّهٌ ، وَالنَّفَقَهُ وَالْفِطْرَهُ عَلَیْهِمَا بِالنِّسْبَهِ .

وَلَوْ مَلَکَ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ مَالًا کَالْإِرْثِ وَالْوَصِیَّهِ لَمْ یُشَارِکْهُ الْمَوْلَی فِیهِ وَإِنْ اتَّفَقَ فِی نَوْبَتِهِ .

وَلَوْ امْتَنَعَا ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمُهَایَأَهِ لَمْ یُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ ، وَکَانَ عَلَی الْمَوْلَی نِصْفُ أُجْرَهِ عَمَلِهِ الَّذِی یَأْمُرُهُ بِهِ ، وَعَلَی الْمُبَعَّضِ نِصْفُ أُجْرَهِ مَا یَغْصِبُهُ مِنْ الْمُدَّهِ وَیُفَوِّتُهُ اخْتِیَارًا ( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الْقِیمَهِ حَلَفَ الشَّرِیکُ لِأَنَّهُ یُنْتَزَعُ مِنْ یَدِهِ ) فَلَا یُنْتَزَعُ إلَّا بِمَا یَقُولُهُ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ مِلْکِهِ إلَّا بِعِوَضٍ یَخْتَارُهُ ، کَمَا یَحْلِفُ الْمُشْتَرِی لَوْ نَازَعَهُ الشَّفِیعُ فِیهَا ، لِلْعِلَّهِ .

وَقِیلَ : یَحْلِفُ الْمُعْتِقُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ .

وَرُبَّمَا بُنِیَ الْخِلَافُ عَلَی عِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِعْتَاقِ ، فَعَلَی الْأَوَّلِ الْأَوَّلُ ، وَعَلَی الثَّانِی الثَّانِی ، وَعَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ ، لَکِنْ قَدَّمَ عَلَی الْحَلِفِ عَرْضَهُ عَلَی الْمُقَوِّمِینَ مَعَ الْإِمْکَانِ .

وَالْأَقْوَی تَقْدِیمُ قَوْلِ الْمُعْتِقِ ، لِلْأَصْلِ ، ؛ وَلِأَنَّهُ مُتْلَفٌ فَلَا یَقْصُرُ عَنْ الْغَاصِبِ الْمُتْلِفِ . ( وَقَدْ یَحْصُلُ الْعِتْقُ بِالْعَمَی ) أَیْ : عَمَی الْمَمْلُوکِ بِحَیْثُ لَا یُبْصِرُ أَصْلًا لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَسَنَهِ حَمَّادٍ : " إذَا عَمِیَ الْمَمْلُوکُ فَقَدْ أُعْتِقَ " وَرَوَی السَّکُونِیُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ : { وَإِذَا عَمِیَ الْمَمْلُوکُ فَلَا رِقَّ عَلَیْهِ ، وَالْعَبْدُ إذَا جَذَمَ فَلَا رِقَّ عَلَیْهِ } ، وَفِی مَعْنَاهُمَا أَخْبَارٌ کَثِیرَهٌ ( وَالْجُذَامِ ) وَکَأَنَّهُ إجْمَاعٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ یُنْکِرْهُ ابْنُ إدْرِیسَ وَإِلَّا فَالْمُسْتَنَدُ ضَعِیفٌ ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ حَمْزَهَ الْبَرَصَ وَلَمْ یَثْبُتْ ( وَالْإِقْعَادِ ) ذَکَرَهُ الْأَصْحَابُ وَلَمْ نَقِفْ عَلَی مُسْتَنَدِهِ ، وَفِی النَّافِعِ نَسَبُهُ إلَی الْأَصْحَابِ مُشْعِرٌ بِتَمْرِیضِهِ إنْ لَمْ تَکُنْ إشَارَهٌ إلَی أَنَّهُ إجْمَاعٌ ، وَکَوْنُهُ الْمُسْتَنَدَ

(وَإِسْلَامِ الْمَمْلُوکِ فِی دَارِ الْحَرْبِ سَاب

(وَإِسْلَامِ الْمَمْلُوکِ فِی دَارِ الْحَرْبِ سَابِقًا عَلَی مَوْلَاهُ )

خَارِجًا مِنْهَا قَبْلَهُ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ لِلْخَبَرِ ؛ وَلِأَنَّ إسْلَامَ الْمَمْلُوکِ لَا یُنَافِی مِلْکَ الْکَافِرِ لَهُ غَایَتُهُ أَنَّهُ یُجْبَرُ عَلَی بَیْعِهِ ، وَإِنَّمَا یَمْلِکُ نَفْسَهُ بِالْقَهْرِ لِسَیِّدِهِ ، وَلَا یَتَحَقَّقُ ثَمَّ إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَیْنَا قَبْلَهُ ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَهُ لَمْ یَعْتِقْ وَإِنْ خَرَجَ إلَیْنَا قَبْلَهُ ، وَمَتَی مَلَکَ نَفْسَهُ أَمْکَنَ بَعْدَ ذَلِکَ أَنْ یَسْتَرِقَّ مَوْلَاهُ إذَا قَهَرَهُ فَتُعْکَسُ الْمَوْلَوِیَّهُ ( وَدَفْعِ قِیمَهِ ) الْمَمْلُوکِ ( الْوَارِثِ ) إلَی سَیِّدِهِ لِیَعْتِقَ ، وَیَرِثَ .

وَیَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ انْعِتَاقَهُ بِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْقِیمَهِ حَیْثُ جَعَلَهُ سَبَبَ الْعِتْقِ ، وَکَذَا یَظْهَرُ مِنْهَا الِاکْتِفَاءُ فِی عِتْقِهِ بِدَفْعِ الْقِیمَهِ مِنْ غَیْرِ عَقْدٍ وَسَیَأْتِی فِی الْمِیرَاثِ أَنَّهُ یَشْتَرِی ، وَیَعْتِقُ ، وَیُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ کَوْنَ دَفْعِ الْقِیمَهِ مِنْ جُمْلَهِ أَسْبَابِ الْعِتْقِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَی أَمْرٍ آخَرَ کَسَبَبِیَّهِ التَّدْبِیرِ ، وَالْکِتَابَهِ ، وَالِاسْتِیلَادِ

(وَتَنْکِیلُ الْمَوْلَی بِعَبْدِهِ )

فِی الْمَشْهُورِ وَبِهِ رِوَایَتَانِ : إحْدَاهُمَا مُرْسَلَهٌ ، وَفِی سَنَدِ الْأُخْرَی جَهَالَهٌ .

وَمِنْ ثَمَّ أَنْکَرَهُ ابْنُ إدْرِیسَ .

وَأَصْلُ التَّنْکِیلِ : فِعْلُ الْأَمْرِ الْفَظِیعِ بِالْغَیْرِ ، یُقَالُ : نَکَّلَ بِهِ تَنْکِیلًا إذَا جَعَلَهُ نَکَالًا وَعِبْرَهً لِغَیْرِهِ مِثْلَ أَنْ یَقْطَعَ أَنْفَهُ ، أَوْ لِسَانَهُ ، أَوْ أُذُنَیْهِ ، أَوْ شَفَتَیْهِ ، وَلَیْسَ فِی کَلَامِ الْأَصْحَابِ هُنَا شَیْءٌ مُحَرَّرٌ ، بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَی مُجَرَّدِ اللَّفْظِ فَیُرْجَعُ فِیهِ إلَی الْعُرْفِ فَمَا یُعَدُّ تَنْکِیلًا عُرْفًا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ حُکْمُهُ وَالْأَمَهُ فِی ذَلِکَ کَالْعَبْدِ .

وَمَوْرِدُ الرِّوَایَهِ الْمَمْلُوکُ ، فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ کَانَ أَوْلَی ( وَ ) قَدْ یَحْصُلُ الْعِتْقُ ( بِالْمِلْکِ ) فِیمَا إذَا مَلَکَ الذَّکَرُ أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ أَوْ إحْدَی الْمُحَرَّمَاتِ نَسَبًا ، أَوْ رَضَاعًا ، وَالْمَرْأَهُ أَحَدَ الْعَمُودَیْنِ ( وَقَدْ سَبَقَ ) تَحْقِیقُهُ فِی کِتَابِ الْبَیْعِ

(وَیُلْحَقُ بِذَلِکَ مَسَائِلُ )

(- لَوْ قِیلَ لِمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبِیدِهِ : أَأَعْتَقْتهمْ ؟ ) أَیْ : عَبِیدَک بِصِیغَهِ الْعُمُومِ مِنْ غَیْرِ تَخْصِیصٍ بِمَنْ أَعْتَقَهُ ( فَقَالَ : نَعَمْ .

لَمْ یَعْتِقْ سِوَی مَنْ أَعْتَقَهُ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّیغَهَ لَا تَکْفِی فِی الْعِتْقِ ، وَإِنَّمَا حُکِمَ بِعِتْقِ مَنْ أَعْتَقَهُ بِالصِّیغَهِ السَّابِقَهِ هَذَا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ ، أَمَّا فِی الظَّاهِرِ فَإِنَّ قَوْلَهُ : نَعَمْ عَقِیبَ الِاسْتِفْهَامِ عَنْ عِتْقِ عَبِیدِهِ الَّذِی هُوَ جَمْعٌ مُضَافٌ مُفِیدٌ لِلْعُمُومِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِینَ یُفِیدُ الْإِقْرَارَ بِعِتْقِ جَمِیعِ عَبِیدِهِ مَنْ أَوْقَعَ عَلَیْهِ مِنْهُمْ صِیغَهً ، وَغَیْرَهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ إقْرَارِ الْمُسْلِمِ ، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ وَإِنْ کَانَ إخْبَارًا عَمَّا سَبَقَ لَا یُصَدَّقُ إلَّا مَعَ مُطَابَقَتِهِ لِأَمْرٍ وَاقِعٍ فِی الْخَارِجِ سَابِقٍ عَلَیْهِ ، إلَّا أَنَّهُ لَا یُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِوُقُوعِ السَّبَبِ الْخَارِجِیِّ ، بَلْ یَکْفِی إمْکَانُهُ وَهُوَ هُنَا حَاصِلٌ فَیَلْزَمُ الْحُکْمُ عَلَیْهِ ظَاهِرًا بِعِتْقِ الْجَمِیعِ لِکُلِّ مَنْ لَمْ یَعْلَمْ بِفَسَادِ ذَلِکَ .

وَلَکِنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا یَعْتِقُ إلَّا مَنْ أَعْتَقَهُ مِنْ غَیْرِ فَرْقٍ بَیْنَ الظَّاهِرِ ، وَنَفْسِ الْأَمْرِ تَبَعًا لِلرِّوَایَهِ وَهِیَ ضَعِیفَهٌ مَقْطُوعَهٌ ، وَفِیهَا مَا ذُکِرَ .

وَیَقْوَی الْإِشْکَالُ لَوْ کَانَ مَنْ أَعْتَقَهُ سَابِقًا لَا یَبْلُغُ الْجَمْعَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ یُنَافِیه مِنْ حَیْثُ الْجَمْعُ وَالْعُمُومُ ، بَلْ هُوَ فِی الْحَقِیقَهِ جَمْعُ کَثْرَهٍ لَا یُطْلَقُ حَقِیقَهً إلَّا عَلَی مَا فَوْقَ الْعَشَرَهِ فَکَیْفَ یُحْمَلُ عَلَی الْوَاحِدِ بِحَسَبِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ لَوْ لَمْ یَکُنْ أَعْتَقَ غَیْرَهُ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ .

نَعَمْ هَذَا یَتِمُّ بِحَسَبِ مَا یَعْرِفُهُ الْمُعْتِقُ ، وَیَدِینُ بِهِ ، لَا بِحَسَبِ إقْرَارِهِ لَکِنَّ الْأَمْرَ فِی جَمْعِ الْکَثْرَهِ سَهْلٌ ، لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا یُفَرِّقُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ جَمْعِ الْقِلَّهِ وَهُوَ الْمُحَکَّمُ فِی هَذَا الْبَابِ .

وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ فِی الْمَحْکُومِ بِعِتْقِهِ ظَاهِرًا الْکَثْرَهَ نَظَرًا إلَی مَدْلُولِ لَفْظِ الْجَمْعِ فَیَلْزَمُ عِتْقُ مَا یَصْدُقُ عَلَیْهِ الْجَمْعُ حَقِیقَهً ، وَیَکُونُ فِی غَیْرِ مَنْ أَعْتَقَهُ کَالْمُشْتَبَهِ ، وَاعْتُذِرَ لَهُمْ عَمَّا ذَکَرْنَاهُ بِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ ثَلَاثَهً مِنْ مَمَالِیکِهِ یَصْدُقُ عَلَیْهِ هَؤُلَاءِ مَمَالِیکِی حَقِیقَهً فَإِذَا قِیلَ لَهُ : أَأَعْتَقْت مَمَالِیکَک ؟ فَقَالَ : نَعَمْ .

وَهِیَ تَقْتَضِی إعَادَهَ السُّؤَالِ وَتَقْرِیرَهُ فَیَکُونُ إقْرَارًا بِعِتْقِ الْمَمَالِیکِ الَّذِینَ انْعَتَقُوا دُونَ غَیْرِهِمْ ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا یُحْمَلُ عَلَی الْمُتَیَقَّنِ لَا عَلَی مَا فِیهِ احْتِمَالٌ .

وَمِمَّا قَرَّرْنَاهُ یُعْلَمُ فَسَادُ الِاعْتِذَارِ ، لِلْفَرْقِ بَیْنَ قَوْلِهِ : أَعْتَقْتُ مَمَالِیکِی الْمُقْتَضِی لِلْعُمُومِ ، وَبَیْنَ قَوْلِهِ لِثَلَاثَهٍ : هَؤُلَاءِ مَمَالِیکِی لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ یُفِیدُ عُمُومَ الْمَذْکُورِ دُونَ غَیْرِهِ ، بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ یُفِیدُهُ فِی جَمِیعِ مَنْ یَمْلِکُهُ بِطَرِیقِ الْحَقِیقَهِ .

وَهَذَا الِاحْتِمَالُ فِیهِ مِنْ جِهَهِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ فَکَیْفَ یَتَخَصَّصُ بِمَا لَا دَلِیلَ عَلَیْهِ ظَاهِرًا .

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْإِقْرَارُ فِی مَحَلِّ الِاضْطِرَارِ کَمَا لَوْ مَرَّ بِعَاشِرٍ فَأَخْبَرَ بِعِتْقِهِمْ لِیَسْلَمَ مِنْهُ اتَّجَهَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا یَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ عَمَلًا بِقَرِینَهِ الْحَالِ فِی الْإِقْرَارِ .

وَبِهِ وَرَدَتْ الرِّوَایَهُ .

(وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ مَا تَلِدُهُ فَوَلَدَتْ تَوْأَمَیْنِ )

أَیْ : وَلَدَیْنِ فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ .

وَاحِدُهُمَا : تَوْأَمٌ عَلَی فَوْعَلٍ ( عَتَقَا ) مَعًا إنْ وَلَدَتْهُمَا دَفْعَهً وَاحِدَهً لِأَنَّ مَا مِنْ صِیَغِ الْعُمُومِ فَیَشْمَلُهُمَا ، وَلَوْ وَلَدَتْهُمَا مُتَعَاقِبَیْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ خَاصَّهً .

وَالشَّیْخُ لَمْ یُقَیِّدْ بِالدَّفْعَهِ تَبَعًا لِلرِّوَایَهِ ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَحُمِلَتْ عَلَی إرَادَهِ أَوَّلِ حَمْلٍ هَذَا إنْ وَلَدَتْهُ حَیًّا ، وَإِلَّا عَتَقَ الثَّانِی لِأَنَّ الْمَیِّتَ لَا یَصْلُحُ لِلْعِتْقِ وَنَذْرُهُ صَحِیحًا یَدُلُّ عَلَی حَیَاتِهِ الْتِزَامًا .

وَقِیلَ : یَبْطُلُ لِفَوَاتِ مُتَعَلِّقِهِ ، وَلَوْ وَلَدَتْهُ حُرًّا ، أَوْ مُسْتَحِقًّا لِلْعِتْقِ لِعَارِضٍ فَوَجْهَانِ .

(وَکَذَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ مَا یَمْلِکُهُ

(وَکَذَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ مَا یَمْلِکُهُ فَمَلَکَ جَمَاعَهً )

دَفْعَهً وَاحِدَهً بِأَنْ قَبِلَ شِرَاءَهُمْ ، أَوْ تَمَلَّکَهُمْ فِی عَقْدٍ وَاحِدٍ ، أَوْ وَرِثَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ ( عَتَقُوا ) أَجْمَعَ ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْعُمُومِ .

( وَلَوْ قَالَ : أَوَّلُ مَمْلُوکٍ أَمْلِکُهُ فَمَلَکَ جَمَاعَهً عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَهِ ) ؛ لِأَنَّ مَمْلُوکًا نَکِرَهٌ وَاقِعَهٌ فِی الْإِثْبَاتِ فَلَا یَعُمُّ ، بَلْ یَصْدُقُ بِوَاحِدٍ فَلَا یَتَنَاوَلُ غَیْرَهُ ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، ( وَکَذَا لَوْ قَالَ : أَوَّلُ مَوْلُودٍ تَلِدُهُ ) فَلَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَیْنَ نَذْرِ مَا تَلِدُهُ ، وَیَمْلِکُهُ فِیهِمَا نَظَرًا إلَی مَدْلُولِ الصِّیغَهِ فِی الْعُمُومِ وَعَدَمِهِ ، وَمَنْ خَصَّ أَحَدَیْهِمَا بِإِحْدَی الْعِبَارَتَیْنِ وَالْأُخْرَی بِالْأُخْرَی فَقَدْ مَثَّلَ .

هَذَا غَایَهُ مَا بَیْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ ( وَفِیهِ بَحْثٌ ) لِأَنَّ مَا هُنَا تَحْتَمِلُ الْمَصْدَرِیَّهَ ، وَالنَّکِرَهُ الْمُثْبَتَهُ تَحْتَمِلُ الْجِنْسِیَّهَ فَیُلْحَقُ الْأَوَّلُ بِالثَّانِی ، وَالثَّانِی بِالْأَوَّلِ ، وَلَا شُبْهَهَ فِیهِ عِنْدَ قَصْدِهِ وَإِنَّمَا الشَّکُّ مَعَ إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ مُشْتَرَکٌ فَلَا یُخَصُّ بِأَحَدِ مَعَانِیهِ بِدُونِ الْقَرِینَهِ ، إلَّا أَنْ یُدَّعَی وُجُودُهَا فِیمَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْأَفْرَادِ ، وَغَیْرُ بَعِیدٍ ظُهُورُ الْفَرْدِ الْمُدَّعَی وَإِنْ احْتَمَلَ خِلَافَهُ .

وَهُوَ مُرَجَّحٌ ، مَعَ أَنَّ فِی دَلَالَهِ الْجِنْسِیَّهِ عَلَی تَقْدِیرِ إرَادَتِهَا أَوْ دَلَالَتِهَا عَلَی الْعُمُومِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلْقَلِیلِ وَالْکَثِیرِ .

ثُمَّ عَلَی تَقْدِیرِ التَّعَدُّدِ وَالْحَمْلِ عَلَی الْوَاحِدِ یُسْتَخْرَجُ الْمُعْتَقُ بِالْقُرْعَهِ کَمَا ذُکِرَ لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ قَالَ : أَوَّلُ مَمْلُوکٍ أَمْلِکُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَرِثَ سَبْعَهً جَمِیعًا قَالَ : " یُقْرِعُ بَیْنَهُمْ ، وَیَعْتِقُ الَّذِی قُرِعَ " ، وَالْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَیْهِ ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ .

وَقَدْ یُشْکِلُ ذَلِکَ فِی غَیْرِ مَوْرِدِ النَّصِّ بِأَنَّ الْقُرْعَهَ لِإِخْرَاجِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ مُشْتَبَهٌ ظَاهِرًا ، وَهُنَا الِاشْتِبَاهُ وَاقِعٌ مُطْلَقًا .

فَلَا تَتَوَجَّهُ الْقُرْعَهُ فِی غَیْرِ مَوْضِعِ النَّصِّ ، إلَّا أَنْ یُمْنَعَ تَخْصِیصُهَا بِمَا ذُکِرَ نَظَرًا إلَی عُمُومِ قَوْلِهِمْ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ : " إنَّهَا لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْتَبَهٍ " .

لَکِنَّ خُصُوصِیَّهَ هَذِهِ الْعِبَارَهِ لَمْ تَصِلْ إلَیْنَا مُسْتَنِدَهً عَلَی وَجْهٍ یُعْتَمَدُ وَإِنْ کَانَتْ مَشْهُورَهً .

وَقِیلَ : یَتَخَیَّرُ فِی تَعْیِینِ مَنْ شَاءَ ، لِرِوَایَهِ الْحَسَنِ الصَّیْقَلِ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْمَسْأَلَهِ بِعَیْنِهَا لَکِنَّ الرِّوَایَهَ ضَعِیفَهُ السَّنَدِ ، وَلَوْلَا ذَلِکَ لَکَانَ الْقَوْلُ بِالتَّخْیِیرِ .

وَحَمْلُ الْقُرْعَهِ عَلَی الِاسْتِحْبَابِ طَرِیقُ الْجَمْعِ بَیْنَ الْأَخْبَارِ ، وَالْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ اخْتَارَ التَّخْیِیرَ جَمْعًا مَعَ اعْتِرَافِهِ بِضَعْفِ الرِّوَایَهِ .

وَرُبَّمَا قِیلَ : بِبُطْلَانِ النَّذْرِ ، لِإِفَادَهِ الصِّیغَهِ وَحْدَهَ الْمُعْتَقِ وَلَمْ تُوجَدْ .

وَرُبَّمَا اُحْتُمِلَ عِتْقُ الْجَمِیعِ ، لِوُجُودِ الْأَوَّلِیَّهِ فِی کُلِّ وَاحِدٍ کَمَا لَوْ قَالَ : مَنْ سَبَقَ فَلَهُ کَذَا فَسَبَقَ جَمَاعَهٌ .

وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ .

(وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَمَتِهِ إنْ وَطِئَهَا فَأَخْرَجَهَا عَنْ مِلْکِهِ)

قَبْلَ الْوَطْءِ ( ثُمَّ أَعَادَهَا ) إلَی مِلْکِهِ ( لَمْ تَعُدْ الْیَمِینُ ) ، لِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ تَکُونُ لَهُ الْأَمَهُ فَیَقُولُ یَوْمَ یَأْتِیهَا فَهِیَ حُرَّهٌ ، ثُمَّ یَبِیعُهَا مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ یَشْتَرِیهَا بَعْدَ ذَلِکَ قَالَ : " لَا بَأْسَ بِأَنْ یَأْتِیَهَا فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْکِهِ " .

وَحُمِلَ مَا أَطْلَقَ فِیهَا مِنْ التَّعْلِیقِ عَلَی النَّذْرِ لِیُوَافِقَ الْأُصُولَ ، وَیَشْهَدُ لَهُ أَیْضًا تَعْلِیلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْإِتْیَانَ بِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْکِهِ ، وَلَوْ لَمْ یَکُنْ مَنْذُورًا لَمْ یَتَوَقَّفْ ذَلِکَ عَلَی الْخُرُوجِ کَمَا لَا یَخْفَی .

وَلَوْ عَمَّمَ النَّذْرَ بِمَا یَشْمَلُ الْمِلْکَ الْعَائِدَ فَلَا إشْکَالَ فِی بَقَاءِ الْحُکْمِ وَفِی تَعْدِیَتِهِ إلَی غَیْرِ الْوَطْءِ مِنْ الْأَفْعَالِ ، وَإِلَی غَیْرِ الْأَمَهِ وَجْهَانِ .

مِنْ کَوْنِهِ قِیَاسًا ، وَإِیمَاءِ النَّصِّ إلَی الْعِلَّهِ وَهِیَ مُشْتَرَکَهٌ .

وَالْمُتَّجَهُ التَّعَدِّی .

نَظَرًا إلَی الْعِلَّهِ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَی ذَلِکَ أَیْضًا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِی الْمَنْذُورِ الْمُعَلَّقِ عَلَی شَرْطٍ لَمْ یُوجَدْ وَهِیَ مَسْأَلَهٌ إشْکَالِیَّهٌ ، وَالْعَلَّامَهُ اخْتَارَ فِی التَّحْرِیرِ عِتْقَ الْعَبْدِ لَوْ نَذَرَ إنْ فَعَلَ کَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْفِعْلِ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ ، ثُمَّ فَعَلَ ، وَوَلَدُهُ اسْتَقْرَبَ عَدَمَ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِی الْمَنْذُورِ الْمُعَلَّقِ عَلَی الشَّرْطِ قَبْلَ حُصُولِهِ ، وَهَذَا الْخَبَرُ حُجَّهٌ عَلَیْهِمَا .

(وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ کُلِّ مَمْلُوکٍ قَدِیمٍ انْصَرَفَ )النَّذْرُ

( إلَی مَنْ مَضَی عَلَیْهِ فِی مِلْکِهِ سِتَّهُ أَشْهُرٍ ) فَصَاعِدًا عَلَی الْمَشْهُورِ وَرُبَّمَا قِیلَ : إنَّهُ إجْمَاعٌ ، وَمُسْتَنَدُهُ رِوَایَهٌ ضَعِیفَهُ السَّنَدِ ، وَاعْتِمَادُهُمْ الْآنَ عَلَی الْإِجْمَاعِ ، وَاخْتَلَفُوا فِی تَعَدِّیهِ إلَی نَذْرِ الصَّدَقَهِ بِالْمَالِ الْقَدِیمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَیْثُ إنَّ الْقَدِیمَ قَدْ صَارَ حَقِیقَهً شَرْعِیَّهً فِی ذَلِکَ فَیَتَعَدَّی ، وَیُؤَیِّدُهُ تَعْلِیلُهُ فِی الرِّوَایَهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَی : { حَتَّی عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ } فَإِنَّهُ یَقْتَضِی ثُبُوتَ الْقِدَمِ بِالْمُدَّهِ الْمَذْکُورَهِ مُطْلَقًا وَمِنْ مُعَارَضَهِ اللُّغَهِ وَالْعُرْفِ ، وَمَنْعِ تَحَقُّقِهِ شَرْعًا ، لِضَعْفِ الْمُسْتَنَدِ .

وَالْإِجْمَاعُ إنْ ثَبَتَ اخْتَصَّ بِمَوْرِدِهِ وَالْأَقْوَی الرُّجُوعُ فِی غَیْرِ الْمَنْصُوصِ إلَی الْعُرْفِ .

وَفِیهِ لَوْ قَصُرَ الْکُلُّ عَنْ سِتَّهٍ فَفِی عِتْقِ أَوَّلِهِمْ تَمَلُّکًا اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ ، أَوْ بُطْلَانِ النَّذْرِ وَجْهَانِ وَعَلَی الْأَوَّلِ لَوْ اتَّفَقَ مِلْکُ الْجَمِیعِ دَفْعَهً فَفِی انْعِتَاقِ الْجَمِیعِ ، أَوْ الْبُطْلَانِ لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْوَجْهَانِ .

وَالْأَقْوَی الْبُطْلَانُ فِیهِمَا ، لِدَلَالَهِ اللُّغَهِ وَالْعُرْفِ عَلَی خِلَافِهِ وَفَقْدِ النَّصِّ .

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَهِ کَوْنُ مَوْضِعِ الْوِفَاقِ نَذَرَ عِتْقَ الْمَمْلُوکِ ، سَوَاءٌ فِیهِ الذَّکَرُ وَالْأُنْثَی وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُکْمِ عُبِّرَ فِیهِ بِالْمَمْلُوکِ ، وَالْعَلَّامَهُ جَعَلَ مَوْرِدَهُ الْعَبْدَ ، وَاسْتَشْکَلَ الْحُکْمَ فِی الْأَمَهِ کَغَیْرِهَا مِنْ الْمَالِ ، وَاعْتَذَرَ لَهُ وَلَدُهُ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْإِجْمَاعِ الْعَبْدُ وَإِنْ کَانَ النَّصُّ أَعَمَّ ، لِضَعْفِهِ وَإِثْبَاتُ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ فِی ذَلِکَ لَوْ تَمَّ لَا یَخْلُو مِنْ عُسْرٍ .

(وَلَوْ اشْتَرَی أَمَهً نَسِیئَهً وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا )

کَمَا هُوَ مَوْرِدُ الرِّوَایَهِ ، ( أَوْ تَزَوَّجَهَا ) بَعْدَ الْعِتْقِ ( بِمَهْرٍ ) ، أَوْ مُفَوَّضَهٍ لِاشْتِرَاکِ الْجَمِیعِ فِی الْوَجْهِ ( ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ یُخَلِّفْ شَیْئًا ) لِیُوَفِّیَ مِنْهُ ثَمَنُهَا ( نَفَذَ الْعِتْقُ ) ، لِوُقُوعِهِ مِنْ أَصْلِهِ صَحِیحًا ( وَلَا تَعُودُ رِقًّا ) لِأَنَّ الْحُرَّ لَا یَطْرَأُ عَلَیْهِ الرِّقِّیَّهُ فِی غَیْرِ الْکَافِرِ ، ( وَلَا ) یَعُودُ ( وَلَدُهَا ) مِنْهُ رِقًّا أَیْضًا ، لِانْعِقَادِهِ حُرًّا کَمَا ذُکِرَ .

( عَلَی مَا تَقْتَضِیه الْأُصُولُ ) الشَّرْعِیَّهُ ، فَإِنَّ الْعِتْقَ وَالنِّکَاحَ صَادَفَا مِلْکًا صَحِیحًا ، وَالْوَلَدُ انْعَقَدَ حُرًّا ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ ذَلِکَ ( وَفِی رِوَایَهِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الصَّحِیحَهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : رِقُّهَا وَرِقُّ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا الْأَوَّلِ ) الَّذِی بَاعَهَا وَلَمْ یَقْبِضْ ثَمَنَهَا وَلَفْظُ الرِّوَایَهِ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ : سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ جَارِیَهً بِکْرًا إلَی سَنَهٍ فَلَمَّا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِی أَعْتَقَهَا مِنْ الْغَدِ وَتَزَوَّجَهَا ، وَجَعَلَ مَهْرَهَا عِتْقَهَا ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِکَ بِشَهْرٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " إنْ کَانَ لِلَّذِی اشْتَرَاهَا إلَی سَنَهٍ مَالٌ ، أَوْ عُقْدَهٌ تُحِیطُ بِقَضَاءِ مَا عَلَیْهِ مِنْ الدَّیْنِ فِی رَقَبَتِهَا فَإِنَّ عِتْقَهُ وَنِکَاحَهُ جَائِزَانِ ، وَإِنْ لَمْ یَمْلِکْ مَالًا ، أَوْ عُقْدَهً تُحِیطُ بِقَضَاءِ مَا عَلَیْهِ مِنْ الدَّیْنِ فِی رَقَبَتِهَا فَإِنَّ عِتْقَهُ وَنِکَاحَهُ بَاطِلَانِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا یَمْلِکُ ، وَأَرَی أَنَّهَا رِقٌّ لِمَوْلَاهَا الْأَوَّلِ ، قِیلَ لَهُ : فَإِنْ کَانَتْ قَدْ عَلِقَتْ مِنْ الَّذِی أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَا حَالُ الَّذِی فِی بَطْنِهَا ؟ فَقَالَ : " الَّذِی فِی بَطْنِهَا مَعَ أُمِّهِ کَهَیْئَتِهَا " .

وَهَذِهِ الرِّوَایَهُ مُنَافِیَهٌ لِلْأُصُولِ بِظَاهِرِهَا ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَی أَنَّ الْمُعْسِرَ یَمْلِکُ مَا اشْتَرَاهُ فِی الذِّمَّهِ ، وَیَصِحُّ عِتْقُهُ ، وَیَصِیرُ وَلَدُهُ حُرًّا ، فَالْحُکْمُ بِکَوْنِ عِتْقِهِ وَنِکَاحِهِ بَاطِلَیْنِ ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا یَمْلِکُ ، لَا یُطَابِقُ الْأُصُولَ ، وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ مَتَی قَصُرَ مَالُهُ عَنْ مَجْمُوعِ ثَمَنِهَا یَکُونُ الْحُکْمُ کَذَلِکَ وَإِنْ قَلَّ .

لَکِنْ عَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ ، لِصِحَّتِهَا ، وَجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ هَذَا الْحُکْمِ مِنْ جَمِیعِ الْأُصُولِ لِعِلَّهٍ غَیْرِ مَعْقُولَهٍ .

وَعَلَی هَذَا لَا فَرْقَ بَیْنَ مَنْ جَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا ، وَغَیْرَهَا کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : أَوْ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ .

وَلَا یَتَقَیَّدُ الْأَجَلُ بِالسَّنَهِ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الْبِکْرِ وَالثَّیِّبِ ، مَعَ احْتِمَالِ اخْتِصَاصِ الْحُکْمِ بِمَا قُیِّدَ فِی الرِّوَایَهِ ، وَلَوْ کَانَ بَدَلُهَا عَبْدًا قَدْ اشْتَرَاهُ نَسِیئَهً وَأَعْتَقَهُ فَفِی إلْحَاقِهِ بِهَا وَجْهٌ ، لِاتِّحَادِ الطَّرِیقِ .

وَکَذَا فِی تَعَدِّی الْحُکْمِ إلَی الشِّرَاءِ نَقْدًا ، أَوْ بَعْضِهِ وَلَمْ یَدْفَعْ الْمَالَ ، وَمَضْمُونُ الرِّوَایَهِ مَوْتُهُ قَبْلَ الْوِلَادَهِ ، فَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَلَی مَوْتِهِ فَأَقْوَی إشْکَالًا فِی عَوْدِهِ رِقًّا ، لِلْحُکْمِ بِحُرِّیَّتِهِ مِنْ حِینِ وِلَادَتِهِ ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ ، لِإِمْکَانِ تَوَهُّمِ کَوْنِ الْحُکْمِ لِتَبَعِیَّهِ الْحَمْلِ لِلْحَامِلِ وَمَنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الرِّوَایَهِ - وَهُمْ الْأَکْثَرِیَّهُ - اخْتَلَفُوا فِی تَنْزِیلِهَا فَحَمَلَهَا الْعَلَّامَهُ عَلَی کَوْنِ الْمُشْتَرِی مَرِیضًا وَصَادَفَ عِتْقُهُ وَنِکَاحُهُ وَشِرَاؤُهُ مَرَضَ الْوَفَاهِ فَیَکُونُ الْحُکْمُ مَا ذُکِرَ فِیهَا لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ یَکُونُ الْعِتْقُ مُرَاعًی فَإِذَا مَاتَ مُعْسِرًا کَذَلِکَ ظَهَرَ بُطْلَانُهُ .

وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَتِمُّ فِی الْوَلَدِ ، لِانْعِقَادِهِ حَالَ الْحُکْمِ بِحُرِّیَّهِ أُمِّهِ وَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ لَا یَصِیرُ رِقًّا ، وَهُوَ لَا یَقْصُرُ عَنْ مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ وَطْءِ أَمَهِ الْغَیْرِ بِشُبْهَهٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ مَعَ جَهْلِهِ .

وَحَمَلَهَا آخَرُونَ عَلَی فَسَادِ الْبَیْعِ ، وَیُنَافِیه قَوْلُهُ فِی الرِّوَایَهِ إنْ کَانَ لَهُ مَالٌ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ ، وَحُمِلَتْ عَلَی أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِکَ مَضَارَّهً وَالْعِتْقُ یُشْتَرَطُ فِیهِ الْقُرْبَهُ وَهَذَا الْحَمْلُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّیْخِ طُومَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْعَامِلِیِّ الْمَنَارِیِّ ، وَرَدَّهُ بِأَنَّهُ لَا یَتِمُّ أَیْضًا فِی الْوَلَدِ ، وَرَدَّهَا ابْنُ إدْرِیسَ لِذَلِکَ مُطْلَقًا .

وَهُوَ الْأَنْسَبُ .

(وَعِتْقُ الْحَامِلِ لَا یَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ )

کَمَا لَا یَتَنَاوَلُهُ الْبَیْعُ وَغَیْرُهُ ، لِلْمُغَایَرَهِ ، فَلَا یَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِی مَفْهُومِ الْآخَرِ ، سَوَاءٌ اسْتَثْنَاهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا ( إلَّا عَلَی رِوَایَهِ ) السَّکُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ أَعْتَقَ أَمَهً وَهِیَ حُبْلَی فَاسْتَثْنَی مَا فِی بَطْنِهَا قَالَ : " الْأَمَهُ حُرَّهٌ وَمَا فِی بَطْنِهَا حُرٌّ لِأَنَّ مَا فِی بَطْنِهَا مِنْهَا " وَعَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ ، وَضَعْفُ سَنَدِهَا یَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا ، مَعَ أَنَّهَا ظَاهِرَهٌ فِی التَّقِیَّهِ .

(وَکَذَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ مَا یَمْلِکُهُ

(وَکَذَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَوَّلِ مَا یَمْلِکُهُ فَمَلَکَ جَمَاعَهً )

دَفْعَهً وَاحِدَهً بِأَنْ قَبِلَ شِرَاءَهُمْ ، أَوْ تَمَلَّکَهُمْ فِی عَقْدٍ وَاحِدٍ ، أَوْ وَرِثَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ ( عَتَقُوا ) أَجْمَعَ ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْعُمُومِ .

( وَلَوْ قَالَ : أَوَّلُ مَمْلُوکٍ أَمْلِکُهُ فَمَلَکَ جَمَاعَهً عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَهِ ) ؛ لِأَنَّ مَمْلُوکًا نَکِرَهٌ وَاقِعَهٌ فِی الْإِثْبَاتِ فَلَا یَعُمُّ ، بَلْ یَصْدُقُ بِوَاحِدٍ فَلَا یَتَنَاوَلُ غَیْرَهُ ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، ( وَکَذَا لَوْ قَالَ : أَوَّلُ مَوْلُودٍ تَلِدُهُ ) فَلَا فَرْقَ حِینَئِذٍ بَیْنَ نَذْرِ مَا تَلِدُهُ ، وَیَمْلِکُهُ فِیهِمَا نَظَرًا إلَی مَدْلُولِ الصِّیغَهِ فِی الْعُمُومِ وَعَدَمِهِ ، وَمَنْ خَصَّ أَحَدَیْهِمَا بِإِحْدَی الْعِبَارَتَیْنِ وَالْأُخْرَی بِالْأُخْرَی فَقَدْ مَثَّلَ .

هَذَا غَایَهُ مَا بَیْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ ( وَفِیهِ بَحْثٌ ) لِأَنَّ مَا هُنَا تَحْتَمِلُ الْمَصْدَرِیَّهَ ، وَالنَّکِرَهُ الْمُثْبَتَهُ تَحْتَمِلُ الْجِنْسِیَّهَ فَیُلْحَقُ الْأَوَّلُ بِالثَّانِی ، وَالثَّانِی بِالْأَوَّلِ ، وَلَا شُبْهَهَ فِیهِ عِنْدَ قَصْدِهِ وَإِنَّمَا الشَّکُّ مَعَ إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ مُشْتَرَکٌ فَلَا یُخَصُّ بِأَحَدِ مَعَانِیهِ بِدُونِ الْقَرِینَهِ ، إلَّا أَنْ یُدَّعَی وُجُودُهَا فِیمَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْأَفْرَادِ ، وَغَیْرُ بَعِیدٍ ظُهُورُ الْفَرْدِ الْمُدَّعَی وَإِنْ احْتَمَلَ خِلَافَهُ .

وَهُوَ مُرَجَّحٌ ، مَعَ أَنَّ فِی دَلَالَهِ الْجِنْسِیَّهِ عَلَی تَقْدِیرِ إرَادَتِهَا أَوْ دَلَالَتِهَا عَلَی الْعُمُومِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلْقَلِیلِ وَالْکَثِیرِ .

ثُمَّ عَلَی تَقْدِیرِ التَّعَدُّدِ وَالْحَمْلِ عَلَی الْوَاحِدِ یُسْتَخْرَجُ الْمُعْتَقُ بِالْقُرْعَهِ کَمَا ذُکِرَ لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ قَالَ : أَوَّلُ مَمْلُوکٍ أَمْلِکُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَرِثَ سَبْعَهً جَمِیعًا قَالَ : " یُقْرِعُ بَیْنَهُمْ ، وَیَعْتِقُ الَّذِی قُرِعَ " ، وَالْآخَرُ مَحْمُولٌ عَلَیْهِ ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ .

وَقَدْ یُشْکِلُ ذَلِکَ فِی غَیْرِ مَوْرِدِ النَّصِّ بِأَنَّ الْقُرْعَهَ لِإِخْرَاجِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ مُشْتَبَهٌ ظَاهِرًا ، وَهُنَا الِاشْتِبَاهُ وَاقِعٌ مُطْلَقًا .

فَلَا تَتَوَجَّهُ الْقُرْعَهُ فِی غَیْرِ مَوْضِعِ النَّصِّ ، إلَّا أَنْ یُمْنَعَ تَخْصِیصُهَا بِمَا ذُکِرَ نَظَرًا إلَی عُمُومِ قَوْلِهِمْ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ : " إنَّهَا لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْتَبَهٍ " .

لَکِنَّ خُصُوصِیَّهَ هَذِهِ الْعِبَارَهِ لَمْ تَصِلْ إلَیْنَا مُسْتَنِدَهً عَلَی وَجْهٍ یُعْتَمَدُ وَإِنْ کَانَتْ مَشْهُورَهً .

وَقِیلَ : یَتَخَیَّرُ فِی تَعْیِینِ مَنْ شَاءَ ، لِرِوَایَهِ الْحَسَنِ الصَّیْقَلِ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْمَسْأَلَهِ بِعَیْنِهَا لَکِنَّ الرِّوَایَهَ ضَعِیفَهُ السَّنَدِ ، وَلَوْلَا ذَلِکَ لَکَانَ الْقَوْلُ بِالتَّخْیِیرِ .

وَحَمْلُ الْقُرْعَهِ عَلَی الِاسْتِحْبَابِ طَرِیقُ الْجَمْعِ بَیْنَ الْأَخْبَارِ ، وَالْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ اخْتَارَ التَّخْیِیرَ جَمْعًا مَعَ اعْتِرَافِهِ بِضَعْفِ الرِّوَایَهِ .

وَرُبَّمَا قِیلَ : بِبُطْلَانِ النَّذْرِ ، لِإِفَادَهِ الصِّیغَهِ وَحْدَهَ الْمُعْتَقِ وَلَمْ تُوجَدْ .

وَرُبَّمَا اُحْتُمِلَ عِتْقُ الْجَمِیعِ ، لِوُجُودِ الْأَوَّلِیَّهِ فِی کُلِّ وَاحِدٍ کَمَا لَوْ قَالَ : مَنْ سَبَقَ فَلَهُ کَذَا فَسَبَقَ جَمَاعَهٌ .

وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ .

(وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ أَمَتِهِ إنْ وَطِئَهَا فَأَخْرَجَهَا عَنْ مِلْکِهِ)

قَبْلَ الْوَطْءِ ( ثُمَّ أَعَادَهَا ) إلَی مِلْکِهِ ( لَمْ تَعُدْ الْیَمِینُ ) ، لِصَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ تَکُونُ لَهُ الْأَمَهُ فَیَقُولُ یَوْمَ یَأْتِیهَا فَهِیَ حُرَّهٌ ، ثُمَّ یَبِیعُهَا مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ یَشْتَرِیهَا بَعْدَ ذَلِکَ قَالَ : " لَا بَأْسَ بِأَنْ یَأْتِیَهَا فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْکِهِ " .

وَحُمِلَ مَا أَطْلَقَ فِیهَا مِنْ التَّعْلِیقِ عَلَی النَّذْرِ لِیُوَافِقَ الْأُصُولَ ، وَیَشْهَدُ لَهُ أَیْضًا تَعْلِیلُهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ الْإِتْیَانَ بِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْکِهِ ، وَلَوْ لَمْ یَکُنْ مَنْذُورًا لَمْ یَتَوَقَّفْ ذَلِکَ عَلَی الْخُرُوجِ کَمَا لَا یَخْفَی .

وَلَوْ عَمَّمَ النَّذْرَ بِمَا یَشْمَلُ الْمِلْکَ الْعَائِدَ فَلَا إشْکَالَ فِی بَقَاءِ الْحُکْمِ وَفِی تَعْدِیَتِهِ إلَی غَیْرِ الْوَطْءِ مِنْ الْأَفْعَالِ ، وَإِلَی غَیْرِ الْأَمَهِ وَجْهَانِ .

مِنْ کَوْنِهِ قِیَاسًا ، وَإِیمَاءِ النَّصِّ إلَی الْعِلَّهِ وَهِیَ مُشْتَرَکَهٌ .

وَالْمُتَّجَهُ التَّعَدِّی .

نَظَرًا إلَی الْعِلَّهِ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَی ذَلِکَ أَیْضًا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِی الْمَنْذُورِ الْمُعَلَّقِ عَلَی شَرْطٍ لَمْ یُوجَدْ وَهِیَ مَسْأَلَهٌ إشْکَالِیَّهٌ ، وَالْعَلَّامَهُ اخْتَارَ فِی التَّحْرِیرِ عِتْقَ الْعَبْدِ لَوْ نَذَرَ إنْ فَعَلَ کَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ قَبْلَ الْفِعْلِ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ ، ثُمَّ فَعَلَ ، وَوَلَدُهُ اسْتَقْرَبَ عَدَمَ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِی الْمَنْذُورِ الْمُعَلَّقِ عَلَی الشَّرْطِ قَبْلَ حُصُولِهِ ، وَهَذَا الْخَبَرُ حُجَّهٌ عَلَیْهِمَا .

(وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ کُلِّ مَمْلُوکٍ قَدِیمٍ انْصَرَفَ )النَّذْرُ

( إلَی مَنْ مَضَی عَلَیْهِ فِی مِلْکِهِ سِتَّهُ أَشْهُرٍ ) فَصَاعِدًا عَلَی الْمَشْهُورِ وَرُبَّمَا قِیلَ : إنَّهُ إجْمَاعٌ ، وَمُسْتَنَدُهُ رِوَایَهٌ ضَعِیفَهُ السَّنَدِ ، وَاعْتِمَادُهُمْ الْآنَ عَلَی الْإِجْمَاعِ ، وَاخْتَلَفُوا فِی تَعَدِّیهِ إلَی نَذْرِ الصَّدَقَهِ بِالْمَالِ الْقَدِیمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَیْثُ إنَّ الْقَدِیمَ قَدْ صَارَ حَقِیقَهً شَرْعِیَّهً فِی ذَلِکَ فَیَتَعَدَّی ، وَیُؤَیِّدُهُ تَعْلِیلُهُ فِی الرِّوَایَهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَی : { حَتَّی عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ } فَإِنَّهُ یَقْتَضِی ثُبُوتَ الْقِدَمِ بِالْمُدَّهِ الْمَذْکُورَهِ مُطْلَقًا وَمِنْ مُعَارَضَهِ اللُّغَهِ وَالْعُرْفِ ، وَمَنْعِ تَحَقُّقِهِ شَرْعًا ، لِضَعْفِ الْمُسْتَنَدِ .

وَالْإِجْمَاعُ إنْ ثَبَتَ اخْتَصَّ بِمَوْرِدِهِ وَالْأَقْوَی الرُّجُوعُ فِی غَیْرِ الْمَنْصُوصِ إلَی الْعُرْفِ .

وَفِیهِ لَوْ قَصُرَ الْکُلُّ عَنْ سِتَّهٍ فَفِی عِتْقِ أَوَّلِهِمْ تَمَلُّکًا اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ ، أَوْ بُطْلَانِ النَّذْرِ وَجْهَانِ وَعَلَی الْأَوَّلِ لَوْ اتَّفَقَ مِلْکُ الْجَمِیعِ دَفْعَهً فَفِی انْعِتَاقِ الْجَمِیعِ ، أَوْ الْبُطْلَانِ لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْوَجْهَانِ .

وَالْأَقْوَی الْبُطْلَانُ فِیهِمَا ، لِدَلَالَهِ اللُّغَهِ وَالْعُرْفِ عَلَی خِلَافِهِ وَفَقْدِ النَّصِّ .

وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَهِ کَوْنُ مَوْضِعِ الْوِفَاقِ نَذَرَ عِتْقَ الْمَمْلُوکِ ، سَوَاءٌ فِیهِ الذَّکَرُ وَالْأُنْثَی وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُکْمِ عُبِّرَ فِیهِ بِالْمَمْلُوکِ ، وَالْعَلَّامَهُ جَعَلَ مَوْرِدَهُ الْعَبْدَ ، وَاسْتَشْکَلَ الْحُکْمَ فِی الْأَمَهِ کَغَیْرِهَا مِنْ الْمَالِ ، وَاعْتَذَرَ لَهُ وَلَدُهُ بِأَنَّ مَوْرِدَ الْإِجْمَاعِ الْعَبْدُ وَإِنْ کَانَ النَّصُّ أَعَمَّ ، لِضَعْفِهِ وَإِثْبَاتُ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ فِی ذَلِکَ لَوْ تَمَّ لَا یَخْلُو مِنْ عُسْرٍ .

(وَلَوْ اشْتَرَی أَمَهً نَسِیئَهً وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا )

کَمَا هُوَ مَوْرِدُ الرِّوَایَهِ ، ( أَوْ تَزَوَّجَهَا ) بَعْدَ الْعِتْقِ ( بِمَهْرٍ ) ، أَوْ مُفَوَّضَهٍ لِاشْتِرَاکِ الْجَمِیعِ فِی الْوَجْهِ ( ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ یُخَلِّفْ شَیْئًا ) لِیُوَفِّیَ مِنْهُ ثَمَنُهَا ( نَفَذَ الْعِتْقُ ) ، لِوُقُوعِهِ مِنْ أَصْلِهِ صَحِیحًا ( وَلَا تَعُودُ رِقًّا ) لِأَنَّ الْحُرَّ لَا یَطْرَأُ عَلَیْهِ الرِّقِّیَّهُ فِی غَیْرِ الْکَافِرِ ، ( وَلَا ) یَعُودُ ( وَلَدُهَا ) مِنْهُ رِقًّا أَیْضًا ، لِانْعِقَادِهِ حُرًّا کَمَا ذُکِرَ .

( عَلَی مَا تَقْتَضِیه الْأُصُولُ ) الشَّرْعِیَّهُ ، فَإِنَّ الْعِتْقَ وَالنِّکَاحَ صَادَفَا مِلْکًا صَحِیحًا ، وَالْوَلَدُ انْعَقَدَ حُرًّا ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ ذَلِکَ ( وَفِی رِوَایَهِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الصَّحِیحَهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : رِقُّهَا وَرِقُّ وَلَدِهَا لِمَوْلَاهَا الْأَوَّلِ ) الَّذِی بَاعَهَا وَلَمْ یَقْبِضْ ثَمَنَهَا وَلَفْظُ الرِّوَایَهِ قَالَ أَبُو بَصِیرٍ : سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ جَارِیَهً بِکْرًا إلَی سَنَهٍ فَلَمَّا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِی أَعْتَقَهَا مِنْ الْغَدِ وَتَزَوَّجَهَا ، وَجَعَلَ مَهْرَهَا عِتْقَهَا ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِکَ بِشَهْرٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " إنْ کَانَ لِلَّذِی اشْتَرَاهَا إلَی سَنَهٍ مَالٌ ، أَوْ عُقْدَهٌ تُحِیطُ بِقَضَاءِ مَا عَلَیْهِ مِنْ الدَّیْنِ فِی رَقَبَتِهَا فَإِنَّ عِتْقَهُ وَنِکَاحَهُ جَائِزَانِ ، وَإِنْ لَمْ یَمْلِکْ مَالًا ، أَوْ عُقْدَهً تُحِیطُ بِقَضَاءِ مَا عَلَیْهِ مِنْ الدَّیْنِ فِی رَقَبَتِهَا فَإِنَّ عِتْقَهُ وَنِکَاحَهُ بَاطِلَانِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا یَمْلِکُ ، وَأَرَی أَنَّهَا رِقٌّ لِمَوْلَاهَا الْأَوَّلِ ، قِیلَ لَهُ : فَإِنْ کَانَتْ قَدْ عَلِقَتْ مِنْ الَّذِی أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا مَا حَالُ الَّذِی فِی بَطْنِهَا ؟ فَقَالَ : " الَّذِی فِی بَطْنِهَا مَعَ أُمِّهِ کَهَیْئَتِهَا " .

وَهَذِهِ الرِّوَایَهُ مُنَافِیَهٌ لِلْأُصُولِ بِظَاهِرِهَا ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَی أَنَّ الْمُعْسِرَ یَمْلِکُ مَا اشْتَرَاهُ فِی الذِّمَّهِ ، وَیَصِحُّ عِتْقُهُ ، وَیَصِیرُ وَلَدُهُ حُرًّا ، فَالْحُکْمُ بِکَوْنِ عِتْقِهِ وَنِکَاحِهِ بَاطِلَیْنِ ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا یَمْلِکُ ، لَا یُطَابِقُ الْأُصُولَ ، وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ مَتَی قَصُرَ مَالُهُ عَنْ مَجْمُوعِ ثَمَنِهَا یَکُونُ الْحُکْمُ کَذَلِکَ وَإِنْ قَلَّ .

لَکِنْ عَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ ، لِصِحَّتِهَا ، وَجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ هَذَا الْحُکْمِ مِنْ جَمِیعِ الْأُصُولِ لِعِلَّهٍ غَیْرِ مَعْقُولَهٍ .

وَعَلَی هَذَا لَا فَرْقَ بَیْنَ مَنْ جَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا ، وَغَیْرَهَا کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : أَوْ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ .

وَلَا یَتَقَیَّدُ الْأَجَلُ بِالسَّنَهِ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الْبِکْرِ وَالثَّیِّبِ ، مَعَ احْتِمَالِ اخْتِصَاصِ الْحُکْمِ بِمَا قُیِّدَ فِی الرِّوَایَهِ ، وَلَوْ کَانَ بَدَلُهَا عَبْدًا قَدْ اشْتَرَاهُ نَسِیئَهً وَأَعْتَقَهُ فَفِی إلْحَاقِهِ بِهَا وَجْهٌ ، لِاتِّحَادِ الطَّرِیقِ .

وَکَذَا فِی تَعَدِّی الْحُکْمِ إلَی الشِّرَاءِ نَقْدًا ، أَوْ بَعْضِهِ وَلَمْ یَدْفَعْ الْمَالَ ، وَمَضْمُونُ الرِّوَایَهِ مَوْتُهُ قَبْلَ الْوِلَادَهِ ، فَلَوْ تَقَدَّمَتْ عَلَی مَوْتِهِ فَأَقْوَی إشْکَالًا فِی عَوْدِهِ رِقًّا ، لِلْحُکْمِ بِحُرِّیَّتِهِ مِنْ حِینِ وِلَادَتِهِ ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ ، لِإِمْکَانِ تَوَهُّمِ کَوْنِ الْحُکْمِ لِتَبَعِیَّهِ الْحَمْلِ لِلْحَامِلِ وَمَنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الرِّوَایَهِ - وَهُمْ الْأَکْثَرِیَّهُ - اخْتَلَفُوا فِی تَنْزِیلِهَا فَحَمَلَهَا الْعَلَّامَهُ عَلَی کَوْنِ الْمُشْتَرِی مَرِیضًا وَصَادَفَ عِتْقُهُ وَنِکَاحُهُ وَشِرَاؤُهُ مَرَضَ الْوَفَاهِ فَیَکُونُ الْحُکْمُ مَا ذُکِرَ فِیهَا لِأَنَّهُ حِینَئِذٍ یَکُونُ الْعِتْقُ مُرَاعًی فَإِذَا مَاتَ مُعْسِرًا کَذَلِکَ ظَهَرَ بُطْلَانُهُ .

وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَتِمُّ فِی الْوَلَدِ ، لِانْعِقَادِهِ حَالَ الْحُکْمِ بِحُرِّیَّهِ أُمِّهِ وَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ لَا یَصِیرُ رِقًّا ، وَهُوَ لَا یَقْصُرُ عَنْ مَنْ تَوَلَّدَ مِنْ وَطْءِ أَمَهِ الْغَیْرِ بِشُبْهَهٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ مَعَ جَهْلِهِ .

وَحَمَلَهَا آخَرُونَ عَلَی فَسَادِ الْبَیْعِ ، وَیُنَافِیه قَوْلُهُ فِی الرِّوَایَهِ إنْ کَانَ لَهُ مَالٌ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ ، وَحُمِلَتْ عَلَی أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِکَ مَضَارَّهً وَالْعِتْقُ یُشْتَرَطُ فِیهِ الْقُرْبَهُ وَهَذَا الْحَمْلُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّیْخِ طُومَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْعَامِلِیِّ الْمَنَارِیِّ ، وَرَدَّهُ بِأَنَّهُ لَا یَتِمُّ أَیْضًا فِی الْوَلَدِ ، وَرَدَّهَا ابْنُ إدْرِیسَ لِذَلِکَ مُطْلَقًا .

وَهُوَ الْأَنْسَبُ .

(وَعِتْقُ الْحَامِلِ لَا یَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ )

کَمَا لَا یَتَنَاوَلُهُ الْبَیْعُ وَغَیْرُهُ ، لِلْمُغَایَرَهِ ، فَلَا یَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِی مَفْهُومِ الْآخَرِ ، سَوَاءٌ اسْتَثْنَاهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا ( إلَّا عَلَی رِوَایَهِ ) السَّکُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ أَعْتَقَ أَمَهً وَهِیَ حُبْلَی فَاسْتَثْنَی مَا فِی بَطْنِهَا قَالَ : " الْأَمَهُ حُرَّهٌ وَمَا فِی بَطْنِهَا حُرٌّ لِأَنَّ مَا فِی بَطْنِهَا مِنْهَا " وَعَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ ، وَضَعْفُ سَنَدِهَا یَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِهَا ، مَعَ أَنَّهَا ظَاهِرَهٌ فِی التَّقِیَّهِ .

(41) کتاب التدبیر والمکاتبه والاستیلادوَالنَّظَرُ

(41) کتاب التدبیر والمکاتبه والاستیلادوَالنَّظَرُ فِی أُمُورٍ ثَلَاثَهٍ

(الْأَوَّلُ التَّدْبِیرُ تَعْلِیقُ عِتْقِ عَبْدِهِ )

أَوْ أَمَتِهِ ( بِوَفَاتِهِ ) تَفْعِیلٌ مِنْ الدُّبْرِ فَإِنَّ الْوَفَاهَ دُبْرُ الْحَیَاهِ ( أَوْ تَعْلِیقُهُ عَلَی وَفَاهِ زَوْجِ الْمَمْلُوکَهِ ) الَّتِی دَبَّرَهَا فَعَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَی وَفَاهِ زَوْجِهَا ( أَوْ عَلَی وَفَاهِ مَخْدُومِ الْعَبْدِ ) ، أَوْ الْأَمَهِ أَیْضًا لِجَوَازِ إعَارَتِهَا لِلْخِدْمَهِ ، بَلْ هِیَ الْمَنْصُوصَهُ کَمَا سَیَأْتِی .

وَصِحَّتُهُ فِی الْأَوَّلِ إجْمَاعِیٌّ ، وَفِی الْأَخِیرَیْنِ ( عَلَی قَوْلٍ مَشْهُورٍ ) لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا قَبِلَ التَّأْخِیرَ کَقَبُولِهِ لِلتَّنْجِیزِ ، وَلَا تَفَاوُتَ بَیْنَ الْأَشْخَاصِ جَازَ تَعْلِیقُهُ بِوَفَاهِ غَیْرِ الْمَالِکِ مِمَّنْ لَهُ مُلَابَسَهٌ کَزَوْجِیَّهٍ ، وَخِدْمَهٍ ، وَلِلْأَصْلِ ، وَلِصَحِیحَهِ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ أَنَّهُ سَأَلَ الصَّادِقَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ الرَّجُلِ یَکُونُ لَهُ الْخَادِمُ فَیَقُولُ : هِیَ لِفُلَانٍ تَخْدِمُهُ مَا عَاشَ فَإِذَا مَاتَ فَهِیَ حُرَّهٌ فَتَأْبَقُ الْأَمَهُ قَبْلَ أَنْ یَمُوتَ الرَّجُلُ بِخَمْسِ سِنِینَ ، أَوْ سِتِّ سِنِینَ ثُمَّ یَجِدُهَا وَرَثَتُهُ أَلَهُمْ أَنْ یَسْتَخْدِمُوهَا بَعْدَ مَا أَبَقَتْ ؟ فَقَالَ : " لَا ، إذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدْ عَتَقَتْ " .

وَحُمِلَتْ عَلَیْهِ الزَّوْجِیَّهُ ، لِشِدَّهِ الْمُشَابَهَهِ .

وَلَا یَتَعَدَّی إلَی غَیْرِهِمَا لِبُعْدِهِ عَنْ النَّصِّ وَرُبَّمَا قِیلَ بِالتَّعَدِّی مُطْلَقًا مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ الْمُلَابَسَهِ ، لِمَفْهُومِ الدَّلِیلِ الْأَوَّلِ .

وَفِی مُقَابَلَهِ الْمَشْهُورِ قَوْلُ ابْنِ إدْرِیسَ بِاخْتِصَاصِهِ بِوَفَاهِ الْمَوْلَی ، عَمَلًا بِالْمُتَیَقَّنِ ، وَدَعْوَی أَنَّهُ شَرْعًا کَذَلِکَ ، وَلِبُطْلَانِهِ بِالْإِبَاقِ ، وَالرِّوَایَهُ تَضَمَّنَتْ خِلَافَهُ وَالنَّصُّ الصَّحِیحُ یَدْفَعُ الِاقْتِصَارَ ، وَالثَّانِی مُصَادَرَهٌ ، وَالْمُلَازَمَهُ بَیْنَ إبَاقِهِ مِنْ الْمَالِکِ وَمِنْ الْمَخْدُومِ مَمْنُوعَهٌ ، لِلْفَرْقِ بِمُقَابَلَهِ نِعْمَهِ السَّیِّدِ بِالْکُفْرَانِ فَقُوبِلَ بِنَقِیضِهِ کَقَاتِلِ الْعَمْدِ فِی الْإِرْثِ ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِیِّ .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَشْهُورَ هُوَ تَعْدِیَتُهُ مِنْ مَوْتِ الْمَالِکِ إلَی الْمَخْدُومِ کَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَأَمَّا إلْحَاقُ الزَّوْجِ فَلَیْسَ بِمَشْهُورٍ کَمَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ ، فَالشُّهْرَهُ الْمَحْکِیَّهُ هُنَا إنْ عَادَتْ إلَی الْأَخِیرِ لَزِمَ الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ دُونَهُ .

وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، بَلْ یَنْبَغِی الْعَکْسُ وَإِنْ عَادَتْ إلَیْهِمَا لَمْ تَتِمَّ الشُّهْرَهُ فِی الزَّوْجِ إلَّا أَنْ یَجْعَلَ لَهُ مَعَ الزَّوْجِیَّهِ الْخِدْمَهَ ، وَالْوُقُوفُ عَلَی مَوْضِعِ النَّصِّ وَالْوِفَاقِ حَسَنٌ ( وَالْوَفَاهُ ) الْمُعَلَّقُ عَلَیْهَا ( قَدْ تَکُونُ مُطْلَقَهً ) غَیْرَ مُقَیَّدَهٍ بِوَقْتٍ ، وَلَا مَکَان ، وَلَا صِفَهٍ ( وَقَدْ تَکُونُ مُقَیَّدَهً ) بِأَحَدِهَا کَهَذِهِ السَّنَهِ ، أَوْ فِی هَذَا الْبَلَدِ ، أَوْ الْمَرَضِ ، وَالتَّعْلِیقُ عَلَیْهِمَا جَائِزٌ فَلَا یَتَحَرَّرُ فِی الْمُقَیَّدِ بِدُونِ الْقَیْدِ ( کَمَا تَقَدَّمَ فِی الْوَصِیَّهِ ) مِنْ جَوَازِهَا بَعْدَ الْوَفَاهِ مُطْلَقًا وَمُقَیَّدًا . ( وَالصِّیغَهُ ) فِی التَّدْبِیرِ ( أَنْتَ حُرٌّ ، أَوْ عَتِیقٌ ، أَوْ مُعْتَقٌ بَعْدَ وَفَاتِی ) فِی الْمُطْلَقِ ( أَوْ بَعْدَ وَفَاهِ فُلَانٍ ) : الزَّوْجِ ، أَوْ الْمَخْدُومِ ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِی هَذِهِ السَّنَهَ ، أَوْ فِی هَذَا الْمَرَضِ ، أَوْ فِی سَفَرِی هَذَا ، وَنَحْوُ ذَلِکَ فِی الْمُقَیَّدِ ، وَیُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ الصِّیغَهِ فِیمَا ذُکِرَ : أَنَّهُ لَا یَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ : أَنْتَ مُدَبَّرٌ مُقْتَصَرًا عَلَیْهِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ فِی الْمَسْأَلَهِ لِأَنَّ التَّدْبِیرَ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَی الْوَفَاهِ کَمَا اُسْتُفِیدَ مِنْ تَعْرِیفِهِ فَیَنْحَصِرُ فِی صِیغَهٍ تُفِیدُهُ .

وَوَجْهُ الْوُقُوعِ بِذَلِکَ : أَنَّ التَّدْبِیرَ حَقِیقَهٌ شَرْعِیَّهٌ فِی الْعِتْقِ الْمَخْصُوصِ فَیَکُونُ بِمَنْزِلَهِ الصِّیغَهِ الصَّرِیحَهِ فِیهِ ، وَفِی الدُّرُوسِ اقْتَصَرَ عَلَی مُجَرَّدِ نَقْلِ الْخِلَافِ ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَلَا یَقَعُ بِاللَّفْظِ مُجَرَّدًا ، بَلْ ( مَعَ الْقَصْدِ إلَی ذَلِکَ ) الْمَدْلُولِ فَلَا عِبْرَهَ بِصِیغَهِ الْغَافِلِ ، وَالسَّاهِی ، وَالنَّائِمِ ، وَالْمُکْرَهِ . ( وَلَا یُشْتَرَطُ ) فِی صِحَّتِهِ ( نِیَّهُ التَّقَرُّبِ بِهِ ) إلَی اللَّهِ تَعَالَی وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَیْهِ حُصُولُ الثَّوَابِ عَلَی الْأَقْوَی ، لِلْأَصْلِ ؛ وَلِأَنَّهُ وَصِیَّهٌ لَا عِتْقٌ بِصِفَهٍ وَقِیلَ : یُشْتَرَطُ بِنَاءً عَلَی أَنَّهُ عِتْقٌ ، وَإِلَّا لَافْتَقَرَ إلَی صِیغَهٍ بَعْدَ الْوَفَاهِ وَشَرْطُهُ الْقُرْبَهُ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَیْهِمَا صِحَّهُ تَدْبِیرِ الْکَافِرِ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ إنْکَارِهِ لِلَّهِ تَعَالَی کَمَا سَلَفَ . ( وَشَرْطُهَا ) أَیْ : شَرْطُ صِیغَهِ التَّدْبِیرِ ( التَّنْجِیزُ ) فَلَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ أَوْ صِفَهٍ کَإِنْ فَعَلْت کَذَا ، أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ وَفَاتِی بَطَلَ ( وَأَنْ یُعَلِّقَ بَعْدَ الْوَفَاهِ بِلَا فَصْلٍ ، فَلَوْ قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ وَفَاتِی بِسَنَهٍ ) مَثَلًا ( بَطَلَ ) .

وَقِیلَ : یَصِحُّ فِیهِمَا ، وَیَکُونُ فِی الثَّانِی وَصِیَّهً بِعِتْقِهِ .

وَهُوَ شَاذٌّ .

(وَشَرْطُ الْمُبَاشِرِ الْکَمَالُ )

بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ ( وَالِاخْتِیَارُ ، وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ ) فَلَا یَصِحُّ مِنْ الصَّبِیِّ وَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا ، وَلَا الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ مُطْلَقًا وَلَا ذِی الْأَدْوَارِ فِیهِ ، وَلَا الْمُکْرَهِ ، وَلَا الْمَحْجُورِ عَلَیْهِ لِسَفَهٍ مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی .

وَقِیلَ : لَا لِانْتِفَاءِ مَعْنَی الْحَجْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ .

، وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَیْهِ حَیًّا یَمْنَعُ الْعِبَارَهَ الْوَاقِعَهَ حَالَتَهَا فَلَا تُؤَثِّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَیْهِ لِفَلَسٍ فَلَا یُمْنَعُ مِنْهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَی الْغُرَمَاءِ ، فَإِنَّهُ إنَّمَا یُخْرَجُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّیْنِ .

وَمِثْلُهُ مُطْلَقُ وَصِیَّهِ الْمُتَبَرِّعِ بِهَا .

، وَیَنْبَغِی التَّنْبِیهُ عَلَی خُرُوجِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ ، إلَّا أَنْ یُدَّعَی أَنَّ الْمُفْلِسَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ بِالنِّسْبَهِ إلَی التَّدْبِیرِ وَإِنْ کَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِی غَیْرِهِ .

لَکِنْ لَا یَخْلُو مِنْ تَکَلُّفٍ .

(وَلَا یُشْتَرَطُ )فِی الْمُدَبَّرِ(الْإِسْلَامُ)

کَمَا لَا یُشْتَرَطُ فِی مُطْلَقِ الْوَصِیَّهِ ( فَتَصِحُّ مُبَاشَرَهُ الْکَافِرِ ) التَّدْبِیرَ ( وَإِنْ کَانَ حَرْبِیًّا ) ، أَوْ جَاحِدًا لِلرُّبُوبِیَّهِ ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقُرْبَهِ ، وَلِلْأَصْلِ ( فَإِنْ دَبَّرَ ) الْحَرْبِیُّ حَرْبِیًّا ( مِثْلَهُ وَاسْتُرِقَّ أَحَدُهُمَا ) بَعْدَ التَّدْبِیرِ ( أَوْ کِلَاهُمَا بَطَلَ التَّدْبِیرُ ) أَمَّا مَعَ اسْتِرْقَاقِ الْمَمْلُوکِ فَظَاهِرٌ لِبُطْلَانِ مِلْکِ الْحَرْبِیِّ لَهُ الْمُنَافِی لِلتَّدْبِیرِ وَأَمَّا مَعَ اسْتِرْقَاقِ الْمُبَاشِرِ فَلِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِیَّهِ الْمِلْکِ وَهُوَ یَقْتَضِی بُطْلَانَ کُلِّ عَقْدٍ وَإِیقَاعٍ جَائِزَیْنِ . ( وَلَوْ أَسْلَمَ ) الْمَمْلُوکُ ( الْمُدَبَّرُ ) مِنْ کَافِرٍ ( بِیعَ عَلَی الْکَافِرِ ) قَهْرًا ( وَبَطَلَ تَدْبِیرُهُ ) ، لِانْتِفَاءِ السَّبِیلِ لَهُ عَلَی الْمُسْلِمِ بِالْآیَهِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { الْإِسْلَامُ یَعْلُو وَلَا یُعْلَی عَلَیْهِ } وَطَاعَهُ الْمَوْلَی عُلُوٌّ مِنْهُ ، وَالتَّدْبِیرُ لَمْ یُخْرِجْهُ عَنْ الِاسْتِیلَاءِ عَلَیْهِ بِالِاسْتِخْدَامِ وَغَیْرِهِ .

وَقِیلَ : یَتَخَیَّرُ الْمَوْلَی بَیْنَ الرُّجُوعِ فِی التَّدْبِیرِ فَیُبَاعُ عَلَیْهِ وَبَیْنَ الْحَیْلُولَهِ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَهُ وَکَسْبُهُ لِلْمَوْلَی ، وَبَیْنَ اسْتِسْعَائِهِ فِی قِیمَتِهِ .

وَهُوَ ضَعِیفٌ لَا دَلِیلَ عَلَیْهِ .

نَعَمْ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَی قَبْلَ الْبَیْعِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَلَوْ قَصُرَ وَلَمْ یُجِزْ الْوَارِثُ فَالْبَاقِی رِقٌّ ، فَإِنْ کَانَ الْوَارِثُ مُسْلِمًا فَلَهُ ، وَإِلَّا بِیعَ عَلَیْهِ مِنْ مُسْلِمٍ ( وَلَوْ حَمَلَتْ الْمُدَبَّرَهُ مِنْ مَمْلُوکٍ ) بِزِنًا ، أَوْ بِشُبْهَهٍ ، أَوْ عَقْدٍ عَلَی وَجْهٍ یَمْلِکُهُ السَّیِّدُ ( فَوَلَدُهَا مُدَبَّرٌ ) کَأُمِّهِ .

وَیُشْکِلُ فِی الزِّنَا مَعَ عِلْمِهَا ، لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهَا شَرْعًا .

لَکِنَّ الشَّیْخَ وَجَمَاعَهً أَطْلَقُوا الْحُکْمَ ، وَالْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ قَیَّدَهُ بِکَوْنِهِ مِنْ مَمْلُوکِ الْمُدَبَّرِ فَلَوْ کَانَ مِنْ غَیْرِهِ لَمْ یَکُنْ .

وَاسْتَشْکَلَ حُکْمَ الزِّنَا ، وَالْأَخْبَارُ مُطْلَقَهٌ فِی لُحُوقِ أَوْلَادِهَا بِهَا فِی التَّدْبِیرِ حَیْثُ یَکُونُونَ أَرِقَّاءَ .

فَالْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ أَوْجُهُ نَعَمْ اشْتِرَاطُ إلْحَاقِهِمْ بِهَا فِی النَّسَبِ حَسَنٌ ، لِیَتَحَقَّقَ النَّسَبُ .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ

بِفَتْحِ الْوَاو وَاللَّامِ وَبِضَمِّهَا فَسُکُونُهَا یُطْلَقُ عَلَی الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ ، وَقَدْ یَکُونُ الثَّانِی جَمْعًا لِوَلَدٍ کَأَسَدٍ وَأُسْدٍ ، وَیَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَهِ وَلَا یَکُونُ رُجُوعًا ( وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ سَیِّدِهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) وَلَمْ یَبْطُلْ التَّدْبِیرُ ( فَتُعْتَقُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( مِنْ الثُّلُثِ ) بِسَبَبِ التَّدْبِیرِ ( فَإِنْ فَضُلَتْ ) قِیمَتُهَا عَنْ الثُّلُثِ ( فَمِنْ نَصِیبِ الْوَلَدِ ) یَعْتِقُ الْبَاقِی . ( وَلَوْ رَجَعَ ) الْمَوْلَی ( فِی تَدْبِیرِهَا ) وَلَهَا وَلَدٌ ( لَمْ یَکُنْ ) رُجُوعُهُ فِی تَدْبِیرِهَا ( رُجُوعًا فِی تَدْبِیرِ وَلَدِهَا ) لِعَدَمِ الْمُلَازَمَهِ بَیْنَهُمَا وَتَحَقُّقِ الِانْفِکَاکِ ، وَعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَیْهِ بِإِحْدَی الدَّلَالَاتِ ( وَلَوْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ فِی تَدْبِیرِهِ ) أَیْ : تَدْبِیرِ الْوَلَدِ ( فَقَوْلَانِ ) : أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ ، کَمَا یَجُوزُ الرُّجُوعُ فِی تَدْبِیرِهَا ، لِکَوْنِ التَّدْبِیرِ جَائِزًا فَیَصِحُّ الرُّجُوعُ فِیهِ ، وَالْفَرْعُ لَا یَزِیدُ عَلَی أَصْلِهِ .

وَالثَّانِی - هُوَ الَّذِی اخْتَارَهُ الشَّیْخُ مُدَّعِیًا الْإِجْمَاعَ وَجَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ .

( وَ ) هُوَ ( الْمَرْوِیُّ ) صَحِیحًا عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ( الْمَنْعُ ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ یُبَاشِرْ تَدْبِیرَهُ ، وَإِنَّمَا حُکِمَ بِهِ شَرْعًا فَلَا یُبَاشِرُ رَدَّهُ فِی الرِّقِّ ، وَبِهَذَا یَحْصُلُ الْفَرْقُ بَیْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ . ( وَدُخُولُ الْحَمْلِ فِی التَّدْبِیرِ لِلْأُمِّ مَرْوِیٌّ ) فِی الصَّحِیحِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَا عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ رَجُلٍ دَبَّرَ جَارِیَتَهُ وَهِیَ حُبْلَی فَقَالَ : " إنْ کَانَ عَلِمَ بِحَبَلِ الْجَارِیَهِ فَمَا فِی بَطْنِهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، وَإِنْ کَانَ لَمْ یَعْلَمْ فَمَا فِی بَطْنِهَا رِقٌّ " .

وَالرِّوَایَهُ کَمَا تَرَی دَالَّهٌ عَلَی اشْتِرَاطِ دُخُولِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ ، لَا مُطْلَقًا فَکَانَ عَلَی الْمُصَنِّفِ أَنْ یُقَیِّدَهُ حَیْثُ نَسَبَهُ إلَی الرِّوَایَهِ .

نَعَمْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَی دُخُولِهِ فِی تَدْبِیرِهَا مُطْلَقًا کَمَا یَدْخُلُ لَوْ تَجَدَّدَ ، إلَّا أَنَّهُ غَیْرُ مَرْوِیٍّ ، وَبِمَضْمُونِ الرِّوَایَهِ أَفْتَی الشَّیْخُ فِی النِّهَایَهِ وَجَمَاعَهٌ ( کَعِتْقِ الْحَامِلِ ) فَإِنَّهُ یَتْبَعُهَا الْحَمْلُ عَلَی الرِّوَایَهِ السَّابِقَهِ .

وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ دُخُولِهِ فِیهَا مُطْلَقًا ، وَحُمِلَتْ هَذِهِ الرِّوَایَهُ عَلَی مَا إذَا قَصَدَ تَدْبِیرَ الْحَمْلِ مَعَ الْأُمِّ وَأَطْلَقَ الْعِلْمَ عَلَی الْقَصْدِ مَجَازًا لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ .

وَقَدْ رَوَی الشَّیْخُ أَیْضًا فِی الْمُوَثَّقِ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَدَمَ دُخُولِهِ مُطْلَقًا فَالْحَمْلُ طَرِیقُ الْجَمْعِ .

(وَیَتَحَرَّرُ الْمُدَبَّرُ )

بَعْدَ الْمَوْتِ ( مِنْ الثُّلُثِ ) کَالْوَصِیَّهِ ( وَلَوْ جَامَعَ الْوَصَایَا ) کَانَ کَأَحَدِهَا ( قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ ) إنْ لَمْ یَکُنْ فِیهَا وَاجِبٌ ( وَلَوْ کَانَ عَلَی الْمَیِّتِ دَیْنٌ قُدِّمَ الدَّیْنُ ) مِنْ الْأَصْلِ ، سَوَاءٌ کَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَی التَّدْبِیرِ أَمْ مُتَأَخِّرًا .

وَمِنْهُ الْوَصِیَّهُ بِوَاجِبٍ مَالِیٍّ ( فَإِنْ فَضَلَ ) مِنْ التَّرِکَهِ ( شَیْءٌ ) وَلَمْ یَکُنْ هُنَاکَ وَصِیَّهٌ تُقَدَّمُ عَلَیْهِ ( عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ ثُلُثُ مَا بَقِیَ ) إنْ لَمْ یَزِدْ عَنْ قِیمَتِهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْوَصَایَا الْمُتَبَرَّعِ بِهَا ، حَتَّی لَوْ لَمْ یَفْضُلْ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ ، فَإِنْ لَمْ یَفْضُلْ عَنْ الدَّیْنِ شَیْءٌ بَطَلَ التَّدْبِیرُ .

وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُدَبَّرُ وَالتَّدْبِیرُ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ ، وَبَطَلَ مَا زَادَ عَنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ یُجِزْ الْوَارِثُ ، وَإِنْ جُهِلَ التَّرْتِیبَ ، أَوْ دَبَّرَهُمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ اُسْتُخْرِجَ الثُّلُثُ بِالْقُرْعَهِ ، وَبِالْجُمْلَهِ فَحُکْمُهُ حُکْمُ الْوَصِیَّهِ .

هَذَا کُلُّهُ إذَا کَانَ التَّدْبِیرُ مُتَبَرَّعًا بِهِ وَعُلِّقَ عَلَی وَفَاهِ الْمَوْلَی لِیَکُونَ کَالْوَصِیَّهِ ، فَلَوْ کَانَ وَاجِبًا بِنَذْرٍ وَشَبَهِهِ حَالَ الصِّحَّهِ ، أَوْ مُعَلَّقًا عَلَی وَفَاهِ غَیْرِهِ فَمَاتَ فِی حَیَاهِ الْمَوْلَی فَهُوَ مِنْ الْأَصْلِ ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْمَوْلَی فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ أَیْضًا هَذَا إذَا کَانَ النَّذْرُ مَثَلًا لِلَّهِ عَلَیَّ عِتْقُ عَبْدِی بَعْدَ وَفَاتِی وَنَحْوَهُ .

وَأَمَّا لَوْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَیَّ أَنْ أُدَبِّرَ عَبْدِی فَفِی إلْحَاقِهِ بِهِ فِی خُرُوجِهِ مِنْ الْأَصْلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِمُقْتَضَی الصِّیغَهِ هُوَ إیقَاعُ التَّدْبِیرِ عَلَیْهِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَفَّی بِنَذْرِهِ وَصَارَ التَّدْبِیرُ کَغَیْرِهِ لِدُخُولِهِ فِی مُطْلَقِ التَّدْبِیرِ .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ یُوصِیَ بِشَیْءٍ ثُمَّ أَوْصَی بِهِ ، أَمَّا لَوْ نَذَرَ جَعْلَهُ صَدَقَهً بَعْدَ وَفَاتِهِ ، أَوْ فِی وَجْهٍ سَائِغٍ فَکَنَذْرِ الْعِتْقِ .

وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ظَاهِرِ کَلَامِ الْأَصْحَابِ تَسَاوِی الْقِسْمَیْنِ فِی الْخُرُوجِ مِنْ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْتِزَامُ الْحُرِّیَّهِ بَعْدَ الْوَفَاهِ ، لَا مُجَرَّدَ الصِّیغَهِ ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْقَ بِمَا حَکَیْنَاهُ .

وَهُوَ مُتَّجَهٌ ، وَعَلَی التَّقْدِیرَیْنِ لَا یَخْرُجُ بِالنَّذْرِ عَنْ الْمِلْکِ فَیَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَوَطْؤُهُ إنْ کَانَتْ جَارِیَهً .

نَعَمْ لَا یَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ مِلْکِهِ .

فَلَوْ فَعَلَ صَحَّ وَلَزِمَتْهُ الْکَفَّارَهُ مَعَ الْعِلْمِ ، وَلَوْ نَقَلَهُ عَنْ مِلْکِهِ نَاسِیًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّهُ وَلَا کَفَّارَهَ لِعَدَمِ الْحِنْثِ .

وَفِی الْجَاهِلِ وَجْهَانِ .

وَإِلْحَاقُهُ بِالنَّاسِی قَوِیٌّ .

وَلَوْ وَقَعَ النَّذْرُ فِی مَرَضِ الْمَوْتِ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا ( وَیَصِحُّ الرُّجُوعُ فِی التَّدْبِیرِ ) الْمُتَبَرَّعِ بِهِ مَا دَامَ حَیًّا کَمَا یَجُوزُ الرُّجُوعُ فِی الْوَصِیَّهِ وَفِی جَوَازِ الرُّجُوعِ فِی الْوَاجِبِ بِنَذْرٍ وَشِبْهِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ إنْ کَانَتْ صِیغَتُهُ لِلَّهِ عَلَیَّ عِتْقُهُ بَعْدَ وَفَاتِی ، وَمَجِیءُ الْوَجْهَیْنِ لَوْ کَانَ مُتَعَلَّقُ النَّذْرِ هُوَ التَّدْبِیرَ ، مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ عُهْدَهِ النَّذْرِ بِإِیقَاعِ الصِّیغَهِ کَمَا حَقَّقْنَاهُ ، وَمِنْ أَنَّهُ تَدْبِیرٌ وَاجِبٌ وَقَدْ أَطْلَقُوا لُزُومَهُ .

وَالرُّجُوعُ یَصِحُّ ( قَوْلًا مِثْلُ رَجَعْت فِی تَدْبِیرِهِ ) وَأَبْطَلْتُهُ وَنَقَضْتُهُ وَنَحْوِهِ ( وَفِعْلًا کَأَنْ یَهَبَ ) الْمُدَبَّرَ وَإِنْ لَمْ یَقْبِضْ ، ( أَوْ یَبِیعَ ، أَوْ یُوصِیَ بِهِ ) وَإِنْ لَمْ یَفْسَخْهُ قَبْلَ ذَلِکَ ، أَوْ یَقْصِدَ بِهِ الرُّجُوعَ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ قَبُولِ الْمُوصَی لَهُ الْوَصِیَّهَ ، وَرَدِّهَا لِأَنَّ فَسْخَهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ إیجَابِ الْمَالِکِ ، وَلَا یَعُودُ التَّدْبِیرُ بِعَوْدِهِ مُطْلَقًا ( وَإِنْکَارُهُ لَیْسَ بِرُجُوعٍ ) وَإِنْ حَلَفَ الْمَوْلَی لِعَدَمِ الْمُلَازَمَهِ ، وَلِاخْتِلَافِ اللَّوَازِمِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ یَسْتَلْزِمُ الِاعْتِرَافَ بِهِ ، وَإِنْکَارُهُ یَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ ، وَاخْتِلَافُ اللَّوَازِمِ یَقْتَضِی اخْتِلَافَ الْمَلْزُومَاتِ .

وَیَحْتَمِلُ کَوْنُهُ رُجُوعًا ، لِاسْتِلْزَامِهِ رَفْعَهُ مُطْلَقًا وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ رَفْعِهِ فِی بَعْضِ الْأَزْمَانِ .

وَفِی الدُّرُوسِ قَطَعَ بِکَوْنِهِ لَیْسَ بِرُجُوعٍ إنْ جَعَلْنَاهُ عِتْقًا ، وَتَوَقَّفَ فِیمَا لَوْ جَعَلْنَاهُ وَصِیَّهً ، وَنَسَبَ الْقَوْلَ بِکَوْنِهِ رُجُوعًا إلَی الشَّیْخِ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِیَارُهُ أَنَّ إنْکَارَ الطَّلَاقِ رَجْعَهً ، وَالْعَلَّامَهُ حَکَمَ بِأَنَّ إنْکَارَ سَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَهِ لَیْسَ بِرُجُوعٍ إلَّا الطَّلَاقَ .

وَالْفَرْقُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ غَیْرِهِ غَیْرُ وَاضِحٍ .

( وَیَبْطُلُ التَّدْبِیرُ بِالْإِبَاقِ )

( وَیَبْطُلُ التَّدْبِیرُ بِالْإِبَاقِ )

مِنْ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الذَّکَرُ ، وَالْأُنْثَی ، لَا بِالْإِبَاقِ مِنْ عِنْدَ مَخْدُومِهِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ عَلَی مَوْتِهِ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا یَدُلُّ عَلَیْهِ ( فَلَوْ وُلِدَ لَهُ حَالَ الْإِبَاقِ ) أَوْلَادٌ مِنْ أَمَهٍ لِسَیِّدِهِ ، أَوْ غَیْرِهِ حَیْثُ یُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ ، أَوْ حُرَّهٍ عَالِمَهٍ بِتَحْرِیمِ نِکَاحِهِ ( کَانُوا أَرِقَّاءَ ) مِثْلَهُ ( وَأَوْلَادُهُ قَبْلَهُ عَلَی التَّدْبِیرِ ) وَإِنْ بَطَلَ فِی حَقِّهِ ، اسْتِصْحَابًا .

لِلْحُکْمِ السَّابِقِ فِیهِمْ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ ( وَلَا یَبْطُلُ ) التَّدْبِیرُ ( بِارْتِدَادِ السَّیِّدِ ) عَنْ غَیْرِ فِطْرَهٍ فَیَعْتِقُ لَوْ مَاتَ عَلَی رِدَّتِهِ ، أَمَّا لَوْ کَانَ عَنْ فِطْرَهٍ فَفِی بُطْلَانِهِ نَظَرٌ .

مِنْ انْتِقَالِ مَالِهِ عَنْهُ فِی حَیَاتِهِ .

وَمِنْ تَنْزِیلِهَا مَنْزِلَهَ الْمَوْتِ فَیَعْتِقُ بِهَا .

وَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ ، وَلَا یَلْزَمُ مِنْ تَنْزِیلِهَا مَنْزِلَهَ الْمَوْتِ فِی بَعْضِ الْأَحْکَامِ ثُبُوتُهُ مُطْلَقًا ، وَإِطْلَاقُ الْعِبَارَهِ یَقْتَضِی الثَّانِیَ .

وَقَدْ اسْتَشْکَلَ الْحُکْمَ فِی الدُّرُوسِ ، لَمَّا ذَکَرْنَاهُ ( وَ ) کَذَا ( لَا ) یَبْطُلُ ( بِارْتِدَادِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ یَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ) قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ إبَاقٌ ، وَلَوْ الْتَحَقَ بَعْدَهُ تَحَرَّرَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَالْفَارِقُ بَیْنَ الِارْتِدَادِ وَالْإِبَاقِ - مَعَ أَنَّ طَاعَهَ اللَّهِ أَقْوَی .

فَالْخُرُوجُ عَنْهَا أَبْلَغُ مِنْ الْإِبَاقِ - النَّصَّ .

وَقَدْ یَقْرُبُ بِغِنَاءِ اللَّهِ تَعَالَی عَنْ طَاعَتِهِ لَهُ ، بِخِلَافِ الْمَوْلَی ، مَعَ أَنَّ الْإِبَاقَ یَجْمَعُ مَعْصِیَهَ اللَّهِ تَعَالَی وَالْمَوْلَی ، بِخِلَافِ الِارْتِدَادِ .

فَقُوَّهُ الِارْتِدَادِ مَمْنُوعَهٌ . ( وَکَسْبُ الْمُدَبَّرِ فِی الْحَیَاهِ ) أَیْ : حَیَاهِ الْمَوْلَی ( لِلْمَوْلَی لِأَنَّهُ رِقٌّ ) لَمْ یَخْرُجْ بِالتَّدْبِیرِ عَنْهَا ( وَلَوْ اسْتَفَادَهُ بَعْدَ الْوَفَاهِ فَلَهُ جَمِیعُ کَسْبِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَهِ مَا أَعْتَقَ مِنْهُ ، وَالْبَاقِی ) مِنْ کَسْبِهِ ( لِلْوَارِثِ ) .

هَذَا إذَا کَانَ تَدْبِیرُهُ مُعَلَّقًا عَلَی وَفَاهِ الْمَوْلَی ، فَلَوْ کَانَ مُعَلَّقًا عَلَی وَفَاهِ غَیْرِهِ وَتَأَخَّرَتْ عَنْ وَفَاهِ الْمَوْلَی فَکَسْبُهُ بَعْدَ وَفَاهِ مَوْلَاهُ کَکَسْبِهِ قَبْلَهَا لِبَقَائِهِ عَلَی الرِّقِّیَّهِ ، وَلَوْ ادَّعَی بَعْدَ الْمَوْتِ تَأَخُّرَ الْکَسْبِ وَأَنْکَرَهُ الْوَارِثُ حَلَفَ الْمُدَبَّرُ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّقَدُّمِ .

(النَّظَرُ الثَّانِی - فِی الْکِتَابَهِ )

(النَّظَرُ الثَّانِی - فِی الْکِتَابَهِ )

وَاشْتِقَاقِهَا مِنْ الْکَتْبِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِانْضِمَامِ بَعْضِ النُّجُومِ إلَی بَعْضٍ .

وَمِنْهُ کَتَبْت الْحُرُوفَ .

وَهُوَ .

مَبْنِیٌّ عَلَی الْغَالِبِ ، أَوْ الْأَصْلِ مِنْ وَضْعِهَا بِآجَالٍ مُتَعَدِّدَهٍ ، وَإِلَّا فَهُوَ لَیْسَ بِمُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا وَإِنْ اشْتَرَطْنَا الْأَجَلَ .

( وَهِیَ مُسْتَحَبَّهٌ مَعَ الْأَمَانَهِ ) وَهِیَ الدِّیَانَهُ ( وَالتَّکَسُّبِ ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِی الْآیَهِ مَعَ الْخَیْرِ ، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ الِاسْتِحْبَابُ وَفُسِّرَ الْخَیْرُ بِهِمَا لِإِطْلَاقِهِ عَلَی الْأَوَّلِ فِی مِثْلِ قَوْله تَعَالَی : { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَیْرٍ یَعْلَمْهُ اللَّهُ } { فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّهٍ خَیْرًا یَرَهُ } وَعَلَی الثَّانِی فِی مِثْلِ قَوْله تَعَالَی : { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَیْرِ لَشَدِیدٌ } وَ { إنْ تَرَکَ خَیْرًا } فَحُمِلَ عَلَیْهِمَا بِنَاءً عَلَی جَوَازِ حَمْلِ الْمُشْتَرَکِ عَلَی کِلَا مَعْنَیَیْهِ إمَّا مُطْلَقًا ، أَوْ مَعَ الْقَرِینَهِ وَهِیَ مَوْجُودَهٌ لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ خَیْرًا } قَالَ : " إنْ عَلِمْتُمْ لَهُمْ دِینًا وَمَالًا " وَرَوَاهُ الْکَلْبِیُّ بِسَنَدٍ صَحِیحٍ .

وَحِینَئِذٍ یَنْدَفِعُ مَا قِیلَ : إنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُشْتَرَکِ فِی مَعْنَیَیْهِ مَرْجُوحٌ ، أَوْ مَجَازٌ لَا یُصَارُ إلَیْهِ .

نَعَمْ رُوِیَ فِی التَّهْذِیبِ عَنْ الْحَلَبِیِّ صَحِیحًا عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی الْآیَهِ قَالَ : " إنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ مَالًا " بِغَیْرِ ذِکْرِ الدِّینِ ، وَالْمُثْبَتُ مُقَدَّمٌ .

( وَیَتَأَکَّدُ ) الِاسْتِحْبَابُ ( بِالْتِمَاسِ الْعَبْدِ ) مَعَ جَمْعِهِ لِلْوَصْفَیْنِ ، أَمَّا مَعَ عَدَمِهِمَا ، أَوْ أَحَدِهِمَا فَلَا فِی ظَاهِرِ کَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَفِی النَّافِعِ أَنَّهَا تَتَأَکَّدُ بِسُؤَالِ الْمَمْلُوکِ وَلَوْ کَانَ عَاجِزًا .

فَجَعَلَ الِاسْتِحْبَابَ مَعَ عَدَمِ سُؤَالِهِ مَشْرُوطًا بِالشَّرْطَیْنِ ، وَمَعَهُ یُکْتَفَی بِالْأَوَّلِ خَاصَّهً ( وَلَوْ عُدِمَ الْأَمْرَانِ ) الصَّادِقُ بِعَدَمِ أَحَدِهِمَا ، وَعَدَمِهِمَا مَعًا ( فَهِیَ مُبَاحَهٌ ) عَلَی الْمَشْهُورِ .

وَقِیلَ : مَکْرُوهَهٌ .

( وَهِیَ مُعَامَلَهٌ ) بَیْنَ الْمَوْلَی ، وَالْمَمْلُوکِ ( مُسْتَقِلَّهٌ ) بِنَفْسِهَا عَلَی الْأَشْهَرِ وَتَخْتَصُّ بِوُقُوعِهَا بَیْنَ الْمَالِکِ وَمَمْلُوکِهِ ، وَأَنَّ الْعِوَضَ وَالْمُعَوَّضَ مِلْکُ السَّیِّدِ ، وَأَنَّ الْمُکَاتَبَ عَلَی دَرَجَهٍ بَیْنَ الِاسْتِقْلَالِ وَعَدَمِهِ ، وَأَنَّهُ یَمْلِکُ مِنْ بَیْنِ الْعَبِیدِ ، وَیَثْبُتُ لَهُ أَرْشُ الْجِنَایَهِ عَلَی سَیِّدِهِ ، وَعَلَیْهِ الْأَرْشُ لِلسَّیِّدِ الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ ، وَتُفَارِقُ الْبَیْعَ بِاعْتِبَارِ الْأَجَلِ فِی الْمَشْهُورِ ، وَسُقُوطِ خِیَارِ الْمَجْلِسِ ، وَالْحَیَوَانِ وَعَدَمِ قَبُولِهَا لِخِیَارِ الشَّرْطِ ( وَلَیْسَتْ بَیْعًا لِلْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ ) وَإِنْ أَشْبَهَتْهُ فِی اعْتِبَارِ الْعِوَضِ الْمَعْلُومِ ، وَالْأَجَلِ الْمَضْبُوطِ عَلَی تَقْدِیرِ ذِکْرِهِ فِی الْبَیْعِ لِمُخَالَفَتِهَا لَهُ فِی الْأَحْکَامِ ، وَلِبُعْدِ مِلْکِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ فَلَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ یَصِحَّ ( وَلَا عِتْقًا بِصِفَهٍ ) وَهِیَ شَرْطُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَی الْمَمْلُوکِ فِی أَجَلٍ مَضْبُوطٍ .

وَهُوَ وِفَاقٌ ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْعَامَّهِ . ( وَیُشْتَرَطُ فِی الْمُتَعَاقِدَیْنِ الْکَمَالُ ) بِالْبُلُوغِ ، وَالْعَقْلِ ، فَلَا یَقَعُ مِنْ الصَّبِیِّ وَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا وَجَوَّزْنَا عِتْقَهُ ، وَلَا مِنْ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ ، وَلَا الدَّائِرِ جُنُونُهُ فِی غَیْرِ وَقْتِ الْإِفَاقَهِ .

وَهَذَانِ مُشْتَرَکَانِ بَیْنَ الْمَوْلَی وَالْمُکَاتَبِ .

وَقَدْ یُتَخَیَّلُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِمَا فِی الْمُکَاتَبِ لِأَنَّ الْمَوْلَی وَلِیُّهُ فَیُمْکِنُ قَبُولُهُ عَنْهُ ، وَکَذَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْحَاکِمُ مَعَ الْغِبْطَهِ .

وَلَهُ وَجْهٌ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ غَیْرَ مُبَیِّنٍ وَجْهَ الْبُعْدِ .

(وَجَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَوْلَی )

فَلَا یَقَعُ مِنْ السَّفِیهِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِیِّ ، وَلَا الْمُفْلِسِ بِدُونِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ ، وَلَا مِنْ الْمَرِیضِ فِیمَا زَادَ مِنْهُ عَلَی الثُّلُثِ بِدُونِ إجَازَهِ الْوَارِثِ وَإِنْ کَانَ الْعِوَضُ بِقَدْرِ قِیمَتِهِ لِأَنَّهَا مِلْکُ الْمَوْلَی فَلَیْسَتْ مُعَاوَضَهً حَقِیقِیَّهً ، بَلْ فِی مَعْنَی التَّبَرُّعِ تَرْجِعُ إلَی مُعَامَلَهِ الْمَوْلَی عَلَی مَالِهِ بِمَالِهِ وَیُسْتَفَادُ مِنْ تَخْصِیصِ الشَّرْطِ بِالْمَوْلَی جَوَازُ کِتَابَهِ الْمَمْلُوکِ السَّفِیهِ إذْ لَا مَالَ لَهُ یَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِیهِ .

نَعَمْ یُمْنَعُ مِنْ الْمُعَامَلَهِ الْمَالِیَّهِ ، وَمِنْ قَبْضِ الْمَالِ لَوْ مَلَکَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْکِتَابَهِ . ( وَلَا بُدَّ ) فِی الْکِتَابَهِ ( مِنْ الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَی الْإِیجَابِ مِثْلَ کَاتَبْتُک عَلَی أَنْ تُؤَدِّیَ إلَیَّ کَذَا فِی وَقْتِ کَذَا ) إنْ اتَّحَدَ الْأَجَلُ ( أَوْ أَوْقَاتِ کَذَا ) إنْ تَعَدَّدَ ( فَإِذَا أَدَّیْت فَأَنْتَ حُرٌّ ) .

وَقِیلَ : لَا یَفْتَقِرُ إلَی إضَافَهِ قَوْلِهِ : فَإِذَا أَدَّیْت إلَی آخِرِهِ ، بَلْ یَکْفِی قَصْدُهُ ، لِأَنَّ التَّحْرِیرَ غَایَهُ الْکِتَابَهِ فَهِیَ دَالَّهٌ عَلَیْهِ فَلَا یَجِبُ ذِکْرُهُ کَمَا لَا یَجِبُ ذِکْرُ غَایَهِ الْبَیْعِ وَغَیْرِهِ خُصُوصًا لَوْ جَعَلْنَاهَا بَیْعًا لِلْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ .

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْقَصْدَ إلَیْهِ إذَا کَانَ مُعْتَبَرًا لَزِمَ اعْتِبَارُ التَّلَفُّظِ بِمَا یَدُلُّ عَلَیْهِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الدَّلِیلُ الدَّالُّ عَلَی اعْتِبَارِ الْإِیجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِیَّیْنِ فِی کُلِّ عَقْدٍ ، وَلَا یَکْفِی قَصْدُ مَدْلُولِهِ .

نَعَمْ لَوْ قِیلَ : بِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَصْدِهِ أَیْضًا کَمَا فِی غَیْرِهِ مِنْ غَایَاتِ الْعُقُودِ اتَّجَهَ ، لَکِنْ لَا یَظْهَرُ بِهِ قَائِلٌ ( وَالْقَبُولُ مِثْلُ قَبِلْت ) وَرَضِیت .

وَتَوَقُّفُ هَذِهِ الْمُعَامَلَهِ عَلَی الْإِیجَابِ وَالْقَبُولِ یُلْحِقُهَا بِقِسْمِ الْعُقُودِ ، فَذَکَرَهَا فِی بَابِ الْإِیقَاعَاتِ الَّتِی یَکْفِی فِیهَا الصِّیغَهُ مِنْ وَاحِدٍ بِالْعَرْضِ تَبَعًا لِلْعِتْقِ ، وَلَوْ فَصَلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِی بَابِ الْعُقُودِ کَانَ أَجْوَدَ .

( فَإِنْ قَالَ ) الْمَوْلَی فِی الْإِیجَابِ مُضَافًا إلَی ذَلِکَ : ( فَإِنْ عَجَزْتَ فَأَنْتَ رَدٌّ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِیدِ الدَّالِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَی الْمَفْعُولِ أَیْ : مَرْدُودٌ ( فِی الرِّقِّ فَهِیَ مَشْرُوطَهٌ ، وَإِلَّا ) یَقُلْ ذَلِکَ ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَی الْإِیجَابِ السَّابِقِ ( فَهِیَ مُطْلَقَهٌ ) .

وَمِنْ الْقَیْدِ یَظْهَرُ وَجْهُ التَّسْمِیَهِ .

وَیَشْتَرِکُ الْقِسْمَانِ فِی جَمِیعِ الشَّرَائِطِ وَأَکْثَرِ الْأَحْکَامِ ، وَیَفْتَرِقَانِ فِی أَنَّ الْمُکَاتَبَ فِی الْمُطْلَقَهِ یَنْعَتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا یُؤَدِّی مِنْ مَالِ الْکِتَابَهِ ، وَالْمَشْرُوطُ لَا یَنْعَتِقُ مِنْهُ شَیْءٌ حَتَّی یُؤَدِّیَ الْجَمِیعَ ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَی لُزُومِ الْمُطْلَقَهِ ، وَفِی الْمَشْرُوطَهِ خِلَافٌ وَسَیَأْتِی . ( وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ ) فِی الْکِتَابَهِ مُطْلَقًا .

بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْعَبْدَ لَا یَمْلِکُ شَیْئًا فَعَجْزُهُ حَالَ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ حَاصِلٌ ، وَوَقْتُ الْحُصُولِ مُتَوَقَّعٌ مَجْهُولٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِیلِهِ بِوَقْتٍ یُمْکِنُ فِیهِ حُصُولُهُ عَادَهً .

، وَفِیهِ نَظَرٌ ، لِإِمْکَانِ التَّمَلُّکِ عَاجِلًا وَلَوْ بِالِاقْتِرَاضِ کَشِرَاءِ مَنْ لَا یَمْلِکُ شَیْئًا مِنْ الْأَحْرَارِ ، خُصُوصًا لَوْ فَرَضَ حُضُورَ شَخْصٍ یُوعِدُهُ .

بِدَفْعِ الْمَالِ عَنْهُ بِوَجْهٍ فِی الْمَجْلِسِ وَیَنْدَفِعُ ذَلِکَ کُلُّهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ حَالَهَ الْعَقْدِ حَاصِلٌ وَهُوَ الْمَانِعُ .

نَعَمْ لَوْ کَانَ بَعْضُهُ حُرًّا وَبِیَدِهِ مَالٌ فَکَاتَبَهُ عَلَی قَدْرِهِ فَمَا دُونَ حَالًّا فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّهُ ، لِأَنَّهُ کَالسِّعَایَهِ .

وَلَوْ کَانَ وَاقِفًا عَلَی مَعْدِنٍ مُبَاحٍ یُمْکِنُهُ تَحْصِیلُ الْعِوَضِ مِنْهُ فِی الْحَالِ فَعَلَی التَّعْلِیلِ بِجَهَالَهِ وَقْتِ الْحُصُولِ یَصِحُّ وَبِالْعَجْزِ حَالَهَ الْعَقْدِ یَمْتَنِعُ .

وَقِیلَ : لَا یُشْتَرَطُ الْأَجَلُ مُطْلَقًا ، لِلْأَصْلِ ، وَإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِهَا ، خُصُوصًا عَلَی الْقَوْلِ بِکَوْنِهَا بَیْعًا ، وَیَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْقُدْرَهِ عَلَی الْعِوَضِ حَالَهَ الْعَقْدِ ، بَلْ غَایَتُهُ إمْکَانُهَا بَعْدَهُ .

وَهُوَ حَاصِلٌ هُنَا .

وَحَیْثُ یُعْتَبَرُ أَوْ یُرَادُ یُشْتَرَطُ ضَبْطُهُ کَأَجَلِ النَّسِیئَهِ بِمَا لَا یَحْتَمِلُ الزِّیَادَهَ وَالنُّقْصَانَ ، وَلَا یُشْتَرَطُ زِیَادَتُهُ عَنْ أَجَلٍ وَاحِدٍ عِنْدَنَا ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ ، وَلَوْ قَصُرَ الْأَجَلُ بِحَیْثُ یَتَعَذَّرُ حُصُولُ الْمَالِ فِیهِ عَادَهً بَطَلَ إنْ عَلَّلَ بِالْجَهَالَهِ ، وَصَحَّ إنْ عَلَّلَ بِالْعَجْزِ .

وَفِی اشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ بِالْعَقْدِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا الْعَدَمُ لِلْأَصْلِ

(وَحَدُّ الْعَجْزِ )

الْمُسَوِّغِ لِلْفَسْخِ فِی الْمَشْرُوطَهِ بِمُخَالَفَهِ شَرْطِهِ ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَیْهِ التَّعْجِیزَ عِنْدَ تَأْخِیرِ نَجْمٍ عَنْ مَحَلِّهِ ، أَوْ إلَی نَجْمٍ آخَرَ أَوْ إلَی مُدَّهٍ مَضْبُوطَهٍ اتَّبَعَ شَرْطَهُ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَحَدُّهُ ( أَنْ یُؤَخِّرَ نَجْمًا عَنْ مَحَلِّهِ ) وَالْمُرَادُ بِالْحَدِّ هُنَا الْعَلَامَهُ ، أَوْ السَّبَبُ الدَّالُّ عَلَی الْعَجْزِ ، لَا الْحَدُّ الْمُصْطَلَحُ ، وَبِالنَّجْمِ الْمَالُ الْمُؤَدَّی فِی الْمُدَّهِ الْمَخْصُوصَهِ ، وَیُطْلَقُ عَلَی نَفْسِ الْمُدَّهِ ، وَبِتَأْخِیرِهِ عَنْ مَحَلِّهِ عَدَمُ أَدَائِهِ فِی أَوَّلِ وَقْتِ حُلُولِهِ ، وَتَحْدِیدُهُ بِذَلِکَ هُوَ الْوَارِدُ فِی الْأَخْبَارِ الصَّحِیحَهِ .

وَفِی الْمَسْأَلَهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ مُسْتَنِدَهٌ إلَی أَخْبَارٍ ضَعِیفَهٍ ، أَوْ اعْتِبَارٍ غَیْرِ تَامٍّ ، وَأَمَّا الْمُطْلَقَهُ فَإِذَا نَفَّذَ بَعْضَ النُّجُومِ وَلَمْ یُؤَدِّ قِسْطَهُ فُکَّ مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اُسْتُرِقَّ إنْ لَمْ یَکُنْ أَدَّی شَیْئًا ، وَإِلَّا فَبِحَسَبِ مَا عَجَزَ عَنْهُ ، فَحَدُّ الْعَجْزِ الْمَذْکُورِ یَصْلُحُ لَهُ بِوَجْهِهِ .

( وَیُسْتَحَبُّ ) لِلْمَوْلَی ( الصَّبْرُ عَلَیْهِ ) عِنْدَ الْعَجْزِ ، لِلْأَمْرِ بِإِنْظَارِهِ سَنَهً وَسَنَتَیْنِ وَثَلَاثًا الْمَحْمُولِ عَلَی الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا ( وَالْأَقْرَبُ لُزُومُ الْکِتَابَهِ مِنْ الطَّرَفَیْنِ ) طَرَفِ السَّیِّدِ وَالْمُکَاتَبِ ( فِی الْمُطْلَقَهِ وَالْمَشْرُوطَهِ ) بِمَعْنَی أَنَّهُ لَیْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا إلَّا بِالتَّقَایُلِ مَعَ قُدْرَهِ الْمُکَاتَبِ عَلَی الْأَدَاءِ ، وَوُجُوبِ السَّعْیِ عَلَیْهِ فِی أَدَاءِ الْمَالِ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْکِتَابَهُ مِنْهَا وَالْجَمْعُ الْمُحَلَّی مُفِیدٌ لِلْعُمُومِ ، وَخُرُوجُ نَحْوِ الْوَدِیعَهِ ، وَالْعَارِیَّهِ بِنَصٍّ ، وَیَبْقَی الْبَاقِی عَلَی الْأَصْلِ .

وَذَهَبَ الشَّیْخُ وَابْنُ إدْرِیسَ إلَی جَوَازِ الْمَشْرُوطَهِ مِنْ جِهَهِ الْعَبْدِ بِمَعْنَی أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَدَاءِ مَا عَلَیْهِ فَیَتَخَیَّرُ السَّیِّدُ بَیْنَ الْفَسْخِ ، وَالْبَقَاءِ ، وَلُزُومِهَا مِنْ طَرَفِ السَّیِّدِ ، إلَّا عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکُورِ .

وَذَهَبَ ابْنُ حَمْزَهَ إلَی جَوَازِ الْمَشْرُوطَهِ مُطْلَقًا ، وَالْمُطْلَقَهُ مِنْ طَرَفِ السَّیِّدِ خَاصَّهً .

وَهُوَ غَرِیبٌ .

وَمِنْ خَوَاصِّ الْعُقُودِ اللَّازِمَهِ

أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُتَعَاقِدَیْنِ وَهُوَ هُنَا کَذَلِکَ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمَوْلَی ، أَمَّا مَوْتُ الْمُکَاتَبِ فَإِنَّهُ یُبْطِلُهَا مِنْ حَیْثُ الْعَجْزُ عَنْ الِاکْتِسَابِ ( وَیَصِحُّ فِیهَا التَّقَایُلُ ) کَغَیْرِهَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ . ( وَلَا یُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ فِی السَّیِّدِ ، وَلَا فِی الْعَبْدِ ) بِنَاءً عَلَی أَنَّهَا مُعَامَلَهٌ مُسْتَقِلَّهٌ ، وَالْأَصْلُ یَقْتَضِی جَوَازَهَا کَذَلِکَ ، وَلَوْ جَعَلْنَاهَا عِتْقًا بُنِیَ عَلَی مَا سَلَفَ فِی عِتْقِ الْکَافِرِ فَاعِلًا وَقَابِلًا .

هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ الْمَوْلَی کَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا ، وَإِلَّا أَشْکَلَ جَوَازُ الْمُکَاتَبَهِ مِنْ حَیْثُ عَدَمُ اسْتِلْزَامِهَا رَفْعَ سُلْطَتِهِ عَنْهُ خُصُوصًا الْمَشْرُوطَهُ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ جَوَازِهَا ، لِعَدَمِ الِاکْتِفَاءِ بِهَا فِی رَفْعِ یَدِ الْکَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ أَصْلَ السَّبِیلِ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَهِ الرِّقِّ فِی کَثِیرٍ مِنْ الْأَحْکَامِ بَلْ هُوَ رِقٌّ ، وَلَوْ کَانَ کُفْرُ الْمَوْلَی بِالِارْتِدَادِ فَإِنْ کَانَ عَنْ فِطْرَهٍ فَعَدَمُ صِحَّهِ کِتَابَتِهِ وَاضِحٌ ، لِانْتِقَالِ مَالِهِ عَنْهُ ، وَإِنْ کَانَ عَنْ مِلَّهٍ فَفِی صِحَّتِهَا مُطْلَقًا أَوْ مُرَاعًی بِعَوْدِهِ إلَی الْإِسْلَامِ ، أَوْ الْبُطْلَانِ أَوْجُهٌ أَوْجَهُهَا الْجَوَازُ مَا لَمْ یَکُنْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا بِتَقْرِیبِ مَا سَلَفَ .

وَقِیلَ : یُشْتَرَطُ إسْلَامُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَی أَنَّ الدِّینَ دَاخِلٌ فِی مَفْهُومِ الْخَیْرِ الَّذِی هُوَ شَرْطُهَا ؛ وَلِأَنَّ الْمُکَاتَبَ یُؤْتَی مِنْ الزَّکَاهِ ، وَیَتَعَذَّرُ هُنَا .

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْخَیْرَ شَرْطٌ فِی الْأَمْرِ بِهَا ، لَا فِی أَصْلِ شَرْعِیَّتِهَا ، وَالْإِیتَاءُ مِنْ الزَّکَاهِ مَشْرُوطٌ بِاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا وَهُوَ مَنْفِیٌّ مَعَ الْکُفْرِ کَمَا یَنْتَفِی مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ إلَیْهَا ( وَیَجُوزُ لِوَلِیِّ الْیَتِیمِ أَنْ یُکَاتِبَ رَقِیقَهُ مَعَ الْغِبْطَهِ ) لِلْیَتِیمِ فِی الْمُکَاتَبَهِ کَمَا یَصِحُّ بَیْعُهُ وَعِتْقُهُ مَعَهَا ، وَلِصَحِیحَهِ مُعَاوِیَهَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مُکَاتَبَهِ جَارِیَهِ الْأَیْتَامِ .

وَقِیلَ : بِالْمَنْعِ لِأَنَّ الْکِتَابَهَ شَبِیهَهٌ بِالتَّبَرُّعِ مِنْ حَیْثُ إنَّهَا مُعَامَلَهٌ عَلَی مَالِهِ بِمَالِهِ .

وَالْخَبَرُ حُجَّهٌ عَلَیْهِ ( وَیَجُوزُ تَنْجِیمُهَا ) نُجُومًا مُتَعَدِّدَهً بِأَنْ یُؤَدِّیَ فِی کُلِّ نَجْمٍ قَدْرًا مِنْ مَالِهَا ( بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ ) فِی کُلِّ أَجَلٍ ( وَالْأَجَلِ ) حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ ، سَوَاءٌ تَسَاوَتْ النُّجُومُ أَجَلًا وَمَالًا أَمْ اخْتَلَفَتْ ، لِلْأَصْلِ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِیهَا وَلَیْسَ مَوْضِعَ الِاشْتِبَاهِ حَتَّی یُخَصَّ بِالذِّکْرِ ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُهُ .

النَّجْمُ الْوَاحِدُ ، وَلَا یَجُوزُ حَمْلُ مُطْلَقِهِ عَلَیْهِ ، لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ . ( وَلَا تَصِحُّ ) الْکِتَابَهُ ( مَعَ جَهَالَهِ الْعِوَضِ ) ، بَلْ یُعْتَبَرُ ضَبْطُهُ کَالنَّسِیئَهِ ، وَإِنْ کَانَ عَرْضًا فَکَالسَّلَمِ ، وَیَمْتَنِعُ فِیهَا مَا یَمْتَنِعُ فِیهِ ( وَلَا عَلَی عَیْنٍ ) لِأَنَّهَا إنْ کَانَتْ لِلسَّیِّدِ فَلَا مُعَاوَضَهَ ، وَإِنْ کَانَتْ لِغَیْرِهِ فَهِیَ کَجَعْلِ ثَمَنِ الْمَبِیعِ مِنْ مَالِ غَیْرِ الْمُشْتَرِی ، وَلَوْ أَذِنَ الْغَیْرُ فِی الْکِتَابَهِ عَلَی عَیْنٍ یَمْلِکُهَا فَهِیَ فِی قُوَّهِ بَیْعِ الْعَبْدِ بِهَا فَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَیْعًا صَحَّ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ : مِنْ الْأَصْلِ .

وَکَوْنُهُ خِلَافَ الْمَعْهُودِ شَرْعًا کَمَا عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ . ( وَیُسْتَحَبُّ أَنْ لَا یَتَجَاوَزَ ) مَالُ الْکِتَابَهِ ( قِیمَهَ الْعَبْدِ ) یَوْمَ الْمُکَاتَبَهِ ( ، وَیَجِبُ ) عَلَی مَوْلَاهُ ( الْإِیتَاءُ ) لِلْمُکَاتَبِ ( مِنْ الزَّکَاهِ إنْ وَجَبَتْ ) الزَّکَاهُ ( عَلَی الْمَوْلَی ) ، لِلْأَمْرِ بِهِ فِی قَوْله تَعَالَی : { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِی آتَاکُمْ } وَلَکِنْ مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ إنْ أَوْجَبْنَا الْبَسْطَ ، ( وَإِلَّا ) تَجِبْ عَلَیْهِ الزَّکَاهُ ( اُسْتُحِبَّ لَهُ الْإِیتَاءُ ) وَهُوَ إعْطَاؤُهُ شَیْئًا ( وَلَا حَدَّ لَهُ ) أَیْ : لِلْمُؤْتَی ( قِلَّهً ) ، بَلْ یَکْفِی مَا یُطْلَقُ عَلَیْهِ اسْمُ الْمَالِ .

(وَیَکْفِی الْحَطُّ مِنْ النُّجُومِ عَنْهُ )

(وَیَکْفِی الْحَطُّ مِنْ النُّجُومِ عَنْهُ )

لِأَنَّهُ فِی مَعْنَاهُ ، ( وَیَجِبُ عَلَی الْعَبْدِ الْقَبُولُ ) إنْ آتَاهُ مِنْ عَیْنِ مَالِ الْکِتَابَهِ ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ ، لَا مِنْ غَیْرِهِ ، وَلَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْإِیتَاءِ فَفِی وُجُوبِ الْقَضَاءِ ، وَکَوْنِهِ دَیْنًا عَلَی الْمَوْلَی وَجْهٌ رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَجَعَلَهُ کَالدَّیْنِ وَلَوْ دُفِعَ إلَیْهِ مِنْ الزَّکَاهِ وَکَانَ مَشْرُوطًا فَعَجَّزَهُ فَفِی وُجُوبِ إخْرَاجِ الزَّکَاهِ لِغَیْرِهِ أَوْ رَدِّهَا إلَی دَافِعِهَا لَوْ کَانَ غَیْرَهُ قَوْلٌ .

وَیُحْتَمَلُ ذَلِکَ لَوْ کَانَ مِنْ الْغَیْرِ تَبَرُّعًا ، وَعَدَمُهُ فِیهِمَا لِمِلْکِهِ لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ ، وَبَرَاءَهِ ذِمَّهِ الدَّافِعِ ، وَعَوْدُهُ إلَی الْمَوْلَی إحْدَاثٌ ، لَا إبْطَالُ مَا سَلَفَ ، وَمِنْ ثَمَّ بَقِیَتْ الْمُعَامَلَهُ السَّابِقَهُ بِحَالِهَا وَإِنْ لَمْ یَرْضَ بِهَا الْمَوْلَی ( وَلَوْ مَاتَ الْمُکَاتَبُ الْمَشْرُوطُ قَبْلَ کَمَالِ الْأَدَاءِ ) لِمَالِ الْکِتَابَهِ ( بَطَلَتْ ) وَمَلَکَ الْمَوْلَی مَا وَصَلَ إلَیْهِ مِنْ الْمَالِ وَمَا تَرَکَهُ الْمُکَاتَبُ ( وَلَوْ مَاتَ الْمُطْلَقُ وَلَمْ یُؤَدِّ شَیْئًا فَکَذَلِکَ ، وَإِنْ أَدَّی ) شَیْئًا ( تَحَرَّرَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْمُؤَدَّی ) أَیْ : بِنِسْبَتِهِ مِنْ الْجَمِیعِ ، وَبَطَلَ مِنْهُ بِنِسْبَهِ الْمُتَخَلِّفِ ( وَکَانَ مِیرَاثُهُ بَیْنَ السَّیِّدِ ، وَوَارِثِهِ بِالنِّسْبَهِ ) فَإِنْ کَانَ الْوَارِثُ حُرًّا فَلَا شَیْءَ عَلَیْهِ ( وَیُؤَدِّی الْوَارِثُ التَّابِعُ لَهُ فِی الْکِتَابَهِ ) کَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ ( بَاقِیَ مَالِ الْکِتَابَهِ ) ، لِأَنَّهُ قَدْ تَحَرَّرَ مِنْهُ بِنِسْبَهِ أَبِیهِ وَبَقِیَ الْبَاقِی لَازِمًا لَهُ ( وَلِلْمَوْلَی إجْبَارُهُ عَلَی الْأَدَاءِ ) لِلْبَاقِی ( کَمَا لَهُ إجْبَارُ الْمُوَرِّثِ ) لِأَنَّهُ دَیْنٌ فَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَی أَدَائِهِ .

وَقِیلَ : لَا لِعَدَمِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَهِ مَعَهُ ، وَفِی صَحِیحَهِ ابْنِ سِنَانٍ ، وَجَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَقْضِی مَالَ الْکِتَابَهِ مِنْ الْأَصْلِ ، وَیَرِثُ وَارِثُهُ مَا بَقِیَ ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ . ( وَتَصِحُّ الْوَصِیَّهُ لِلْمُکَاتَبِ الْمُطْلَقِ بِحِسَابِ مَا تَحَرَّرَ مِنْهُ ) ، لِرِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی مُکَاتَبٍ کَانَ تَحْتَهُ امْرَأَهٌ حُرَّهٌ فَأَوْصَتْ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهَا بِوَصِیَّهٍ فَقَضَی أَنَّهُ یَرِثُ بِحِسَابِ مَا أُعْتِقَ مِنْهُ .

وَلَوْ لَمْ یَتَحَرَّرْ مِنْهُ شَیْءٌ ، أَوْ کَانَ مَشْرُوطًا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِیَّهُ لَهُ مُطْلَقًا عَلَی الْمَشْهُورِ .

وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ جَوَازَ الْوَصِیَّهِ لِلْمُکَاتَبِ مُطْلَقًا لِأَنَّ قَبُولَهَا نَوْعُ اکْتِسَابٍ وَهُوَ أَهْلٌ لَهُ .

، وَفِیهِ قُوَّهٌ .

هَذَا إذَا کَانَ الْمُوصِی غَیْرَ الْمَوْلَی ، أَمَّا هُوَ فَتَصِحُّ وَصِیَّتُهُ مُطْلَقًا ، وَیَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَصِیَّهِ ، فَإِنْ کَانَتْ بِقَدْرِ النُّجُومِ عَتَقَ أَجْمَعَ ، وَإِنْ زَادَتْ فَالزَّائِدُ لَهُ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ کَوْنِ قِیمَتِهِ بِقَدْرِ مَالِ الْکِتَابَهِ ، أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْآنَ هُوَ الْمَالُ ، مَعَ احْتِمَالِ اعْتِبَارِ الْقِیمَهِ لَوْ نَقَصَتْ مِنْ الْوَصِیَّهِ فَیَعْتِقُ مِنْ الْوَصِیَّهِ .

وَلَهُ الزَّائِدُ وَإِنْ لَمْ تَفِ بِمَالِ الْکِتَابَهِ لِأَنَّ ذَلِکَ حُکْمُ الْقِنِّ ، وَالْمُکَاتَبُ لَا یَقْصُرُ عَنْهُ . ( وَکُلُّ مَا یُشْتَرَطُ فِی عَقْدِ الْکِتَابَهِ مِمَّا لَا یُخَالِفُ الْمَشْرُوعَ لَازِمٌ ) لِأَنَّ الشَّرْطَ فِی الْعَقْدِ یَصِیرُ کَالْجُزْءِ مِنْهُ ، فَالْأَمْرُ بِالْوَفَاءِ بِهِ یَتَنَاوَلُهُ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } وَلَوْ خَالَفَ الْمَشْرُوعَ کَشَرْطِ أَنْ یَطَأَ الْمُکَاتَبَهَ ، أَوْ أَمَهَ الْمُکَاتَبِ مُطْلَقًا ، أَوْ یَتْرُکَ التَّکَسُّبَ ، أَوْ رَدَّ الْمُطْلَقِ فِی الرِّقِّ حَیْثُ شَاءَ ، وَنَحْوِهِ بَطَلَ الشَّرْطُ ، وَیَتْبَعُهُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ عَلَی الْأَقْوَی . ( وَلَیْسَ لَهُ ) أَیْ : لِلْمُکَاتَبِ بِنَوْعَیْهِ ( التَّصَرُّفُ فِی مَالُهُ بِبَیْعٍ ) یُنَافِی الِاکْتِسَابَ کَالْبَیْعِ نَسِیئَهً بِغَیْرِ رَهْنٍ ، وَلَا ضَمِینٍ ، أَوْ مُحَابَاهٍ أَوْ بِغَبْنٍ ، لَا مُطْلَقَ الْبَیْعِ فَإِنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ بِالْبَیْعِ وَالشِّرَاءِ ، وَغَیْرِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّکَسُّبِ الَّتِی لَا خَطَرَ فِیهَا ، وَلَا تَبَرُّعَ ( وَلَا هِبَهٍ ) لَا تَسْتَلْزِمُ عِوَضًا زَائِدًا عَنْ الْمَوْهُوبِ ، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ ، لِلْغِبْطَهِ ، وَفِی صِحَّهِ الْعِوَضِ الْمُسَاوِی وَجْهٌ ، إذْ لَا ضَرَرَ حِینَئِذٍ کَالْبَیْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَالشِّرَاءِ بِهِ ( وَلَا عِتْقٍ ) ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ ، وَمِنْهُ شِرَاءُ مَنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ ، وَلَهُ قَبُولُ هِبَتِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِأَنْ یَکُونَ مُکْتَسِبًا قَدْرَ مُؤْنَتِهِ فَصَاعِدًا . ( وَلَا إقْرَاضٍ ) مَعَ عَدَمِ الْغِبْطَهِ ، فَلَوْ کَانَ فِی طَرِیقٍ خَطِرٍ یَکُونُ الْإِقْرَاضُ فِیهِ أَغْبَطَ مِنْ بَقَاءِ الْمَالِ ، أَوْ خَافَ تَلَفَهُ قَبْلَ دَفْعِهِ ، أَوْ بَیْعِهِ وَنَحْوِ ذَلِکَ فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّهُ ، وَلَکِنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْمَنْعَ فِیمَا ذُکِرَ ( إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَی ) فَلَوْ أَذِنَ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ جَازَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَحَیْثُ یَعْتِقُ بِإِذْنِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ إنْ عَتَقَ ، وَإِلَّا فَلِلْمَوْلَی ، وَلَوْ اشْتَرَی مَنْ یَنْعَتِقُ عَلَیْهِ لَمْ یَعْتِقْ فِی الْحَالِ فَإِنْ عَتَقَ تَبِعَهُ ، وَإِلَّا اسْتَرَقَّهُمَا الْمَوْلَی ، وَلَوْ مَاتَ الْعَتِیقُ فِی زَمَنِ الْکِتَابَهِ وَقَفَ مِیرَاثُهُ تَوَقُّعًا لِعِتْقِ الْمُکَاتَبِ وَحَیْثُ لَا یَأْذَنُ الْمَوْلَی فِیمَا لَا غِبْطَهَ فِیهِ وَلَمْ یُبْطِلْهُ حَتَّی عَتَقَ الْمُکَاتَبُ نَفَذَ .

لِزَوَالِ الْمَانِعِ کَالْفُضُولِیِّ وَقِیلَ : لَا لِوُقُوعِهِ عَلَی غَیْرِ الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ .

وَهُوَ مَمْنُوعٌ ( وَلَا یَتَصَرَّفُ الْمَوْلَی فِی مَالِهِ أَیْضًا ) بِمَا یُنَافِی الِاکْتِسَابَ ( إلَّا بِمَا یَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِیفَاءِ ) مُطْلَقَهً کَانَتْ أَمْ مَشْرُوطَهً . ( وَیَحْرُمُ عَلَیْهِ وَطْءُ ) الْأَمَهِ ( الْمُکَاتَبَهِ عَقْدًا ، وَمِلْکًا ) بِإِذْنِهَا وَغَیْرِهِ فَلَوْ وَطِئَهَا فَعَلَیْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَسْتَقِلَّ بِمِلْکِهِ لِیَسْقُطَ بِبَغْیِهَا ، وَفِی تَکَرُّرِ الْمَهْرِ بِتَکَرُّرِ الْوَطْءِ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا تَکَرُّرُهُ مَعَ تَخَلُّلِ الْأَدَاءِ بَیْنَ الوطأین ، وَإِلَّا فَلَا ، وَتَصِیرُ أُمَّ وَلَدٍ لَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ ، فَإِنْ مَاتَ وَعَلَیْهَا شَیْءٌ مِنْ مَالِ الْکِتَابَهِ عَتَقَ بَاقِیهَا مِنْ نَصِیبِ وَلَدِهَا ، فَإِنْ عَجَزَ النَّصِیبُ بَقِیَ الْبَاقِی مُکَاتَبًا ( وَلَهُ تَزْوِیجُهَا ) مِنْ غَیْرِهِ ( بِإِذْنِهَا ) وَالْفَرْقُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ الْمَوْلَی أَنَّ الْمِلْکَ لَهُ غَیْرُ تَامٍّ ، لِتَشَبُّثِهَا بِالْحُرِّیَّهِ .

وَالْعَقْدُ کَذَلِکَ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا وَالْبُضْعُ لَا یَتَبَعَّضُ ، أَمَّا الْأَجْنَبِیُّ فَلَمَّا کَانَ الْحَقُّ مُنْحَصِرًا فِیهِمَا وَعَقَدَ لَهُ بِإِذْنِهَا فَقَدْ أَبَاحَهُ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ . ( وَیَجُوزُ بَیْعُ مَالِ الْکِتَابَهِ بَعْدَ حُلُولِهِ ) ، وَنَقْلِهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ النَّقْلِ فَیَجِبُ عَلَی الْمُکَاتَبِ تَسْلِیمُهُ إلَی مَنْ صَارَ إلَیْهِ ، خِلَافًا لِلْمَبْسُوطِ اسْتِنَادًا إلَی النَّهْیِ عَنْ بَیْعِ مَا لَمْ یُقْبَضْ .

وَإِطْلَاقُهُ مَمْنُوعٌ لِتَقْیِیدِهِ بِانْتِقَالِهِ إلَی الْبَائِعِ بِالْبَیْعِ ( فَإِذَا أَدَّاهُ ) الْمُکَاتَبُ ( إلَی الْمُشْتَرِی عَتَقَ ) ، لِأَنَّ قَبْضَهُ کَقَبْضِ الْمَوْلَی .

وَلَوْ قِیلَ بِالْفَسَادِ فَفِی عِتْقِهِ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِی مَعَ إذْنِهِ لَهُ فِی الْقَبْضِ وَجْهَانِ .

مِنْ أَنَّهُ کَالْوَکِیلِ .

وَمِنْ أَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ غَیْرُ مُسْتَحَقٍّ فَفَارَقَ الْوَکِیلَ بِذَلِکَ .

وَالْوَجْهَانِ اخْتَارَهُمَا الْعَلَّامَهُ فِی التَّحْرِیرِ . ( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی قَدَرِ مَالِ الْکِتَابَهِ ، أَوْ فِی ) قَدَرِ ( النُّجُومِ ) وَهِیَ الْآجَالُ إمَّا فِی قَدَرِ کُلِّ أَجَلٍ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَی عَدَدِهَا ، أَوْ فِی عَدَدِهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَی مِقْدَارِ کُلِّ أَجَلٍ ( قُدِّمَ قَوْلُ الْمُنْکِرِ ) وَهُوَ الْمُکَاتَبُ فِی الْأَوَّلِ ، وَالْمَوْلَی فِی الثَّانِی ( مَعَ یَمِینِهِ ) لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ .

وَقِیلَ : یُقَدَّمُ قَوْلُ السَّیِّدِ مُطْلَقًا لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْعِتْقِ ، إلَّا بِمَا یَتَّفِقَانِ عَلَیْهِ

(النَّظَرُ الثَّالِثُ - فِی الِاسْتِیلَادِ )

لِلْإِمَاءِ بِمِلْکِ الْیَمِینِ ، وَیَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ أَحْکَامٌ خَاصَّهٌ کَإِبْطَالِ کُلِّ تَصَرُّفٍ نَاقِلٍ لِلْمِلْکِ عَنْهُ إلَی غَیْرِهِ غَیْرِ مُسْتَلْزِمٍ لِلْعِتْقِ ، أَوْ مُسْتَلْزِمٍ لِلنَّقْلِ کَالرَّهْنِ .

وَعِتْقُهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَی قَبْلَهَا مَعَ خُلُوِّ ذِمَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهَا ، أَوْ وَفَاءِ التَّرِکَهِ وَحَیَاهِ الْوَلَدِ ، وَغَیْرِ ذَلِکَ ( وَهُوَ یَحْصُلُ بِعُلُوقِ أَمَتِهِ مِنْهُ فِی مِلْکِهِ ) بِمَا یَکُونُ مَبْدَأَ نُشُوءِ آدَمِیٍّ وَلَوْ مُضْغَهً ، لَا بِعُلُوقِ الزَّوْجَهِ الْأَمَهِ ، وَلَا الْمَوْطُوءَهِ بِشُبْهَهٍ وَإِنْ وَلَدَتْهُ حُرًّا ، أَوْ مَلَکَهُمَا بَعْدُ عَلَی الْأَشْهَرِ وَلَا یُشْتَرَطُ الْوَطْءُ ، بَلْ یَکْفِی مُطْلَقُ الْعُلُوقِ مِنْهُ ، وَلَا حِلُّ الْوَطْءِ إذَا کَانَ التَّحْرِیمُ عَارِضًا کَالصَّوْمِ ، وَالْإِحْرَامِ ، وَالْحَیْضِ وَالرَّهْنِ ، أَمَّا الْأَصْلِیُّ بِتَزْوِیجِ الْأَمَهِ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِیمِ فَلَا ، لِعَدَمِ لُحُوقِ النَّسَبِ .

وَیُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِکَ الْحُکْمُ بِحُرِّیَّهِ الْوَلَدِ ، فَلَا یَحْصُلُ بِوَطْءِ الْمُکَاتَبِ أَمَتَهُ قَبْلَ الْحُکْمِ بِعِتْقِهِ ، فَلَوْ عَجَزَ اسْتَرَقَّ الْمَوْلَی الْجَمِیعَ نَعَمْ لَوْ عَتَقَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَیْسَ لَهُ بَیْعُهَا قَبْلَ عَجْزِهِ وَعِتْقِهِ ، لِتَشَبُّثِهَا بِالْحُرِّیَّهِ ، وَلَا بِوَطْءِ الْعَبْدِ أَمَتَهُ الَّتِی مَلَّکَهُ إیَّاهَا مَوْلَاهُ لَوْ قُلْنَا بِمِلْکِهِ ( وَهِیَ مَمْلُوکَهٌ ) یَجُوزُ اسْتِخْدَامُهَا ، وَوَطْؤُهَا بِالْمِلْکِ ، وَتَزْوِیجُهَا بِغَیْرِ رِضَاهَا ، وَإِجَارَتُهَا ، وَعِتْقُهَا .

( وَلَا تَتَحَرَّرُ بِمَوْتِ الْمَوْلَی ) أَیْ : بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ کَمَا یَتَحَرَّرُ الْمُدَبَّرُ لَوْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، أَوْ أَجَازَهُ الْوَارِثُ ( بَلْ ) تَتَحَرَّرُ ( مِنْ نَصِیبِ وَلَدِهَا ) مِنْ مِیرَاثِهِ مِنْ أَبِیهِ ، ( فَإِنْ عَجَزَ النَّصِیبُ ) عَنْ قِیمَتِهَا کَمَا لَوْ لَمْ یُخَلِّفْ سِوَاهَا وَخَلَّفَ وَارِثًا سِوَاهُ ( سَعَتْ ) هِیَ ( فِی الْمُتَخَلِّفِ ) مِنْ قِیمَتِهَا عَنْ نَصِیبِهِ ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمِلْکِ وَلَدِهَا مِنْ غَیْرِ الْإِرْثِ ، لِأَنَّ عِتْقَهَا عَلَیْهِ قَهْرِیٌّ فَلَا یَسْرِی عَلَیْهِ فِی الْمَشْهُورِ .

وَقِیلَ : یُقَوَّمُ عَلَیْهِ الْبَاقِی بِنَاءً عَلَی السِّرَایَهِ بِمُطْلَقِ الْمِلْکِ ( وَلَا یَجُوزُ بَیْعُهَا مَا دَامَ وَلَدُهَا حَیًّا ، إلَّا فِیمَا اُسْتُثْنِیَ ) فِی کِتَابِ الْبَیْعِ فَإِذَا مَاتَ أَوْ وَلَدَتْهُ سَقَطًا زَالَ حُکْمُ الِاسْتِیلَادِ رَأْسًا ، وَفَائِدَهُ الْحُکْمِ بِهِ بِوَضْعِ الْعَلَقَهِ وَالْمُضْغَهِ وَمَا فَوْقَهَا إبْطَالُ التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَهِ الْوَاقِعَهِ حَالَهَ الْحَمْلِ وَإِنْ جَازَ تَجْدِیدُهَا حِینَئِذٍ ( وَإِذَا جَنَتْ ) أُمُّ الْوَلَدِ خَطَأً تَعَلَّقَتْ الْجِنَایَهُ بِرَقَبَتِهَا عَلَی الْمَشْهُورِ وَ ( فَکَّهَا ) الْمَوْلَی ( بِأَقَلِّ الْأَمْرَیْنِ مِنْ قِیمَتِهَا ، وَأَرْشِ الْجِنَایَهِ ) عَلَی الْأَقْوَی لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ کَانَ هُوَ الْأَرْشُ فَظَاهِرٌ ، وَإِنْ کَانَتْ الْقِیمَهُ فَهِیَ الْبَدَلُ مِنْ الْعَیْنِ فَیَقُومُ مَقَامَهَا ، وَإِلَّا لَمْ تَکُنْ بَدَلًا ، وَلَا سَبِیلَ إلَی الزَّائِدِ ، لِأَنَّ الْمَوْلَی لَا یَعْقِلُ مَمْلُوکًا .

وَهَذَا الْحُکْمُ لَا یَخْتَصُّ بِأُمِّ الْوَلَدِ ، بَلْ بِکُلِّ مَمْلُوکٍ .

وَقِیلَ : بَلْ یَفُکُّهَا بِأَرْشِ الْجِنَایَهِ مُطْلَقًا ، لِتَعَلُّقِهَا .

بِرَقَبَتِهَا .

وَلَا یَتَعَیَّنُ عَلَیْهِ ذَلِکَ ، بَلْ یَفُکُّهَا ( إنْ شَاءَ ، وَإِلَّا ) یَفُکَّهَا ( سَلَّمَهَا ) إلَی الْمَجْنِیِّ عَلَیْهِ ، أَوْ وَارِثِهِ لِیَتَمَلَّکَهَا فَیَبْطُلُ حُکْمُ الِاسْتِیلَادِ وَلَهُ حِینَئِذٍ بَیْعُهَا ، وَالتَّصَرُّفُ فِیهَا کَیْفَ شَاءَ إنْ اسْتَغْرَقَتْ الْجِنَایَهُ قِیمَتَهَا ( أَوْ یُسَلِّمْ مَا قَابَلَ الْجِنَایَهَ ) إنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ قِیمَتَهَا .

(42) کتاب الاقرار وَفِیهِ فُصُولٌ

(42) کتاب الاقرار وَفِیهِ فُصُولٌ

( الْأَوَّلُ - الصِّیغَهُ وَتَوَابِعُهَا )

: مِنْ شَرَائِطِ الْمُقِرِّ ، وَجُمْلَهٍ مِنْ أَحْکَامِهِ ، الْمُتَرَتِّبَهِ عَلَی الصِّیغَهِ ، وَیَنْدَرِجُ فِیهِ بَعْضُ شَرَائِطِ الْمُقَرِّ بِهِ ، وَکَانَ عَلَیْهِ أَنْ یُدْرِجَ شَرَائِطَ الْمُقَرِّ لَهُ أَیْضًا فِیهِ ، وَهِیَ : أَهْلِیَّتُهُ لِلتَّمَلُّکِ ، وَأَنْ لَا یُکَذِّبَ الْمُقِرَّ ، وَأَنْ یَکُونَ مِمَّنْ یَمْلِکُ الْمُقَرَّ بِهِ فَلَوْ أَقَرَّ لِلْحَائِطِ ، أَوْ الدَّابَّهِ لَغَا ، وَلَوْ أَکْذَبَهُ لَمْ یُعْطَ ، وَلَوْ لَمْ یَصْلُحْ لِمِلْکِهِ ، کَمَا لَوْ أَقَرَّ لِمُسْلِمٍ بِخِنْزِیرٍ ، أَوْ خَمْرٍ غَیْرِ مُحْتَرَمَهٍ بَطَلَ ، وَإِنَّمَا أَدْرَجْنَا ذَلِکَ لِیَتِمَّ الْبَابُ .

( وَهِیَ ) أَیْ : الصِّیغَهُ : ( لَهُ عِنْدِی کَذَا ) ، أَوْ عَلَیَّ ( أَوْ هَذَا ) الشَّیْءُ ، کَهَذَا الْبَیْتِ ، أَوْ الْبُسْتَانِ ( لَهُ ) دُونَ بَیْتِی ، وَبُسْتَانِی فِی الْمَشْهُورِ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ مَالِکَیْنِ مُسْتَوْعِبَیْنِ عَلَی شَیْءٍ وَاحِدٍ ، وَالْإِقْرَارُ یَقْتَضِی سَبْقَ مِلْکِ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَی وَقْتِ الْإِقْرَارِ فَیَجْتَمِعُ النَّقِیضَانِ .

نَعَمْ لَوْ قَالَ بِسَبَبٍ صَحِیحٍ کَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ لِجَوَازِ أَنْ یَکُونَ لَهُ حَقٌّ وَقَدْ جَعَلَ دَارِهِ فِی مُقَابَلَتِهِ .

وَالْأَقْوَی الصِّحَّهُ مُطْلَقًا ، لِإِمْکَانِ تَنْزِیلِ الْخَالِی مِنْ الضَّمِیمَهِ عَلَیْهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُطْلَقًا یُنَزَّلُ عَلَی السَّبَبِ الصَّحِیحِ مَعَ إمْکَانِ غَیْرِهِ ؛ وَلِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا یَتَحَقَّقُ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْکِ لَهُمَا فِی نَفْسِ الْأَمْرِ ، أَمَّا ثُبُوتُ أَحَدِهِمَا ظَاهِرًا ، وَالْآخَرِ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا ، وَالْحَالُ هُنَا کَذَلِکَ فَإِنَّ الْإِخْبَارَ بِمِلْکِ الْمُقَرِّ لَهُ یَقْتَضِی مِلْکَهُ فِی الْوَاقِعِ ، وَنِسْبَهُ الْمُقَرِّ بِهِ إلَی نَفْسِهِ یُحْمَلُ عَلَی الظَّاهِرِ ، فَإِنَّهُ الْمُطَابِقُ لِحُکْمِ الْإِقْرَارِ ، إذْ لَا بُدَّ فِیهِ مِنْ کَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ تَحْتَ یَدِ الْمُقِرِّ ، وَهِیَ تَقْتَضِی ظَاهِرًا کَوْنَهُ مِلْکًا لَهُ ؛ وَلِأَنَّ الْإِضَافَهَ یَکْفِی فِیهَا أَدْنَی مُلَابَسَهٍ مِثْلَ : { فَلَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ } ، فَإِنَّ الْمُرَادَ : بُیُوتُ الْأَزْوَاجِ وَأُضِیفَتْ إلَی الزَّوْجَاتِ بِمُلَابَسَهِ السُّکْنَی ، وَلَوْ کَانَ مِلْکًا لَهُنَّ لَمَا جَازَ إخْرَاجُهُنَّ عِنْدَ الْفَاحِشَهِ ، وَکَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلِی الْخَشَبَهِ : خُذْ طَرَفَک وَکَکَوْکَبِ الْخَرْقَاءِ ، وَشَهَادَهِ اللَّهِ ، وَدِینِهِ .

وَهَذِهِ الْإِضَافَهُ لَوْ کَانَتْ مَجَازًا لَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَیْهِ ، لِوُجُودِ الْقَرِینَهِ الصَّارِفَهِ عَنْ الْحَقِیقَهِ وَالْمُعَیَّنَهِ لَهُ لِأَنَّ الْحُکْمَ بِصِحَّهِ إقْرَارِ الْعُقَلَاءِ ، مَعَ الْإِتْیَانِ بِاللَّامِ الْمُفِیدَهِ لِلْمِلْکِ وَالِاسْتِحْقَاقِ قَرِینَهٌ عَلَی أَنَّ نِسْبَهَ الْمَالِ إلَی الْمُقِرِّ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ .

وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَیْنَ قَوْلِهِ : مِلْکِی لِفُلَانٍ ، وَدَارِی ، فَحَکَمَ بِالْبُطْلَانِ فِی الْأَوَّلِ ، وَتَوَقَّفَ فِی الثَّانِی وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْفَرْقِ .

وَلَیْسَ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ : مَسْکَنِی لَهُ ، فَإِنَّهُ یَقْتَضِی الْإِقْرَارَ قَطْعًا لِأَنَّ إضَافَهَ السُّکْنَی لَا تَقْتَضِی مِلْکِیَّهَ الْعَیْنِ ، لِجَوَازِ أَنْ یَسْکُنَ مِلْکِ غَیْرِهِ .

( أَوْ لَهُ فِی ذِمَّتِی کَذَا وَشِبْهُهُ ) کَقَوْلِهِ : لَهُ قِبَلِی کَذَا ( وَلَوْ عَلَّقَهُ بِالْمَشِیئَهِ ) کَقَوْلِهِ : إنْ شِئْت ، أَوْ إنْ شَاءَ زَیْدٌ ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( بَطَلَ ) الْإِقْرَارُ ( إنْ اتَّصَلَ ) الشَّرْطُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ جَازِمٌ عَنْ حَقٍّ لَازِمٍ سَابِقٍ عَلَی وَقْتِ الصِّیغَهِ فَالتَّعْلِیقُ یُنَافِیهِ ، لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ فِی الْمُعَلَّقِ ، إلَّا أَنْ یَقْصِدَ فِی التَّعْلِیقِ عَلَی مَشِیئَهِ اللَّهِ التَّبَرُّکَ فَلَا یَضُرُّ .

وَقَدْ یُشْکِلُ الْبُطْلَانُ فِی الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصِّیغَهَ قَبْلَ التَّعْلِیقِ تَامَّهُ الْإِفَادَهِ لِمَقْصُودِ الْإِقْرَارِ .

فَیَکُونُ التَّعْلِیقُ بَعْدَهَا کَتَعْقِیبِهِ بِمَا یُنَافِیهِ فَیَنْبَغِی أَنْ یَلْغُوَ الْمُنَافِی ، لَا أَنْ یَبْطُلَ الْإِقْرَارُ وَالِاعْتِذَارُ بِکَوْنِ الْکَلَامِ کَالْجُمْلَهِ الْوَاحِدَهِ لَا یَتِمُّ إلَّا بِآخِرِهِ ، وَارِدٌ فِی تَعْقِیبِهِ بِالْمُنَافِی مَعَ حُکْمِهِمْ بِصِحَّتِهِ .

وَقَدْ یُفَرَّقُ بَیْنَ الْمَقَامَیْنِ

بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنَافِی الَّذِی لَا یُسْمَعُ : مَا وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ الصِّیغَهِ جَامِعَهً ، لِشَرَائِطِ الصِّحَّهِ ، وَهُنَا لَیْسَ کَذَلِکَ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَهِ الشَّرَائِطِ التَّنْجِیزُ وَهُوَ غَیْرُ مُتَحَقِّقٍ بِالتَّعْلِیقِ فَتَلْغُو الصِّیغَهُ . ( وَیَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْعَرَبِیَّهِ ، وَغَیْرِهَا ) ، لَاشْتَرَاک اللُّغَاتِ فِی التَّعْبِیرِ عَمَّا فِی الضَّمِیرِ ، وَالدَّلَالَهِ عَلَی الْمَعَانِی الذِّهْنِیَّهِ بِحَسَبِ الْمُوَاضَعَهِ ، لَکِنْ یُشْتَرَطُ فِی تَحْقِیقِ اللُّزُومِ عِلْمُ اللَّافِظِ بِالْوَضْعِ ، فَلَوْ أَقَرَّ عَرَبِیٌّ بِالْعَجَمِیَّهِ ، أَوْ بِالْعَکْسِ وَهُوَ لَا یَعْلَمُ مُؤَدَّی اللَّفْظِ لَمْ یَقَعْ ، وَیُقْبَلُ قَوْلُهُ فِی عَدَمِ الْعِلْمِ ، إنْ أَمْکَنَ فِی حَقِّهِ ، أَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ .

وَالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ تَجَدُّدِ الْعِلْمِ بِغَیْرِ لُغَتِهِ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِی الْأَلْفَاظِ الدَّالَّهُ عَلَی الْإِقْرَارِ إفَادَتُهَا لَهُ عُرْفًا ، وَإِنْ لَمْ یَقَعْ عَلَی الْقَانُونِ الْعَرَبِیِّ ، وَقُلْنَا بِاعْتِبَارِهِ فِی غَیْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْإِیقَاعَاتِ اللَّازِمَهِ لِتَوَقُّفِ تِلْکَ عَلَی النَّقْلِ ، وَمِنْ ثَمَّ لَا یَصْلُحُ بِغَیْرِ الْعَرَبِیَّهِ مَعَ إمْکَانِهَا . ( وَلَوْ عَلَّقَهُ بِشَهَادَهِ الْغَیْرِ ) فَقَالَ : إنْ شَهِدَ لَک فُلَانٌ عَلَیَّ بِکَذَا فَهُوَ لَک فِی ذِمَّتِی ، أَوْ لَک عَلَیَّ کَذَا إنْ شَهِدَ لَک بِهِ فُلَانٌ ( أَوْ قَالَ : إنْ شَهِدَ لَک فُلَانٌ ) عَلَیَّ بِکَذَا ( فَهُوَ صَادِقٌ ) ، أَوْ فَهُوَ صِدْقٌ أَوْ حَقٌّ ، أَوْ لَازِمٌ لِذِمَّتِی وَنَحْوُهُ ( فَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ ) وَإِنْ کَانَ قَدْ عَلَّقَ ثُبُوتَ الْحَقِّ عَلَی الشَّهَادَهِ ، وَذَلِکَ لَا یَصْدُقُ إلَّا إذَا کَانَ ثَابِتًا فِی ذِمَّتِهِ الْآنَ ، وَحُکِمَ بِصِدْقِهِ عَلَی تَقْدِیرِ شَهَادَتِهِ ، وَلَا یَکُونُ صَادِقًا إلَّا إذَا کَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِی ذِمَّتِهِ ، لِوُجُوبِ مُطَابَقَهِ الْخَبَرِ الصَّادِقِ لِمُخْبِرِهِ بِحَسْبِ الْوَاقِعِ إذْ لَیْسَ لِلشَّهَادَهِ أَثَرٌ فِی ثُبُوتِ الصِّدْقِ وَلَا عَدَمِهِ ، فَلَوْلَا حُصُولُ الصِّدْقِ عِنْدَ الْمُقِرِّ لَمَا عَلَّقَهُ عَلَی الشَّهَادَهِ ، لِاسْتِحَالَهِ أَنْ تَجْعَلَهُ الشَّهَادَهُ صَادِقًا وَلَیْسَ بِصَادِقٍ ، وَإِذَا لَمْ یَکُنْ لِلشَّهَادَهِ تَأْثِیرٌ فِی حُصُولِ الصِّدْقِ - وَقَدْ حُکِمَ بِهِ - وَجَبَ أَنْ یَلْزَمَهُ الْمَالُ ، وَإِنْ أَنْکَرَ الشَّهَادَهَ فَضْلًا عَنْ شَهَادَتِهِ ، أَوْ عَدَمِ شَهَادَتِهِ .

وَإِنَّمَا لَمْ یُؤَثِّرْ هَذَا کُلُّهُ ( لِجَوَازِ أَنْ یَعْتَقِدَ اسْتِحَالَهَ صِدْقِهِ لِاسْتِحَالَهِ شَهَادَتِهِ عِنْدَهُ ) .

وَمِثْلُهُ فِی مُحَاوَرَاتِ الْعَوَامّ کَثِیرٌ ، یَقُولُ أَحَدُهُمْ : إنْ شَهِدَ فُلَانٌ أَنِّی لَسْت لِأَبِی فَهُوَ صَادِقٌ ، وَلَا یُرِیدُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَا تَصْدُرُ عَنْهُ الشَّهَادَهُ ، لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ تَصْدِیقِهِ إیَّاهُ عَلَی کَوْنِهِ لَیْسَ لِأَبِیهِ وَغَایَتُهُ قِیَامُ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ کَافٍ فِی عَدَمِ اللُّزُومِ وَعَدَمِ صَرَاحَهِ الصِّیغَهِ فِی الْمَطْلُوبِ ، مُعْتَضِدًا بِأَصَالَهِ بَرَاءَهِ الذِّمَّهِ ، مَعَ أَنَّ مَا ذُکِرَ فِی تَوْجِیهِ اللُّزُومِ مُعَارَضٌ بِالْإِقْرَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَی شَرْطٍ بِتَقْرِیبِ مَا ذُکِرَ ، وَکَذَا قَوْلُهُمْ : إنَّهُ یُصَدَّقُ " کُلَّمَا لَمْ یَکُنْ الْمَالُ ثَابِتًا فِی ذِمَّتِهِ ، لَمْ یَکُنْ صَادِقًا عَلَی تَقْدِیرِ الشَّهَادَهِ " ، وَیَنْعَکِسُ بِعَکْسِ النَّقِیضِ إلَی قَوْلِنَا : " کُلَّمَا کَانَ صَادِقًا عَلَی تَقْدِیرِ الشَّهَادَهِ کَانَ ثَابِتًا فِی ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ یَشْهَدْ " " لَکِنَّ الْمُقَدَّمَ حَقٌّ لِعُمُومِ إقْرَارِ الْعُقَلَاءِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ جَائِزٌ " " وَقَدْ أَقَرَّ بِصِدْقِهِ عَلَی تَقْدِیرِ الشَّهَادَهِ " " فَالتَّالِی ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْمَالِ فِی ذِمَّتِهِ ، مِثْلُهُ " فَإِنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْمُعَلَّقِ ، وَمَنْقُوضٌ بِاحْتِمَالٍ الظَّاهِرِ .

(وَلَا بُدَّ مِنْ کَوْنِ الْمُقِرِّ کَامِلًا )

بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ ( خَالِیًا مِنْ الْحَجْرِ لِلسَّفَهِ ) أَمَّا الْحَجْرُ لِلْفَلَسِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِی بَابِ الدَّیْنِ اخْتِیَارُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْعَیْنِ دُونَ الدَّیْنِ ، فَلِذَا لَمْ یَذْکُرْهُ هُنَا ، وَیُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِکَ الْقَصْدُ ، وَالِاخْتِیَارُ فَلَا عِبْرَهَ بِإِقْرَارِ الصَّبِیِّ وَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا .

إنْ لَمْ نُجِزْ وَصِیَّتَهُ وَوَقْفَهُ وَصَدَقَتَهُ ، وَإِلَّا قُبِلَ إقْرَارُهُ بِهَا لِأَنَّ مَنْ مَلَکَ شَیْئًا مَلَکَ الْإِقْرَارَ بِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ اُسْتُفْسِرَ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالْإِمْنَاءِ قُبِلَ مَعَ إمْکَانِهِ ، وَلَا یَمِینَ عَلَیْهِ حَذَرًا مِنْ الدَّوْرِ .

وَدَفْعُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِی الدُّرُوسِ - بِأَنَّ یَمِینَهُ مَوْقُوفٌ عَلَی إمْکَانِ بُلُوغِهِ ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَی یَمِینِهِ هُوَ وُقُوعُ بُلُوغِهِ فَتَغَایَرَتْ الْجِهَهُ - مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ إمْکَانَ الْبُلُوغِ غَیْرُ کَافٍ شَرْعًا فِی اعْتِبَارِ أَفْعَالِ الصَّبِیِّ وَأَقْوَالِهِ الَّتِی مِنْهَا یَمِینُهُ .

وَمِثْلُهُ إقْرَارُ الصَّبِیَّهِ بِهِ أَوْ بِالْحَیْضِ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ کُلِّفَ الْبَیِّنَهَ ، سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الْغَرِیبُ وَالْخَامِلُ وَغَیْرُهُمَا ، خِلَافًا لِلتَّذْکِرَهِ حَیْثُ أَلْحَقَهُمَا فِیهِ بِمُدَّعِی الِاحْتِلَامِ ، لِتَعَذُّرِ إقَامَهِ الْبَیِّنَهِ عَلَیْهِمَا غَالِبًا أَوْ بِالْإِنْبَاتِ اُعْتُبِرَ ، فَإِنَّ مَحَلَّهُ لَیْسَ مِنْ الْعَوْرَهِ ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ مِنْهَا فَهُوَ مَوْضِعُ حَاجَهٍ .

وَلَا بِإِقْرَارِ الْمَجْنُونِ إلَّا مِنْ ذِی الدَّوْرِ وَقْتَ الْوُثُوقِ بِعَقْلِهِ ، وَلَا بِإِقْرَارِ غَیْرِ الْقَاصِدِ کَالنَّائِمِ ، وَالْهَازِلِ ، وَالسَّاهِی ، وَالْغَالِطِ ، وَلَوْ ادَّعَی الْمُقِرُّ أَحَدَ هَذِهِ فَفِی تَقْدِیمِ قَوْلِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ ، أَوْ قَوْلِ الْآخَرِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَجْهَانِ .

وَمِثْلُهُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وُقُوعُهُ حَالَهَ الصِّبَا .

وَالْمَجْنُونُ حَالَتَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَوْ لَمْ یُعْلَمْ لَهُ حَالَهُ جُنُونٍ حَلَفَ نَافِیهِ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْقَبُولِ فِی الْجَمِیعِ

وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْقَبُولِ فِی الْجَمِیعِ

، وَلَا بِإِقْرَارِ الْمُکْرَهِ فِیمَا أُکْرِهَ عَلَی الْإِقْرَارِ بِهِ ، إلَّا مَعَ ظُهُورِ أَمَارَهِ اخْتِیَارِهِ ، کَأَنْ یُکْرَهَ عَلَی أَمْرٍ فَیُقِرَّ بِأَزْیَدَ مِنْهُ . وَأَمَّا الْخُلُوُّ مِنْ السَّفَهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِی الْإِقْرَارِ الْمَالِیِّ ، فَلَوْ أَقَرَّ بِغَیْرِهِ کَجِنَایَهٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ ، وَنِکَاحٍ ، وَطَلَاقٍ قُبِلَ ، وَلَوْ اجْتَمَعَا قُبِلَ فِی غَیْرِ الْمَالِ کَالسَّرِقَهِ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْقَطْعِ ، وَلَا یَلْزَمُ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ مَا بَطَلَ قَبْلَهُ ، وَکَذَا یُقْبَلُ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ فِی غَیْرِ الْمَالِ مُطْلَقًا . ( وَإِقْرَارُ الْمَرِیضِ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ التُّهْمَهِ ) وَهِیَ : الظَّنُّ الْغَالِبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا یُرِیدُ بِالْإِقْرَارِ تَخْصِیصَ الْمُقَرَّ لَهُ بِالْمُقَرِّ بِهِ ، وَأَنَّهُ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ کَاذِبٌ ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْوَارِثُ فِیهَا فَعَلَی الْمُدَّعِی لَهَا الْبَیِّنَهُ ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا .

وَعَلَی مُنْکِرِهَا الْیَمِینُ ، وَیَکْفِی فِی یَمِینِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ لَا یَعْلَمُ التُّهْمَهَ لِأَنَّهَا لَیْسَتْ حَاصِلَهً فِی نَفْسِ الْأَمْرِ ، لِابْتِنَاءِ الْإِقْرَارِ عَلَی الظَّاهِرِ ، وَلَا یُکَلَّفُ الْحَلِفَ عَلَی اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ حَیْثُ إنَّهُ یَعْلَم بِوَجْهِ اسْتِحْقَاقِهِ لِأَنَّ ذَلِکَ غَیْرُ شَرْطٍ فِی اسْتِبَاحَهِ الْمُقَرِّ بِهِ ، بَلْ لَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ یَعْلَمْ فَسَادَ السَّبَبِ .

هَذَا کُلُّهُ مَعَ مَوْتِ الْمُقِرِّ فِی مَرَضِهِ ، فَلَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ نَفَذَ مِنْ الْأَصْلِ مُطْلَقًا وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِیِّ ( وَإِلَّا ) یَکُنْ هُنَاکَ تُهْمَهٌ ظَاهِرَهٌ ( فَمِنْ الْأَصْلِ ) مُطْلَقًا عَلَی أَصَحِّ الْأَقْوَالِ . ( وَإِطْلَاقُ الْکَیْلِ ، وَالْوَزْنِ ) فِی الْإِقْرَارِ کَأَنْ قَالَ : لَهُ عِنْدِی کَیْلُ حِنْطَهٍ ، أَوْ رِطْلُ سَمْنٍ ( یُحْمَلْ عَلَی ) الْکَیْلِ وَالْوَزْنِ ( الْمُتَعَارَفِ فِی الْبَلَدِ ) أَیْ : بَلَدِ الْمُقِرِّ وَإِنْ خَالَفَ بَلَدَ الْمُقَرِّ لَهُ ( فَإِنْ تَعَدَّدَ ) الْمِکْیَالُ وَالْمِیزَانُ فِی بَلَدِهِ ( عَیَّنَ الْمُقِرُّ ) مَا شَاءَ مِنْهَا ( مَا لَمْ یَغْلِبْ أَحَدُهَا ) فِی الِاسْتِعْمَالِ عَلَی الْبَاقِی ( فَیُحْمَلُ عَلَی الْغَالِبِ ) وَلَوْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ فَالْمُتَیَقَّنُ هُوَ الْأَقَلُّ وَکَذَا الْقَوْلُ فِی النَّقْدِ .

(وَلَوْ أَقَرَّ بِلَفْظٍ مُبْهَمِ صَحَّ )إقْرَارُهُ

( وَأُلْزِمَ تَفْسِیرَهُ ) ، وَاللَّفْظُ الْمُبْهَمُ ( کَالْمَالِ ، وَالشَّیْءِ ، وَالْجَزِیلِ ، وَالْعَظِیمِ ، وَالْحَقِیرِ ) ، وَالنَّفِیسِ ، وَمَالٍ أَیَّ مَالٍ ، وَیُقْبَلُ تَفْسِیرُهُ بِمَا قَلَّ لِأَنَّ کُلَّ مَالٍ عَظِیمٍ خَطَرُهُ شَرْعًا کَمَا یُنَبَّهُ عَلَیْهِ کَفَرَ مُسْتَحِلُّهُ ، فَیُقْبَلُ فِی هَذِهِ الْأَوْصَافِ ( وَ ) لَکِنْ ( لَا بُدَّ مِنْ کَوْنِهِ مِمَّا یُتَمَوَّلُ ) أَیْ : یُعَدُّ مَالًا عُرْفًا ( لَا کَقِشْرَهِ جَوْزَهٍ ، أَوْ حَبَّهِ دُخْنٍ ) ، أَوْ حِنْطَهٍ إذْ لَا قِیمَهَ لِذَلِکَ عَادَهً .

وَقِیلَ : یُقْبَلُ بِذَلِکَ لِأَنَّهُ مَمْلُوکٌ شَرْعًا ، وَالْحَقِیقَهُ الشَّرْعِیَّهُ مُقَدَّمَهٌ عَلَی الْعُرْفِیَّهِ ، وَلِتَحْرِیمِ أَخْذِهِ بِغَیْرِ إذْنِ مَالِکِهِ ، وَوُجُوبِ رَدِّهِ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ الْمِلْکَ لَا یَسْتَلْزِمُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَالِ شَرْعًا ، وَالْعُرْفَ یَأْبَاهُ ، نَعَمْ یَتَّجِهُ ذَلِکَ تَفْسِیرًا لِلشَّیْءِ ، وَإِنْ وَصَفَهُ بِالْأَوْصَافِ الْعَظِیمَهِ لِمَا ذُکِرَ ، ، وَیَقْرُبُ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ حَقٌّ .

وَفِی قَبُولِ تَفْسِیرِهِمَا بِرَدِّ السَّلَامِ ، وَالْعِیَادَهِ ، وَتَسْمِیتِ الْعُطَاسِ وَجْهَانِ : مِنْ إطْلَاقِ الْحَقِّ عَلَیْهَا فِی الْأَخْبَارِ فَیُطْلَقُ الشَّیْءُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ .

وَمِنْ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ وَبُعْدُهُمَا عَنْ الْفَهْمِ فِی مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ .

وَهُوَ الْأَشْهَرُ .

وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِیرِ ، حُبِسَ وَعُوقِبَ عَلَیْهِ ، حَتَّی یُفَسِّرَ ، لِوُجُوبِهِ عَلَیْهِ .

وَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ طُولِبَ الْوَارِثُ بِهِ إنْ عَلِمَهُ ، وَخَلَّفَ تَرِکَهً ، فَإِنْ أَنْکَرَ الْعِلْمَ ، وَادَّعَاهُ عَلَیْهِ الْمُقَرُّ لَهُ ، حَلَفَ عَلَی عَدَمِهِ ( وَلَا فَرْقَ ) فِی الْإِبْهَامِ وَالرُّجُوعِ إلَیْهِ فِی التَّفْسِیرِ ( بَیْنَ قَوْلِهِ : عَظِیمٌ ، أَوْ کَثِیرٌ ) ، لِاشْتِرَاکِهِمَا فِی الِاحْتِمَالِ .

( وَقِیلَ ) وَالْقَائِلُ الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ بِالْفَرْقِ ، وَأَنَّ ( الْکَثِیرَ ثَمَانُونَ ) کَالنَّذْرِ ، لِلرِّوَایَهِ الْوَارِدَهِ بِهِ فِیهِ ، وَالِاسْتِشْهَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَی { لَقَدْ نَصَرَکُمْ اللَّهُ فِی مَوَاطِنَ کَثِیرَهٍ } .

وَیُضَعَّفُ مَعَ تَسْلِیمِهِ بِبُطْلَانِ الْقِیَاسِ ، وَلِاسْتِعْمَالِ الْکَثِیرِ فِی الْقُرْآنِ لِغَیْرِ ذَلِکَ مِثْلُ " فِئَهٍ کَثِیرَهٍ .

وَذِکْرًا کَثِیرًا " .

وَدَعْوَی أَنَّهُ عُرْفٌ شَرْعِیٌّ فَلَا قِیَاسَ ، خِلَافُ الظَّاهِرِ ، وَإِلْحَاقُ الْعَظِیمِ بِهِ غَرِیبٌ .

(وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ أَکْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ )

لَزِمَهُ بِقَدْرِهِ وَزِیَادَهً ( وَ ) لَوْ ( فَسَّرَهُ بِدُونِهِ وَادَّعَی ظَنَّ الْقِلَّهِ حَلَفَ ) ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ یَخْفَی ( وَفَسَّرَ بِمَا ظَنَّهُ ) وَزَادَ عَلَیْهِ زِیَادَهً ، ، وَیَنْبَغِی تَقْیِیدُهُ بِإِمْکَانِ الْجَهْلِ بِهِ فِی حَقِّهِ .

وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِکَ : إنِّی أَعْلَمُ مَالَ فُلَانٍ ، وَعَدَمِهِ .

نَعَمْ لَوْ کَانَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْرٌ یَزِیدُ عَمَّا ادَّعَی ظَنَّهُ ، لَمْ یُقْبَلْ إنْکَارُهُ ثَانِیًا ، وَلَوْ تَأَوَّلَ بِأَنْ قَالَ : مَالُ فُلَانٍ حَرَامٌ ، أَوْ شُبْهَهٌ ، أَوْ عَیْنٌ وَمَا أَقْرَرْت بِهِ حَلَالٌ ، أَوْ دَیْنٌ ، وَالْحَلَالُ وَالدَّیْنُ أَکْثَرَ نَفْعًا ، أَوْ بَقَاءً فَفِی قَبُولِهِ قَوْلَانِ : مِنْ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ کَثْرَهُ الْمِقْدَارِ فَیَکُونُ حَقِیقَهً فِیهَا وَهِیَ مُقَدَّمَهٌ عَلَی الْمَجَازِ مَعَ عَدَمِ الْقَرِینَهِ الصَّارِفَهِ .

وَمِنْ إمْکَانِ إرَادَهِ الْمَجَازِ وَلَا یُعْلَمُ قَصْدُهُ إلَّا مِنْ لَفْظِهِ فَیَرْجِعُ إلَیْهِ فِیهِ وَلَا یَخْفَی قُوَّهُ الْأَوَّلِ .

نَعَمْ لَوْ اتَّصَلَ التَّفْسِیرُ بِالْإِقْرَارِ لَمْ یَبْعُدْ الْقَبُولُ . ( وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ کَذَا دِرْهَمٌ ، بِالْحَرَکَاتِ الثَّلَاثِ ) : الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَرُّ ( وَالْوَقْفُ ) بِالسُّکُونِ ، وَمَا فِی مَعْنَاهُ ( فَوَاحِدٌ ) ، لِاشْتِرَاکِهِ بَیْنَ الْوَاحِدِ فَمَا زَادَ وَضْعًا فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْمُتَیَقَّنُ إذَا لَمْ یُفَسِّرْهُ بِأَزْیَدَ ، فَإِنَّ " کَذَا " کِنَایَهٌ عَنْ " الشَّیْءِ " .

فَمَعَ الرَّفْعِ یَکُونُ الدِّرْهَمُ بَدَلًا مِنْهُ ، وَالتَّقْدِیرُ : " شَیْءٌ دِرْهَمٌ " .

وَمَعَ النَّصْبِ یَکُونُ تَمْیِیزًا لَهُ

، وَأَجَازَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِیَّهِ نَصْبَهُ عَلَی الْقَطْعِ کَأَنَّهُ قَطَعَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَأَقَرَّ بِدِرْهَمٍ وَمَعَ الْجَرِّ تُقَدَّرُ الْإِضَافَهُ بَیَانِیَّهً کَحَبِّ الْحَصِیدِ وَالتَّقْدِیرُ شَیْءٌ هُوَ دِرْهَمٌ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ ذَلِکَ وَإِنْ صَحَّ إلَّا أَنَّهُ یُمْکِنُ تَقْدِیرُ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ بِجَعْلِ الشَّیْءِ جُزْءًا مِنْ الدِّرْهَمِ أُضِیفَ إلَیْهِ فَیَلْزَمُهُ جُزْءٌ یَرْجِعُ فِی تَفْسِیرِهِ إلَیْهِ ، لِأَنَّهُ الْمُتَیَقَّنُ ، وَلِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ ، وَمِنْ ثَمَّ حُمِلَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ عَلَی الدِّرْهَمِ مَعَ احْتِمَالِهِمَا أَزِیدَ مِنْهُ .

وَقِیلَ : إنَّ الْجَرَّ لَحْنٌ یُحْمَلُ عَلَی أَخَوَیْهِ فَیَلْزَمُهُ حُکْمُهُمَا .

وَأَمَّا الْوَقْفُ فَیَحْتَمِلُ الرَّفْعَ وَالْجَرَّ لَوْ أُعْرِبَ ، لَا النَّصْبَ لِوُجُوبِ إثْبَاتِ الْأَلِفِ فِیهِ وَقْفًا فَیُحْمَلُ عَلَی مَدْلُولِ مَا احْتَمَلَهُ .

فَعَلَی مَا اخْتَارَهُ یَشْتَرِکَانِ فِی احْتِمَالِ الدِّرْهَمِ فَیُحْمَلُ عَلَیْهِ ، وَعَلَی مَا حَقَّقْنَاهُ یَلْزَمُهُ جُزْءُ دِرْهَمٍ خَاصَّهً ، لِأَنَّهُ بِاحْتِمَالِهِ الرَّفْعَ وَالْجَرَّ حَصَلَ الشَّکُّ فِیمَا زَادَ عَلَی الْجُزْءِ فَیُحْمَلُ عَلَی الْمُتَیَقَّنِ وَهُوَ مَا دَلَّتْ عَلَیْهِ الْإِضَافَهُ .

( وَکَذَا کَذَا دِرْهَمًا ، وَکَذَا وَکَذَا دِرْهَمًا کَذَلِکَ ) فِی حَمْلِهِ عَلَی الدِّرْهَمِ مَعَ الْحَرَکَاتِ الثَّلَاثِ ، وَالْوَقْفِ ، لِاحْتِمَالِ کَوْنِ " کَذَا " الثَّانِی تَأْکِیدًا لِلْأَوَّلِ فِی الْأَوَّلِ .

وَالْحُکْمُ فِی الْإِعْرَابِ مَا سَلَف ، وَفِی الْوَقْفِ یُنَزَّلُ عَلَی أَقَلِّ الِاحْتِمَالَاتِ .

وَکَوْنُ " کَذَا " شَیْئًا مُبْهَمًا ، وَالثَّانِی مَعْطُوفًا عَلَیْهِ فِی الثَّانِی وَمُیِّزَا بِدِرْهَمٍ عَلَی تَقْدِیرِ النَّصْبِ ، وَأُبْدِلَا مِنْهُ عَلَی تَقْدِیرِ الرَّفْعِ ، وَبُیِّنَا مَعًا بِالدِّرْهَمِ مَعَ الْجَرِّ .

وَنُزِّلَ عَلَی أَحَدِهِمَا مَعَ الْوَقْفِ ، أَوْ أُضِیفَ الْجُزْءُ إلَی جُزْءِ الدِّرْهَمِ فِی الْجَرِّ عَلَی مَا اخْتَرْنَاهُ ، وَحُمِلَ الْوَقْفُ عَلَیْهِ أَیْضًا .

( وَلَوْ فُسِّرَ ) فِی حَالَهِ ( الْجَرِّ ) مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَهِ ( بِبَعْضِ دِرْهَمٍ جَازَ ) ، لِإِمْکَانِهِ وَضْعًا بِجَعْلِ الشَّیْءِ الْمُرَادِ بِ " کَذَا " ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ کِنَایَهً عَنْ الْجُزْءِ .

، وَفِیهِ أَنَّ قَبُولَ تَفْسِیرِهِ بِهِ یَقْتَضِی صِحَّتَهُ بِحَسْبِ الْوَضْعِ ، فَکَیْفَ یُحْمَلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَی مَا هُوَ أَکْثَرُ مِنْهُ مَعَ إمْکَانِ الْأَقَلِّ ، فَالْحَمْلُ عَلَیْهِ مُطْلَقًا أَقْوَی .

( وَقِیلَ ) - وَالْقَائِلُ بِهِ الشَّیْخُ وَجَمَاعَهٌ - : ( یُتْبَعُ فِی ذَلِکَ ) الْمَذْکُورِ مِنْ قَوْلِهِ : کَذَا [ دِرْهَم ] ، وَکَذَا کَذَا ، وَکَذَا وَکَذَا دِرْهَم بِالْحَرَکَاتِ الثَّلَاثِ ، وَالْوَقْفِ وَذَلِکَ اثْنَتَا عَشْرَهَ صُورَهً ( مُوَازَنَهً مِنْ الْأَعْدَادِ ) جَعْلًا لِکَذَا کِنَایَهً عَنْ الْعَدَدِ ، لَا عَنْ الشَّیْءِ فَیَکُونُ الدِّرْهَمُ فِی جَمِیعِ أَحْوَالِهِ تَمْیِیزًا لِذَلِکَ الْعَدَدِ ، فَیُنْظَرُ إلَی مَا یُنَاسِبُهُ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِیه قَوَاعِدُ الْعَرَبِیَّهِ مِنْ إعْرَابِ الْمُمَیِّزِ لِلْعَدَدِ وَیُحْمَلُ عَلَیْهِ .

فَیَلْزَمُهُ - مَعَ إفْرَادِ الْمُبْهَمِ وَرَفْعِ الدِّرْهَمِ - دِرْهَمٌ لِأَنَّ الْمُمَیِّزَ لَا یَکُونُ مَرْفُوعًا فَیُجْعَلُ بَدَلًا کَمَا مَرَّ ، وَمَعَ النَّصْبِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ مُفْرَدٍ یَنْصِبُ مُمَیِّزَهُ إذْ فَوْقَهُ ثَلَاثُونَ إلَی تِسْعِینَ فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَقَلِّ ، وَمَعَ الْجَرِّ مِائَهُ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ مُفْرَدٍ فُسِّرَ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ إذْ فَوْقَهُ الْأَلْفُ ، وَمَعَ الْوَقْفِ دِرْهَمٌ ، لِاحْتِمَالِهِ الرَّفْعَ وَالْجَرَّ فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَوَّلِ [ الْأَقَلِّ ] .

وَمَعَ تَکْرِیرِهِ بِغَیْرِ عَطْفٍوَرَفْعِ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ ، لِمَا ذَکَرْنَا فِی الْإِفْرَادِ مَعَ کَوْنِ الثَّانِی تَأْکِیدًا لِلْأَوَّلِ .

وَمَعَ نَصْبِهِ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ مُرَکَّبٍ مَعَ غَیْرِهِ یُنْصَبُ بَعْدَهُ مُمَیِّزُهُ إذْ فَوْقَهُ اثْنَا عَشَرَ إلَی تِسْعَهَ عَشَرَ فَیُحْمَلُ عَلَی الْمُتَیَقَّنِ ، وَمَعَ جَرِّهِ ثَلَاثِمِائَهِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ أُضِیفَ إلَی آخَرَ ، وَمُیِّزَ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ ، إذْ فَوْقَهُ أَرْبَعُمِائَهٍ إلَی تِسْعِمِائَهٍ ، ثُمَّ مِائَهٌ مِائَهٌ ، ثُمَّ مِائَهُ أَلْفٍ ، ثُمَّ أَلْفٌ أَلْفٌ فَیُحْمَلُ عَلَی الْمُتَیَقَّنِ ، وَالتَّرْکِیبُ هُنَا لَا یَتَأَتَّی لِأَنَّ مُمَیِّزَ الْمُرَکَّبِ لَمْ یَرِدْ مَجْرُورًا .

وَهَذَا الْقِسْمُ لَمْ یُصَرِّحْ بِهِ صَاحِبُ الْقَوْلِ وَلَکِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ : وَمَعَ الْوَقْفِ یُحْتَمَلُ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَهُوَ الرَّفْعُ ،

وَمَعَ تَکْرِیرِهِ مَعْطُوفًا

وَمَعَ تَکْرِیرِهِ مَعْطُوفًا

وَرَفْعِ الدِّرْهَمِ یَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ ، لِمَا ذُکِرَ فِی الْإِفْرَادِ بِجَعْلِ الدِّرْهَمِ بَدَلًا مِنْ مَجْمُوعِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَیْهِ .

وَیُحْتَمَلُ أَنْ یَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَزِیَادَهٌ لِأَنَّهُ ذَکَرَ شَیْئَیْنِ مُتَغَایِرَیْنِ بِالْعَطْفِ فَیُجْعَلُ الدِّرْهَمُ تَفْسِیرًا لِلْقَرِیبِ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَعْطُوفُ فَیَبْقَی الْمَعْطُوفُ عَلَیْهِ عَلَی إبْهَامِهِ فَیُرْجَعُ إلَیْهِ فِی تَفْسِیرِهِ ، وَأَصَالَهُ الْبَرَاءَهِ تَدْفَعُهُ .

وَمَعَ نَصْبِ الدِّرْهَمِ یَلْزَمُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدَیْنِ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ ، وَانْتَصَبَ الْمُمَیِّزُ بَعْدَهُمَا ، إذْ فَوْقَهُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ إلَی تِسْعَهٍ وَتِسْعِینَ فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَقَلِّ .

وَمَعَ جَرِّ الدِّرْهَمِ یَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَمِائَهٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدَیْنِ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ وَمُیِّزَ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ ، إذْ فَوْقَهُ مِنْ الْأَعْدَادِ الْمَعْطُوفِ عَلَیْهَا الْمِائَهُ وَالْأَلْفُ مَا لَا نِهَایَهَ لَهُ .

وَیُحْتَمَلُ جَعْلُ الدِّرْهَمِ مُمَیِّزًا لِلْمَعْطُوفِ فَیَکُونُ مِائَهً ، وَیَبْقَی الْمَعْطُوفُ عَلَیْهِ مُبْهَمًا فَیَرْجِعُ إلَیْهِ فِی تَفْسِیرِهِ ، وَجَعْلِهِ دِرْهَمًا لِمُنَاسِبَهِ الْأَعْدَادِ الْمُمَیَّزَهِ فَیَکُونُ التَّقْدِیرُ دِرْهَمٌ وَمِائَهُ دِرْهَمٍ ، لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ .

وَهَذَا الْقِسْمُ أَیْضًا لَمْ یُصَرِّحُوا بِحُکْمِهِ ، وَلَکِنَّهُ لَازِمٌ لِلْقَاعِدَهِ .

وَمَعَ الْوَقْفِ عَلَیْهِ یَحْتَمِل الرَّفْعَ وَالْجَرَّ فَیُحْمَلُ عَلَی الْأَقَلِّ وَهُوَ الرَّفْعُ .

وَإِنَّمَا حَمَلْنَا الْعِبَارَهَ عَلَی جَمِیعِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ یُرِیدَ بِقَوْلِهِ " کَذَا وَکَذَا دِرْهَمًا .

وَکَذَا وَکَذَا دِرْهَمًا کَذَلِکَ " حُکْمُهَا فِی حَالَهِ النَّصْبِ لِأَنَّهُ الْمَلْفُوظُ ، وَیَکُونُ حُکْمُهُمَا فِی غَیْرِ حَالَهِ النَّصْبِ مَسْکُوتًا عَنْهُ لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ : " وَلَوْ فُسِّرَ فِی الْجَرِّ بِبَعْضِ دِرْهَمٍ جَازَ وَذَلِکَ یَقْتَضِی کَوْنَ مَا سَبَقَ شَامِلًا لِحَالَهِ الْجَرِّ إذْ یَبْعُدُ کَوْنُ قَوْلِهِ : " وَلَوْ فُسِّرَ فِی الْجَرِّ " تَتْمِیمًا لِحُکْمِ کَذَا الْمُفْرَدِ لِبُعْدِهِ .

وَعَلَی التَّقْدِیرَیْنِ یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ قَوْلُهُ .

" وَقِیلَ : یُتْبَعُ فِی ذَلِکَ مُوَازِنُهُ " فَعَلَی مَا ذَکَرْنَاهُ تَتَشَعَّبُ إلَی اثْنَتَیْ عَشْرَهَ ، وَهِیَ الْحَاصِلَهُ : مِنْ ضَرْبِ أَقْسَامِ الْإِعْرَابِ الْأَرْبَعَهِ فِی الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَهِیَ : کَذَا الْمُفْرَدُ ، وَالْمُکَرَّرُ بِغَیْرِ عَطْفٍ ، وَمَعَ الْعَطْفِ ، وَعَلَی الِاحْتِمَالِ یَسْقُطُ مِنْ الْقِسْمَیْنِ الْأَخِیرَیْنِ مَا زَادَ عَلَی نَصْبِ الْمُمَیِّزِ فَتَنْتَصِفُ الصُّوَرُ .

وَکَیْفَ کَانَ فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِیفٌ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَمْ تُوضَعْ لِهَذِهِ الْمَعَانِی لُغَهً ، وَلَا اصْطِلَاحًا ، وَمُنَاسَبَتُهَا عَلَی الْوَجْهِ الْمَذْکُورِ لَا یُوجِبُ اشْتِغَالَ الذِّمَّهِ بِمُقْتَضَاهَا مَعَ أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، وَاحْتِمَالِهَا لِغَیْرِهَا عَلَی الْوَجْهِ الَّذِی بُیِّنَ ، وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ کَوْنِ الْمُقِرِّ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِیَّهِ وَغَیْرِهِمْ ، لِاسْتِعْمَالِهَا عَلَی الْوَجْهِ الْمُنَاسِبِ لِلْعَرَبِیَّهِ فِی غَیْرِ مَا ادَّعَوْهُ اسْتِعْمَالًا شَهِیرًا .

خِلَافًا لِلْعَلَّامَهِ حَیْثُ فَرَّقَ ، فَحَکَمَ بِمَا ادَّعَاهُ الشَّیْخُ عَلَی الْمُقِرِّ إذَا کَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ .

وَقَدْ ظَهَرَ ضَعْفُهُ .

(وَ)إنَّمَا(یُمْکِنُ هَذَا )الْقَوْلُ

( مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَی الْقَصْدِ ) أَیْ : عَلَی قَصْدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّهُ أَرَادَ مَا ادَّعَاهُ الْقَائِلُ ، وَمَعَ الِاطِّلَاعِ لَا إشْکَالَ ( وَلَوْ قَالَ : لِی عَلَیْک أَلْفٌ ، فَقَالَ نَعَمْ ، أَوْ أَجَلْ ، أَوْ بَلَی ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ لَزِمَهُ ) الْأَلْفُ .

أَمَّا جَوَابُهُ بِنَعَمْ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُجَابِ إنْ کَانَ خَبَرًا فَهِیَ بَعْدَهُ حَرْفُ تَصْدِیقٍ ، وَإِنْ کَانَ اسْتِفْهَامًا مَحْذُوفَ الْهَمْزَهِ فَهِیَ بَعْدَهُ لِلْإِثْبَاتِ وَالْإِعْلَامِ .

لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ الْمَاضِی إثْبَاتُهُ بِ " نَعَمْ " وَنَفْیُهُ بِ " لَا " وَأَجَلْ مِثْلُهُ .

وَأَمَّا بَلَی فَإِنَّهَا وَإِنْ کَانَتْ لِإِبْطَالِ النَّفْیِ ، إلَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ الْعُرْفِیَّ جَوَّزَ وُقُوعَهَا فِی جَوَابِ الْخَبَرِ الْمُثْبَتِ کَنَعَمْ ، وَالْإِقْرَارُ جَارٍ عَلَیْهِ لَا عَلَی دَقَائِقِ اللُّغَهِ ، وَلَوْ قَدَّرَ کَوْنَ الْقَوْلِ اسْتِفْهَامًا فَقَدْ وَقَعَ اسْتِعْمَالُهَا فِی جَوَابِهِ لُغَهً وَإِنْ قَلَّ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : { أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَکُونُوا مِنْ أَرْفَعِ أَهْلِ الْجَنَّهِ ؟ ، قَالُوا : بَلَی } وَالْعُرْفُ قَاضٍ بِهِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ اُحْتُمِلَ کَوْنُهُ مُقِرًّا بِهِ لِغَیْرِهِ ، وَکَوْنُهُ وَعْدًا بِالْإِقْرَارِ ، مِنْ حَیْثُ إنَّ مُقِرًّا اسْمُ فَاعِلٍ یَحْتَمِلُ الِاسْتِقْبَالَ إلَّا أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ کَوْنُ ضَمِیرِ " بِهِ " عَائِدًا إلَی مَا ذَکَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَکَوْنُهُ إقْرَارًا بِالْفِعْلِ عُرْفًا ، وَالْمَرْجِعُ فِیهِ إلَیْهِ .

وَقَوَّی الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ أَنَّهُ لَیْسَ بِإِقْرَارٍ حَتَّی یَقُولَ : لَک ، وَفِیهِ مَعَ مَا ذُکِرَ أَنَّهُ لَا یُدْفَعُ لَوْلَا دَلَالَهُ الْعُرْفِ وَهِیَ وَارِدَهٌ عَلَی الْأَمْرَیْنِ .

وَمِثْلُهُ أَنَا مُقِرٌّ بِدَعْوَاک ، أَوْ بِمَا ادَّعَیْت ، أَوْ لَسْت مُنْکِرًا لَهُ ، لِدَلَالَهِ الْعُرْفِ ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا یَکُونَ الْأَخِیرُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ أَعَمُّ . ( وَلَوْ قَالَ : زِنْهُ ، أَوْ انْتَقِدْهُ ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ ) وَلَمْ یَقُلْ : " بِهِ " ( لَمْ یَکُنْ شَیْئًا ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِانْتِفَاءِ دَلَالَتِهِمَا عَلَی الْإِقْرَارِ ، لِإِمْکَانِ خُرُوجِهِمَا مَخْرَجَ الِاسْتِهْزَاءِ فَإِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ شَائِعٌ فِی الْعُرْفِ ، وَأَمَّا الْأَخِیرُ فَلِأَنَّهُ مَعَ انْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ یُحْتَمَلُ کَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُدَّعِی وَغَیْرِهِ ، فَإِنَّهُ لَوْ وَصَلَ بِهِ قَوْلَهُ " بِالشَّهَادَتَیْنِ " أَوْ بِبُطْلَانِ دَعْوَاک " لَمْ یَخْتَلَّ اللَّفْظُ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَیْرُ مَذْکُورٍ ، فَجَازَ تَقْدِیرُهُ بِمَا یُطَابِقُ الْمُدَّعِیَ وَغَیْرَهُ مُعْتَضِدًا بِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ ، وَیُحْتَمَلُ عَدُّهُ إقْرَارًا لِأَنَّ صُدُورَهُ عَقِیبَ الدَّعْوَی قَرِینَهُ صَرْفِهِ إلَیْهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ لُغَهً کَذَلِکَ کَمَا فِی قَوْله تَعَالَی : { أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَی ذَلِکُمْ إصْرِی قَالُوا أَقْرَرْنَا } وقَوْله تَعَالَی : { قَالَ فَاشْهَدُوا } ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْلَاهُ لَکَانَ هَذْرًا .

، وَفِیهِ مَنْعُ الْقَرِینَهِ لِوُقُوعِهِ کَثِیرًا عَلَی خِلَافِ ذَلِکَ ، وَاحْتِمَالُ الِاسْتِهْزَاءِ مُنْدَفِعٌ عَنْ الْآیَهِ .

وَدَعْوَی الْهَذَرِیَّهِ إنَّمَا یَتِمُّ لَوْ لَمْ یَکُنْ الْجَوَابُ بِذَلِکَ مُفِیدًا وَلَوْ بِطَرِیقِ الِاسْتِهْزَاءِ ، وَلَا شُبْهَهَ فِی کَوْنِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَقْصُودَهِ لِلْعُقَلَاءِ عُرْفًا الْمُسْتَعْمَلِ لُغَهً ، وَقِیَامُ الِاحْتِمَالِ یَمْنَعُ لُزُومَ الْإِقْرَارِ بِذَلِکَ . ( وَلَوْ قَالَ : أَلَیْسَ لِی عَلَیْک کَذَا ؟ فَقَالَ : بَلَی ، کَانَ إقْرَارًا ) لِأَنَّ بَلَی حَرْفٌ یَقْتَضِی إبْطَالَ النَّفْیِ ، سَوَاءٌ کَانَ مُجَرَّدًا نَحْوُ { زَعَمَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنْ لَنْ یُبْعَثُوا قُلْ بَلَی وَرَبِّی } ، أَمْ مَقْرُونًا بِالِاسْتِفْهَامِ الْحَقِیقِیِّ کَالْمِثَالِ ، أَمْ التَّقْرِیرِیِّ نَحْوُ { أَلَمِ یَأْتِکُمْ نَذِیرٌ قَالُوا بَلَی } { أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قَالُوا بَلَی } .

؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ ، بَلَی ، بَلْ زِیدَتْ عَلَیْهَا الْأَلِفُ ، فَقَوْلُهُ : بَلَی ، رَدٌّ لِقَوْلِهِ : " لَیْسَ لِی عَلَیْک کَذَا ، فَإِنَّهُ الَّذِی دَخَلَ عَلَیْهِ حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ ، وَنَفْیٌ لَهُ ، وَنَفْیُ النَّفْیِ إثْبَاتٌ فَیَکُونُ إقْرَارًا .

( وَکَذَا لَوْ قَالَ : نَعَمْ عَلَی الْأَقْوَی ) ، لِقِیَامِهَا مَقَامَ بَلَی لُغَهً وَعُرْفًا أَمَّا الْعُرْفُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا اللُّغَهُ فَمِنْهَا { قَوْلُ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لِلْأَنْصَارِ : أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ لَهُمْ ذَلِکَ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ } ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ : أَلَیْسَ اللَّیْلُ یَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو وَإِیَّانَا فَذَاکَ بِنَا تَدَانِی نَعَمْ وَأَرَی الْهِلَالَ کَمَا تَرَاهُ وَیَعْلُوهَا النَّهَارُ کَمَا عَلَانِی وَنَقَلَ فِی الْمُغْنِی عَنْ سِیبَوَیْهِ وُقُوعَ " نَعَمْ " فِی جَوَابِ " أَلَسْت " ، وَحَکَی عَنْ جَمَاعَهٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِینَ وَالْمُتَأَخِّرِینَ جَوَازَهُ .

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ : أَنَّهُ لَا یَکُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ " نَعَمْ " حَرْفُ تَصْدِیقٍ کَمَا مَرَّ فَإِذَا وَرَدَ عَلَی النَّفْیِ الدَّاخِلِ عَلَیْهِ الِاسْتِفْهَامُ کَانَ تَصْدِیقًا لَهُ فَیُنَافِی الْإِقْرَارَ ، وَلِهَذَا قِیلَ - وَنُسِبَ إلَی ابْنِ عَبَّاسٍ - : أَنَّ الْمُخَاطَبِینَ بِقَوْلِهِ تَعَالَی : { أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ قَالُوا بَلَی } لَوْ قَالُوا : نَعَمْ کَفَرُوا .

فَیَکُونُ التَّقْدِیرُ حِینَئِذٍ : لَیْسَ لَک عَلَیَّ ، فَیَکُونُ إنْکَارًا ، لَا إقْرَارًا .

وَجَوَابُهُ : أَنَّا لَا نُنَازِعُ فِی إطْلَاقِهَا کَذَلِکَ ، لَکِنْ قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِی الْمَعْنَی الْآخَرِ لُغَهً کَمَا اعْتَرَفَ بِهِ جَمَاعَهٌ .

وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ وَاشْتَهَرَتْ فِیهِ عُرْفًا ، وَرُدَّ الْمَحْکِیُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجُوِّزَ الْجَوَابُ بِنَعَمْ ، وَحَمَلَهُ فِی الْمُغْنِی عَلَی أَنَّهُ لَمْ یَکُنْ إقْرَارًا کَافِیًا ، لِاحْتِمَالِهِ .

وَحَیْثُ ظَهَرَ ذَلِکَ عُرْفًا وَوَافَقَتْهُ اللُّغَهُ رُجِّحَ هَذَا الْمَعْنَی وَقَوِیَ کَوْنُهُ إقْرَارًا .

الْفَصْلُ الثَّانِی - فِی تَعْقِیبِ الْإِقْرَارِ ب

الْفَصْلُ الثَّانِی - فِی تَعْقِیبِ الْإِقْرَارِ بِمَا یُنَافِیهِ

وَهُوَ قِسْمَانِ : مَقْبُولٌ وَمَرْدُودٌ ( وَالْمَقْبُولُ مِنْهُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لَمْ یَسْتَوْعِبْ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ ) ، سَوَاءٌ ، بَقِیَ أَقَلُّ مِمَّا أَخْرَجَ أَمْ أَکْثَرُ أَمْ مُسَاوٍ ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَثْنَی وَالْمُسْتَثْنَی مِنْهُ کَالشَّیْءِ الْوَاحِدِ فَلَا یَتَفَاوَتُ الْحَالُ بِکَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ ، وَلِوُقُوعِهِ فِی الْقُرْآنِ وَغَیْرِهِ مِنْ اللَّفْظِ الْفَصِیحِ الْعَرَبِیِّ .

( وَ ) إنَّمَا یَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا ( اتَّصَلَ ) بِالْمُسْتَثْنَی مِنْهُ ( بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَهُ ) فَیُغْتَفَرُ التَّنَفُّسُ بَیْنَهُمَا وَالسُّعَالُ وَغَیْرُهُمَا مِمَّا لَا یُعَدُّ مُنْفَصِلًا عُرْفًا وَلَمَّا کَانَ الِاسْتِثْنَاءُ إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِی اللَّفْظِ کَانَ الْمُسْتَثْنَی وَالْمُسْتَثْنَی مِنْهُ مُتَنَاقِضَیْنِ .

( فَمِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْیٌ ، وَمِنْ النَّفْیِ إثْبَاتٌ ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَلَیْهِ إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ ، وَأَمَّا الثَّانِی فَلِأَنَّهُ لَوْلَاهُ لَمْ یَکُنْ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " یَتِمُّ بِهِ التَّوْحِیدُ لِأَنَّهُ لَا یَتِمُّ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْإِلَهِیَّهِ لِلَّهِ تَعَالَی وَنَفْیِهَا عَمَّا عَدَاهُ تَعَالَی وَالنَّفْیُ هُنَا حَاصِلٌ ، فَلَوْ لَمْ یَحْصُلْ الْإِثْبَاتُ لَمْ یَتِمَّ التَّوْحِیدُ .

وَعَلَی مَا ذَکَرَ مِنْ الْقَوَاعِدِ ( فَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ إلَّا تِسْعِینَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِعَشَرَهٍ ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ إثْبَاتٌ لِلْمِائَهِ ، وَالْمُسْتَثْنَی نَفْیٌ لِلتِّسْعِینَ مِنْهَا فَبَقِیَ عَشَرَهٌ .

( وَلَوْ قَالَ : إلَّا تِسْعُونَ ) بِالرَّفْعِ ( فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِائَهٍ ) لِأَنَّهُ لَمْ یَسْتَثْنِ مِنْهَا شَیْئًا ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمُوجَبِ التَّامِّ لَا یَکُونُ إلَّا مَنْصُوبًا فَلَمَّا رَفَعَهُ لَمْ یَکُنْ اسْتِثْنَاءً وَإِنَّمَا " إلَّا " ، فِیهِ بِمَنْزِلَهِ غَیْرُ یُوصَفُ بِهَا وَبِتَالِیهَا مَا قَبْلَهَا ، وَلَمَّا کَانَتْ الْمِائَهُ مَرْفُوعَهً بِالِابْتِدَاءِ کَانَتْ التِّسْعُونَ مَرْفُوعَهً صِفَهً لِلْمَرْفُوعِ وَالْمَعْنَی : لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ مَوْصُوفَهٌ بِأَنَّهَا غَیْرُ تِسْعِینَ ، فَقَدْ وَصَفَ الْمُقَرَّبَهَ وَلَمْ یَسْتَثْنِ مِنْهُ شَیْئًا .

وَهَذِهِ الصِّفَهُ مُؤَکِّدَهٌ صَالِحَهٌ لِلْإِسْقَاطِ إذْ کُلُّ مِائَهٍ فَهِیَ مَوْصُوفَهٌ بِذَلِکَ .

مِثْلُهَا " فِی نَفْخَهٍ وَاحِدَهٍ " .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ بَیْنَ النُّحَاهِ فِی ، إلَّا الْوَصْفِیَّهِ ، کَوْنُهَا وَصْفًا لِجَمْعٍ مُنَکَّرٍ کَقَوْلِهِ تَعَالَی : { لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَهٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } وَالْمِائَهُ لَیْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، لَکِنَّ الَّذِی اخْتَارَهُ جَمَاعَهٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِینَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَلِکَ ، وَنَقَلَ فِی الْمُغْنِی عَنْ سِیبَوَیْهِ جَوَازَ " لَوْ کَانَ مَعَنَا رَجُلٌ إلَّا زَیْدٍ ، لَغَلَبْنَا " ، أَیْ : غَیْرَ زَیْدٍ .

( وَلَوْ قَالَ : لَیْسَ لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ إلَّا تِسْعُونَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِتِسْعِینَ ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَی مِنْ الْمَنْفِیِّ التَّامِّ یَکُونُ مَرْفُوعًا فَلَمَّا رَفَعَ التِّسْعِینَ عُلِمَ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَنْفِیِّ فَیَکُونُ إثْبَاتًا لِلتِّسْعِینَ بَعْدَ نَفْیِ الْمِائَهِ ( وَلَوْ قَالَ : إلَّا تِسْعِینَ ) بِالْیَاءِ ( فَلَیْسَ مُقِرًّا ) لِأَنَّ نَصْبَ الْمُسْتَثْنَی دَلِیلٌ عَلَی کَوْنِ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ مُوجَبًا ، وَلَمَّا کَانَ ظَاهِرُهُ النَّفْیُ حُمِلَ عَلَی أَنَّ حَرْفَ النَّفْیِ دَاخِلٌ عَلَی الْجُمْلَهِ الْمُثْبَتَهِ الْمُشْتَمِلَهِ عَلَی الِاسْتِثْنَاءِ أَعْنِی : مَجْمُوعَ الْمُسْتَثْنَی وَالْمُسْتَثْنَی مِنْهُ وَهِیَ " لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ إلَّا تِسْعِینَ ، فَکَأَنَّهُ قَالَ : الْمِقْدَارُ الَّذِی هُوَ مِائَهٌ إلَّا تِسْعِینَ لَیْسَ لَهُ عَلَیَّ أَعْنِی : الْعَشَرَهَ الْبَاقِیَهَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ .

کَذَا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فِی شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَی نَظِیرِ الْعِبَارَهِ ، وَغَیْرُهُ .

، وَفِیهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَتِمُّ إلَّا مَعَ امْتِنَاعِ النَّصْبِ عَلَی تَقْدِیرِ کَوْنِ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ مَنْفِیًّا تَامًّا ، لَکِنَّ النَّصْبَ جَائِزٌ حِینَئِذٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ یَبْلُغْ رُتْبَهَ الرَّفْعِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : النَّصْبُ عَرَبِیٌّ جَیِّدٌ .

فَقَدْ قُرِئَ بِهِ فِی السَّبْعِ { مَا فَعَلُوهُ إلَّا قَلِیلًا } { وَلَا یَلْتَفِتْ مِنْکُمْ أَحَدٌ إلَّا امْرَأَتَکَ } .

فَالْأَوْلَی فِی تَوْجِیهِ عَدَمِ لُزُومِ شَیْءٍ فِی الْمَسْأَلَهِ أَنْ یُقَالَ - عَلَی تَقْدِیرِ النَّصْبِ - : یُحْتَمَلُ کَوْنُهُ عَلَی الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَنْفِیِّ فَیَکُونُ إقْرَارًا بِتِسْعِینَ ، وَکَوْنُهُ مِنْ الْمُثْبَتِ وَالنَّفْیُ مُوَجَّهٌ إلَی مَجْمُوعِ الْجُمْلَهِ فَلَا یَکُونُ إقْرَارًا بِشَیْءٍ فَلَا یَلْزَمُهُ شَیْءٌ ، لِقِیَامِ الِاحْتِمَالِ وَاشْتِرَاکِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ لُغَهً .

مَعَ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَی الْمَعْنَی الثَّانِی مَعَ جَوَازِ الْأَوَّلِ خِلَافُ الظَّاهِرِ .

وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ صِیَغِ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْأَوَّلُ وَخِلَافُهُ یَحْتَاجُ إلَی تَکْلِیفٍ لَا یَتَبَادَرُ مِنْ الْإِطْلَاقِ ، وَهُوَ قَرِینَهُ تَرْجِیحِ أَحَدِ الْمَعْنَیَیْنِ الْمُشْتَرَکَیْنِ ، إلَّا أَنَّ فَتْوَاهُمْ الْمُنْضَمَّ إلَی أَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ وَقِیَامَ الِاحْتِمَالِ فِی الْجُمْلَهِ یُعَیِّنُ الْمَصِیرَ إلَی مَا قَالُوهُ .

(وَلَوْ تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ وَکَانَ بِعَاطِفٍ )

کَقَوْلِهِ : لَهُ عَلَیَّ عَشَرَهٌ إلَّا أَرْبَعَهً ، وَإِلَّا ثَلَاثَهً ( أَوْ کَانَ ) الِاسْتِثْنَاءُ ( الثَّانِی أَزْیَدُ مِنْ الْأَوَّلِ ) کَقَوْلِهِ : لَهُ عَلَیَّ عَشَرَهٌ إلَّا أَرْبَعَهً إلَّا خَمْسَهً ( أَوْ مُسَاوِیًا لَهُ ) کَقَوْلِهِ فِی الْمِثَال : إلَّا أَرْبَعَهً إلَّا أَرْبَعَهً ( رَجَعَا جَمِیعًا إلَی الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ ) .

أَمَّا مَعَ الْعَطْفِ فَلِوُجُوبِ اشْتَرَاکِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَیْهِ فِی الْحُکْمِ فَهُمَا کَالْجُمْلَهِ الْوَاحِدَهِ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ تَکَرُّرِ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ وَعَدَمِهِ ، وَلَا بَیْنَ زِیَادَهِ الثَّانِی عَلَی الْأَوَّلِ ، وَمُسَاوَاتِهِ لَهُ وَنُقْصَانِهِ عَنْهُ .

وَأَمَّا مَعَ زِیَادَهِ الثَّانِی عَلَی الْأَوَّلِ وَمُسَاوَاتِهِ فَلِاسْتِلْزَامِ عَوْدِهِ إلَی الْأَقْرَبِ الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَیُصَانُ کَلَامُهُ عَنْ الْهَذَرِ بِعَوْدِهِمَا مَعًا إلَی الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ .

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا یَلْزَمُ مِنْ عَوْدِهِمَا مَعًا إلَیْهِ صِحَّتُهُمَا ، بَلْ إنْ لَمْ یَسْتَغْرِقْ الْجَمِیعَ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ صَحَّ کَالْمِثَالَیْنِ ، وَإِلَّا فَلَا ، لَکِنْ إنْ لَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ مِنْ الثَّانِی خَاصَّهً کَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ عَشَرَهٌ إلَّا خَمْسَهً إلَّا خَمْسَهً لَغَا الثَّانِی خَاصَّهً لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِی أَوْجَبَ الْفَسَادَ ، وَکَذَا الْعَطْفُ ، سَوَاءٌ کَانَ الثَّانِی مُسَاوِیًا لِلْأَوَّلِ کَمَا ذُکِرَ أَمْ أَزْیَدَ کَلَهُ عَشَرَهٌ إلَّا ثَلَاثَهً وَإِلَّا سَبْعَهً ، أَمْ نَقَصَ کَمَا لَوْ قَدَّمَ السَّبْعَهَ عَلَی الثَّلَاثَهِ .

( وَإِلَّا یَکُنْ ) بِعَاطِفٍ ، وَلَا مُسَاوِیًا لِلْأَوَّلِ ، وَلَا أَزْیَدَ مِنْهُ بَلْ کَانَ أَنْقَصَ بِغَیْرِ عَطْفٍ کَقَوْلِهِ : لَهُ عَلَیَّ عَشَرَهٌ إلَّا تِسْعَهً إلَّا ثَمَانِیَهً ( رَجَعَ التَّالِی إلَی مَتْلُوِّهِ ) لِقُرْبِهِ إذْ لَوْ عَادَ إلَی الْبَعِیدِ لَزِمَ تَرْجِیحُهُ عَلَی الْأَقْرَبِ بِغَیْرِ مُرَجِّحٍ ، وَعَوْدُهُ إلَیْهِمَا یُوجِبُ التَّنَاقُضَ إذْ الْمُسْتَثْنَی وَالْمُسْتَثْنَی مِنْهُ مُتَخَالِفَانِ نَفْیًا وَإِثْبَاتًا کَمَا مَرَّ فَیَلْزَمُهُ فِی الْمِثَالِ تِسْعَهٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَوَّلِ إقْرَارٌ بِعَشَرَهٍ حَیْثُ إنَّهُ إثْبَاتٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ نَفْیٌ لِلتِّسْعَهِ مِنْهَا لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَی إثْبَاتٍ ، فَیَبْقَی وَاحِدٌ ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ الثَّانِی إثْبَاتٌ لِلثَّمَانِیَهِ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَنْفِیِّ فَیَکُونُ مُثْبَتًا فَیُضَمُّ مَا أَثْبَتَهُ وَهُوَ الثَّمَانِیَهُ إلَی مَا بَقِیَ وَهُوَ الْوَاحِدُ وَذَلِکَ تِسْعَهٌ .

وَلَوْ أَنَّهُ ضَمَّ إلَی ذَلِکَ قَوْلَهُ : إلَّا سَبْعَهً إلَّا سِتَّهً حَتَّی وَصَلَ إلَی الْوَاحِدِ لَزِمَهُ خَمْسَهٌ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الثَّالِثِ نَفَی سَبْعَهً مِمَّا اجْتَمَعَ وَهُوَ تِسْعَهٌ فَبَقِیَ اثْنَانِ ، وَبِالرَّابِعِ أَثْبَتَ سِتَّهً فَبَقِیَ ثَمَانِیَهٌ ، وَبِالْخَامِسِ یَصِیرُ ثَلَاثَهً ، وَبِالسَّادِسِ یَصِیرُ سَبْعَهً ، وَبِالسَّابِعِ أَرْبَعَهً ، وَبِالثَّامِنِ سِتَّهً ، وَبِالتَّاسِعِ وَهُوَ الْوَاحِدُ یَنْتَفِی مِنْهَا وَاحِدٌ فَیَبْقَی خَمْسَهٌ .

وَالضَّابِطُ : أَنْ تَجْمَعَ الْأَعْدَادَ الْمُثْبَتَهَ وَهِیَ الْأَزْوَاجُ عَلَی حِدَهٍ وَالْمَنْفِیَّهَ وَهِیَ الْأَفْرَادُ کَذَلِکَ وَتُسْقِطَ جُمْلَهَ الْمَنْفِیِّ مِنْ جُمْلَهِ الْمُثْبِتِ ، فَالْمُثْبَتُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمَنْفِیُّ خَمْسَهٌ وَعِشْرُونَ ، وَالْبَاقِی بَعْدَ الْإِسْقَاطِ خَمْسَهٌ وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَی الْوَاحِدِ قَالَ : إلَّا اثْنَیْنِ ، إلَّا ثَلَاثَهً إلَی أَنْ وَصَلَ إلَی التِّسْعَهِ لَزِمَهُ وَاحِدٌ وَلَوْ بَدَأَ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدِ وَخَتَمَ بِهِ لَزِمَهُ خَمْسَهٌ ، وَلَوْ عَکَسَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ فَبَدَأَ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدِ وَخَتَمَ بِالتِّسْعَهِ لَزِمَهُ وَاحِدٌ ، وَهُوَ وَاضِحٌ بَعْدَ الْإِحَاطَهِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَرَتِّبْ عَلَیْهِ مَا شِئْت مِنْ التَّفْرِیعِ . ( وَلَوْ اسْتَثْنَی مِنْ غَیْرِ الْجِنْسِ صَحَّ ) وَإِنْ کَانَ مَجَازًا لِتَصْرِیحِهِ بِإِرَادَتِهِ ، أَوْ لِإِمْکَانِ تَأْوِیلِهِ بِالْمُتَّصِلِ بِأَنْ یُضْمِرَ قِیمَهَ الْمُسْتَثْنَی وَنَحْوِهَا مِمَّا یُطَابِقُ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ ( وَأَسْقَطَ ) الْمُسْتَثْنَی بِاعْتِبَارِ قِیمَتِهِ ( مِنْ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ فَإِذَا بَقِیَ ) مِنْهُ ( بَقِیَّهٌ ) وَإِنْ قَلَّتْ ( لَزِمَتْ ، وَإِلَّا بَطَلَ ) الِاسْتِثْنَاءُ ، لِلِاسْتِغْرَاقِ ( کَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ إلَّا ثَوْبًا ) هَذَا مِثَالُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَیْرِ الْجِنْسِ مُطْلَقًا فَیَصِحُّ وَیُطَالَبُ بِتَفْسِیرِ الثَّوْبِ ، فَإِنْ بَقِیَ مِنْ قِیمَتِهِ بَقِیَّهٌ مِنْ الْمِائَهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْقِیمَهِ قُبِلَ ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَی الْأَقْوَی وَأُلْزِمَ بِالْمِائَهِ .

وَقِیلَ : بَطَلَ التَّفْسِیرُ خَاصَّهً فَیُطَالَبُ بِغَیْرِهِ . ( وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ بَاطِلٌ ) اتِّفَاقًا ( کَمَا لَوْ قَالَ : لَهُ ) عَلَیَّ ( مِائَهٌ إلَّا مِائَهً ) وَلَا یُحْمَلُ عَلَی الْغَلَطِ ، وَلَوْ ادَّعَاهُ لَمْ یُسْمَعْ مِنْهُ .

هَذَا إذَا لَمْ یَتَعَقَّبْهُ اسْتِثْنَاءٌ آخَرُ یُزِیلُ اسْتِغْرَاقَهُ ، کَمَا لَوْ عَقَّبَ ذَلِکَ بِقَوْلِهِ : إلَّا تِسْعِینَ فَیَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَانِ ، وَیَلْزَمُهُ تِسْعُونَ لِأَنَّ الْکَلَامَ جُمْلَهٌ وَاحِدَهٌ لَا یَتِمُّ إلَّا بِآخِرِهِ وَآخِرُهُ یُصَیِّرُ الْأَوَّلَ غَیْرَ مُسْتَوْعِبٍ ، فَإِنَّ الْمِائَهَ الْمُسْتَثْنَاهَ مَنْفِیَّهٌ لِأَنَّهَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُثْبَتٍ ، وَالتِّسْعِینَ مُثْبَتَهٌ لِأَنَّهَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَنْفِیٍّ ، فَیَصِیرُ جُمْلَهُ الْکَلَامِ فِی قُوَّهِ : " لَهُ تِسْعُونَ " وَکَأَنَّهُ اسْتَثْنَی مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَشَرَهً .

( وَکَذَا ) یَبْطُلُ ( الْإِضْرَابُ ) عَنْ الْکَلَامِ الْأَوَّلِ ( بِبَلْ ، مِثْلُ : لَهُ عَلَیَّ مِائَهٌ ، بَلْ تِسْعُونَ فَیَلْزَمُهُ فِی الْمَوْضِعَیْنِ ) وَهُمَا الِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ وَمَعَ الْإِضْرَابِ ( مِائَهٌ ) لِبُطْلَانِ الْمُتَعَقِّبِ فِی الْأَوَّلِ ، لِلِاسْتِغْرَاقِ .

وَفِی الثَّانِی لِلْإِضْرَابِ الْمُوجِبِ لِإِنْکَارِ مَا قَدْ أَقَرَّ بِهِ فَلَا یُلْتَفَتُ إلَیْهِ ، وَلَیْسَ ذَلِکَ کَالِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْکَلَامِ لُغَهً ، وَالْمَحْکُومُ بِثُبُوتِهِ فِیهِ هُوَ الْبَاقِی مِنْ الْمُسْتَثْنَی مِنْهُ بَعْدَهُ ، بِخِلَافِ الْإِضْرَابِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْإِیجَابِ یُجْعَلُ مَا قَبْلَ بَلْ کَالْمَسْکُوتِ عَنْهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ فَلَا یُسْمَعُ ، وَالْفَارِقُ بَیْنَهُمَا اللُّغَهُ . ( وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ عَشَرَهٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِیعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ أُلْزِمَ بِالْعَشَرَهِ ) وَلَمْ یُلْتَفَتُ إلَی دَعْوَاهُ عَدَمَ قَبْضِ الْمَبِیعِ لِلتَّنَافِی بَیْنَ قَوْلِهِ : عَلَیَّ ، وَکَوْنِهِ لَمْ یَقْبِضْ الْمَبِیعَ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَهِ بِثَمَنِهِ مَعَ ثُبُوتِهِ فِی الذِّمَّهِ ، فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا یَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَهَ بِالثَّمَنِ إلَّا مَعَ تَسْلِیمِ الْمَبِیعِ .

وَفِیهِ نَظَرٌ ، إذْ لَا مُنَافَاهَ بَیْنَ ثُبُوتِهِ فِی الذِّمَّهِ ، وَعَدَمِ قَبْضِ الْمَبِیعِ ، إنَّمَا التَّنَافِی بَیْنَ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَهِ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْقَبْضِ وَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ ، وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ الشَّیْخُ إلَی قَبُولِ هَذَا الْإِقْرَارِ ، لِإِمْکَانِ أَنْ یَکُونَ عَلَیْهِ الْعَشَرَهُ ثَمَنًا وَلَا یَجِبُ التَّسْلِیمُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَلِأَصَالَهِ عَدَمِ الْقَبْضِ وَبَرَاءَهِ الذِّمَّهِ مِنْ الْمُطَالَبَهِ بِهِ ؛ وَلِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ یُخْبِرَ بِمَا فِی ذِمَّتِهِ ، وَقَدْ یَشْتَرِی شَیْئًا وَلَا یَقْبِضُهُ فَیُخْبِرُ بِالْوَاقِعِ ، فَلَوْ أُلْزِمَ بِغَیْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ کَانَ ذَرِیعَهً إلَی سَدِّ بَابِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلْحِکْمَهِ .

وَالتَّحْقِیقُ أَنَّ هَذَا لَیْسَ مِنْ بَابِ تَعْقِیبِ الْإِقْرَارِ بِالْمُنَافِی ، بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِالْعَشَرَهِ ، لِثُبُوتِهَا فِی الذِّمَّهِ ، وَإِنْ سُلِّمَ کَلَامُهُ فَهُوَ إقْرَارٌ مُنْضَمٌّ إلَی دَعْوَی عَیْنٍ مِنْ أَعْیَانِ مَالِ الْمُقَرِّ لَهُ ، أَوْ شَیْءٍ فِی ذِمَّتِهِ فَیُسْمَعُ الْإِقْرَارُ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَی .

وَذِکْرُهُ فِی هَذَا الْبَابِ لِمُنَاسَبَهٍ مَا . ( وَکَذَا ) یُلْزَمُ بِالْعَشَرَهِ لَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِکَوْنِهَا ( مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِیرٍ ) ، لِتَعَقُّبِهِ الْإِقْرَارَ بِمَا یَقْتَضِی سُقُوطُهُ لِعَدَمِ صَلَاحِیَهِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِیرِ مَبِیعًا یَسْتَحِقُّ بِهِ الثَّمَنَ فِی شَرْعِ الْإِسْلَامِ .

نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ : کَانَ ذَلِکَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ ، أَوْ خِنْزِیرٍ فَظَنَنْتُهُ لَازِمًا لِی وَأَمْکَنَ الْجَهْلُ بِذَلِکَ فِی حَقِّهِ تَوَجَّهَتْ دَعْوَاهُ وَکَانَ لَهُ تَحْلِیفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَی نَفْیِهِ إنْ ادَّعَی الْعِلْمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ ، وَلَوْ قَالَ : لَا أَعْلَمُ الْحَالَ ، حَلَفَ عَلَی عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ ، وَلَوْ لَمْ یُمْکِنْ الْجَهْلُ بِذَلِکَ فِی حَقِّ الْمُقِرِّ لَمْ یُلْتَفَتْ إلَی دَعْوَاهُ . ( وَلَوْ قَالَ : لَهُ عَلَیَّ قَفِیزُ حِنْطَهٍ .

بَلْ قَفِیزُ شَعِیرٍ لَزِمَاهُ ) : قَفِیزُ الْحِنْطَهِ وَالشَّعِیرِ لِثُبُوتِ الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ ، وَالثَّانِی بِالْإِضْرَابِ .

( وَلَوْ قَالَ ) : لَهُ عَلَیَّ ( قَفِیزُ حِنْطَهٍ ، بَلْ قَفِیزَانِ ) حِنْطَهٍ ( فَعَلَیْهِ قَفِیزَانِ ) وَهُمَا الْأَکْثَرُ خَاصَّهً .

( وَلَوْ قَالَ : لَهُ هَذَا الدِّرْهَمُ ، بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ فَعَلَیْهِ الدِّرْهَمَانِ ) ، لِاعْتِرَافِهِ فِی الْإِضْرَابِ بِدِرْهَمٍ آخَرَ مَعَ عَدَمِ سَمَاعِ الْعُدُولِ .

( وَلَوْ قَالَ : لَهُ هَذَا الدِّرْهَمُ ، بَلْ دِرْهَمٌ فَوَاحِدٌ ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُغَایِرَهِ بَیْنَ الْمُعَیَّنِ ، وَالْمُطْلَقِ لِإِمْکَانِ حَمْلِهِ عَلَیْهِ .

وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَیْنَ هَذِهِ الصُّوَرِ یَرْجِعُ إلَی تَحْقِیقِ مَعْنَی بَلْ ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا حَرْفُ إضْرَابٍ ، ثُمَّ إنْ تَقَدَّمَهَا إیجَابٌ وَتَلَاهَا مُفْرَدٌ جَعَلْت مَا قَبْلَهَا کَالْمَسْکُوتِ عَنْهُ فَلَا یُحْکَمُ عَلَیْهِ بِشَیْءٍ وَأُثْبِتَ الْحُکْمُ لِمَا بَعْدَهَا ، وَحَیْثُ کَانَ الْأَوَّلُ إقْرَارًا صَحِیحًا اسْتَقَرَّ حُکْمُهُ بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ .

وَإِنْ تَقَدَّمَهَا نَفْیٌ فَهِیَ لِتَقْرِیرِ مَا قَبْلَهَا عَلَی حُکْمِهِ ، وَجُعِلَ ضِدُّهُ لِمَا بَعْدَهَا ، ثُمَّ إنْ کَانَا مَعَ الْإِیجَابِ مُخْتَلِفَیْنِ ، أَوْ مُعَیَّنَیْنِ لَمْ یُقْبَلْ إضْرَابُهُ لِأَنَّهُ إنْکَارٌ لِلْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَهُوَ غَیْرُ مَسْمُوعٍ فَالْأَوَّلُ کَ " لَهُ قَفِیزُ حِنْطَهٍ ، بَلْ قَفِیزُ شَعِیرٍ " .

وَالثَّانِی کَ " لَهُ هَذَا الدِّرْهَمُ ، بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ ، فَیَلْزَمُهُ الْقَفِیزَانِ وَالدِّرْهَمَانِ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُخْتَلِفَیْنِ ، وَأَحَدَ الشَّخْصَیْنِ غَیْرُ دَاخِلٍ فِی الْآخَرِ .

وَإِنْ کَانَا مُطْلَقَیْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ وَاحِدٌ إنْ اتَّحَدَ مِقْدَارُ مَا قَبْلَ بَلْ وَمَا بَعْدَهَا کَ " لَهُ دِرْهَمٌ ، بَلْ دِرْهَمٌ " أَوْ ، هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ دِرْهَمٌ ، أَوْ " دِرْهَمٌ " بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ ، لَکِنْ یَلْزَمُهُ مَعَ تَعْیِینِ أَحَدِهِمَا الْمُعَیَّنِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا کَمِّیَّهً کَ " لَهُ قَفِیزٌ ، بَلْ قَفِیزَانِ " أَوْ " هَذَا الْقَفِیزُ ، بَلْ قَفِیزَانِ ، أَوْ بِالْعَکْسِ ، لَزِمَهُ الْأَکْثَرُ ، لَکِنْ إنْ کَانَ الْمُعَیَّنُ هُوَ الْأَقَلَّ تَعَیَّنَ ، وَوَجَبَ الْإِکْمَالُ .

( وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ الدَّارُ لِزَیْدٍ ، بَلْ لِعَمْرٍو دُفِعَتْ إلَی زَیْدٍ ) عَمَلًا بِمُقْتَضَی إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ ( وَغَرِمَ لِعَمْرٍو قِیمَتَهَا ) ، لِأَنَّهُ قَدْ حَالَ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ الْمُقَرِّ بِهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ فَیَغْرَمُ لَهُ ، لِلْحَیْلُولَهِ الْمُوجِبَهِ لِلْغُرْمِ ( إلَّا أَنْ یُصَدِّقَهُ زَیْدٌ ) فِی أَنَّهَا لِعَمْرٍو فَتُدْفَعُ إلَی عَمْرٍو مِنْ غَیْرِ غُرْمٍ . ( وَلَوْ أَشْهَدَ ) شَاهِدَیْ عَدْلٍ ( بِالْبَیْعِ ) لِزَیْدٍ ( وَقَبَضَ الثَّمَنَ ) مِنْهُ ( ثُمَّ ادَّعَی الْمُوَاطَأَهَ ) بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَی الْإِشْهَادِ ، مِنْ غَیْرِ أَنْ یَقَعَ بَیْنَهُمَا بَیْعٌ وَلَا قَبْضٌ ( - سُمِعَتْ دَعْوَاهُ ) ، لِجَرَیَانِ الْعَادَهِ بِذَلِکَ ( وَأُحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ ) عَلَی الْإِقْبَاضِ ، أَوْ عَلَی عَدَمِ الْمُوَاطَأَهِ ، وَیُحْتَمَلُ عَدَمُ السَّمَاعِ فَلَا یُتَوَجَّهُ الْیَمِینُ لِأَنَّهُ مُکَذِّبٌ لِإِقْرَارِهِ .

وَیُضَعَّفُ بِأَنَّ ذَلِکَ وَاقِعٌ ، تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَی فَعَدَمُ سَمَاعِهَا یُفْضِی إلَی الضَّرَرِ الْمَنْفِیِّ .

هَذَا إذَا شَهِدَتْ الْبَیِّنَهُ عَلَی إقْرَارِهِ بِهِمَا أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِالْقَبْضِ لَمْ یُلْتَفَتْ إلَیْهِ لِأَنَّهُ مُکَذِّبٌ لَهَا طَاعِنٌ فِیهَا فَلَا یَتَوَجَّهُ بِدَعْوَاهُ یَمِینٌ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ -فِی الْإِقْرَارِ بِالنَّسَب

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ -فِی الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ )

( وَیُشْتَرَطُ فِیهِ أَهْلِیَّهُ الْمُقِرِّ ) لِلْإِقْرَارِ ، بِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ ( وَإِمْکَانِ إلْحَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ ) بِالْمُقِرِّ شَرْعًا ( فَلَوْ أَقَرَّ بِبُنُوَّهِ الْمَعْرُوفِ نَسَبُهُ ) ، أَوْ أُخُوَّتِهِ أَوْ غَیْرِهِمَا مِمَّا یُغَایِرُ ذَلِکَ النَّسَبَ الشَّرْعِیَّ ، ( أَوْ ) أَقَرَّ ( بِبُنُوَّهِ مَنْ هُوَ أَعْلَی سِنًّا ) مِنْ الْمُقِرِّ ، ( أَوْ مُسَاوٍ ) لَهُ ، ( أَوْ أَنْقَصَ ) مِنْهُ ( بِمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَهُ بِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ بَطَلَ ) الْإِقْرَارُ وَکَذَا الْمَنْفِیُّ عَنْهُ شَرْعًا کَوَلَدِ الزِّنَا وَإِنْ کَانَ عَلَی فِرَاشِهِ ، وَوَلَدِ اللِّعَانِ وَإِنْ کَانَ الِابْنُ یَرِثُهُ .

( وَیُشْتَرَطُ التَّصْدِیقُ ) أَیْ : تَصْدِیقُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِی دَعْوَاهُ النَّسَبَ ( فِیمَا عَدَا الْوَلَدَ الصَّغِیرَ ) ذَکَرًا کَانَ أَمْ أُنْثَی ، ( وَالْمَجْنُونَ ) کَذَلِکَ ( وَالْمَیِّتُ ) وَإِنْ کَانَ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ یَکُنْ وَلَدًا أَمَّا الثَّلَاثَهُ فَلَا یُعْتَبَرُ تَصْدِیقُهُمْ ، بَلْ یَثْبُتُ نَسَبُهُمْ بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمُقِرِّ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لِأَنَّ التَّصْدِیقَ إنَّمَا یُعْتَبَرُ مَعَ إمْکَانِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُمَا وَکَذَا الْمَیِّتُ مُطْلَقًا وَرُبَّمَا أَشْکَلَ حُکْمُهُ کَبِیرًا مِمَّا تَقَدَّمَ .

وَمِنْ إطْلَاقِ اشْتِرَاطِ تَصْدِیقِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فِی لُحُوقِهِ ؛ وَلِأَنَّ تَأْخِیرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَی الْمَوْتِ یُوشِکُ أَنْ یَکُونَ خَوْفًا مِنْ إنْکَارِهِ ، إلَّا أَنَّ فَتْوَی الْأَصْحَابِ عَلَی الْقَبُولِ ، وَلَا یَقْدَحُ فِیهِ التُّهْمَهُ بِاسْتِیثَاقِ مَالِ النَّاقِصِ ، وَإِرْثِ الْمَیِّتِ .

وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ هُنَا الْوَلَدُ الصُّلْبُ فَلَوْ أَقَرَّ بِبُنُوَّهِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَنَازِلًا اُعْتُبِرَ التَّصْدِیقُ کَغَیْرِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ .

نَصَّ عَلَیْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَیْرُهُ وَإِطْلَاقُ الْوَلَدِ یَقْتَضِی عَدَمَ الْفَرْقِ بَیْنَ دَعْوَی الْأَبِ وَالْأُمِّ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ فِی الْمَسْأَلَهِ .

وَأَصَحُّهُمَا - وَهُوَ الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ - الْفَرْقُ .

وَأَنْ ذَلِکَ مَخْصُوصٌ بِدَعْوَی الْأَبِ ، أَمَّا الْأُمُّ فَیُعْتَبَرُ التَّصْدِیقُ لَهَا ، لِوُرُودِ النَّصِّ عَلَی الرَّجُلِ فَلَا یَتَنَاوَلُ الْمَرْأَهَ .

وَاتِّحَادُ طَرِیقِهِمَا مَمْنُوعٌ ، لِإِمْکَانِ إقَامَتِهَا الْبَیِّنَهَ عَلَی الْوِلَادَهِ دُونَهُ ؛ وَلِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبٍ غَیْرَ مَعْلُومٍ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ یُقْتَصَرُ فِیهِ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ .

( وَ ) یُشْتَرَطُ أَیْضًا فِی نُفُوذِ الْإِقْرَارِ مُطْلَقًا ( عَدَمُ الْمُنَازِعِ ) لَهُ فِی نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ ( فَلَوْ تَنَازَعَا ) فِیهِ ( اُعْتُبِرَتْ الْبَیِّنَهُ ) وَحُکِمَ لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ فَإِنْ فُقِدَتْ فَالْقُرْعَهُ ؛ لِأَنَّهَا لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْکِلٍ ، أَوْ مُعَیَّنٍ عِنْدَ اللَّهِ مُبْهَمٍ عِنْدَنَا وَهُوَ هُنَا کَذَلِکَ .

هَذَا إذَا اشْتَرَکَا فِی الْفِرَاشِ عَلَی تَقْدِیرِ دَعْوَی الْبُنُوَّهِ .

أَوْ انْتَفَی عَنْهُمَا کَوَاطِئِ خَالِیَهٍ عَنْ فِرَاشٍ لِشُبْهَهٍ ، فَلَوْ کَانَتْ فِرَاشًا لِأَحَدِهِمَا ، حُکِمَ لَهُ بِهِ خَاصَّهً دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ صَادَقَهُ الزَّوْجَانِ وَلَوْ کَانَا زَانِیَیْنِ انْتَفَی عَنْهُمَا ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَعَنْهُ وَلَا عِبْرَهَ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ بِتَصْدِیقِ الْأُمِّ .

( وَلَوْ تَصَادَقَ اثْنَانِ ) فَصَاعِدًا ( عَلَی نَسَبِ غَیْرِ التَّوَلُّدِ ) کَالْأُخُوَّهِ ( صَحَّ ) تَصَادُقُهُمَا ( وَتَوَارَثَا ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ( وَلَمْ یَتَعَدَّاهُمَا التَّوَارُثُ ) إلَی وَرَثَتِهِمَا لِأَنَّ حُکْمَ النَّسَبِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِیقِ ، فَیُقْتَصَرُ فِیهِ عَلَی الْمُتَصَادِقَیْنِ إلَّا مَعَ تَصَادُقِ وَرَثَتِهِمَا أَیْضًا .

وَمُقْتَضَی قَوْلِهِمْ " غَیْرِ التَّوَلُّدِ " أَنَّ التَّصَادُقَ فِی التَّوَلُّدِ یَتَعَدَّی ، مُضَافًا إلَی مَا سَبَقَ مِنْ الْحُکْمِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فِی إلْحَاقِ الصَّغِیرِ مُطْلَقًا ، وَالْکَبِیرِ مَعَ التَّصَادُقِ ، وَالْفَرْقُ بَیْنَهُ وَبَیْنَ غَیْرِهِ مِنْ الْأَنْسَابِ مَعَ اشْتِرَاکِهِمَا فِی اعْتِبَارِ التَّصَادُقِ غَیْرُ بَیِّنٍ .

( وَلَا عِبْرَهَ بِإِنْکَارِ الصَّغِیرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ) بِنَسَبِ الْمُعْتَرَفِ بِهِ صَغِیرًا ، وَکَذَا الْمَجْنُونُ بَعْدَ کَمَالِهِ ، لِثُبُوتِ النَّسَبِ قَبْلَهُ فَلَا یَزُولُ بِالْإِنْکَارِ اللَّاحِقِ ، وَلَیْسَ لَهُ إحْلَافُ الْمُقِرِّ أَیْضًا لِأَنَّ غَایَتَهُ اسْتِخْرَاجُ رُجُوعِهِ ، أَوْ نُکُولِهِ وَکِلَاهُمَا الْآنَ غَیْرُ مَسْمُوعٍ ، کَمَا لَا یُسْمَعُ لَوْ نَفَی النَّسَبَ حِینَئِذٍ صَرِیحًا .

( وَلَوْ أَقَرَّ الْعَمُّ ) الْمَحْکُومُ بِکَوْنِهِ وَارِثًا ظَاهِرًا ( بِأَخٍ ) لِلْمَیِّتِ وَارِثٍ ( دَفَعَ إلَیْهِ الْمَالَ ) ، لِاعْتِرَافِهِ بِکَوْنِهِ أَوْلَی مِنْهُ بِالْإِرْثِ ( فَلَوْ أَقَرَّ الْعَمُّ بَعْدَ ذَلِکَ بِوَلَدٍ ) لِلْمَیِّتِ وَارِثٍ ( وَصَدَّقَهُ الْأَخُ دُفِعَ إلَیْهِ الْمَالُ ) لِاعْتِرَافِهِمَا بِکَوْنِهِ أَوْلَی مِنْهُمَا .

( وَإِنْ أَکْذَبَهُ ) أَیْ : أَکْذَبَ الْأَخُ الْعَمَّ فِی کَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ ثَانِیًا وَلَدًا لِلْمَیِّتِ ( لَمْ یُدْفَعْ إلَیْهِ ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَالَ بِاعْتِرَافِ ذِی الْیَدِ لَهُ وَهُوَ الْعَمُّ وَلَمْ تُعْلَمْ أَوْلَوِیَّهُ الثَّانِی لِأَنَّ الْعَمَّ حِینَئِذٍ خَارِجٌ فَلَا یُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِی حَقِّ الْأَخِ ( وَغَرِمَ الْعَمُّ لَهُ ) أَیْ : لِمَنْ اعْتَرَفَ بِکَوْنِهِ وَلَدًا ( مَا دَفَعَ إلَی الْأَخِ ) مِنْ الْمَالِ ، لِإِتْلَافِهِ لَهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ مَعَ مُبَاشَرَتِهِ لِدَفْعِ الْمَالِ .

وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ : غَرِمَ مَا دَفَعَ ، عَلَی أَنَّهُ لَوْ لَمْ یَدْفَعْ إلَیْهِ لَمْ یَغْرَمْ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ بِکَوْنِهِ أَخًا - لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَسْتَلْزِمُ کَوْنَهُ وَارِثًا ، بَلْ هُوَ أَعَمُّ وَإِنَّمَا یَضْمَنُ لَوْ دَفَعَ إلَیْهِ الْمَالَ لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهُ حِینَئِذٍ .

وَفِی مَعْنَاهُ مَا لَوْ أَقَرَّ بِانْحِصَارِ الْإِرْثِ فِیهِ ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْوَلَدِ بَعْدَ ذَلِکَ یَکُونُ رُجُوعًا عَنْ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ فَلَا یُسْمَعُ ، وَیَغْرَمُ لِلْوَلَدِ بِحَیْلُولَتِهِ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ التَّرِکَهِ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ ، کَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِآخَرَ وَلَا فَرْقَ فِی الْحُکْمِ بِضَمَانِهِ حِینَئِذٍ بَیْنَ حُکْمِ الْحَاکِمِ عَلَیْهِ بِالدَّفْعِ إلَی الْأَخِ ، وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِإِرْثِهِ مُفَوِّتٌ بِدُونِ الْحُکْمِ .

نَعَمْ لَوْ کَانَ دَفْعُهُ فِی صُورَهِ عَدَمِ اعْتِرَافِهِ بِکَوْنِهِ الْوَارِثِ بِحُکْمِ الْحَاکِمِ اتَّجَهَ عَدَمُ الضَّمَانِ ، لِعَدَمِ اخْتِیَارِهِ فِی الدَّفْعِ ، وَکَذَا الْحُکْمُ فِی کُلِّ مَنْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ أَوْلَی مِنْهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَوْلَی مِنْهُمَا .

وَتَخْصِیصُ الْأَخِ وَالْوَلَدِ مِثَالٌ ، وَلَوْ کَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ بِمُسَاوٍ لِلثَّانِی کَأَخٍ آخَرَ فَإِنْ صَدَّقَهُ تَشَارَکَا وَإِلَّا غَرِمَ لِلثَّانِی نِصْفَ التَّرِکَهِ عَلَی الْوَجْهِ الَّذِی قَرَّرْنَاهُ .

( وَلَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَهُ بِوَلَدٍ ) لِلزَّوْجِ الْمُتَوَفَّی ، وَوَارِثِهِ ظَاهِرًا إخْوَتُهُ ( فَصَدَّقَهَا الْإِخْوَهُ ) عَلَی الْوَلَدِ ( أَخَذَ ) الْوَلَدُ ( الْمَالَ ) الَّذِی بِیَدِ الْإِخْوَهِ أَجْمَعَ ، وَنِصْفَ مَا فِی یَدِهَا ، لِاعْتِرَافِهِمْ بِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِکَ .

( وَإِنْ أَکْذَبُوهَا دَفَعَتْ إلَیْهِ ) مَا بِیَدِهَا زَائِدًا عَنْ نَصِیبِهَا عَلَی تَقْدِیرِ الْوَلَدِ وَهُوَ ( الثَّمَنُ ) لِأَنَّ بِیَدِهَا رُبُعًا نَصِیبَهَا عَلَی تَقْدِیرِ عَدَمِ الْوَلَدِ ، فَتَدْفَعُ إلَی الْوَلَدِ نِصْفَهُ ، وَیُحْتَمَلُ أَنْ تَدْفَعَ إلَیْهِ سَبْعَهَ أَثْمَانِ مَا فِی یَدِهَا ، تَنْزِیلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَی الْإِشَاعَهِ فَیَسْتَحِقُّ فِی کُلِّ شَیْءٍ سَبْعَهَ أَثْمَانِهِ بِمُقْتَضَی إقْرَارِهَا .

( وَلَوْ انْعَکَسَ ) الْفَرْضُ بِأَنْ اعْتَرَفَ الْإِخْوَهُ بِالْوَلَدِ دُونَهَا ( دَفَعُوا إلَیْهِ ) جَمِیعَ مَا بِأَیْدِیهِمْ وَهُوَ ( ثَلَاثَهُ أَرْبَاعٍ ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَلَدُ بِآخَرَ دَفَعَ إلَیْهِ النِّصْفَ ) ، لِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ لَازِمُ إرْثِ الْوَلَدَیْنِ الْمُتَسَاوِیَیْنِ ذُکُورِیَّهً وَأُنُوثِیَّهً ( فَإِنْ أَقَرَّا ) مَعًا ( بِثَالِثٍ دَفَعَا إلَیْهِ الثُّلُثَ ) أَیْ : دَفَعَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا بِیَدِهِ .

وَعَلَی هَذَا لَوْ أَقَرَّ الثَّلَاثَهُ بِرَابِعٍ دَفَعَ إلَیْهِ کُلٌّ مِنْهُمْ رُبُعَ مَا بِیَدِهِ . ( وَمَعَ عَدَالَهِ اثْنَیْنِ ) مِنْ الْوَرَثَهِ الْمُقِرِّینَ ( یَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمِیرَاثُ ) لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا یَثْبُتُ بِشَاهِدَیْنِ عَدْلَیْنِ ، وَالْمِیرَاثُ لَازِمُهُ ( وَإِلَّا ) یَکُنْ فِی الْمُعْتَرِفِینَ عَدْلَانِ ( فَالْمِیرَاثُ حَسَبُ ) لِأَنَّهُ لَا یَتَوَقَّفُ عَلَی الْعَدَالَهِ بَلْ الِاعْتِرَافُ کَمَا مَرَّ . ( وَلَوْ أَقَرَّ بِزَوْجٍ لِلْمَیِّتَهِ أَعْطَاهُ النِّصْفَ ) ، أَیْ : نِصْفَ مَا فِی یَدِهِ ( إنْ کَانَ الْمُقِرُّ ) بِالزَّوْجِ ( غَیْرَ وَلَدِهَا ) لِأَنَّ نَصِیبَ الزَّوْجِ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ النِّصْفُ ( وَإِلَّا ) یَکُنْ کَذَلِکَ بِأَنْ کَانَ الْمُقِرُّ وَلَدُهَا ( فَالرُّبُعُ ) لِأَنَّهُ نَصِیبُ الزَّوْجِ مَعَهُ .

وَالضَّابِطُ : أَنَّ الْمُقِرَّ یَدْفَعُ الْفَاضِلَ مِمَّا فِی یَدِهِ عَنْ نَصِیبِهِ عَلَی تَقْدِیرِ وُجُودِ الْمُقَرِّ بِهِ ، فَإِنْ کَانَ أَخًا لِلْمَیِّتَهِ وَلَا وَلَدَ لَهَا دَفَعَ النِّصْفَ ، وَإِنْ کَانَ وَلَدًا دَفَعَ الرُّبُعَ .

وَفِی الْعِبَارَهِ قُصُورٌ عَنْ تَأْدِیَهِ هَذَا الْمَعْنَی لِأَنَّ قَوْلَهُ : " أَعْطَاهَا النِّصْفَ إنْ کَانَ الْمُقِرُّ غَیْرَ وَلَدِهَا " یَشْمَلُ إقْرَارَ بَعْضِ الْوَرَثَهِ الْمُجَامِعِینَ لِلْوَلَدِ کَالْأَبَوَیْنِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَقَرَّ بِالزَّوْجِ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ ، یُصَدَّقُ أَنَّ الْمُقِرَّ غَیْرَ وَلَدِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا یَدْفَعُ النِّصْفَ ، بَلْ قَدْ یَدْفَعُ مَا دُونَهُ وَقَدْ لَا یَدْفَعُ شَیْئًا فَإِنَّ الْوَلَدَ إنْ کَانَ ذَکَرًا وَالْمُقِرُّ أَحَدَ الْأَبَوَیْنِ لَا یَدْفَعُ شَیْئًا مُطْلَقًا لِأَنَّ نَصِیبَهُ لَا یُزَادُ عَلَی السُّدُسِ عَلَی تَقْدِیرِ وُجُودِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ ، وَإِنَّمَا حِصَّهُ الزَّوْجِ مَعَ الِابْنِ وَإِنْ کَانَ أُنْثَی ، وَالْمُقِرُّ الْأَبُ یَدْفَعُ الْفَاضِلَ مِمَّا فِی یَدِهِ عَنْ السُّدُسِ ، وَکَذَا إنْ کَانَ الْأُمَّ وَلَیْسَ لَهَا حَاجِبٌ وَمَعَ الْحَاجِبِ لَا تَدْفَعُ شَیْئًا لِعَدَمِ زِیَادَهِ مَا فِی یَدِهَا عَنْ نَصِیبِهَا .

وَلَوْ کَانَ الْمُقِرُّ أَحَدَ الْأَبَوَیْنِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الْوَلَدِ الَّذِی هُوَ أَحَدُ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْعِبَارَهُ فَقَدْ یَدْفَعُ نِصْفَ مَا فِی یَدِهِ .

کَمَا لَوْ لَمْ یَکُنْ وَارِثًا غَیْرَهُ أَوْ هُوَ الْأَبُ مُطْلَقًا ، وَقَدْ لَا یَدْفَعُ شَیْئًا کَمَا لَوْ کَانَ هُوَ الْأُمَّ مَعَ الْحَاجِبِ .

وَتَنْزِیلُ ذَلِکَ عَلَی الْإِشَاعَهِ یُصَحِّحُ الْمَسْأَلَهَ ، لَکِنْ یُفْسِدُ مَا سَبَقَ مِنْ الْفُرُوعِ لِأَنَّهَا لَمْ تُنَزَّلْ عَلَیْهَا .

وَلَقَدْ قَصَّرَ کَثِیرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِی تَعْبِیرِ هَذَا الْفَرْعِ فَتَأَمَّلْهُ فِی کَلَامِهِمْ .

( وَإِنْ أَقَرَّ ) ذَلِکَ الْمُقِرُّ بِالزَّوْجِ وَلَدًا کَانَ أَمْ غَیْرَهُ ( بِآخَرَ وَأَکْذَبَ نَفْسَهُ فِی ) الزَّوْجِ ( الْأَوَّلِ أُغْرِمَ لَهُ ) أَیْ : لِلْآخَرِ الَّذِی اعْتَرَفَ بِهِ ثَانِیًا لِإِتْلَافِهِ نَصِیبَهُ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ ، ( وَإِلَّا ) یُکَذِّبْ نَفْسَهُ ( فَلَا شَیْءَ عَلَیْهِ ) فِی الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِزَوْجٍ ثَانٍ إقْرَارٌ بِأَمْرٍ مُمْتَنِعٍ شَرْعًا فَلَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ أَثَرٌ .

وَالْأَقْوَی أَنَّهُ یَغْرَمُ لِلثَّانِی مُطْلَقًا لِأَصَالَهِ " صِحَّهِ إقْرَارِ الْعُقَلَاءِ عَلَی أَنْفُسِهِمْ " مَعَ إمْکَانِ کَوْنِهِ هُوَ الزَّوْجَ ، وَأَنَّهُ ظَنَّهُ الْأَوَّلَ فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ تَبَیَّنَ خِلَافُهُ ، وَإِلْغَاءُ الْإِقْرَارِ فِی حَقِّ الْمُقِرِّ مَعَ إمْکَانِ صِحَّتِهِ مُنَافٍ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِیَّهِ .

نَعَمْ لَوْ أَظْهَرَ لِکَلَامِهِ تَأْوِیلًا مُمْکِنًا فِی حَقِّهِ کَتَزَوُّجِهِ إیَّاهَا فِی عِدَّهِ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّهُ یَرِثُهَا زَوْجَانِ فَقَدْ اسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ الْقَبُولَ ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ . ( وَلَوْ أَقَرَّ بِزَوْجَهٍ لِلْمَیِّتِ فَالرُّبُعُ ) إنْ کَانَ الْمُقِرُّ غَیْرَ الْوَلَدِ ( أَوْ الثُّمُنُ ) إنْ کَانَ الْمُقِرُّ الْوَلَدَ .

هَذَا عَلَی تَنْزِیلِهِ فِی الزَّوْجِ .

وَعَلَی مَا حَقَّقْنَاهُ یَتِمُّ فِی الْوَلَدِ خَاصَّهً وَغَیْرُهُ یَدْفَعُ إلَیْهَا الْفَاضِلَ مِمَّا فِی یَدِهِ عَنْ نَصِیبِهِ عَلَی تَقْدِیرِهَا وَلَوْ کَانَ بِیَدِهِ أَکْثَرَ مِنْ نَصِیبِ الزَّوْجَهِ اقْتَصَرَ عَلَی دَفْعِ نَصِیبِهَا .

فَالْحَاصِلُ : أَنَّ غَیْرَ الْوَلَدِ یَدْفَعُ أَقَلَّ الْأَمْرَیْنِ مِنْ نَصِیبِ الزَّوْجَهِ وَمَا زَادَ عَنْ نَصِیبِهِ عَلَی تَقْدِیرِهَا إنْ کَانَ مَعَهُ زِیَادَهٌ ، فَأَحَدُ الْأَبَوَیْنِ مَعَ الذَّکَرِ لَا یَدْفَعُ شَیْئًا ، وَمَعَ الْأُنْثَی یَدْفَعُ الْأَقَلَّ ، وَالْأَخُ یَدْفَعُ الرُّبُعَ وَالْوَلَدُ الثُّمُنَ کَمَا ذُکِرَ .

( فَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْرَی وَصَدَّقَتْهُ ) الزَّوْجَهُ ( الْأُولَی اقْتَسَمَاهُ ) الرُّبُعَ ، أَوْ الثُّمُنَ ، أَوْ مَا حَصَلَ ، ( وَإِنْ أَکَذَبَتْهَا غَرِمَ ) الْمُقِرُّ ( لَهَا نَصِیبَهَا ) وَهُوَ نِصْفُ مَا غَرِمَ لِلْأُولَی إنْ کَانَ بَاشَرَ تَسْلِیمَهَا کَمَا مَرَّ .

وَإِلَّا فَلَا .

( وَهَکَذَا ) لَوْ أَقَرَّ بِثَالِثَهٍ ، وَرَابِعَهٍ فَیَغْرَمُ لِلثَّالِثَهِ مَعَ تَکْذِیبِ الْأُولَیَیْنِ ثُلُثَ مَا لَزِمَهُ دَفْعُهُ ، وَلِلرَّابِعَهِ مَعَ تَکْذِیبِ الثَّلَاثِ رُبُعَهُ .

وَلَوْ أَقَرَّ بِخَامِسَهٍ فَکَالْإِقْرَارِ بِزَوْجٍ ثَانٍ فَیَغْرَمُ لَهَا مَعَ إکْذَابِ نَفْسِهِ ، أَوْ مُطْلَقًا عَلَی مَا سَبَقَ ، بَلْ هُنَا أَوْلَی ، لِإِمْکَانِ الْخَامِسَهِ الْوَارِثَهِ فِی الْمَرِیضِ إذَا تَزَوَّجَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّهِ وَدَخَلَ وَمَاتَ فِی سَنَتِهِ کَمَا تَقَدَّمَ وَیُمْکِنُ فِیهِ اسْتِرْسَالُ الْإِقْرَارِ وَلَا یَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ إذَا مَاتَ فِی سَنَتِهِ مَرِیضًا .

(43) کتاب الغصب

(43) کتاب الغصب

کِتَابُ الْغَصْبِ

( وَهُوَ الِاسْتِقْلَالُ بِإِثْبَاتِ الْیَدِ عَلَی مَالِ الْغَیْرِ عُدْوَانًا ) .

وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقْلَالِ : الْإِقْلَالُ وَهُوَ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ لَا طَلَبُهُ کَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِی بَابِ الِاسْتِفْعَالِ ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا إثْبَاتَ مَعَهُ أَصْلًا کَمَنْعِهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّی تَلِفَ ، وَمَا لَا اسْتِقْلَالَ مَعَهُ کَوَضْعِ یَدِهِ عَلَی ثَوْبِهِ الَّذِی هُوَ لَابِسُهُ فَإِنَّ ذَلِکَ لَا یُسَمَّی غَصْبًا .

وَخَرَجَ بِالْمَالِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْیَدِ عَلَی الْحُرِّ .

فَإِنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ فِیهِ الْغَصْبِیَّهُ فَلَا یُضْمَنُ ، وَبِإِضَافَهِ الْمَالِ إلَی الْغَیْرِ مَا لَوْ اسْتَقَلَّ بِإِثْبَاتِ یَدِهِ عَلَی مَالِ نَفْسِهِ عُدْوَانًا کَالْمَرْهُونِ فِی یَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَالْوَارِثِ عَلَی التَّرِکَهِ مَعَ الدَّیْنِ فَلَیْسَ بِغَاصِبٍ وَإِنْ أَثِمَ ، أَوْ ضَمِنَ ، وَبِالْعُدْوَانِ إثْبَاتُ الْمُرْتَهِنِ ، وَالْوَلِیِّ ، وَالْوَکِیلِ ، وَالْمُسْتَأْجِرِ ، وَالْمُسْتَعِیرِ أَیْدِیَهُمْ عَلَی مَالِ الرَّاهِنِ ، وَالْمُوَلِّی عَلَیْهِ ، وَالْمُوَکِّلِ ، وَالْمُؤَجِّرِ ، وَالْمُعِیرِ ، وَمَعَ ذَلِکَ فَیُنْتَقَضُ التَّعْرِیفُ فِی عَکْسِهِ بِمَا لَوْ اشْتَرَکَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فِی غَصْبٍ بِحَیْثُ لَمْ یَسْتَقِلَّ کُلٌّ مِنْهُمَا بِالْیَدِ فَلَوْ أَبْدَلَ الِاسْتِقْلَالَ بِالِاسْتِیلَاءِ لَشَمِلَهُ ، لِصِدْقِ الِاسْتِیلَاءِ مَعَ الْمُشَارَکَهِ .

وَبِالِاسْتِقْلَالِ بِإِثْبَاتِ الْیَدِ عَلَی حَقِّ الْغَیْرِ کَالتَّحْجِیرِ وَحَقِّ الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَهِ وَالرِّبَاطِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا یُعَدُّ مَالًا فَإِنَّ الْغَصْبَ مُتَحَقِّقٌ ، وَکَذَا غَصْبُ مَا لَا یُتَمَوَّلُ عُرْفًا کَحَبَّهِ الْحِنْطَهِ فَإِنَّهُ یَتَحَقَّقُ بِهِ أَیْضًا عَلَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَیَجِبُ رَدُّهُ عَلَی مَالِکِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَالِیَّهِ ، إلَّا أَنْ یُرَادَ هُنَا جِنْسُ الْمَالِ ، أَوْ یَدَّعِی إطْلَاقَ الْمَالِ عَلَیْهِ .

.وَیُفَرَّقُ بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْمُتَمَوِّلِ وَهُوَ بَعِیدٌ وَعَلَی الْحُرِّ الصَّغِیرِ وَالْمَجْنُونِ إذَا تَلِفَ تَحْتَ یَدِهِ بِسَبَبٍ .

کَلَدْغِ الْحَیَّهِ ، وَوُقُوعِ الْحَائِطِ .

فَإِنَّهُ یَضْمَنُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَهٍ کَمَا اخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ فَلَوْ أَبْدَلَ الْمَالَ بِالْحَقِّ لَشَمِلَ جَمِیعَ ذَلِکَ .

وَأَمَّا مَنْ تَرَتَّبَتْ یَدُهُ عَلَی یَدِ الْغَاصِبِ جَاهِلًا بِهِ ، وَمَنْ سَکَنَ دَارَ غَیْرِهِ غَلَطًا ، أَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ خَطَأً فَإِنَّهُمْ ضَامِنُونَ وَإِنْ لَمْ یَکُونُوا غَاصِبِینَ ؛ ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَهِ فِی الْکِتَابِ وَالسُّنَّهِ بَلْ الْإِجْمَاعِ ، وَدَلِیلِ الْعَقْلِ فَلَا یَتَنَاوَلُ غَیْرَ الْعَالِمِ وَإِنْ شَارَکَهُ فِی بَعْضِ الْأَحْکَامِ ، وَإِبْدَالِ الْعُدْوَانِ بِغَیْرِ حَقٍّ لِیَتَنَاوَلَهُمْ مِنْ حَیْثُ إنَّهُمْ ضَامِنُونَ لَیْسَ بِجَیِّدٍ ، لِمَا ذَکَرْنَاهُ وَکَذَا الِاعْتِذَارُ بِکَوْنِهِ بِمَعْنَاهُ أَوْ دَعْوَی الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْقَیْدِ أَصْلًا لِیَشْمَلَهُمْ ، بَلْ الْأَجْوَدُ الِافْتِقَارُ إلَی قَیْدِ الْعُدْوَانِ الدَّالِّ عَلَی الظُّلْمِ .

وَقَدْ تَلَخَّصَ : أَنَّ الْأَجْوَدَ فِی تَعْرِیفِهِ أَنَّهُ الِاسْتِیلَاءُ عَلَی حَقِّ الْغَیْرِ عُدْوَانًا وَإِنَّ أَسْبَابَ الضَّمَانِ غَیْرُ مُنْحَصِرَهٍ فِیهِ .

وَحَیْثُ اُعْتُبِرَ فِی الضَّمَانِ الِاسْتِقْلَالُ وَالِاسْتِیلَاءُ ( فَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ سُکْنَی دَارِهِ ) وَلَمْ یُثْبِتْ الْمَانِعُ یَدَهُ عَلَیْهَا ( أَوْ ) مَنَعَهُ ( مِنْ إمْسَاکِ دَابَّتِهِ الْمُرْسَلَهِ ) کَذَلِکَ ( فَلَیْسَ بِغَاصِبٍ لَهُمَا ) فَلَا یَضْمَنُ الْعَیْنَ لَوْ تَلِفَتْ ، وَلَا الْأُجْرَهَ زَمَنَ الْمَنْعِ ؛ لِعَدَمِ إثْبَاتِ الْیَدِ الَّذِی هُوَ جُزْءُ مَفْهُومِ الْغَصْبِ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّهُ لَا یَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْغَصْبِ عَدَمُ الضَّمَانِ ، لِعَدَمِ انْحِصَارِ السَّبَبِ فِیهِ ، بَلْ یَنْبَغِی أَنْ یَخْتَصَّ ذَلِکَ بِمَا لَا یَکُونُ الْمَانِعُ سَبَبًا فِی تَلَفِ الْعَیْنِ بِذَلِکَ بِأَنْ اتَّفَقَ تَلَفُهَا مَعَ کَوْنِ السُّکْنَی غَیْرَ مُعْتَبَرَهٍ فِی حِفْظِهَا ، وَالْمَالِکُ غَیْرُ مُعْتَبَرٍ فِی مُرَاعَاهِ الدَّابَّهِ کَمَا یَتَّفِقُ لِکَثِیرٍ مِنْ الدُّورِ وَالدَّوَابِّ ، أَمَّا لَوْ کَانَ حِفْظُهُ مُتَوَقِّفًا عَلَی سُکْنَی الدَّارِ وَمُرَاعَاهِ الدَّابَّهِ لِضَعْفِهَا أَوْ کَوْنِ أَرْضِهَا مَسْبَعَهً مَثَلًا .

فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ الضَّمَانُ نَظَرًا إلَی کَوْنِهِ سَبَبًا قَوِیًّا مَعَ ضَعْفِ الْمُبَاشِرِ .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْجُلُوسِ عَلَی بِسَاطِهِ فَتَلِفَ أَوْ سُرِقَ أَوْ غَصَبَ الْأُمَّ فَمَاتَ وَلَدُهَا جُوعًا وَهَذَا هُوَ الَّذِی اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ فَوَائِدِهِ وَإِنْ اتَّبَعَ هُنَا وَفِی الدُّرُوسِ الْمَشْهُورَ .

أَمَّا لَوْ مَنَعَهُ مَنْ بَیْعِ مَتَاعِهِ فَنَقَصَتْ قِیمَتُهُ السُّوقِیَّهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَیْنِ وَصِفَاتِهَا لَمْ یَضْمَنْ قَطْعًا ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ لَیْسَ مَالًا بَلْ اکْتِسَابَهُ .

( وَلَوْ سَکَنَ مَعَهُ قَهْرًا ) فِی دَارِهِ ( فَهُوَ غَاصِبٌ لِلنِّصْفِ ) عَیْنًا وَقِیمَهً ؛ لِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ ، بِخِلَافِ النِّصْفِ الَّذِی بِیَدِ الْمَالِکِ هَذَا إذَا شَارَکَهُ فِی سُکْنَی الْبَیْتِ عَلَی الْإِشَاعَهِ مِنْ غَیْرِ اخْتِصَاصٍ بِمَوْضِعٍ مُعَیَّنٍ ، أَمَّا لَوْ اخْتَصَّ بِمُعَیَّنٍ اخْتَصَّ بِضَمَانِهِ کَمَا لَوْ اخْتَصَّ بِبَیْتٍ مِنْ الدَّارِ وَمَوْضِعٍ خَاصٍّ مِنْ الْبَیْتِ الْوَاحِدِ ، وَلَوْ کَانَ قَوِیًّا مُسْتَوْلِیًا وَصَاحِبُ الدَّارِ ضَعِیفًا بِحَیْثُ اضْمَحَلَّتْ یَدُهُ مَعَهُ احْتَمَلَ قَوِیًّا ضَمَانَ الْجَمِیعِ .

( وَلَوْ انْعَکَسَ ) الْفَرْضُ بِأَنْ ( ضَعُفَ السَّاکِنُ ) الدَّاخِلُ عَلَی الْمَالِکِ عَنْ مُقَاوَمَتِهِ وَلَکِنْ لَمْ یَمْنَعْهُ الْمَالِکُ مَعَ قُدْرَتِهِ ( ضَمِنَ ) السَّاکِنُ ( أُجْرَهَ مَا سَکَنَ ) ؛ لِاسْتِیفَائِهِ مَنْفَعَتَهُ بِغَیْرِ إذْنِ مَالِکِهِ .

( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ الْمُحَقِّقُ وَالْعَلَّامَهُ وَجَمَاعَهٌ : ( وَلَا یَضْمَنُ ) السَّاکِنُ ( الْعَیْنَ ) ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الِاسْتِقْلَالِ بِالْیَدِ عَلَی الْعَیْنِ الَّذِی لَا یَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِدُونِهِ .

وَنِسْبَتُهُ إلَی الْقَوْلِ یُشْعِرُ بِتَوَقُّفِهِ فِیهِ .

وَوَجْهُهُ ظُهُورُ اسْتِیلَائِهِ عَلَی الْعَیْنِ الَّتِی انْتَفَعَ بِسُکْنَاهَا .

وَقُدْرَهُ الْمَالِکِ عَلَی دَفْعِهِ لَا تَرْفَعُ الْغَصْبَ مَعَ تَحَقُّقِ الْعُدْوَانِ .

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْمَالِکُ الْقَوِیُّ نَائِبًا فَلَا شُبْهَهَ فِی الضَّمَانِ لِتَحَقُّقِ الِاسْتِیلَاءِ .

(وَمَدُّ مِقْوَدِ الدَّابَّهِ )

بِکَسْرِ الْمِیمِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِی یُشَدُّ بِزِمَامِهَا أَوْ لِجَامِهَا ( غَصْبٌ لِلدَّابَّهِ ) وَمَا یَصْحَبُهَا لِلِاسْتِیلَاءِ عَلَیْهَا عُدْوَانًا ( إلَّا أَنْ یَکُونَ صَاحِبُهَا رَاکِبًا ) عَلَیْهَا ( قَوِیًّا ) عَلَی دَفْعِ الْقَائِدِ ( مُسْتَیْقِظًا ) حَالَهَ الْقَوْدِ غَیْرَ نَائِمٍ فَلَا یَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ حِینَئِذٍ ، ؛ لِعَدَمِ الِاسْتِیلَاءِ .

نَعَمْ لَوْ اتَّفَقَ تَلَفُهَا بِذَلِکَ ضَمِنَهَا ؛ لِأَنَّهُ جَانٍ عَلَیْهَا .

وَلَوْ لَمْ تَتْلَفْ هَلْ یَضْمَنُ مَنْفَعَتَهَا زَمَنَ الْقَوَدِ ؟ یُحْتَمَلُ قَوِیًّا ذَلِکَ ؛ لِتَفْوِیتِهَا بِمُبَاشَرَتِهِ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ غَاصِبًا کَالضَّعِیفِ السَّاکِنِ وَلَوْ کَانَ الرَّاکِبُ ضَعِیفًا عَنْ مُقَاوَمَتِهِ ، أَوْ نَائِمًا فَلَا رَیْبَ فِی الضَّمَانِ ، لِلِاسْتِیلَاءِ وَلَوْ سَاقَهَا قُدَّامَهُ بِحَیْثُ صَارَ مُسْتَوْلِیًا عَلَیْهَا لِکَوْنِهَا تَحْتَ یَدِهِ وَلَا جِمَاحَ لَهَا فَهُوَ غَاصِبٌ ، لِتَحَقُّقِ مَعْنَاهُ ، وَلَوْ تَرَدَّتْ بِالْجِمَاحِ حِینَئِذٍ ، أَوْ غَیْرِهِ فَتَلِفَتْ أَوْ عَابَتْ ضَمِنَ ، لِلسَّبَبِیَّهِ . ( وَغَصْبُ الْحَامِلِ غَصْبٌ لِلْحَمْلِ ) ؛ ؛ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ کَالْحَامِلِ ، وَالِاسْتِقْلَالُ بِالْیَدِ عَلَیْهِ حَاصِلٌ بِالتَّبَعِیَّهِ لِأُمِّهِ ، وَلَیْسَ کَذَلِکَ حِمْلُ الْمَبِیعِ فَاسِدًا حَیْثُ لَا یَدْخُلُ فِی الْبَیْعِ ؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ مَبِیعًا فَیَکُونُ أَمَانَهً فِی یَدِ الْمُشْتَرِی ، لِأَصَالَهِ عَدَمِ الضَّمَانِ ؛ وَلِأَنَّهُ تَسَلَّمَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ .

مَعَ احْتِمَالِهِ ، لِعُمُومِ " عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ " .

وَبِهِ قَطَعَ الْمُحَقِّقُ فِی الشَّرَائِعِ ( وَلَوْ تَبِعَهَا الْوَلَدُ ) حِینَ غَصَبَهَا ( فَفِی الضَّمَانِ ) لِلْوَلَدِ ( قَوْلَانِ ) مَأْخَذُهُمَا عَدَمُ إثْبَاتِ الْیَدِ عَلَیْهِ .

وَأَنَّهُ سَبَبٌ قَوِیٌّ .

وَالْأَقْوَی الضَّمَانُ وَهُوَ الَّذِی قَرَّبَهُ فِی الدُّرُوسِ .

(وَالْأَیْدِی الْمُتَعَاقِبَهُ عَلَی الْمَغْصُوبِ

(وَالْأَیْدِی الْمُتَعَاقِبَهُ عَلَی الْمَغْصُوبِ أَیْدِی ضَمَانٍ )

، سَوَاءٌ عَلِمُوا جَمِیعًا بِالْغَصْبِ أَمْ جَهِلُوا أَمْ بِالتَّفْرِیقِ ؛ لِتَحَقُّقِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ فَیَدْخُلُ فِی عُمُومِ " عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ " وَإِنْ انْتَفَی الْإِثْمُ عَنْ الْجَاهِلِ بِالْغَصْبِ ( فَیَتَخَیَّرُ الْمَالِکُ فِی تَضْمِینِ مَنْ شَاءَ ) مِنْهُمْ الْعَیْنَ وَالْمَنْفَعَهَ ( أَوْ ) تَضْمِینِ ( الْجَمِیعِ ) بَدَلًا وَاحِدًا بِالتَّقْسِیطِ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مُتَسَاوِیًا ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الرُّجُوعِ عَلَی کُلِّ وَاحِدٍ بِالْجَمِیعِ یَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الرُّجُوعِ بِالْبَعْضِ .

وَکَذَا لَهُ تَقْسِیطُ مَا یَرْجِعُ بِهِ عَلَی أَزْیَدَ مِنْ وَاحِدٍ ، وَتَرْکُ الْبَاقِینَ ، لِمَا ذُکِرَ .

( وَیَرْجِعُ الْجَاهِلُ مِنْهُمْ بِالْغَصْبِ ) إذَا رَجَعَ عَلَیْهِ ( عَلَی مَنْ غَرَّهُ ) فَسَلَّطَهُ عَلَی الْعَیْنِ ، أَوْ الْمَنْفَعَهِ وَلَمْ یُعْلِمْهُ بِالْحَالِ ، وَهَکَذَا الْآخَرُ إلَی أَنْ یَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ عَلَی الْغَاصِبِ الْعَالِمِ وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ الْعَیْنُ فِی یَدِهِ .

هَذَا إذَا لَمْ تَکُنْ یَدُ مَنْ تَلِفَتْ فِی یَدِهِ یَدَ ضَمَانٍ کَالْعَارِیَّهِ الْمَضْمُونَهِ ، وَإِلَّا لَمْ یَرْجِعْ عَلَی غَیْرِهِ ، وَلَوْ کَانَتْ أَیْدِی الْجَمِیعِ عَارِیَّهً تَخَیَّرَ الْمَالِکُ کَذَلِکَ وَیَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَی مَنْ تَلِفَتْ الْعَیْنُ فِی یَدِهِ فَیَرْجِعُ غَیْرُهُ عَلَیْهِ لَوْ رَجَعَ عَلَیْهِ دُونَهُ ، وَکَذَا یَسْتَقِرُّ ضَمَانُ الْمَنْفَعَهِ عَلَی مَنْ اسْتَوْفَاهَا عَالِمًا .

(وَالْحُرُّ لَا یُضْمَنُ بِالْغَصْبِ )

عَیْنًا وَمَنْفَعَهً ؛ لِأَنَّهُ لَیْسَ مَالًا فَلَا یَدْخُلُ تَحْتَ الْیَدِ .

هَذَا إذَا کَانَ کَبِیرًا عَاقِلًا إجْمَاعًا ، أَوْ صَغِیرًا فَمَاتَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی .

وَلَوْ مَاتَ بِسَبَبٍ کَلَدْغِ الْحَیَّهِ ، وَوُقُوعِ الْحَائِطِ فَفِی ضَمَانِهِ قَوْلَانِ لِلشَّیْخِ ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ الضَّمَانَ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِتْلَافِ ؛ وَلِأَنَّ الصَّغِیرَ لَا یَسْتَطِیعُ دَفْعَ الْمُهْلِکَاتِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَعُرُوضُهَا أَکْثَرِیٌّ فَمِنْ ثَمَّ رَجَّحَ السَّبَبَ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَدَّ الصَّغِیرِ الْعَجْزُ عَنْ دَفْعِ ذَلِکَ عَنْ نَفْسِهِ حَیْثُ یُمْکِنُ الْکَبِیرَ دَفْعُهَا عَادَهً ، لَا عَدَمُ التَّمْیِیزِ ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْمَجْنُونَ ، وَلَوْ کَانَ بِالْکَبِیرِ خَبَلٌ ، أَوْ بَلَغَ مَرْتَبَهَ الصَّغِیرِ لِکِبَرٍ ، أَوْ مَرَضٍ فَفِی إلْحَاقِهِ بِهِ وَجْهَانِ ( وَیُضْمَنُ الرَّقِیقُ ) بِالْغَصْبِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ( وَلَوْ حُبِسَ الْحُرُّ مُدَّهً ) لَهَا أُجْرَهٌ عَادَهً ( لَمْ یَضْمَنْ أُجْرَتَهُ إذَا لَمْ یَسْتَعْمِلْهُ ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْیَدِ تَبَعًا لَهُ ، سَوَاءٌ کَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فَاعْتَقَلَهُ وَلَمْ یَسْتَعْمِلْهُ أَمْ لَا .

نَعَمْ لَوْ کَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّهً مُعَیَّنَهً فَمَضَتْ زَمَنَ اعْتِقَالِهِ وَهُوَ بَاذِلٌ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَهُ لِذَلِکَ لَا لِلْغَصْبِ ( بِخِلَافِ الرَّقِیقِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَحْضٌ وَمَنَافِعُهُ کَذَلِکَ . ( وَخَمْرُ الْکَافِرِ الْمُسْتَتِرِ ) بِهَا ( مُحْتَرَمٌ یُضْمَنُ بِالْغَصْبِ ) مُسْلِمًا کَانَ الْغَاصِبُ أَمْ کَافِرًا ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ بِالْإِضَافَهِ إلَیْهِ وَقَدْ أُقِرَّ عَلَیْهِ وَلَمْ تَجُزْ مُزَاحَمَتُهُ فِیهِ .

وَکَانَ عَلَیْهِ تَأْنِیثُ ضَمَائِرِ الْخَمْرِ ؛ لِأَنَّهَا مُؤَنَّثٌ سَمَاعِیٌّ .

وَلَوْ غَصَبَهَا مَنْ مُسْلِمٍ ، أَوْ کَافِرٍ مُتَظَاهِرٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ کَانَ قَدْ اتَّخَذَهَا لِلتَّخْلِیلِ ، إذْ لَا قِیمَهَ لَهَا فِی شَرْعِ الْإِسْلَامِ .

لَکِنْ هُنَا یَأْثَمُ الْغَاصِبُ .

وَحَیْثُ یَضْمَنُ الْخَمْرَ یُعْتَبَرُ ( بِقِیمَتِهِ عِنْدَ مُسْتَحِلِّیهِ ) ، لَا بِمِثْلِهِ وَإِنْ کَانَ بِحَسَبِ الْقَاعِدَهِ مِثْلِیًّا ، لِتَعَذُّرِ الْحُکْمِ بِاسْتِحْقَاقِ الْخَمْرِ فِی شَرْعِنَا وَإِنْ کُنَّا لَا نَعْتَرِضُهُمْ إذَا لَمْ یَتَظَاهَرُوا بِهَا .

وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ کَوْنِ الْمُتْلِفِ مُسْلِمًا أَوْ کَافِرًا عَلَی الْأَقْوَی .

وَقِیلَ : یَضْمَنُ الْکَافِرُ الْمِثْلَ ، لِإِمْکَانِهِ فِی حَقِّهِ مِنْ حَیْثُ إنَّهُ مِثْلِیٌّ مَمْلُوکٌ لَهُ یُمْکِنُهُ دَفْعُهُ سِرًّا .

وَرُدَّ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ کَذَلِکَ یُؤَدِّی إلَی إظْهَارِهِ ؛ لِأَنَّ حُکْمَ الْمُسْتَحِقِّ أَنْ یَحْبِسَ غَرِیمَهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَإِلْزَامِهِ بِحَقِّهِ ، وَذَلِکَ یُنَافِی الِاسْتِتَارَ .

( وَکَذَا ) الْحُکْمُ فِی ( الْخِنْزِیرِ ) ، إلَّا أَنَّ ضَمَانَ قِیمَهِ الْخِنْزِیرِ وَاضِحٌ ؛ لِأَنَّهُ قِیَمِیٌّ حَیْثُ یُمْلَکُ .

(وَلَوْ اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ )

وَهُوَ مُوجِدُ عِلَّهِ التَّلَفِ کَالْأَکْلِ ، وَالْإِحْرَاقِ ، وَالْقَتْلِ ، وَالْإِتْلَافِ ( وَالسَّبَبُ ) وَهُوَ فَاعِلٌ مَلْزُومُ الْعِلَّهِ کَحَافِرِ الْبِئْرِ ( ضَمِنَ الْمُبَاشِرُ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَی ( إلَّا مَعَ الْإِکْرَاهِ ، أَوْ الْغُرُورِ ) لِلْمُبَاشِرِ ( فَیَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ فِی الْغَرُورِ عَلَی الْغَارِّ ، وَفِی الْإِکْرَاهِ عَلَی الْمُکْرِهِ ) لِضَعْفِ الْمُبَاشِرِ بِهِمَا فَکَانَ السَّبَبُ أَقْوَی کَمَنْ قَدَّمَ طَعَامًا إلَی الْمَغْرُورِ فَأَکَلَهُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَی الْغَارِّ فَیَرْجِعُ الْمَغْرُورُ عَلَیْهِ لَوْ ضُمِّنَّ .

هَذَا فِی الْمَالِ أَمَّا فِی النَّفْسِ فَیَتَعَلَّقُ بِالْمُبَاشِرِ مُطْلَقًا ، لَکِنْ هُنَا یُحْبَسُ الْآمِرُ حَتَّی یَمُوتَ . ( وَلَوْ أَرْسَلَ مَاءً فِی مِلْکِهِ ، أَوْ أَجَّجَ نَارًا فَسَرَی إلَی الْغَیْرِ ) فَأَفْسَدَ ( فَلَا ضَمَانَ ) عَلَی الْفَاعِلِ ( إذَا لَمْ یَزِدْ ) فِی الْمَاءِ وَالنَّارِ ( عَنْ قَدْرِ الْحَاجَهِ وَلَمْ تَکُنْ الرِّیحُ ) فِی صُورَهِ الْإِحْرَاقِ ( عَاصِفَهً ) بِحَیْثُ عُلِمَ ، أَوْ ظُنَّ التَّعَدِّی الْمُوجِبُ لِلضَّرَرِ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَی أَمْوَالِهِمْ ، وَلَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهَا کَیْفَ شَاءُوا .

نَعَمْ لَوْ زَادَ عَنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ فَالزَّائِدُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الضَّرَرِ بِالْغَیْرِ وَلَوْ بِالظَّنِّ ؛ لِأَنَّهُ مَنَاطُ أَمْثَالِ ذَلِکَ جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ وَدَفْعًا لِلْإِضْرَارِ الْمَنْفِیِّ ، ( وَإِلَّا ضَمِنَ ) .

وَظَاهِرُ الْعِبَارَهِ أَنَّ الزَّائِدَ عَنْ قَدْرِ الْحَاجَهِ یُضْمَنُ بِهِ وَإِنْ لَمْ یَقْتَرِنْ بِظَنِّ التَّعَدِّی .

وَکَذَا مَعَ عَصْفِ الرِّیحِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَی حَاجَتِهِ لِکَوْنِهِ مَظِنَّهً لِلتَّعَدِّی .

فَعَدَمُ الضَّمَانِ عَلَی هَذَا مَشْرُوطٌ بِأَمْرَیْنِ ، عَدَمُ الزِّیَادَهِ عَنْ الْحَاجَهِ .

وَعَدَمُ ظُهُورِ سَبَبِ التَّعَدِّی کَالرِّیحِ فَمَتَی انْتَفَی أَحَدُهُمَا ضَمِنَ .

وَمِثْلُهُ فِی الدُّرُوسِ إلَّا أَنَّهُ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْمُتَعَدِّی ، وَلَمْ یُکْتَفَ بِالظَّنِّ وَلَمْ یُعْتَبَرْ الْهَوَاءُ فَمَتَی عَلِمَهُ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ هَوَاءً ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ یَزِدْ عَنْ حَاجَتِهِ فَبَیْنَهُمَا مُغَایَرَهٌ ، وَفِی بَعْضِ فَتَاوِیهِ اعْتَبَرَ فِی الضَّمَانِ أَحَدَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَهِ .

مُجَاوَزَهُ الْحَاجَهِ .

أَوْ عَصْفُ الْهَوَاءِ .

أَوْ غَلَبَهُ الظَّنِّ بِالتَّعَدِّی .

وَاعْتَبَرَ جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْفَاضِلَانِ فِی الضَّمَانِ اجْتِمَاعَ الْأَمْرَیْنِ مَعًا : وَهُمَا : مُجَاوَزَهُ الْحَاجَهِ وَظَنُّ التَّعَدِّی ، أَوْ الْعِلْمُ بِهِ فَمَتَی انْتَفَی أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ .

وَهَذَا قَوِیٌّ وَإِنْ کَانَ الْأَوَّلُ أَحْوَطَ . ( وَیَجِبُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ ) عَلَی مَالِکِهِ وُجُوبًا فَوْرِیًّا إجْمَاعًا ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ } ، ( مَا دَامَتْ الْعَیْنُ بَاقِیَهً ) یُمْکِنُهُ رَدُّهَا ، سَوَاءٌ کَانَتْ عَلَی هَیْئَتِهَا یَوْمَ غَصْبِهَا أَمْ زَائِدَهً أَمْ نَاقِصَهً ( وَلَوْ أَدَّی رَدَّهُ إلَی عُسْرٍ ، وَذَهَابِ مَالِ الْغَاصِبِ ) کَالْخَشَبَهِ فِی بِنَائِهِ ، وَاللَّوْحِ فِی سَفِینَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَی الْمَغْصُوبِ لَا حُرْمَهَ لَهُ ، وَکَذَا مَالُ الْغَاصِبِ فِی السَّفِینَهِ حَیْثُ یُخْشَی تَلَفُهُ ، أَوْ غَرَقُ السَّفِینَهِ عَلَی الْأَقْوَی .

نَعَمْ لَوْ خِیفَ غَرَقُهُ ، أَوْ غَرَقُ حَیَوَانٍ مُحْتَرَمٍ ، أَوْ مَالٌ لِغَیْرِهِ لَمْ یُنْزَعَ إلَی أَنْ تَصِلَ السَّاحِلَ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) رَدُّ الْعَیْنِ لِتَلَفٍ وَنَحْوِهِ ( ضَمِنَهُ ) الْغَاصِبُ ( بِالْمِثْلِ إنْ کَانَ ) الْمَغْصُوبُ ( مِثْلِیًّا ) وَهُوَ الْمُتَسَاوِی الْأَجْزَاءِ وَالْمَنْفَعَهِ الْمُتَقَارِبُ الصِّفَاتِ کَالْحِنْطَهِ ، وَالشَّعِیرِ ، وَغَیْرِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ ، وَالْأَدْهَانِ ( وَإِلَّا ) یَکُنْ مِثْلِیًّا ( فَالْقِیمَهُ الْعُلْیَا مِنْ حِینِ الْغَصْبِ إلَی حِینِ التَّلَفِ ) ؛ لِأَنَّ کُلَّ حَالَهٍ زَائِدَهٍ مِنْ حَالَاتِهِ فِی ذَلِکَ الْوَقْتِ مَضْمُونَهٌ کَمَا یُرْشَدُ إلَیْهِ : أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ حِینَئِذٍ ضَمِنَهَا فَکَذَا إذَا تَلِفَ بَعْدَهَا .

( وَقِیلَ ) وَالْقَائِلُ بِهِ الْمُحَقِّقُ فِی أَحَدِ قَوْلَیْهِ عَلَی مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ یَضْمَنُ الْأَعْلَی مِنْ حِینِ الْغَصْبِ ( إلَی حِینِ الرَّدِّ ) أَیْ : رَدِّ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْقِیمَهُ .

وَهَذَا الْقَوْلُ مَبْنِیٌّ عَلَی أَنَّ الْقِیَمِیَّ یُضْمَنُ بِمِثْلِهِ کَالْمِثْلِیِّ ، وَإِنَّمَا یَنْتَقِلُ إلَی الْقِیمَهِ عِنْدَ دَفْعِهَا لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ فَیَجِبُ أَعْلَی الْقِیَمِ إلَی حِینِ دَفْعِ الْقِیمَهِ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ فِی کُلِّ آنٍ سَابِقٍ مِنْ حِینِ الْغَصْبِ مَضْمُونٌ تَحْتَ یَدِهِ وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ الْعَیْنَ حَالَهَ الزِّیَادَهِ کَانَتْ لِلْمَالِکِ فَإِذَا تَلِفَتْ فِی یَدِهِ ضَمِنَهَا .

وَعَلَی الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ ضَمَانِ الْقِیَمِیِّ بِقِیمَتِهِ ابْتِدَاءً لَا وَجْهَ لِهَذَا الْقَوْلِ ( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ بِهِ الْأَکْثَرُ عَلَی مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ : إنَّمَا یَضْمَنُ ( بِالْقِیمَهِ یَوْمَ التَّلَفِ لَا غَیْرَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ زَمَنَ بَقَائِهَا إنَّمَا هُوَ رَدُّ الْعَیْنِ ، وَالْغَاصِبُ مُخَاطَبٌ بِرَدِّهَا حِینَئِذٍ زَائِدَهً کَانَتْ أَمْ نَاقِصَهً مِنْ غَیْرِ ضَمَانِ شَیْءٍ مِنْ النَّقْصِ إجْمَاعًا .

فَإِذَا تَلِفَتْ وَجَبَتْ قِیمَهُ الْعَیْنِ وَقْتَ التَّلَفِ ، لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَیْهَا حِینَئِذٍ ؛ لِتَعَذُّرِ الْبَدَلِ .

وَنَقَلَ الْمُحَقِّقُ فِی الشَّرَائِعِ عَنْ الْأَکْثَرِ : أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِیمَهُ یَوْمَ الْغَصْبِ ، بِنَاءً عَلَی أَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ ضَمَانِ الْعَیْنِ .

وَیُضْعَفُ بِأَنَّ ضَمَانَهَا حِینَئِذٍ إنَّمَا یُرَادُ بِهِ کَوْنُهَا لَوْ تَلِفَتْ لَوَجَبَ بَدَلُهَا ، لَا وُجُوبُ قِیمَتِهَا إذْ الْوَاجِبُ مَعَ وُجُودِ الْعَیْنِ مُنْحَصِرٌ فِی رَدِّهَا .

وَفِی صَحِیحِ أَبِی وَلَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی اکْتِرَاءِ الْبَغْلِ ، وَمُخَالَفَهِ الشَّرْطِ مَا یَدُلُّ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ .

وَیُمْکِنُ أَنْ یُسْتَفَادَ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْأَکْثَرِ مِنْهُ إلَی یَوْمِ التَّلَفِ .

وَهُوَ قَوِیٌّ عَمَلًا بِالْخَبَرِ الصَّحِیحِ ، وَإِلَّا لَکَانَ الْقَوْلُ بِقِیمَتِهِ یَوْمَ التَّلَفِ مُطْلَقًا أَقْوَی .

وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا کَانَ الِاخْتِلَافُ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْقِیمَهِ السُّوقِیَّهِ أَمَّا لَوْ کَانَ لِنَقْصِ الْعَیْنِ ، أَوْ لِتَعَیُّبِهَا فَلَا إشْکَالَ فِی ضَمَانِ ذَلِکَ النَّقْصِ .

(وَإِنْ عَابَ )الْمَغْصُوب وَلَمْ تَذْهَبْ عَیْنُه

(وَإِنْ عَابَ )الْمَغْصُوب وَلَمْ تَذْهَبْ عَیْنُهُ

( ضَمِنَ أَرْشَهُ ) إجْمَاعًا ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ أَجْزَاءٍ نَاقِصَهٍ ، أَوْ أَوْصَافٍ وَکِلَاهُمَا مَضْمُونٌ ، سَوَاءٌ کَانَ النَّقْصُ مِنْ الْغَاصِبِ أَمْ مِنْ غَیْرِهِ ، وَلَوْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی ، وَلَوْ کَانَ الْعَیْبُ غَیْرَ مُسْتَقِرٍّ ، بَلْ یَزِیدُ التَّدْرِیجُ فَإِنْ لَمْ یُمْکِنْ الْمَالِکَ بَعْدَ قَبْضِ الْعَیْنِ قَطْعُهُ أَوْ التَّصَرُّفُ فِیهِ .

فَعَلَی الْغَاصِبِ ضَمَانُ مَا یَتَجَدَّدُ أَیْضًا ، وَإِنْ أَمْکَنَ فَفِی زَوَالِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ : مِنْ اسْتِنَادِهِ إلَی الْغَاصِبِ وَتَفْرِیطِ الْمَالِکِ وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ عَدَمَ الضَّمَانِ .

( وَیَضْمَنُ ) أَیْضًا ( أُجْرَتَهُ إنْ کَانَ لَهُ أُجْرَهٌ ، لِطُولِ الْمُدَّهِ ) الَّتِی غَصَبَهُ فِیهَا ، سَوَاءٌ ( اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ أَمْوَالٌ تَحْتَ الْیَدِ فَتُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ ، وَالتَّفْوِیتِ ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمَنَافِعُ فَإِنْ أَمْکَنَ فِعْلُهَا جُمْلَهً ، أَوْ فِعْلُ أَکْثَرِ مِنْ وَاحِدَهٍ وَجَبَ أُجْرَهُ مَا أَمْکَنَ وَإِلَّا کَالْخِیَاطَهِ ، وَالْحِیَاکَهِ ، وَالْکِتَابَهِ فَأَعْلَاهَا أُجْرَهً ، وَلَوْ کَانَتْ الْوَاحِدَهُ أَعْلَی مُنْفَرِدَهً عَنْ مَنَافِعَ مُتَعَدِّدَهٍ یُمْکِنُ جَمْعُهَا ضَمِنَ الْأَعْلَی . ( وَلَا فَرْقَ بَیْنَ بَهِیمَهِ الْقَاضِی ، وَالشَّوْکِیِّ فِی ضَمَانِ الْأَرْشِ ) إجْمَاعًا لِعُمُومِ الْأَدِلَّهِ ، وَخَالَفَ فِی ذَلِکَ بَعْضُ الْعَامَّهِ فَحَکَمَ فِی الْجِنَایَهِ عَلَی بَهِیمَهٍ الْقَاضِی بِالْقِیمَهِ وَیَأْخُذُ الْجَانِی الْعَیْنَ نَظَرًا إلَی أَنَّ الْمَعِیبَ لَا یَلِیقُ بِمَقَامِ الْقَاضِی . ( وَلَوْ جَنَی عَلَی الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ ) جَانٍ غَیْرُ الْغَاصِبِ ( فَعَلَی الْجَانِی أَرْشُ الْجِنَایَهِ ) الْمُقَرَّرِ فِی بَابِ الدِّیَاتِ ( وَعَلَی الْغَاصِبِ مَا زَادَ عَنْ أَرْشِهَا مِنْ النَّقْصِ إنْ نَفَقَ ) زِیَادَهً فَلَوْ کَانَتْ الْجِنَایَهُ مِمَّا لَهُ مُقَدَّرٌ کَقَطْعِ یَدِهِ الْمُوجِبِ لِنِصْفِ قِیمَتِهِ شَرْعًا فَنَقَصَ بِسَبَبِهِ ثُلُثَا قِیمَتِهِ فَعَلَی الْجَانِی النِّصْفُ وَعَلَی الْغَاصِبِ السُّدُسُ الزَّائِدُ مِنْ النَّقْصِ ، وَلَوْ لَمْ یَحْصُلْ زِیَادَهٌ فَلَا شَیْءَ عَلَی الْغَاصِبِ بَلْ یَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَی الْجَانِی .

وَالْفَرْقُ : أَنَّ ضَمَانَ الْغَاصِبِ مِنْ جِهَهِ الْمَالِیَّهِ فَیَضْمَنُ مَا فَاتَ مِنْهَا مُطْلَقًا ، وَضَمَانُ الْجَانِی مَنْصُوصٌ فَیَقِفُ عَلَیْهِ حَتَّی لَوْ کَانَ الْجَانِی هُوَ الْغَاصِبَ فِیمَا لَهُ مُقَدَّرٌ شَرْعِیٌّ فَالْوَاجِبُ عَلَیْهِ أَکْثَرُ الْأَمْرَیْنِ مِنْ الْقَدْرِ الشَّرْعِیِّ وَالْأَرْشِ ؛ لِأَنَّ الْأَکْثَرَ إنْ کَانَ هُوَ الْمُقَدَّرَ فَهُوَ جَانٍ ، وَإِنْ کَانَ هُوَ الْأَرْشَ فَهُوَ مَالٌ فَوَّتَهُ تَحْتَ یَدِهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ لِعُمُومِ { عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ } ؛ وَلِأَنَّ الْجَانِیَ لَمْ تَثْبُتْ یَدُهُ عَلَی الْعَبْدِ فَیَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُ الْمَالِیَّهِ ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْفَرْقِ بَیْنَ اسْتِغْرَاقِ أَرْشِ الْجِنَایَهِ الْقِیمَهَ ، وَعَدَمُهُ فَیَجْتَمِعُ عَلَیْهِ رَدُّ الْعَیْنِ وَالْقِیمَهُ فَمَا زَادَ .

( وَلَوْ مَثَّلَ بِهِ ) الْغَاصِبُ ( انْعَتَقَ ) ، لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " کُلُّ عَبْدٍ مُثِّلَ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ " ( وَغَرِمَ قِیمَتَهُ لِلْمَالِکِ ) .

وَقِیلَ : لَا یَعْتِقُ بِذَلِکَ ، اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْوِفَاقِ وَهُوَ تَمْثِیلُ الْمَوْلَی ، وَالرِّوَایَهُ الْعَامَّهُ ضَعِیفَهُ السَّنَدِ .

وَأَمَّا بِنَاءُ الْحُکْمِ عَلَی الْحِکْمَهِ فِی عِتْقِهِ : هَلْ هِیَ عُقُوبَهٌ لِلْمَوْلَی أَوْ جَبْرٌ لِلْمَمْلُوکِ ؟ فَیَنْعَتِقُ هُنَا عَلَی الثَّانِی دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ رَدٌّ لِلْحُکْمِ إلَی حِکْمَهٍ مَجْهُولَهٍ لَمْ یَرِدْ بِهَا نَصٌّ وَالْأَقْوَی عَدَمُ الْعَتَاقِ .

نَعَمْ لَوْ أُقْعِدَ ، أَوْ عَمِیَ عَتَقَ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّبَبَ غَیْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمَوْلَی إجْمَاعًا . ( وَلَوْ غَصَبَ ) مَا یَنْقُصُهُ التَّفْرِیقُ ( مِثْلَ الْخُفَّیْنِ ، أَوْ الْمِصْرَاعَیْنِ أَوْ الْکِتَابِ سِفْرَیْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا ) قَبْلَ الرَّدِّ ( ضَمِنَ قِیمَتَهُ ) أَیْ : قِیمَهَ التَّالِفِ ( مُجْتَمِعًا ) مَعَ الْآخَرِ وَنَقَصَ الْآخَرُ .

فَلَوْ کَانَ قِیمَهُ الْجَمِیعِ عَشَرَهً وَقِیمَهُ کُلِّ وَاحِدٍ مُجْتَمِعًا خَمْسَهً ، وَمُنْفَرِدًا ثَلَاثَهً .

ضَمِنَ سَبْعَهً ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ فِی یَدِهِ مُسْتَنِدٌ إلَی تَلَفِ عَیْنٍ مَضْمُونَهٍ عَلَیْهِ ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِیمَهِ الْبَاقِی فِی مُقَابَلَهِ الِاجْتِمَاعِ فَهُوَ بِفَوَاتِ صِفَهِ الِاجْتِمَاعِ فِی یَدِهِ ، أَمَّا لَوْ لَمْ تَثْبُتْ یَدُهُ عَلَی الْبَاقِی ، بَلْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ تَلِفَ فِی یَدِهِ ، أَوْ أَتْلَفَهُ ابْتِدَاءً فَفِی ضَمَانِ قِیمَهِ التَّالِفِ مُجْتَمِعًا أَوْ مُنْفَرِدًا ، أَوْ مُنْضَمًّا إلَی نَقْصِ الْبَاقِی کَالْأَوَّلِ أَوْجُهٌ .

أَجْوَدُهَا الْأَخِیرُ ؛ لِاسْتِنَادِ الزَّائِدِ إلَی فَقْدِ صِفَهٍ وَهِیَ کَوْنُهُ مُجْتَمِعًا حَصَلَ الْفَقْدُ مِنْهُ .

(وَلَوْ زَادَتْ قِیمَهُ الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَلَا شَیْءَ عَلَیْهِ )

؛ لِعَدَمِ النُّقْصَانِ ( وَلَا لَهُ ) ؛ لِأَنَّ الزِّیَادَهَ حَصَلَتْ فِی مَالِ غَیْرِهِ ( إلَّا أَنْ تَکُونَ ) الزِّیَادَهُ ( عَیْنًا ) مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ ( کَالصَّبْغِ فَلَهُ قَلْعُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ ( إنْ قَبِلَ الْفَصْلَ ) وَلَوْ بِنَقْصِ قِیمَهِ الثَّوْبِ جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ .

( وَ ) نَقْصُ الثَّوْبِ یَنْجَبِرُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ ( یَضْمَنُ أَرْشَ الثَّوْبِ ) وَلَا یَرِدُ أَنَّ قَلْعَهُ یَسْتَلْزِمُ التَّصَرُّفَ فِی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِ مَالِکِ الثَّوْبِ فِی الصَّبْغِ ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عُدْوَانًا .

؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عُدْوَانًا لَا یَقْتَضِی إسْقَاطَ مَالِیَّتِهِ ، فَإِنَّ ذَلِکَ عُدْوَانٌ آخَرُ ، بَلْ غَایَتُهُ أَنْ یُنْزَعَ وَلَا یُلْتَفَتُ إلَی نَقْصِ قِیمَتِهِ ، أَوْ اضْمِحْلَالِهِ ، لِلْعُدْوَانِ بِوَضْعِهِ .

وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مَا لِصَاحِبِهِ بِالْقِیمَهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ کَمَا لَا یَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهِ .

نَعَمْ لَوْ طَلَبَ مَالِکُ الثَّوْبِ بَیْعَهُمَا لِیَأْخُذَ کُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ ، دُونَ الْعَکْسِ .

( وَلَوْ بِیعَ مَصْبُوغًا بِقِیمَتِهِ مَغْصُوبًا ) بِغَیْرِ صَبْغٍ ( فَلَا شَیْءَ لِلْغَاصِبِ ) ؛ لِعَدَمِ الزِّیَادَهِ بِسَبَبِ مَالِهِ .

هَذَا إذَا بَقِیَتْ قِیمَهُ الثَّوْبِ بِحَالِهَا .

أَمَّا لَوْ تَجَدَّدَ نُقْصَانُهُ لِلسُّوقِ فَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ السُّوقِ مَعَ بَقَاءِ الْعَیْنِ غَیْرُ مَضْمُونٍ .

نَعَمْ لَوْ زَادَ الْبَاقِی عَنْ قِیمَهِ الصَّبْغِ کَانَ الزَّائِدُ بَیْنَهُمَا عَلَی نِسْبَهِ الْمَالَیْنِ کَمَا لَوْ زَادَتْ الْقِیمَهُ عَنْ قِیمَتِهَا مِنْ غَیْرِ نُقْصَانٍ ، وَلَوْ اخْتَلَفَ قِیمَتُهُمَا بِالزِّیَادَهِ وَالنُّقْصَانِ لِلسُّوقِ فَالْحُکْمُ لِلْقِیمَهِ الْآنَ ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ غَیْرُ مَضْمُونٍ فِی الْمَغْصُوبِ لِلسُّوقِ وَفِی الصَّبْغِ مُطْلَقًا ، فَلَوْ کَانَ قِیمَهُ کُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَهً وَبِیعَ بِعَشَرَهٍ إلَّا أَنَّ قِیمَهَ الثَّوْبِ ارْتَفَعَتْ إلَی سَبْعَهٍ ، وَقِیمَهَ الصَّبْغِ انْحَطَّتْ إلَی ثَلَاثَهٍ ؛ فَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ سَبْعَهٌ ، وَلِلْغَاصِبِ ثَلَاثَهٌ وَبِالْعَکْسِ . ( وَلَوْ غَصَبَ شَاهً فَأَطْعَمَهَا الْمَالِکُ جَاهِلًا ) بِکَوْنِهَا شَاتَهُ ( ضَمِنَهَا الْغَاصِبُ ) لَهُ لِضَعْفِ الْمُبَاشِرِ بِالْغُرُورِ فَیَرْجِعُ عَلَی السَّبَبِ وَتَسْلِیطُهُ الْمَالِکَ عَلَی مَالِهِ وَصَیْرُورَتُهُ بِیَدِهِ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ لَا یُوجِبُ الْبَرَاءَهَ ؛ ؛ لِأَنَّ التَّسْلِیمَ غَیْرُ تَامٍّ فَإِنَّ التَّسْلِیمَ التَّامَّ تَسْلِیمُهُ عَلَی أَنَّهُ مِلْکُهُ یَتَصَرَّفُ فِیهِ کَتَصَرُّفِ الْمُلَّاکِ ، وَهُنَا لَیْسَ کَذَلِکَ ، بَلْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ وَأَنَّهُ إبَاحَهُ إتْلَافِهِ بِالضِّیَافَهِ ، وَقَدْ یَتَصَرَّفُ بَعْضُ النَّاسِ فِیهَا بِمَا لَا یَتَصَرَّفُونَ فِی أَمْوَالِهِمْ کَمَا لَا یَخْفَی .

وَکَذَا الْحُکْمُ فِی غَیْرِ الشَّاهِ مَنْ الْأَطْعِمَهِ ، وَالْأَعْیَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا کَاللِّبَاسِ ( وَلَوْ أَطْعَمَهَا غَیْرَ صَاحِبِهَا ) فِی حَالَهِ کَوْنِ الْآکِلِ ( جَاهِلًا ضَمَّنَ الْمَالِکُ ) قِیمَتَهَا ( مَنْ شَاءَ ) مِنْ الْآکِلِ ، وَالْغَاصِبِ ، لِتَرَتُّبِ الْأَیْدِی کَمَا سَلَفَ ( وَالْقَرَارُ ) أَیْ : قَرَارُ الضَّمَانِ ( عَلَی الْغَاصِبِ ) ، لِغُرُورِهِ لِلْآکِلِ بِإِبَاحَتِهِ الطَّعَامَ مَجَّانًا مَعَ أَنَّ یَدَهُ ظَاهِرَهٌ فِی الْمِلْکِ وَقَدْ ظَهَرَ خِلَافُهُ .

(وَلَوْ مَزَجَ)الْغَاصِبُ ( الْمَغْصُوبَ بِغَیْرِهِ )

، أَوْ امْتَزَجَ فِی یَدِهِ بِغَیْرِ اخْتِیَارِهِ ( کُلِّفَ قِسْمَتَهُ ) بِتَمْیِیزِهِ ( إنْ أَمْکَنَ ) التَّمْیِیزُ ( وَإِنْ شَقَّ ) کَمَا لَوْ خَلَطَ الْحِنْطَهَ بِالشَّعِیرِ ، أَوْ الْحَمْرَاءَ بِالصَّفْرَاءِ ؛ لِوُجُوبِ رَدِّ الْعَیْنِ حَیْثُ یُمْکِنُ ( وَلَوْ لَمْ یُمْکِنْ ) التَّمْیِیزُ کَمَا لَوْ خَلَطَ الزَّیْتَ بِمِثْلِهِ ، أَوْ الْحِنْطَهَ بِمِثْلِهَا وَصْفًا ( ضَمِنَ الْمِثْلَ إنْ مَزَجَهُ بِالْأَرْدَإِ ) ، لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَیْنِ کَامِلَهً ؛ لِأَنَّ الْمَزْجَ فِی حُکْمِ الِاسْتِهْلَاکِ مِنْ حَیْثُ اخْتِلَاطُ کُلِّ جُزْءٍ مِنْ مَالِ الْمَالِکِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَهُوَ أَدْوَنُ مِنْ الْحَقِّ فَلَا یَجِبُ قَبُولُهُ ، بَلْ یَنْتَقِلُ إلَی الْمِثْلِ .

وَهَذَا مَبْنِیٌّ عَلَی الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ رِضَاهُ بِالشَّرِکَهِ ، أَوْ قَوْلٍ فِی الْمَسْأَلَهِ .

وَالْأَقْوَی تَخْیِیرُهُ بَیْنَ الْمِثْلِ ، وَالشَّرِکَهِ مَعَ الْأَرْشِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِی الْعَیْنِ لَمْ یَسْقُطْ ، لِبَقَائِهَا کَمَا لَوْ مَزَجَهَا بِالْأَجْوَدِ ، وَالنَّقْصُ بِالْخَلْطِ یُمْکِنُ جَبْرُهُ بِالْأَرْشِ ( وَإِلَّا ) یَمْزُجْهُ بِالْأَرْدَإِ ، بَلْ بِالْمُسَاوِی ، أَوْ الْأَجْوَدِ ( کَانَ شَرِیکًا ) بِمِقْدَارِ عَیْنِ مَالِهِ ، لَا قِیمَتِهِ لِأَنَّ الزِّیَادَهَ الْحَاصِلَهَ صِفَهٌ حَصَلَتْ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ عُدْوَانًا فَلَا یَسْقُطُ حَقُّ الْمَالِکِ مَعَ بَقَاءِ عَیْنِ مَالِهِ کَمَا لَوْ صَاغَ النَّقْرَهَ وَعَلَفَ الدَّابَّهَ فَسَمِنَتْ .

.وَقِیلَ : یَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعَیْنِ ، لِلِاسْتِهْلَاکِ فَیَتَخَیَّرُ الْغَاصِبُ بَیْنَ الدَّفْعِ مِنْ الْعَیْنِ ، ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِالزَّائِدِ ، وَدَفْعِ الْمِثْلِ .

وَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ .

( وَمُؤْنَهُ الْقِسْمَهِ عَلَی الْغَاصِبِ ) ، لِوُقُوعِ الشَّرِکَهِ بِفِعْلِهِ تَعَدِّیًا .

هَذَا کُلُّهُ إذَا مَزَجَهُ بِجِنْسِهِ ، فَلَوْ مَزَجَهُ بِغَیْرِهِ کَالزَّیْتِ بِالشَّیْرَجِ فَهُوَ إتْلَافٌ ، لِبُطْلَانِ فَائِدَتِهِ وَخَاصِّیَّتِهِ .

وَقِیلَ : تَثْبُتُ الشَّرِکَهُ هُنَا أَیْضًا کَمَا لَوْ مَزَجَاهُ بِالتَّرَاضِی ، أَوْ امْتَزَجَا بِأَنْفُسِهِمَا ، لِوُجُودِ الْعَیْنِ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ جَبْرَ الْمَالِکِ عَلَی أَخْذِهِ بِالْأَرْشِ ، أَوْ بِدُونِهِ إلْزَامٌ بِغَیْرِ الْجِنْسِ فِی الْمِثْلِیِّ وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَهِ ، وَجَبْرُ الْغَاصِبِ إثْبَاتٌ لِغَیْرِ الْمِثْلِ عَلَیْهِ بِغَیْرِ رِضَاهُ ، فَالْعُدُولُ إلَی الْمِثْلِ أَجْوَدُ ، وَوُجُودُ الْعَیْنِ غَیْرَ مُتَمَیِّزَهٍ مِنْ غَیْرِ جِنْسِهَا کَالتَّالِفَهِ . .

( وَلَوْ زَرَعَ ) الْغَاصِبُ ( الْحَبَّ ) فَنَبَتَ ( أَوْ أَحْضَنَ الْبَیْضَ ) فَأَفْرَخَ ( فَالزَّرْعُ وَالْفَرْخُ لِلْمَالِکِ ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ؛ لِأَنَّهُ عَیْنُ مَالِ الْمَالِکِ وَإِنَّمَا حَدَثَ بِالتَّغَیُّرِ اخْتِلَافُ الصُّوَرِ ، وَنَمَاءُ الْمِلْکِ لِلْمَالِکِ وَإِنْ کَانَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ .

وَلِلشَّیْخِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لِلْغَاصِبِ تَنْزِیلًا لِذَلِکَ مَنْزِلَهَ الْإِتْلَافِ ؛ وَلِأَنَّ النَّمَاءَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ .

وَضَعْفُهُمَا ظَاهِرٌ . ( وَلَوْ نَقَلَهُ إلَی غَیْرِ بَلَدِ الْمَالِکِ وَجَبَ عَلَیْهِ نَقْلُهُ ) إلَی بَلَدِ الْمَالِکِ ( وَمُؤْنَهُ نَقْلِهِ ) وَإِنْ اسْتَوْعَبَتْ أَضْعَافَ قِیمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَادَ بِنَقْلِهِ فَیَجِبُ عَلَیْهِ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَلَا یَجِبُ إجَابَهُ الْمَالِکِ إلَی أُجْرَهِ الرَّدِّ مَعَ إبْقَائِهِ فِیمَا انْتَقَلَ إلَیْهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ الرَّدُّ ، دُونَ الْأُجْرَهِ ( وَلَوْ رَضِیَ الْمَالِکُ بِذَلِکَ الْمَکَانِ ) الَّذِی نَقَلَهُ إلَیْهِ ( لَمْ یَجِبْ ) الرَّدُّ عَلَی الْغَاصِبِ ، لِإِسْقَاطِ الْمَالِکِ حَقَّهُ مِنْهُ فَلَوْ رَدَّهُ حِینَئِذٍ کَانَ لَهُ إلْزَامُهُ بِرَدِّهِ إلَیْهِ .

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الْقِیمَهِ حَلَفَ الْغَاصِبُ )

؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ الزَّائِدِ ؛ وَلِأَنَّهُ مُنْکِرٌ مَا لَمْ یَدَّعِ مَا یُعْلَمُ کَذِبُهُ کَالدِّرْهَمِ قِیمَهً لِلْعَبْدِ فَیُکَلَّفُ بِدَعْوَی قَدْرٍ یُمْکِنُ ، مَعَ احْتِمَالِ تَقْدِیمِ قَوْلِ الْمَالِکِ حِینَئِذٍ .

وَقِیلَ : یَحْلِفُ الْمَالِکُ مُطْلَقًا .

وَهُوَ ضَعِیفٌ .

( وَکَذَا ) یَحْلِفُ الْغَاصِبُ ( لَوْ ادَّعَی الْمَالِکُ ) إثْبَاتَ ( صِنَاعَهٍ یَزِیدُ بِهَا الثَّمَنُ ) ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِهَا ، وَکَذَا لَوْ کَانَ الِاخْتِلَافُ فِی تَقَدُّمِهَا لِتَکْثُرَ الْأُجْرَهُ ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ ، ( وَکَذَا ) یَحْلِفُ الْغَاصِبُ ( لَوْ ادَّعَی التَّلَفَ ) وَإِنْ کَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ ؛ لِإِمْکَانِ صِدْقِهِ ، فَلَوْ لَمْ یُقْبَلْ قَوْلُهُ لَزِمَ تَخْلِیدُهُ الْحَبْسَ لَوْ فُرِضَ التَّلَفُ ، وَلَا یَرُدُّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَقَامَ الْمَالِکُ بَیِّنَهً بِبَقَائِهِ مَعَ إمْکَانِ کَذِبِ الْبَیِّنَهِ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْبَقَاءِ شَرْعًا مُجَوِّزٌ لِلْإِهَانَهِ وَالضَّرْبِ إلَی أَنْ یُعْلَمَ خِلَافُهُ وَمَتَی حَلَفَ عَلَی التَّلَفِ طُولِبَ بِالْبَدَلِ ، وَإِنْ کَانَتْ الْعَیْنُ بَاقِیَهً بِزَعْمِ الْمَالِکِ ، لِلْعَجْزِ عَنْهَا بِالْحَلِفِ کَمَا یَسْتَحِقُّ الْبَدَلَ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهَا وَإِنْ قَطَعَ بِوُجُودِهَا ، بَلْ هُنَا أَوْلَی ( أَوْ ادَّعَی ) الْغَاصِبُ ( تَمَلُّکَ مَا عَلَی الْعَبْدِ مِنْ الثِّیَابِ ) وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بِیَدِهِ ، وَلِهَذَا یَضْمَنُهُ وَمَنَافِعَهُ فَیَکُونُ مَا مَعَهُ فِی یَدِهِ فَیُقَدَّمُ قَوْلُهُ فِی مِلْکِهِ .

( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِی الرَّدِّ حَلَفَ الْمَالِکُ ) ، لِأَصَالَهِ عَدَمِهِ ، وَکَذَا لَوْ ادَّعَی رَدَّ بَدَلِهِ مِثْلًا ، أَوْ قِیمَهً ، أَوْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ عَلَی مَوْتِهِ وَادَّعَی الْمَالِکُ مَوْتَهُ قَبْلَهُ ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ التَّقَدُّمِ وَلَا یَلْزَمُ هُنَا مَا لَزِمَ فِی دَعْوَی التَّلَفِ ، لِلِانْتِقَالِ إلَی الْبَدَلِ حَیْثُ یَتَعَذَّرُ تَخْلِیصُ الْعَیْنِ مِنْهُ ، لَکِنْ هَلْ یُنْتَقَلُ إلَیْهِ ابْتِدَاءً ، أَوْ بَعْدَ الْحَبْسِ وَالْعَذَابِ إلَی أَنْ تَظْهَرَ أَمَارَهُ عَدَمِ إمْکَانِ الْعَیْنِ ؟ نَظَرٌ .

وَلَعَلَّ الثَّانِیَ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَی الْبَدَلِ ابْتِدَاءً یُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَی قَوْلِهِ ، وَتَکْلِیفُهُ بِالْعَیْنِ مُطْلَقًا قَدْ یُوجِبُ خُلُودَ حَبْسِهِ کَالْأَوَّلِ ، فَالْوَسَطُ مُتَّجَهٌ .

وَکَلَامُهُمْ هُنَا غَیْرُ مُنَقَّحٍ .

(44) کتاب اللقطه

(44) کتاب اللقطه

کِتَابُ اللُّقَطَهِ

( اللُّقَطَهُ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمَالِ الْمَلْقُوطِ ، أَوْ لِلْمُلْتَقَطِ .

کَبَابِ فُعَلَهٍ کَهُمَزَهٍ وَلُمَزَهٍ أَوْ بِسُکُونِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمَالِ وَأُطْلِقَ عَلَی مَا یَشْمَلُ الْإِنْسَانَ تَغْلِیبًا ( وَفِیهِ فُصُولٌ ) .

الْأَوَّلُ فِی اللَّقِیطِ .

( اللَّقِیطُ ) وَهُوَ فَعِیلٌ بِمَعْنَی مَفْعُولٍ کَطَرِیحٍ وَجَرِیحٍ .

وَیُسَمَّی مَنْبُوذًا .

وَاخْتِلَافُ اسْمَیْهِ بِاعْتِبَارِ حَالَتَیْهِ إذَا ضَاعَ فَإِنَّهُ یُنْبَذُ أَوَّلًا أَیْ : یُرْمَی ثُمَّ یُلْقَطُ ( وَهُوَ إنْسَانٌ ضَائِعٌ لَا کَافِلَ لَهُ ) حَالَهَ الِالْتِقَاطِ ( وَلَا یَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ ) أَیْ : بِالسَّعْیِ عَلَی مَا یُصْلِحُهُ وَیَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الْمُهْلِکَاتِ الْمُمْکِنَ دَفْعُهَا عَادَهً ( فَیُلْتَقَطُ الصَّبِیُّ وَالصَّبِیَّهُ ) وَإِنْ مَیَّزَا عَلَی الْأَقْوَی ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا ( مَا لَمْ یَبْلُغَا ) فَیَمْتَنِعُ الْتِقَاطُهُمَا حِینَئِذٍ ، لِاسْتِقْلَالِهِمَا ، وَانْتِفَاءِ الْوِلَایَهِ عَنْهُمَا .

نَعَمْ لَوْ خَافَ عَلَی الْبَالِغِ التَّلَفَ فِی مَهْلَکَهٍ وَجَبَ إنْقَاذُهُ کَمَا یَجِبُ إنْقَاذُ الْغَرِیقِ ، وَنَحْوِهِ ، وَالْمَجْنُونُ بِحُکْمِ الطِّفْلِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِی إطْلَاقِ التَّعْرِیفِ وَإِنْ لَمْ یَخُصَّهُ فِی التَّفْصِیلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِإِدْخَالِهِ فِی تَعْرِیفِ الدُّرُوسِ .

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ : لَا کَافِلَ لَهُ ، عَنْ مَعْلُومِ الْوَلِیِّ ، أَوْ الْمُلْتَقِطِ ( فَإِذَا عُلِمَ الْأَبُ ، أَوْ الْجَدُّ ) وَإِنْ عَلَا ، وَالْأُمُّ وَإِنْ صَعِدَتْ ( أَوْ الْوَصِیُّ ، أَوْ الْمُلْتَقِطُ السَّابِقُ ) مَعَ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِینَ ( لَمْ یَصِحَّ ) الْتِقَاطُهُ ( وَسُلِّمَ إلَیْهِمْ ) وُجُوبًا لِسَبْقِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمْ فَیُجْبَرُونَ عَلَی أَخْذِهِ .

(وَلَوْ کَانَ اللَّقِیطُ مَمْلُوکًا حُفِظَ ) وُجُوبًا

( حَتَّی یَصِلَ إلَی الْمَالِکِ ) أَوْ وَکِیلِهِ وَیُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ عَدَمُ جَوَازِ تَمَلُّکِهِ مُطْلَقًا ، وَبِهِ صَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ .

وَاخْتَلَفَ کَلَامُ الْعَلَّامَهِ .

فَفِی الْقَوَاعِدِ قَطَعَ بِجَوَازِ تَمَلُّکِ الصَّغِیرِ بَعْدَ التَّعْرِیفِ حَوْلًا .

وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّیْخِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ یُخْشَی تَلَفُهُ ، وَفِی التَّحْرِیرِ أَطْلَقَ الْمَنْعَ مِنْ تَمَلُّکِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْعَبْدَ یَتَحَفَّظُ بِنَفْسِهِ کَالْإِبِلِ .

وَهُوَ لَا یَتِمُّ فِی الصَّغِیرِ ، وَفِی قَوْلِ الشَّیْخِ قُوَّهٌ .

وَیُمْکِنُ الْعِلْمُ بِرِقِّیَّتِهِ بِأَنْ یَرَاهُ یُبَاعُ فِی الْأَسْوَاقِ مِرَارًا قَبْلَ أَنْ یَضِیعَ وَلَا یَعْلَمُ مَالِکَهُ ، لَا بِالْقَرَائِنِ مِنْ اللَّوْنِ وَغَیْرِهِ ، لِأَصَالَهِ الْحُرِّیَّهِ .

( وَلَا یَضْمَنُ ) لَوْ تَلِفَ ، أَوْ أَبَقَ ( إلَّا بِالتَّفْرِیطِ ) لِلْإِذْنِ فِی قَبْضِهِ شَرْعًا فَیَکُونُ أَمَانَهً ( نَعَمْ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ مِنْ أَخْذِهِ ) أَیْ : أَخْذِ الْمَمْلُوکِ ( إذَا کَانَ بَالِغًا ، أَوْ مُرَاهِقًا ) أَیْ : مُقَارِبًا لِلْبُلُوغِ ؛ لِأَنَّهُمَا کَالضَّالَّهِ الْمُمْتَنِعَهِ بِنَفْسِهَا ، ( بِخِلَافِ الصَّغِیرِ الَّذِی لَا قُوَّهَ مَعَهُ ) عَلَی دَفْعِ الْمُهْلِکَاتِ عَنْ نَفْسِهِ .

وَوَجْهُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ یُخْشَی تَلَفُهُ ، وَیَنْبَغِی الْقَطْعُ بِجَوَازِ أَخْذِهِ إذَا کَانَ مَخُوفَ التَّلَفِ وَلَوْ بِالْإِبَاقِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَنَهٌ عَلَی الْبِرِّ ، وَدَفْعٌ لِضَرُورَهِ الْمُضْطَرِّ .

وَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ الْجَوَازُ .

وَبِهَذَا یَحْصُلُ الْفَرْقُ بَیْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوکِ ، حَیْثُ اشْتَرَطَ فِی الْحُرِّ الصِّغَرَ ، دُونَ الْمَمْلُوکِ ؛ لِأَنَّهُ لَا یَخْرُجُ بِالْبُلُوغِ عَنْ الْمَالِیَّهِ ، وَالْحُرُّ إنَّمَا یُحْفَظُ عَنْ التَّلَفِ ، وَالْقَصْدُ مِنْ لُقَطَتِهِ حَضَانَتُهُ وَحِفْظُهُ فَیَخْتَصُّ بِالصَّغِیرِ ، وَمِنْ ثَمَّ قِیلَ : إنَّ الْمُمَیِّزَ لَا یَجُوزُ لُقَطَتُهُ . ( وَلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِ الْمُلْتَقِطِ وَعَقْلِهِ ) فَلَا یَصِحُّ الْتِقَاطُ الصَّبِیِّ وَالْمَجْنُونِ بِمَعْنَی أَنَّ حُکْمَ اللَّقِیطِ فِی یَدَیْهِمَا مَا کَانَ عَلَیْهِ قَبْلَ الْیَدِ ، وَیُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ اشْتِرَاطُهُمَا ، دُونَ غَیْرِهِمَا : أَنَّهُ لَا یُشْتَرَطُ رُشْدُهُ فَیَصِحُّ مِنْ السَّفِیهِ ؛ لِأَنَّ حَضَانَهَ اللَّقِیطِ لَیْسَتْ مَالًا .

وَإِنَّمَا یُحْجَرُ عَلَی السَّفِیهِ لَهُ ، وَمُطْلَقُ کَوْنِهِ مُوَلًّی عَلَیْهِ غَیْرُ مَانِعٍ .

وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ اشْتِرَاطَ رُشْدِهِ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ یَأْتَمِنْهُ عَلَی مَالِهِ فَعَلَی الطِّفْلِ وَمَالِهِ أَوْلَی بِالْمَنْعِ ؛ وَلِأَنَّ الِالْتِقَاطَ ائْتِمَانٌ شَرْعِیٌّ وَالشَّرْعُ لَمْ یَأْتَمِنْهُ .

وَفِیهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا لَمْ یَأْتَمِنْهُ عَلَی الْمَالِ ، لَا عَلَی غَیْرِهِ ، بَلْ جَوَّزَ تَصَرُّفَهُ فِی غَیْرِهِ مُطْلَقًا ، وَعَلَی تَقْدِیرِ أَنْ یُوجَدَ مَعَهُ مَالٌ یُمْکِنُ الْجَمْعُ بَیْنَ الْقَاعِدَتَیْنِ الشَّرْعِیَّتَیْنِ وَهُمَا : عَدَمُ اسْتِئْمَانِ الْمُبَذِّرِ عَلَی الْمَالِ .

وَتَأْهِیلُهُ لِغَیْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِی مِنْ جُمْلَتِهَا الِالْتِقَاطُ وَالْحَضَانَهُ فَیُؤْخَذُ الْمَالُ مِنْهُ خَاصَّهً .

نَعَمْ لَوْ قِیلَ : إنَّ صِحَّهَ الْتِقَاطِهِ یَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ إنْفَاقِهِ .

وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْمُبَذِّرِ ، لِاسْتِلْزَامِهِ التَّصَرُّفَ الْمَالِیَّ ، وَجَعْلُ التَّصَرُّفِ فِیهِ لِآخَرَ یَسْتَدْعِی الضَّرَرَ عَلَی الطِّفْلِ بِتَوْزِیعِ أُمُورِهِ ، أَمْکَنَ تَحَقُّقُ الضَّرَرِ بِذَلِکَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ أَجْوَدُ . ( وَحُرِّیَّتُهُ ) فَلَا عِبْرَهَ بِالْتِقَاطِ الْعَبْدِ ( إلَّا بِإِذْنِ السَّیِّدِ ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَهُ ، وَحَقُّهُ مُضَیَّقٌ ، فَلَا یَتَفَرَّغُ لِلْحَضَانَهِ ، أَمَّا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِیهِ ابْتِدَاءً أَوْ أَقَرَّهُ عَلَیْهِ بَعْدَ وَضْعِ یَدِهِ جَازَ وَکَانَ السَّیِّدُ فِی الْحَقِیقَهِ هُوَ الْمُلْتَقِطُ وَالْعَبْدُ نَائِبُهُ ، ثُمَّ لَا یَجُوزُ ` لِلسَّیِّدِ الرُّجُوعُ فِیهِ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الْقِنِّ ، وَالْمُکَاتَبِ ، وَالْمُدَبَّرِ ، وَمَنْ تَحَرَّرَ بَعْضُهُ ، وَأُمِّ الْوَلَدِ ؛ لِعَدَمِ جَوَازِ تَبَرُّعِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَالِهِ ، وَلَا بِمَنَافِعِهِ إلَّا بِإِذْنِ السَّیِّدِ وَلَا یَدْفَعُ ذَلِکَ مُهَایَأَهُ الْمُبَعَّضِ وَإِنْ وَفَّی زَمَانَهُ الْمُخْتَصَّ ، بِالْحَضَانَهِ ؛ لِعَدَمِ لُزُومِهَا فَجَازَ تَطَرُّقُ الْمَانِعِ کُلَّ وَقْتٍ .

نَعَمْ لَوْ لَمْ یُوجَدْ لِلَّقِیطِ کَافِلٌ غَیْرُ الْعَبْدِ وَخِیفَ عَلَیْهِ التَّلَفُ بِالْإِبْقَاءِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ : إنَّهُ یَجِبُ حِینَئِذٍ عَلَی الْعَبْدِ الْتِقَاطُهُ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَی .

وَهَذَا فِی الْحَقِیقَهِ لَا یُوجِبُ إلْحَاقَ حُکْمِ اللُّقَطَهِ ، وَإِنَّمَا دَلَّتْ الضَّرُورَهُ عَلَی الْوُجُوبِ مِنْ حَیْثُ إنْقَاذِ النَّفْسِ الْمُحْتَرَمَهِ مِنْ الْهَلَاکِ ، فَإِذَا وُجِدَ مَنْ لَهُ أَهْلِیَّهُ الِالْتِقَاطِ وَجَبَ عَلَیْهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ وَسَیِّدُهُ مِنْ الْجُمْلَهِ ؛ لِانْتِفَاءِ أَهْلِیَّهِ الْعَبْدِ لَهُ . ( وَإِسْلَامُهُ إنْ کَانَ اللَّقِیطُ مَحْکُومًا بِإِسْلَامِهِ ) لِانْتِفَاءِ السَّبِیلِ لِلْکَافِرِ عَلَی الْمُسْلِمِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ أَنْ یَفْتِنَهُ عَنْ دِینِهِ فَإِنْ الْتَقَطَهُ الْکَافِرُ لَمْ یَقَرَّ فِی یَدِهِ .

وَلَوْ کَانَ اللَّقِیطُ مَحْکُومًا بِکُفْرِهِ جَازَ الْتِقَاطُهُ لِلْمُسْلِمِ ، وَالْکَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَی { وَاَلَّذِینَ کَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیَاءُ بَعْضٍ } ( قِیلَ ) : وَالْقَائِلُ الشَّیْخُ وَالْعَلَّامَهُ فِی غَیْرِ التَّحْرِیرِ : ( وَعَدَالَتُهُ ) ، لِافْتِقَارِ الِالْتِقَاطِ إلَی الْحَضَانَهِ وَهِیَ اسْتِئْمَانٌ لَا یَلِیقُ بِالْفَاسِقِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ أَنْ یَسْتَرِقَّهُ وَیَأْخُذَ مَالَهُ .

وَالْأَکْثَرُ عَلَی الْعَدَمِ لِلْأَصْلِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَحَلُّ الْأَمَانَهِ ، مَعَ أَنَّهُ لَیْسَ اسْتِئْمَانًا حَقِیقِیًّا ؛ وَلِانْتِقَاضِهِ بِالْتِقَاطِ الْکَافِرِ مِثْلِهِ ، لِجَوَازِهِ بِغَیْرِ خِلَافٍ .

وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَی ، وَإِنْ کَانَ اعْتِبَارُهَا أَحْوَطَ : نَعَمْ لَوْ کَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ قِیلَ : بِاشْتِرَاطِهَا ؛ لِأَنَّ الْخِیَانَهَ فِی الْمَالِ أَمْرٌ رَاجِحُ الْوُقُوعِ .

وَیُشْکِلُ .

بِإِمْکَانِ الْجَمْعِ بِانْتِزَاعِ الْحَاکِمِ مَالَهُ مِنْهُ کَالْمُبَذِّرِ وَأَوْلَی بِالْجَوَازِ الْتِقَاطُ الْمَسْتُورِ ، وَالْحُکْمُ بِوُجُوبِ نَصْبِ الْحَاکِمِ مُرَاقِبًا عَلَیْهِ لَا یَعْلَمُ بِهِ إلَی أَنْ تَحْصُلَ الثِّقَهُ بِهِ ، أَوْ ضِدُّهَا فَیُنْتَزَعُ مِنْهُ ، بَعِیدٌ .

( وَقِیلَ ) : یُعْتَبَرُ أَیْضًا ( حَضَرُهُ ، فَیُنْتَزَعُ مِنْ الْبَدْوِیِّ وَمَنْ یُرِیدُ السَّفَرَ بِهِ ، لِأَدَاءِ الْتِقَاطِهِمَا لَهُ إلَی ضَیَاعِ نَسَبِهِ بِانْتِقَالِهِمَا عَنْ مَحَلِّ ضَیَاعِهِ الَّذِی هُوَ مَظِنَّهُ ظُهُورِهِ ) .

وَیَضْعُفُ بِعَدَمِ لُزُومِ ذَلِکَ مُطْلَقًا ، بَلْ جَازَ الْعَکْسُ ، وَأَصَالَهُ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ تَدْفَعُهُ ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ أَوْضَحُ ، وَحِکَایَتُهُ اشْتِرَاطُ هَذَیْنِ قَوْلًا یَدُلُّ عَلَی تَمْرِیضِهِ .

وَقَدْ حَکَمَ فِی الدُّرُوسِ بِعَدَمِهِ ، وَلَوْ لَمْ یُوجَدْ غَیْرُهُمَا لَمْ یُنْتَزَعْ قَطْعًا ، وَکَذَا لَوْ وُجِدَ مِثْلُهُمَا .

( وَالْوَاجِبُ ) عَلَی الْمُلْتَقِطِ

( وَالْوَاجِبُ ) عَلَی الْمُلْتَقِطِ

( حَضَانَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ ) وَهُوَ تَعَهُّدُهُ ، وَالْقِیَامُ بِضَرُورَهِ تَرْبِیَتِهِ بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِغَیْرِهِ ، وَلَا یَجِبُ عَلَیْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَیْهِ مِنْ مَالِهِ ابْتِدَاءً ، بَلْ مِنْ مَالِ اللَّقِیطِ الَّذِی وُجِدَ تَحْتَ یَدِهِ ، أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَی أَمْثَالِهِ ، أَوْ الْمُوصَی بِهِ لَهُمْ بِإِذْنِ الْحَاکِمِ مَعَ إمْکَانِهِ ، وَإِلَّا أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ وَلَا ضَمَانَ .

( وَمَعَ تَعَذُّرِهِ یُنْفِقُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ ) بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَی الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْمَصَالِحِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهَا ، ( أَوْ الزَّکَاهِ ) مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاکِینِ ، أَوْ سَهْمِ سَبِیلِ اللَّهِ إنْ اعْتَبَرْنَا الْبَسْطَ ، وَإِلَّا فَمِنْهَا مُطْلَقًا وَلَا یَتَرَتَّبُ أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ .

( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) ذَلِکَ کُلُّهُ ( اسْتَعَانَ ) الْمُلْتَقِطُ ( بِالْمُسْلِمِینَ ) وَیَجِبُ عَلَیْهِمْ مُسَاعَدَتُهُ بِالنَّفَقَهِ کِفَایَهً ؛ لِوُجُوبِ إعَانَهِ الْمُحْتَاجِ کَذَلِکَ مُطْلَقًا فَإِنْ وُجِدَ مُتَبَرِّعٌ مِنْهُمْ ، وَإِلَّا کَانَ الْمُلْتَقِطُ ، وَغَیْرُهُ مِمَّنْ لَا یُنْفِقُ إلَّا بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ سَوَاءٌ فِی الْوُجُوبِ .

( فَإِنْ تَعَذَّرَ أَنْفَقَ ) الْمُلْتَقِطُ ( وَرَجَعَ عَلَیْهِ ) بَعْدَ یَسَارِهِ ( إذَا نَوَاهُ ) وَلَوْ لَمْ یَنْوِهِ کَانَ مُتَبَرِّعًا لَا رُجُوعَ لَهُ ، کَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ لَوْ وُجِدَ الْمُعَیَّنُ الْمُتَبَرِّعُ فَلَمْ یَسْتَعِنْ بِهِ وَلَوْ أَنْفَقَ غَیْرُهُ بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ فَلَهُ ذَلِکَ .

وَالْأَقْوَی عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ فِی جَوَازِ الرُّجُوعِ وَإِنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُهُ عَلَیْهِ بِدُونِ الْیَمِینِ . وَلَوْ کَانَ اللَّقِیطُ مَمْلُوکًا وَلَمْ یَتَبَرَّعْ عَلَیْهِ مُتَبَرِّعٌ بِالنَّفَقَهِ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَی الْحَاکِمِ لِیُنْفِقَ عَلَیْهِ ، أَوْ یَبِیعَهُ فِی النَّفَقَهِ ، أَوْ یَأْمُرَهُ بِهِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَنْفَقَ عَلَیْهِ بِنِیَّهِ الرُّجُوعِ ثُمَّ بَاعَهُ فِیهَا إنْ لَمْ یُمْکِنْ بَیْعُهُ تَدْرِیجًا .

(وَلَا وَلَاءَ عَلَیْهِ لِلْمُلْتَقِطِ )

، وَلَا لِغَیْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِینَ ، خِلَافًا لِلشَّیْخِ بَلْ هُوَ سَائِبَهٌ یَتَوَلَّی مَنْ شَاءَ ، وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمِیرَاثُهُ لِلْإِمَامِ . ( وَإِذَا خَافَ ) وَاجِدُهُ عَلَیْهِ التَّلَفَ ( وَجَبَ أَخْذُهُ کِفَایَهً ) کَمَا یَجِبُ حِفْظُ کُلِّ نَفْسٍ مُحْتَرَمَهٍ عَنْهُ مَعَ الْإِمْکَانِ .

( وَإِلَّا ) یَخَفْ عَلَیْهِ التَّلَفُ ( اُسْتُحِبَّ ) أَخْذُهُ ؛ لِأَصَالَهِ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَعَ مَا فِیهِ مِنْ الْمُعَاوَنَهِ عَلَی الْبِرِّ .

وَقِیلَ : بَلْ یَجِبُ کِفَایَهٌ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلتَّلَفِ ، وَلِوُجُوبِ إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ .

وَقِیلَ : یُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا ؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ وَلَا یَخْفَی ضَعْفُهُ . ( وَکُلُّ مَا بِیَدِهِ ) عِنْدَ الْتِقَاطِهِ مِنْ الْمَالِ ، أَوْ الْمَتَاعِ کَمَلْبُوسِهِ ، وَالْمَشْدُودِ فِی ثَوْبِهِ ( أَوْ تَحْتِهِ ) کَالْفِرَاشِ ، وَالدَّابَّهِ الْمَرْکُوبَهِ لَهُ ( أَوْ فَوْقَهُ ) کَاللِّحَافِ ، وَالْخَیْمَهِ ، وَالْفُسْطَاطِ الَّتِی لَا مَالِکَ لَهَا مَعْرُوفٌ ( فَلَهُ ) ، لِدَلَالَهِ الْیَدِ ظَاهِرًا عَلَی الْمِلْکِ .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ کَانَ بِیَدِهِ قَبْلَ الِالْتِقَاطِ ثُمَّ زَالَتْ عَنْهُ لِعَارِضٍ کَطَائِرٍ أَفْلَتَ مِنْ یَدِهِ ، وَمَتَاعٍ غُصِبَ مِنْهُ ، أَوْ سَقَطَ ، لَا مَا بَیْنَ یَدَیْهِ أَوْ إلَی جَانِبِهِ ، أَوْ عَلَی دَکَّهٍ هُوَ عَلَیْهَا عَلَی الْأَقْوَی .

( وَلَا یُنْفِقُ مِنْهُ ) عَلَیْهِ الْمُلْتَقِطُ ، وَلَا غَیْرُهُ ( إلَّا بِإِذْنِ الْحَاکِمِ ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِیُّهُ مَعَ إمْکَانِهِ ، أَمَّا مَعَ تَعَذُّرِهِ فَیَجُوزُ لِلضَّرُورَهِ کَمَا سَلَفَ . ( وَیُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَی أَخْذِهِ ) صِیَانَهً لَهُ ، وَلِنَسَبِهِ ، وَحُرِّیَّتِهِ فَإِنَّ اللُّقَطَهَ یَشِیعُ أَمْرُهَا بِالتَّعْرِیفِ ، وَلَا تَعْرِیفَ لِلَّقِیطِ إلَّا عَلَی وَجْهٍ نَادِرٍ وَلَا یَجِبُ لِلْأَصْلِ . ( وَیُحْکَمُ بِإِسْلَامِهِ إنْ اُلْتُقِطَ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا ، أَوْ فِی دَارِ الْحَرْبِ وَفِیهَا مُسْلِمٌ ) یُمْکِنُ تَوَلُّدُهُ مِنْهُ وَإِنْ کَانَ تَاجِرًا ، أَوْ أَسِیرًا ( وَعَاقِلَتُهُ الْإِمَامُ ) ، دُونَ الْمُلْتَقِطِ إذَا لَمْ یَتَوَلَّ أَحَدًا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَمْ یَظْهَرْ لَهُ نَسَبٌ فَدِیَهُ جِنَایَتِهِ خَطَأً عَلَیْهِ ، وَحَقُّ قِصَاصِهِ نَفْسًا لَهُ ، وَطَرَفًا لِلَّقِیطِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قِصَاصًا وَدِیَهً ، وَیَجُوزُ تَعْجِیلُهُ لِلْإِمَامِ قَبْلَهُ کَمَا یَجُوزُ ذَلِکَ لِلْأَبِ ، وَالْجَدِّ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ .

( وَلَوْ اخْتَلَفَا ):الْمُلْتَقِطُ وَاللَّقِیطُ بَعْدَ الْبُلُوغِ

( فِی الْإِنْفَاقِ ) فَادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَنْکَرَهُ اللَّقِیطُ ، ( أَوْ ) اتَّفَقَا عَلَی أَصْلِهِ ، وَاخْتَلَفَا ( فِی قَدْرِهِ حَلَفَ الْمُلْتَقِطُ فِی قَدْرِ الْمَعْرُوفِ ) ؛ لِدَلَالَهِ الظَّاهِرِ عَلَیْهِ وَإِنْ عَارَضَهُ الْأَصْلُ أَمَّا مَا زَادَ عَلَی الْمَعْرُوفِ فَلَا یُلْتَفَتُ إلَی دَعْوَاهُ فِیهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَی تَقْدِیرِ صِدْقِهِ مُفَرِّطٌ .

وَلَوْ قَدَّرَ عُرُوضَ حَاجَهٍ إلَیْهِ فَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلَا ظَاهِرَ یُعَضِّدُهَا . ( وَلَوْ تَشَاحَّ مُلْتَقِطَانِ ) جَامِعَانِ لِلشَّرَائِطِ فِی أَخْذِهِ قُدِّمَ السَّابِقُ إلَی أَخْذِهِ فَإِنْ اسْتَوَیَا ( أَقْرَعَ ) بَیْنَهُمَا وَحَکَمَ بِهِ لِمَنْ أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَهُ ، وَلَا یُشْرِکُ بَیْنَهُمَا فِی الْحَضَانَهِ ، لِمَا فِیهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِاللَّقِیطِ ، أَوْ بِهِمَا ( وَلَوْ تَرَکَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ جَازَ ) ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ فَیَجِبُ عَلَی الْآخَرِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ .

وَاحْتَرَزْنَا بِجَمْعِهِمَا لِلشَّرَائِطِ عَمَّا لَوْ تَشَاحَّ مُسْلِمٌ وَکَافِرٌ ، أَوْ عَدْلٌ وَفَاسِقٌ حَیْثُ یُشْتَرَطُ الْعَدَالَهُ ، أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَیُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِغَیْرِ قُرْعَهٍ ، وَإِنْ کَانَ الْمَلْقُوطُ کَافِرًا فِی وَجْهٍ .

وَفِی تَرْجِیحِ الْبَلَدِیِّ عَلَی الْقَرَوِیِّ ، وَالْقَرَوِیِّ عَلَی الْبَدْوِیِّ ، وَالْقَارِّ عَلَی الْمُسَافِرِ ، وَالْمُوسِرِ عَلَی الْمُعْسِرِ ، وَالْعَدْلِ عَلَی الْمَسْتُورِ ، وَالْأَعْدَلِ عَلَی الْأَنْقَصِ قَوْلٌ .

مَأْخَذُهُ النَّظَرُ إلَی مَصْلَحَهِ اللَّقِیطِ فِی إیثَارِ الْأَکْمَلِ .

وَالْأَقْوَی اعْتِبَارُ جَوَازِ الِالْتِقَاطِ خَاصَّهً .

(وَلَوْ تَدَاعَی بُنُوَّتَهُ اثْنَانِ وَلَا بَیِّنَهَ )لِأَحَدِهِمَا

، أَوْ لِکُلٍّ مِنْهُمَا بَیِّنَهٌ ( فَالْقُرْعَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُشْکِلَهِ وَهِیَ لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْکِلٍ ( وَلَا تَرْجِیحَ لِأَحَدِهِمَا بِالْإِسْلَامِ ) وَإِنْ کَانَ اللَّقِیطُ مَحْکُومًا بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا ( عَلَی قَوْلِ الشَّیْخِ ) فِی الْخِلَافِ ؛ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِیمَنْ تَدَاعَوْا نَسَبًا ؛ لِتَکَافُؤِهِمَا فِی الدَّعْوَی .

وَرَجَّحَ فِی الْمَبْسُوطِ دَعْوَی الْمُسْلِمِ لِتَأْیِیدِهِ بِالْحُکْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِیطِ عَلَی تَقْدِیرِهِ .

وَمِثْلُهُ تَنَازُعُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مَعَ الْحُکْمِ بِحُرِّیَّهِ اللَّقِیطِ .

وَلَوْ کَانَ مَحْکُومًا بِکُفْرِهِ ، أَوْ رِقِّهِ أَشْکَلَ التَّرْجِیحُ .

وَحَیْثُ یُحْکَمُ بِهِ لِلْکَافِرِ یُحْکَمُ بِکُفْرِهِ عَلَی الْأَقْوَی ؛ لِلتَّبَعِیَّهِ .

( وَ ) کَذَا ( لَا ) تَرْجِیحَ ( بِالِالْتِقَاطِ ) ، بَلْ الْمُلْتَقِطُ کَغَیْرِهِ فِی دَعْوَی نَسَبِهِ ، لِجَوَازِ أَنْ یَکُونَ قَدْ سَقَطَ مِنْهُ ، أَوْ نَبَذَهُ ثُمَّ عَادَ إلَی أَخْذِهِ ، وَلَا تَرْجِیحَ لِلْیَدِ فِی النَّسَبِ .

نَعَمْ لَوْ لَمْ یَعْلَمْ کَوْنَهُ مُلْتَقَطًا وَلَا صَرَّحَ بِبُنُوَّتِهِ فَادَّعَاهُ غَیْرُهُ فَنَازَعَهُ ، فَإِنْ قَالَ : هُوَ لَقِیطٌ وَهُوَ ابْنِی فَهُمَا سَوَاءٌ ، وَإِنْ قَالَ : هُوَ ابْنِی وَاقْتَصَرَ وَلَمْ یَکُنْ هُنَاکَ بَیِّنَهٌ عَلَی أَنَّهُ الْتَقَطَهُ فَقَدْ قَرَّبَ فِی الدُّرُوسِ تَرْجِیحَ دَعْوَاهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْیَدِ .

(الْفَصْلُ الثَّانِی فِی لُقَطَهِ الْحَیَوَانِ )

(الْفَصْلُ الثَّانِی فِی لُقَطَهِ الْحَیَوَانِ )

( وَتُسَمَّی ضَالَّهً ، وَأَخْذُهُ فِی صُورَهِ الْجَوَازِ مَکْرُوهٌ ) لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی أَخْبَارٍ کَثِیرَهٍ الْمَحْمُولُ عَلَی الْکَرَاهِیَهِ جَمْعًا ( وَیُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ ) عَلَی أَخْذِ الضَّالَّهِ ( وَلَوْ تَحَقَّقَ التَّلَفُ لَمْ یُکْرَهْ ) ، بَلْ قَدْ یَجِبُ کِفَایَهً إذَا عُرِفَ مَالِکُهَا ، وَإِلَّا أُبِیحَ خَاصَّهً . ( وَالْبَعِیرُ وَشَبَهُهُ ) مِنْ الدَّابَّهِ ، وَالْبَقَرَهِ ، وَنَحْوِهِمَا ( إذَا وُجِدَ فِی کَلَإٍ وَمَاءٍ ) فِی حَالَهِ کَوْنِهِ ( صَحِیحًا ) غَیْرَ مَکْسُورٍ وَلَا مَرِیضٍ ، أَوْ صَحِیحًا وَلَوْ لَمْ یَکُنْ فِی کَلَإٍ وَمَاءٍ ( تُرِکَ ) لِامْتِنَاعِهِ وَلَا یَجُوزُ أَخْذُهُ حِینَئِذٍ بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ مُطْلَقًا .

وَفِی جَوَازِهِ بِنِیَّهِ الْحِفْظِ لِمَالِکِهِ قَوْلَانِ : مِنْ إطْلَاقِ الْأَخْبَارِ بِالنَّهْیِ وَالْإِحْسَانُ وَعَلَی التَّقْدِیرَیْنِ ( فَیَضْمَنُ بِالْأَخْذِ ) حَتَّی یَصِلَ إلَی مَالِکِهِ ، أَوْ إلَی الْحَاکِمِ مَعَ تَعَذُّرِهِ .

( وَلَا یَرْجِعُ آخِذُهُ بِالنَّفَقَهِ ) حَیْثُ لَا یُرَجَّحُ أَخْذُهُ ؛ لِتَبَرُّعِهِ بِهَا أَمَّا مَعَ وُجُوبِهِ ، أَوْ اسْتِحْبَابِهِ فَالْأَجْوَدُ جَوَازُهُ مَعَ نِیَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ ؛ وَلِأَنَّ إذْنَ الشَّارِعِ لَهُ فِی الْأَخْذِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ فِی النَّفَقَهِ ضَرَرٌ وَحَرَجٌ ( وَلَوْ تُرِکَ مِنْ جَهْدٍ ) ، وَعَطَبٍ لِمَرَضٍ أَوْ کَسْرٍ ، أَوْ غَیْرِهِمَا ( لَا فِی کَلَإٍ وَمَاءٍ أُبِیحَ ) أَخْذُهُ وَمَلَکَهُ الْآخِذُ وَإِنْ وُجِدَ مَالِکُهُ وَعَیْنُهُ قَائِمَهٌ فِی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ، لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی صَحِیحَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ : " مَنْ أَصَابَ مَالًا ، أَوْ بَعِیرًا فِی فَلَاهٍ مَنْ الْأَرْضِ قَدْ کَلَّتْ وَقَامَتْ وَسَیَّبَهَا صَاحِبُهَا لَمَّا لَمْ تَتْبَعْهُ فَأَخَذَهَا غَیْرُهُ فَأَقَامَ عَلَیْهَا وَأَنْفَقَ نَفَقَهً حَتَّی أَحْیَاهَا مِنْ الْکَلَالِ ، وَمِنْ الْمَوْتِ فَهِیَ لَهُ ، وَلَا سَبِیلَ لَهُ عَلَیْهَا ، وَإِنَّمَا هِیَ مِثْلُ الشَّیْءِ الْمُبَاحِ " ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ مَا کَانَ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِی تَحْمِلُ ، وَنَحْوُهَا ، بِدَلِیلِ قَوْلِهِ : قَدْ کَلَّتْ وَقَامَتْ وَقَدْ سَیَّبَهَا صَاحِبُهَا لَمَّا لَمْ تَتْبَعْهُ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَلَاهَ الْمُشْتَمِلَهَ عَلَی کَلَإٍ ، دُونَ مَاءٍ ، أَوْ بِالْعَکْسِ بِحُکْمِ عَادِمَتِهِمَا ؛ لِعَدَمِ قِیَامِ الْحَیَوَانِ بِدُونِهِمَا ، وَلِظَاهِرِ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَإِنْ کَانَ تَرَکَهَا فِی غَیْرِ کَلَإٍ ، وَلَا مَاءٍ فَهِیَ لِلَّذِی أَحْیَاهَا . .

( وَالشَّاهُ فِی الْفَلَاهِ ) الَّتِی یُخَافُ عَلَیْهَا فِیهَا مِنْ السِّبَاعِ ( تُؤْخَذُ ) جَوَازًا ، ( ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِنْ صَغِیرِ السِّبَاعِ ) فَهِیَ کَالتَّالِفَهِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { هِیَ لَکَ ، أَوْ لِأَخِیکَ ، أَوْ لِلذِّئْبِ } ( وَحِینَئِذٍ یَتَمَلَّکُهَا إنْ شَاءَ .

وَفِی الضَّمَانِ ) لِمَالِکِهَا عَلَی تَقْدِیرِ ظُهُورِهِ ، أَوْ کَوْنِهِ مَعْلُومًا .

( وَجْهٌ ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ ، لِعُمُومِ قَوْلِ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " فَإِذَا جَاءَ طَالِبُهُ رَدَّهُ إلَیْهِ " .

وَمَتَی ضَمِنَ عَیْنَهَا ضَمِنَ قِیمَتَهَا ، وَلَا یُنَافِی ذَلِکَ جَوَازَ تَمَلُّکِهَا بِالْقِیمَهِ عَلَی تَقْدِیرِ ظُهُورِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْکٌ مُتَزَلْزِلٌ .

وَوَجْهُ الْعَدَمِ عُمُومُ صَحِیحَهِ ابْنِ سِنَانٍ السَّابِقَهِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { هِیَ لَکَ } إلَی آخِرِهِ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا ، وَلَا رَیْبَ أَنَّ الضَّمَانَ أَحْوَطُ .

وَهَلْ یَتَوَقَّفُ تَمَلُّکُهَا عَلَی التَّعْرِیفِ ؟ قِیلَ : نَعَمْ ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فَیَدْخُلُ فِی عُمُومِ الْأَخْبَارِ .

وَالْأَقْوَی الْعَدَمُ ، لِمَا تَقَدَّمَ .

وَعَلَیْهِ فَهُوَ سُنَّهٌ کَغَیْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ ، ( أَوْ یُبْقِهَا ) فِی یَدِهِ ( أَمَانَهً ) إلَی أَنْ یَظْهَرَ مَالِکُهَا ، أَوْ یُوصِلَهُ إیَّاهَا إنْ کَانَ مَعْلُومًا ( أَوْ یَدْفَعَهَا إلَی الْحَاکِمِ ) مَعَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَی الْمَالِکِ ، ثُمَّ الْحَاکِمُ یَحْفَظُهَا ، أَوْ یَبِیعُهَا .

( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ الشَّیْخُ فِی الْمَبْسُوطِ وَالْعَلَّامَهُ وَجَمَاعَهٌ بَلْ أَسْنَدَهُ فِی التَّذْکِرَهِ إلَی عُلَمَائِنَا مُطْلَقًا : ( وَکَذَا ) حُکْمُ ( کُلِّ مَا لَا یَمْتَنِعُ ) مِنْ الْحَیَوَانِ ( مَنْ صَغِیرِ السِّبَاعِ ) بِعَدْوٍ ، وَلَا طَیَرَانٍ ، وَلَا قُوَّهٍ ، وَإِنْ کَانَ مِنْ شَأْنِهِ الِامْتِنَاعُ إذَا کَمُلَ کَصَغِیرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ، وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ إلَی الْقِیلِ ؛ لِعَدَمِ نَصٍّ عَلَیْهِ بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَی الشَّاهِ فَیَبْقَی غَیْرُهَا عَلَی أَصَالَهِ الْبَقَاءِ عَلَی مِلْکِ الْمَالِکِ ، وَحِینَئِذٍ فَیَلْزَمُهَا حُکْمُ اللُّقْطَهِ فَتُعَرَّفُ سَنَهً ، ثُمَّ یَتَمَلَّکُهَا إنْ شَاءَ ، أَوْ یَتَصَدَّقُ بِهَا ، لَکِنْ فِی قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { هِیَ لَکَ ، أَوْ لِأَخِیکَ ، أَوْ لِلذِّئْبِ } إیمَاءٌ إلَیْهِ حَیْثُ إنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِنْ السِّبَاعِ ، وَلَوْ أَمْکَنَ امْتِنَاعُهَا بِالْعَدْوِ کالضباء ، أَوْ الطَّیَرَانِ لَمْ یَجُزْ أَخْذُهَا مُطْلَقًا إلَّا أَنْ یَخَافَ ضَیَاعَهَا ، فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ بِنِیَّهِ الْحِفْظِ لِلْمَالِکِ .

وَقِیلَ بِجَوَازِ أَخْذِ الضَّالَّهِ مُطْلَقًا بِهَذِهِ النِّیَّهِ .

وَهُوَ حَسَنٌ ، لِمَا فِیهِ مِنْ الْإِعَانَهِ ، وَالْإِحْسَانِ وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ النَّهْیِ عَلَی الْأَخْذِ بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ وَالتَّعْلِیلُ بِکَوْنِهَا مَحْفُوظَهً بِنَفْسِهَا غَیْرُ کَافٍ فِی الْمَنْعِ ؛ لِأَنَّ الْأَثْمَانَ کَذَلِکَ حَیْثُ کَانَتْ مَعَ جَوَازِ الْتِقَاطِهَا بِنِیَّهِ التَّعْرِیفِ وَإِنْ فَارَقَتْهَا بَعْدَ ذَلِکَ فِی الْحُکْمِ .

(وَلَوْ وُجِدَتْ الشَّاهُ فِی الْعُمْرَانِ )

وَهِیَ الَّتِی لَا یُخَافُ عَلَیْهَا فِیهَا مِنْ السِّبَاعِ ، وَهِیَ مَا قَرُبَ مِنْ الْمَسَاکِنِ ( احْتَبَسَهَا ) الْوَاجِدُ ( ثَلَاثَهَ أَیَّامٍ ) مِنْ حِینِ الْوُجْدَانِ ( فَإِنْ لَمْ یَجِدْ صَاحِبَهَا بَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا ) وَضَمِنَ إنْ لَمْ یَرْضَ الْمَالِکُ عَلَی الْأَقْوَی ، وَلَهُ إبْقَاؤُهَا بِغَیْرِ بَیْعٍ ، وَإِبْقَاءُ ثَمَنِهَا أَمَانَهً إلَی أَنْ یَظْهَرَ الْمَالِکُ ، أَوْ یَیْأَسَ مِنْهُ ، وَلَا ضَمَانَ حِینَئِذٍ إنْ جَازَ أَخْذُهَا کَمَا یَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ وَاَلَّذِی صَرَّحَ بِهِ غَیْرُهُ عَدَمُ جَوَازِ أَخْذِ شَیْءٍ مِنْ الْعُمْرَانِ ، وَلَکِنْ لَوْ فَعَلَ لَزِمَهُ هَذَا الْحُکْمُ فِی الشَّاهِ .

وَکَیْفَ کَانَ فَلَیْسَ لَهُ تَمَلُّکُهَا مَعَ الضَّمَانِ عَلَی الْأَقْوَی ، لِلْأَصْلِ ، وَظَاهِرُ النَّصِّ وَالْفَتْوَی عَدَمُ وُجُوبِ التَّعْرِیفِ حِینَئِذٍ ، وَغَیْرُ الشَّاهِ یَجِبُ مَعَ أَخْذِهِ تَعْرِیفُهُ سَنَهً کَغَیْرِهِ مِنْ الْمَالِ ، أَوْ یَحْفَظُهُ لِمَالِکِهِ مِنْ غَیْرِ تَعْرِیفٍ ، أَوْ یَدْفَعُهُ إلَی الْحَاکِمِ . ( وَلَا یُشْتَرَطُ فِی الْآخِذِ ) بِاسْمِ الْفَاعِلِ شَیْءٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَهِ فِی آخِذِ اللَّقِیطِ ، وَغَیْرِهَا ( إلَّا الْآخِذَ ) بِالْمَصْدَرِ بِمَعْنَی أَنَّهُ یَجُوزُ الْتِقَاطُهَا فِی مَوْضِعِ الْجَوَازِ لِلصَّغِیرِ ، وَالْکَبِیرِ ، وَالْحُرِّ ، وَالْعَبْدِ ، وَالْمُسْلِمِ ، وَالْکَافِرِ ، لِلْأَصْلِ ( فَتَقِرُّ یَدُ الْعَبْدِ ) عَلَی الضَّالَّهِ مَعَ بُلُوغِهِ ، وَعَقْلِهِ ، ( وَ ) یَدُ ( الْوَلِیِّ عَلَی لُقَطَهِ غَیْرِ الْکَامِلِ ) مِنْ طِفْلٍ ، وَمَجْنُونٍ ، وَسَفِیهٍ کَمَا یَجِبُ عَلَیْهِ حِفْظُ مَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ عَلَی إتْلَافِهِ ، فَإِنْ أَهْمَلَ الْوَلِیُّ ضَمِنَ ، وَلَوْ افْتَقَرَ إلَی تَعْرِیفٍ تَوَلَّاهُ الْوَلِیُّ ثُمَّ یَفْعَلُ بَعْدَهُ الْأَوْلَی لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ تَمَلُّکٍ وَغَیْرِهِ .

(وَالْإِنْفَاقُ )عَلَی الضَّالَّهِ

( کَمَا مَرَّ ) فِی الْإِنْفَاقِ عَلَی اللَّقِیطِ مِنْ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ بَیْتِ الْمَالِ وَالْحَاکِمِ یُنْفِقُ وَیَرْجِعُ مَعَ نِیَّتِهِ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ؛ لِوُجُوبِ حِفْظِهَا وَلَا یَتِمُّ إلَّا بِالْإِنْفَاقِ ، وَالْإِیجَابُ إذْنٌ مِنْ الشَّارِعِ فِیهِ فَیَسْتَحِقُّهُ مَعَ نِیَّتِهِ .

وَقِیلَ : لَا یَرْجِعُ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ إنْفَاقٌ عَلَی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ فَیَکُونُ مُتَبَرِّعًا .

وَقَدْ ظَهَرَ ضَعْفُهُ ، وَلَا یُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَی الْأَقْوَی ، لِلْأَصْلِ ( وَلَوْ انْتَفَعَ ) الْآخِذُ بِالظَّهْرِ ، وَالدَّرِّ ، وَالْخِدْمَهِ ( قَاصَّ ) الْمَالِکَ بِالنَّفَقَهِ ، وَرَجَعَ ذُو الْفَضْلِ بِفَضْلِهِ .

وَقِیلَ : یَکُونُ الِانْتِفَاعُ بِإِزَاءِ النَّفَقَهِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ الْفَتْوَی جَوَازُ الِانْتِفَاعِ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ ، سَوَاءٌ قَاصَّ أَمْ جَعَلَهُ عِوَضًا ( وَلَا یَضْمَنُ ) الْآخِذُ الضَّالَّهَ حَیْثُ یَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا ( إلَّا بِالتَّفْرِیطِ ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا یَشْمَلُ التَّعَدِّیَ ( أَوْ قَصْدَ التَّمَلُّکِ ) فِی مَوْضِعِ جَوَازِهِ ، وَبِدُونِهِ وَلَوْ قَبَضَهَا فِی غَیْرِ مَوْضِعِ الْجَوَازِ ضَمِنَ مُطْلَقًا ؛ لِلتَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ عُدْوَانًا . ( الثَّالِثُ فِی لُقَطَهِ الْمَالِ ) .

غَیْرِ الْحَیَوَانِ مُطْلَقًا ( وَمَا کَانَ مِنْهُ فِی الْحَرَمِ حَرُمَ أَخْذُهُ ) بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ مُطْلَقًا قَلِیلًا کَانَ أَمْ کَثِیرًا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَی : { أَوَلَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا } وَلِلْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی النَّهْیِ عَنْهُ مُطْلَقًا وَفِی بَعْضِهَا عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " لُقَطَهُ الْحَرَمِ لَا تُمَسُّ بِیَدٍ ، وَلَا رِجْلٍ وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ تَرَکُوهَا لَجَاءَ صَاحِبُهَا وَأَخَذَهَا ، .

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَی الْکَرَاهَهِ مُطْلَقًا اسْتِضْعَافًا لِدَلِیلِ التَّحْرِیمِ ، أَمَّا فِی الْآیَهِ فَمِنْ حَیْثُ الدَّلَالَهِ ، وَأَمَّا فِی الْخَبَرِ فَمِنْ جِهَهِ السَّنَدِ .

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَهُوَ أَقْوَی .

( وَ ) عَلَی التَّحْرِیمِ ( لَوْ أَخَذَهُ حَفِظَهُ لِرَبِّهِ ، وَإِنْ تَلِفَ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ لَمْ یَضْمَنْ ) ؛ لِأَنَّهُ یَصِیرُ بَعْدَ الْأَخْذِ أَمَانَهً شَرْعِیَّهً .

وَیُشْکِلُ ذَلِکَ عَلَی الْقَوْلِ بِالتَّحْرِیمِ ، لِنَهْیِ الشَّارِعِ عَنْ أَخْذِهَا فَکَیْفَ یَصِیرُ أَمَانَهً مِنْهُ ؟ ، وَالْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ بِالتَّحْرِیمِ ثُبُوتُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا ( وَلَیْسَ لَهُ تَمَلُّکُهُ ) قَبْلَ التَّعْرِیفِ ، وَلَا بَعْدَهُ ( بَلْ یَتَصَدَّقُ بِهِ بَعْدَ التَّعْرِیفِ ) حَوْلًا عَنْ مَالِکِهِ ، سَوَاءٌ قَلَّ أَمْ کَثُرَ ؛ لِرِوَایَهِ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَهَ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ دِینَارًا فِی الْحَرَمِ فَأَخَذَهُ قَالَ : " بِئْسَ مَا صَنَعَ مَا کَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَأْخُذَهُ ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ اُبْتُلِیَ بِذَلِکَ قَالَ : " یُعَرِّفُهُ " قُلْتُ : فَإِنَّهُ قَدْ عَرَّفَهُ فَلَمْ یَجِدْ لَهُ بَاغِیًا فَقَالَ : " یَرْجِعُ إلَی بَلَدِهِ فَیَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَی أَهْلِ بَیْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِینَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهُ فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ " .

وَقَدْ دَلَّ الْحَدِیثُ بِإِطْلَاقِهِ عَلَی عَدَمِ الْفَرْقِ بَیْنَ الْقَلِیلِ ، وَالْکَثِیرِ فِی وُجُوبِ تَعْرِیفِهِ مُطْلَقًا ، وَعَلَی تَحْرِیمِ الْأَخْذِ ، وَکَذَلِکَ عَلَی ضَمَانِ الْمُتَصَدِّقِ لَوْ کَرِهَ الْمَالِکُ ، لَکِنَّ ضَعْفَ سَنَدِهِ یَمْنَعُ ذَلِکَ کُلَّهُ .

وَالْأَقْوَی مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ مِنْ جَوَازِ تَمَلُّکِ مَا نَقَصَ عَنْ الدِّرْهَمِ ، وَوُجُوبِ تَعْرِیفِ مَا زَادَ کَغَیْرِهِ .

( وَفِی الضَّمَانِ ) لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بَعْدَ التَّعْرِیفِ وَظَهَرَ الْمَالِکُ فَلَمْ یَرْضَ بِالصَّدَقَهِ ( خِلَافٌ ) مَنْشَؤُهُ مِنْ دَلَالَهِ الْخَبَرِ السَّالِفِ عَلَی الضَّمَانِ ، وَعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ { : عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ } وَمِنْ إتْلَافِهِ مَالَ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، وَمِنْ کَوْنِهِ أَمَانَهً قَدْ - دَفَعَهَا بِإِذْنِ الشَّارِعِ فَلَا یَتَعَقَّبُهُ الضَّمَانُ ؛ وَلِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ .

وَالْقَوْلُ بِضَمَانِ مَا یَجِبُ تَعْرِیفُهُ أَقْوَی ، ( وَلَوْ أَخَذَهُ بِنِیَّهِ الْإِنْشَادِ ) وَالتَّعْرِیفِ ( لَمْ یَحْرُمْ ) وَإِنْ کَانَ کَثِیرًا ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّهُ عَلَی التَّحْرِیمِ مُطْلَقَهٌ وَعَمِلَ بِهَا الْأَکْثَرُ مُطْلَقًا وَلَوْ تَمَّتْ لَمْ یَکُنْ التَّفْصِیلُ جَیِّدًا .

(وَیَجِبُ تَعْرِیفُهُ حَوْلًا عَلَی کُلِّ حَالٍ )

(وَیَجِبُ تَعْرِیفُهُ حَوْلًا عَلَی کُلِّ حَالٍ )

قَلِیلًا کَانَ أَمْ کَثِیرًا أَخَذَهُ بِنِیَّهِ الْإِنْشَادِ أَمْ لَا ، ؛ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّالِفِ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِیهِ ( وَمَا کَانَ فِی غَیْرِ الْحَرَمِ یَحِلُّ مِنْهُ ) مَا کَانَ مِنْ الْفِضَّهِ ( دُونَ الدِّرْهَمِ ) أَوْ مَا کَانَتْ قِیمَتُهُ دُونَهُ لَوْ کَانَ مِنْ غَیْرِهَا ( مِنْ غَیْرِ تَعْرِیفٍ ) ، وَلَکِنْ لَوْ ظَهَرَ مَالِکُهُ وَعَیْنُهُ بَاقِیَهٌ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَیْهِ عَلَی الْأَشْهَرِ وَفِی وُجُوبِ عِوَضِهِ مَعَ تَلَفِهِ قَوْلَانِ : مَأْخَذُهُمَا : أَنَّهُ تَصَرُّفٌ شَرْعِیٌّ فَلَا یَتَعَقَّبُهُ ضَمَانٌ وَظُهُورُ الِاسْتِحْقَاقِ .

( وَمَا عَدَاهُ ) وَهُوَ مَا کَانَ بِقَدْرِ الدِّرْهَمِ أَوْ أَزْیَدَ عَیْنًا ، أَوْ قِیمَهً ( یَتَخَیَّرُ الْوَاجِدُ فِیهِ بَعْدَ تَعْرِیفِهِ حَوْلًا ) عَقِیبَ الِالْتِقَاطِ مَعَ الْإِمْکَانِ مُتَتَابِعًا بِحَیْثُ یَعْلَمُ السَّامِعُ أَنَّ التَّالِیَ تَکْرَارٌ لِمَتْلُوِّهِ ، وَلِیَکُنْ فِی مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ مَعَ الْإِمْکَانِ إنْ کَانَ بَلَدًا وَلَوْ کَانَ بَرِّیَّهً عَرَّفَ مَنْ یَجِدُهُ فِیهَا ثُمَّ أَکْمَلَهُ إذَا حَضَرَ فِی بَلَدِهِ .

وَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ التَّعْرِیفِ فِی بَلَدِ الِالْتِقَاطِ أَوْ إکْمَالَهُ فَإِنْ أَمْکَنَهُ الِاسْتِنَابَهُ فَهِیَ أَوْلَی ، وَإِلَّا عَرَّفَهُ فِی بَلَدِهِ بِحَیْثُ یَشْتَهِرُ خَبَرُهُ ، ثُمَّ یُکْمِلُهُ فِی غَیْرِهِ ، وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِ الِالْتِقَاطِ اخْتِیَارًا أَثِمَ وَاعْتُبِرَ الْحَوْلُ مِنْ حِینِ الشُّرُوعِ ، وَیَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ أَحْکَامُهُ مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی وَیَجُوزُ التَّعْرِیفُ ( بِنَفْسِهِ ، وَبِغَیْرِهِ ) ؛ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِمَا لَکِنْ یُشْتَرَطُ فِی النَّائِبِ الْعَدَالَهُ وَالِاطِّلَاعُ عَلَی تَعْرِیفِهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا إذْ لَا یُقْبَلُ إخْبَارُ الْفَاسِقِ ( بَیْنَ الصَّدَقَهِ بِهِ ) عَلَی مُسْتَحِقِّ الزَّکَاهِ لِحَاجَتِهِ ، وَإِنْ اتَّحَدَ وَکَثُرَتْ ( وَالتَّمَلُّکِ بِنِیَّتِهِ ) .

( وَیَضْمَنُ ) لَوْ ظَهَرَ الْمَالِکُ ( فِیهِمَا ) فِی الثَّانِی مُطْلَقًا ، وَفِی الْأَوَّلِ إذَا لَمْ یَرْضَ بِالصَّدَقَهِ ، وَلَوْ وَجَدَ الْعَیْنَ بَاقِیَهً .

فَفِی تَعْیِینِ رُجُوعِهِ بِهَا لَوْ طَلَبَهَا ، أَوْ تَخَیَّرَ الْمُلْتَقِطُ بَیْنَ دَفْعِهَا ، وَدَفْعِ الْبَدَلِ مِثْلًا ، أَوْ قِیمَهً قَوْلَانِ .

وَیَظْهَرُ مِنْ الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ الثَّانِی وَلَوْ عَابَتْ ضَمِنَ أَرْشَهَا وَیَجِبُ قَبُولُهُ مَعَهَا عَلَی الْأَوَّلِ .

وَکَذَا عَلَی الثَّانِی عَلَی الْأَقْوَی ، وَالزِّیَادَهُ الْمُتَّصِلَهُ لِلْمَالِکِ ، وَالْمُنْفَصِلَهُ لِلْمُلْتَقِطِ أَمَّا الزَّوَائِدُ قَبْلَ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ فَتَابِعَهٌ لِلْعَیْنِ .

وَالْأَقْوَی أَنَّ ضَمَانَهَا لَا یَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّمَلُّکِ ، أَوْ لِلصَّدَقَهِ ، بَلْ بِظُهُورِ الْمَالِکِ ، سَوَاءٌ طَالَبَهُ أَمْ لَمْ یُطَالِبْ ، مَعَ احْتِمَالِ تَوَقُّفِهِ عَلَی مُطَالَبَتِهِ أَیْضًا ، وَلَا یُشْکِلُ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمُطَالَبَهِ یَتَوَقَّفُ عَلَی ثُبُوتِ الْحَقِّ ، فَلَوْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُهُ عَلَیْهِ لَدَارَ ، لِمَنْعِ تَوَقُّفِهِ عَلَی ثُبُوتِ الْحَقِّ ، بَلْ عَلَی إمْکَانِ ثُبُوتِهِ .

وَهُوَ هُنَا کَذَلِکَ وَتَظْهَرُ الْفَائِدَهُ فِی عَدَمِ ثُبُوتِهِ دَیْنًا فِی ذِمَّتِهِ قَبْلَ ذَلِکَ فَلَا یُقَسَّطُ عَلَیْهِ مَالُهُ لَوْ أَفْلَسَ ، وَلَا یَجِبُ الْإِیصَاءُ بِهِ وَلَا یُعَدُّ مَدْیُونًا ، وَلَا غَارِمًا بِسَبَبِهِ ، وَلَا یُطَالِبُهُ بِهِ فِی الْآخِرَهِ لَوْ لَمْ یَظْهَرْ فِی الدُّنْیَا إلَی غَیْرِ ذَلِکَ ( وَبَیْنَ إبْقَائِهِ ) فِی یَدِهِ ( أَمَانَهً ) مَوْضُوعًا فِی حِرْزِ أَمْثَالِهِ .

( وَلَا یَضْمَنُ ) مَا لَمْ یُفَرِّطْ هَذَا إذَا کَانَ مِمَّا لَا یَضُرُّهُ الْبَقَاءُ کَالْجَوَاهِرِ .

( وَلَوْ کَانَ مِمَّا لَا یَبْقَی ) کَالطَّعَامِ ( قَوَّمَهُ عَلَی نَفْسِهِ ) ، أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ ، ( أَوْ دَفَعَهُ إلَی الْحَاکِمِ ) إنْ وَجَدَهُ ، وَإِلَّا تَعَیَّنَ عَلَیْهِ الْأَوَّلُ فَإِنْ أَخَلَّ بِهِ فَتَلِفَ ، أَوْ عَابَ ضَمِنَ ، وَلَوْ کَانَ مِمَّا یَتْلَفُ عَلَی تَطَاوُلِ الْأَوْقَاتِ لَا عَاجِلًا کَالثِّیَابِ تَعَلَّقَ الْحُکْمُ بِهَا عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ .

( وَلَوْ افْتَقَرَ إبْقَاؤُهُ إلَی عِلَاجٍ ) کَالرُّطَبِ الْمُفْتَقِرِ إلَی التَّجْفِیفِ ( أَصْلَحَهُ الْحَاکِمُ بِبَعْضِهِ ) بِأَنْ یَجْعَلَ بَعْضَهُ عِوَضًا عَنْ إصْلَاحِ الْبَاقِی ، أَوْ یَبِیعَ بَعْضَهُ وَیُنْفِقَهُ عَلَیْهِ وُجُوبًا ، حَذَرًا مِنْ تَلَفِ الْجَمِیعِ وَیَجِبُ عَلَی الْمُلْتَقِطِ إعْلَامُهُ بِحَالِهِ إنْ لَمْ یَعْلَمْ ، وَمَعَ عَدَمِهِ یَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ ، حَذَرًا مِنْ الضَّرَرِ بِتَرْکِهِ .

( وَیُکْرَهُ الْتِقَاطُ )

مَا تَکْثُرُ مَنْفَعَتُهُ وَتَقِلُّ قِیمَتُهُ مِثْلَ ( الْإِدَاوَهِ ) بِالْکَسْرِ وَهِیَ الْمُطَهِّرَهُ بِهِ أَیْضًا ( وَالنَّعْلُ ) غَیْرِ الْجِلْدِ ؛ ؛ لِأَنَّ الْمَطْرُوحَ مِنْهُ مَجْهُولًا مَیْتَهً ، أَوْ یُحْمَلُ عَلَی ظُهُورِ أَمَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَی ذَکَاتِهِ فَقَدْ یَظْهَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِی بَعْضِ کُتُبِهِ التَّعْوِیلُ عَلَیْهَا وَذَکَرَهُ هُنَا مُطْلَقًا تَبَعًا لِلرِّوَایَهِ .

وَلَعَلَّهَا تَدُلُّ عَلَی الثَّانِی ( وَالْمِخْصَرَهِ ) بِالْکَسْرِ وَهِیَ کُلُّ مَا اخْتَصَرَهُ الْإِنْسَانُ بِیَدِهِ فَأَمْسَکَهُ مِنْ عَصًی ، وَنَحْوِهَا قَالَهُ الْجَوْهَرِیُّ ، وَالْکَلَامُ فِیهَا إذَا کَانَتْ جِلْدًا کَمَا هُوَ الْغَالِبُ کَمَا سَبَقَ ( وَالْعَصَا ) وَهِیَ عَلَی مَا ذَکَرَهُ الْجَوْهَرِیُّ أَخَصُّ مِنْ الْمِخْصَرَهِ وَعَلَی الْمُتَعَارَفِ غَیْرُهَا ( وَالشَّظَاظِ ) بِالْکَسْرِ خَشَبَهٌ مُحَدَّدَهُ الطَّرَفِ تَدْخُلُ فِی عُرْوَهِ الْجُوَالِقَیْنِ لِیَجْمَعَ بَیْنَهُمَا عِنْدَ حَمْلِهِمَا عَلَی الْبَعِیرِ وَالْجَمْعُ أَشِظَّهٌ ( وَالْحَبْلِ وَالْوَتِدِ ) بِکَسْرِ وَسَطِهِ ( وَالْعِقَالِ ) بِالْکَسْرِ وَهُوَ حَبْلٌ یُشَدُّ بِهِ قَائِمَهُ الْبَعِیرِ .

وَقِیلَ : یَحْرُمُ بَعْضُ هَذِهِ لِلنَّهْیِ عَنْ مَسِّهِ . ( وَیُکْرَهُ أَخْذُ اللُّقَطَهِ ) مُطْلَقًا وَإِنْ تَأَکَّدَتْ فِی السَّابِقِ لِمَا رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ " إیَّاکُمْ وَاللُّقَطَهَ فَإِنَّهَا ضَالَّهُ الْمُؤْمِنِ وَهِیَ مِنْ حَرِیقِ النَّارِ " ، وَعَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " لَا یَأْکُلُ الضَّالَّهَ إلَّا الضَّالُّونَ " وَحَرَّمَهَا بَعْضُهُمْ ، لِذَلِکَ وَحُمِلَ النَّهْیُ عَلَی أَخْذِهَا بِنِیَّهِ عَدَمِ التَّعْرِیفِ ، وَقَدْ رُوِیَ فِی الْخَبَرِ الثَّانِی زِیَادَهٌ إذَا لَمْ یُعَرِّفُوهَا ( خُصُوصًا مِنْ الْفَاسِقِ وَالْمُعْسِرِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَیْسَ أَهْلًا لِحِفْظِ مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، وَالثَّانِی یَضُرُّ بِحَالِ الْمَالِکِ إذَا ظَهَرَ وَقَدْ تَمَلَّکَ ، وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ ذَلِکَ ؛ لِأَنَّ اللُّقَطَهَ فِی مَعْنَی الِاکْتِسَابِ ، لَا اسْتِئْمَانٍ مَحْضٍ .

هَذَا إذَا لَمْ یَعْلَمْ خِیَانَتُهُ ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَی الْحَاکِمِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ حَیْثُ لَا یَجُوزُ لَهُ التَّمَلُّکُ ، أَوْ ضَمُّ مُشْرِفٍ إلَیْهِ مِنْ بَابِ الْحِسْبَهِ ، وَلَا یَجِبُ ذَلِکَ فِی غَیْرِهِ ( وَمَعَ اجْتِمَاعِهِمَا ) أَیْ : الْفِسْقِ وَالْإِعْسَارِ الْمَدْلُولِ عَلَیْهِمَا بِالْمُشْتَقِّ مِنْهُمَا ( تَزِیدُ الْکَرَاهَهُ ) لِزِیَادَهِ سَبَبِهَا .

(وَلْیُشْهِدْ )الْمُلْتَقِطُ

( عَلَیْهَا ) عِنْدَ أَخْذِهَا عَدْلَیْنِ ( مُسْتَحَبًّا ) ؛ تَنْزِیهًا لِنَفْسِهِ عَنْ الطَّمَعِ فِیهَا ؛ وَمَنْعًا لِوَارِثِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ لَوْ مَاتَ ، وَغُرَمَائِهِ لَوْ فَلَّسَ ( وَیُعَرِّفُ الشُّهُودَ بَعْضَ الْأَوْصَافِ ) کَالْعِدَّهِ ، وَالْوِعَاءِ ، وَالْعِفَاصِ ، وَالْوِکَاءِ ، لَا جَمِیعَهَا حَذَرًا مِنْ شِیَاعِ خَبَرِهَا فَیَطَّلِعَ عَلَیْهَا مَنْ لَا یَسْتَحِقُّهَا فَیَدَّعِیَهَا وَیَذْکُرَ الْوَصْفَ . ( وَالْمُلْتَقِطُ ) لِلْمَالِ ( مَنْ لَهُ أَهْلِیَّهُ الِاکْتِسَابِ ) وَإِنْ کَانَ غَیْرَ مُکَلَّفٍ أَوْ مَمْلُوکًا ( وَ ) لَکِنْ یَجِبُ ( أَنْ یَحْفَظَ الْوَلِیُّ مَا الْتَقَطَهُ الصَّبِیُّ ) کَمَا یَجِبُ عَلَیْهِ حِفْظُ مَالِهِ ، وَلَا یُمَکِّنُهُ مِنْهُ ؛ ؛ لِأَنَّهُ لَا یُؤْمَنُ عَلَیْهِ ، ( وَکَذَا الْمَجْنُونُ ) فَإِنْ افْتَقَرَ إلَی تَعْرِیفٍ عَرَّفَهُ ثُمَّ فَعَلَ لَهُمَا مَا هُوَ الْأَغْبَطُ لَهُمَا مِنْ التَّمَلُّکِ ، وَالصَّدَقَهِ ، وَالْإِبْقَاءِ أَمَانَهً .

(وَیَجِبُ تَعْرِیفُهَا )

أَیْ : اللُّقَطَهِ الْبَالِغَهِ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا ( حَوْلًا ) کَامِلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِیُرَتِّبَ عَلَیْهِ قَوْلَهُ : ( وَلَوْ مُتَفَرِّقًا ) وَمَا بَعْدَهُ وَمَعْنَی جَوَازِهِ مُتَفَرِّقًا أَنَّهُ لَا یُعْتَبَرُ وُقُوعُ التَّعْرِیفِ کُلَّ یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الْحَوْلِ ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ ظُهُورُ أَنَّ التَّعْرِیفَ التَّالِیَ تَکْرَارٌ لِمَا سَبَقَ ، لَا لِلُقَطَهٍ جَدِیدَهٍ فَیَکْفِی التَّعْرِیفُ فِی الِابْتِدَاءِ کُلَّ یَوْمٍ مَرَّهً ، أَوْ مَرَّتَیْنِ ، ثُمَّ فِی کُلِّ أُسْبُوعٍ ، ثُمَّ فِی کُلِّ شَهْرٍ مُرَاعِیًا لِمَا ذَکَرْنَاهُ ، وَلَا یَخْتَصُّ تَکْرَارُهُ أَیَّامًا بِأُسْبُوعٍ وَأُسْبُوعًا بِبَقِیَّهِ الشَّهْرِ ، وَشَهْرًا بِبَقِیَّهِ الْحَوْلِ ، وَإِنْ کَانَ ذَلِکَ مُجْزِیًا ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ أَنْ لَا یَنْسَی کَوْنَ التَّالِی تَکْرَارًا لِمَا مَضَی ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ یُقَدِّرْهُ بِقَدْرٍ فَیُعْتَبَرُ فِیهِ مَا ذَکَرَ ، لِدَلَالَهِ الْعُرْفِ عَلَیْهِ .

وَلَیْسَ الْمُرَادُ بِجَوَازِهِ مُتَفَرِّقًا أَنَّ الْحَوْلَ یَجُوزُ تَلْفِیقُهُ لَوْ فُرِضَ تَرْکُ التَّعْرِیفِ فِی بَعْضِهِ ، بَلْ یُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُهُ فِی حَوْلٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ شَرْعًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ خِلَافًا لِظَاهِرِ التَّذْکِرَهِ حَیْثُ اکْتَفَی بِهِ .

وَبِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ تَفْسِیرِ التَّفَرُّقِ صَرَّحَ فِی الْقَوَاعِدِ .

وَوُجُوبُ التَّعْرِیفِ ثَابِتٌ ( سَوَاءٌ نَوَی ) الْمُلْتَقِطُ ( التَّمَلُّکَ أَوْ لَا ) فِی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ، لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِهِ الشَّامِلِ لِلْقِسْمَیْنِ ، خِلَافًا لِلشَّیْخِ حَیْثُ شَرَطَ فِی وُجُوبِهِ نِیَّهَ التَّمَلُّکِ ، فَلَوْ نَوَی الْحِفْظَ لَمْ یَجِبْ .

وَیُشْکِلُ بِاسْتِلْزَامِهِ خَفَاءُ اللُّقَطَهِ ، وَبِأَنَّ التَّمَلُّکَ غَیْرُ وَاجِبٍ فَکَیْفَ تَجِبُ وَسِیلَتُهُ وَکَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الشَّرْطَ ؟ .

( وَهِیَ أَمَانَهٌ ) فِی یَدِ الْمُلْتَقِطِ ( فِی الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ ) فَلَا یَضْمَنُهَا لَوْ تَلِفَتْ بِغَیْرِ تَفْرِیطٍ ( مَا لَمْ یَنْوِ التَّمَلُّکَ فَیَضْمَنُ ) بِالنِّیَّهِ وَإِنْ کَانَ قَبْلَ الْحَوْلِ ، ثُمَّ لَا تَعُودُ أَمَانَهً لَوْ عَادَ إلَی نِیَّتِهَا ؛ اسْتِصْحَابًا لِمَا ثَبَتَ وَلَمْ تُفِدْ النِّیَّهُ الْمِلْکَ فِی غَیْرِ وَقْتِهَا ، لَکِنْ لَوْ مَضَی الْحَوْلُ مَعَ قِیَامِهِ بِالتَّعْرِیفِ وَتَمَلَّکَهَا حِینَئِذٍ بُنِیَ بَقَاءُ الضَّمَانِ ، وَعَدَمُهُ عَلَی مَا سَلَفَ مِنْ تَنْجِیزِ الضَّمَانِ ، أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَی مُطَالَبَهِ الْمَالِکِ .

(وَلَوْ الْتَقَطَ الْعَبْدُ عَرَّفَ بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِنَائِبِهِ )

کَالْحُرِّ ( فَلَوْ أَتْلَفَهَا ) قَبْلَ التَّعْرِیفِ ، أَوْ بَعْدَهُ ( ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ ) وَیَسَارِهِ کَمَا یَضْمَنُ غَیْرَهَا مِنْ أَمْوَالِ الْغَیْرِ الَّتِی یَتَصَرَّفُ فِیهَا مِنْ غَیْرِ إذْنِهِ ( وَلَا یَجِبُ عَلَی الْمَالِکِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ ) قَبْلَ التَّعْرِیفِ وَبَعْدَهُ ( وَإِنْ لَمْ یَکُنْ ) الْعَبْدُ ( أَمِینًا ) ؛ لِأَصَالَهِ الْبَرَاءَهِ مِنْ وُجُوبِ حِفْظِ مَالِ الْغَیْرِ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهِ خُصُوصًا مَعَ وُجُودِ یَدٍ مُتَصَرِّفَهٍ .

وَقِیلَ : یَضْمَنُ بِتَرْکِهَا فِی یَدِ غَیْرِ الْأَمِینِ ؛ لِتَعَدِّیهِ .

وَهُوَ مَمْنُوعٌ .

نَعَمْ لَوْ کَانَ الْعَبْدُ غَیْرَ مُمَیِّزٍ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ : إنَّ الْمُتَّجَهَ ضَمَانُ السَّیِّدِ نَظَرًا إلَی أَنَّ الْعَبْدَ حِینَئِذٍ بِمَنْزِلَهِ الْبَهِیمَهِ الْمَمْلُوکَهِ یَضْمَنُ مَالِکُهَا مَا تُفْسِدُهُ مِنْ مَالِ الْغَیْرِ مَعَ إمْکَانِ حِفْظِهَا .

وَفِیهِ نَظَرٌ ، لِلْفَرْقِ بِصَلَاحِیَّهِ ذِمَّهِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ مَالِ الْغَیْرِ بِهَا ، دُونَ الدَّابَّهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَهُ ذِمَّهِ السَّیِّدِ مِنْ وُجُوبِ انْتِزَاعِ مَالِ غَیْرِهِ وَحِفْظِهِ .

نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِی الِالْتِقَاطِ اتَّجَهَ الضَّمَانُ مَعَ عَدَمِ تَمْیِیزِهِ ، أَوْ عَدَمِ أَمَانَتِهِ إذَا قَصَّرَ فِی الِانْتِزَاعِ قَطْعًا ، وَمَعَ عَدَمِ التَّقْصِیرِ عَلَی احْتِمَالٍ مِنْ حَیْثُ إنَّ یَدَ الْعَبْدِ یَدُ الْمَوْلَی . ( وَیَجُوزُ لِلْمَوْلَی التَّمَلُّکُ بِتَعْرِیفِ الْعَبْدِ ) مَعَ عِلْمِ الْمَوْلَی بِهِ ، أَوْ کَوْنِ الْعَبْدِ ثِقَهً لِیُقْبَلَ خَبَرُهُ ، وَلِلْمَوْلَی انْتِزَاعُهَا مِنْهُ قَبْلَ التَّعْرِیفِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ تَمَلَّکَهَا الْعَبْدُ بَعْدَ التَّعْرِیفِ صَحَّ عَلَی الْقَوْلِ بِمِلْکِهِ ، وَکَذَا یَجُوزُ لِمَوْلَاهُ مُطْلَقًا . ( وَلَا تُدْفَعُ ) اللُّقَطَهُ إلَی مُدَّعِیهَا وُجُوبًا ( إلَّا بِالْبَیِّنَهِ ) الْعَادِلَهِ أَوْ الشَّاهِدِ وَالْیَمِینِ ( لَا بِالْأَوْصَافِ وَإِنْ خَفِیَتْ ) بِحَیْثُ یَغْلِبُ الظَّنُّ بِصِدْقِهِ ؛ لِعَدَمِ اطِّلَاعِ غَیْرِ الْمَالِکِ عَلَیْهَا غَالِبًا کَوَصْفِ وَزْنِهَا ، وَنَقْدِهَا وَوِکَائِهَا ، لِقِیَامِ الِاحْتِمَالِ .

( نَعَمْ یَجُوزُ الدَّفْعُ بِهَا ) وَظَاهِرُهُ کَغَیْرِهِ جَوَازُ الدَّفْعِ بِمُطْلَقِ الْوَصْفِ ؛ لِأَنَّ الْحُکْمَ لَیْسَ مُنْحَصِرًا فِی الْأَوْصَافِ الْخَفِیَّهِ وَإِنَّمَا ذُکِرَتْ مُبَالَغَهً وَفِی الدُّرُوسِ شَرْطٌ فِی جَوَازِ الدَّفْعِ إلَیْهِ ظَنَّ صِدْقَهُ لِإِطْنَابِهِ فِی الْوَصْفِ ، أَوْ رُجْحَانِ عَدَالَتِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ أَکْثَرِ الشَّرْعِیَّاتِ الظَّنُّ ، وَلِتَعَذُّرِ إقَامَهِ الْبَیِّنَهِ غَالِبًا ، فَلَوْلَاهُ لَزِمَ عَدَمُ وُصُولِهَا إلَی مَالِکِهَا کَذَلِکَ .

وَفِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ إرْشَادٌ إلَیْهِ ، وَمَنَعَ ابْنُ إدْرِیسَ مِنْ دَفْعِهَا بِدُونِ الْبَیِّنَهِ ، لِاشْتِغَالِ الذِّمَّهِ بِحِفْظِهَا ، وَعَدَمِ ثُبُوتِ کَوْنِ الْوَصْفِ حُجَّهً .

وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ وَعَلَیْهِ ( فَلَوْ أَقَامَ غَیْرُهُ ) أَیْ : غَیْرُ الْوَاصِفِ ( بِهَا بَیِّنَهً ) بَعْدَ دَفْعِهَا إلَیْهِ ( اُسْتُعِیدَتْ مِنْهُ ) ؛ لِأَنَّ الْبَیِّنَهَ حُجَّهٌ شَرْعِیَّهٌ بِالْمِلْکِ ، وَالدَّفْعُ بِالْوَصْفِ إنَّمَا کَانَ رُخْصَهً وَبِنَاءً عَلَی الظَّاهِرِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) انْتِزَاعُهَا مِنْ الْوَاصِفِ ( ضَمِنَ الدَّافِعُ ) لِذِی الْبَیِّنَهِ مِثْلَهَا ، أَوْ قِیمَتَهَا ( وَرَجَعَ ) الْغَارِمُ ( عَلَی الْقَابِضِ ) بِمَا غَرِمَهُ ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ فِی یَدِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ عَادَ إلَّا أَنْ یَعْتَرِفَ الدَّافِعُ لَهُ بِالْمِلْکِ فَلَا یَرْجِعُ عَلَیْهِ لَوْ رَجَعَ عَلَیْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِکَوْنِ الْأَخْذِ مِنْهُ ظُلْمًا ، وَلِلْمَالِکِ الرُّجُوعُ عَلَی الْوَاصِفِ الْقَابِضِ ابْتِدَاءً فَلَا یَرْجِعُ عَلَی الْمُلْتَقِطِ ، سَوَاءٌ تَلِفَتْ فِی یَدِهِ أَمْ لَا .

وَلَوْ کَانَ دَفَعَهَا إلَی الْأَوَّلِ بِالْبَیِّنَهِ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ بَیِّنَهً حُکِمَ الرُّجُوعُ بِأَرْجَحِ الْبَیِّنَتَیْنِ عَدَالَهً ، وَعَدَدًا فَإِنْ تَسَاوَیَا أَقْرَعَ ، وَکَذَا لَوْ أَقَامَاهَا ابْتِدَاءً ، فَلَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَهُ لِلثَّانِی انْتَزَعَهَا مِنْ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ تَلِفَتْ فَبَدَّلَهَا مِثْلًا ، أَوْ قِیمَهً وَلَا شَیْءَ عَلَی الْمُلْتَقِطِ إنْ کَانَ دَفَعَهَا بِحُکْمِ الْحَاکِمِ وَإِلَّا ضَمِنَ .

وَلَوْ کَانَ الْمُلْتَقِطُ قَدْ دَفَعَ بَدَلَهَا لِتَلَفِهَا ثُمَّ ثَبَتَتْ لِلثَّانِی رَجَعَ عَلَی الْمُلْتَقِطِ ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَی الْأَوَّلِ لَیْسَ عَیْنَ مَالِهِ ، وَیَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَی الْأَوَّلِ بِمَا أَدَّاهُ إنْ لِمَ یَعْتَرِفْ لَهُ بِالْمِلْکِ ، لَا مِنْ حَیْثُ الْبَیِّنَهِ ، أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ لِأَجْلِهَا لَمْ یَضُرَّ لِبِنَائِهِ عَلَی الظَّاهِرِ وَقَدْ تَبَیَّنَ خِلَافُهُ . ( وَالْمَوْجُودُ فِی الْمَفَازَهِ ) وَهِیَ الْبَرِّیَّهُ الْقَفْرُ - وَالْجَمْعُ الْمَفَاوِزُ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی النِّهَایَهِ .

وَنَقَلَ الْجَوْهَرِیُّ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِیِّ أَنَّهَا سُمِّیَتْ بِذَلِکَ تَفَاؤُلًا بِالسَّلَامَهِ وَالْفَوْزِ ( وَالْخَرِبَهِ ) الَّتِی بَادَ أَهْلُهَا ( أَوْ مَدْفُونًا فِی أَرْضٍ لَا مَالِکَ لَهَا ) ظَاهِرًا ( یَتَمَلَّکُ مِنْ غَیْرِ تَعْرِیفٍ ) وَإِنْ کَثُرَ ( إذَا لَمْ یَکُنْ عَلَیْهِ أَثَرُ الْإِسْلَامِ ) مِنْ الشَّهَادَتَیْنِ ، أَوْ اسْمُ سُلْطَانٍ مِنْ سَلَاطِینِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ ، ( وَإِلَّا ) یَکُنْ کَذَلِکَ بِأَنْ وَجَدَ عَلَیْهِ أَثَرَ الْإِسْلَامِ ( وَجَبَ التَّعْرِیفُ ) ، لِدَلَالَهِ الْأَثَرِ عَلَی سَبْقِ یَدِ الْمُسْلِمِ فَتُسْتَصْحَبُ .

وَقِیلَ : یُمْلَکُ مُطْلَقًا ، لِعُمُومِ صَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّ لِلْوَاجِدِ مَا یُوجَدُ فِی الْخَرِبَهِ ، ؛ وَلِأَنَّ أَثَرَ الْإِسْلَامِ قَدْ یَصْدُرُ عَنْ غَیْرِ الْمُسْلِمِ وَحُمِلَتْ الرِّوَایَهُ عَلَی الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ التَّعْرِیفِ فِیمَا عَلَیْهِ الْأَثَرُ .

وَهُوَ بَعِیدٌ ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ .

وَیُسْتَفَادُ مِنْ تَقْیِیدِ الْمَوْجُودِ فِی الْأَرْضِ الَّتِی لَا مَالِکَ لَهَا بِالْمَدْفُونِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِی الْأَوَّلَیْنِ ، بَلْ یُمْلَکُ مَا یُوجَدُ فِیهِمَا مُطْلَقًا ، عَمَلًا بِإِطْلَاقِ النَّصِّ ، وَالْفَتْوَی ، أَمَّا غَیْرُ الْمَدْفُونِ فِی الْأَرْضِ الْمَذْکُورَهِ فَهُوَ لُقَطَهٌ .

هَذَا کُلُّهُ إذَا کَانَتْ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ ، أَمَّا فِی دَارِ الْحَرْبِ فَلِوَاجِدِهِ مُطْلَقًا . ( وَلَوْ کَانَ لِلْأَرْضِ ) الَّتِی وُجِدَ مَدْفُونًا فِیهَا ( مَالِکٌ عَرَّفَهُ فَإِنْ عَرَّفَهُ ) أَیْ : ادَّعَی أَنَّهُ لَهُ دَفَعَهُ إلَیْهِ مِنْ غَیْرِ بَیِّنَهٍ ، وَلَا وَصْفٍ ( وَإِلَّا ) یَدَّعِیهِ ( فَهُوَ لِلْوَاجِدِ ) مَعَ انْتِفَاءِ أَثَرِ الْإِسْلَامِ ، وَإِلَّا فَلُقَطَهٌ کَمَا سَبَقَ وَلَوْ وَجَدَهُ فِی الْأَرْضِ الْمَمْلُوکَهِ غَیْرَ مَدْفُونٍ فَهُوَ لُقَطَهٌ ، إلَّا أَنَّهُ یَجِبُ تَقْدِیمُ تَعْرِیفِ الْمَالِکِ فَإِنْ ادَّعَاهُ فَهُوَ لَهُ کَمَا سَلَفَ ، وَإِلَّا عَرَّفَهُ . ( وَکَذَا لَوْ وَجَدَهُ فِی جَوْفِ دَابَّهٍ عَرَّفَهُ مَالِکُهَا ) کَمَا سَبَقَ لِسَبْقِ یَدِهِ ، وَظُهُورِ کَوْنِهِ مِنْ مَالِهِ دَخَلَ فِی عَلْفِهَا ، لِبُعْدِ وُجُودِهِ فِی الصَّحْرَاءِ وَاعْتِلَافِهِ ، فَإِنْ عَرَّفَهُ الْمَالِکُ ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاجِدِ ، لِصَحِیحَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : کَتَبْتُ إلَی الرَّجُلِ أَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَی جَزُورًا ، أَوْ بَقَرَهً لِلْأَضَاحِیِّ فَلَمَّا ذَبَحَهَا وَجَدَ فِی جَوْفِهَا صُرَّهً فِیهَا دَرَاهِمُ ، أَوْ دَنَانِیرُ أَوْ جَوْهَرَهٌ لِمَنْ تَکُونُ ؟ فَقَالَ : فَوَقَعَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَرَّفَهَا الْبَائِعُ فَإِنْ لَمْ یَکُنْ یُعَرِّفْهَا فَالشَّیْءُ لَکَ رَزَقَکَ اللَّهُ إیَّاهُ ، وَظَاهِرُ الْفَتْوَی ، وَالنَّصِّ عَدَمُ الْفَرْقِ ، بَیْنَ وُجُودِ أَثَرِ الْإِسْلَامِ عَلَیْهِ ، وَعَدَمِهِ .

وَالْأَقْوَی الْفَرْقُ ، وَاخْتِصَاصُ الْحُکْمِ بِمَا لَا أَثَرَ عَلَیْهِ ، وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَهٌ جَمْعًا بَیْنَ الْأَدِلَّهِ ، وَلِدَلَالَهِ أَثَرِ الْإِسْلَامِ عَلَی یَدِ الْمُسْلِمِ سَابِقًا . ( أَمَّا مَا یُوجَدُ فِی جَوْفِ السَّمَکَهِ فَلِلْوَاجِدِ ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا مُلِکَتْ بِالْحِیَازَهِ ، وَالْمُحِیزُ إنَّمَا قَصَدَ تَمَلُّکَهَا خَاصَّهً ؛ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِی بَطْنِهَا فَلَمْ یَتَوَجَّهْ قَصْدُهُ إلَیْهِ بِنَاءً عَلَی أَنَّ الْمُبَاحَاتِ إنَّمَا تُمْلَکُ بِالنِّیَّهِ وَالْحِیَازَهِ مَعًا ، ( إلَّا أَنْ تَکُونَ ) السَّمَکَهُ ( مَحْصُورَهً فِی مَاءٍ تُعْلَفُ ) فَتَکُونُ کَالدَّابَّهِ ، لِعَیْنِ مَا ذُکِرَ .

وَمِنْهُ یَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّابَّهِ : الْأَهْلِیَّهُ کَمَا یَظْهَرُ مِنْ الرِّوَایَهِ ، فَلَوْ کَانَتْ وَحْشِیَّهً لَا تُعْتَلَفُ مِنْ مَالِ الْمَالِکِ فَکَالسَّمَکَهِ ، وَهَذَا کُلُّهُ إذَا لَمْ یَکُنْ أَثَرُ الْإِسْلَامِ عَلَیْهِ ، وَإِلَّا فَلُقَطَهٌ کَمَا مَرَّ ، مَعَ احْتِمَالِ عُمُومِ الْحُکْمِ فِیهِمَا لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَالْفَتْوَی . ( وَالْمَوْجُودُ فِی صُنْدُوقِهِ ، أَوْ دَارِهِ ) ، أَوْ غَیْرِهِمَا مَنْ أَمْلَاکِهِ ( مَعَ مُشَارَکَهِ الْغَیْرِ لَهُ ) فِی التَّصَرُّفِ فِیهِمَا مَحْصُورًا ، أَوْ غَیْرَ مَحْصُورٍ عَلَی مَا یَقْتَضِیهِ إطْلَاقُهُمْ ( لُقَطَهٌ ) أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْحَصْرِ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ بِمُشَارَکَهِ غَیْرِهِ لَا یَدُلُّ بِخُصُوصِهِ فَیَکُونُ لُقَطَهً ، وَأَمَّا مَعَ انْحِصَارِ الْمُشَارِکِ ؛ فَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّهُ لَا یُعَرِّفُهُ فَلَا یَکُونُ لَهُ بِدُونِ التَّعْرِیفِ .

وَیُحْتَمَلُ قَوِیًّا کَوْنُهُ لَهُ مَعَ تَعْرِیفِ الْمُنْحَصِرِ ؛ ؛ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ اعْتِرَافِ الْمُشَارِکِ یَصِیرُ کَمَا لَا مُشَارِکَ فِیهِ ( وَلَا مَعَهَا ) أَیْ : لَا مَعَ الْمُشَارَکَهِ ( حَلَّ ) لِلْمَالِکِ الْوَاجِدِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ مِلْکِهِ الْمَحْکُومِ لَهُ بِهِ .

.هَذَا إذَا لَمْ یَقْطَعْ بِانْتِفَائِهِ عَنْهُ ، وَإِلَّا أَشْکَلَ الْحُکْمُ بِکَوْنِهِ لَهُ ، بَلْ یَنْبَغِی أَنْ یَکُونَ لُقَطَهً ، إلَّا أَنَّ کَلَامَهُمْ هُنَا مُطْلَقٌ کَمَا ذَکَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَلَا فَرْقَ فِی وُجُوبِ تَعْرِیفِ الْمُشَارِکِ هُنَا بَیْنَ مَا نَقَصَ عَنْ الدِّرْهَمِ ، وَمَا زَادَ ، لِاشْتِرَاکِهِمْ فِی الْیَدِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفِ وَلَا یَفْتَقِرُ مُدَّعِیهِ مِنْهُمْ إلَی الْبَیِّنَهِ ، وَلَا الْوَصْفِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا یَدَّعِیهِ أَحَدٌ ، وَلَوْ جَهِلُوا جَمِیعًا أَمْرَهُ فَلَمْ یَعْتَرِفُوا بِهِ وَلَمْ یَنْفُوهُ ، فَإِنْ کَانَ الِاشْتِرَاکُ فِی التَّصَرُّفِ خَاصَّهً فَهُوَ لِلْمَالِکِ مِنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ یَکُنْ فِیهِمْ مَالِکٌ فَهُوَ لِلْمَالِکِ ، وَإِنْ کَانَ الِاشْتِرَاکُ فِی الْمِلْکِ وَالتَّصَرُّفِ فَهُمْ فِیهِ سَوَاءٌ .

(وَلَا یَکْفِی التَّعْرِیفُ حَوْلًا فِی التَّمَلُّکِ )

لَمَا یَجِبُ تَعْرِیفُهُ ( بَلْ لَا بُدَّ ) بَعْدَ الْحَوْلِ ( مِنْ النِّیَّهِ ) لِلتَّمَلُّکِ وَإِنَّمَا یَحْدُثُ التَّعْرِیفُ حَوْلًا تَخَیَّرَ الْمُلْتَقِطُ بَیْنَ التَّمَلُّکِ بِالنِّیَّهِ ، وَبَیْنَ الصَّدَقَهِ بِهِ ، وَبَیْنَ إبْقَائِهِ فِی یَدِهِ أَمَانَهً لِمَالِکِهِ .

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ حُکْمِ الْمَسْأَلَهِ ، وَفِیهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ عَلَی طَرَفَیْ النَّقِیضِ : أَحَدُهُمَا دُخُولُهُ فِی الْمِلْکِ قَهْرًا مِنْ غَیْرِ احْتِیَاجٍ إلَی أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَی التَّعْرِیفِ ، لِظَاهِرِ قَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : فَإِنْ جَاءَ لَهَا طَالِبٌ ، وَإِلَّا فَهِیَ کَسَبِیلِ مَالِهِ .

وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِیبِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إدْرِیسَ وَرُدَّ بِأَنَّ کَوْنَهَا کَسَبِیلِ مَالِهِ لَا یَقْتَضِی حُصُولَ الْمِلْکِ حَقِیقَهً .

وَالثَّانِی افْتِقَارُ مِلْکِهِ إلَی اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَیْهِ بِأَنْ یَقُولَ : اخْتَرْتُ تَمَلُّکَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِی الصَّلَاحِ وَغَیْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ مُجْمِعٌ عَلَی مِلْکِهِ .

وَغَیْرُهُ لَا دَلِیلَ عَلَیْهِ .

وَالْأَقْوَی الْأَوَّلُ ، لِقَوْلِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " وَإِلَّا فَاجْعَلْهَا فِی عَرَضِ مَالِکَ " .

وَصِیغَهُ افْعَلْ لِلْأَمْرِ ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ یَکُونَ لِلْإِبَاحَهِ فَیَسْتَدْعِیَ أَنْ یَکُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ مَقْدُورًا بَعْدَ التَّعْرِیفِ ، وَعَدَمُ مَجِیءِ الْمَالِکِ وَلَمْ یَذْکُرْ اللَّفْظَ فَدَلَّ الْأَوَّلُ عَلَی انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِی عَلَی انْتِفَاءِ الثَّانِی وَبِهِ یُجْمَعُ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ قَوْلِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " کَسَبِیلِ مَالِهِ " وَإِلَّا لَکَانَ ظَاهِرُهُ الْمِلْکَ الْقَهْرِیَّ ، لَا کَمَا رُدَّ سَابِقًا .

وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَهُ لِلشَّیْخِ .

(45) کتاب احیاء الموات

(45) کتاب احیاء الموات

کِتَابُ إحْیَاءِ الْمَوَاتِ .

( وَهُوَ ) أَیْ : الْمَوَاتُ مِنْ الْأَرْضِ ( مَا لَا یُنْتَفَعُ بِهِ ) مِنْهَا ( لِعُطْلَتِهِ أَوْ لِاسْتِیجَامِهِ ، أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ عَنْهُ أَوْ لِاسْتِیلَاءِ الْمَاءِ عَلَیْهِ ) وَلَوْ جَعَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ أَفْرَادًا لِعُطْلَتِهِ ؛ لِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْهَا کَانَ أَجْوَدَ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ أَنْ یَکُونَ قَدْ سَبَقَ لَهَا إحْیَاءٌ ثُمَّ مَاتَتْ ، وَبَیْنَ مَوْتِهَا ابْتِدَاءً عَلَی مَا یَقْتَضِیهِ الْإِطْلَاقُ وَهَذَا یَتِمُّ مَعَ إبَادَهِ أَهْلِهِ بِحَیْثُ لَا یُعْرَفُونَ وَلَا بَعْضُهُمْ فَلَوْ عُرِفَ الْمُحْیِی لَمْ یَصِحَّ إحْیَاؤُهَا عَلَی مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَسَیَأْتِی إنْ شَاءَ تَعَالَی مَا فِیهِ .

وَلَا یُعْتَبَرُ فِی تَحَقُّقِ مَوْتِهَا الْعَارِضِ ذَهَابُ رَسْمِ الْعِمَارَهِ رَأْسًا ، بَلْ ضَابِطُهُ الْعُطْلَهُ وَإِنْ بَقِیَتْ آثَارُ الْأَنْهَارِ ، وَنَحْوِهَا ، لِصِدْقِهِ عُرْفًا مَعَهَا خِلَافًا لِظَاهِرِ التَّذْکِرَهِ ، وَلَا یَلْحَقُ ذَلِکَ بِالتَّحْجِیرِ حَیْثُ إنَّهُ لَوْ وَقَعَ ابْتِدَاءً کَانَ تَحْجِیرًا ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ بَقَاءُ الْیَدِ ، وَقَصْدُ الْعِمَارَهِ .

وَهُمَا مُنْتَفِیَانِ هُنَا ، بَلْ التَّحْجِیرُ مَخْصُوصٌ بِابْتِدَاءِ الْإِحْیَاءِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَی الشُّرُوعِ فِیهِ حَیْثُ لَا یَبْلُغُهُ فَکَأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَی غَیْرِهِ بِأَثَرِهِ أَنْ یَتَصَرَّفَ فِیمَا حَجَرَهُ بِإِحْیَاءٍ ، وَغَیْرِهِ .

( وَ ) حُکْمُ الْمَوَاتِ أَنْ ( یَتَمَلَّکُهُ مَنْ أَحْیَاهُ ) إذَا قَصَدَ تَمَلُّکَهُ ( مَعَ غَیْبَهِ الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ) سَوَاءٌ فِی ذَلِکَ الْمُسْلِمُ ، وَالْکَافِرُ ، لِعُمُومِ { مَنْ أَحْیَا أَرْضًا مَیْتَهً فَهِیَ لَهُ } .

وَلَا یَقْدَحُ فِی ذَلِکَ کَوْنُهَا لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی تَقْدِیرِ ظُهُورِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یَقْصُرُ عَنْ حَقِّهِ مِنْ غَیْرِهَا کَالْخُمُسِ ، وَالْمَغْنُومِ بِغَیْرِ إذْنِهِ .

فَإِنَّهُ بِیَدِ الْکَافِرِ وَالْمُخَالِفُ عَلَی وَجْهِ الْمِلْکِ حَالَ الْغَیْبَهِ ، وَلَا یَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ فَهُنَا أَوْلَی .

( وَإِلَّا ) یَکُنْ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ غَائِبًا ( افْتَقَرَ ) الْإِحْیَاءُ (إلَی إذْنِهِ ) إجْمَاعًا ، ثُمَّ إنْ کَانَ مُسْلِمًا مَلَکَهَا بِإِذْنِهِ ، وَفِی مِلْکِ الْکَافِرِ مَعَ الْإِذْنِ قَوْلَانِ ، وَلَا إشْکَالَ فِیهِ لَوْ حَصَلَ إنَّمَا الْإِشْکَالُ فِی جَوَازِ إذْنِهِ لَهُ نَظَرًا إلَی أَنَّ الْکَافِرَ هَلْ لَهُ أَهْلِیَّهُ ذَلِکَ أَمْ لَا ؟ وَالنِّزَاعُ قَلِیلُ الْجَدْوَی .

(وَلَا یَجُوزُ إحْیَاءُ الْعَامِرِ وَتَوَابِعِهِ

کَالطَّرِیقِ ) الْمُفْضِی إلَیْهِ ( وَالشِّرْبِ ) بِکَسْرِ الشِّینِ - وَأَصْلُهُ الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ .

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَی { : لَهَا شِرْبٌ وَلَکُمْ شِرْبُ یَوْمٍ مَعْلُومٍ } وَالْمُرَادُ هُنَا النَّهْرُ وَشِبْهُهُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْعَامِرِ ، وَکَذَا غَیْرُهُمَا مِنْ مَرَافِقِ الْعَامِرِ وَحَرِیمِهِ .

(وَلَا)إحْیَاءُ(الْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً )

بِفَتْحِ الْعَیْنِ أَیْ : قَهْرًا وَغَلَبَهً عَلَی أَهْلِهَا کَأَرْضِ الشَّامِ ، وَالْعِرَاقِ وَغَالِبِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ ( إذْ عَامِرُهَا ) حَالَ الْفَتْحِ ( لِلْمُسْلِمِینَ ) قَاطِبَهً بِمَعْنَی أَنَّ حَاصِلَهَا یُصْرَفُ فِی مَصَالِحِهِمْ لَا تَصَرُّفُهُمْ فِیهَا کَیْفَ اتَّفَقَ کَمَا سَیَأْتِی ( وَغَامِرُهَا ) بِالْمُعْجَمَهِ وَهُوَ خِلَافُ الْعَامِرِ بِالْمُهْمَلَهِ قَالَ الْجَوْهَرِیُّ : وَإِنَّمَا قِیلَ لَهُ : غَامِرٌ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ یَبْلُغُهُ فَیَغْمُرُهُ .

وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَی مَفْعُولٍ کَقَوْلِهِمْ سِرٌّ کَاتِمٌ ، وَمَاءٌ دَافِقٌ ، وَإِنَّمَا بُنِیَ عَلَی فَاعِلٍ لِیُقَابَلَ بِهِ الْعَامِرَ .

وَقِیلَ : الْغَامِرُ مِنْ الْأَرْضِ مَا لَمْ یُزْرَعْ مِمَّا یَحْتَمِلُ الزِّرَاعَهَ ، وَمَا لَا یَبْلُغُهُ الْمَاءُ مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ لَا یُقَالُ لَهُ : غَامِرٌ نَظَرًا إلَی الْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ مَوَاتَهَا مُطْلَقًا ( لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ) فَلَا یَصِحُّ إحْیَاؤُهُ بِغَیْرِ إذْنِهِ مَعَ حُضُورِهِ ، أَمَّا مَعَ غَیْبَتِهِ فَیَمْلِکُهَا الْمُحْیَا ، وَیَرْجِعُ الْآنَ فِی الْمُحْیَا مِنْهَا وَالْمَیِّتِ فِی تِلْکَ الْحَالِ إلَی الْقَرَائِنِ .

وَمِنْهَا ضَرْبُ الْخَرَاجِ وَالْمُقَاسَمَهِ ، فَإِنْ انْتَفَتْ فَالْأَصْلُ یَقْتَضِی عَدَمَ الْعِمَارَهِ فَیُحْکَمُ لِمَنْ بِیَدِهِ مِنْهَا شَیْءٌ بِالْمِلْکِ لَوْ ادَّعَاهُ ، ( وَکَذَا کُلُّ مَا ) أَیْ : مَوَاتٍ مِنْ الْأَرْضِ ( لَمْ یَجْرِ عَلَیْهِ مِلْکُ الْمُسْلِمِ ) فَإِنَّهُ لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَلَا یَصِحُّ إحْیَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ مَعَ حُضُورِهِ وَیُبَاحُ فِی غَیْبَتِهِ .

وَمِثْلُهُ مَا جَرَی عَلَیْهِ مِلْکُهُ ثُمَّ بَادَ أَهْلُهُ .

( وَلَوْ جَرَی عَلَیْهِ مِلْکُ مُسْلِمٍ ) مَعْرُوفٍ ( فَهُوَ لَهُ وَلِوَارِثِهِ بَعْدَهُ ) کَغَیْرِهِ مِنْ الْأَمْلَاکِ ( وَلَا یَنْتَقِلُ عَنْهُ بِصَیْرُورَتِهِ مَوَاتًا ) مُطْلَقًا ، لِأَصَالَهِ بَقَاءِ الْمِلْکِ وَخُرُوجُهُ یَحْتَاجُ إلَی سَبَبٍ نَاقِلٍ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَلَیْسَ مِنْهُ الْخَرَابُ .

وَقِیلَ : یَمْلِکُهَا الْمُحَیِّی بَعْدَ صَیْرُورَتِهَا مَوَاتًا وَیَبْطُلُ حَقُّ السَّابِقِ ، لِعُمُومِ { مَنْ أَحْیَا أَرْضًا مَیْتَهً فَهِیَ لَهُ } وَلِصَحِیحَهِ أَبِی خَالِدٍ الْکَابُلِیِّ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : وَجَدْنَا فِی کِتَابِ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ { إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَهُ لِلْمُتَّقِینَ } .

إلَی أَنْ قَالَ : فَإِنْ تَرَکَهَا وَأَخْرَبَهَا فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِینَ مِنْ بَعْدِهِ فَعَمَرَهَا ، أَوْ أَحْیَاهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الَّذِی تَرَکَهَا ، وَقَوْلُ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : أَیُّمَا رَجُلٍ أَتَی خَرِبَهً بَائِرَهً فَاسْتَخْرَجَهَا ، وَکَرَی أَنْهَارَهَا ، وَعَمَّرَهَا فَإِنَّ عَلَیْهِ فِیهَا الصَّدَقَهَ ، فَإِنْ کَانَتْ أَرْضًا لِرَجُلٍ قَبْلَهُ فَغَابَ عَنْهَا وَتَرَکَهَا وَأَخْرَبَهَا ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ یَطْلُبُهَا فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ ، وَلِمَنْ عَمَرَهَا .

وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَی ، وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا کَانَ السَّابِقُ قَدْ مَلَکَهَا بِالْإِحْیَاءِ .

فَلَوْ کَانَ قَدْ مَلَکَهَا بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ لَمْ یَزُلْ مِلْکُهُ عَنْهَا إجْمَاعًا عَلَی مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَهُ فِی التَّذْکِرَهِ عَنْ جَمِیعِ أَهْلِ الْعِلْمِ .

(وَکُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا طَوْعًا )

کَالْمَدِینَهِ الْمُشَرَّفَهِ ، وَالْبَحْرَیْنِ وَأَطْرَافِ الْیَمَنِ ( فَهِیَ لَهُمْ ) عَلَی الْخُصُوصِ یَتَصَرَّفُونَ فِیهَا کَیْفَ شَاءُوا ( وَلَیْسَ عَلَیْهِمْ فِیهَا سِوَی الزَّکَاهِ مَعَ ) اجْتِمَاعِ ( الشَّرَائِطِ ) الْمُعْتَبَرَهِ فِیهَا .

هَذَا إذَا قَامُوا بِعِمَارَتِهَا ، أَمَّا لَوْ تَرَکُوهَا فَخَرِبَتْ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِی عُمُومِ قَوْلِهِ .

(وَکُلُّ أَرْضٍ تَرَکَ أَهْلُهَا عِمَارَتَهَا فَالْمُحْیِی أَحَقُّ بِهَا )

مِنْهُمْ لَا بِمَعْنَی مِلْکِهِ لَهَا بِالْإِحْیَاءِ ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ مَا جَرَی عَلَیْهَا مِلْکُ مُسْلِمٍ لَا یَنْتَقِلُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ فَبِتَرْکِ الْعِمَارَهِ الَّتِی هِیَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْتِ أَوْلَی ، بَلْ بِمَعْنَی اسْتِحْقَاقِهِ التَّصَرُّفَ فِیهَا مَا دَامَ قَائِمًا بِعِمَارَتِهَا ( وَعَلَیْهِ طَسْقُهَا ) أَیْ : أُجْرَتُهَا ( لِأَرْبَابِهَا ) الَّذِینَ تَرَکُوا عِمَارَتَهَا .

أَمَّا عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْ مَلِکِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا جَوَازُ إحْیَائِهَا مَعَ الْقِیَامِ بِالْأُجْرَهِ فَلِرِوَایَهِ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُلِ یَأْتِی الْأَرْضَ الْخَرِبَهَ فَیَسْتَخْرِجَهَا وَیُجْرِی أَنْهَارَهَا وَیَعْمُرَهَا وَیَزْرَعَهَا فَمَاذَا عَلَیْهِ ؟ قَالَ : الصَّدَقَهُ قُلْتُ : فَإِنْ کَانَ یَعْرِفُ صَاحِبَهَا قَالَ : فَلْیُؤَدِّ إلَیْهِ حَقَّهُ ، وَهِیَ دَالَّهٌ عَلَی عَدَمِ خُرُوجِ الْمَوَاتِ بِهِ عَنْ الْمِلْکِ أَیْضًا ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْأَرْضِ حَقُّ صَاحِبِهَا ، إلَّا أَنَّهَا مَقْطُوعَهُ السَّنَدِ ضَعِیفَهٌ فَلَا تَصْلُحُ ، وَشَرَطَ فِی الدُّرُوسِ إذْنَ الْمَالِکِ فِی الْإِحْیَاءِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْحَاکِمُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ الْإِحْیَاءُ بِغَیْرِ إذْنٍ ، وَلِلْمَالِکِ حِینَئِذٍ طَسْقُهَا .

وَدَلِیلُهُ غَیْرُ وَاضِحٍ .

وَالْأَقْوَی أَنَّهَا إنْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْکِهِ جَازَ إحْیَاؤُهَا بِغَیْرِ أُجْرَهٍ ، وَإِلَّا امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِیهَا بِغَیْرِ إذْنِهِ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا یُعْلَمُ مِنْهُ خُرُوجُهَا عَنْ مِلْکِهِ ، وَعَدَمُهُ .

نَعَمْ لِلْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَأْجِیرُ الْمَمْلُوکَهِ الْمُمْتَنِعِ أَهْلُهَا مِنْ عِمَارَتِهَا بِمَا شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ

(وَأَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِی بِأَیْدِی أَهْلِ الذِّمَّهِ )

وَقَدْ صَالَحُوا النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، أَوْ الْإِمَامَ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ ( فَهِیَ لَهُمْ ) ؛ عَمَلًا بِمُقْتَضَی الشَّرْطِ ( وَعَلَیْهِمْ الْجِزْیَهُ ) مَا دَامُوا أَهْلَ ذِمَّهٍ .

وَلَوْ أَسْلَمُوا صَارَتْ کَالْأَرْضِ الَّتِی أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَیْهَا طَوْعًا مِلْکًا لَهُمْ بِغَیْرِ عِوَضٍ ، وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ ابْتِدَاءً عَلَی الْأَرْضِ لِلْمُسْلِمِینَ کَأَرْضِ خَیْبَرَ فَهِیَ کَالْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً . ( وَیَصْرِفُ الْإِمَامُ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَاصِلَ الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً ) الْمُحْیَاهَ حَالَ الْفَتْحِ ( فِی مَصَالِحِ الْمُسْلِمِینَ ) الْغَانِمِینَ وَغَیْرِهِمْ کَسَدِّ الثُّغُورِ ، وَمَعُونَهِ الْغُزَاهِ ، وَأَرْزَاقِ الْوُلَاهِ .

هَذَا مَعَ حُضُورِ الْإِمَامِ ، أَمَّا مَعَ غَیْبَتِهِ فَمَا کَانَ مِنْهَا بِیَدِ الْجَائِرِ یَجُوزُ الْمُضِیُّ مَعَهُ فِی حُکْمِهِ فِیهَا فَیَصِحُّ تَنَاوُلُ الْخَرَاجِ وَالْمُقَاسَمَهِ مِنْهُ بِهِبَهٍ ، وَشِرَاءٍ ، وَاسْتِقْطَاعٍ ، وَغَیْرِهَا مِمَّا یَقْتَضِیهِ حُکْمُهُ شَرْعًا .

وَمَا یُمْکِنُ اسْتِقْلَالُ نَائِبِ الْإِمَامِ بِهِ وَهُوَ الْحَاکِمُ الشَّرْعِیُّ فَأَمْرُهُ إلَیْهِ یَصْرِفُهُ فِی مَصَالِحِ الْمُسْلِمِینَ کَالْأَصْلِ . ( وَلَا یَجُوزُ بَیْعُهَا ) أَیْ : بَیْعُ الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَهِ عَنْوَهً الْمُحْیَاهَ حَالَ الْفَتْحِ ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِینَ قَاطِبَهً مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ ذَلِکَ الْیَوْمَ ، وَمَنْ یَتَجَدَّدُ إلَی یَوْمِ الْقِیَامَهِ ، لَا بِمَعْنَی مِلْکِ الرَّقَبَهِ ، بَلْ بِالْمَعْنَی السَّابِقِ .

وَهُوَ صَرْفُ حَاصِلِهَا فِی مَصَالِحِهِمْ .

( وَلَا هِبَتُهَا ، وَلَا وَقْفُهَا ، وَلَا نَقْلُهَا ) بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُمَلَّکَهِ لِمَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْعِلَّهِ .

( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ بِهِ جَمَاعَهٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِینَ وَمِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِی کِتَابِ الْبَیْعِ اخْتِیَارُهُ لَهُ : ( أَنَّهُ یَجُوزُ ) جَمِیعُ مَا ذُکِرَ مِنْ الْبَیْعِ وَالْوَقْفِ وَغَیْرِهِ ( تَبَعًا لِآثَارِ الْمُتَصَرِّفِ ) مِنْ بِنَاءٍ ، وَغَرْسٍ وَیَسْتَمِرُّ الْحُکْمُ مَا دَامَ شَیْءٌ مِنْ الْأَثَرِ بَاقِیًا ، فَإِذَا زَالَ رَجَعَتْ الْأَرْضُ إلَی حُکْمِهَا الْأَوَّلِ .

وَلَوْ کَانَتْ مَیْتَهً حَالَ الْفَتْحِ ، أَوْ عَرَضَ لَهَا الْمَوْتَانُ ثُمَّ أَحْیَاهَا مُحْیٍ ، أَوْ اشْتَبَهَ حَالُهَا حَالَتَهُ ، أَوْ وُجِدَتْ فِی یَدِ أَحَدٍ یَدَّعِی مِلْکَهَا حَیْثُ لَا یُعْلَمُ فَسَادُ دَعْوَاهُ فَهِیَ کَغَیْرِهَا مِنْ الْأَرْضِینَ الْمَمْلُوکَهِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ یَتَصَرَّفُ بِهَا الْمَالِکُ کَیْفَ شَاءَ بِغَیْرِ إشْکَالٍ .

(وَشُرُوطُ الْإِحْیَاءِ )

الْمُمَلِّکُ لِلْمُحْیِی ( سِتَّهٌ : انْتِفَاءُ یَدِ الْغَیْرِ ) عَنْ الْأَرْضِ الْمَیْتَهِ ، فَلَوْ کَانَ عَلَیْهَا یَدٌ مُحْتَرَمَهٌ لَمْ یَصِحَّ إحْیَاؤُهَا لِغَیْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْیَدَ تَدُلُّ عَلَی الْمِلْکِ ظَاهِرًا إذَا لَمْ یُعْلَمْ انْتِفَاءُ سَبَبٍ صَحِیحٍ لِلْمِلْکِ أَوْ الْأَوْلَوِیَّهِ ، وَإِلَّا لَمْ یُلْتَفَتْ إلَی الْیَدِ .

.( وَانْتِفَاءُ مِلْکٍ سَابِقٍ ) لِلْأَرْضِ قَبْلَ مَوْتِهَا لِمُسْلِمٍ ، أَوْ مُسَالِمٍ فَلَوْ کَانَتْ مَمْلُوکَهً لِأَحَدِهِمَا لَمْ یَصِحَّ إحْیَاؤُهَا لِغَیْرِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْکِ السَّابِقِ وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مَبْنِیَّانِ عَلَی مَا سَبَقَ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْمِلْکِ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِیهِ مِنْ التَّفْصِیلِ الْمُخْتَارِ .

( وَانْتِفَاءُ کَوْنِهِ حَرِیمًا لِعَامِرٍ ) ؛ لِأَنَّ مَالِکَ الْعَامِرِ اسْتَحَقَّ حَرِیمَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهِ وَمِمَّا یَتَوَقَّفُ کَمَالُ انْتِفَاعِهِ عَلَیْهِ ، وَسَیَأْتِی تَفْصِیلُ الْحَرِیمِ ( وَانْتِفَاءُ کَوْنِهِ مَشْعَرًا ) أَیْ : مَحَلًّا ( لِلْعِبَادَهِ ) کَعَرَفَهَ ، وَالْمَشْعَرِ وَمِنًی وَلَوْ کَانَ یَسِیرًا لَا یَمْنَعُ الْمُتَعَبِّدِینَ ، سَدًّا لِبَابِ مُزَاحَمَهِ النَّاسِکِینَ ، وَلِتَعَلُّقِ حُقُوقِ النَّاسِ کَافَّهً بِهَا فَلَا یَسُوغُ تَمَلُّکُهَا مُطْلَقًا لِأَدَائِهِ إلَی تَفْوِیتِ هَذَا الْغَرَضِ الشَّرْعِیِّ .

وَجَوَّزَ الْمُحَقِّقُ الْیَسِیرَ مِنْهُ ؛ لِعَدَمِ الْإِضْرَارِ مَعَ أَنَّهُ غَیْرُ مِلْکٍ لِأَحَدٍ .

وَهُوَ نَادِرٌ وَعَلَیْهِ لَوْ عَمَدَ بَعْضُ الْحَاجِّ فَوَقَفَ بِهِ لَمْ یَجُزْ ، لِلنَّهْیِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِی مِلْکِ الْغَیْرِ ؛ لِأَنَّا بَنَیْنَا عَلَیْهِ وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعِبَادَهِ الَّتِی هِیَ عِبَارَهٌ عَنْ الْکَوْنِ وَمِنْ ضَرُورِیَّاتِهِ الْمَکَانُ .

.وَلِلْمُصَنِّفِ تَفْرِیعًا عَلَیْهِ وَجْهٌ بِالْجَوَازِ جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ وَآخَرُ بِالتَّفْصِیلِ بِضِیقِ الْمَکَانِ فَیَجُوزُ ، وَبِسَعَتِهِ فَلَا ، وَإِثْبَاتُ الْمِلْکِ مُطْلَقًا یَأْبَاهُمَا ، وَإِنَّمَا یَتَوَجَّهَانِ لَوْ جَعَلَهُ مَشْرُوطًا بِأَحَدِ الْأَمْرَیْنِ .

( أَوْ مُقْطَعًا ) مِنْ النَّبِیِّ صَلَّیاللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ، أَوْ الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِأَحَدِ الْمُسْلِمِینَ ؛ لِأَنَّ الْمُقْطَعَ لَهُ یَصِیرُ أَوْلَی مِنْ غَیْرِهِ کَالتَّحْجِیرِ فَلَا یَصِحُّ لِغَیْرِهِ التَّصَرُّفُ بِدُونِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ یُفِدْ مِلْکًا ، وَقَدْ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِیقَ وَهُوَ وَادٍ بِظَاهِرِ الْمَدِینَهِ وَاسْتَمَرَّ تَحْتَ یَدِهِ إلَی وِلَایَهِ عُمَرَ ، وَأَقْطَعَ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ حُضْرَ فَرَسِهِ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَهِ الْمَضْمُومَهِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَهِ وَهُوَ عَدْوُهُ - مِقْدَارَ مَا جَرَی فَأَجْرَی فَرَسَهُ حَتَّی قَامَ أَیْ : عَجَزَ عَنْ التَّقَدُّمِ فَرَمَی بِسَوْطِهِ طَلَبًا لِلزِّیَادَهِ عَلَی الْحُضْرِ فَأَعْطَاهُ مِنْ حَیْثُ وَقَعَ السَّوْطُ ، وَأَقْطَعَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ غَیْرَهُمَا مَوَاضِعَ أُخَرَ .

( أَوْ مَحْجَرًا ) أَیْ : مَشْرُوعًا فِی إحْیَائِهِ شُرُوعًا لَمْ یَبْلُغْ حَدَّ الْإِحْیَاءِ فَإِنَّهُ بِالشُّرُوعِ یُفِیدُ أَوْلَوِیَّهً لَا یَصِحُّ لِغَیْرِهِ التَّخَطِّی إلَیْهِ ، وَإِنْ لَمْ یُفِدْ مِلْکًا فَلَا یَصِحُّ بَیْعُهُ .

لَکِنْ یُوَرَّثُ وَیَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَیْهِ ، إلَّا أَنْ یُهْمَلَ الْإِتْمَامَ ، فَلِلْحَاکِمِ حِینَئِذٍ إلْزَامُهُ بِهِ ، أَوْ رَفْعُ یَدِهِ عَنْهُ ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَذِنَ لِغَیْرِهِ فِی الْإِحْیَاءِ ، وَإِنْ اعْتَذَرَ بِشَاغِلٍ أَمْهَلَهُ مُدَّهً یَزُولُ عُذْرُهُ فِیهَا ، وَلَا یَتَخَطَّی غَیْرَهُ إلَیْهَا مَا دَامَ مُمْهَلًا .

وَفِی الدُّرُوسِ جَعَلَ الشُّرُوطَ تِسْعَهً ، وَجَعَلَ مِنْهَا إذْنَ الْإِمَامِ مَعَ حُضُورِهِ ، وَوُجُودِ مَا یُخْرِجُهَا عَنْ الْمَوَاتِ بِأَنْ یَتَحَقَّقَ الْإِحْیَاءُ إذْ لَا مِلْکَ قَبْلَ کَمَالِ الْعَمَلِ الْمُعْتَبَرِ فِیهِ ، وَإِنْ أَفَادَ الشُّرُوعَ تَحْجِیرًا لَا یُفِیدُ سِوَی الْأَوْلَوِیَّهِ کَمَا مَرَّ وَقَصَدَ التَّمَلُّکَ فَلَوْ فَعَلَ أَسْبَابَ الْمِلْکِ بِقَصْدِ غَیْرِهِ أَوَّلًا مَعَ قَصْدٍ لَمْ یَمْلِکْ کَحِیَازَهِ سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الِاصْطِیَادِ ، وَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ .

وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَدْ ذَکَرَهُ هُنَا فِی أَوَّلِ الْکِتَابِ . وَالثَّانِی یَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهَا شُرُوطَ الْإِحْیَاءِ مُضَافًا إلَی مَا سَیَأْتِی مِنْ قَوْلِهِ : وَالْمَرْجِعُ فِی الْإِحْیَاءِ إلَی الْعُرْفِ إلَخْ .

وَالثَّالِثُ یُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِی أَوَّلِ الْکِتَابِ : یَتَمَلَّکُهُ مَنْ أَحْیَاهُ إذْ التَّمَلُّکُ یَسْتَلْزِمُ الْقَصْدَ إلَیْهِ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ یَتَمَلَّکُهُ بِالتَّاءِ بَعْدَ الْیَاءِ ، وَیُوجَدُ فِی بَعْضِهَا یَمْلِکُهُ .

وَهُوَ لَا یُفِیدُ .

وَیُمْکِنُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ حُکْمِهِ بِرُجُوعِهِ إلَی الْعُرْفِ لِمَنْ أَرَادَ الزَّرْعَ ، وَلِمَنْ أَرَادَ الْبَیْتَ فَإِنَّ الْإِرَادَهَ لِمَا ذُکِرَ ، وَنَحْوُهُ تَکْفِی فِی قَصْدِ التَّمَلُّکِ وَإِنْ لَمْ یَقْصِدْهُ بِخُصُوصِهِ . وَحَیْثُ بَیَّنَ أَنَّ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ لَا یَکُونَ حَرِیمًا لِعَامِرٍ نَبَّهَ هُنَا عَلَی بَیَانِ حَرِیمِ بَعْضِ الْأَمْلَاکِ بِقَوْلِهِ : ( وَحَرِیمُ الْعَیْنِ أَلْفُ ذِرَاعٍ ) حَوْلَهَا مِنْ کُلِّ جَانِبٍ ( فِی ) الْأَرْضِ ( الرِّخْوَهِ ، وَخَمْسُمِائَهٍ فِی الصُّلْبَهِ ) بِمَعْنَی أَنَّهُ لَیْسَ لِلْغَیْرِ اسْتِنْبَاطُ عَیْنٍ أُخْرَی فِی هَذَا الْقَدْرِ .

لَا الْمَنْعُ مِنْ مُطْلَقِ الْإِحْیَاءِ .

وَالتَّحْدِیدُ بِذَلِکَ هُوَ الْمَشْهُورُ رِوَایَهً وَفَتْوَی .

وَحَدَّهُ ابْنُ الْجُنَیْدِ بِمَا یَنْتَفِی مَعَهُ الضَّرَرُ ، وَمَالَ إلَیْهِ الْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ اسْتِضْعَافًا لِلْمَنْصُوصِ ، وَاقْتِصَارًا عَلَی مَوْضِعِ الضَّرَرِ وَتَمَسُّکًا بِعُمُومِ نُصُوصِ جَوَازِ الْإِحْیَاءِ ، وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الْعَیْنِ الْمَمْلُوکَهِ وَالْمُشْتَرَکَهِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ .

وَالْمَرْجِعُ فِی الرَّخَاوَهِ ، وَالصَّلَابَهِ إلَی الْعُرْفِ . ( وَحَرِیمُ بِئْرِ النَّاضِحِ ) وَهُوَ الْبَعِیرُ الَّذِی یُسْتَقَی عَلَیْهِ لِلزَّرْعِ ، وَغَیْرِهِ ( سِتُّونَ ذِرَاعًا ) مِنْ جَمِیعِ الْجَوَانِبِ ، وَلَا یَجُوزُ إحْیَاؤُهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ أُخْرَی ، وَلَا غَیْرِهِ . ( وَ ) حَرِیمُ بِئْرِ ( الْمَعْطِنِ ) وَاحِدُ الْمَعَاطِنِ وَهِیَ مَبَارِکُ الْإِبِلِ عِنْدَ الْمَاءِ لِتَشْرَبَ قَالَهُ الْجَوْهَرِیُّ ، وَالْمُرَادُ الْبِئْرُ الَّتِی یُسْتَقَی مِنْهَا لِشُرْبِ الْإِبِلِ ( أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ) مِنْ کُلِّ جَانِبٍ کَمَا مَرَّ . ( وَحَرِیمُ الْحَائِطِ مَطْرَحُ آلَاتِهِ ) مِنْ حَجَرٍ ، وَتُرَابٍ ، وَغَیْرِهِمَا عَلَی تَقْدِیرِ الْهَدَّامَهِ لِمَسِیسِ الْحَاجَهِ إلَیْهِ عِنْدَهُ . ( وَحَرِیمُ الدَّارِ مَطْرَحُ تُرَابِهَا وَرَمَادِهَا .

وَکُنَاسَتِهَا ) ، ( وَثُلُوجِهَا ، وَمَسِیلُ مَائِهَا ) حَیْثُ یُحْتَاجُ إلَیْهِمَا .

( وَمَسْلَکُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فِی صَوْبِ الْبَابِ ) إلَی أَنْ یَصِلَ إلَی الطَّرِیقِ أَوْ الْمُبَاحِ وَلَوْ بِازْوِرَارٍ لَا یُوجِبُ ضَرَرًا کَثِیرًا ، أَوْ بُعْدًا وَیُضَمُّ إلَی ذَلِکَ حَرِیمُ حَائِطِهَا بِمَا سَلَفَ .

وَلَهُ مَنْعُ مَنْ یَحْفِرُ بِقُرْبِ حَائِطِهِ بِئْرًا ، أَوْ نَهْرًا ، أَوْ یَغْرِسُ شَجَرَهً تَضُرُّ بِحَائِطِهِ أَوْ دَارِهِ وَکَذَا لَوْ غَرَسَ فِی مِلْکِهِ ، أَوْ أَرْضٍ أَحْیَاهَا مَا تَبْرُزُ أَغْصَانُهُ ، أَوْ عُرُوقُهُ إلَی الْمُبَاحِ وَلَوْ بَعْدَ حِینٍ لَمْ یَکُنْ لِغَیْرِهِ إحْیَاؤُهُ وَلِلْغَارِسِ مَنْعُهُ ابْتِدَاءً .

هَذَا کُلُّهُ إذَا أَحْیَا هَذِهِ الْأَشْیَاءَ فِی الْمَوَاتِ ، أَمَّا الْأَمْلَاکُ الْمُتَلَاصِقَهُ فَلَا حَرِیمَ لِأَحَدِهَا عَلَی جَارِهِ ؛ لِتَعَارُضِهَا فَإِنَّ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا حَرِیمٌ بِالنِّسْبَهِ إلَی جَارِهِ وَلَا أَوْلَوِیَّهَ ؛ وَلِأَنَّ مِنْ الْمُمْکِنِ شُرُوعَهُمْ فِی الْإِحْیَاءِ دَفْعَهً فَلَمْ یَکُنْ لِوَاحِدٍ عَلَی آخَرَ حَرِیمٌ .

(وَالْمَرْجِعُ فِی الْإِحْیَاءِ إلَی الْعُرْفِ )

(وَالْمَرْجِعُ فِی الْإِحْیَاءِ إلَی الْعُرْفِ )

؛ لِعَدَمِ وُرُودِ شَیْءٍ مُعَیَّنٍ فِیهِ مِنْ الشَّارِعِ ( کَعَضُدِ الشَّجَرِ ) مِنْ الْأَرْضِ ( وَقَطْعِ الْمِیَاهِ الْغَالِبَهِ ) عَلَیْهَا ( وَالتَّحْجِیرُ ) حَوْلَهَا ( بِحَائِطٍ ) مِنْ طِینٍ ، أَوْ حَجَرٍ ( أَوْ مِرْزٍ ) بِکَسْرِ الْمِیمِ - وَهُوَ جَمْعُ التُّرَابِ حَوْلَ مَا یُرِیدُ إحْیَاؤُهُ مِنْ الْأَرْضِ لِیَتَمَیَّز عَنْ غَیْرِهِ ( أَوْ مُسْنَاهٍ ) بِضَمِّ الْمِیمِ - وَهُوَ نَحْوُ الْمِرْزِ ، وَرُبَّمَا کَانَ أَزْیَدَ مِنْهُ تُرَابًا .

وَمِثْلُهُ نَصْبُ الْقَصَبِ وَالْحَجَرِ ، وَالشَّوْکِ ، وَنَحْوِهَا حَوْلَهَا ( وَسَوْقُ الْمَاءِ ) إلَیْهَا حَیْثُ یَحْتَاجُ إلَی السَّقْیِ ( أَوْ اعْتِیَادِ الْغَیْثِ ) .

کُلُّ ذَلِکَ ( لِمَنْ أَرَادَ الزَّرْعَ وَالْغَرْسَ ) بِإِحْیَاءِ الْأَرْضِ .

وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَهِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِی یُرَادُ إحْیَاؤُهَا لِلزِّرَاعَهِ لَوْ کَانَتْ مُشْتَمِلَهً عَلَی شَجَرٍ وَالْمَاءُ مُسْتَوْلٍ عَلَیْهَا لَا یَتَحَقَّقُ إحْیَاؤُهَا إلَّا بِعَضُدِ شَجَرِهَا وَقَطْعِ الْمَاءِ عَنْهَا ، وَنَصْبِ حَائِطٍ وَشَبَهِهِ حَوْلَهَا ، وَسَوْقِ مَا یَحْتَاجُ إلَیْهِ مِنْ الْمَاءِ إلَیْهَا إنْ کَانَتْ مِمَّا تَحْتَاجُ إلَی السَّقْیِ بِهِ فَلَوْ أَخَلَّ بِأَحَدِ هَذِهِ لَا یَکُونُ إحْیَاءً ، بَلْ تَحْجِیرًا ، وَإِنَّمَا جَمَعَ بَیْنَ قَطْعِ الْمَاءِ وَسَوْقِهِ إلَیْهَا لِجَوَازِ أَنْ یَکُونَ الْمَاءُ الَّذِی یَحْتَاجُ إلَی قَطْعِهِ غَیْرَ مُنَاسِبٍ لِلسَّقْیِ بِأَنْ یَکُونَ وُصُولُهُ إلَیْهَا عَلَی وَجْهِ الرَّشْحِ الْمُضِرِّ بِالْأَرْضِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْفَعَ فِی السَّقْیِ وَنَحْوِ ذَلِکَ وَإِلَّا فَلَوْ کَانَ کَثِیرًا یُمْکِنُ السَّقْیُ بِهِ کَفَی قَطْعُ الْقَدْرِ الْمُضِرِّ مِنْهُ وَإِبْقَاءُ الْبَاقِی لِلسَّقْیِ .

وَلَوْ جَعَلَ الْوَاوَ فِی هَذِهِ الْأَشْیَاءِ بِمَعْنَی أَوْ کَانَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا کَافِیًا فِی تَحْقِیقِ الْإِحْیَاءِ ، لَکِنْ لَا یَصِحُّ فِی بَعْضِهَا ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَتِهَا سَوْقَ الْمَاءِ أَوْ اعْتِیَادَ الْغَیْثِ ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُعْتَادَ لِسَقْیِ الْغَیْثِ لَا یَتَوَقَّفُ إحْیَاؤُهُ عَلَی شَیْءٍ مِنْ ذَلِکَ .

وَعَلَی الْأَوَّلِ لَوْ فَرَضَ عَدَمَ الشَّجَرِ ، أَوْ عَدَمَ الْمِیَاهِ الْغَالِبَهِ لَمْ یَکُنْ مِقْدَارُ مَا یُعْتَبَرُ فِی الْإِحْیَاءِ مَذْکُورًا وَیَکْفِی کُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا یَبْقَی عَلَی الثَّانِی .

وَفِی الدُّرُوسِ اقْتَصَرَ عَلَی حُصُولِهِ بِعَضُدِ الْأَشْجَارِ وَالتَّهْیِئَهِ لِلِانْتِفَاعِ ، وَسَوْقِ الْمَاءِ ، أَوْ اعْتِیَادِ الْغَیْثِ ، وَلَمْ یُشْتَرَطْ الْحَائِطُ وَالْمُسْنَاهُ ، بَلْ اشْتَرَطَ أَنْ یُبَیِّنَ الْحَدَّ بِمِرْزٍ وَشِبْهِهِ ، قَالَ : وَیَحْصُلُ الْإِحْیَاءُ أَیْضًا بِقَطْعِ الْمِیَاهِ الْغَالِبَهِ .

وَظَاهِرُهُ الِاکْتِفَاءُ بِهِ عَنْ الْبَاقِی أَجْمَعَ ، وَبَاقِی عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ مُخْتَلِفَهٌ فِی ذَلِکَ کَثِیرًا .

وَالْأَقْوَی الِاکْتِفَاءُ بِکُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَهِ السَّابِقَهِ مَعَ سَوْقِ الْمَاءِ حَیْثُ یُفْتَقَرُ إلَیْهِ ، وَإِلَّا اکْتَفَی بِأَحَدِهَا خَاصَّهً ، هَذَا إذَا لَمْ یَکُنْ الْمَانِعَانِ الْأَوَّلَانِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَوْجُودًا ، وَإِلَّا لَمْ یُکْتَفَ بِالْبَاقِی فَلَوْ کَانَ الشَّجَرُ مُسْتَوْلِیًا عَلَیْهَا وَالْمَاءُ کَذَلِکَ لَمْ یَکْفِ الْحَائِطُ ، وَکَذَا أَحَدُهُمَا وَکَذَا لَوْ کَانَ الشَّجَرُ لَمْ یَکْفِ دَفْعُ الْمَاءِ ، وَبِالْعَکْسِ لِدَلَالَهِ الْعُرْفِ عَلَی ذَلِکَ کُلِّهِ .

أَمَّا الْحَرْثُ وَالزَّرْعُ فَغَیْرُ شَرْطٍ فِیهِ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْمُحْیِی کَالسُّکْنَی لِمُحْیِی الدَّارِ .

نَعَمْ لَوْ کَانَتْ الْأَرْضُ مُهَیَّأَهً لِلزِّرَاعَهِ وَالْغَرْسِ لَا یَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَی الْمَاءِ کَفَی سَوْقُ الْمَاءِ إلَیْهَا مَعَ غَرْسِهَا ، أَوْ زَرْعِهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ یَکُونُ بِمَنْزِلَهِ تَمَیُّزِهَا بِالْمِرْزِ ، وَشِبْهِهِ ( وَکَالْحَائِطِ ) وَلَوْ بِخَشَبٍ ، أَوْ قَصَبٍ ( لِمَنْ أَرَادَ ) بِإِحْیَاءِ الْأَرْضِ ( الْحَظِیرَهَ ) الْمُعَدَّهَ لِلْغَنَمِ وَنَحْوِهِ أَوْ لِتَجْفِیفِ الثِّمَارِ أَوْ لِجَمْعِ الْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْحَشِیشِ وَشِبْهِ ذَلِکَ ، وَإِنَّمَا اُکْتُفِیَ فِیهَا بِالْحَائِطِ ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ عُرْفًا فِیهَا ( وَ ) کَالْحَائِطِ ( مَعَ السَّقْفِ ) بِخَشَبٍ ، أَوْ عُقَدٍ ، أَوْ طُرَحٍ بِحَسَبِ الْمُعْتَادِ ( إنْ أَرَادَ الْبَیْتَ ) وَاکْتَفَی فِی التَّذْکِرَهِ فِی تَمَلُّکِ قَاصِدِ السُّکْنَی بِالْحَائِطِ الْمُعْتَبَرِ فِی الْحَظِیرَهِ وَغَیْرِهِ مِنْ الْأَقْسَامِ الَّتِی یَحْصُلُ بِهَا الْإِحْیَاءُ لِنَوْعٍ مَعَ قَصْدِ غَیْرِهِ الَّذِی لَا یَحْصُلُ بِهِ .

وَأَمَّا تَعْلِیقُ الْبَابِ لِلْحَظِیرَهِ وَالْمَسَاکِنِ فَلَیْسَ بِمُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ لَا لِتَوَقُّفِ السُّکْنَی عَلَیْهِ .

(الْقَوْلُ فِی الْمُشْتَرَکَاتِ )

بَیْنَ النَّاسِ فِی الْجُمْلَهِ وَإِنْ کَانَ بَعْضُهَا مُخْتَصًّا بِفَرِیقٍ خَاصٍّ وَهِیَ أَنْوَاعٌ تَرْجِعُ أُصُولُهَا إلَی ثَلَاثَهٍ : الْمَاءُ ، وَالْمَعْدِنُ ، وَالْمَنَافِعُ وَالْمَنَافِعُ سِتَّهٌ : الْمَسَاجِدُ وَالْمَشَاهِدُ ، وَالْمَدَارِسُ ، وَالرِّبَاطُ ، وَالطُّرُقُ ، وَمَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ .

وَقَدْ أَشَارَ إلَیْهَا الْمُصَنِّفُ فِی خَمْسَهِ أَقْسَامٍ .

( فَمِنْهَا الْمَسْجِدُ ) وَفِی مَعْنَاهُ الْمَشْهَدُ ( فَمَنْ سَبَقَ إلَی مَکَان مِنْهُ فَهُوَ أَوْلَی بِهِ ) مَا دَامَ بَاقِیًا فِیهِ .

( فَلَوْ فَارَقَ ) وَلَوْ لِحَاجَهٍ کَتَجْدِیدِ طَهَارَهٍ أَوْ إزَالَهِ نَجَاسَهٍ ( بَطَلَ حَقُّهُ ) وَإِنْ کَانَ نَاوِیًا لِلْعَوْدِ ( إلَّا أَنْ یَکُونَ رَحْلُهُ ) وَهُوَ شَیْءٌ مِنْ أَمْتِعَتِهِ وَلَوْ سُبْحَتَهُ وَمَا یَشُدُّ بِهِ وَسَطَهُ ، وَخُفَّهُ ( بَاقِیًا ) فِی الْمَوْضِعِ ( وَ ) مَعَ ذَلِکَ ( یَنْوِی الْعَوْدَ ) .

فَلَوْ فَارَقَ لَا بِنِیَّهِ الْعَوْدِ سَقَطَ حَقُّهُ وَإِنْ کَانَ رَحْلُهُ بَاقِیًا .

وَهَذَا الشَّرْطُ لَمْ یَذْکُرْهُ کَثِیرٌ .

وَهُوَ حَسَنٌ ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ یُفِیدُ أَوْلَوِیَّهً فَإِذَا فَارَقَ بِنِیَّهِ رَفْعِ الْأَوْلَوِیَّهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا .

وَالرَّحْلُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِی الِاسْتِحْقَاقِ بِمُجَرَّدِهِ مَعَ احْتِمَالِهِ ، لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَالْفَتْوَی ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَهُ عَلَی الْأَوَّلِ لَوْ کَانَ رَحْلُهُ لَا یَشْغَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ فِی الْجُلُوسِ وَالصَّلَاهِ ، ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ هُوَ الْمُسْتَثْنَی عَلَی تَقْدِیرِ الْأَوْلَوِیَّهِ فَلَوْ کَانَ کَبِیرًا یَسَعُ ذَلِکَ فَالْحَقُّ بَاقٍ مِنْ حَیْثُ عَدَمُ جَوَازِ رَفْعِهِ بِغَیْرِ إذْنِ مَالِکِهِ ، وَکَوْنِهِ فِی مَوْضِعٍ مُشْتَرَکٍ کَالْمُبَاحِ ، مَعَ احْتِمَالِ سُقُوطِ حَقِّهِ مُطْلَقًا عَلَی ذَلِکَ التَّقْدِیرِ فَیَصِحُّ رَفْعُهُ لِأَجْلِ غَیْرِهِ حَذَرًا مِنْ تَعْطِیلِ بَعْضِ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ .

ثُمَّ عَلَی تَقْدِیرِ الْجَوَازِ هَلْ یَضْمَنُ الرَّحْلَ رَافِعُهُ یَحْتَمِلُهُ ، لِصِدْقِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ الْمُنَافَاهِ بَیْنَ جَوَازِ رَفْعِهِ وَالضَّمَانِ .

جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ ، وَلِعُمُومِ { عَلَی الْیَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّی تُؤَدِّیَ } ، وَعَدَمِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فَیَکُونُ تَفْرِیغُهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَهِ رَفْعِهِ مِنْ مِلْکِهِ .

وَلَمْ أَجِدْ فِی هَذِهِ الْوُجُوهِ کَلَامًا یُعْتَدُّ بِهِ ، وَعَلَی تَقْدِیرِ بَقَاءِ الْحَقِّ لِبَقَائِهِ ، أَوْ بَقَاءِ رَحْلِهِ فَأَزْعَجَهُ مُزْعِجٌ فَلَا شُبْهَهَ فِی إثْمِهِ .

وَهَلْ یَصِیرُ أَوْلَی مِنْهُ بَعْدَ ذَلِکَ یَحْتَمِلُهُ ، لِسُقُوطِ حَقِّ الْأَوَّلِ بِالْمُفَارَقَهِ ، وَعَدَمِهِ ، لِلنَّهْیِ فَلَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ حَقٌّ .

وَالْوَجْهَانِ آتِیَانِ فِی رَفْعِ کُلِّ أَوْلَوِیَّهٍ ، وَقَدْ ذَکَرَ جَمَاعَهٌ مِنْ الْأَصْحَابِ : أَنَّ حَقَّ أَوْلَوِیَّهِ التَّحْجِیرِ لَا یَسْقُطُ بِتَغَلُّبِ غَیْرِهِ ، وَیَتَفَرَّعُ عَلَی ذَلِکَ صِحَّهُ صَلَاهِ الثَّانِی ، وَعَدَمِهِ ، وَاشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ فِی الذِّکْرَی فِی بَقَاءِ حَقِّهِ مَعَ بَقَاءِ الرَّحْلِ أَنْ لَا یَطُولَ الْمُکْثُ ، وَفِی التَّذْکِرَهِ اسْتَقْرَبَ بَقَاءَ الْحَقِّ مَعَ الْمُفَارَقَهِ لِعُذْرٍ کَإِجَابَهِ دَاعٍ .

وَتَجْدِیدِ وُضُوءٍ ، وَقَضَاءِ حَاجَهٍ ، وَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ رَحْلٌ . ( وَلَوْ اسْتَبَقَ اثْنَانِ ) دَفْعَهً إلَی مَکَانِ وَاحِدٍ ( وَلَمْ یُمْکِنْ الْجَمْعُ ) بَیْنَهُمَا ( أَقْرَعَ ) ، لِانْحِصَارِ الْأَوْلَوِیَّهِ فِیهِمَا ، وَعَدَمِ إمْکَانِ الْجَمْعِ فَهُوَ لِأَحَدِهِمَا إذْ مَنْعُهُمَا مَعًا بَاطِلٌ ، وَالْقُرْعَهُ لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْکِلٍ مَعَ احْتِمَالِ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَهَ لِتَبْیِینِ الْمَجْهُولِ عِنْدَنَا الْمُعَیَّنِ فِی نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَلَیْسَ کَذَلِکَ هُنَا .

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُکْمَ بِالْقُرْعَهِ غَیْرُ مُنْحَصِرٍ فِی مَا ذُکِرَ ، وَعُمُومُ الْخَبَرِ یَدْفَعُهُ وَالرُّجُوعُ إلَیْهَا هُنَا هُوَ الْوَجْهُ ، وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ بَیْنَ الْمُعْتَادِ لِبُقْعَهٍ مُعَیَّنَهٍ ، وَغَیْرِهِ ، وَإِنْ کَانَ اعْتِیَادُهُ لِدَرْسٍ وَإِمَامَهٍ ، وَلَا بَیْنَ الْمُفَارِقِ فِی أَثْنَاءِ الصَّلَاهِ ، وَغَیْرِهِ ، لِلْعُمُومِ .

وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ بَقَاءَ أَوْلَوِیَّهِ الْمُفَارِقِ فِی أَثْنَائِهَا اضْطِرَارًا ، إلَّا أَنْ یَجِدَ مَکَانًا مُسَاوِیًا لِلْأَوَّلِ ، أَوْ أَوْلَی مِنْهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا صَلَاهٌ وَاحِدَهٌ فَلَا یُمْنَعُ مِنْ إتْمَامِهَا .

وَلَا یَخْفَی مَا فِیهِ . ( وَمِنْهَا الْمَدْرَسَهُ ، وَالرِّبَاطُ فَمَنْ سَکَنَ بَیْتًا مِنْهُمَا ) ، أَوْ أَقَامَ بِمَکَانٍ مَخْصُوصٍ ( مِمَّنْ لَهُ السُّکْنَی ) بِأَنْ یَکُونَ مُتَّصِفًا بِالْوَصْفِ الْمُعْتَبَرِ فِی الِاسْتِحْقَاقِ ، إمَّا فِی أَصْلِهِ بِأَنْ یَکُونَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ فِی الْمَدْرَسَهِ أَوْ بِحَسَبِ الشَّرْطِ بِأَنْ تَکُونَ مَوْقُوفَهً عَلَی قَبِیلَهٍ مَخْصُوصَهٍ ، أَوْ نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ ، أَوْ الْمَذَاهِبِ وَیَتَّصِفُ السَّاکِنُ بِهِ ( فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ تَطَاوَلَتْ الْمُدَّهُ ، إلَّا مَعَ مُخَالَفَهِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ) بِأَنْ یَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَمَدًا فَیَنْتَهِی .

وَاحْتَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ فِی الْمَدْرَسَهِ ، وَنَحْوِهَا الْإِزْعَاجَ إذَا تَمَّ غَرَضُهُ مِنْ ذَلِکَ ، وَقَوِیَ الِاحْتِمَالُ إذَا تَرَکَ التَّشَاغُلَ بِالْعِلْمِ ، وَإِنْ لِمَ یَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَدْرَسَهِ ذَلِکَ ( وَلَهُ أَنْ یَمْنَعَ مَنْ یُشَارِکُهُ ) ، لِمَا فِیهَا مِنْ الضَّرَرِ ( إذَا کَانَ الْمَسْکَنُ ) الَّذِی أَقَامَ بِهِ ( مُعَدًّا لِوَاحِدٍ ) فَلَوْ أُعِدَّ لِمَا فَوْقَهُ لَمْ یَکُنْ لَهُ مَنْعُ الزَّائِدِ عَنْهُ إلَّا أَنْ یَزِیدَ عَنْ النِّصَابِ الْمَشْرُوطِ .

( وَلَوْ فَارَقَ ) سَاکِنُ الْمَدْرَسَهِ وَالرِّبَاطِ

( لِغَیْرِ عُذْرٍ بَطَلَ حَقُّهُ ) سَوَاءٌ بَقِیَ رَحْلُهُ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّهُ الْمُفَارَقَهِ أَمْ قَصُرَتْ لِصِدْقِهَا وَخُلُوِّ الْمَکَانِ الْمُوجِبِ لِاسْتِحْقَاقِ غَیْرِهِ إشْغَالَهُ .

وَمَفْهُومُهُ : أَنَّهُ لَوْ فَارَقَ لِعُذْرٍ لَمْ یَسْقُطْ حَقُّهُ مُطْلَقًا .

وَیُشْکِلُ مَعَ طُولِ الْمُدَّهِ ، وَأَطْلَقَ الْأَکْثَرُ بُطْلَانَ حَقِّهِ بِالْمُفَارَقَهِ .

وَفِی التَّذْکِرَهِ أَنَّهُ إذَا فَارَقَ أَیَّامًا قَلِیلَهً لِعُذْرٍ فَهُوَ أَحَقُّ ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ بَقَاءَ الرَّحْلِ ، وَعَدَمَ طُولِ الْمُدَّهِ .

وَفِی الدُّرُوسِ ذَکَرَ فِی الْمَسْأَلَهِ أَوْجُهًا : زَوَالُ حَقِّهِ کَالْمَسْجِدِ .

وَبَقَاؤُهُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِیلَائِهِ جَرَی مَجْرَی الْمَالِکِ .

وَبَقَاؤُهُ إنْ قَصُرَتْ الْمُدَّهُ ، دُونَ مَا إذَا طَالَتْ ، لِئَلَّا یَضُرَّ بِالْمُسْتَحَقِّینَ .

وَبَقَاؤُهُ إنْ خَرَجَ لِضَرُورَهٍ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّهُ ، وَبَقَاؤُهُ إنْ بَقِیَ رَحْلُهُ ، أَوْ خَادِمُهُ ، ثُمَّ اسْتَقْرَبَ تَفْوِیضَ الْأَمْرِ إلَی مَا یَرَاهُ النَّاظِرُ صَلَاحًا .

وَالْأَقْوَی أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ الرَّحْلِ وَقَصْرِ الْمُدَّهِ لَا یَبْطُلُ حَقُّهُ ، وَبِدُونِ الرَّحْلِ یَبْطُلُ ، إلَّا أَنْ یَقْصُرَ الزَّمَانُ بِحَیْثُ لَا یَخْرُجُ عَنْ الْإِقَامَهِ عُرْفًا .

وَیُشْکِلُ الرُّجُوعُ إلَی رَأْیِ النَّاظِرِ مَعَ إطْلَاقِ النَّظَرِ إذْ لَیْسَ لَهُ إخْرَاجُ الْمُسْتَحَقِّ اقْتِرَاحًا فَرَأْیُهُ حِینَئِذٍ فَرْعُ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمِهِ نَعَمْ لَوْ فَوَّضَ إلَیْهِ الْأَمْرَ مُطْلَقًا فَلَا إشْکَالَ . ( وَمِنْهَا الطُّرُقُ - وَفَائِدَتُهَا ) فِی الْأَصْلِ ( الِاسْتِطْرَاقُ وَالنَّاسُ فِیهَا شَرْعٌ ) بِالنِّسْبَهِ إلَی الْمَنْفَعَهِ الْمَأْذُونِ فِیهَا ( وَیُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِی غَیْرِ ذَلِکَ ) الْمَذْکُورِ وَهُوَ الِاسْتِطْرَاقُ ( مِمَّا یَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَهُ الْمَارَّهِ ) لَا مُطْلَقًا ( فَلَا یَجُوزُ الْجُلُوسُ ) بِهَا ( لِلْبَیْعِ وَالشِّرَاءِ ) ، وَغَیْرِهِمَا مِنْ الْأَعْمَالِ ، وَالْأَکْوَانِ ( إلَّا مَعَ السِّعَهِ حَیْثُ لَا ضَرَرَ ) عَلَی الْمَارَّهِ لَوْ مَرُّوا فِی الطَّرِیقِ بِغَیْرِ مَوْضِعِهِ ، وَلَیْسَ لَهُمْ حِینَئِذٍ تَخْصِیصُ الْمَمَرِّ بِمَوْضِعِهِ إذَا کَانَ لَهُمْ عَنْهُ مَنْدُوحَهٌ ، لِثُبُوتِ الِاشْتِرَاکِ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ ، وَإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَی ذَلِکَ فِی جَمِیعِ الْأَصْقَاعِ ، وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَغَیْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِ الذِّمَّهِ مِنْهُ مَا لِلْمُسْلِمِینَ فِی الْجُمْلَهِ .

( فَإِذَا فَارَقَ ) الْمَکَانَ الَّذِی جَلَسَ فِیه

( فَإِذَا فَارَقَ ) الْمَکَانَ الَّذِی جَلَسَ فِیهِ لِلْبَیْعِ

، وَغَیْرِهِ ( بَطَلَ حَقُّهُ ) مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ کَانَ مُتَعَلِّقًا بِکَوْنِهِ فِیهِ وَقَدْ زَالَ وَإِنْ کَانَ رَحْلُهُ بَاقِیًا ؛ لِاخْتِصَاصِ ذَلِکَ بِالْمَسْجِدِ ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَجَمَاعَهٌ بَقَاءَ حَقِّهِ مَعَ بَقَاءِ رَحْلِهِ ، لِقَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " سُوقُ الْمُسْلِمِینَ کَمَسْجِدِهِمْ " وَالطَّرِیقُ عَلَی هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَهِ السُّوقِ ، وَلَا فَرْقَ مَعَ سُقُوطِ حَقِّهِ عَلَی التَّقْدِیرَیْنِ بَیْنَ تَضَرُّرِهِ بِتَفَرُّقِ مُعَامِلِیهِ وَعَدَمِهِ .

وَاحْتَمَلَ فِی الدُّرُوسِ بَقَاءَهُ مَعَ الضَّرَرِ ؛ لِأَنَّ أَظْهَرَ الْمَقَاصِدِ أَنْ یَعْرِفَ مَکَانَهُ لِیَقْصِدَهُ الْمُعَامِلُونَ .

إلَّا مَعَ طُولِ زَمَانِ الْمُفَارَقَهِ ، لِاسْتِنَادِ الضَّرَرِ حِینَئِذٍ إلَیْهِ .

وَفِی التَّذْکِرَهِ قَیَّدَ بَقَاءَ حَقِّهِ مَعَ الرَّحْلِ بِبَقَاءِ النَّهَارِ .

فَلَوْ دَخَلَ اللَّیْلُ سَقَطَ حَقُّهُ مُحْتَجًّا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ حَیْثُ قَالَ فِیهِ : فَمَنْ سَبَقَ إلَی مَکَان فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إلَی اللَّیْلِ .

وَیُشْکِلُ بِأَنَّ الرِّوَایَهَ تَدُلُّ بِإِطْلَاقِهَا عَلَی بَقَاءِ الْحَقِّ إلَی اللَّیْلِ ، سَوَاءٌ کَانَ لَهُ رَحْلٌ أَمْ لَا .

وَالْوَجْهُ بَقَاءُ حَقِّهِ مَعَ بَقَاءِ رَحْلِهِ مَا لَمْ یَطُلْ الزَّمَانُ ، أَوْ یَضُرَّ بِالْمَارَّهِ ، وَلَا فَرْقَ فِی ذَلِکَ بَیْنَ الزَّائِدِ عَنْ مِقْدَارِ الطَّرِیقِ شَرْعًا ، وَمَا دُونَهُ ، إلَّا أَنْ یَجُوزَ إحْیَاءُ الزَّائِدِ فَیَجُوزُ الْجُلُوسُ فِیهِ مُطْلَقًا .

وَحَیْثُ یَجُوزُ لَهُ الْجُلُوسُ یَجُوزُ التَّظْلِیلُ عَلَیْهِ بِمَا لَا یَضُرُّ بِالْمَارَّهِ ، دُونَ التَّسْقِیفِ ، وَبِنَاءِ دَکَّهٍ ، وَغَیْرِهَا ، إلَّا عَلَی الْوَجْهِ الْمُرَخَّصِ فِی الطَّرِیقِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ .

وَکَذَا الْحُکْمُ فِی مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ الْمُبَاحَهِ ، وَلَمْ یَذْکُرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَصَرَّحَ فِی الدُّرُوسِ بِإِلْحَاقِهَا بِمَا ذُکِرَ فِی حُکْمِ الطَّرِیقِ . ( وَمِنْهَا الْمِیَاهُ الْمُبَاحَهُ ) .

کَمِیَاهِ الْعُیُونِ فِی الْمُبَاحِ ، وَالْآبَارِ الْمُبَاحَهِ ، وَالْغُیُوثِ ، وَالْأَنْهَارِ الْکِبَارِ کَالْفُرَاتِ ، وَدِجْلَهَ ، وَالنِّیلِ ، وَالصِّغَارِ الَّتِی لَمْ یُجْرِهَا مُجْرٍ بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ فَإِنَّ النَّاسَ فِیهَا شَرْعٌ ( فَمَنْ سَبَقَ إلَی اغْتِرَافِ شَیْءٍ مِنْهَا فَهُوَ أَوْلَی بِهِ ، وَیَمْلِکُهُ مَعَ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا یُمْلَکُ إلَّا بِالْإِحْرَازِ وَالنِّیَّهِ وَمُقْتَضَی الْعِبَارَهِ أَنَّ الْأَوْلَوِیَّهَ تَحْصُلُ بِدُونِ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ ، بِخِلَافِ الْمِلْکِ ، تَنْزِیلًا لِلْفِعْلِ قَبْلَ النِّیَّهِ مَنْزِلَهَ التَّحْجِیرِ ، وَهُوَ یُشْکِلُ هُنَا بِأَنَّهُ إنْ نَوَی بِالْإِحْرَازِ الْمِلْکَ فَقَدْ حَصَلَ الشَّرْطُ ، وَإِلَّا کَانَ کَالْعَابِثِ لَا یَسْتَفِیدُ أَوْلَوِیَّهً . ( وَمَنْ أَجْرَی مِنْهَا ) أَیْ : مِنْ الْمِیَاهِ الْمُبَاحَهِ ( نَهْرًا ) بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ ( مَلَکَ الْمَاءَ الْمُجْرَی فِیهِ ) عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ، وَحُکِیَ عَنْ الشَّیْخِ إفَادَتُهُ الْأَوْلَوِیَّهَ خَاصَّهً اسْتِنَادًا إلَی قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { النَّاسُ شُرَکَاءُ فِی ثَلَاثٍ : النَّارُ ، وَالْمَاءُ ، وَالْکَلَأُ } ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَی الْمُبَاحِ مِنْهُ دُونَ الْمَمْلُوکِ إجْمَاعًا . ( وَمَنْ أَجْرَی عَیْنًا ) بِأَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْأَرْضِ وَأَجْرَاهَا عَلَی وَجْهِهَا ( فَکَذَلِکَ ) یَمْلِکُهَا مَعَ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ ، وَلَا یَصِحُّ لِغَیْرِهِ أَخْذُ شَیْءٍ مِنْ مَائِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَوْ کَانَ الْمُجْرِی جَمَاعَهً مَلَکُوهُ عَلَی نِسْبَهِ عَمَلِهِمْ ، لَا عَلَی نِسْبَهِ خَرْجِهِمْ ، إلَّا أَنْ یَکُونَ الْخَرْجُ تَابِعًا لِلْعَمَلِ .

وَجَوَّزَ فِی الدُّرُوسِ الْوُضُوءَ ، وَالْغُسْلَ ، وَتَطْهِیرَ الثَّوْبِ مِنْهُ عَمَلًا بِشَاهِدِ الْحَالِ ، إلَّا مَعَ النَّهْیِ وَلَا یَجُوزُ ذَلِکَ مِنْ الْمُحَرِّزِ فِی الْإِنَاءِ ، وَلَا مِمَّا یُظَنُّ الْکَرَاهِیَهُ فِیهِ مُطْلَقًا .

وَلَوْ لَمْ یَنْتَهِ الْحَفْرُ فِی النَّهْرِ ، وَالْعَیْنِ إلَی الْمَاءِ بِحَیْثُ یَجْرِی فِیهِ فَهُوَ تَحْجِیرٌ یُفِیدُ الْأَوْلَوِیَّهَ کَمَا مَرَّ .

(وَکَذَا)یَمْلِکُ الْمَاءَ

( مَنْ احْتَقَنَ شَیْئًا مِنْ مِیَاهِ الْغَیْثِ ، أَوْ السَّیْلِ ) لِتَحَقُّقِ الْإِحْرَازِ مَعَ نِیَّهِ التَّمَلُّکِ کَإِجْرَاءِ النَّهْرِ .

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَجْرَی مَاءَ الْغَیْثِ فِی سَاقِیَهٍ ، وَنَحْوِهَا إلَی مَکَان بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ ، سَوَاءٌ أَحْرَزَهَا فِیهِ أَمْ لَا حَتَّی لَوْ أَحْرَزَهَا فِی مِلْکِ الْغَیْرِ وَإِنْ کَانَ غَاصِبًا لِلْمُحْرَزِ فِیهِ ، إلَّا إذَا أَجْرَاهَا ابْتِدَاءً فِی مِلْکِ الْغَیْرِ فَإِنَّهُ لَا یُفِیدُ مِلْکًا مَعَ احْتِمَالِهِ ، کَمَا لَوْ أَحْرَزَهَا فِی الْآنِیَهِ الْمَغْصُوبَهِ بِنِیَّهِ التَّمَلُّکِ . ( وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا مَلَکَ الْمَاءَ ) الَّذِی یَحْصُلُ فِیهِ ( بِوُصُولِهِ إلَیْهِ ) أَیْ : إلَی الْمَاءِ إذَا قَصَدَ التَّمَلُّکَ ( وَلَوْ قَصَدَ الِانْتِفَاعَ بِالْمَاءِ وَالْمُفَارَقَهَ فَهُوَ أَوْلَی بِهِ مَا دَامَ نَازِلًا عَلَیْهِ ) فَإِذَا فَارَقَهُ بَطَلَ حَقُّهُ ، فَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْمُفَارَقَهِ سَاوَی غَیْرَهُ عَلَی الْأَقْوَی ، وَلَوْ تَجَرَّدَ عَنْ قَصْدِ التَّمَلُّکِ وَالِانْتِفَاعِ فَمُقْتَضَی الْقَوَاعِدِ السَّابِقَهِ عَدَمُ الْمِلْکِ وَالْأَوْلَوِیَّهِ مَعًا کَالْعَابِثِ .

. ( وَمِنْهَا الْمَعَادِنُ ) وَهِیَ قِسْمَانِ : ظَاهِرَهٌ : وَهِیَ الَّتِی لَا یَحْتَاجُ تَحْصِیلُهَا إلَی طَلَبٍ کَالْیَاقُوتِ ، وَالْبِرَامِ وَالْقِیرِ ، وَالنِّفْطِ ، وَالْمِلْحِ ، وَالْکِبْرِیتِ ، وَأَحْجَارِ الرَّحَا ، وَطِینِ الْغُسْلِ .

وَبَاطِنَهٌ : وَهِیَ الْمُتَوَقِّفُ ظُهُورُهَا عَلَی الْعَمَلِ کَالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّهِ ، وَالْحَدِیدِ ، وَالنُّحَاسِ ، وَالرَّصَاصِ ، وَالْبَلُّورِ ، وَالْفَیْرُوزَجِ ( فَالظَّاهِرَهُ لَا تُمْلَکُ بِالْإِحْیَاءِ ) ؛ لِأَنَّ إحْیَاءَ الْمَعْدِنِ إظْهَارُهُ بِالْعَمَلِ ، وَهُوَ غَیْرُ مُتَصَوَّرٍ فِی الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَهِ لِظُهُورِهَا ، بَلْ بِالتَّحْجِیرِ أَیْضًا ؛ لِأَنَّهُ الشُّرُوعُ بِالْإِحْیَاءِ ، وَإِدَارَهِ نَحْوِ الْحَائِطِ إحْیَاءً لِلْأَرْضِ عَلَی وَجْهٍ لَا مُطْلَقًا ، بَلْ النَّاسُ فِیهَا شَرْعٌ ، الْإِمَامُ وَغَیْرُهُ .

( وَلَا یَجُوزُ أَنْ یَقْطَعهَا السُّلْطَانُ الْعَادِلُ ) لِأَحَدٍ عَلَی الْأَشْهَرِ ، لِاشْتِرَاکِ النَّاسِ فِیهَا .

وَرُبَّمَا قِیلَ : بِالْجَوَازِ نَظَرًا إلَی عُمُومِ وِلَایَتِهِ ، وَنَظَرِهِ .

(وَمَنْ سَبَقَ إلَیْهَا فَلَهُ أَخْذُ حَاجَتِهِ )

أَیْ : أَخْذُ مَا شَاءَ وَإِنْ زَادَ عَمَّا یَحْتَاجُ إلَیْهِ ، لِثُبُوتِ الْأَحَقِّیَّهِ بِالسَّبْقِ ، سَوَاءٌ طَالَ زَمَانُهُ أَمْ قَصُرَ .

( فَإِنْ تَوَافَیَا عَلَیْهَا ) دَفْعَهً وَاحِدَهً ( وَأَمْکَنَ الْقِسْمَهُ ) بَیْنَهُمَا ( وَجَبَ قِسْمَهُ الْحَاصِلِ ) بَیْنَهُمَا ، لِتَسَاوِیهِمَا فِی سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَإِمْکَانِ الْجَمْعِ بَیْنَهُمَا فِیهِ بِالْقِسْمَهِ ، وَإِنْ لَمْ یُمْکِنْ الْجَمْعُ بَیْنَهُمَا لِلْأَخْذِ مِنْ مَکَان وَاحِدٍ .

هَذَا إذَا لَمْ یَزِدْ الْمَعْدِنُ عَنْ مَطْلُوبِهِمَا ، وَإِلَّا أَشْکَلَ الْقَوْلُ بِالْقِسْمَهِ ؛ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِمَا بِهِ حِینَئِذٍ ، ( وَإِلَّا ) یُمْکِنُ الْقِسْمَهُ بَیْنَهُمَا لِقِلَّهِ الْمَطْلُوبِ ، أَوْ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لَهَا ( أُقْرِعَ ) ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِی الْأَوْلَوِیَّهِ وَعَدَمِ إمْکَانِ الِاشْتِرَاکِ ، وَاسْتِحَالَهِ التَّرْجِیحِ فَأَشْکَلَ الْمُسْتَحَقُّ فَعُیِّنَ بِالْقُرْعَهِ ؛ لِأَنَّهَا لِکُلِّ أَمْرٍ مُشْکِلٍ فَمَنْ أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَهُ أَخَذَهُ أَجْمَعَ وَلَوْ زَادَ عَنْ حَاجَتِهِمَا وَلَمْ یُمْکِنْ أَخْذُهُمَا دَفْعَهً لِضِیقِ الْمَکَانِ فَالْقُرْعَهُ أَیْضًا وَإِنْ أَمْکَنَ الْقِسْمَهُ .

وَفَائِدَتُهَا تَقْدِیمُ مَنْ أَخْرَجَتْهُ فِی أَخْذِ حَاجَتِهِ ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَی نَهْرٍ ، وَنَحْوِهِ وَلَمْ یُمْکِنْ الْجَمْعُ ، وَلَوْ تَغَلَّبَ أَحَدُهُمَا عَلَی الْآخَرِ أَثِمَ وَمَلَکَ هُنَا ، بِخِلَافِ تَغَلُّبِهِ عَلَی أَوْلَوِیَّهِ التَّحْجِیرِ ، وَالْمَاءِ الَّذِی لَا یَفِی بِغَرَضِهِمَا .

وَالْفَرْقُ : أَنَّ الْمِلْکَ مَعَ الزِّیَادَهِ لَا یَتَحَقَّقُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ یَزِدْ . ( وَ ) الْمَعَادِنُ ( الْبَاطِنَهُ تُمْلَکُ بِبُلُوغِ نَیْلِهَا ) وَذَلِکَ هُوَ إحْیَاؤُهَا وَمَا دُونَهُ تَحْجِیرٌ ، وَلَوْ کَانَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ ، أَوْ مَسْتُورَهً بِتُرَابٍ یَسِیرٍ لَا یَصْدُقُ مَعَهُ الْإِحْیَاءُ عُرْفًا لَمْ یُمْلَکْ بِغَیْرِ الْإِحْیَاءِ هَذَا کُلُّهُ إذَا کَانَ الْمَعْدِنُ فِی أَرْضٍ مُبَاحَهٍ ، فَلَوْ کَانَ فِی أَرْضٍ مَمْلُوکَهٍ فَهُوَ بِحُکْمِهَا .

وَکَذَا لَوْ أَحْیَا أَرْضًا مَوَاتًا فَظَهَرَ مَعْدِنٌ فَإِنَّهُ یَمْلِکُهُ وَإِنْ کَانَ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ یَکُونَ ظُهُورُهُ سَابِقًا عَلَی إحْیَائِهِ .

وَحَیْثُ یُمْلَکُ الْمَعْدِنُ یُمْلَکُ حَرِیمُهُ وَهُوَ مُنْتَهَی عُرُوقِهِ عَادَهً ، وَمَطْرَحُ تُرَابِهِ ، وَطَرِیقُهُ ، وَمَا یَتَوَقَّفُ عَلَیْهِ عَمَلُهُ إنْ عَمِلَهُ عِنْدَهُ ، وَلَوْ کَانَ الْمَعْدِنُ فِی الْأَرْضِ الْمُخْتَصَّهِ بِالْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَهُوَ لَهُ تَبَعًا لَهَا ، وَالنَّاسُ فِی غَیْرِهِ شَرْعٌ عَلَی الْأَقْوَی .

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْکَلَامُ فِی بَابِ الْخُمُسِ .

(46) کتاب الصید والذبائحه وَفِیهِ فُصُولٌ ثَلَاثَه

(46) کتاب الصید والذبائحه وَفِیهِ فُصُولٌ ثَلَاثَهٌ

( الْأَوَّلُ : فِی آلَهِ الصَّیْدِ یَجُوزُ الِاصْطِیَادُ )

بِمَعْنَی إثْبَاتِ الصَّیْدِ وَتَحْصِیلِهِ ( بِجَمِیعِ آلَاتِهِ ) الَّتِی یُمْکِنُ تَحْصِیلُهُ بِهَا مِنْ السَّیْفِ ، وَالرُّمْحِ ، وَالسَّهْمِ ، وَالْکَلْبِ ، وَالْفَهْدِ ، وَالْبَازِی ، وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَالْبَاشَقِ وَالشَّرَکِ ، وَالْحِبَالَهِ وَالشَّبَکَهِ وَالْفَخِّ وَالْبُنْدُقِ ، وَغَیْرِهَا ( وَ ) لَکِنْ ( لَا یُؤْکَلُ مِنْهَا ) أَیْ : مِنْ الْحَیَوَانَاتِ الْمَصِیدَهِ الْمَدْلُولِ عَلَیْهَا بِالِاصْطِیَادِ ( مَا لَمْ یُذَکَّ ) بِالذَّبْحِ بَعْدَ إدْرَاکِهِ حَیًّا .

( فَلَوْ أَدْرَکَهُ ) بَعْدَ رَمْیِهِ ( مَیِّتًا ) ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ تَذْکِیَتِهِ لَمْ یَحِلَّ ( إلَّا مَا قَتَلَهُ الْکَلْبُ الْمُعَلَّمُ ) دُونَ غَیْرِهِ عَلَی أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ ، وَالْأَخْبَارِ . وَیَثْبُتُ تَعْلِیمُ الْکَلْبِ بِکَوْنِهِ ( بِحَیْثُ یَسْتَرْسِلُ ) أَیْ : یَنْطَلِقُ ( إذَا أُرْسِلَ وَیَنْزَجِرُ ) وَیَقِفُ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ ( إذَا زُجِرَ ) عَنْهُ ، ( وَلَا یَعْتَادُ أَکْلَ مَا یَمْسِکُهُ ) مِنْ الصَّیْدِ ( وَیَتَحَقَّقُ ذَلِکَ الْوَصْفُ ) ، وَهُوَ الِاسْتِرْسَالُ وَالِانْزِجَارُ ، وَعَدَمُ الْأَکْلِ ( بِالتَّکْرَارِ عَلَی هَذِهِ الصِّفَاتِ ) الثَّلَاثِ مِرَارًا یَصْدُقُ بِهَا التَّعْلِیمُ عَلَیْهِ عُرْفًا .

فَإِذَا تَحَقَّقَ کَوْنُهُ مُعَلَّمًا حَلَّ مَقْتُولُهُ ، وَإِنْ خَلَا عَنْ الْأَوْصَافِ إلَی أَنْ یَتَکَرَّرَ فَقْدُهَا عَلَی وَجْهٍ یَصْدُقُ عَلَیْهِ زَوَالُ التَّعْلِیمِ عُرْفًا ، ثَمَّ یَحْرُمُ مَقْتُولُهُ ، وَلَا یَعُودُ إلَی أَنْ یَتَکَرَّرَ اتِّصَافُهُ بِهَا کَذَلِکَ وَهَکَذَا .

.( وَلَوْ أَکَلَ نَادِرًا ، أَوْ لَمْ یَسْتَرْسِلْ نَادِرًا لَمْ یَقْدَحْ ) فِی تَحَقُّقِ التَّعْلِیمِ عُرْفًا ، وَلَا فِی زَوَالِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ .

کَمَا لَا یَقْدَحُ حُصُولُ الْأَوْصَافِ لَهُ نَادِرًا .

وَکَذَا لَا یَقْدَحُ شُرْبُهُ الدَّمَ .

( وَیَجِبُ ) مَعَ ذَلِکَ بِمَعْنَی الِاشْتِرَاطِ أُمُورٌ :

( التَّسْمِیَهُ ) لِلَّهِ تَعَالَی مِنْ الْمُرْسِلِ ( عِنْدَ إرْسَالِهِ ) الْکَلْبَ الْمُعَلَّمَ .

فَلَوْ تَرَکَهَا عَمْدًا حَرُمَ وَلَوْ کَانَ نِسْیَانًا حَلَّ ، إنْ لَمْ یَذْکُرْ قَبْلَ الْإِصَابَهِ ، وَإِلَّا اُشْتُرِطَ اسْتِدْرَاکُهَا عِنْدَ الذِّکْرِ وَلَوْ مُقَارِنَهً لَهَا ، وَلَوْ تَرَکَهَا جَهْلًا بِوُجُوبِهَا فَفِی إلْحَاقِهِ بِالْعَامِدِ ، أَوْ النَّاسِی وَجْهَانِ .

مِنْ أَنَّهُ عَامِدٌ وَمِنْ أَنَّ النَّاسَ فِی سَعَهٍ مِمَّا لَمْ یَعْلَمُوا ، وَأَلْحَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِی بَعْضِ فَوَائِدِهِ بِالنَّاسِی .

وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْکَهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ ثُمَّ اسْتَدْرَکَهَا قَبْلَ الْإِصَابَهِ فَفِی الْإِجْزَاءِ قَوْلَانِ أَقْرَبُهُمَا الْإِجْزَاءُ ، لِتَنَاوُلِ الْأَدِلَّهِ لَهُ ، مِثْلَ { وَلَا تَأْکُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْکَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ } { فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ وَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ } ، وَقَوْلُ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " کُلْ مِمَّا قَتَلَ الْکَلْبُ إذَا سَمَّیْتَ عَلَیْهِ " ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَی الْفِعْلِ الْمُعْتَبَرِ فِی الذَّکَاهِ فَکَانَ أَوْلَی .

وَوَجْهُ الْمَنْعِ دَلَالَهُ بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَلَی أَنَّ مَحَلَّهَا الْإِرْسَالُ ؛ وَلِأَنَّهُ إجْمَاعِیٌّ ، وَغَیْرُهُ مَشْکُوکٌ فِیهِ وَلَا عِبْرَهَ بِتَسْمِیَهِ غَیْرِ الْمُرْسِلِ .

وَلَوْ اشْتَرَکَ فِی قَتْلِهِ کَلْبَانِ مُعَلَّمَانِ اُعْتُبِرَ تَسْمِیَهُ مُرْسِلَیْهِمَا .

فَلَوْ تَرَکَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ کَانَ أَحَدُ الْکَلْبَیْنِ غَیْرَ مُرْسَلٍ ، أَوْ غَیْرَ مُعَلَّمٍ لَمْ یَحِلَّ ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ التَّسْمِیَهِ هُنَا .

وَفِی إرْسَالِ السَّهْمِ ، وَالذَّبْحِ ، وَالنَّحْرِ ذِکْرُ اللَّهِ الْمُقْتَرِنُ بِالتَّعْظِیمِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ کَأَحَدِ التَّسْبِیحَاتِ الْأَرْبَعِ .

وَفِی اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَارْحَمْنِی ، أَوْ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، قَوْلَانِ ، أَقْرَبُهُمَا الْإِجْزَاءُ ، دُونَ ذِکْرِ اللَّهِ مُجَرَّدًا مَعَ احْتِمَالِهِ ، لِصِدْقِ الذِّکْرِ وَبِهِ قَطَعَ الْفَاضِلُ .

وَفِی اشْتِرَاطِ وُقُوعِهِ بِالْعَرَبِیَّهِ قَوْلَانِ .

مِنْ صِدْقِ الذِّکْرِ ، وَتَصْرِیحِ الْقُرْآنِ بِاسْمِ اللَّهِ الْعَرَبِیِّ .

وَالْأَقْوَی الْإِجْزَاءُ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی فِی الْآیَهِ الذَّاتُ ، لَا الِاسْمُ .

وَعَلَیْهِ یَتَفَرَّعُ ذِکْرُ اللَّهِ تَعَالَی بِأَسْمَائِهِ الْمُخْتَصَّهِ بِهِ غَیْرِ اللَّهِ .

فَعَلَی الْأَوَّلِ یُجْزِی ، لِصِدْقِ الذِّکْرِ ، دُونَ الثَّانِی ، وَلَکِنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ یُنَبِّهُوا عَلَیْهِ .

(وَأَنْ یَکُونَ الْمُرْسِلُ مُسْلِمًا ، أَوْ بِحُکْمِهِ )

کَوَلَدِهِ الْمُمَیِّزِ غَیْرِ الْبَالِغِ ذَکَرًا کَانَ ، أَوْ أُنْثَی .

فَلَوْ أَرْسَلَهُ الْکَافِرُ لَمْ یَحِلَّ وَإِنْ سَمَّی ، أَوْ کَانَ ذِمِّیًّا عَلَی الْأَصَحِّ ، وَکَذَا النَّاصِبُ مِنْ الْمُسْلِمِینَ وَالْمُجَسِّمُ أَمَّا غَیْرُهُمَا مِنْ الْمُخَالِفِینَ فَفِی حِلِّ صَیْدِهِ الْخِلَافُ الْآتِی فِی الذَّبِیحَهِ ، وَلَا یَحِلُّ صَیْدُ الصَّبِیِّ غَیْرِ الْمُمَیِّزِ ، وَلَا الْمَجْنُونِ ، لِاشْتِرَاطِ الْقَصْدِ ، وَأَمَّا الْأَعْمَی فَإِنْ تُصُوِّرَ فِیهِ قَصْدُ الصَّیْدِ حَلَّ صَیْدُهُ ، وَإِلَّا فَلَا .

( وَأَنْ یُرْسِلَهُ لِلِاصْطِیَادِ ) فَلَوْ اسْتَرْسَلَ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوْ أَرْسَلَهُ لَا لِلصَّیْدِ فَصَادَفَ صَیْدًا فَقَتَلَهُ لَمْ یَحِلَّ .

وَإِنْ زَادَهُ إغْرَاءً .

نَعَمْ لَوْ زَجَرَهُ فَوَقَفَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ حَلَّ .

(وَأَنْ لَا یَغِیبَ الصَّیْدُ )

عَنْ الْمُرْسِلِ ( وَحَیَاتُهُ مُسْتَقِرَّهٌ ) بِأَنْ یُمْکِنَ أَنْ یَعِیشَ وَلَوْ نِصْفَ یَوْمٍ فَلَوْ غَابَ کَذَلِکَ لَمْ یَحِلَّ ، لِجَوَازِ اسْتِنَادِ الْقَتْلِ إلَی غَیْرِ الْکَلْبِ ، سَوَاءٌ وَجَدَ الْکَلْبَ وَاقِفًا عَلَیْهِ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ وَجَدَ فِیهِ أَثَرًا غَیْرَ عَضَّهِ الْکَلْبِ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ تَشَاغَلَ عَنْهُ أَمْ لَا .

وَأَوْلَی مِنْهُ لَوْ تَرَدَّی مِنْ جَبَلٍ ، وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ یَغِبْ فَإِنَّ الشَّرْطَ مَوْتُهُ بِجَرْحِ الْکَلْبِ حَتَّی لَوْ مَاتَ بِإِتْعَابِهِ ، أَوْ غَمِّهِ لَمْ یَحِلَّ .

نَعَمْ لَوْ عُلِمَ انْتِفَاءُ سَبَبٍ خَارِجِیٍّ ، أَوْ غَابَ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ حَیَاتُهُ غَیْرَ مُسْتَقِرَّهٍ وَصَارَ فِی حُکْمِ الْمَذْبُوحِ ، أَوْ تَرَدَّی کَذَلِکَ حَلَّ وَیُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِکَ کَوْنُ الصَّیْدِ مُمْتَنِعًا ، سَوَاءٌ کَانَ وَحْشِیًّا أَمْ أَهْلِیًّا .

فَلَوْ قَتَلَ غَیْرَ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْفُرُوخِ ، أَوْ الْأَهْلِیَّهِ لَمْ یَحِلَّ .

( وَیُؤْکَلُ أَیْضًا ) مِنْ الصَّیْدِ ( مَا قَتَلَهُ السَّیْفُ ، وَالرُّمْحُ ، وَالسَّهْمُ وَکُلُّ مَا فِیهِ نَصْلٌ ) مِنْ حَدِیدٍ ، سَوَاءٌ خَرَقَ أَمْ لَا حَتَّی لَوْ قَطَعَهُ بِنِصْفَیْنِ اخْتَلَفَا أَمْ اتَّفَقَا تَحَرَّکَا أَمْ لَا حَلَّا ، إلَّا أَنْ یَکُونَ مَا فِیهِ الرَّأْسُ مُسْتَقِرَّ الْحَیَاهِ فَیُذَکَّی وَیَحْرُمُ الْآخَرُ .

( وَالْمِعْرَاضُ ) وَنَحْوُهُ مِنْ السِّهَامِ الْمُحَدَّدَهِ الَّتِی لَا نَصْلَ فِیهَا ( إذَا خَرَقَ اللَّحْمَ ) فَلَوْ قَتَلَ مُعْتَرِضًا لَمْ یَحِلَّ دُونَ الْمُثَقَّلِ کَالْحَجَرِ ، وَالْبُنْدُقِ فَإِنَّهُ لَا یَحِلُّ وَإِنْ خَرَقَ وَکَانَ الْبُنْدُقُ مِنْ حَدِیدٍ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّبُّوسَ بِحُکْمِهِ إلَّا أَنْ یَکُونَ مُحَدَّدًا بِحَیْثُ یَصْلُحُ لِلْخَرْقِ وَإِنْ لَمْ یَخْرِقْ .

( کُلُّ ذَلِکَ مَعَ التَّسْمِیَهِ ) عِنْدَ الرَّمْیِ ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِصَابَهِ ، وَلَوْ تَرَکَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ، أَوْ جَهْلًا فَکَمَا سَبَقَ ( وَالْقَصْدِ ) إلَی الصَّیْدِ فَلَوْ وَقَعَ السَّهْمُ مِنْ یَدِهِ فَقَتَلَهُ ، أَوْ قَصَدَ الرَّمْیَ لَا لَهُ فَقَتَلَهُ أَوْ قَصَدَ خِنْزِیرًا فَأَصَابَ ظَبْیًا ، أَوْ ظَنَّهُ خِنْزِیرًا فَبَانَ ظَبْیًا لَمْ یَحِلَّ .

نَعَمْ لَا یُشْتَرَطُ قَصْدُ عَیْنِهِ حَتَّی لَوْ قَصَدَ فَأَخْطَأَ فَقَتَلَ صَیْدًا آخَرَ حَلَّ .

وَلَوْ قَصَدَ مُحَلَّلًا وَمُحَرَّمًا حَلَّ الْمُحَلَّلُ .

( وَالْإِسْلَامُ ) أَیْ : إسْلَامِ الرَّامِی ، أَوْ حُکْمُهُ کَمَا سَلَفَ وَکَذَا یُشْتَرَطُ مَوْتُهُ بِالْجَرْحِ ، وَأَنْ لَا یَغِیبَ عَنْهُ وَفِیهِ حَیَاهٌ مُسْتَقِرَّهٌ وَامْتِنَاعُ الْمَقْتُولِ کَمَا مَرَّ .

( وَلَوْ اشْتَرَکَ فِیهِ آلَتَا مُسْلِمٍ وَکَافِرٍ

أَوْ قَاصِدٍ وَغَیْرِهِ ، أَوْ مُسَمٍّ ، وَغَیْرِهِ ) وَبِالْجُمْلَهِ فَآلَهُ جَامِعٍ لِلشَّرَائِطِ ، وَغَیْرِهِ ( لَمْ یَحِلَّ إلَّا أَنْ یُعْلَمَ أَنْ جَرْحَ الْمُسْلِمِ ) وَمَنْ بِحُکْمِهِ ( أَوْ کَلْبِهِ ) لَوْ کَانَتْ الْآلَهُ کَلْبَیْنِ فَصَاعِدًا ( هُوَ الْقَاتِلُ ) خَاصَّهً وَإِنْ کَانَ الْآخَرُ مُعِینًا عَلَی إثْبَاتِهِ .

(وَیَحْرُمُ الِاصْطِیَادُ بِالْآلَهِ الْمَغْصُوبَه

(وَیَحْرُمُ الِاصْطِیَادُ بِالْآلَهِ الْمَغْصُوبَهِ )

لِقُبْحِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، ( وَ ) لَکِنْ ( لَا یَحْرُمُ الصَّیْدُ بِهَا ) وَیَمْلِکُهُ الصَّائِدُ ( وَعَلَیْهِ أُجْرَهُ الْآلَهِ ) سَوَاءٌ کَانَتْ کَلْبًا أَمْ سِلَاحًا . ( وَیَجِبُ عَلَیْهِ غَسْلُ مَوْضِعِ الْعَضَّهِ ) مِنْ الْکَلْبِ جَمْعًا بَیْنَ نَجَاسَهِ الْکَلْبِ ، وَإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْأَکْلِ .

وَقَالَ الشَّیْخُ : لَا یَجِبُ ؛ لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْأَکْلِ مِنْهُ مِنْ غَیْرِ أَمْرٍ بِالْغَسْلِ ، وَإِنَّمَا یَحِلُّ الْمَقْتُولُ بِالْآلَهِ مُطْلَقًا إذَا أَدْرَکَهُ مَیِّتًا ، أَوْ فِی حُکْمِهِ . ( وَلَوْ أَدْرَکَ ذُو السَّهْمِ ، أَوْ الْکَلْبِ الصَّیْدَ ) مَعَ إسْرَاعِهِ إلَیْهِ حَالَ الْإِصَابَهِ ( وَحَیَاتُهُ مُسْتَقِرَّهٌ ذَکَّاهُ ، وَإِلَّا ) یُسْرِعْ أَوْ لَمْ یُذَکِّهِ ( حَرُمَ إنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِذَبْحِهِ ) فَلَمْ یَفْعَلْ حَتَّی مَاتَ ، وَلَوْ قَصُرَ الزَّمَانُ عَنْ ذَلِکَ فَالْمَشْهُورُ حِلُّهُ وَإِنْ کَانَتْ حَیَاتُهُ مُسْتَقِرَّهً ، وَلَا مُنَافَاهَ بَیْنَ اسْتِقْرَارِ حَیَاتِهِ ، وَقُصُورِ الزَّمَانِ عَنْ تَذْکِیَتِهِ مَعَ حُضُورِ الْآلَهِ ، ؛ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْحَیَاهِ مَنَاطُهُ الْإِمْکَانُ ، وَلَیْسَ کُلُّ مُمْکِنٍ بِوَاقِعٍ وَلَوْ کَانَ عَدَمُ إمْکَانِ ذَکَاتِهِ لِغَیْبَهِ الْآلَهِ الَّتِی تَقَعُ بِهَا الزَّکَاهُ ، أَوْ فَقْدِهَا بِحَیْثُ یَفْتَقِرُ إلَی زَمَانٍ طَوِیلٍ عَادَهً فَاتَّفَقَ مَوْتُهُ فِیهِ لَمْ یَحِلَّ قَطْعًا .

(الْفَصْلُ الثَّانِی - فِی الذِّبَاحَهِ )

غُلِّبَ الْعُنْوَانُ عَلَیْهَا - مَعَ کَوْنِهَا أَخَصَّ مِمَّا یُبْحَثُ عَنْهُ فِی الْفَصْلِ ، فَإِنَّ النَّحْرَ وَذَکَاهَ السَّمَکِ ، وَنَحْوِهِ خَارِجٌ عَنْهَا - تَجَوُّزًا فِی بَعْضِ الْأَفْرَادِ ، أَوْ أَشْهَرِهَا ، وَلَوْ جَعَلَ الْعُنْوَانَ الذَّکَاهَ کَمَا فَعَلَ فِی الدُّرُوسِ کَانَ أَجْوَدَ ، لِشُمُولِهِ الْجَمِیعَ ( وَیُشْتَرَطُ فِی الذَّابِحِ الْإِسْلَامُ أَوْ حُکْمُهُ ) وَهُوَ طِفْلُهُ الْمُمَیِّزُ فَلَا تَحِلُّ ذَبِیحَهُ الْکَافِرِ مُطْلَقًا ، وَثَنِیًّا کَانَ أَمْ ذِمِّیًّا سُمِعَتْ تَسْمِیَتُهُ أَمْ لَا عَلَی أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ .

وَذَهَبَ جَمَاعَهٌ إلَی حِلِّ ذَبِیحَهِ الذِّمِّیِّ إذَا سُمِعَتْ تَسْمِیَتُهُ .

وَآخَرُونَ إلَی حِلِّ ذَبِیحَهِ غَیْرِ الْمَجُوسِیِّ مُطْلَقًا وَبِهِ أَخْبَارٌ صَحِیحَهٌ مُعَارَضَهٌ بِمِثْلِهَا فَحُمِلَتْ عَلَی التَّقِیَّهِ ، أَوْ الضَّرُورَهِ .

( وَلَا یُشْتَرَطُ الْإِیمَانُ ) عَلَی الْأَصَحِّ لِقَوْلِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " مَنْ دَانَ بِکَلِمَهِ الْإِسْلَامِ ، وَصَامَ وَصَلَّی فَذَبِیحَتُهُ لَکُمْ حَلَالٌ إذَا ذَکَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ " وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ یَذْکُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمْ یَحِلَّ .

وَهَلْ یُشْتَرَطُ مَعَ الذِّکْرِ اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ ؟ قَوْلَانِ : مِنْ صِدْقِ ذِکْرِ اسْمِ اللَّهِ عَلَیْهِ ، وَأَصَالَهِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ .

وَمَنْ اشْتَرَطَهُ اعْتَبَرَ إیقَاعَهُ عَلَی وَجْهِهِ کَغَیْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَهِ .

وَالْأَوَّلُ أَقْوَی .

وَحَیْثُ لَمْ یُعْتَبَرْ الْإِیمَانُ صَحَّ مَعَ مُطْلَقِ الْخِلَافِ .

( إذَا لَمْ یَکُنْ بَالِغًا حَدَّ النَّصْبِ ) لِعَدَاوَهِ أَهْلِ الْبَیْتِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ فَلَا تَحِلُّ حِینَئِذٍ ذَبِیحَتُهُ ، لِرِوَایَهِ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : " ذَبِیحَهُ النَّاصِبِ لَا تَحِلُّ " ، وَلِارْتِکَابِ النَّاصِبِ خِلَافَ مَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ دِینِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ ثُبُوتُهُ ضَرُورَهً فَیَکُونُ کَافِرًا فَیَتَنَاوَلُهُ مَا دَلَّ عَلَی تَحْرِیمِ ذَبِیحَهِ الْکَافِرِ .

وَمِثْلُهُ الْخَارِجِیُّ وَالْمُجَسِّمُ .

وَقَصَرَ جَمَاعَهٌ الْحِلَّ عَلَی مَا یَذْبَحُهُ الْمُؤْمِنُ ، لِقَوْلِ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لِزَکَرِیَّا بْنِ آدَمَ : " إنِّی أَنْهَاک عَنْ ذَبِیحَهِ کُلِّ مَنْ کَانَ عَلَی خِلَافِ الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ وَأَصْحَابُک ، إلَّا فِی وَقْتِ الضَّرُورَهِ إلَیْهِ " .

وَیُحْمَلُ عَلَی الْکَرَاهَهِ بِقَرِینَهِ الضَّرُورَهِ فَإِنَّهَا أَعَمُّ مِنْ وَقْتٍ تَحِلُّ فِیهِ الْمَیْتَهُ .

وَیُمْکِنُ حَمْلُ النَّهْیِ الْوَارِدِ فِی جَمِیعِ الْبَابِ عَلَیْهِ عَلَیْهَا جَمْعًا وَلَعَلَّهُ أَوْلَی مِنْ الْحَمْلِ عَلَی التَّقِیَّهِ وَالضَّرُورَهِ . ( وَیَحِلُّ مَا تَذْبَحُهُ الْمُسْلِمَهُ ، وَالْخَصِیُّ ) ، وَالْمَجْبُوبُ ، ( وَالصَّبِیُّ الْمُمَیِّزُ ) دُونَ الْمَجْنُونِ ، وَمَنْ لَا یُمَیِّزُ ؛ لِعَدَمِ الْقَصْدِ ( وَالْجُنُبُ ) مُطْلَقًا ( وَالْحَائِضُ ) وَالنُّفَسَاءُ ؛ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِی لِلْحِلِّ .

(وَالْوَاجِبُ فِی الذَّبِیحَهِ أُمُورٌ سَبْعَهٌ :

الْأَوَّلُ -أَنْ یَکُونَ)فَرْیُ الْأَعْضَاءِ (بِالْحَدِیدِ)

مَعَ الْقُدْرَهِ عَلَیْهِ ، لِقَوْلِ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : لَا ذَکَاهَ إلَّا بِالْحَدِیدِ ( فَإِنْ خِیفَ فَوْتُ الذَّبِیحَهِ ) بِالْمَوْتِ ، وَغَیْرِهِ ، ( وَتَعَذَّرَ الْحَدِیدُ جَازَ بِمَا یَفْرِی الْأَعْضَاءَ مِنْ لَیْطَهٍ ) وَهِیَ الْقِشْرُ لِأَعْلَی لِلْقَصَبِ الْمُتَّصِلُ بِهِ ( أَوْ مَرْوَهِ حَادَّهٍ ) وَهِیَ حَجَرٌ یَقْدَحُ النَّارَ ( أَوْ زُجَاجَهٍ ) مُخَیَّرٌ فِی ذَلِکَ مِنْ غَیْرِ تَرْجِیحٍ .

وَکَذَا مَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْآلَاتِ الْحَادَّهِ غَیْرِ الْحَدِیدِ ، لِصَحِیحَهِ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " قَالَ : اذْبَحْ بِالْحَجَرِ ، وَالْعَظْمِ ، وَبِالْقَصَبَهِ ، وَبِالْعُودِ إذَا لَمْ تُصِبْ الْحَدِیدَهَ إذَا قُطِعَ الْحُلْقُومُ وَخَرَجَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ " وَفِی حَسَنَهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ " قَالَ : سَأَلْته عَنْ الْمَرْوَهِ وَالْقَصَبَهِ وَالْعُودِ نَذْبَحُ بِهَا إذَا لَمْ نَجِدْ سِکِّینًا فَقَالَ : إذَا فُرِیَ الْأَوْدَاجُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِکَ " .

( وَفِی الظُّفُرِ وَالسِّنِّ ) مُتَّصِلَیْنِ وَمُنْفَصِلَیْنِ ( لِلضَّرُورَهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ ) لِظَاهِرِ الْخَبَرَیْنِ السَّالِفَیْنِ .

حَیْثُ اُعْتُبِرَ فِیهِمَا قَطْعُ الْحُلْقُومِ ، وَفَرْیُ الْأَوْدَاجِ وَلَمْ یُعْتَبَرْ خُصُوصِیَّهُ الْقَاطِعِ .

وَهُوَ مَوْجُودٌ فِیهِمَا ، وَمَنَعَهُ الشَّیْخُ فِی الْخِلَافِ مُحْتَجًّا بِالْإِجْمَاعِ ، وَرِوَایَهِ رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ { أَنَّ النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ قَالَ : مَا أَنْهَرَ الدَّمَ ، وَذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَکُلُوا مَا لَمْ یَکُنْ سِنًّا ، أَوْ ظُفُرًا وَسَأُحَدِّثُکُمْ عَنْ ذَلِکَ .

أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَی الْحَبَشَهِ } وَالرِّوَایَهُ عَامِّیَّهٌ ، وَالْإِجْمَاعُ مَمْنُوعٌ .

نَعَمْ یُمْکِنُ أَنْ یُقَالَ مَعَ اتِّصَالِهِمَا : إنَّهُ یَخْرُجُ عَنْ مُسَمَّی الذَّبْحِ بَلْ هُوَ أَشْبَهُ بِالْأَکْلِ ، وَالتَّقْطِیعِ ، وَاسْتَقْرَبَ الْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ الْمَنْعَ مِنْهُمَا مُطْلَقًا .

وَعَلَی تَقْدِیرِ الْجَوَازِ هَلْ یُسَاوِیَانِ غَیْرَهُمَا مِمَّا یَفْرِی غَیْرَ الْحَدِیدِ ، أَوْ یَتَرَتَّبَانِ عَلَی غَیْرِهِمَا مُطْلَقًا مُقْتَضَی اسْتِدْلَالِ الْمُجَوِّزِ بِالْحَدِیثَیْنِ الْأَوَّلُ وَفِی الدُّرُوسِ اسْتَقْرَبَ الْجَوَازَ بِهِمَا مُطْلَقًا مَعَ عَدَمِ غَیْرِهِمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَعْلِیقِهِ الْجَوَازَ بِهِمَا هُنَا عَلَی الضَّرُورَهِ ، إذْ لَا ضَرُورَهَ مَعَ وُجُودِ غَیْرِهِمَا .

وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَی

(الثَّانِی -اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَهِ )

بِالْمَذْبُوحِ ، لَا اسْتِقْبَالُ الذَّابِحِ .

وَالْمَفْهُومُ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْمَذْبُوحِ الِاسْتِقْبَالُ بِمَقَادِیمِ بَدَنِهِ .

وَمِنْهُ مَذْبَحُهُ .

وَرُبَّمَا قِیلَ بِالِاکْتِفَاءِ بِاسْتِقْبَالِ الْمَذْبَحِ خَاصَّهً ، وَصَحِیحَهُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ " قَالَ : سَأَلْته عَنْ الذَّبِیحَهِ ، فَقَالَ : اسْتَقْبِلْ بِذَبِیحَتِک الْقِبْلَهَ " الْحَدِیثَ تَدُلُّ عَلَی الْأَوَّلِ .

هَذَا ( مَعَ الْإِمْکَانِ ) وَمَعَ التَّعَذُّرِ ؛ لِاشْتِبَاهِ الْجِهَهِ ، أَوْ الِاضْطِرَارِ لِتَرَدِّی الْحَیَوَانِ ، أَوْ اسْتِعْصَائِهِ ، أَوْ نَحْوِهِ یَسْقُطُ ( وَلَوْ تَرَکَهَا نَاسِیًا فَلَا بَأْسَ ) لِلْأَخْبَارِ الْکَثِیرَهِ .

وَفِی الْجَاهِلِ وَجْهَانِ ، وَإِلْحَاقُهُ بِالنَّاسِی حَسَنٌ ، وَفِی حَسَنَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَأَلْت أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ ذَبِیحَهً فَجَهِلَ أَنْ یُوَجِّهَهَا إلَی الْقِبْلَهِ قَالَ : کُلْ مِنْهَا

(الثَّالِثُ - التَّسْمِیَهُ )

عِنْدَ الذَّبْحِ ( وَهِیَ أَنْ یَذْکُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَی ) کَمَا سَبَقَ ، فَلَوْ تَرَکَهَا عَمْدًا فَهِیَ مَیْتَهٌ إذَا کَانَ مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا ، وَفِی غَیْرِ الْمُعْتَقِدِ وَجْهَانِ ، وَظَاهِرُ الْأَصْحَابِ التَّحْرِیمُ ، لِقَطْعِهِمْ بِاشْتِرَاطِهَا مِنْ غَیْرِ تَفْصِیلٍ .

وَاسْتَشْکَلَ الْمُصَنِّفُ ذَلِکَ ، لِحُکْمِهِمْ بِحِلِّ ذَبِیحَهِ الْمُخَالِفِ عَلَی الْإِطْلَاقِ مَا لَمْ یَکُنْ نَاصِبًا ، وَلَا رَیْبَ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا یَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا .

وَیُمْکِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ حُکْمَهُمْ بِحِلِّ ذَبِیحَتِهِ مِنْ حَیْثُ هُوَ مُخَالِفٌ ، وَذَلِکَ لَا یُنَافِی تَحْرِیمَهَا مِنْ حَیْثُ الْإِخْلَالُ بِشَرْطٍ آخَرَ .

نَعَمْ یُمْکِنُ أَنْ یُقَالَ : بِحِلِّهَا مِنْهُ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْحَالِ عَمَلًا بِأَصَالَهِ الصِّحَّهِ ، وَإِطْلَاقِ الْأَدِلَّهِ ، وَتَرْجِیحًا لِلظَّاهِرِ مِنْ حَیْثُ رُجْحَانُهَا عِنْدَ مَنْ لَا یُوجِبُهَا ، وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِعْلُهَا کَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا یُحْکَمُ بِالتَّحْرِیمِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ تَسْمِیَتِهِ وَهُوَ حَسَنٌ .

وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ فِی الِاسْتِقْبَالِ ( وَلَوْ تَرَکَهَا نَاسِیًا حَلَّ ) لِلنَّصِّ وَفِی الْجَاهِلِ الْوَجْهَانِ وَیُمْکِنُ إلْحَاقُ الْمُخَالِفِ الَّذِی لَا یَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا بِالْجَاهِلِ ، لِمُشَارَکَتِهِ فِی الْمَعْنَی خُصُوصًا الْمُقَلِّدَ مِنْهُمْ .

(الرَّابِعُ -اخْتِصَاصُ الْإِبِلِ بِالنَّحْرِ )

وَذِکْرُهُ فِی بَابِ شَرَائِطِ الذَّبْحِ اسْتِطْرَادٌ أَوْ تَغْلِیبٌ لِاسْمِ الذَّبْحِ عَلَی مَا یَشْمَلُهُ ( وَمَا عَدَاهَا ) مِنْ الْحَیَوَانِ الْقَابِلِ لِلتَّذْکِیَهِ غَیْرَ مَا یُسْتَثْنَی ( بِالذَّبْحِ ، فَلَوْ عَکَسَ ) فَذَبَحَ الْإِبِلَ ، أَوْ جَمَعَ بَیْنَ الْأَمْرَیْنِ ، أَوْ نَحَرَ مَا عَدَاهَا مُخْتَارًا ( حَرُمَ ) وَمَعَ الضَّرُورَهِ کَالْمُسْتَعْصِی یَحِلُّ کَمَا یَحِلُّ طَعْنُهُ کَیْفَ اتَّفَقَ .

وَلَوْ اسْتَدْرَکَ الذَّبْحَ بَعْدَ النَّحْرِ ، أَوْ بِالْعَکْسِ اُحْتُمِلَ التَّحْرِیمُ ، لِاسْتِنَادِ مَوْتِهِ إلَیْهِمَا ، وَإِنْ کَانَ کُلٌّ مِنْهُمَا کَافِیًا فِی الْإِزْهَاقِ لَوْ انْفَرَدَ .

وَقَدْ حَکَمَ الْمُصَنِّفُ وَغَیْرُهُ بِاشْتِرَاطِ اسْتِنَادِ مَوْتِهِ إلَی الذَّکَاهِ خَاصَّهً وَفَرَّعُوا عَلَیْهِ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِی الذَّبْحِ فَنَزَعَ آخَرُ حَشْوَتَهُ مَعًا فَمَیْتَهٌ وَکَذَا کُلُّ فِعْلٍ لَا تَسْتَقِرُّ مَعَهُ الْحَیَاهُ وَهَذَا مِنْهُ وَالِاکْتِفَاءُ بِالْحَرَکَهِ بَعْدَ الْفِعْلِ الْمُعْتَبَرِ أَوْ خُرُوجِ الدَّمِ الْمُعْتَدِلِ کَمَا سَیَأْتِی .

(الْخَامِسُ -قَطْعُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَهِ )

فِی الْمَذْبُوحِ ( وَهِیَ الْمَرِیءُ ) بِفَتْحِ الْمِیمِ وَالْهَمْزُ آخِرُهُ ( وَهُوَ مَجْرَی الطَّعَامِ ) وَالشَّرَابِ الْمُتَّصِلُ بِالْحُلْقُومِ ( وَالْحُلْقُومُ ) بِضَمِّ الْحَاءِ ( وَهُوَ لِلنَّفَسِ ) أَیْ : الْمُعَدُّ لِجَرْیِهِ فِیهِ ( وَالْوَدَجَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ یَکْتَنِفَانِ الْحُلْقُومَ ) .

فَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ هَذِهِ لَمْ یَحِلَّ وَإِنْ بَقِیَ یَسِیرٌ .

وَقِیلَ : یَکْفِی قَطْعُ الْحُلْقُومِ لِصَحِیحَهِ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ، إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَخَرَجَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ ، وَحُمِلَتْ عَلَی الضَّرُورَهِ ؛ ؛ لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِی سِیَاقِهَا مَعَ مُعَارَضَتِهَا بِغَیْرِهَا .

وَمَحَلُّ الذَّبْحِ الْحَلْقُ تَحْتَ اللَّحْیَیْنِ ، وَمَحَلُّ النَّحْرِ وَهْدَهُ اللَّبَّهِ ( وَ ) لَا یُعْتَبَرُ فِیهِ قَطْعُ الْأَعْضَاءِ ، بَلْ ( یَکْفِی فِی الْمَنْحُورِ طَعْنَهٌ فِی وَهْدَهِ اللَّبَّهِ ) وَهِیَ ثُغْرَهُ النَّحْرِ بَیْنَ التَّرْقُوَتَیْنِ ، وَأَصْلُ الْوَهْدَهِ الْمَکَانُ الْمُطْمَئِنُّ وَهُوَ الْمُنْخَفِضُ ، وَاللَّبَّهُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِیدِ الْبَاءِ الْمَنْحَرُ ، وَلَا حَدَّ لِلطَّعْنَهِ طُولًا وَعَرْضًا ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَوْتُهُ بِهَا خَاصَّهً .

(السَّادِسُ - الْحَرَکَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ )

وَیَکْفِی مُسَمَّاهَا فِی بَعْضِ الْأَعْضَاءِ کَالذَّنَبِ وَالْأُذُنِ ، دُونَ التَّقَلُّصِ وَالِاخْتِلَاجِ فَإِنَّهُ قَدْ یَحْصُلُ فِی اللَّحْمِ الْمَسْلُوخِ ( أَوْ خُرُوجِ الدَّمِ الْمُعْتَدِلِ ) وَهُوَ الْخَارِجُ بِدَفْعٍ لَا الْمُتَثَاقِلِ ، فَلَوْ انْتَفَیَا حَرُمَ لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ عَلَی الْأَوَّلِ وَرِوَایَهِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَلَی الثَّانِی .

وَاعْتَبَرَ جَمَاعَهٌ اجْتِمَاعَهُمَا وَآخَرُونَ الْحَرَکَهَ وَحْدَهَا ، لِصِحَّهِ رِوَایَتِهَا ، وَجَهَالَهِ الْأُخْرَی بِالْحُسَیْنِ .

وَهُوَ الْأَقْوَی .

وَصَحِیحَهُ الْحَلَبِیِّ وَغَیْرُهَا مُصَرِّحَهٌ بِالِاکْتِفَاءِ فِی الْحَرَکَهِ بِطَرْفِ الْعَیْنِ ، أَوْ تَحْرِیکِ الذَّنَبِ ، أَوْ الْأُذُنِ مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ .

وَلَکِنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا وَغَیْرَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِینَ اشْتَرَطُوا مَعَ ذَلِکَ أَمْرًا آخَرَ کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ بِقَوْلِهِ : ( وَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِقْرَارِ الْحَیَاهِ حَرُمَ ) وَلَمْ نَقِفْ لَهُمْ فِیهِ عَلَی مُسْتَنَدٍ ، وَظَاهِرُ الْقُدَمَاءِ کَالْأَخْبَارِ الِاکْتِفَاءُ بِأَحَدِ الْأَمْرَیْنِ أَوْ بِهِمَا مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ اسْتِقْرَارِ الْحَیَاهِ .

وَفِی الْآیَهِ إیمَاءٌ إلَیْهِ وَهِیَ قَوْله تَعَالَی { حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ الْمَیْتَهُ وَالدَّمُ } إلَی قَوْلِهِ : { إلَّا مَا ذَکَّیْتُمْ } ، فَفِی صَحِیحَهِ زُرَارَهَ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی تَفْسِیرِهَا فَإِنْ أَدْرَکْت شَیْئًا مِنْهَا وَعَیْنٌ تَطْرِفُ ، أَوْ قَائِمَهً تَرْکُضُ ، أَوْ ذَنَبًا یَمْصَعُ فَقَدْ أَدْرَکْت ذَکَاتَهُ فَکُلْهُ وَمِثْلُهَا أَخْبَارٌ کَثِیرَهٌ .

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ : وَعَنْ یَحْیَی أَنَّ اعْتِبَارَ اسْتِقْرَارِ الْحَیَاهِ لَیْسَ مِنْ الْمَذْهَبِ .

وَنِعْمَ مَا قَالَ .

وَهَذَا خِلَافُ مَا حَکَمَ بِهِ هُنَا .

وَهُوَ الْأَقْوَی .

فَعَلَی هَذَا یُعْتَبَرُ فِی الْمُشْرِفِ عَلَی الْمَوْتِ ، وَأَکِیلِ السَّبُعِ ، وَغَیْرِهِ الْحَرَکَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مُسْتَقِرَّ الْحَیَاهِ .

وَلَوْ اُعْتُبِرَ مَعَهَا خُرُوجُ الدَّمِ الْمُعْتَدِلِ کَانَ أَوْلَی .

(السَّابِعُ - مُتَابَعَهُ الذَّبْحِ حَتَّی یَسْتَوْفِیَ )

قَطْعَ الْأَعْضَاءِ ، فَلَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ وَأَرْسَلَهُ ثُمَّ تَمَّمَهُ ، أَوْ تَثَاقَلَ بِقَطْعِ الْبَعْضِ حَرُمَ إنْ لَمْ یَکُنْ فِی الْحَیَاهِ اسْتِقْرَارٌ ؛ لِعَدَمِ صِدْقِ الذَّبْحِ مَعَ التَّفْرِقَهِ کَثِیرًا ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ غَیْرُ مُحَلَّلٍ ، وَالثَّانِیَ یَجْرِی مَجْرَی التَّجْهِیزِ عَلَی الْمَیِّتِ .

وَیُشْکِلُ مَعَ صِدْقِ اسْمِ الذَّبْحِ عُرْفًا مَعَ التَّفْرِقَهِ کَثِیرًا .

وَیُمْکِنُ اسْتِنَادُ الْإِبَاحَهِ إلَی الْجَمِیعِ .

وَلَوْلَاهُ لَوَرَدَ مِثْلُهُ مَعَ التَّوَالِی وَاعْتِبَارُ اسْتِقْرَارِ الْحَیَاهِ مَمْنُوعٌ ، وَالْحَرَکَهُ الْیَسِیرَهُ الْکَافِیَهُ مُصَحَّحَهٌ فِیهِمَا مَعَ أَصَالَهِ الْإِبَاحَهِ إذَا صَدَقَ اسْمُ الذَّبْحِ .

وَهُوَ الْأَقْوَی ( وَ ) عَلَی الْقَوْلَیْنِ ( لَا تَضُرُّ التَّفْرِقَهُ الْیَسِیرَهُ ) الَّتِی لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمُتَابَعَهِ عَادَهً .

(وَیُسْتَحَبُّ نَحْرُ الْإِبِلِ قَدْ رُبِطَتْ أَخْ

(وَیُسْتَحَبُّ نَحْرُ الْإِبِلِ قَدْ رُبِطَتْ أَخْفَافُهَا )

أَیْ : أَخْفَافُ یَدَیْهَا ( إلَی آبَاطِهَا ) بِأَنْ یَرْبِطَهُمَا مَعًا مُجْتَمِعَیْنِ مِنْ الْخُفِّ إلَی الْآبَاطِ وَرُوِیَ أَنَّهُ یَعْقِلُ یَدَهَا الْیُسْرَی مِنْ الْخُفِّ إلَی الرُّکْبَهِ وَیُوقِفُهَا عَلَی الْیُمْنَی وَکِلَاهُمَا حَسَنٌ ( وَأُطْلِقَتْ أَرْجُلُهَا ، وَالْبَقَرُ تُعْقَلُ یَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَیُطْلَقُ ذَنَبُهُ ، وَالْغَنَمُ تُرْبَطُ یَدَاهُ وَرِجْلٌ وَاحِدَهٌ ) وَتُطْلَقُ الْأُخْرَی ( وَیُمْسَکُ صُوفُهُ ، وَشَعْرُهُ ، وَوَبَرُهُ حَتَّی یَبْرُدَ ) وَفِی رِوَایَهِ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ إنْ کَانَ مِنْ الْغَنَمِ فَأَمْسِکْ صُوفَهُ ، أَوْ شَعْرَهُ ، وَلَا تُمْسِکَنَّ یَدًا وَلَا رِجْلًا .

وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ .

( وَالطَّیْرُ یُذْبَحُ وَیُرْسَلُ ) وَلَا یُمْسَکُ ، وَلَا یُکَتَّفُ .

(وَیُکْرَهُ أَنْ تُنْخَعَ الذَّبِیحَهُ )

وَهُوَ أَنْ یَقْطَعَ نُخَاعَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَهُوَ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ الَّذِی وَسْطَ الْفَقَارِ بِالْفَتْحِ مُمْتَدًّا مِنْ الرَّقَبَهِ إلَی عَجْبِ الذَّنَبِ بِفَتْحِ الْعَیْنِ وَسُکُونِ الْجِیمِ وَهُوَ أَصْلُهُ .

وَقِیلَ : یَحْرُمُ ، لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : لَا تَنْخَعْ الذَّبِیحَهَ حَتَّی تَمُوتَ فَإِذَا مَاتَتْ فَانْخَعْهَا وَالْأَصْلُ فِی النَّهْیِ التَّحْرِیمُ .

وَهُوَ الْأَقْوَی ، وَاخْتَارَهُ فِی الدُّرُوسِ .

نَعَمْ لَا تَحْرُمُ الذَّبِیحَهُ عَلَی الْقَوْلَیْنِ ( وَأَنْ یَقْلِبَ السِّکِّینَ ) بِأَنْ یُدْخِلَهَا تَحْتَ الْحُلْقُومِ وَبَاقِی الْأَعْضَاءِ ( فَیَذْبَحُ إلَی فَوْقُ ) ، لِنَهْیِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْهُ فِی رِوَایَهِ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ ، وَمِنْ ثَمَّ قِیلَ بِالتَّحْرِیمِ ، حَمْلًا لِلنَّهْیِ عَلَیْهِ وَفِی السَّنَدِ مَنْ لَا تَثْبُتُ عَدَالَتُهُ .

فَالْقَوْلُ بِالْکَرَاهَهِ أَجْوَدُ .

( وَالسَّلْخُ قَبْلَ الْبَرْدِ ) لِمَرْفُوعَهِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ ، إذَا ذُبِحَتْ الشَّاهُ وَسُلِخَتْ ، أَوْ سُلِخَ شَیْءٌ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَلَیْسَ یَحِلُّ أَکْلُهَا .

وَذَهَبَ جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَالشَّرْحِ إلَی تَحْرِیمِ الْفِعْلِ اسْتِنَادًا إلَی تَلَازُمِ تَحْرِیمِ الْأَکْلِ ، وَتَحْرِیمِ الْفِعْلِ ، وَلَا یَخْفَی مَنْعُهُ بَلْ عَدَمُ دَلَالَتِهِ عَلَی التَّحْرِیمِ وَالْکَرَاهَهِ .

نَعَمْ یُمْکِنُ الْکَرَاهَهُ مِنْ حَیْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَی تَعْذِیبِ الْحَیَوَانِ عَلَی تَقْدِیرِ شُعُورِهِ ، مَعَ أَنَّ سَلْخَهُ قَبْلَ بَرْدِهِ لَا یَسْتَلْزِمُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ قَبْلِیَّهِ الْمَوْتِ .

وَظَاهِرُهُمْ أَنَّهُمَا مُتَلَازِمَتَانِ ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ تَغْسِیلُ مَیِّتِ الْإِنْسَانِ قَبْلَ بَرْدِهِ ، فَالْأَوْلَی تَخْصِیصُ الْکَرَاهَهِ بِسَلْخِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ .

( وَإِبَانَهُ الرَّأْسِ عَمْدًا ) حَالَهَ الذَّبْحِ ، لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی صَحِیحَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " لَا تَنْخَعْ ، وَلَا تَقْطَعْ الرَّقَبَهَ بَعْدَمَا تَذْبَحُ " ( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ الشَّیْخُ فِی النِّهَایَهِ وَجَمَاعَهٌ ( بِالتَّحْرِیمِ ) ، لِاقْتِضَاءِ النَّهْیِ لَهُ مَعَ صِحَّهِ الْخَبَرِ .

وَهُوَ الْأَقْوَی ، وَعَلَیْهِ هَلْ تَحْرُمُ الذَّبِیحَهُ ؟ قِیلَ : نَعَمْ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَنْ قَطْعِ الْأَعْضَاءِ یُخْرِجُهُ عَنْ کَوْنِهِ ذَبْحًا شَرْعِیًّا فَلَا یَکُونُ مُبِیحًا .

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِی الذَّبْحِ قَدْ حَصَلَ فَلَا اعْتِبَارَ بِالزَّائِدِ وَقَدْ رَوَی الْحَلَبِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَیْثُ سُئِلَ عَنْ ذَبْحِ طَیْرٍ قُطِعَ رَأْسَهُ أَیُؤْکَلُ مِنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَلَکِنْ لَا یَتَعَمَّدُ قَطْعَ رَأْسِهِ .

وَهُوَ نَصٌّ ، وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَی { فَکُلُوا مِمَّا ذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ } .

فَالْمُتَّجَهُ تَحْرِیمُ الْفِعْلِ ، دُونَ الذَّبِیحَهِ فِیهِ ، وَفِی کُلِّ مَا حَرُمَ سَابِقًا .

وَیُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ الْقَوْلُ الْمَحْکِیُّ بِالتَّحْرِیمِ مُتَعَلِّقًا بِجَمِیعِ مَا ذُکِرَ مَکْرُوهًا ، لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِیهَا أَجْمَعَ ، بَلْ قَدْ حَرَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ إلَّا قَلْبَ السِّکِّینِ فَلَمْ یَحْکُمْ فِیهِ بِتَحْرِیمٍ ، وَلَا غَیْرِهِ ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَی نَقْلِ الْخِلَافِ .

(وَإِنَّمَا تَقَعُ الذَّکَاهُ عَلَی حَیَوَانٍ طَاهِرِ الْعَیْنِ غَیْرِ آدَمِیٍّ ، وَلَا حشار )

وَهِیَ مَا سَکَنَ الْأَرْضَ مِنْ الْحَیَوَانَاتِ کَالْفَأْرِ ، وَالضَّبِّ ، وَابْنِ عِرْسٍ ( وَلَا تَقَعُ عَلَی الْکَلْبِ وَالْخِنْزِیرِ ) إجْمَاعًا ( وَلَا عَلَی الْآدَمِیِّ وَإِنْ کَانَ کَافِرًا ) إجْمَاعًا ، ( وَلَا عَلَی الْحَشَرَاتِ ) عَلَی الْأَظْهَرِ ، لِلْأَصْلِ إذْ لَمْ یَرِدْ بِهَا نَصٌّ .

( وَقِیلَ : تَقَعُ ) وَهُوَ شَاذٌّ .

( وَالظَّاهِرُ وُقُوعُهَا عَلَی الْمُسُوخِ وَالسِّبَاعِ ) ، لِرِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سِبَاعِ الطَّیْرِ ، وَالْوَحْشِ حَتَّی ذُکِرَ الْقَنَافِذُ ، وَالْوَطْوَاطُ ، وَالْحَمِیرُ ، وَالْبِغَالُ ، وَالْخَیْلُ ، فَقَالَ : لَیْسَ الْحَرَامُ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ وَلَیْسَ الْمُرَادُ نَفْیَ تَحْرِیمِ الْأَکْلِ ، لِلرِّوَایَاتِ الدَّالَّهِ عَلَی تَحْرِیمِهِ ، فَبَقِیَ عَدَمُ تَحْرِیمِ الذَّکَاهِ ، وَرَوَی حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ { : کَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَزُوفَ النَّفْسِ وَکَانَ یَکْرَهُ الشَّیْءَ وَلَا یُحَرِّمُهُ ، فَأُتِیَ بِالْأَرْنَبِ فَکَرِهَهَا وَلَمْ یُحَرِّمْهَا } .

وَهُوَ مَحْمُولٌ أَیْضًا عَلَی عَدَمِ تَحْرِیمِ ذَکَاتِهَا ، وَجُلُودِهَا جَمْعًا بَیْنَ الْأَخْبَارِ ، وَالْأَرْنَبُ مِنْ جُمْلَهِ الْمُسُوخِ وَلَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ بَیْنَهُمَا .

وَرَوَی سِمَاعَهُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ وَجُلُودِهَا ؟ فَقَالَ : أَمَّا اللُّحُومُ فَدَعْهَا ، وَأَمَّا الْجُلُودُ فَارْکَبُوا عَلَیْهَا ، وَلَا تُصَلُّوا فِیهَا .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْئُولَ الْإِمَامُ .

وَلَا یَخْفَی بُعْدَ هَذِهِ الْأَدِلَّهِ .

نَعَمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِی الشَّرْحِ : إنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ فِی السِّبَاعِ لَا نَعْرِفُهُ لِأَحَدٍ مِنَّا ، وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الذَّکَاهِ عَلَی الْمُسُوخِ أَکْثَرُهُمْ عَلَّلُوهُ بِنَجَاسَتِهَا .

وَحَیْثُ ثَبَتَ طَهَارَتُهَا فِی مَحَلِّهِ تَوَجَّهَ الْقَوْلُ بِوُقُوعِ الذَّکَاهِ عَلَیْهَا إنْ تَمَّ مَا سَبَقَ وَیُسْتَثْنَی مِنْ الْمُسُوخِ الْخَنَازِیرُ ، لِنَجَاسَتِهَا ، وَالضَّبُّ ، وَالْفَأْرُ ، وَالْوَزَغُ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الحشار ، وَکَذَا مَا فِی مَعْنَاهَا وَرَوَی الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ إلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ الْمُسُوخَ مِنْ بَنِی آدَمَ ثَلَاثَهَ عَشَرَ صِنْفًا : الْقِرَدَهُ ، وَالْخَنَازِیرُ ، وَالْخُفَّاشُ ، وَالذِّئْبُ ، وَالدُّبُّ ، وَالْفِیلُ ، وَالدُّعْمُوصُ ، وَالْجِرِّیثُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَسُهَیْلٌ ، وَالزَّهْرَهُ ، وَالْعَنْکَبُوتُ ، وَالْقُنْفُذُ ، قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالزَّهْرَهُ وَسُهَیْلٌ دَابَّتَانِ وَلَیْسَتَا نَجْمَیْنِ .

وَلَکِنْ سُمِّیَ بِهِمَا النَّجْمَانِ کَالْحَمَلِ وَالثَّوْرِ .

قَالَ : وَالْمُسُوخُ جَمِیعُهَا لَمْ تَبْقَ أَکْثَرَ مِنْ ثَلَاثَهِ أَیَّامٍ ثُمَّ مَاتَتْ وَهَذِهِ الْحَیَوَانَاتُ عَلَی صُوَرِهَا سُمِّیَتْ مُسُوخًا اسْتِعَارَهً .

وَرُوِیَ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ زِیَادَهُ الْأَرْنَبِ ، وَالْفَأْرَهِ ، وَالْوَزَغِ ، وَالزُّنْبُورِ ، وَرُوِیَ إضَافَهُ الطَّاوُوسِ .

وَالْمُرَادُ بِالسِّبَاعِ : الْحَیَوَانُ الْمُفْتَرِسُ کَالْأَسَدِ ، وَالنَّمِرِ ، وَالْفَهْدِ ، وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ .

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ - فِی اللَّوَاحِقِ وَفِیهِ م

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ - فِی اللَّوَاحِقِ وَفِیهِ مَسَائِلُ )

( الْأُولَی - ذَکَاهُ السَّمَکِ الْمَأْکُولِ : إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَاءِ حَیًّا )

، بَلْ إثْبَاتُ الْیَدِ عَلَیْهِ خَارِجَ الْمَاءِ حَیًّا وَإِنْ لَمْ یُخْرِجْهُ مِنْهُ کَمَا نَبَّهَ عَلَیْهِ بِقَوْلِهِ : ( وَلَوْ وَثَبَ فَأَخْرَجَهُ حَیًّا ، أَوْ صَارَ خَارِجَ الْمَاءِ ) بِنَفْسِهِ ( فَأَخَذَهُ حَیًّا حَلَّ وَلَا یَکْفِی ) فِی حِلِّهِ ( نَظَرُهُ ) قَدْ خَرَجَ مِنْ الْمَاءِ حَیًّا ثُمَّ مَاتَ عَلَی أَصَحِّ الْقَوْلَیْنِ ، لِقَوْلِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی حَسَنَهِ الْحَلَبِیِّ : إنَّمَا صَیْدُ الْحِیتَانِ أَخْذُهُ ، وَهِیَ لِلْحَصْرِ .

وَرَوَی عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْته عَنْ سَمَکَهٍ وَثَبَتْ مَنْ نَهْرٍ فَوَقَعَتْ عَلَی الْجَدِّ مِنْ النَّهْرِ فَمَاتَتْ هَلْ یَصْلُحُ أَکْلُهَا ؟ فَقَالَ : إنْ أَخَذْتهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ ثُمَّ مَاتَتْ فَکُلْهَا ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَهَا فَلَا تَأْکُلْهَا وَقِیلَ : یَکْفِی فِی حِلِّهِ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَاءِ ، وَمَوْتُهُ خَارِجَهُ ، وَإِنَّمَا یَحْرُمُ بِمَوْتِهِ فِی الْمَاءِ ، لِرِوَایَهِ سَلَمَهَ بْنِ أَبِی حَفْصٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ عَلِیًّا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ کَانَ یَقُولُ فِی صَیْدِ السَّمَکِ : إذَا أَدْرَکَهَا الرَّجُلُ وَهِیَ تَضْطَرِبُ ، وَتَضْرِبُ بِیَدَیْهَا ، وَیَتَحَرَّکُ ذَنْبُهَا ، وَتَطْرِفُ بِعَیْنِهَا فَهِیَ ذَکَاتُهُ ، وَرَوَی زُرَارَهُ قَالَ : قُلْت : السَّمَکَهُ تَثِبُ مِنْ الْمَاءِ فَتَقَعُ عَلَی الشَّطِّ فَتَضْطَرِبُ حَتَّی تَمُوتَ فَقَالَ : کُلْهَا ، وَلِحِلِّهِ بِصَیْدِ الْمَجُوسِیِّ مَعَ مُشَاهَدَهِ الْمُسْلِمِ کَذَلِکَ وَصَیْدُهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِنَظَرِ الْمُسْلِمِ .

وَیَضْعُفُ بِأَنَّ سَلَمَهَ مَجْهُولٌ ، أَوْ ضَعِیفٌ ، وَرِوَایَهُ زُرَارَهَ مَقْطُوعَهٌ مُرْسَلَهٌ .

وَالْقِیَاسُ عَلَی صَیْدِ الْمَجُوسِیِّ فَاسِدٌ ، لِجَوَازِ کَوْنِ سَبَبِ الْحِلِّ أَخْذَ الْمُسْلِمِ ، أَوْ نَظَرَهُ مَعَ کَوْنِهِ تَحْتَ یَدٍ إذْ لَا یَدُلُّ الْحُکْمُ عَلَی أَزْیَدَ مِنْ ذَلِکَ ، وَأَصَالَهً عَدَمُ التَّذْکِیَهِ مَعَ مَا سَلَفَ تَقْتَضِی الْعَدَمَ ( وَلَا یُشْتَرَطُ فِی مُخْرِجِهِ الْإِسْلَامُ ) عَلَی الْأَظْهَرِ ( لَکِنْ یُشْتَرَطُ حُضُورُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ یُشَاهِدُهُ ) قَدْ أُخْرِجَ حَیًّا وَمَاتَ خَارِجَ الْمَاءِ ( فِی حِلِّ أَکْلِهِ ) ، لِلْأَخْبَارِ الْکَثِیرَهِ الدَّالَّهِ عَلَیْهِ .

مِنْهَا صَحِیحَهُ الْحَلَبِیِّ قَالَ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ صَیْدِ الْحِیتَانِ وَإِنْ لَمْ یُسَمِّ ، فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَیْدِ الْمَجُوسِ السَّمَکَ ، آکُلُهُ ؟ فَقَالَ : مَا کُنْتُ لِآکُلَهُ حَتَّی أَنْظُرَ إلَیْهِ وَفِی رِوَایَهٍ أُخْرَی لَهُ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَیْدِ الْمَجُوسِ لِلْحِیتَانِ حِینَ یَضْرِبُونَ عَلَیْهَا بِالشِّبَاکِ ، وَیُسَمُّونَ بِالشَّرَکِ فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِصَیْدِهِمْ إنَّمَا صَیْدُ الْحِیتَانِ أَخْذُهَا ، وَمُطْلَقُ الثَّانِی مَحْمُولٌ عَلَی مُشَاهَدَهِ الْمُسْلِمِ لَهُ جَمْعًا ، وَیَظْهَرُ مِنْ الشَّیْخِ فِی الِاسْتِبْصَارِ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا أَنْ یَأْخُذَهُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ حَیًّا ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْأَخْبَارَ عَلَی ذَلِکَ ، وَمِنْ الْمُفِیدِ وَابْنِ زُهْرَهَ الْمَنْعُ مِنْ صَیْدِ غَیْرِ الْمُسْلِمِ لَهُ مُطْلَقًا إمَّا لِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِی التَّذْکِیَهِ .

وَهَذَا مِنْهُ ، أَوْ لِمَا فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ مِنْ اشْتِرَاطِ أَخْذِ الْمُسْلِمِ لَهُ مِنْهُمْ حَیًّا فَیَکُونُ إخْرَاجُهُمْ لَهُ بِمَنْزِلَهِ وُثُوبِهِ مِنْ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ إذَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ .

وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْقَوْلُ فِی اعْتِبَارِ اسْتِقْرَارِ الْحَیَاهِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ کَمَا سَبَقَ ، وَالْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ مَعَ مَیْلِهِ إلَی عَدَمِ اعْتِبَارِهِ ثُمَّ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِهِ هُنَا .

( وَیَجُوزُ أَکْلُهُ حَیًّا ) ، لِکَوْنِهِ مُذَکًّی بِإِخْرَاجِهِ مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ مَوْتِهِ بَعْدَ ذَلِکَ ، بِخِلَافِ غَیْرِهِ مِنْ الْحَیَوَانِ فَإِنَّ تَذْکِیَتَهُ مَشْرُوطَهٌ بِمَوْتِهِ بِالذَّبْحِ ، أَوْ النَّحْرِ ، أَوْ مَا فِی حُکْمِهِمَا وَقِیلَ : لَا یُبَاحُ أَکْلُهُ حَتَّی یَمُوتَ کَبَاقِی مَا یُذَکَّی ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَعَ إلَی الْمَاءِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ فَمَاتَ فِیهِ لَمْ یَحِلَّ ، فَلَوْ کَانَ مُجَرَّدُ إخْرَاجِهِ کَافِیًا لَمَا حَرُمَ بَعْدَهُ وَیُمْکِنُ خُرُوجُ هَذَا الْفَرْدِ بِالنَّصِّ عَلَیْهِ ، وَقَدْ عُلِّلَ فِیهِ بِأَنَّهُ مَاتَ فِیمَا فِیهِ حَیَاتُهُ .

فَیَبْقَی مَا دَلَّ عَلَی أَنَّ ذَکَاتَهُ إخْرَاجُهُ ، خَالِیًا عَنْ الْمُعَارِضِ ( وَلَوْ اشْتَبَهَ الْمَیِّتُ ) مِنْهُ ( بِالْحَیِّ فِی الشَّبَکَهِ وَغَیْرِهَا حَرُمَ الْجَمِیعُ ) عَلَی الْأَظْهَرِ ؛ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ الْمَیِّتِ الْمَحْصُورِ الْمَوْقُوفِ عَلَی اجْتِنَابِ الْجَمِیعِ وَلِعُمُومِ قَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " مَا مَاتَ فِی الْمَاءِ فَلَا تَأْکُلْهُ فَإِنَّهُ مَاتَ فِیمَا کَانَ فِیهِ حَیَاتُهُ " وَقِیلَ : یَحِلُّ الْجَمِیعُ إذَا کَانَ فِی الشَّبَکَهِ ، أَوْ الْحَظِیرَهِ مَعَ عَدَمِ تَمْیِیزِ الْمَیِّتِ ، لِصَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ وَغَیْرِهَا الدَّالَّهِ عَلَی حِلِّهِ مُطْلَقًا بِحَمْلِهِ عَلَی الِاشْتِبَاهِ جَمْعًا .

وَقِیلَ : یَحِلُّ الْمَیِّتُ فِی الشَّبَکَهِ ، وَالْحَظِیرَهِ وَإِنْ تَمَیَّزَ ، لِلتَّعْلِیلِ فِی النَّصِّ بِأَنَّهُمَا لَمَّا عَمِلَا لِلِاصْطِیَادِ جَرَی مَا فِیهِمَا مَجْرَی الْمَقْبُوضِ بِالْیَدِ .

( الثَّانِیَهُ - ذَکَاهُ الْجَرَادِ أَخْذُهُ حَیًّا )

بِالْیَدِ ، أَوْ الْآلَهِ ( وَلَوْ کَانَ الْآخِذُ لَهُ کَافِرًا ) إذَا شَاهَدَهُ الْمُسْلِمُ کَالسَّمَکِ .

وَقَوْلُ ابْنِ زُهْرَهَ هُنَا کَقَوْلِهِ فِی السَّمَکِ .

( إذَا اسْتَقَلَّ بِالطَّیَرَانِ ) وَإِلَّا لَمْ یَحِلَّ ، وَحَیْثُ اُعْتُبِرَ فِی تَذْکِیَتِهِ أَخْذُهُ حَیًّا .

( فَلَوْ أَحْرَقَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ حَرُمَ ) ، وَکَذَا لَوْ مَاتَ فِی الصَّحْرَاءِ ، أَوْ فِی الْمَاءِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَإِنْ أَدْرَکَهُ بِنَظَرِهِ ، وَیُبَاحُ أَکْلُهُ حَیًّا وَبِمَا فِیهِ کَالسَّمَکِ ( وَلَا یَحِلُّ الدَّبَا ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَقْصُورًا وَهُوَ الْجَرَادُ قَبْلَ أَنْ یَطِیرَ وَإِنْ ظَهَرَ جَنَاحُهُ جَمْعُ دَبَاهٍ بِالْفَتْحِ أَیْضًا .

( الثَّالِثَهُ -ذَکَاهُ الْجَنِینِ ذَکَاهُ أُمِّهِ )

هَذَا لَفْظُ الْحَدِیثِ النَّبَوِیِّ وَعَنْ أَهْلِ الْبَیْتِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ مِثْلُهُ وَالصَّحِیحُ رِوَایَهً وَفَتْوًی أَنَّ ذَکَاهَ الثَّانِیَهِ مَرْفُوعَهٌ خَبَرًا عَنْ الْأُولَی فَتَنْحَصِرُ ذَکَاتُهُ فِی ذَکَاتِهِ ؛ لِوُجُوبِ انْحِصَارِ الْمُبْتَدَأِ فِی خَبَرِهِ فَإِنَّهُ إمَّا مُسَاوٍ ، أَوْ أَعَمُّ وَکِلَاهُمَا یَقْتَضِی الْحَصْرَ وَالْمُرَادُ بِالذَّکَاهِ هُنَا السَّبَبُ الْمُحَلِّلُ لِلْحَیَوَانِ کَذَکَاهِ السَّمَکِ وَالْجَرَادِ وَامْتِنَاعُ ذَکَّیْت الْجَنِینَ - إنْ صَحَّ - فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَی الْمَعْنَی الظَّاهِرِیِّ وَهُوَ فَرْیُ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَهِ ، أَوْ یُقَالُ : إنَّ إضَافَهَ الْمَصَادِرِ تُخَالِفُ إضَافَهَ الْأَفْعَالِ لِلِاکْتِفَاءِ فِیهَا بِأَدْنَی مُلَابَسَهٍ ، وَلِهَذَا صَحَّ ، لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَلَمْ یَصِحَّ حَجَّ الْبَیْتُ ، وَصَامَ رَمَضَانُ بِجَعْلِهِمَا فَاعِلَیْنِ .

وَرُبَّمَا أَعْرَبَهَا بَعْضُهُمْ بِالنَّصْبِ عَلَی الْمَصْدَرِ أَیْ : ذَکَاتُهُ کَذَکَاهِ أُمِّهِ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَنَصَبَ مَفْعُولًا وَحِینَئِذٍ فَتَجِبُ تَذْکِیَتُهُ کَتَذْکِیَهِ أُمِّهِ .

وَفِیهِ مَعَ التَّعَسُّفِ مُخَالَفَهٌ لِرِوَایَهِ الرَّفْعِ ، دُونَ الْعَکْسِ ، ؛ لِإِمْکَانِ کَوْنِ الْجَارِّ الْمَحْذُوفِ " فِی " أَیْ : دَاخِلَهً فِی ذَکَاهِ أُمِّهِ جَمْعًا بَیْنَ الرِّوَایَتَیْنِ ، مَعَ أَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِرِوَایَهِ أَهْلِ الْبَیْتِ عَلَیْهِمْ السَّلَامُ وَهُمْ أَدْرَی بِمَا فِی الْبَیْتِ وَهُوَ فِی أَخْبَارِهِمْ کَثِیرٌ صَرِیحٌ فِیهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْحُوَارِ تُذَکَّی أُمُّهُ أَیُؤْکَلُ بِذَکَاتِهَا ؟ فَقَالَ : إذَا کَانَ تَامًّا وَنَبَتَ عَلَیْهِ الشَّعْرُ فَکُلْ ، وَعَنْ الْبَاقِرِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِی الذَّبِیحَهِ تُذْبَحُ وَفِی بَطْنِهَا وَلَدٌ قَالَ : إنْ کَانَ تَامًّا فَکُلْهُ فَإِنَّ ذَکَاتَهُ ذَکَاهُ أُمِّهِ ، وَإِنْ لَمْ یَکُنْ تَامًّا فَلَا تَأْکُلْهُ وَإِنَّمَا یَجُوزُ أَکْلُهُ بِذَکَاتِهَا ( إذَا تَمَّتْ خِلْقَتُهُ ) ، وَتَکَامَلَتْ أَعْضَاؤُهُ ، وَأَشْعَرَ ، أَوْ أَوْبَرَ کَمَا دَلَّتْ عَلَیْهِ الْأَخْبَارُ ( سَوَاءٌ وَلَجَتْهُ الرُّوحُ أَوْ لَا ، وَسَوَاءٌ أُخْرِجَ مَیِّتًا أَوْ ) أُخْرِجَ ( حَیًّا غَیْرَ مُسْتَقِرِّ الْحَیَاهِ ) ؛ لِأَنَّ غَیْرَ مُسْتَقِرِّهَا بِمَنْزِلَهِ الْمَیِّتِ ، وَلِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ بِحِلِّهِ إذَا کَانَ تَامًّا ( وَلَوْ کَانَتْ ) حَیَاتُهُ ( مُسْتَقِرَّهً ذُکِّیَ ) ، ؛ لِأَنَّهُ حَیَوَانٌ حَیٌّ فَیَتَوَقَّفُ حِلُّهُ عَلَی التَّذْکِیَهِ ، عَمَلًا بِعُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّهِ عَلَیْهَا إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِیلُ الْخَاصُّ وَیَنْبَغِی فِی غَیْرِ الْمُسْتَقِرِّ ذَلِکَ ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِی حِلِّ الْمَذْبُوحِ .

هَذَا إذَا اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِتَذْکِیَتِهِ .

أَمَّا لَوْ ضَاقَ عَنْهَا فَفِی حِلِّهِ وَجْهَانِ .

مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ تَذْکِیَهِ مَا خَرَجَ مُسْتَقِرَّ الْحَیَاهِ .

وَمِنْ تَنْزِیلِهِ مَنْزِلَهَ غَیْرِ مُسْتَقِرِّهَا لِقُصُورِ زَمَانِ حَیَاتِهِ ، وَدُخُولِهِ فِی عُمُومِ الْأَخْبَارِ الدَّالَّهِ عَلَی حِلِّهِ بِتَذْکِیَهِ أُمِّهِ إنْ لَمْ یَدْخُلْ مُطْلَقُ الْحَیِّ وَلَوْ لَمْ تَتِمَّ خِلْقَتُهُ فَهُوَ حَرَامٌ وَاشْتَرَطَ جَمَاعَهٌ مَعَ تَمَامِ خِلْقَتِهِ أَنْ لَا تَلِجَهُ الرُّوحُ ، وَإِلَّا افْتَقَرَ إلَی تَذْکِیَتِهِ مُطْلَقًا .

الْأَخْبَارُ مُطْلَقَهٌ وَالْفَرْضُ بَعِیدٌ ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ لَا تَنْفَکُّ عَنْ تَمَامِ الْخِلْقَهِ عَادَهً .

وَهَلْ تَجِبُ الْمُبَادَرَهُ إلَی إخْرَاجِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَذْبُوحِ أَمْ یَکْفِی إخْرَاجُهُ الْمُعْتَادُ ؟ بَعْدَ کَشْطِ جِلْدِهِ عَادَهً ، إطْلَاقُ الْأَخْبَارِ وَالْفَتْوَی یَقْتَضِی الْعَدَمَ .

وَالْأَوَّلُ أَوْلَی .

(الرَّابِعَهُ مَا یَثْبُتُ فِی آلَهِ الصَّیَّادِ )

(الرَّابِعَهُ مَا یَثْبُتُ فِی آلَهِ الصَّیَّادِ )

مِنْ الصُّیُودِ الْمَقْصُودَهِ بِالصَّیْدِ یَمْلِکُهُ ؛ لِتَحَقُّقِ الْحِیَازَهِ وَالنِّیَّهِ .

هَذَا إذَا نَصَبَهَا بِقَصْدِ الصَّیْدِ کَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِتَحَقُّقِ قَصْدِ التَّمَلُّکِ .

وَحَیْثُ ( یَمْلِکُهُ ) یَبْقَی مِلْکُهُ عَلَیْهِ .

( وَلَوْ انْفَلَتَ بَعْدَ ذَلِکَ ) لِثُبُوتِ مِلْکِهِ فَلَا یَزُولُ بِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ ، کَإِبَاقِ الْعَبْدِ ، وَشُرُودِ الدَّابَّهِ ، وَلَوْ کَانَ انْفِلَاتُهُ بِاخْتِیَارِهِ نَاوِیًا قَطْعَ مِلْکِهِ عَنْهُ ، فَفِی خُرُوجِهِ عَنْ مِلْکِهِ قَوْلَانِ .

مِنْ الشَّکِّ فِی کَوْنِ ذَلِکَ مُخْرِجًا عَنْ الْمِلْکِ مَعَ تَحَقُّقِهِ فَیُسْتَصْحَبُ وَمِنْ کَوْنِهِ بِمَنْزِلَهِ الشَّیْءِ الْحَقِیرِ مِنْ مَالِهِ إذَا رَمَاهُ مُهْمِلًا لَهُ وَیَضْعُفُ بِمَنْعِ خُرُوجِ الْحَقِیرِ عَنْ مِلْکِهِ بِذَلِکَ وَإِنْ کَانَ ذَلِکَ إبَاحَهٌ لِتَنَاوُلِ غَیْرِهِ .

فَیَجُوزُ الرُّجُوعُ فِیهِ مَا دَامَ بَاقِیًا .

وَرُبَّمَا قِیلَ بِتَحْرِیمِ أَخْذِ الصَّیْدِ الْمَذْکُورِ مُطْلَقًا وَإِنْ جَازَ أَخْذُ الْیَسِیرِ مِنْ الْمَالِ ، لِعَدَمِ الْإِذْنِ شَرْعًا فِی إتْلَافِ الْمَالِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ تَکُونَ قِیمَتُهُ یَسِیرَهً .

( وَلَا یَمْلِکُ مَا عَشَّشَ فِی دَارِهِ ، أَوْ وَقَعَ فِی مُوحِلَتِهِ ، أَوْ وَثَبَ إلَی سَفِینَتِهِ ) ، ؛ لِأَنَّ ذَلِکَ لَا یُعَدُّ آلَهً لِلِاصْطِیَادِ ، وَلَا إثْبَاتًا لِلْیَدِ .

نَعَمْ یَصِیرُ أَوْلَی بِهِ مِنْ غَیْرِهِ ، فَلَوْ تَخَطَّی الْغَیْرُ إلَیْهِ فَعَلَ حَرَامًا ، وَفِی مِلْکِهِ لَهُ بِالْأَخْذِ قَوْلَانِ .

مِنْ أَنَّ الْأَوْلَوِیَّهَ لَا تُفِیدُ الْمِلْکَ فَیُمْکِنُ تَمَلُّکُهُ بِالِاسْتِیلَاءِ ، وَمِنْ تَحْرِیمِ الْفِعْلِ فَلَا یَتَرَتَّبُ عَلَیْهِ حُکْمُ الْمِلْکِ شَرْعًا .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِی أَوْلَوِیَّهِ التَّحْجِیرِ ، وَأَنَّ الْمُتَخَطِّیَ لَا یَمْلِکُ .

وَفِیهِ نَظَرٌ وَلَوْ قَصَدَ بِبِنَاءِ الدَّارِ إحْبَاسَ الصَّیْدِ ، أَوْ تَعْشِیشَهُ ، وَبِالسَّفِینَهِ وُثُوبَ السَّمَکِ ، وَبِالْمُوحِلَهِ تَوَحُّلَهُ فَفِی الْمِلْکِ بِهِ وَجْهَانِ .

مِنْ انْتِفَاءِ کَوْنِ ذَلِکَ آلَهً لِلِاصْطِیَادِ عَادَهً ، وَکَوْنِهِ مَعَ الْقَصْدِ بِمَعْنَاهُ . وَهُوَ الْأَقْوَی ، وَیَمْلِکُ الصَّیْدَ بِإِثْبَاتِهِ بِحَیْثُ یَسْهُلُ تَنَاوُلُهُ وَإِنْ لَمْ یَقْبِضْهُ بِیَدِهِ ، أَوْ بِآلَتِهِ .

( وَلَوْ أَمْکَنَ الصَّیْدُ التَّحَامُلَ ) بَعْدَ إصَابَتِهِ ( عَدْوًا ، أَوْ طَیَرَانًا بِحَیْثُ لَا یُدْرِکُهُ إلَّا بِسُرْعَهٍ شَدِیدَهٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَی الْإِبَاحَهِ ) ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ إثْبَاتِ الْیَدِ عَلَیْهِ بِبَقَائِهِ عَلَی الِامْتِنَاعِ وَإِنْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ ، وَکَذَا لَوْ کَانَ لَهُ قُوَّهٌ عَلَی الِامْتِنَاعِ بِالطَّیَرَانِ وَالْعَدْوِ فَأَبْطَلَ أَحَدُهُمَا خَاصَّهً ؛ لِبَقَاءِ الِامْتِنَاعِ فِی الْجُمْلَهِ الْمُنَافِی لِلْیَدِ .

( الْخَامِسَهُ - لَا یَمْلِکُ الصَّیْدَ الْمَقْصُوصَ ،

أَوْ مَا عَلَیْهِ أَثَرُ الْمِلْکِ ) ، لِدَلَالَهِ الْقَصِّ ، وَالْأَثَرِ عَلَی مَالِکٍ سَابِقٍ ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَیُشْکِلُ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَثَرِ إنَّمَا یَدُلُّ عَلَی الْمُؤَثِّرِ .

أَمَّا الْمَالِکُ فَلَا لِجَوَازِ وُقُوعِهِ مِنْ غَیْرِ مَالِکٍ ، أَوْ مِمَّنْ لَا یَصْلُحُ لِلتَّمَلُّکِ ، أَوْ مِمَّنْ لَا یَحْتَرِمُ مَالَهُ .

فَکَیْفَ یُحْکَمُ بِمُجَرَّدِ الْأَثَرِ لِمَالِکٍ مُحْتَرَمٍ مَعَ أَنَّهُ أَعَمُّ وَالْعَامُّ لَا یَدُلُّ عَلَی الْخَاصِّ ؟ وَعَلَی الْمَشْهُورِ یَکُونُ مَعَ الْأَثَرِ لُقَطَهً ، وَمَعَ عَدَمِ الْأَثَرِ فَهُوَ لِصَائِدِهِ وَإِنْ کَانَ أَهْلِیًّا کَالْحَمَامِ ، لِلْأَصْلِ إلَّا أَنْ یَعْرِفَ مَالِکَهُ فَیَدْفَعُهُ إلَیْهِ .

(47) کتاب الاطعمه والاشربه

(47) کتاب الاطعمه والاشربه

کِتَابُ الْأَطْعِمَهِ وَالْأَشْرِبَهِ

( إنَّمَا یَحِلُّ مَنْ حَیَوَانِ الْبَحْرِ سَمَکٌ لَهُ فَلْسٌ وَإِنْ زَالَ عَنْهُ ) فِی بَعْضِ الْأَحْیَانِ ( کالکنعت ) وَیُقَالُ : الْکَنْعَدُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَهِ ضَرْبٌ مِنْ السَّمَکِ لَهُ فَلْسٌ ضَعِیفٌ یَحْتَکُّ بِالرَّمْلِ فَیَذْهَبُ عَنْهُ ثُمَّ یَعُودُ ( وَلَا یَحِلُّ الْجَرِّیُّ ) بِالْجِیمِ الْمَکْسُورَهِ فَالرَّاءِ الْمُهْمَلَهِ الْمُشَدَّدَهِ الْمَکْسُورَهِ ، وَیُقَالُ : الْجِرِّیثُ بِالضَّبْطِ الْأَوَّلِ مَخْتُومًا بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَهِ ( وَالْمَارْمَاهِی ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَارِسِیٌّ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهَا حَیَّهُ السَّمَکِ ( وَالزَّهْوُ ) بِالزَّایِ الْمُعْجَمَهِ فَالْهَاءِ السَّاکِنَهِ ( عَلَی قَوْلِ ) الْأَکْثَرِ .

وَبِهِ أَخْبَارٌ لَا تَبْلُغُ حَدَّ الصِّحَّهِ .

وَبِحِلِّهَا أَخْبَارٌ صَحِیحَهٌ حُمِلَتْ عَلَی التَّقِیَّهِ .

وَیُمْکِنُ حَمْلُ النَّهْیِ عَلَی الْکَرَاهَهِ کَمَا فَعَلَ الشَّیْخُ فِی مَوْضِعٍ مِنْ النِّهَایَهِ إلَّا أَنَّهُ رَجَعَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَحَکَمَ بِقَتْلِ مُسْتَحِلِّهَا وَحِکَایَتُهُ قَوْلًا مُشْعِرَهٌ بِتَوَقُّفِهِ مَعَ أَنَّهُ رَجَّحَ فِی الدُّرُوسِ التَّحْرِیمَ .

وَهُوَ الْأَشْهَرُ .

( وَلَا السُّلَحْفَاهُ ) بِضَمِّ السِّینِ الْمُهْمَلَهِ ، وَفَتْحِ اللَّامِ فَالْحَاءِ الْمُهْمَلَهِ السَّاکِنَهِ .

وَالْفَاءِ الْمَفْتُوحَهِ .

وَالْهَاءِ بَعْدَ الْأَلْفِ ( وَالضُّفْدُعُ ) بِکَسْرِ الضَّادِ وَالدَّالِ مِثَالُ خِنْصِرٍ ( وَالصَّرَطَانُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَالرَّاءِ ( وَغَیْرُهَا ) مِنْ حَیَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ کَانَ جِنْسُهُ فِی الْبَرِّ حَلَالًا سِوَی السَّمَکِ الْمَخْصُوصِ ( وَلَا الْجَلَّالُ مِنْ السَّمَکِ ) وَهُوَ الَّذِی اغْتَذَی الْعَذِرَهَ مَحْضًا حَتَّی نَمَا بِهَا کَغَیْرِهِ ( حَتَّی یُسْتَبْرَأَ بِأَنْ یُطْعَمَ عَلَفًا طَاهِرًا ) مُطْلَقًا عَلَی الْأَقْوَی ( فِی الْمَاءِ ) الطَّاهِرِ ( یَوْمًا وَلَیْلَهً ) رُوِیَ ذَلِکَ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ بِسَنَدٍ ضَعِیفٍ ، وَفِی الدُّرُوسِ أَنَّهُ یُسْتَبْرَأُ یَوْمًا إلَی اللَّیْلِ ثُمَّ نَقَلَ الرِّوَایَهَ وَجَعَلَهَا أَوْلَی .

وَمُسْتَنَدُ الْیَوْمِ رِوَایَهُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِیِّ ، وَهُوَ ضَعِیفٌ أَیْضًا .

إلَّا أَنَّ الْأَشْهَرَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِیَقِینِ الْبَرَاءَهِ ، وَاسْتِصْحَابِ حُکْمِ التَّحْرِیمِ إلَی أَنْ یُعْلَمَ الْمُزِیلُ .

وَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ عَلَی عَدَمِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ فِی تَحْلِیلِهِ لَمَا کَانَ ذَلِکَ قَاطِعًا لِلتَّحْرِیمِ لِضَعْفِهِ ( وَالْبَیْضُ تَابِعٌ ) لِلسَّمَکِ فِی الْحِلِّ وَالْحُرْمَهِ .

( وَلَوْ اشْتَبَهَ ) بَیْضُ الْمُحَلَّلِ بِالْمُحَرَّمِ ( أَکَلَ الْخَشِنَ ، دُونَ الْأَمْلَسَ ) وَأَطْلَقَ کَثِیرٌ ذَلِکَ مِنْ غَیْرِ اعْتِبَارِ التَّبَعِیَّهِ .

( وَیُؤْکَلُ مَنْ حَیَوَانِ الْبَرِّ الْأَنْعَامُ الثَّلَاثَهُ ) الْإِبِلُ .

وَالْبَقَرُ .

وَالْغَنَمُ .

وَمَنْ نَسَبَ إلَیْنَا تَحْرِیمَ الْإِبِلِ فَقَدْ بَهَتَ نَعَمْ هُوَ مَذْهَبُ الْخَطَّابِیَّهِ لَعَنَهُمْ اللَّهُ ( وَبَقَرُ الْوَحْشِ ، وَحِمَارُهُ ، وَکَبْشُ الْجَبَلِ ) ذُو الْقَرْنِ الطَّوِیلِ ( وَالضَّبِّیُّ ، وَالْیَحْمُورُ ) .

(وَیُکْرَهُ الْخَیْلُ ، وَالْبِغَالُ ، وَالْحَمِیرُ الْأَهْلِیَّهُ )

فِی الْأَشْهَرِ ( وَآکَدُهَا ) کَرَاهَهً ( الْبَغْلُ ) لِتَرْکِیبِهِ مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ .

وَهُمَا مَکْرُوهَانِ فَجَمَعَ الْکَرَاهَتَیْنِ ( ثُمَّ الْحِمَارُ ) ( وَقِیلَ ) : وَالْقَائِلُ الْقَاضِی ( بِالْعَکْسِ ) آکَدُهَا کَرَاهَهً الْحِمَارُ ثُمَّ الْبَغْلُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ قَوِیِّ الْکَرَاهَهِ وَضَعِیفِهَا أَخَفُّ کَرَاهَهً مِنْ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ قَوِیِّهَا خَاصَّهً .

وَقِیلَ بِتَحْرِیمِ الْبَغْلِ .

وَفِی صَحِیحَهِ .

ابْنِ مُسْکَانَ النَّهْیُ عَنْ الثَّلَاثَهِ إلَّا لِضَرُورَهٍ ، وَحُمِلَتْ عَلَی الْکَرَاهَهِ جَمْعًا .

(وَیَحْرُمُ الْکَلْبُ وَالْخِنْزِیرُ وَالسِّنَّوْرُ )

بِکَسْرِ السِّینِ وَفَتْحِ النُّونِ .

( وَإِنْ کَانَ ) السِّنَّوْرُ ( وَحْشِیًّا ، وَالْأَسَدُ ، وَالنَّمِرُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَکَسْرِ الْمِیمِ ( وَالْفَهْدُ ، وَالثَّعْلَبُ ، وَالْأَرْنَبُ ، وَالضَّبُعُ ) بِفَتْحِ الضَّادِ فَضَمِّ الْبَاءِ ، ( وَابْنُ آوَی ، وَالضَّبُّ ، وَالْحَشَرَاتُ کُلُّهَا کَالْحَیَّهِ ، وَالْفَأْرَهِ وَالْعَقْرَبِ ، وَالْخَنَافِسِ ، وَالصَّرَاصِیرِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَبْنِیًّا عَلَی الْفَتْحِ ، ( وَالْبَرَاغِیثُ ، وَالْقَمْلُ ، وَالْیَرْبُوعُ ، وَالْقُنْفُذُ ، وَالْوَبْرُ ) بِسُکُونِ الْبَاءِ جَمْعُ وَبْرَهٍ بِالسُّکُونِ ، قَالَ الْجَوْهَرِیُّ : هِیَ دُوَیْبَّهٌ أَصْغَرُ مِنْ السِّنَّوْرِ طَحْلَاءُ اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا تَرْجُنُ فِی الْبُیُوتِ .

( وَالْخَزُّ ) .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِی بَابِ الصَّلَاهِ أَنَّهُ دُوَیْبَّهٌ بَحْرِیَّهٌ ذَاتُ أَرْبَعِ أَرْجُلٍ تُشْبِهُ الثَّعْلَبَ وَکَأَنَّهَا الْیَوْمَ مَجْهُولَهٌ ، أَوْ مُغَیَّرَهُ الِاسْمِ ، أَوْ مَوْهُومَهٌ وَقَدْ کَانَتْ فِی مَبْدَأِ الْإِسْلَامِ إلَی وَسَطِهِ کَثِیرَهً جِدًّا .

( وَالْفَنَکُ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ دَابَّهٌ یُتَّخَذُ مِنْهَا الْفَرْوُ .

( وَالسَّمُّورُ ) بِفَتْحِ السِّینِ وَضَمِّ الْمِیمِ الْمُشَدَّدَهِ .

( وَالسِّنْجَابُ وَالْعَظَاءَهُ ) بِالظَّاءِ الْمُشَالَهِ مَمْدُودَهٌ مَهْمُوزَهٌ .

وَقَدْ تُقْلَبُ الْهَمْزَهُ یَاءً قَالَ فِی الصِّحَاحِ : هِیَ دُوَیْبَّهٌ أَکْبَرُ مِنْ الْوَزَغَهِ ، وَالْجَمْعُ الْعَظَاءُ مَمْدُودَهٌ .

( وَاللُّحَکَهُ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ نَقَلَ الْجَوْهَرِیُّ عَنْ ابْنِ السِّکِّیتِ أَنَّهَا دُوَیْبَّهٌ شَبِیهَهٌ بِالْعَظَاءَهِ تَبْرُقُ زَرْقَاءُ وَلَیْسَ لَهَا ذَنَبٌ طَوِیلٌ مِثْلُ ذَنَبِ الْعَظَاءَهِ ، وَقَوَائِمُهَا خَفِیَّهٌ .

(وَیَحْرُمُ مَنْ الطَّیْرِ مَا لَهُ مِخْلَابٌ )

بِکَسْرِ الْمِیمِ ( کَالْبَازِی وَالْعُقَابِ ) بِضَمِّ الْعَیْنِ ( وَالصَّقْرِ ) بِالصَّادِ تُقْلَبُ سِینًا قَاعِدَهٌ فِی کَلِمَهٍ فِیهَا قَافٌ أَوْ طَاءٌ ، أَوْ رَاءٌ ، أَوْ غَیْنٌ ، أَوْ خَاءٌ کَالْبُصَاقِ ، وَالصِّرَاطِ ، وَالصُّدْغِ ، وَالصِّمَاخِ ( وَالشَّاهِینِ وَالنَّسْرِ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ، ( وَالرَّخَمِ وَالْبُغَاثِ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَهِ وَبِالْمُعْجَمَهِ الْمُثَلَّثَهِ جَمْعُ بُغَاثَهٍ کَذَلِکَ طَائِرٌ أَبْیَضُ بَطِیءُ الطَّیَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَهِ بِکَسْرِ الْحَاءِ ، وَالْهَمْزِ .

وَفِی الدُّرُوسِ أَنَّ الْبُغَاثَ مَا عَظُمَ مِنْ الطَّیْرِ ، وَلَیْسَ لَهُ مِخْلَابٌ مُعَقَّفٌ قَالَ : وَرُبَّمَا جُعِلَ النَّسْرُ مِنْ الْبُغَاثِ وَهُوَ مُثَلَّثُ الْبَاءِ ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ : بُغَاثُ الطَّیْرِ شِرَارُهَا ، وَمَا لَا یَصِیدُ مِنْهَا .

(وَالْغُرَابِ الْکَبِیرِ الْأَسْوَدِ )

الَّذِی یَسْکُنُ الْجِبَالَ وَالْخَرِبَاتِ ، وَیَأْکُلُ الْجِیَفَ ( وَالْأَبْقَعِ ) أَیْ : الْمُشْتَمِلِ عَلَی بَیَاضٍ وَسَوَادٍ مِثْلُ الْأَبْلَقِ فِی الْحَیَوَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَقْعَقِ بِفَتْحِ عَیْنَیْهِ .

وَفِی الْمُهَذَّبِ جَعَلَهُ صِنْفَیْنِ : أَحَدُهُمَا الْمَشْهُورُ .

وَالْآخَرُ أَکْبَرُ مِنْهُ حَجْمًا ، وَأَصْغَرُ ذَنَبًا .

وَمُسْتَنَدُ التَّحْرِیمِ فِیهِمَا صَحِیحَهُ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی عَلَیْهِمَا السَّلَامُ بِتَحْرِیمِ الْغُرَابِ مُطْلَقًا وَرِوَایَهُ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ أَنَّهُ سَأَلَ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ ، فَقَالَ : إنَّهُ لَا یُؤْکَلُ ، وَمَنْ أَحَلَّ لَک الْأَسْوَدَ ( وَیَحِلُّ غُرَابُ الزَّرْعِ ) الْمَعْرُوفُ بِالزَّاغِ ( فِی الْمَشْهُورِ وَکَذَا الْغُدَافُ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ إلَی الْغُبْرَهِ مَا هُوَ ) أَیْ : یَمِیلُ إلَی الْغُبْرَهِ یَسِیرًا وَیُعْرَفُ بِالرَّمَادِیِّ لِذَلِکَ .

وَنُسِبَ الْقَوْلُ بِحِلِّ الْأَوَّلِ إلَی الشُّهْرَهِ ، لِعَدَمِ دَلِیلٍ صَرِیحٍ یُخَصِّصُهُ ، بَلْ الْأَخْبَارُ مِنْهَا مُطْلَقٌ فِی تَحْرِیمِ الْغُرَابِ بِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ کَصَحِیحَهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی عَلَیْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : لَا یَحِلُّ شَیْءٌ مِنْ الْغِرْبَانِ زَاغٌ وَلَا غَیْرُهُ .

وَهُوَ نَصٌّ ، أَوْ مُطْلَقٌ فِی الْإِبَاحَهِ کَرِوَایَهِ زُرَارَهَ عَنْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَالَ : إنَّ أَکْلَ الْغُرَابِ لَیْسَ بِحَرَامٍ إنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ لَکِنْ لَیْسَ فِی الْبَابِ حَدِیثٌ صَحِیحٌ غَیْرَ مَا دَلَّ عَلَی التَّحْرِیمِ .

فَالْقَوْلُ بِهِ مُتَعَیِّنٌ وَلَعَلَّ الْمُخَصِّصَ اسْتَنَدَ إلَی مَفْهُومِ حَدِیثِ أَبِی یَحْیَی ، لَکِنَّهُ ضَعِیفٌ .

وَیُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعُ بِحِلِّ الْغُدَافِ الْأَغْبَرِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ عَنْ حِکَایَهِ الْمَشْهُورِ ، وَمُسْتَنَدُهُ غَیْرُ وَاضِحٍ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَی أَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْغُرَابِ .

(وَیَحْرُمُ)مِنْ الطَّیْرِ

( مَا کَانَ صَفِیفُهُ ) حَالَ طَیَرَانِهِ .

وَهُوَ أَنْ یَطِیرَ مَبْسُوطَ الْجَنَاحَیْنِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُحَرِّکَهُمَا ( أَکْثَرَ مِنْ دَفِیفِهِ ) بِأَنْ یُحَرِّکَهُمَا حَالَتَهُ ( دُونَ مَا انْعَکَسَ ، أَوْ تَسَاوَیَا فِیهِ ) أَیْ : فِی الصَّفِیفِ وَالدَّفِیفِ ، وَالْمَنْصُوصُ تَحْرِیمًا وَتَحْلِیلًا دَاخِلٌ فِیهِ ، إلَّا الْخَطَّافَ فَقَدْ قِیلَ : بِتَحْرِیمِهِ مَعَ أَنَّهُ یَدُفُّ .

فَبِذَلِکَ ضَعُفَ الْقَوْلُ بِتَحْرِیمِهِ .

( وَ ) کَذَا ( یَحْرُمُ مَا لَیْسَ لَهُ قَانِصَهٌ ) وَهِیَ لِلطَّیْرِ بِمَنْزِلَهِ الْمَصَارِینِ لِغَیْرِهَا ( وَلَا حَوْصَلَهٌ ) بِالتَّشْدِیدِ وَالتَّخْفِیفِ ، وَهِیَ مَا یَجْمَعُ فِیهَا الْحَبَّ وَغَیْرَهُ مِنْ الْمَأْکُولِ عِنْدَ الْحَلْقِ ( وَلَا صِیصِیَهٌ ) بِکَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ مُخَفَّفًا ، وَهِیَ الشَّوْکَهُ الَّتِی فِی رِجْلِهِ مَوْضِعَ الْعَقِبِ ، وَأَصْلُهَا شَوْکَهُ الْحَائِکِ الَّتِی یُسَوِّی بِهَا السَّدَاهَ ، وَاللُّحْمَهَ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَلَامَاتِ مُتَلَازِمَهٌ فَیُکْتَفَی بِظُهُورِ أَحَدِهَا .

وَفِی صَحِیحَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ : سَأَلَ أَبِی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَأَنَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ فِی الْحُبَارَی ، فَقَالَ : إنْ کَانَتْ لَهُ قَانِصَهٌ فَکُلْهُ ، قَالَ وَسَأَلَهُ عَنْ طَیْرِ الْمَاءِ فَقَالَ : مِثْلُ ذَلِکَ وَفِی رِوَایَهِ زُرَارَهَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : کُلْ مَا دَفَّ ، وَلَا تَأْکُلْ مَا صَفَّ فَلَمْ یَعْتَبِرْ أَحَدُهُمَا الْجَمِیعَ ، وَفِی رِوَایَهِ سِمَاعَهَ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ کُلْ مِنْ طَیْرِ الْبَرِّ مَا کَانَ لَهُ حَوْصَلَهٌ ، وَمِنْ طَیْرِ الْمَاءِ مَا کَانَتْ لَهُ قَانِصَهٌ کَقَانِصَهِ الْحَمَامِ ، لَا مَعِدَهٌ کَمَعِدَهِ الْإِنْسَانِ ، وَکُلُّ مَا صَفَّ فَهُوَ ذُو مِخْلَبٍ وَهُوَ حَرَامٌ ، وَکُلُّ مَا دَفَّ فَهُوَ حَلَالٌ ، وَالْقَانِصَهُ وَالْحَوْصَلَهُ یُمْتَحَنُ بِهَا مِنْ الطَّیْرِ مَا لَا یُعْرَفُ طَیَرَانُهُ ، وَکُلُّ طَیْرٍ مَجْهُولٍ وَفِی هَذِهِ الرِّوَایَهِ أَیْضًا دَلَالَهٌ عَلَی عَدَمِ اعْتِبَارِ الْجَمِیعِ ، وَعَلَی أَنَّ الْعَلَامَهَ لِغَیْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَی تَحْرِیمِهِ وَتَحْلِیلِهِ ، ( وَالْخُشَّافُ ) وَیُقَالُ لَهُ : الْخُفَّاشُ وَالْوَطْوَاطُ ( وَالطَّاوُوسُ ) .

(وَیُکْرَهُ الْهُدْهُدُ )

لِقَوْلِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ : { نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ وَالصَّوَّامِ ، وَالنَّحْلَهِ } ، وَرَوَی عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : سَأَلْت أَخِی مُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ الْهُدْهُدِ وَقَتْلِهِ وَذَبْحِهِ فَقَالَ : لَا یُؤْذَی وَلَا یُذْبَحُ فَنِعْمَ الطَّیْرُ هُوَ ، وَعَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : فِی کُلِّ جَنَاحِ هُدْهُدٍ مَکْتُوبٌ بِالسُّرْیَانِیَّهِ آلُ مُحَمَّدٍ خَیْرُ الْبَرِیَّهِ .

( وَالْخُطَّافُ ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِیدِ الطَّاءِ وَهُوَ الصنونو ( أَشَدُّ کَرَاهَهً ) مِنْ الْهُدْهُدِ ، لِمَا رُوِیَ عَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ : { اسْتَوْصُوا بالصنینات خَیْرًا یَعْنِی الْخُطَّافَ فَإِنَّهُنَّ آنَسُ طَیْرِ النَّاسِ بِالنَّاسِ } ، بَلْ قِیلَ بِتَحْرِیمِهِ ، لِرِوَایَهِ دَاوُد الرَّقِّیِّ قَالَ : بَیْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ إذْ مَرَّ رَجُلٌ بِیَدِهِ خُطَّافٌ مَذْبُوحٌ فَوَثَبَ إلَیْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَتَّی أَخَذَهُ مِنْ یَدِهِ ثُمَّ دَحَا بِهِ الْأَرْضَ ، فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَعَالِمُکُمْ أَمَرَکُمْ بِهَذَا أَمْ فَقِیهُکُمْ ؟ ، أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ نَهَی عَنْ قَتْلِ السِّتَّهِ مِنْهَا الْخُطَّافُ } وَفِیهِ أَنَّ تَسْبِیحَهُ قِرَاءَهُ الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَلَا تَرَوْنَهُ یَقُولُ : وَلَا الضَّالِّینَ ، وَالْخَبَرُ مَعَ سَلَامَهِ سَنَدِهِ لَا یَدُلُّ عَلَی تَحْرِیمِ لَحْمِهِ وَوَجْهُ الْحُکْمِ بِحِلِّهِ حِینَئِذٍ أَنَّهُ یَدُفُّ فَیَدْخُلُ فِی الْعُمُومِ وَقَدْ رُوِیَ حِلُّهُ أَیْضًا بِطَرِیقٍ ضَعِیفٍ . ( وَیُکْرَهُ الْفَاخِتَهُ وَالْقُبَّرَهُ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِیدِ الْبَاءِ مَفْتُوحَهً مِنْ غَیْرِ نُونٍ بَیْنَهُمَا ، فَإِنَّهُ لَحْنٌ مِنْ کَلَامِ الْعَامَّهِ ، وَیُقَالُ : الْقُنْبَرَاءُ - بِالنُّونِ - لَکِنْ مَعَ الْأَلْفِ بَعْدَ الرَّاءِ مَمْدُودَهً ، وَهِیَ فِی بَعْضِ نُسَخِ الْکِتَابِ ، وَکَرَاهَهُ الْقُبَّرَهِ مُنْضَمَّهٌ إلَی بَرَکَهٍ بِخِلَافِ الْفَاخِتَهِ .

رَوَی سُلَیْمَانُ الْجَعْفَرِیُّ عَنْ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : لَا تَأْکُلُوا الْقُبَّرَهَ ، وَلَا تَسُبُّوهَا ، وَلَا تُعْطُوهَا الصِّبْیَانَ یَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنَّهَا کَثِیرَهُ التَّسْبِیحِ لِلَّهِ تَعَالَی ، وَتَسْبِیحُهَا ، لَعَنَ اللَّهُ مُبْغِضِی آلِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ : إنَّ الْقُنْزُعَهَ الَّتِی عَلَی رَأْسِ الْقُبَّرَهِ مِنْ مَسْحَهِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُد عَلَی نَبِیّنَا وَآلِهِ وَعَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ .

وَرَوَی أَبُو بَصِیرٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ لِابْنِهِ إسْمَاعِیلَ - وَقَدْ رَأَی فِی بَیْتِهِ فَاخِتَهً فِی قَفَصٍ تَصِیحُ - : یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوک إلَی إمْسَاکِ هَذِهِ الْفَاخِتَهِ أَوَ مَا عَلِمْت أَنَّهَا مَشُومَهٌ ؟ أَوَمَا تَدْرِی مَا تَقُولُ ؟ قَالَ إسْمَاعِیلُ : لَا قَالَ : إنَّمَا تَدْعُو عَلَی أَرْبَابِهَا فَتَقُولُ : فَقَدْتُکُمْ فَقَدْتُکُمْ .

فَأَخْرَجُوهَا .

( وَالْحُبَارَی ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ، وَهُوَ اسْمٌ یَقَع عَلَی الذَّکَرِ وَالْأُنْثَی ، وَاحِدُهَا وَجَمْعُهَا ( أَشَدُّ کَرَاهَهً ) مِنْهُمَا .

وَوَجْهُ الْأَشَدِّیَّهِ غَیْرُ وَاضِحٍ ، وَالْمَشْهُورُ فِی عِبَارَهِ الْمُصَنِّفِ وَغَیْرِهِ أَصْلُ الِاشْتِرَاکِ فِیهَا .

وَقَدْ رَوَی الْمِسْمَعِیُّ قَالَ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَنْ الْحُبَارَی ، فَقَالَ : فَوَدِدْت أَنَّ عِنْدِی مِنْهُ فَآکُلُ حَتَّی أَتَمَلَّأَ .

( وَیُکْرَهُ ) أَیْضًا ( الصُّرَدُ ) بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( وَالصُّوَّامُ ) بِضَمِّ الصَّادِ وَتَشْدِیدِ الْوَاوِ ، قَالَ فِی التَّحْرِیرِ : إنَّهُ طَائِرٌ أَغْبَرُ اللَّوْنِ .

طَوِیلُ الرَّقَبَهِ أَکْثَرُ مَا یَبِیتُ فِی النَّخْلِ .

وَفِی الْأَخْبَارِ النَّهْیُ عَنْ قَتْلِهِمَا فِی جُمْلَهِ السِّتَّهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا .

( وَالشَّقِرَّاقُ ) بِفَتْحِ الشِّینِ وَکَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِیدِ الرَّاءِ وَبِکَسْرِ الشِّینِ أَیْضًا ، وَیُقَالُ : الشِّقِرَّاقُ کَقِرْطَاسٍ ، وَالشِّرَقْرَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْکَسْرِ وَالشَّرَقْرَقُ کَسَفَرْجَلِ : طَائِرٌ مُرَقَّطٌ بِخُضْرَهٍ وَحُمْرَهٍ وَبَیَاضٍ .

ذَکَرَ ذَلِکَ کُلَّهُ فِی الْقَامُوسِ وَعَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ تَعْلِیلُ کَرَاهَتِهِ بِقَتْلِهِ الْحَیَّاتِ .

قَالَ : { وَکَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ یَوْمًا یَمْشِی فَإِذَا شِقِرَّاقٌ قَدْ انْقَضَّ فَاسْتَخْرَجَ مِنْ خُفِّهِ حَیَّهً } .

(وَیَحِلُّ الْحَمَامُ کُلُّهُ کَالْقَمَارِیِّ )

بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَهُوَ الْحَمَامُ الْأَزْرَقُ جَمْعُ قُمْرٍ بِضَمِّهِ مَنْسُوبٌ إلَی طَیْرِ قُمْرٍ ( وَالدَّبَّاسِیُّ ) بِضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ دُبْسِیٍّ بِالضَّمِّ مَنْسُوبٌ إلَی طَیْرِ دُبْسٍ بِضَمِّهَا .

وَقِیلَ : إلَی دِبْسِ الرُّطَبِ بِکَسْرِهَا ، وَإِنَّمَا ضُمَّتْ الدَّالُ مَعَ کَسْرِهَا فِی الْمَنْسُوبِ إلَیْهِ فِی الثَّانِی ، ؛ لِأَنَّهُمْ یُغَیِّرُونَ فِی النَّسَبِ کَالدُّهْرِیِّ بِالضَّمِّ مَعَ نِسْبَتِهِ إلَی الدَّهْرِ بِالْفَتْحِ ، وَعَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْحَمَامُ الْأَحْمَرُ .

( وَالْوَرَشَانُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ ، وَعَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْحَمَامُ الْأَبْیَضُ . ( وَیَحِلُّ الْحَجَلُ وَالدُّرَّاجُ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِیدِ الرَّاءِ .

( وَالْقَطَا ) بِالْقَصْرِ جَمْعُ قَطَاهٍ ( وَالطَّیْهُوجُ ) وَهُوَ طَائِرٌ طَوِیلُ الرِّجْلَیْنِ وَالرَّقَبَهِ مِنْ طُیُورِ الْمَاءِ .

( وَالدَّجَاجُ ) مُثَلَّثُ الدَّالِ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ .

( وَالْکَرَوَانُ ) بِفَتْحِ حُرُوفِهِ الْأُوَلِ .

( وَالْکُرْکِیُّ ) بِضَمِّ الْکَافِ وَاحِدُ الْکَرَاکِیِّ .

( وَالصَّعْوُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُکُونِ الْعَیْنِ جَمْعُ صَعْوَهٍ بِهِمَا .

( وَالْعُصْفُورُ الْأَهْلِیُّ ) الَّذِی یَسْکُنُ الدُّورَ .

( وَیُعْتَبَرُ فِی طَیْرِ الْمَاءِ ) وَهُوَ الَّذِی یَبِیضُ وَیُفَرِّخُ فِیهِ ( مَا یُعْتَبَرُ فِی الْبَرِّیِّ مِنْ الصَّفِیفِ ، وَالدَّفِیفِ ، وَالْقَانِصَهِ ، وَالْحَوْصَلَهِ ، وَالصِّیصِیَهِ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا یَدُلُّ عَلَیْهِ ( وَالْبَیْضُ تَابِعٌ ) لِلطَّیْرِ ( فِی الْحِلِّ وَالْحُرْمَهِ ) فَکُلُّ طَائِرٍ یَحِلُّ أَکْلُهُ یُؤْکَلُ بَیْضُهُ ، وَمَا لَا فَلَا ، فَإِنْ اشْتَبَهَ أُکِلَ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَاجْتُنِبَ مَا اتَّفَقَ . ( وَتَحْرُمُ الزَّنَابِیرُ ) جَمْعُ زُنْبُورٍ بِضَمِّ الزَّایِ بِنَوْعَیْهِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ ( وَالْبَقُّ وَالذُّبَابُ ) بِضَمِّ الذَّالِ وَاحِدُهُ ذُبَابَهٌ بِالضَّمِّ أَیْضًا ، وَالْکَثِیرُ ذِبَّانِ بِکَسْرِ الذَّالِ وَالنُّونِ أَخِیرًا ( وَالْمُجَثِّمَهُ ) بِتَشْدِیدِ الْمُثَلَّثَهِ مَکْسُورَهً ( وَهِیَ الَّتِی تُجْعَلُ غَرَضًا ) لِلرَّمْیِ ( وَتُرْمَی بِالنُّشَّابِ حَتَّی تَمُوتَ وَالْمَصْبُورَهُ وَهِیَ الَّتِی تُجْرَحُ وَتُحْبَسُ حَتَّی تَمُوتَ صَبْرًا ) وَتَحْرِیمُهُمَا وَاضِحٌ ، ؛ لِعَدَمِ التَّذْکِیَهِ مَعَ إمْکَانِهَا .

وَکِلَاهُمَا فِعْلُ الْجَاهِلِیَّهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْیُ عَنْ الْفِعْلَیْنِ مَعَ تَحْرِیمِ اللَّحْمِ .

( وَالْجَلَّالُ وَهُوَ الَّذِی یَتَغَذَّی عَذِرَهَ

( وَالْجَلَّالُ وَهُوَ الَّذِی یَتَغَذَّی عَذِرَهَ الْإِنْسَانِ مَحْضًا )

لَا یَخْلِطُ غَیْرَهَا إلَی أَنْ یَنْبُتَ عَلَیْهَا لَحْمُهُ ، وَیَشْتَدَّ عَظْمُهُ عُرْفًا ( حَرَامٌ حَتَّی یُسْتَبْرَأَ عَلَی الْأَقْوَی ) ، لِحَسَنَهِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : لَا تَأْکُلُوا لُحُومَ الْجَلَّالَهِ ، وَهِیَ الَّتِی تَأْکُلُ الْعَذِرَهَ وَإِنْ أَصَابَک مِنْ عَرَقِهَا فَاغْسِلْهُ .

وَقَرِیبٌ مِنْهَا حَسَنَهُ حَفْصٍ وَفِی مَعْنَاهُمَا رِوَایَاتٌ أُخَرُ ضَعِیفَهٌ ( وَقِیلَ ) وَالْقَائِلُ ابْنُ الْجُنَیْدِ : ( یُکْرَهُ ) لَحْمُهَا وَأَلْبَانُهَا خَاصَّهً اسْتِضْعَافًا لِلْمُسْتَنَدِ ، أَوْ حَمْلًا لَهَا عَلَی الْکَرَاهَهِ .

جَمْعًا بَیْنَهَا ، وَبَیْنَ مَا ظَاهِرُهُ الْحِلُّ وَعَلَی الْقَوْلَیْنِ ( فَتُسْتَبْرَأُ النَّاقَهُ بِأَرْبَعِینَ یَوْمًا وَالْبَقَرَهُ بِعِشْرِینَ ) وَقِیلَ : کَالنَّاقَهِ .

( وَالشَّاهُ بِعَشَرَهٍ ) وَقِیلَ : بِسَبْعَهٍ .

وَمُسْتَنَدُ هَذِهِ التَّقْدِیرَاتِ کُلِّهَا ضَعِیفٌ .

وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا مَا ذَکَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَیَنْبَغِی الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْأَکْثَرِ ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَی عَدَمِ اعْتِبَارِ أَزْیَدَ مِنْهُ ، فَلَا تَجِبُ الزِّیَادَهُ ، وَالشَّکِّ فِیمَا دُونَهُ فَلَا یُتَیَقَّنُ زَوَالُ التَّحْرِیمِ ، مَعَ أَصَالَهِ بَقَائِهِ حَیْثُ ضَعُفَ الْمُسْتَنَدُ .

فَیَکُونُ مَا ذَکَرْنَاهُ طَرِیقًا لِلْحُکْمِ وَکَیْفِیَّهُ الِاسْتِبْرَاءِ ( بِأَنْ یُرْبَطَ الْحَیَوَانُ ) وَالْمُرَادُ أَنْ یُضْبَطَ عَلَی وَجْهٍ یُؤْمَنُ أَکْلُهُ النَّجَسَ ( وَیُطْعَمَ عَلَفًا طَاهِرًا ) مِنْ النَّجَاسَهِ الْأَصْلِیَّهِ وَالْعَرَضِیَّهِ طُولَ الْمُدَّهِ ( وَتُسْتَبْرَأُ الْبَطَّهُ وَنَحْوُهَا ) مَنْ طُیُورِ الْمَاءِ ( بِخَمْسَهِ أَیَّامٍ ، وَالدَّجَاجَهُ وَشِبْهُهَا ) مِمَّا فِی حَجْمِهَا ( بِثَلَاثَهِ ) أَیَّامٍ .

وَالْمُسْتَنَدُ ضَعِیفٌ کَمَا تَقَدَّمَ ، وَمَعَ ذَلِکَ فَهُوَ خَالٍ عَنْ ذِکْرِ الشَّبِیهِ لَهُمَا .

( وَمَا عَدَا ذَلِکَ ) مِنْ الْحَیَوَانِ الْجَلَّالِ ( یُسْتَبْرَأُ بِمَا یَغْلِبُ عَلَی الظَّنِّ ) زَوَالُ الْجَلَلِ بِهِ عُرْفًا ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ مُقَدِّرٍ لَهُ شَرْعًا ، وَلَوْ طَرَحْنَا تِلْکَ التَّقْدِیرَاتِ لِضَعْفِ مُسْتَنَدِهَا کَانَ حُکْمُ الْجَمِیعِ کَذَلِکَ .

(وَلَوْ شَرِبَ)الْحَیَوَانُ

( الْمُحَلَّلُ لَبَنَ خِنْزِیرَهٍ وَاشْتَدَّ ) بِأَنْ زَادَتْ قُوَّتُهُ ، وَقَوِیَ عَظْمُهُ وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِسَبَبِهِ ( حَرُمَ لَحْمُهُ وَلَحْمُ نَسْلِهِ ) ذَکَرًا کَانَ أَمْ أُنْثَی ( وَإِنْ لَمْ یَشْتَدَّ کُرِهَ ) .

هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَلَا نَعْلَمُ فِیهِ مُخَالِفًا ، وَالْمُسْتَنَدُ أَخْبَارٌ کَثِیرَهٌ لَا تَخْلُو مِنْ ضَعْفٍ .

وَلَا یَتَعَدَّی الْحُکْمُ إلَی غَیْرِ الْخِنْزِیرِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِی الْحُکْمِ ، کَالْکَلْبِ مَعَ احْتِمَالِهِ ، وَرُوِیَ أَنَّهُ إذَا شَرِبَ لَبَنَ آدَمِیَّهٍ حَتَّی اشْتَدَّ کُرِهَ لَحْمُهُ .

( وَیُسْتَحَبُّ اسْتِبْرَاؤُهُ ) عَلَی تَقْدِیرِ کَرَاهَتِهِ ( بِسَبْعَهِ أَیَّامٍ ) إمَّا بِعَلَفٍ إنْ کَانَ یَأْکُلُهُ ، أَوْ بِشُرْبِ لَبَنٍ طَاهِرٍ .

(وَیَحْرُمُ ) مِنْ الْحَیَوَانِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ

، وَغَیْرِهَا عَلَی الْأَقْوَی الذُّکُورِ وَالْإِنَاثِ ( مَوْطُوءُ الْإِنْسَانِ وَنَسْلُهُ ) الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الْوَطْءِ ، لِقَوْلِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : إنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ سُئِلَ عَنْ الْبَهِیمَهِ الَّتِی تُنْکَحُ فَقَالَ : حَرَامٌ لَحْمُهَا وَکَذَلِکَ لَبَنُهَا ، وَخَصَّهُ الْعَلَّامَهُ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی الْمُتَیَقَّنِ ( وَیَجِبُ ذَبْحُهُ وَإِحْرَاقُهُ بِالنَّارِ ) إنْ لَمْ یَکُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ظَهْرَهُ وَشَمَلَ إطْلَاقُ الْإِنْسَانِ الْکَبِیرَ وَالصَّغِیرَ ، وَالْعَاقِلَ وَالْمَجْنُونَ .

وَإِطْلَاقُ النَّصِّ یَتَنَاوَلُهُ أَیْضًا .

أَمَّا بَقِیَّهُ الْأَحْکَامِ غَیْرُ التَّحْرِیمِ فَیَخْتَصُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ کَمَا سَیَأْتِی إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی مَعَ بَقِیَّهِ الْأَحْکَامِ فِی الْحُدُودِ ، وَیُسْتَثْنَی مِنْ الْإِنْسَانِ الْخُنْثَی فَلَا یَحْرُمُ مَوْطُوءُهُ ؛ لِاحْتِمَالِ الزِّیَادَهِ .

( وَلَوْ اشْتَبَهَ ) بِمَحْصُورٍ ( قُسِّمَ ) نِصْفَیْنِ ( وَأُقْرِعَ ) بَیْنَهُمَا بِأَنْ تُکْتَبَ رُقْعَتَانِ فِی کُلِّ وَاحِدَهٍ اسْمُ نِصْفٍ مِنْهُمَا ، ثُمَّ یَخْرُجُ عَلَی مَا فِیهِ الْمُحَرَّمُ فَإِذَا خَرَجَ فِی أَحَدِ النِّصْفَیْنِ قُسِّمَ کَذَلِکَ وَأُقْرِعَ .

وَهَکَذَا ( حَتَّی تَبْقَی وَاحِدَهٌ ) فَیَعْمَلُ بِهَا مَا عَمِلَ بِالْمَعْلُومَهِ ابْتِدَاءً ، وَالرِّوَایَهُ تَضَمَّنَتْ قِسْمَتَهَا نِصْفَیْنِ أَبَدًا کَمَا ذَکَرْنَاهُ ، وَأَکْثَرُ الْعِبَارَاتِ خَالِیَهٌ مِنْهُ حَتَّی عِبَارَهُ الْمُصَنِّفِ هُنَا ، وَفِی الدُّرُوسِ وَفِی الْقَوَاعِدِ : قَسَّمَ قِسْمَیْنِ ، وَهُوَ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَعَمُّ مِنْ التَّنْصِیفِ .

وَیُشْکِلُ التَّنْصِیفُ أَیْضًا لَوْ کَانَ الْعَدَدُ فَرْدًا ، وَعَلَی الرِّوَایَهِ یَجِبُ التَّنْصِیفُ مَا أَمْکَنَ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ الْعَدَدُ ، لَا الْقِیمَهُ .

فَإِذَا کَانَ فَرْدًا جَعَلْت الزَّائِدَهَ مَعَ أَحَدِ الْقِسْمَیْنِ .

(وَلَوْ شَرِبَ الْمُحَلَّلُ خَمْرًا )

ثُمَّ ذُبِحَ عَقِیبَهُ ( لَمْ یُؤْکَلْ مَا فِی جَوْفِهِ ) مِنْ الْأَمْعَاءِ ، وَالْقَلْبِ ، وَالْکَبِدِ ( وَیَجِبُ غَسْلُ بَاقِیهِ ) وَهُوَ اللَّحْمُ عَلَی الْمَشْهُورِ وَالْمُسْتَنَدُ ضَعِیفٌ ، وَمِنْ ثَمَّ کَرِهَهُ ابْنُ إدْرِیسَ خَاصَّهً .

وَقَیَّدْنَا ذَبْحَهُ بِکَوْنِهِ عَقِیبَ الشُّرْبِ تَبَعًا لِلرِّوَایَهِ ، وَعِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ مُطْلَقَهٌ ( وَلَوْ شَرِبَ بَوْلًا غُسِلَ مَا فِی بَطْنِهِ وَأُکِلَ ) مِنْ غَیْرِ تَحْرِیمٍ ، وَالْمُسْتَنَدُ مُرْسَلٌ ، وَلَکِنْ لَا رَادَّ لَهُ ، وَإِلَّا لَأَمْکَنَ الْقَوْلُ بِالطَّهَارَهِ فِیهِمَا نَظَرًا إلَی الِانْتِقَالِ کَغَیْرِهِمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ .

وَفَرَّقَ مَعَ النَّصِّ بَیْنَ الْخَمْرِ ، وَالْبَوْلِ : بِأَنَّ الْخَمْرَ لَطِیفٌ تَشْرَبُهُ الْأَمْعَاءُ فَلَا یَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَتَحْرُمُ ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ لَا یَصْلُحُ لِلْغِذَاءِ ، وَلَا تَقْبَلُهُ الطَّبِیعَهُ .

وَفِیهِ : إنَّ غَسْلَ اللَّحْمِ إنْ کَانَ لِنُفُوذِ الْخَمْرِ فِیهِ کَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَمْ یَتِمَّ الْفَرْقُ بَیْنَهُ وَبَیْنَ مَا فِی الْجَوْفِ ، وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَیْهِ لَمْ یَجِبْ تَطْهِیرُهُ ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحُکْمِ غَسْلُ ظَاهِرِ اللَّحْمِ الْمُلَاصِقِ لِلْجِلْدِ ، وَبَاطِنِهِ الْمُجَاوِرِ لِلْأَمْعَاءِ .

وَالرِّوَایَهُ خَالِیَهٌ عَنْ غَسْلِ اللَّحْمِ .

(وَهُنَا مَسَائِلُ ):

(وَهُنَا مَسَائِلُ ):

( الْأُولَی - تَحْرُمُ الْمَیْتَهُ )

أَکْلًا وَاسْتِعْمَالًا ( إجْمَاعًا وَتَحِلُّ مِنْهَا ) عَشَرَهُ أَشْیَاءَ مُتَّفَقٌ عَلَیْهَا ، وَحَادِی عَشَرَ مُخْتَلَفٌ فِیهِ ( وَهِیَ الصُّوفُ وَالشَّعْرُ .

وَالْوَبَرُ .

وَالرِّیشُ .

فَإِنْ ) جُزَّ فَهُوَ طَاهِرٌ ، وَإِنْ ( قُلِعَ غُسِلَ أَصْلُهُ ) الْمُتَّصِلُ بِالْمَیْتَهِ ؛ لِاتِّصَالِهِ بِرُطُوبَتِهَا ( وَالْقَرْنُ وَالظُّفُرُ وَالظِّلْفُ وَالسِّنُّ ) وَالْعَظْمُ وَلَمْ یَذْکُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِالسِّنِّ کَانَ أَوْلَی ، ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ إنْ لَمْ یَجْمَعْ بَیْنَهُمَا کَغَیْرِهِ .

وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاهٌ مِنْ جِهَهِ الِاسْتِعْمَالِ .

وَأَمَّا الْأَکْلُ فَالظَّاهِرُ جَوَازُ مَا لَا یَضُرُّ مِنْهَا بِالْبَدَنِ ، لِلْأَصْلِ وَیُمْکِنُ دَلَالَهُ إطْلَاقِ الْعِبَارَهِ عَلَیْهِ ، وَبِقَرِینَهِ قَوْلِهِ : ( وَالْبَیْضُ إذَا اکْتَسَی الْقِشْرُ الْأَعْلَی ) الصُّلْبُ ، وَإِلَّا کَانَ بِحُکْمِهَا .

( وَالْإِنْفَحَهُ ) بِکَسْرِ الْهَمْزَهِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَهِ وَقَدْ تُکْسَرُ الْفَاءُ .

قَالَ فِی الْقَامُوسِ : هِیَ شَیْءٌ یُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْیِ الرَّاضِعِ أَصْفَرَ فَیُعْصَرُ فِی صُوفَهٍ فَیَغْلُظُ کَالْجُبْنِ فَإِذَا أَکَلَ الْجَدْیُ فَهُوَ کَرِشٌ وَظَاهِرُ أَوَّلِ التَّفْسِیرِ یَقْتَضِی کَوْنَ الْإِنْفَحَهِ هِیَ اللَّبَنُ الْمُسْتَحِیلُ فِی جَوْفِ السَّخْلَهِ فَتَکُونُ مِنْ جُمْلَهِ مَا لَا تَحُلُّهُ الْحَیَاهُ .

وَفِی الصِّحَاحِ الْإِنْفَحَهُ کِرْشُ الْحَمْلِ ، أَوْ الْجَدْیِ مَا لَمْ یَأْکُلْ .

فَإِذَا أَکَلَ فَهِیَ کَرِشٌ ، وَقَرِیبٌ مِنْهُ مَا فِی الْجَمْهَرَهِ ، وَعَلَی هَذَا فَهِیَ مُسْتَثْنَاهٌ مِمَّا تَحُلُّهُ الْحَیَاهُ وَعَلَی الْأَوَّلِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ لَاصَقَ الْجِلْدَ الْمَیِّتَ ، لِلنَّصِّ وَعَلَی الثَّانِی فَمَا فِی دَاخِلِهِ طَاهِرٌ قَطْعًا ، وَکَذَا ظَاهِرُهُ بِالْأَصَالَهِ .

وَهَلْ یَنْجُسُ بِالْعَرْضِ بِمُلَاصَقَهِ الْمَیِّتِ وَجْهٌ .

وَفِی الذِّکْرَی : الْأَوْلَی تَطْهِیرُ ظَاهِرِهَا ، وَإِطْلَاقُ النَّصِّ یَقْتَضِی الطَّهَارَهَ مُطْلَقًا .

نَعَمْ یَبْقَی الشَّکُّ فِی کَوْنِ الْإِنْفَحَهِ الْمُسْتَثْنَاهِ هَلْ هِیَ اللَّبَنُ الْمُسْتَحِیلُ أَوْ الْکَرِشُ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ أَهْلِ اللُّغَهِ ؟ وَالْمُتَیَقَّنُ مِنْهُ مَا فِی دَاخِلِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَیْهِ .

( وَاللَّبَنُ ) فِی ضَرْعِ الْمَیْتَهِ ( عَلَی قَوْلٍ مَشْهُورٍ ) بَیْنَ الْأَصْحَابِ وَمُسْتَنَدُهُ رِوَایَاتٌ .

مِنْهَا صَحِیحَهُ زُرَارَهَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ الْإِنْفَحَهِ تَخْرُجُ مِنْ الْجَدْیِ الْمَیِّتِ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ .

قُلْت : اللَّبَنُ یَکُونُ فِی ضَرْعِ الشَّاهِ وَقَدْ مَاتَتْ ؟ قَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ .

وَقَدْ رُوِیَ نَجَاسَتُهُ صَرِیحًا فِی خَبَرٍ آخَرَ ، وَلَکِنَّهُ ضَعِیفُ السَّنَدِ ، إلَّا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ مِنْ نَجَاسَهِ الْمَائِعِ بِمُلَاقَاهِ النَّجَاسَهِ .

وَکُلُّ نَجِسٍ حَرَامٌ .

وَنِسْبَهُ الْقَوْلِ بِالْحِلِّ إلَی الشُّهْرَهِ تُشْعِرُ بِتَوَقُّفِهِ فِیهِ ، وَفِی الدُّرُوسِ جَعَلَهُ أَصَحَّ وَضَعَّفَ رِوَایَهَ التَّحْرِیمِ ، وَجَعَلَ الْقَائِلَ بِهَا نَادِرًا ، وَحَمَلَهَا عَلَی التَّقِیَّهِ .

( وَلَوْ اخْتَلَطَ الذَّکِیُّ ) مِنْ اللَّحْمِ وَشِبْهِهِ ( بِالْمَیِّتِ ) وَلَا سَبِیلَ إلَی تَمْیِیزِهِ ( اُجْتُنِبَ الْجَمِیعُ ؛ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ الْمَیِّتِ ) وَلَا یَتِمُّ إلَّا بِهِ فَیَجِبُ .

وَفِی جَوَازِ بَیْعِهِ عَلَی مُسْتَحِلِّ الْمَیْتَهِ قَوْلٌ مُسْتَنَدُهُ صَحِیحَهُ الْحَلَبِیِّ وَحَسَّنْته عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ، وَرَدَّهُ قَوْمٌ ، نَظَرًا إلَی إطْلَاقِ النُّصُوصِ بِتَحْرِیمِ بَیْعِ الْمَیْتَهِ ، وَتَحْرِیمِ ثَمَنِهَا ، وَاعْتَذَرَ الْعَلَّامَهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَیْسَ بِبَیْعٍ فِی الْحَقِیقَهِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِنْقَاذُ مَالِ الْکَافِرِ بِرِضَاهُ ، وَیُشْکِلُ بِأَنَّ مِنْ مُسْتَحِلِّیهِ مِنْ الْکُفَّارِ مَنْ لَا یَحِلُّ مَالُهُ کَالذِّمِّیِّ ، وَحَسَّنَهُ الْمُحَقِّقُ مَعَ قَصْدِ بَیْعِ الذَّکِیِّ حَسَبٌ ، وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَهُ أَیْضًا ، وَیُشْکِلُ بِجَهَالَتِهِ وَعَدَمِ إمْکَانِ تَسْلِیمِهِ مُتَمَیِّزًا فَإِمَّا أَنْ یُعْمَلَ بِالرِّوَایَهِ لِصِحَّتِهَا مِنْ غَیْرِ تَعْلِیلٍ ، أَوْ یُحْکَمَ بِالْبُطْلَانِ .

( وَمَا أُبِینَ مِنْ حَیٍّ یَحْرُمُ أَکْلُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ کَأَلْیَاتِ الْغَنَمِ ) ؛ لِأَنَّهَا بِحُکْمِ الْمَیْتَهِ ( وَلَا یَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهَا تَحْتَ السَّمَاءِ ) ؛ لِتَحْرِیمِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَیْتَهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا یَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِمَا عَرَضَ لَهُ النَّجَاسَهُ مِنْ الِادِّهَانِ ، لَا بِمَا نَجَاسَتُهُ ذَاتِیَّهٌ .

( الثَّانِیَهُ - تُحَرَّمُ مِنْ الذَّبِیحَهِ خَمْس

( الثَّانِیَهُ - تُحَرَّمُ مِنْ الذَّبِیحَهِ خَمْسَهَ عَشَرَ )شَیْئًا :

( الدَّمُ وَالطِّحَالُ ) بِکَسْرِ الطَّاءِ ( وَالْقَضِیبُ ) وَهُوَ الذَّکَرُ ( وَالْأُنْثَیَانِ ) وَهُمَا الْبَیْضَتَانِ ( وَالْفَرْثُ ) وَهُوَ الرَّوْثُ فِی جَوْفِهَا ( وَالْمَثَانَهُ ) بِفَتْحِ الْمِیمِ وَهُوَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ ( وَالْمَرَارَهُ ) بِفَتْحِ الْمِیمِ الَّتِی تَجْمَعُ الْمِرَّهَ الصَّفْرَاءَ بِکَسْرِهَا مُعَلَّقَهً مَعَ الْکَبِدِ کَالْکِیسِ ( وَالْمَشِیمَهُ ) بِفَتْحِ الْمِیمِ بَیْتُ الْوَلَدِ ، وَتُسَمَّی الْغِرْسُ بِکَسْرِ الْغَیْنِ الْمُعْجَمَهِ .

وَأَصْلُهَا مُفْعَلَهٌ فَسَکَنَتْ الْیَاءُ ، ( وَالْفَرْجُ ) الْحَیَاءُ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ ، ( وَالْعِلْبَاءُ ) بِالْمُهْمَلَهِ الْمَکْسُورَهِ فَاللَّامِ السَّاکِنَهِ فَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَهِ فَالْأَلِفِ الْمَمْدُودَهِ عَصْبَتَانِ عَرِیضَتَانِ مَمْدُودَتَانِ مِنْ الرَّقَبَهِ إلَی عَجَبِ الذَّنْبِ ( وَالنُّخَاعُ ) مُثَلَّثُ النُّونِ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ فِی وَسَطِ الظَّهْرِ یُنَظِّمُ خَرَزَ السِّلْسِلَهِ فِی وَسَطِهَا وَهُوَ الْوَتِینُ الَّذِی لَا قِوَامَ لِلْحَیَوَانِ بِدُونِهِ .

( وَالْغُدَدُ ) بِضَمِّ الْغَیْنِ الْمُعْجَمَهِ الَّتِی فِی اللَّحْمِ وَتَکْثُرُ فِی الشَّحْمِ ( وَذَوَاتُ الْأَشَاجِعِ ) وَهِیَ أُصُولُ الْأَصَابِعِ الَّتِی یَتَّصِلُ بِعَصَبِ ظَاهِرِ الْکَفِّ ، وَفِی الصِّحَاحِ : جَعَلَهَا الْأَشَاجِعَ بِغَیْرِ مُضَافٍ ، وَالْوَاحِدُ أَشْجَعُ ( وَخَرَزَهُ الدِّمَاغِ ) بِکَسْرِ الدَّالِ وَهِیَ الْمُخُّ الْکَائِنُ فِی وَسَطِ الدِّمَاغِ شَبَهُ الدُّودَهِ بِقَدْرِ الْحِمَّصَهِ تَقْرِیبًا یُخَالِفُ لَوْنُهَا لَوْنَهُ ، وَهِیَ تَمِیلُ إلَی الْغُبْرَهِ ( وَالْحَدَقُ ) یَعْنِی حَبَّهَ الْحَدَقَهِ وَهُوَ النَّاظِرُ مِنْ الْعَیْنِ لَا جِسْمُ الْعَیْنِ کُلُّهُ .

وَتَحْرِیمُ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ أَجْمَعَ ، ذَکَرَهُ الشَّیْخُ غَیْرَ الْمَثَانَهِ فَزَادَهَا ابْنُ إدْرِیسَ وَتَبِعَهُ جَمَاعَهٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ .

وَمُسْتَنَدُ الْجَمِیعِ غَیْرُ وَاضِحٍ ؛ لِأَنَّهُ رِوَایَاتٌ یَتَلَفَّقُ مِنْ جَمِیعِهَا ذَلِکَ .

بَعْضُ رِجَالِهَا ضَعِیفٌ .

وَبَعْضُهَا مَجْهُولٌ ، وَالْمُتَیَقَّنُ مِنْهَا تَحْرِیمُ مَا دَلَّ عَلَیْهِ دَلِیلٌ خَارِجٌ کَالدَّمِ .

وَفِی مَعْنَاهُ الطِّحَالُ وَتَحْرِیمُهُمَا ظَاهِرٌ مِنْ الْآیَهِ ، وَکَذَا مَا اُسْتُخْبِثَ مِنْهَا کَالْفَرْثِ وَالْفَرْجِ ، وَالْقَضِیبِ ، وَالْأُنْثَیَیْنِ ، وَالْمَثَانَهِ ، وَالْمَرَارَهِ ، وَالْمَشِیمَهِ ، وَتَحْرِیمُ الْبَاقِی یَحْتَاجُ إلَی دَلِیلٍ ، وَالْأَصْلُ یَقْتَضِی عَدَمَهُ .

وَالرِّوَایَاتُ یُمْکِنُ الِاسْتِدْلَال بِهَا عَلَی الْکَرَاهَهِ ، لِسُهُولَهِ خَطْبِهَا ، إلَّا أَنْ یُدَّعَی اسْتِخْبَاثُ الْجَمِیعِ .

وَهَذَا مُخْتَارُ الْعَلَّامَهِ فِی الْمُخْتَلِفِ .

وَابْنُ الْجُنَیْدِ أَطْلَقَ کَرَاهِیَهَ بَعْضِ هَذِهِ الْمَذْکُورَاتِ وَلَمْ یَنُصَّ عَلَی تَحْرِیمِ شَیْءٍ ، نَظَرًا إلَی مَا ذَکَرْنَاهُ .

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ : مِنْ الذَّبِیحَهِ ، عَنْ نَحْوِ السَّمَکِ وَالْجَرَادِ .

فَلَا یَحْرُمُ مِنْهُ شَیْءٌ مِنْ الْمَذْکُورَاتِ ، لِلْأَصْلِ وَشَمِلَ ذَلِکَ کَبِیرَ الْحَیَوَانِ الْمَذْبُوحِ کَالْجَزُورِ ، وَصَغِیرَهُ کَالْعُصْفُورِ .

وَیُشْکِلُ الْحُکْمُ بِتَحْرِیمِ جَمِیعِ مَا ذَکَرَ مَعَ عَدَمِ تَمْیِیزِهِ ، لِاسْتِلْزَامِهِ تَحْرِیمَ جَمِیعِهِ ، أَوْ أَکْثَرِهِ ، لِلِاشْتِبَاهِ وَالْأَجْوَدُ .

اخْتِصَاصُ الْحُکْمِ بِالنَّعَمِ ، وَنَحْوِهَا مِنْ الْحَیَوَانِ الْوَحْشِیِّ ، دُونَ الْعُصْفُورِ ، وَمَا أَشْبَهَهُ .

( وَیُکْرَهُ ) أَکْلُ ( الْکَلَا ) بِضَمِّ الْکَافِ وَقَصْرِ الْأَلْفِ جَمْعُ کُلْیَهٍ وَکُلْوَهٍ بِالضَّمِّ فِیهِمَا .

وَالْکَسْرُ لَحْنٌ عَنْ ابْنِ السِّکِّیتِ ( وَأُذُنَا الْقَلْبِ وَالْعُرُوقُ ، وَلَوْ ثُقِبَ الطِّحَالُ مَعَ اللَّحْمِ وَشُوِیَ حُرِّمَ مَا تَحْتَهُ ) مِنْ لَحْمٍ وَغَیْرِهِ ، دُونَ مَا فَوْقَهُ ، أَوْ مُسَاوِیهِ ( وَلَوْ لَمْ یَکُنْ مَثْقُوبًا لَمْ یَحْرُمْ ) مَا مَعَهُ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمُسْتَنَدُهُ رِوَایَهُ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَعَلَّلَ فِیهَا بِأَنَّهُ مَعَ الثَّقْبِ یَسِیلُ الدَّمُ مِنْ الطِّحَالِ إلَی مَا تَحْتَهُ فَیَحْرُمُ ، بِخِلَافِ غَیْرِ الْمَثْقُوبِ ؛ لِأَنَّهُ فِی حِجَابٍ لَا یَسِیلُ مِنْهُ .

(الثَّالِثَهُ-یَحْرُمُ تَنَاوُلُ الْأَعْیَانِ النّ

(الثَّالِثَهُ-یَحْرُمُ تَنَاوُلُ الْأَعْیَانِ النَّجِسَهِ)

بِالْأَصَالَهِ کَالنَّجَاسَاتِ وَأَمَّا بِالْعَرَضِ فَإِنَّهُ وَإِنْ کَانَ کَذَلِکَ إلَّا أَنَّهُ یَأْتِی ( وَ ) کَذَا یَحْرُمُ ( الْمُسْکِرُ ) مَائِعًا کَانَ أَمْ جَامِدًا وَإِنْ اخْتَصَّتْ النَّجَاسَهُ بِالْمَائِعِ بِالْأَصَالَهِ وَیُمْکِنُ أَنْ یُرِیدَ هُنَا بِالْمُسْکِرِ الْمَائِعَ بِقَرِینَهِ الْأَمْثِلَهِ ، وَالتَّعَرُّضُ فِی هَذِهِ الْمَسْأَلَهِ لِلنَّجَاسَاتِ ، وَذِکْرُهُ تَخْصِیصٌ بَعْدَ تَعْمِیمٍ ( کَالْخَمْرِ ) الْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ ( وَالنَّبِیذِ ) الْمُسْکِرِ مِنْ التَّمْرِ ( وَالْبِتْعُ ) بِکَسْرِ الْبَاءِ وَسُکُونِ التَّاءِ الْمُثَنَّاهِ أَوْ فَتْحِهَا نَبِیذُ الْعَسَلِ ( وَالْفَضِیخُ ) بِالْمُعْجَمَتَیْنِ مِنْ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ ( وَالنَّقِیعُ ) مِنْ الزَّبِیبِ ( وَالْمِزْرُ ) بِکَسْرِ الْمِیمِ فَالزَّایِ الْمُعْجَمَهِ السَّاکِنَهِ فَالْمُهْمَلَهِ ، نَبِیذُ الشَّعِیرِ ، وَلَا یَخْتَصُّ التَّحْرِیمُ فِی هَذِهِ بِمَا أَسْکَرَ .

بَلْ یَحْرُمُ ( وَإِنْ قَلَّ ) .

( وَکَذَا ) یَحْرُمُ ( الْعَصِیرُ الْعِنَبِیُّ إذَا غَلَا ) بِالنَّارِ وَغَیْرِهَا بِأَنْ صَارَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَیَسْتَمِرُّ تَحْرِیمُهُ ( حَتَّی یَذْهَبَ ثُلُثَاهُ ، أَوْ یَنْقَلِبَ خَلًّا ) وَلَا خِلَافَ فِی تَحْرِیمِهِ ، وَالنُّصُوصُ مُتَظَافِرَهٌ بِهِ ، وَإِنَّمَا الْکَلَامُ فِی نَجَاسَتِهِ فَإِنَّ النُّصُوصَ خَالِیَهٌ مِنْهَا ، لَکِنَّهَا مَشْهُورَهٌ بَیْنَ الْمُتَأَخِّرِینَ ( وَلَا یَحْرُمُ ) الْعَصِیرُ مِنْ ( الزَّبِیبِ وَإِنْ غَلَا عَلَی الْأَقْوَی ) ، لِخُرُوجِهِ عَنْ مُسَمَّی الْعِنَبِ ، وَأَصَالَهِ الْحِلِّ وَاسْتِصْحَابِهِ .

خَرَجَ مِنْهُ عَصِیرُ الْعِنَبِ إذَا غَلَا بِالنَّصِّ فَیَبْقَی غَیْرُهُ عَلَی الْأَصْلِ .

وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَی تَحْرِیمِهِ ، لِمَفْهُومِ رِوَایَهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی عَلَیْهِمَا السَّلَامُ حَیْثُ سَأَلَهُ عَنْ الزَّبِیبِ یُؤْخَذُ مَاؤُهُ فَیُطْبَخُ حَتَّی یَذْهَبَ ثُلُثَاهُ ، فَقَالَ : لَا بَأْسَ ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ التَّحْرِیمُ قَبْلَ ذَهَابِ الثُّلُثَیْنِ ، وَسَنَدُ الرِّوَایَهِ وَالْمَفْهُومُ ضَعِیفَانِ فَالْقَوْلُ بِالتَّحْرِیمِ أَضْعَفُ ، أَمَّا النَّجَاسَهُ فَلَا شُبْهَهَ فِی نَفْیِهَا ( وَیَحْرُمُ الْفُقَّاعُ ) وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ الزَّبِیبِ وَالشَّعِیرِ حَتَّی وُجِدَ فِیهِ النَّشِیشُ وَالْحَرَکَهُ ، أَوْ مَا أُطْلِقَ عَلَیْهِ عُرْفًا ، مَا لَمْ یَعْلَمْ انْتِفَاءَ خَاصِّیَّتِهِ وَلَوْ وُجِدَ فِی الْأَسْوَاقِ مَا یُسَمَّی فُقَّاعًا حُکِمَ بِتَحْرِیمِهِ وَإِنْ جُهِلَ أَصْلُهُ ، نَظَرًا إلَی الِاسْمِ .

وَقَدْ رَوَی عَلِیُّ بْنُ یَقْطِینٍ فِی الصَّحِیحِ عَنْ الْکَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ شُرْبِ الْفُقَّاعِ الَّذِی یُعْمَلُ فِی السُّوقِ وَیُبَاعُ وَلَا أَدْرِی کَیْفَ یُعْمَلُ ، وَلَا مَتَی عُمِلَ أَیَحِلُّ عَلَیَّ أَنْ أَشْرَبَهُ ؟ فَقَالَ : لَا أُحِبُّهُ ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِی الْفُقَّاعِ بِقَوْلٍ مُطْلَقٍ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَهِ الْخَمْرِ فَکَثِیرٌ لَا یُحْصَی .

( وَالْعَذِرَاتُ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَهِ فَکَسْرُ الْمُعْجَمَهِ ( وَالْأَبْوَالُ النَّجِسَهُ ) صِفَهٌ لِلْعَذِرَاتِ وَالْأَبْوَالِ ، وَلَا شُبْهَهَ فِی تَحْرِیمِهَا نَجِسَهً کَمُطْلَقِ النَّجَسِ ، لَکِنَّ مَفْهُومَ الْعِبَارَهِ عَدَمُ تَحْرِیمِ الطَّاهِرِ مِنْهَا کَعَذِرَهِ وَبَوْلِ مَا یُؤْکَلُ لَحْمُهُ ، وَقَدْ نَقَلَ فِی الدُّرُوسِ تَحْلِیلَ بَوْلِ الْمُحَلَّلِ عَنْ ابْنِ الْجُنَیْدِ وَظَاهِرُ ابْنِ إدْرِیسَ ، ثُمَّ قَوِیَ التَّحْرِیمُ لِلِاسْتِخْبَاثِ .

وَالْأَقْوَی جَوَازُ مَا تَدْعُو الْحَاجَهُ إلَیْهِ مِنْهُ إنْ فُرِضَ لَهُ نَفْعٌ .

وَرُبَّمَا قِیلَ : إنَّ تَحْلِیلَ بَوْلِ الْإِبِلِ لِلِاسْتِشْفَاءِ إجْمَاعِیٌّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُکْمُهُ بِتَحْرِیمِ الْفَرْثِ مِنْ الْمُحَلَّلِ ، وَالنَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْجُنَیْدِ الْکَرَاهِیَهُ کَغَیْرِهِ مِنْ الْمَذْکُورَاتِ .

وَیُمْکِنُ أَنْ تَکُونَ النَّجِسَهُ صِفَهً لِلْأَبْوَالِ خَاصَّهً حَمْلًا لِلْعَذِرَهِ الْمُطْلَقَهِ عَلَی الْمَعْرُوفِ مِنْهَا لُغَهً وَعُرْفًا وَهِیَ عَذِرَهُ الْإِنْسَانِ فَیَزُولُ الْإِشْکَالُ عَنْهَا وَیَبْقَی الْکَلَامُ فِی الْبَوْلِ ( وَکَذَا ) یَحْرُمُ ( مَا یَقَعُ فِیهِ هَذِهِ النَّجَاسَاتُ مِنْ الْمَائِعَاتِ ) لِنَجَاسَتِهَا بِقَلِیلِهَا وَإِنْ کَثُرَتْ ، ( أَوْ الْجَامِدَاتِ إلَّا بَعْدَ الطَّهَارَهِ ) اسْتِثْنَاءً مِنْ الْجَامِدَاتِ ، نَظَرًا إلَی أَنَّ الْمَائِعَاتِ لَا تَقْبَلُ التَّطْهِیرَ کَمَا سَیَأْتِی ( وَکَذَا ) یَحْرُمُ ( مَا بَاشَرَهُ الْکُفَّارُ ) مِنْ الْمَائِعَاتِ ، وَالْجَامِدَاتِ بِرُطُوبَهٍ وَإِنْ کَانُوا ذِمِّیَّهً .

(الرَّابِعَهُ -یَحْرُمُ الطِّینُ )

(الرَّابِعَهُ -یَحْرُمُ الطِّینُ )

بِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ ، فَعَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ : { مَنْ أَکَلَ الطِّینَ فَمَاتَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَی نَفْسِهِ } ، وَقَالَ الْکَاظِمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ : أَکْلُ الطِّینِ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَیْتَهِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِیرِ إلَّا طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنْ کُلِّ دَاءٍ ، وَأَمْنًا مِنْ کُلِّ خَوْفٍ فَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ : ( إلَّا طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ) فَیَجُوزُ الِاسْتِشْفَاءُ مِنْهُ ( ؛ لِدَفْعِ الْأَمْرَاضِ ) الْحَاصِلَهِ ( بِقَدْرِ الْحِمَّصَهِ ) الْمَعْهُودَهِ الْمُتَوَسِّطَهِ ( فَمَا دُونَ ) وَلَا یُشْتَرَطُ فِی جَوَازِ تَنَاوُلِهَا أَخْذُهَا بِالدُّعَاءِ ، وَتَنَاوُلُهَا بِهِ ، لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَإِنْ کَانَ أَفْضَلَ .

وَالْمُرَادُ بِطِینِ الْقَبْرِ الشَّرِیفِ تُرْبَهُ مَا جَاوَرَهُ مِنْ الْأَرْضِ عُرْفًا ، وَرُوِیَ إلَی أَرْبَعَهِ فَرَاسِخَ ، وَرُوِیَ ثَمَانِیَهٌ ، وَکُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ کَانَ أَفْضَلَ ، وَلَیْسَ کَذَلِکَ التُّرْبَهُ الْمُحْتَرَمَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا مَشْرُوطَهٌ بِأَخْذِهَا مِنْ الضَّرِیحِ الْمُقَدَّسِ ، أَوْ خَارِجِهِ کَمَا مَرَّ مَعَ وَضْعِهَا عَلَیْهِ ، أَوْ أَخْذِهَا بِالدُّعَاءِ ، وَلَوْ وُجِدَ تُرْبَهٌ مَنْسُوبَهٌ إلَیْهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ حُکِمَ بِاحْتِرَامِهَا حَمْلًا عَلَی الْمَعْهُودِ .

( وَکَذَا ) یَجُوزُ تَنَاوُلُ الطِّینِ ( الْأَرْمَنِیِّ ) لِدَفْعِ الْأَمْرَاضِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ نَفْعُهُ مِنْهَا مُقْتَصِرًا مِنْهُ عَلَی مَا تَدْعُو الْحَاجَهُ إلَیْهِ بِحَسَبِ قَوْلِهِمْ الْمُفِیدِ لِلظَّنِّ ، لِمَا فِیهِ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ الْمَظْنُونِ ، وَبِهِ رِوَایَهٌ حَسَنَهٌ ، وَالْأَرْمَنِیُّ طِینٌ مَعْرُوفٌ یُجْلَبُ مِنْ أَرْمِینِیَهَ یَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَی الصُّفْرَهِ ، یَنْسَحِقُ بِسُهُولَهٍ .

یَحْبِسُ الطَّبْعَ وَالدَّمَ ، وَیَنْفَعُ الْبُثُورَ وَالطَّوَاعِینَ شُرْبًا وَطِلَاءً ، وَیَنْفَعُ فِی الْوَبَاءِ إذَا بُلَّ بِالْخَلِّ وَاسْتُنْشِقَ رَائِحَتُهُ .

وَغَیْرُ ذَلِکَ مِنْ مَنَافِعِهِ الْمَعْرُوفَهِ فِی کُتُبِ الطِّبِّ .

( الْخَامِسَهُ - یَحْرُمُ السُّمُّ )

( الْخَامِسَهُ - یَحْرُمُ السُّمُّ )

بِضَمِّ السِّینِ ( کُلُّهُ ) بِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ جَامِدًا کَانَ ، أَمْ مَائِعًا إنْ کَانَ یَقْتُلُ قَلِیلُهُ ، وَکَثِیرُهُ ( وَلَوْ کَانَ کَثِیرُهُ یَقْتُلُ ) دُونَ قَلِیلِهِ کَالْأَفْیُونِ وَالسَّقَمُونْیَا ( حُرِّمَ ) الْکَثِیرُ الْقَاتِلُ ، أَوْ الضَّارُّ ( دُونَ الْقَلِیلِ ) هَذَا إذَا أُخِذَ مُنْفَرِدًا ، أَمَّا لَوْ أُضِیفَ إلَی غَیْرِهِ فَقَدْ لَا یَضُرُّ مِنْهُ الْکَثِیرُ کَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ .

وَضَابِطُ الْمُحَرَّمِ مَا یَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ عَلَی الْبَدَنِ ، وَإِفْسَادُ الْمِزَاجِ .

(السَّادِسَهُ - یَحْرُمُ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ )

أَیْ : الْمُنْصَبُّ مِنْ عَرَقٍ بِکَثْرَهٍ مِنْ سَفَحْت الْمَاءَ إذَا أَهَرَقْته ( وَغَیْرُهُ کَدَمِ الْقُرَادِ وَإِنْ لَمْ یَکُنْ ) الدَّمُ ( نَجِسًا ) ، لِعُمُومِ { حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ الْمَیْتَهُ وَالدَّمُ } ؛ وَلِاسْتِخْبَاثِهِ ( أَمَّا مَا یَتَخَلَّفُ فِی اللَّحْمِ ) مِمَّا لَا یَقْذِفُهُ الْمَذْبُوحُ ( فَطَاهِرٌ مِنْ الْمَذْبُوحِ ) حَلَالٌ ، وَکَانَ ، عَلَیْهِ أَنْ یَذْکُرَ الْحِلَّ ؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ إنَّمَا هُوَ فِیهِ ، وَیَلْزَمُهُ الطَّهَارَهُ إنْ لَمْ یَذْکُرْهَا مَعَهُ .

وَاحْتَرَزَ بِالْمُتَخَلِّفِ فِی اللَّحْمِ عَمَّا یَجْذِبُهُ النَّفَسُ إلَی بَاطِنِ الذَّبِیحَهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ نَجِسٌ ، وَمَا یَتَخَلَّفُ فِی الْکَبِدِ وَالْقَلْبِ طَاهِرٌ أَیْضًا ، وَهَلْ هُوَ حَلَالٌ کَالْمُتَخَلِّفِ فِی اللَّحْمِ وَجْهٌ ؟ وَلَوْ قِیلَ بِتَحْرِیمِهِ کَانَ حَسَنًا ، لِلْعُمُومِ .

وَلَا فَرْقَ فِی طَهَارَهِ الْمُتَخَلِّفِ فِی اللَّحْمِ بَیْنَ کَوْنِ رَأْسِ الذَّبِیحَهِ مُنْخَفِضًا عَنْ جَسَدِهَا ، وَعَدَمِهِ ، لِلْعُمُومِ خُصُوصًا بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ مَا یَتَخَلَّفُ فِی بَاطِنِهَا فِی غَیْرِ اللَّحْمِ .

(السَّابِعَهُ - الظَّاهِرُ :

أَنَّ الْمَائِعَاتِ النَّجِسَهَ غَیْرُ الْمَاءِ ) کَالدَّبْسِ وَعَصِیرِهِ وَاللَّبَنِ وَالْأَدْهَانِ وَغَیْرِهَا ( لَا تَطْهُرُ ) بِالْمَاءِ وَإِنْ کَانَ کَثِیرًا ( مَا دَامَتْ کَذَلِکَ ) أَیْ : بَاقِیَهً عَلَی حَقِیقَتِهَا بِحَیْثُ لَا تَصِیرُ بِاخْتِلَاطِهَا بِالْمَاءِ الْکَثِیرِ مَاءً مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ الَّذِی یَطْهُرُ بِالْمَاءِ شَرْطُهُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَی کُلِّ جُزْءٍ مِنْ النَّجِسِ ، وَمَا دَامَتْ مُتَمَیِّزَهً کُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لَا یُتَصَوَّرُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَی کُلِّ جُزْءٍ نَجِسٍ ، وَإِلَّا لَمَا بَقِیَتْ کَذَلِکَ .

هَذَا إذَا وُضِعَتْ فِی الْمَاءِ الْکَثِیرِ ، أَمَّا لَوْ وَصَلَ الْمَاءُ بِهَا وَهِیَ فِی مَحَلِّهَا فَأَظْهَرُ فِی عَدَمِ الطَّهَارَهِ قَبْلَ أَنْ یَسْتَوْلِیَ عَلَیْهَا أَجْمَعَ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا هُنَاکَ أَنَّ مَحَلَّهَا نَجِسٌ ؛ لِعَدَمِ إصَابَهِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَهُ أَجْمَعَ فَیَنْجُسُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْهَا وَإِنْ کَثُرَ ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَنْجُسَ بِإِصَابَهِ النَّجَسِ لَهَا مُطْلَقًا .

وَتَوَهُّمِ طَهَارَهِ مَحِلِّهَا ، وَمَا لَا یُصِیبُهُ الْمَاءُ مِنْهَا بِسَبَبِ إصَابَتِهِ لِبَعْضِهَا فِی غَایَهِ الْبُعْدِ .

وَالْعَلَّامَهُ فِی أَحَدِ قَوْلَیْهِ أَطْلَقَ الْحُکْمَ بِطَهَارَتِهَا ، لِمُمَازَجَتِهَا الْمُطْلَقَ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ إطْلَاقِهِ ، أَوْ بَقِیَ اسْمُهَا ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ بِطَهَارَهِ الدُّهْنِ خَاصَّهً إذَا صُبَّ فِی الْکَثِیرِ ، وَضُرِبَ فِیهِ حَتَّی اخْتَلَطَ أَجْزَاؤُهُ بِهِ ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ بَعْدَ ذَلِکَ عَلَی وَجْهِهِ .

وَهَذَا الْقَوْلُ مُتَّجَهٌ عَلَی تَقْدِیرِ فَرْضِ اخْتِلَاطِ جَمِیعِ أَجْزَائِهِ بِالضَّرْبِ وَلَمْ یَخْرُجْ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ عَنْ إطْلَاقِهِ .

وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّهُ یَطْهُرُ بِاتِّصَالِهِ بِالْکَثِیرِ مُمَازِجًا لَهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَیْرَ مُمَازِجٍ عَلَی الظَّاهِرِ سَوَاءٌ صُبَّ فِی الْکَثِیرِ ، أَوْ وَصَلَ الْکَثِیرُ بِهِ وَلَوْ فِی آنِیَهٍ ضَیِّقَهِ الرَّأْسِ مَعَ اتِّحَادِهِمَا عُرْفًا ، أَوْ عُلُوِّ الْکَثِیرِ .

( وَتُلْقَی النَّجَاسَهُ وَمَا یَکْتَنِفُهَا وَیُلَاصِقُهَا مِنْ الْجَامِدِ ) کَالسَّمْنِ وَالدِّبْسِ فِی بَعْضِ الْأَحْوَالِ .

وَالْعَجِینِ وَالْبَاقِی طَاهِرٌ عَلَی الْأَصْلِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُ الْمَائِعِ کَالسَّمْنِ فِی الصَّیْفِ وَالشِّتَاءِ فَلِکُلِّ حَالَهٍ حُکْمُهَا .

وَالْمَرْجِعُ فِی الْجُمُودِ وَالْمَیَعَانِ إلَی الْعُرْفِ ؛ لِعَدَمِ تَحْدِیدِهِ شَرْعًا .

(الثَّامِنَهُ -تَحْرُمُ أَلْبَانُ الْحَیَوَانِ الْمُحَرَّمِ لَحْمُهُ )

کَالْهِرَّهِ وَالذِّئْبَهِ وَاللَّبْوَهِ ( وَیُکْرَهُ لَبَنُ الْمَکْرُوهُ لَحْمُهُ کَالْأُتُنِ ) بِضَمِّ الْهَمْزَهِ وَالتَّاءِ وَبِسُکُونِهَا جَمْعُ أَتَانٍ بِالْفَتْحِ : الْحِمَارَهُ ذَکَرًا أَوْ أُنْثَی ، وَلَا یُقَالُ فِی الْأُنْثَی : أَتَانَهٌ .

(التَّاسِعَهُ)اللحم المجهول ذکاته

(الْمَشْهُورُ )

بَیْنَ الْأَصْحَابِ بَلْ قَالَ فِی الدُّرُوسِ : إنَّهُ کَادَ أَنْ یَکُونَ إجْمَاعًا ( اسْتِبْرَاءُ اللَّحْمِ الْمَجْهُولِ ذَکَاتُهُ ) لِوِجْدَانِهِ مَطْرُوحًا ( بِانْقِبَاضِهِ بِالنَّارِ ) عِنْدَ طَرْحِهِ فِیهَا ( فَیَکُونُ مُذَکًّی ، وَإِلَّا ) یَنْقَبِضُ بَلْ انْبَسَطَ وَاتَّسَعَ وَبَقِیَ عَلَی حَالِهِ ( فَمَیْتَهٌ ) .

وَالْمُسْتَنَدُ رِوَایَهُ شُعَیْبٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ دَخَلَ قَرْیَهً فَأَصَابَ بِهَا لَحْمًا لَمْ یَدْرِ أَذَکِیٌّ هُوَ أَمْ مَیِّتٌ ، قَالَ : فَأَطْرَحْهُ عَلَی النَّارِ فَکُلَّمَا انْقَبَضَ فَهُوَ ذَکِیٌّ وَکُلَّمَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَیِّتٌ ، وَعَمِلَ بِمَضْمُونِهَا الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ ، وَرَدَّهَا الْعَلَّامَهُ وَالْمُحَقِّقُ فِی أَحَدِ قَوْلَیْهِ ، لِمُخَالِفَتِهَا .

لِلْأَصْلِ .

وَهُوَ عَدَمُ التَّذْکِیَهِ ، مَعَ أَنَّ فِی طَرِیقِ الرِّوَایَهِ ضَعْفًا .

وَالْأَقْوَی تَحْرِیمُهُ مُطْلَقًا ، قَالَ فِی الدُّرُوسِ تَفْرِیعًا عَلَی الرِّوَایَهِ : وَیُمْکِنُ اعْتِبَارُ الْمُخْتَلَطِ بِذَلِکَ ، إلَّا أَنَّ الْأَصْحَابَ وَالْأَخْبَارَ أَهْمَلَتْ ذَلِکَ .

وَهَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِیفٌ ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ یُعْلَمُ أَنَّ فِیهِ مَیْتًا یَقِینًا ، مَعَ کَوْنِهِ مَحْصُورًا .

فَاجْتِنَابُ الْجَمِیعِ مُتَعَیِّنٌ ، بِخِلَافِ مَا یَحْتَمِلُ کَوْنَهُ بِأَجْمَعِهِ مُذَکًّی فَلَا یَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَیْهِ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ .

وَعَلَی الْمَشْهُورِ لَوْ کَانَ اللَّحْمُ قِطَعًا مُتَعَدِّدَهً فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ کُلِّ قِطْعَهٍ عَلَی حِدَهٍ ، لِإِمْکَانِ کَوْنِهِ مِنْ حَیَوَانٍ مُتَعَدِّدٍ ، وَلَوْ فُرِضَ الْعِلْمُ بِکَوْنِهِ مُتَّحِدًا جَازَ اخْتِلَافُ حُکْمِهِ بِأَنْ یَکُونَ قَدْ قُطِعَ بَعْضُهُ مِنْهُ قَبْلَ التَّذْکِیَهِ .

وَلَا فَرْقَ عَلَی الْقَوْلَیْنِ بَیْنَ وُجُودِ مَحِلِّ التَّذْکِیَهِ وَرُؤْیَتِهِ مَذْبُوحًا أَوْ مَنْحُورًا ، وَعَدَمِهِ ، ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالنَّحْرَ بِمُجَرَّدِهِمَا لَا یَسْتَلْزِمَانِ الْحِلَّ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ بَعْضِ الشُّرُوطِ .

وَکَذَا لَوْ وُجِدَ الْحَیَوَانُ غَیْرَ مَذْبُوحٍ وَلَا مَنْحُورٍ .

لَکِنَّهُ مَضْرُوبٌ بِالْحَدِیدِ فِی بَعْضِ جَسَدِهِ ؛ لِجَوَازِ کَوْنِهِ قَدْ اسْتَعْصَی فَذُکِّیَ کَیْفَ اتَّفَقَ حَیْثُ یَجُوزُ فِی حَقِّهِ ذَلِکَ ، وَبِالْجُمْلَهِ ، فَالشَّرْطُ إمْکَانُ کَوْنِهِ مُذَکًّی عَلَی وَجْهٍ یُبِیحُ لَحْمَهُ .

(الْعَاشِرَهُ - لَا یَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَعْرِ ال

(الْعَاشِرَهُ - لَا یَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَعْرِ الْخِنْزِیرِ)

کَغَیْرِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَلَّتْ مِنْ الْمَیِّتَهِ غَیْرُهُ .

وَمِثْلُهُ الْکَلْبُ ( فَإِنْ اضْطَرَّ إلَی اسْتِعْمَالِ شَعْرِ الْخِنْزِیرِ اسْتَعْمَلَ مَا لَا دَسَمَ فِیهِ ، وَغَسَلَ یَدَهُ ) بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ ، وَیَزُولُ عَنْهُ الدَّسَمُ بِأَنْ یُلْقَی فِی فَخَّارٍ ، وَیُجْعَلَ فِی النَّارِ حَتَّی یَذْهَبَ دَسَمُهُ رَوَاهُ بِرَدِّ الْإِسْکَافِ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

وَقِیلَ : یَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا ، لِإِطْلَاقِ رِوَایَهِ سُلَیْمَانَ الْإِسْکَافَ لَکِنْ فِیهَا أَنَّهُ یَغْسِلُ یَدَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ ، وَالْإِسْکَافَانِ مَجْهُولَانِ ، فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ مَعَ الضَّرُورَهِ حَسَنٌ ، وَبِدُونِهَا مُمْتَنِعٌ ، لِإِطْلَاقِ تَحْرِیمِ الْخِنْزِیرِ الشَّامِلِ لِمَوْضِعِ النِّزَاعِ وَإِنَّمَا یَجِبُ غَسْلُ یَدِهِ مَعَ مُبَاشَرَتِهِ بِرُطُوبَهٍ کَغَیْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ .

(الْحَادِیَهَ عَشْرَهَ )الاکل من مال الغیر

( لَا یَجُوزُ ) لِأَحَدٍ ( الْأَکْلُ مِنْ مَالِ غَیْرِهِ ) مِمَّنْ یُحْتَرَمُ مَالُهُ وَإِنْ کَانَ کَافِرًا ، أَوْ نَاصِبِیًّا ، أَوْ غَیْرَهُ مِنْ الْفِرَقِ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، لِقُبْحِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ کَذَلِکَ ؛ وَلِأَنَّهُ أَکْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { الْمُسْلِمُ عَلَی الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ ، وَعِرْضُهُ } ( إلَّا مِنْ بُیُوتِ مَنْ تَضَمَّنَتْهُ الْآیَهُ ) وَهِیَ قَوْله تَعَالَی : { وَلَا عَلَی أَنْفُسِکُمْ أَنْ تَأْکُلُوا مِنْ بُیُوتِکُمْ ، أَوْ بُیُوتِ آبَائِکُمْ ، أَوْ بُیُوتِ أُمَّهَاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ إخْوَانِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخَوَاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَعْمَامِکُمْ أَوْ بُیُوتِ عَمَّاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخْوَالِکُمْ أَوْ بُیُوتِ خَالَاتِکُمْ أَوْ مَا مَلَکْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِیقِکُمْ } ، فَیَجُوزُ الْأَکْلُ مِنْ بُیُوتِ الْمَذْکُورِینَ مَعَ حُضُورِهِمْ ، وَغَیْبَتِهِمْ ( إلَّا مَعَ عِلْمِ الْکَرَاهَهِ ) وَلَوْ بِالْقَرَائِنِ الْحَالِیَّهِ بِحَیْثُ تُثْمِرُ الظَّنَّ الْغَالِبَ بِالْکَرَاهَهِ ، فَإِنَّ ذَلِکَ کَافٍ فِی هَذَا وَنَظَائِرِهِ ، وَیُطْلَقُ عَلَیْهِ الْعِلْمُ کَثِیرًا .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ مَا یُخْشَی فَسَادُهُ فِی هَذِهِ الْبُیُوتِ ، وَغَیْرِهِ ، وَلَا بَیْنَ دُخُولِهِ بِإِذْنِهِ ، وَعَدَمِهِ .

عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْآیَهِ ، خِلَافًا لِابْنِ إدْرِیسَ فِیهِمَا .

وَیَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَی مُجَرَّدِ الْأَکْلِ ، فَلَا یَجُوزُ الْحَمْلُ ، وَلَا إطْعَامُ الْغَیْرِ ، وَلَا الْإِفْسَادُ بِشَهَادَهِ الْحَالِ ، وَلَا یَتَعَدَّی الْحُکْمُ إلَی غَیْرِ الْبُیُوتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، اقْتِصَارًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْرِدِهِ ، وَلَا إلَی تَنَاوُلِ غَیْرِ الْمَأْکُولِ ، إلَّا أَنْ یَدُلَّ عَلَیْهِ الْأَکْلُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَهِ کَالشُّرْبِ مِنْ مَائِهِ ، وَالْوُضُوءِ بِهِ ، أَوْ یَدُلُّ عَلَیْهِ بِالِالْتِزَامِ کَالْکَوْنِ بِهَا حَالَتَهُ .

وَهَلْ یَجُوزُ دُخُولُهَا لِغَیْرِهِ ، أَوْ الْکَوْنُ بِهَا بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ ؟ نَظَرٌ مِنْ تَحْرِیمِ التَّصَرُّفِ فِی مَالِ الْغَیْرِ إلَّا مَا اسْتَثْنَی .

وَمِنْ دَلَالَهِ الْقَرَائِنِ عَلَی تَجْوِیزِ مِثْلِ ذَلِکَ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِی لَا یَذْهَبُ مِنْ الْمَالِ بِسَبَبِهَا شَیْءٌ حَیْثُ جَازَ إتْلَافُهُ بِمَا ذَکَرَ وَالْمُرَادُ بِبُیُوتِکُمْ : مَا یَمْلِکُهُ الْآکِلُ ؛ لِأَنَّهُ حَقِیقَهٌ فِیهِ .

وَیُمْکِنُ أَنْ تَکُونَ النُّکْتَهُ فِیهِ مَعَ ظُهُورِ إبَاحَتِهِ الْإِشَارَهَ إلَی مُسَاوَاهِ مَا ذَکَرَ لَهُ فِی الْإِبَاحَهِ ، وَالتَّنْبِیهَ عَلَی أَنَّ الْأَقَارِبَ الْمَذْکُورِینَ وَالصَّدِیقَ یَنْبَغِی جَعْلُهُمْ کَالنَّفْسِ فِی أَنْ یُحِبَّ لَهُمْ مَا یُحِبُّ لَهَا ، وَیَکْرَهَ لَهُمْ مَا یَکْرَهُ لَهَا کَمَا جَعَلَ بُیُوتَهُمْ کَبَیْتِهِ .

وَقِیلَ : هُوَ بَیْتُ الْأَزْوَاجِ وَالْعِیَالِ .

وَقِیلَ : بَیْتُ الْأَوْلَادِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ یُذْکَرُوا فِی الْأَقَارِبِ ، مَعَ أَنَّهُمْ أَوْلَی مِنْهُمْ بِالْمَوَدَّهِ وَالْمُوَافَقَهِ ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ بَعْضُهُ ، وَحُکْمَهُ حُکْمُ نَفْسِهِ وَهُوَ وَمَالُهُ لِأَبِیهِ فَجَازَ نِسْبَهُ بَیْتِهِ إلَیْهِ .

وَفِی الْحَدِیثِ { إنَّ أَطْیَبَ مَا یَأْکُلُ الرَّجُلُ مِنْ کَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ کَسْبِهِ } .

وَالْمُرَادُ بِمَا مَلَکْتُمْ مَفَاتِحَهُ مَا یَکُونُ عَلَیْهَا وَکِیلًا ، أَوْ قَیِّمًا یَحْفَظُهَا وَأُطْلِقَ عَلَی ذَلِکَ مِلْکُ الْمَفَاتِیحِ ، لِکَوْنِهَا فِی یَدِهِ وَحِفْظِهِ ، رَوَی ذَلِکَ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ مُرْسَلًا عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

وَقِیلَ : هُوَ بَیْتُ الْمَمْلُوکِ ، وَالْمَعْنِیُّ فِی قَوْلِهِ : { أَوْ صَدِیقِکُمْ } بُیُوتُ صَدِیقِکُمْ عَلَی حَذْفِ الْمُضَافِ ، وَالصَّدِیقُ یَکُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا ، فَلِذَلِکَ جَمَعَ الْبُیُوتَ .

وَمِثْلُهُ الْخَلِیطُ ، وَالْمَرْجِعُ فِی الصَّدِیقِ إلَی الْعُرْفِ ؛ لِعَدَمِ تَحْدِیدِهِ شَرْعًا ، وَفِی صَحِیحَهِ الْحَلَبِیِّ قَالَ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قُلْت : مَا یَعْنِی بِقَوْلِهِ : { أَوْ صَدِیقِکُمْ } قَالَ : هُوَ وَاَللَّهِ الرَّجُلُ یَدْخُلُ بَیْتَ صَدِیقِهِ فَیَأْکُلُ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، وَعَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ عِظَمِ حُرْمَهِ الصَّدِیقِ أَنْ جَعَلَ لَهُ مِنْ الْإِنْسِ وَالتَّفَقُّدِ وَالِانْبِسَاطِ وَطَرْحِ الْحِشْمَهِ بِمَنْزِلَهِ النَّفْسِ وَالْأَبِ وَالْأَخِ وَالِابْنِ ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمَذْکُورِینَ کَوْنُهُمْ کَذَلِکَ بِالنَّسَبِ وَفِی إلْحَاقِ مَنْ کَانَ مِنْهُمْ کَذَلِکَ بِالرَّضَاعِ وَجْهٌ مِنْ حَیْثُ إنَّ الرَّضَاعَ لَحْمَهٌ کَلَحْمَهِ النَّسَبِ ، وَلِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِی کَثِیرٍ مِنْ الْأَحْکَامِ ، وَوَجْهُ الْعَدَمِ کَوْنُ الْمُتَبَادِرِ النَّسَبِیَّ مِنْهُمْ وَلَمْ أَقِفْ فِیهِ عَلَی شَیْءٍ نَفْیًا وَإِثْبَاتًا وَالِاحْتِیَاطُ التَّمَسُّکُ بِأَصَالَهِ الْحُرْمَهِ فِی مَوْضِعِ الشَّکِّ ، وَأَلْحَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الشَّرِیکَ فِی الشَّجَرِ ، وَالزَّرْعِ ، وَالْمَبَاطِخِ فَإِنَّ لَهُ الْأَکْلَ مِنْ الْمُشْتَرَکِ بِدُونِ إذْنِ شَرِیکِهِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْکَرَاهَهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَی : { إلَّا أَنْ تَکُونَ تِجَارَهً عَنْ تَرَاضٍ مِنْکُمْ } .

وَفِیهِ نَظَرٌ لِمَنْعِ تَحَقُّقِ التَّرَاضِی مُطْلَقًا وَجَعْلِهَا صِفَهً لِلتِّجَارَهِ یَقْتَضِی جَوَازَ الْأَکْلِ مِنْ کُلِّ تِجَارَهٍ وَقَعَ فِیهَا التَّرَاضِی بَیْنَهُمَا .

وَهُوَ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ .

وَأَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَیْرُهُ الشُّرْبَ مِنْ الْقَنَاهِ الْمَمْلُوکَهِ ، وَالدَّالِیَهِ ، وَالدُّولَابِ ، وَالْوُضُوءِ ، وَالْغُسْلِ عَمَلًا بِشَاهِدِ الْحَالِ .

وَهُوَ حَسَنٌ إلَّا أَنْ یَغْلِبَ عَلَی الظَّنِّ الْکَرَاهَهُ .

(الثَّانِیَهَ عَشْرَهَ - إذَا انْقَلَبَ الْخَمْرُ خَلًّا حَلَّ )

، لِزَوَالِ الْمَعْنَی الْمُحَرِّمِ ، وَلِلنَّصِّ ( سَوَاءٌ کَانَ ) انْقِلَابُهُ ( بِعِلَاجٍ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ) وَسَوَاءٌ کَانَتْ عَیْنُ الْمُعَالِجِ بِهِ بَاقِیَهً فِیهِ أَمْ لَا ، لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَالْفَتْوَی بِجَوَازِ عِلَاجِهِ بِغَیْرِهِ ، وَبِطُهْرِهِ یَطْهُرُ مَا فِیهِ مِنْ الْأَعْیَانِ وَآلَتِهِ ، لَکِنْ یُکْرَهُ عِلَاجُهُ بِغَیْرِهِ ، لِلنَّهْیِ عَنْهُ فِی رِوَایَهِ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

وَلَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا خِلَافًا فِی ذَلِکَ فِی الْجُمْلَهِ ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِی بَعْضِ أَفْرَادِهِ .

وَلَوْلَا ذَلِکَ لَأَمْکَنَ اسْتِفَادَهُ عَدَمِ طَهَارَتِهِ بِالْعِلَاجِ مِنْ بَعْضِ النُّصُوصِ کَمَا یَقُولُهُ بَعْضُ الْعَامَّهِ ، وَإِنَّمَا تَطْهُرُ النَّجَاسَهُ الْخَمْرِیَّهُ .

فَلَوْ کَانَ نَجِسًا بِغَیْرِهَا وَلَوْ بِعِلَاجِهِ بِنَجَسٍ کَمُبَاشَرَهِ الْکَافِرِ لَهُ لَمْ یَطْهُرْ بِالْخَلِیَّهِ ، وَکَذَا لَوْ أُلْقِیَ فِی الْخَلِّ خَمْرٌ حَتَّی اسْتَهْلَکَهُ الْخَلُّ ، أَوْ بِالْعَکْسِ عَلَی الْأَشْهَرِ .

(الثَّالِثَهَ عَشْرَهَ - لَا یَحْرُمُ شُرْبُ الرُّبُوبَاتِ

وَإِنْ شُمَّ مِنْهَا رِیحُ الْمُسْکِرِ کَرُبِّ التُّفَّاحِ ) ، وَرُبِّ السَّفَرْجَلِ ، وَالْأُتْرُجِّ ، وَالسَّکَنْجَبِینِ ( وَشِبْهُهُ ؛ لِعَدَمِ إسْکَارِهِ ) قَلِیلُهُ وَکَثِیرُهُ ، ( وَأَصَالَهِ حِلِّهِ ) وَقَدْ رَوَی الشَّیْخُ وَغَیْرُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَکْفُوفِ قَالَ : کَتَبْت إلَیْهِ - یَعْنِی أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَسْأَلُهُ عَنْ السَّکَنْجَبِین ، وَالْجُلَّابِ ، وَرُبِّ التُّوتِ ، وَرُبِّ التُّفَّاحِ وَرُبِّ الرُّمَّانِ فَکَتَبَ حَلَالٌ .

(الرَّابِعَهَ عَشْرَهَ -یَجُوزُ عِنْدَ الِاضْطِرَا

(الرَّابِعَهَ عَشْرَهَ -یَجُوزُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ تَنَاوُلُ الْمُحَرَّمِ )

مَنْ الْمَیْتَهِ وَالْخَمْرِ وَغَیْرِهِمَا ( عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ ) بِدُونِ التَّنَاوُلِ ( أَوْ ) حُدُوثِ ( الْمَرَضِ ) أَوْ زِیَادَتِهِ ( أَوْ الضَّعْفِ الْمُؤَدِّی إلَی التَّخَلُّفِ عَنْ الرُّفْقَهِ مَعَ ظُهُورِ أَمَارَهِ الْعَطَبِ ) عَلَی تَقْدِیرِ التَّخَلُّفِ .

وَمُقْتَضَی هَذَا الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَیْنَ الْخَمْرِ وَغَیْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فِی جَوَازِ تَنَاوُلِهَا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ ، وَهُوَ فِی غَیْرِ الْخَمْرِ مَوْضِعُ وِفَاقٍ ، أَمَّا فِیهَا فَقَدْ قِیلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَبِالْجَوَازِ مَعَ عَدَمِ قِیَامِ غَیْرِهَا مَقَامَهَا .

وَظَاهِرُ الْعِبَارَهِ وَمُصَرِّحُ الدُّرُوسِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهَا لِلضَّرُورَهِ مُطْلَقًا حَتَّی لِلدَّوَاءِ کَالتِّرْیَاقِ وَالِاکْتِحَالِ ، لِعُمُومِ الْآیَهِ الدَّالَّهِ عَلَی جَوَازِ تَنَاوُلِ الْمُضْطَرِّ إلَیْهِ ، وَالْأَخْبَارُ کَثِیرَهٌ فِی الْمَنْعِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا مُطْلَقًا حَتَّی الِاکْتِحَالِ ، وَفِی بَعْضِهَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَجْعَلْ فِی شَیْءٍ مِمَّا حَرَّمَ دَوَاءً وَلَا شِفَاءً وَإِنَّ مَنْ اکْتَحَلَ بِمِیلٍ مِنْ مُسْکِرٍ کَحَّلَهُ اللَّهُ بِمِیلٍ مِنْ نَارٍ وَالْمُصَنِّفُ حَمَلَهَا عَلَی الِاخْتِیَارِ ، وَالْعَلَّامَهُ عَلَی طَلَبِ الصِّحَّهِ ، لَا طَلَبِ السَّلَامَهِ مِنْ التَّلَفِ ، وَعَلَی مَا سَیَأْتِی مِنْ وُجُوبِ الِاقْتِصَارِ عَلَی حِفْظِ الرَّمَقِ هُمَا مُتَسَاوِیَانِ وَلَوْ قَامَ غَیْرُهَا مَقَامَهَا وَإِنْ کَانَ مُحَرَّمًا قُدِّمَ عَلَیْهَا لِإِطْلَاقِ النَّهْیِ الْکَثِیرِ عَنْهَا فِی الْأَخْبَارِ .

.( وَلَا یُرَخَّصُ الْبَاغِی وَهُوَ الْخَارِجُ عَلَی الْإِمَامِ الْعَادِلِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ) .

( وَقِیلَ : الَّذِی یَبْغِی الْمَیْتَهَ ) أَیْ : یَرْغَبُ فِی أَکْلِهَا ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ شَرْعًا ( وَلَا الْعَادِی - وَهُوَ قَاطِعُ الطَّرِیقِ - ) .

( وَقِیلَ : الَّذِی یَعْدُو شِبَعَهُ ) أَیْ : یَتَجَاوَزُهُ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَشْهَرُ ، وَالْمَرْوِیُّ لَکِنْ بِطَرِیقٍ ضَعِیفٍ مُرْسَلٍ .

وَیُمْکِنُ تَرْجِیحُهُ عَلَی الثَّانِی بِأَنَّ تَخْصِیصَ آیَهِ الِاضْطِرَارِ عَلَی خِلَافِ الْأَصْلِ ، فَیَقْتَصِرُ فِیهِ عَلَی مَوْضِعِ الْیَقِینِ ، وَقَاطِعُ الطَّرِیقِ عَادٍ فِی الْمَعْصِیَهِ فِی الْجُمْلَهِ فَیَخْتَصُّ بِهِ .

وَنَقَلَ الطَّبَرْسِیُّ أَنَّهُ بَاغِی اللَّذَّهِ ، وَعَادِی سَدِّ الْجَوْعَهِ ، أَوْ عَادٍ بِالْمَعْصِیَهِ أَوْ بَاغٍ فِی الْإِفْرَاطِ وَعَادٍ فِی التَّقْصِیرِ .

( وَإِنَّمَا یَجُوزُ ) مِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمِ ( مَا یَحْفَظُ الرَّمَقَ ) وَهُوَ بَقِیَّهُ الرُّوحِ ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الِاقْتِصَارِ عَلَی حِفْظِ النَّفْسِ مِنْ التَّلَفِ ، وَلَا یَجُوزُ التَّجَاوُزُ إلَی الشِّبَعِ مَعَ الْغِنَی عَنْهُ ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَیْهِ لِلْمَشْیِ ، أَوْ الْعَدْوِ ، أَوْ إلَی التَّزَوُّدِ مِنْهُ لِوَقْتٍ آخَرَ جَازَ وَهُوَ حِینَئِذٍ مِنْ جُمْلَهِ مَا یَسُدُّ الرَّمَقَ .

وَعَلَی هَذَا فَیُخْتَصُّ خَوْفُ الْمَرَضِ السَّابِقِ بِمَا یُؤَدِّی إلَی التَّلَفِ وَلَوْ ظَنًّا ، لَا مُطْلَقَ الْمَرَضِ ، أَوْ یُخَصُّ هَذَا بِتَنَاوُلِهِ لِلْغِذَاءِ الضَّرُورِیِّ ، لَا لِلْمَرَضِ .

وَهُوَ أَوْلَی ( وَلَوْ وَجَدَ مَیْتَهً وَطَعَامَ الْغَیْرِ فَطَعَامُ الْغَیْرِ أَوْلَی إنْ بَذَلَهُ ) مَالِکُهُ ( بِغَیْرِ عِوَضٍ أَوْ بِعِوَضٍ هُوَ ) أَیْ : الْمُضْطَرُّ ( قَادِرٌ عَلَیْهِ ) فِی الْحَالِ ، أَوْ فِی وَقْتِ طَلَبِهِ ، سَوَاءٌ کَانَ بِقَدْرِ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَمْ أَزْیَدَ عَلَی مَا یَقْتَضِیهِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَیْنِ .

وَقِیلَ : لَا یَجِبُ بَذْلُ الزَّائِدِ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِهِ کَرَاهَهً لِلْفِتْنَهِ ؛ وَلِأَنَّهُ کَالْمُکْرَهِ عَلَی الشِّرَاءِ ، بَلْ لَهُ قِتَالُهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِهِ وَلَوْ قُتِلَ أُهْدِرَ دَمُهُ ، وَکَذَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَیْهِ الثَّمَنُ .

وَالْأَقْوَی وُجُوبُ دَفْعِ الزَّائِدِ مَعَ الْقُدْرَهِ ؛ لِأَنَّهُ غَیْرُ مُضْطَرٍّ حِینَئِذٍ وَالنَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَی أَمْوَالِهِمْ ( وَإِلَّا ) یَکُنْ کَذَلِکَ بِأَنْ لَمْ یَبْذُلْهُ مَالِکُهُ أَصْلًا ، أَوْ بَذَلَهُ بِعِوَضٍ یَعْجِزُ عَنْهُ ( أَکَلَ الْمَیْتَهَ ) إنْ وَجَدَهَا .

وَهَلْ هُوَ عَلَی سَبِیلِ الْحَتْمِ ، أَوْ التَّخْیِیرِ بَیْنَهُ ، وَبَیْنَ أَکْلِ طَعَامِ الْغَیْرِ عَلَی تَقْدِیرِ قُدْرَتِهِ عَلَی قَهْرِهِ عَلَیْهِ ؟ ظَاهِرُ الْعِبَارَهِ الْأَوَّلُ .

وَقِیلَ بِالثَّانِی ؛ لِاشْتِرَاکِهِمَا حِینَئِذٍ فِی التَّحْرِیمِ .

وَفِی الدُّرُوسِ إنَّهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَی قَهْرِ الْغَیْرِ عَلَی طَعَامِهِ بِالثَّمَنِ ، أَوْ بِدُونِهِ مَعَ تَعَذُّرِهِ لَا یَجُوزُ لَهُ أَکْلُ الْمَیْتَهِ ، بَلْ یَأْکُلُ الطَّعَامَ وَیَضْمَنُهُ لِمَالِکِهِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَیْهِ قَهْرُهُ أَکَلَ الْمَیْتَهَ .

وَهُوَ حَسَنٌ ؛ لِأَنَّ تَحْرِیمَ مَالِ الْغَیْرِ عَرَضِیٌّ ، بِخِلَافِ الْمَیْتَهِ وَقَدْ زَالَ بِالِاضْطِرَارِ فَیَکُونُ أَوْلَی مِنْ الْمَیْتَهِ .

وَقِیلَ : إنَّهُ حِینَئِذٍ لَا یَضْمَنُ الطَّعَامَ ، لِلْإِذْنِ فِی تَنَاوُلِهِ شَرْعًا بِغَیْرِ عِوَضٍ .

وَالْأَوَّلُ أَقْوَی جَمْعًا بَیْنَ الْحَقَّیْنِ وَحِینَئِذٍ فَاللَّازِمُ مِثْلُهُ أَوْ قِیمَتُهُ ، وَإِنْ کَانَ یَجِبُ بَذْلُ أَزِیدَ لَوْ سَمَحَ بِهِ الْمَالِکُ .

وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَلِکَ کَانَ عَلَی وَجْهِ الْمُعَاوَضَهِ الِاخْتِیَارِیَّهِ ، وَهَذَا عَلَی وَجْهِ إتْلَافِ مَالِ الْغَیْرِ بِغَیْرِ إذْنِهِ ، وَمُوجِبُهُ شَرْعًا هُوَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِیمَهُ .

وَحَیْثُ تُبَاحُ لَهُ الْمَیْتَهُ فَمَیْتَهُ الْمَأْکُولِ أَوْلَی مِنْ غَیْرِهِ ، وَمَذْبُوحُ مَا یَقَعُ عَلَیْهِ الذَّکَاهُ أَوْلَی مِنْهُمَا ، وَمَذْبُوحُ الْکَافِرِ وَالنَّاصِبِ أَوْلَی مِنْ الْجَمِیعِ .

(الْخَامِسَهَ عَشْرَهَ - یُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْیَدَیْنِ )مَعًا

وَإِنْ کَانَ الْأَکْلُ بِإِحْدَاهُمَا ( قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ ) فَعَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { أَوَّلُهُ یَنْفِی الْفَقْرَ وَآخِرُهُ یَنْفِی الْهَمَّ } ، وَقَالَ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ : غَسْلُ الْیَدَیْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ زِیَادَهٌ فِی الْعُمْرِ وَإِمَاطَهٌ لِلْغُمْرِ عَنْ الثِّیَابِ وَیَجْلُو فِی الْبَصَرِ وَقَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ : مَنْ غَسَلَ یَدَهُ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ عَاشَ فِی سَعَهٍ ، وَعُوفِیَ مِنْ بَلْوَی جَسَدِهِ ، ( وَمَسْحُهُمَا بِالْمِنْدِیلِ ) وَنَحْوِهِ ( فِی الْغَسْلِ الثَّانِی ) وَهُوَ مَا بَعْدَ الطَّعَامِ ( دُونَ الْأَوَّلِ ) فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ الْبَرَکَهُ فِی الطَّعَامِ مَا دَامَتْ النَّدَاوَهُ فِی الْیَدِ ( وَالتَّسْمِیَهُ عِنْدَ الشُّرُوعِ ) فِی الْأَکْلِ ، فَعَنْ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ " قَالَ : { إذَا وُضِعَتْ الْمَائِدَهُ حَفَّتْهَا أَرْبَعَهُ آلَافِ مَلَکٍ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ : بِسْمِ اللَّهِ : قَالَتْ الْمَلَائِکَهُ : بَارَکَ اللَّهُ عَلَیْکُمْ فِی طَعَامِکُمْ ثُمَّ یَقُولُونَ لِلشَّیْطَانِ : اُخْرُجْ یَا فَاسِقُ لَا سُلْطَانَ لَک عَلَیْهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا فَقَالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، قَالَتْ الْمَلَائِکَهُ : قَوْمٌ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَأَدَّوْا شُکْرَ رَبِّهِمْ .

وَإِذَا لَمْ یُسَمُّوا قَالَتْ الْمَلَائِکَهُ لِلشَّیْطَانِ : اُدْنُ یَا فَاسِقُ فَکُلْ مَعَهُمْ فَإِذَا رُفِعَتْ الْمَائِدَهُ وَلَمْ یَذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا قَالَتْ الْمَلَائِکَهُ : قَوْمٌ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَنَسُوا رَبَّهُمْ جَلَّ وَعَزَّ } ( وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَلْوَانُ ) أَلْوَانُ الْمَائِدَهِ سَمَّی ( عَلَی کُلِّ لَوْنٍ ) مِنْهَا رُوِیَ ذَلِکَ عَنْ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَوَاقِعَتُهُ مَعَ ابْنِ الْکَوَّاءِ مَشْهُورَهٌ وَرُوِیَ التَّسْمِیَهُ عَلَی کُلِّ إنَاءِ عَلَی الْمَائِدَهِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْأَلْوَانُ ( وَلَوْ نَسِیَهَا ) أَیْ : التَّسْمِیَهَ فِی الِابْتِدَاءِ ( تَدَارَکَهَا فِی الْأَثْنَاءِ ) عِنْدَ ذِکْرِهَا ، رُوِیَ أَنَّ النَّاسِیَ یَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ عَلَی أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ( وَلَوْ قَالَ ) فِی الِابْتِدَاءِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَلْوَانِ وَالْأَوَانِی : ( بِسْمِ اللَّهِ عَلَی أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَجْزَأَ ) عَنْ التَّسْمِیَهِ عَنْ کُلِّ لَوْنٍ وَآنِیَهٍ وَرُوِیَ إجْزَاءُ تَسْمِیَهٍ وَاحِدَهٍ مِنْ الْحَاضِرِینَ عَلَی الْمَائِدَهِ عَنْ الْبَاقِینَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ رُخْصَهً .

(وَیُسْتَحَبُّ الْأَکْلُ بِالْیَمِینِ اخْتِیَارًا )

، وَلَا بَأْسَ بِالْیُسْرَی مَعَ الِاضْطِرَارِ فَعَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَا تَأْکُلْ بِالْیُسْرَی وَأَنْتَ تَسْتَطِیعُ ، وَفِی رِوَایَهٍ أُخْرَی لَا یَأْکُلْ بِشِمَالِهِ وَلَا یَشْرَبْ بِهَا وَلَا یَتَنَاوَلْ بِهَا شَیْئًا .

( وَبَدْأَهُ صَاحِبِ الطَّعَامِ ) بِالْأَکْلِ لَوْ کَانَ مَعَهُ غَیْرُهُ ( وَأَنْ یَکُونَ آخِرَ مَنْ یَأْکُلُ ) لِیَأْنَسَ الْقَوْمُ وَیَأْکُلُوا ، رُوِیَ ذَلِکَ مِنْ فِعْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ مُعَلِّلًا بِذَلِکَ ( وَیَبْدَأُ ) صَاحِبُ الطَّعَامِ إذَا أَرَادَ غَسْلَ أَیْدِیهِمْ ( فِی الْغَسْلِ ) الْأَوَّلِ بِنَفْسِهِ ( ثُمَّ بِمَنْ عَنْ یَمِینِهِ ) دَوْرًا إلَی الْآخِرِ ( وَفِی ) الْغَسْلِ ( الثَّانِی ) بَعْدَ رَفْعِ الطَّعَامِ یَبْدَأُ بِمَنْ عَنْ یَسَارِهِ ، ثُمَّ یَغْسِلُ هُوَ أَخِیرًا ، رُوِیَ ذَلِکَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ مُعَلِّلًا ابْتِدَاءَهُ أَوَّلًا ؛ لِئَلَّا یَحْتَشِمَهُ أَحَدٌ ، وَتَأْخِیرُهُ آخِرًا بِأَنَّهُ أَوْلَی بِالصَّبْرِ عَلَی الْغُمْرِ وَهُوَ بِالتَّحْرِیکِ مَا عَلَی الْیَدِ مِنْ سَهَکِ الطَّعَامِ وَزُهْمَتِهِ وَفِی رِوَایَهٍ أَنَّهُ یَبْدَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِمَنْ عَلَی یَمِینِ الْبَابِ حُرًّا کَانَ أَوْ عَبْدًا ( وَیَجْمَعُ غُسَالَهَ الْأَیْدِی فِی إنَاءٍ ) وَاحِدٍ ؛ ؛ لِأَنَّهُ یُوَرِّثُ حُسْنَ أَخْلَاقِ الْغَاسِلِینَ ، وَالْمَرْوِیُّ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ اغْسِلُوا أَیْدِیَکُمْ فِی إنَاءٍ وَاحِدٍ تَحْسُنُ أَخْلَاقُکُمْ وَیُمْکِنُ أَنْ یَدُلَّ عَلَی مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ جَمْعِ الْغُسَالَهِ فِیهِ .

( وَأَنْ یَسْتَلْقِیَ بَعْدَ الْأَکْلِ ) عَلَی ظَهْرِهِ ( وَیَجْعَلَ رِجْلَهُ الْیُمْنَی عَلَی رِجْلِهِ الْیُسْرَی ) رَوَاهُ الْبِزَنْطِیُّ عَنْ الرِّضَا وَرِوَایَهُ الْعَامَّهِ بِخِلَافِهِ مِنْ الْخِلَافِ .

(وَیُکْرَهُ الْأَکْلُ مُتَّکِئًا وَلَوْ عَلَی کَفِّهِ )

؛ لِأَنَّ { النَّبِیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لَمْ یَأْکُلْ مُتَّکِئًا مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی إلَی أَنْ قَبَضَهُ } ، رُوِیَ ذَلِکَ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ، ( وَرَوَی ) الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ ( عَدَمَ کَرَاهَهِ الِاتِّکَاءِ عَلَی الْیَدِ ) فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ آخِرُهُ لَا وَاَللَّهِ مَا نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَنْ هَذَا قَطُّ - یَعْنِی الِاتِّکَاءَ عَلَی الْیَدِ حَالَهَ الْأَکْلِ - وَحَمَلَ عَلَی أَنَّهُ لَمْ یَنْهَ عَنْهُ لَفْظًا وَإِلَّا فَقَدْ رُوِیَ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لَمْ یَفْعَلْهُ کَمَا سَلَفَ .

وَحَمَلَ فِعْلَ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ عَلَی بَیَانِ جَوَازِهِ ( وَکَذَا یُکْرَهُ التَّرَبُّعُ حَالَتَهُ ) بَلْ فِی جَمِیعِ الْأَحْوَالِ ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ : إذَا جَلَسَ أَحَدُکُمْ عَلَی الطَّعَامِ فَلْیَجْلِسْ جِلْسَهَ الْعَبْدِ ، وَلَا یَضَعْنَ أَحَدُکُمْ إحْدَی رِجْلَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی وَیَتَرَبَّعُ فَإِنَّهَا جِلْسَهٌ یُبْغِضُهَا اللَّهُ وَیَمْقُتُ صَاحِبَهَا . ( وَ ) کَذَا یُکْرَهُ ( التَّمَلِّی مَنْ الْأَکْلِ ) قَالَ الصَّادِقُ عَلَیْهِ السَّلَامُ : إنَّ الْبَطْنَ لَیَطْغَی مِنْ أَکْلَهٍ وَأَقْرَبُ مَا یَکُونُ الْعَبْدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَی إذَا خَفَّ بَطْنُهُ ، وَأَبْغَضُ مَا یَکُونُ الْعَبْدُ إلَی اللَّهِ إذَا امْتَلَأَ بَطْنُهُ ( وَرُبَّمَا کَانَ الْإِفْرَاطُ ) فِی التَّمَلِّی ( حَرَامًا ) إذَا أَدَّی إلَی الضَّرَرِ فَإِنَّ الْأَکْلَ عَلَی الشِّبَعِ یُوَرِّثُ الْبَرَصَ وَامْتِلَاءَ الْمَعِدَهِ رَأْسُ الدَّاءِ ( وَالْأَکْلُ عَلَی الشِّبَعِ وَبِالْیَسَارِ ) اخْتِیَارًا ( مَکْرُوهَانِ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَالْجَمْعُ بَیْنَ کَرَاهَهِ الِامْتِلَاءِ وَالشِّبَعِ تَأْکِیدٌ لِلنَّهْیِ عَنْ کُلٍّ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ فِی الْأَخْبَارِ ، أَوْ یَکُونُ الِامْتِلَاءُ أَقْوَی ، وَمِنْ ثَمَّ أَرْدَفَهُ بِالتَّحْرِیمِ عَلَی وَجْهٍ ، دُونَ الشِّبَعِ .

وَیُمْکِنُ أَنْ یَکُونَ بَیْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بِتَحَقُّقِ الشِّبَعِ خَاصَّهً بِانْصِرَافِ نَفْسِهِ وَشَهْوَتِهِ عَنْ الْأَکْلِ وَإِنْ لَمْ یَمْتَلِئْ بَطْنُهُ مِنْ الطَّعَامِ ، وَالِامْتِلَاءُ دُونَهُ بِأَنْ یَمْتَلِئَ بَطْنُهُ وَیَبْقَی لَهُ شَهْوَهٌ إلَیْهِ ، وَیَجْتَمِعَانِ فِیمَا إذَا امْتَلَأَ وَانْصَرَفَتْ شَهْوَتُهُ عَنْ الطَّعَامِ حِینَئِذٍ .

هَذَا إذَا کَانَ الْآکِلُ صَحِیحًا ، أَمَّا الْمَرِیضُ وَنَحْوُهُ فَیُمْکِنُ انْصِرَافُ شَهْوَتِهِ عَنْ الطَّعَامِ وَلَا یَصْدُقُ عَلَیْهِ أَنَّهُ حِینَئِذٍ شَبْعَانُ کَمَا لَا یَخْفَی ، وَیُؤَیِّدُ مَا ذَکَرْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ مَا یُرْوَی مِنْ { قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُعَاوِیَهَ : لَا أَشْبَعَ اللَّهُ لَهُ بَطْنًا } مَعَ أَنَّ امْتِلَاءَهُ مُمْکِنٌ وَمَا رُوِیَ عَنْهُ أَنَّهُ کَانَ یَأْکُلُ بَعْدَ ذَلِکَ مَا یَأْکُلُ ثُمَّ یَقُولُ : مَا شَبِعْت وَلَکِنْ عَیِیت .

(وَیَحْرُمُ الْأَکْلُ عَلَی مَائِدَهٍ یُشْرَبُ عَلَیْهَا شَیْءٌ مَنْ الْمُسْکِرَاتِ )

خَمْرًا وَغَیْرَهُ ( وَالْفُقَّاعُ ) لِقَوْلِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ : { مَلْعُونٌ مَنْ جَلَسَ عَلَی مَائِدَهٍ یُشْرَبُ عَلَیْهَا الْخَمْرُ } وَفِی خَبَرٍ آخَرَ طَائِعًا ، وَبَاقِی الْمُسْکِرَاتُ بِحُکْمِهِ ، وَفِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ تَسْمِیَتُهَا خَمْرًا ، وَکَذَا الْفُقَّاعُ ( وَبَاقِی الْمُحَرَّمَاتِ ) حَتَّی غِیبَهُ الْمُؤْمِنِ عَلَی الْمَائِدَهِ وَنَحْوِهَا ( یُمْکِنُ إلْحَاقُهَا بِهَا ) کَمَا ذَهَبَ إلَیْهِ الْعَلَّامَهُ لِمُشَارَکَتِهَا لَهَا فِی مَعْصِیَهِ اللَّهِ تَعَالَی ، وَلِمَا فِی الْقِیَامِ عَنْهَا مِنْ النَّهْیِ عَنْ الْمُنْکَرِ .

فَإِنَّهُ یَقْتَضِی الْإِعْرَاضَ عَنْ فَاعِلِهِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ النَّهْیِ الْوَاجِبِ ، وَحَرَّمَ ابْنُ إدْرِیسَ الْأَکْلَ مِنْ طَعَامٍ یُعْصَی اللَّهُ بِهِ أَوْ عَلَیْهِ ، وَلَا رَیْبَ أَنَّهُ أَحْوَطُ .

وَأَمَّا النَّهْیُ بِالْقِیَامِ فَإِنَّمَا یَتِمُّ مَعَ تَجْوِیزِهِ التَّأْثِیرَ بِهِ وَاجْتِمَاعُ بَاقِی الشُّرُوطِ وَوُجُوبُهُ حِینَئِذٍ مِنْ هَذِهِ الْحَیْثِیَّهِ حَسَنٌ ، إلَّا أَنَّ إثْبَاتَ الْحُکْمِ مُطْلَقًا مُشْکِلٌ إذْ لَا یَتِمُّ وُجُوبُ الْإِنْکَارِ مُطْلَقًا فَلَا یَحْرُمُ الْأَکْلُ مُطْلَقًا وَإِلْحَاقُ غَیْرِ الْمَنْصُوصِ بِهِ قِیَاسٌ .

وَلَا فَرْقَ بَیْنَ وَضْعِ الْمُحَرَّمِ ، أَوْ فِعْلِهِ عَلَی الْمَائِدَهِ فِی ابْتِدَائِهَا وَاسْتِدَامَتِهَا ، فَمَتَی عَرَضَ الْمُحَرَّمُ فِی الْأَثْنَاءِ وَجَبَ الْقِیَامُ حِینَئِذٍ کَمَا أَنَّهُ لَوْ کَانَ ابْتِدَاءً حُرِّمَ الْجُلُوسُ عَلَیْهَا وَابْتِدَاءُ الْأَکْلِ مِنْهَا وَالْأَقْوَی : أَنَّ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَکْلِ مِنْهَا وَالْجُلُوسِ عَلَیْهَا مُحَرَّمٌ بِرَأْسِهِ وَإِنْ انْفَکَّ عَنْ الْآخِرِ .

(48)کِتَابُ الْمِیرَاثِ

(48)کِتَابُ الْمِیرَاثِ

کِتَابُ الْمِیرَاثِ

وَهُوَ : - مِفْعَالٌ مِنْ الْإِرْثِ ، وَیَاؤُهُ مُنْقَلِبَهٌ عَنْ وَاوٍ ، أَوْ مِنْ الْمَوْرُوثِ .

وَهُوَ عَلَی الْأَوَّلِ : " اسْتِحْقَاقُ إنْسَانٍ بِمَوْتِ آخَرَ بِنَسَبٍ ، أَوْ سَبَبٍ شَیْئًا بِالْأَصَالَهِ " .

وَعَلَی الثَّانِی : " مَا یَسْتَحِقُّهُ إنْسَانٌ .

" إلَی آخِرِهِ .

بِحَذْفِ الشَّیْءِ .

وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ " الْفَرَائِضِ " مُطْلَقًا ، إنْ أُرِیدَ بِهَا : الْمَفْرُوضُ بِالتَّفْصِیلِ .

وَإِنْ أُرِیدَ بِهَا مَا یَعُمُّ الْإِجْمَالَ کَإِرْثِ أُولِی الْأَرْحَامِ ، فَهُوَ بِمَعْنَاهُ ، وَمِنْ ثَمَّ کَانَ التَّعْبِیرُ بِالْمِیرَاثِ أَوْلَی .

(وَفِیهِ فُصُولٌ :)

(الْأَوَّلُ)الْبَحْثُ(فِی الْمُوجِبَاتِ)لِلْإِرْثِ

( وَالْمَوَانِعِ ) مِنْهُ .

( یُوجِبُ الْإِرْثَ ) أَیْ یُثْبِتُهُ شَیْئَانِ : ( النَّسَبُ وَالسَّبَبُ ، فَالنَّسَبُ ) هُوَ : الِاتِّصَالُ بِالْوِلَادَهِ بِانْتِهَاءِ أَحَدِهِمَا إلَی الْآخَرِ ، کَالْأَبِ وَالِابْنِ ، أَوْ بِانْتِهَائِهِمَا إلَی ثَالِثٍ ، مَعَ صِدْقِ اسْمِ النَّسَبِ عُرْفًا عَلَی الْوَجْهِ الشَّرْعِیِّ .

وَهُوَ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ ، لَا یَرِثُ أَحَدٌ مِنْ الْمَرْتَبَهِ التَّالِیَهِ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْ الْمَرْتَبَهِ السَّابِقَهِ ، خَالٍ مِنْ الْمَوَانِعِ .

فَالْأُولَی : ( الْآبَاءُ ) دُونَ آبَائِهِمْ ( وَالْأَوْلَادُ ) وَإِنْ نَزَلُوا .

( ثُمَّ ) الثَّانِیَهُ : ( الْإِخْوَهُ ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ : مَا یَشْمَلُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَیْنِ ، أَوْ أَحَدِهِمَا ( وَالْأَجْدَادُ ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ : مَا یَشْمَلُ الْجَدَّاتِ ( فَصَاعِدًا .

وَأَوْلَادُ الْإِخْوَهِ ) وَالْأَخَوَاتِ ( فَنَازِلًا ) ذُکُورًا وَإِنَاثًا .

وَأَفْرَدَهُمْ عَنْ الْإِخْوَهِ لِعَدَمِ إطْلَاقِ اسْمِ الْإِخْوَهِ عَلَیْهِمْ فَلَا یَدْخُلُونَ وَلَوْ قِیلَ : وَإِنْ نَزَلُوا وَنَحْوُهُ .

بِخِلَافِ الْأَجْدَادِ وَالْأَوْلَادِ .

( ثُمَّ ) الثَّالِثَهُ : ( الْأَعْمَامُ وَالْأَخْوَالُ ) لِلْأَبَوَیْنِ ، أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ عَلَوْا کَأَعْمَامِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَأَعْمَامِ الْأَجْدَادِ ( وَأَوْلَادُهُمْ ) فَنَازِلًا ذُکُورًا وَإِنَاثًا .

( وَالسَّبَبُ ) هُوَ الِاتِّصَالُ بِالزَّوْجِیَّهِ ، أَوْ الْوَلَاءِ .

وَجُمْلَتُهُ ( أَرْبَعَهٌ الزَّوْجِیَّهُ ) مِنْ الْجَانِبَیْنِ مَعَ دَوَامِ الْعَقْدِ ، أَوْ شَرْطِ الْإِرْثِ عَلَی الْخِلَافِ ( وَ ) وَلَاءُ ( الْإِعْتَاقِ ) ( وَ ) وَلَاءُ ( ضَمَانِ الْجَرِیرَهِ ) ( وَ ) وَلَاءُ ( الْإِمَامَهِ ) .

وَالزَّوْجِیَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ تُجَامِعُ جَمِیعَ الْوُرَّاثِ ، وَالْإِعْتَاقُ لَا یُجَامِعُ النَّسَبَ ، وَیُقَدَّمُ عَلَی ضَمَانِ الْجَرِیرَهِ ، الْمُقَدَّمُ عَلَی وَلَاءِ الْإِمَامَهِ فَهَذِهِ أُصُولُ مُوجِبَاتِ الْإِرْثِ .

وَأَمَّا الْمَوَانِعُ فَکَثِیرَهٌ قَدْ سَبَقَ بَعْضُهَا وَیُذْکَرُ هُنَا بَعْضُهَا فِی تَضَاعِیفِ الْکِتَابِ ، وَغَیْرِهِ ،

وَقَدْ جَمَعَهَا الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ إلَی عِشْرِینَ .

وَذَکَرَ هُنَا سِتَّهً : أَحَدُهَا : الْکُفْرُ ( وَیَمْنَعُ الْإِرْثَ ) لِلْمُسْلِمِ ( الْکُفْرُ ) بِجَمِیعِ أَصْنَافِهِ ، وَإِنْ انْتَحَلَ مَعَهُ الْإِسْلَامَ ( فَلَا یَرِثُ الْکَافِرُ ) حَرْبِیًّا أَمْ ذِمِّیًّا أَمْ خَارِجِیًّا أَمْ نَاصِبِیًّا أَمْ غَالِیًا ( الْمُسْلِمَ ) وَإِنْ لَمْ یَکُنْ مُؤْمِنًا ( وَالْمُسْلِمُ یَرِثُ الْکَافِرَ ) وَیُمْنَعُ وَرَثَتُهُ الْکُفَّارُ ، وَإِنْ قَرُبُوا وَبَعُدَ .

وَکَذَا یَرِثُ الْمُبْتَدِعُ مِنْ الْمُسْلِمِینَ لِأَهْلِ الْحَقِّ ، وَلِمِثْلِهِ ، وَیَرِثُونَهُ عَلَی الْأَشْهَرِ .

وَقِیلَ : یَرِثُهُ الْمُحِقُّ ، دُونَ الْعَکْسِ .

( وَلَوْ لَمْ یُخَلِّفْ الْمُسْلِمُ قَرِیبًا مُسْلِمًا کَانَ مِیرَاثُهُ لِلْمُعْتَقِ .

ثُمَّ ضَامِنِ الْجَرِیرَهِ .

ثُمَّ الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

وَلَا یَرِثُهُ الْکَافِرُ بِحَالٍ ) ، بِخِلَافِ الْکَافِرِ فَإِنَّ الْکُفَّارَ یَرِثُونَهُ مَعَ فَقْدِ الْوَارِثِ الْمُسْلِمِ ، وَإِنْ بَعُدَ کَضَامِنِ الْجَرِیرَهِ .

وَیُقَدَّمُونَ عَلَی الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ .

(وَإِذَا أَسْلَمَ الْکَافِرُ عَلَی مِیرَاثٍ قَبْلَ قِسْمَتِهِ )

بَیْنَ الْوَرَثَهِ حَیْثُ یَکُونُونَ مُتَعَدِّدِینَ ( شَارَکَ ) فِی الْإِرْثِ بِحَسَبِ حَالِهِ ( إنْ کَانَ مُسَاوِیًا ) لَهُمْ فِی الْمَرْتَبَهِ کَمَا لَوْ کَانَ الْکَافِرُ ابْنًا وَالْوَرَثَهُ إخْوَتَهُ ( وَانْفَرَدَ ) بِالْإِرْثِ ( إنْ کَانَ أَوْلَی ) مِنْهُمْ کَمَا لَوْ کَانُوا إخْوَهً .

مُسْلِمًا کَانَ الْمُوَرِّثُ أَمْ کَافِرًا وَنَمَاءُ التَّرِکَهِ کَالْأَصْلِ .

( وَلَوْ ) أَسْلَمَ بَعْدَ الْقِسْمَهِ أَوْ ( کَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَلَا مُشَارَکَهَ ) وَلَوْ کَانَ الْوَارِثُ الْإِمَامَ حَیْثُ یَکُونُ الْمُوَرِّثُ مُسْلِمًا فَفِی تَنْزِیلِهِ مَنْزِلَهَ الْوَارِثِ الْوَاحِدِ ، أَوْ اعْتِبَارِ نَقْلِ التَّرِکَهِ إلَی بَیْتِ الْمَالِ ، أَوْ تَوْرِیثِ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا أَقْوَالٌ .

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ وَاضِحٌ دُونَ الثَّانِی ، وَالْأَخِیرُ مَرْوِیٌّ .

وَلَوْ کَانَ الْوَارِثُ أَحَدَ الزَّوْجَیْنِ ، فَالْأَقْوَی : أَنَّ الزَّوْجَ کَالْوَارِثِ الْمُتَّحِدِ ، وَالزَّوْجَهَ کَالْمُتَعَدِّدِ ، لِمُشَارَکَهِ الْإِمَامِ عَلَیْهِ السَّلَامُ لَهَا دُونَهُ وَإِنْ کَانَ غَائِبًا .

وَلَوْ کَانَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ قِسْمَهِ الْبَعْضِ ، فَفِی مُشَارَکَتِهِ فِی الْجَمِیعِ أَوْ فِی الْبَاقِی ، أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُمَا أَوْجُهٌ : أَوْسَطُهَا الْوَسَطُ .

( وَالْمُرْتَدُّ عَنْ فِطْرَهٍ ) وَهُوَ الَّذِی انْعَقَدَ وَأَحَدُ أَبَوَیْهِ مُسْلِمٌ ( لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ) ظَاهِرًا وَإِنْ قُبِلَتْ بَاطِنًا عَلَی الْأَقْوَی ( وَتُقْسَمُ تَرِکَتُهُ ) بَیْنَ وَرَثَتِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دُیُونِهِ مِنْهَا ، إنْ کَانَ عَلَیْهِ دَیْنٌ ( وَإِنْ لَمْ یُقْتَلْ ) بِأَنْ فَاتَ السُّلْطَانَ ، أَوْ لَمْ تَکُنْ یَدُ الْمُسْتَوْفِی مَبْسُوطَهً ( وَیَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ لَا غَیْرُ ) لِتَنْزِیلِهِ مَنْزِلَهَ الْمُسْلِمِ فِی کَثِیرٍ مِنْ الْأَحْکَامِ کَقَضَاءِ عِبَادَتِهِ الْفَائِتَهِ زَمَنَ الرِّدَّهِ .

( وَ ) الْمُرْتَدُّ ( عَنْ غَیْرِ فِطْرَهٍ ) وَهُوَ الَّذِی انْعَقَدَ وَلَمْ یَکُنْ أَحَدُ أَبَوَیْهِ مُسْلِمًا لَا یُقْتَلُ مُعَجَّلًا ، بَلْ ( یُسْتَتَابُ ) عَنْ الذَّنْبِ الَّذِی ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ ( فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قُتِلَ ) ، وَلَا یُقْسَمُ مَالُهُ حَتَّی یُقْتَلَ ، أَوْ یَمُوتَ ، وَسَیَأْتِی بَقِیَّهُ حُکْمِهِ فِی بَابِ الْحُدُودِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی .

( وَالْمَرْأَهُ لَا تُقْتَلُ بِالِارْتِدَادِ ) ، لِقُصُورِ عَقْلِهَا ( وَلَکِنْ تُحْبَسُ وَتُضْرَبُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ حَتَّی تَتُوبَ ، أَوْ تَمُوتَ ، وَکَذَلِکَ الْخُنْثَی ) لِلشَّکِّ فِی ذُکُورِیَّتِهِ الْمُسَلِّطَهِ عَلَی قَتْلِهِ .

وَیُحْتَمَلُ أَنْ یَلْحَقَهُ حُکْمُ الرَّجُلِ ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ بَدَّلَ دِینَهُ فَاقْتُلُوهُ } ، خَرَجَ مِنْهُ الْمَرْأَهُ فَیَبْقَی الْبَاقِی دَاخِلًا فِی الْعُمُومِ إذْ لَا نَصَّ عَلَی الْخُنْثَی بِخُصُوصِهِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ لَوْلَا أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ .

( وَ ) ثَانِیهَا ( الْقَتْلُ ) أَیْ قَتْلُ الْوَارِثِ لِمَوْلَاهُ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ ( مَانِعٌ ) مِنْ الْإِرْثِ ( إذَا کَانَ عَمْدًا ظُلْمًا ) إجْمَاعًا ، مُقَابَلَهً لَهُ بِنَقِیضِ مَقْصُودِهِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { لَا مِیرَاثَ لِلْقَاتِلِ } وَاحْتَرَزْنَا بِالظُّلْمِ عَمَّا لَوْ قَتَلَهُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَنَحْوَهُمَا مِنْ الْقَتْلِ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ لَا یُمْنَعُ ، ( وَلَوْ کَانَ ) قَتَلَهُ ( خَطَأً ) مَحْضًا ( مُنِعَ مِنْ الدِّیَهِ خَاصَّهً ) عَلَی أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ ، لِأَنَّهُ جَامِعٌ بَیْنَ النَّصَّیْنِ ، وَلِأَنَّ الدِّیَهَ یَجِبُ عَلَیْهِ دَفْعُهَا إلَی الْوَارِثِ .

لِلْآیَهِ ، وَلَا شَیْءَ مِنْ الْمَوْرُوثِ لِلْقَاتِلِ یُدْفَعُ إلَیْهِ .

وَالدَّفْعُ إلَی نَفْسِهِ لَا یُعْقَلُ وَبِهِ صَرِیحًا رِوَایَهٌ عَامِّیَّهٌ .

وَقِیلَ : یُمْنَعُ مُطْلَقًا ، لِرِوَایَهِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ : " لَا یَرِثُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إذَا قَتَلَهُ ، وَإِنْ کَانَ خَطَأً " : وَقِیلَ : یَرِثُ مُطْلَقًا ، لِصَحِیحَهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْهُ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی رَجُلٍ قَتَلَ أُمَّهُ أَیَرِثُهَا ؟ قَالَ : " إنْ کَانَ خَطَأً وَرِثَهَا ، وَإِنْ کَانَ عَمْدًا لَمْ یَرِثْهَا ، وَتَرْکُ الِاسْتِفْصَالِ دَلِیلُ الْعُمُومِ فِیمَا تَرَکْتُهُ مُطْلَقًا وَمِنْهُ الدِّیَهُ .

وَرِوَایَهُ الْفُضَیْلِ مُرْسَلَهٌ فَلَا تُعَارِضُ الصَّحِیحَ .

وَفِی إلْحَاقِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ أَوْ بِالْخَطَأِ قَوْلَانِ ، أَجْوَدُهُمَا الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ عَامِدٌ فِی الْجُمْلَهِ .

وَوَجْهُ الْعَدَمِ : کَوْنُهُ خَاطِئًا کَذَلِکَ ، وَلِأَنَّ التَّعْلِیلَ بِمُقَابَلَتِهِ بِنَقِیضِ مَقْصُودِهِ لَا یَجْرِی فِیهِ : وَلَا فَرْقَ بَیْنَ الصَّبِیِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَیْرِهِمَا ، لَکِنْ فِی إلْحَاقِهِمَا بِالْخَاطِئِ أَوْ الْعَامِدِ نَظَرٌ ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ : وَلَا بَیْنَ الْمُبَاشِرِ وَالسَّبَبِ فِی ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، لِلْعُمُومِ .

( وَیَرِثُ الدِّیَهَ ) دِیَهَ الْمَقْتُولِ سَوَاءٌ وَجَبَتْ أَصَالَهً کَالْخَطَأِ وَشِبْهِهِ : أَمْ صُلْحًا کَالْعَمْدِ ( کُلُّ مُنَاسِبٍ ) لِلْمَقْتُولِ ( ومسابب

لَهُ ) کَغَیْرِهَا مِنْ أَمْوَالِهِ ، لِعُمُومِ آیَهِ { أُولُوا الْأَرْحَامِ } فَإِنَّهُمْ جَمْعٌ مُضَافٌ .

( وَفِی ) إرْثِ ( الْمُتَقَرِّبِ بِالْأُمِّ ) لَهَا ( قَوْلَانِ ) مَأْخَذُهُمَا : مَا سَلَفَ ، وَدَلَالَهُ رِوَایَهِ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَعُبَیْدِ بْنِ زُرَارَهَ عَنْ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ بِحِرْمَانِ الْإِخْوَهِ مِنْ الْأُمِّ ، وَأُلْحِقَ غَیْرُهُمْ مِنْ الْمُتَقَرَّبِ بِهَا بِهِمْ ، لِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَهِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ بَعْدَ حُکْمِهِ بِقَصْرِ الْمَنْعِ عَلَی مَوْضِعِ النَّصِّ .

( وَیَرِثُهَا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَهُ ) فِی الْأَشْهَرِ ، وَرِوَایَهُ السَّکُونِیِّ بِمَنْعِهِمَا ضَعِیفَهٌ ، أَوْ مَحْمُولَهٌ عَلَی التَّقِیَّهِ ( وَلَا یَرِثَانِ الْقِصَاصَ ) اتِّفَاقًا ( وَ ) لَکِنْ ( لَوْ صُولِحَ عَلَی الدِّیَهِ ) فِی الْعَمْدِ ( وَرِثَا مِنْهَا ) کَغَیْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ وَغَیْرِهِمَا مِنْ الْوُرَّاثِ ، لِلْعُمُومِ .

( وَ ) ثَالِثُهَا ( الرِّقُّ ) وَهُوَ ( مَانِعٌ ) مِنْ الْإِرْثِ ( فِی الْوَارِثِ ) وَإِنْ کَانَ الْمُوَرِّثُ مِثْلَهُ .

بَلْ یَرِثُهُ الْحُرُّ وَإِنْ کَانَ ضَامِنَ جَرِیرَهٍ دُونَ الرِّقِّ وَإِنْ کَانَ وَلَدًا ( وَ ) فِی ( الْمُوَرِّثِ ) فَلَا یَرِثُ الرِّقَّ قَرِیبُهُ الْحُرُّ وَإِنْ قُلْنَا بِمِلْکِهِ ، بَلْ مَالُهُ لِمَوْلَاهُ بِحَقِّ الْمِلْکِ ، لَا بِالْإِرْثِ ، مُطْلَقًا .

( وَلَوْ کَانَ لِلرَّقِیقِ )وَلَدِ الْمَیِّتِ

( وَلَدٌ ) حُرٌّ ( وَرِثَ جَدَّهُ ، دُونَ الْأَبِ ) ، لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِیهِ دُونَهُ ، وَلَا یُمْنَعُ بِرِقِّ أَبِیهِ ( وَکَذَا الْکَافِرُ وَالْقَاتِلُ لَا یَمْنَعَانِ ) مِنْ الْإِرْثِ ( مَنْ یَتَقَرَّبُ بِهِمَا ) ، لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مِنْهُ دُونَهُمَا .

( وَالْمُبَعَّضُ ) أَیْ مَنْ تَحَرَّرَ بَعْضُهُ وَبَقِیَ بَعْضُهُ رِقًّا ( یَرِثُ بِقَدْرِ مَا فِیهِ مِنْ الْحُرِّیَّهِ ، وَیُمْنَعُ ) مِنْ الْإِرْثِ ( بِقَدْرِ الرِّقِّیَّهِ ) .

فَلَوْ کَانَ لِلْمَیِّتِ وَلَدٌ نِصْفُهُ حُرٌّ ، وَأَخٌ حُرٌّ فَالْمَالُ بَیْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَلَوْ کَانَ نِصْفُ الْأَخِ حُرًّا أَیْضًا فَلِلِابْنِ النِّصْفُ ، وَلِلْأَخِ الرُّبْعُ .

وَالْبَاقِی لِلْعَمِّ الْحُرِّ إنْ کَانَ ، فَلَوْ کَانَ نِصْفُهُ حُرًّا فَلَهُ الثُّمُنُ وَالْبَاقِی لِغَیْرِهِ مِنْ الْمَرَاتِبِ الْمُتَأَخِّرَهِ عَنْهُ .

وَهَکَذَا ( وَیُوَرَّثُ الْمُبَعَّضُ کَذَلِکَ ) فَإِذَا کَانَ نِصْفُهُ حُرًّا فَلِمَوْلَاهُ نِصْفُ تَرِکَتِهِ ، وَلِوَارِثِهِ الْحُرِّ النِّصْفُ وَهَکَذَا .

( وَإِذَا أُعْتِقَ ) الرِّقُّ ( عَلَی مِیرَاثٍ قَبْلَ قِسْمَتِهِ فَکَالْإِسْلَامِ ) قَبْلَ الْقِسْمَهِ یَرِثُ إنْ کَانَ الْوَارِثُ مُتَعَدِّدًا وَلَمْ یَقْتَسِمُوا التَّرِکَهَ ، وَیُمْنَعُ مَعَ اتِّحَادِهِ ، أَوْ سَبَقَ الْقِسْمَهَ عَلَی عِتْقِهِ إلَی آخِرِ مَا ذُکِرَ .

(وَإِذَا لَمْ یَکُنْ لِلْمَیِّتِ وَارِثٌ سِوَی الْمَمْلُوکِ

اُشْتُرِیَ مِنْ التَّرِکَهِ ) وَلَوْ قَهْرًا عَلَی مَوْلَاهُ .

وَالْمُتَوَلِّی لَهُ الْحَاکِمُ الشَّرْعِیُّ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَوَلَّاهُ غَیْرُهُ کِفَایَهً ( وَأُعْتِقَ وَوَرِثَ ) بَاقِیَ التَّرِکَهِ ( أَبًا کَانَ ) الرِّقُّ ( لِلْمَیِّتِ أَوْ وَلَدًا أَوْ غَیْرَهُمَا ) مِنْ الْأَنْسَابِ عَلَی الْأَشْهَرِ ، أَمَّا الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ فَمَوْضِعُ وِفَاقٍ ، وَبِهِ نُصُوصٌ کَثِیرَهٌ .

وَرُبَّمَا قِیلَ بِعَدَمِ فَکِّ الْأَوْلَادِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ .

وَأَمَّا غَیْرُهُمَا مِنْ الْأَرْحَامِ فَبِبَعْضِهِ نُصُوصٌ غَیْرُ نَقِیَّهِ السَّنَدِ ، وَلَمْ یُفَرِّقْ أَحَدٌ بَیْنَهُمْ .

فَحَکَمَ الْأَکْثَرُ بِفَکِّ الْجَمِیعِ ، وَتَوَقَّفَ الْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ لِذَلِکَ ، وَلَهُ وَجْهٌ .

وَفِی شِرَاءِ الزَّوْجَهِ رِوَایَهٌ صَحِیحَهٌ ، وَحُمِلَ عَلَیْهَا الزَّوْجُ بِطَرِیقٍ أَوْلَی .

وَلَوْ قَصُرَ الْمَالُ عَنْ قِیمَتِهِ فَفِی فَکِّهِ قَوْلَانِ ، أَشْهَرُهُمَا : الْعَدَمُ .

وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ الْوِفَاقِ .

وَهَذَا یُتَّجَهُ فِی غَیْرِ مَنْ اتَّفَقَ عَلَی فَکِّهِ وَفِیهِ یُتَّجَهُ شِرَاءُ الْجُزْءِ وَإِنْ قَلَّ .

عَمَلًا بِمُقْتَضَی الْأَمْرِ بِحَسَبِ الْإِمْکَانِ ، وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ فِی الْجُمْلَهِ .

وَعَلَی الْمَشْهُورِ لَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِیقُ وَقَصُرَ الْمَالُ عَنْ فَکِّ الْجَمِیعِ وَأَمْکَنَ أَنْ یَفُکَّ بِهِ الْبَعْضَ فَفِی فَکِّهِ بِالْقُرْعَهِ ، أَوْ التَّخْیِیرِ ، أَوْ عَدَمِهِ أَوْجُهٌ .

وَکَذَا الْإِشْکَالُ لَوْ وَفَتْ حِصَّهُ بَعْضِهِمْ بِقِیمَتِهِ وَقَصُرَ الْبَعْضُ ، لَکِنَّ فَکَّ الْمُوَفِّی هُنَا أَوْجَهُ .

وَظَاهِرُ النُّصُوصِ تَوَقُّفُ عِتْقِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَی الْإِعْتَاقِ کَمَا یَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَهِ ، فَیَتَوَلَّاهُ مَنْ یَتَوَلَّی الشِّرَاءَ .

( وَلَا فَرْقَ بَیْنَ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَالْمُدَبَّرِ ، وَالْمُکَاتَبِ الْمَشْرُوطِ ، وَالْمُطْلَقِ الَّذِی لَمْ یُؤَدِّ شَیْئًا ) مِنْ مَالِ الْکِتَابَهِ ( وَبَیْنَ الْقِنِّ ) ، لِاشْتِرَاکِ الْجَمِیعِ فِی أَصْلِ الرِّقِّیَّهِ ، وَإِنْ تَشَبَّثَ بَعْضُهُمْ بِالْحُرِّیَّهِ ،

وَالنَّهْیُ عَنْ بَیْعِ أُمِّ الْوَلَدِ مَخْصُوصٌ بِغَیْرِ مَا فِیهِ تَعْجِیلٌ لِعِتْقِهَا ، لِأَنَّهُ زِیَادَهٌ فِی مَصْلَحَتِهَا الَّتِی نَشَأَ مِنْهَا الْمَنْعُ فَیَصِحُّ بِطَرِیقٍ أَوْلَی .

وَلَوْ کَانَ الْمُطْلَقُ قَدْ أَدَّی شَیْئًا وَعَتَقَ مِنْهُ بِحِسَابِهِ فُکَّ الْبَاقِی وَإِنْ کَانَ یَرِثُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ ، لِأَنَّ مَا قَابَلَ جُزْأَهُ الرِّقَّ مِنْ الْإِرْثِ بِمَنْزِلَهِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ .

( وَ ) رَابِعُهَا ( اللِّعَانُ ) وَهُوَ ( مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ ) بَیْنَ الزَّوْجَیْنِ وَبَیْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلَدِ الْمَنْفِیِّ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ وَالْوَلَدِ ( إلَّا أَنْ یُکَذِّبَ ) الْأَبُ ( نَفْسَهُ ) فِی نَفْیِهِ ( فَیَرِثُهُ الْوَلَدُ مِنْ غَیْرِ عَکْسٍ ) وَهَلْ یَرِثُهُ حِینَئِذٍ أَقَارِبُ الْأَبِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِهِ ، أَوْ مُطْلَقًا ، أَوْ عَدَمِهِ مُطْلَقًا ، أَوْجُهٌ ، أَشْهَرُهَا : الْأَخِیرُ ، لِحُکْمِ الشَّرْعِ بِانْقِطَاعِ النَّسَبِ فَلَا یَعُودُ ، وَإِنَّمَا وَرِثَهُ الْوَلَدُ بِالتَّکْذِیبِ بِدَلِیلٍ خَارِجٍ .

وَلَوْ اتَّفَقَ لِلْوَلَدِ قَرَابَهٌ مِنْ الْأَبَوَیْنِ ، وَأُخْرَی مِنْ الْأُمِّ کَالْإِخْوَهِ اقْتَسَمُوهُ بِالسَّوِیَّهِ ، لِسُقُوطِ نَسَبِ الْأَبِ ، وَلَوْ کَانَ الْمَنْفِیُّ تَوْأَمَیْنِ تَوَارَثَا بِالْأُمُومَهِ .

( وَ ) خَامِسُهَا ( الْحَمْلُ ) وَهُوَ ( مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ إلَّا أَنْ یَنْفَصِلَ حَیًّا ) .

فَلَوْ سَقَطَ مَیِّتًا لَمْ یَرِثْ ، لِقَوْلِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : { السِّقْطُ لَا یَرِثُ وَلَا یُورَثُ } وَلَا تُشْتَرَطُ حَیَاتُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ بَلْ لَوْ کَانَ نُطْفَهً وَرِثَ ، إذَا انْفَصَلَ حَیًّا ، وَلَا یُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُ حَیَاتِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَلَا اسْتِهْلَالُهُ ، لِجَوَازِ کَوْنِهِ أَخْرَسَ ، بَلْ مُطْلَقُ الْحَیَاهِ الْمُعْتَبَرَهِ بِالْحَرَکَهِ الْبَیِّنَهِ ، لَا بِنَحْوِ التَّقَلُّصِ الطَّبِیعِیِّ کَمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَیًّا وَبَعْضُهُ مَیِّتًا .

وَکَمَا یُحْجَبُ الْحَمْلُ عَنْ الْإِرْثِ إلَی أَنْ یَنْفَصِلَ حَیًّا یَحْجُبُ غَیْرَهُ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ لِیَسْتَبِینَ أَمْرُهُ .

کَمَا لَوْ کَانَ لِلْمَیِّتِ امْرَأَهٌ ، أَوْ أَمَهٌ حَامِلٌ وَلَهُ إخْوَهٌ فَیَتْرُکُ الْإِرْثَ حَتَّی تَضَعَ .

نَعَمْ لَوْ طَلَبَتْ الزَّوْجَهُ الْإِرْثَ أُعْطِیت حِصَّهَ ذَاتِ الْوَلَدِ ، لِأَنَّهُ الْمُتَیَقَّنُ ، بِخِلَافِ الْإِخْوَهِ .

وَلَوْ کَانَ هُنَاکَ أَبَوَانِ أُعْطِیَا السُّدُسَیْنِ ، أَوْ أَوْلَادٌ أُرْجِئَ سَهْمُ ذَکَرَیْنِ ، لِنُدُورِ الزَّائِدِ ، فَإِنْ انْکَشَفَ الْحَالُ بِخِلَافِهِ اُسْتُدْرِکَ زِیَادَهً وَنُقْصَانًا .

وَیُعْلَمُ وُجُودُ الْحَمْلِ حَالَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ بِأَنْ یُوضَعَ حَیًّا لِدُونِ سِتَّهِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَوْتِهِ ، أَوْ لِأَقْصَی الْحَمْلِ إنْ لَمْ تُوطَأْ الْأُمُّ وَطْئًا یَصْلُحُ اسْتِنَادُهُ إلَیْهِ فَلَوْ وُطِئَتْ وَلَوْ بِشُبْهَهٍ لَمْ یَرِثْ ، لِاحْتِمَالِ تَجَدُّدِهِ مَعَ أَصَالَهِ عَدَمِ تَقَدُّمِهِ .

وَسَادِسُهَا : الْغَیْبَهُ الْمُنْقَطِعَهُ وَهِیَ مَانِعَهٌ مِنْ نُفُوذِ الْإِرْثِ ظَاهِرًا حَتَّی یَثْبُتَ الْمَوْتُ شَرْعًا .

وَقَدْ نَبَّهَ عَلَیْهِ بِقَوْلِهِ : ( وَالْغَائِبُ غَیْبَهً مُنْقَطِعَهً ) بِحَیْثُ لَا یُعْلَمُ خَبَرُهُ ( لَا یُورَثُ حَتَّی تَمْضِیَ لَهُ ) مِنْ حِینِ وِلَادَتِهِ ( مُدَّهٌ لَا یَعِیشُ مِثْلُهُ إلَیْهَا عَادَهً ) ، وَلَا عِبْرَهَ بِالنَّادِرِ ، وَهِیَ فِی زَمَانِنَا مِائَهٌ وَعِشْرُونَ سَنَهً ، وَلَا یَبْعُدُ الْآنَ الِاکْتِفَاءُ بِالْمِائَهِ ، لِنُدُورِ التَّعْمِیرِ إلَیْهَا فِی هَذِهِ الْبِلَادِ .

فَإِذَا مَضَتْ لِلْغَائِبِ الْمُدَّهُ الْمُعْتَبَرَهُ حُکِمَ بِتَوْرِیثِ مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ حَالَ الْحُکْمِ .

وَلَوْ مَاتَ لَهُ قَرِیبٌ فِی تِلْکَ الْمُدَّهِ ، عُزِلَ لَهُ نَصِیبُهُ مِنْهُ وَکَانَ بِحُکْمِ مَالِهِ .

وَالْحُکْمُ بِالتَّرَبُّصِ بِمِیرَاثِ الْغَائِبِ الْمُدَّهَ الْمَذْکُورَهَ هُوَ الْمَشْهُورُ بَیْنَ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِلْأَصْلِ ، لَکِنْ لَیْسَ بِهِ رِوَایَهٌ صَرِیحَهٌ .

وَمَا اُدُّعِیَ لَهُ مِنْ النُّصُوصِ لَیْسَ دَالًّا عَلَیْهِ .

وَفِی الْمَسْأَلَهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ مُسْتَنِدَهٌ إلَی رِوَایَاتٍ بَعْضُهَا صَحِیحٌ .

مِنْهَا : أَنْ یُطْلَبَ أَرْبَعَ سِنِینَ فِی الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ یُوجَدْ قُسِّمَ مَالُهُ بَیْنَ وَرَثَتِهِ .

ذَهَبَ إلَیْهِ الْمُرْتَضَی وَالصَّدُوقُ .

وَقَوَّاهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ وَجَنَحَ إلَیْهِ الْعَلَّامَهُ ، وَهُوَ قَوِیٌّ مَرْوِیٌّ .

وَیُؤَیِّدُهُ الْحُکْمُ السَّابِقُ بِاعْتِدَادِ زَوْجَتِهِ عِدَّهَ الْوَفَاهِ ، وَجَوَازُ تَزْوِیجِهَا بَعْدَهَا .

وَلَوْ لَمْ یُطْلَبْ کَذَلِکَ فَالْعَمَلُ عَلَی الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ .

وَقِیلَ : یَکْفِی انْتِظَارُهُ عَشْرَ سِنِینَ مِنْ غَیْرِ طَلَبٍ .

وَهُوَ مَرْوِیٌّ أَیْضًا .

(وَیَلْحَقُ بِذَلِکَ الْحَجْبُ -

وَهُوَ تَارَهً عَنْ أَصْلِ الْإِرْثِ کَمَا فِی حَجْبِ الْقَرِیبِ ) فِی کُلِّ مَرْتَبَهٍ ( الْبَعِیدَ ) عَنْهَا وَإِنْ کَانَ قَرِیبًا فِی الْجُمْلَهِ ( فَالْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ ) وَهُمْ أَهْلُ الْمَرْتَبَهِ الْأُولَی ( یَحْجُبُونَ الْإِخْوَهَ وَالْأَجْدَادَ ) : أَهْلَ الْمَرْتَبَهِ الثَّانِیَهِ ، ( ثُمَّ الْإِخْوَهُ ) وَأَوْلَادُهُمْ ( وَالْأَجْدَادُ ) وَإِنْ عَلَوْا ( یَحْجُبُونَ الْأَعْمَامَ وَالْأَخْوَالَ ، ثُمَّ هُمْ ) أَیْ الْأَعْمَامُ وَالْأَخْوَالُ ( یَحْجُبُونَ أَبْنَاءَهُمْ ) ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ لِلصُّلْبِ یَحْجُبُونَ أَبْنَاءَهُمْ أَیْضًا .

وَهَکَذَا وَکَذَا الْأَوْلَادُ لِلصُّلْبِ وَالْإِخْوَهُ یَحْجُبُونَ أَبْنَاءَهُمْ .

فَکَانَ یَنْبَغِی التَّعَرُّضُ لَهُمْ ، لَکِنْ مَا ذَکَرَهُ عَلَی وَجْهِ بَیَانِ حُکْمِ الْحَجْبِ لَا لِلْحَصْرِ .

وَلَوْ أُعِیدَ ضَمِیرُ " هُمْ " إلَی الْمَذْکُورِینَ فِی کُلِّ مَرْتَبَهٍ لَدَخَلَ الْأَوْلَادُ وَالْإِخْوَهُ ، وَتَبَیَّنَ : أَنَّهُمْ یَحْجُبُونَ أَوْلَادَهُمْ ، لَکِنْ یُشْکَلُ بِالْأَجْدَادِ فَإِنَّهُ یَسْتَلْزِمُ أَنْ یَحْجُبُوا الْآبَاءَ وَالْجَدُّ الْبَعِیدُ یَحْجُبُ الْقَرِیبَ .

وَهُوَ فَاسِدٌ ، وَإِنْ صَحَّ حَجْبُ الْأَجْدَادِ لِأَوْلَادِهِمْ الَّذِینَ هُمْ الْأَعْمَامُ وَالْأَخْوَالُ ، إلَّا أَنَّهُ مُسْتَغْنًی عَنْهُمْ بِالتَّصْرِیحِ بِذِکْرِهِمْ .

وَالضَّابِطُ أَنَّهُ : مَتَی اجْتَمَعَ فِی الْمَرْتَبَهِ الْوَاحِدَهِ طَبَقَاتٌ وَرِثَ الْأَقْرَبُ إلَی الْمَیِّتِ فِیهَا فَالْأَقْرَبُ .

( ثُمَّ الْقَرِیبُ ) مُطْلَقًا ( یَحْجُبُ الْمُعْتِقَ .

وَالْمُعْتِقُ وَ ) مَنْ قَامَ مَقَامَهُ یَحْجُبُ ( ضَامِنَ الْجَرِیرَهِ .

وَالضَّامِنُ یَحْجُبُ الْإِمَامَ ، وَالْمُتَقَرِّبُ إلَی الْمَیِّتِ بِالْأَبَوَیْنِ ) فِی کُلِّ مَرْتَبَهٍ مِنْ مَرَاتِبِ الْقَرَابَهِ ( یَحْجُبُ الْمُتَقَرِّبَ ) إلَیْهِ ( بِالْأَبِ مَعَ تَسَاوِی الدَّرَجِ ) کَإِخْوَهٍ مِنْ أَبَوَیْنِ مَعَ إخْوَهٍ مِنْ أَبٍ ، لَا مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجِ .

کَأَخٍ لِأَبٍ مَعَ ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّ الْأَقْرَبَ أَوْلَی مِنْ الْأَبْعَدِ وَإِنْ مَتَّ الْأَبْعَدُ بِالطَّرَفَیْنِ دُونَهُ .

( إلَّا فِی ابْنِ عَمٍّ

لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فَإِنَّهُ یَمْنَعُ الْعَمَّ لِلْأَبِ ) خَاصَّهً ( وَإِنْ کَانَ ) الْعَمُّ ( أَقْرَبَ مِنْهُ ، وَهِیَ مَسْأَلَهٌ إجْمَاعِیَّهٌ ) مَنْصُوصَهٌ خَرَجَتْ بِذَلِکَ عَنْ حُکْمِ الْقَاعِدَهِ .

وَلَا یَتَغَیَّرُ الْحُکْمُ بِتَعَدُّدِ أَحَدِهِمَا ، أَوْ تَعَدُّدِهِمَا ، وَلَا بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَهِ الْمُجَامِعَیْنِ لَهُمَا لِصِدْقِ الْفَرْضِ فِی ذَلِکَ کُلِّهِ .

وَفِی تَغَیُّرِهِ بِالذُّکُورَهِ وَالْأُنُوثَهِ قَوْلَانِ أَجْوَدُهُمَا : ذَلِکَ لِکَوْنِهِ خِلَافَ الْفَرْضِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ ، فَیُقْتَصَرُ عَلَی مَحَلِّهِ .

وَوَجْهُ الْعَدَمِ : اشْتِرَاکُ الذَّکَرِ وَالْأُنْثَی فِی الْإِرْثِ وَالْمَرْتَبَهِ وَالْحَجْبِ فِی الْجُمْلَهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّیْخِ فَأَلْحَقَ الْعَمَّهَ بِالْعَمِّ .

وَکَذَا الْخِلَافُ فِی تَغَیُّرِهِ بِمُجَامَعَهِ الْخَالِ .

فَقِیلَ : یَتَغَیَّرُ فَیَکُونُ الْمَالُ بَیْنَ الْعَمِّ وَالْخَالِ ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْعَمِّ ، وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْإِرْثِ بِنَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ ، فَیَسْقُطُ ابْنُ الْعَمِّ رَأْسًا ، وَیَبْقَی فِی الطَّبَقَهِ عَمٌّ وَخَالٌ ، فَیَشْتَرِکَانِ .

لِانْتِفَاءِ مَانِعِ الْعَمِّ حِینَئِذٍ ذَهَبَ إلَی ذَلِکَ عِمَادُ الدِّینِ بْنُ حَمْزَهَ ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِی الدُّرُوسِ ، وَقَبِلَهُ الْمُحَقِّقُ فِی الشَّرَائِعِ .

وَقَالَ قُطْبُ الدِّینِ الرَّاوَنْدِیُّ وَمُعِینُ الدِّینِ الْمِصْرِیُّ : الْمَالُ لِلْخَالِ وَابْنِ الْعَمِّ ، لِأَنَّ الْخَالَ لَا یَمْنَعُ الْعَمَّ فَلَأَنْ لَا یَمْنَعَ ابْنَ الْعَمِّ الَّذِی هُوَ أَقْرَبُ أَوْلَی .

وَقَالَ الْمُحَقِّقُ الْفَاضِلُ سَدِیدُ الدِّینِ مَحْمُودٌ الْحِمْصِیُّ : الْمَالُ لِلْخَالِ .

لِأَنَّ الْعَمَّ مَحْجُوبٌ بِابْنِ الْخَالِ .

وَابْنُ الْعَمِّ مَحْجُوبٌ بِالْخَالِ .

وَلِکُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَجْهٌ وَجِیهٌ ، وَإِنْ کَانَ أَقْوَاهَا الْأَوَّلُ وُقُوفًا فِیمَا خَالَفَ الْأَصْلَ عَلَی مَوْضِعِ النَّصِّ وَالْوِفَاقِ ، فَیَبْقَی عُمُومُ آیَهِ أُولِی الْأَرْحَامِ الَّتِی اسْتَدَلَّ بِهَا الْجَمِیعُ عَلَی تَقْدِیمِ الْأَقْرَبِ خَالِیًا عَنْ الْمُعَارِضِ .

وَتَوَقَّفَ الْعَلَّامَهُ فِی الْمُخْتَلِفِ لِذَلِکَ وَقَدْ

صَنَّفَ هَؤُلَاءِ الْأَفَاضِلُ عَلَی الْمَسْأَلَهِ رَسَائِلَ تَشْتَمِلُ عَلَی مَبَاحِثَ طَوِیلَهٍ ، وَفَوَائِدَ جَلِیلَهٍ .

( أَمَّا الْحَجْبُ عَنْ بَعْضِ الْإِرْثِ ) دُونَ بَعْضٍ ( فَفِی ) مَوْضِعَیْنِ ، أَحَدُهُمَا : ( الْوَلَدُ ) ذَکَرًا أَوْ أُنْثًی فَإِنَّهُ یَحْصُلُ بِهِ ( الْحَجْبُ ) لِلزَّوْجَیْنِ ( عَنْ نَصِیبِ الزَّوْجِیَّهِ الْأَعْلَی ) إلَی الْأَدْنَی ( وَإِنْ نَزَلَ ) الْوَلَدُ ( وَ ) کَذَا ( یَحْجُبُ ) الْوَلَدُ ( الْأَبَوَیْنِ عَمَّا زَادَ عَنْ السُّدُسَیْنِ ) وَأَحَدَهُمَا عَمَّا زَادَ عَنْ السُّدُسِ ( إلَّا ) أَنْ یَکُونَا أَوْ أَحَدُهُمَا ( مَعَ الْبِنْتِ ) الْوَاحِدَهِ ( مُطْلَقًا ) أَی